رواية همس الجياد كاملة جميع الفصول

رواية همس الجياد هي رواية رومانسية والرواية من تأليف مروة جمال في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية همس الجياد لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية همس الجياد هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية همس الجياد تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة

رواية همس الجياد كاملة جميع الفصول

رواية همس الجياد من الفصل الاول للاخير بقلم مروة جمال

منذ عامين ...................سنو وايت .................الجميلة النائمة .............هكذا أطلقوا عليها في المشفى.................نظر لها أحد الأطباء المستجدين بالمشفى وهمس لزميله بمكر ...............ربما تحتاج لقبلة لتخرج من غفوتها .................رمقه الآخر بنظرة حاده .................عزيزي حاول أن تكون ملاكاً للرحمة !!!!!!منذ الحادث الأليم وهي على نفس الحال ...............تشعر بهمساتهم ............بكاء أمها .............حسرة أبيها ولكنها حقاً لا تستطيع ...........تأبى أن تغادر حلمها الجميل .............فهذا هو المكان الوحيد الذي يوجد به حبيبها ...............حبيبي أشتاق إليك ...........صوتك ..............إبتسامتك الساحرة ...............سحقاً لتلك الأحلام فهي تعطيني كل شئ ولا شئ .............فلمستك الساحرة ليست لها بصمة داخل عالم أحلامي ................نعم كلما إقتربت منك تتبخر كالسراب ...................
إيناس .............إيناس
كان يقف على شاطئ البحر وينادي عليها بصوت مرح إيناس : خلاص الشط كله عرف إسمي
شريف : وكمان حيعرفوا إنك حبيبتي
إلتفت يداه حول خصرها ليحملها كالأطفال
إيناس : يا مـ.ـجـ.ـنو.ن
شريف: كده طيب جبتيه لنفسك
إيناس : حتعمل إيه
شريف : حتشوفي
حملها بقوة و إنطلق بها نحو المياه وأغرق جسدها وهو يضحك بشـ.ـدة
بمرح ..............نعم كانت تلك لحظاتي معك يا شريف............لحظات من المرح ..............مجرد لحظات فلقد تركتني بعد الزواج بشهر واحد .............. وهكذا كانت ملامح وجهها تتأرجح بين الإنبساط والإنقباض ..........بسمة ودمعة .............فهي غارقة في بحر من الذكريات وترفض العودة للواقع ..............فالواقع لا يوجد به سوى الحقيقة التي تأبى أن تتعايش معها ....................لقد مـ.ـا.ت شريف
بجانب الفراش تجلس سيدة باكية .............ملامحها تنبئ بعمر يفوق عمرها الحقيقي ببضع سنوات .............يداها المرتعشة تمسك بمصحف صغير ..........تتمتم بكلمـ.ـا.ت الرحمن في خشوع وبكاء ....................كانت تغوص في ذاكرتها وتعود لمنزلها الدافئ بعيداً عن برودة المشفى التي تحمل روائح الداء والدواء معاً ................فثريا سيدة مصرية تقليدية ............منزلها هو مملكتها الصغيرة التي طالما إحتضنتها وقدستها لأبلغ الحدود فمجرد أن تدلف للمنزل تشعر بالحميمية والدفئ الصادرة من الحوائط ذات اللون القاتم الذي يذكرك بغروب الشمس............الأثاث العتيق والسجاد الفاخر .......عبق الروائح المميزة الصادرة من مطبخها منبئة بطعام دافئ تشتم طعمه اللذيذ قبل أن تتذوقه ............زمت شفتيها وهي تحاول أن تتذكر مملكتها الغالية التي تركتها منذ أيام قابعة بهذا المشفى هي وإبنتها وزوجها تاركة إبنها الأصغر ليعيث في منزلها فساداً ................أغلقت المصحف وإبتسمت بسخرية فهي تشغل نفسها بالتفكير في المنزل ربما لتنسى ولو للحظات ما حل بإبنتها !!!!!تنهدت ثريا في آسى ثم قالت لزوجها : إيه يا عبد الرحمن الدكتور قالك إيه
عبد الرحمن : بيقول حالة إنهيار عصبي
ثريا باكية : منا عارفة بس إحنا بقالنا أسبوع دلوقتي وهي مش دريانه بحاجه
عبد الرحمن : واخدة مهدئات كتير
ثريا : يا عيني عليكي يا بنتي ملحقتيش تتهني
عبد الرحمن : خلاص بقه يا ثريا ...............إدعيلها
ثريا : بنتي بتضيع مني يا عبد الرحمن .......................أنا خايفة عليها قوي ..............أنا خايفة بعد الشر تحصله
عبد الرحمن : أستغفر الله العظيم يا رب ............يا شيخة حـ.ـر.ام عليكي بلاش الفال ده ................إستهدي بالله كده وإقريلها قرآن
ثريا : ونعم بالله ...........طيب يعني هي حتفضل نايمة كده لإمتى
عبد الرحمن : معرفش ..........بس بيقولوا لازم يخففوا جرعات المهدئ لإنها كده مش دريانه بحاجه خالص والدكتور النفسي بعد كده حيساعدها تتقبل اللي حصل ثريا : أيوه الدوا الزفت ده مخليها زي ما تكون في غيبوبة عبد الرحمن : مضطرين يا ثريا ............إنتي نسيتي حالة بنتك كانت عاملة إزاي بعد ما مـ.ـا.ت ..............
ثريا : متفكرنيش ...............متفكرنيش أبوس إيدك
عبد الرحمن : لا حول ولا قوة إلا بالله .................يارب صبرها وصبرنا ...............أنا حاروح أصلي العصر على بال ما الدكتور يجي
ثريا : إدعيلها يا أبو أيمن
عبد الرحمن : بدعيلها في كل وقت .................يارب ألطف بيها وبينا .............يا رب
كان عبد الرحمن والد إيناس موظف بالمعاش ............ميسور الحال يعيش بشقة متواضعة بحي العجوزة ............لديه من الأبناء ثلاثة إيناس وأيمن ومصطفى ..............الأكبر أيمن تخرج من كلية هندسة وتزوج وسافر منذ سنوات لإحدى الدول العربية وعصفورته الوسطى إيناس تخرجت منذ أشهر قليلة من كلية الطب البيطري والأصغر مصطفى طالب بكلية التجارة
وُلد حب شريف وإيناس منذ عدة سنوات ............عنـ.ـد.ما قطن شريف بالشقة المقابلة لشقتهم ............شاب من أحد المدن الصغيرة المجاورة للقاهرة ذو خلق دمث وحال ميسور.......... إستأجر تلك الشقة بعد أن إنتقل للعمل في القاهرة ...............لفتت نظرة تلك الشابة رقيقة الملامح ............خجولة للغاية .............. إعتاد ان يراها يومياً في الصباح وهي متوجه للجامعة ...............سلبت لبه وأصبحت ملكة أحلامه وشغل هو تفكيرها بإبتسامته الساحرة التي إعتاد أن يُحييها بها كلما رآها ...........قصة حب بدأت وإستمرت لسنوات وكللت بالزواج .............زواج لم يدم سوى شهر واحد لينتهي بأسوأ خبر .............نعم صدمته سيارة وإنتهت حياته مع توقف صوت جهاز ضـ.ـر.بات القلب بغرفة العناية المركزة ...............لتسقط هي الأخرى بعد حالة شـ.ـديدة من الإنهيار .........وتبدأ رحلة العلاج النفسي في محاولة لتجميع بقايا إنسانة
كانت ثريا تقف خارج الغرفة وتضع يدها على فمها لتمنع نفسها من البكاء ................كانت قدماها لا تقوى على حملها فصراخ إيناس يمتد لآخر المشفى ................خرج الطبيب النفسي لاهثاً دون أن ينظر نحوها وتتبعه الممرضة أمسكت ثريا بذراعها بعنف قائلة : بنتي مالها عملتوا فيها
نظرت لها الممرضة بشفقة ثم إنتظرت بعد أن إبتعد الطبيب : إهدي يا حاجه ..............
ثريا بنفس النبرة الغاضبة : أهدى إزاي ...........البنت في حالة إنهيار
الممرضة : معلش هي كانت بتاخد مهدئات جـ.ـا.مدة وعايشة برة الواقع ولازم تواجهه .............ده في الأول بس .........................الدكتور إداها دوا مهدئ بس أبسط من الأولاني ومع الوقت حتتحسن بس حنتعب في الأول شوية
ثريا : بس الدكتور خارج شكله ميطمنش
الممرضة : لا لا أصله متنرفذ من الدكتور الأولاني اللي إستسهل بمهدئات قوية وشايف إن ده مش صح
ثريا : يعني إيه مش فاهمه .....
الممرضة : يا حاجه أقعدي جنبها وإرقيها وإقرأي قرآن خليها كده تهدى وترضى بقضاء ربنا ومعلش أزمة وحتعدي

تركت ثريا الممرضة وعادت مرة أخرى لغرفة إيناس وأهالها ما رأت على وجهها من شحوب ...............إحتضنتها بقوة وما كان منها إلا أنها إنفجرت في البكاء قهراً على حال إبنتها وظلت تدعو ربها تضرعاً أن تمر الأيام وتخرج إبنتها من تلك الحالة .

***********************

مرت عدة أيام وبدأ العلاج النفسي يُنبئ بتقدم مع إيناس ..............بدأت تعود للواقع رويداً رويداً بأعصاب متماسكة نوعاً ما ولكن بقلب منهار ............خرجت من المشفى أخيراً بعد مرور شهر و بضعة أيام ..............وعادت للمنزل .............كانت والدتها سعيدة بتلك الخطوة فإبنتها ستبتعد أخيراً عن جو المشفى بمرضه وكآبته ولكن كان القلق يستبد بوالدها فالمنزل كل ما فيه ينبض بذكرى شريف ...........والشقة المقابلة هي شقة عرسها التي لما تقضي بها سوى عدة أيام .............وقد كان والدها على حق فلم يمض على وجودها ساعة بمنزلها حتى إنزوت في غرفتها بعيدة وحيدة ..............على الرغم من هدوئها وخروجها من بؤرة الإنهيار إلا أن صمتها كان يذبحهم جميعاً وكأنها على شفا كارثة فهي لا تفعل شيئاً سوى النظر لتلك الشرفة الذي إعتاد شريف مشاغلتها من خلالها وإطـ.ـلا.ق العنان لدمـ.ـو.عها التي يبدو أن منبعها لن ينبض أبدا ...........

ذكريات

كان ينتظرها يومياً ................يقف بالشرفة ممسكاً بهاتفه ونظراته موجهه نحوها بدون إنقطاع .............
شريف : بحبك
تنظر له بإبتسامة يشوبها الخجل ثم تتلفت حولها والهاتف ما زال على أذنها ..........
شريف : سامعاني
إيناس : سامعاك
شريف : بحبك
إيناس : ...............
شريف : بموت في كسوفك بس بجد نفسي أسمعها منك
إيناس : هي إيه
شريف : كلمة بحبك
إيناس تنظر للأرض وتهمس بصوت منخفض : بحبك
يسقط شريف أرضاً بطريقة درامية وهو ممسك بقلبه .............
إيناس : يا مـ.ـجـ.ـنو.ن
شريف : بيكي ..............
إيناس : طيب أنا لازم أدخل أوكيه
شريف : لا إله إلا الله
إيناس : محمد رسول الله

كانت تذرف الدمـ.ـو.ع وهي تتذكر لحظات العشق بينها وبينه ..............تلك الشرفة التي شهدت أجمل أيام عمرها ......................

*********************

كان الدكتور علي ما زال بعيادته يستقبل الحالات المعتاده .............شعر الطبيب الأربعيني بالإنهاك وود أن يقوم بإلغاء جميع الكشوفات لولا أن أخبره مساعده بأنها آخر حالة ...............كان ما زال شارداً بأوراقه عنـ.ـد.ما دخل عليه الرجل صاحب الميعاد ............كبير السن يرتدي نظارة طبية سميكة الإطار وله شعر رمادي وقد إسترسل بنعومة خلف أذنه وشارب بنفس لون شعره أعطاه هيبة ووقاراً ملحوظاً ..............تذكره الطبيب على الفور بمجرد رؤيته رغم مرور حوالي ستة أشهر على خروج إيناس من المشفى ...............إستقبله بإبتسامة ودهشة قائلاً : أهلا ً ...............أستاذ عبد الرحمن .........إتفضل
عبد الرحمن : متشكر يا دكتور
الطبيب : خير مدام إيناس عاملة إيه
تنهد عبد الرحمن بألم ثم تابع : ماهو ده السبب اللي أنا جايلك علشانه
نظر له على بإهتمام .............كان يشعر بنوع من المسؤولية عن حالة إيناس فلقد إنهارت بالمشفى مباشرة بعد وفاة زوجها ولم يكن هو متواجد بتلك الفترة حيث كان قد سافر لحضور أحد المؤتمرات بعد أن رشح طبيب شاب ليحل محله وعاد ليفاجئ بحالة إيناس التي زادت تدهوراً بعد أن إتخذ الطبيب الطريق السهل وقام بحقنها بأقوى المهدئات لتعيش بعالم منفصل عن واقعها الأليم وعانت وعانى معها في فترة العلاج رفض هذا الواقع .............
نظر علي لزائره بإمعان ثم تابع : خير قلقتني
عبد الرحمن : إيناس رجعت حالتها إتدهورت تاني يا دكتور .............تقريبا مش عايشة معانا بتنام كتير قوي زي ما تكون عايزة تهرب من الدنيا ولما بتكون صاحية علطول سرحانه وقاعدة في أوضتها تبص على شقته وتفكر فيه
على : شقته !!!!
عبد الرحمن : ماهو شريف الله يرحمه كان جارنا وساكن قدامنا
شعر علي بغضب شـ.ـديد وقال للرجل في لوم : إزاي يا أستاذ عبد الرحمن مـ.ـا.تقوليش معلومة مهمة زي دي ............انا كنت نبهت عليكم متجيبوش سيرة الماضي أصلا قدامها أتاريها قاعدة جوه الماضي وشايفاه قدامها ليل ونهار
عبد الرحمن : يا دكتور طيب كنا حنعمل ايه ده بيتنا وحياتنا ............أنا بجد مش عارف
علي : إيناس مشكلتها دلوقتي إنه كل حاجه حواليها بتفكرها بشريف وهي رافضة الواقع ومش قادره تعيش فيه علشان كده بتهرب للماضي في أحلامها ................لازم يحصل تغيير ..........شوية مضادات الإكتئاب والعلاج مش كفاية ..............هي بتشتغل
عبدالرحمن : الحقيقة بعد ما إتخرجت إتجوزت علطول وماشتغلتش
علي : لازم تتشتغل وتخرج من الدوامة دي تشوف ناس جديدة تبدأ حياه جديدة تخرجها من بؤرة الماضي ولازم تبعد شوية تغير مكان ووجوه ...............آسف بس ده الحل الوحيد ...........هي خريجة إيه
عبد الرحمن : إيناس خريجة طب بيطري
صمت علي لفترة ثم لمعت عيناه وقال : أنا عندي الحل يا أستاذ عبد الرحمن .............إيناس مش محتاجه علاجي وأدويتي بس ...............إيناس محتاجه تبعد .............محتاجة حياة جديدة ووجوه مختلفة تشغل واقعها وتخرجها بره أحلامها وهمومها
لو معندكش مانع أنا عندي شغل كويس لإيناس ومكان أحسن تبدأ في من جديد
نظر له عبد الرحمن بإهتمام وقال : حل .........حل إيه
علي : أختي جوزها بيشتغل في مزرعة كبيرة قوي في طريق مصر إسكندرية الصحرواي ...........المكان فيه مصانع لإنتاج الألبان وطبعا أراضي زراعية .............مكان تحفه وكمان من فترة كانوا بيدورا على طبيب بيطري يهتم بمزرعة الخيل وطبعا حيقيم هناك ................إيه رأيك
عبد الرحمن : أيوه ...............بس
علي : حضرتك متردد علشان هي بنت إعتبرها إشتغلت في بلد تانية وده بيحصل مع ناس كثير ...........المزرعة فيها ناس كتير مقيمة بقت أشبه بمجتمع سكني صغير ده غير إن أختي هناك حتتابع حالتها وتبلغني أول بأول ..............انا شاعر بالمسؤولية عن حالة إيناس وبجد عايز أساعدها والمكان ده فرصة كويسة قدامنا ................
عبد الرحمن : حضرتك شايف كده يا دكتور يعني بُعدها ووحدتها مش خطر
علي : متقلقش أنا واثق إن إيناس حتتحسن في المكان ده ..............أنا عارف أنا موديها فين
نظر له عبد الرحمن وهو يشعر أنه لا يوجد سبيل أمامه سوى قبول تلك المجازفة فوردته تذبل أمامه يوماً بعد يوم ...........
كانت ثريا تقف بالمطبخ تقذف قطع البطاطس بغضب داخل الزيت الغزير .................فشلت كل السبل لإخراج إبنتها العنيدة من غرفتها أو ربما من غفوتها ..............فاجئها مصطفى إبنها الأصغر وهي شاردة وتزفر بغضب ............دخل متصنعاً المرح للسيطرة على غضب أمه : كفاية بطاطس محمرة بقه ............جـ.ـسمنا إتهرى كوليسترول يا بطة
ثريا : أسكت يا ولا أنا مش فايقالك
مصطفى : كده ............طيب هو حد في البيت ده بيرفع معنوياتك وبياكل غيري ............المانيكان طول عمرها أكلتها قليلة والحاج مبقاش ليه تقل على السمنة البلدي يا جميل إنت
ثريا : أسكت يا مصطفى أديك شايف أختك مانيكان إيه بقه دي يا عيني وشها بقه أصفر من قلة الأكل وكتر الهم
مصطفى : معلش يا ماما حتاخد وقتها
ثريا : إيناس دبلت يا مصطفى بقه هي دي إيناس اللي كانت مالية البيت ضحك وهظار............. يابني إحنا بقالنا 6 شهور دلوقتي من ساعة الحادثة ومفيش تحسن ...............أهو أبوك راح للدكتور إمبـ.ـارح ورجع نزل الصبح ومعرفتش عمل إيه ...........
مصطفى : معرفتيش
ثريا : بيقولي بالليل الدكتور حيجي يشوف إيناس ويتكلم معاها شوية
مصطفى : خلاص أكيد الدكتور عنده حل يا ماما وهو شاطر فاكره في المستشفى إتحسنت على إيده
ثريا : اه ولما رجعنا هنا يوم ورا التاني وحالتها إتدهورت تاني كأنها عايشة معانا بنص عقل
مصطفى : ماهي طول ما هي حابسة نفسها في الأوضة وبتبص على الشباك مش حتنسى مش حتتقدم خطوة لقدام
ثريا : خلاص ننقل بقه ولا تسافر لأخوها لو ينفع
مصطفى : مش عارف إما نشوف الدكتور حيعمل إيه ...........اه على فكرة
ثريا : إيه
مصطفى : الكوليسترول إتحرق

خرج مصطفى من المطبخ تاركاً أمه تخرج البطاطس المحترقة وهي تصب جام غضبها على الطعام ثم نظر لغرفة أخته في حسرة وإتجه لغرفته ..............
*********************

أجتمعت الأسرة كعادتها على مائدة الغداء .............مائدة الغداء هي شئ مقدس لدى ثريا .............لا يصح أن يتخلف أحد وقد كانت ثريا شـ.ـديدة الإنتقاء في كل ما يخص منزلها على الرغم من أن زوجها كان مجرد موظف ليس لديه دخل سوى عمله الحكومي إلا أنها كانت تهتم بشـ.ـدة بكل قطعة أثاث داخل مملكتها الصغيرة تقتصد الأموال وتقوم بالحسابات من أجل سفرة أنيقة أو بعض الأطباق المزخرفة وربما سجادة فاخرة ............وقد كان الحال نفسه بالنسبة لأبنائها فهي تهتم بهم لأقصى درجة وموعد الطعام مقدس في عائلتها الصغيرة وقد وقفت لساعات تتفنن لتعد لهم أشهى الوجبات وترتب لهم طاولة أنيقة وبالتالي فالغياب عذر غير مقبول .
نظر عبد الحمن لإبنته نظرة فاحصة وهي تعبث بطعامها دون أن تلمس منه سوى القليل قال على حين غرة : إيناس
إنتفض جسدها فزعاً وكان هذا هو حالها دائماً فقد كانت تشرد أغلب الأوقات لتنتبه بعدها بفزع على صوت محدثها ..........
قالت بطريقة ديناميكية دون أن تنظر نحوه وكأنها إعتادت : حاضر انا بآكل اهو
عبد الرحمن : بس أنا مش باكلمك علشان الأكل
إيناس : طيب علشان إيه
عبد الرحمن : الدكتور علي حيجي يزورنا النهارده وعايز يتكلم معاكي شوية
إنتفضت وقامت منزعجة وهي تنظر نحوهم بعيون دامعة : أنا مش عايزة دكاترة ومش عايزة حد يتكلم معايا ..............يا ناس إفهموا بقه أنا مرتاحه كده ليه عايزني أنساه أنا مش حانسى جوزي مش حسيبه
تنهد عبد الرحمن بيأس ثم تابع : هو مش جاي يتكلم معاكي عن شريف الله يرحمه ومحدش مننا طلب إنك تنسيه
تابعت بقلق : طيب جاي ليه
عبد الرحمن : معرفش حنعرف لما يجي هو كلمني وقال جاي النهارده فجهزي نفسك
قال عبد الرحمن جملته بصرامة شـ.ـديدة منعت إيناس من الإعتراض ثم تركهم وتوجه لغرفته دون أن يضيف شيئاً
**********************

كانت إيناس تشعر بالإضطراب لتلك الزيارة المرتقبة .............تفكر في أسبابها.............هل زار أبيها الطبيب ليشكو حالها .....................هل ستضطر لخوض تجربة العلاج مرة أخرى من إنصات لنصائح طبيبها النفسي والتحدث بأمور تفضل الإحتفاظ بها لنفسها ...............إنتبهت لجرس الباب وعبـ.ـارات الترحيب والإطراء بين أبيها والطبيب الزائر ولم تمر دقائق حتى طلبت منها والدتها موافاة أبيها بغرفة الصالون ...............تقدمت بملل وتردد نحو الرجلين .............ملامحها ذات الضجر الشـ.ـديد لاحظها الطبيب المتمرس على الفور ليقابلها بوجه بشوش وهو يقول : إزيك يا إيناس ...............
نظرت له دون أن تتبدل ملامحها الضجرة وكأنها تقول له إرحل : الحمد لله
نظر لها أبيها بغضب ولكنه إستدرك نفسه وتحدث بنبرة هادئة : أقعدي يا إيناس الدكتور علي عايزك في موضوع
إيناس : موضوع أيه
إبتسم الدكتور علي وتابع بثقة : خدمة
إيناس : خدمة !!!!
الطبيب : أيوه بصراحه أنا عارف إنك طبيبة بيطرية صح
إيناس والدهشة تعلو ملامحها : أيوه
الطبيب : يا ستي أنا أختي مقيمة مع جوزها في مزرعة كبيرة قوي على طريق إسكندرية الصحرواي ............جوز أختي بقة المسؤول عن المكان وهو محتاج طبيب بيطري ضروري علشان مزرعة الخيول هناك وسألني إن كنت أعرف حد ...........ها إيه رأيك
صمتت إيناس قليلاً وكأنها تحاول إستيعاب ما قاله ثم تابعت : أيوه بس ................أنا مشتغلتش قبل كده ومعنديش خبرة
الطبيب : بس إنتي خريجة طب بيطري وعندك الأساس الخبرة بقه تيجي مع الشغل
إيناس : مش عارفة أنا مفكرتش في الشغل خالص من زمان
الطبيب : مش شايفة إن آن الآوان إنك تفكري
نظرت له بحدة وعندها أيقن الطبيب تسرعه في تلك الجملة همت ووقفت سريعا ثم تابعت : المكان ده بعيد يعني في إقامة هناك
الطبيب : أكيد بس طبعا ليكي أجازات
إيناس : متخيلين إني كده حانسى لما تبعدوني عن هنا حانساه
نظر لها الطبيب وقد لمعت عيناه وإسترسل في الحديث بثقة : إنتي شايفة إيه شايفة إنك لو بعدتي عن هنا حتنسيه
إيناس بإصرار : لأ ولو سافرت آخر الدنيا مش حنساه
إبتسم الطبيب وكأنه كان ينتظر إجابتها تلك ثم تابع : خلاص يبقى مفيش مشكلة ولا إيه
إيناس : أنا مش خايفة بس بوضح لحضرتك
الطبيب : خلاص .........أنا حانتظر ردك وأتمنى توافقي إحساسي إنك دكتورة شاطرة وحتبيضي وشي ............أستئذن أنا بقة يا أستاذ عبد الرحمن
الأب بعد أن رمق إبنته بنظرة غاضبة : بدري يا دكتور حضرتك لازم تتعشى معانا
الطبيب : معلش إعفيني مرة تانية إن شاء الله
غادر الطبيب وبعدها توجهت إيناس على الفور لغرفتها لتتحاشى الحديث مع أبيها ..............
***********************************

نظرت ثريا لزوجها بغضب وقالت له في دهشة : سفر ........سفر إيه يا أبو أيمن ..............إحنا معندناش الكلام ده
عبد الرحمن : يا أم إيناس وحقولك يا أم إيناس علشان القرار ده لمصلحة إيناس
ثريا : مصلحتها إنها تروح تشتغل في مكان بعيد في الصحراء مع ناس متعرفهومش ................مصلحتها إنها تبقى بعيد عننا بحالتها دي
عبد الرحمن : بقالنا 6 شهور ..............6 شهور وحالتها بتتأخر بنشوفها بالصدفة في البيت وعلطول قاعدة عند الشباك إياه
ثريا : لأ يعني لأ ماهي هناك برده حتبقى لوحدها وبرده حتقعد تفكر ...............لا لا هنا قدامي أنا مطمنة عليها شايفاها بعيني وبعدين بنتك عمرها ما إشتغلت إتخرجت وإتجوزت علطول وبعدين إيناس تعيش لوحدها إزاي يعني هي بتعرف تعمل لنفسها حاجه لا أكل ولا شرب ............لا لا بنتي مينفعش تبعد عني
عبد الرحمن : مفيش فايدة .............طيب روحي كلميها شوفيها موافقة ولا لأ ..............إسئليها الأول

خرجت ثريا متأففة وتوجهت لغرفة إبنتها ولكنها كانت تعلم في قرارة نفسها أن إيناس سترفض هذا العمل وربما يكون هذا القرار هو القرار الوحيد الذي ستساندها فيه فهي لا تحتمل أن تبتعد إبنتها عنها خاصة في ظروفها الحالية وقلقها الدائم عليها
............إقتربت ثريا من غرفة إبنتها بحذر ولكن قبل أن تطرق الباب سمعت همسات ............همسات جعلت جسدها ينتفض ودقات قلبها تتسارع لدقائق فقد كانت إيناس تتحدث إلى شريف .........
شفت يا شريف عايزين يبعدوني عنك .............طيب دنا الحاجة الوحيدة اللي بتصبرني وقفتي هنا قدام شباكك وكلامي معاك .............مش حسيبك يا شريف ................مش حسيبك



كانت كلمـ.ـا.ت إيناس وقعها كصدمـ.ـا.ت متتالية بل ضـ.ـر.بات قوية على رأس ثريا ............كيف صمتت على حال إبنتها كل تلك الفترة فالأمر تعدى بحر الذكريات الذي تصر إيناس على السباحة به يوميا ..............لا بل إقتربت من الغرق ............



بدون أن تطرق الباب دخلت ثريا على الفور لتجد إبنتها تجلس في مكانها المعهود بالشرفة والإبتسامة على شفتيها ..............أخذت ثريا نفساً عميقاً في محاولة لإستدعاء بعض الهدوء ثم دخلت لإبنتها التي كانت لا تزال شاردة ولم تشعر بحضور أمها .......


-

إيناس إيناس ........كانت ثريا تهز كتف إبنتها حتى تخرجها من دوامة الشرود التي إجتاحتها .............إنتبهت إيناس أخيراً ونظرت لأمها بعيون حالمة : ماما ..........إنتي جيتي إمتى
ثريا : حالاً بس إنتي كنت سرحانه
إيناس : اه ............آسفة
ثريا : كنتي سرحانه في كلام دكتور علي
إيناس : هه ............دكتور علي .............اااااااه لا عادي
ثريا : طيب قررتي إيه ...........فكرتي ؟
إيناس : مش محتاجة أفكر أنا مش حسافر
ثريا : بس دي فرصة شغل كويسة رأيي تفكري تاني
إيناس : وأسافر !!! وأعيش في مكان بعيد عن هنا
ثريا : دي سُنة الحياة و بعدين أكيد ليكي أجازات دي مش هجرة يا إيناس
إيناس : لأ لأ مش حسيب هنا مش عايزة أشتغل أو ممكن أشتغل هنا في مكان قريب لكن مش حسافر .............كانت نبرتها أكثر حدة
إبتسمت لها أمها فقد كانت متأكدة من ردة فعل إبنتها ولكنها على العكس الآن تريد رحيلها وبسرعة بعيداً عن تلك الذكريات التي حاصرتها فأصبحت تعيش بداخلها منفصلة عن الواقع
............قامت ثريا وهمت بالمغادرة ولكنها إستدارت في آخر لحظة وقالت لإبنتها : براحتك .............بس أنا نفسي تسافري وتشتغلي وتخلقى حياة ليكي ...........نفسي ترجعي تاني تعيشي يا بنتي علشان أنا كمان أقدر أعيش


خرجت ثريا باكية فلا تعرف ما فعلته خطأ أم صواب هي من كانت لا تحتمل مجرد التفكير في بعد إبنتها عنها بل كانت تشعر بسعادة بالغة حين تزوجت إيناس وقطنت بالشقة المقابلة لشقتها ولكن الآن إنقلبت الموازين ربما يكون الحل في البُعد وشعرت أن إقتراح الطبيب هو حبل الإنقاذ الوحيد .............


*********************

مضت عدة أيام وإيناس تتحاشى الحديث مع الجميع وأصبحت تقضي في غرفتها كل وقتها تقريباً ............كانت ثريا تشعر بالآسى والعجز ............... بعد أن صارحت زوجها بما حدث في غرفة إبنتها وهو يقضى ليله مستقيظاً يتفكر في حال إبنته ..............مسحت دمـ.ـو.عها بظهر يداها وعندها شعرت بيد زوجها تحيط كتفيها في حنان إستدارت له وهي تبتسم لتخفي آثار بكائها وقالت : مهما مرت السنين برده تأثير البصل قوي
مسح عبد الرحمن دمـ.ـو.ع زوجته في حنان ثم قال : الحاج متولي طلب مني أفضي الشقة
ثريا : شقة !!!! شقة إيه
عبد الرحمن : شقة شريف
ثريا : بس لسه ناقص سنتين على بال ما مدة العقد تخلص وإحنا بندفع الإيجار
عبد الرحمن : ما هو ملوش لازمة بقه ..........انا اتفقت مع ناس بكرة حيجوا يشيلوا العفش كله
ثريا : كده حنبيع حاجة بنتنا في يوم بسهولة كده
عبد الرحمن : ايوة يا ثريا كل حاجة
أذعنت ثريا لرغبة زوجها وقد فهمت ما بداخله وقالت : أمرك بس حتقولها
عبد الرحمن : طبعاً السكان الجداد حيوصلوا كمان أسبوع لازم تعرف
بكت ثريا رغماً عنها وتابعت : يا حبيبتي يا بنتي كده كتير عليها قوي يا عبد الرحمن .............كتير قوي
عبد الرحمن : لازم يا ثريا ..............لازم تفوق بقه ............طول ما هي حابسة نفسها في الأوضة دي وشايفاه في الشباك ده مش حتفوق
خرج عبد الرحمن من المطبخ غاضباً دون أن ينتبه لإبنته التي كانت تقف منزوية بأحد الأركان باكية بعد أن إستمعت لحديثه ..............

*************************


لم تتوقع ثريا ان يكون رحيل إبنتها بتلك السرعة بعد قرار زوجها ولكن يبدو أن إيناس لن تحتمل رؤية شخص آخر بتلك الشرفة غير زوجها فلم تجد حلاً أمامها سوى الهروب لتلك الوظيفة بعد أن أصر والدها على التخلص من الشقة ولم يؤثر فيه بكاؤها تارة وعنادها تارة أخرى ..............
كانت إيناس ما زالت تحضر حقيبتها عنـ.ـد.ما جاء الدكتور على ليقلهم بسيارته نظرت لها ثريا بحنان ثم أمسكت بوجهها وقبلته وهي تقول : متزعليش من أبوكي يا إيناس هو عمل كده علشان مصلحتك
صمتت إيناس لوهلة وحاولت أن تمنع دمـ.ـو.عها وهي تقول : خلاص يا ماما .............أنا مش زعلانه
ثريا : طيب خليني أساعدك في ترتيب الشنطة
منعت إيناس أمها برفق من الإقتراب من محتويات الحقيبة وقالت بإرتباك : خلاص أنا رتبتها ناقص حاجات بسيطة

وهكذا ودعت إيناس أمها وأخيها وإستقلت السيارة مع أبيها نحو مقر عملها الجديد ..............مستقبل تمنى الأب أن يخرج إبنته من بئر الماضي بأحزانه ..............



لم تشعر إيناس بالوقت فقد ظلت شاردة طوال الطريق كعادتها وكأنها أرادت ان تصرخ معبرة عن سطوتها امام أبيها والطبيب : لن أخرج من احلامي ..........ولن أنسى زوجي ............لا تعرف هل حقاً تخبرهم هم بذلك أم تخبر نفسها حتى يتمكن منها النسيان
بعد حوالي الساعتين من الزمن وصلت السيارة للمزرعة ..............إنتبهت إيناس لصوت البوابة الحديدية ووجه الحارس البشوش اللذي حياه الطبيب بنبرة حميمية وسأله عن شخص يدعى المهندس حسن فأخبره الحارس أنه بإنتظاره .............

مرت السيارة بطريق ممهد على جانبيه أشجار الليمون وقد بدا مظهرها جميلاً يسر العين ثم ظهر في الأفق مبنى إستقبلهم بداخله المهندس حسن وكان به غرفة مكتبه ..............كان رجلاً بشوشاً يبدو أنه في الخامسة والأربعين من عمره علمت إيناس من سياق الحديث أنه زوج أخت طبيبها والمسؤول عن إدارة المكان ..........
-




نورتينا يا دكتورة
كانت تلك هي الكلمـ.ـا.ت الأولى التي خاطبها بها المهندس حسن .أومأت إيناس رأسها بإبتسامة وشكرته بلطف بعدها تابع الرجل بثقة : أنا متأكد إنك حترتاحي معانا هنا ومين مايرتحش في الشغل مع الخيول
إبتسمت إيناس وعندها قال الدكتور علي : على رأيك يا حسن ده غير الطبيعة والجو النقي ولا إيه يا أستاذ عبد الرحمن
نظر له الأب برضى وقد أبهره المكان وفهم ما كان يقصده الطبيب بقوله أن إبنته سترتاح بهذا المكان فالمكان يبدو رائع للإستجمام ليس فقط للعمل وعندها قال : المكان فعلاً جميل قوي أنا متوقعتوش كده خالص
حسن : المزرعة هنا مقسمة 3 أقسام ............قسم فيه مصنع الألبان ومزارع المواشي وبعديه الأراضي الزراعية وبعدهم بمسافة 3 كيلو الجزء الأهم والأرقى هنا مزرعة الخيول وده مكان شغلك يا دكتورة

كانت إيناس صامتة لم توجه أي أسئلة أو تبادر بأي تعليق فالنسبة لها ليس هناك فرق سواء تعاملت مع الخيول أم المواشي ولكنها كانت تشعر للراحة للعزلة بهذا المكان وإرتاحت أكثر عنـ.ـد.ما علمت أن أغلب من يعملون بالمزرعة مرتكزين في الجزء الآخر حيث توجد مزارع المواشي وتليها اللأراضي الزراعية ولكن بهذا القسم لا يوجد سوى المهندس حسن وزوجته والعمال المسؤولون عن مزرعة الخيول وصاحب المزرعة الذي يتواجد خارج البلاد الآن .

نظر حسن لإيناس وأبيها ثم تابع : طيب تتفضلوا دلوقتي على مكان سكنك يا دكتورة تشوفيه وبعدين تشرفونا على الغدا
عبد الرحمن : يا خبر مفيش داعي يا بشمهندس
حسن : إيه يا دكتور علي هما ميعرفوش أختك ولا إيه .............دي فرحت جداً لما عرفت إن الدكتورة إيناس حتشتغل معانا هنا وبتراهن إنكم حتكونوا أصحاب
إبتسمت إيناس للرجل ولكنها شعرت بالضيق فآخر ما ينقصها إمرأة وحيدة ربما تسعى لشغل وقتها بالثرثرة !!!!!


********************

كان موقع السكن مميزاً يتكون من ثلاث فلل صغيرة إصطفت بجانب بعضها البعض بتنسيق معماري مميز أدهش إيناس وأبيها ولكن المهندس حسن أجاب على دهشتهم سريعاً عنـ.ـد.ما قال : أصل المكان هنا مشروع لمنتجع سياحي والفلل دي أول عينه

عبد الرحمن : منتجع سياحي
حسن : مستغرب ليه يا فنـ.ـد.م مش شرط المكان السياحي يكون بس بحر .............دول كتير قوي فيها مشاريع زي دي خضرة وشجر وهنا بقة عندنا مزرعة الخيل وفي المستقبل حيكون في مزرعة نعام وده بقه يبقى حلم خالد
عبد الرحمن : خالد !!!!! خالد مين
حسن :المهندس خالد صاحب المزرعة هو في أمريكا دلوقتي
عبد الرحمن : هو بصراحة المكان رائع
حسن : إتفضلي يا دكتورة دي الفيلا بتاعتك هي غرفتين نوم ورسيبشن ومطبخ أمريكي وكمان في جنينة صغيرة كده ..........ده الستايل بتاع الفلل هنا لما نخلص مشروع المنتجع ان شاء الله ................إتفضلوا إرتاحوا ومنتظركم أنا والمدام كمان نص ساعة على الغدا

دخلت إيناس وأبيها للفيلا وعندها لاحظت روعة المكان ............كانت الفيلا مؤثثة على الطراز الغربي تتكون من غرفتين للنوم بفارق حوالي 4 درجات صعوداً عن غرفة الجلوس الواسعة والمطبخ الأمريكي ولاحظت وجود حديقة خلفية بجانب غرفة الجلوس لم تستطع أن تمنع نفسها من الخروج إليها والإستمتاع برائحة الورود وإستنشاق نسمـ.ـا.ت الهواء الحر ..............

أغمضت عيناها وشعرت بالراحة عنـ.ـد.ما لمست الهدوء والعزلة بالمكان نعم فتلك العزلة هي أقصى أمانيها الآن لتنفرد ربما بضوء القمر ونسمـ.ـا.ت الهواء العليل ............... تركض في بحر خيالها دون حواجز أو قيود ويصبح شريف هو رفيق عزلتها الأوحد

لم تكن تعلم أنها عزلة مؤقتة ولم تلحظ أن هناك فيلا ملاصقة تشترك معها بنفس الحديقة ولا يفصلها عنها سوى بعض الشجيرات الصغيرة ..................
لا تدري لماذا تذكرت والدتها على الفور عنـ.ـد.ما جلست على مائدة الطعام ............يبدو أن السيدة رقية هي نسخة أخرى من أمها وطاولة الطعام هي لوحتها الإبداعية الخاصة ..............إبتسمت وهي تتذكر المائدة المتنقلة الذي أعدتها لها أمها قبل السفر من لحم مشوى ودجاج محشي وبعض المعجنات الطازجة ووصايا التخزين والتأكد من درجة حرارة المبرد حتى لا يفسد الطعام .............. قطع أفكارها صوت المهندس حسن وهو يقول : إتفضلوا يا جماعة مش عايزين كسوف وبصراحه دكر البط ده مش عايز كسوف
نظرت رقية نحو إيناس وتابعت بنبرة تشوبها الجدية : على فكرة يا دكتورة لو ما أكلتيش يبقى الأكل مش عاجبك وحازعل جداً
إيناس : لا يا خبر أنا باكل أهو
رقية : هههههههههههه إنتي صدقتي يا حبي أنا بهظر معاكي أنا عمري مازعل منك بس برده حتاكلي شكلك ضعفانه خالص
كانت رقية إمرأة يبدو على ملامحها أنها في الأربعين من العمر ............بشرة خمرية وعيون ناعسة وشفاة مكتنزة بعض الشئ وحجاب مميز أحاطت به وجهها بطريقة منمقة وجسد شابته بعض السمنة وكيف لا تشوبه السمنة أمام تلك المائدة العامرة وهذا الطعام اللذيذ ...........حقاً الطعام غاية في اللذة بل ربما يكون أفضل طعام تذوقته على الإطـ.ـلا.ق بل إنه أفضل من الطعام الذي تعده والدتها ...........لاحت على وجهها إبتسامة عنـ.ـد.ما لمحت أبيها وقد بدأ يتذوق بنهم من صنوف الطعام أمامه وكذلك كل من الطبيب والزوج اللذان إنقضا على ذكر البط بدون رحمة وتذكرت شريف ............

لم يكن من محبي الطعام بل كان يأكل القليل جداً من هذا أو ذاك لطالما إختلف عن الآخرين لطالما كان مميزاً .........كان .....................


إنتهى الجميع من طعامهم وجلسوا بغرفة المعيشة التي كانت تطل مباشرة على حديقة مثل فيلا إيناس ولكن كانت الحديقة مختلفة لاحظت إيناس أنها تزينت بأنواع خاصة من النباتات قسم للزهور وقسم لبعض الأوراق كالنعناع والبقدونس ............حقاً هل هذا بقدونس !!!!!! ...............جاءها صوت رقية ليجيب عن التساؤلات بعقلها
رقية : الجنينة زرعتها على ذوقي
إيناس : جميلة قوي حضرتك بتحبي الزرع
رقية : في الأول لأ لكن بعد ما جيت هنا بقت هواية خصوصا بصراحة إن إستخدام حاجات زي البقدونس والريحان والنعناع طازة في الأكل بيكون رائع
إيناس : كمان في ورد
رقية : فل وياسمين ونرجس وأنواع كده أساميها صعبة حمزة بقه هو اللي بيجيبلي البذور والغذا بتاعها علشان أعرف أزرعها عندي
إيناس :اممممممم
رقية : حمزة يبقى إبن أخت حسن مهندس زراعي وبيشتغل هنا بس أغلب المهندسين إقامتهم في الجزء التاني من المزرعة على فكرة في هناك مهندسات زراعيات برده بيشتغلوا مع أزواجهم مجموعة جميلة قوي أوقات بنروح نسهر معاهم والله المنطقة التانية فيها حياة عن هنا والذ بكتير لكن حسن مصمم إقامتنا تبقى هنا بيقول هنا أهدى مع إنه الصبح علطول بيكون في الجزء التاني علشان متابعة الأراضي والمصنع
إيناس : بس هو الجزء التاني مش بعيد قوي عن هنا
رقية : لا حوالي 3 أو 4 كيلو بس خالد حب يفصلهم علشان بيحلم يحول الجزء ده لمنتجع سياحي
إيناس : هو بصراحه المكان رائع .........جميل قوي وأجمل ما فيه هدوءه
رقية : إنتي لسه شفتي حاجه بكرة لما تشوفي مزرعة الخيول مكان شغلك حتنبهري ...........بجد حاجة روعة ............أنا مبسوطة قوي إنك إشتغلتي هنا معانا .............بجد حلو قوي لما تلاقي أنثى تتكلمي معاه في أرض الرجال دي
إبتسمت إيناس بتصنع فآخر ما ينقصها تلك الضوضاء البشرية التي قد تؤرق عزلتها ............

*****************************

نظر عبد الرحمن لإبنته بتفحص بعد أن غادروا وعادوا لمقر سكنها ثم قال : ها يا إيناس المكان عجبك
في البداية لم تجبه كانت تقف بحيرة أمام الثلاجة وبيدها ورقة وتحاول بيأس أن تضع بعض محتويات حقيبة الطعام التي أعدتها لها والدتها داخل الفريزر .............إقترب عبد الرحمن من إبنته وقال مرة أخرى : إيناس إنتي مش سامعاني
نظرت له وقد بدت شاردة ثم قالت : آسفة يا بابا مسمعتش حضرتك بس أصل الثلاجة صغيرة وكمان فيها حاجات فمش عارفة أحط الحاجات اللي معايا
عبد الرحمن : حاجات إيه
إيناس : الأكل اللي ماما إديتهولي
عبد الرحمن : لأ قصدي حاجات إيه اللي في الثلاجة وإيه الورقة دي
إيناس : دي ورقة لقيتها على بابا الثلاجة كاتباها ليا مدام رقية
أخذ عبد الرحمن الورقة وقرأ محتوياتها وقد كانت " عزيزتي إيناس دي طلبات كده بسيطة لإحتياجاتك اليومية وكمان دي نمرة تليفوني إذا إحتجتي أي حاجه كلميني متتردديش .............أختك رقية "
طوى عبد الرحمن الورقة وإبتسم وهو يقول : ناس ذوق فعلاً .............والست دي شكلها طيبة قوي
إيناس بدون إهتمام : اه فعلا
نظر لها والدها بتفحص مرة أخرى ثم تابع : إنتي رأيك إيه في المكان عجبك
إيناس : اه كويس
إقترب عبد الرحمن من إبنته ثم داعب وجنتيها بحنان وتابع : إيناس إوعي تكوني زعلانه مني
نظرت له بتمعن كانت ملامحه تكاد تنطق بالحزن أو ربما بالقلق شعرت أنه لا يود أن يتركها وحيدة بل يودها أن تعود معه للمنزل ليطمئن قلبه برؤيتها أمام عينيه ولكنه لا يستطيع ............صمتت لوهلة ثم إغرورقت عيناها بالدمـ.ـو.ع .............أخذت نفساً عميقاً ربما لتحبس تلك العبرات الساخنة التي لن تلهب وجنتيها فقط بل ستلهب قلب أبيها أيضاً جاهدت لتخرج الكلمـ.ـا.ت من فمها وعلى الرغم من أنها كانت تتمتم بصوت خفيض وعلى الرغم من البحة الباكية في نبرتها إلا أنه فسر كلمـ.ـا.تها جيداً
إيناس : بابا أنا عمري ما أزعل منك ولا من ماما عارف ليه
عبد الرحمن: ليه
إيناس : علشان الفراق صعب قوي وأنا جربته تفتكر حضيع لحظة من عمري في غضب أو زعل من حد بحبه وأنا بحبك يا بابا وبحب ماما ومصطفى وأيمن والله بحبكم قوي .........
إحتضن عبد الرحمن إبنته بقوة ثم ملس على خصلات شعرها بحنان وهو يتمتم بكلمـ.ـا.ت الرحمن ويسأل الله أن يحفظ إبنته من كل سوء .

***************

نظر حسن لزوجته بتفحص بعد أن غادر الضيوف وقال : ناس محترمين
رقية : فعلا والدها شكله طيب قوي وكمان إيناس هادية ورقيقة قوي
زفر وهو يخلع الجاكيت خاصته ثم تمدد على الأريكة وتابع : علشان كده مكنتش عايزها تشتغل هنا
رقية : ليه بس يا حسن
حسن : يعني مش عارفة ليه ..............رقية إنتي عارفة طبع خالد كويس وشـ.ـدته مع كل الموظفين هنا
رقية : أيوه بس خالد مش وحش للدرجة دي
حسن : هو إنتي اللي حتقوليلي منا عارف خالد ده صاحبي قبل ما يكون صاحب المكان هنا لكن برده انا عارف طبعه وخصوصا مع الدكاترة اللي بيتابعوا الخيل ..............إنتي عارفة هو مهتم بالمزرعة دي أد إيه ما بيسمحش بغلطة
رقية : بس اللي فاتوا كانوا رجـ.ـا.لة ومش مهتمين بالشغل وعايزين يشتغلوا في مكان تاني جنبه لكن إيناس بنت ورقيقة وعلى فكرة بقه الست لما بتشتغل بجد بتخلص لشغلها عن الراجـ.ـل
حسن : برده مش مرتاح
رقية : على فكرة بقه إيناس أفضل حد للمكان ده عارف ليه
حسن : ليه
رقية : علشان هي محتاجة للمكان زي ما المكان محتاج ليها صدقني حيكملوا بعض
حسن بمكر : هما مين دول اللي حيكملوا بعض
رقية : هههههههه دماغك راحت فين هي صحيح البنت حلوة وهادية لكن معتقدش يحصل إنجذاب بينها وبين خالد ...............صعب قوي
حسن : والله يا رقية أنا مبقتش عارف حاجه وخالد ده أكتر واحد فاهمه ومش فاهمه في نفس الوقت
رقية : هو عرف إنك عينت حد
حسن : طبعاً بلغته في التليفون
رقية : وحيرجع إمتى
حسن : المفروض كان يجي النهارده بس كلمني وقالي انه إتأخر على الطيارة وحيغير الحجز
رقية : هو خلاص فض الشراكة
حسن : اه خلاص هو محتاج سيولة علشان المزرعة
رقية : طيب .............إنت حتنام بعد الغدا ولا نازل
حسن : لأ حاروح مصنع الألبان وريا شغل
رقية : ترجع بالسلامة يا حبيبي

غادر حسن ولكنه ظل يفكر بصديقه خالد ...............لقد تعرف به منذ سنوات هو وزوجته مارجريت في الولايات المتحده ...............تعجب حسن عنـ.ـد.ما رأى هذا الشاب المصري المتقد الذكاء الذي برع في عدة أعمال بل وهو المسؤول عن شركة أبيه وإدارتها وبجواره زوجة تصلح لأن تكون أمه ................نعم ومنذ وقتها أصبحوا أصدقاء وإستطاع خالد في النهاية تحقيق حلمه ببناء تلك المزرعة وقذف النساء بعنف خارج حياته ...........أمه ............مارجريت ................وكارمن !!!!!
أغلقت الهاتف ربما للمرة العاشرة بعد إنتهاء المكالمة مع أمها................ نظرت للساعة فوجدتها قد قاربت على الخامسة والنصف مساءاً ..............خلعت حذائها وإستلقت لوهلة على الأريكة وبدأ النعاس يداعب أهدابها ولكنها آثرت أن تخرج للحديقة ربما لتملأ رئتيها بنفحات من الهواء النقي وتمتع نظرها بمنظر مميز للغروب ................كانت الحديقة محاطة بسور أنيق من خشب الأرز وقد تزين السور بحرفية ببعض النباتات المتسلقة فأعطته مظهراً خلاباً
لم يكن سوراً عالياً بل تستطيع من خلاله رؤية السيارت الصغيرة التي تتحرك بخفة على الطريق العام وقد بدت أضواءها كشموس صغيرة وُلدت بعض أن خفت ضوء الشمس الأم وإقتربت من الغرق في رمال الصحراء الواسعة وهي تودع السماء لتتركها وقد إمتزجت بها ألوان الطيف بإبداع حتى تمكنت منها حمرة الشفق قبل أن يجنح الليل بظلامه فيعلن بثقة عن إنتهاء العرض !!!!
لم تشعر بنفسها إلا وهي مستلقية على الحشائش الخضراء وكأن جسدها وروحها أبوا أن يظلوا في مقاعد المشاهدين فإنطلقت روحها تحوم في اللوحة الفنية المتجسدة أمام عيناها وأمتزج جسدها بجاذبية الأرض يستشعر دفئها ويحتضن أديمها بشوق .

ودت لو أكملت ليلتها بتلك البقعة ربما لتستمع بعرض آخر حيث يكون القمر هو بطل المساء ببريقه الفضي وكأنه يعلن عن بريق من الأمل ليخبرنا أن الضوء لم يخفت للأبد وأنه سيعود من جديد ......................

وهكذا تركت إيناس موضعها وإتجهت لغرفة نومها أخرجت غنيمتها من الحقيبة .............. نعم تلك المغامرة الليلية التي قامت بها قبل أن تترك المنزل .............وعلى الرغم من تأكيد والدتها لها أنها لن تتخلص من أي من متعلقات شريف وعلى الرغم من إرتعاش يديها وتباطئ خطواتها وهي تتجه نحو الشقة التي لم تخطوها منذ الحادث إلا أنها كان يجب أن تحصل على ما تسعى إليه ..............ودون أن يشعر أحد تسللت حافية بخطوات مرتجفة نحو خزينته وأخرجت ما يحمل رائحة أنفاسه أو ربما ما يحمل بقاياها ..............
إحتضنت قميصه بشغف وخطت بثقة نحو أحلامها منتظرة لقاءه .

**********************

كانت الساعة قد قاربت على السابعة مساءاً عنـ.ـد.ما دق المنبه ليعلن عن بدء يوم جديد ................قام حسن متكاسلاً نحو الحمام وقد أعدته له زوجته كعادتها كل صباح فكانت المياه الساخنة تتدفق بسخاء داخل حوض الإستحمام وقامت بتعليق مئزره المعطر ثم تركته ينعم بحمام هادئ وإنطلقت لتجهيز مائدة الإفطار .
كان حسن يتصفح الجريدة عنـ.ـد.ما سألته وهي تسكب له بعض الشاي : تحب تتغدى إيه النهارده
حسن دون أن ينظر نحوها : أي حاجه
رقية : حتروح على المصنع
حسن : لأ على المكتب هنا علشان أسلم إيناس شغلها الأول
رقية : علطول كده
حسن : طبعاً وإنتي عارف خالد بيهتم قوي بكل حاجة تخص الخيل ولازم يتأكد إن اللي بيحط نسب الفيتامينات ومتابع مواعيد المقويات والتطعيمـ.ـا.ت دكتور مختص
رقية : إنت حتقولي لا ويكون متفرغ كمان
حسن : هو دماغه كده بس برده هو بيدفع مرتبات كويسة ولو إجتهدت حيدفع أكثر
رقية : إنت عارف المقابل المادي مش هو سبب وجودها
حسن : اممممممممم ...........عارف وإنتي حتبدئي تراقبيها من إمتى
رقية بإنزعاج : أراقبها !!!! كده يا حسن
حسن : هههههههه يا ستي مش قصدي ..........مش أخوكي قالك تاخدي بالك منها
رقية : في فرق بين إني آخد بالي منها وبين إني أراقبها ..........وبعدين أنا فعلا صعبانه عليا البنت لسه صغيرة على الهم ده
حسن : بس أنا مش شايفها مهمومة للدرجة دي ده كمان لابسة ملون عادي يعني
رقية : علي أخويا هو اللي شـ.ـدد عليهم إنها مش تلبس أسمر وترجع تلبس عادي بسرعة ده كان في كورس علاجها ده غير أصلاً إن حداد الست على جوزها أربع شهور حسب الدين والشرع والباقي ده أعراف وعادات وبعدين مش بيقولوا الحزن في القلب
حسن : طيب خلاص خلاص هي عينتك المحامي بتاعها ولا إيه
رقية : لأ يا سيدي معينتنيش المحامي بتاعها
صمتت رقية قليلاً ثم تابعت بنبرة ألم : أصعب أنواع الحزن لما ترسم ضحكة كـ.ـد.ابة على وشك للناس وتحتفظ بالهم لنفسك
قالت جملتها ثم رمقته بنظرة ذات مغزى إرتبك قليلاً وجفف عرقه ثم قبلها على جبهتها و قال لها بنبرة حانية : طول عمرك بتقرأي الناس صح يا حبيبتي وأولهم أنا علشان كده مقدرش أعيش من غيرك
إنسحب بلباقة ليتجه لعمله وتركت بعدها هي المجال لعبراتها الساخنة ...............

*******************

وصل حسن لمكتبه وعندها وجد إيناس بإنتظاره بادرها مرحباً لحظة دخوله : صباح الخير يا دكتورة
إيناس : صباح النور يا بشمهندس
حسن : برافو ده حضرتك موجوده من قبل المعاد
إيناس : على إيه حضرتك ده شغلي
حسن : طيب تمام بصي يا ستي أنا النهارده حعرفك مبادئ الشغل والمطلوب منك لكن بعد كده حيبقى المسؤول معاكي بشمهندس خالد
إيناس : بشمهندس خالد هو مالك المزرعة صح ؟
حسن : أيوه وهي مزرعة الخيول مسؤوليته هو وبيهتم بدقة بأي حاجه تخصها فعلشان كده هو دايماً بيتابع أول بأول مع الطبيب المسؤول
إيناس وقد بدا عليها القلق بعض الشئ : حاضر
نظر نحوها حسن بإبتسامة ثم تابع : أنا مش عايزك تقلقي الشغل بسيط قوي بيني وبينك ما يستدعيش طبيب مقيم بس إحنا هنا ماشيين بمبدأ الوقاية خير من العلاج إتفضلي معايا على العيادة البيطرية وإنتي حتفهمي أكثر

خرجت إيناس معه إلى المبنى وتوجهوا لمبنى آخر صغير يتكون من غرفة واحدة كانت متواضعة الأثاث بعض الشئ فلا يوجد بها سوى مكتب صغير وخزانة خشبية ممتلئة ببعض الكتب والأوراق وفي مواجهتهما توجد ثلاجة إستنتجت إيناس أنها لحفظ بعض الأدوية وخزانة أخرى تحتوى على معدات بيطرية للتعامل مع الأفراس وبعض المطهرات الموضوعية للجروح .............جلس حسن على المكتب وسحب بعض الأوراق وهو يقول : إتفضلي يا دكتورة
جلست إيناس في مواجهته وقد لفت إنتباهها كمية الاوراق المبعثرة أمامه ...........ضحك وهو يمسك بالأوراق في محاولة يائسة لترتيبها وقال : الهوا هنا بقه ميزة وعيب والعيب واضح لو أصغر شباك مفتوح يطير كل شغلك ...........بصي بقه يا ستي ده ورق كان سايبه الدكتور اللي قبلك بمواعيد التطعيمـ.ـا.ت بتاعتهم وكمان نسب المقويات اللي بتتحط في الأكل ...........حيفيدك كتير
أخذت إيناس منه الأوراق وتصفحتها للحظات ثم توجهت بنظرها نحو الخزانة بجانب المكتب وسألته : ودي كتب ومراجع ؟
حسن : اه دول برده حيفيدوكي مع إني بصراحه مفهمش في محتواهم إنتي بقه تكتشفي .............كمان عندك الثلاجة فيها مضادات حيوية وتطعيمـ.ـا.ت ....................المفروض الدكتور المتواجد هو بيحدد محتاج ايه وإحنا بنجيبه وبرده عندك بيداتين و صبغة يود ومراهم جروح لإن الحاجات تقريباً ممكن نحتاجها يومياً بس متقلقيش في سايس مسؤول عن التعامل المباشر مع الخيل بس بنحتاج إشراف منك وبرده هنا بقية الأدوية زي أدوية المغص والمسكنات وكده وبرده اللي تعوزيه يعني نكون شاكرين تطلبيه قبل ما تحتاجيه
إيناس : فهمت
حسن : طيب دلوقتي نروح على الإسطبلات علشان العمال يعرفوكي وهما هناك تحت أمرك أي حاجه حتطلبيها منهم حيعملوها
إيناس : حاضر

توجهت بعدها إيناس مع حسن نحو الإسطبلات ............ ركبوا سيارة رباعية مكشوفه للإتجاه لهناك ...............لاحظت إيناس المساحة الكبيرة للمزرعة كانت تقدر مساحة مزرعة الخيول وحدها بحوالي خمسة أفدنة وتحتوي على ثلاث إسطبلات وسياج كبير أُعد خصيصاً لتريض وتدريب الخيول على مساحة شاسعة ..................ترجل حسن من السيارة بعد أن توقفت أمام أحد الإسطبلات ودخل وخلفه إيناس ..............كان العمال قد بدءوا بتطمير الجياد وتحضير الطعام وهكذا ..................إتجه حسن لأحدهم الذي كان يبدو عليه أنه قائدهم وتحدث معه بصوت عالٍ : ها يا دسوقي إيه الأخبـ.ـار
دسوقي : تمام يا بشمهندس
نظر حسن لإيناس وقال : ده دسوقي أقدم سايس هنا يا دكتورة
ثم نظر لدسوقي بحدة وتابع : دكتورة إيناس يا دسوقي حتاخد تعليمـ.ـا.تك منها بعد كده هي بدل دكتور سعد
دسوقي : مفهوم يا بشمهندس ............نورتينا يا دكتورة
حسن : تمام إتفضلي معايا يا دكتورة

وفي تلك الأثناء قام حسن بالمرور مع إيناس على بقية الإسطبلات وكان يخبرها عن انواع الجياد المتواجدة في المزرعة وقد كانت جميعها من الخيول العربية الأصيلة وخاصةً الخيل العربي المصري والذي يُعد من أقوى وأغلى السلالات في العالم .................شعرت إيناس بالإنبهار مما شاهدته فقد فاق توقعاتها بمراحل من حيث الترتيب والإهتمام والنظافة والمساحة الشاسعة من أجل تدريب وترويض الخيول أخبرها حسن بوجود مدربين متخصصين للجياد وأنهم إفتتحوا المزرعة منذ عامين فقط ولكن لديهم حوالي خمسون جواداً حتى الآن ..............لاحظت إيناس وجود بعض المنازل خلف الإسطبلات علمت من حسن بعدها أنها مقر السكن المخصص للعمال ومدربين الخيل .

بعد مرورهم على الإسطبلات لاحظت إيناس خروج الخيل في شكل بديع وقد إنطلقت تعدو بحرية داخل المساحات الشاسعة المحاطة بسياج الأمان كما قال لها حسن .............كانت تلك هي المرة الاولى التي ترى فيها جياد عربية أصيلة كتلك فكل معلومـ.ـا.تها عن الحصان ربما مظهره الرث الذي إعتادته كلما رأت أحد الخيول المحلية التي ألهبت السياط ظهورها وقضت الأحمال الثقيلة على قوة إحتمالها وسعى مالكها في النهاية لتجميل صورتها ربما ببعض الشرائط الملونه والحلي الرخيص الذي قضى على آخر مظهر جمالي لديها ولكن تلك الخيول التي تعدو أمامها لم ترى لها مثيلا من قبل ...................جمال يخـ.ـطـ.ـف الأبصار من أول وهلة ...........التناسق البديع في الشكل والحركة والعيون الواسعة التي لم ترى مثيلاً قبل كذلك قال لها حسن وقد لاحظ إنبهارها بما رأت : إحنا عندنا هنا سلالات أصيلة كحيلة حمداني وهدبان
نظرت له بدهشة وهي لا تفقه شيئاً عن ما قاله : نعم !!!!
إبتسم وتابع : أنا برده من سنة لما خالد كان بيكلمني مكنش عندي أي معلومـ.ـا.ت عن الخيل بس دلوقتي عرفت وفهمت حاجات كتير
إيناس : بصراحه ده عالم تاني
حسن : عموما إحنا دلوقتي حنرجع على العيادة حاسيبك تكتشفي المكان وتتصفحي الكتب والأوراق هناك شوية وبعد كده طبيعة شغلك حيبقى مرور وفحص دوري للخيول ومتابعة الفيتامينات والمقويات ونسبها مع العمال ده غير كمان التحصينات
إيناس : وهو كذلك
حسن : وبرده لما خالد يرجع حيكون ليه طلبات محددة عني وحيوضحلك أمور أكثر مني ..............إتفضلي
عادت إيناس معه للسيارة وقالت بعدما ركبت : هو ليه مكان السكن بتاعي والعيادة بعيد كده عن الإسطبل
حسن مش بعيد قوي ممكن مشي نص ساعة بس انتي عارفة الفلل عينة بداية لمنتجع سياحي ولازم مسافة بعيد عن الإسطبلات كمان محدش ساكن هنا قريب غير العمال والمدربين وكلهم رجـ.ـا.لة زي مانتي شايفة
إيناس : اه .............فهمت

وصلت إيناس للعيادة ومكثت لفترة بين الأوراق تحاول أن تلحق بدرب ربما لا تعي عنه شيئاً ولكن كان بداخلها طاقة ورغبة قوية للمعرفة شعرت أنها قرأت القليل والكثير بنفس الوقت فتارة تتصفح بعض المراجع عن الأمراض وأعراضها والعلاج المناسب وتارة تقرأ عن التحصينات والعناية الطبية بالجواد وهكذا .............نظرت للساعة فوجدتها قد قاربت على الرابعة عصراً وإكتشفت انها مكثت أكثر من أربع ساعات بالعيادة دون أن تشعر بالوقت .............إعتدلت في جلستها وأغلقت المكان ثم توجهت عائدة لمنزلها .

لم تكد تقترب من المنزل حتى وجدت رقية في إنتظارها ...............نظرت لها رقية بإبتسامة وقالت : اخبـ.ـار الشغل إيه
إيناس : تمام الحمد لله يا مدام رقية
رقية : إنبسطتي .............شوفتي الخيل
إيناس : اه بصراحة حاجة روعة
رقية : مش قولتلك .................طيب يلا علشان نتغدى سوا
إيناس : يا خبر متشكرة قوي يا مدام رقية ملوش لزوم
رقية : هو إيه ده وايه مدام رقية دي ايه يا دكتورة احنا مش أصحاب ولا ايه قوليلي يا رقية وأنا حقولك يا إيناس إتفقنا
إيناس : إتفقنا
رقية : طيب يلا غيري هدومك وتعالي نتغدى سوا
إيناس : معلش بجد إعفيني أصل بصراحه مجهدة قوي حاكل خفيفة وأنام
رقية : طيب كلي حاجه خفيفة عندي وبعدين إرجعي نامي ولا أكلي معجبكيش
إيناس : لأ خالص ده أحسن أكل دوقته في حياتي بس معلش خليني براحتى اصلا عندي أكل كتير في الفريزر عايزة اخلص منه
رقية : خلاص سماح المرة دي وعموما يا ستي اي حاجه بتحتاجيها في محل بس في المنطقة التانية عنده كل حاجه هو بيجيب الحاجات من وادي النطرون ولو احتجتي حاجه مش عنده هو بيجيبها ليكي أنا وحسن بنروح كتير بالعربية نجيبلك اللي محتجاه او تيجي معانا تجيبي اللي يريحك
إيناس : خلاص ميرسي قوي يا مدام رقية
رقية بلوم وإبتسامة : هااااااااااااااا
إيناس : خلاص ميرسي يا رقية

تركت رقية إيناس وبادرت الأخيرة بالدخول لغرفتها والإستلقاء على فراشها شعرت أن جسدها ينشـ.ـد الراحة والفراش بإلحاح نظرت بجانبها وقد كان قميص شريف ملقى بجانبها على الفراش ..............تذكرت أن أحلام يقظتها وذكريات زوجها لم تكن هي سيدة الموقف في هذا اليوم فقد مر الوقت سريعاً بين كل جديد رأته وقرأت عنه وتمنكت منها الحياة رغماً عنها ولو لساعات ............................إمتدت يدها وجذبت القميص خاصته ثم إحتضنته بعنف وسريعاً غطت في نوم عميق ...............

ربما مرت ساعة أو أكثر لا تعلم فقد غطت في نوم عميق دون حتى أن تبدل ملابسها ...........أخرجت رداءاً قطنياً مريحاً وإرتدته ثم توجهت للمطبخ تبحث عن شئ تأكله فقد تذكرت أنها لم تأكل منذ الصباح .............أعدت شطيرة من الجبن وقامت بصنع بعض السلطة وحادثت أمها على الهاتف لتبعث لها برسائل من الطمئنينة بعد أن إستشعرت القلق في صوتها وبعد أن أنهت طعامها وحديثها إكتشفت أن الساعة قد تعدت الحادية عشر مساءاً والسكون هو سيد الموقف حولها ..............نظرت نحو الحديقة وإستشعرت النسيم الحر في خيالها وعندها إتجهت لهناك وقد ألقت بجسدها على الحشائش الخضراء تراقب السماء بنجومها اللامعة .............عجباً لعمرها كله لم تشهد هذا العدد من النجوم من قبل وكأنها غادرت سماء المدينة بصخبها وأضواءها ونشـ.ـدت العزلة مثلها تماماً ............لاحت ذكرى شريف وإبتسامته أمامها وكأنه يشاركها كل تلك اللحظات الهادئة ويستمتع معها بهدوء الطبيعة ...............ظلت هائمة بذكراه حتى جفاها النوم دون أن تشعر ولكن بعد وقت ليس بطويل فتحت عيونها برعشة فقد شعرت بوجود شخص آخر معها بنفس المكان ...........إنتفضت سريعاً حتى أنها كانت تستمع لصوت أنفاسها المتلاحقة ودقات قلبها المتسارعة خاصة عنـ.ـد.ما لمحت تلك العيون اللامعة تنظر نحوها في دهشة ....................
أسند رأسه على مقعد السيارة وأغمض عيناه في محاولة لإختلاس ربما ساعة من النوم بعد رحلته الشاقة ...................لم يتوقع أن فنجان القهوة الذي دُعي إليه في مقهى صديقه سام سيؤدي به في النهاية إلى عدم اللحاق بطائرته وإستبدالها بأخرى ................كانت رؤية مارجريت تمثل مفاجأة بالنسبة له خاصةً أنه كان يظن أنها تمكث بالبرازيل مع إبنتها .......................مارجريت زوجته الأولى ............تلك المرأة التي زج بها داخل عالمه دون رغبة وأخرجها منه دون ذنب ...........أغمض عينيه عنـ.ـد.ما رآها وإبتلع قهوته سريعاً رغبة في الهروب ولكنها إستوقفته قبل أن يتوجه لمخرج المقهى ...........كانت نبرتها حانية .........أمسكت كلتا يديه بقبضةٍ مرتعشة وهي تقول : خالد إنت مش فاكرني
نظر لها بدهشة وبصوته الرخيم أجابها بثقة : وهو ممكن الواحد ينسى واحده كانت مـ.ـر.اته مارجريت
إبتسمت بسخرية أو ربما بحسرة وتابعت : ممكن خالد وخصوصاً لو كان جواز زي جوازنا
أخرج نفساً عميقاً من صدره وشعر للحظات بالآسى من أجلها ...........جذبها برفق ودعاها للجلوس ثم تابع برقة غابت عنها وعنه منذ زمن وقال : مالك مارجريت ...........شكلك حزين

كانت بالفعل تبدو حزينة بل تمكن الزمن من وجهها ولم تعد مساحيق التجميل قادرة على إخفاء بصمة السنوات إبتسمت مرة أخرى وتابعت : أنا عرفت من سام إنك هنا وإنك حتبيع الشركة وممكن مش ترجع تاني وعلشان كده طلبت منه يعزمك هنا علشان أشوفك
خالد بدهشة :تشوفيني !!!!
مارجريت : أو أودعك ممكن مش نشوف بعض تاني وعلشان كده كان لازم أقابلك وأقولك خالد
خالد بدهشة : تقوليلي إيه ؟
مارجريت : أنا مش زعلان منك خالد
كانت جملتها صادمة بالنسبة إليه فكيف لا تكون غاضبة منه بعد ما كل فعله بها ..............تزوجها نكاية بأمه ................لم يقترب منها مرة واحدة كزوج بل كان يتعمد أن يُشعرها بأن زواجها منه خطأ فادح وأنه لم ولن يرغب بعجوز تسعى لتجديد شبابها بالزواج وفي النهاية طلقها بعد عدة أشهر ..........لاحظت مارجريت إندهاشه فإبتسمت مرة أخرى وتابعت : أيوه خالد أنا مش زعلان ............وقتها كنت زعلان كتير منك ............كنت أكرهك كتير بس بعد كده.............فهمت
نظر لها والغضب يبدو كمارد متجسدٍ في عيناه وقال : فهمتي إيه
مارجريت : إنت لسه عصبي خالد ...........المفروض تكون إتغيرت
خالد : أنا بسئلك مارجريت فهمتي إيه
مارجريت : فهمت إنك مش كان قصدك مارجريت إنت كنت حتتجوز أي ست كبير تقابله وقتها وكنت حتعمل معاه زي ما عملت معايا بالضبط
صمت قليلاً في محالوة لإستدعاء هدوءه ثم لاحت إبتسامة ساخره على شفتاه وتابع : ده تحليل نفسي ماكنتش أعرف إني معقد
مارجريت : أنا كمان مكنتش وقتها أعرف خالد بس بعد كده فهمت ..............
خالد : وإنتي بقة جاية مخصوص علشان تقوليلي الكلمتين دول
مارجريت : خالد أنا مش بقول كده علشان أضايقك بس لما فهمت مشاعر أولادي خالد .............فهمت مشاعرك
خالد : اللي هي ايه بقه ؟
مارجريت : فهمت إنه كله بسبب الماما خالد مش أنا .............الماما مأثر عليك كتير .........وإنت عملت ده علشان تضايقه هو مش حد تاني ............علشان كده خالد أنا مش زعلان

كانت مجرد كلمـ.ـا.ت لكنها كانت تقتحم عقله كطرقات ساخنة .............ظل شارداً بعد أن ألقت بكلمـ.ـا.تها وتركته لذكرياته ...........منذ قدومه لأمريكا لا بل قبل ذلك بسنوات وقرارته خطأ تلو الآخر ............نعم منذ أن دخل هذا الرجل حياته .............هذا الزوج الذي أحضرته أمه لعالمهما دون تمهيد ...........دون إعتبـ.ـار لمشاعره .............ليستولي بعد ذلك على قلبها وإهتمامها وعقلها بل وأراد ان يستولي عليه هو أيضاً وكل ما يمتلكه ............لا ............مهلاً هو لم يرتكب خطيئة ............بل دافع وبشراسة عن حقه ...............نعم وإذا كانت مارجريت خطيئته التي أنبه ضميره عليها لسنوات فبالتأكيد كارمن ليست كذلك ................


كان صوت عم ريحان السائق يبدو كالصدى داخل عقله الغائب ............إستيقظ على كلمـ.ـا.ته وهو يقول : خالد بيه ...........خالد بيه حمد الله على السلامة خلاص وصلنا المزرعة
نظر إلى ساعته فوجدها قد قاربت على الثالثة صباحاً نظر للسائق العجوز قبل أن يترجل من السيارة وتابع : سهرتك معايا يا راجـ.ـل يا عجوز
إبتسم له السائق وتابع : تعبك راحة يا بشمهندس

دخل خالد إلى فيلته وهو يصب جام غضبه على السفر والطائرات بل ومقابلة مارجريت التي تسببت له في هذا الصداع البائس ...........توجه لأحد الأدراج وأخرج حبة من المسكن إبتلعها على الفور دون مياه ثم أعد لنفسه كوباً من القهوة الساخنة وقرر أن يستمتع بها في الهواء الطلق ...............

كان خالد شاباً في العقد الثالث من عمره طويلاً ...........عريض المنكبين يتميز بشعر داكن وملامح حادة ربما تحمل من الغموض أكثر ما تحمل من الصرامة .......عيون تبدو كعيون النمر تنظر بحدة غامضة لكل ما تلمحه
أخيراً وصل إلى مزرعته الغالية ....مملكته حيث السكون والطبيعة والنجاح ............. نعم فكلما نظر حوله كان يشعر بالفخر ...........بالإنتصار ...........بالنجاح

خرج إلى الحديقة وظل واقفاً لدقائق قبل أن يلحظ الضوء الخافت المنبعث من الفيلا المجاورة ............في البداية أصابته الدهشة ولكنه ما لبث أن تذكر ما أخبره به حسن عن الطبيبة الجديدة ولكن عاودته الدهشة سريعاً عنـ.ـد.ما لمح جسد إمرأة ممدد في الهواء الطلق دون حركة !!!!!

في حركة سريعة تخطى الشجيرات الرفيعة بين الحديقتين و بخفة إقترب من صاحبة الجسد الملقى على الأرض ...........في البداية ظن أن مكروهاً أصابها ولكن أنفاسها المنتظمة وملامحها الهادئة جعلته يوقن أنها نائمة ............هم ليترك المكان ولكنه ما لبث أن تراجع وعاد ينظر نحوها مرة أخرى ...........كانت إمرأة جميلة تبدو في أواخر العشرينات ...........ترتدي فستاناً قطنياً قصيراً من اللون الأزرق وقد كشف بعفوية عن جمال ساقيها ورشاقة قِدها ............كان وجهها يبدو كقمرٍ غط في سبات هادئ وقد تناثرت خصلات شعرها من حوله في صخب.............خصلات شعرها التي تبدو كجدائل من البندق إمتدت بمجون لتوقظ الليل من سباته وتناثرت كمعزوفة صاخبة فأخرجت السكون عن وقاره ...........كانت شفتاها تتمتم بهمسات صامتة ..........ود أن يقترب منها أكثر ليفسر كلمـ.ـا.تها الغامضة ولكنه آثر عدم الإقتراب ولاحت على شفتاه إبتسامة ساخرة فربما إذا فعل ذلك وجدت المزرعة فـ.ـضـ.ـيحة ستتحدث عنها لسنوات .........ولكنه ظل واقفاً مكانه بلا حراك يراقبها ففي النهاية ما تشاهده عيناه ليس سيئاً على الإطـ.ـلا.ق .

*************************

في عزلتك المنشودة .............تغمض عيناك في سلام ..............تتأرجح بهدوء داخل أحلامك ولكن يُطل الفزع كضيف مفاجئ ويخرجك من سلامك سريعاً ........عنـ.ـد.ما تكتشف وجود دخيل .

وضعت يدها على صدرها ربما لتتأكد ان قلبها لم يقفز من مكانه فمجرد أن فتحت عيناها وجدت هذا الوجه الصارم ...............تلك العيون الحادة التى تحاصرها بنظرات تحمل الدهشة والسخرية في آن واحد .........إستقامت وهبت واقفة وعيونها تنظر نحوه في فزع ثم قفزت هاربة لتعود لمنزلها سريعاً لتوصد خلفها كل الأبواب بإحكام ...........

وقفت بثبات لدقائق .............كانت دقات قلبها ما زالت تصرخ على الرغم من إغلاقها لنوافذها بإحكام .............زمت شفتيها وشعرت بالغضب من هروبها بتلك الطريقة بل كان يجب عليها تلقين هذا الغريب درساً على إقتحامه لعزلتها دون دعوة .............نظرت نحو الحديقة من خلف الزجاج ولكنه كان قد تبخر كالسراب مثلما ظهر ...........

******************

عاد خالد لمنزله وما زالت نفس الإبتسامة الساخرة تعلو ملامحه..............الجميلة فزعت وكأنها إستسلمت للنوم هكذا بمحض المصادفة !!!!!................هكذا أخبر نفسه ففي النهاية رغم ملامحها البريئة ونظراتها الصادقة هي إمرأة شأنها شأن كل النساء .............أغمض عيناه وإستسلم أخيراً للنوم فلديه مقابلة مثيرة في الصباح !!!!!

************************

كانت مفاجأة سارة لحسن عنـ.ـد.ما لمح خالد بمكتبه في الصباح ............إتجه نحوه قائلاً بمرح : خالد إيه المفاجأة الحلوة دي
خالد : أبو علي صباح الفل
حسن : صباح الخير يا جميل وصلت إمتى ؟
خالد : إمبـ.ـارح الفجر
حسن : وعملت إيه هناك تمام
خالد : اه خلصت الحمد لله ...........بعنا آخر شركات الحج ..........سامحني يا حج
قال جملته وهو ينظر لصورة أبيه المعلقة خلف مكتبه .............نظر له حسن بإبتسامة وقال : أنا متأكد إنه لو كان عايش كان زمانه فخور بيك يا خالد وبالمكان هنا
خالد : الحج كان طيب قوي أنا مطلعتلوش وجايز كده احسن .............كان زماني أخدت على دماغي
ضحك بعدها خالد بشـ.ـدة .........نعم لقد إرتدى عباءة القوة ومنذ زمن بل ربما عباءة البأس ............كان هذا هو السبيل الوحيد من أجل إنتصاره فهو لم يكره بحياته غير هذا الرجل حتى بعد أن تسللت الصهباء لقلبه كان بأسه هو صاحب الرد الأخير ..........
كانت الساعة حوالي الثامنة صباحاً عنـ.ـد.ما شاهدت المهندس حسن يتقدم نحوها قبل أن تدخل للعيادة
حسن : صباح الخير يا دكتورة
إيناس : صباح النور يا بشمهندس
حسن : ها إيه الأخبـ.ـار ؟ إستفدتي من الورق والكتب اللي جوه
إيناس : جدا .............. بصراحه من غيرها ماكنتش عارفة حاعمل إيه
حسن : كويس قوي عموماً المهندس خالد وصل وهو منتظرك في مكتبه
تسمر جسدها وتحجرت عيناها وكأن دلواً من المياة البـ.ـارده قُذف في وجهها ...............المهندس خالد ............صاحب المزرعة .............والغريب الدخيل الذي إقتحم عزلتها ليلة أمس !!!!
إذن فالفيلا بجوارها ليست مهجورة كما تصورت عنـ.ـد.ما لمحتها ويبدو أن الرجل عاد لسكناه فوجدها تستمتع بلحظات من السبات في الخلاء ................شعرت بالغضب الشـ.ـديد مما حدث ومن نفسها .............لاحظ حسن شرودها فقال بصوتٍ عالٍ بعض الشئ في محاولة لتنبيهها : دكتورة إيناس ..........دكتورة إيناس إنتي معايا
إيناس : اه ............آسفة
حسن : طيب البشمهندس مستنيكي
إيناس : حاضر

كانت تتوجه لغرفة المكتب بخطوات متثاقلة ............ودت أن تتراجع وتترك المكان بأكمله وتعود مرة أخرى لذكرياتها ..............نعم فهذا المكان يحاول سرقة ذكرياتها بخبث ويحشو عقلها بأحداث أخرى غير ذات أهمية ولكن أين ستعود .............هل ستعود من أجل أن تجد آخر أو ربما أخرى في شرفة زوجها .............تلك الشرفة التي شهدت أجمل لحظات عشقها وتحولت بين ليلة وضحاها لمرتع للغرباء !!!!
قبل أن تَنفذ أفكارها كانت قد وصلت بالفعل لغرفة المكتب ..........كان الباب مفتوحاً وعندها إستطاعت رؤيته بوضوح قبل ان يلمحها كان شاباً يبدو أنه في الخامسة والثلاثون من العمر عرفته على الفور فعيونه مميزة بشكل غريب لا تستطيع ان تخطئها حتى إذا رأيتها فقط لمرة واحدة ......كان يتفحص بعض الأوراق أمامه بنظرة عابسة وقد إتكأ على مقعده بلامبالاه ورفع إحدى قدميه فوق طاولة صغيرة بجانب مكتبه .................
طرقت الباب طرقات خفيفة لتنبهه بقدومها ولكنه لم يعيرها إنتباهاً بالنظر نحوها ............فقط جاءها صوته الأجش وهو يقول : إتفضلي
توجهت داخل الغرفة وجلست بالمقعد المقابل له ولكنها لم تتحدث ولم تنظر نحوه ظلت صامته منتظره في غضب إنتهاءه من الأوراق أمامه ...........نظر نحوها وكانت ما زالت غير منتبهه ونظراتها موجهه نحو الأرض .............لا يعلم لماذا لم يتحدث على الفور وظل يقرأها بعيناه لوهلة ............ما سر تلك المرأة التي كلما رآها وجد نفسه غارقاً في ملامحها وكأنها لوحة فنية يسعى لفك طلاسمها ..............كانت تبدو أكثر تـ.ـو.تراً من ليلة أمس وكيف لا لقد رآها في أقصى درجات سلام النفس البشرية ............ولكن كانت ملامحها أكثر وضوحاً تلك المرة ...........وجهها البيضاوي وخصلاتها البندقية التى إسترسلت خلف أذناها فبدت كأمواجٍ هادئة ...............كانت تبدو أنيقه في حلتها الرمادية التي أظهرت طول قامتها ورشاقة قِدها

رفعت بصرها فجأة فإذا به يتأملها ................ ودون أن يرتبك إرتسمت على شفتاه إبتسامة ماكرة وقال لها بصوت هادئ : صباح الخير
ردت بإرتباك : صباح النور
خالد وما زالت نظراته مرتكزة عليها دون تغيير : دكتورة إيناس صح ؟
إيناس وقد تحول بصرها عنه وعادت مرة أخرى لمراقبة السجادة تحت قدميها بألوانها القاتمة : أيوه أنا
خالد : أخبـ.ـار الشغل إيه ........حسن اعتقد وضح ليكي بعض الأمور
إيناس : أيوة
خالد : رحتى الإسطبلات صح
إيناس : إمبـ.ـارح مع بشمهندس حسن
خالد : تمام ...........مبدئيا احنا مواعيد شغلنا من 8 ل 4 والأجازات 3 ايام كل أسبوعين ..........وبالنسبة ليكي بحتاج منك مرور دوري كل يوم الصبح على البوكسات وتعملي تقرير بكل فرس إسم ووزن مع رقم البوكس والتطعيمـ.ـا.ت والمقويات اللي ممكن يحتاجها بشكل فردي وكمان لو تعب بتكتبي في التقرير العلاج اللي أخده والكمية ..............دلوقتي حتيجي معايا نمر على البلوكات وتشوفي الفرس علشان برده حوريكي كام مشكلة بواجهها هناك .........تمام
كانت صامته تحاول إستيعاب الكثير مما قاله خاصةً أنها لم تفهم لفظ البوكس الذي كرره أكثر من مرة وإستنبطت أنه يقصد ربما الغرف الصغيرة الخاصة بالخيل

توجه نحو السيارة وهي خلفه ...........قفز سريعاً داخل السيارة وركبت هي بهدوء وكانت تشعر بالإرتباك لإضطرارها للركوب بجانبه على عكس ركوبها مع المهندس حسن الذي إعتبرته كأخٍ أكبر ...........قال وهو يحرك السيارة : بت عـ.ـر.في تسوقي يا دكتور
إيناس : لأ
خالد : أصل يومياً لازم تفوتي الصبح على الإسطبلات بس مش مشكلة ممكن تروحي معايا أو أي حد يوصلك من العمال لو أنا مش رايح وإذا إتعلمتي السواقة العربيات مكانها هنا والمفاتيح بتكون فيها
أومأت برأسها بالإيجاب ثم ظلت صامتة بقية الطريق ............وصلوا سريعاً للإسطبلات وعندها لاحظت إرتباك العمال عند وصوله وخوفهم الشـ.ـديد من كلمـ.ـا.ته وإمتثالهم السريع جداً لأوامره ...........أما هو فكان يبدو كمن عاد لمنزله بعد غياب إنطلق سريعاً ليطمئن على الخيل خاصته ويسأل العمال عن كل جواد بالإسم والحالة وبمتابعة دقيقة جداً لكل ما يحدث
أخيراً توجه نحوها ببصره بعد أن ظنت انه ربما نسي وجودها
نظر خالد نحوها وقال بلهجة آمره : تعالي يا دكتورة
تقدمت سريعاً داخل الغرفة الصغيرة وكان وقتها يجلس على الأرض وقد أمسك بإحدى قدمى الحصان ورفعها قليلاً ثم قال : شايفة الحافر
لم تستوعب ماذا يريد فالحافر يبدو كأي حافر .........أو ربما لا ............... تلك هي المرة الأولى التي ترى فيها حافر جواد ..........حاولت ان تخفي إرتباكها وتابعت : أيوه
خالد بغضب : بصي يا دكتورة عندي المشكلة دي مع كذا حصان جروح ومشاكل في الحوافر والعمال مش واخدين بالهم والإسم سايس خبير .......... " أرجع أنا ألاقي الخيل بقه أعرج ساعتها حاكسر رجلكم " قال جملته بغضب شـ.ـديد وصوت زاعق وهو يوجهه للعمال ثم تابع بجدية وهو ينظر نحوها : إكتبي معايا رقم البوكس والفرسة إسمها ياسمين وحنفوت على الباقي وبعد ما نخلص ترجعي على العيادة تشوفي مراهم الجروح اللي عندك وفي كام رباط ضاغط و كمان لو محتاجين مضادات حيوية وترجعي وتخلي الباشوات دول يشتغلوا .........مفهوم
إيناس : مفهوم
قالتها سريعاً حتى قبل ان تستوعب كل الكلمـ.ـا.ت وتحاول أن ترتب داخل عقلها كل ما طلبه منها ...........مر سريعاً على بقية الأفراس ولم يخلو مروره من التوبيخ والإهانة لكل سائس وعامل مقصر ثم نظر نحوها سريعاً وتابع : كتبتي يا دكتورة
إيناس : أيوه كتبت في 4 عندهم مشاكل في الحافر و2 عندهم مغص
خالد : بيسو .............يا بيسو
جاءه على الفور شاباً صغير السن والحجم أيضاً له وجه بشوش ولكن كان يبدو عليه بعض القصور العقلي تحدث بتلعثم شـ.ـديد وهو يجيبه : بيه .......بيه ........بيه
خالد وبنفس نبرته الجادة : خد الدكتورة إيناس على العيادة حتجيب شوية حاجات وبعدين حترجعها هنا تاني ............معاه يا دكتورة
ظلت جـ.ـا.مدة لمكانها لوهلة وهي تفكر في إنتقالها مع هذا الشاب وقدرته على قيادة السيارة جاءها صوت خالد بنبرته القوية وهو يقول : يلا يا دكتور تجيبي الأدوية وترجعي تنبهي على المساطيل دول وتشرفي عليهم وتتأكدي إن الخيل خد العلاج ............ومتخافيش من بيسو مش خطر
تعالت ضحكات بعض العمال بعد جملته ومنهم بيسو نفسه ولكن خالد نظر نحوهم نظره جعلتهم يصمتوا على الفور وتابع : بتضحكوا على إيه على خيبتكم ...........يلا كل واحد على شغله

إنطلقوا جميعاً كالنحل كل إلى عمله وهرع بيسو مسرعاً إلى السيارة في إنتظارها وتوجهت هي وراءه على الفور ربما هرباً من هذا ال " خالد " الذي رأت منه في أقل يوم النقيضان

*******************

كان يوماً طويلاً مر بسرعة البرق ..............كانت مرتبكة وهي تبحث عن الأدوية المناسبة في العيادة وزاد إرتباكها عنـ.ـد.ما عادت ووجدت خالد قد إختفى وأن عليها القيام بكل شئ وحدها ..............كان السائس دسوقي بنظر نحوها بخبث وكأنه لمس حيرتها وإرتباكها ولكنها إستجمعت شجاعتها وبدأت في توزيع المهام على الجميع بما فيهم دسوقي نفسه ومر اليوم بسلام بل وشعرت بالرضا عن نفسها حيث إستطاعت في النهاية تدبر أمرها بمفردها ..................لم تكد تسند رأسها على الأريكة حتى سمعت طرقات الباب .............قامت متكاسلة فإذا بها رقية
رقية : إيه الأخبـ.ـار
إيناس : مدام رقية إتفضلي
رقية : شكلك مجهد أكيد خالد طلب منك شغل كتير النهارده
إبتسمت إيناس قائلة : يعني شوية
رقية :ده الطبيعي ............يلا بقه مفيش أعذار النهارده حنتغدى سوا يعني حنتغدى سوا
إيناس : أيوه ............بس ..........
رقية : هو إنتي مكسوفة مني دنا أختك وبعدين مش حيجيلك نفس تاكلي لوحدك
إيناس : وبرده مينفعش أتقل عليكي كده إنتي وبشمهندس حسن
رقية : إيه الكلام اللي يزعل ده
إيناس : معلش ............خليني براحتي أحسن
رقية : خلاص نتغدى سوا النهارده وبعد كده خليها بظروفها أنا عملت حسابي يلا بقه
إيناس : خلاص حغير بس هدومي وأحصلك
رقية : ماشي يا جميل مستنيينك

وبالفعل بدلت إيناس ملابسها وتوجهت لمنزل رقية ...............كان خالد وحسن بالحديقة عنـ.ـد.ما بادره الأخير بسؤاله : أخبـ.ـار إيناس في الشغل إيه
إبتسم خالد بمكر قبل أن يجيب ثم قال : خايفة شوية بس على الأقل بتسمع الكلام
حسن : إنت عملت إيه النهارده
خالد : رمتها في البحر وسبتها تعوم لوحدها
حسن : برده طريقتك مش عايز تغيرها لازم تساعدها في الأول دي خريجة جديدة
خالد : لازم تتعب وتدور وتاخد ثقة علشان محدش يستغفلها من العمال وبعدين ما هي غلطتك
حسن : غلطتي أنا !!!
خالد : يعني رايح تعين دكتورة وخريجة جديدة وكمان متجوزة
حسن : وإنت عرفت منين إنها متجوزة
خالد : في إيدها الشمال دبلة
حسن : بس هي مش متجوزة
خالد : مش فاهم
حسن : إيناس أرملة جوزها مـ.ـا.ت من فترة كده
خالد : أرملة !!!! وايه اللي سفرها تشتغل في آخر الدنيا لوحدها كده
حسن : ححكيلك
إبتسم خالد بسخرية بعدما قص عليه حسن قصة إيناس وترشيح دكتور على لهذا المكان من أجل عملها وعلاجها في آن واحد ثم قال : اااااااااااااااااه يعني جوز أختك بيبعت المرضى يقضوا فترة النقاهة عندي .............تكية هي
حسن : إحترم نفسك إيه مش عاجبك ولا ايه
خالد : لا يا سيدي عاجبني ونص ............. ده دكتور علي ده حبيبي
حسن : بس على فكرة ممكن تكون هي أفضل من الدكاترة الرجـ.ـا.لة اللي بيتأمروا علينا وعايزين يشتغلوا في مكان تاني وتالت
خالد : ده لو كملت
حسن : ايه ناوي تطفشها
خالد : مش قصدي بس مسير دمـ.ـو.عها تنشف وتلاقيها قاعدة في الكوشة من تاني وبسرعة قوي كمان ..........صدقني أنا بفهم اللي زيها كويس قوي

صمت حسن عنـ.ـد.ما إستمع لكلمـ.ـا.ت صديقه وما عساه ان يقول فخالد ما زال متأثراً بأمه التي تزوجت ثلاث مرات حتى الآن .............ويرى النساء كلهن سواء .........هل هو محق أم هي أنانية المجتمع التي تبيح للرجل الزواج إذا حل به ظرف كهذا وتتهم المرأة ربما بالجحود وعدم الوفاء.........

 

في تلك الأثناء وصلت إيناس لمنزل رقية وما إن دلفت حتى رأت خالد وحسن وقد إتجهوا لغرفة المعيشة قادمين من الحديقة .............كانت رقية قد جهزت المائدة ودعتهم جميعاً للجلوس وكانت إيناس تجلس بمواجهة خالد الذي رمقها بنظرة ساخرة لم تفهم المسكينة ماهيتها .........لاحظت رقية أن خالد لم يوجه لإيناس سوى تحية فاترة وإقتصر الحديث بعد ذلك عليها هي و حسن ...........ولكنه كان يختلس بعض النظرات نحوها من آن لآخر .............أما هي فكانت تجلس معهم بنصف عقل فقد إفتقدت ذكريات زوجها.......................كانت تود إختلاس بعض الوقت مع نفسها ربما لتنعم ببعض اللحظات الحلوة مع طيفه .....................
مر على وجودها بالمزرعة عشرة أيام ............بدأت تعتاد الوجوه القليلة المحيطة بها...............كانت تصحو مع آذان الفجر ......تصلي وتنفرد بشروق الشمس بحديقتها الصغيرة قبل أن يستيقظ جارها ذو الطبع الحاد .............. فقد كانت تتجنب الخروج للحديقة أغلب الأوقات منذ ما حدث بل إنها إعتادت أن تتوجه وحدها في الصباح الباكر للإسطبلات لتمر على الجياد وتتأكد من تنفيذ العمال لتعليمـ.ـا.تها على الرغم من إستهانتهم بها في أغلب الأحيان .............جعل خالد بيسو تحت خدمتها فكان يقوم بإيصالها يوميا ًبالسيارة للإسطبلات ذهاباً وإياباً ولم يرها في تلك الأيام سوى مرة أو إثنان بالمصادفة ولم يتعد حديثهما ربما دقائق معدودة للإطمئنان على أحوال الخيل وبالطبع لا تخلو من بعض التعليمـ.ـا.ت الصارمة بل الشـ.ـديدة الصرامة فهي هنا للعمل وبجدية ولن تجد غير ذلك !!!!!!!

كانت تقف كعادتها بالإسطبل تحاول أن تتفحص الجواد أمامها بعدما أخبرها السائس ببعض الأعراض التي أصابت عين الجواد .........كانت تلك هي المرة الأولى التي ترى فيها دمـ.ـو.ع بعين حـ.ـيو.ان ...............وكأنه يبكي ..............إقتربت من الجواد بحرص .............في البداية لم تتفحص عيناه بل ملست على ظهره بحنان .............كانت تشعر بأنه كائن ضعيف على الرغم من حجمه الكبير وقوته البدنية ..................ربما تكون تلك العبرات من ألم لا يستطيع أن يبث شكواه لأحد ................ياله من كائن مسكين بل ياله من كائن رقيق أخرجها صوت السائس الغليظ من خيالها بعنف وهو يقول : يا دكتورة ..............عايزين مرهم للعين ..............يا دكتورة
نظرت له إيناس قائلة : نعم ...........عايز إيه
السائس : مرهم للعين يا دكتورة مش هي ملتهبة برده
عادة مرة أخرى لوعيها كطبيبة وبدأت بفحص عين الجواد بدقة ثم تابعت : ممكن تكون حاجه دخلت في عينه وهي اللي عاملة الإفرازات والدمـ.ـو.ع دي أنا حجيب محلول ملحي ومرهم وإنت غطي عينه على بال ما اجي مفهوم
السائس دون إهتمام : حاضر
همت لتخرج من الإسطبل ولكن ما لبثت أن عادت غاضبة وتفحصت حجرة الجواد بإشمئزاز ثم توجهت بحديثها للسائس وهي تشير لأرضية الغرفة قائلة : إيه ده
السائس : إيه يا دكتورة
إيناس : الأرض مش نظيفة والحشرات ملت المكان بقالك أد ايه منضفتش هنا
السائس : يا أبلة ده لامؤاخذة بهيمة يعني لازم يكون المكان مش نظيف
رمقته بنظرة غاضبة وتابعت بنبرة جادة : والله ............ بس من يومين كان المكان زي الفل .........شوف شغلك لإن اللي حصل لعينه ده نتيجة عدم نظافة المكان واضح إن دخل فيها حشرة أو نشارة خشب
السائس : حاضر ...........حاضر
خرجت غاضبه وتوجهت للعيادة ..............علمت من بيسو أن خالد غائب عن المزرعة منذ يومان ولهذا السبب أهمل العمال في رعاية الخيول ................ عادت مرة أخرى بالعلاج سريعاً وهي تتوعدهم جميعاً نتيجة إهمالهم بل وإستهانتهم بتعليمتها أيضاً ..............قامت بإعطاء الخيل المصابة العلاج وقام السائس بالتنظيف الفوري عنـ.ـد.ما أخبرته أنها ستبلغ المهندس خالد عن إهماله وعن ما حدث بعين الجواد
السائس : أبوس إيدك يا دكتورة متقطعيش عيشي
إيناس : وإهمالك
السائس : سماح النوبة دي كله الا عين الخيل كفاية رعد
إيناس بدهشة : إيه !!!!

لم تكد تكمل جملتها حتى سمعت ضجيجاً شـ.ـديداً بأحد غرف الجياد وقد إهتز الباب الخشبي للغرفة بجنون وكأن خلفه وحش كاسر .........بعد ذلك كل ما حدث مر بسرعة البرق ............أصوات العمال تتعالى ..........حاسبي يا دكتورة ..........حاسبي ........
شعرت بقبضة قوية تحيط بجسدها وتقذف بها بعيداً عن الحـ.ـيو.ان الغاضب الذي خرجً محطماً حاجزه الخشبي بعنف وكاد أن يدوسها بأقدامه لولا صاحب القبضة القوية الذي أحاطها بذراعيه وازاحها بقوة عن طريق الجواد الثائر ليسقط كلاهما أرضاً

نظر لها خالد بعيون يتطاير منها الغضب ثم تركها وتقدم نحو الجواد الثائر ............كان جواداً أسود اللون ........ضخم الجثة ........... كانت تستمع لصهيله القوي غير مدركة أهو صهيل غضب أم فزع ............إقترب منه خالد بشجاعة ربما إفتقدها الجميع في تلك اللحظة ..........شـ.ـد لجام فرسه بثقة ثم إقترب حتى تلامست رأسيهما وظل يربت على وجه الفرس بحنان ويهمس بأذنه بهدوء وفي لحظات تبدل حال كلاهما من حالٍ إلى حال ........وإمتطى خالد جواده بسعادة لينطلق مسرعاً خارج الإسطبل ................

وكأن الجواد كان يموت شوقاً لتذوق نسائم الحرية ............كان يعدو ببهجة ..........بثقة .........وخالد يمتطيه بسعادة ............ربما لأول مرة تلمح بوجهه إبتسامة حقيقية .

كانت تراقب ما يحدث مثلهم جميعاً .......... جاءها صوت السائس بغلظته التي بدأت تعتادها وهو يقول : محدش بيعرف يركب رعد غير خالد بيه
إيناس : هو الحصان ده ماله
السائس : أعمى يا دكتورة
إيناس وقد تحولت بنظرها نحوه في دهشة قائلة : إيه ؟ أعمى
السائس : ايوه يا دكتورة مش بقولك محدش يعرف يركبه غير خالد بيه
إيناس : بس إزاي ............حصان أعمى !!!!!!
السائس : من سنة لا من سنة ونص رعد جاله تعب في عينه .............رعد ده حصان عفي اه والله يا دكتورة ده أدهم
إيناس : أدهم !!!
السائس : أيوه فحل أدهم عربي أصيل ده خالد بيه إشتراه بالشئ الفلاني ............المهم جاله تعب في عينه وإحنا إتأخرنا في علاجه وعلى بال ما البيطري جالنا كان نظره راح
إيناس : ياه معقول
السائس : لو مزرعة تانية كان زمان صاحبها ضـ.ـر.به بالنار وريحه وريح نفسه لكن خالد بيه روحه في رعد ده بيصرف عليه اكثر من أي فرسة تانية هنا
إيناس : طيب وهو الحصان ده علطول عصبي كده وخطر
السائس : لا لا بس زي ما قلت لحضرتك محدش بيركبه غير خالد بيه ولما بيغيب بيفضل محبوس فبيتجنن ...........
نظرت إيناس حولها ووجدت ان خالد وجواده قد إختفوا عن الأنظار وكأنهم كلاهما ود إستراق بعض لحظات الحرية أو ربما العزلة ................تابعت عملها ثم عادت مرة أخرى للعيادة .

**********************

كانت ثريا بغرفة إيناس عنـ.ـد.ما دخل عبد الرحمن للمنزل
أنا هنا يا عبد الرحمن
قالتها بصوتٍ عالٍ عنـ.ـد.ما إستشعرت بحث زوجها عنها
دخل عبد الرحمن الغرفة ووجدها تجلس في وسط كومة من الملابس الثقيلة نظر لها متعجبا ً وقال : بتعملي إيه
ثريا : بدور على جاكيت لإيناس
عبد الرحمن : جاكيت !!!! جاكيت إيه إحنا في الصيف
ثريا : مش إنت بتقول الدنيا هناك هو والهوا شـ.ـديد حتحتاجه برده
نظر لها بــــاسماً : ماشي يا ستي وطبعاً عملتي ليها ما لذ وطاب
ثريا : أسكت يا عبد الرحمن والله ما مصبرني على بعدها غير بس إن حالتها إتحسنت شوية ........ده كنت الأول باشحت منها الكلام بالعافية دلوقتي أحسن وكمان بتحكي عن شغلها
عبد الرحمن : كويس عال قوي
ثريا : بس إحنا برده غلطنا
عبد الرحمن : غلطنا في إيه يا ثريا
ثريا : ماكنش لازم نسيب الشقه لصاحب البيت ..........أهي بنتك أجازتها قربت وإحنا اللي رايحيين ليها ........ياعيني مش طايقة تشوف حد غيره في الشقة
عبد الرحمن : كان لازم ..........علشان تفوق
ثريا : طيب وبعدين حتهاجر هي بقه
عبد الرحمن : لا ياستي مش حتهاجر ولا حاجه مع الوقت الجرح حيلم وحترجع تاني وحتستحمل وتعيش يا ثريا تعيش زي كل الناس ما عايشة بس إنتي قولي يا رب
ثريا : آمين يا رب ........نظرت نحو زوجها مرة أخرى بتردد ثم تابعت : في حاجه تانية كده كنت عايزة أقولهالك يا ابو أيمن
عبد الرحمن : ها ............خير
ثريا : أيمن زعلان شوية
عبد الرحمن : نعم .......زعلان من إيه
ثريا : يعني مش عاجبه سفر إيناس وشغلها لوحدها بعيد كده وبيقول لما يرجع ياخدها معاه أحسن
عبد الرحمن بغضب : ياخدها فين
ثريا : يعني تقعد معاه شوية هو ومـ.ـر.اته بدل ما هي قاعدة بعيد لوحدها
عبد الرحمن : ااااااااااه تقعد معاه يتحكم فيها وتخدم مـ.ـر.اته ........قولي ليه أبوها لسه عايش لما أبقى أموت يبقى يتحكم براحته
ثريا : هو مش قصده يا أخويا هو خايف على أخته
عبد الرحمن : متضحكيش على نفسك هو أكثر حاجه بيخاف منها كلام الناس وكلام مـ.ـر.اته ...........بقولك ايه قفلي على السيرة دي وحطي الغدا وإلا أدخل أنام
ثريا : لأ خلاص متعصبش نفسك
عبد الرحمن : والله انا حامل هم البنت دي مش عايزها تتبهدل بعد موتي
ثريا : إيه الكلام ده بقه
عبد الرحمن : دي الحقيقة يا ثريا ............الحقيقة
********************

 
كانت تجلس بالعيادة تتفحص أحد المراجع عن أمراض العيون بالخيل عنـ.ـد.ما سمعت صوت سيارته وقد توقفت أمام العيادة ............دخل خالد للعيادة غاضباً دون ان يطرق الباب كان الشر يتطاير من عينيه ............نظر نحوها بحده ثم زعق بصوت عالٍ قائلاً : عايزة تجيبيلي مصيبة حضرتك

فزعت إيناس من صوته وهيئته ............كانت دقات قلبها متسارعة بشكل كبير فلم تتوقع هذا الهجوم الحاد منه وبتلك الطريقة ...........قالت بصوت خافت يبدو أنها جاهدت لإخراجه : نعم !!!!! هو حضرتك بتقول إيه
خالد وبنفس النبرة الثائرة : بصي يا دكتورة ...........شغل هنا يبقى عينك في وسط راسك إنتي واقفة في إسطبل خيل مش جنينة أسماك .......لو كان رعد خبطك ولا داس عليكي كانت حتبقى كارثة

ظلت صامته وهي تستمع لتوبيخه وتراقب ملامحه الثائرة ودت أن تصرخ مدافعة عن نفسها ولكن ............أين إختفى صوتها ...........كانت تشعر أن الكلمـ.ـا.ت حبيسة بحلقها تأبى الخروج ولكن العبرات هي من فاضت وبكثرة ............
مازال يصـ.ـر.خ ..........يقذف ثورته في وجهها دون تريث ولكن فجأة إصطدمت عيناه بعبراتها المنهمرة .............صمت هو بدوره بل تلجم لسانه ..........إنها تبكي !!!!!
نعم تبكي حاولت حبس عبراتها ولكن دون جدوى فقد بدأ الفيضان ولن يتوقف ...........
هدأ قليلاً وتلفت حوله فلم يشأ ان يشهد أحد بكاءها إقترب منها وبنبرة هادئة تحدث قائلاً : يا دكتورة .........دكتورة إيناس
لم تنظر نحوه كانت عبراتها تسيل رغماً عنها شعر بالشفقة نحوها فرغم كل شئ عبراتها تبدو حقيقية تابع بنبرة حانية : ماهو مينفعش كده........... يعني كل ما حاتنرفذ عليكي في الشغل حتعيطي ........أخرج منديلاً ورقياً وناوله لها ثم تابع : خلاص ممكن نهدى
كانت إيناس تشعر بالغضب من عبـ.ـارتها بل من ضعفها وقلة حيلتها أمام صراخه شعرت أن ذكراها وحاضرها تجسدوا أمامها في لحظات ...........ولم تجد سبيلاً سوى دمـ.ـو.عها الساخنة ........مرت دقائق وهو جالس أمامها في صمت يتفحصها بنظراته
ما بال تلك المرأة كلما رآها غرق في تفاصيلها............ بل أكثر بل أنه يكاد يجزم أنه إشتم رائحة البندق في خصلات شعرها المموج عنـ.ـد.ما إقترب منها ليزيحها عن طريق رعد ...................أهدابها المبللة تبدو كظلال مطعمةٍ بزخات مطر تسعى لفرض حمايتها على ضوء العسل المنبعث من مقلة عيناها

شعرت بالخجل مما حدث ويحدث بل من نظراته نحوها ............مسحت دمـ.ـو.عها وخرج صوتها بصعوبة بالغة وهي تقول : بشمهندس خالد لو حضرتك شايف إني مش قد الشغل و..........
قاطعها سريعا ً : لا لا مش كل مشكلة في الشغل حتقولي كده..................... مينفعش
إبتسم بسخرية وتابع بنبرة واثقة : على فكرة أنا ده الطبيعي بتاعي شـ.ـديد مع الكل بس إنتي بقه أول موظف يعـ.ـيط عندي ........
نظرت له بغضب عنـ.ـد.ما لمست السخرية في حديثه وقالت : بس حضرتك كان المفروض تقولي عن حالة الحصان رعد علشان آخد بالي مش أتفاجئ بوجوده كده
نظر لها بإمعان وما زالت نفس الإبتسامة على وجهه .............اه منكن أيتها النساء منذ دقيقة كنتي تبكين كالأطفال والآن حان دور تمردك .............
لاحظت إيناس أنه ينظر نحوها دون أن يجيب فتابعت وهي تنظر نحوه بكبرياء : عموما برده أنا مكانش المفروض أبكي وأوعدك يا بشمهندس إن ده مش حيتكرر
خالد : أتمنى ...........مرجع إيه اللي في إيدك ده
إيناس : ده مرجع عن أمراض الخيل كنت بشوف أمراض العيون
خالد : ااااااه قالولي النهارده عن الحصان التاني .........برافو أنا بقدر الشغل الكويس ماهو أنا مش وحش قوي كده
كانت نبرته الاخيرة حانية مما أشعرها بالإرتباك تابعت بجدية ........
إيناس : العفو يا بشمهندس حصل خير
خالد : حصل خير ......يلا حاسيبك تكملي شغلك

تركها وتوجه مرة أخرى لإسطبل الخيول فقد شعر برغبة عارمة في إمتطاء رعد مرة أخرى
اه للحظات أتمنى أن أكون مثلك يا رعد .................أركض وأركض في الفضاء الشاسع دون حواجز ................دون قلق................دون حساب ................أغمض عيناي وأترك لخيالي الحرية في العبث باللوحة السمراء أمامي فأشكلها كيفما أشاء أم ربما أتركها كما هي فأنا لا أبالي سوى بنسمـ.ـا.ت الهواء الحر التي تخترق صدري بعنف فتشعرني بالحياة !!!!!

" خالد "


كانت شاردة تفكر فيما حدث ..............قطبت جبينها عنـ.ـد.ما تذكرت عبراتها أمامه ..........كانت تود أن تأخذ على نفسها عهداً ألا تترك لتلك العبرات مجالاً مهما حدث ..............تذكرت رعد شعرت بالشفقة من أجل الجواد المسكين ............فهو يبدو في منتهى القوة منتهى البطش..............منتهى الضعف

********************

كانت رقية قد أعدت بعض القهوة ودعت إيناس لزيارتها في المساء
إعتدلت إيناس في جلستها ورشفت القليل من قهوتها وهي تقول : الحقيقة فنجان مظبوط وفي وقته ..........كان عندي صداع فظيع
رقية : يا ريتك تيجي تشربيه معايا كل يوم ............زي مانتي شايفة أنا قاعدة فاضية ..............
إيناس : معلش غصب عني أوقات برجع هلكانه بنام بدري قوي
رقية : الشغل متعب
إيناس : يعني ممكن علشان لسه بتعلم
رقية : معلش وكمان بشمهندس خالد صعب شوية الخيل عنده خط أحمر
إيناس : هي بصراحه حـ.ـيو.انات جميلة قوي مكنتش أعرف إنها جميلة كده
رقية : واضح إنك شخصية رقيقة قوي يا إيناس
إبتسمت إيناس بخجل : متشكرة
رقية : لأ مش مجاملة ده بجد وياريت متتكسفيش مني وإعتبريني زي أختك الكبيرة على الأقل تونسيني في وحدتي

لمحت إيناس نظرة حزن على وجه رقية .............لم تفكر إيناس بتأني قبل ذلك في حال تلك السيدة الطيبة فهي سيدة قاربت على الأربعين من العمر تعيش وحيدة مع زوجها دون أولاد ............أيعقل أن تكون السيدة رقية عاقراً لا تنجب وأن تلك اللمحة الحزينة بوجهها هي نتاج إشتياق لتلك النعمة ..........حاولت إيناس تغيير الموضوع فقد شعرت بالشفقة عن المسكينة تحدثوا عن المزرعة وعن حديقتها وزهورها الجميلة ............قطع حديثهم قدوم زائر ظل يطرق الباب بإلحاح .............كان شاباً يبدو في أواخر العشرينيات.............. له طلعة بهية يرتدي قبعة مميزة سمراء اللون شبيهة بما يطـ.ـلق عليه الكاب ويعلق حقيبة مميزة على ذراعه ............دخل حمزة مع حسن محدثاً بعض الجلبة ..........تقدم من رقية قائلاً : أبلة روكااااااااااا حشـ.ـتـ.ـيني و 
ضـ.ـر.بته رقية ضـ.ـر.بة خفيفة على ذراعه وتابعت : يا بكاش أنا بقالي يومين بتحايل عليك تيجي تبص على الجنينة .............الورد ما فتحش يا حمزة
حمزة : الصبر يا أبله حيفتح مستعجله على إيه ..........إقترب منها حمزة هامساً وتابع : وهو جوزك ده مش مهندس زراعي برده ولا معاه دبلوم صناعي قسم لحام
ضحكت رقية وتابعت بصوت عالٍ : بتقول إيه مش سامعة
حمزة : لا مابقولش حاجه ...............عندها لمح حمزة إيناس ...............تلك الجميلة التي تقف منزوية تتابع حديثهم في صمت .............تركهم حمزة وتوجه نحوها الفور موجهاً لها التحية قائلاً : مساء الخير
ردت إيناس بإقتضاب : مساء النور
حمزة : إيه يا طنط روكا مش ت عـ.ـر.فيني بضيوفك
قال جملته ونظراته مازالت موجهه نحو إيناس .............إقتربت منهم رقية وتابعت : البشمهندس حمزة إبن أخت حسن ...............الدكتورة إيناس الدكتورة البيطرية الجديدة هنا
حمزة : بجد ...............ده المزرعة نورت
إيناس : متشكرة
حمزة : ت عـ.ـر.في يا طنط وانتي يا كمان دكتورة إن في دراسة ألمانية بتقول إن الخيل أكثر كائن حي محظوظ
رقية : يا سلام
حمزة : اه بجد مكنتيش ت عـ.ـر.في الدراسة دي يا دكتورة
إيناس : الحقيقة لأ
تابع حمزة بجدية : دي دراسة إتعملت من سنتين تقريبا عملوا مقارنة وإكتشفوا إن الخيل أكثر الكائنات حظاً تحبي ت عـ.ـر.في ليه
إيناس : ليه ؟
حمزة : أولاً عيونهم واسعة وده بيديهم قدرة قوية على النظر لمسافة بعيدة وودانهم كبيرة فبيسمعوا كويس حتى دبة النملة
إيناس : نعم !!!! دي الأسباب
حمزة : لسه معرفتيش أقوى وأهم سبب
إيناس : وإيه هو ؟
حمزة : بيكشف عليهم أحلى دكاترة ...........كنت أتمنى أكون خيل بصراحه
نظرت نحوه إيناس بغضب عنـ.ـد.ما فهمت مغزى كلامه ونغزته رقية بذراعها وتوجهت لإيناس بحديثها قائلة : معلش يا إيناس هو حمزة بيحب يهظر كتير
إبتسمت لهم إيناس وتركتهم مغادرة بعد وجهت تحيتها لرقية والمهندس حسن وإبتسامة فاترة لحمزة

نظر حسن لحمزة بغضب بعد مغادرتها وقال : هو إنت كده علطول متعرفش تتكلم بإحترام يا بنى آدم إنت
حمزة : إيه يا خالو بس دي مجاملة بسيطة
حسن : لا والله
حمزة : بس بجد هي دكتورة حلوة يعني خالد يتحسد ده ما بيشغلش غير غفر
رقية : مش خالد اللي عينها دي من طرفي ممكن بقه ما تضايقهاش
حمزة : خلاص خلاص وأنا حاشوفها فين منا مطحون هناك في بولاق مع البقر و الكيماوي مش إنتم هنا قاعدين في جاردن سيتي ............بقولك إيه ما تشوفيلي مكان هنا معاكم في جاردن سيتي حيث الخيل والخضرة والوجه الحسن
رقية : امممممممم مش حاخلص أنا عارفة
حمزة : طيب يلا إعترفي ت عـ.ـر.فيها منين
رقية : حمزة ...........بلاش تهريجك ده وخصوصا مع إيناس أبوس إيدك
حمزة : ليه بس أنا بهرج عادي والله
رقية : حمزة إيناس جوزها توفى من فترة مش كبيرة وهي أصلاً حبيبتي هادية وكلامها قليل ما صدقنا إنها مستقرة وإشتغلت وبدأت تواصل حياتها مش عايزاها تطفش
حمزة : إيه ده القمر دي أرملة ..............ياعيني
رقية : اه شفت حبيبتي صغيرة صعبانه عليا قوي
حمزة : أنا مش باتكلم عليها هي أنا بتكلم على جوزها ............ ده أنا لو مت وسبت قمر زي دي ........ده أنا أتشل
رقية بغضب وهي تكتم إبتسامتها : إمشي ...... إمشي من هنا
حمزة : إيه يا أبلة بتبعيني ...........طيب شوفي من حيظبطلك الورد
رقية : إمشي يا حمزة ..........إنت الفراغ ضـ.ـر.بلك دماغك روح يلا على بولاق بتاعتك
حمزة : هههههههههههه ماشي يا أبلة بس حزورك قريب ما تقلقيش

غادر حمزة وقد كان حسن ترك محادثتهم من قبل وتوجه إلى فراشه ............دخلت رقية للغرفة فوجدته قد بدل ملابسه وجلس بالفراش وبيده جريدة سألته بصوت منخفض : مش حتتعشى
حسن : لأ مليش نفس حنام خفيف
رقية : طيب ...........تصبح على خير
حسن : مش حتنامي
رقية : لأ لسه بدري حاسهر قدام التليفزيون
حسن : تصبحي على خير
رقية : وإنت من أهله


قضت رقية سهرتها أمام التلفاز ولكن غير منتبهه لما يُعرض بل كانت تشاهد شريط حياتها مع حسن .............المهندس الزراعي الناجح الذي تقدم لخطبتها .........رمقتها فتيات الحي بنظرة الحسد على هذا الشاب الوسيم والأنيق ...........كانت تفعل كل ما بوسعها لإرضاءه .............أصبحت الزوجة والأم والحبيبة ............فعلت المستحيل لتلبية رغباته بإستثناء رغبة واحدة لم تستطع ان تلبيها له ولكن رغماً عنها ................اااااااااااااه لقد ملت متابعة الأطباء ............العلاج الذي لا يبشر بأمل ...............زهدت الإشتياق وفضلت العيش مع الحقيقة حتى وإن كانت مؤلمة ............ولكن ما حدث منذ عام كان فوق إحتمالها .............حقاً هي تجاهد لتحتمل ولكن لا تستطيع ..........

**********************


وكأنها ليلة الذكريات فكما غرقت رقية ببحر من ذكريات عمرها بسعادتها وآلامها كان خالد يُبحر في ذكرى مريرة تتوغل بخبث داخل عقله ..............لن ينسى تلك الليلة التى جاءت فيها أمه لغرفته بملامح من القلق ونبرات من التردد ..........كان قد أتم عامه الثاني عشر منذ شهور قليلة ربما بعد وفاة والده ببضعة أيام ..............كانت نبرتها هادئة ولكن صارمة ............لقد قررت الزواج ............نعم فهذا المنزل يحتاج لرجل ليس من أجلي فقط بل من أجلك أنت أيضاً .............لاحت على شفتاه إبتسامة ساخرة عنـ.ـد.ما تذكر صوته الذي كان يجاهد ليبلغ مبلغ الرجال وهو يخبرها أنه أصبح رجل المنزل الآن وسيتمكن من الإعتناء بها ....................... ولكن لم يكن هو رجل المنزل ولا أبيه بل أصبح هناك آخر .................. لا يعرف لماذا لم يطمئن لتلك الإبتسامة الكاذبة والصوت الدافئ ..............فقد كان مختار أحد الموظفين بأحد شركات أبيه ...............إستطاع بخبث و في شهور قليلة أن يتسلل لقلب الأرملة وبعد الزواج وربما في غضون شهور أقل أصبح يتحكم بكل شئ هي و وإدارة الشركات وخالد !!!!!

*************************


كانت الساعة قد قاربت على التاسعة صباحاً ....................نسوة تزين بالرخيص من الثياب والحلي منهن من تحمل فوق رأسها غنيمتها من الأطعمة اللذيذة وأخرى تنظر في مرآه متهالكة عسى أن تضيف لمسة أخيرة من الجمال قبل لقاء زوجها ..............رجال وقد ملأوا جيوبهم بالمال والسجائر رغبة في تهريب كلاهما لأحد المساجين بالداخل ..........نعم كانوا يقفون جميعاً في إنتظار إذن الدخول فاليوم هو موعد الزيارة ووسط هذا الجمع كانت تتقدم هي بخطوات واثقة ..........وكأنها جاءت لتلك اللوحة البائسة لتمر أمامهم وتنثر ألوان الغنج مع كل خطوة تخطوها .............كان شعرها الأحمر مسترسلاً على أحد كتفيها............... أخفت عينيها الزرقاوتين خلف نظارة قاتمة وزينت شفتاها بلون الكرز الذي طالما تميزت به

لم يصدق الصول عبد الحميد نفسه عنـ.ـد.ما وجد تلك الجميلة أمامه كيف وقد إعتاد على الوجوه البائسة ...........نساء إختفى الجمال من وجوههن وحل مكانه أعباء الحياة وتجاعيد الزمن التي توغلت بدقة في ملامحهن ..............إبتسم وهو يقوم مسرعاً من أجل مصافحتها قائلاً : إتفضلي يا ست هانم ............إتفضلي ده البيه المأمور موصيني والله وهو مش محتاج يوصيني يعني لا مؤاخذة اللي زي حضرتك ما يقفش مع دول بردك الناس مقامـ.ـا.ت ولا إيه
جاءه صوتها الرقيق بعبـ.ـارة مقتضبة : ميرسي

أدخلها الصول لأحد الغرف الصغيرة لتنتظر المسجون الذي جاءت لزيارته .............كانت تلك هي زيارتها الأولى له فمنذ ما حدث قررت الإبتعاد ..........وربما لولا صداقتها للواء عادل الذي سهل زيارتها للمكان لم تأتي .............خطوات بطيئة تقترب من الباب قطعت أفكارها ...........نعم أخيراً وصل ............لقد مرت ثلاث أعوام تغيرت ملامحه كثيراً أصبح البأس هو صاحب اليد العليا ...............وإتخذت الخصلات البيضاء لشعره طريقاً فأصبح رمادياً ............إبتسم لها ساخراً وشفتاه تنطق بإسمها في حنق : كارمن !!!!!!
كارمن ............كان يرددها بنبرة ساخطة ..............جلس أمامها وقد تفحصها من رأسها لأخمص قدميها ثم أمسك بيديها ملمحاً لسبابتها المنقوشة بالحناء قائلاً : بيعجبني فيكي إنك مهما حصل بتحبي تحافظي على ستايلك
سحبت يدها سريعاً وأخرجت سيجارة ............نفثت الدخان بحدة وهي تقول : إزيك يا كريم
كريم : سؤال غريب
كارمن : لأ يعني قصدي مرتاح هنا
كريم : هو الأكل كويس بس الخدمة مش قد كده
كارمن : بتتريأ
كريم : دي الإجابة الوحيدة على سؤالك
كارمن : أنا كنت مسافرة .............لسه راجعة من شهرين
كريم : والله وكنتي فين بقه بتتفسحي مع خالد باشا
كارمن : كريم .............أنا وخالد إتطلقنا
نظر لها بسخرية وتابع : بجد ............زعلتيني ليه كده ده إنتي بعتي كل حاجه علشانه أبوكي ..........وأخوكي
كارمن بآسى : كريم أنا مبعتكش ..........أنا مكنتش أعرف اللي خالد ناوي عليه ...........صدقني أنا إتفاجئت
كريم : وأنا كمان إتفاجئت .............إتفاجئت يوم ما لقيته داخل عليا ومعاه عقود ملكية لأكثر من نص الشركة .............فاكرة ولا نسيتي دي كمان

لم تنسى كارمن بل كانت تغوص بذكرى كل ما حدث ليس فقط منذ زواجها بخالد .............لا بل من قبل ذلك بأعوام ربما حتى من قبل لقائهما الأول فقد بدأ الأمر بزواج فريدة ومختار ............

************************

كما تجف قطرات الندى مع شروق كل صباح جديد جففت الأرملة فريدة دمـ.ـو.عها سريعاً وإنتبهت للتركة الثقيلة ...........تلك الأمانة التي حملتها بين ليلة وضحاها نعم ...............وأيضاً بين ليلة وضحاها تحولت فريدة لغنيمة بذل مختار الغالي والنفيس للفوز بها
كان مختار موظفاً مرموقاً بإحدى شركات زوجها الراحل .............إستطاع في فترة وجيزة كسب ثقة فريدة فأصبحت تعتمد عليه في كل شئ وفي خلال شهور قليلة تمكن الموظف الوسيم من عقلها وقلبها وكل ما تمتلك وتزوجت فريدة بمختار .................لم يتقبل خالد الزواج منذ أول ليلة بل كان يشعر بالغضب يمزق ضلوعه خاصة عنـ.ـد.ما سافرت أمه وتركته لقضاء شهر العسل !!!!

مرت الأيام والجفاء يزداد بين خالد وفريدة والسبب مختار ............كان كلاهما كعدويين ينتظر كل منهما أقرب فرصة للقضاء على الآخر ..............غضب خالد من تحكمـ.ـا.ت مختار بكل ما يخصهم وإصرار فريدة على جعله أب إجبـ.ـاري له بشتى السبل .............وعلى جانب آخر لم يتوانى مختار عن مضايقة المراهق المتمرد رغبةً منه في كسر أنفه ...............و مع مرور الأيام بدت الطباع السيئة لمختار في الظهور رويداً رويداً ............خاصةً حبه للخمر وتعديه بالضـ.ـر.ب على فريدة كلما عكرت صفوه كما إعتاد ان يقول لها ................كان صوت صراخها يمزق خالد إرباً وكاد مرة أن يمسك بسكين لقـ.ـتـ.ـله ولكن ما كان يمزقه أكثر وربما يدمر كل القوى بداخله أصوات ضحكاتها ودلالها بعد أن يسرتضيها مختار بطريقته الخاصة !!!!!!!! ...............



ومرت الأيام ربما دون لون أو طعم أو رائحة ............كان خالد يقضي أغلب أوقاته خارج المنزل وود لو يستطيع المكوث مع عمته الوحيدة أملاً بحياة طبيعية ............وفجأة حدث شئ لم يكن بالحسبان ..............تـ.ـو.فيت زوجة مختار الأولى وإنتقل أولاده للمكوث مع خالد وأمه ............كريم وكارمن ............


كانت كارمن الجميلة بنفس عمر خالد ..........تسلب لب كل من تقع عليها عيناه بشعرها الأحمر المتمرد وعيناها الزرقاوتين ولكن خالد لم يعيرها إهتماماً في البداية فهي بالنسبة له إبنة مختار وفقط !!!!
ولكن بعد مرور عام سافر كريم من أجل أن يُكمل دراسته بالخارج كما أراد والده فقد كان مختار يخطط أن يدير كريم بعد ذلك مجموعة الشركات الخاصة بخالد خاصةً بعد أن أصبحت فريدة كالعجينة اللينة بين يديه يشكلها كيفما يشاء وأقنعها أن الأفضل لخالد دراسة الهندسة الزراعية لمتابعة الأراضي الزراعية الشاسعة التي يمتلكها أبيه ملمحاً أن هذا أيضاً لم يكن بالقليل ..............وسافر كريم وأصبحت العلاقة أكثر وداً بين كارمن وخالد ............. أصبح خالد ونيسها الوحيد .............و بدأت العلاقة ........علاقة عشق محرم بين الجميلة والغاضب

كانت كارمن تجلس بجانبه بحديقة المنزل .............كانت تبدو جميلة تحت ضوء الشمس الذي أعطى شعرها الأحمر وهجاً مميزاً نظرت نحوه بإبتسامة عابثة وقالت : عاجبك لون شعري
خالد : أكيد
كارمن : الناس حفظتني في الجامعة من أول يوم بسببه
جذب يديها برقة وأخفاها داخل راحة يديه وتابع : بسببه هو بس
كارمن : خالد طنط تاخد بالها
خالد : ميهمنيش
كان خالد يرى في كارمن كل شئ ربما ما لا تراه هي .......العبث .............الجنون .............الثقة .............الرغبة !!!!!!
وتركت هي نفسها لحبه ..............كانت تشعر أن الحياة ضحكت لها وستظل كذلك ...........نعم ستكلل قصة حبها مع خالد بالزواج وليس أي زواج فهي ستتزوج من سيجعل حياتها نعيماً ربما كالأميرات نعم ............ مثل والدها وزواجه من فريدة ..............وسعد خالد بلحظات المتعة التي إعتاد أن يسترقها مع كارمن في سكون الليل وبلغت سعادته ذروتها عنـ.ـد.ما لمحه مختار في أحد الليالي وهو يخرج عاري الصدر من غرفة كارمن عندها فقط شعر بالإنتصار ................

لم يشعر بقوة اللكمـ.ـا.ت الموجهة إليه بل إن الدماء التي سالت من فمه كانت بطعم العسل ...........كان يشعر بالسعادة بالرغم من نحيب أمه وصراخ كارمن ..........ولكن أجمل ما في تلك الصورة كانت شرارة الغضب التي تبرق داخل عيني مختار ............

وبعدها كان قرار مختار سريعاً وأذعنت فريدة لأمره ففي النهاية خالد قد إرتكب خطيئة لا تغتفر........... ورحل خالد عن منزله ........مكث مع عمته بعيداً ولم يكن يحادث والدته إلا قليلاً فأصبح غريباً عن ما يمتلك وبعد مرور عامان كان مختار قد نفذ خطة وضعها بإحكام ...........و فوجئ خالد بإتصال من والدته تطلب منه العودة للمنزل سريعاً ............كانت باكية ...........إنطلق للمنزل مسرعاً غاضباً وهناك كانت تجلس فريدة في إنتظاره ...........دخل خالد للمنزل وهو يجول ببصره باحثاً عن مختار ويقول : حصل ايه
فريدة : طيب أقعد ........أقعد وأنا حافهمك
خالد : تفهميني إيه ..............ايه اللي حصل ومختار عمل ايه
فريدة باكية : سامحنى يا ابني .............مختار ضحك عليا
خالد : إنتي بتقولي ايه
فريدة : مختار خلاني أمضي على شيكات بدون رصيد وبيهددني يا نتنازل ليه عن الشركة يا حيبسني
خالد : إيه !!!! مش فاهم وإنتي معندكيش رصيد في البنك
فريدة : أصلي ...........أصلي سحبت الفلوس كلها علشان الشركة كانت محتاجه سيوله
خالد : إيه !!!!!!!! حـ.ـر.ام عليكي ............حـ.ـر.ام عليكي
فريدة : الحـ.ـيو.ان بان على أصله .............أمك حتتحبس يا خالد
كانت كلمـ.ـا.تها كالصاعقة فمختار لم يسـ.ـر.ق أمه وحياته وسعادته فقط بل يسـ.ـر.ق أمواله وبفجور ...........كان يشعر بالغضب ..............بالحيرة ..................بالضعف ................ولكنه بدا قوياً كالصخرة وعلى الرغم من صغر سنه شعر بالمسؤولية ...........بالرجولة ........نظر لها بثقة وتابع : موافق بس بشرط
فريدة : شرط !!!! شرط إيه
خالد : تطلقي منه فوراً...........


وهكذا خرج مختار غانماً من حياة فريدة ولم يتبقى لخالد من شركات أبيه سوى فرع صغير بالإسكندرية والفرع الآخر بأمريكا الذي كان يديره كريم وكبده خسائر فادحة ..........وإستطاع خالد إستلام باقي تركته بعد بلوغه سن الرشـ.ـد وسافر للولايات المتحدة حتى يتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه بفرع الشركة هناك وإستكمال دراسته أيضاً ولكن بعد شهور قليلة من سفره تزوجت فريدة مرة أخرى ..............

نعم مرة أخرى وتلك المرة من شاب يصغرها بأعوامٍ عديدة .............بل شاب في مثل سنه ...........كانت صدمة زواجها تلك المرة ربما أقوى من صدمته الأولى فقد أعادت الكرة رغم كل ما حدث ولم تبالي بشئ ولن تبالي بشئ سوى فريدة ...........نعم وكارمن لا تبالي سوى بكارمن ومارجريت التي تزوجها بعد زواج أمه بأيام لا تبالي سوى بمارجريت ...............

ومرت الأيام وقرر خالد العودة لمصر وبدء مشروعه .................الحلم الذي فكر فيه منذ سنوات ............منذ تخرجه وساعده صديقه حسن على إتمام الفكرة بحكم خبرته

وبدأ خالد ببيع ممتلكات أبيه من أراضي و****ات حتى يحصل على الأرض التي يبغاها بالصحراء ليبدأ مشروعه .........................لم يتوقع خالد أن كارمن ستعاود الظهور في حياته مرة أخرى نعم فبعد طـ.ـلا.قه من مارجريت وعودته لمصر شاء القدر أن يراها مرة أخرى ............زادت بريقاً وجمالاً ...........شعرها المموج الأحمرالمسترسل بثقة على كتفيها وشفتاها التي دائماً ما تزينت بلون الكرز ............عيناها والبحر الثائر بداخلهما .............لم تصدق نفسها عنـ.ـد.ما وجدته يقترب منها كانت قد إرتشفت القليل من قهوتها .........تركت الفنجان ونظرت له بدهشة : خالد ...........مش ممكن
إبتسم ساخراً وتابع : الدنيا دي صغيرة قوي
كارمن : فعلاً وإنت شكلك كمان إتغير خالص
نعم فخالد قد تغيرت ملامحه كثيراً ............أضافت بشرته الداكنة وبأس السنوات لملامحه جاذبية قوية وأصبح بنيانه الجـ.ـسماني أقوى مما كان عليه بفترة المراهقة ............نظرت له كارمن بإعجاب وتابعت : بس تغيير للاحسن طبعاً
جلس خالد في مقابلتها دون دعوة ثم إرتشف القليل من قهوتها وتابع : وإنتي إيه اخبـ.ـارك
كارمن : أخبـ.ـاري .............عادي ............ بقيت فنانة تشكيلية
خالد : واو ............برافو .........طول عمرك بتحبي الرسم
كارمن : لازم تيجي تزورني وتتفرج على شغلي
خالد : كمان فتحتي معرض
كارمن : ههههههه لا لا أنا بعمل معرض كل سنة ولا إتنين.............. قصدي في بيتي
خالد بدهشة ونظرة تتسم بالخبث نوعاً ما : بيتك !!!
كارمن : أيوه بيتي إيه المشكلة
خالد : وباباكي حيرحب
كارمن : ههههههههههه مختار بيه لا متقلقش أنا قصدي بيتي أنا ماهو أنا ليا بيت لوحدي دلوقتي ..........تقدر تقول دي الحاجه الوحيدة اللي إستفدت بيها من جوازتي اللي فاتت
خالد : إيه ده إتجوزتي
كارمن : وإتطلقت
خالد : زميلة يعني
كارمن : إنت كمان ............طيب يبقى لازم نتقابل بقه ونحتفل بالمناسبتين دول
خالد : أكيد بس اتمنى إن ده مايسببش ليكي مشاكل
كارمن وقد لاحت إبتسامة واثقة على شفتاها : ومن إمتى كارمن بتقلق من المشاكل
خالد بثقة : يبقى إديني العنوان
وهكذا عادت كارمن مرة أخرى بجنونها وعبثها لعالمه ولكن تلك المرة بخطة محكمة من جانبه ............نعم فقد حان الوقت لإسترجاع حقه المسلوب .
الرغبة ............هذا الشعور الذي يتولد لدينا فننطلق دون بصيرة لإشباع حاجتنا .............يرى أفلاطون أن الرغبة غريزة فطرية في الإنسان إذ أن الإنسان بطبيعته كائن راغب وعلى العقل أن ينظم تلك الرغبات ويتحكم بها ................ويبدو أن هذا كان حال كارمن فطالما تحركت خلف أهوائها دون حساب ..............ولم تدع المجال لعقلها أن يتحكم بتلك الأهواء خاصةً في علاقتها بخالد وعلى جانب آخر يرى سبينوزا أن الرغبة هي نتاج أفكار الإنسان من أجل الإستمرار في الحياة ..............في الوجود .............فهي في نظره أساس الفكر والإرادة والسلوك ............ ورغبة خالد في الإنتقام من مختار طالما كانت هي المحرك الوحيد لسلوكه إتجاه كارمن



جلس يتفحص المكان حوله بإهتمام ..............تقدمت منه وقد صففت خصلاتها الحمراء بعناية وزادت من بريق أحمر الشفاة خاصتها عن قصد وتابعت : عجبتك الشقة
إبتسم بمكر وقال : شبهك
نظرت له بثقة : يبقى عجبتك
خالد : طول عمرها عاجباني
كارمن : هي مين دي
خالد : ههههههههههه يعني مش عارفة
كارمن : وداني تحب تسمعها
خالد : كارمن ...............أنا عايزك تكوني مراتي
تبدلت ملامحها ............لم تتوقع ان يبادرها بطلب كهذا زبتلك الطريقة وعلى الرغم من سعادتها به بل تمنيها لهذا الطلب ومنذ زمن ...............ترددت صمتت قليلاً ربما حتى تنتظم دقات قلبها المتسارعة ............... تابعت وقد لاحت إبتسامة على شفتيها : إنت بتقول إيه
خالد : اللي سمعتيه
كارمن : وبابا .......ومامتك .........و...........
إقترب منها ..........وضع إصبعه على فمها الصغير ليوقف حديثها ............. همس بأذنها : وإحنا من إمتى بيهمنا حد .....................

وتم الزواج وجن جنون مختار حتى أنه إمتنع عن مخاطبة إبنته بعد إصرارها على إتمام الزيجة وفريدة ظلت كعادتها ضيفة شرف في حياة نجلها فعلمت بخبر زواجه عن طريق الهاتف !!!!

ومرت شهور وخالد لا يقوم بشئ سوى إسعاد كارمن شعرت أن حُلمها تحقق فهى تعيش كالأميرات مع الزوج الذي طالما رغبته ...............لم يفعل خالد شيئاً سوى الإهتمام بعمله وبث رسائل الطمأنينة في قلب كارمن فلم يسألها عن أي شئ يخص أبيها أو شركته السابقه بل ركز جهوده في تحقيق حلمه الأكبر وهي مزرعة الخيل ............كان يود إفتتاحها في أقرب وقت فطالما كانت لحظاته مع الجياد هي أسعد أوقاته ...............كان يهرب من أحزانه على مر السنوات ويذهب لإمتطاء الخيل .............كان يشعر بالراحة كلما بث شكواه بهمسات متقطعة لتلك الكائنات الرقيقة وكأنها تفهم شكواه تشعر به ............تنطلق به وتعدو بحرية فيشعر أنه إمتلك عالم آخر .............. عالم أفضل .



*********************


إقتناص الفرص ............إستراتجية بسيطة لا يتبعها الكثيرون ولكن خالد إتبعها وبدقة وعنـ.ـد.ما جاءته الفرصة أصبح الرجل المناسب في المكان المناسب ............كان المرض تمكن من مختار فأصبح قعيداً أغلب الأوقات تاركاً الجمل بما حمل كما يقولون لإبنه كريم الذي برع وبشـ.ـدة في إفشال كل نجاح يتعثر به و إستطاع خالد بعلاقته القوية بكبـ.ـار رجال الأعمال أن يساعد على إبراز فشل كريم بل ومساعدته أيضاً على الفشل وبتفوق ........... حتى أنه كان يعلم كل صغيرة وكبيرة عن صفقات كريم المشبوهة من أجل الحصول على المال السريع


وعلى جانب آخر ملت كارمن من الحالة المتردية للشركة والخسائر الفادحة التي تكبدها كريم لهم جميعاً.............وفي أحد الايام جاءته كارمن باكية ................
خالد : حبيبتي مالك في إيه
كارمن : بابا يا خالد بابا تعبان قوي
خالد : عرفتي منين
كارمن : كريم الزفت اتصل قالي تخيل إنه دخل المستشفى
خالد : طيب ايه اللي حصل
كارمن : معرفش بيقوللي جلطة في القلب ...........أكيد طبعا إتحسر من اللي كريم بيهببه في الشركة بالطريقة دي حنفلس وقريب كمان
خالد : طيب إهدي
كارمن : أهدى إزاي بس .............الغـ.ـبـ.ـي حيضيع كل حاجه ............الشركة بتخسر سنة ورا التانية ياريتني أعرف حتى أبيع نصيبي بس مش عايزة بابا مني تاني
خالد بدهشة مدعياً عدم معرفته بالأمر : نصيبك
كارمن : أيوه ماهو بابا من فترة كتب الشركة بإسمي أنا وكريم أنا الثلث وهو الثلثين
خالد ساخراً : حسب الشرع يعني
كارمن : حظي انه عمل ده قبل ما نتجوز ولا كان زماني بخ مع إنها معدتش فارقة دلوقتي
خالد : عندك حق............ متزعليش مني كريم عنده مشاكل كتير والكلام منتشر في السوق
كارمن : اه يعني كمان السمعة إنضـ.ـر.بت مش حاعرف أبيع
خالد بمكر : بصي يا كارمن انا عندي حل
كارمن : إيه
خالد : عندي مشتري
كارمن : بجد ومين ده اللي حيشتري مني أسهم شركة خسرانه أكيد حينزل السعر في الأرض
خالد : لا متخافيش المشتري ده هو اللي انا بعت ليه فرع اسكندرية وممكن يدفع كويس علشان يدخل شريك في الفرع الرئيسي
كارمن وقد عاودها التردد مرة أخرى : أيوه بس بابا
إقترب منها خالد ليحتضنها :
أنا بعمل ده علشانك وعلشان أحفظ حقك قبل ما كريم يضيعه ............لو مش عايزة بلاش .........بس خدي بالك دي ممكن تكون آخر فرصة
كارمن : آخر فرصة !!!!!!!! ........خلاص أنا موافقة

وبالفعل في غضون أيام قليلة قدم خالد حسن لكارمن على أنه المشترى المذكور وباعت كارمن نصيبها في الشركة وهي سعيدة بالمبلغ الوفير الذي جنته من تلك الصفقة الرابحة .........نعم صفقة تمت بالتوازي فعلى جانب آخر وقع كريم عقد بيع ثلث أسهمه بالشركة لحسن أيضاً أملاً في إخراج الشركة من الضائقة المالية التي أصبحت ملازمة لها وطمعاً بعد أن أقنعه حسن بخبث أنه مستثمر ساذج يستطيع كريم بدهاء أن يُحّمِله الخسارة ويوفر المكسب لجيبه فقط وهكذا وبعد توقيع آخر بسيط ونهائي أصبح خالد مالك لحولي 70% من شركته السابقه وبقي الجزء الأخير من خطته لإمتلاك الجزء الباقي ....................


****************

نظر كريم نحو حسن بتردد ثم تابع : أيوه بس أنا معنديش سيوله في البنك تكفي اللي حامضي عليه ده
حسن : إيه يا كريم باشا ................. الشيكات حنسددها من المكسب أول بأول ...........الصفقة دي حتكون صفقة العمر والأجهزة اللي حنستوردها دي حتاكل السوق أكل ومتقلقش لوحصل عجز أنا سداد ...........ولو خايف تمضي مش مشكلة بس علشان أمضي أنا لازم يكون ليا حق الإدارة وكل حاجه حتتغير
كريم : لا لا خلاص حامضي أنا ........هات الشيكات
وهكذا وقع كريم ............وقع دون بصيرة كما وقعت فريدة قبل ذلك ولم يتبقى لخالد سوى خطوة أخيرة ..............

لم يصدق كريم عينيه عنـ.ـد.ما رأى خالد أمامه يدخل مختالاً وقد جلس أمامه في عبث ورفع قدميه على المكتب في مواجهته !!!!!!!!!!
نظر له كريم بغضب : إنت ايه اللي جابك هنا
خالد : هههههههههههه سؤال ذكي لا بجد برافو عليك
كريم : إتكلم كويس
خالد : والله المفروض إنت اللي تتكلم كويس مع صاحب المال اللي إنت قاعد تبرطع فيه
كريم : نعم !!!!!
خالد : أنا معنديش وقت
قذف خالد صورة من عقود بيع كريم وكارمن لأسهمهم في الشركة لحسن وعقد بيع حسن لنصيبه كاملاً لخالد
ظل كريم ينظر في العقود وملامح الغضب والصدمة بادية بقوة على وجهه .......نظر لخالد نظرة شيطانية وقذف العقود بوجهه وهو يقول : اه يا كلاب طبختها إنت والكـ.ـلـ.ـبة مراتك
خالد ببرود وسـ.ـخرية : المشاكل العائلية دي مليش فيها تبقوا تحلوها مع بعض ...........المهم حضرتك دلوقتي تمضيلي على المبايعة دي بباقي نصيبك ............إتفضل
كريم : نعم !!! إنت بتستهبل ولا بتستعـ.ـبـ.ـط
قام خالد وتوجه بجسده القوى نحو كريم الذي كان أضعف منه في البنيان بمراحل ونظر له بغضب وبصوت زاعق إرتدعت منه فرائص كريم صرخ وبقوة : لا يا حبيبي الإستهبال ده خاص بيك إنت والبيه أبوك ومن الآخر كده حتلم الدور وتمضي دلوقتي وإلا الشيكات اللي إنت مضيتها يا حلو من غير رصيد حتكون بكرة في النيابة ويا الدفع يا الحبس
كريم : كـ.ـلـ.ـب ............كـ.ـلـ.ـب
لم يشعر كريم بعدها إلا وقبضة خالد القوية تحطم أنفه وكلمـ.ـا.ت خالد تغزو أذنه كالصدى : مش خالد رضوان اللي يتشتم ومن حشرة زيك


كان كريم يشعر أنه بدوامة ............يده المرتجفة تتحرك بتردد لإمضاء العقود واليد الأخرى تمسك بمنديل يحيط بأنفه المدماة ............نظرنحو خالد بعداوة ثم تابع بنبرة خافتة يملؤها الحقد : مش حاسيبك .............بقى طار بيني وبينك
خالد دون إكتراث : اه وماله بس مش دلوقتي كمان سبع .......خمس سنين كده
كريم : إيه !!!
خالد : اه أنا نسيت أقولك ماهو البوليس جاي يقبض عليك دلوقتي ............ماهو مش شركات رضوان القاضي اللي شغلها يمشى بالرشوة على آخر الزمن ...........معلش بقى أصل حبابيبي كتير وفي ناس خدمتني فيك .............


 


ظلت ملامح خالد البائسة هي ذكرى كريم البائسة خلف القضبان ............كلمـ.ـا.ته في ذلك اليوم لم تفارق عقله ولو ليوم واحد " إبقى سلملي على مختار بيه وقول له مش خالد رضوان اللي يسيب حقه "
نظر كريم نحو كارمن بأسى وتابع : وأنا برده مش حسيب حقي يا كارمن فاهمة
كارمن : قلت لك أنا مليش دعوة هو ضحك عليا زيك بالضبط وبعد ما خد اللي هو عايزه طلقني إفهم بقه ..............أنا إتطلقت بعد حبسك بأسبوع واحد وفي الآخر بابا مـ.ـا.ت غضبان عليا
كريم : مـ.ـا.ت بحسرته بسببه ...........مش حاسيبه فاهمة مش حسيبه
كارمن وقد لمعت عيناها بنظرة مختلفة ...........نظرة ماكرة مُطعمة بغضب دفين ظل ينمو داخل قلبها لسنوات حتى تمكن منها فأصبحت الرغبة في الإنتقام هي من تقودها ...........طغت تلك الرغبة على فكرها ...........إرادتها ..............وسلوكها !!!!!
تابعت بنبرة خبث ممزوجة بالسخرية : وأنا كمان مش حاسيبه
لاحت على فمه إبتسامة ماكره ........إقترب منها كريم وأمسك بوجهها وتابع : يبقى لازم يدفع الثمن يا كارمن .............لازم تدفعيه الثمن
كارمن : إزاي
كريم : زي ما ضيع مننا كل حاجة حنضيع منه كل حاجه .............فاهمة..............كل حاجه


وكأنها كانت تنتظر كلمـ.ـا.ته ...........وكأن تلك الكلمـ.ـا.ت هي منبع راحتها بعد سنوات الغضب ...............نعم الغضب الذي حل محل عشقها المتمرد نحو خالد .............هل ما زالت تعشقه ..............لا ............هي تكرهه حتى النخاع ...................عادت لمنزلها الذي إحتضن من قبل لحظاتها الدافئة معه ...........أمسكت بالفرشاة وعلى لوحتها البيضاء نثرت مشاعرها...............مزجت ألوان الغضب بالحب .............الثورة ..............الجنون .................العشق ................... الرغبة ...............


نعم فالإنسان بطبعه كائن راغب ولكن المعضلة هي .............. ماذا يرغب !!!!!
نظرت ثريا من نافذة السيارة تتفحص الطريق في فضول ............كان الطريق هادئاً وكأن سيارتهم هي الوحيدة التي قررت إقتحامه مع ساعات الصباح الأولى ..........بدا كشريط أسود لامع وقد تناثرت رمال الصحراء على جانبيه فبدت كأنها بلغت الأفق ..........
نظرت نحو زوجها وقالت بنبرة يشوبها الملل : لسه كتير يا عبد الرحمن
عبد الرحمن : خلاص يا ثريا قربنا
ثريا : برده بعيد قوي المكان
عبد الرحمن : ولا بعيد ولا حاجه إنتي بس اللي إتعودتي على المسافات القريبة
ثريا : جايز

بعدها بقليل وصلت السيارة التي تقل ثريا وعبد الرحمن للمزرعة وعلى الرغم من تأفف ثريا من بعد المسافة إلا أنها لم تخفي إعجابها بالمزرعة لحظة دخولها خاصةً بأشجار الليمون التي صفت على التوازي يميناً ويساراً تحتضن طريقاً ممهداً صمم بإبداع ................

كانت الساعة لم تتعدى الثامنة صباحاً وإيناس تنتظرهم أمام مدخل الفيلا ممسكة بهاتفها النقال لتطمئن أن أبيها لم يضل الطريق ............وصلت السيارة وودع عبد الرحمن السائق منبهاً عليه أن يعود ليقلهم في المساء ............شعرت إيناس بالحنين عند رؤية أمها وأبيها ...........كانت قد إفتقدتهم بشـ.ـدة ولكن رؤيتها لهم جعلتها ربما توقن أكثر بدقات قلبها المرتجفة نحوهم .............إقتربت إيناس من أمها وإحتضنتها بشـ.ـدة وهي تقول : حشـ.ـتـ.ـيني و  قوي يا ماما
ثريا وهي تملس على شعر إبنتها وتقبل وجنتها في حنان : وإنتي كمان يا حبيبتي حشـ.ـتـ.ـيني و  قوي
نظر له عبد الرحمن بإبتسامة قائلاً : وأنا مليش نصيب في الأحضان دي ولا إيه
إيناس : يا خبر إزاي يا بابا ...........إنت وحـ.ـشـ.ـتني جدا
إحتضنت إيناس أبيها بقوة بدوره ........ثم دلفوا جميعاً للداخل .........نظرت ثريا بإعجاب للمكان حولها وقالت : حلو المكان مفروش كويس
عبد الرحمن : مش قلتلك
ثريا : بس برده المكان فاضي قوي ........
عبد الرحمن : ده إسمه هدووووووووووووء
ثريا : هدوء إيه ده إسمه ملل .......إيناس يا حبيبتي لو زهقانه إرجعي معانا
عبد الرحمن : إيه اللي إنتي بتقوليه ده
ثريا : إستنى بس يا عبد الرحمن مش بسألها
إيناس وقد إبتسمت لأمها لتشعرها بالطمأنينة : أنا مش زهقانه يا ماما ومرتاحه هنا
ثريا : بجد
إيناس : أيوه بجد
ثريا : بس إنتي مكنتيش عايزة تسافري
إيناس : وسافرت............ ودلوقتي إتعودت وبجد مرتاحه في المكان
ثريا : بس هادي قوي
إيناس : ما هو ده أحلى حاجه فيه
عبد الرحمن وهو ينظر لثريا بلوم : خلاص .......إرتحتي .......ممكن بقه نفطر في الجنينة الحلوة دي
إيناس : بس كده .............أنا ححضر الفطار حالاً
ثريا : تحضري إيه ...........أنا جايبه معايا الفطار
إيناس : يا خبر يا ماما .........انا عندي هنا كل حاجة ...........مانتي عارفة مدام رقية مابتسبنيش وكل ما تجيب طلبات تسألني عايزة ايه وتجيبلي معاها
ثريا : الست دي شكلها ذوق قوي
إيناس : هي فعلا كده
ثريا : برده أنا جايبة الفطار بصي أنا سلقت بيض ............بيض بلدي مش بيض السوبر ماركت ومعايا جبنة قريش كمان وعجينة طعمية عاملاها بإيدي
إيناس : يا خبر يا ماما
ثريا : وأدي شوية أكل بقه بيتي بجد .................حطي في الفريزر يلا ............ودي حاجة الغدا حاطبخها ليكي النهارده
إيناس : ايه يا ماما ده كله
ثريا : أسكتي ............إنتي قاعدة بعيد ولا بت عـ.ـر.في تاكلي ولا تشربي أنا عارفة

إبتسمت إيناس لأمها فهي تعلم طباعها جيداً ............نعم إعتادت ثريا أن تهتم بكل صغيرة وكبيرة تخص عائلتها .............منذ صغرهم وهي تعمل بتفان من أجل إسعاد الجميع ...........فتتحقق سعادتها بدورها..............فهي ببساطة أم مصرية

جلس عبد الرحمن على الطاولة الصغيرة منتظراً إيناس وأمها وطعام الإفطار ............إشتم بأنفه رائحة الطعمية الساخنة التي جلبتها ثريا وقال في حماس زائد : ريحتها جميلة والأجمل الهواء النقي ده
ثريا : هو الجو حلو فعلا في دي عندك حق
جلبت إيناس باقي الطعام وجلست معهم وعندها لاحظت ثريا الفيلا الأخرى الموازية لفيلا إيناس والحاجز الشجري الرفيع بين الحديقتين ...............نظرت ثريا نحو إبنتها وقالت : هو في حد ساكن هنا يا إيناس
إيناس : أيوه صاحب المزرعة
ثريا : بس يا بنتي إنتي كده تبقي مش بحريتك ده الجنينة أكنها واحده
إيناس : ماهو أنا تقريباً مش بخرج الجنينة .............
ثريا : وليه حبس الحرية ده................ ماكنش في مكان تاني
إيناس : لأ مفيش هما 3 فلل بس هنا في مزرعة الخيل والفيلا التانية المستقلة اللي فيها مدام رقية وبشمهندس حسن
ثريا : وليه مخدتيش إنتي المستقلة
إيناس : أنا ماخترتش هما علطول جابوني هنا ...........ده غير إن ده مكان سكنهم من الأول ومستقرين فيه
ثريا : ااااااااااااااااه
عبد الرحمن : مالك يا ثريا بس
ثريا : ماهو مينفعش يا عبد الرحمن ............البنت برده قاعدة لوحدها
إيناس : يا ماما إعتبري الجنينة دي مش موجوده أكنها شارع
ثريا : وهو صاحب المزرعة ده راجـ.ـل كبير ولا شاب صغير
إيناس وقد قطبت جبينها وبدا عليها الإنزعاج الشـ.ـديد : وحتفرق في إيه ..........
نظر عبد الرحمن لزوجته بلوم ثم توجه ببصره لإيناس وطلب منها بإبتسامة : إيناس ............عايزة أشرب شاي من إيدك الحلوة

تركتهم إيناس لإعداد الشاي ....................إنسحبت بغضب ...........بصمت ................إنزوت قليلاً بأحد الأركان وهـ.ـر.بت عبرة ساخنة من بين أهدابها ............في تلك اللحظة شعرت بالوحدة .............شعرت بالغضب ..............أيقنت أنها في النهاية ستكون مجرد أرملة ...................

نظر عبد الرحمن نحو زوجته في غضب وتابع : أنا عايز أفهم إنتي بتدوري على أي سبب علشان ترجعيها البيت
ثريا : بص بقه أنا مش مرتاحه لقعدتها لوحدها وكمان ميصحش
عبد الرحمن : ده مش كلامك يا ثريا
ثريا : ده كلام العقل
عبد الرحمن : عايزة تسمعي كلام العقل ولا تشوفيه
ثريا : مش فاهمة
عبد الرحمن : بصي كده لوش بنتك ...........فاكرة آخر مرة شفتي ضحكتها كانت إمتى ............شايفة وشها رد إزاي
ثريا : ما هو خلاص مدام بقت كويسة ترجع بقه
عبد الرحمن : هو إنتي فاكرها بتتعالج في مستشفى ............ده شغل ............حياة جديدة ووجوه جديدة ...........هو ده علاجها يا هانم
ثريا : أنا بس بقول ..........
عبد الرحمن مقاطعاً : لا تقولي ولا تعيدي ...........أنا زيك وأكثر عايز بنتي قدام عيني لكن بشغل عقلي مش قلبي بس
ثريا : أنا خايفة عليها
عبد الرحمن : وأنا زيك بس أنا عارف بنتي وعارف أخلاقها ولا إيه
ثريا : يا سلام طيب منا كمان عارفة أخلاق بنتي كويس
عبد الرحمن : يبقى ملوش لزوم الكلام ده ومن الآخر بقه متسلميش ودانك لأيمن كتير فاهماني ...........وإياكي تفتحي معاها الموضوع السخيف اللي كلمك فيه إمبـ.ـارح
ثريا : مش حافتحه بس مش معنى كده إنه موضوع سخيف
عبد الرحمن : لأ سخيف ومش وقته ........جواز إيه وعريس إيه اللي جايبه ليها ده لسه مافتش على موت جوزها 7 شهور
ثريا : وهي حتتجوز بكره يا عبد الرحمن والعريس اللي قال عليه ده بيشتغل معاه وعلى بال ما ينزل أجازة حيكون فات يجي سنة
عبد الرحمن : يعني إنتي موافقه على العريس بقه
ثريا : لأ مش موافقة طبعا ً ومش حاجوز بنتي لواحد معاه عيال لكن برده ماهي مسيرها للجواز يا أبو أيمن ولا حتعيش كده لوحدها طول العمر
عبد الرحمن : لا حول ولا قوة الا بالله ...........مش دلوقتي ومش كده البنت لسه بتقول يا هادي...........يادوبك بدأت تشم نفسها بلاش ضغط عصبي عليها بقه وكلام ملوش لازمة ولا عايزاها ترجع تتنكس تاني
ثريا : بعد الشر
عبد الرحمن : ماهو لو فتحتي سيرة الجواز دلوقتي محدش عارف رد فعلها حيكون إيه وممكن ترجع زي الأول وأسوء وتعاند.......... إيه رأيك بقه
ثريا : خلاص مش حاتكلم إرتحت .......
عبد الرحمن : أيوه يفضل تسكتي خالص ...........البنت جاية

إقتربت إيناس ووضعت صينية الشاي وجلست شاردة .............لم تتحدث وزالت عنها نبرة المرح التي إستقبلتهم بها ............حاولت ثريا أن تتحدث ولكن عبد الرحمن رمقها بنظرة حادة لكي تلتزم الصمت وهكذا إحتسوا الشاي في جو من الهدوء الحذر ثم إتجهوا للداخل وقررت ثريا التوجه للمطبخ لتحضير طعام الغذاء ووتوجه عبد الرحمن لغرفة إيناس لإجراء محادثة سريعة .................


وفي الحديقة كان هناك من يجلس بأحد الأركان المنزوية بحديقته ...........شاءت المصادفة أن يستمع لكل شئ ............. إبتسم بسخرية كعادته ...........إيناس الملاك البرئ ربما بنظر الجميع ............. عزيزتي لن تتحملين ثوب العفة كثيراً ...........................بل ستخلعينه سريعاً قبل أن يقضي عليكي ويقـ.ـتـ.ـل أنفاس الحياة بداخلك ...................نعم ستتوقين في النهاية لقلب حقيقي يحتضن أحلامك بشغف ..........فأنتي في النهاية .............مجرد إمرأة

**********************

نظر عبد الرحمن لإبنته بتفحص وقبل أن يتحدث بادرته بقولها : بابا أنا ممكن أرجع البيت إنت عارف أنا مسعتش لا لسفر ولا لشغل
عبد الرحمن : وهو الشغل عيب
إيناس : لأ بس ماما واضح إنها مش مرتاحه وأنا ...........
عبد الرحمن : سيبك من ماما هي بس بتتلكك علشان إنتي بتوحشيها .............. ولا إنتي كمان بتتلككي زيها وعايزة ترجعي
إيناس : لأ أبداً
عبد الرحمن : خلاص يبقى نقفل الموضوع ده وتعملي لبابا فنجان قهوة مظبوط وتحكيلي عاملة ايه مع الخيل
إبتسمت وبدا على وجهها الراحة وقالت : حاضر ثواني وحاجيبه لحضرتك
وامضت بعدها إيناس الوقت برفقة والدها الذي محور حديثهم حول عملها والخيل وفقط .............

 

كانت ثريا تقف بالمطبخ عنـ.ـد.ما سمعت جرس الباب ...........نظرت نحو إيناس متسائلة : حد جايلك
إيناس : دي أكيد مدام رقية
وبالفعل دخلت رقية بمرحها المعتاد وألقت التحية على الجميع ...........إقتربت منها ثريا مرحبة : مدام رقية ............إيناس كلمتني عنك كتير
رقية : المزرعة نورت النهارده
ثريا : الله يخليكي منورة بيكم
رقية : وإيه رأيك في المكان
ثريا : جميل ..............بس ساكت قوي وفاضي
رقية : هو مش فاضي قوي بس أصل أغلب العمال ومدربين الخيل سكنهم بعيد عننا وكده أحسن أصل كلهم رجـ.ـا.لة
ثريا : بس هنا 3 فلل بس
رقية : ايوه أنا وجوزي وصاحب المزرعة ودكتورتنا العسل دي لازم تكون في وسطينا علشان ناخد بالنا منها ............
ثريا : الله يخليكي ويطمنك
رقية : خلاص إنتم بكرة ان شاء الله حتتغدوا عندي
ثريا : الله يخليكي بس معلش مش حينفع
رقية : ايه يا ست ثريا إنتي طالعة لبنتك ولا ايه
ثريا : ههههههههههه لا والله اصلنا حنمشي بالليل
رقية : ايه ليه بسرعة كده ............إيه يا إيناس
إيناس : للأسف مصممين
ثريا : مصطفى إبني لوحده وعنده إمتحانات مش حينفع أسيبه ...............هو يوم واحد بالعافية
رقية : مالحقتوش تقعدوا
ثريا : معلش والأجازة الجاية إيناس تنزل بقة وحضرتك تيجي تنورينا
إيناس : طبعا إن شاء الله
ثريا موجهة حديثاً حاداً لإبنتها : مفيش أعذار أنا فوتهالك المرة دي المرة الجاية تنزلي أجازتك
رقية وقد تفهمت خوف ثريا وقلقها على إبنتها : ت عـ.ـر.في يا ست ثريا أنا برده بقيت أقعد هنا علطول إتعودت على المكان .............مش عايزاكي تقلقي على إيناس أنا تقريباً مش بنزل مصر ...........هنا بيتي وقاعدة هنا علطول
ثريا : بس برده بيتك في مصر مش بيوحشك
رقية : هنا بيتي .......و المكان اللي برتاح فيه ...............يلا أسيبكم بقه براحتكم
ثريا : رايحة فين لسه بدري
رقية : بدري من عمرك يا ست الكل ............سلام يا أنوس
إيناس : مع السلامة ...............حاكلمك في التليفون بالليل
نظرت ثريا لإيناس بعد رحيل رقية وقالت : طيبة قوي الست دي
إيناس : فعلا ..........طيبة قوي

كانت إيناس تشعر بالذنب لأنها كانت تتعمد التباعد عن رقية في بداية أيامها بالمزرعة ولكنها إكتشفت مع مرور الوقت قلب رقية الطيب وصحبتها الممتعة فأصبحت رقية ونيسها الوحيد المسموح له إختراق عزلتها ..............العزلة التي بدأت تتبدد مع الوقت ...............تنقشع كعتمة ليلة مظلمة بعد أن يجتاحها ضوء الشمس دون هوادة .............نعم ربما لن تصمد عزلتها بل ربما تتراجع مهزومة أمام ضوء الحياة فتصبح مجرد ذكرى .........
إنتهت زيارة عبد الرحمن وثريا لإيناس بالمزرعة ............على قدر حنينها إليهم وإفتقادها لصحبتهم إلا أنها شعرت بالراحة عنـ.ـد.ما إنفردت بنفسها وتقوقعت داخل عزلتها مرة أخرى ............كان الباب يدق بإلحاح .............نظرت للساعة فوجدتها قد قاربت على السادسة مساءاً ولمحت أكثر من ست مكالمـ.ـا.ت على هاتفها الجوال .................منذ أمس وهي غارقة دون وعي مع ذكريات زوجها الراحل وكأنها تؤكد لنفسها قبل الجميع أنها مبحرة في ذكرى شريف حتى الغرق ..............ولا شئ غير ذلك ..............مازال الباب يدق بإلحاح .............قامت متكاسلة لتجد رقية والقلق بادياً بقوة على ملامحها .............وضعت يدها على صدرها ونظرت نحو إيناس بغضب وتابعت : وقعتي قلبي وخضتيني عليكي
إيناس بتلعثم وهي تغلق الروب الطويل الذي إرتدته مسرعة قبل أن تفتح الباب : مدام رقية ............خير
رقية : كل خير يا حبيبتي بكلمك من الصبح تليفونك مش بيرد وكمان بخبط وغبتي على بال ما فتحتي قلقت جدا طبعا .............كان خلاص قدامي شوية وأنادي على خالد يكسر الباب ...............
إيناس : معلش أصل الموبايل كان جرسه مقفول من امبـ.ـارح وأنا ماخدتش بالي
رقية : واضح إني صحيتك من النوم
إيناس : لا عادي
رقية : عموما مش حامشي وأسيبك تنامي براحتك والكلام ده ...........يلا قومي إلبسي
إيناس بدهشة : ألبس !!!
رقية : أيوه حنخرج
إيناس : نخرج نروح فين
رقية : عيد ميلاد ..........يلا بقة
إيناس : طيب أفهم بس عيد ميلاد مين
رقية : عيد ميلاد حبيبي .............إرتحتي
نظرت نحوها إيناس بدهشة وإبتسمت : هو إنتي عاملة عيد ميلاد للبشمهندس حسن
ضحكت رقية بشـ.ـدة ...........ضحكت حتى تبدلت ضحكتها بإبتسامة تحمل في طياتها الألم .............تابعت بنبرة تصتنع المرح : حسن سافر مصر الصبح ومش حيرجع إلا بكرة بالليل ..............
إيناس : طيب ليه ماسفرتيش تغيري جو
رقية : هو انا يا بت مش قلت ليكي مكاني هنا وبيتي هنا ....................هو وراه مشاغل حيقضيها ويرجع .............ويلا بقة متعطلنيش
إيناس : طيب احنا رايحيين عيد ميلاد مين
رقية : عارفاكي حتتعبيني .............عيد ميلاد عمر حبيبي
إيناس وقد إبتسمت وعقدت حاجبيها في محاولة للفهم : اللي هو يبقى مين
رقية : ده يا ستي يبقى أجمل طفل في الدنيا ...........حبيب قلبي تم سنة ...........أصل عمر ده إتولد على إيدي .............على فكرة مامته نفسها تتعرف عليكي وشـ.ـددت عليا اعزمك على عيد الميلاد
إيناس : وهي تعرفني ؟
رقية : ماهو أنا أصلي رغاية وحكيت ليها عنك ............نرمين مهندسة زراعية وشغالة هي وجوزها في الجزء التاني من المزرعة ............الجزء الطبيعي والاكثر مرحاً يا حبيبتي ...........ومفيش إعتذار ..........أنا بصراحة مش عايزة أخرج لوحدى ..........ها
إيناس : خلاص حاجهز نفسي مع إني مليش في جو الحفلات ده
رقية : السواق مستنينا نص ساعة وتكوني في العربية فاهمة
إيناس : فاهمة ..........



صعدت إيناس لغرفتها ............بدلت ملابسها وكعادتها إختارت زياً بسيطاً مكوناً من فستاناً أنيقاً بلون رمادي فاتح وأرتدت فوقه سترة قصيرة من خامة الجينز .............صففت شعرها سريعاً وتركته مسترسلاً خلف ظهرها ثم سحبت حقيبتها على عجل وتوجهت للسيارة حيث تنتظرها ثريا ............نظرت ثريا لإيناس بإعجاب وقالت : ايه الحلاوة دي
إيناس : اه يعني أرجع أغير هدومي ............ شكلي ملفت ولا إيه
رقية : حبيبتي حلاوتك في بساطتك ............ويلا العربية حتتحرك إتأخرنا
إيناس : بس دلوقتي أنا لازم أجيب هدية .........حجيب منين ؟!
رقية : إتفضلي يا ستي دي هدية بسيطة عليها إسمك عملت حسابك طبعا معايا
إيناس : يا خبر ............طيب حسابها بقه
رقية : الحساب يوم الحساب
إيناس : لأ مش حينفع
رقية : خلاص يا ستي نتحاسب بعدين الدنيا مش حتطير ........إطلع يا عم فاروق


وهكذا إنطلقت بهم السيارة ربما نحو عالم آخر ............أناس وأشخاص جدد تلتقي بهم إيناس في عالمها الجديد ............
فالبشر أنواع ...........نوع تسمح له بالدخول لعالمك ونوع تقذف به خارجه دون تردد ونوع آخر يقتحم عالمك رغماً عنك ودون إستئذان ............

كانت تلك هي المرة الاولى التي تسلك فيها إيناس الطريق نحو المزرعة الأخرى .............بعد حوالي أربع كيلو مترات من الظلام بدأت تظهر بوادر هذا العالم الآخر ..............لم تكن بنفس رونق مزرعة الخيل على الرغم من أن مساحتها أكبر بكثير ربما الضعف أو أكثر................أراضي زراعية بمساحات شاسعة وقد زرعت بمختلف أنواع الفاكهة والخضروات ...................نظرت ثريا نحو إيناس وقالت : على فكرة بيزرعوا هنا فاكهة حلوة قوي وبجد خالد عنده ضمير مش شغل هرمونات وكيماوي مضر ..............بجد حاجة تشرف
إيناس : هو صحيح الدنيا ضلمة فأنا مش شايفة قوي بس واضح إن في تنظيم وإهتمام بكل حاجه
رقية : أصل خالد والده كان عنده أراضي زراعية كتير يعني هما في الموضوع ده من زمان بس هو باع كل حاجه وجه اشترى الأرض هنا وعمل المزرعة دي ............ده كان حلم كبير عنده
إيناس : جميل إن الواحد يحلم ويحقق حلمه
رقية : وإنتي يا إيناس يا ترى إيه حلمك
نظرت نحوها وصمتت قليلاً ............بادرتها رقية حقاً بسؤال صعب ............إغرورقت عيناها بالدمـ.ـو.ع وهي تقول : بس أنا معنديش حلم
رقية وقد شعرت بالحزن لرؤية دمـ.ـو.ع إيناس : معقول معندكيش حلم
إيناس : كان ............كان زمان عندي أحلام مش حلم واحد بس دلوقتي خلاص
أخذت رقية نفساً عميقاً ثم توجهت ببصرها للسائق وقالت بنبرة ثابتة : فاروق ...........إرجع تاني عن الأراضي لوسمحت
إيناس : ليه حنروح فين
رقية وقد بدت عبراتها هي الأخرى ولكنها تغلبت عليها بإبتسامة كاذبة : حوريكي حلمي



عادت السيارة مرة أخرى وتوقفت بإشارة من رقية التي خرجت على الفور من السيارة وفتحت ذراعها وكأنها تسعى لملئ رئتيها بكل نسمـ.ـا.ت الهواء المتاحة أمامها .............تبعتها إيناس في دهشة وتوجهت نحوها قائلة : هو إحنا نزلنا ليه
رقية : شايفة الأرض دي
إيناس : اللي قدامنا دي
رقية : دي بتاعتي أنا وحسن .......
إيناس : أرضكم
رقية : حلمنا ...............كنا ناويين لما نخلف نكتبها بإسم إبننا ............ده كان إقتراح من خالد ............باع لحسن النص فدان ده ...........حتى خلانا نقسط تمنه وقاله لما تجيب ولد إكتبها بإسمه ........خليها فال خير ...............بس زيي مانتي شايفة الأرض لسه بتاعتي أنا وحسن
إيناس وقد بدا عليه الحزن لطالما شعرت بألم رقية ولكن لم يتحدثا من قبل بهذا الشأن ..............خرجت الكلمـ.ـا.ت متلعثمة من حلقها وهي تقول : أنا .......مش عارفة أقول إيه


كانت رقية تنظر للأفق بعبرات متحجرة ............إستدارت نحو إيناس وأمسكت بيدها وتابعت : أنا اللي حقول يا إيناس ...........حقولك إن كان حلمي طفل ...........إبن أو بنت ينور دنيتي زي كل الستات ............ولما إتجوزت حسن طلب مني نأجل الخلفة ...........كنا في أمريكا وكان بيشتغل وبيدرس والدخل كان عالقد وسمعت الكلام وأخدت موانع ..............خمس سنين وأنا ببلبع في حبوب علشان ماخلفش .............ولما آن الآوان وحبيت أحقق حلمي معرفتش ............


هـ.ـر.بت عبراتها رغماً عنها ...........تابعت رقية وهي تحاول التحكم في المطر الأسود المنهمر من عيناها : طبعا رحت لدكتور وإتنين وكورس علاج ورا التاني علشان نصلح الضرر اللي عملته الموانع بس زي ما انتي شايفة زي ما يكون مفيش أمل ..........بقالي خمس سنين بتعالج لغاية ما زهقت وبطلت أحلم



شعرت إيناس بالآسى من أجل رقية .............ربتت على يديها محاولة أن تواسيها ............نظرت رقية للأفق مرة أخرى وتابعت : إيناس جايز دلوقتي معندكيش حلم وجايز عايشة في حلم قديم بس نصيحة لما ت عـ.ـر.في حلمك متسيبهوش ............إمسكي فيه بإيدك وسنانك ............حققيه علشان متنـ.ـد.ميش بعد كده ..............علشان متبقيش زيي يا إيناس ..............صدقيني الوحدة وحشة قوي عاملة زي الضلمة بتحسي إنك مش شايفة حاجة ................حتى نفسك
إيناس : إنتي شايلة هم كبير قوي بس ليه اليأس ده ربنا كبير
رقية : ونعم بالله
إيناس : ممكن بقه تمسحى دمـ.ـو.عك دي فوراً
رقية : تصدقي إحنا ستات نكد بدل ما نروح عيد الميلاد ننبسط قاعدين نعيط .............زمان السواق بيقول علينا مجانين
ضحكت إيناس وما زالت العبرات بعينيها وأمسكت بيد رقية وإتجهوا معاً نحو السيارة .............نعم فرقية مثلها تماماً تكتوي بنار الفراق ربما يكون فراقاً من نوع آخر ولكنها بالتأكيد تشعر بالألم الراقد بين ضلوعها وتقدره .................


****************************




ألقت رقية النظر مرة أخيرة على عيناها قبل أن يغادروا السيارة وقالت مصطنعة المرح : ده جزاء اللي يحط كحل ويعـ.ـيط ...........بس اعمل أصل أنا قديمة شوية معرفش أنزل من البيت من غير كحل
إيناس وقد إبتسمت لها في حنان : خلاص متقلقيش مفيش حاجه باينة
رقية : طيب نطلع بقه علشان إتأخرنا عليهم

كانت بناية تتكون من أربع أدوار ولكنها بناية عريضة فكل دور يحتوي على ست شقق ..............أخبرتها رقية أن هذا مقر سكن الموظفين بالمزرعة وأن هناك بنايات أخرى لسكن العمال على الجانب الآخر ................نظرت إيناس للبناية بإعجاب فقد صممت بإبداع وتزين مدخلها بأنواع مختلفة من شتلات الزهور والنباتات .............ضحكت رقية عنـ.ـد.ما لاحظت إعجاب إيناس بمدخل البناية وقالت : العمارة نصها تقريباً مهندسين زراعيين ............عايزة مدخلها يبقى عامل إزاي
إيناس : صح عندك حق
رقية : إحنا حنطلع السطح أصل هنا الشقق صغيرة بس هما موضبين السطح ومخلينيه قعدة ظريفة لإن ده يعتبر النادي بتاعهم اللي بيتجمعوا فيه
إيناس : فكرة حلوة وعملية كمان

وصلت رقية و إيناس للحفل .............كان السطح لا يختلف كثيراً عن مدخل البناية فالأرضية مبلطة برخام أنيق وتزينت جميع الأركان بالنباتات المتسلقة و شتلات الورود المتعددة وقد وُضعت بعض الكراسي المعدنية والطاولات بتصميم بسيط في مختلف جوانبه .............ولاحظت وجود طاولة أكبر حجماً في المنتصف وقد تزينت بمختلف أنواع الأطعمة والمشروبات ...............تقدمت منهم فتاة صغيرة الحجم بإبتسمة واسعة ..............كانت ترتدي حجاباً بسيطاً وقد عقدته بحرفية خلف رقبتها ...........لها ملامح رقيقة وبشرة عاجية ملساء أظهرت جمالها بأحمر شفاه من اللون الغامق ..............نظرت نيرمين لرقية بلوم وقالت : كده التأخير ده كله
رقية : معلش يا حبيبتي
نيرمين وهي تنظر لإيناس مرحبة : نورتيني ...........إنتي إيناس صح
إيناس : أيوه
نيرمين : وأنا يا ستي نيرمين مامت عمر ..............صاحب الليلة دي
إيناس : كل سنة وهو طيب
نيرمين : وإنتي طيبة يا قمر وتاعبه نفسك ليه بس
قالتها بعد أن قدمت لها إيناس الهدية ثم تابعت : بس فعلا زي ما رقية وصفتك بالضبط رقة وأخلاق مفيش كده
إيناس : ربنا يخليكي
نيرمين : طيب يلا علشان أعرفك على بقية المجموعة متتخضيش من الزحمة هما كلهم لذاذ خالص
جذبت نيرمين إيناس من ذراعها برقة وتوجهت بها نحو بقية الضيوف أما رقية فقد تركتهم بعد أن ألقت التحية على البعض وتوجهت لقضاء بعض الوقت المنفرد مع عمر ...............

قدمتها نيرمين للجميع وعرفتها بهم أيضاً ...........كان هناك يوسف زوج نيرمين شاب يبدو في الثلاثين من عمره له بشرة سمراء ووجه يبعث نحوك دون ان تشعر برسائل من الإطمئنان والراحه مثل زوجته تماماً ...........وهناك دينا وهي خريجة كلية الآداب وتقيم مع زوجها بالمزرعة وقررت شغل فراغها بإفتتاح حضانة صباحية للأطفال أمثال عمر ..................لاحظت أن الجميع يعمل حتى وإن لم يكن له تخصص يناسب العمل هنا .........علمت من نيرمين أن خالد يحاول أن يجعل من المزرعة مجتمع سكني صغير يوفر كل متطلباتهم ولكن المشكلة التي ربما ستواجههم مستقبلاً هي مدارس الأطفال حيث تقع أقرب مدرسة جيدة على بعد ساعة ............قطع حديثهم حدوث حالة من المرج عند دخول أحدهم المكان ..............إلتف الجميع حول حمزة الذي كان يبدو عليه الإجهاد الشـ.ـديد ..........كان يبدو بنفس الهيئة التي رأته فيها المرة السابقة خاصة قبعته المميزة وإن كان إستبدل لونها حسب ملابسه .................تقدم منهم حمزة مبتسماً وكانت وقتها تجلس مع نيرمين وداليا ...........
حمزة : إيه ده .........مش ممكن منورة يا دكتورة يا إيناس
نيرمين : إيه ده إنتم تعرفوا بعض
إيناس : أيوه أنا شفت البشمهندس عند مدام رقية ...........
نيرمين : امممممممم ..............إتأخرت ليه عمر حيزعل منك
كاد حمزة أن يهم بالإجابة ولكن فاجئته يد صغيرة بسحب قبعته .............كانت رقية تحمل عمر وإقتربت من حمزة بغرض إغاظته ............إستدار حمزة لهم وهو يحسن من خصلات شعره الناعمة التي تطايرت على جبينه بفعل طولها وجذب الصغير ورفعه برفق وقال : كده يا عمر طيرت القصة
ضحكت رقية وهي تجلس بجانب إيناس وتابعت : عارف يا حمزة لما تقص شعرك أنا حادبح بطة
حمزة : يااااااااااااه كده حتقعدوا كتير قوي متاكلوش بط
رقية : بقه كده ............ماشي وإتأخرت ليه يا أستاذ شكلك لسه صاحي من النوم
حمزة : جوزك السبب يا أبلة ...........مش عايز يسوق خلاني وصلته الصبح واخدت السكة صد رد وكمان بكرة حاروح اجيبه ............اهو ده عيب إن مديرك يبقى قريبك
إبتسمت رقية بسخرية عند سماع عبـ.ـارته وأخذت عمر من حمزة الذي جلس بهيئة القرفصاء بجانب كرسي إيناس ثم تابع وهو يوجه حديثه نحوها : والله مش ميزة يا دكتورة إيناس بالعكس ده بيستغلني آخر حاجه
رقية : حقوله
حمزة : بس هو راجـ.ـل طيب بصراحه وبرده بيقولوا الخال والد
نظرت نيرمين لحمزة بخبث ثم قالت : طيب روح أقعد قعدة مريحة ولا هات كرسي
حمزة : لاااااااااااااااا أنا حاروح لجوزك ...........ويلا بقه فين التورته
نيرمين : حالا بس وعد حتغني
حمزة : خلاص بلاش فضايح
نيرمين : مليش دعوة إنت وعدتنا
حمزة : خلاص اهو على الأقل أعرف رأي جديد لصوتي
كان موجهاً كلمـ.ـا.ته لإيناس التي ردت عليه بإبتسامة وإيماءة بسيطة ثم ظلت تراقب رقية ومداعبتها للصغير ...........كانت تبدو وكأنها بعالم آخر تمسك بأقدامه الصغيرة فتلتهمها بفمها في مرح ثم تطبع قبلة رقيقة على يداه وتُبدل ملامحها ربما كل أربع ثوانٍ من أجل إضحاكه ..............
ظلت إيناس جالسة أغلب الوقت مع رقية ......................لم تختلط بالجموع وبعد أطفأوا الشمعة الواحدة المعبرة عن مرور أول عام بعمر الصغير وبعد تناول الطعام طلبت نيرمين من حمزة بصوت عالٍ أن يبدأ بالغناء .........أمسك حمزة بجيتارة وإلتف الجميع حوله ............شعرت إيناس أنها بعالم مختلف ............علاقات مجتمعية مترابطة ربما لم تتأثر بعد بصخيب الزحام وضوضاء المدينة ....................صوت هادئ لا يصاحبه سوى موسيقى الجيتار خاصته ربما بعيداً كل البعد عن ثقافة إمتزاج الأصوات التي أصبح يعاني منها المجتمع ككل فأصبحنا لا نفسر أغلب ما نستمع إليه ............وأجمل ما إلتقطته أذناها تلك الكلمـ.ـا.ت التي يغنيها حمزة شعرت أنها تخترقها ........بل تقرأها بل ربما تقرأ الجميع





أنا مش فارس و لا فتى أحلام...
انا زحمة و ربكة و شغل جنان...


نص بيضحك و التاني زعلان...
انا شيخ فلتان...


طيب شرير...
و جريء و جبان...
أوقات مشرق و أوقات بهتان...


و ساعات سلم و ساعات تعبان...
مفتري جدا...
و كمان غلبان...


شبابيك وببان...
توهة عنوان...


انا من الاخر عفريت لابس بدلة إنسان ...






مازالت الكلمـ.ـا.ت بأذنها ..........وكأنها تصف حالها ..........حال رقية التي أصابتها حالة من الشرود بعد إنتهاء الحفل وكأن الدقائق القليلة التي تقضيها مع عمر توقظ داخلها مشاعر الامومة ............الفطرة التي تولد بها كل إمرأة .......................وربما تصف حاله هو أيضاً ..........كان خالد يقف مع السائق لحظة خروجهم من البناية .........رمقها بنظرته الحادة كعادته .............وكعادته أيضاً أصدر الأوامر للجميع ..........فأمر السائق بالعودة وحيداً بالسيارة ...........وأخبرهم أنه سيوصلهم بسيارته في طريق العودة .........


نظرت له رقية بعد أن إستقرت في المقعد المجاور له : كنت نورتنا في الحفلة يا بشمهندس
أجابها دون إكتراث وهو يغير وضعية مرآة السيارة : إنتي عارفة مليش في جو الحفلات والتجمعات ده ............أنا كان عندي سهرة مع بتوع الحسابات


جلست إيناس في المقعد الخلفي وعادت رقية لشرودها
كان خالد يتابعها بعيناه............. عدّل مرآته ليراها جيداً...........بل أطال النظر نحوها على أمل أن تلتقي نظراتهما عبر المرآة ...............لا يعلم ماذا يصيبه أمام ملامحها الهادئة ............أهدابها الطويلة تطلق العنان لخياله كما إنطلقت نسمـ.ـا.ت الهوء البـ.ـاردة فعبثت بخصلات شعرها النائم فأيقظته من سباته .............ولكن لم توقظها هي من شرودها .............كانت تبدو وكانها في عالم آخر ............أغمضت عيناها وأشعلت النسمـ.ـا.ت البـ.ـاردة ذكرى مدفونة داخل عقلها ............كانت تستمع بتلك النسمـ.ـا.ت ليلاً في شرفتها ........... عنـ.ـد.ما كان شريف يحضر لها المثلجات بنكهتها المفضلة ............... بل إنها تكاد تشعر بطعم المانجو المثلج على شفتاها ............ولا تشعر بسوى ذلك بل لا تريد أن تشعر بسواه ...........تتمنى أن يتوقف العالم عند تلك اللحظة ............غير عابئة بالحاضر الذي يراقبها بشغف ............
كانت إيناس في البداية تخشى الإقتراب من الخيل بل وتتجنب التعامل المباشر معهم ولكن مع مرور الأيام إكتسبت شجاعتها المفقودة................. بدأت تستكشف تلك الكائنات الجميلة عن قرب ................ والبداية كانت مع سهيلة ..............تلك الفرسة الناعمة كالثلج وكأن إسمها من صفتها فكان لها لوناً ثلجياً مميزاً.................فجسدها يبدو كمزيج سحري من اللبن والفضة .............مزيج رائع يسلب اللب ويأسر الكيان في لحظات ........... خاصةً عنـ.ـد.ما تلمح خصلاتها المنسدلة التي تبدو كخيوط رقيقة من الألماس ..............كانت سهيلة فرسة هادئة الطبع مما شجع إيناس على الإقتراب منها والتعامل السلس معها فكانت نقطة البداية مع سهيلة وأول إبرة علاج أعطتها إيناس للخيل بيديها كانت لسهيلة ...............أول من إلتهم قطع السكر من يديها كانت سهيلة

وكعادتها كل صباح إتجهت للإسطبلات ولكنها الآن أصبحت تقضي وقتاً أطول وخاصةً مع فرستها المفضلة المطعمة بلون السلام ...............

كانت بالغرفة تتحسس خصلاتها الماسية بيديها وتقدم لها بعضاَ من السكر وكأنها تشيد جسراً من التآلف الحلو المذاق بينهما ...........لحظات ثمينة قطعها صوت صهيل قوي ..........بل خائف................... خرجت من الغرفة مسرعة وعندها وجدت أحد العمال يحاول سحب رعد بقوة خارج الإسطبل

رعد .............الجواد الثائر ............النقيض لسهيلة ربما في كل شئ ........... الثورة والهدوء ...............الأسود والأبيض .................الخوف والإطمئنان ..............الحرب والسلام

نعم فثورة رعد نابعة من خوف حقيقي............خوف من الظلام الحالك المحيط به ...........خوف من المجهول الذي يتقدم نحوه رغماً عنه...........

نظرت إيناس للسائس بغضب وقالت : إيه ...........في إيه
السائس : معصلج يا دكتورة .........مش راضي يطلع وإحنا المفروض كل يوم نطلعه نمشيه الصبح ونرجعه تاني
إيناس : طيب إشمعنه النهارده
السائس : لا هو كده أوقات يطلع معانا وأوقات يرفض ونضطر نطلعه بالقوة

شعرت إيناس بالأسى من أجل الفرس المسكين فالسائس يصر على إخراجه والفرس متشبث بالأرض وكأنه طفل يخشى التعثر ...............إقتربت إيناس من السائس وفي حركة غير متوقعة سحبت منه السير المتصل باللجام ............لفت الحزام بثقة حول يديها وتابعت : هو إنت أول مرة تتعامل معاه ولا إيه .............مش بالعنف ده ........بالراحة
السائس بجدال : يا دكتورة زيه زي بقية الخيل ............ محتاج شـ.ـدة
إيناس وقد شعرت بعدم جدوى النقاش معه : فين دسوقي
السائس : دسوقي خالد بيه بعته مشوار وعلشان كده خلاني أنا اللي أطلع رعد
إيناس : اممممممم طيب روح إنت شوف شغلك وسيبلي رعد
السائس بدهشة : حاضر يا دكتورة


تركها السائس وحيدة بالإسطبل مع الحصان .............كانت تشعر أن دقات قلبها كطبول الحرب ..........ماذا تفعل الآن مع هذا الثائر الخائف ............وما تلك الورطة التي أقحمت نفسها بداخلها................حاولت أن تسحب السير بهدوء حتى تعيده للغرفة خاصته ولكن الحصان رفض أن يتحرك معها بل كاد أن يثور ويمتد صهيله لأقصى الكون عنـ.ـد.ما زادت من قوتها لتسحبه شعرت باليأس....................صمتت قليلاً ثم مدت يديها المرتعشة في محاولة للتربيت على رأسه .............تخللت أناملها الرقيقة بحذر خصلاته السوداء الناعمة ............كانت تنتفض رعـ.ـباً من داخلها .............عجيب هذا الفرس تستطيع أن تعشقه وترهبه بنفس اللحظة .............بعث هدوء رعد في نفسها بعض الطمأنينة مما جعلها تسترجع بعض ما قرأت عن فن التعامل مع الخيل ..............خطوة أخرى قد تمكنها من ترويض هذا الجواد الغاضب ولكنها تخشى تنفيذها ................كلما حاولت الإقتراب منه من أجل أن تكسب وده ببعض الهمسات تتراجع سريعاً خاصةً أنها تلمح الخوف المتجسد بوجهه................وكأنه مرض فينتقل إليها بمجرد النظر إليه..................تقرر تركه ................ثم تتراجع عنـ.ـد.ما تشعر بالشفقة من أجله فالظلام خانق كالموت ..........ولن يبدد كآبته سوى نسمـ.ـا.ت الهواء .......... نعم فتلك النسمـ.ـا.ت هي عطر الحياة الذي يخترق صدرك في ثوانٍ معدودة فيجدد الأمل بداخلك من جديد .................وأنت حقاً تحتاج لتلك النسمـ.ـا.ت أيها المسكين فأنت غاضب مسكين ..............

وكأن الجنون لحظة ...............وأي فعل مـ.ـجـ.ـنو.ن ستقدم عليه ..............جذبت قطعة من الشاش الطبي الذي تحتفظ به في حقيبتها ........غطت عيناها لتزيح وجهه الغاضب عن بصرها ..............أحكمت الرباط حول رأسها ............تكاد تكون مثله الآن ..............ترى ظلامه ............... تشعر بإحساسه وتتفهم خوفه...................إقتربت بجرأة وبدأت تبث همساتها في أذناه وهي تُمَلس برقة على وجهه..............وكأنها همسات من السحر ..............وكأن الطبيعة تأبى العجز فتعوض فاقد بصره بقدرة فائقة على السمع..............فهمساتها الصامته المرتجفة لها فعل السحر على الجواد الغاضب ................. وكأن جسور الثقة تنشأ في لحظات ........لحظات من الصدق ............ و إستجاب الحصان لها في النهاية وبكل بسلاسة ويسر خرج معها من الإسطبل ...............

*************************

خلعت رباط عيناها سريعاً وكأنها تسعى لإخفاء وصفتها السحرية .............ربما السر الذي ستحتفظ به مع رعد ..........همست بإذنه مرة أخرى : خلي ده سر بيني وبينك

ووسط دهشة العمال ..............سحبت الجواد بثقة ليستمتع ببعض التريض في الهواء الطلق ..................وللحظات شعرت بسعادة ليس لها مثيل ...........شعرت بسعادته


لم يصدق خالد عيناه عنـ.ـد.ما لمح خطواتها هي ورعد .............كانت تمسك السير برقة وتسحبه بهدوء والفرس خلفها طائعاً ..............
خصلاتها البندقية تتطاير بفعل الرياح ..........خصلات ثائرة و إبتسامة ساحرة...............إبتسامة قد تروض أقسى القلوب ............تذيب الجليد عنها وتخترق حاجزها الحجري بخبث ...........

سيطرت عليه حالة من الغضب أم ربما هي الغيرة ............. فهو وحده من يستطيع ترويض رعد ............ رعد ............أيها الأحمق ............هل طوعتك الأنثى بدهائها في لحظات !!!!!!!!!!!!!

إقترب منها وقد بدا غاضباً : إنتي طلعتي رعد إزاي
كان قريباً منها لدرجة أنها شعرت بأنفاسه الحارة الغاضبة تلفح وجهها .............تراجعت خطوة إلى الوراء بعد أن شعرت بالخجل والخوف ثم قالت بصوت خافت : أبداً السايس مكنش عارف يطلعه وأنا حبيت أساعد
خالد وقد بدت نبرته أكثر حدة : أنا مش منبه عليكي تاخدى بالك ومن رعد بالذات .............. ده حصان أعمى يعني ممكن يفاجئك بأي حركة ومت عـ.ـر.فيش تتصرفي
زمت شفتيها وغابت إبتسامتها ..............قالت له بنبرة حادة على غير عادتها : أعتقد محصلش مشكلة وحضرتك شايف إنه هادي وبعدين أنا بقالي فترة بقرأ وبكون معلومـ.ـا.ت يعني خطواتي مدروسة يا بشمهندس مش بجرب وخلاص
خالد : دكتورة إيناس أنا بحب كلامي يتسمع ومش بحب جدال كتير ................. ترويض رعد ده مش شغلك .............. شغلك العناية الطبية وبس ............مفهوم
إيناس : مفهوم ...........
قالتها بغضب بل ربما بحسرة بل بكلاهما ............أما هو فلم يشعر بحلاوة الإنتصار فقد تبدلت ضحكة عيناها في لحظات بسببه وغدت حزينة مرة أخرى .............خصلاتها البندقية هدأت وكأنها عادت لسباتها وحزنها مرة أخرى .......................

وتلامست أيديهم عن قصد منه وهو يسحب السير من يديها ............ شعرت بالغضب وبإرتجاف الحصان المسكين من نبرته الحادة .............. تركت السير ثم مدت يدها أمام فم الحصان لتمهله دقيقة من المتعة مع بعض قطع السكر الحلو .............دغدغ الحصان أناملها الصغيرة بسعادة بعد أن لونت حاسة التذوق لديه ببعض الحلا ............. وعندها رحلت في شموخ .................. أما هو فعلى قدر غضبه على قدر إعجابه .............وكأن حدته هي حصنه المنيع ضد سحر أمثالها ..............

*********************

كانت بمكتبها تُنهي بعض الأوراق وتفكر فيما حدث ..............ما الداعي لتحمل أسلوبه الحاد معها ............تلك الفظاظة الفطرية خاصته.............لا عجب أنه لا يستطيع التعامل سوى مع الخيل ...............لا فالخيل كائنات رقيقة ............هو ربما سيكون أفضل حالاً مع بعض الأسود أو ربما النمور ............لاحت على شفتاها إبتسامة وهي مستغرقة في أفكارها الشريرة ...........تتخيل خوفه أمام من هم أكثر منه شراسة .............أخرجها صوته من خيالها سريعاً .............كان يقف متكئاً على الحائط بجانب الباب وينظر نحوها وعلى وجهه إبتسامة ماكرة ........
خالد : طيب ما تضحكينا معاكي
إيناس : نعم !!!!
خالد : واضح إنك إفتكرتي شئ بيضحك
إيناس بجدية : لا أبداً ............إتفضل دي التقارير اللي حضرتك كنت طلبتها مني بخصوص الخيل اللي في بوكسات 14 و 16
خالد : ممتاز .............خلصتيهم بسرعة
إيناس : ده شغلي
أخذ منها الاوراق وهم بالمغادرة ولكن ما لبث أن عاد مرة أخرى .......ضغط بيديه على المكتب فأصبح في مواجهتها ...........نظر نحوها بتأمل مما أربكها فقالت على الفور : حضرتك عايز حاجة تانية يا بشمهندس
خالد دون ان تتغير نظرته بل ظلت ثابته ..........موجهة نحوها بثقة ثم تابع : روضتي رعد إزاي
إيناس : بيتهيألي إن الموضوع ده إتقفل خلاص ...........أنا شغلي العناية الطبية وبس
خالد وبنبرة أكثر إصراراً : روضتيه ........... إزاي
إيناس وقد إكتسبت ثقة أشعرتها بالإنتصار : حضرتك إعتبره حظ مش اكثر
خالد : بس الحظ صعب يتكرر
إيناس : ما هو مش حيتكرر
خالد بإبتسامة : لأ حيتكرر
إيناس : مش فاهمة
خالد : إعتبري مهام الوظيفة بتاعتك إتغيرت ..........العناية مش طبية بس ...........زي ما إنتي عايزة ............وساعتها حاعرف كان مجرد حظ ولا لأ
غادر بعد أن رمقها بنظرة من التحدي ...........غادر وتركها حائرة ...........ولكن سعيدة .

**********************

نظر يوسف نحو صديقه الذي كان يبدو عليه أنه غارقاً بأفكاره حتى الثمالة ............ إقترب يوسف من حمزة وبنبرة حانية قال له : مالك يا صاحبي
حمزة بضيق : مليش
يوسف : هو أنا حتوه عنك .........متغير بقالك كام يوم من ساعة الحفلة
حمزة : باين عليا
يوسف : هي الدكتورة حركت مشاعرك ولا إيه
إبتسم حمزة بسخرية : المشاعر ما بتتولدش في يوم وليلة يا يوسف
يوسف : إيه الكلام الكبير ده
حمزة : أنا أعرف ناس قصة حبهم تتكتب في ملاحم وبرده مش سعداء ...........مش بيقولوا الحب وحده لا يكفي
يوسف : يا سلام في إيه يا حمزة الموضوع مش موضوع إيناس
حمزة : هو إزاي الواحد يقدر يعيش جوه كدبة
يوسف : إيه ............مش فاهم
حمزة : إنك تكدب ...........طول الوقت بتكدب على نفسك وعلى اللي حواليك لغاية ما تصدق كدبتك وتبقى شايفها حاجة عادية مع إنها سخيفة ............سخيفة قوي
يوسف : مالك يا حمزة في إيه
حمزة : كنت موصله إسكندرية مش مصر ..........الأول كان بيخبي بس دلوقتي ولا فارقة معاه ...........تفتكر سلبيتها السبب
يوسف : هو مين ده !!!!!
حمزة : تعمدت أقول قدامها أني موصله مصر علشان أراقب ملامحها ........أحاول أفهم هي ساكته ليه
يوسف : هي مين ؟! إنت بتتكلم عن مين
حمزة بآسى : عن أبلة رقية
يوسف : مدام رقية وبشمهندس حسن !!!!
حمزة : هو متجوز وهي عارفة إنه متجوز وهو عارف إنها عارفة وبرده مصممين يعيشوا في متاهة ........يعيشوا في كدبة ............تفتكر هي دي السعادة
يوسف : حمزة إنت بتتكلم في موضوع حساس ........أنا مش عارف أقولك إيه
حمزة : بجد إيه الأسلم إنك تتكيف مع التغيير حواليك ولا تغمي عينك وتسد ودنك وتعمل نفسك مش شايفه
يوسف : دايما ضحكتك قريبة بس اللي يعرفك بجد هو اللي يفهم القلق المعشش جواك ..........فوت يا حمزة مش لازم تقف قدام كل حاجه وتحاول تحللها وتفهمها........
حمزة ساخراً : منا زحمة وربكة وشغل جنان
يوسف : أنا برده قلت حمزة جواه حاجه مش بيغني من فراغ
حمزة : أبلة رقية خايفة تواجهه وتواجه نفسها ...........خايفة من زلزال يغير حياتها ومتتقدرش تتأقلم معاه
يوسف : طيب انت ما دام فاهم مستغرب ليه
حمزة : أنا مش مستغرب ................ أنا حزين ..........علشانها وعلشانه كمان لإني عارف هو قد إيه بيحبها
يوسف : طيب ليه إتجوز عليها
حمزة ساخراً : يعني مش عارف ليه
يوسف : أنا شايف إنهم إتصرفوا صح هو محبش يجرح شعورها وهي فضلت تتجنب زلزال ممكن في لحظة غضب يهد كل حاجه


صمت حمزة ..............هل تحليل يوسف هو الأقرب للمنطق ..........للعقل ..........أم ان رقية تعيش تحت ضغط هائل ...........جدار حمايتها الزائف سيتصدع مع مرور الوقت ...........نعم هي تتجنب الزلزال الذي قد يحطم كيان أسرتها في لحظات ..............ولكن ماذا عن النار المتأججة بداخلها ............ ماذا عن البركان !!!!!!
تقف حائرة بالمطبخ بين أكواب الدقيق والبيض ............ وضعت الشكولاته الجافة بأحد القدور لتقوم بتذويبها كما نبهتها رقية .............اااااااااااااااااه رقية ..........تلك المرأة المسالمة التي تتبدل وتصبح وحش كاسر عنـ.ـد.ما يتعلق الأمر بالطعام ........... كانت حقاً تود التملص من تلك الدعوة خاصةً عنـ.ـد.ما علمت بوجود حمزة ............ فنظرات إعجابه تتزايد يوماً بعد التالي .............وكلما رمقها بها كانت تشعر بضيق لا حدود له يتمكن منها ويطغى على أنفاسها وكأنه ذنب بل ربما خيانة ................ ولكن هل حمزة فقط هو سبب رغبتها في عدم الذهاب أم ربما خالد ........... منذ مغامرتها الطائشة مع رعد وهي تشعر أنه يراقبها ............. ينتظر دون صبر ترويض آخر منها لحصانه الثائر وكأنه ينتظر فشلها أو ربما هروبها ...........و كأنها بترويضها لرعد قد تعدت على أهم ممتلاكته وقامت دون أن تقصد بفك شفرته الخاصة التي لا يبرع فيها أحد سواه !!!!! ياله من طفل كبير ............طفل غاضب كبير ............... ولكنها مع ذلك لم تستطع الإبتعاد عن رعد ........... كانت تتسلل بخفه لحجرة رعد بعد أن يترك خالد الإسطبلات ويعود لمكتبه ............

وكأن لحظاتها الثمينة مع رعد ملك لها فقط وليس من حق أي أحد التلصص عليها فهي لحظات ليست فقط من أجل رعد بل من أجلها هي أيضا ً ...........شعور جارف بالراحة بل بالسلام يجتاحها كلما ربطت عصابة عينيها ووقفت أمامه ...........تربت بحنان على وجهه وتهمس في أذنه بشكواها وكأنه أفضل مستمع على وجه الأرض تخبره كل ما تريد دون تردد أو خجل ................ وهو يستمع إليها دون كلل أو ملل .............نعم هي لحظات ليست من أجل رعد فقط ...............بل من أجلها أيضاً

أخيراً أنهت كل شئ ......... ألقت نظرة أخيرة على كعكة الشوكولا ثم لفتها بحرص وإتجهت نحو منزل رقية ............

نظرت نحوها رقية بمكر وهي تفتح لها الباب وقالت : طيب ما كنتي جيتي بدري مدام مش عايزة حد غيري يفتحلك
إيناس : زي ما وعدتيني محدش يعرف إن أنا اللي عاملها ...........طلع طعمها وحش ذنبك إنتي بقه إنتي اللي أصريتي إن أنا أعملها
رقية : ما هو لولا كده كان زمانك قاعدة في البيت ومجتيش منا عارفاكي
إيناس مبتسمة : بصراحة اه .............هو مين وصل
رقية : نيرمين وعمر ويوسف و حمزة ..........خالد هو اللي لسه موصلش
-
وأنا وصلت أهو
كان هذا صوت خالد وقد وصل لتوه وقد ظهر فجأة خلف إيناس وكأنه جاء من العدم

نظرت نحوه رقية مرحبة : أهلا أهلا إتفضل يا بشمهندس
كانت إيناس ما زالت ثابته بمكانها غير مدركة أنها تعترض طريقه ............
نظرت رقية نحوها بإبتسامة : إيناس يلا يا حبيبتي إتفضلي
أدركت لحظتها أنها تقف في طريق مروره فدخلت على الفور وهي تقول : متأسفة دون أن تنظر نحوه ودخل هو أيضاً دون أن ينظر نحوها أو يوجه لها التحية .............

تقدم خالد من حسن الذي قابله مرحباً ثم جلسوا سوياً منفردين بعيداً عن باقي المجموعة وإنشغلت رقية بتحضير المائدة وساعدتها إيناس ...........


قال خالد لحسن هامساً : شكلك مبسوط يا حسن ............. كان باين من صوتك وإنت بتعزمني
حسن : بيني وبينك طاير بس بحاول أخبي
خالد : إيه
حسن : رحت مع سهام إمبـ.ـارح عند الدكتور وعرفنا نوع الجنين
خالد : بجد .......مبروك
حسن : ولد ........ هو طبعا الحمد لله كل اللي يجيبه ربنا كويس بس فرحت قوي
خالد : ربنا يقومهالك بالسلامة......... بس هي رقية برده مفتحتش معاك الموضوع
حسن : من ساعة لما سهام كلمتها وقالت ليها مـ.ـا.تكلمتش ...........بيني وبينك في الأول أنا غضبت جداً وكنت ناوي أطلق سهام بس لما حملت ماكنش ينفع ...........ورقية فضلت ساكته جالي وقت كان نفسي تتكلم تنطق .......تغضب ..........أو حتى تغلط وتريحني
خالد : حسن إنت بتحبها
حسن : ومبحبش غيرها ..........مفيش مقارنة بين مشاعري ناحية رقية وعلاقتي مع سهام لكن برده بحب إبني من حقي يا خالد أنا ما أجرمتش
خالد : ومين قال إنك أجرمت
حسن : عينيها ...........نظرتها ومعاملتها ليا .......أنا بجد مش عارف أرضيها إزاي ...... ده أنا طول الوقت معاها هي والتانية يوم ولا إتنين كل أسبوع
خالد : أنا مش عارف أقولك إيه بس أنا عارف إنك مش حتقدر تستغنى عنها
حسن : مستحيل
خالد : خلاص .......لما مراتك تخلف يبقى يحلها ألف حلال وأكيد رقية مع الوقت حتتقبل الوضع الجديد
حسن : يا مسهل ............طيب يلا الأكل إتحط

 
إلتف الجميع حول مائدة الطعام جلست إيناس بجانب نيرمين وسحب حمزة مقعده وجلس بجانب إيناس متحججاً بمراقبة التلفاز الجيدة من هذا الموقع ........... و كان خالد يجلس على الطرف الآخر من المائدة بجانب حسن وإستغرقا في الحديث عن العمل

قالت نرمين لرقية : أكلك ملوش حل .............بصراحة بتعقد لما باكل هنا
رقية : بالهنا والشفا يا حبيبتي بس إنتي أكلك طعمه زي العسل منا دقته وعارفاه
نيرمين : بتجامليني ...........ماشي ماشي أنا موافقة
حمزة : أكل أبلة روكا ملوش مثيل ولا إيه رأيك يا دكتورة
قال جملته وهو يوجه بصره نحو إيناس
إيناس : طبعاً ده مش محتاج كلام
كان رد إيناس على حمزة مقتضباً وكأنها تود تجنب الحديث معه ولكنه لم يعبأ وتابع : بس ما قولتليش يا دكتور إيه رأيك في صوتي
إيناس بدهشة : نعم !!!
حمزة : صوتي إحم إحم لما كنت بغني نسيتي ولا إيه
نيرمين بسخرية : معلش يا إيناس أصل حمزة بيهتم قوي برأي الجمهور
حمزة : بقه كده إتريئي إتريئي ماشي
رقية : إنت يا حمزة قاعد مصدعنا ليه ما تروح تقعد جنب الرجـ.ـا.لة
حمزة : بتحرجيني يعني ..........أنا أصلاً قاعد جنب التليفزيون علشان المـ.ـا.تش قرب ده غير هناك مود كئيب ............ أتبع بقية كلمـ.ـا.ته بصوت خافت وقال : خالد وخالي كلام في الشغل ومكشرين كالعادة ويوسف مركز في الأكل بطريقة غير طبيعية
نظر حمزة لنرمين ضاحكاً وقال بصوت عالٍ : نيرمين خدي بالك أكليه كويس ده لو مالقاش أكل حياكلك إنت وعمر
يوسف : بقه كده طيب شوف مين حيوصلك وإحنا مروحين
حمزة : مش مهم حبات هنا ............تستضيفوني يا أبلة رقية
رقية : ولا أعرفك
حمزة : شفت الناس لبعضيها إزاي .................ميرسي يا أبلة حضريلي بيجامة خالي التركواز
رقية وهي تكتم ضحكتها : أسكت يا حمزة ........أسكت شوية وكل يابني إنت مش بتاكل على فكرة
حمزة : معدتي تاعباني مش قادر ...........
رقية : برده .............. يابني روح للدكتور يكتبلك حاجة لمعدتك دي
نظر نحو إيناس بإبتسامة وتابع : بقولك يا دكتور ما ألاقيش عندك دواء للمعدة
إيناس بضيق : اه عندي بس من بتاع الحصان
ضحك يوسف بصوت عالٍ عند سماع جملة إيناس مما جذب إنتباه خالد نحوهم ونحو محادثتهم سوياً ...........نظر حمزة نحو إيناس بإبتسامة قائلاً : مفيش مشكلة وعلى فكرة لو جبتيه حاخده .................أصلك متعرفنيش أنا مـ.ـجـ.ـنو.ن
إبتسمت له إبتسامة صفراء وتابعت تناول طعامها ببطء ..........أما خالد فظل يراقبها هي وحمزة بقية الوقت .........


جلس الرجال لمتابعة مبـ.ـاراة كرة القدم بعد الطعام وإستقرت كل من رقية وإيناس ونرمين بالحديقة ............... نظرت رقية نحو زوجها الذي مرت جميع الألوان بدرجاتها على وجهه وهو يتابع المبـ.ـاراة بشغف وقالت : علشان كده جبتكم تقعدوا معايا النهارده بجد مش بستحمل تعب الأعصاب بتاع الكورة ده
إنتفضت إيناس رعـ.ـباً بعدها بدقائق عند سماع صوت صراخ حسن وحمزة فضحكت رقية بشـ.ـدة وتابعت : معلش يا إيناس .........جون
إيناس : أصل أنا مش متعودة على الكورة
رقية : قصدك مش متعودة على مجانين الكورة
نيرمين : اللذيذ إن عمر قاعد معاهم مش خايف بالعكس منسجم خالص
رقية : اممممممم خدي بالك لحسن يطلع مـ.ـجـ.ـنو.ن كورة زيهم
نيرمين وما زالت تنظر نحو تجمعهم بإهتمام : بس خالد مش مـ.ـجـ.ـنو.ن كورة خالص .........حتى قاعد هادى ومبوز كالعادة
رقية : حـ.ـر.ام عليكي يا نيرمين .......لعلمك خالد من جواه طيب
نيرمين : جايز .............. توجهت ببصرها نحو إيناس وتابعت : إنتي عاملة ايه في الشغل معاه
إيناس : لأ عادي ...........هو شـ.ـديد شوية بس عادي يعني
نيرمين : شـ.ـديد شوية ............ يا بنتي ده البيج بوس بتاعنا كلنا ............كلنا بنترعـ.ـب منه إنتي مش شايفة يوسف وحمزة واخدين جنب ومنكمشين مع نفسهم إزاي
رقية : يا بكاشة مش للدرجة دي
نيرمين : مش للدرجة دي طيب ده أمبـ.ـارح مسك عادل الدكتور البيطري اللي بيتابع مزرعة المواشي مرمط بكرامته الأرض صوته كان واصل للطريق الصحرواي
رقية : ليه إيه اللي حصل
نيرمين : مش عارفة بقرة مـ.ـا.تت وإتنين عيانين جـ.ـا.مد ........... مش فاكرة
رقية : بصي يا نيرمين خالد شـ.ـديد في حقه كلنا عارفينه لكن مادام شايفة شغلك مظبوط خلاص
نيرمين : مش بخوفك يا إيناس والله أنا بحكي عادي
إيناس : لأ عادي مفيش مشكلة
رقية : أنا حقوم أعمل نسكافيه علشان نشربه مع الكيك
نيرمين : تمام فعلا محتاجة الإتنين

تركتهم رقية وعندها كان يبدو أن المبـ.ـاراة أنهت شوطها الأول ...............تقدم حمزة نحوهم وهو يحمل عمر الصغير وتوجه به نحو نيرمين وعلى وجهه ملامح الإشمئزاز قائلاً : خدي يا نيرمين غيريله
نيرمين ضاحكة : عمل بيبي
حمزة : أنا نفسي أعرف بتأكلوا الواد ده إيه ..........دي مش ريحة بيبي طفل أبداً
نيرمين : يا سلام خبير حضرتك حتى في دي
حمزة : إنت ناسية إني بتاع سماد ولا إيه

ضحكت نيرمين بشـ.ـدة ومعها إيناس على جملته ............ثم أخذت نيرمين يوسف لتقوم بالتغيير له وجلس حمزة دون دعوة مع إيناس .......
قال لها بإبتسامة : أخيراً ضحكتي على حاجه قلتها ........ ده أنا كنت قربت أقتنع إن دمي تقيل
إيناس وقد تبدلت إبتسامتها بمظهر أكثر جدية وقالت : لأ عادي أنا مش بيكون قصدي على فكرة
حمزة : طيب مش حتقولي رأيك بقه
إيناس : رأيي في إيه يا بشمهندس
حمزة : في كلمـ.ـا.ت الأغنية
إيناس : أغنية !!!!
حمزة : اللي غنيتها في عيد ميلاد عمر بلاش صوتي بس أسمع رأيك في الكلمـ.ـا.ت
إيناس : الكلمـ.ـا.ت جميلة
حمزة : بصي عادةً باكدب وبقول إنها من تأليفي لكن معاكي حقولك الحقيقة ...........هي بتاعة فريق جديد كده لسه مش مشهور قوي
إيناس : امممم هو عموماً اختيار موفق
حمزة : يعني عجبك تأليفي

نظرت له بدهشة ممتزجة بسخرية ثم تجولت ببصرها بحثاً عن رقية أو نيرمين وعندها تلاقت نظراتها مع خالد الذي كان يرمقهم بنظرات حادة ............غاضبة ............... لا تعرف ماذا أصابها ولكنها شعرت بالإرتباك لا بل بالغضب من حمزة وجلوسه معها ومن نفسها لسماحها له بذلك ومن تلك النظرة الغاضبة أو ربما اللائمة التي وجهها خالد نحوها ............. قامت على الفور تبحث عن رقية بحيرة فنظر نحوها حمزة بدهشة ثم قال : في إيه
إيناس : مفيش بدور على رقية
ظهرت رقية أخيراً وهي تحمل أكواب النسكافيه وعندها تقدمت إيناس نحوها تاركة حمزة دون أن توجه له حديثاً ........نظرت لها رقية في دهشة : إيه يا إيناس قمتي ليه
إيناس : معلش لازم أمشي
رقية : تمشي !!!! لسه بدري ماحنا قاعدين
إيناس : معلش تعبانة ولازم أروح أنام .......سلام

خرجت مسرعة ...........هاربة لعزلتها مرة أخرى لعلها تهتدي إلى الراحة بين ثنايا قميص شريف ............. أم ربما الغفران .
إستيقظت مبكرة ........... بل ربما لم تنل قسطاً كافياً من النوم .............. إرتدت ملابسها .............. إختارت بضعة من الصور خاصته ووضعتها في حقيبتها ............ربما لتنظر إليها من آن لآخر أم ربما لتلمس وجوده بجانبها ...............هو فقط من يجب يكون معها وليس آخر ...........توجهت للإسطبلات مبكراً عن موعدها المعتاد ........... لم تجد بيسو في إنتظارها كعادته فقررت الذهاب على قدميها ..........ليست بمسافة طويلة ربما نصف ساعة أو أقل ............ كانت تفكر به طوال الطريق ........... مازالت تشتاق إليه ............ أغضبها ما حدث بالأمس ......................إهتمام حمزة الذي ربما بدأ الجميع بملاحظته وبما فيهم خالد .................خالد وتلك النظرة التي وجهها نحوها .......................شريف أين أنت؟ هل سيفقدني هذا العمل ذكراك أم إخلاصي لك أم كلاهما ............. لا .........لن أنساك حبيبي ما حييت ............لن أكون لغيرك فأنت زوجي وحبيب عمري ألم نتعاهد على ذلك بقلوبنا قبل ألسنتنا.............توقفت وأخرجت صورته من حقيبتها ثم قبلتها وهي تنظر نحوها في شوق ........... أنت معي دائماً فأنت البطل الأوحد بعالمي الصغير ومن سواك هم مجرد كومبـ.ـارس وليس أكثر ................


وصلت للإسطبلات .............كان العمال ما زالوا يقومون بتجهيز الطعام وتطمير بعض الجياد ............ قررت المكوث مع سهيلة قليلاً قبل أن تبدأ بعملها المعتاد ...........هي تحتاج للمكوث مع تلك الفرسة بلون الحياة ..........رؤيتها تعطيها دفعة من المرح بل ربما من البهجة مثلما كان شريف يفعل معها وهي حقاً تحتاج لتلك النفحة المبهجة الآن ................كانت تراقبها بإبتسامة وهي تملس على خصلاتها الماسية بأناملها الرفيعة ...........لم تشعر بوجوده كان يقف بمدخل الغرفة الصغيرة يراقبها ........... غريبة هي حقاً تبدو في منتهى البراءة والنقاء ...........عنـ.ـد.ما تنظر نحوها تشعر أنك أمام أحد زهور الأوركيد بلونها الأورجواني المميز وطلتها الساحرة ...........نعم ساحرة تستطيع أن تخدع الجميع ببراءتها ولكن ليس هو ...........فقد رأى إبتسامتها ونظراتها نحو حمزة ..........ها هي إنجذبت بسهولة لأول من دق باباها .




قال على حين غرة ودون مقدمـ.ـا.ت : دكتورة ........... عايزك في بوكس عشرين
نظرت نحوه وقد فزعت أول الأمر بحديثه المفاجئ ........... أومأت برأسها بالإيجاب وتبعته إلى هناك ..............دخل خالد للغرفة الصغيرة حيث كان يوجد حصان ضخم بلون متدرج من درجات الأصفر والبني إقترب من الحصان بفخر ثم نظر نحوها وقال : أنا عايزك تبصي على سهيلة علشان غالباً حاعملها تشبية كمان كام يوم مع مصري ...........
قال جملته وهو يشير للحصان بجانبه
نظرت له بدهشة وقالت : مش فاهمة هو حضرتك عايز إيه
خالد وقد لاحت إبتسامة ساخرة على شفتاه : إيه يا دكتور تشبية يعنى تلقيح .........تزاوج يعني
طغت حمرة الخجل على وجنيتها ونظرت أرضاً عنـ.ـد.ما فهمت مقصده ثم تابعت : حاضر بس مش سهيلة صغيرة لسه
خالد : لا مش صغيرة هو 3 سنين حلو قوي أستفيد من سلالتها وبعدين أدخلها بعد كده سبق أو أبيعها براحتي
صمتت قليلاً وقد شعرت بالآسى عنـ.ـد.ما سمعت إقتراح بيعها ثم تابعت بصوت منخفض : حاضر
خالد : بصي عليها بشكل عام وقيسي النبض وكمان إديها حقنة مقويات .........تمام
إيناس : حاضر
خالد بنبرة حادة : حاضر ............حاضر .............عارفة حتعملي إيه ولا أنا حاقولك
إيناس وقد تمكن منها الغضب : عارفة يا بشمهندس ...........عنئذنك بقه علشان أروح أشوف شغلي
تركته وتوجهت غاضبة للفرسة وتبعها هو بنظرته الساخرة كعادته

*******************

لم تشعر بالوقت ............ربما مرت ساعة أو أكثر ............كانت قد قامت بقياس نبض سهيلة وفحصتها كما طلب منها ثم مرت على باقي الجياد وقامت بوضع بعض المقويات بعليقة البعض وقررت الإتجاه للعيادة لإحضار الحقنة من أجل سهيلة ...........
كان جالساً بسيارته دون إكتراث ممسكاً ببعض الاوراق ...........إنتبه لها عنـ.ـد.ما خرجت من الإسطبل ولاحظ بحثها عن بيسو لإيصالها ..........نظر نحوها وقال دون أن يتحرك من مكانه : بيسو عيان ..........واخد أجازة
إيناس : طيب ممكن حد يوديني العيادة علشان أجيب الحقنة
إعتدل في جلسته وقام بفتح باب السيارة ثم نظر نحوها قائلاً : تعالي
إيناس : لأ حضرتك متتعبش نفسك .............أي حد من العمال يوصلني
خالد : مفيش تعب........... إركبي



ركبت بجانبه على مضض بل ودت لو أنها ذهبت على قدميها ولكن حرارة الشمس منعتها عن ذلك ........... نظر نحوها بعد أن تحركت السيارة وقال : ها سهيلة تمام
إيناس : أيوة
خالد : كويس أصلك مت عـ.ـر.فيش أنا بهتم قوي بموضوع النسل وسهيلة دي فرسة أصيلة
أومأت رأسها بالإيجاب دون أن تنطق أو تنظر نحوه
تابع بعدها : حنعمل تشبية كذا يوم وبعدها إنتي بقه تتابعيها لغاية ما نتأكد من الحمل وبعدين حيكون ليها نظام غذائي معين فاهماني ده غير الأدوية والمقويات
إيناس : حاضر
خالد : بس إنتي إيه رأيك مصري حصان كويس صح ولا عندك إقتراح تاني
إيناس بضيق : معرفش
خالد : يعني ما ت عـ.ـر.فيش مش إنتي متابعة الخيل برده
إيناس : معرفش يا بشمهندس ............والله النسل والتزاوج ده شئ يخصك إنت انا بتابع طبياً وبس
خالد : مش عارف ليه يا دكتورة إنتي متعصبة من ساعة ما فتحت معاكي الموضوع ...........هي دي عصبية ولا خجل
..........


ظلت صامتة فلقد كانت تشعر حقاً بالخجل من التحدث عن هذا الأمر وبتلك الطريقة الفجة !!!! ............. لم تنظر نحوه ربما إن فعلت كانت ستلاحظ سخرية شفتاه وهو ينطق جملته الأخيرة .............

تابع بعدها : يا دكتورة هو مش لا حياء في العلم برده والمفروض إني باتكلم مع دكتورة على فكرة
شعرت أنه يقوم بتحديها ..........وكأنه يسعى لإفشالها .............هل ما زال غاضباً بشأن رعد ..........نظرت نحوه وقد لمعت عيناها ثم تابعت : سهيلة تمام ومناسبة ومصري مناسب ولو حضرتك عايزني أعمل تشيك على الخيل الباقي معنديش مشكلة بس الإختيار في الآخر لحضرتك
خالد بثقة : ما هو طبعاً الإختيار ليا أنا ........عموما وصلنا هاتي الحقنة
خرجت مسرعة وأحضرت الدواء وفي طريق العودة لم يتحدث كلاهما بكلمة ..............




********************

كانت رقية تجلس على طاولة الإفطار وبيدها كتاب صغير
إنتبه حسن للكتاب في يدها وإهتمامها به لدرجة أنها لم تسكب له الشاي كعادتها ...............نظر نحوها بدهشة وقال : ياه أد كده الكتاب شاغلك
رقية دون أن تنظر نحوه : أصله كتاب حلو
حسن : بس أنا أول مرة أشوفك بتقرأي
رقية : وهي القراءة حاجة وحشة
حسن : لأ مش قصدي .............وإسمه إيه الكتاب بقة
رقية : من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي
حسن بدهشة : إيه !!!! ودي قصة ولا كتاب
رقية : الإتنين قصة وكتاب
حسن : وجبتيه منين بقه
رقية : حمزة جابهولي وقاللي إنه كتاب حلو ونصحني أقرأه
حسن : قولتيلي حمزة .............. الواد ده كان لازق لإيناس إمبـ.ـارح كده ليه
رقية : إنت عارف حمزة بيتصرف بعفوية وأنا عموما حاشوفها إتضايقت ومشيت بدري ليه
حسن : طيب أسيبك للكتاب اللي واخدك مني ده
إبتسمت له إبتسامة بسيطة وتابعت تصفح الكتاب دون أن تكترث بإيصاله لباب الخروج كما إعتادت
عاد مرة أخرى ثم إقترب منها وسحب أناملها ليقبلها برقة ثم تابع : حبيبتي أنا راجـ.ـل أناني ........مش عايزك تتشغلي بحاجة غيري حتى لو كتاب
تركها وذهب لعمله ........إبتسمت ساخرة ثم عادت مرة أخرى لما تقرأه .

***********************


أنهت عملها مع سهيلة وهمت للخروج ولكنه كان يقف على الباب معترضاً طريقها............ نظر نحوها قائلاً : خلاص
إيناس : أيوه
خالد : تمام كده بعد يومين ثلاثة بالكتير حاعمل تلقيح وبعدها انتي عليكي متابعتها
إيناس : حاضر
خالد : طيب تعالي في لسه شغل
تحركت خلفه وهي تشعر أنها أمام يوماً طويلاً ربما لن ينتهي .............دخل خالد لغرفة رعد الذي إستجاب لصاحبه فور سماع صوته وكأنه كان ينتظر قدومه .............أمسك خالد باللجام ونظر نحوها بتحدي قائلاً : متطلعتهوش تاني ليه
إيناس : حضرتك دي كانت صدفة أنا ماسعتش لده
كان يسحب رعد ويتجه به خارج الغرفة ...........مر أمامها ..........كانت تنظر أرضاً وقد تناثرت بعض خصلات شعرها وتحررت رغماً عنها من ربطتها المنيعة ............لا يدري ماذا حل به ولكنه توقف أمامها وظل ينظر نحوها دون حراك ............هي أيضاً لم ترفع بصرها وكأنما شعرت بترصد عيناه وقررت إجتنابها ...............أما هو فعلى قدر رغبته في إلتقاء عيناهما على قدر تمنيه بعدم حدوثه ..............ربما هي حقاً لم تسعى لذلك فحمزة هو من فرض نفسه عليهابل هو من تتبعها للحديقة .............لا كان من الممكن أن ترفض الجلوس معه وتتجنب حديثه ........... هي مثلهن جميعاً ولماذا ستكون أفضل !!!!!

فجأة وبدون مقدمـ.ـا.ت بدأ حديثه بصوت عالٍ : حضريلي الطلبات اللي حتحتجيها علشان سهيلة ..............الأدوية وخلافه
إيناس : حاضر
خالد : خلاص روحي إنتي العيادة حخلي حد من العمال يوصلك
تركها وخرج لإمتطاء فرسه وهي خلفه لكي تعود للعيادة مرة أخرى ولكن إستوقف كلاهما ............سيارة .............. سيارة سوداء اللون ترجلت منها إمرأة ........... كانت تتقدم نحوه بشعرها الأحمر الذي أطلقته حراً .......... بل ثائراً............تركته للرياح تفعل به ما تشاء ............إبتسامتها تسبق قدماها للوصول نحوه ........... نظرت إيناس بدهشة لتلك الحمراء التي تتقدم نحوهم ............فهي حقاً كذلك فبجانب حمرة شعرها المتوهج إرتدت ثوباُ من اللون الأحمر القاتم وقد إلتصق بجسدها بشكل فاضح فبدوا وكأنهما كياناً واحداُ......... شفاها المطعمة بحمرة الكرز ............... خطواتها الجريئة التي جذبت إنتباه كل من في المكان لدرجة أنها تخيلت أن رعد ذاته إنجذب لها بشوق من رائحة عطرها النفاذ

إقتربت كارمن من خالد بجرأة و إستقبلها هو بملامح من الدهشة
كارمن ........... طالما نظر نحوها كوسيلة وليست غاية ........... وسيلة للإنتقام ............وسيلة للمتعة ...........ويبدو أنها تصر على حصر نفسها بهذا القالب !!!!!
قالت له : مفيش حمد الله على السلامة
خالد : كارمن !!!!
كارمن : وحـ.ـشـ.ـتني
خالد : إيه الزيارة الغريبة دي
إبتسمت بدهاء : مش مهم إنها تكون غريبة الأهم إنها تكون مرغوبة
نظرت حولها بملل ثم قالت : مفيش مكان تاني نتكلم فيه أنا حاسه إن كل الناس بتبص عليا
قالتها في إشارة واضحة للعمال المتواجدين حولهم وأيضاً إيناس التي كانت مازالت تقف بجانب السيارة منتظرة أن يقلها أحدهم
إبتسم خالد ساخراً كعادته وقال : ماهو فستان زي ده لازم الناس حتبص ولا ايه
كارمن وهي تضحك بثقة : الموضوع ملوش علاقة بالفستان ليه علاقة بصاحبة الفستان
وجه خالد كلمـ.ـا.ته نحو إيناس ونظراته ما زالت مرتكزة نحو كارمن ................
خالد : دكتورة إيناس بعد إذنك دقيقة
إقتربت إيناس نحوهم في دهشة من طلبه لها وقالت بجدية : أيوه يا بشمهندس
خالد : خدي رعد مشيه إنتي شوية على بال ما أخلص كلام مع المدام
جذبت إيناس رعد دون ان تلتقي عيناها بأي منهما ولكن كارمن ظلت تتفحصها من رأسها حتى أخمص قدميها ..........نظرت لخالد وإبتسمت بثقة بعد رحيلها وقالت : مش بطالة
إقترب منها خالد أكثر وتابع بهمس في أحد أذناها : مش بطالة إزاي ........دي زي القمر
كارمن : والله ........طيب مادام عاجباك ممكن ........أرسمهالك
خالد : على فكرة حتبقى لوحة جميلة ألوانها طبيعية مش لوحة تقليد بتدور على ألوان صارخة علشان تثبت بيها وجودها
كارمن : إنت شايف كده
خالد : رجعتي ليه يا كارمن
كارمن : مش جايز وحـ.ـشـ.ـتني
خالد : متتعامليش معايا على إني راجـ.ـل غـ.ـبـ.ـي
كارمن : تفتكر ده ممكن بعد اللي عملته فيا
خالد : هههههه كارمن بلاش تعيشي دور الضحية خاصةً يعني إنك لملمتي جراحك بسرعة قوي وإتجوزتي بعد العدة بأسبوع واحد
قالت بدهشة : ده إنت متابع بقه
خالد : أنا الأخبـ.ـار بتجيلي لغاية عندي



كارمن : معلش أصل ورقة طـ.ـلا.قي كانت مفاجئة وبرده وحدتي كانت مفاجئة بعد موت بابا وسجن كريم
خالد : إنتي جاية بعد السنين دي علشان تنبشي في ماضي
كارمن : منا قلتلك وحـ.ـشـ.ـتني ...........مصدقتنيش
خالد : وإن صدقتك
كارمن : يبقى تركب عربيتي ونكمل كلامنا في المكتب
خالد : بس إحنا كلامنا خلص ..............و من زمان يا كارمن

بدلال تقدمت نحوه .............إبتسمت بجرأة ونظرت نحوه بغموض وهي تهمس بصوت خافت متناغم مع لون البحر في عيناها وكأنه هدوء ما قبل العاصفة : إحنا كلامنا عمره ما حيخلص يا خالد ...........خليك واثق من ده

تركته وتقدمت لسيارتها ولم يجد بداً من إتباعها ................ولكنه ألقى نظرة أخيرة قبل رحيله على رعد ............وعليها أيضاً ............. صاحبة جدائل البندق .
لم يصدق هيم نفسه عنـ.ـد.ما إكتشف أنه أصبح وحيداً في مأواه الثمين ودون جُبن ................. بدأ الأمر منذ فترة عنـ.ـد.ما إعتاد هو وصديقه هاو تفتيش المتاهة يومياً من أجل البحث عن الجبن ............ فهو يمثل لهما السعادة ربما بأقصى درجاتها ........طعمه اللذيذ ولونه الأصفر اللامع بل إن سعادتهما إكتملت عنـ.ـد.ما عثرا على هذا المخزون الهائل من الجبن اللذيذ ومنذ هذا الوقت توقفا عن البحث وربما عن التفكير .........ظلوا يواظبون التردد على مخزون الجبن خاصتهم في حالة تشبه الإستسلام و دون أن يلحظا التغيير البسيط الذي يحدث حولهما ........... فالجبن ينفذ

إستيقظا على صدمة عنـ.ـد.ما إختفى الجبن ........... من الذي حرك قطعة الجبن الخاص بي لابد وأن أحدهم قد حركها من مكانها ............أبعد كل هذا المجهود والبحث المضني يختفي الجبن ........... لا سيعود الجبن حتماً سيعود

وهكذا ظل كل من هيم وهاو في إنتظار المعجزة وهي ظهور الجبن من جديد ............ تذكر هاو الفأرين الصغيرين رفيقا كفاح الجبن .......... وتسائل عن ما حدث لهما هل وجدوا جبناً آخر .........ربما علينا العودة للمتاهة والبحث من جديد ولكن هيم رفض بشـ.ـدة فلم يعد به طاقة للمتاهة وطرقها وحتماً سيعود الجبن ولكن هاو قرر في النهاية البدء من جديد داخل المتاهة قائلاً
في بعض الأحيان تتغير الأمور تلك هي سنة الحياة ويجب أن نواكبها
نعم لم يصدق هيم نفسه عنـ.ـد.ما غدا وحيداً دون جبن ودون صديقه ............فالتغيير مر من أمامه وهو يراقبه دون حراك

إبتسمت بسخرية ربما بعد أن قرأت القصة للمرة الخامسة ............. هل هي القزم هيم ربما لا.............. ف"هيم" في النهاية لحق بصديقه ووجد ما هو أثمن من الجبن ........... وجد ذاته ولكن هي ما زالت قابعة مكانها ترقب بيأس التغييرات حولها دون حراك وكأن تجاهلها للتغيير سيوقف حدوثه !!!!!

 
 

تفحصت المكان حولها ثم قالت له بنبره من الدهشة : المكتب مش من مستواك خالص يا دودي
خالد : معلش أصلي مش بهتم بالمكاتب .............هنا الإهتمام بالمزرعة وبس ............ وبعدين إيه دودي دي ..........هو من إمتى وأنا دودي
إبتسمت بمكر ثم إقتربت منه في دلال قائلة : عادي بدلعك
خالد : بس أنا مش بتاع دلع وإنتي عارفة
نظرت نحوه بشوق ثم قالت برقة : فاكر كنت بتقولي إيه زمان
كان جـ.ـا.مداً كالصخر لم يتأثر بقربها ولو حتى بكميات طبيعية من الأدريالين البشري ...........قال وهو ينظر لعينيها بثبات : بيجونيا
إبتسمت بثقة : كنت بحب لحنه قوي حتى أكتر من إسمي

إستدارت وتحركت بعيداً عنه ثم إستقرت بأحد المقاعد رفعت إحدى ساقيها فوق الأخرى في دلال وأخرجت سيجارة أشعلتها بهدوء وتابعت : بس إنت كنت تقصد أنهي معنى فيهم ..........الفضيلة ولا الخطر
إبتسم بسخرية : هو أكيد مش الفضيلة ولا إيه ..................وبعدين مش المعنى بس ...........إنتي شبه البيجونيا
كارمن وقد نفثت دخان سيجارتها بعصبية ثم تابعت : وكل الستات اللي مروا في حياتك كنت بتشبههم بالزهور
خالد : أغلبهم
كارمن : يعني مارجريت كانت إيه
خالد : إنتي جاية هنا علشان تسأليني عن رموز الستات في حياتي
كارمن : طيب بلاش مارجريت ...............البنت اللي بره إديتها إسم ولا لسه
تبدلت ملامحه من السخرية للغضب وتابع : شئ ما يخصكيش
كارمن وقد ألقت سيجارتها بعنف في الأرض وإقتربت منه بشـ.ـده وقد بدت أكثر تـ.ـو.تراً : لأ يهمني ............و لو كان قصدك تغيظني بيها فأنا إتغظت يا خالد ............عارف ليه لإني لسه بحبك
بنظرة حانية ولمسات رقيقة من أناملها على وجهه نطقت جملتها الأخيرة ..........أزاح يدها ببرود عنه ثم تابع : لعبة إيه اللي بتلعبيها يا كارمن
كارمن : أنا عمري ما خططت ولا كذبت يا خالد ............. بالعكس مشيت ورا قلبي وخسرت كل حاجة علشانك ............ والنهارده جيت وأنا جوايا مشاعر غضب وكره ملوش حدود بس كله إتبخر لما شفتك ..........
نظر لها ساخراً وتابع : خسرتي كل حاجة !!!!! خسرتي إيه يا كارمن أنا إشتريت منك نصيبي بالفلوس ...........طلقتك ورصيدك في البنك أكثر من نص مليون ...........كارمن إنتي الوحيدة اللي خرجتي كسبانه من الموضوع وإحمدي ربنا إني سبتك تتمتعي بفلوسي
كارمن : ياااااااااااااه ............... أحمد ربنا إنك سيبتني .............كنت حاتعمل فيا إيه أكثر من اللي عملته يا خالد ............كنت حتسجني زي كريم
خالد وقد بدأ يفقد صبره : أخوكي هو اللي سجن نفسه
كارمن : وأنا برده اللي سجنت نفسي ............ سجنت نفسي سنين جوه حب واحد عمره ما حس بيا ............
خالد : برده مصممة على نفس النغمة ..........
سحبت حقيبتها وأخرجت منديلاً لتجفف به عبراتها ثم تابعت : أنا حامشي دلوقتي وإنت فكر في كلامي ............ بس أنا حارجع ..........حارجع تاني يا خالد ..........
إقتربت منه وقد تبدلت عبراتها بإبتسامة خبيثة وتابعت : أنا قدرك ومش حتقدر تهرب مني
نظر لها ساخراً ثم تابع : متخلقتش الست اللي يهرب منها خالد رضوان ........... وإفتكري إن كله برغبتي أنا .............تدخلي حياتي وقت ما أحب وتخرجي منها برده وقت ما أحب .......وأنا دلوقتي بقولك برة يا كارمن

كانت جملته صارمة غاضبة ربما كالحصن المنيع ضد أنوثتها الطاغية ........... سلاحها الأوحد التي طالما أحسنت إستخدامه وما زالت ................كانت الإبتسامة بخبثها ما زالت على شفتيها ولكنها إمتزجت بنظرة غاضبة بعد سماع كلمـ.ـا.ته ............ كادت أن تقـ.ـتـ.ـلع قلبه لو إستطاعت ولكنها تماسكت وإختفت بمشاعرها داخل هيكل من البرود وقالت : باي حبيبي ............. حجيلك تاني بس مش حقولك إمتى ........... خليها مفاجئة !!!!!!!

 

أخيراً .............تنهد في راحة وقالها لنفسه بعد أن غادرت كارمن ......... غادر المكتب بعدها حيث شعر برغبة عارمة في إمتطاء رعد ولكن هل هي مجرد رغبة لرعد فقط أن أنه يود رؤيتها ............ تمنى أن تكون ما زالت هناك تمسك بلجام حصانه المحظوظ الذي ربما يشتم الآن عطر جدائلها البندقية إذا كانت الرياح سخية معه ............. شرد قليلاً ثم تدارك نفسه وزم شفتيه بعد أن شعر بإنجراف مشاعره نحوها رغماً عنه ............ لا هي ليست مشاعر بل مجرد خيال بائس ...........

كانت قد أنهت لتوها تريض رعد عنـ.ـد.ما وصل هو للإسطبل .........تقدم منها ورمقها بنظرة جادة ثم تابع : رعد فين
إيناس : دخلته البوكس
خالد : خلصتي اللي طلبته منك ........... أدوية سهيلة متنسيش
إيناس : حالاً حاروح العيادة وأجهز الطلبات لحضرتك
خالد : طيب حخلي حد يوصلك .........تردد قليلاً ثم تابع : ولا أقولك أنا حاوصلك مدام رعد دخل خلاص
إيناس : ملوش لزوم يا بشمهندس
خالد : منا كده كده راجع وكمان آخد منك الطلبات علشان أبعت حد يجيبها
إستقرت بالمقعد المجاور له وإنشغلت بمراقبة الطريق أغلب الوقت ............. نظر نحوها بمكر ثم قال : على فكرة أنا برده حاعرف السر
نظرت نحوه بدهشة : سر ........ سر إيه
خالد : سرك إنتي ورعد .............حالة الخضوع الغريبة اللي بيكون فيها معاكي
حاولت كبح مشاعر الإنتصار داخلها وهي تقول: إن شاء الله
شعر بالغيظ وتابع طريقه في صمت وقد زاد إصراره أن يكتشف سر ترويضها لجواده الثائر ...............

لقد كان يوماً شاقاً .......... قالتها لنفسها وهي تحاول الإستمتاع بحمام دافئ بعد يوم عمل شاق ......... عقدت حاجبيها عنـ.ـد.ما تذكرت كلمـ.ـا.ت خالد
" خدي رعد مشيه إنتي شوية على بال ما أخلص كلام مع المدام "

من يظن نفسه ليوجه لها أوامره بتلك الطريقة وكأنها أحد الساسة وخاصة أمام تلك الحمراء المتباهية ............. فعلتها فقط من أجل رعد فهي تعشق هذا الجواد بصهيلة القوي ولونه الأسود اللامع .............. عجباً طالما كرهت اللون الأسود ولكن مع رعد فإن الأمر يختلف ............
ما أن إنتهت من الإستحمام حتى سمعت دقات الباب .............. كانت الساعة قد قاربت على السابعة مساءاً ............. وجدت رقية تقف بالباب بإبتسامتها المعهودة
رقية : نعيماً
إيناس : ااااااه لسه واخده حمام دافي
رقية : حمام الهنا يا جميل
إيناس : يلا أدخلي نشرب شاي سوا
رقية : معلش أنا جاية أبلغك بس إني حسافر مصر كام يوم
إيناس : ليه خير
رقية : لا ياحبيبتي مفيش حاجة أنا بس ورايا مصالح حقضيها حسافر النهارده بالليل
إيناس : شكلك زعلان ............ إنتي زعلانه مني علشان مشيت بسرعة آخر مرة
رقية : إيه يا أنوس بطلي هبل ........... الحكاية كلها إني محتاجه أقعد مع نفسي شوية ومع علي أخويا
إيناس : تروحي وترجعي بالسلامة
رقية : معلش يا حبيبتي ........ مكنتش عايزة أسيبك بس غصب عني
إيناس : إيه يا رقية وهو أنا صغيرة ........... ده أنا باخد بالي دلوقتي يجي من خمسين حصان
قالتها إيناس ضاحكة في محاولة لإدخال بعض المرح لنفس رقية التي كانت عبراتها على وشك الهطول ........... إقتربت منها رقية وإحتضنتها بقوة ...........وتابعت : يلا أشوف وشك بخير
إيناس : متتأخريش عليا هه وإلا حاجي وراكي
رقية : لا اله الا الله
إيناس : محمد رسول الله

***********************

كانت تحضر حقيبتها وهي تتذكر المكالمة التي قلبت كيانها ........ غيرت كل شئ في دقائق معدودة ............ صوت سهام وهي تلقى في وجهها قنبلة من نوع خاص ........... الخبر الذي ظلت تكذبه لشهور رغم كل رسائل التأكيد التي داومت سهام على إرسالها لها بداية من عقد الزواج حتى إختبـ.ـار الحمل ..............
نظر حسن نحوها بعد أن جهزت حقيبتها وقال : برده مصممة على السفر
رقية : قلتلك يا حسن محتاجه أغير جو كام كمان عايزة أقعد مع علي ...........وحشني
حسن : خلاص زي ما قلتلك حاخد أجازة ونسافر سوا أو حتى نسافر أي حته إحنا بقالنا كتير ماسفرناش
رقية : لا ملوش لزوم تسيب شغلك ..........وبعدين كمان مش شرط توصلني إنت مابتحبش تسوق بالليل ممكن أي سواق يوصلني
حسن : سواق إيه اللي يوصلك بالليل كده وبعدين عادي حبات وأرجع الصبح ولا كمان مش عايزاني أبات
رقية : لأ عادي براحتك
حسن : خلاص يلا بينا
إستقرت رقية بجانب زوجها الذي رمقها بنظرة ذات مغزى وتابع بصوت هادئ : ما تيجي ننزل ونسهر مع بعض هنا أحسن
إبتسمت بحرص وقد فهمت مقصده فقالت بفتور : لأ معلش ........ يلا خلينا نتحرك
وهكذا تحركت السيارة وداخلها رقية وحسن ...........حسن بهواجسه إتجاه زوجته والتغيير الذي طرأ عليها ورقية ومحاولتها ربما لمواكبة ما حل بزواجها من تغيير ..............

************************


تمر الأيام متاشبهة ............. كصرير الأبواب المغلقة ...................فالزنزانة لا تقيد جسده فقط بل أيضاً أحلامه ...........طموحاته .............إنتقامه .............أصبح يحصي الدقائق في إنتظار خروجه البعيد ولكن الآن بعد عودة كارمن فقد إقترب من حلمه ...........من سعادته نعم فهي لن تكتمل حتى يُشبع شهوة إنتقامه ..............

جلست أمامه وقد بدت أكثر إتزاناً من المرة السابقة ولكن أكثر غضباً .............نظر كريم نحوها بمكر وقال : روحتي
كارمن : أيوه
كريم : وإيه الأخبـ.ـار
كارمن : زي ما إتفقنا .............. هو دلوقتي فاهم إني بستغل كدبة الحب علشان أنتقم منه
كريم : تمام ده حيبرر في الأيام الجاية زيارتك ليه في المزرعة وحيفكر في الإتجاه ده وبس
كارمن : وبعدين حاعمل ايه
كريم : زي ما فهمتك عينيكي صقر كمان عايزك تصوري المكان من غير ما ياخد باله خصوصا المخارج والمداخل وطبعا تكرري زيارتك لإسطبل الخيل
كارمن : وهو مش حيقلق
كريم : ما قلتلك إحنا عايزينه يفتكر إنك جايه تعرضي حبك وإن ده أساس خطتك في الإنتقام
كارمن : أنا بكرهه ..............بكرهه
كريم : بتكرهيه علشان رفضك ............صح
كارمن : أنا لو عايزاه تحت رجلي من بكره حاعملها بس أنا اللي مليش مزاج
ضحك كريم بسخرية شـ.ـديدة ثم تابع : جايز
كارمن : كريم .......... أنا عايزة أبرد ناري
كريم : إتقلي يا كارمن أنا مش عايزه يشك فيكي
كارمن : ما يشك .......... خليه ما ينامش الليل
لاحت على شفتيه إبتسامة ماكرة وقال : عموماً اللي بتطلبيه شئ مغري مش قادر أرفضه
كارمن : يبقى ننفذ ......... إعتبره نوع من المقبلات قبل الوجبة الرئيسية
كريم : مش حددتي مكان المزرعة
كارمن : أيوه ............ ده العنوان بالضبط وبالتفصيل الممل ..........بوابة 2 اللي هي مدخل مزرعة الخيل الحراسة عليها مش شـ.ـديدة قوى
كريم : تمام .............. إنها حنبعتله واجب الزيارة ........... ده بس علشان خاطرك يا حبيبتي

إبتسمت بدهاء ...........

وفي منزلها ...........عادت لوحدتها مرة أخرى بل ربما لغضبها .............عادت لتنثر ألوانها على صورته .............ألوان بلون الدم .
كانت تجلس وحيدة على مقعدها الهزاز تتأمل تفاصيل الظلام حولها .............. هي لا تعلم حقاً أي ظلام هذا الذي تتفحصه هل ما سبق من غفوتها أم ما هو قادم ................ هل هي حقاً غفوة تلك التي تحياها أم رضا أم ربما كلاهما................مر يومان منذ أن تركها حسن وعاد للمزرعة .............. منذ أن أصر على قضاء تلك الليلة ............ من أجل غرض واحد فقط ................ غرض ربما غاب عن عالمهما في الأشهر القليلة الماضية .............. وكعادتها لبت له رغبته وكأن سنوات عمرها أبت التغيير في لحظة فارقة وفي النهاية رضخت لرغبة حسن ...........

نظرت حولها فأيقنت أنها غارقة في الفوضى ............. يومان كاملان من إعداد شتى صنوف الطعام الذي إستمتع به حارس ال**** وأسرته في النهاية ............. إبتسمت بسخرية فقد جاءت من أجل التفكير ولم تفعل شئ منذ وصلت سوى الهروب منه .............. وكأنها تتمنى العودة لمنزلها معه وتجاهل كل ما يحدث حولها من جديد ........... ولكن هل حقاً ستستطيع أم ستظل في منتصف الطريق تخشى العودة وترهب الإستمرار .................

**********************

إبتسمت إيناس بسخرية عنـ.ـد.ما تذكرت رقية ............ حقاً إفتقدت تلك المرأة البشوش على الرغم من تأففها منها في البداية ........... كانت تجلس بالعيادة تنهي بعض الأوراق فالعمل لم يكن بالكثير في الأيام القليلة السابقة خاصةً مع إنشغال خالد بإتمام التزاوج الثمين وإنتظار مهر جديد لينضم إلى عائلته الكبيرة !!!!................ تركت ما بيدها وأخرجت بضعة صور لشريف ............. وكأنها تسعى لإخراج ذكرى مرئية له بمجرد أن تفكر بشخص آخر وخاصةً إذا كان رجل ........ كانت تتمعن في الصورة أمامها ............ملامحه الغائبة عن واقعها المحفورة بقلبها ولكنها إنتبهت لطرقات خالد ودخوله السريع كعادته فبادرت بوضع الصور سريعاً في حقيبتها بإرتباك لاحظه هو على الفور كما لاحظ أيضاً الصورة الصغيرة التي سقطت منها رغماً عنها .............. جلس على المقعد أمامها دون إكتراث قائلاً : صباح الخير
إيناس : صباح النور
خالد : أخبـ.ـار الشغل ايه تمام
إيناس : تمام
خالد : كويس ............ فاكرة الطلبات اللي كتبتيها علشان سهيلة
إيناس : أيوه
خالد : إكتبيها تاني علشان الغـ.ـبـ.ـي اللي بعته ضيع الورقه
إيناس : حاضر حجهزها وأبعتها لحضرتك
خالد : لأ إكتبيها دلوقتي علشان فوراً حابعته تاني
إيناس : دلوقتي حالاً
خالد : أيوه يا دكتورة ولا نسيتي وحترجعي تدوري في الكتب
قامت وقد قالت له في ضيق : لأ منسيتش ......... ثواني

أخرجت كتاباً صغيراً وورقة بيضاء لتقوم بكتابة ما طلبه منها ثم بدأت تبحث بيأس عن قلم !!!! وكأن أقلام الكون إختفت بتلك اللحظة .......... كانت تعبث بمحتويات المكتب أمامها وتفتح الأدراج دون جدوى ومع مرور الوقت زادت حدة تـ.ـو.ترها خاصةً مع تجسس عيناه وتمعنه في ملامح الإرتباك على وجهها .......قالت وهي تواصل البحث دون ان تنظر نحوه : معلش بدور على القلم ............مشكلة دايماً تضيع مني الأقلام ..........

إبتسم بسخرية وود أن يبقيها هكذا لساعات تبحث دون جدوى فاللوحة المتجسدة أمامه بإرتباكها وخجلها تبدو غاية في الروعة ولكنه قرر في النهاية أن يوقف بحثها المضني ليس فقط من أجلها أو من أجل وقته بل من أجل تلك الصورة التي سقطت منها ............ ناولها القلم وهو يبتسم بثقة : إتفضلي أنا معايا قلم
إيناس : متشكرة

شرعت تكتب الأدوية مرة أخرى وعندها مد هو قدمه بحرص ليسحب الصورة برفق ........... أخذها دون أن تنتبه له ........... كانت صورة لرجل يبدو في أوائل عقده الثالث .........وجه بشوش .............. ملامح تبعث الراحة في النفس منذ أول وهلة ............ يبدو كرجل مسالم ............. هادئ .................

إنتهت إيناس وناولته الورقة وهي تقول : خلاص ........... إتفضل
خالد : تمام ............. إبتسم بمكر ثم ناولها الصورة قائلاً : دي وقعت منك
بدت ملامح الضجر على وجهها أو ربما الذنب لفقدانها الصورة ............. سحبتها سريعاً من يديه وكأنه ليس من حقه الإمساك بها وقالت : أيوه
نظر بسخرية وتابع : دي صورة أخوكي
صمتت قليلاً ........ من أنت لتسألني عن صاحب الصورة فهذا ليس بحق لك ........ نظرت نحوه بحده وربما لأول مرة يلحظ تلك اللمعة بعيناها وقالت : لأ دي صورة جوزي .

*****************

زوجي ............. نعم كانت تلك هي كلمتها لم تقل زوجي الراحل ولم تقل المرحوم كما إعتادت والدته بل قالت زوجي وكأنه ما زال زوجها وكأنه لم يرحل .............. قابع بعالمها يأبى أن يتحرك ............ ما هذا هل يشعر بالغيرة من الرجل ............. ربما فللحظات يتمنى أن يكون مكانه أن تكون إيناس له ............بإخلاصها وبراءتها.................... حتى بعد أن يموت !!!!!!!

*****************

كانت تمسك بصورة شريف وبطرف منديل رقيق تنظف الأتربة التي علقت بها ............. شعرت بالغيظ ربما منه أم ربما من نفسها لأنها كادت أن تفقد صورته بل ربما من نظراته العابثة للصورة ............. لقد كانت ذكراها بين قبضة يديه وهذا ليس من حقه ........... وليس من حق أي رجل ........ طرقات الباب تدق من جديد ............ تنهدت بضيق لعودته مرة أخرى وولكن تلك المرة لم يكن هو ............. كان حمزة بإبتسامته المعتادة وكأنها جاء في أكثر الأوقات خطئاً بالعالم ..........رحبت به بفتور لم يثنيه عن الدخول والجلوس بنفس مقعد خالد منذ قليل .......
حمزة : صباح الخير
إيناس : صباح النور .......... إزيك يا بشمهندس
حمزة : تمام إنتي إيه أخبـ.ـارك
إيناس : الحمد لله
حمزة : أبلة روكا لسه مارجعتش
إيناس : لسه
حمزة : كئيب المكان من غيرها صح
إيناس : اه فعلا
حمزة : أنا حتى لسه شايف خالو دقنه طويلة وهدومه مش مظبوطه وحالته صعبة ........... أصله ما يقدرش يستغنى عنها
إيناس : ربنا يخليهم لبعض
حمزة : طيب أنا مش حعطلك أنا بس كنت محتاج منك خدمة
إيناس : إتفضل
حمزة : إنتي بت عـ.ـر.في تدي حقن
إيناس : اه بعرف
حمزة : لبنى آدم مش حصان
إيناس : أيوه بعرف كنت بديهم عندي في البيت
حمزة : حقن عرق
إيناس : أيوه

قام من على كرسيه على الفور وهو يقول : كويس جداً ........... ثم أخرج حقنه معه ودواء مضاد حيوي وشمر ذراعه وتابع : ممكن بقه تديني الحقنه دي
إيناس بتلعثم : دي ........حقنة إيه
حمزة : إتخضيتي كده ليه هو شكلي مدمن وعلى علشان ببان مبسوط
إيناس : لا أنا آسفة مش قصدي
حمزة : أصل أنا رحت للدكتور وقالي عندك فيروس في المعدة وكتبلي حقن ويومين أروح وادي النطرون آخد الحقنة في الصيدلية مخصوص هناك خصوصا إنها عرق ومش أي حد بيعرف يدي حقن في العرق وبعدين فكرت فيكي وقلت جايز تكوني بت عـ.ـر.في أهو تريحيني من المشوار ............. ممكن بقه خدمه لأخوكي الغلبان
أومأت بالإيجاب مبتسمة وكأنها قررت مساعدته عنـ.ـد.ما لفظ بكلمة أخوكي ................

قامت بتحضير الحقنه وأمسكت ذراعه لإعطائها له وإبتسمت حين لاحظت عيناه المغمضه وفمه المفتوح وكأنه يحضر لعرض الصراخ الشـ.ـديد ....... نظرت له وقالت وهي تلقي الحقنه في السلة بجانبها : خلاص خلصنا
حمزة : إيه ده بجد
إيناس : أيوه يا بشمهندس خلاص
حمزة : ياه ده إنتي إيدك خفيفة خالص يا بخت الخيل
تبدلت إبتسمتها مرة أخرى وقالت بجدية : متشكرة وربنا يشفيك
حمزة : يا رب ........... حعدي عليكي بكرة كمان بس علشان آخر حقنه
إيناس : مفيش مشكلة
حمزة : مش محتاجة أي حاجة أجيبهالك
إيناس بدهشة : لأ ميرسي
حمزة : بجد بيضتين شوية جبنة رومي .......
ضحكت بدهشة وتابعت : لأ شكراً
حمزة : أيوه كده علشان أسيبك وإنتي بتضحكي .......... علشان محسش إن دمي تقيل
إبتسمت بحرص ولم تجيبه تابع هو بعدها : وكمان بوصلك سلام نرمين وعمر
إيناس : بلغهم سلامي
حمزة : يلا ......... أمشي بقه .......... مع السلامة
إيناس وقد نظرت للأوراق أمامه لإدعاء العمل : مع السلامة يا بشمهندس

*********************

إنها ليلة قمر مكتمل ............... هل سيعود الذئب للحياة كما إدعت الأسطورة ............ إنه الشر الكامن بنفوسنا وقد لا ينجو أحد من براثنه ................
مون لايت سوناتا .............. طالما عشقت تلك المعزوفة ..............ربما من أجله .............. لطالما أخبرها أنها لا تشبه معزوفته الثمينة في شئ ............ فهي تبدو كمعزوفة صاخبة .................مضطربة ...............نعم مضطربة ولكن بسببك أنت يا خالد................. أطلقت العنان لخصلاتها الحمراء ............. بل لجسدها ............... تتمايل على معزوفته .............راهنها مراراً أن إنحناءتها الرشيقة لا تتناسب مع موسيقى بيتهوفن خاصته ............. ولكن ها هي الآن تؤدي رقصة أخرى .............. رقصة من أجله ولكن تلك المرة لن يتمكن من المشاهدة ............ فهو لديه موعد مع نوع آخر من الرقص ...........




نظر خالد للساعة فوجدها قد قاربت على الثانية صباحاً .............. ليلة أخرى من الأرق والفضل يعود لكارمن ............ فعقله دائم التفكير في سبب عودتها ...............وبالطبع لا يصدق حيلة العشق البالية التي إتبعتها فأي عقل بائس سيصدق هذا الهراء ............ أخرجه صوت غريب من أفكاره ............ نعم هناك .......... هناك شخص ما بالحديقة ............. إرتدى قميصه مسرعاً وقفز لداخل الحديقة ربما قبل أن يربط جميع أزراره ........... وقبل أن تتجول عيناه بحثأ عن مصدر الصوت باغته أحدهم بلكمة قوية أفقدته توازنه ووقع على الأرض في لحظتها ........... كان رجلاً قويا ....... إبتسم له بمكر أسفر عن ظهور صف أسنانه الصفراء المتهالكه ثم إقترب منه ليلكمه مرة أخرى ولكن خالد لم يكن ضعيفاً هو الآخر فجسده يكاد يكون بنفس قوة هذا البائس فقام على الفور ليقفز برشاقة على المعتدي ويباغته باللكمـ.ـا.ت وبالفعل كاد أن يتفوق عليه لولا ظهور آخر من العدم وكان أقصر من كلامها ولكنه كان عنيفاً لأقصى حد حيث أحاط رقبة خالد بسلسلة حديدية وباشر في جذبها بقوة فمنع عنه الهواء حتى إرتخت قبضة خالد من على الآخر وعندها ترك السمين السلسة وقام بلفها على قبضة يده ووجه لكمة قوية لخالد لم تطرحه أرضاً فقط بل قذفته بقوة ليرتطم ببعض الأواني الفخارية ويسقط داخل الحديقة الأخرى الخاصة بفيلا إيناس ..................

شعر بطعم الدماء بفمه ............ حاول أن يتصدى لهم أكثر من مرة ولكنهم باغتوه بلكمـ.ـا.ت شـ.ـديدة بوجهه وبطنه حتى سقط أرضاً في النهاية ولم يعد لديه قدرة على المقاومة ....... إستمع بصعوبة لأصواتهم البائسة وهم يقولون : دي تحية من كريم باشا................. ههههههههههه ودي مش أول تحية لسه التقيل جاي ...........
قالها السمين في النهاية وهو يخرج سلاحاً حاداً ويوجهه نحوه .............. قربه من جسده والآخر يحثه على إنهاء ما ينويه سريعاً والهروب وبالفعل قربه منه من أجل أن يطعنه بمهارة محدثاً أكبر قدر من الألم ولكن دون أن يقضي عليه ........... ولكن حدث شئ غريب فقد باغتته المياه من كل جهة ............ إندفعت صنابير المياة في الحديقة فأغرقتهم جميعا في لحظات وأُضيئت الأنوار فجأة مما جعلهم يهربون على الفور ولكن السمين قام بجرح خالد في ذراعه بسلاحه الحاد قبل هروبه


فتحت عيناها فجأة على صوت إرتطام شـ.ـديد ............ نعم يبدو أنه إرتطام جسد بشئ ما بل وربما تكسير أشياء .....................شعرت بالفزع ....... قامت على الفور تتحسس طريقها بحرص في الظلام حتى وصلت للنافذة وعندها رأتهم .......... ثلاث رجال أحدهم أرضاً يتلقى اللكمـ.ـا.ت بشـ.ـدة من الآخرين .......لم تكن الرؤية واضحة ......... ظلت تتابع الموقف بفزع حتى إستبينت ملامحه إنه خالد !!!!!!!!!!!
شعرت بالفزع ......... ماذا تفعل ........... أخذت هاتفها وحاولت الإتصال بحسن ولكنه لم يجب ........ كررت الإتصال عدة مرات دون جدوى حتى تملك منها اليأس ......... توجهت مسرعة لغرفة المعيشة ......... وقفت تراقب ما يحدث عن كثب من خلف الستائر الثقيلة والهاتف بيدها تعاود الإتصال دون جدوى ............شعرت بشلل أصاب عقلها وأوقفه عن التفكير ........... فهي تراقب الإعتداء الغاشم وليس لديها القدرة على فعل شئ ولكن فجأة تبينت أعينها النصل اللامع في قبضة أحدهم ........شعرت أنها على بعد ثوانٍ من مشهد قـ.ـتـ.ـله .......... وعندها لم تفكر أضاءت جميع أنوار الحديقة دون وعي وفتحت رشاشات المياة كنوع من جذب الإنتباه وكانت محظوظة إذ أنهم فروا هاربين ظناً بوجود رجل آخر في المكان .

 

نعم هربوا ............ ظلت جـ.ـا.مدة في مكانها لدقائق تحاول إستيعاب رحيلهم وعندها أدركت المياة المفتوحة وجسده الممدد على الأرض فقامت على الفور وأغلقت محبس المياة وهمت تتجه سريعاً نحوه ولكنها إستدركت في آخر لحظة أنها ترتدي ملابس النوم فعادت مسرعة ولفّت جسدها بروب طويل ثم خرجت مرة أخرى للحديقة ............. كان ممدداً على الأرض مضرجاً بالدماء ............ توجهت نحوه في فزع وهي تقول بصوت مرتجف : بشمهندس خالد .............بشمهندس خالد إيه اللي حصل .......... فوق أرجوك

كانت ملامحها غير واضحة بالنسبة له وكأنه في حالة متأرجحة بين الوعي والغشيان ......... نظرت حولها في يأس ............ فكرت أن تطرق باب فيلا حسن ولكنها تراجعت فربما لن يسمع الباب كما لم يشعر بالهاتف ........... لم تجد بداً من سحبه للداخل ولكنه كان ثقيلاً فجسدها الضعيف لا يستطيع تحريك جسده الضخم ...........كانت تحاول بيأس وتطلب منه مساعدتها حتى تستطيع معالجته ............ بدأ يستوعب ما يحدث ........... إنها إيناس وهو مكوم على الأرض بحديقتها غارقاً في دماءه وأيضاً في الماء !!!!! ...........


حاول الوقوف مستنداً عليها بصعوبة حتى إستطاعت جذبه وأجلسته على أقرب مقعد بطاولة بمدخل غرفة المعيشة مباشرة ً ........... ظلت تنظر نحوه في دهشة لا تدري ماذا تفعل ولكنها ما لبثت أن إستعادت تركيزها ............ أحضرت منشفة كبيرة لتجفيف جسده المبلل وبقطعة قماش ربطت جرحه النازف وبمنشفة أخرى مبللة بدأت تنظف وجهه المدمم ............. كانت أنفاسها مسموعة ............ شعر هو بإضطرابها الشـ.ـديد بعد سماع أنفاسها السريعة خاصةً مع إرتعاش أناملها وهي تحاول تجفيف الدماء التي إنسدلت بغزارة من أنفه وفمه ...........بدأت ملامحها تتضح رويداً رويداً في عيناه ......... كانت نظراتها حائرة خائفة .........مرتكزة بقوة على وجهه وكدمـ.ـا.ته ............ عروق زرقاء صغيرة تخللت جبهتها في إشارة واضحة لتـ.ـو.تر حاد أصابها في تلك اللحظة ......... كانت شفتيها ترتجف لا بل كانت تتمتم بكلمـ.ـا.ت غير مسموعة ..........ماذا عساها تقول
حرك إحدى يديه وضغط على جرحه بقوة وقال بصوت منخفض يبدو أنه جاهد من أجل إخراجه : إنتي ........ بتقولي إيه
نظرت نحوه وما زالت ملامح القلق على وجهها هي سيدة الموقف ............ قالت له بصوت مرتجف : إيه
خالد : بتقولي .........إيه ............
إيناس : بقول أسترها يا رب
إبتسم لها وتابع بهدوء : متخافيش ............ قالها ثم ترك ذراعه المصابه فبدت الدماء كثيرة ............. نظرت إيناس للجرح في فزع وتابعت : لازم نكلم حد .............. لازم تروح المستشفى ............. أنا بطلب بشمهندس حسن مش بيرد أعمل إيه
خالد : حسن مش موجود ........... سافر إسكندرية وكمان تلاقي موبايله سيلنت
إيناس : مش موجود ........ طيب أكلم مين
خالد بأنفاس متقطعة من الألم : متكلميش حد ............. بصي روحي العيادة وهاتي مطهرات وشاش من هناك
إيناس بفزع : إيه ...........أنا
خالد : إنتي خايفه أخلصلك مخزون الخيل ولا إيه ........... أرجوكي أنا تعبان محتاجك تنضفي الجرح وتربطيه
إيناس بتردد : إيوه بس ممكن يحتاج خياطة
خالد : لا لا مش شرط إنتي بس هاتي الحاجه وكمان حتلاقي عندي في الفيلا عندي جنب التليفزيون دوا مسكن أرجوكي هاتيه بعد إذنك
إيناس مضطرة : حاضر
هرعت بالفعل نحو العيادة وأحضرت بعض الملتزمـ.ـا.ت من هناك ثم توجهت للفيلا خاصته وأحضرت من غرفة المعيشة دواءً مسكناً وآخر عبـ.ـارة عن مضاد حيوى وجدته بالمصادفة وعادت وقد أغمض خالد عيناه وبدا متستغرقاً في النوم .......... ربما من الألم .............. إقتربت منه بحرص وهي تقول : بشمهندس .......... بشمهندس خالد أنا جيت

لم يشعر بكلمـ.ـا.تها على الرغم من أن يده كانت ما زالت تضغط بقوة على موضع الجرح ............لم تجد بداً من الإقتراب بحرص وتحريك يديه من أجل تنظيف الجرح ولكن في حركة فجائية إنتفض فزعاً وقام بسحبها بيده الأخرى وكأنه شخص يريد مهاجمته .......كانت ذراعه مطبقة على خصرها بقوة وقد جذبها نحوه وهو يقول : كارمن ............ ناوية على ايه كارمن ............هه .............عايزة إيه
إيناس وهي تحاول بصعوبة التخلص من قبضته دون جدوى : كارمن مين ............ فوق يا بشمهندس أنا إيناس ........... أرجوك سيبني
ظل جـ.ـا.مداً لدقائق ثم أرتخت قبضة ذراعه وتركها ....... إبتعدت في فزع وظلت نتظر نحوه برهبة ...........تمتم قائلاً : أنا آسف ............بجد آسف ....... أرجوكي إوقفي النزيف
أغمض عيناه مرة أخرى .........ظلت ترقبه من بعيد خائفة من الإقتراب حتى سمعت عبـ.ـارته الأخيرة : متخافيش ....... متخافيش مني

إقتربت منه وبدأت في تنظيف الجرح لم يكن غائراً ولكن فقد بسببه الكثير من الدماء ........... قامت بتنظيفه وتطهيره بالبيداتين ثم قامت بلف الشاش حوله بإحكام وتأكدت من توقف النزيف تماماً وعادت لوجهه مرة أخرى وبدأت بمعالجة الكدمـ.ـا.ت والجروح به ........... مرت حوالي ساعة عندها كانت قد إنتهت تماماً ......... بدا وجهه أفضل على الرغم من آثار الكدمـ.ـا.ت ........... كان ينظر نحوها بتمعن ............ على الرغم من آلامه ظل يراقب تفاصيل ملامحها طول الوقت ........... القلق الشـ.ـديد البادي على وجهها............ العسل اللامع بمقلتيها .............بدت بشرتها بيضاء وكأن الدماء قد غادرتها فزعاً ............ كلما لامست أناملها البـ.ـارده جروح وجهه شعر بالراحة وكأنها نبات سحري خرج من الحديقة لمداواة جروحه ............

كانت تتحاشى النظر نحوه طوال الوقت فعيناها لا تنظر سوى لموضع الكدمـ.ـا.ت من أجل معالجتها وفقط ....... قالت له بعد أن إنتهت : خلاص ....... خلصت
خالد : طبعاً وشي متشلفط
إيناس : معلش يومين والكدمـ.ـا.ت حتروح وحيهدى إن شاء الله
نظرت نحوه وهي تقول جملتها الأخيرة وعندها لاحظت تلك النظرة المتمعنة التي يوجهها نحوها .......... بدأت في لملمة أشيائها وتابعت : هو بس حضرتك تحط عليها ثلج
خالد : طيب عندك ثلج
إيناس : اه............... ثواني ............. قامت وأحضرت له الثلج ..............على الرغم من ضيقها من نظراته في أغلب الأحيان وأحياناً خوفها ............إلا أنها شعرت بالشفقة من أجله فقد تعرض الليلة لتجربة سيئة مع الألم بل كاد أن يفقد حياته .......

وضع خالد كيس الثلج على جبهته وتابع : إنتي اللي شغلتي الميه وإيدتي النور صح
إيناس : أيوه
خالد : بس كانوا ممكن ميهربوش ويإذوكي لو عرفوا إنك لوحدك
إيناس : أنا مفكرتتش أنا شفت السكينة في إيد واحد منهم إتخضيت وعملت كده
خالد : خفتي يموتوني
إيناس : هما ليه كانوا عايزين يموتوك
خالد : لا هما مكانوش عايزين يموتوني ....... ده كان مجرد تخويف
إيناس بدهشة : تخويف !!! من إيه
خالد : مش مهم من إيه المهم إني أخاف وخلاص وأعيش في قلق ده كافي إنه يبسطه
إيناس : هو مين ده
خالد : واحد ............ أو جايز واحده ........... بس الأكيد إني مابسيبش حقي وواضح إني محتاج أفكرهم بده
صمتت إيناس عنـ.ـد.ما شعرت بالنبرة الإنتقامية في حديثه نظر نحوها وتابع برقة : المهم إني لازم أشكرك على اللي عملتيه معايا النهارده
إيناس : العفو يا فنـ.ـد.م ........ أنا ماعملتش غير الواجب
ظل ينظر نحوها لوهلة صامتاً ثم إستند على الطاولة وقام بالوقوف وتابع قائلاً : أنا متشكر على العناية الطبية المميزة دي واضح إن الخيل عندي محظوظ لوجود دكتورة شاطرة زيك ............
أنا طبعاً مش حاقدر أنزل بكرة الشغل فإنتي حتكوني مكاني و ياريت تبعتيلي دسوقي الصبح على الفيلا ............
إيناس : حاضر ...........حضرتك ما تقلقش
إبتسم لها وتابع : تصبحي على خير
إيناس : وحضرتك من أهله

غادر خالد وتركها مع الأرق .............. ظلت بالحديقة تراقب السماء وتفكر فيما مر من أحداث .............. تذكرت هجومه عليها ظناً منه أنها شخص آخر وكأنه كان يحلم ............ قال كارمن ........... نعم إنها هي الصهباء التي جاءته منذ أيام ..............يبدو أن وراءها الكثير من الأسرار وربما الخطر أيضا ً .
على الرغم من أنها لم تنل قسطاً كافياً من النوم إلا أنها كانت تشعر بالنشاط ................ توجهت مبكرة للإسطبلات ومارست عملها المعتاد بل شعرت بقدر من المسؤولية في غيابه ............. أبلغت دسوقي أن خالد يطلبه بالفيلا .............. وبعد إنتهاءها من عملها ذهبت لرعد ............كانت تقف أمامه .............تطعمه قطع السكر المحلاة كما إعتادت وتتحدث ......... تحدثت كثيراً ........ أخبرته عن ما حدث بالأمس وكأنه ليس بجواد لا بل صديق .......... صديق إعتادت أن تفرغ ما في جعبتها بأذنيه وهو يستمع لها دون كلل .

-
تعرف طلع بينضـ.ـر.ب عادي زينا ........... كانت تلك أول كلمـ.ـا.تها بأذن رعد وكأن صورة خالد بقسوتها وغضبها قد تبعثرت أمامها عنـ.ـد.ما شاهدت الإعتداء عليه تابعت وهي تضحك بسخرية : كان حيبكي ............. فعلا من الألم حسيت إنه حيبكي لما كنت بطهر الجرح بس مسك نفسه ............. عارف الجانب الشرير جوايا كان عايزة يبكي جايز ساعتها كنت ححس انه ضعيف ........... ضعيف زيي .............. كان ممكن يموت ........... تخيل ببساطة كده حد ينهي حياة إنسان زي ما يكون الموت ده حاجة سهلة ............... هي الناس دي بتفكر ازاي ............. هي الناس دي بتحس زينا ............. ببساطة كده تلغي وجود إنسان ............. يختفي ........................ تدور عليه مـ.ـا.تلاقيهوش
كانت كلمـ.ـا.تها الأخيرة متزامنة مع عبرات قوية إنهمرت من عيناها ................ هي لم تعد تعلم عن أيهما تتحدث ............خالد أم شريف .

 

كان دسوقي يتفحص الجراح بوجهه بدهشة ولكن يبدو أن جراح وجهه لم تؤثر على صوته الجهوري وغضبه الحاد الذي أفرغه في وجه الحارس المسكين ............ كان محمد يقف مطئطئاً رأسه وهو يستمع لتوبيخ خالد ........
خالد : أفهم بقه................. حراسة إيه والمزرعة سداح مداح دخلوا وخرجوا وحضرتك نايم على ودنك
محمد : يا بششش ...........يا بشمهندس ممكن يكونوا نطوا من على السور مش من البوابة
خالد بغضب : سور إيه يا بنى آدم ............. السور عندي كله حواليه شجر عمرهم ما حيعرفوا يعدوه ............. هي البوابة عندك وإنت طبعا نايم في العسل جوه ولا دريت بيهم
محمد : والله يا بشمهندس أول مرة تحصل ............. وحد يفكر يهوب من المزرعة
خالد : وأهي حصلت يا فالح ..............لغاية ما اتصرف مش عايز نملة ............ نملة تعدي من البوابة من غير إذني فاهم
محمد : مفهوم ............ مفهوم يا بشمهندس
خالد : دسوقي
دسوقي : أمرك يا بشمهندس
خالد : شوفلي اتنين رجـ.ـا.لة من عندك يكونوا جـ.ـا.مدين كده يساعدوا أخينا ده في حراسة بالليل لغاية مـ.ـا.تصرف فاهم
دسوقي : فاهم ........امرك
خالد : خلاص روح شوف شغلك إنت وهو
غادر الرجلان مسرعين وظل هو وحده مع أفكاره ............ كارمن .......... كريم .............. هو ............تكاد تكون دائرة مغلقة مستمرة في الدوران ........... ماذا يفعل لكي يتخلص منهم ............. هم من إقتحموا حياته في البداية ...........وما زالوا.

 

شعر حسن بالدهشة عنـ.ـد.ما وجد أكثر من عشرة مكالمـ.ـا.ت هاتفية من إيناس وبوقت متأخر ............. أمسك بالهاتف وإتصل بها على الفور ...........
حسن : دكتورة إيناس ........... خير في إيه
إيناس : بشمهندس حسن أنا آسفة بس حصلت حاجة إمبـ.ـارح علشان كده اتصلت
حسن : إيه اللي حصل أنا كنت نايم وقافل الجرس ........رقية كويسة
إيناس : متقلقش الموضوع ملوش علاقة بمدام رقية ......ده ........ده البشمهندس خالد
حسن : خالد !!!! في إيه
إيناس : حقولك إيه .......... ناس إتهجموا عليه إمبـ.ـارح بالليل وضـ.ـر.بوه وبالحظ انا شفت ده وعلشان كده كنت بكلم حضرتك
حسن : يا خبر................. وحصل ايه هو كويس
إيناس : أيوه كويس حضرتك ما تقلقش .......... حضرتك ممكن تكلمه وتفهم منه أحسن مني
حسن : خلاص يا إيناس انا حاكلمه دلوقتي
أغلق الهاتف وملامح الصدمة بادية على وجهه وقبل أن يتصل بخالد جاءه صوتها ...........كانت قد أنهت لتوها الإستحمام : ومين إيناس دي كمان ....... إوعى تكون الثالثة

سهام ............. زوجته الثانية ............كانت إمرأة على قدر لا بأس به من الجمال قابلها في حفل زفاف صديق له ةىورشحها نفس هذا الصديق له كزوجة ............. كانت نصيحة له بأن يجرب حظه مرة أخرى لعله ينول ما يبتغي وكأن النصيحة جاءت على هوى قلبه وعقله فإتبعها وبعد شهر واحد تزوج بسهام التي ظنت بحملها السريع أنها ستملك كل شئ وستقذف برقية خارج عالمها بكل يسر ولكن حتى الآن ما زالت رقية هي الأولي وهي في المرتبة الثانية ............

نظر حسن نحو سهام بضيق وتابع قائلاً : نعيماً يا ستي ممكن بقه تجهزيلي الفطار علشان رايح على الشغل
سهام : شغل برده .............. مين دي اللي كنت بتكلمها
حسن : إيه يا سهام إنتي فاضية ولا إيه بقولك شغل
سهام : كده بتشخط فيا ............ماشي أشخط وخلي التـ.ـو.تر يأثر على الجنين
حسن : مش وقت دلع يا سهام ولا علشان رقية مشيت فاكراها مشيت علطول
سهام : والله براحتها بقه إنت مش فاضي تتحايل على حد إبنك محتاجلك
حسن : ومش فاضي للت والعجن حضري الفطار علشان نازل حالاً
قام من على الفراش وتركها لإتمام مكالمته مع خالد وتركته هي غاضبة لتحضير طعام الإفطار

 
 

مر يومان .........لم يخرج خالد من المنزل ولكن كان يبدو على حسن الإنشغال الشـ.ـديد فقد قام بتزويد الحراسة على بوابتي المزرعة ونبه على جميع الحراس أن يراقبوا البوابات جيداً خاصةً في الليل ............... كانت إيناس بمكتبها تنهي بعض الاوراق خاصةً أنها ستعود للقاهرة في نهاية الأسبوع حيث ستمضي أول أجازة بالمنزل ............رفعت بصرها فجأة لتجده واقفاً بالباب وعلى وجهه إبتسامة أعطته مظهراً جذابا على الرغم من الكدمـ.ـا.ت بوجهه ........... نظر لها وتابع : شايفك مشغولة
إيناس : إتفضل يا بشمهندس .......... حمد الله على السلامة
خالد : الله يسلمك بس مش تسألي عليا بالتليفون حتى ماكنش قطن وبيداتين
إبتسمت بخجل : أنا ماكنتش عايزة أزعج حضرتك
خالد : لا إنتي آخر واحده ممكن تزعجيني ده إنتي أنقذتيني
إيناس : العفو يا بشمهندس .......قلت لحضرتك ده واجبي
خالد : نازلة أجازة بعد بكرة صح
إيناس : أيوة
خالد : مش عارف حد قالك على المعلومة دي ولا لأ بس في ميني باص بيتحرك كل يوم الساعة 9 الصبح لمصر وبيرجع من مصر الساعة 5 ده علشان يوصلك ويرجعك أغلب الموظفين بيتحركوا بيه كل واحد على حسب معاد أجازته
إيناس : أنا فعلا ماكنتش أعرف ....... متشكرة
خالد : هو بيتحرك من بوباة 1 في المزرعة التانية حخلي بيسو يوصلك ...
أومأت رأسها بإبتسامة وصمتت تابع هو بعدها : أنا مش عايزك تقلقي من اللي حصل ............ أنا زودت الحراسة على المزرعة ومش حاسمح لحد يرعـ.ـبنا تاني أنا عايزك تكوني واثقة من ده


كانت نبرته هادئة غاضبة وكأنه يتوعد كل من يفكر في العبث بممتلكاته ............ وكأنه لا يقبل بأن يكون ضحية أو ربما لن يسمح بذلك ............

************************

تلك هي أول عطلة تقضيها بالمنزل ................ مر حوالي شهر منذ غادرت أول مرة ............. لم يتغير شئ........... الأثاث مرتب كما هو ............رائحة التوابل القوية تنبعث بقوة من المطبخ حيث تقبع والدتها منذ أمس تحضر لها كافة صنوف الطعام وكأن الطعام هو ترحيبها الخاص جداً لكل عزيز ..........وأخيها الأصغر يصـ.ـر.خ أمام ما يسمى بالبلاي ستيشن وكأن خسارته حقيقية وأبيها ............ جالس كعادته يتصفح الجريدة بإهتمام على الرغم من أن أكثر صفحاتها أصبحت مخصصة للإعلانات !!!!

كان عبد الرحمن يتفحص الجريدة بعين ويراقب إبنته الصغرى بعين أخرى كانت تبدو وكأنها غابت عنهم ليس فقط لشهر واحد بل ثمان أشهر .......... نعم هي غائبة عنهم منذ موت شريف الآن فقط عادت .......... أصابه بعض القلق عنـ.ـد.ما إنزوت بغرفتها لفترة ولكنه قرر أن يطرد أفكار الشيطان من رأسه ............

 

وعلى جانب آخر كانت هي تتعمد عدم فتح النافذة ........... وكأنها كانت تخاف مراقبة الشرفة ........... حتماً تغيرت ........... ربما تلمح رجل آخر أو ظل إمرأة بمكانه وربما لا ............ربما تجد الشرفة كما هي ...........نعم ربما تتجسد ذكراها من جديد ............. تبددت أحلامها بمجرد أن فتحت النافذة ......... شهر ........... شهر واحد بدّل كل شئ ............ إختفى المقعد الهزاز الذي كان يجلس إعتاد على الجلوس به ووضعت مكانه خزانة قبيحة تحمل صنوف من الثوم والبصل !!!!!
إمرأة شاكية تصرخ بأطفالها وهي تقوم بنشر بعض الملابس الغير متناسقة ....... أغلقت النافذة سريعاً ........لقد رحل حقاً ......... نعم رحل منذ ثمان أشهر وتغير كل شئ رغماً عنها ..............

 

طرقات والدها على الباب تزامنت مع إغلاقها للنافذة.......... لم تستطع أن تخفي عبراتها ........... جلس عبد الرحمن بجانب إبنته وجذبها لتستند على صدره وقال : ناس مزعجين قوي ......... بس إحتمال يمشوا كمان شهرين أو ثلاثة
إيناس : هما مين دول
عبد الرحمن : اللي سكنوا في شقة شريف
إيناس : خلاص............... مبقتش شقة شريف
عبد الرحمن : لو متضايقة ممكن أرجع أستأجرها تاني
رفعت رأسه وقالت بإصرار : لأ
عبد الرحمن : لأ مش عايزة
إيناس : ملوش لزوم ولا معنى ......... ولا حيجمل الحقيقة ........... بس هو عايش جوايا يا بابا والله عايش جوايا
عبد الرحمن : عارف يا حبيبتي ...........عارف
إيناس : طيب ليه المفروض أنساه ليه إنتم عايزيني أنساه
عبد الرحمن : لا إحنا مش عايزينك تنسيه ..........حتنسي جوزك إزاي ........... مستحيل حتنسيه ........إحنا بس خفنا تنسي نفسك ولو نسيتي نفسك حتنسيه يا إيناس
إيناس : بس أنا خايفة أنساه ولو نسيته حانسى إيناس اللي أعرفها حابقى واحدة تانية
إبتسم عبد الرحمن لصغيرته وتابع : عارفة الدنيا دي يا إيناس علطول تعاكسنا ............تتلون من حوالينا ...............تفتكري حنفضل زي ما إحنا ولا حندخل جوه اللوحة ونبقى جزء منها
إيناس : بس بمزاجنا ولا غصب عننا
عبد الرحمن : الإتنين ما هو يا كده يا حننقرض زي الديناصورات
إيناس : بس مش شرط التغيير يكون للأحسن
عبد الرحمن : عارف بس برده ضروري
أنا مثلاً إتغيرت عبد الرحمن الأب والجد غير عبد الرحمن الشاب المتسرع اللي كان واخد الدنيا في دراعته
إيناس : ودلوقتي
عبد الرحمن : دلوقتي كل همه يحوط عليكم ..........
إيناس : وسعيد ولا كنت زمان سعيد أكثر
عبد الرحمن : لا طبعا دلوقتي سعيد أكثر عارفة ليه
إيناس : ليه
عبد الرحمن : علشان كل يوم بيعدي في عمري بفهم نفسي أكثر وبكتشف حاجات جميلة كانت غايبة عني زمان .........
إيناس : بابا مكنتش أعرف إنك فيلسوف
عبد الرحمن ضاحكاً : فيلسوف مرة واحدة طيب مـ.ـا.تقوليش لأمك ....... خليها مع الثوم والملوخية بتاعتها ........ بس بصراحه أنا جعت من الريحة
إيناس : وانا كمان
عبد الرحمن : يبقى ناكل ونشرب شاي ونتفرج على التليفزيون ونبطل تفكير هه
قال ذلك وقد ضـ.ـر.بها برقة على رأسها ثم تابع : سيبيها كده بالبركة وقومي صلي وإدعي لشريف يا حبيبتي لا ينقطع عمل إبن آدم إلا من ثلاث
إيناس وقد تجمعت العبرات بعينيها : صح ......... أنا لازم أدعيله كتير يا بابا وكمان حاعمله صدقة جارية .............بكرة حانزل أعملها يا بابا علشان خاطر شريف
عبد الرحمن : حاضر يا حبيبتي فكري إنتي عايزة تعملي ايه وبكرة حاجي معاكي
وبالفعل قضت إيناس ليلتها تصلي وتدعو لزوجها الراحل وتفكر في الصدقة الجارية فقد أضاعت ثمان أشهر في الذكريات فقط ............ وربما حان الآن وقت شريف لعلها تستطيع أن ترسل له برقيات متقطعة من عالم الأحياء .
 
 
بخطوات واثقة كان يتجه نحو البناية مرت حوالي ثلاث سنوات ............. كانت تبدو قاتمة ............قبيحة هل حقاً تغيرت البناية أم هو من تغير ففي زيارته الأولى كان مدفوعاً برغبة عارمة من أجل الحصول على ما يريد .............. ولكن الآن الأمر إختلف ...........

وصل أخيراً لباب الشقة وبيد واثقة دق الجرس ............ يكاد يستمع لخطواتها وهي تقترب من الباب ...........وبسعادة ممزوجة بثقة إستقبلته عيناها ...........كانت تبدو جميلة لا بل متأنقة وكأنها توقعت قدومه ..........إبتسمت بمكر ودعته للدخول وهي تنطق بعبـ.ـارتها بدلال : كنت مستنياك !!!!!

دلف بهدوء بعد أن نظر بثقة لعيناها .............إقتربت منه بدهشة وإمتدت أناملها الرفيعة لملامسة وجهه ............. قالت بصوت هادئ : علاجك عندي
تركته وتوجهت للداخل ثم عادت وبيدها أنبوب صغير .............وضعت القليل من محتواه على أصابعها وإقتربت منه ........إبتعد عنها بدهشة قائلاً : حتعملي إيه
كارمن : الكريم ده حيهديها خالص .........
إقتربت منه مرة أخرى وتابعت وضع الكريم على وجهه ......... كانت ملامحها هادئة ............ سعيدة !!!!
ظل مستسلماً لأناملها ربما لشعوره براحه فورية وكأنها تمسك بدهان سحري لم يخلصه من ألم كدمـ.ـا.ته فقط بل من مظهرها أيضاً ............ نظر نحوها ساخراً : يقـ.ـتـ.ـل القتيل ويمشي في جنازته
كارمن : بعد الشر
خالد : لا والله
كارمن : جيت علشان أنبهك وإنت مدتنيش فرصة
خالد : والمفروض إني أصدق
كارمن : إنت حر
تركته وإتجهت نحو الأريكة جلست عليها بعبث ورفعت كلتا قدماها فوقها وتابعت : فاكر من 3 سنين طلبت مني الجواز وإنت قاعد هنا بالضبط ........... كانت أسعد لحظة في حياتي ...........
نظرت نحوه فجأة كانت زرقة البحر بعيناها لامعة أو ربما تبدو كأمواج ثائرة قالت بسخرية : إنت جيت النهارده ليه
خالد : برد الزيارة
كارمن : إيه حتضـ.ـر.ب واحدة ست
إقترب منها وأحاط جسدها بذراعيه مستنداً على الأريكة
بادرها بنظرة تحمل قدراً كبيراً من الغضب وتابع : بلاش الأسلوب ده معايا وقولي لكريم إني مش بسيب حقي وأظن هو عارف ده كويس
إبتسمت بسخرية : وأنا وضعي إيه في المعادلة دي
خالد : دورك إنتهى يا كارمن ونصيحة متحاوليش تجدديه تاني
إقربت منه بجرأة وقالت هامسة : متأكد
إبتسم بمكر وتابع : طبعاً
تابعت بثقة : حنشوف
لا يعلم ماذا أصابه ............ كاد يشعر بالضعف أمامها ففي النهاية هي إمرأة جميلة بل رائعة الجمال وهو في النهاية رجل .............. إقترب منها بخبث حتى كادت أن تستسلم له ولقبلته المنتظرة ولكنه تركها في اللحظة الأخيرة وإبتسم بسخرية قائلاً : مش خالد رضوان اللي حت عـ.ـر.في تضحكي عليه
لامس وجنتها بقبضته وهو يتابع : فوقي

أزاحت قبضته عنها بغضب ......... ودعها بيده بسخرية وقذف قبلة بـ.ـاردة في الهواء ورحل ............ قبلة بـ.ـاردة ربما لا تتناسب مع شعلة الغضب المتأججة داخلها فأسوء أنواع الغضب هو غضب العاشق
لم تصدق رقية أذناها عنـ.ـد.ما إستمعت لصوت إيناس الرقيق بالهاتف ...........
رقية : إيناس حشـ.ـتـ.ـيني و 
إيناس : إنتي كمان حشـ.ـتـ.ـيني و  قوي ............ المزرعة وحشة من غيرك
رقية : معلش
إيناس : حترجعي إمتى
رقية : لسه مش عارفة يا أنوس
إيناس : إرجعي بقه متسيبناش لوحدنا شوفتي لما سيبتينا إيه اللي حصل
رقية بدهشة : حصل إيه
إيناس : هو أستاذ حسن ماقلش ليكي
رقية بتلعثم : لا ماقلش حاجة ..........حصل إيه ؟!
أخفضت إيناس صوتها حتى لا تستمع والدتها إليها وتابعت : في ناس هجموا بالليل على المزرعة وضـ.ـر.بوا بشمهندس خالد
رقية : إيه مين دول وضـ.ـر.بوه ليه
إيناس : معرفش شكلهم حد مسلطهم عليه ........... أنا مش عارفة أحكيلك بالتفصيل علشان عندي في البيت ميعرفوش
رقية : إنتي في البيت
إيناس : ايوه نزلت أجازة إمبـ.ـارح وحارجع بكرة ............. يلا تعالي نرجع سوا ولا حتسيبيني لوحدي كده في وسط شغل العصابات ده
رقية : خلاص .......... بكرة حتلاقيني في الباص نركبه مع بعض وتحكيلي بالتفصيل
إيناس : بجد .......... كويس قوي يبقى معادنا بكرة إن شاء الله

أغلقت رقية الهاتف ............... وكأنها تعللت بطلب إيناس لتعود .............. أقنعت نفسها أن عودتها من أجل المسكينة إيناس التى تركتها وحيدة وليس من أجله هو ............ هاتفها حسن مراراً وتكراراً في الأيام السابقة يسألها عن موعد عودتها ............ يخبرها عن نومه دون طعام جيد وعن وحدته المملة علها تعود دون جدوى والآن هي ستعود نعم فهي لا تحتمل الوحدة ........... فالوحدة قاتمة كئيبة ............. عجوز تسرق الحياة ........... إذن هي ستعود من أجل الحياة وليس من أجل حسن ....... نعم ليس من أجله بل من أجلها هي .

***********************

غادرت إيناس منزلها للحاق بالحافلة فموعدها في الخامسة مساءاً ............ إستقرت في أحد سيارات الأجرة التي إنطلقت تشق الزحام نحو الموقع المنشود ............ كانت جالسة بالخلف تتأمل الطريق ............ما هذا هل تساعدك العزلة على التأمل ................ التعمق في ماهية الأشياء .......... طالما مرت من هذا الطريق لسنوات ولكن الآن فقط تشعر أنها تراه ............ وجوه قاتمة إعتادت الزحام أو ربما إعتادها فأصبحوا كيان واحد ..........رائحة العوادم طغت على طبيعة الهواء........... معزوفة صاخبة شكلتها أبواق السيارت حتى توقفت الأذان عن تذوق الأصوات وشُل العقل عن التفكير ........... عن التأمل ............... فأصبح الجميع كالماكينات يتحركون دون وعي ...........دون إدراك بالتغيير الذي يحدث حولهم .............. ربما كالأرض تدور في الفلك وتدور حول نفسها دون أن نشعر بذلك .............. نعم إستغرقنا الاف السنوات لنعرف أنها كروية تدور وتدور ونحن معها .............وكأننا نتغير في كل لحظة دون وعي ............دون إدراك


كانت رقية تستمع لها بدهشة وإيناس تقص عليها تفاصيل ما حدث في تلك الليلة والإعتداء على خالد ............. كانت ملامح الصدمة بادية على وجهها وهي تقول : مش ممكن اللي بتحكيه ده يا إيناس ..........
إيناس : اه والله زي ما بقولك
رقية : طيب وليه ماكلمتيش حسن
إيناس : كلمته كتير بس تليفونه ماردش
رقية : اه تلاقيه كان قافل الجرس وحتى لو مش قافله هو أصلا نومه تقيل
إيناس : كان يوم بس بشمهندس حسن وبشمهندس خالد من ساعتها مشغولين بتأمين المكان وزودوا حراسة كمان
رقية : ماهو لازم يعمل كده
إيناس : تفتكري ليه الناس دي عايزة تإذيه
رقية : هو ماقلش قدامك مين
إيناس : لأ
رقية : عموماً هو مفيش غيرهم
إيناس : مين دول
رقية : ولاد مختار ............. هي العداوة مع ولاد مختار
إيناس بدهشة : مختار مين
رقية : مختار ده كان جوز أم خالد راجـ.ـل بقه ............ يلا حقول ايه دلوقتي هو عند ربنا ........ كان مثال زوج الأم السئ لخالد وكمان سرق ماله
إيناس : معقول
رقية : خالد بقه رجع حقه بعد كده من ولاده وفي الآخر كريم إتسجن وكارمن كان حسن بيقول سافرت برة مصر
إنتبهت إيناس للإسم وتابعت : كارمن !!! إنتي بتقولي كارمن
رقية : أيوة إسمها كارمن إستغربتي ليه
إيناس : أصل من كام يوم جات واحدة المزرعة تزور خالد وكان قدامي وقالها إزيك يا كارمن
رقية : معقول ............ رجعت وكمان جات المزرعة ......... لا كده يبقى أكيد ليها يد في الموضوع ده
............. أصل كارمن وخالد دول حكاية ملعبكة قوي .......... حسن نفسه مش فاهم هو كان بيحبها ولا لأ
إيناس : بيحبها ........... كانت حبيبته
رقية بإبتسامة ساخرة : كانت مـ.ـر.اته
إيناس : مـ.ـر.اته !!!!!
رقية : مش بقولك حكاية ملعبكة ............. أنا نفسي معرفش تفاصيلها ومش فاهماها بس اللي أعرفه إنها أسوء علاقة بين إتنين ...........كانت مستحيل تنجح
إنتهت رقية من حديثها لكن إستمرت إيناس في التفكير بالصهباء وما تلى زيارتها ........... لم تكن تتوقع أن هناك عشقٌ سالف خلف الأمر ........... يبدو أن خالد يخفي الكثير خلف هذا الوجه المتجهم .............

 
*******************


لم يصدق حسن نفسه عنـ.ـد.ما لمحها مع إيناس ترك خالد الذي كان يقف مع بعض العمال يستفسر عن العمل وتوجه نحوهما وإبتسامة واسعة تملأ ثغره ............ إقترب حسن من رقية قائلاً : إيه المفاجئة الحلوة دي ........... طيب ماقلتيش ليه علشان أجيبك بالعربية
رقية : إيناس بقة شجعتني وجينا سوا
حسن : حمد الله على السلامة يا دكتورة
إيناس : الله يسلمك يا بشمهندس
جاء صوت خالد الأجش وهو يقترب نحوهم بدوره قائلاً : مدم رقية المزرعة نورت حمد الله على السلامة
رقية : الله يسلمك يا بشمهندس
توجه خالد بنظره نحو إيناس وتابع : إزيك يا دكتورة
إيناس : الحمد لله إزيك يا بشمهندس
خالد : من بكرة ورانا شغل كتير ححتاجك تركزي مع سهيلة لغاية ما نعرف في حمل ولا لأ
إيناس : متقلقش حضرتك
حسن : طيب عنئذنكم إحنا بقه

أمسك بيديها وتوجها للمنزل كان يبدو كالطفل المشتاق لأمه ...........ثغره البــــاسم يعبر عنه وشوق عيناه يكاد يفـ.ـضـ.ـحه .......... نظر خالد نحوهم ثم توجه لحديثه لإيناس قائلاً : كويس إنك رجعتيها .............. حسن مايقدرش يستغنى عنها
إيناس : وقد إندهشت من حديثه والتطرق لهذا الأمر الشخصي : ربنا يخليهم لبعض
خالد : هو بيحبها قوي على فكرة مش معنى إنه إتجوز عليها إنه مابيحبهاش
إستدارت له وقد تمكنت الدهشة من شعاع العسل بعيناها
تمتمت قائلة : إيه هو البشمهندس حسن متجوز
خالد بلامبالاة : مكنتيش ت عـ.ـر.في
إيناس : لأ
خالد : عادي حتى اللي عارفين مننا مش بيتكلموا في الموضوع رقية نفسها عاملة مش واخدة بالها
إيناس : يعني إيه مش فاهمة
خالد : يعني عارفة انه متجوز وماوجهتوش
إيناس : هو إتجوز من وراها
خالد : كان شايف إنه كده بيحافظ على شعورها وعلى حياتهم مع بعض
إيناس وقد تبدلت ملامحها فقطبت جبينها وزمت شفتاها و تابعت : إتجوز علشان الخلفة .........صح
خالد : من حقه إن يبقى أب
إيناس : وهي من حقها تكون أم
خالد : بس المشكلة عندها هي
إيناس : ولو كانت عنده كان حيكون من حقها تسيبه
خالد : لا لا الأمر يختلف
إيناس : يعني إيه يختلف
خالد : هو ماسابهاش لكن لو هي مكانه كانت لازم حتسيبه ............ هو حقق رغبته وبرده حافظ عليها
إيناس : بس جرح مشاعرها
خالد : وليه نصعبها ....... هو عنده حق وأخذ حقه..... دي كل الحكاية
إيناس : وهو لما كل واحد عنده حق لازم ياخده مين اللي حيدي ............ مين اللي حيضحي
خالد : أعذريني يا دكتورة نظرتك للأمور حالمة قوي ....... الواقع حاجة تانية
إيناس : الواقع إن كل واحد بيفكر في نفسه وبس
خالد : معلش يعني متقنعنيش إنك مش حتفكري في نفسك في وقت من الأوقات
إيناس : نعم ........ حضرتك تقصد إيه
خالد : يعني حتتجوزي يا دكتورة وتبقى أم زي كل ست

نظرت نحوه بدهشة ممزوجة بغضب .......... كادت أن تجيبه ولكن بماذا وبأي حق تعطيه جوابها ........... إستادرت وتركته غاضبه ............ غضب جعله ينـ.ـد.م في لحظتها على ذكر هذا الأمر ........ تبعها وهو يقول : دكتورة إيناس ولكنها لم تجبه وأسرعت خطاها للإبتعاد عنه فما كان منه إلا أن أسرع خطاه بدوره وهي يقول : إيناس إستني
تخطاها وإعترض طريقها ثم تابع : أرجوكي إستني
إيناس : لو سمحت يا بشمهندس خليني أعدي
خالد : أنا آسف ........... مش عارف أنا قلت كده إزاي ..........
لم تنظر نحوه ظلت واجمة غاضبة............ أطرقت رأسها لتتجنب النظر نحوه .............شعر هو بالنـ.ـد.م خاصةً عنـ.ـد.ما تمعن بالنظر في ملامحها التي تمكن منها الحزن في النهاية وإنطفأ شعاع العسل بعيناها وكأنه خطيئة تسعى لإخفاءها ..................
تابع بعدها بصوت أكثر رقة : أنا أول مرة أعتذر لحد في حياتي وغالباً حتكون آخر مرة فأعتقد إننا لازم نسجل اللحظة التاريخية دي

رفعت عيناها ورمقته بنظرة ساخرة وكأنها لا تصدق ما يقول ..............منذ يومان كان مكومأ بالأرض يستجدي النجاة والآن يقدم إعتذاره بغطرسة ليس لها مثيل ............


صمتت قليلاً ثم نظرت نحوه بجدية وتابعت : هو فعلاً يا بشمهندس حضرتك مش حتعتذر تاني لإن دي آخر مرة حضرتك حتتكلم معايا في موضوع شخصي كده لإنه ببساطة مش من حقك ............. عنئذنك
دلت بدلوها وتركته وعلى ثغره إبتسامة ساخرة ........... تتملكه حالة غريبة وكأنها مزيج من الإعجاب والغضب !!!!!

 

نظر للحارس دون إكتراث وهو ينطق بإسمه : كريم مختار ......... يلا قوم فز عندك زيارة
كريم : بس ده مش معاد زيارة
الحارس : إنت حتحكي معايا يا بجم إنت قوم من غير كلام
نظر نحوه أحد زملاءه بالعنبر وتابع بسخرية : قوم معاه يا كيمو جايز المزة اللي بتزورك هو اللي زي دي يتقفل في وشها باب
نظر له كريم بغضب ثم هجم عليه بشراسه حتى كاد يقـ.ـتـ.ـلع عيناه وهو يقول : اسكت يا كـ.ـلـ.ـب هه .............. إتعلم تتكلم كويس عن أسيادك
خلص الحراس المسجون من قبضة كريم الغاضب بصعوبة ............... كريم الذي كان كالحمل الوديع في بداية أيام سجنه ............ يتلقى الإهانات ببذخ من الصغير قبل الكبير ولكن الآن .............. الأمر إختلف .............إختلف كل شئ ............... يبدو أنه التغيير .

كان يتحرك خلف الحارس بخطوات عابثة حتى وصل للحجرة ............ولكن لم تكن كارمن هي الزائر بل كان آخر .............. آخر لم يغيب عن فكره لسنوات وها هو الآن أمامه
كان خالد جالساً على المقعد يتفحصه بنظراته الحادة .............. ما زالت ملامحه كما هي ربما زادت بأساً مثل الشعيرات البيضاء التي هاجمته منذ شبابه والآن تمكنت من أغلب خصلات شعره .............. كان يراه كالمسخ وكأن جميع خطايا مختار تجمعت في وجه كريم ببشرته الشاحبه وعيونه الزرقاء وشعره الرمادي الذي يبدو كرماد البركان
وفوق هذا كله نظرته الحاقدة ..............


قال له خالد ساخراً : إتفضل يا كريم بيه زي بيتك برده
تقدم كريم منه ساخراً وجلس بزهوٍ كاذب في الكرسي المقابل له وتابع بدوره : وليه زي بيتي ما هو بيتي فعلاً
خالد : تصدق لايق عليك
قفز كريم كالفهد .............. إقترب منه وشعر خالد برائحة أنفاسه الكريهة ولكنه لم يحرك ساكناً بل لم ترتجف أهدابه ولو للحظة ........ تابع كريم بنبرة حاقدة : برده اللي في وشك لايق عليك
( مشيراً إلى كدمـ.ـا.ت وجهه )
نظر خالد بحدة لكريم وقال بدوره : لو على البلطجية ممكن أسلط عليك اللي ينـ.ـد.مك على اليوم اللي إتولدت فيه وصدقني في كتير هنا نفسهم يخدموني فيكي
كريم بتحدي : وريني نفسك
خالد : لا وريني إنت عرض قفاك فاهم يعني إيه يعني لو حد قرب من المزرعة تاني حاقطع رجله ورجلك قبليه فإتقي شري وأظن إنت عندك خبرة في الموضوع ده
كريم بسخرية : أنا عندي بس واضح إن إنت معندكش
خالد : يعني مفيش فايدة
كريم : خد بالك من نفسك كويس ومتفتحش الباب لحد متعرفوش يا شاطر هه
خالد : إنت اللي خد بالك من نفسك كويس يا ............... شاطر
خرج خالد كاتماً غضبه ............... أمسك بالهاتف وإتصل بأحدهم قبل أن يتوجه للسيارة : نفِذ .

 
 
هل حقاً أحببتك أم هو هذيان قلبٍ متأرجح بين الرغبة والإحجام
وكأنني نسيتك ........ غابت ملامحك عني على مر الأعوام
والآن بعد التلاقِ عاد القلب لينبض مع رؤياك ........... قلبي الأحمق من يجذبني خلفه كالعمياء
أتجول دون بصر في غابة أفكارك ......... أفكار سوداء متقلبةً تبعاً للاهواء
أهواءك أنت ......................فأنت رجلٌ لا يرى سوى بغض الأشياء
لا أعلم أكنت إمرأتك تعشقتي ........ تسقيني اللذة بسخاء
أم كنت مجرد سٌلم ألقيته بعبثٍ بعد لحاقك بركب غايتك العصماء
معشوقي تبتغي الحب وقتما تريد وتُعرض عنه وقتما تشاء
لا ............ الآن حان دوري ............أكون أو لا أكون
عفواً هاملت ........... كارمن هي من عادت الآن
لا لست بكارمن بيزيه ............ لست برذيلة ........لست بإغواء
أنا مجرد فتاة أحبت ............ نعم عشقت بسخاء .

كارمن
إرتشف القليل من عصير البرتقال ثم وضعه جانباً ونظر نحوها وهو يزفر بغضب مصطنع : العصير من غير سكر يا أبلة روكا
نظرت رقية نحوه ضاحكة : ده أحلى حاجة فيه مزازته
حمزته : مزازته ............ مش شارب هاتيلي فراولة
رقية : يابني بلاش عندك حساسية منها
حمزة وقد قطب جبينه مثل الاطفال : بس أنا بحب الفراولة
رقية : فاكر وإنت صغير كنت بتقولها فررررلاولة
إبتسم حتى ظهرت غمازتي ثغره ثم تابع : وكنت باصعب عليكي
رقية : اه وكنت أديلك ومامتك يا عيني تلاقيك قلبت أحمر بعد كده
حمزة : ماله اللون الأحمر ...........ده حتى موضة
رقية : كانت أيام حلوة
حمزة : ودلوقتي برده أيام حلوة
رقية : أهي كلها أيام يا حمزة
حمزة : أبلة روكا
رقية : نعم يا حبيبي
حمزة : سافرتي ليه ورجعتي ليه
إبتسمت بسخرية ربما لتخفي دهشتها من سؤاله ................. إرتبكت قليلاً ثم تابعت : وإنت إديتني الكتاب ليه

نظر نحوها بعمق ................ ربما لأول مرة تلمس تلك النظرة العميقة بعيون هذا الشاب الصغير ............. فرك صدغيه وتابع وهو ينظر نحو الأرض : مش عارف .......... حسيت إن الدنيا بتتحرك من حواليكي وإنت ثابتة مكانك ولو متحركتيش معاها حتسيبك وتمشي فكان لازم أديكي الكتاب لإني مقدرش أقولك تعملي إيه بس أقدر أخليكي تفكري حتعملي إيه
دمعت عيناها وتابعت بصوت مرتجف : بس أوقات بيكون عدم التفكير راحة يا حمزة
حمزة : اه ........... بس راحة وقتيه ............... مؤقتة ............ يعني بالبلدي كده بنضحك على نفسنا
رقية : يعني إنت شايف إني بضحك على نفسي
حمزة : كنتي بتضحكي على نفسك لكن أعتقد دلوقتي خلاص
إبتسمت له رقية ولكنها لم تجب على سؤاله ............ بل شردت في سؤاله

لماذا عادت
عادت من أجلها أم من أجل حسن أم ربما من أجل كلاهما !!!!!!
حسن طفلها المدلل ............. كيف لها أن لا تعود .......... ألم تكن تنتظر إتصاله كل ليلة حتى تطمئن عليه ........... ألم تفتقد رائحة عطره على وسادتها .............. قلقها الدائم في الليل لتتأكد أنه مدثر بغطائه ثم توقن في النهاية أنه ليس بجانبها .....................زجاجة المياه التي دأبت على وضعها كل ليلة بجانب فراشها ليملأ جوفه بالمياه بمجرد إستيقاظه كما إعتاد ........ كانت تستيقظ في الصباح تنظر نحو الزجاجة ساخرة موقنه أنها وحيدة بدونه بل وصل بها الأمر بوضع بعض شرائح الليمون في فنجان الشاي المسائي مثلما إعتاد وشربته هي في النهاية وكأنها .............. هو
لماذا رحلت
لا تعلم ربما رحلت لتعود !!!!!!

أخرجها صوت حمزة من شرودها : أبلة روكا روحتي فين
رقية : مفيش يا حبيبي سرحت شوية .............. بقولك إيه أقعد إتغدى معانا
حمزة : لا مش حينفع ............... إلا صحيح أخبـ.ـار إيناس إيه
رقية بإبتسامة : كويسة
حمزة : إيه بتضحكي على إيه
رقية : مفيش بس باين عليك قوي إنك مهتم ............ إتقل شوية
حمزة : مشكلتي إني بمعرفش ........... مانتي عارفاني اللي هنا ........ هنا
قال جملته وهو يشير لقلبه ثم للفراغ حوله يقصد خروج مكنون قلبه دوماً رغماً عنه
تابعت رقية : بس إيناس يا حمزة لسه عايشة في ذكرى جوزها
حمزة : ت عـ.ـر.في إن إيناس زيك محتاجة تقرأ الكتاب
رقية : برده
حمزة : هي محتاجة تفهم إن الحياة لازم حتمشي مش حتقف بعد موت شريف والحياة دي تشمل كل حاجه شغلها ........... أسرتها ............مشاعرها
رقية : صعب قوي دلوقتي يا حمزة ............ إيناس حتهرب من أول تلميح صريح من أي راجـ.ـل يقابلها حتعتبر ده تعدي على ممتلكات شريف ............
حمزة : ده وفاء ؟
رقية : الست غير الراجـ.ـل يا حمزة ............. الراجـ.ـل بيحب علشان يتجوز فدايماً تلاقيه حب الست اللي ينفع تكون مـ.ـر.اته............. يعني بيحسبها بعقله وقلبه............. على عكس الست لما بتحب مـ.ـا.تحسبهاش ممكن يكون أناني ........... قاسي ............ قوي .............ضعيف ............. أو حتى ميت .............. إيناس من النوعية دي ..........إيناس مش حتتجوز إلا إذا حبت يا حمزة
صمت حمزة قليلا وإبتسم بسخرية فنظرت له رقية بدهشة وتابعت : إيه تحليلي مش عاجبك
حمزة : لا بس كده حسب تحليلك ده ............ أبقى أنا ست

ضحكت رقية بشـ.ـدة حتى أدمعت عيناها وحمزة معها ............. خلعت قبعته وعبثت بشعيراته المسترسلة وتابعت : كده يا حمزة اللي حتكون من نصيبك بجد حتكون محظوظة قوي .............. يا ريت يا إيناس تطلعي محظوظة ............بس نصيحة مني إديها وقتها ما تستعجلش
حمزة : ماشي .............. حاسمع كلامك ونشوف .

********************

تمشى بخطوات مرتجفة ............. قرقعة حذائها مزعجة بل مرتبكة ........... لم يتحمل حذائها الرقيق تشققات الأرض المهترئة تحت قدميها ............. تعثرت ............ هوت أرضاً ........... إمتدت لها أكثر من يد لمساعدتها على النهوض ............وجوه غريبة ..........بالية ........... وكأنها ظهرت من العدم ............... أخيراً وصلت ............... كان ممدداً على الفراش متزيناً بجبائر بيضاء أحاطت كلتا ذراعيه وقدمه اليمنى .................. إقتربت منه في حذر .......... نظر لها ساخراً وتابع بصوت ضعيف : فضلت مستني رسالته أسبوع .............. أخيراً وصلت
نظرت نحوه في دهشة وتابعت : كنت عارف
كريم : طبعاً هو قالي
كارمن : بعتلك ناس السجن
كريم : ههههههههههه حيبعت بلطجية من بره ما السجن مليان
كارمن : إزاي ...........هما عملوا فيك إيه
كريم : عادي ........بيكسر رجلي قبل ما أفكر أهوب ناحيته تاني
كارمن : بيخوفك
كريم : بيقولي إنه مابيخافش
كارمن : هو عنيد وإنت عارف
كريم : ومغرور وغروره ده حيجيبه ورا وعلى إيدي
كارمن مستهزئة : إزاي بقه
كريم : سيبيه شوية شهر اتنين ........... خليه يفتكر إني خفت
كارمن : وبعدين
كريم : ولا قبلين حارجع تاني بضـ.ـر.بة أقوى
كارمن : أنا مش فاهمة إيه شغل عسكر وحـ.ـر.امية ده ما تخلص مرة واحده وخلاص
نظر نحوها بحدة وشهوة الإنتقام متملكة من عيناه : لأ ............ لازم يعيش في قلق شوية ........... يخاف ............ والنوم يطير من عينه زي ما طار من عيني طول سنين السجن .............. لازم يتربى
كانت صامتة ............ تغير كريم لم يعد الشاب العابث الذي يسعى خلف ملذاته دون إعتبـ.ـار بل تمكن منه الحقد حتى النخاع ............. هل هي مثله ............ هل مشاعر الحقد هي صاحبة اليد العليا الآن ............ من ستختار حقد كريم أم عشق خالد ............. ولكنها هي العاشقة وليس هو ........... هو مجرد حاقد مثل كريم ............كلاهما مدفوع بشهوة الإنتقام فقط لا غير ............. كلاهما إستغلها كل بطريقته .......... زفرت بملل ثم تابعت : وأنا إيه المطلوب مني دلوقتي
إبتسم بمكر وتابع : الإخلاص
نظرت نحوه بدهشة : الإخلاص
كريم : أيوه ............. يعني دماغك الجميلة دي متسرحش ويضحك عليكي بكلمتين تاني
ضحكت بسخرية ........... كانت ضحكتها رنانة قوية خيُل إليها أن جميع الجدران قد إستوعبتها ووزعتها خلال المشفى البائس تابعت بثفة : لا متقلقش من الموضوع ده خالص حتى لو أنا غـ.ـبـ.ـية هو مش حيعملها
كريم : خلاص ......... إختفي شهر لا تكلميه ولا تروحيله ............ خليه يفتكر إنه إنتصر وإن تهويشه خوفنا
كارمن : وبعدين
كريم : بعدين أنا حقولك تعملي ايه

 
 
كانت الأمور تبدو على حالها بالمزرعة ............. رقية وحسن عادا لحياتهما الرتيبة ولكن هذا من الخارج فقط فخلف الأبواب المغلقة إختلف الأمر ............. تغيرت رقية ............ تارة تكون هادئة مسالمة كعادتها وتارة تتصرف بعصبية شـ.ـديدة .............تغضب بلا سبب وتصرخ بحسن لمجرد هفوة أو خطأ صغير وعلى الرغم من ذلك تعامل هو معها بصبر شـ.ـديد ليس من شيمه بل إنقطع عن زيارة سهام بحجة العمل مما أثار جنونها فأصبحت تهاتفه على جواله أكثر من أربع مرات باليوم متحججة بالجنين بأحشائها ................ وحمزة ظل يسترق الزيارات لإيناس من وقت لآخر تستقبله بفتور إعتاده .................فتور كاد أن يتطور لغضب جامح عنـ.ـد.ما أخبرها أن ما ترتديه أظهر جمال عينيها .
وعلى جانب آخر إنشغل خالد بكل تفصيلة صغيرةً كانت أو كبيرة بخصوص العمل وكأنه كان يستشعر الغدر من كريم ويتأهب للتصدي له .............. وهي أيضا
منذ حديثهما الأخير هي تتجنبه .............. تتوجه مبكرة للإسطبلات وترحل قبل قدومه ............ وكأنها آثرت تجنب الحديث معه ............. بل تجنبت رعد !!!! فمرورها على الجواد المسكين إنقطع وكأن رعد هو خالد وخالد هو رعد ............ فكلما إقتربت من رعد سيقترب منها خالد ...................فربما إذا إبتعدت عن رعد يبتعد هو عنها ولا يتدخل في شئونها مرة أخرى ...........

كانت قد علمت لتوها نتيجة إختبـ.ـار الحمل لدى سهيلة .............. كانت تعلم أنه يتنظر النتيجة بفارغ الصبر ............ مر حوالي شهر على حديثه الفج .......... قررت التعامل مع الأمر بحرفية ........... كان هو يتفحص بعض الأوراق بمكتبه عنـ.ـد.ما سمع نقرات خفيفة على الباب ........... لا يعلم لماذا ظل متسمراً لدقائق عنـ.ـد.ما رآها ............ كانت تبدو كالشمس في طلتها وكأن ظلام الحجرة القاتم قد تبدد بحضورها ........... إستدرك نفسه وطلب منها الدخول ............ إقتربت إيناس من المكتب ودون أن تجلس ناولته التقرير ........... نظر لها بدهشة وقال : إيه ده
إيناس : دي نتيجة تحليل الدم لسهيلة ........... مبروك
إنفرجت أساريره وتابع : ياه كويس جداً
إيناس : أنا نبهت على السايس بتعليمـ.ـا.ت معينة في الأكل ونظافة الميه ...........كمان الحركة والمجهود حتكون بحساب
خالد : بتاعتك ............... إعملي اللي إنتي عايزاه
إيناس : تمام عنئذن حضرتك
خالد : إيناس ..............
إستدارت له بعد أن همت بالخروج وكان لديه حالة من الإصرار على رفع الكلفة بينهما ..............قالت بجدية : نعم يا بشمهندس
خالد : الشهور بتاعة الحمل دي معتمد عليكي لكن الولادة متخافيش حيكون في دكتور أكبر منك وإنتي حتساعديه

كان يتفحصها بعينيه أثناء حديثه ........... كانت حقاً تبدو جميلة في تلك اللحظة وكأن هناك بريق عجيب إجتاحها فبشرتها تبدو لامعة وشعاع العسل بعيناها إخترقه في لحظات حتى خصلاتها البندقية التي حرصت على عقصها خلف أذنيها جذبت عيناه من أول وهلة ............. لم يخفي نظراته عنها بل صاحبها بإبتسامة ساحرة وكأنه يقول لها نعم أنا أنظر إليكي فإمنعيني لو إستطعتي
قطبت جبينها وتابعت حديثها بضيق : تمام ....... حضرتك عايز مني حاجة تانية
كانت تتحدث بغضب وكأنها قد إستهلكت مخزونها من الليمون من أجل هذه المقابلة ......... قطب جبينه بدوره وإستئنف النظر لأوراقه وتابع بصوت أجش : لا خلاص يا دكتورة .......إتفضلي إنتي

من تظن نفسها كي تعامله بتلك الطريقة ...............لم تجرؤ إمرأة على معاملته بتلك الطريقة الفجة ................ يبدو أنها إمرأة ثلجية ............ تجمدت عواطفها منذ زمن
لا ............ليس مجرد وفاء أو ذكرى قابعة في عقلها تأبى الخروج ........... هي إمرأة بلا مشاعر ............ ربما ..............ربما تكون حقاً بلا مشاعر .............لا هو يعلم أنها مفعمة بالمشاعر ............. بالحب وربما هذا ما يجذبه نحوها .............

 

- جاهزة يا كارمن


- جاهزة يا كريم


- حياخد كام


- 50 ألف جنيه


- مالية إيدك منه


- كـ.ـلـ.ـب فلوس ........... يوم ما رحت أول مرة نضفلي عربيتي علشان ملاليم وشغل الشحاتة اللي انت عارفه سيبتله رقمي ...... قلت جايز أحتاجه


- أهو نفع


- البركة في أفكارك ........... بس برده حياخد كتير


- لأ مش كتير هو حيهرب ويسيب المزرعة بعدها


- خلاص ............. حكلمه وأشوف حاديهمله فين


- فهميه نص المبلغ مقدم والنص بعد التنفيذ


- تمام


- مش عايزك تفكري تروحي المزرعة ...........دلوقتي خالص لو خالد شافك حيفش غله فيكي


- متقلقش عليا


- تمام يبقى نبدأ



وأشرقت شمس صباحٌ جديد كان يبدو في بدايته كأي صباح ولكن فجأة تغير كل شئ ............ حالة من الهرج والمرج في الإسطبلات ........... ملامح الذعر تبدو على العمال .............ماذا حدث ............. بل ماذا يحدث ...............نفقت إحدى الجياد ........... جواد قوي .............الأمر مريب ............. وكأنه شئ مرتب ............... ماذا يقولون ............... هل يقولون أدهم .............اهو جواد أدهم ............لاااااااااااا
دخلت صارخة تبحث عنه ...............رعد
وأشرقت شمس صباحٌ جديد كان يبدو في بدايته كأي صباح ولكن فجأة تغير كل شئ ............ حالة من الهرج والمرج في الإسطبلات ........... ملامح الذعر تبدو على العمال .............ماذا حدث ............. بل ماذا يحدث ...............نفقت إحدى الجياد ........... جواد قوي .............الأمر مريب ............. وكأنه شئ مرتب ............... ماذا يقولون ............... هل يقولون أدهم .............اهو جواد أدهم ............لاااااااااااا
دخلت صارخة تبحث عنه ...............رعد

 

شعرت أن قدماها لا تقوى على حملها .............. الطريق نحوه يبدو بعيد .............. كادت أن تتعثر ............ تسقط أرضاً دون رغبة في الوقوف .............حتى دخلت وصلت ..........ربما بعد دهر ...........رأته !!!!! ................. هناك ............ بمكانه كعادته يبدو متـ.ـو.تراً ............. فالأصوات العالية دائماً ما تصيبه بالتـ.ـو.تر فهو جواد ينتظر الهمس والهمس فقط
العبرات ترقص بعيناها .............هو حي ........... وجهه الأسود ..........عيونه اللامعة ...........خصلاته الثائره .............صهيله الغاضب ..................رعد حي
طغت الإبتسامة على قسمـ.ـا.ت وجهها .............عيناها ..............ثغرها ........ والعبرات مازالت سيدة الموقف ................ إقتربت منه ............ لا بل إحتضنته غير مبالية بزمجرته ............... إشتمت رائحته بنهم وكأنها عبير الأزهار ............ لا بل هي عطر ساحر الآن فقط شعرت بالشوق إليه .............فقد غابت عنه لفترة طويلة .................زفرت بإرتياح .............. إستوبعت أخيراً أن رعد ليس الجواد المقصود ......... عادت للواقع مرة أخرى وبدأت تنتبه للأصوات حولها .............

أشار لها أحد الساسة قائلاً : بوكس 5 يا دكتورة ........... الحصان أدهم ............

توجهت بخطوات مترددة ................كان جواداً ضخماً بلون متدرج بين الأسود والبني .............ممدد على الأرض وخالد أمامه وقد جلس نصف جلسه فبدا كأنه يجلس القرفصاء وعيناه حزينه تأبى الضعف فإعتلتها نظرات الغضب والغيظ ................. قال بصوت أجش وهو ينظر للجواد : أدهم ............. حصان سبق
إيناس : هو إزاي ده حصل
أدهم : زي مانتي شايفة تسمم
لاحظت إيناس بالفعل إنتفاخ بطن الجواد بجانب تشنج أطرافه تابعت بدهشة : لكن لو تسمم غذائي التطور مش حيكون سريع كده كنا ممكن نلحقه
قام خالد ووقف بجانبها وتابع وهو ينظر للجواد : ما هو مش تسمم غذائي طبيعي أو تلوث ........... ده سم ........... أدهم إطحتله سم وفي الميه كمان
إيناس بصدمة : سم !!!! مين ............مين يعمل كده وليه
خالد : الي عملها أنا عارفه والمرة دي لعب في عداد عمره بجد

كانت نبرته قاسية مريرة ............. تركها وخرج ...........وجدته يتحدث مع العمال وعرفت من النقاش أن هناك أحد العمال ويسمى مجدي ...........يختص بتنظيف الإسطبل إختفى منذ الصباح ويبدو أنه رحل لأنه أخذ ملابسه ........... كانت عبـ.ـارات خالد قوية إخترقت أذناها : ماشي ............ مجدي ده حجيبه وحيبقى عبرة ليكم كلكم علشان لو حد فكر يخون ما يلومش غير نفسه

إنطلق لسيارته غاضباً ثم نادها بعد أن إستقر بمقعد السيارة خالد : عايزك يا دكتورة تعالي علشان تحضريلي شهادة الوفاة
ركبت بجانبه ولاحظت بعد ذلك مناداته لدسوقي حيث طلب منه عنوان هذا الذي يدعى مجدي ..........
كانت يداه تحرك المقود بغضب ......... قدمه تدوس البنزين بقوة ............السرعة جنونية هي طائرة وليست سيارة وليست سيارة والآن ربما هم على بعد دقائق من حادث ............
أوقف السيارة فجأة فكادت أن تقفز من مقعدها نظرت له ووجدته يضغط على المقود بغضب وهو ينظر أمامه ثم ضـ.ـر.ب المقود بيده عدة مرات مما أفزعها للحظة ولكنها شعرت بالشفقة من أجله عنـ.ـد.ما أسند رأسه للوراء ووضع كفه على جبهته وعيناه .............بدا أنه يعاني من ألم رأس قوي .............. قالت له بصوت خفيض : بشمهندس ..........بشمهندس خالد إنت كويس
زفر بألم ثم تابع دون أن ينظر نحوها : أكيد مش كويس
إيناس : هو الناس اللي عملت كده هما نفسهم اللي ............ اللي إتهجموا على حضرتك
إبتسم بسخرية : ايوه
إيناس : بس هو في ناس كده .............. تقـ.ـتـ.ـل روح بريئة مالهاش ذنب ............ عشان ايه
إستدار لها .............. صمت قليلاً وهو ينظر نحوها بعمق ثم تابع : يا إيناس اللي عمل كده مش في دماغه حكاية الروح البريئة دي ............. اللي عمل كده حسبها بطريقة تانية خالص
إيناس : طريقة تانية ............ مش فاهمة
خالد : أدهم حصان سبق يا إيناس .........خيل عربي مصري نسبه متسجل فاهمة يعني إيه .........عارفة الحصان ده تمنه كام ........الحصان ده ثمنه نص مليون يا إيناس
صمتت قليلاً ثم قالت : يعني قـ.ـتـ.ـلوه علشان إنت تخسر فلوس
خالد : اه وإختاروه هو بالذات علشان كده بالإتفاق طبعا مع الخاين مجدي ........... اللي حربيه قبل ما أربيهم
عاد لغضبه مرة أخرى وأخرج هاتفه وقام بمحادثة أحدهم
خالد : حبيبي إزيك
الشخص : خالد باشا أؤمرني
خالد : عايز مشوار تاني زي بتاع السجن
الشخص : أمرك نفس الواد تحب أبعتلك ناس تربيه تاني
خالد : لأ ده واحد تاني حمليك عنوانه عايزك تبعت رجالتك ليه
الشخص : عيني عايز منه ايه
خالد : عايزه ........... خلي الرجـ.ـا.لة يجيبوه ........حنتفق بعد كده فين
الشخص : اممممممم خلاص اديني عنوانه
خالد : غالبا مش حتلاقيه فيه بس شطارتك بقه تجيبه بسرعة
الشخص : ههههههههههه متقلقش يا باشا ده إحنا اللي بنشغل البوليس ..........يومين بالعدد والهدية توصلك
خالد : تمام
أغلق الهاتف بعد ان أعطاه العنوان وإنطلق بالسيارة مرة اخرى أما هي فلم تجرؤ على سؤاله عما ينوي .............

************************

لم يتوقع مجدي أنه سيواجه خالد بعدما حدث .............. فقد قرر الهروب مباشرة بعد فعلته الشنعاء لشعوره أن خالد سيصل إليه آجلاً أم عاجلاً ولكن يبدو أن هروبه ساعد على أن يتم الأمر عاجلاً ...............
كانت السيارة تتحرك مسرعة ............. تشق طريقها في الظلام وكأنها تنطلق نحو الموت .............. تُرى هل سيقـ.ـتـ.ـله خالد لما فعل ............. ربما فغضب خالد غير محمود العواقب .............

سحبه أحد الرجال بعنف وأخرجه من السيارة ...........
إنزل يا خفيف ........... وصلنا
غطى مجدي عينيه خوفاً من أن يبادره الرجل بلكمة أخرى فوجهه كان ممتلئ بهم على أية حال .............ولكن الرجل سحبه بعنف من ملابسه وألقاه أرضاً ........... نظر مجدي للمكان حوله بإرتباك وتابع بصوت مرتجف : إحنا فين ............دي ...........دي مش المزرعة

كان في الصحراء ............ وعندها لمح سيارة خالد وقد ترجل منها وتقدم نحوه مسرعاً ........ رفعه خالد بيد واحده وقام بقذفه على السيارة وتابع : لا مزرعة إيه ...........مش حينفع تلم علينا الناس
مجدي : خالد بيه أبوس إيدك ............ سامحني يا خالد بيه
خالد : نعم يا روح أمك
مجدي : يا بيه والله هما اللي وزوني شيطانه يا بيه وزتني ضحكت عليا
خالد : عرفتها إزاي
مجدي : أنا كنت نضفت العربية لما هي جات لحضرتك وهي إديتني تليفونها وقالت لي حتساعدني ....... ب ........ب شغل .............. سبوبة يا باشا مش أكثر
خالد : سبوبة ............. وإيه رأيك بقه في السبوبة .........حلوة
مجدي : أنا حمار يا باشا ...........أبوس إيدك إرحمني
كان مجدي يتوسل إليه وينظر برعـ.ـب للسكين بيد أحد الرجال الذين إختطفوه
تابع خالد بدهاء : إنت عارف أدهم كان تمنه كام
طأطأ رأسه في إذعان ولم ينطق ........... فإقترب منه خالد وركله بقوة في بطنه وتابع : ها ......... عارف ولا مش عارف
مجدي : هما ............ قالولي أغلى حصان
خالد : دفعولك كام
مجدي : يا باشا ...........
خالد : إنطق ومتكدبش وإلا حتتقطع هنا............خلص قول مش فاضيلك
مجدي : خمسين ............. خمسين ألف يا باشا
خالد بسخرية ممزوجة بغضب شـ.ـديد : خمسين ألف ................ خمسين ألف في حصان ثمنه 500 ألف ............ طيب أنا أعمل فيك إيه .......... إنت حلال فيك حاجه حتى القـ.ـتـ.ـل
مجدي : يا باشا ......... أشتغل تحت إيدك والله بس أبوس إيدك أنا مش عايز أموت
إستدار خالد وصمت قليلاً من أجل إنهيار أقوى لمجدي ثم تابع ..............
خالد : خلاص بص بقه يا مجدي هما حقين ..........حق الفلوس وحق الموت ولازم حتدفع واحد منهم
كان مجدي ينظر لخالد بحيرة غير مدرك لما يقوله ............ تقدم منه خالد وأعطاه بعض الأوراق ........... نظر مجدي لها بدهشة وقال : إيه ده يا باشا
خالد : دي وصولات أمانه ..........يا باشا ( قالها بإستهزاء )
دقق مجدي النظر في الأوراق حتى إتفرجت عيناه وقال بحسرة : يا خرب بيتك يا مجدي ............. يابيه أنا ماعييش المبلغ ده هما 50 ألف وأديهم لحضرتك الله
نظر له خالد بغضب والشرر يتطاير من عينيه وتابع بصوت جهوري : 50 ألف إيه يا شحات ........... إمضي على النص مليون ثمن الحصان
مجدي : أيوه يا بيه بس أنا كده حتسجن
خالد : خلاص مش عاجبك ناخد حق الموت بقه ............... قالها وهو يتوجه بالنظر لاحد الرجال المحيطين بمجدي فشعر مجدي بالفزع وبجدية خالد فأخذ الأوراق ومضاها على الفور ............ إبتسم خالد بمكر وتابع : شاااااااااااااطر ............. أول وصل معاد تستيده بكرة ...........ها تحب تروح ولا نطلع على القسم علطول


وهكذا قام خالد بتصفية حسابه مع مجدي وأعلم الجميع بخبر سجنه ليكون عبرة ومثال يُحتذى به .............. نعم إنتهى من مجدي وبقي كريم ............وكارمن .

 

مرت حوالي عشرة أيام على موت أدهم .............كلما مرت بحجرته إنقبض قلبها ............منذ ما حدث وجميعهم تغير .............. خالد أصبح أكثر حدة مع الجميع وكأنه أصبح يتوقع الغدر وينتظره .............. العمال إنشغلوا بأعمالهم بل زاد إخلاصهم للعمل فعلى الرغم من حدة خالد شعروا جميعاً بالحزن من أجله
وهي ......... هي أصبحت تتردد على الإسطبلات أكثر من مرة بل ربما خمس مرات باليوم تقضي وقتا طويلاً مع سهيلة تهتم بها وتتأكد من نظافة طعامها وشرابها ربما يكون وليدها خليفاً لأدهم وتعويضاً لحزن خالد ............ وبالطبع هناك رعد ........... منذ ما حدث وأصبحت ملازمه له تزوره يومياً وتعتني به وكأنه طفلها المدلل ......... لا تتخيل كيف كانت ستكون حالتها لو فقدته ............. أغمضت عيناها وحاولت طرد تلك الفكرة من رأسها فمجرد التفكير بهذا يؤذيها بقدر كبير ............تنحنح السائس عنـ.ـد.ما لاحظ شرودها فإنتبهت له وقالت : أيوه يا دسوقي في حاجه
دسوقي : بسألك بس يا دكتورة حضرتك محتاجة مني حاجه أصل الساعة 5 وأنا حاروح ألحق ساعة الغدا
إيناس : لا روح إنت أنا حافضل هنا شوية
دسوقي : علشان أوصل حضرتك كل العمال مشيت
إيناس : لا إنت روح أنا 10 دقائق وحامشي ............ عايزة أتمشى
دسوقي : أمرك يا دكتورة ........... عنئذنك

إستدارت لرعد بعد رحيل دسوقي ثم ملست بأناملها على وجهه وقالت : أخيراً بقينا لوحدنا
زمجر الحصان قليلاً وإبتعد عنها فتابعت بإبتسامة : إنت لسه زعلان مني .......... معاك حق ............ أنا وحشة
إقتربت إيناس من الجواد مرة أخرى ولكنه عاد للخلف مبتعداً ........... شعرت بالحزن وقالت بلوم ضاحك بقالي 10 ايام بصالح فيك يا رعد .......... إنت قلبك إسود قوي ........... أعمل إيه ............... إبتسمت بمكر وأخرجت منديلاً صغيراً من حقيبتها ثم عصبت عيناها ...........
قالت هامسة : كده أحسن ............ إقتربت منه غير مبالية بزمجرته وملست برقة على وجهه وعلى شعره
همست بأذنيه : شششششششششششششش إهدى .......... والله لو كان حصلك حاجه كنت ممكن أموت وراك ............إلا إنت يا رعد ..............أنا مكنتش أعرف إني بحبك قوي كده
بدأ رعد يستكين لهمساتها بل إستراح وكأنه إفتقدها .............

كأنها همسات ساحرة على كلاهما ..........
علاقة خاصة ......... وكأنه يرى ما ترى ويشعر بما تشعر .............إنه رباط نادر ............ حالة خاصة من البهجة .............بل حاسة سادسة إكتسبها كلاهما
وكأنه نوع خاص من توارد الخواطر ........... إنه همس الجياد
دون أن تشعر غرقت بعالم آخر حيث لا يوجد به سوى هي ورعد وأسرارها التي إعتادت قذفها بأذناه ولكن تلك المرة كان هناك آخر ..............طرف ثالث

*********************

شعر خالد بالإجهاد بعد أن أنهى أعمالة المكتبية ............. منذ أيام وهو قابع على أوراق الحسابات وكشوفات البنوك يراجع ويعاين .............. كان يشعر بالقلق من كل شئ ............ للحظة تصور كريم كأخطبوط رأسه بالسجن وأذرعه في كل مكان ............ إبتسم ساخراً ...........إذا كان هو بأخطوبوط فسأكون سمكة قرش شرسه تلتهمه في لحظات ............ نظر للساعة فوجدها قد قاربت على الخامسة مساءاً ............ ترك أوراقه وقرر المرور بالإسطبلات مرة أخيرة وقضاء بعض الوقت مع رعد فأكثر ما يحتاجه الآن هو رعد ...........

لفت إنتباهه صوت غريب بمجرد دخوله للإسطبل ........... إنتبه وبدأ يخطو بحرص نحو الصوت ........... كان بغرفة رعد ........... حتماً هناك غريب أم ربما خائن وسأتمكن منه تلك المرة ............. إقترب بحرص........... رآها............تسمر مكانه وبرقت عيناه ............. كانت تقف أمام رعد معصوبة العينان ............. تهمس بصوت منخفض ........... وتبكي ........... تبكي بحرقة ............ فعبراتها تنهمر على وجنتيها بغزارة وثغرها يبدو كالضاحك الباكي بنفس اللحظة ........... ظل يراقبها لوهلة ..........ماذا تقول .......... أهكذا روضته .......... هو طائع بين يديها وكأنه يستشعر ألمها وهي ..............هي فاقدة للبصر مثله ......... وكأنها قررت الإرتواء بإحساسه............. وكأن كلاهما واحد ...............يقرأ أفكارها و تعيش عالمه ........... لا يعلم ماذا أصابه ولكنه ظل يراقبها بشغف ................ دون أن يشعر ذاب مع كلاهما بعالم آخر حيث يكون الإحساس هو بطل الرواية بلا منازع ...........

دون ترتيب بدأ بالتقدم نحوها .......... على الرغم من بكاءها إلا أن أنفاسها كانت هادئة ........... مازالت عبراتها منهمرة ........... حبات اللؤلؤ تتساقط كالندى على وجنتيها التي تمكنت منهما حمرة الورد .............. شفتاها المرتجفة بدت كزهرة الكاميليا ............. رقيقة وردية ........ لم تشعر به ..........كان كيانها كله مع رعد ......... لا يعلم ماذا أصابه ولكنه ود أن يحتضنها ويملس على تلك الخصلات البندقية التي سحرته منذ أول وهلة ........... فقط لتكف عن البكاء .......... أخيراً إستمع لبعض ما تقول .......... بصوت متحشرج خرجت عبـ.ـارتها لا يعلم هل تلك العبـ.ـارة هي كل ما تقول أم أهم ما تقول

-
مش عارفة كان ممكن يحصلي إيه لو رحت إنت كمان يا رعد ............. شريف وحشني قوي ............ بجد وحشني قوي ........... مش عارفة ليه لما خالد بيبصلي بفكر فيه ............ أنا خايفة .............أنا مش عايزة حد ياخد مكان شريف ............ شريف إنت وحـ.ـشـ.ـتني قوي .............. شريف !!!!...........

صهل رعد ..........شعرت بوجود شخص معها بالمكان ........... تسارعت أنفاسها فوضعت يدها على قلبها ربما لتهدئ من طبول الفزع بداخله وسريعاً خلعت العصابة ............
راضيبشيطاني الغاضب ................ فهو جدار حمايتي الخاص ............... فالجميع مجروح سواي .............. الجميع خاسر سواي .............. ماذا يحدث .............. من أنتي لتقتحميني بتلك الطريقة ............... تحطمين أسواري المنيعة ............بل أفكاري المنيعة ..............




كانت تنطق بإسمه ........... شريف ....... شريف .......... شعور غريب إجتاحه وكأنه قد إرتوى بعد ظمأبشراب سحري ............. مزيج نادر جمع بين السعادة والغضب ............. خاصة عنـ.ـد.ما قالت خالد ............ إنتفض قلبه وغادر ضلوعه وما لبث أن عاد عنـ.ـد.ما ذكرت شريف مرة أخرى ............ وكأنه خشي أن تعشقه ................ ماذا دهاني ................ أعشق وفائك نحوه وأتمناك بنفس اللحظة ............. هذا المريد بداخلي يأبى أن تكون تلك المشاعر لسواه ...........فتلك العاطفة أريدها من أجلي أنا فقط .............. ولكن كيف ............. كيف ............... أحمق أنا ............. هل أعشقك حقاً ............أم عاشق لعشقك الجارف نحو رجل ميت




شعر بصهيل رعد ............ إرتباكها ......لا بل كاد يسمع دقات قلبها المرتجفة .............لا يعلم متى وكيف ولكنه قفز سريعاً خارج الغرفة الضيقة قبل أن تنزع العصابة بلحظات .................. ماذا به ............أيهرب من إمرأة ولكن كيف تراه !!!! .............. وماذا سيخبرها ................هو الآن أضعف ما يكون .............بل لم يشعر يوماً بهذا الوهن ............بهذا الإحساس ................لقد قُتل الإحساس بداخله منذ سنوات كان يُحييه فقط مع رعد ........ ولكن معها هي .............. إنه شعور مختلف لم يعتاده قبل ذلك ............. إنه يشعر بالحياة .............وكأن نسمـ.ـا.ت هواء ثلجية تلفح وجهه ثم تخترقه وهي محملة بعبق البندق والياسمين فيستنشق جمالها بحرية .............




نظرت حولها في حيرة ............. لا يوجد أحد ولكن صهيل رعد ............ بل تكاد تجزم أنها للحظة شعرت بوجود أحد معها بالغرفة ............. خرجت مسرعة وتلفتت يميناً ويساراً لم تجد أحد ............. خيال عابث إذن ...........ربما .............. ودعت رعد وأغلقت باب الغرفة وهمت لتغلق باب الإسطبل عند خروجها ولكنها تسمرت مكانها عنـ.ـد.ما رأت سيارته ............ نظرت مسرعة للداخل مرة أخرى ...........لاحظت أن غرفة سهيلة مفتوحة ............ كانت أنفسها متسارعة ...........هل كان هناك ..............هل سمعها ومتى حضر ............... توجهت نحو غرفة الفرسة تنظر بحرص ووجدته ............... كان يقف بجانب سهيلة يملس على خصلاتها الماسية ويضع أمامها بعض المياة .............. إنتبه لها .........كان جلياً أنه لم يتفاجئ بوجودها ...........
قال بإبتسامة : إزيك يا دكتورة ............ أنا سمعت نصيحتك أهو .............. لازم نشربها من المية اللي بنشرب منها
إبتسمت بحرص ثم قالت بتلعثم : هو ........... حضرتك جيت إمتى
خالد مصطنعاً البراءة : لسه من دقائق ...........كنت جاي أطل على سهيلة وبعدين أشوف رعد .............إنما إنتي إيه اللي جابك دلوقتي
نظرت له بدهشة لا تعرف لماذا لا تصدقه ........... تابعت بنفس نبرتها القلقة : أنا كنت موجوده ...........كنت عند رعد
خالد : والله ............ كويس .............عموما أنا راجع حاوصلك في سكتي
إيناس بريبة : هو حضرتك مش حتبص على رعد
خالد بنبرة ماكرة : ماهو مدام إنتي كنتي عنده خلاص .........وبعدين مينفعش تمشي المسافة دي لوحدك
إيناس : لأ عادي هي مش طويلة قوي
خالد : بس الوقت إتأخر والمزرعة للأسف مش أمان دلوقتي
كانت نبرته مريرة ............شعرت بالآسى من أجله
تابعت بعدها : مش آمان إزاي لا يافنـ.ـد.م متقولش كده وإن شاء الله أزمة وحتعدي

إختلفت ملامحه ............بدت إنتقامية ..........تابع بنبرة إتسمت بالخشونة : لا متخافيش ........... أنا مش حسيبهم ........... والموضوع لازم حخلصه
لم تتردد أن تساله تلك المرة بل لم ترهب حدته وملامح الإنتقام البادية في وجهه قالت بشجاعة : مش فاهمة ............ حضرتك حتخلصه إزاي
نظر لها بدهشة وتابع : وليه مهتمة ت عـ.ـر.في
إرتبكت للحظة ........... هي غير مهتمة ولماذا يظن أنها مهتمة تابعت سريعاً : لأ أنا مش مهتمة ........... ده كان سؤال عادي وإعتبرني مسألتهوش
لم تنبس بكلمة أخرى وتوجهت للسيارة ............بل ظلت صامتة طوال الطريق على الرغم من محاولته إرباكها بنظراته وفي النهاية تغلب صمتها عليه بل إستحوذ تجاهلها على إهتمامه وجد نفسه ينطق وحده وبعفوية شـ.ـديدة : طليقتي وأخوها هما ورا ده كله
نظرت نحوه بدهشة لا تعرف هل هي مندهشة من الخبر الذي تعرفه سالفاً أم من ذكره للأمر .............. تابع دون أن ينظر نحوها : دائرة مفرغة من الأذى ............ مش عارف حتنتهي إمتى بس أكيد مش حينفع أسيب حقي
قالت له بنبرة مترددة : هما اللي بعتوا الناس اللي إتهجموا على حضرتك
خالد : أيوه
إيناس : وهما ليه عايزين يإذوك
خالد : علشان مقتنعين إن انا أذيتهم
إيناس : وهو إنت أذيتهم
خالد : أنا خدت حقي
كان يتحدث وكأنه أمر بديهي لا نقاش فيه
إبتسمت بسخرية : وهما شايفين إنهم بياخدوا حقهم
نظر نحوها بدهشة : إنتي معايا ولا معاهم
إيناس : أنا لا معاك ولا معاهم أنا معرفش تفاصيل بس واضح إنكم حتفضلوا كده لغاية ما تخلصوا على بعض لإن ببساطة كل واحد متمسك باللي بيظن إنه حقه
إحتد عليها وتابع : بس هو حقي أنا إنتي مت عـ.ـر.فيش حاجة ............ دول سرقوا
قاطعته سريعاً وقالت بهدوء : بشمهندس أنا مش مهتمة أعرف دي حياتك الشخصية وحضرتك حر في قراراتك .......... بس برده حضرتك اللي قلت إنها دائرة أذي والدائرة مالهاش نهاية ............

عندها كانا قد وصلا ........... أوقف السيارة وأراد ان يتابع معها الحديث وإن كان رغماً عنها وهي أرادت الهروب وكأن حدتها كانت سبيلها الوحيد للدفاع ضد إقتحامه لعزلتها وربما سماعه لأدق أسرارها ...........ولكن ضوء سيارة قوي بدد الظلام حولهم لفت إنتباهم ............ ترجلت من سيارتها وتوجهت نحوهم بإبتسامة خبيثة ........... لمعت عيناه وهو ينظر نحوها وقال مزمجراً : كارمن .


ما جدوى الغضب إن لم تشهده وما جدوى الحزن إن لم تلمسه ................. وكيف أشعر بلذة الإنتقام دون أن أتلذذ بملامح الحسرة في وجهه ............ أفكار رأسها تغدو وتجئ وفي النهاية قررت الذهاب له فقد إنتظرت مجيئه .............. غضبه ............. زمجرته ...........رؤياه ...........ولكنه لم يأتي



تأنقت بشـ.ـدة ربما أكثر من العادة ............. تركت خصلاتها الحمراء ثائرة وزادت من حمرة الشفاة خاصتها ........... بل زينت زرقة عيناها بنثرات ماسية لامعه فوق أهدابها ............ كانت تبدو متمادية .......... جميلة ........... فاتنة .............. كعادتها .





نظر نحوها بغضب وهي تتقدم نحوه تابع بحنق : ليكي عين
لم تعره إنتباهها ولكنها نظرت لإيناس وتابعت بمكر : كل ما أجي أزور خالد ..............أشوفك
إرتبكت إيناس بشـ.ـدة وقالت بجدية وهي تغادر : عنئذنكم
وغادرت مسرعة دون أن تنظر خلفها
إقتربت منه كارمن وما زال يرمقها بنفس النظرة الغاضبة :
أنا بقول نتكلم في الفيلا أحسن
لم تعطه فرصة للقبول أو الرفض توجهت للفيلا وتوجه هو خلفها ............. دخلت تتفحص المكان بتباهٍ وتابعت : زمان كان ذوقك أحلى ولا دي على ذوق حد جديد
خالد وقد إنتهى صبره : مش فاهم
واضح إن الدكتورة مابتقدمش خدمـ.ـا.تها للخيل بس
لمعت عيناه وتابع بإزدراء: اللي بيعمل حاجة بيفتكر كل الناس زيه
كارمن : ياااااااااااااااااه ............ولما إنت كنت شايفني وحشة كده إتجوزتني ليه ..........حبتني ليه
كانت ملامحه صارمة : أنا عمري ما حبيتك
إقتربت منه في دلال : كـ.ـد.اب ............ حبيتني بس شهوة إنتقامك كانت أقوى
خالد : وإنتي راجعة تنتقمي دلوقتي
كارمن : الإنتقام مش حكر عليك لوحدك
خالد : بس أنا ماقـ.ـتـ.ـلتش
كارمن وقد ترقرقت العبرات بعيناها : قـ.ـتـ.ـلتني .........يوم ما هـ.ـر.بت مني في يوم ولغيت سنين حبي ............قـ.ـتـ.ـلتني
خالد : وإنتي قـ.ـتـ.ـلتي أدهم ومش قـ.ـتـ.ـل معنوي ده قـ.ـتـ.ـل بجد
كارمن بذهول : زعلان على الحصان ومش نـ.ـد.مان على اللي عملته معايا
خالد بإزدراء: أنا مضـ.ـر.بتكيش على إيدك كله كان بمزاجك سواء كان جواز أو غيره

لا تعلم ماذا أصابها ولكنها رفعت يديها رغبةً في صفعه وهي تقول : إخرس
ولكنه أمسك بيديها قبل أن تلمس وجهه قال بغضب شـ.ـديد : مش خالد رضوان اللي تضـ.ـر.به واحده ست
كان يمسك ذراعها بقوة ويلويه خلف ظهرها .........صرخت بألم ..............سيبني ............سيب إيدي
تمكن الغضب منه وبلغ ذروته دفعها حتى إلتصقت بالحائط وقال لها وهو يضغط على ذراعها بقوة : جيتي ليه يا كارمن ............هه ...........جاية تستفزيني ولا لما ماردتش إفتكرتيني ضعيف وجاية تشمتي ............طيب أنا حارد ودلوقتي يا كارمن
كان مازالا ممسكا بذراعها بعنف .......... سحب يدها الأخرى وشعرت بشئ يلتف حول معصميها ........... قالت في فزع : إنت حتعمل إيه
خالد : عارفة يا كارمن أدهم وهو بيموت حس بإيه
بدأت أنفاسها تضطرب ............ نبرته جنونية وكأن بلغ ذروة الخبل
تابع بعدها : ألم حاد في البطن .........تشنج في الأطراف علشان النفس .........ها تحبي تجربي ...........
سم ولا ألف حبل على رقبتك الجميلة دي
كارمن : إنت مـ.ـجـ.ـنو.ن .............مش طبيعي حتقـ.ـتـ.ـلني علشان حصان
خالد : إنتي قـ.ـتـ.ـلتي حصان علشان طلقتك يا كارمن ........... و علشان تخسريني ثمنه
كارمن : إنت قـ.ـتـ.ـلتني ............إستغلتني .............. ضحكت عليا وسرقت فلوس أبويا
قذفها بعيداً عنه فألقاها على الأريكة ويداها ما زالت مقيدة ............. نظر نحوها والشرر يتطاير من عينيه وبصوت جهوري متحشرج من شـ.ـدة الغضب تابع : إيه فلوس أبوكي ............ فوقي دي فلوسي أنا ............وأبوكي سرقها مني زي ما سرق حياتي وأمي ............إنتم اللي دخلتم حياتي من غير دعوة ............ عيشتوا في بيتي وإنطردت منه .......... لغاية دلوقتي عايشة في مالي يا كارمن انا إشتريت حقي منك فاهمة يعني إيه
يعني إنتي أذيتيني بفلوسي وأخوكي الشملول إتسجن لإنه بتاع رشوة مش نضيف .............. وحقي أخدته منه زي ما أبوكي اخده مني بالضبط .............داين تدان يا هانم ..............مـ.ـا.تكدبيش الكدبة وتصدقي روحك حتى لو ماكنتش طلقتك ماكنش ينفع نعيش مع بعض ........... وعمرنا ما كنا ننفع لبعض بس إنتي ست بتتحركي ورا رغباتك وبس فمتلوميش غير نفسك

كانت تنظر نحوه بفزع ............ بغيظ ...........كادت أن تنطق ولكنه جذبها بعنف من شعرها
تابع وهو يخرجها من المنزل عنوة : أنا النهارده حاخد بنصيحة جاتلي من ملاك مش شيطان ............ مش حاعملك حاجه ولا لأخوكي لكن قسماً عظماً لو فكرتوا بس تهوبوا ناحيتي ............ ساعتها حتشوفي مني وش غير كل اللي فات يا كارمن

فتح الباب وأخرجها من الفيلا بعد أن فك قيودها ........... دفعها بعنف فوقعت أرضاً ..............نظرت نحوه بتوعد ونظر نحوها بسخط ثم أغلق الباب بوجهها ..............إنطلقت بسيارتها بجنون ............. تعلن ...........تتوعد .......تبكي




كانت تبكي بحرقة ............لماذا ذهبت .............. ماذا كانت تظن .............. لقاء الأحباب بعد شوق !!!!!! ............. لا ذهبت لتلمس إنتقامها وقد نالت ما بغت .............. نظرت لمعصمها في أسى وهي تلمس أثار حبال الستائر عليها ............ أكرهك يا خالد ........... أمقتك ............. تصر على إذلال الأنثى بداخلي .............. صدقني ستنال جزاءك .............حتماً ستناله



أطلقت الزامور لتنبه الحارس أن يفتح لها البوابة .............. كانت البوابة الأولي في الجزء الآخر من المزرعة حيث أقنعت الحارس المسكين بأنها قريبة إحدى المهندسات وقادمة لزيارتها وبالطبع قوة إقناعها ليس لها مثيل فهي تعلم تأثيرها على الرجال .............. جميع الرجال دونه هو ............ كانت تضغط المقود بشـ.ـدة ............لا ترى أمامها سوى صورته ............... وجهه ............... سخرية ثغره ............غضب عيناه ............... هذا الثغر الذي طالما أمطرها بكلمـ.ـا.ت العشق الكاذبة وتلك العينان وإدعاءهما الشوق بمكر .............


فجأة و قبل أن تصل للطريق العمومي ...........فجأها شبح بالظلام ............ لا تدري ماذا حدث ولكنها توقفت فجأة قبل أن تدهسه ومع ذلك إرتطم جسده بالسيارة ............. خرجت مسرعة مرتبكة وإقتربت منه ........... كان جالساً على الأرض يمسك بردفه ويقول : حـ.ـر.ام عليكي يا شيخة ...........كنت حروح فطيس
كارمن : أنا آسفه ........... إنت ظهرت فجاة
نظر حوله يبحث عن شئ فقالت له : حاجه وقت منك
هو : اه الكاب بتاعي
لمحتها على بعد منه فأحضرتهوجلست أمامه على ركبيتها وناولته له قائلة : إتفضل
قام بإرجاع خصلاته الناعمة للوراء ثم أرتدى قبعته ونظر نحوها ولكن إنتباه الصمت عنـ.ـد.ما رأى ملامحها المتوهجة تحت ضوء السيارة ........... ما هذا ............ هل صدمته إحدى جنيات الصحراء ذوات الجمال الخارق ........... خصلات متجدلة تشع ببريق أحمر اللون وعيون طغت زرقتها على الظلام الحالك حوله............ تابع بصوت هادئ ونبرة بطيئة : متشكر ............ أنا بجد متشكر جدا
كارمن : على إيه .........إني خبطتك
حمزة : أنا بعدي هنا إتنين وخميس علشان لو حبيتي تخبطيني تاني
ضحكت بيأس : إنت بتعاكس وإنت متكور على الأرض كده
حمزة : ماهو بسببك
كارمن : أنا آسفة ...........
لاحظ العبرات بعيناها نظر نحوها بعمق وتابع : أنا اللي آسف إني خضيتك كده بس هو حضرتك حقيقية
كارمن بدهشة : نعم !!!!
هو : إنسية زينا يعني ولا بسم الله الرحمن الرحيم
ضحكت رغماً عنها : إنت بتهظر ولا بتتكلم جد
هو : أصل بجد حضرتك جميلة بشكل غير طبيعي
كارمن : تقولي عفريتة وبعدين تقول جميلة
هو : ماهو أحلى جمال الجمال المعفرت ............ نبدأ من جديد علشان أنا تقريبا الخبطة أثرت على دماغي ..
قام بنفض يديه من الرمال ثم بسطها لمصافحتها وعلى وجهه إبتسامته المعهودة : حمزة
صافحته بدورها وقد هدأت ثورة البركان بداخلها بعض الشئ : كارمن
الغضب تلك العاطفة المتأججة ...............تكتسحك بجنون في البداية تسيطر على دقات قلبك أم ربما قفزات قلبك .............. ثم تقتحم ملامحك فيتملكها العبوس ..............كلمـ.ـا.تك التي ستتمكن منها الفظاظة حتى النخاع ..............صوتك ........... جهوريته ............حشرجته ........... ضعفه ............ فالغاضب ضعيف ........... وخاصةً هذا الغاضب





كانت إيناس بالمطبخ تحاول إشغال نفسها بإعداد بعض الطعام الذي ربما لن تأكله في النهاية .............. ما زالت كلمـ.ـا.ت الحمراء تتردد بأذنها ............... ماذا تقصد بتلك الكلمـ.ـا.ت السخيفه ثم إنها لم تكن بجواره في زيارتها السابقه ............ كانت عائدة للعيادة وهو كان سيمتطي رعد ............ زفرت بغضب وحاولت طرد كلمـ.ـا.ت كارمن من عقلها .............إنتبهت لصوت خالد الصارخ ........... لم تستطع أن تكبح جماح فضولها لتفسير كلمـ.ـا.ته ............ تركت ما بيدها وإنتبهت لكلمـ.ـا.ته ...........بل صوته المتحشرج ..........ضعفه




كانت كلمـ.ـا.ته مريرة ............ إخترقت أذنها وعقلها معاً ............. وكأن عبـ.ـارته شكلت قصة قصيرة ظلت تتفكر فيها طوال الليل ............ هناك طفل صغير خلف هذا الوجه البائس ............... طفل مشتاق لأمه ............ زوج إستحل مال اليتيم وكافح هذا اليتيم ليسترجع حقه ممن يظنون أنه ليس بحقه !!!! ............. من المصيب ومن المخطئ !!!! ........... ولكن خالد ليس بمخطئ هو فقط غاضب ........... غاضب بشـ.ـدة ............. تخيلت ملامح وجهه عنـ.ـد.ما سمعت نبرته الباكية ............. عضلات فكه المنقبضة .............. ربما إحمرار وجهه ............ أم تحجر بعض العبرات بعيناه ........... وعندها شعرت نحوه بالشفقة فهي إن لم تختبر هذا الغضب الجامح فتعرف جيداً عاطفة الحزن الجارف .............



 



نظرت له كارمن بإبتسامة وتابعت : فرصة سعيدة يا أستاذ حمزة
حمزة : أنا الأسعد
كارمن : طيب ........ تحب أوصلك في حته
حمزة : لا أنا داخل جوه وواضح إن حضرتك خارجه
لمعت عيناها وتابعت : إنت بتشتغل هنا
حمزة : أيوه ........... بس حضرتك ما بتشتغليش هنا
قالها بإبتسامة ماكرة
كارمن وقد إستعادت نفسها وضحكت بدلال : لا ............ كنت بزور حد
حمزة : بجد مين أنا كلهم جوا صحابي
تابعت بإبتسامة ساخرة : كنت بزور جوزي ...........السابق
صمت قليلاً ربما لإستيعاب ما قالته دون تردد ثم تابع : من غير زعل أنا في قلبي على لساني
كارمن بدهشة : إيه
حمزة : مين الحمار ده اللي بقى سابق
ضحكت بشـ.ـدة وتابعت : تصدق هو فعلا حمار بس يا ترى لما أقولك مين حتفضل متمسك برأيك
نظر لها بريبة : ليه هو مين
قالت بتحدي : خالد
ضحك بإنهزام وتابع : هو حضرتك كنتي مرات بشمهنس خالد
كارمن: أيوه
حمزة : يعني ........... هو بلاش حمار دي شيليها في المونتاج
كارمن : مش ممكن إنت بجد ضحكتني النهارده ضحك يعوض سنين
حمزة : يا خبر ليه بس
كارمن وقد زفرت بإرتياح : ماهو الجواز الفاشل آثاره بتستمر شوية
حمزة : أنا آسف
كارمن : إنت مهندس برده زي خالد
حمزة : أيوه
صمتت لوهله ثم أنار عينيها بريق غريب وتابعت : تعرف إن الصدفة فعلا خير من ألف معاد
حمزة : مش فاهم حضرتك تقصدي ايه
قالت بمكر : أصل انا كنت جاية عايزة من خالد خدمة وغالبا مش حيعملها ودلوقتي بقه القدر رماك في سكتي وشكلك حتكون الشخص المناسب للمهمة دي
حمزة بدهشة : أنا !!!! مهمة إيه
فجأة و دون مقدمـ.ـا.ت قامت كارمن بتمرير أناملها الرفيعة بين خصلاتها الحمراء فدفعتها بحركة واحده على أحد كتفيها ثم نظرت نحوه مطولاً وقالت بإبتسامة دافئة : بص يا سيدي .........أنا خريجة فنون جميلة ومحتاجاك في شغل
حمزة وقد صمت لوهلة يتأملها ثم إستدرك نفسه وتابع : بجد حضرتك لازم تكوني فنانة جميلة ............ قصدي فنانة فنون جميلة ...........انا آسف ...........أنا متلخبط
ضحكت بدهاء وتابعت : أنا رسامة وبحب أعمل معرض كل سنتين كده والمرة دي عايزة أعمل معرض يكون بس عن الورد
حمزة : الورد !!!!!
كارمن : اه الورد ...........اعظم لوح اترسمت كانت عن الورد ......... زهرة الخشخاش مثلا
حمزة : فعلاً
كارمن : انا بقه كنت محتاجه حد متخصص موسوعة كده يعرفني كل الانواع ويجيبلي كتب او مجلات عن أشكالها ........ صفاتها .......... معانيها ...........علشان أدخل في الحالة وأرسم ............أنا عايز أحس الورد ...........أفهمه ...........أعيشه
كانت تتحدث بهمس لا يعلم ماذا أصابه ولكنه شعر كالمسحور أمام نبرتها الهامسة ........... مسحور وسعيد بتلك الشخصية الفريدة من نوعها أجابها دون تردد : أنا تحت أمرك
لمعت عيناها بإنتصار : تمام ........... حديك تليفوني واخد تليفونك ونحدد معاد ........ نقول أول معاد
حمزة : خلاص يبقى أول معاد




وهكذا إفترقا على لقاء ............. عادت بعد حزن منتصرة فقد وجدت في حمزة الدجاجة ذات البيض الذهبي ........... لا تعرف كيف ستحصل على البيض ولكن حتماً ستحصل عليه .



 



تلفت حسن حوله ليتأكد من عدم وجود رقية بجانبه ثم تابع بصوت خافت وهو يتجه بالهاتف نحو غرفة النوم : يعني إيه حتولدي فجر بعد بكرة
سهام : هو ايه ده ............ الدكتور قالي خلاص قيصري وإداني معاد بعد بكرة ............... حتيجي ولا برده مشغول
حسن : بتتريأي
سهام : بقالك 3 شهور ماشفتش وشك وشكل كده إبنك حيبقى زيي
حسن وقد زفر بضيق : سهام قلتلك كانت ظروف وإنت متجوزاني وعارفة ظروفي كويس
سهام : بص يا حسن من الآخر كده أنا حاولد بعد بكرة وبعدها بقه براحتك يا تكون موجود في حياتنا زي أي زوج وأب ............ يا تخرج منها خالص
حسن : إنتي بتقولي إيه ........... إنتي إتجننتي
سهام : بص يا حسن أنا من حقي أحس بجوزي جنبي وإبني من حقه يتمتع بحنان أبوه كل يوم ........... مش كل شهر .............
حسن : قصدك إيه
سهام : قصدي إن آن الأوان تبعتلنا نعيش معاك يا حسن



ظل ممسكاً بالهاتف صامتاً ......شارداً ........لم يشعر بإغلاقها للهاتف ............ لم يشعر بدخول رقية للغرفة متسائله عما به ...........




رقية بدهشة : مالك يا حسن
إستدرك نفسه ورسم إبتسامة كاذبه على وجهه وتابع : مفيش
رقية : مفيش إزاي ........... شكلك متضايق وواضح إن التليفون اللي معاك هو اللي ضايقك
حسن بضيق : قلتلك مفيش يا رقية هو تحقيق


صمت ........ مرت الدقائق كسنوات .................تابع ليتخلص من نظراتها نحوه : أنا ............أنا لازم أسافر بكرة عندنا شغل ومشاكل كده لازم أروح مصر أحلها ........... خالد متعصب
إبتسمت بآسى : اه ............. وماله ............ ححضرلك شنطتك
سريعاً توجهت للخزانه ............. أخرجت الحقيبة بيد مرتعشة ........... وبدأت بوضع ملابسه دون تركيز .............. هو أيضاً خرج سريعاً وتركها مع عبراتها الساكنة .



 
 
لم تستوعب إيناس في البداية سيل العبرات الذي إنفجر فجأة من عيناها .............. إحتضنتها سريعاً وتابعت : في إيه بس يا رقية ............ مالك
لم تنطق بل ظلت تبكي بحرقة ربما بكاء لم تبكيه من قبل .............. شعرت إيناس بالشفقة من أجلها فتابعت وهي تملس على رأسها بحنان : طيب عيطي ............. خرجي الشحنة اللي جواكي
رقية بنبرة توحي بالإنهيار : مش قادرة يا إيناس ..............بجد خلاص تعبت .............تعبت قوي
إيناس : إيه بس اللي حصل
تابعت بصوت متهدج : بقالي كتير قوي صابرة ......... كاتمة بس خلاص ..............خلاص أنا حاسه إني بموت يا إيناس أو جايز مت وده عذابي
إيناس : أستغفر الله العظيم بتقولي ايه بس ..........إستهدي بالله
إعتدلت في جلستها وبدأت في محاولة يائسة تجفيف نهر العبرات الثائر بعينيها ثم قالت : من حوالي 8 شهور بعتت لي صورة إختبـ.ـار الحمل ............ ما بقيتش عارفة هي بتغيظني ولا عايزني أمشي ............ شئ مؤلم قوي لما تحسي للحظة إنك حتكوني طرف زيادة في معادلة إنتي اللي بدأتيها .............. والله هو مش عند ولا سلبية ............. أنا مخدتي تشهد على دماغي اللي كل يوم تتعصر وأسئل نفسي حواجهه ولا لأ ............. ومن غير ما نحس أنا وهو زي ما نكون عملنا إتفاق ضمني ............ لا أنا أفتح موضوع جوازه ولا هو يحسسني إنه إتجوز
نظرت لها إيناس بشفقه وتابعت : إنتي عرفتي إنه إتجوز إزاي
رقية ساخرة : منها ........... عرفتني بعد الجواز ممكن بشهر ولما معملتش حاجة .........عرفتني بالحمل ........... وإمبـ.ـارح بس كنت على بعد خطوات من إعترافه ليا ............. حسيت إنه عايز يقولي ويخلص ويرتاح ............ خفت ............ماكنتش عايزة أسمعها ........مش قادرة ............مش قادرة أواجه المشكلة دي .............. إيناس انا بقالي سنة دافسة راسي في رمل ولما رفعتها وسافرت وفكرت وحاولت ورجعت ........جيت أدفسها تاني معرفتش كان بدل الرمل صخر ............. أسمنت صلب فتح نفوخي وكشف قدامي كل الألم اللي مخبياه
إقتربت منها إيناس وقد ترقرقت عبراتها بدورها فربتت على كتفها دون أن تنطق
أغمضت رقية عيناها مما ساعد في إنهمار أقوى لشلال دمـ.ـو.ع الألم بقلبها ثم تابعت : لما بعدت ماعرفتش أعيش من غيره ............. أنا من ساعة مـ.ـا.تجوزته وحياتي مافيهاش غيره ........... إتعودت اكون مشغوله بيه ............ أكله ...........شربه ...........لبسه ......... طلباته هي حياتي ............. لما بعد لقيتني مش لاقية حاجه أعملها فعملت اللي هو بيحبه لنفسي ...........رجعت ومش عارفة أنا رجعت علشانه ولا علشاني
إيناس وقد بكت بدورها : إنتي بتحبيه ............بتحبيه قوي وت عـ.ـر.في هو كمان بيحبك قوي
رقية : بس بيحب نفسه أكثر ........... انا عارفة حسن.............. ده طفلي المدلل وأنا اللي بوظته
إيناس : مفيش طفل بيقدر يستغنى عن أمه
رقية بآسى : لا يا إيناس بيستغنى عارفة إمتى ............ لما بيتجوز ويخلف ............ بينسى علشان هو بنى آدم والبنى آدم خطاء
إيناس : بس إنتي مش أمه إنتي مـ.ـر.اته اللي بتدلعه زي أمه بيتهيألي الراجـ.ـل بيكون عايز الزوجة والأم والحبيبة
رقية : إيناس حسن في خلال كام يوم حيبقى أب ........... تفتكري حافضل زي منا ولا حتحول لطرف زيادة على الأسرة الصغيرة
نظرت لها إيناس بشفقه وقد هـ.ـر.بت الكلمـ.ـا.ت من عقلها همت لتتحدث مرة أخرى ولكن رقية أمسكت ببطنها وبدت ملامح الالم بادية على وجهها بشـ.ـدة ......حتى خرج أنين متقطع قوي : ااااااااااااه
فزعت إيناس : رقية ........... رقية مالك
رقية وقد تمكن منها الألم فبدأت تتنفس بصعوبة : عادي أنا بقالي فترة تعبانه ............ شكلها كده سن اليأس بدري بدري
إيناس : إنتي بتقولي إيه ........ إنتي لازم تروحي للدكتور
رقية : مش مستاهله حاخد مسكن .......شكل كده العادة الشهرية حتقطع المرة دي خالص ............ يلا أريح
إيناس : إيه ّ!!! هي بقالها أد إيه ماجتش
رقية : مش بركز ممكن 3 شهور أو 4 ........... الطبيعي بتاعي إني مش منتظمة أكيد إنتي فاهمة
إيناس : طيب إنتي حاسه بإيه دلوقتي
رقية : عادي بتألم منها بس المرة دي بزيادة ومش عارفة ليه النهارده تعبانه بجد ........... امممممممممممم ............ لم تشعر رقية بنفسها وهرعت للحمام لتفرغ ما في معدتها وإيناس تراقبها بيأس ولكنها إستدركت نفسها سريعاً قائلة ............ لا كده مينفعش لازم تروحي لدكتور حالا
رقية : لا لا ............ أنا بس النكد أثر عليا حاخد مسكن وأنام
إيناس : لأ .......إهمال لأ ............تعالي أساعدك تغيري هدومك ونشوف سواق يوصلنا مصر ........... يلا بقه لو إنتي ما كونتيش حابه تروحي مع بشمهندس حسن فرصة هو مش موجود وأنا معاكي
شعرت رقية أن إيناس بذكاءها إستنبطت أفكارها فهي خافت أن تذهب للطبيبة مع حسن فتلقى بوجههما القنبلة الاخيرة .........سن اليأس




قامت رقية مع إيناس التي ساعدتها على إرتداء ملابسها سريعاً ثم قالت : إنتي معاكي رقم السواق
رقية : اه معايا بينفع لما بيكون حسن مش موجود ........... أنا حاكلمه




وفي غضون دقائق جاءهما السائق وتحركت بهما السيارة مسرعة نحو القاهرة ...............
نظرت لها الطبيبة بإبتسامة بعد أن أتمت الكشف ثم توجهت لإيناس قائلة : صاحبتك دي مهملة ............. بقالها شهور مش بتيجي
قالت لها رقية في آسى : معلش يا دكتورة والله بحس إني بضيع وقتك على الفاضي
نظرت لها الطبيبة الأربعينية بلوم ثم تابعت : بقه حضرتك بتقولي سن اليأس ....... ليه 40 سنة سن اليأس أقوم أضـ.ـر.بك دلوقتي
ضحكت رقية بحزن وتابعت : يا دكتورة صوابعك مش زي بعضها .......... أنا بس اللي محظوظة
الطبيبة : لا يا ستى مش إنتي اللي محظوظة الباشا اللي جوه ده بقالوا 3 شهور هو اللي حيبقى محظوظ بمامي زيك


صدمة .............. خوف ...............دمـ.ـو.ع ............إبتسامة مرتجفة .............كلمـ.ـا.ت العالم لا تستطيع وصف مشاعرها نظرت نحوها ملياً ثم تابعت بصوت مرتجف ...........خائف : إيييي ...........إيه
الطبيبة : مبروك يا روكا ............ إنتي حامل


شعرت إيناس بطبول الفرح تدق بقلبها بشـ.ـدة ...........نظرت لرقية غير مصدقة ............ ظلت رقية متسمرة في مكانها وكأنها خائفة من الحركة حتى لا تصحو من الحلم ............. حلم جميل ........... أبيض اللون .......... وكأن العالم حولها إلتف بالضوء لم تعد تشعر بشئ ......... غابت عن الوعي ووقعت مغشياً عليها .............




فتحت عيناها لتجد إيناس بوجهها الملائكي بجانبها .......... رأتها جميلة ............ كانت تبدو أجمل من أي وقت مضى بل أجمل نساء الكون قالت لها بصوت خافت : أنا .......... فين
إيناس برقة : إنتي مش بتحلمي
رقية : إيناس أنا بحبك قوي
ضحكت الطبيبة وقالت لها بمرح : وأنا مش حينوبني من الحب ده جانب
رقية وقد بدت عبرات السعادة بمقلتيها : أنا مش عارفة أشكرك إزاي يا دكتورة
الطبيبة : بتشكريني أنا ده كله بأمر ربنا
رقية : الحمد لله الحمد لله ..............أحمدك وأشكر فضلك يا رب
تابعت الطبيبة : نركز بقه ...........حاكتبلك شوية فيتامينات تعوض الشهور اللي فاتت
مسحت عبراتها بكفيها ثم أومأت رأسها كالطفلة المطيعة : حاضر ...........حاضر
الطبيبة : كمان مش عايزة مجهود ولا عصبية مفهوم
نظرت لها إيناس وأمسكت بيديها ثم توجهت للطبيبة بحديثها : متقلقيش يا دكتورة أنا حاخد بالي منها
الطبيبة : تمام وعندك متابعة كمان أسبوعين .......... متابعة حمل مش متابعة علاج



وعلى بعد مئات الكيلومترات كان هو هناك يقف بالمشفى مرتجفاً ...... متـ.ـو.تراً ...........سعيداً .........حائراً وبين يديه هذا الكائن الصغير الصارخ الوردي اللون والممرضة تردد بحماس : مبروك جالك ولد
كانت الساعة قد قاربت على الحادية عشر مساءاً عنـ.ـد.ما عادت بهم السيارة للمزرعة ............... طوال الطريق وهي شاردة ............ على وجهها إبتسامة فريدة تجمع بين الرضا والسعادة ............. القلق والأمل ............. حنين ........... إشتياق ............ أمومة

نظرت رقية نحو إيناس قبل أن تدلف للمنزل وقالت : أنا تعبتك معايا النهاردة يا إيناس
إيناس : تعبتيني !!!! النهاردة كام يوم جميل قوي ....... خدى بالك منه هه ...........قالتها وهي تشير لبطن رقية الذي بدا لها منتفخاً فقط بالإيحاء ثم تابعت : أدخلي يلا إنتي وأنا حاروح أجيب هدومي علشان حبات معاكي
رقية : حبيبتي متتعبيش نفسك ملوش لزوم
إيناس : لأ لي لزوم وأنا مش حاتعب في حاجة ........... يلا أدخلي بقه ملوش لزوم وقفة كتير

دخلت رقية وتركتها إيناس وتوجهت سريعاً للفيلا لكي تحضر بعض الملابس للنوم وقبل أن تصل إصطدمت بخالد الذي كان يبدو أنه عاد لتوه من الخارج ........

كانت تتحرك مسرعة بحماس غريب فلا تدري كيف إصطدمت به ولكن فجأة ظهر أمامها من العدم فوجدت نفسها وجهاً لوجه أمام أزرار قميصه ........... عادت للخلف سريعاً وقالت بخجل : أنا آسفه
نظر لها بمكر .......... فرب صدمة خير من ألف موعد خاصة مع زهرة الأوركيد خاصته صاحبة عطر البندق المميز ........... تابع بصوت هادئ رخيم : ولا يهمك ....... كنتي برة ولا إيه
نظرت له بإبتسامة غريبة لم يعدها منها من قبل وتابعت بحماس حل محل خجلها سريعاً : كنت مع مدام رقية
خالد بفضول : خير في حاجة
إيناس : خير وأحلى خير ............ وأحلى خبر في الدنيا

كانت تتحدث بتلقائية شـ.ـديدة ............ بسعادة صادقة ........... بعيناها بريقاً غريباً وكأن شعاع العسل قد إزداد نقاءً .............حياة ..........نضارة ...........أخبرته عن حمل رقية ............عن سعادتها .............بكاءها ............ خوفها .............. عن الطفل الجميل الذي سينير حياتها بإبتسامته الملائكية ................سعيدة هي حقاً من اجل رقية ................ سعادة جعلتها تفتح قلبها دون وعي لخالد أول من وجدته في طريقها بعدما علمت الخبر ............... كان يراقبها بشغف ........... فهي تتحدث بكل لغات الكون .......... عيناها تضحك ........... يداها تتحرك بعشوائية طفولية وهي تقص له أجمل خبر بالعالم كما أطلقت عليه ................ لا يعرف كم مر من الوقت على حديثها ولا يعي أغلب ما قالت ولكنه تمنى أن يستمر هذا الحديث إلى مالا نهاية ............ فقط ليراقب ثغرها الذي زادته الإبتسامة رونقاً فوق رونقه وتلك العينان التي دبت فيهما الحياة فزادتهما سحراً ..........أناملها الرفيعة التي كانت تتحرك بتلقائية لترفع خصلات البندق الثائرة التي تداعب وجهها من حين لآخر .................فاتنة أيقظت سبات قلبه عن غير قصد ................ وكأن مراقبتها .............تأملها لم يعد مجرد إنتهاك فطري من عيناه كرجل بل هي خواطر قلب يتوق للعشق دون حساب ............ دون تخطيط ........... علاقة مختلفة فريدة من نوعها لا تحركها رغبة إنتقام أو كيد ............لا هي رغبة مختلفة من نوع آخر .............. رغبة عاشق ............

خرج من أفكاره وصوتها الرقيق يردد إسمه : بشمهندس خالد ....... حضرتك معايا
إستدرك نفسه سريعاً وتابع : اه ........ معاكي ............ بس سرحت في حسن
إنتبهت إيناس وقطبت جبينها للحظة وكأنها خرجت من سعادتها الجارفة وعادت لوعيها : اه صح ...........يا خبر لوسمحت يا بشمهندس ممكن مـ.ـا.تقولش ليه
خالد : أنا مش صغير يا إيناس ............خبر زي ده لازم يعرفه منها دي حتكون دقائق نادرة وسعيدة في حياتهم و محدش ممكن يسـ.ـر.ق منهم اللحظة دي
إبتسمت برضا وتابعت : طيب عنئذنك
خالد : صحيح إنتي عندك أجازة بكرة ............ مع السلامة
إيناس : لأ مش حسافر حافضل ما رقية لغاية لما البشمهندس يرجع كمان حبات معاها .......
بدت على وجهه ملامح الإغتباط عنـ.ـد.ما علم أنها لن تسافر تابع بحماس غريب على شخصه : خلاص ولو إحتجتي حاجه بلغيني وأنا أبعت بيسو أو أي حد يجيبهالك
إيناس : متشكرة يا بشمهندس
تركته ولكنه إستوقفها قبل أن تغادر قائلا : إيناس
إيناس : أيوه
إبتسم بمكر ثم قال لها بصوت منخفض : دلوقتي عندك إتنين حوامل تعتني بيهم ربنا يكون في عونك
ضحكت وتابعت : صح .......البيبي حيتولد مع المهر تقريباً في نفس الوقت
خالد : خلاص أنا حاسمي البيبي وإنتي تسمي المهر
زاد بريق عينيها وقالت بسعادة كالأطفال : بجد أسمي المهر
خالد : أيوه ............ يلا فكري في إسم .................قدامك 6 شهور
إيناس : حاضر وحضرتك حتسمي البيبي ........ متأكد
ضحك خالد وتابع : حسن ورقية حيكونوا في أضعف حالاتهم حيوافقوا على أي حاجة
إيناس : ربنا يكرمها وتقوم بالسلامة
خالد : يا رب ............. يلا تصبحي على خير
إيناس : وحضرتك من أهله

تركته وظل يتابعها بنظراته حتى وصلت لباب الفيلا وقبل أن تدلف دون ترتيب إستدارت نحوه لا تعلم لماذا ولكنه وجدته ينظر نحوها بدوره فإلتقت نظراتهما ......... إرتبكت .......... هـ.ـر.بت مسرعة للداخل غاضبة من نفسها ............

********************

ألقت نظرة أخيرة على نفسها في المرآة قبل ان تلبي نداء الباب ............. تأنقها ليس صباحياً بالمرة ولكن من يبالي .............. نظر لها بإبتسامة بمجرد أن فتحت الباب وقال بمرحه المعتاد : صباح الخير
كارمن : صباح النور ...........أنا قلت عشاء عمل لكن إنت بقه خليته فطار عمل
حمزة : الصبح نشاط والدماغ تبقى صاحية
كارمن : إتفضل
دلف حمزة للمنزل ............ تفحصه بدهشة ثم قال بعفوية : واو
كارمن : إيه الشقة مش عاجباك
حمزة : بالعكس دي جميلة هي .......... تابع بتردد : شبهك
كارمن : شبهي !!!!!
حمزة : اه ............. ألوان صارخة ...........نارية .......... تخطف العين كده
إبتسمت وقالت بدهاء : دي أنا ولا الشقة
إرتبك من صراحتها فخلع قبعته بعفوية وعبث بخصلاته المسترسلة وتابع بإبتسمة : الإتنين
إبتسمت بثقة وتابعت : تحب نقعد في الليفنج ولا جوه في مكان شغلي
حمزة : لا مكان شغلك أحسن

أدخلته لغرفة جانبية تحتوي على أريكة مريحه والكثير من اللوح بعضها فارغ وبعضها مجرد مشروع لوحه ........ خطا بحذر وهو يتفحص المكان ثم تابع : أول مرة أشوف صومعة فنان
كارمن : وإيه رأيك أنفع
أمسك بأحد اللوح ثم تابع : أنا مش بحب أحكم على المشاعر أنا بحس إن الفن والرسم بالذات مشاعر إنتي بتخرجيها في اللوحه و نجاحك إنتي تخرجيها بصدق
كارمن : واو إنت مش مهندس زراعي بقه إنت فيلسوف
حمزة : مش قوي كده
كارمن : نسكافيه ولا شاي
حمزة : حاخد شاي
كارمن : عملتلك وافل بتحبها
حمزة : مش باكلها كتير بس بحبها اه
خرجت لإحضار الإفطار وعندها حدث نفسه بيأس : أكيد حتعمللي وافل أمال حتعمل بيض وفول .............. عادت كارمن وعلى وجهها إبتسامة ساحرة وضعت الطعام أمامه وتابعت : تحب عسل ولا صوص
حمزة : ده صوص فرولة
كارمن : لأ .........توت
حمزة : يبقى صوص
زينت له قطعة الوافل خاصته بالصوص الشهي بلونه الأحمر القاني ثم تابعت : أنا زيك بحب الصوص برده عن العسل
أخرج حمزة جهاز اللاب توب خاصته ليريها مجموعة خاصة من الأزهار المصورة مع بعض المعلومـ.ـا.ت ............ نظرت للجهاز وتابعت : بجد إنت عندك معلومـ.ـا.ت حلوة قوي
حمزة : عندي كتب كمان جبتلك كتاب صغير فيه الخلاصه وبقية المعلومـ.ـا.ت عملتلك كوبي على السي دي ده
كارمن : ميرسي .......... إنت شاطر وعملي قوي ............. بس أنا مش فاهمة حاجة ........... أنا عايزاك تديني الخلاصة مش دش بقه وقراءة ............ أنا أرسم وبس
حمزة : ممكن أسئلك سؤال
كارمن : إتفضل
حمزة : هو إنتي إيه معلومـ.ـا.تك عن الورد
كارمن : ههههههههه ده إختبـ.ـار
حمزة : لا مش قصدي
كارمن : أكيد الأحمر للحب والأصفر الغيرة والبنفسجي بيقولوا نـ.ـد.م
صمت حمزة قليلاً وتابع : عايزة ت عـ.ـر.في الورد البنفسجي بيعبر عن إيه لازم تفهميه وعلشان تفهميه لازم ت عـ.ـر.في حكايته
كارمن : حكايته هو ليه حكاية ؟
حمزة : كل وردة وراها حكاية وقصة ...........أسطورة
كارمن : وإيه بقه حكاية الوردة دي
حمزة : زمان كان في ملك حزين كان إسمه ملك الثلج كان عايش في قصر ثلجي بـ.ـارد مفيش فيه أي حياة فكان علطول حزين بائس وفي يوم بعت جنوده يبحثوا عن بنت جميلة تونس وحدته وبعد فترة جابوها أول ما شافها حبها علطول كانت جميلة قوي رقيقة جداً وخجولة وكان اسمها فيوليت ............. فيوليت لما دخلت القصر بدلت حاله .......... الثلج داب .............بقى المكان كله بهجة وسعادة ..........وش الملك الحزين بقة أسعد ...........فيوليت كانت بعيدة عن أهلها وبيوحشوها فطلبت من الملك إنها تزورهم ..............كان خايف عليها قوي خايف تضيع منه ويرجع حزين تاني فوافق بس بشرط
كارمن بإهتمام : شرط !!! شرط إيه
تابع حمزة بصوته الدافئ : إنها تزورهم مرة واحده كل ربيع بس تروح على شكل وردة وفي الشتا ترجع لحـ.ـضـ.ـنه تاني بس في هيئة بشر وعلشان كده كل ربيع بنشوف أحلى زهور البنفسج وفي الشتا بترجع لمليكها أجمل بنت في الدنيا
كارمن : ياه
حمزة : البنفسج هو الحب والحزن .............. السحر والجمال ............ الهدوء ........... الطاقة
كانت تنظر له بشرود وهو يقص قصته ........... تابعت بشغف : إنتي حتخليني وأنا برسم أرسمها بإحساس تاني خالص ........... إنت كنت فين من زمان
حمزة : ههههههههههههه موجود والله
كارمن : مع إني مليش في اللون ده خالص بس حبيته من حكايتك
أشار حمزة لبعض الصور أمامه وتابع : بصي ده شكل البنفسج وفيه كمان الإستر مميزة قوي وده اللون الفيوليت بتاعها والتيوليب برده من الزهور الجميلة في اللون ده
كانت كارمن تنظر للصور بإهتمام وتابعت : إستر دي مش عاجباني لكن البنفسج فعلا حلوة قوي
حمزة : يعني حترسميها
كارمن : لأ مش حارسمها هي
حمزة : امال حترسمي مين
كارمن : حارسم فيوليت وملك الثلج


***********************

كانت تقف بالمطبخ حائرة ولكن أخيراً أتمت مهمتها الصعبة وصنعت الدجاج ........... سمعت ضحكة رقية المرحة التي كانت تراقبها من الحديقة قائلة : ما بتسمعيش الكلام ............. قلتلك حاعملها أنا
إيناس : ها ............. مش قلنا راحة خصوصا اليومين دول على بال ما الفيتامينات تشتغل وصحتك تبقى تمام
رقية : أنا متشكرة قوي يا إيناس بجد إنتي أكثر من أخت
إيناس : يارب بس يفضل رأيك زي ما هو بعد ما تدوقي الفراخ
رقية : ههههههههههههه ........... لا متخافيش

إنتبهت إيناس لطرق الباب ونظرت لرقية بدهشة قائلة : يا ترى مين ............. معقول بشمهندس حسن رجع
إنقبضت ملامح رقية قليلاً وتابعت : لا معتقدش
إيناس : رقية ...........إوعي تكوني ناوية تخبي عليه
ضحكت رقية بآسى وتابعت : متخافيش مع إني فكرت فيها بس لأ مش أنا اللي أعمل كده
إيناس : برافو عليكي يا حبيبتي ............. ياربي نسيت الباب ...........إستني ما أشوف مين

كان حمزة يضغط الجرس بإلحاح كعادته ............ظل ينظر نحوها ملياً بعد أن فتحت الباب وإبتسم لها بخبث ملمحاً لمئزر المطبخ الذي ترتديه وخصلاتها المرفوعة بعشوائية ثم قال : مين حضرتك .............. هي أبلة روكا موجودة
إبتسمت بتحفز وتابعت : إتفضل يا بشمهندس حمزة
حمزة : كمان ت عـ.ـر.فيني
رقية : خلاص بقه يا حمزة أدخل متغلسش عليها
حمزة : بس بجد يا دكتور حلو لوك الطبيخ ده ........... جديد
رقية : إيناس زي القمر في أي شكل
نظر حمزة نحو إيناس مطولاً وتابع : هو أنا أقدر أقول غير كده
إرتبكت قليلاً فقطبت جبينها سريعاً وتابعت : طيب .......... عنئذنكم .............حابص على الأكل إتفضل

جلس حمزة مع رقية بالحديقة دون أن يعيرها إنتباهاً حيث أن نظراته كانت موجهه لإيناس التي أقحمت نفسها ببعض العمل الزائد بالمطبخ كي لا تجلس معهم ...........نظرت له رقية بخبث وتابعت : إنت متأكد إنك جاي تزورني
حمزة : طبعاً يا جميل وأنا ليا غيرك .......... بجد زي القمر النهارده
رقية : النهاردة بس
حمزة : لا كل يوم
رقية : هي مين دي ؟
حمزة : إنتي ............ إنتي طبعاً يا روكا
رقية : ماشي حابلعها بمزاجي
حمزة : هي مش حتيجي تقعد معانا بقه
نظرت له بإبتسامة ثم قالت بصوت عالٍ بعض الشئ : إيناس حبيبتي كفاية شغل تعالي إرتاحي شوية
إيناس : أنا مش تعبانه والله بالعكس بتسلى
نظر حمزة لروكا بتحدي ثم توجه للمطبخ سريعاً وتوجه لإيناس التي إندهشت لقدومه وتابع : ممكن أتسلى معاكي
إيناس : لا ميصحش يا بشمهندس .......... حضرتك خليك مع رقية سليها على بال ما أخلص اللي ورايا
رفع حمزة أحد حاجبيه بسخرية قائلاً : رقية مين
ضحكت رغماً عنها وتابعت : روكا
حمزة : روكااااااااا ........صمت قليلاً ثم تابع بصوت أكثر إنخفاضاً : قوليلي بقه إيه التغيير ده ........... هي وشها منور ............ وإنتي بتطبخي في مطبخها .........في إيه
صمتت إيناس بحيرة ونظرت نحو رقية التي أومأت لها رأسها بإبتسامة فتابعت بإبتسامة : في إنك تروح تبـ.ـارك ليها على الخبر السعيد
حمزة : خبر سعيد !!!!
إيناس : روكا حامل
نظر لها حمزة وقد لمعت عيناه وبدا بهم بريق قوي قائلاً : إنتي بتتكلمي جد
تركها وقفز سريعاً لرقية التي كانت جالسة بالحديقة وبدت عبراتها رغماً عنها فإقترب منها وقال لها بنبرة حانية : بجد يا أبلة
رقية : بجد يا حبيب أبلة
حمزة : ياااااااااااااااااااه ............... خالو فين
قطبت رقية جبينها سريعاً وتابعت بتلعثم : مش موجود ........... مسافر
حمزة : وليه مـ.ـا.تصلتيش بيه يجي
رقية : حمزة أرجوك لما يجي براحته يبقى يعرف
حمزة : خلاص خلاص ......... متكشريش لما يبقى يجي هو مش مهم دلوقتي المهم إنت يا جميل والعفريت اللي جوه ده ........ها ولد ولا بنت
ضحكت رقية بشـ.ـدة : إنت مش ممكن لسه بدري
حمزة : خلاص كنت حقولك لو بنت أتجوزها بس حينفع بقه يا جميل ........... أصل أنا مش حاقدر أصبر كتير
كانت نبرته عالية وقالها وهو يتوجه ببصره نحو إيناس التي كانت منشغله بإعداد بعض العصير .............زجرته رقية بلين وتابعت : حمزة ........ مش كده
حمزة : خلاص أنا مش عارف حقولها كلام حب إمتى بقه أنا زهئت
رقية : إنت مـ.ـجـ.ـنو.ن يا بني الموضوع مش حيجي قفش كده
حمزة : عارف يا روكا بس لما بشوفها مش عارف بيجرالي إيه وهي مش حاسه بيا خالص
رقية : حمزة أنا خايفة عليك من مشاعرك السريعة والمتهورة دي
حمزة : متهورة .........ليه بتقولي كده
رقية : لإنها من طرف واحد يا حمزة
حمزة وقد خفتت إبتسامته : إنتي شايفة كده
رقية : إنت عارف ده
حمزة : عارف بس ده علشان هي مش بتديني فرصة ولا بتدي نفسها كل ما أتكلم معاها تهرب مني علطول
رقية : مش بسهولة كده حتسلم قلبها ............ إديها وقتها وإنت كمان خد وقتك
حمزة وقد قطب جبينه كالأطفال : خلاص ........... أصلا أنا مش فاضي
رقية : ليه وراك إيه بقه
حمزة : شغل ورسم وورد ولون أحمر إنتي فاكراني قليل ولا إيه ............ يلا سلام
رقية : سلام إيه ......... مش حتاكل دي إيناس اللي طابخة
حمزة بعد تردد : لأ ............ أنا فطرت وافل وبصوص أحمر كمان ........... سلام
رقية : سلام .............ربنا يحميك يا حبيبي ويهديكي يا إيناس والله حمزة طيب .......... طيب قوي

************************

كان حسن يجلس ويحمل الصغير بين يديه ينظر نحوه في سعادة

وتابع : شبهي صح
سهام بضيق : لأ ده شبه سامح أخويا
ضحكت أمها وتابعت سريعاً : العيال شكلها بيتغير بسرعة ..........ها حتسميه إيه بقه يا سمسم
سهام : محمود على إسم بابا الله يرحمه
تابع حسن دون أن ينظر نحوها : محمود باشا شكله عايز يرضع
الأم : طيب يلا خدي يا سهام رضعيه وخليه ينام ........... النوم غذا
أخذت سهام الطفل وبادرت أمها بنظرة ذات مغزى وهي تشير نحو حسن فهمست لها الأم بدورها : حاضر ........... حاضر
نظرت الأم لحسن وتابعت : بقولك يا بشمهندس ما توصلني يا أخويا على البيت حجيب حاجات ونرجع
حسن : اه طبعاً ............ إتفضلي
غادر كلاهما الغرفة وبقيت سهام تفكر في ردة فعله المنتظرة بعد حديث أمها ......................

*************************
ملك الثلج الحزين ..............كلما أطلقت العنان لفرشتها وجدت وجه خالد ............. كان هو ملك الثلج ولكن هي................هي ليست فيوليت ............كلما حاولت رسمها تظهر إمرأة أخرى هادئة الملامح .............حالمة ...........خجولة وهي ليست بتلك الأرجوانية ............. مزقت اللوحة .............حاولت مراراً وتكراراً دون جدوى .............الملك أحب فيوليت وحتماً خالد أحبها .............نعم عشقها مثله............. محاولة أخرى ............محاولة أخيرة وهي ليست فيوليت وفي النهاية وبعد عناء أنهت اللوحة
ملك الثلج وفيوليت الهادئة والوردة الحمراء داخل عقله ............... رمز العشق الجارف ............... العاطفة .............الشغف ............. نعم هي زهرته الحمراء البعيدة المنال بسبب عقله التالف ........... هي بيجونيا كما إعتاد أن يدللها ........... نظرت للصورة مطولاً ورغبت أن تمزقها .............. فهناك إمرأة أخرى ........... فيوليت ...........معشوقة ملك الثلج .............من هي فيوليت !!!!!
الطريق يبدو طويلاً ............... عبـ.ـارات والدة سهام تصاحبه طوال رحلة العودة .............عبـ.ـارات متطلبة أسرعت برحيله عن الإسكندرية ............ لم يتوقع أن يغادر بتلك السرعة فقد رتب للمكوث عدة أيام يرتوي فيها حتى الثمالة من عطر صغيره الفطري ............ رائحته المميزة التي لا يمل من إستنشاقها .............. عيناه المغمضتين وفمه الصغير ............ لم تمر ساعات وها هو إشتاق إليه .............. يبدو أن العجوز معها الحق ............. كيف يبتعد عنه ............. يجب أن يكون بجانبه ...........نعم هذا هو الصواب ولكن ماذا عن رقية ............ منذ أن إتخذ قراره بالزواج لم يفكر بشئ سوى الحصول على طفل ............لم يفكر برقية ولم يفكر بسهام ............ ولكن رقية تحبه وتعلم من صميمها أن هذا حقه هي لم تواجهه ماذا ستقول ........أنه ليس بحقه !!!!
في النهاية ستتقبل الأمر نعم ............. ربما تغضب ...........تثور ........... تتوعد ............ولكن ستخضع للواقع في النهاية بل وستعشق محمود .
فرقية رقيقة عاشقة للأطفال ............. يا إلهي كم يحبها لقد أرجأ تلك المواجهة منذ زمن خوفاً من أن يفقدها ولكن لا ........... لن يفقدها هي لا تتحمل فقدانه بدورها ............. هي تحبه وستضحي من أجله نعم بالتأكيد ستضحي من أجله ...........فهذا هو الحب .

*********************

كانت الساعة قد قاربت على منتصف الليل ............ ألقت إيناس نظرة أخيرة على رقية النائمة في سلام ثم جلست على الأريكة ربما لقـ.ـتـ.ـل بعض الوقت أمام التلفاز فلم يكن لديها رغبة في النوم وربما لأول مرة في التفكير ............. كانت تريد ذهنها صافي خالي .............. فكلما شردت هاجمتها الأفكار بلا روية والأفكار لم تعد تتضمن ذكريات شريف فقط ............ لا تدري لماذا يقتحم عقلها رغماً عنها ........... كلما شردت تتذكر صوته المبحوح الغاضب ............ الباكي ...........إبتسامته الصادقة عنـ.ـد.ما علم بحمل رقية ...........يختفي خلف وجهه البائس إنسان رقيق ..........متألم .......... مهتم !!!
نعم فإهتمامه أصبح بيّن كضوء الشمس ............. من تخدع ........... نظراته نحوها واضحة ............صريحة ............لا بل محيرة ............نظرات تربكها ........... تسعدها ..........لا بل تكرهها ...................لماذا يقتحمها بتلك النظرات دون دعوة .......... لا لا هو لم يفعل شيئاَ هي فقط تتعامل مع الرجال بحساسية ليس أكثر ............ نعم هو غير مهتم ويجب أن يكون كذلك ............

وجدت أنها في النهاية لم تنتبه للتلفاز فأغلقته وقررت النوم ........... فقط حركة الباب جذبت إنتباهها فتسمرت مكانها دون حراك خاصةً عنـ.ـد.ما وجدت حسن أمامها في لحظات ............

نهضت إيناس في خجل وهي تنظر نحو حسن الذي بدا مصدوماً لرؤيتها في منزله .............. دخل مسرعاً : دكتورة إيناس ............خير رقية كويسة في حاجة
ردت بتلعثم بعد أن سحبت غطاء رقيق لتخفي ذراعيها العاريتين : لا مفيش حضرتك متقلقش أنا بس كنت بايته معها علشان حضرتك مسافر ............ عنئذنك
حسن وقد لا حظ إرتباكها ولاحظ أيضاً انها كانت ترتدي ملابس بسيطة للنوم فأخفض بصره في الأرض وتابع : أنا اللي آسف ............. جيت فجأة بس الحقيقة مكنتش أعرف إن حضرتك معاها
إيناس : حصل خير عنئذنك أنا حارجع بقه
حسن : لأ ميصحش خليكي وأنا حبات في مكان تاني وأرجع الصبح
إيناس : إزاي يا بشمهندس مينفعش وبعدين بالضبط خطوتين وأكون في الفيلا عنئذنك

دخلت إيناس للغرفة الأخرة مسرعة لتغيير ملابسها والخروج وتركت حسن حائراً نوعاً ما من مكوثها مع زوجته في غيابه على غير العادة ..............

فتحت ثريا عيناها ونظرت في الساعة فوجدتها السابعة صباحاً .......... إستدارت للنهوض وكادت أن تصرخ عنـ.ـد.ما وجدت حسن بجانبها ينظر نحوها بإبتسامة .............. شهقت في فزع وتابعت : إنت جيت إمتى
حسن : بالليل
رقية : محستش بيك خالص
حسن : لقيتك نايمة بعمق مرضتش أصحيكي مش عادتك يعني ده حتى إنتي نومك خفيف
رقية : اه ........... فعلا بس واضح إني كنت محتاجه أنام ........... يا خبر إيناس أقوم أقول ليها إنك جيت
حسن : كانت صاحية إمبـ.ـارح ساعة ما وصلت حتى إتكسفت ومشيت
رقية : يا خبر وسبتها تمشي يا حسن مصحتنيش ليه
حسن : والله عرضت ليها أمشي أنا بس هي أصرت ودخلت الأوضة لقيتك نايمة وجميلة قوي مرضيتش أصحيكي
إبتسمت بحرص لكلمـ.ـا.ته المنمقة .......... إعتدلت وجلست على الفراش وتابعت : خلاص حقوم أحضر لك الفطار وبعدين أكلمها
أمسك بيديها وإحتضن كفها بقبضته وتابع بتردد : لا .............إستني ........... أنا عايزة أتكلم معاكي شوية
جلست بتردد وتابعت بدورها : أنا كمان عايزة أتكلم معاك
حسن : طيب إبدئي إنتي
رقية : لا يفضل تبدأ إنت خليني للآخر
حسن : لا يا حبيبتي إنتي عمرك ما تكوني في الآخر إنتي دايماً في الأول ..........إبدئي إنتي
عضت شفتيها وصمتت قليلاً كانت تتوقع أن خبر مثل هذا ستزفه إليه ببهجة لا مثيل لها ولكن لا تعلم ماذا أصابها ........ كانت محبطة من ردة فعلة المنتظرة أم ربما خائفة ............ فالخبر الآن أصبح يخصها وحدها وليس كلاهما ..............أخذت نفساً عميقاً وتابعت بجملة واحدة مقتضبة : حسن ............ أنا حامل

***********************

ظل ينظر نحوها لوهلة دون تعبير حقيقي ............... فجأة بدأ الإحمرار يغزو وجهه ..............بيد مرتعشة مسح رأسه وجبهته ............ فرك أنفه ........... عيناه ...........ظل يعبث بوجهه لدقائق وكأنه يسعى لتغيير تعبيراته الباهتة بعنف ........... وفي النهاية بدأ نوبة جنونه بإبتسامة ساخرة ........... كانت كالفتيل الذي أشعل نوبة الضحك العارمة التي إنتابته ............ ضحك حتى ترقرقت العبرات بعيناه ومع ذلك لم يتوقف بل ظل يضحك بجنون ...........

كانت تراقبه بصدمة لقد ظلت طوال الأيام السابقة تخمن ردة فعله ........... هل ستكون سعادة أم صدمة أم حزن أم قلق خمنت كل شئ ولم تتطرق للحظة للجنون البادي أمامها ............. إنتظرت حتى إنتهى وكما بدأ فجأة إنتهى فجأة ........... هـ.ـر.بت ضحكته في لحظة وتركها ليغرق رأسه تحت صنبور المياة .................

خرج من الحمام وملامح وجهه غائبة تحت المنشفة يجفف شعره بتـ.ـو.تر ............ كانت ما زالت بمكانها لم تتحرك ولكن ملامح وجهها هي من تبدلت من سعادة إلى قلق ثم غضب ........... نظر نحوها دون أن ينطق وأمسك بيدها ولكنها سحبت أناملها بقوة من بين كفيه ونظرت نحوه والعبرات متحجرة بعيناها : حسن .......طلقني

 


نظر خالد لحسن بدهشة عارمة وتابع : إيه .......... طلبت الطـ.ـلا.ق
حسن بنبرة تحمل الحسرة : أيوه
خالد : ليه
حسن : النهارده بس هي حست إني إتجوزت عليها
كانت نبرته حادة ............متـ.ـو.ترة شعر خالد بإرتجاف يديه وليس صوته فقط ربت على كتفه قائلاً .......
خالد : حسن إهدى ...........
حسن : أنا كنت جاي أبلغها إن سهام لازم تعيش جنبنا في المزرعة ...............كنت جاي وناوي أنفذ ده سواء برضاها أو غصب عنها ................ كنت جاي أدي سهام وإبنها حقهم فيا فمن غير ما أحس سرقت فرحتها يا خالد ............. الفرحة اللي إستنيتها سنين
نظر خالد لصديقه بحزن وتابع : طيب وحتعمل إيه دلوقتي
حسن : مش عارف
خالد : يعني إيه مش عارف إوعى تكون ناوي تنفذلها طلبها ...........
حسن : عمري ما فكرت إني ممكن أطلق رقية ............ وإنها في لحظة من اللحظات حتكون مش مراتي .............تفتكر حاقدر أعمل ده دلوقتي وكمان وهي شايلة أبني ولا بنتي في بطنها
خالد : خلاص حاول تسيبها تهدى شوية
حسن : انا خايف عليها وعلى اللي بطنها ........... عايز أريحها ومش عارف إزاي
خالد : بتفكر تطلق سهام ؟
حسن بحدة : مستحيل طبعاً في الظروف دي ............... كده حاظلم إبني وأظلمها من غير ذنب ..............أنا تعبان يا خالد بقيت بين مطرقة وسندان .............. رقية حبيبتي أخيرا حتفرح من قلبها ومش عايز أخطف فرحتها وسهام أم إبني ومش عايز أظلمها
خالد : أنا مش عارف أقولك إيه
حسن : أنا مش عارف أفكر .............. نفسي أنام منمتش من إمبـ.ـارح
خالد : خد مفتاح الفيلا ............. فعلا لازم ترتاح وتصفي ذهنك إنت وصلت بالليل ؟؟
حسن : اااااااااااه حتى دخلت البيت لقيت إيناس ............ إتخضيت
خالد : اه صحيح كانت بايته معاها تاخد بالها منها
حسن : كان موقف محرج والبنت إتكسفت طبعا وكانت بلبس النوم حتى صممت تمشي في لحظتها
إنتبه له خالد فجأة وقال بصوت أجش غاضب : وهو إنت مش تبص في الأرض علطول بدل ما تحرجها كده يا أخي
حسن : وهو أنا بحلقت يعني ...............في إيه يا خالد وبعدين دي زي أختى الصغيرة
ظل قاطباً جبينه وتابع : خلاص .......... خلاص روح نام يا جوز الإتنين إنت وفكر في مشاكلك
نظر له حسن بريبة لغضبه ثم تابع : ماشي .......... يلا سلام
خالد : سلام
لا يعرف لماذا تمكن منه الغضب من هذا الموقف .............. هل هي الغيرة .............. هل يختبر معها شعور الغيرة الآن !!!!!!


كانت إيناس تقف بجانب سهيلة تعبث بخصلاتها بسعادة وتناولها بعض الحشائش الخضراء ................ إنتبهت بعد وهلة أنه يراقبها كعادته ............. تركت ما بيدها بإرتباك وتابعت : سهيلة تمام بس حنظم حركتها شوية في الفترة الجاية
أجابها سريعاً دون أن تتغير نظرته الموجهة نحوها بإصرار : زي ما تشوفي
إيناس : طيب عنئذنك
خالد : رايحة فين هو إنتي بتبصي على سهيلة علشان الشغل وبس .........إنتم مش صحاب ولا إيه
إبتسمت وتابعت : لا أكيد صحاب ........... أنا مش بحس بالوقت معاها خالص
خالد : عندك حق

إقترب خالد من الفرسة وأمسك لجامها بلين وتابع : أنا أسعد لحظاتي كانت معاهم على فكرة ................الخيل ده كائن حساس ..............على أد ما تحبيه حيحبك وعلى أد ما تخلصيله حيخلصلك ............ وعلى قد ما تفهميه حيحس بيكي ويفهمك

قال جملته الاخيرة وهو ينظر نحوها بعمق تابعت سريعاً لتتخلص من نظرته : واضح إن حضرتك معلومـ.ـا.تك عن الخيل مش مجرد معلومـ.ـا.ت طبية وأساسيات للتربية

تابع وهو يعبث بخصلات سهيلة اللامعة : دي مش معلومـ.ـا.ت ده إحساسي أنا بالخيل ...........حكايتي معاه
أومأت رأسها بإبتسامة حذرة .............. تابع هو مرة أخرى : لما تقربي منه حتفهميه ...........ألمه ............سعادته ............حزنه ............ إحساسه ............... بس علشان يوصلك ده لازم توصليله إنتي الأول عارفة إزاي
حركت رأسها بالنفي بإرتباك تابع بإبتسامة وبصوت رخيم : الهمس ............همس الجياد
نظرت نحوه وتسائلت بحذر : همس الجياد ؟
خالد : أيوه دي علاقة خاصة ............مميزة ........ بين الخيل والبشر ...............لما بتهمسي في ودنه مش بس مشاعرك اللي بتوصله لأ هو كمان حيتكلم معاكي بطريقته ومع الوقت حتفهميه .............حتسمعيه من غير ما يتكلم ............... كل صوت ليه معنى وكل حركة ليها دلالة زي سهيلة دلوقتي إنتي عارفة هي حاسة بإيه
نظرت له بدهشة : إنت عارف ؟
خالد : مرتاحه ............ بيبان من شكل العين شايفة هي سعيدة ومطمنة إزاي......... مطمنالك زي رعد ما إطمنلك

إرتبكت عنـ.ـد.ما ذكر رعد ............ لاحظ إرتباكها ............. حيرة عيناها ............هل حقاً شاهدها مع رعد في تلك الساعة أم لا ............ إرتجفت شفتاها قبل أن تنطق ..........صمتت لوهلة ثم تابعت بتلعثم : إممممممم أنا ...........لازم أمشي لسه ورايا شغل

تحركت سريعاً قبل ان تنتظر جوابه ولكنه همس عنـ.ـد.ما مرت بجانبه بصوت هادئ ............ جملة جعلتها تتسمر مكانها ودبت الرعشة في أوصالها بلحظتها ........... كان يبتسم بمكر وهو يرددها : الحصان الأعمى أكثر كائن بيحتاج للهمس ............ ده سر من أسرار ترويضه

ظلت صامتة ثابته مكانها لوهلة ............. إستعادت رباطة جأشها وتابعت : فعلا .......... حضرتك عندك حق ...............
خالد : في سر تاني كمان
تابعت بقلق : سر إيه
خالد : سر تاني لترويض رعد
إيناس : وإيه هو
خالد : تعالي

خرج وهي خلفه كانت خطواتها قلقة ..........مترددة ............أخرج رعد من الحظيرة وتوجه به للخارج لإمتطائه ............ كان المكان فارغاً لا يوجد سواهم نظرت حولها بدهشة وتابعت : هو فين العمال
خالد وهو يجهز السرج دون أن ينظر نحوها : أنا مشيتهم وانا داخل ............ إديتهم ساعة غدا
إرتبكت وشعرت بالضيق عنـ.ـد.ما أيقنت أنها وحيدة معه ............. نظر لها بمكر عنـ.ـد.ما إستشعر ضيقها وتابع : بعد إذنك يا دكتورة ممكن ثانية
إقتربت منه فناولها السير الخاص بالحصان وتابع : إمسكيه دقيقة بعد إذنك
من داخلها قررت أن ترحل على الفور بعد أن يمتطي فرسه ............ نظر لها بتحدي وأخرج عصابة سوداء ثم ربطها حول عينيه
شعرت أن العالم ينهار من حولها ...............ظلت تنظر نحوه في صدمة لولا عصابته للاحظ العبرات بعيناها ...........تابع وهو يأخذ السير من أناملها التي تعمد ملامستها عن قصد ومدة أطول تلك المرة : ده بقة السر التاني ..............شكراً ........الفضل في ده يرجع ليكي على فكرة
ظلت جـ.ـا.مدة مكانها دون حركة لم تنتبه إلا عنـ.ـد.ما إكتشفت أنه قرر إمتطاء رعد وهو مغمض العينين !!!!!

كان يبدو انه يود الإستئثار بكل هواء العالم لصدره............. رعد يعدو بحرية وخالد معصوب العينين يعيش نفس حالته وكأن خالد هو رعد ورعد هو خالد

على الرغم من غضبها ........... بل ربما خجلها مما حدث ويحدث إلا أنها شعرت بالسعادة من أجلهما .............. فقد كان يبدو كلاهما سعيداً حراً ......... مبصراً !!!!
فإن مـ.ـا.تراه حقاً يستحق المشاهدة .

أما هو فترك خياله الحر يعبث باللوحة السمراء أمامه كما تمنى من قبل أم ربما لا فهو لا يبالي سوى بنسمـ.ـا.ت الهواء الحر التي تخترق صدره ..........ولكن تلك المرة هناك شئ أخر ............ إنها هي................ للحظة تمنى أن يأخذها معه على فرسه الثائر ويهرب بها مبتعداً عن مشاعر وهواجس الماضي لكلاهما
تمنى أن تترك العنان لجدائلها البندقية ليعبث بها الهواء بمكر فيتفرق عطر البندق في الأجواء حوله أم ربما لا الأفضل أن يتسأثر به وحده ............ ولكن أين هي !!!!! هل ما زالت تراقبه ؟؟.
خلع العصابة سريعاً ليبحث عنها ولكنها كانت قد إختفت ...............

رحلت هي وعطر البندق وتركته وحيداً.
ظل لوهلة يتفحص المكان من حوله ......................... زفر بغضب ونظر لرعد ثم جلس على الأرض وظل يعبث بالرمال ................ ماذا يحدث ............. منذ متى وهو يترك العنان لقلبه هكذا .............. فهو خالد القوي الذي لا يحرك بأسه شئ أو ربما شخص ............... ماذا تفعلين بي أيتها البندقية ................ تمدد على الأرض وظل يراقب السماء التي بدأت حمرة الشفق تتمكن منها رويداً رويداً ............... كانت أفكاره مبعثرة يحاول تنظيمها بلا جدوى ............. إيناس ............عشقها لشريف وإقتحامه لعالمها ........... لا بل هي من إقتحمت عالمه ولكن دون أن تشعر ................ منذ رآها أول مرة ملقاه على الأرض وجدائل البندق تزين وجهها النائم ............ لا بل منذ أن علم أنها أرملة تعيش داخل عالم زوجها السابق ............أم ربما منذ أن سمعها مع رعد تعترف بذنبها وتؤكد على وفائها لشريف لتتخلص من خطيئة إهتمامه ............... اللعنة على هواجس الماضي فكلانا معبأ بجراح لا يود أن ينساها ............ بل يصر على المضي فيها قدماً دون أن يعي لذلك ..............ولكن التشبث الماضي هو سر إنجاذبه نحوها فلو لم تكن على عهدها مع شريف لما لمست قلبه ............. ما هذا الخبل أتريدها أم لا ............ أريدها وأريد وفائها بنفس الوقت !!!! حقاً إنها معضلة أيها الأحمق .

************************

دون جدوى أعادت الإتصال برقية للمرة السابعة دون جواب ............. بدأ القلق يتسرب إليها ............. منذ تركها لخالد مسرعة تعمدت أن لا تفكر بالأمر أو تذكره أمام نفسها ..........وكأنه لم يحدث........... هكذا أفضل ........... وإلا ستترك العمل هنا بلا رجعة ولكنها حقاً تحب المكان والجياد ولا تتصور البعد عنها ........... إذن لم يحدث شئ وستعامله بجفاء زائد وغضب بل بفظاظة ........... نعم وستسعد بفظاظته المنتظرة أيضاً ............. نظرت للهاتف مرة أخرى بيأس وفي النهاية لم تجد سبيلاً سوى الإتصال بحسن .

 
كان حسن مازال يغط في نوم عميق عنـ.ـد.ما رن هاتفه ............ نظر حسن للهاتف الملح الذي دق لأكثر من 5 مرات متتالية ........ هي بالتأكيد سهام ....... نظر للهاتف دون إهتمام ولكن إستيقظت عيناه النائمة فور رؤيته للرقم ........... إيناس !!!! ماذا حدث ........... ظن أنها مع رقية وكانت تظن أن رقية معه وفي لحظات كان كلاهما أمام باب المنزل يطرقانه دون جدوى ........ نظرت إيناس نحوه بخوف وتابعت : هو حضرتك مش معاك مفتاح
أجابها بإضطراب : نزلت الصبح بسرعة ونسيته
كان يدفع الباب بكل ما أوتي من قوة رغبة في كسره دون جدوى وإيناس تراقبه في قلق ............. جاءهم صوت أجش من خلفهم وهو يتقدم نحوهم في دهشة : في إيه
نظر حسن لخالد بيأس وتابع : رقية يا خالد جوه لا بتفتح ولا بترد على التليفون
قطب خالد جبينه وبدا على وجهه القلق بدوره ثم أزاح حسن عن الباب بلطف وتابع : طيب إوعى إنت

بدأ خالد بدفع الباب بقوة بجسده القوي فإستطاع أن يكسره بعد دقائق ودخلوا جميعاً مسرعين وأولهم حسن الذي كان يتعثر بالأثاث دون وعي وهو يهرع للداخل

كانت رقية ممدة على الفراش وقد إتخذت وضعية تشبه الجنين ببطن أمه ........... إقترب حسن من الفراش لاهثاً ينطق بإسمها دون أن تجيبه ......... في فزع وضع يديه على رقبتها وصدرها ولكنه لمس إنتظام تنفسها ........... تابع بصوت أكثر هدوءاً : رقية حبيبتي ردي عليا ............. رقية

فتحت عيناها وهاله رؤية كم الدمـ.ـو.ع المنحبس بها والتورم القوي فوق أهدابها من كثرة البكاء ............. دون وعي ظل يقبلها .......... رأسها ......... كفيها ...........جبهتها ........... وجهها .........ويردد بدوره : رقية ردي عليا أرجوكي ...........رقية سامحيني يا حبيبتي ............ سامحيني يا أم إبني .............. سامحيني

نظر خالد لإيناس التي كانت تراقب الموقف بتأثر وقال بصوت هامس : إيناس ......... يلا إحنا بقه
إستدركت الموقف وخرجت خلفه على الفور وملامحها منقبضة .............. قال لها بنبرة حانية : متقلقيش
نظرت نحوه بخوف وتابعت : أنا خايفة عليها قوي
خالد : متخافيش ............. هما حيصلحوا أمورهم ..........هي أزمة صعبة بس حيعدوها أنا واثق من ده
قطبت جبينها بضيق وتابعت : بس هي كانت كويسة لما سبتها ...........هو اللي زعلها
إبتسم خالد بثقة وتابع : أيوه هو اللي زعلها وهو الوحيد اللي حيقدر يصالحها ............ ماهو أكثر ناس ممكن يزعلونا اللي بنحبهم وهما برده بس اللي بيقدروا يراضونا

كان مرتكزاً بنظراته عليها كعادته ........... أصبحت عادة إذن.......... أومأت رأسها بإرتباك وتابعت : طيب عنئذنك
إستوقفها سريعاً قبل أن تبتعد : إيناس ........... إستني
ردت بإقتضاب : أيوه
خالد : عندي ليكي إعتذار وإعتراف

إعتذار ربما تعلمه ولكن إعتراف ....... إرتجف جسدها وشعرت بقلق شـ.ـديد تابع هو بعدها بصوت رخيم دافئ : الإعتذار بسبب إني خضيتك لم كشفت سر ترويضك لرعد بس متنسيش ده كان تحدي .......... وعموما أنا إكتشفت الموضوع بالصدفة ومشيت ساعتها علطول ورحت على بوكس سهيلة
شعر بملامح الإرتياح في وجهها نوعاً وما ولكنه كان إرتياح مؤقت ............ تابع بعدها : نيجي بقه للإعتراف
ردت بتعلثم : إعتراف !!! إعتراف إيه
إبتسم بثقة ............ بل ود أن يصمت قليلاً ليتمتع بتلعثمها وإرتباكها للحظات ..........وجنتيها التي تزداد إحمراراً كلما شابها الخجل ........... عيناها التي تزداد بريقاً أم ربما أناملها الرفيعة التي تتحرك بإضطراب تعبث بخصلات البندق خاصته بعفوية ......... نعم فهو يود إمتلاك خصلات البندق هذا ما يشعر به الآن
تابع بإبتسامة ماكرة كعادته وقال : إن أنا عندي منافس في حب الخيل ومنافس قوي كمان
نظرت له بدهشة تنم عن راحة شـ.ـديدة وتابعت : منافس !!!!
خالد : عمرى ما تخيلت إن حد حيحس بالخيل زيي مش بس كده جايز أحسن مني كمان ............
بسط قبضته نحوها وتابع بإبتسامة : أصدقاء
صافحته بتردد : أصدقاء
سحبت أناملها الرفيعة من قبضته سريعاً وغادرت ............ غادرت وتركته بمكانه يبتسم بسخرية لحاله وينظر لقبضته القوية التي رقت فقط من أجل إحتضان أناملها برقة .............ويؤكد لنفسه أنهم بالتأكيد لن يكونوا مجرد أصدقاء ............

******************

كانت مازالت ممدة على الفراش عنـ.ـد.ما عاد إليها ببعض الطعام ............ إقترب منها وملس على رأسها بحنان وتابع : لازم تاكلي حاجه شكلك مكلتيش من الصبح
هزت رأسها بالنفي ............ كانت عيناها تكاد تفيض بالحمرة من كثرة البكاء ............ نظر نحوها بحزن ثم زفر ببطء وقرر إستدعاء بعض المرح فأخذ شطيرة الجبن ووجهها نحو بطنها وتابع : يلا يا أستاذ إنت مأكلتش حاجة من الصبح لازم تاكل حاجه
إرتجفت شفتاها في محاولة يائسة للإبتسام ........... إقترب حسن منها وطبع قبلة سريعة على شفتيها المرتجفة وتابع : لازم تاكلي وتتغذي علشان البيبي وعلشان صحتك قبل البيبي اللي هي غالية عندي قوي .........
خرج صوتها أخيراً : متحشرجاً ..........ضعيفاً ...........باكياً : أنا مليش نفس
إقترب منها وقام بضم رأسها لصدره وتابع بنبرة حانية : رقية .............. بقالك أد إيه مستنية البيبي .............رقية طظ في أي حاجة وفي كل حاجة حتى أنا ............. رقية إنتي شايلة حلمنا في بطنك
تابعت بنبرة يائسة : حلمي أنا ............ حلمك إنت حققته خلاص
تنهد بألم وتابع : لأ ............ حلمنا ........... فاكرة الأرض .......... إقتراح خالد ............على فكرة إذا جه ولد حسميه خالد
نظرت نحوه وقد ترقرقت العبـ.ـارت بعيناها مرة آخرى فتابع وهو يلتقطها بيديه ويجفف وجهها بحنان : لأ ........... بلاش دمـ.ـو.ع ........... يلا نتعشى سوا علشان الصبح نروح الأرض نفرج العفريت ده عليها
نظرت نحوه بضيق وتابعت : حسن إنت ناسي اللي طلبته ...
وضع يده على فمها قبل أن تكمل وتابع : مش ناسي ومش حاقدر أعمل ده وإنتي عارفه ........... لو إنتي تقدري تستغني عني انا مقدرش أستغنى عنك
رقية : إنت إستغنيت يا حسن
حسن : لأ يا رقية ........... أنا عمري ما إستغنيت وإنتي واثقة من ده
وضعت يدها على رأسها وتنهدت بعمق فتابع : الحل الوحيد إنك تخلصي مني ........ إني أموت
دون وعي قالت سريعاً : بعد الشر
إبتسم برضا وتابع : الشر هو بعدي عنك ............
قطبت جبينها وعلا ملامحها الضيق مرة أخرى وتابعت : بس إنت بعدت ورحت إت...........
قبل أن تكمل قاطعها تلك المرة بوضع الشطيرة بفمها مما إضطرها أن تمضغ قضمة رغماً عنها وتابعت : حسن بتعمل إيه
حسن : مش عايز كلام ........ عايز طعام وبس أرجوكي علشان خاطر صحتك وصحة إبني اللي في بطنك .............أبوس إيدك أنا بقالي سنين مستنيه
رقية : لا يا حسن إنت مش بقالك سنين إنت بقيت أب دلوقتي أنا عارفة
صمت قليلاً وتنهد بألم وتابع : وإنتي كمان تسع شهور حتكوني أم لإبني وأنا بشوف إن أي كلام تاني حنأجله لبعد التسع شهور دول .........ممكن ..........علشان خاطر خالد
تابعت : ممكن تكون بنت على فكرة
حسن : حتكون أحلى بنت المهم متبقاش شبهي ساعتها مش حنعرف نجوزها
إبتسمت رغماً عنها فتابع وهو يناولها الشطيرة : اللهم صلي على النبي ........... شوفتي لما بتضحكي وشط بينور إزاي ........... طيب أنا عايزها بنت وقمر زيك
بدت ملامح الراحة تتسلل لوجهها تابع وهي تتناول طعامها بروية : بعد ما تاكلي تشربي العصير كله هه وبعدين نقوم نصلي ركعتين شكر لله مع بعض .......... دي كان أول حاجه لازم نعملها
أومأت بالإيجاب وظل بجانبها حتى أنهت طعامها كله عندها ساعدها حتى توضأت ثم أقام الصلاة .

 
 *********************

نظر حمزة للوحة بدهشة ثم إستدار لها قائلاً : إيه ده
إبتسمت بثقة ........ كانت متأنقة كالعادة .........على الرغم من بساطة خصلاتها المرفوعة بدبوس قاتم اللون وملابسها التي تكونت من سروالاً من الكتان الأبيض وقميصاً حريرياً أحمر اللون دون أكمام إلا أنها كانت تبدو وكأنها خرجت لتوها من أحد مجلات الأزياء الشهيرة .............نوع من النساء لم يلتقيه حمزة من قبل ............. كانت تبدو كاللغز المحير أم ربما الحلم الغامض ............... إستلقت على أريكتها دون تكلف وتابعت : إيه مش عاجباك
حمزة : أنا قلت ليكي قبل كده إن الرسم إحساس وبصراحه بحاول أفهم الإحساس اللي رسمتي بيه اللوحة الدموية دي !!!!!
كارمن : إنت شايفها دموية
ظل حمزة يتفحص الرسم أمامه مرة أخرى ............ خلفية سوداء قاتمة ............ ورجل غابت أغلب ملامحه فبدا كظل رجل ولكن كانت هناك دماء تتساقط من يده ........... قـ.ـا.تل هو أم مقـ.ـتـ.ـو.ل ............ الدماء تتساقط على وردة حمراء ............ إبتسم بمكر وتابع ............ دي مش أسطورة البنفسج يا كارمن .........دي أسطورة وردة الحب ......... إنتي قرأتي الكتاب
أغمضت عيناها وتابعت : فيوليت مطلعتش مني إحساس حقيقي لكن دي هي اللي كنت بدور عليها
نظر نحوها بقلق وتابع : بس أنا مش فاهم اللوحة ............مش فاهم قصدك
كارمن بسخرية : مش مهم ............
تابع وهو مازال يتفحص اللوحة : إنتي الوردة الحمراء ؟
ضحكت بشـ.ـدة .......... ضحكة رنانة ساخرة .......حزينة تابعت بأسى : تعرف إن في الآخر برده مش قادرة أحس نفسي الوردة الحمراء ............. الأسطورة بتقول إن العصفور ضحى بنفسه علشان يلون الوردة البيضاء بدمه وتبقى حمراء وتكون وردة حب وتقدر تحب .............بس .......
حمزة : بس إيه
كارمن : أنا محدش ضحى بنفسه علشاني ............. أنا بيتضحى بيا وبس

لاحظ حمزة ترقرق العبرات بعيناها ............ شعر بالشفقة نحوها وتابع النظر نحو اللوحة مرة أخرى .............. الرجل ............ ملامحه الغائبة داخل الظلام تبدو مألوفه ............العيون الحادة ............ الوجه القاسي ...........فجأة إنقبضت ملامحه ............ نظر نحوها في ذهول وتابع : ده خالد !!؟؟؟

إبتسمت بدهاء وظلت صامتة وهو ينظر نحوها منتظراً الإجابة ............... نعم الإجابة يا حمزة لقد حان الوقت لمعرفة بعض الحقائق عن رب عملك ............ خالد

******************************

نظر له الرجل بتمعن ثم تابع : بس يا كريم باشا الموضوع ده حيكلفك كتير
أجابه وهو يتلاعب بسيجارته بفمه دون إكتراث : كام يعني
تلفت المسجون حوله وتابع : 100 باكو
كريم : إعتبرهم في جيبك
ضحك الرجل بإستهزاء : إزاي يا باشا إنت فاكرني بضفاير ...........أنا اللي أعرفه إنك دخلت السجن مأشفر
قام كريم وقد أمسك بالرجل فدفعه إلى الحائط بقبضة واحدة ثم تابع : مش بتاعتك ............. ليك فلوسك وحتاخدها على الجزمة
المسجون : خلاص يا باشا ............ خلاص يا كبير
كريم : التنفيذ كمان أد إيه
المسجون : شهر يا باشا
كريم : كتير يا باشا ........... ليه
المسجون : يا باشا الموضوع ده عايز ترتيب .......... هنا وبره كمان ............ ده هروب يا باشا ..............

هروووووووووووووب
مازالت ملامحه حائرة............ ينظر نحو اللوحة في دهشة ........... هي حقاً تقصد خالد ............نعم بالتأكيد خالد فربما تكرهه ........... تبغض ذكراه......... ففي النهاية هو زوج سابق ولكن ما سر تلك الدموية التي تنبض بها اللوحة ............... نظر نحوها ............ كانت ما زالت مستلقية على أريكتها .............. لمحة من الرضا إجتاحت عيناها وتممتها بإبتسامة مسيطرة أضافت لحمرة شفتاها المزيد من الثقة ...................
تابعت بصوت هادئ : أيوه هو خالد
حمزة : انا مكنتش أعرف إن العلاقة بينكم سيئة كده
ضحكت بسخرية وتوجهت نحوه ........... إستقرت بجانبه وقالت وهي تنظر للوحة بمرارة : علاقة سيئة !!!! جميل المسمى الشيك ده بس مش هي دي الحقيقة
حمزة : طيب إيه الحقيقة

إستدارت نحوه ولاحظ إتساع حدقة عيناها كانت تبدو كبحر ثائر يتوق لإبتلاع كل مظاهر الحياة داخل دوامته الغاضبة ........... قالت بنبرة حاقدة : الحقيقة إن خالد ده حقير ........... أحقر إنسان ممكن تتعامل معاه في حياتك .

**************************

لا يعلم ماذا أصابه ولكنه ود الهروب من المكان سريعاً ربما لشحنة الطاقة السلبية التي تفجرت من حوله منذ بدأت الحديث عن خالد ............ على الرغم من أنه لم يكن لخالد صديقاً وليس بينهما أي صفات مشتركة بل يضيق أحياناً بطباعه البرجوازية إلا أنه لا يكن له بغضاً أو كراهية .......... على عكس كارمن التي عبئت الأجواء في لحظات بعبق الكراهية والحقد والغضب .

هل حقاً ما أخبرته عنه .............هذا الرجل الذي إستغل جسدها في مراهقتها وقلبها في أوج انوثتها ............ خادع كاذب محتال .........كانت تلك هي كلمـ.ـا.تها بالتحديد ..........محتال وسيخسر كل شئ قريباً وستسقطون معه ............ ماذا تقصد بهذه العبـ.ـارة بل ماذا تقصد بعبـ.ـارتها الأخرى بأنه يجب عليه تأمين مستقبله لأن وظيفته مع خالد زائلة على المدى القريب .............. زفر بضيق ........... جيد أنه غادر المكان بل هو لا ينوي العودة إلى هناك مرة أخرى فقد تبدلت المرأة الفاتنة بأخرى تمكن منها الحقد حتى النخاع وحديث الأزهار والحب والفن تحول لمجرد شكوى إمرأة ناقمة على من هجرها ............. نعم من الأفضل ألا يعود فلقد إنتهت تلك الصداقة ربما من قبل أن تبدأ .

******************

في دثار الصداقة أتخفى ............ فقط لأكون بجانبها ................ صوتها العذب أصبح أكثر رقة ............. حديثها أصبح أقل تكلفاً ............... بل إنها رغماً عنها نادتني خالد ثم إستدركت نفسها وطغت حمرة الخجل على وجنتيها سريعاً وهي تتمتم " بشمهندس "

كنت أتحدث معها كثيراً ............. أبحث عنها من أجل لا شئ ............ أوجدت مواضيع من العدم ........ ولم يكن هناك أفضل من الجياد ............ أصبحت ذريعتي من أجل الحوار ............ كانت تعشق الجياد فشعاع العسل بمقلتيها ينبض بالحياة عنـ.ـد.ما تكون بجانبهم خاصة رعد ...........

حصاني الثائر الذي طوعته في دقائق بإحساسها دون دهاء ............. في حضورها يتبدل لكائن آخر ............. رقيق .......... بــــاسم ..............هادئ .............. عاشق !!!!
فرعد يعشق البندقية وينتظر طلتها ربما مثلي تماماً

كانت تقف بجانب رعد عنـ.ـد.ما وصل خالد للإسطبل ............. تبدلت إيناس كثيراً ........... فالعمل الشاق أرغمها على الإستغناء عن ملابسها الرقيقة المنمقة وإستبدلتها بالسروايل المصنوعة من خامة الجينز وبعض القمصان البسيطة المحتشمة وأصبحت تخفي قدميها الرقيقتين داخل حذاء ثقيل برقبة طويلة بمثل حاجز حماية ضد أتربة الصحراء وفضلات الجياد ............. كانت ترفع خصلاتها بعفوية فوق رأسها وقد تطايرت بعضها هاربة تداعب بخبث بشرتها الرقيقة ..............

نظر نحوها بتفحص لوهلة ثم إتجه نحوهما قائلاً : أخبـ.ـار رعد باشا إيه
إيناس : تمام
إقترب خالد من رعد ممسكاً ببعض البرسيم الذي حاول إطعامه إياه دون جدوى ............. نظر نحو إيناس في حيرة وتابع : بجد مش عارف أول مرة أشوف حصان ما بيحبش البرسيم أنا بجوعه علشان ياكله
إيناس : معلش إحنا بنعوض بجزر وعلف
خالد بيأس وهو يحول دفع البرسيم داخل فم رعد : بس ده مفيد علشانه

كان رعد يبدو كمن يفهم حديث خالد بل أكثر كان يبدو غاضباً لإصرار خالد على حشر تلك الحشائش الخضراء بين أسنانه فقام فجأة بالرجوع للخلف ثم زمجر وأصدر صوت يسمى القبع من بين منخاره وحلقه وفي لحظة قُذفت قطع سوداء من بقايا البرسيم من فم رعد الغاضب ...........

نظرت إيناس بصدمة وتأفف لذراع الخالد الذي زينه رعد بمحتويات فمه ثم إنفجرت في الضحك بصوت رقيق وخالد ينظر نحو رعد متوعداً ويمسح ذراعه بالماء تارة وبالمنديل تارة أخرى ..............

إنتبه لصوت ضحكتها العذب مما جعله يضحك بدوره .......... كانت ضحكتها عفوية جميلة رنانة لأول مرة يستمع لصوتها الضاحك ............ وهي أيضاً ربما لأول مرة تستمع لضحكة صادقة منه .............. كانت عيناه تلتقط سعادة العسل بمقلتيها بخبث ............ إلتقاء نظراتهما تلك المرة أربكها ولكنها لم تستطع الهروب أم ربما لم ترد الهروب تلك المرة !!!!!

وإستمر الضحك بل زاد عنـ.ـد.ما قام خالد بسكب محتويات المياه على ذراعه أملاً في التخلص من الرائحة سريعاً دون جدوى ............... نظر نحوها ونحو رعد متوعداً وتابع : ماشي يا رعد مردودالك
ثم توجه نحوها وتابع : بتضحكي عليا ده بدل ما تساعدني
إيناس ببسمة : آسفه أصل رد فعله صدمني بصراحه ......... بس ......
خالد : بس أنا أستاهل صح
إيناس : مش قصدي بس إنت عارف رعد عنيد
خالد : هو أنا عارف ودلوقتي خلاص إتأكدت ............ نظر لنفسه ولقميصه بيأس ثم تابع : يادي القرف ده مش دراعي بس شايفه جه على القميص كمان ........... إنت بهدلت بابا يا رعد النهارده ........

فجأة بدت ملامحه مذعورة بعض الشئ ونظر نحوها متسائلاً : في حاجة على وشي

لم يكن هناك شئ بوجهه ولكن قبل أن تجيبه بدأ يمسح وجهه سريعاً وبعشوائية خوفاً من أن يكون عقاب رعد قد ناله أيضاً ............. رغماً عنها ضحكت مرة أخرى أمام ما يفعله ............ نظر نحوها وإبتسم بمكر ثم تابع : مفيش فايدة بقه مضطر أنا قرفت خلاص

قبل أن تدرك ما يقصده فوجئت به يخلع قميصه ويلقيه جانباً بعيداً عن جسده ............ إرتبكت وطغت حمرة الخجل كالبركان على قسمـ.ـا.ت وجهها عنـ.ـد.ما وجدت نفسها أمامه وهو عاري الصدر ثم قالت بتلعثم قبل ان تهرب مباشرة : عنئذنك

إبتسم بمكر بعد هروبها ثم إتجه نحو رعد مربتاً على رأسه وتابع : مشيت ........... أنا مش عارف إيه اللي بعمله ده يا أستاذ واضح إن أنا وإنت ذوقنا واحد

إمتطى فرسه المدلل الذي إنطلق يعدو بقوة .............. قوة تكاد تضاهي قوة مشاعره المضطربة نحوها .............


****************************

نظر حسن لهاتفه بملل لقد مر حوالي شهر منذ معرفته بحمل رقية .............. شهر من المبررات والتأجيل مع سهام التي لم تتقبل خبر حمل رقية بل وصل بها الامر لعدم تصديقه والتعامل معه على أنه ذريعة حسن الجديدة من أجل الهروب من إلتزامته نحوها .....................

أخيراً أجاب الهاتف بصوت يدعي النوم على الرغم من أنه كان بعمله !!!!
حسن : ألو
سهام : صباح الخير ........... إيه كنت نايم ولا إيه
حسن : اه راحت عليا نومه ............. بصي يا سهام حافوق واغسل وشي وأكلمك
سهام بغضب : الساعة عدت عشرة ............. ناموسيتك كحلي ولا إيه
زفر بضيق : وقته الكلام ده .............. أخبـ.ـار محمود إيه
سهام : والله عايز تعرف أخبـ.ـاره تعال شوفه
حسن : في إيه يا سهام منا كنت عندك الخميس اللي فات
سهام : مرة كل أسبوع تشوف إبنك ............ لا كتر خيرك
حسن : هو إحنا مش إتفقنا نأجل الكلام في الموضوع ده لغاية ما رقية تولد بالسلامة
ضحكت بسخرية وتابعت : هو إنت فاكرني مصدقة الفيلم ده ........... بصراحة ده فيلم عربي قديم قوي قوي
حسن : لا يا سهام ده مش فيلم عربي قديم ........... دي حكمة ربنا
سهام : بقولك إيه حتى لو حامل ده ميفرقش معايا في حاجه انا حقي فيك ملوش علاقة بحملها من عدمه وحقي حاخده يا حسن ومش حقي بس حق إبني كمان
حسن : إنت بتهدديني يا سهام
سهام بصوت غاضب : أنا مش بهددك أنا ببلغك
تمكن منه الغضب بشـ.ـدة وتبدلت ملامحه الهادئة سريعاً وأجابها بقوة : طيب بصي بقه .......... أنا ما بتهددش وأنا مبحبش الست اللي تعلي صوتها وتعمل راسها براسي مفهوم
سهام : إنت بتخوفني بقه
حسن : إفهميها زي ما تفهميها ............... لمي الدور يا سهام ومش عايز نكد ودوشة دماغ وبلاش لؤم الستات ده ...........متلويش دراعي بالواد هه
صمتت لوهلة ثم تابعت بنبرة حاقدة : حاضر .............. حاضر يا حسن

أغلقت الهاتف ونظرت لملامحها الغاضبة بالمرآة وتابعت : ماشي يا حسن إما أشوف أنا ولا الست رقية بتاعتك .

**************************

ألقت إيناس نظرة أخيرة على القدر ثم أغلقته بإبتسامة وهي تمسح قطرات البخار التي تصاعدت لوجهها وتابعت : تمام الفراخ إستوت

نظرت لها رقية بحنان وقالت بدورها : أنا آسفه يا إيناس تاعباكي معايا مش عارفة المفروض شهور الوحم عدت بس ريحة الفراخ مش قادرة أستحملها
نظرت نحوها إيناس بلوم وتابعت : تاعباني في إيه بس يا روكا ........ هي كيمياء ........... إملي الأوضة المية وحطي الفرخة تبقى شوربة يا لينا
ضحكت رقية بشـ.ـدة وتابعت : ضحكتيني يا إيناس حاولد بدري بسببك
إيناس : لا لا خلاص أبوس إيدك
رقية : الدكتورة قالتلي المرة الجاية حتقولي ولد ولا بنت
إيناس : بجد ....... وإنتي نفسك في إيه
إبتسمت رقية بتأثر وتابعت : نفسي في إيه ................ يااااااااااااااااه يا إيناس أنا ما صدقت كل اللي يجيبه ربنا كويس
أمسكت إيناس بيد رقية وتابعت : ربنا يقومك بالسلامة
تابعت رقية بنبرتها الهادئة : حسن قالي لو ولد حنسميه خالد
إرتبكت إيناس للحظة عنـ.ـد.ما ذكرت رقية إسم خالد ولكنها إستدركت نفسها سريعاً وتابعت : على إسم بشمهندس خالد
رقية : حلمنا أنا وحسن ............ الأرض إقتراح خالد فاكره
إيناس : أيوه فاكرة
رقية : ولو بنت حسميها إيناس
نظرت نحوها إيناس بتأثر وهي تحرك رأسها بالنفي : لا يا حبيبتي سميها إسم جديد
رقية : إيناس ده إسم معناه الأنس والراحة يعني الست اللي قعدتها حلوة ......... الواحد يفتحلها قلبه ويرتاح ودي إنتي يا إيناس بجد الإسم ده إتعمل علشانك مخصوص يارب بنتي تطلع نصك وتطلع قمر زيك كده
إيناس بإبتسامة : خلاص بس إوعي لما تكبر ميعجبهاش الإسم
رقية : أقرب إتنين لينا إنتي وخالد وإحنا قررنا خلاص البيبي على إسم حد فيكم

إبتسمت بحرص ............ خالد ...........لا تعلم لماذا يجمعها القدر به دوماً حتى في الأسماء .

*****************

 
كانت جالسة بجوار المكتب في الغرفة المظلمة التي إعتادت زيارته فيها .............. إصبعها النحيل المزين بنقوش الحناء ينقر بعصبية شـ.ـديدة ............... نقرات متتالية تمثل سيمفونية جديدة من غضبها المتأجج الذي لا يزول ............. منذ زيارة حمزة الأخيرة وهو يتهرب منها ...........ذرائعه واهية ............ ساذجة ..............حمقاء لا بل هي الحمقاء ...........متسرعة .............هرب منها ربما من قبل أن توقن ماذا ستفعل بتلك العلاقة الخرقاء .............قطع أفكارها قدومه ........... إبتسم لها ببرود ثم وجه نحوها نظرة غاضبة نارية ربما تكون متناقضة مع ملامح الثلج المسيطرة على هيئته ..........

كريم : ياه ليكي وحشة يا مدام
كارمن : كنت مشغولة شويه
كريم : لا والله ولا حنيتي للبيه
كارمن بنظرة غاضبة : دي آخر حاجة ممكن تحصل بالعكس أنا عايزة أخلص عايزة أشوفه متدمر فاهم يعني إيه متدمر
كريم ببرود : هدفنا واحد
كارمن : طيب إيه الخطوة الجاية
كريم : لسه
بدت هستيرية في حديثها وتابعت : يعني إيه لسه لسه لسه ........... إنت بطئ قوي
نظر نحوها كريم بتوعد وتابع : بقولك إيه يا بت إنتي إركزي وبلاش غباوة مفهوم

صمتت وظلت تنظر نحوه بغضب ............ أخرجت سيجارة وبدأت تدخن بتـ.ـو.تر ثم تابعت : طيب ناوي على إيه
ضحك كريم بمكر وتابع : الزيارة الجاية حت عـ.ـر.في
كارمن : هو إيه ده ما تقول دلوقتي وخلاص
كريم بإصرار وهو يجز على أسنانه وينظر نحوها بتوكيد : الزيارة الجاية حت عـ.ـر.في وكلامنا إنتهى على كده


خرج ............خرج وتركها تحرق نار غضبها في لفافة التبغ البائسة بدلاً من أن تحترق هي .............. لا .............لن تحترق مثل تلك اللفافة التعيسة .............يبدو أنني سأزور المزرعة من جديد ولكن تلك المرة ليس من أجلك يا خالد
كان المكان يبدو قاتماً ................ لا يختلف كثيراً عن جدران زنزانته الرمادية التي طالما مثلت رماد البركان بداخله .............بركان يبدو خامداً الآن ولكن ثورته ستكون بالتأكيد مهلكة .

عاد يتفحص المكان من حوله ..............حيز ضيق مغمور برائحة الدخان الأزرق ...............الوجوه قبيحة وما زادها قبحاً ربما وجود النساء فلقد إعتاد مظهر القبح في الرجال حوله أما أن تكون النساء كذلك أيضاً فتلك هي ذروة العبث ................ أين الجميلات هل شح عالمه بهن أيضاً ............... ربما ............. بل ربما أصابه القُبح بدوره وحفرت السنوات البائسة آثارها بإحكام داخل ملامحه ............هو لا يختلف كثيراً عن الجُموع الرثة حوله

نظر لصديقه بمكر الذي إستقبله بدوره بترحاب فاتحاً كلتا ذراعيه وأسنانه الصفراء المتهالكة طغت على إبتسامته فبدلتها بإبتسامة مسخ ...........ولكن هذا المسخ هو سبب حريته المنقوصة .

إقترب شوقي من كريم مرحباً : حبيبي ............. كفارة
كريم : حبيب قلبي ............ ليك وحشة
شوقي : الواد نصه ريحك ولا تعبك
كريم : ريحني بس هباش
شوقي : موضوع الهروب مش سهل يا كيمو وبيكلف
كريم : عموماً مش مهم الفلوس المهم إني خرجت ............
شوقي : وهو من غير رذالة يعني .......... إنت جبت الفلوس منين
كريم : وهو عملوا البلاطة ليه يا شوقي مش علشان نخبي تحتيها قرشين للزمن المهبب ................
شوقي : تمام يا صاحبي
كريم : إيه المكان ده يا شوقي أنا قلت حلاقي عندك ما لذ وطاب
ضحك شوقي بمكر : عندي يا حبيبي .............المكان ده بس تمويه لكن إتفضل

تبعه كريم ينظر بتأفف للوجوه حوله ولكن ما لبث أن خرج من تلك البقعة المتهالكة إلي مكان آخر يمثل نقيضها تماماً ............. كانت فيلا صغيرة يقطن فيها المدعو شوقي ...........
وشوقي أحد أصدقاء كريم في السجن ..........هو منبع لكل ما هو غير مشروع يتاجر بكل شئ سلاح ..........مخدرات ............ نساء ............. كل ما يخطر ببال وربما ما لا يخطر أيضاً ولم يتخيل كريم أنه قد يصبح في أحد الأيام صديق لهذا ال " شوقي " ولكن ربما هو الحظ الذي جعله يتلقى طعنة كائدة بدلاً منه كادت تودي بحياة كريم ونجى شوقي ............ وأصبحوا أصدقاء وتغير كريم من بعدها من مجرد فتى مدلل ربما لرجل كما يرى شوقي وأمثاله الرجولة !!!!!

إضطجع كريم على أحد الأرائك وتنهد براحة : أيوه كده
نظر له شوقي بمكر ثم قام بإعداد لفافة تبغ من أجله وناوله إياها قائلاً : حبيب قلبي
كريم : لاااااااااااا .............. أنا عايز أبقى فايق
شوقي : لسه قدامك الأيام كتير ............ ريح النهارده وفوق بعدين
كريم : أنا مش حفوق إلا لما أخلص يا شوقي
شوقي متسائلاص بمكر : حبيبك بتاع المزرعة
كريم : وهو في غيره
شوقي : بس لازم تصبر شوية يا صاحبي
كريم : هو اللي بعمله في الناس حيطلع عليا ولا ايه
شوقي : لا يا حبيبي ............... بس إنت لسه هربان والبوليس عينه حتكون مفتحه لازم تكن شوية
كريم بضيق : أد إيه يعني
شوقي : شهرين ثلاثة كده
كريم : كتير يا شوقي ........... كتير قوي
شوقي : حبيبي العملية كبيرة ومحتاجة تخطيط ووقت ............ ده غير لازم البوليس يرجع ينسى......... ممكن هروبك يخوف صاحبك ويلبش الجو هناك
كريم : ماشي يا شوقي بس مش اكثر من كده
شوقي : لا متخافش ................ ناوله شوقي اللفافة وتابع : نقول مساء الخير

أخذها كريم منه ونفث دخانها الأزرق بغيظ وتمتم بصوته البائس : مساء النور ............. هانت ............هانت قوي يا خالد

*************************

إسترعى إنتباهها نقراته المتعجلة على باب العيادة ............ إستقبلته بإبتسامة مقتضبة قائلة : بشمهندس حمزة ............. إتفضل
دخل حمزة بإبتسامته المعتادة وحياها قائلاً : إزيك يا دكتورة
إيناس : الحمد لله
حمزة : أخبـ.ـار الشغل إيه ؟ والخيل تمام
إيناس : اه الحمد لله ............ تمام
حمزة : وأخبـ.ـار أبلة روكا إيه
ردت بدهشة : كويسة إنت مش بتزورها
حمزة : لا بزورها حتى كنت رايح ليها دلوقتي بس حبيت أعدي وأسلم عليكي
إيناس بنفس النبرة الجادة : امممممم ...........الله يسلمك يا بشمهندس

لاحظ حمزة جديتها أو ربما ضيقها من الزيارة ذات السبب غير المعلن تابع سريعاً : كمان كنت عايز أخد رأيك في حاجة
إيناس : رأيي !!!! في إيه
أخرج حمزة ثوباً صغيراً لرضيع كان مميزاً ورقيقاً ناولها إياها وتابع : ها إيه رأيك
أمسكت إيناس بالثوب ونظرت نحوه بحنان وهي تردد : جميل قوي بجد
حمزة : يعني حيعجبها أنا جبته بيج علشان يليق مع ولد أو بنت
إيناس : حتفرح بيه قوي بجد ........... هي لسه ماشترتش حاجة دي حتكون أول حاجة للبيبي
بدت على ثغره إبتسامة طفولية : كويس .......... علشان أذله أول حاجة لبسها من أونكل حمزة
ضحكت وأعادت له الثوب : ذوقه جميل
حمزة : لا ماهو أنا دايما ذوقي حلو على فكرة

عادت مرة أخرى لإبتسامتها المقتضبة ربما لإنها إستدركت ما يعنيه خاصةً مع نظرته الحانية الموجهه نحوها .............. كادت أن تنطق بعبـ.ـارة جافة لكي تنهي المقابلة ولكن شـ.ـد إنتباهها عطر قوي ..........مثير ......... أخترق الغرفة مع نسمـ.ـا.ت الهواء التي عبثت بخصلاتها المتوهجة وهي تقف بالباب تراقبهم بعين ماكرة وإبتسامة واثقة .................

نظرت إيناس نحوها في دهشة وإستدار حمزة بدوره للباب وعندها قالت له كارمن بصوت عذب : إزيك يا حمزة ............... ثم إستدارت لإيناس وقالت بنبرة راضية : إزيك يا دكتورة ............. واضح إن دايما الصدفة بتجمعنا ولا إيه
إبتسمت إيناس بحيرة وقالت بدورها : أهلا يا فنـ.ـد.م

ظل حمزة مندهشاً لوهلة من قدومها وحديثها مع كلاهما وقبل أن ينطق جاءه هروب إيناس السريع عنـ.ـد.ما لاحظت النظرات الصامته بينه وبين كارمن
إيناس : طيب عنئذنكم أنا بقه
إبتسمت كارمن : فرصة سعيدة ........... لمرة تانية يا دكتور ولا أقول تالتة
ردت بإقتضاب : أنا الأسعد

خرج ثلاثتهم من العيادة ............. تركتهم إيناس مسرعة متسائلة في نفسها عن علاقة حمزة بكارمن ..............

لا تعلم لماذا تشعر بالضيق كلما رآتها هل هو مجرد رد فعل لنظرات كارمن الغاضبة نحوها فهي تشعر أنها لا تستسيغ طلتها ............ لماذا ؟؟؟ هل بسبب خالد ............. هل ما زالت كارمن تحبه وتشعر الآن بالغيرة منها ............ ربما فلقد ألقت بسهامها المسمومة في المرة السابقة عنـ.ـد.ما لمّحت لرؤيتها مع خالد كلما زارته ........... هل تود حقاً العودة إليه ؟؟
وماذا عن خالد هل لديه بقايا مشاعر من العشق نحو الصهباء ............. سحقاً لماذا تهتم ............ هي لا تهتم ...............بالطبع لا تهتم هي فقط تفكر ........... فكارمن تنظر لها بمكر غريب وكأنها عدو لدود دون أن تعي لماذا ............. لا هي تعلم لماذا ولكنها لا تود المواجهة ............ إنه خالد

نظر حمزة لكارمن بدهشة قابلتها هي بإبتسامة ماكرة ............. فآخر ما كانت تتوقعه أن يكون حمزة عاشق لتلك الطبيبة .............

لأول مرة تشعر أنها محظوظة فقد جاءت للمزرعة وليس لديها أي فكرة عن ما ستقوله لحمزة حتى تعيد علاقتها معه من جديد بل كانت حائرة في ماهية العلاقة وقدرتها على الإستفادة منها ولكن الآن فقط شعرت ببريق غريب يجتاح عيناها .............فالنظرة الحانية التي رأتها في عينيه نحو تلك الطبيبة الهادئة كانت بمثابة حبل الإنقاذ الذي سيلتف حول رقبة خالد في النهاية ............. الآن تعرف كيف ستجعله يكره خالد وتلك فقط البداية .................

قال لها بصوت هادئ : إزيك يا كارمن
كارمن : مهتم تعرف فعلا
حمزة : مش فاهم قصدك
كارمن : لو كنت مهتم بحالي كنت زورتني أو حتى رديت على تليفوني
حمزة : أنا آسف إتشغلت و...........
قاطعته بإبتسامة : متكدبش .......... اللي زيك مش بيعرف يكـ.ـدب
حمزة : كارمن أنا...........
كارمن : إنت خفت ............ جايز خفت على شغلك مع خالد لما عرفت أد إيه العلاقة بيني وبينه سيئة
نظر لها بضيق ودهشة : على فكرة الموضوع مش كده خالص
كارمن : طيب إيه الموضوع

خلع قبعته وعبث بإرتباك بخصلاته المسترسلة ثم تابع : الحكاية كلها إني حسيت إني مش فاهم
كارمن : مش فاهم إيه ؟
حمزة : مش فاهم إحنا فعلا بنتقابل علشان نتكلم عن شغل ........... عن فن جميل ومشاعر حقيقية بتلوني بيها لوحتك البيضاء ولا عن كرهك ليه وغضبك منه
كارمن : ماهو سواء كرهي أو غضبي دي مشاعر برده ولا المشاعر لازم تكون حب وجمال وبس
حمزة : لا طبعا بالعكس أوقات مشاعر الغضب بتكون أقوى وأعمق وبيطلع منها فن صادق وحقيقي بجد
كارمن : غريبة ومدام كده ..............هـ.ـر.بت ليه
حمزة : علشان إنتي كدبتي يا كارمن
كارمن : كدبت !!!!!
حمزة : أيوه ..............أول مرة إتقابلنا قولتيلي إنك كنت جاية هنا لخالد تطلبي منه خدمة بخصوص الورد والرسم فاكرة ...

صمتت وأومأت برأسها إيجاباً ............ تابع بثقة : والمرة اللي فاتت عرفتيني أد إيه هو حقير وحكيتي تاريخه معاكي من أول ما إستغلك وإنتي صغيرة لغاية آخر مرة ............ قولتيلي إنه ضـ.ـر.بك............ أصدق مين فيهم يا كارمن

تابعت بإرتباك : كنت عايز أول مرة أشوفك أقولك إني كنت عند طليقي وضـ.ـر.بني ............. أكيد مش منطقي
حمزة : بس ممكن مكنتيش تصوري إن العلاقة كويسة الحقيقة ده خلاني أفكر شكوتك حقيقية ولا مجرد حقد وغل طبيعي في حالة الطـ.ـلا.ق

غضبت من داخلها تماسكت قليلاً ونظرت نحوه وقد بدت بعض العبرات بعيناها : كنت متخيلة إنك قارئ كويس للناس يا حمزة .......... بس واضح إنك مجرد راجـ.ـل تقليدي مش اكثر ............ عنئذنك

إستدارت لتتركه ............. لا يعلم ماذا أصابه ولكنه شعر بالغضب من نفسه إستوقفها قائلاً : كارمن إستني
توقفت ضحكت برضا ثم نظرت نحوه بأمل : أيوه
حمزة : أنا فعلا قارئ كويس للناس بس إنتي غامضة جداً
كارمن : غامضة !!! أنا مشكلتي إني كتاب مفتوح
حمزة : أيوة بس مليان لوغاريتمـ.ـا.ت يا كارمن وأنا كنت أدبي
إبتسمت بيأس : عندك قدرة فظيعة إنك تخرج ضحكة من كل حاجة جايز ده اللي عاجبني فيك
حمزة : ده بس
كارمن : أنا نفسي نكون أصدقاء وجيتلك مخصوص حتوافق ولا حترفض
كانت تبدو فاتنة وبريئة بنفس اللحظة .............بريق النهر الأزرق بعيناها حزيناً ...........راكداً ..........شعر نحوها بالشفقة ............ وافق على الفور ............إبتسمت برضا وإفترقا على لقاء .

*******************

خرجت من المزرعة سريعاً لم تود رؤيته ............... فليس هذا بوقت رؤياك يا خالد ..............قلبي الأحمق سيتوقف عن الإرتجاف لطلتك بل ربما توقف فعلاً ..............كانت سعيدة .........ساخرة ........... ومع الظلام كانت ليلتها مختلفة .................لوحتها البيضاء تزينت بألوان البهجة القاتمة ............. سنوات وهي محتجزة خلف قضبان التمني ............. حائرة بين غضبها وعشقها ............ إشارة من إصبعه كانت لترجح كفة عن الأخرى ............ حزر ؟؟ ...........غاضبة أم عاشقة .............. لا إجابة ............ نعم فخلف قضبان التمني إحتجزت نفسي .............ليس بيدك بل بيدي أنا يا خالد ............ غاضبة إذن فقد ولى زمن العشق ومنذ زمن ............... لكن الحمقاء بداخلي هي من أسرت نفسها خلف قضبان............ إبتسمت ساخرة ..........وتمتمت ببئس : قضبان الإنتظار

أفكارها ما زالت جامحة .......... متحفزة ...........كل ما تحتاجه الآن هو أن يكره حمزة خالد ..............جاءتها الطبيبة على طبق من فضة ............. حمزة عاشق صغير لن يقاوم دهائها كثيراً .............. ولكن ماذا بعد فبُغض خالد هو خطوتها الأولى ولكن كيف
كيف ستسفيد من هذا البغض الذي ستزرعه بمكر داخل قلب هذا الشاب العاشق كيف سيصبح حمزة مدخلها الأخير لتدمير أحلام خالد ..............زفرت بيأس ............ أفكارها البائسة مبعثرة تشعر أنها أمام شفرة من صنعها تحتاج لمن يفك أحجيتها بمهارة ................كريم كم أحتاج الآن لعقلك البائس ...............

أخرجها طرق صباحي متطلب على الباب من أحلامها وأفكارها ............... نظرت للساعة فوجدتها الثامنة صباحاً ................ مَن السخيف بالباب !!!!.......... خرجت غاضبة تداري جسدها بروب قصير وتُملس بغضب على خصلاتها المبعثرة ............. هجم العساكر يفتشون المنزل بعشوائية .............. بغضب صرخت بهم ............... أخرجها صوت الضابط الأجش من غفوتها الصباحية ........... كلمـ.ـا.ته أفاقتها في لحظات ............. كانت تأثيرها يضاهي عشرة فناجين من القهوة دفعة واحدة ................. هرب كريم

**********************

أعدت مائدة الإفطار كعادتها ونادت عليه تطالبه بالإسراع قبل أن يبرد الشاي ............. جاءها صوته ناعساً بدوره ............ حاضر ثواني ..............

طرقات بـ.ـارده على الباب ............. شعرت بضيق غريب إجتاح قلبها .............. زائرة تبدو في أواسط عقدها الثالث ............. على قدر لا بأس به من الجمال ............... عيون غائرة ............ أنف حاد ........... شفاة مكتنزة ............. إبتسامة صفراء ............. ورضيع باكي على ذراعها ............. تقدمت للداخل دون دعوة ثم إستدارت لها بثقة : حسن موجود

ظلت رقية تنظر نحوها في قلق ............ بل كانت تستمع لصوت أنفاسها السريعة وكأن الهواء يعبر أذناها محدثاً ضجيجاً لا يُحتمل ............ خرجت الكلمـ.ـا.ت بصعوبة من حلقها الجاف : إنتي مين

إبتسمت بإنتصار وهي تتابع بنبرة قـ.ـا.تلة : قوليله سهام ........... مـ.ـر.اته .
المرأة ............ هذا الكائن الرقيق ............ المندفع .............الصارخ .......... المتغير ...........

نعم فالمرأة بطبيعتها الفسيولجية كائن متغير ............. يمر ج
سدها بمراحل عديدة فتتبدل طبيعتها دون أن تشعر ............. بدايتها طفلة بريئة تتأمل العالم من خلال قطعة حلوى ............ يتبدل جسدها دون أن تعي فتصبح خجولة متمردة ثم تعشق جسدها وعندها تتحول لأنثى .........واثقة سعيدة عاشقة تتبدل مرة أخرى ينتفخ بطنها تتغير كل لحظة مئة مرة تتلاعب الهرمونات بها تتطور عواطفها بمجون ............. تتأرجح دون روية ............ ثم تصبح أم ........... تتبدل لكائن آخر جديد ولكنها تتأقلم سريعاً فالأمومة إحساس فطري لن يتبدل بتغير جسدها على عكس عواطفها التي تعود للتأرجح مرة أخرى مع كل تغيير ............

هي ليست كائن فوضوي متقلب إقترب من الجنون ............. هي مجرد أنثى ............حالة متكاملة من الحيوية .............من التغيير .


التغيير الذي مر أمام رقية كقطار بطئ ............ تجاهلته لأشهر ولكن توقف القطار ونزلت بطلته في محطتها لتلقي في وجهها بالقنبلة علها تعي ...........تتأقلم ............أو ترفض ............ الزوجة الثانية

كانت كلمـ.ـا.ت سهام تتكرر ببطء داخل عقلها .............ماذا يحدث لقد سمعتها ........... زوجته ما داعي التكرار ...........إستوعبت أخيراً أن سهام صامته لم تكرر جملتها ........... إذن ماذا هناك هل هي هرمونات الحمل تلك الحالة العاطفية الشـ.ـديدة التي تسيطر عليها بجنون ............. ترغب في البكاء ..............الصراخ ولكن لا تستطيع ............. وكأنه كابوس كتم أنفاسها فلم تعد قادرة على الحراك أو الصياح
بل تباطئت أنفاسها ............. ماذا هناك ............أين إختفى العالم لم تشعر سوى بصورة حسن التي تكبر أمام عيناها سريعاً وذراعه يلتقطها قبل أن تسقط أرضاً.................

بدأت تعود للواقع ببطء ............. كانت إيناس أمامها .............ماذا حدث هل عادت للمشفى مرة أخرى .............ربما لا فملامح السعادة غائبة عن وجه إيناس والقلق هو سيد الموقف الآن ............كانت تستمع لهمهمـ.ـا.ت غاضبة ............. حسن ...............والمدعوة سهام ...........ماذا يحدث ............بدأت تفيق ...............نظرت نحو إيناس متسائلة ثم عاد حسن إقترب منها وبعيون ممتلئة باللهفة سألها : إنتي كويسة

بدأت تستوعب الموقف مرة أخرى ...........المرأة القابعة بالخارج هي زوجته .............. أخذت نفساً عميقاً غاضباً فجر ينابيع المياة داخل عيناها ........... حالة هستيرية من البكاء ............لم تكن تنوي البكاء ولكن ماذا تفعل هل هي عاطفتها المشحونة أم ربما جسدها المتغير ............. قطبت جبينها ........كفاها تفكيراً برد الفعل ولتنتبه قليلاً للفعل المتواجد بغرفة معيشتها الآن..............سهام .

 

بعد مدة ليست بقصيرة من الصمت القـ.ـا.تل على الجميع تحدثت .............. نظرت نحوه بعين لائمة : ليه
حسن : حبيبتي أنا حاتصرف دي واحدة متسرعة وإتصرفت من دماغها
رقية : ليه
حسن : غيرة ستات يا رقية ............ مخها تعبان ..........سامحيني بجد
أصبحت العبرات أكثر قوة ...........تشوهت صورته داخل عيناها وظلت تردد : ليه
نظر لها حسن حائراً ....... ماذا تقصد ؟؟
تابعت بنبرة متحشرجة : ليه عملت فيا كده ........... أنا عملت فيك إيه وحش ............. حـ.ـر.ام عليك ...........حـ.ـر.ام عليك
كان حسن ينظر نحوها في ذهول بدأ يدافع عن نفسه دون إدراك : رقية مش ذنبي هي فاجئتني أنا مكنتش أعرف إنها جاية ............. الموقف صعب أنا عارف بس حصل غصب عني
إعتدلت في جلستها ...........صمتت لوهلة ...........جففت عبراتها ............قالت بشجن : الموقف ده إنت اللي حطتني فيه ............ إنت مش حد تاني
صمت لوهلة ثم قال بصوت حاد : عندك حق ............ وأنا حاصلحه حالاً ................
إبتسمت بسخرية وتابعت : متسرع طول عمرك بس على فكرة معدتش فارقة ............... أنا إتكسرت خلاص يا حسن وإنت اللي كسرتني
حسن : رقية إنتي بتقولي إيه
تابعت بنبرة باكية : أنا تعبت ................ خلاص مش قادرة بجد ........... أنا زعلانة منك يا حسن ........ زعلانة منك قوي بس كنت بقاوح

كانت ملامحه غاضبة ..............حائرة ............تابع بصوت أجش : رقية ممكن أعصابك علشان البيبي ........... مش إحنا إتفقنا نأجل الكلام في أي حاجة لبعد الولادة
رقية : ومش أنا اللي نقضت الإتفاق يا حسن
تابع بملامح غاضبة عنـ.ـد.ما تذكر فعلة سهام : صح
خرج مسرعاً قبل أن ينتهي الحديث .............. كانت إيناس تمسك بيد رقية الباكية ...........تشعر بالنار التي تلتهم قلبها ببطء ............. نظرت غاضبة نحو النافذة ............ تراقب العراك الصامت بين حسن وسهام ........

***********************

خرج حسن من الغرفة تحيطه هالة من الغيظ ................ أمسك ذراعها بعنف وأخرجها خارج المنزل عنوة ............ نظرت له بصدمة وتابعت : هي وصلت لكده يا حسن ..............بتطردني علشان الهانم
حسن : وعلشان ده مش بيتك يا سهام
سهام : بيت جوزي يبقى بيتي
حسن : ده بيت رقية ..............ومتفتكريش إنك ممكن تعيشي هنا ده مكان رقية وطول عمره حيفضل مكانها ............. ده ماكنش إتفاقنا يا سهام متلويش دراعي لإنك إنتي اللي حتخسري في الآخر
سهام : مش حاخسر لوحدي يا حسن
حسن : يعني إيه مش فاهم
سهام : يعني ياإما تعدل زي ربنا ما قال ويبقى زيي زيها في كل حاجة وتجيبني أعيش هنا وفي فيلا زي دي ............. يا تنسى إنك ليك إبن مني
نظر نحوها والشرار يتطاير من عينيه : بتهدديني بإبني يا سهام .............. وصلت لكده
سهام : وأبو كده
حسن : ياااااااااااه ده رقية رغم كل اللي عملته معاها وجرحي ليها معملتهاش
سهام : و أنا مش رقية يا حسن ............. أنا سهام وسهام مش حتسيب حقها تاني .............أنا صبرت كتير على إهمالك وغيابك عني بس خلاص صبري نفد ............. أنا حديك فرصة ترتب أمورك يا تبعتلي أجيلك يا تبعتلي ورقتي ............. عنئذنك
تركته غاضبه دون أن تسمح له حتى بتقبيل الطفل ............... كانت رسالتها واضحة ............بينة كضوء الشمس .

*****************

كانت إيناس ما زالت تراقبهم من النافذة بإهتمام كلمـ.ـا.تهم غير مسموعة ولكن ملامحهم الغاضبة واضحة رؤي العين .............. جاءها صوت رقية المرتعش : لسه بيتكلموا
إنتبهت لها إيناس وقالت : بيتخانقوا ............. تركت النافذة وإقتربت من رقية في محاولة يائسة منها لتلطيف الأجواء : المهم إنتي عاملة إيه دلوقتي
رقية بآسى : المشكلة إني مابعملش حاجة ............ دايماً مفعول بيا مش فاعل ............... حاولت أكون فاعل بس ماقدرتش
إيناس : مين قالك بقه إنك مش فاعل ........... إنتي أهم شخص في الحكاية دي .............. إنتي مش شايفاه كان حيتجنن عليكي إزاي ............. ده أنا إترعـ.ـبت من صوته في التليفون لما كلمني أجيلك ............ ده وشه كان زي ما يكون أزرق من قلقه عليكي
رقية : جميل تجميلك للموقف يا إيناس
إيناس : أنا بقول الحقيقة
رقية : وبرده الحقيقة كانت قاعدة في الليفنج بره
إيناس : وهو طردها
رقية : وهل ده معناه إنها محصلتش ................ لأ حصلت وجرحت قوي بس أنا اللي بقاوح
إيناس : طيب ............إنتي حتعملي إيه
رقية بصوت متحشرج : مش عارفة ............... أنا مخـ.ـنـ.ـوقة قوي ومش قادرة أتعامل معاه ............. مشاعري ناحيته متلخبطة ........... خايفة أكرهه
إيناس : أكيد ده صعب قوي ............ صعب الحب الشـ.ـديد ده يتبدل لكره
رقية : لما شفتها كل الثوابت في كياني إتهزت ............. حتى حبي لحسن ................ أنا مش فاهمة إيه اللي بيحصلي ده
إنفجرت رقية في بكاء جارف من جديد إحتضنتها إيناس في محاولة لتهدئتها وتابعت : طيب إيه رأيك تغيري جو .............. تعالي أقعدي عندي شوية ........... بلاش مواجهات بينكم دلوقتي
رقية : أنا بصراحة فكرت أروح مصر
إيناس : لأ متبعديش قوي كده ............. خليكي عندي علشان تبصيلي كتير والبنت تطلع شبهي مش حتنازل
رقية : إيناس إنتي أختي اللي أمي ما خلفتهاش
إيناس : خلاص أنا حابلغ بشمهندس حسن بلاش إنتي تدخلي في مناقشات .............. العصبية والتـ.ـو.تر ده مش كويس لا عليكي ولا على البيبي
رقية : مش بإيدي يا إيناس
إيناس : دلوقتي حخليه بإيدك ............ حاعزلك عنهم ومحدش حيضايقك تاني يا جميل


تركت إيناس رقية وخرجت وتوجهت نحو حسن الذي كان ما زال واقفاً بمكانه خارج المنزل بعد رحيل سهام ............... كانت إيناس تشعر بالغضب من أجل رقية ........... فما تمر به فوق الإحتمال ......... الرجل الذي أحبته بكل كيانها هو سبب حزنها المستمر ...........

نظر حسن لإيناس بدهشة غاضبة وتابع : يعني إيه تسيب البيت
إيناس : بشمهندس حسن هي محتاجة تغير جو ووجودها مع حضرتك حيفتح نقاشات غصب عنكم وهي بجد تعبت ونفسيتها مدمرة
حسن وقد بدا غضبه وعلت نبرة صوته : يعني إيه ده ............ رقية مش حتسيب بيتها والموضوع مر خلاص ومش حاوقف حياتي علشانه ............. عقليها يا دكتورة مش تشجعيها


-
في إيه يا حسن صوتك عالي كده ليه


كانت نبرة خالد غاضبة قالها وهو يتجه نحوهم عنـ.ـد.ما سمع صوت حسن الغاضب مع إيناس
أمسك حسن برأسه وتابع : دلوقتي رقية عايزة تسيب البيت .............. أنا بجد تعبت وزهقت
خالد : عايزة تسيب البيت ليه ؟

تابعت إيناس وهي توجه حديثها لحسن في إصرار : هي أعصابها تعبانه يا بشمهندس والغرض سلامتها وراحتها مش أكثر ده غير إنها حتقعد عندي مش حتسافر مصر .............. هي فعلا أعصابها تعبانة والضغط النفسي بجد المرة دي كان عليها غير طبيعي

إستشعر خالد غضب إيناس الشـ.ـديد بدورها من جملتها الأخيرة التي خرجت بطيئة حزينة لائمة لحسن الذي كان غاضباً بدوره ............صمت الجميع لوهلة ثم تابع حسن بضيق : خلاص تعمل اللي هي عايزاه ............ بيتها موجود ومش حاسمح لحد يدخله تاني ياريت تفهميها النقطة دي ........... عنئذنكم

تركهم حسن غاضبا ونظر خالد لإيناس بعدها وتابع : ممكن أفهم إيه اللي حصل وكمان واضح إنك عصبية قوي

صمتت إيناس لوهلة ثم تابعت : مدام رقية إتعرضت لضغط نفسي شـ.ـديد جداً بجد.......... من أول ما إتجوز عليها وهي بتقاوم وكاتمة في نفسها علشان المركب تمشي لكن بجد اللي حصل النهاردة كان فوق طاقتها
خالد : إيه اللي حصل
إيناس : مدام الأستاذ حسن التانية شرفتها بزيارة
خالد بدهشة : إيه !!!! واللي جابها هنا
إيناس : معرفش بس واضح إن كان الغرض الأساسي غضب رقية ونجحت .......... نجحت بجدارة كمان
صمت خالد قليلاً ثم تابع : حسن لازم يرتب أموره بذكاء ويبطل عشوائيته دي
إيناس : مش فاهمة يعني يعمل إيه
أجاب بثقة : يعني يبقى راجـ.ـل
إيناس : برده مش فاهمة
تابع بنفس نبرته الواثقة : هو دلوقتي متجوز الإتنين وده واقع يا يتعامل معاه وهما يتقبلوا ده بوضوح يا يسيب واحدة منهم وساعتها أكيد حتكون مش رقية
إيناس : ما هو أكيد مش عايز يطـ.ـلقها علشان إبنه
خالد : عموما لما يهدى أنا حاتكلم معاه وأشوفه بيفكر إزاي وإنتي كويس إنك حتاخدي بالك من رقية ............مش قلتلك إتنين حوامل ربنا يعينك
قال جملته بإبتسامة في محاولة لتخفيف حدة الأجواء
تابعت بإبتسامة بدورها : انا النهاردة كنت خايفة على رقية قوي
خالد ضاحكاً : لا ما هو واضح
إيناس : مش فاهمة
خالد : أنا إنتبهت وأنا معدي لصوت حسن العالي بصراحه كنت فاكره بيزعقلك وكنت جاي أشوطه علشانك

إرتبكت من جملته ونظرته الماكرة نحوها وتابعت : لا يا بشمهندس الموضوع ميستهلش
خالد : برده إنت إتعصبتي عليه ............ واضح إنك بتحبي رقية قوي ............. أنا حسيت كده من يوم ما بلغتيني خبر حملها
إيناس : هي شخصية جميلة صعب حد يعرفها وميحبهاش
نظر نحوها بعمق وتابع : عندك حق في شخصيات بتجذبك ليها من غير ما تحسي وكل ما تقربي منها أكثر تنبهري أكثر وتحبيها أكثر

كالعادة إرتبكت من عبـ.ـارته عنـ.ـد.ما أدركت مغزاها ............ هـ.ـر.بت مسرعة متحججة بمساعدة رقية وظل هو يراقب خطواتها المسرعة للإبتعاد عنه ...........

***********************





المرأة ............ هذا الكائن الرقيق ............ المندفع .............الصارخ .......... المتغير ...........

عنـ.ـد.ما تحب فإن تلك العاطفة المتأججة تجتاحها دون حساب تتوغل داخلها بخبث ............ فتتبدل لشخص آخر ........... يخفق قلبها سريعاً رغماً عنها عند رؤية معشوقها ........... بل قد تتصاعد الدماء لوجهها فترسل برقيات معبقة برائحة عشقها نحوه دون إرادة .......................

يرى نيتشه أن المرأة تحب دون شروط .............تمنح نفسها جسداً وروحاً من أجله ............. تعشق إمتلاكه له أما هو فعشقه لها هو هذا الإمتلاك ..........فالرجل بطبعه يعشق إمتلاك المرأة ويرفض أن يكون مِلكاً لها

إذن
هي المملوكة لمعشوقها ............ إذا فقدته تغدو حائرة من دونه ............ تغوص دون وعي داخل ذكراه وليس من السهل عليها أن تسلم نفسها لمالك آخر ............. بعكس الرجل الذي يعلن إمتلاكه بفخر لأكثر من إمرأة !!!!
بل يتسع قلبه لأربع حجرات .


نظرت إيناس لها بحنان بعد أن إستغرقت في النوم أخيراً ................... ليلة طويلة من الأرق مرت بها كلتاهما ............ وفي النهاية إرتاحت رقية وكفيها يربتان بحنان على بطنها الصغير وإستغرقت في النوم .............

لم تنل إيناس سوى قسطاً بسيطاً من الراحة ............... كانت تراقب قرص الشمس القادم من الشرق يعلن عن الصباح بقوة وتستمتع بقهوتها المحلاة ............ طعم السكر طغا على نكهتها المرة ......... إبتسمت بشفاة مرتجفة ...........فهي تتبع خلطة رقية السحرية ......... عادات الحبيب التي تعيده ولو بصورة مؤقته لعالمها فتُحلي مذاقه المر .................. ولكن ليس هذا السبب الوحيد فهي تسعى لإستدعاء ذكرى شريف التي غدت تهرب منها في الآونة الأخيرة ............ رغماً عنها تهرب منها وتنشغل بالحياة أم ربما بالأحياء .


لا يعلم ماذا أصابه فهو يراقبها ربما منذ أكثر من عشر دقائق .............ترتشف قهوتها بتلذذ ............ تبتسم مغمضة العينين بل تهمس ..........شفتاها تتحرك .............تقذف أسرارها في الهواء الذي إخترق خصلاتها الهادئة ربما ليستمتع بدوره بعبق البندق خاصتها .
كيف تغيب هكذا عن العالم في لحظات ............ تغوص داخل عزلتها بهدوء ............. تستدعي ذكراها فتنقبض وتنبسط ملامحها وكأن أحلام يقظتها عالم حقيقي يضاهي عالمها الحالي ............ ود لو إستمر حلمها للأبد فمراقبتها تكاد تكون هواية لا يمل منها ولا يكل ............ بل لا ..............أليس من الأفضل أن تخرج من أحلامها الواهية وتكون بجانبه الآن ............ أليست الحياة أفضل من تلك الذكرى الأبدية التي تصر على إستدعاءها كلما إقترب منها ................

خرجت من غفوتها وتنهدت بعمق ثم نظرت بإبتسامة لقهوتها ............ إستدارت ............رأته........... كان يقف بموازاتها بحديقته ............. لم يتحدث ............بل لم تتبدل ملامحه ولا نظرته التي كانت تخترقها بإصرار ............ لا تدري ماذا أصابها ......... لم تهرب ......... ظلت تقرأ عيناه ........... هو مختلف ............. يبدو كمجروح ............. ضائع .............خائف ........... يتخفى بمهارة خلف دثار القوة ............ إستدركت نفسها بعد وهلة ........... وإنقطع لقاء البصر بهروبها السريع ............ هروب عشوائي ترك خلفه قهوتها المسكوبة ............... خطواته الواثقة إمتدت لحديقتها ........... نظر لشرفتها بإبتسامة ............... وعاد لمنزله مرة أخرى ولكن ليس خالي الوفاض بل بيده كوب القهوة خاصتها الذي رغب بشـ.ـدة في الإحتفاظ به .

***********************

المرأة ............ هذا الكائن الرقيق ............ المندفع .............الصارخ .......... المتغير ...........الغاضب

غضب المرأة قد يكون بركان ثائر وقد يكون ثعبان قـ.ـا.تل ..............دهائها أسقط سلاطين وغير ممالك ............ واه من الدهاء إذا إمتزج بالغضب ............ عندها ستواجه أخطر أنواع السموم .

يطـ.ـلقون عليها الأرملة السوداء ............... يقال أنها تتخلص من الذكر مباشرة بعد التزاوج وقد تتركه بعد فقص البيض ليتغذى عليه الصغار ............... هذا العنكبوت هو أكثر الأنواع سمية على وجه الأرض ............. وهو أنثى !!!!!!

 
منذ هرب كريم وعقلها دائم التفكير ................ تتوقع زيارته بين ليلة وضحاها ثم أصبحت تنتظرها ............. وتأخر كريم ولكن كان هناك حمزة .............عادة علاقة المُلهم والفنان من جديد .............. لم يكن حمزة يعلم أن إلهامه من نوع آخر ........... إلهام يصب في نهر الغضب ولا شئ غير ذلك

نظر حمزة بإعجاب للوحات أمامه وقال بمرح : بجد أنا طلعت مفيد ............. إنتي رسمتي حاجات كتير حلوة قوي

إبتسمت كارمن وإقتربت منه بمكر متعمدة إظهار عطرها النفاذ وتابعت : بجد كلهم عجبوك
حمزة : بصي لوحة زهور التيوليب مالهاش حل وكمان المجموعة دي حلوة مع ألوان وأنواع متناسقة مش بس في الشكل في المعنى كمان
كارمن : أشكر أستاذي العزيز
إبتسم وتابع : اللوحة دي بقه مالهاش حل ........... تابع بخبث ........... دي أكيد إسمها كارمن

كانت اللوحة لإمرأة صهباء ............. خصلاتها الحمراة منسدلة على ظهرها ......... اللوحة هي ظهر المرأة وليس وجهها ............ كلتا ذراعيه مرفوعين وقد تناثرت من خلال ثنايا أناملها أوراق ورود حمراء
تابع حمزة : بس أنا مش واصلني معناها بالضبط
كارمن : طيب قولي فهمت إيه
حمزة : الورد الأحمر رمز الحب ............ هل معنى ده إنك إتخلصتي من الحب
إبتسمت بمكر : حب قديم
حمزة : هو ........صح ( يقصد خالد )
كارمن : أيوة
حمزة : متأكده
كارمن : جداً ........ مش حضحك عليك كان عندي أمل لغاية فترة قريبة بس خلاص ...........أنا يا حمزة تعبت أصعب شئ إنك تفكر في حد مش حاسس بيك ولا حتى حاسس إنه ظلمك .......... بس على فكرة أنا خلاص مش زعلانة منه
حمزة : معقول ؟؟؟
كارمن : تعال حوريك لوحة بس لسه مخلصتهاش

كانت لوحة غريبة ............. قبضة قاسية غاضية لرجل وأزهار مفتته داخلها ........بفعلها تناثرت بقاياها الحمراء والبيضاء والأرجوانية بعشوائية في أركان اللوحة .......... نظر حمزة نحوها متسائلاً ............. تابعت بثقة : ده خالد
حمزة : قصدك إيه باللوحة دي
كارمن : خالد ما أذانيش لوحدي يا حمزة ........... خالد بيإذي كل ست بيقابلها في سكته ........... أذى مـ.ـر.اته اللي قبلي وأذاني وأذى غيري ........... إحنا مجرد ورود كان ليها لون وشكل حلو قبل ما يدمرها بعقده
صمت حمزة قليلاً وشعر بالشفقة من أجلها ............ كانت عبراتها حقيقية ............نبرتها بائسة ...........
تابعت دون تردد : خالد على فكرة مايقدرش يعيش من غير ست في حياته يإذيها ويدمرها ......... هو مش بيفكر فيا ولا حاسس باللي عمله معايا وعايش تجربة جديدة .......... ضحية جديدة
حمزة مندهشاً : بس على فكرة بشمهندس خالد معتقدش في حياته حد دلوقتي
كارمن : حمزة أنا أعرف خالد كويس وأعرف القيود والحواجز اللي بيحطها بينه وبين الموظفين عنده ............ طبيعي عمرك ما حتعرف حاجة عن حياته الشخصية ................عنده حدود عمرك ما حتعديها ...........معلش أصل دي عقده قديمة شوية .........
حمزة : طيب وإنتي عرفتي منين إن في حياته حد
كارمن : جايز لإني اكثر واحدة فاهماه وكمان لإني شفتهم مع بعض وهو أكد ده بكل برود
حمزة متسائلاً بفضول : شوفتيهم مع بعض
كارمن : اه وفي المزرعة كمان
حمزة بتردد : في المزرعة ؟ مين دي !!!
أجابت بثقة وبالزُرقة الثائرة بعيناها وبنبرة هادئة قـ.ـا.تلة : الدكتورة الجديدة ................ إيناس .

نعم هي المرأة ............ هذا الكائن الرقيق ............ المندفع .............الصارخ .......... المتغير ...........العاشق .......... الغاضب ......... الحائر
المرأة
إيناس ............... الكلمة إخترقت أذناه كشهاب صارخ............... إيناس ................ الرقيقة التي خطفت قلبه دون رَوِيّة ............... هي ............ هي تبدو كوردة ندية تحتفظ بإبتسامتها من أجل حبيبها الراحل ................ إيناس وخالد ............. كيف ومتى !!!!!

 
نظر نحوها وقد إتسعت حدقة عيناه وتمكن منها بريق غاضب : إنتي بتقولي إيه
كارمن بخبث : يا خبر ............. أنا آسفه يا حمزة سامحني كنت وعدتك مش حنتكلم عن خالد تاني والطاقة السلبية بسبب سيرته ............. خلاص إعتبرني ما قولتش حاجة

إستدارت وتوجهت ببصرها عنه ثم إبتسمت بمكر ..............
ظلت ملامحه غاضبة كما هي ..............تابع وكأنها لم تقل شيئاً : بتقولي شوفتيهم .............. شوفتيهم فين يعني
تابعت دون أن تنظر نحوه : بليز يا حمزة أنا مش عايزة أتكلم في الموضوع تاني
إقترب منها ووقف في مواجهتها وتابع : ردي عليا يا كارمن ووضحي كلامك
كارمن : كلام إيه
حمزة : كلامك عن إيناس وخالد
تصنعت البلاهة وتابعت : وإنت ليه مهتم كده
حمزة : كلامك خطر يا كارمن .............. يعني إيه شفتيهم مع بعض
كارمن : هو أنا قلتلك مثلا إني شفتهم في وضع كده ولا كده ............ أنا قصدي شفتهم في العربية وكان في بينهم نظرات وكده يعني
حمزة وقد بدأ يفقد أعصابه : يعني إيه كده يعني
كارمن : بص يا حمزة أنا اللي فاكراه إنه قالي إنها عاجباه وخالد لما بتعجبه واحدة مش حيبقى حب تلامذة
حمزة : يعني إيه ............. يعني عايز يتجوزها ؟
كارمن : والله يتجوزها أو لأ ده شئ يخصهم بقه
شـ.ـد قبضته بغضب حتى بدت بيضاء ثم تابع : خدي بالك من كلامك يا كارمن ............. حتى لو بتكرهي خالد متدخليش إيناس في الموضوع لإنها إنسانة محترمة وميصحش كده
كارمن : حمزة أنا معرفهاش ومعنديش مشكلة معاها ............. ممكن تكون فعلا محترمة لكن خالد برده خبيث مش سهل ............ خليك واثق من ده ............

نظر نحوها بضيق وظل صامتاً .............ماذا هناك يا كارمن مجرد كيدٌ بخالد من جديد ولكن لماذا إيناس !!! لماذا ؟؟؟

**********************

جلس حسن أمام رقية وظل ينظر نحوها بعين ثاقبة .............. تفحص المكان من حوله دون مبالاة ثم تابع بصوت أجش : هي إيناس سافرت
رقية : اه ........... مشيت الصبح
حسن : طيب مش نرجع بيتنا إحنا كمان بقه.............. أظن يا رقية كفاية قوي كده فات حوالي شهرين

تنهدت رقية بضيق ولم تجبه .............. كانت تمسك بإبرة التريكو تحيك قميصاً لصغيرها .............. كان إنتبهها مرتكزاً فقط مع كرة الصوف الصغيرة التي تبدلت بفعل عزف أناملها المنتظم لهذا الشئ الرائع .............
نظرت نحو حسن وقالت في سعادة : قربت أخلصه ............ إحنا صحيح في الصيف دلوقتي لكن ده حينفعه في برد الشتا
إبتسم حسن : حينفعه !! ............ هي مش الدكتورة لما كنت معاكي آخر مرة قالتلك الباشا إنه بظهره ومش عارفة تشوف
رقية : عرفت تشوف آخر مرة لما كانت إيناس معايا
تابع حسن بفرحة : خالد ؟
رقية : أيوه
حسن : طيب يا أم خالد مش تروحي مع أبو خالد علشان خالد ينام في وسط أمه وأبوه
إبتسمت بسخرية وتابعت : طيب ومحمود

تغيرت ملامح حسن في لحظة ........... قطب جبينه وتابع : قصدك إيه
تابعت بهدوء غريب : محمود وأم محمود حيكون وضعهم إيه
نظر لها بدهشة وتابع : وضعهم ده مش بتاعك ............ مالكيش علاقة بيه يا رقية وبالنسبة لسهام قلتلك خلاص مش حتشوفيها تاني ........... عايزاني أعمل إيه أكثر من كده ............ حـ.ـر.ام بقه الضغط ده أعمل إيه بجد علشان أرضيكي
إبتسمت بآسى وتابعت : فعلا إنت جيت على نفسك كتير قوي يا بشمهندس ................
حسن : دي سخرية
رقية : لأ دي حقيقة يا حسن .............. هو ده حسن إبني المدلل ............ أنا علشان مخلفتش خليتك إبني وكنت إبني الوحيد فدلعتك قوي ............ طلبك بيتنفذ قبل ما تفكر فيه ............. راحتك طول عمرها قبل راحتي .......... عارف يا حسن إنت ليه مش مرتاح مع سهام ............. علشان هي بتفكر في سهام مش في حسن
حسن : لا يا رقية عارفة ليه ............علشان هي مش الأساس ............ولا عمري حبيتها ولا عمرها حتوازي مكانتك عندي
رقية : بس هي مراتك زيها زيي يا حسن .............. دي الحقيقة اللي بكدبها من ساعة مـ.ـا.تجوزتها ............ ولما إتجسدت قدامي لقيتني مش قادرة ...........مش قادرة أستحمل بجد
حسن : رقية .............. إنتي عايزاني أطلقها
نظرت له ساخرة وتابعت : لا يا حسن ............. إنت اللي عايز تطلقها وتريح دماغك من الوش ............ بس عايزني أنا اللي آخد القرار
حسن : بس هي فعلا طلبت الطـ.ـلا.ق ........... خيرتني بين إنها تعيش معايا زيها زيك أو تطلق
رقية : وإنت قلتلها خليها بعد ولادة رقية ............
حسن ساخراً : إنتي كنتي معانا بقه
رقية : لا ............هو مش حينفع إحنا الثلاثة نكون مع بعض خالص يا حسن
حسن : يعني إيه
رقية : مش قادرة أكون زوجة أولى يا حسن .............. الدور ده مش بتاعي مش عارفة أمثله كويس ........... لكن هي معندهاش مشكلة فيه وموافقة
حسن : يعني إيه

حاولت بقدر الإمكان أن تبدو قوية ............ أن تمنع العبرات ولكن دون جدوى ........... تابعت بصوت يجاهد ليصطنع الثبات : يعني طلقني
صمت لوهلة ........... بادت ملامحه بـ.ـاردة ساخرة تابع : رقية ............ أنا طلقت سهام إمبـ.ـارح .

*****************************

كانت ثريا تتابع إيناس بسعادة وهي تجلس بجانب أخيها الأصغر في محاولة لمواكبة العصر الإلكتروني من خلال لعبة البلاي ستيشن خاصته ويبدو أنها فشلت بشكل ذريع .............. تعالت ضحكاتهم في المكان .............. إبتسمت ثريا وعندها أيقنت كم إقتقدت ضحكة وردتها الصغيرة ........... نبهت عبد الرحمن الذي كان منشغلاً بجريدته وقالت : شايف إيناس رجعت نورت تاني إزاي يا عبده
عبد الرحمن : الحمد لله يا ثريا ........... مرحلة وعدت
ثريا : نفسي بقه تكمل على خير
عبد الرحمن : قصدك إيه
ثريا : ترجع هنا في وسطينا وتسيب شغلها البعيد ده
عبد الرحمن : بس برده شغلها ده هو سبب تحسنها المكان هناك فرق والشغل والبعد عن الروتين .............. دكتور علي كان كلامه صح
ثريا : بس مش حتفضل هناك طول العمر ............ دي شابة صغيرة وأرملة يا عبد الرحمن كده كفاية قوي................. وكمان في سبب تاني
نظر لها عبد الرحمن بتفحص : سبب إيه
ثريا : فاكر دكتور سامح
عبد الرحمن : مين ده ؟
ثريا : إبن رجاء صاحبتي كان شافها زمان وعجبته بس وقتها كانت مخطوبة لشريف الله يرحمه
عبد الرحمن : وبعدين
ثريا : جدد طلبه دلوقتي وأنا شايفه إنه مناسب جدا بصراحه
عبد الرحمن : برده مستعجلة يا ثريا
ثريا : أنا مستخسراه ............... ده شاب كويس
صمت عبد الرحمن قليلاً ثم تابع : أنا نفسي أطمن عليها زيك بس مش وقته يا رقية ............... مش معنى إنها بتضحك وبتمارس حياتها بشكل طبيعي إنها حتتجوز تاني وبسرعة كده ........... شريف جوا إيناس يا رقية مانسيتهوش
رقية : ومش حتنساه طول ماهي وحيدة كده يا عبد الرحمن لكن جوزها هو اللي حيقدر ينسيها
عبد الرحمن : المهم إنها تقبل أصلاً بلفظ زوج على حد غير شريف ............ ثريا أنا بحذرك إذا فتحتي معاها الموضوع حتعاند أكثر أنا عارف بنتي
رقية : طيب وبعدين حتفضل كده لغاية إمتى
عبد الرحمن : مش عارف ........... بس الراجـ.ـل اللي ممكن يحل مكان شريف عند إيناس مستحيل حيجي بالطريقة دي ........... صعب
رقية : إنت بتعقدها ليه مش جايز إذا شافته ترتاحله والله الولد كويس جدا ومحترم قوي
عبد الرحمن : أيوه يا ثريا بس ........
ثريا : من غير بس أنا حاجس نبضها بس من بعيد لبعيد ............ متخافش
عبد الرحمن : طيب أجلي شهر ولا اتنين مش دلوقتي
ثريا عن غير إقتناع : حاضر يا أخويا
عبد الرحمن : انا حاقوم اريح شوية صحيني كمان ساعة
إبتسمت ثريا لزوجها ثم قالت محدثة نفسها بعد رحيله : شهرين إيه يا عبد الرحمن وهو العريس حيستنانا شهرين ............ خير البر عاجله ..........ربنا يهديكي يا إيناس .

*********************

نظر مصطفى لإيناس بيأس وتابع : أنا خلاص حاتشل
إيناس وهي مازالت تحرك المقبض بيدها بتركيز : ليه بس
مصطفى : يا أمي إنتي بتلعبي بميسي ......... عارفة ميسي
إيناس : مين ميسي
مصطفى : ده واحد لو شاف اللي إنتي عاملاه فيه ده ممكن يجيله كساح بعيد عنك ............... ده إنتي خلتيه جاب جون في نفسه
إيناس : خد يا مصطفى البتاع الهايف بتاعك .........ده تضييع غير طبيعي للوقت
مصطفى : ده علشان غلبتك 15
– صفر
إيناس : قوم يا مصطفى
مصطفى : لا إنتي قومي وإعمليلي نسكافيه
إيناس : تصدق أنا كمان عايزة أشرب نسكافيه
مصطفى : يبقى إتنين نسكافيه وهاتي أي حاجة حلوة من المطبخ

إبتسمت إيناس لأخيها الصغير ودخلت إلى المطبخ لإعداد النسكافيه .............. عندها لحقت بها أمها فقالت لها إيناس على الفور : ماما ............. أعملك نسكافيه
ثريا : لا يا حبيبتي ..............صمتت ثريا قليلاً ثم تابعت بعد أن واتتها فكرة : إيناس بلاش قهوة كتير غلط يا حبيبتي
إيناس : دي ممكن مرة بس أو إتنين في اليوم
ثريا : برده كتير ............ إنتي عارفة طنط رجاء صاحبتي ............ الدكتور قالها غلط قوي وبتعلي الضغط
إيناس : مش فاكراها ............بس تلاقيها هي عندها الضغط
ثريا : اه من حوالي سنتين جالها ............ إبنها بقه دكتور ومتابعها علطول ........فاكراه
إيناس : ماما أنا مش فاكراها أكيد مش حافتكر إبنها
ثريا : من سنتين يا إيناس كنا حضرنا فرح بنتها وهو جه سلم علينا ........... مش فاكرة يا إيناس ده كان عايز يخطبك بس وقتها كنتي مخطوبة لشريف
بدا عليها الضيق وتابعت وهي تعد قهوتها : ااااه ...........إفتكرت
قالت ثريا بعدها بتردد : هو بيجدد طلبه على فكرة
إيناس : يعني إيه
ثريا : هو عايز يتقدملك
تركت إيناس ما بيدها وظلت قاطبة جبينها لوهلة ثم تابعت : وإيه اللي جد مش إتقدم قبل كده وقلته مخطوبة ..........وإتجوزت على فكرة
ثريا بدهشة : أيوة يا إيناس بس ...........
إيناس : بس شريف مـ.ـا.ت صح ........كملي
ثريا : وهي مش دي الحقيقة يا إيناس
أمسكت قهوة النسكافيه بيد مرتعشة وناولتها لأمها ثم تابعت : إدي شريف النسكافيه ده ...........قصدي مصطفى ............ أنا مش حاشرب .......أنا عايزة أنام
تركت إيناس أمها وتوجهت لغرفتها ولم تخرج منها حتى حان موعد نومهم ...............



***********************

عنـ.ـد.ما نخلد للنوم يتجسد خيالانا كصور مرئية تمر أمام أعيننا ............نتأرجح بين الأمنيات والأوهام ........... يُقال أنها الأحلام ........... في لحظتها تبدو حقيقية .......... رغبات لا شعورية تتجسد كالواقع أمامنا ................نبتسم ونضحك ونصرخ ونخاف ......... قد ننسى وقد نتذكر ولكن من المؤكد أننا سنظل نحلم
حتى ولو رغماً عنا .

لا تدري متى خلدت للنوم بل ربما متى إنتقلت من أحلام يقظتها لأحلام نومها ................ شريف ..........حلم يقظتها الدائم .............. كانت تضحك كلما تذكرت بسمته وتبكي كلما أيقنت فقدانه .......... نامت وهي لا توقن أباكية أم بــــاسمة .......... كان المكان مظلماً ........ ولكن شعرت به .............. لم تصدق أنه بجانبها ............إبتسم لها لائماً ........... تعلمين أنني أفضل الجانب الآخر من الفراش ............. كانت تنظر نحوه بذهول ...........بسعادة ............. شريف هل حقاً عدت ........... من أجلي .............. لا تصدق وكيف تصدق ........... يدها المترجفة تحركت بإتجاهه لم تصدق نفسها عنـ.ـد.ما أمسك بيدها وقبل باطن كفها كما إعتاد !!!!

شريف ............. قالتها بصوت مبحوح ...........إنت رجعت ............شريف..........
إبتسم لها .......... لم يتحدث ولكنه ملس على خصلاتها بحنان .............
تابعت وهي تجاهد لإخراج صوتها : وحـ.ـشـ.ـتني قوي ............ أنا آسفة ...........آسفة

ظل ينظر نحوها بحنان ولكنه نهض وترك الفراش نهضت بدورها ......... تحركت خلفه : رايح فين ........... متسيبنيش ............شريف
إختفى فجأة كما ظهر فجأة كانت وحيدة بظلام حالك : شريف .............شريف

كانت تشعر بالخوف .......... دقات قلبها تتقافز بجنون ........ فجأة شعرت بقبضته على أحد كتفيها ......... تنهدت براحة وإستدارت له : شريف ............

ولكن فجأة توقف كل شئ وكأن قلبها توقف بدوره ........... لم يكن شريف ..........كان خالد .

شهقت بفزع ........... نظرت حولها فوجدت الغرفة مظلمة ............... نور خافت من النافذة كسر حدة الظلام ............ نظرت للساعة كانت الثالثة صباحاً ............. وضعت يدها على صدرها في محاولة لتنظيم أنفاسها المضطربة ............. ولكن دون جدوى فقد تذكرت حلمها بوضوح .............

***************************

كان خالد يقف مع بعض الساسة عنـ.ـد.ما لمح دخولها السريع للإسطبل ............. كانت ترتدي نظارة سوداء على غير العادة وشعرها معقوص إلى الوراء .......... ماذا بها ...........تبدو حزينة ............ أين أختفى شعاع العسل ..........تابع عمله بنصف عقل ثم دخل يبحث عنها .............. كانت بجانب سهيله ....................... إقترب منها وقال لها بصوت هادئ : صباح الخير
إيناس : صباح النور
كانت إجابتها مقتضبة ............. لم تنظر نحوه تابع بإصرار : إزيك عاملة إيه
إيناس : الحمد لله
خالد : شكلك متضايق ......... في حاجة
إيناس : لا
خالد : لأ في ........شكلك مش تمام ........... إيه اللي حصل
إيناس بجدية : حيكون إيه اللي حصل يا بشمهندس ........... مفيش حاجة ........
إقترب منها أكثر وهو يتابع : إنتي متأكده

تراجعت للوراء بغضب ............رمقته بنظرة نارية وكأن لهيب من النار قد نشب داخل عيناها ...........تابعت بنبرة حادة : حضرتك ليك إن الشغل تمام ........ لا أكثر ولا أقل ........... عنئذنك
تركته مسرعة وظل هو بمكانه غاضباً ...........حائراً
أم ربما راضياً

************************






عنـ.ـد.ما عادت للعيادة شعرت أن الصداع قد تمكن منها حتى النخاع ............. أخذت بعض المسكنات دون جدوى ............كانت ليلتها السابقة سيئة بمعنى الكلمة خاصة فيما يختص بالأحلام .............إقتحامه لعقلها الباطن أربكها ........... شتتها وما أغضبها أكثر قلبها الأحمق الذي تقافزت دقاته لمجرد إقترابه منها هذا الصباح ...........أتلوم أمها لأنها جاءت برجل تود إدخاله لعالمها من جديد ..............أم تلوم نفسها لأنها فعلت ذلك بالفعل ودون وعي ............. زفرت بغضب ............ كان نظرها مشوشاً ............ لمحت خيال أحدهم بجانب الباب ............. دقات قلبها عادت للقفز ............ شعرت بالغضب ...........ثورة جامحة من الضيق إنتابتها ............ ثورة لم تهدأ على الرغم من أن القادم كان آخر ...........إستقبلته بإقتضاب : أهلاً يا بشمهندس حمزة .

على غير عادته بدا واجماً ولكنها لم تلحظ كما لم تلحظ أيضاً بسمته الغائبة ولا نبرته القلقة.............. كانت بعالم آخر وكأن بقايا حلم الأمس تتجسد في واقعها لتمقت نفسها وتمقت أي رجل يحاول الإقتراب منها ............... كان صوته جاداً على غير العادة : إزيك يا دكتورة
إيناس : تمام الحمد الله
حمزة : وأخبـ.ـار الشغل إيه مبسوطة
ردت بضيق : أيوه
صمت قليلاً ثم تابع : على فكرة دكتور إبراهيم حيسيب الشغل وقلت أقولك لو حابة تروحي مكانه يعني
ردت بدهشة : دكتور إبراهيم مين ؟
حمزة : الطبيب البيطري اللي مسؤول عن مزرعة المواشي
إيناس : اااااااااااه ............. بس هو التنقلات دي بمزاجي لوحدي يعني
تابع بتحفز : قصدك إن خالد ممكن يرفض
إيناس : معرفش ........... أنا خبرتي هنا دلوقتي يعني التنقل ده ملوش معنى
إبتسم بإدعاء : صح عندك حق وبعدين حد يسيب الخيل ويشتغل مع المواشي مش منطقي
إيناس : عموماً متشكرة لإقتراحك
حمزة : أنا بس علشان عارف إن المكان هنا هادي بزيادة يعني هناك إحنا مجتمع أوسع
إيناس : اه خدت بالي ............ بس أنا بحب الهدوء
حمزة : واضح ........ طيب أستئذن أنا

شعرت أنه تتعامل معه بسخافة دون داعي إبتسمت بلطف وهي تودعه ............ إبتسامة شجعته على العودة مرة أخري بعد أن تخطى الباب .......... نظرت له بدهشة : في حاجة يا بشمهندس

نظر نحوها بتردد ثم تابع بجدية : إيناس ............. أنا بحب أكون دوغري وواضح .............ما بعرفش أخبي دي مشكلة عندي
تابعت بقلق : خير ............. في إيه
حمزة : إيناس أنا معجب بيكي وعايز أتقدملك

ظلت جـ.ـا.مدة في مكانها تحدق في الفراغ وجملته تخترق مسامعها ............. تتجوزيني
هل الرجل كائن أناني بطبعه ...............يهتم فقط برغباته دون مراعاة لمشاعر الآخرين خاصة الأنثى .............. أما أن المرأة ذاتها مجرد رغبة للرجل قد تكون دائمة أوقد تكون عابرة ولهذا قيل أن الحب هو تاريخ المرأة وليس إلا حادثاً عابراً في حياة الرجل .............. ربما ولكن من المؤكد أن عقل الرجل هو من يتحكم بقلبه بعكس المرأة التي يعتبر قلبها هو محركها الأساسي

ولكن تبعاً للمقولة التي تقول أن التعميم النمطي حيلة يتبعها العقل البشري ليميز العالم من حوله وأنه يتجاهل الفروق الفردية بين البشر فالرجال أنواع والنساء أيضاً

فروميو ليس كعطيل وهاملت ليس بأوديب ........... ولن تُخضع كل دليلة شمشون ...........

خالد ليس كحمزة وبالتأكيد حسن يختلف عن كلاهما ولكن مهلاً هم في النهاية رجال و من نفس الكوكب ...........

و كل رجل يعلم أن مفتاح معشوقته هي كلمة واحدة ........... الحب

ولهذا توجه إليها وعبـ.ـارة نيتشه تتردد بعقله ........... المرأة لغز مفتاحه كلمة واحدة وهي الحب ........... نعم ربما يكون نيتشه على حق هكذا حدث نفسه ولكن الكلمة ستفقد بريقها وسيتحطم المفتاح وتتبعثر أجزاءه إذ لم يكن هو الشخص المطلوب بل ربما تصبح الكلمة سكين جارح وليس مجرد مفتاح إذا كان هناك آخر


ظلت صامتة لدقائق بدت له ساعات

بعيناها عبرات مكتومة وبوجهها غضب صامت ............ قرر أن يقطع الصمت ....... قال دون روية : إيناس أنا حاسيبك تفكري براحتك
إنتبهت له أخيراً ........ فجأة بدأت في لملمة أشيائها وجمع بعض الأوراق الغير ذات أهمية ثم قالت بصوت مرتجف : أنا لازم أمشي ........ورايا شغل .......... عنئذنك
إستوقفها وتابع : براحتك وأنا منتظر الرد
صمتت لوهلة ثم نظرت نحوه بثقة : مفيش داعي للإنتظار يا بشمهندس
حمزة : بمعنى ؟
إيناس : أنا آسفة أنا مش بفكر في الموضوع ده
بدا عليه الضيق لوهلة وتابع : ده رفض لشخصي ؟
نظرت نحوه بضيق ثم تابعت : عايز تعرف سبب الرفض
حمزة بتحدي : يا ريت
إيناس : علشان أنا مرتبطة يا بشمهندس
بدت صدمة قوية على ملامحه حتى أنه شعر أنه يستطيع تحسس إحمرار وجهه ............. تابع بدهشة ممزوجة بالغضب : مرتبطة !!!!
هي بإصرار : أيوة مرتبطة .......... هو حضرتك مش واخد بالك ولا إيه
قالتها وهي ترفع يدها اليسرى في الهواء مشيرة للحلقة الذهبية بإصبعها ........
نظر نحوها بصدمة ثم تابع : أيوة بس ............
قاطعته بحده : بس شريف مـ.ـا.ت صح .............والله أنا عارفة إنه مـ.ـا.ت مش محتاجة حضرتك تفكرني ولا ماما تفكرني لإني بفكر نفسي بده بفكر نفسي كويس قوي على فكرة

كانت جملتها الأخيرة حزينة ............. باكية ............شعر بالشفقة نحوها وشعر بالغضب من كارمن وإفتراءتها التي كانت السبب فيما يحدث اللآن ........... إيناس مجرد زهرة بيضاء نقية ........... بل لا............ إيناس هي فيوليت برقتها وخجلها ............. عيناها الحزينة ............نبرتها المرتجفة ...............طلتها الهادئة ............نعم كانت إيناس هي فيوليت ولكن لم يكن هو ملك الثلج .

قبل أن يتابع وجدها تتحرك مسرعة إتجاه الباب ............ قالت دون أن تنظر نحوه : عنئذنك ورايا شغل

وهكذا رحلت مسرعة وتركته وحيداً .............. إبتسم بسخرية ............ على الرغم من رفضها الجارح .......ما زالت بقلبه ............ بل ربما تمكنت منه أكثر .

******************

خرج حمزة من العيادة بعدها بدقائق ليجد خالد في مواجهته .............. كان خالد قد ترجل لتوه من سيارته عنـ.ـد.ما لاحظ خروج حمزة من العيادة إقترب منه بدهشة وهو ينظر نحوه بإرتياب قائلاً : بشمهندس حمزة ........... كنت عايز حاجة ؟
ظل حمزة ينظر نحوه لوهلة ............... كان يبدو عليه الغضب ........الغيظ ............. يبدو أن كارمن لم تخطئ في الجزء الخاص بخالد ............ بدت ملامح الضيق على حمزة بدوره ثم تابع بإبتسامة صفراء : لا أبداً يا بشمهندس
تابع خالد بنبرة تهكمية : يعني بتدخل المكاتب والعيادات كده تسلية ولا إيه
أجابه حمزة بنبرة حاده : أنا كنت جاي أسئل الدكتورة إيناس على حاجة
خالد : على إيه
حمزة : إستشارة طبية ............... لصديق
خالد : وهي فين الدكتورة .......... جوه
حمزة : لأ ............. عنئذنك
تخطاه حمزة ولكن خالد قال بنبرة جادة : إستنى
إستدار حمزة ............. كان كلاهما يقف بمواجهة الآخر بتحدي ............ لاحظ خالد ان نظرات الغضب مشتعلة بعيني حمزة الذي لم يحادثه بتلك الطريقة قبل ذلك .............. تابع خالد بإستهزاء : إستشارة طبية مش طبية مش في وقت الشغل ............ وقت الشغل ده ملكي أنا ............ كفاية بقه تضييع وقت لغاية كده وترجع على شغلك
نظر نحوه حمزة بغضب ثم تابع : انا مش بضيع لا وقتي ولا وقت غيري يا بشمهندس ............عنئذنك

تركه حمزة بعد ان رمقه بنظرة حادة وبعدها أغلق خالد العيادة بعد ان تفحصها بغضب ثم إنطلق بسيارته مرة أخرى نحو الإسطبلات عله يجدها هناك ................

 
******************

نظرت إيناس نحو سهيلة بإبتسامة وهي تمرر أناملها الرفيعة بخصلاتها الماسية كما إعتادت ..............إبتسمت بآسى وتابعت : حتوحشيني ............. شكلي كده حامشي بس بعد ما تولدي وأطمن عليكي .............. نظرت نحو غرفة رعد وهـ.ـر.بت عبرة من عيناها ............. ماذا أصابها هل حقاً عشقت الجوادان المتضادان ............. سهيلة ورعد ............. سهيلة التي تبدو كماسة بيضاء تشع بريقاٌ أينما تحركت ورعد بئر أسرارها بكبريائه وصهيله القوي ............. لم ترى جواد مثله ولن ترى بل لن تعشق جواد مثلما عشقت رعد .............. تركت سهيلة وتوجهت لرعد الذي إنتبه لقدومها بمجرد أن تحسست أذناه بأناملها ............ حرك رأسه في بهجة .............. أطلق حمحمة هادئة وكأنه إستأنس وجودها ............ إبتسمت ووضعت رأسها على رأسه الكبير وتابعت بهمس : عندي كلام كتييييييييييييييييييييير ............. كتير قوي يا رعد ............
لم تمر دقائق حتى إنتبهت لدخول خالد للإسطبل ..............كان يزعق في أحد الساسة بصوت قوي ............ تركت رعد مسرعة وهمت لتخرج من الأسطبل بدورها فلم تكن تشأ مقابلته ............. إستوقفها بنبرة حادة : إستني يا دكتورة أنا عايزك
توقفت وظلت تنظر نحو الأرض منتظرة حديثه ............. جلس دون إكتراث على أحد أكوام العلف وصرف السائس بإشارة من إصبعه ثم تابع بنبرة جادة : مينفعش أروح العيادة ألاقيها مفتوحة وحضرتك مش موجودة ............ المكان هنا ليه نظام مش طابونه هي
نظرت نحوه بغضب وقبل أن تنطق تذكرت بالفعل أنها تركت حمزة بالعيادة هاربة ............زفرت بضيق وتابعت : أنا كنت راجعه علطول
خالد : ولو حتسيبيها دقيقة ............. تتقفل أنا مش ناقص مصايب كفاية اللي أنا فيه مفهوم
ردت دون أن تنظر نحوه : حاضر .......... عنئذنك
خالد : إستني ............... لسه ما خلصتش كلامي
نظرت نحوه بضيق وظلت صامته تابع بنفس النبرة الغاضبة : عندك حاجة شغلاكي يا دكتورة مخلياكي مش مركزة في الشغل
همت لتجيب ولكنه قاطعها متابعاً : حتقوليلي ده شئ يخصِك لوحدك أقولك جميل ........... أنا مش عايز أعرف بس المهم عندي إن ده ميأثرش على شغلي وكلامي ده مش حكرره تاني ............. إتفضلي

تركته غاضبة ............ ساخرة ..........وها قد عاد خالد بغضبه وزمجرته ............. ثورته .......... بأسه ........... هو رعد آخر ولكنها ليست على إستعداد لترويضه .

***************************

كائن أحادي التفكير ............ دوماً يكون الرجل هو المقصود بتلك العبـ.ـارة وأحادي التفكير تعني أنه يستخدم شق المخ الأيسر في التفكير وهذا الشق هو المنطق ........ العقل ........... ولا ينتقل الرجل بسهولة للشق الأيمن حيث ترتكز العواطف ويتمحور الخيال بعكس المرأة التي تستخدم كلا الشقين الأيمن والأيسر وتنتقل بينهما بكل سهولة ويسر .............

 
ألقى بقنبلته في وجهها وخرج ............... لم ينتظر رد فعلها .............. لم ينتظر إجابة أم ربما لم يريد .............. زفر بغضب وتذكر مقابلته الفائتة مع سهام التي إنتهت بيمين الطـ.ـلا.ق الغاضب الذي قذفه في وجهها ............. أين الخطأ ...........هل أخطأ عنـ.ـد.ما أخذ قرار زواجه منفرداً دون علم رقية أم أنه أخطأ في الإختيار ولم تكن سهام هي الزوجة التي تصلح أن تكون أماً لإبنه .............. ااااااااااه محمود لقد فكر بالكل سواه مع أنه هو الرغبة الأساسية التي حركته من البداية .............. رغبة فترت ربما عنـ.ـد.ما جاءته من خلال رقية حبيبة عمره وبطلة روايته منذ خمسة عشر عاماً ................ أرادت رقية التضحية بنفسها لأنها هي من ترفض الزيجة ولكن هو يعلم أنه لا يستطيع التضحية بها .............. بل لا يتصور أن تكون رقية ليست من حقه ........... نعم كان يجب أن تكون سهام بعد أن أصبح الإحتفاظ بكلاهما أمراً مستحيلاً خاصة مع إصرار سهام على المكوث بفيلا مثل رقية !!! بل أنها إستفسرت عن ممتلكاته وبدأت تتحدث عن حق كلاهما الشرعي .........هي وولدها ........... عندها أيقن أنها تكتب دون وعي فصل النهاية ............. لا يراها ضحية ............ الضحية الوحيدة هنا هو محمود ..............
معركته الفاصلة هو محمود .............. أم ربما معركته المستمرة .

**************************

نظرت رقية لإيناس بقلق وبادرتها بمجرد دخولها للمنزل : إيناس ............ مالك شكلك مش تمام ومن إمبـ.ـارح على فكرة
إبتسمت لها إيناس بمكر وتابعت : إنتي كمان شكلك مش تمام ومن إمبـ.ـارح برده
إبتسمت رقية ساخرة : بدأت أتعود .............. يلا قولي إيه اللي مضايقك
إيناس : بجد مفيش حاجة مهمة
تابعت رقية وهي تنظر نحوها بتفحص : يعني حمزة ماضيقكيش
نظرت إيناس نحوها بلوم : كنتي عارفة ؟
رقية : لا يا حبيبتي هو اللي لسه متصل وقالي .............. بس انا إديتهومله يا خبر بيحبك وكمان عايز يتجوزك إيه قلة الأدب دي
إيناس بدهشة : إنتي بتهظري يا رقية
رقية : لا أنا بتريأ يا روحي وشوفي بقه أنا واحدة حامل وحتسمعي مني غصب عنك و حطلع الهرمونات عليكي
إبتسمت إيناس بآسى وتهاوت على الأريكة وتابعت : حتقولي إيه بس
رقية : حقول إنه عادي إن حمزة يطلبك للجواز وإن غيره يطلبك للجواز .......... لإنك ممكن تتجوزي راجـ.ـل غير شريف يا إيناس
نظرت نحوها إيناس بتأثر وترقرقت العبرات بعيناها ولكن رقية تابعت بإصرار : فوقي بقه ........... حتفضلي عايشة لوحدك طيب دلوقتي إنتي صغيرة والدنيا فاتحالك دراعتها لكن كمان عشر سنين حتعملي إيه ........... مامتك وباباكي مسيرهم حيخرجوا من حياتك ومن الدنيا كلها ............. إخواتك حتشوفيهم في المناسبات ............. ساعتها حتعملي إيه حتفضلي عايشة مع شبح شريف ............ الوحدة صعبة يا إيناس أنا حاولت أعملها وفشلت مقدرتش
إيناس : رقية أنا مش قادرة أتصور إن واحد ممكن ياخد مكان شريف ............ مش قادرة أتخيل
رقية : إيناس إنتي مش قادرة تتخيلي إن حمزة ممكن ياخد مكان شريف لكن في واحد تاني ...........
أرتبكت إيناس وكادت أن تنطق سريعاً بالنفي ولكن رقية تابعت على الفور : جايز لسه مت عـ.ـر.فيهوش لكن وقت ما ت عـ.ـر.فيه إوعي تسيبيه .............. في واحد قدرك إنك تعجزي معاه ويشوف شعرك البندقي ده وهو بيبيض.......... متخافيش يا إيناس لما مشاعرك تتحرك إوعي تخافي ............. أنا عارفة كلامي مش عاجبك دلوقتي بس هي دي الحقيقة ............ مشاعرك وارد تتحرك وغصب عنك مش بمزاجك ومش عيب ولا حـ.ـر.ام يا إيناس ............ مش خطيئة ............ الشرع والدين بيقول كده .............. فاهمة
ظلت إيناس واجمة ............ لم تجب بادرتها رقية بقرصة خفيفة في ذراعها نظرت لها إيناس بدهشة وإبتسامة : إيه ده كمان
رقية : ده علشان زعلتي زوما ........... حمزة ده إبني اللي مخلفتوش
إرتبكت إيناس وتابعت : رقية أنا ............
رقية : هو متسرع شوية ........... وواخد الدنيا بصدق زيادة عن اللزوم أنا قلت له مش دلوقتي بس هو ماسمعش الكلام ....... في حاجة أنا مش فاهماها
إيناس : حمزة إنسان محترم وأتمنى ربنا يوفقه في الإنسانة اللي تستاهله
رقية : حلو كلام الأفلام ده ............ هو بيحبك إنتي وعايز يتجوزك إنتي بس إتسرع ............. للأسف إتسرع
شعرت إيناس بالخجل وتابعت سريعاً : سيبك مني .............. داخلة فيا شمال علشان ماسألش
رقية : هو أنا بخبي عنك حاجة يا إيناس
إيناس : في حاجة حصلت وإنتي ما قولتيش باين على وشك
صمتت رقية قليلا ثم تابعت : طلقها
نظرت نحوها إيناس بدهشة : طلقها !!! إمتى
رقية : إمبـ.ـارح جه وقالي إنه طلقها
إيناس : طلقها علشانك
رقية : حسن زهق ........... حب يريح نفسه بس في نفس الوقت كان عايزني أنا اللي أطلب ده علشان يريح ضميره
إيناس : وبعدين
رقية : الكوميدي إنه لما جه طلبت منه يطـ.ـلقني أنا .......... مع إني ماكنتش مقررة أنا عايزة إيه ولا حاعيش من غيره إزاي بس كنت مخـ.ـنـ.ـوقه ولقيتني بقوله كده فقالي إنه طلقها
إيناس : يعني إنتي مارتحتيش إنه طلقها
رقية : للأسف إرتحت ............ غصب عني مش عارفة هل دي أنانية
إيناس : لا يا رقية دي طبيعة بشرية مفيش ست بتقبل وجود ست غيرها في حياة جوزها خاصة إنها هي اللي دخيلة عليكي
تنهدت رقية بحيرة وتابعت : انا تعبت ........... والله ما بيهَوِن عليا كل ده غير ضـ.ـر.بته ليا جوه بطني ........... إحساس جمييييييييل
ربتت رقية على بطنها المنتفخ وعندها شعرت بركلة جنينها وكأنه نوع من التواصل الخاص بينهما .......... إبتسمت إيناس : خليكي أنانية مرة من نفسك .............. فكري بس في الجميل اللي جوه ده ولما يجي بالسلامة يبقى يحلها ألف حلال مش عارفة ليه في إحساس جوايا بيقول إنه لما يجي حتكون في حاجات كتير إتغيرت
رقية : تفتكري أنا حتغير ........... مشاعري حتتغير وغضبي حيقل
إيناس : ده أكيد ............ وبعدين خلاص بقه طلع ولد ومش حينفع طبعا تسموه إيناس
إبتسمت لها رقية وتابعت : حسن فرح قوي لما عرف النوع .......... ياترى حشوف الفرحة في عينه لما يجي ولا حتكون مجرد تكرار ملوش معنى وبيفكره بكل اللخبطة اللي حصلت
إيناس : هشششششششششششششش .............. بصي أنا حقولك حاجة ومتزعليش مني جوزك ده فيه عيوب الدنيا بس بيحبك ........... بيحبك قوي وإنتي بتحبيه
إبتسمت رقية بحزن وظلت تربت بحنان على بطنها المنتفخ ثم أمسكت بيد إيناس لتستشعر ركلات الصغير مثلها تماماً ............ ضحكت إيناس وقالت : شكله حيطلع شقي قوي ............ إيه العنف ده
تابعت رقية : مش حنسميه خالد ............. ربنا يستر
إبتسمت إيناس بحرص عنـ.ـد.ما ذكرته رقية ............. خالد .

*************************

على الرغم من كل شئ حظت بنوم جيد .......... عميق دون أحلام .............. إستيقظت مبكرة وإرتدت ملابسها بنشاط وتوجهت للعمل ............نعم فقط العمل ولن تفكر بشئ آخر سوى عملها ............. كانت تتجاهل رؤياه .......... تتعمد أن لا تتحدث إليه ............ ومر يوم وإثنان وعشرة وأكثر وإكتشفت أنها لم تكن تتجاهله وحدها فهو أيضاً يقوم بتجاهلها .............

كانت بغرفة سهيلة وكان هو يقف بالخارج يوجه تعليمـ.ـا.ته بشـ.ـدة للعمال كعادته ........ عادت الحدة لتتمكن من ملامحه ........... الغلظة التي تملكت من صوته ............. ما به !! تبدلت نظرته نحوها بل غابت نظرته عنها فلم يعد يراقبها كما إعتاد أو ربما كما إعتادت ........... شردت وهي تنظر نحوه رغماً عنها شردت في أشياء كثيره ......... حلمها ........شريف .......... هو عنـ.ـد.ما إمتطى رعد مغمض العينين ........ لم تفق من شرودها إلا عنـ.ـد.ما إلتقت أبصارهما ........... فاجئها بنظرة قوية ........... أرتبكت وإستدارت في لحظتها ......... أما هو..... لاحت على ثغره إبتسامة جانبية ........... أم ربما هي إبتسامة حائرة تتخفى داخل دثار الثقة !!!!!

منذ أن رأى حمزة في العيادة وأفكاره ملتبسة ........... مبعثرة ...........منذ أشهر وهو يطاردها تارة بالرقة وتارة بالحدة ............ أوقاتاً بإختياره وأوقاتاً أخرى رغماً عنه ........ وهي بدورها للحظات تستجيب وللحظات أخرى تهرب نحو ذكراها ........... أيهما يفضل إستجابتها أم هروبها أم ربما كلاهما وماذا عن حمزة هل إستجابت له أيضاً !!!! ربما فهو لن يبادرها بالزيارة دون ترحاب ............. هل تاقت الأنثى بداخلها للرجل من جديد ........... جفائك نحوي يا إيناس هل بسبب ذكرى شريف أم بسبب رجل آخر .............حمزة .

*****************************

نظرت إيناس نحو رقية التي بدأ النوم يجافي عيونها وقالت : قومي نامي يا روكا وإرتاحي
رقية : أديني سهرانه معاكي يا أنوس بنتسلى سوا
إيناس : أوقات بحس إنك زهقتي مني
رقية : بقه كده
تابعت إيناس بمكر : أخبـ.ـار بشمهندس حسن إيه
رقية : كويس ....... هو متفهم وقالي خلاص بعد ما تولدي بالسلامة أنا واثق إنك حترجعي بيتك ........... ت عـ.ـر.في يا إيناس أوقات بحس إنه صابر عليا ومقدر مشاعري وأوقات بحس إنه من جواه عايز يقولي كفاية قوي كده أنا عملت اللي عليا بزيادة

إبتسمت لها إيناس ........... قطع حديثهما جرس الهاتف ........ كانت نيرمين ........... ردت إيناس بدهشة : ألو إزيك يا نرمين
نيرمين : معلش يا إيناس بكلمك في وقت متأخر بس غصب عني
إيناس : ولا متأخر ولا حاجة الساعة لسه 11 مالك بس يا حبيبتي صوتك ماله
نيرمين بتـ.ـو.تر : أصل عمر تعبان شوية والدكتور كان كتبله حقن ورجع التعب زاد عليه تاني وأنا آسفة أنا بس عرفت من حمزة إنك بت عـ.ـر.في تدي حقن وكنت بستئذنك أجيبه تديله الحقنه علشان هو رجع بقه سخن قوي ومش عايزة أخرج بيه بره المزرعة
كانت نيرمين قلقة على صغيرها ...........نبرتها مرتجفة ............ عبـ.ـاراتها غير منتظمة ........... تابعت إيناس بنبرة حانية في محاولة لتهدئتها : نيرمين حبيبتي إهدي حيبقى كويس إن شاء الله .......... مـ.ـا.تنزليش بيه من البيت أنا حاجيلك
نيرمين : لا يا حبيبتي يا خبر أبيض الوقت متأخر
إيناس : ومتأخر برده على عمر مينفعش تنزليه تعبان كده ........... خلاص أنا حاجي حالا
نيرمين : خلاص حابعتلك يوسف بالعربية
إيناس : مفيش داعي أنا حاتصرف
نيرمين : يا خبر ده كفاية نزولك مخصوص .......... حالا يوسف حيكون عندك
أغلقت إيناس الهاتف ورقية بملامح قلقة : في إيه
إيناس : مفيش واضح إن عمر تعبان وسـ.ـخن قوي ومحتاج حقنة وأنا حاروح أديهاله
رقية : يا خبر ........... يا حبيبي يا عمر إستني حاجي معاكي
إيناس : تيجي فين أبوس إيدك الدكتورة منبهه على الحركة إنتي في الثامن دلوقتي وواخدة مثبت إنتي ناسية ولا إيه
صمتت رقية وتذكرت بالفعل تحذير الطبيبة لها وخوفها من أن تفاجئها ولادة مبكرة تابعت إيناس : مضطرة أروح لوحدي بس ده واجب ويوسف جوزها حيوصلني
رقية : خلاص يا حبيبتي وطمنيني
إيناس : متقلقيش يا روكا بس إنتي أدخلي ريحي على السرير وأنا لما ارجع حطمنك

أذعنت رقية لرغبة إيناس وتمددت على الفراش في إنتظارها ودون أن تشعر غلبها النوم .

********************

نظرت إيناس لعمر بتذمر كالأطفال وتابعت بإبتسامة : إوعى تكرهني وأبقى أنا الدكتور الوحش اللي بيخوفوك بيه علشان الحقنه
لم يبكي عمر وحملته نيرمين على الفور وهي تقول : متشكرة قوي يا إيناس
إيناس : على إيه بس المهم عمر يبقى كويس وأي حاجة أنا تحت أمركم ........... أستئذن أنا بقه
نيرمين : يا خبر تروحي فين معملناش واجب الضيافة ولا أقولك باتي معايا ويوسف يروح يبات مع حمزة
إيناس : يا خبر إنتي بتقولي إيه بس واجب إيه إحنا إخوات ........... معلش لازم امشي علشان ورايا شغل الصبح بدري
نيرمين : مع السلامة يا حبيبتي ........ اه نسيت .......... بصي ده دواء حموضة كويس قوي كنت قلت لرقية عليه أنا إشتريته من يومين معلش بعد إذنك تديه ليها
إيناس : طبعاً
تنحنح يوسف وقال : إتفضلي يا دكتورة علشان أوصل حضرتك
إيناس : انا آسفة تعبتك يا بشمهندس
نيرمين : تعبتيه إيه بس إحنا اللي تعبناكي
إيناس : لا خالص ........ أهم حاجة صحة عمر

خرجت إيناس ويوسف وقبل أن تتوجه للسيارة لمح يوسف حمزة الذي تقدم نحوهم على الفور : ها عمر أخد الحقنة
يوسف : الحمد لله الفضل للدكتورة
حمزة : الحمد لله ........
نظر حمزة نحوها بإبتسامة : إزيك يا دكتورة إيناس
ردت بإبتسامة متحفظة : الحمد لله إزيك إنت يا بشمهندس
نظر حمزة ليوسف ثم تابع : طيب خليك إنت جنب مراتك وإبنك وأنا حاوصل دكتورة إيناس
يوسف : يا خبر لا أنا حاوصل الدكتورة ده كفاية نزولها مخصوص
حمزة بإصرار : منا وإنت واحد يا حبيبي خليك مع نيرمين إنت عارف هي بتتلخم من أقل حاجة
نظر يوسف نحو إيناس وتابع : حضرتك عندك مانع
إرتبكت إيناس للحظة ثم تابعت : لا عادي مفيش ......
قاطعها حمزة موجهاً حديثه ليوسف : شفت عادي اهو .......... إتفضلي يا دكتور

توجهت إيناس نحو السيارة بتردد حتى أنها فكرت أن تستخدم المقعد الخلفي ولكن حمزة كان الأسرع ففتح لها الباب الأمامي بإبتسامة بريئة فجلست ولم ترد إحراجه ............

ظلت صامته طوال الطريق ........... نظر حمزة لزجاجة الدواء الصغيرة بيدها وقال : ده دوا ؟؟
إيناس : اه بتاع رقية علشان الحموضة
حمزة بإبتسامة ساخرة : اااااااااااه دي بقت زمل يعني
إيناس : إنت بتجيلك حموضه
حمزة : تقدري تقولي بقيت أنا اللي أجيلها
إبتسمت وتابعت : إنت بس خد بالك من أكلك وكل زبادي وكده
حمزة : عادي إتعودت ........... طيب بصي حطيه في التابلوه
إيناس : معلش لحسن انساه
حمزة : لأ متقلقيش أنا حافكرك

وضعت إيناس الدواء وظلت تراقب الطريق بصمت قطعه حمزة مرة أخرى : أرجو إنك لسه متكونيش زعلانه مني
إيناس : لا أبدا أنا ............
حمزة : أنا اللي بوعدك إني مش حافتح معاكي أي مواضيع تضايقك تاني
إيناس : متشكرة يا بشمهندس
حمزة : وأي حاجة حقولها حتكون شئ يبسطك ويضحكك كمان
إبتسمت بيأس تابع بمرح : مش مصدقاني طيب خدي عندك
مرة مهندس زراعي ودكتورة جميلة كده راكبين زوبة وبطيئة جداً فالمهندس قالها إيه تيجي نلعب لعبة ذكاء تسلي الوقت .........الدكتورة بقه كانت مخـ.ـنـ.ـوقه من صاحبك فضلت تراقب الطريق وعملت نفسها نايمة بس مين هو كان لحوح شوية
إبتسمت إيناس رغماً عنها فتابع حمزة بإبتسامة : يعني لحوح قوي المهم قالها اللعبة كل واحد حيسأل التاني سؤال واللي ميعرفش يدفع 10 جنيه هي موافقتش صاحبك قعد يفكر وقالها خلاص لو إنتي معرفتيش الإجابة تدفعي عشرة جنيه ولو أنا معرفتش أدفع 100 جنيه ...........ساعتها هي وافقت ........... بدءوا اللعبة سألها هو إيه المسافة بين الشمس والقمر ضحكت وإديته 10 جنيه وبعدين جه دورها قالت له إيه هو الشئ اللي بيطلع الجبل على ثلاثة وينزل على أربعة ........ صاحبك اللحوح ده بقه قعد يفكر يفكر وعصر دماغه معرفش الإجابة راح مطلع 100 جنيه ومديها ليها المهم هي بكل بساطة حطت الفلوس في شنطتها ورجعت تراقب الطريق وتجاهلته من تاني ............. صاحبك إتغاظ وقالها بتحدي طيب قولي إنتي إجابة السؤال
كانت إيناس منتبهة لحديثه سألته عندها : وبعدين قالت ليه إيه
حمزة : مفيش إديته 10 جنيه
ضحكت إيناس بشـ.ـدة على فكاهته وضحك هو بدوره وعندها كانا قد وصلا للمنزل ............ قال حمزة : شوفتي مش قلتلك مش حقولك حاجة تضايقك تاني
إيناس : هي نكتة ظريفة قوي وكمان فيها ذكاء
حمزة : تفتكري إيه العبرة منها
إيناس : ممكن إن الواحد مايبقاش مندفع يفكر كويس قبل تصرفه
حمزة : صح وميبقاش لحوح كمان
إيناس : ميرسي على التوصيلة
حمزة : أنا اللي بشكرك على ذوقك بجد ومش معايا بس مع نيرمين ويوسف ......... كلنا
إيناس : لا شكر على واجب عنئذنك

خرجت من السيارة وتوجهت للمنزل وإستدار هو لطريق العودة ولم يلمح خالد الذي كان يقف بأحد الأركان يراقبهم بغضب .

***********************************
كان خالد قد انهى لتوه بعض الأعمال بمكتبه عنـ.ـد.ما نظر للساعة فوجدها قد قاربت على الثانية عشر مساءاً ........... أغلق المكتب وخرج متوجهاً لمنزله في الظلام ولكن قبل أن يصل لمح صوت سيارة قادمة وعندها رآها معه ........... كانت تضحك وتتحدث وتبتسم وهو ينظر نحوها بشغف ........... ظل يراقبهم من بعيد فيبدو أنها لحظة رومانسية خاصة جداً ..............

ترجلت إيناس من السيارة وتوجهت للفيلا .............. قبل أن تقترب من الباب شعرت بخطوات مسرعة ورائها ............ إستدارت بفزع ولكن زفرت بإرتياح عنـ.ـد.ما وجدت أنه خالد ........... عندها قالت : خضتني يا بشمهندس
خالد : حمد الله على السلامة
نظرت نحوه بدهشة وتابعت : الله يسلمك ......... عنئذنك
خالد : إستني ........... عايزين نتكلم شوية
إيناس : دلوقتي !!!!

لاحظت إقترابه منها بمكر فتراجعت بخوف حتى إصطدمت بالسور ثم قالت بصوت مرتبك : في إيه ؟ حضرتك عايز حاجة
كان ينظر نحوها بطريقة غريبة لم تعتادها منه قبل ذلك تابع بإبتسامة ساخرة وبنبرة بطيئة للغاية : عايز ....... اتكلم ........ معاكي
نظرت نحوه بغضب ثم تابعت : الوقت متأخر حضرتك تتكلم معايا في العيادة بكرة ........ عنئذنك

همت للمغادرة ولكنه إستوقفها وجذبها بقوة من ذراعها فأعادها لمكانها مرة أخرى ............. نظرت نحوه بصدمة وتابعت بصوت زاعق : إنت إتجننت ........... إنتي إزاي تمسك دراعي كده
تابع بدوره وهو ما زال يرمقها بنفس النظرة : إيه يا دكتورة مانتي راجعة متأخر ومبسوطة وضحكتك واصله لآخر الدنيا ........... العصبية والشخط من نصيبي أنا
كانت كلمـ.ـا.ته قاسية مخيفة تابعت بقلق : إنت بتقول إيه .......... عديني لوسمحت
خالد : أنا بقول نتكلم بصراحة أحسن وأفضل لينا كلنا
إيناس بحيرة : صراحة إيه !!!!
إبتسم بمكر وتابع : يعني لو إنت إشتقتي لوجود راجـ.ـل في حياتك أنا بقول تختاري راجـ.ـل بجد

شعرت أن دلواً من الماء البـ.ـارد قد سقط على رأسها ورغم ذلك فالحمرة تمكنت من وجهها معبرة عن غضبها الجامح ........... شعرت بالغضب والفزع من ملامحه ........... من نظرته ........... كانت تحمل معاني مختلطة من الغضب .......... الغيظ ........ البأس ......... الرغبة ........بعد ذلك تصلب جسدها من المفاجئة ......... قبضته التي جذبت خصرها بقوة ............ قُبلته التي منعت عنها الهواء للحظات ............ إستدركت أخيراً ما يحدث........... دفعته بعيداً عنها ........... كانت تنظر نحوه بألم ........... والعبرات المتحجرة تلألأت بعيناها فبدت كنهر من العسل الحزين ...........

هـ.ـر.بت ............ هـ.ـر.بت قبل أن تنفجر في البكاء حتى قبل أن تحقق رغبتها في صفعه ........... أما هو فظل جـ.ـا.مداً مكانه ........... فبداخله الآن بركان ثائر من المشاعر المتخبطة ............ ولم تساعد تلك القبلة على إخماده بل زادت من ثورته............


وفي الظلام كان هناك آخر ........... شاء القدر أن يعود من أجل أن يعطيها زجاجة الدواء .......... لم يثنيه الوقت المتأخر عن العودة ..............هو يود رؤيتها مرة أخرى ولو للحظات ولكن لم يكن يتوقع أن يراها بين ذراعي خالد مستسلمة لقبلته ........... ترك المكان ناقماً ...........ساخطاً قبل نهاية مشهد العشق الجامح بينهما .......... فكفاه ما رآه حتى الآن........كفاه .
كيف يراها الرجل
كيف يريدها هل يتمناها أفروديت رمز الأنوثة ............ أم يقدرها كإيزيس رمز الأمومة ........ أم ربما هو عاشق لشهرزاد رمز الدهاء ............... لا بل كوني جوليت رمز الحب أم يفتخر بها كمريم رمز الطهارة ...............
عفواً أريدهن جميعاً فأنا................ رجل


الرجل بطبيعته عاشق للتملك يود أن تكون الأنثى ملكه بماضيها وحاضرها ومستقبلها أيضاً حتى وإن تركها !!!!!!

وترك شريف إيناس رغماً عنه ............... لأوقات ود لو أن يتبخر شريف من الماضي فيمتلك هو بدوره الماضي والحاضر والمستقبل ولكن هل يضمن المستقبل !!!!

فها هي تتحرك كالعمياء خلف رغبتها من قبل أن يمر الحاضر فماذا عن المستقبل .................نعم إستجابت لك رغماً عنها في النهاية بل ربما إستجابت له أيضاً ............سعدت بإهتمامك وبادلتك مشاعر الصمت .................ضحكت لمزاحه وربما كان هناك ما هو أكثر بين كلاهما و لا تعلمه أنت .............. إستحقت ما نالت بالتأكيد ..............القبلة كانت عقابها ولذته ............نعم هي نالت ما أرادت ..............ولكن هل حقاً أرادت القبلة ولكنها لم تستجب لها بل رفضتها بكل ما أوتيت من قوة ........نعم فالقبلة لم تكن هي إستجابتها لا بل كانت ناقوس الخطر الذي نبهها لما هي مقدمه عليه ............ ماذا تراها فاعلة ؟؟؟
هل ستعود لما كانت عليه كما عشقها ............. وفاء إيزيس وطهارة مريم وتضحية جوليت التي لم تكن من أجله ............ ليتها كانت من أجله .............. من أجله هو فقط نعم فالرجل بطبيعته عاشق للتملك وخاصةً هو .

زفر بغضب ثم جلس على الأرض بيأس و تخللت أنامله القوية خصلات شعره الداكن ثم إعتصرت جمجمته بقسوة .............. نظر خلفه ليراقب نافذتها المظلمة ................ ماذا به يراقب النافذة كالأحمق ................ كمراهق ساذج ينتظر طلة معشوقته .............. عن قصد منه أراد عقابها .............إمتلاكها ............. وعن غير قصد منها تملكته بلحظات مميزة من الكمال فمعها ودون أن يعي شعوره لحظتها شعر بالكمال................ السعاده وكأن العالم كان يجب أن يتوقف عند تلك اللحظة .............. إعتصر رأسه مرة أخرى بقوة وكأنه يود التخلص من أفكاره وتوجه لمنزله أملاً في إراحة عقله بالنوم ولكن دون جدوى ...............
************************



خطواتها مرتجفة .............. الصورة في عيناها مشوشة ............ لا بل مشوهة ربما بسبب نهر العبرات الذي إجتاح عيناها دون هوادة .................... أم ربما هو ...........نعم هو من إجتاح عالمها دون رحمة .................. لا بل دون دعوة نعم دون دعوة ......................إرتسمت على شفتاها إبتسامة بائسة .......... ألم تكن نظرتها دعوة ............... إبتسامتها دعوة ............. من تخدع !!!! هو أم هي أم شريف ................. شريف !!!!
أمسكت ذكراه بقبضتها المرتعشة ..................... جففت دمـ.ـو.عها بقميصه ثم دفنت وجهها بين ثناياه وكأنها تسعى للإختباء داخله .................... أو ربما اللجوء إليه .............نظرت بأهداب مرتجفة للنافذة وهـ.ـر.بت عبرة أخرى سريعة ................. قـ.ـا.تلة كقبلته التي قـ.ـتـ.ـلت وفائها .............. إخلاصها ............... وشوهت ملامح ذكراها .............
لم تكن تلك القبلة مجرد شهوة عابرة منه ................نعم لم تكن رغبة عابثة ..............لا تلك القبلة هي صك الملكية الذي إستقبلته شفتاها دون هوادة ..................أخبرها بقسوة قبل ذلك أنها ستكون لرجل آخر غير شريف والليلة أعلمها أنه سيكون هذا الرجل بكل غرور بكل قسوة بكل تجبر كان هو هذا الرجل وكانت هي الطائعة المُسيّرَة خلف خطيئتها ........................ لينتهي بها الأمر بين ذراعيه ربما لتصحو من أحلامها المتخبطة وتعي جيداً معنى مرور رجل بعالمها من جديد ..................... أم ربما معنى وجود خالد بعالمها وماذا يريد ....................
مسحت دمـ.ـو.عها بظهر كفيها بغضب وبنظرة من التحدي بدأت في تجهيز حقيبتها ................... لا يوجد الآن لديها خيار سوى الهروب .

*****************************

وتهاوت أسوار العالم من حولي
إرتجف لساني وتجمد قولي
ورأيت نجوم تسبح
وسمعت طيور تصدح
وكلاب تنبح
وتراءت في أفقي أفكار سوداء
وهواجس حمقاء
وتلمست بيدي عبث الأهواء
أشياء تمحو أشياء
ومشاعر تبدو كالداء
والغضب الجارف في عقلي
يصـ.ـر.خ .......... أحمق
أنت مجرد عاشق دون رجاء




إنطلق مغمض العينين لا بل بعيون مفتوحة ملئ البصر في محاولة يائسة للبحث عن صورة جديدة لتمحو أثر تلك الصورة القابعة في خياله ....... مازالت صورتها معه وهي مستلمة لقبلته الدافئة ثابته في عقله ........متمكنة منه حتى النخاع ................... ضـ.ـر.ب يده بغيظ على المقود وإنطلق بالسيارة مبتعداً عن المزرعة ...... عن خالد ..... عنها ............ ظهرت صورة كارمن بإبتسمتها الماكرة أمام عينيه ............. صورة أخرى ........ جديدة ..................ربما أكثر صدقاً أقرب إلى الحقيقة .................نعم كارمن ..... هي من تعلم الحقيقة ...... بل ربما هي من تفهم ........ نعم تفهم كل شئ وهو مجرد أحمق !!!****************************نظرت بضيق لساعتها فوجدتها الثامنة صباحاً ............... كان جرس الباب يدق بإلحاح .................. هل عاد البوليس مرة أخرى للبحث عن كريم ............... كريم الذي إختفى وتركها حائرة ............. حمزة أيضاً ذهب ولم يعد ........... زمت شفتيها وقامت متكاسلة ............... إبتسمت بدهشة عنـ.ـد.ما رأته .............. كان مظهره رثاً .............. عيونه مجهدة ...........زائغة ............. إبتسم لها بآسى ثم قال : عندك وافل ؟

عادت بعد أن بدلت ملابسها ثم نظرت للطعام أمامه وتابعت : إنت طلبت الوافل علشان تتفرج عليه ؟
لم يجبها ....................... ظل يراقب طعامه بشرود ............. جلست بجانبه وتابعت وهي تنظر نحوه بتمعن : مالك يا حمزة
أجابها بعد وهلة : إنتي صح
نظرت نحوه بدهشة : إيه ؟َ
حمزة : إنتي اللي فاهمة يا كارمن ............ ومحتاج أفهم منك
كارمن : تفهم إيه ؟
بدت عيناه لامعه .......... جاحظة ثم تابع بنبرة بائسة : العلاقة بين خالد و إيناس حدودها إيه
كارمن : في إيه شكلك مش طبيعي ...........حصل إيه ؟
حمزة : أنا جاي أسمع مش أتكلم
إبتسمت بمكر وصمتت لوهلة حتى تنظم أفكارها ثم تابعت : أنا معرفش حدودها إيه بس اللي أعرفه إن خالد يقدر كويس يخلي اللي قدامه ينفذله كل اللي هو عايزه ........... سواء كان صح أو غلط
شـ.ـد على قبضته بغيظ ثم تابع : للدرجه دي ................ ولا إنتم ما بتحبوش غير القسوة
كارمن : إحنا مين ؟
قال ساخراً : الستات .............
ضحكت بدهاء وتابعت : حمزة ............ إنت محتاج تخرج من المود وبعدين نتكلم
حمزة : كارمن أنا شكلي حعيش في المود
وضعت إصبعها على فمه ليصمت ثم تابعت : مش مع كارمن .............. جذبته من ذراعه ليتبعها وهي تقول : تعال
حمزة : اجي فين بس
كارمن : حنشخبط
حمزة : نشخبط !!!
كارمن : اه ............. بس شخبطة كبيرة شوية ............. تعال مش حتنـ.ـد.م ............. قالتها وهي تضحك بصدق ........... نعم في تلك اللحظة كانت تبتسم له بصدق ........... لا تعلم ماذا أصابها ولكنها شعرت بالحزن من أجله .............. شعرت أنه هي منذ أعوام ............. عنـ.ـد.ما تذوقت جرح خالد ............. بأسه ..........هجره.............. يال العبث ألقت قنبله بوجهه منذ أيام وعاد إليها مع شظاياها المتجسدة ............ صِدق إدعائها ........... هناك شيئاً ما بين خالد و الطبيبة الحمقاء .............. عفواً حمزة حان وقت الثأر .

******************************** كان يراقبها بدهشة وهي تحضر الألوان والفرش خاصتها .............. بسطت لوح أبيض ضخم على الأرض ................ وشغلت موسيقى صاخبة .............. تخلصت من حذائها ورفعت شعرها ثم ثبتته بأحد الأقلام دون إكتراث وشرعت في نثر ألوانها بعشوائية على اللوح ................... قال لها حائراً : بتعملي ايه
جذبته وأعطته فرشاه ثم خلعت قبعته ووضعتها فوق رأسها وتابعت : بخرج من المود ......... بدأت ترقص بدلاال على أنغام موسيقاها الصاخبة ثم تابعت : يلا يا حمزة
حمزة : يلا ايه بس
كارمن : طلع العفريت ........... الهدوء والبساطة دي وراها عفريت مـ.ـجـ.ـنو.ن .......... وأنا اللي ححضره

لا يعلم كم مر من الوقت ولكنه رقص معها بجنون ................ نثر ألوان غضبه على اللوح الأبيض مثلها تماماً ............. فكلاهما ملعون بغضب العاشق ...............
أطال النظر نحوها هي حقاً جميلة .......... ساحرة .......... إبتسم بسخرية أليست أجمل من إيناس .......... أفضل ............ أصدق نعم أصدق ليست مثلها تتخفى خلف دثار الوفاء تخدع الجميع دون نـ.ـد.م ................... ولكن تلك الكاذبة هي من ملكت قلبه وجرحته دون أن تدري بسكين حاد .
إبتسمت له كارمن بدهاء بدورها عنـ.ـد.ما لاحظت مراقبته لها ............. حمزة شاب وسيم ربما يفوق خالد وسامة .............. يصغرها بعدة أعوام ............. ولكن حقاً هل تستطيع الغوص معه نحو عالم جديد بعيداً عن بحر حقدها الغاضب بأمواجه الثائرة .............. هل يستطيع إخراجها من بئر خالد الذي دُفِنت به حية منذ سنوات ................ لاحت على شفتاها إبتسامة ساخرة بدورها بماذا تهذي .................... سبب وجود حمزة معها بتلك اللحظة هو خالد .
قطع أفكارها صوت حمزة وهو ينظر للوحة أمامه ويتابع بنبرة ساخرة : يااااااه هو أنا اللي جوايا غامق قوي كده
ضحكت كارمن بشـ.ـدة وتابعت : مش لوحدك على فكرة ........... كلنا هذا الرجل
حمزة : ياه للدرجة دي
كارمن : لا يا حمزة اللوحة دي غضبك مش حقيقتك ............. الفرق كبير
تنهد بعمق ثم إستلقى على الأرض وتابع : أنا تعبان قوي لازم أمشي و إلا حنام مكاني
كارمن : شكلك منمتش من إمبـ.ـارح هو السبب صح ؟
إبتسم بآسى عندها تابعت بثقة : هي كمان السبب .......... إنت بتحبها يا حمزة
حمزة : كارمن ............. أنا مخـ.ـنـ.ـوق خلاص لا عايز أسمع ولا أتكلم عنهم
كارمن : براحتك بس أنا واثقة إنك حد شهم وهي حتى لو غلطانة تستاهل إنك تنقذها
حمزة : أنقذها !!! محدش بيعمل حاجة غصب عنه يا كارمن
صمتت لوهلة ثم تابعت لغو عقلها بإصرار : حمزة إنت مش حتنقذها من خالد ............... إنت حتنقذها من السجن
نظر نحوها والصدمة بادية على وجهه وفيي ملامحه ألف تساؤل ................... تابعت بثقة : أيوة يا حمزة علاقتها بخالد وبالمزرعة حتكون سبب سجنها وممكن ضياع مستقبلها والحل في إيدك إنت وبس
حمزة : إنتي بتقولي إيهكارمن : حمزة ............خالد ده بيزنس مان روبوت حياته حاجتين متعة ومكسب وإيناس من غير ما تفهمه بتحققله كل ده ............... خالد بيعمل حاجة غلط في تهجين الخيل معنديش معلومة واضحة بس اللي أعرفه إنه بيعمل تلقيح صناعي بأجنة رخيصة وبيبيع للهواة على إنه خيل عربي بيور وبيلعب في شهادة النسب وبيعتمد على بيطيرين صغيرين من غير خبرة يمضوا إن كل حاجة تمام
حمزة : لا لا مستحيل الكلام ده مش منطقي
كارمن : علاقة إيناس و خالد كانت مش منطقية من أيام
حمزة : طيب أنا الحل في إيدي إزاي مش فاهم
كارمن : لازم أتأكد قبل ما أبلغ وعلشان أتأكد لازم أدخل المزرعة بالليل ومعايا دكتور ثقة تبعي ............. كل اللي محتاجاه منك تدخلنا المزرعة بالليل ............. علشان نتأكد وبعدها نشوف حنعمل ايه ............ وإلا ممكن كل الناس هناك تتاخد بذنبه
أطرق رأسه لوهلة ثم تابع : ياااااااااااااه للدرجة دي الواحد مغيب ................. معقول
إقتربت منه وتابعت : في إيدك تصلح كل حاجة و المخطئ يتعاقب ........... هو ده الحق
نظر نحوها بتمعن ثم تابع : ماشي يا كارمن حددي الوقت اللي يناسبك وأنا أدخلك هناك إبتسمت بدهاء وتابعت : خلاص بس الدكتور اللي اعرفه يرجع من السفر وساعتها حنروح ............ بس هو يرجع
أغمضت عيناها وتمنت بشـ.ـدة ظهور كريم سريعاً.............. نعم فقد حان وقت السداد يا خالد .******************************

نظرت رقية حولها في حيرة عنـ.ـد.ما إكتشفت إختفاء إيناس .............. غرفتها المفتوحة على مصراعيها وخزانتها الفارغة تنبئ عن رحيلها المفاجئ .................. أمسكت هاتفها بيد مرتعشة محاولة الإتصال بها دون جدوى فرسالة الهاتف المغلق تتكرر بإصرار ................ كانت الساعة قد تعدت التاسعة صباحاً ...........إرتدت ملابسها وخرجت مسرعة لتصطدم بخالد الذي كان خرج لتوه من منزله وملامح الأرق بادية على وجهه ................ نظر نحوها بدهشة عنـ.ـد.ما لمس قلقها وتابع بصوت أجش : خير يا مدام رقية ............... في ايه
ردت رقية بإرتباك : لا لا أبداً ................ مفيش حاجة
خالد : لأ ........ شكلك مخضوض في إيه
رقية : أصل ..................
قاطعها صوت هاتفها ردت مسرعة : الو..........الو ................نيرمين ...............كلمتك مردتيش ..............كنتي نايمة .............. معلش ............. عمر كويس ...........إيناس خرجت متأخر من عندك ................ حمزة اللي وصلها
لاحظ خالد أن رقية تتحدث بقلق وبطريقة مقتضبة
تابعت رقية على الهاتف : لا يا حبيبتي مفيش حاجة أنا بس بطمن على عمر منك وعليها روحت إمتى علشان هي خرجت من بدري وشكل الموبايل فصل شحن

أغلقت رقية الهاتف وعندها قال لها خالد بنبرة آمرة : مدام رقية في ايه وإيناس فين
رقية وهي تحاول إخفاء قلقها : مفيش يا بشمهندس ......... هو شكل إيناس إضطرت تنزل مصر وأنا بحاول أكلمها أطمن عليها بس شكل الموبايل فصل شحن
خالد : نزلت مصر ..............
صمت لوهلة وبدت ملامحه في حالة صدمة ثم تابع : و ....... إنتي كنتي بتسألي نيرمين عليها
رقية : اااااااه ............. أصل إيناس إمبـ.ـارح بالليل إضطرت تنزل تدي لعمر ابن نيرمين حقنه علشان كان سخن قوي ............. حتى يوسف مرضيش تركب مع سواق وجه اخدها بالعربية وحمزة وصلها في الرجوع
كانت رقية تتحدث بتلقائية دون أن تلحظ ملامح الذهول والغضب التي إجتاحته في لحظات أما هو لم يبالي برقية ............ لم يبالي بشئ سوى غضبه الجامح وسوء ظنه وما حدث ليلة أمس ............. ضـ.ـر.ب قبضته بغضب على الحائط ثم توجه راكضاً نحو سيارته وهو يمني نفسه بلاحقها .................... حتماً إستقلت الباص الخاص بالمزرعة لا يوجد لديها بديلاً ............. نظر لساعته ثم إنطلق مسرعاً بسيارته لا يفكر سوى بقطع طريق الباص وإعادتها ولو بالقوة ..............*************************
إنزوت وحيدة بأحد مقاعد الحافلة ................... ظلت تراقب الصحراء وعبرات عينيها ما زالت سيدة الموقف ............... كانت تحاول إخفاء ملامحها تارة بأناملها الرفيعة وتارة بخصلات شعرها فآخر ما توده الآن هو تبادل الحديث معع أي شخص .............. حتى أنها رحلت مسرعة قبل إستيقاظ رقية ............ رقية ........... تركتها دون وداع .............دون ذنب ...............أطرقت رأسها على النافذة في محاولة يائسة لتنظيم أفكارها المبعثرة دون جدوى ................ كلما حاولت تنظيم أفكارها يقفز حادث الليلة الفائتة ليحتل عقلها ................ مسحت شفتاها بظهر يدها بغضب عنـ.ـد.ما تذكرت ما حدث وظلت تراقب الطريق باكية ..............

الحافلة تلتهم الطريق بتكاسل على عكس سيارته التي كانت تلتهم الطريق بنهم ............ بجنون .............. يده ثابته على المقود وعيناه مرتكزة بإصرار تترقب ظهور الحافلة ............... أخيراً لمحها ............. زاد من سرعته وإقترب منها يطـ.ـلق زاموره بإصرار لينبه السائق دون جدوى فالسائق غارق مع نجاة الصغيرة يشـ.ـدو معها بصوت غليظ لا يستسيغه سواه ..........
إنت تقول وتمشي و أنا أسهر مانمنش ياللي ما بتسهرش ليلة يا حبيبي .................... سهرني حبيبي ............. حبك يا حبيبي .............. باكتب على الليالي إسمك يا حبيبي

ضـ.ـر.ب خالد يده بغضب على المقود و لم يجد بداً من إعتراض طريق الحافلة وبالفعل زاد من سرعته حتى تخطى الحافلة بأمتار ثم أوقف سيارته بشكل أفقي ليجبر السائق على الإنتباه والوقوف غير مبالياً بخطورة فعله فكل ما كان يفكر به هي ........... فقط هي .

إنتبهت إيناس لتوقف السيارة المفاجئ ............ وقبل أن تعي ما يحدث رأته يصعد على متن الحافلة ............... كانت عيناه تتفحص الوجوه بإصرار ........... بغضبٍ تلاشى على الفور عنـ.ـد.ما لمحها ........... ظل ينظر نحوها بعمق ............. إرتباك .............. غضب ........... مشاعر متخبطة إجتاحتها ............. جاءها صوته الأجش وهو يقول بثقة : دكتورة إيناس محتاجينك ضروري في مزرعة الخيل


نظرت له بذهول وردت بنبرة خفيضة جاهدت لإخراجها : نعم
تابع بإصرار : يلا يا دكتورة مفيش وقت الفرسة بتولد
ودت أن تواجهه وتصفعه على وقاحته ليلة أمس والآن أيضاً ولكن نظرات كل من في الحافلة كانت موجهة نحوهما .......... لم تجد سبيل سوى النزول من الحافلة .............. ظلت تراقبه بغيظ وهو يخرج حقيبتها من الحافلة ويضعها بسيارته ......... إنتظرت حتى رحلت الحافلة ثم نظرت له بغضب وقالت : ممكن أفهم إيه اللي حضرتك عملته ده ؟
خالد : دي كانت الطريقة الوحيدة قدامي علشان ترضي تنزلي معايا
زفرت بضيق ثم مدت يدها لتسحب الحقيبة ............ أمسك الحقيبة بدوره ثم قال لها : بتعملي ايه
إيناس : لو سمحت سيب الشنطة
خالد : طيب ممكن تسمعيني
إيناس : أنا سمعت خلاص وغصب عني مش بمزاجي
أطرق رأسه خجلاً ثم تابع بعد أن ترك لها الحقيبة : أنا بجد آسف
قالت ساخرة : إنت مش ملاحظ إن إعتذاراتك كتير بالنسبة لشخص ما بيحبش يعتذر
نظر نحوها بعمق و تابع : وإنتي مش ملاحظة إن الإعتذارات دي ليكي إنتي وبس
إستدارت حتى تتجنب النظر نحوه ثم تابعت : خلصت ممكن تسيبني أمشي بقه
تابع بنبرة حانية : ممكن مـ.ـا.تمشيش
رمقته بنظره حادة ثم همت للمغادرة ولكنه إعترض طريقها بإصرار ثم تابع : إيناس متسيبيش المزرعة
كانت ترمقه بغيظ .................... أخيراً إنطلق مارد الغضب الثائر بوجهه ............ لم تشعر بنفسها إلا وهي تصرخ بصوت متحشرج : إنت فاكر إني ممكن أقعد في المكان ده دقيقة واحدة بعد اللي عملته .............. إنت فاكرني إيه ............... إنت إنسان وقح فاهم وقح
كانت تبكي بحرقة ............. شعرت أن قدماها لا تقوى على حملها ........... جلست على حقيبتها وعندها جثا على ركبتيه في مواجهتها ثم ناولها محرمة ورقية وتابع : أنا عندي كلام كتير قوي بس عارف إنك مش حتقبلي مني أي كلام دلوقتي فبلاش تفكري فيا .............. فكري في رقية ........... سهيلة ...........طيب بس لغاية ما يولدوا وبعدها إعملي اللي إنتي عايزاه ............ وأوعدك مش حضايقك بأي شكل ............. بس مش حينفع تمشي كده وبالطريقة دي ظلت صامتة تراقب الرمال بعبرات متحجرة وهو يراقبها بقلق ............... لماذا يرهب رحيلها .......هل عشقها ............. لا لا هو فقط يشعر بالغضب مما حدث ............. لا بل هو عاشق متغطرس يأبى مواجهة نفسه ........... عاشق حتى النخاع ........... لم يطق صبراً تابع : أحط الشنطة في العربية
كان ينتظر موافقتها بلهفة ............ بل ربما ينتظر ما هو أكثر فقط تعود معه وبعدها سيخبرها في اللحظة المناسبة أنه يريدها زوجته ................ نعم ستكون زوجته وسيعيش معها لحظات دائمة من الكمال ............ سيمتلك خصلات البندق بعطرها الآخاذ للأبد .............. فمعها هي فقط يشعر بالسعادة
أخيراً تحدثت بعد دقائق طويلة من الصمت ............... كان صوتها هادئاً ............ نبرتها جادة .........بائسة
إيناس : حارجع معاك بس بشرط
زفر براحة ثم تابع : إيه
إيناس : مش حاتكلم معاك تاني أبداً ............. فاهم ...........حتى لو كلمتني مش حارد عليك
كان وقع كلمـ.ـا.تها صادماً ........ صمت لوهلة ثم بدت على ثغره إبتسامة حزينة وهو يقول بدوره بعد أن شعر بقلبه يهوى بين ضلوعه : موافق
إفهميني ..

أتمنى مخلصاً أن تفهمينيربما .. أخطأت في شرح ظنونيربما سرت إلى حبك معصوب العيونو نسفت الجسر ما بين اتزاني و جنونيأنا لا يمكن أن أعشق إلا بجنونيفاقبليني هكذا .. أو فارفضيني ..”نزار قباني

الصمت هو سيد الموقف الآن ................ ظلت تراقب الطريق دون أن تنبس بكلمة كما إشترطت عليه وعلى نفسها ............ هو أيضاً لم ينطق بحرف ........... وبعد حوالي نصف ساعة وصلوا إلى المزرعة .......... نصف ساعة مرت كيوم كامل ................ كانت تستمع لدقات قلبها المرتجفة كلما شعرت بنظراته الموجهة نحوها ...............تركت السيارة دون ان تنظر نحوه وتوجهت مسرعة للفيلا أما هو فظل قابعاً مكانه يسترجع ذكرى ما حدث ................


لم تصدق رقية نفسها عنـ.ـد.ما شاهدت إيناس تدخل من الباب ............ إقتربت منها مسرعة وهي تقول : إيناس .............. إيه اللي حصل ............. إنتي كنتي فين ............. أنا كنت حاتجنن من القلق

ظلت إيناس صامتة لوهلة تتفحص المكان بملامح حزينة ........... إقتربت رقية منها وربتت على كتفها بحنان ثم تابعت : حبيبتي مالك ......... في إيه
رغم إدعائها الصمود إنفجرت إيناس في البكاء على الفور ............... كانت تبكي بحرقة لا تعلم لها سبباً واضحاً ........... هل تبكي بسبب قبلته أم ربما بسبب نظرته العاشقة نحوها أم بسبب مشاعرها التي تحركت رغماً عنها ............ وإنطلقت هائمة خلفها في النهاية كالحمقاء .............. نعم لقد عشقته رغماً عنها ........... عشقته رغماً عن وفائها ............ عشقته رغم جرحه لها ........... رغم غروره .......... جبروته ............. كان يجب أن تهرب من هذا العشق ............ ماذا تفعل ............ لماذا عادت .............. لماذا ؟؟

*************************************

إستيقظت بعد أن نالت سويعات قليلة من النوم ................ كانت رقية قد جهزت بعض الطعام ........ إستقبلتها رقية بإبتسامة حنون و ناولتها الحساء الساخن وهي تقول : تشربي الشوربة كلها ........... إنتي ما أكلتيش حاجة من إمبـ.ـارح ......... الشوربة تجهز معدتك وبعدين تاكلي
نظرت إيناس للطعام وقالت : يا خبر تعبتي نفسك يا رقية وطبختي
رقية بإبتسامة : وفراخ كمان يعني من الآخر أستاهل مكافئة
إبتسمت لها إيناس ثم رشفت القليل من الحساء وتابعت : بجد تسلم إيدك ........... بس علشان خاطري متتعبيش نفسك تاني إحنا خلاص قربنا على التاسع
نظرت رقية نحوها بإبتسامة جادة وتابعت : حصل إيه يا إيناس
إرتبكت إيناس قليلاً ثم تابعت وهي تعبث بطعامها : مفيش يا رقية متشغليش بالك
تابعت رقية بنبرة توكيدية : إيناس إيه اللي حصل خلاكي تسيبي المزرعة ............. إنتي إمبـ.ـارح كنتي كويسة حصل ايه بالليل ؟؟
تابعت إيناس تناول حسائها بإرتباك دون أن تجيب فتابعت رقية بإصرار : إيناس حصل إيه ؟؟ ........... هو حمزة ضايقك ؟! .......... معقول حمزة يضايقك وتسيبي المزرعة بالطريقة دي ............
قاطعتها إيناس على الفور : رقية حمزة ما ضايقنيش بالعكس كان ذوق ومحترم معايا جداً متظلمهوش
رقية : طيب إيه اللي حصل ........ أنا إتخضيت لما صحيت و مالقتكيش ............ حتى خالد شافني قلقانه وإستغرب و ...........
توقفت رقية عن الحديث عنـ.ـد.ما تذكرت ردة فعل خالد ........... قلقه ............ عصبيته ........... إنطـ.ـلا.قه بالسيارة مسرعاً عنـ.ـد.ما علم برحيلها وعودتها بعد ذلك .............. كانت إيناس تراقب ملامحها بتـ.ـو.تر ......... تابعت رقية بعدها إيناس هو خالد هو اللي رجعك ؟
لم تجب إيناس وبدت ملامحها مضطربة تابعت رقية : إيناس خالد هو اللي ضايقك ؟
إيناس : رقية أرجوكي أنا مش عايزة اتكلم في الموضوع ده
رقية : لا يا إيناس لازم تتكلمي ولازم أعرف .............. إيناس إنتي مش مجرد صديقة او صاحبة إنتي أختي وأمانة عندي هنا فاهمة يعني إيه ........... خالد عمل ايه يا ايناس خلاكي تسيبي المزرعة ؟
صمتت إيناس لوهلة ........... كانت تفكر هل تخبرها بما حدث ............حقاً ......... هل تستطيع إخبـ.ـار أي شخص بما حدث ........... إبتلعت ريقها في محاولة يائسة لإخراج الكلمـ.ـا.ت من حلقها ثم تابعت : إمبـ.ـارح شافني بالليل وأنا راجعه مع حمزة وفهم غلط و ...........
قاطعتها رقية بغضب : فهم غلط !!! يعني إيه فهم غلط وهو ماله اصلاً ............. قالك إيه ؟ عمل إيه ؟
إيناس : خلاص بقه يا رقية هو كان سخيف وأنا خلاص مش حينفع أكمل هنا ........... هو بس شهر وجايز أقل كمان أكون إطمنت عليكي وهو شاف بديل وحامشي

شردت رقية قليلاً ........... كانت تفكر بخالد ............ ما الذي يثير إهتمامه أو ربما غضبه في عودتها مع حمزة ........... ومنذ متى وخالد يهتم بأحوال الموظفين بالمزرعة .......... ألم يلقبه حمزة بالبرجوازي كمثال لرأس المال الصارم الذي لا يهتم سوى بنقوده فقط ............ هل من الممكن أن يكون غضبه ........... غيرة !!!!!




هل خالد .............. نظرت نحو إيناس في دهشة لتجدها شاردة بدورها ........... إبتسمت لها وتابعت : هو جه وراكي و إعتذرلك ............
أومأت إيناس رأسها بالإيجاب دون أن تنطق .......... إبتسمت رقية بسخرية ........... خالد إعتذر لأنثى !!!!! ........... هرع خلفها كالمـ.ـجـ.ـنو.ن ليعيدها ........... هو عاشق إذن لا محالة ولكن متى ؟؟؟ وكيف ........ وماذا عنها ........... هل تحركت مشاعرها نحوه ........... أم أنها تعيش حالة من الإضطراب لا مثيل لها ............. شعرت رقية بالشفقة من أجل إيناس ............ جذبت رأسها برقة نحو صدرها وملست على خصلاتها بحنان وتابعت : خلاص يا حبيبتي حصل خير بس اي حد يضايقك مـ.ـا.تهربيش ............ إنتى مش غلطانة علشان تهربي ........... هو اللي غلط .................. أنا صحيح معرفش قالك إيه بس هو اللي غلط وهو اللي إعتذر وإنتي اللي في إيدك تقبلي إعتذاره أو ترفضيه
تابعت إيناس : أنا ما قبلتش إعتذاره ........... أنا حامشي من هنا ........... أنا بس أجلت ده شهر ......... لا أقل من شهر وحارجع أيوة حارجع .

لا تعلم هل كانت تردد الكلمـ.ـا.ت على مسامع رقية أم نفسها ........... نعم ستعود ........... ستنسى خالد وستتخلص من مشاعرها الحمقاء .......... الكاذبة .......... نعم هي ليست مشاعر حقيقية ............ فمشاعرها كانت لشريف فقط ........... خالد سيكون مجرد ذكرى ........... لا ........ بل لن يكون ذكرى فذكراها مع شريف ........... شريف فقط .

************************************


نظر حسن بغضب للورقة بيده وتابع بنبرة ساخطة : رافعة عليا قضية نفقة يا سهام بس أقول إيه أنا اللي أستاهل
ضحكت بإستهزاء وتابعت : الورقة شرفتني بزيارتك اهو
حسن : زيارتي مش حتتقطع يا سهام أنا مش حاسيب إبني ......... ومش حاخرج من حياته فاهمة ......... أنا بس كنت سايبك تهدي
سهام بسخرية : لا والله فيك الخير
حسن : سهام ........... بلاش تخلي محمود يدفع ثمن أخطائنا
سهام : الغلط غلطك إنت يا حسن
حسن : مش لوحدي .......... إنتي إتجوزتيني وكنتي عارفة وضع رقية كنتي عارفة إني مخبي عليها ورحتى قولتيلها ........ وإتحاميتي في الحمل لإنك كنتي عارفة أد إيه أنا كنت مشتاق لطفل ........... كنتي مرتبة تزيحها من سكتك ولكن يا سبحان الله بعد صبر سنين طولة تحمل رقية و الموازين كلها إتقلبت
سهام : فعلا .......... زال سبب جوازنا ورميتني وبعتني رخيص قوي .......... أنا وإبنك
حسن : خدي بالك من كلامك ........... إنتي اللي حفرتي ورا المشاكل
سهام : وإنت راجـ.ـل أناني بتفكر في نفسك وبس
حسن : وإنتي ست أنانية علشان كده معرفناش نعيش مع بعض
سهام : أنانية عشان طلبت حقي فيك !!!!!
حسن : لا أنانية علشان بتفكري في نفسك مش في إبنك ............ زيي بالظبط
إنفرجت شفتاه عن إبتسامة ساخرة ثم تابع : قطبين مغناطيس عمرهم ما حيعرفوا يقربوا من بعض ........... بس وقتها كنت بفكر في حاجة واحدة بس ومكنتش شايف غيرها ............
مسح وجهه بكفيه ثم تابع : من غير محاكم حديكي كل اللي انتي عايزاه .............. علشان خاطر إبني ...........وأتمنى إنك علشان خاطره تبعدي عن المشاكل ........... فكري بالعقل .......... أتمنى إنك بالعقل

قال ما قال وتركها تفكر بكل ما مرت به منذ أن وافقت على تلك الزيجة الفاشلة ...................

********************************

كانت تقف أمام رعد ........... أصبحت همساتها لهذا الجواد الثائر راحتها وسلواها ............. رعد هو من يفهمها ........... يقرأها جيداً .............. معه تبكي دون خجل ........... تضحك دون حساب تفرغ ما في جعبتها من أسرار دون قلق .............. هذا هو حالها منذ ما حدث ...........
نعم
عنـ.ـد.ما أصبح هروبها بداية
وعشقها خطيئة
أصبح منبع سعادتها هو سر ألمها
زهدت الكلمـ.ـا.ت وتحولت حياتها لمجرد همسات
مع الكائن الوحيد الذي لا يجرح
نعم.......همساتها لتلك الجياد
فأصبحت حياتها ........همساً للجياد

**************************

تمر الأيام دون نكهة ............ كم يتمنى أن يُحليها بنكهة العسل ............. يُعطرها برائحة البندق ............. هي قريبة وبعيدة ............ حاضرة وغائبة .............. تمر من أمامه دون أن تراه ............ ما هذا العبث ............ لم يكن هذا هو إتفاقنا ............. الآن عليه أن يرغمها على الحديث وعلى النظر نحوه أيضاً !!!!!!!!!!!!

كانت في طريقها للخروج من الإسطبل وكان هو متوجهاً للداخل يسحب رعد بلطف .......... كعادتها لم تلتفت نحوه .......... بل كان بصرها موجهاً للأرض تمنى لو رفعت بصرها للحظة ........... لا تنظري نحوي فقط أنظري نحو قرص الشمس الأحمر ............. إشتقت للون العسل بمقلتيك ........... ولكن دون جدوى تختطه وكأنه غير موجود ولم تنظر لشئ لا هو ولا قرص الشمس وكأنها عمياء عن طلته خرساء من أجله هو فقط .............

ماذا دهاه أجنون قيس أم حماقة روميو ................. لقد إعتاد الحصول على مبتغاه وقتما يريد ............. وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ............. كما إعتاد دوماً ........ أسيسقط أسيراً لعشق إمرأة ............ هو بعنفوانه وقوته ........... لا يجوز ................ ومرة أخرى كانت بالإسطبل ........... تلك المرة كانت مع سهيلة ........... دخل الحجرة وبدء حديثه بصوت أجش يصطنع القسوة خشيةً أن يُظهر ضعفه ......
خالد : سهيلة عاملة إيه
كعادتها لم تجبه ولم تنظر نحوه فقط أشارت له بيدها أن الفرسة بصحة جيدة ............. زفر بغضب ثم تابع : ناقص قد ايه تقريباً على الولادة ؟

شعرت بالضيق لإصراره على فتح محادثة ونقض عهدها معه ........... أشارت له بأناملها مرة أخرى برفع سبابتها وإصبعها الأوسط برقم إثنان
رد بغضب : إتنين إيه ........... أسبوعين يعني ما تردي عليا يا دكتورة .......... أنا مش بهظر أنا بسألك في شغل
نظرت نحوه بحده ........... بدت عيناها لامعة من الغضب ............ كادت أن تقتحم إبتسامة ماكرة ثغره ......... على الرغم من كل شئ شعر بالسعادة لمواجهة شعاع العسل الثائر بمقلتيها .............. تابع بنفس نبرته الجادة : أعرف أنا تفاصيل الشغل إزاى دلوقتي

دون أن تنطق أخرجت من حقيبتها بعض الأوراق وناولته إياها ........... كانت تقارير مكتوبة جهزتها خصيصاً من أجله ............ أعطتها له وخرجت دون أن تنتظر رده .......... تصفح الأوراق وتتبعها بنظراته وهو مغتاظ من تصرفها ............ ومعجب به بنفس الوقت ............. هو عاشق رغماً عنه .

******************************

منذ أن أبرمت إتفاقها مع حمزة وهي تنتظر ظهوره ............... إختفى الأحمق .............. تبخر كالزئبق منذ أن هرب من محبسه ............. ماذا ستفعل الآن ...............الأيام تمر ويجب عليها أن تستغل بركان حمزة الثائر قبل أن يخمد ولا تستطيع تنفيذ خطتها وحدها خاصةً أن لا تضمن ردة فعل حمزة عنـ.ـد.ما يعلم حقيقة نواياها ........... وسوف يعلم فقد أخبرها أنه سيرافقهم للإسطبلات ليتأكد بنفسه من إدعائها ............. زفرت بضيق ونظرت للساعة فوجدتها قاربت على الثالثة صباحاً ........... حاولت أن ترغم نفسها على النوم وبالفعل جافاها النوم بعد وقت ليس بقليل ولكن طرقات ملحة على الباب أيقظتها بفزع ........... انها الرابعة فجراً ............ إقتربت بحذر من الباب ................. لم تصدق نفسها ............. أخيراً ظهر كريم .


تهاوى على الأريكة ثم قال بصوت بائس : البوليس لسه مراقب البيت خاطرت وجيت بمعجزة
إقتربت منه ثم إحتضنته بحنان وتابعت : وحـ.ـشـ.ـتني قوي ........ إنت كنت فين
أخرج لفافة تبغ ونفثها في الهواء ثم تابع : عند واحد معرفة وخلاص ظبطني في اللي بتمناه ........... حخلص وحيسفرني بره البلد ............. حتيجي معايا ؟؟
كارمن : اجي ......... حاقعد اعمل ايه
كريم : تمام ............. يبقى حنخلص مع خالد وبعدين نخلع
نظرت نحوه بتساؤل : حتعمل ايه ؟؟؟
كريم : بوم ........ حخليها نار
كارمن : نار ...........نار إيه
كريم : حاولع في المزرعة .

*****************************

غادر كريم ............ غادر بعد رتبا أركان خطتهما جيداً ووقع عليها الشيطان في النهاية .......... تتذكر جملته الأخيرة بدقة ............ أخيراً بقيتي مفيدة يا كارمن ............ نعم مفيدة ولكن من أجل نفسها تلك المرة ......... هو يستحق ........... لن تأخذها به شفقة أو رحمة ........... هل رحمها هو سالفاً لترحمه الآن ............ بماذا تهذي أيها القلب الأحمق ........... هو غارق في ملذاته مع الطبيبة الحسناء ............ وهي لم تعد من ضمن إهتمامته فقد نال ما أراد وقتما أراد ولكن الآن حان وقت رغباتها هي ...........نعم رغباتها هي فقط .


في الصباح إسترجعت بعقلها الخطة مرة أخرى ............ سيُدخلهم حمزة للمزرعة ليلاً وسيأتي كريم بصفة البيطري لحبك روايتها التي إدعتها أمام حمزة ........... لن يستغرق الأمر أكثر من نصف ساعة ........... سيقوم كريم بتسميم كل الجياد .......... نفس نوعية السم التي إستخدمها المدعو مجدي مع الحصان أدهم ولكن تلك المرة من أجل الجميع ............. بعدها سيبدأ هجوم من نوع آخر ............ عشرات الرجال الذين إستأجرهم كريم سيهجمون كالتتار على الجزء الآخر من المزرعة وستأكل النار كل شئ ............ستلتهم الأخضر واليابس ........ محصول العام ومجهود العمر سيتلاشى في لحظات ............... إبتسامة شريرة طغت على حُمرة الكرز بشفتيها ........... خطة محكمة ولكن هناك عائق واحد ........... حمزة !!!!!!!!
أيقظها أنين متقطع ................... نظرت في الساعة فوجدتها الثانية صباحاً .............. خرجت من غرفتها مسرعة لتجد رقية تمسك ببطنها وتتحرك حائرة بين غرفة نومها ودورة المياة ............
إيناس : مالك يا رقية في ايه ؟
رقية : مفيش يا حبيبتي ........... ده شوية مغص
إيناس بقلق : رقية متأكده إنه مغص ..........
رقية : يعني ايه
إيناس : لحسن تكون ولادة
أمسكت رقية ببطنها المنتفخ مرة أخرى وهي تتمتم في قلق : وووولادة .............. إيناس : إنتي بقالك حوالي عشر أيام في التاسع ........... بدري شوية بس بجد ممكن تكون ولادة
رقية بصوت ضعيف : اااااااااااااااااااه
إيناس : إيه ............ الوجع زاد
أومأت رقية برأسها دون أن تنطق وبدأ العرق يتسلل بخبث إلى جبهتها .............. صمتت إيناس للحظات حتى تستعيد تركيزها ثم شرعت سريعاً في إرتداء ملابسها وهي تقول : أنا حالبس وأساعدك تلبسي وكلمي بشمهندس حسن يرتب مع الدكتورة .............لازم نروح على المستشفى ........... بدت ملامحها قلقة ورددت كلمـ.ـا.تها بنبرة مرتعشة : مستشفى !!!! حاولد ........
إقتربت منها إيناس وأحاطت وجهها بكفيها لتهدئتها ثم تابعت : ششششششششششش .............. إهدي ........... حنبقى ثلاثة .......... هه .............ثلاثة
إبتسمت لها رقية وترقرقت العبرات بعيناها .......... تابعت إيناس : أنا حساعدك في اللبس وبعدين حاكلم البشمهندس ............. تمام
أطاعت رقية إيناس وشرعت في إرتداء ملابسها وبعد حوالي نصف ساعة كانت سيارة خالد تنطلق بهم مسرعة نحو المشفى ....... حسن يجلس متـ.ـو.تراً بجانب صديقه وإيناس تمسك بيد رقية وتجفف عرق ألمها الذي إشتد عليها مع مرور الوقت .......
***********************

نظرت الطبيبة لرقية بإبتسامة وتابعت : البشمهندس قلقان قوي نزلني وش الفجر ولسه بدري
إيناس : يعني مش حتولد دلوقتي ؟
الطبيبة : قدامنا كام ساعة .............. خرجت الطبيبة من الغرفة وكان حسن بالخارج يقف متلهفاً : خير يا دكتورة
الطبيبة : خير يا بشمهندس متقلقش .............. أنا حاستنى ثلاث ساعات بس اذا الرحم مافتحش زي ماقلتلك قبل كده حاولدها قيصري
حسن : يعني هي صعب تولد طبيعي
طبيبة : كله بإيد ربنا .......... بس إنت عارف ظروف السن وكمان بكرية .............القيصري إحتمال أقرب لكن برده تاخد فرصتها ........ عنئذنك
ربت خالد على كتف حسن قائلاً : متقلقش .......... حتقوم بالسلامة إن شاء الله
حسن : أنا متشكر قوي يا خالد تعبتك معايا وقلقت نومك بس فعلا مكنتش قادر أسوقخالد : إنت بتقول إيه يا حسن إنت عشرة عمر .........إبتسم حسن لصديقه وظل يراقب غرفة زوجته بقلق ويستمع لأنينها الذي زاد مع مرور الوقت ...........
وكما توقعت الطبيبة تم إدخال رقية لغرفة العمليات لإجراء جراحتها القيصرية ............. وبقي ثلاثتهم ينتظرون خروجها ............. حسن يقف منزوياً بأحد الأركان بملامح من القلق وإيناس جالسة على أحد المقاعد بوجه شارد وخالد يراقب كلاهما وإن كانت إيناس صاحبة النصيب الأكبر من نظراته .............. إقترب منها وجلس على المقعد بجانبها ثم قال لها بنبرة حانية : شكلك مجهد ........... أجيبلك قهوة أو شاي
إبتسمت بحرص وحركت رأسها بالنفي دون أن تنظر نحوه ............ لم يتحدث بعدها .......... أسند رأسه إلى الوراء وأغمض عينيه.

شعرت بالحرج عنـ.ـد.ما لمست من أنفاسه المنتظمة أنه غفا على المقعد المجاور لها ............ بدلت مكانها وجلست في المقعد المقابل ............ رغماً عنها شرعت تتأمل ملامحه النائمة .........بشرته الداكنة ............حدة عيناه التي غلبها النوم............ أنفه المستقيم ............ فمه القاسي .............للحظة شعرت أنها إفتقدت النظر نحوه ............. إفتقدته ..........تداركت نفسها سريعاً وتحاشت النظر إليه فآخر ما توده هو أن يضبطها متلبسة بجرم تأمله .

************************
وصل أخيراً ...............مضيئاً كالبدر ........... يبدو كالملاك النائم ........... قبل حسن جبهته في حنان وإبتسمت إيناس بدورها وتابعت : مبروك يا بشمهندس
حسن : الله يبـ.ـارك فيكي يا دكتورة ............. ها شبه مين
إيناس : لسه مش باين
حسن : مش باين إزاي ده شبهي بالمللي ............. في تلك اللحظة دخل خالد للغرفة فتابع حسن بنبرة فرِحة : صح النوم ............. تعال شوف خالد الصغير
إقترب خالد منهم ونظر معهم نحو الصغير المستلقي بآمان في فراشه ثم تابع : خالد مين ده حسن الصغير ........... ده إستنساخ ولا إيه
حسن : طيب ورينا شطارتك وهاتلنا نسخة تانية منك
إبتسم خالد بمكر ثم تابع : والله نفسي
أصابها الإرتباك من نبرته تابعت على الفور : هي رقية حتخرج إمتى
حسن : الدكتورة بتقولي ربع ساعة وبالفعل بعدها بفترة جاءوا برقية التي كان وجهها شاحباً وغائبة عن وعيها ............. أمسك حسن بيدها في قلق فقالت الممرضة على الفور : متقلقوش ............ معلش شوية وحتفوق من البنج ............
بالفعل بدأت رقية تفيق بعد دقائق ............ كانت تهذي بكلمـ.ـا.ت غير مفهومة ........... ظلت إيناس بجانبها وحسن أيضاً وإنسحب خالد وإنتظرهم بالخارج . أخيراً عادت للواقع ............ نظرت بشوق لفراش الصغير وقبل أن تنطق أحضرته لها إيناس وهي تقول بإبتسامة : زي القمر ........... ما شاء الله .

******************************


الأمومة
تلك الغريزة الفطرية التي إختص الله عز وجل بها الأنثى ........... منذ نعومة أظافرها تحتضن دميتها بحنان ............. تعتني بها وكأنها مشروع أم صغيرة ......... يقال أن الأمومة من أقوى غرائز المرأة وأروعها على الإطـ.ـلا.ق .............
إحساس رائع ............ قرأت عنه ........... تمنته ........... تملك عالمها ................ولكن ما تشعر به الآن يختلف عن كل ما مرت به ............... عن كل ما رغبته وتصورته وتركت لخيالها العنان من أجله .
مشاعر غامضة إجتاحتها بمجرد أن إحتوته بين أحضانها ........... سعادة وخوف وبهجة ورهبة وسكينة وقلق ودقات قلب متسارعة وواقع إنفصلت عنه عنـ.ـد.ما قربته من نهدها لينال رزقه الذي قسمه له الخالق عز وجل ........... شعرت بضعفه ............ بإحتياجه الشـ.ـديد إليها ............ بسكينته قُرب قلبها ............. بعبق أنفاسه التي كانت أفضل من رائحة المسك والعنبر مجتمعين ............. حالة غامضة من المشاعر ............. عشق من نوع آخر تتهاوى أمامه أشهر أبيات الهوى و أقوى دواوين العشق ...........
إبتسمت برضا وأغمضت عيناها لتستمع بأول لحظات أمومتها .............. ************************

خرجت إيناس من الغرفة وأغلقت الباب خلفها بهدوء ......... توجه حسن نحوها قائلاً ناموا ؟
إيناس : أيوة الإتنين
حسن : طيب كويس .........برده رقية محتاجة ترتاح .............. بجد يا جماعة أنا متشكر ليكم جداً تعبناكم معانا
خالد : مفيش تعب ولا حاجة .......... هي حتخرج إمتى ؟
حسن : علشان قيصري حتقعد في المستشفى ثلاث أيام
إنتبهت إيناس وتابعت : كده حتحتاج هدوم زيادة ليها وللبيبي
حسن : أنا دلوقتي حاروح أجيبلها كل اللي هي محتاجاه
خالد : تروح فين خليك جنب مراتك وإبنك ............ أنا حاخد إيناس أرجعها المزرعة وهي حتجهز الحاجة وحابعتهالك ..........
حسن : مش عايزين نتعب الدكتورة أكثر من كده
إيناس : يا بشمهندس تعب ايه بس ............ كمان رقية حاجتها وحاجة البيبي عندي
خالد : خلاص يبقى حنمشي إحنا دلوقتي .......... عايز حاجة تانية
حسن : سلامتك يا حبيبي
خالد : تمام ....... يلا دكتور .......... توجه بعبـ.ـارته نحوها وظل منتظرها فأومأت رأسها بالإيجاب وغادرت معه عائدة للمزرعة ..........
وكعادتهما كانت لحظات الصمت هي زاد الطريق ............ صمت قطعه هو بصوت هادئ قائلاً : جهزي الحاجة وأنا حابعتلهم السواق بيها على المستشفى .............. قبل ما تعترضي الساعة داخلة على تسعة وإنتي منمتيش من إمبـ.ـارح ......... رجوعك مجهود على الفاضي
كان إقتراحه هو الأكثر منطقية خاصةً أنها بالفعل متعبة وتحتاج للنوم وغالباً سينال حسن قسطاً من الراحة بدوره ...... أومأت رأسها بالموافقة وظلت تراقب الطريق حتى وصلا وبعد أن جهزت حقيبة الملابس وأخذها السائق تهاوت على الفراش وغطت في نوم عميق بعد لحظات ..............
******************************** نظرت كارمن نحو كريم بحدة وقالت وهي تراقب ساعتها : زمانه على وصول ............ زي ما إتفقنا يا كريم .......... خد بالك من كلامك معاه مش عايزاه يشك في حاجة
كريم : خلاص فاهم ............... بس هو الواد ده آخره ايه
كارمن : يعني ايه مش فاهمة
كريم : هناك يا ماما حيعمل ايه لما يشوفني بحط السم
كارمن : وهو حيعرف منين انه سم نبقى نقوله اي حاجة ............ علاج ............ تحليل إنت بتعمله
كريم : مش حيصدق طبعاً ..............عموما الواد ده أهميته إنه يدخلنا بس أوصل وساعتها مفيش قوة على الأرض حتوقفني عن اللي في دماغي
نظرت نحوه بقلق ............ لا تعلم لماذا شعرت بإنقباض شـ.ـديد ............ قررت تجاهل قلبها الأحمق وتابعت : هو حيدخلنا بدري علشان محدش يشك وحنستنى عنده في البيت
كريم : كده أحسن فعلا ............ هو قالك جاي إمتى إتأخر
إبتسمت بآسى : هانت يا كريم ............ هانت
***********************

هل حقاً الغاية تبرر الوسيلة ............. وما هي غايته إنقاذها كما يدعي أم فقط هو يكرهه ............. نعم يكرهه ويتمناه عاصياً ......... مخطئاً ......... مجرماً يستحق العقاب ............... عبث .............. كلما هدأ قليلاً تقفز صورة القبلة الآثمة لخياله فتؤجج البركان بصدره من جديد ............

إستقرت كارمن بجانبه في السيارة .............. كانت متأنقة بشـ.ـدة .............. ترتدي لونها المفضل .......... تبدو كشعلة نار متأججة ............ حمرة شفاها طاغية .............زرقة عيناها مفرطة .............عطرها المثير إخترق أنفاسه ........... زاحم الهواء للوصول إلى صدره ............ إنتابه شعور خانق ......... هرب بأنفاسه نحو الهواء الطلق وفتح نافذة السيارة على مصراعيها لتحتل النسمـ.ـا.ت المنعشة الأجواء من جديد ........... كان الآخر جالساً بالخلف ........... رمقه بنظره بـ.ـاردة وإبتسامة صفراء ............ وبدأت كارمن التعارف و أنهته بإقتضاب ............. دكتور وائل ............ المهندس حمزة ..............

************************************




فتحت عيناها وتجولت ببصرها في أنحاء الغرفة في محاولة لإستعادة ذكرى ما حدث .......... إبتسمت بيأس عنـ.ـد.ما إكتشفت أن الساعة قد تعدت السابعة مساءاً .............. لقد غطت في سباتٍ عميق وطويل ........... يا إلهي عشر ساعات !!!!!! زمت شفتيها ............ ستظل إذن مستيقظة حتى الصباح ............... نهضت من الفراش ثم هاتفت رقية بالمشفى للإطمئنان عليها وبعدها قررت الإستمتاع بحمام دافئ ووجبة شهية ........... كانت تعد قهوتها الساخنة عنـ.ـد.ما لمحت القمر المكتمل ............ تود حقاً أن تخرج للحديقة ولكن ............... خالد .
خشيت أن تلتقي به مصادفة ............... نظرت للساعة فوجدتها قد تعدت الحادية عشر مساءاً ............. ربما نام مبكراً ........... نعم بالتأكيد نام فهو لم يغفو بحماقة مثلها ومارس بعض العمل ........... لقد سمعته وهو يحادث أحدهم بالهاتف عنـ.ـد.ما كانا في طريق العودة ............ كان يخطط لبعض الأعمال ............ حسناً ربما يحتضن فراشه الآن بل من المؤكد ............. خرجت بهدوء ونظرها يسبقها نحو حديقته ............ تنهدت براحة عنـ.ـد.ما إلتمست الهدوء والأضواء الخافتة ........ لقد صدق حدسها تلك المرة ............. ليلة تبدو مميزة ........... قمرٌ مكتمل ........ مثل تلك الليلة التي هاجمه فيها الأشقياء وكادوا أن يفتكوا به .............. شعرت بإنقباض ............ قلق أفسد عليها أمسيتها . خاصة أن عيناها كانت تراقب حديقته بترقب خوفاً من أن يباغتها بحضوره كما جرت العادة ............ تذكرت أول مرة رأته ............ إبتسمت ساخرة عنـ.ـد.ما أيقنت أنها ترتدي نفس الثوب الذي كانت ترتديه ليلتها .............. تذكرت أيضاً ليلة أخرى .............. عنـ.ـد.ما غاصت دون وعي ببحر نظراته وبادلته قول البصر لدقائق ........... ذكرى إرتباكها وهروبها بتلك الليلة تزامنت مع رؤيتها لكوب قهوتها المفقود على طاولة حديقته ............ إرتجفت شفتاها عنـ.ـد.ما ميزت كوبها المفضل وأيقنت أنه إحتفظ به ................... بدت ملامحها منقبضة ........... عيناها مغمضة ............. لماذا تفعل بي ذلك ............ هذا يفوق إحتمالي ............ يفوق إحتمالي ...............


*****************************


نظر حمزة نحو كريم بريبة وبدأ الحديث قائلاً : إنت تعرف كارمن من زمان
إبتسم كريم ببرود ثم وضع لفافة التبغ بفمه دون إكتراث وظل يبحث بيأس بين جيوبه عن قداحته .............. فوجئ بيد حمزة أمام فمه وبها ثقاب مشتعل ............ أشعل لفافته ونفث دخانها بإبتسامة ماكرة ثم تابع : إنت بتدخن
حمزة : مبطل بقالي سنتين بس إتعودت يبقى معايا كبريت
كريم : ده من حظي
حمزة : مقولتليش تعرف كارمن منين
- وائل يبقى جاري في العمارة
قالتها كارمن بنبرة صارمة وهي تتوجه نحوهم بعد تركها لهم لدقائق لتجلس منفردة بالشرفة
إبتسمت بإقتضاب وتابعت : ومشكور قرر يساعدني
صمت حمزة قليلاً ثم باغت كريم بتساؤل آخر : وتفتكر يا دكتور ليه خالد ممكن يعمل كده .......... يغش ويزور في السلالة !!!! شئ غريب تابع كريم بثقة : الفلوس .......... هو في سبب غيرها
حمزة : بس خالد إبن ناس ومش فقير
كريم : كلنا ولاد ناس وبعدين عادي أغلب الحـ.ـر.امية أغنياء
لم تكن كارمن مطمئنة للحوار قاطعتهم بثقة مصطنعة : حمزة الساعة عدت 12 دلوقتي ............ نتحرك
حمزة : لا حنستنى ساعتين كمان أضمن
كريم : إيه كارمن إنتي نسيتي ولا إيه إتفاقنا مع االبشمهندس على الساعة 3 الفجر وأنا شايف إن الوقت ده مناسب جداً
كان كريم يتحدث ويوجه لها نظرة ذات مغزى إستدركت معناها عنـ.ـد.ما تذكرت الجزء الثاني من الخطة ورجال كريم الذي رتب معهم موعد الهجوم ليكون في الثالثة والنصف صباحاً ........... التوقيت مهم للغاية قرأتها في عيونه دون أن يتحدث ........... تابعت بنبرة ماكرة : عندك حق يا وائل ............ أنا مش عايزة حد يعرف إنك ساعدتني يا حمزة ومش حاستحمل إن خالد يإذيك
غضب حمزة من جملتها الأخيرة وتابع : أنا مش خايف من خالد يا كارمن ........... الحكاية كلها إن كلامك خطير ولازم أتأكد منه ودي الطريقة الوحيدة للأسف ........... عموماً 2 أو 3 مش فارقة ........ وقت ما تعوزوا حنتحرك ...........
تركهم وتوجه للشرفة كان يشعر من داخله أنه يرتكب خطأ جسيم ........... خيانه ............ لطالما كره الميكافيلية بكل أشكالها و صورها ولكن ماذا لو كانت محقة .......... ألم تكن محقة من قبل ......... وكان هو الأحمق ........... كان عليه أن يتأكد ........... كان بحاجة لصورة مكتملة وهذا هو السبيل الوحيد .***************************



ظلمة الليل قاربت على الإنقشاع ........... مثل ظلمة عقله ........... إنطلقت السيارة بثلاثتهم نحو الإسطبلات .......... نحو الحقيقة ........... نحو النهاية كما يرسمها عقل كل منهم ........... كلٌ على هواه ................
ترجل حمزة من السيارة ليجد كريم قد سبقهم وتوجه مسرعاً بحماس نحو مدخل الإسطبلات ........... كانوا ثلاثة ........... دخل كريم أولهم وخلفه كارمن وحمزة ...........
كارمن : الدنيا ضلمة قوي
حمزة : النور من هنا ..........
أشعل حمزة الأضواء
كريم : أيوه كده ............الله ينور يا بشمهندسحمزة : الخيل شكلها عادي .........كلهم شبه بعض ولا إنت شايف إيه !!!!!
لم يعره كريم إنتباهاً وتوجه بعزم نحو أحواض المياه وبدأ بإفراغ مادة بيضاء بداخل الأحواض ثم بدأ يحث بعض الخيل على الخروج للشرب ويملأ السطول أمام البعض الآخر ............ ما يفعله لجّم حمزة لدقائق ثم إستدرك نفسه وتابع بصوت زاعق : إنت بتعمل إيه ؟
ردت كارمن مسرعة : إستنى بس يا حمزة ......... ده شغله وهو فاهم يعمل ايه
حمزة بدهشة ممزوجة بالغضب : شغل إيه !!! ......... وقف عندك ورد عليا
رمقه كريم بنظره مخيفة وتابعت كارمن وهي تجذبه من ذراعه للخارج : طيب تعال بس وأنا حافهمك ..........
تخلص حمزة من قبضتها بغضب ثم توجه نحو كريم يحدثه بغضب : إنت يا بني آدم رد عليا ........... إيه اللي حطيته في المية ده
................. هشششششششششش هشششششششششششش
كان يبعد الخيول بعزيمة كي لا تقترب من المياة ............. نظر نحوه كريم بحده ثم باغته بدفعة قوية أسقطت حمزة أرضاً بجانب كومة من العلف ثم تحركت شفتاه بشراسة كشفت عن قبح أسنانه الصفراء : بقولك ايه يا شاطر أنا مش ناقص عيل خرع زيك يبوظ اللي في دماغي
قال جملته ثم صوب مسدس أخرجه من طيات ملابسه نحو حمزة في تهديد صريح ...........
شهقت كارمن بفزع : كريم ............ لأ
كريم : خليه يتلم لسه ناقص إسطبليننظر حمزة نحوه بصدمة : كريم !!!!!!!!!!!!!!! ...........كارمن ببأس : أيوه كريم ......... أخويا ........... اللي إتسجن بسبب خالد ........ فوق بقه ............ كله بسبب خالد .......... وإنت فقدتك حبيبتك بسبب خالد ............ آن الآوان يدفع الثمن ........... كله حيضيع .......... الخيل حتموت والمزرعة حتولع نار ........... وريح نفسك ........... مفيش في إيدك حاجة تعملها
كان حمزة ينظر نحوها في صدمة ........... شعر وكأنه سقط ببئر غويط بجوف الأرض ........... أعاده صوت كريم للواقع وهو يقول لها : مفيش وقت ......... شوفي حبل أكتفه بيه ............ الرجـ.ـا.لة خلاص حتهجم كمان تلت ساعة ولسه بقية الخيل ........مرت دقيقة ............ هي تبحث عن قيد وفوهة السلاح متجهه نحوه وكريم سيطـ.ـلقها دون تردد لو تقدم خطوة واحدة .......... يتحدثون عن رجال .......... حريق ............ تذكر يوسف ......... نيرمين .........عمر ...........رقية ...........حسن ......... إيناس ........... إعتصر عقله بيأس ........... هم على بُعد دقائق من الفزع .......... الذعر ........... الهروب العشوائي .......... لمعت عيناه ......... لمح كريم إبتسامة عابثة إرتسمت على ثغره ........... ما بُني على خطأ فهو خطأ ........... ولا سبيل للصواب مع هذا الخطأ ............ خطأ أخير عليه أن يرتكبه ليصلح كل ما فات .............. أشكرك كريم ........ دون أن تدري قدمت لي الحل على طبقٍ ذهبي متوهج ............ النار ........




قبل أن تختفي إبتسامته العابثة من على وجهه وقبل أن يوقن كريم سببها ............ أسقط حمزة عود الثقاب المشتعل على كومة العلف بجانبه ........... ربما هو لا يفقه شيئاً عن الجياد ولكنه يعلم جيداً عن خوف الحـ.ـيو.ان من النار . تسمر كريم مكانه وهو يراقب شعلة اللهب التي كانت تتحول بفعل العلف والأخشاب بالإسطبل لحريق هائل فزعت منه الخيل وهمت بالهروب غير عابئة بماءٍ ولا طعام ........... غيظ وغل شـ.ـديد إجتاحه ............ وجّه سلاحه بغضب نحو حمزة ولكن في خضم الفوضى وعشوائية الجياد إستطاع حمزة أن يقذف بنفسه خارج الإسطبل دون أن تصيبه رصاصة كريم ...........
كارمن أيضاً أصيبت بحالة من الذهول وعنـ.ـد.ما إستدركت ما يحدث وحاولت الهروب إصطدم رأسها وفقدت الوعي وإنشغل كريم بسحب جسدها من جحيم النيران وثورة القطيع الهائج .............. وفي النهاية إستطاع حمزة تحرير باقي الجياد من باقي الإسطبلات ودفعهم للهروب قبل أن يصل إليهم كريم وساعدته النيران التي إلتهمت الإسطبل الأول فأطلقت الحـ.ـيو.انات سيقانها للريح فزعاً من اللهيب ........... ومثلها إنطلق بدوره مسرعاً بسيارته نحو الجزء الآخر من المزرعة لتنبيه الجميع............ يد تحرك المقود بإرتباك ويد تهاتف الشرطة ..........
نظر كريم حوله في غضب فلم يجد غير عفر حوافر الخيل الجامحة ............. صرخ بغيظ وأقسم بقـ.ـتـ.ـله ........... سيزهق روحه حتماً .............
***********************

كانت إيناس تعلم أنها لن تستطيع النوم حتى الصباح .......... جلست أمام التلفاز رغبةً في تشتيت أفكارها ولكن دون جدوى ................. ما زالت متخبطة بشأن مشاعرها ومشاعره أيضاً ............ الساعة تعدت الثالثة فجراً ............ قررت إرغام نفسها على النوم ولكن صوت غريب أفزعها ......... ماهذا !!!
يبدو كصهيل .......... لا بل ركض ....... وكأنه قطيع هائج على وشك إقتحام المكان ...........خرجت مسرعة دون تفكير وأهالها ما رأت ............ قطيع ثائر من الجياد يركض بذعر ........ قبل أن توقن أنهم يتقدمون نحوها جذبها خالد بعيداً عن طريق الحـ.ـيو.انات الراكضة ليسقط كلاهما وأحاطها هو بجسده بغرض حمايتها .............
إختفى الصوت ........... وإبتعد هو عنها ولكنه سألها بقلق : إنتي كويسه
نظرت حولها في ذهول وخرج صوتها مرتعشاً : هو إيه اللي حصل
ضـ.ـر.ب الأرض بكفه .......... هو لا يعلم ماذا حدث ........... لا يعلم شئ ............ لقد سمع الصوت بدوره مثلها وخرج مذعوراً ليجدها تقف بطريق الجياد الجامحة ........... دفعها ودفع نفسه بعيداً عن القطيع قبل أن يُدهس كلاهما .......... صراخها قطع أفكاره ......... أشارت بذعر نحو وهج بعيد وهي تقول : حريق
لا يدري ماذا أصابه ........... كان صامتاً كالصنم .........إستدرك نفسه عنـ.ـد.ما سمعها تقول بذعر : سهيلة .......... سهيلة مش حتقدر تجري ........... رعد
قبل أن تكمل جملتها هرع كلاهما للسيارة وإنطلق خالد بسرعة البرق نحو الإسطبلات ...........*****************************


نظر كريم لكارمن الفاقدة للوعي بغيظ وبدأ يحرك وجهها بغرض إفاقتها قائلاً : كارمن ........... فوقي ............... فوقي بقه يا ريتني ما سمعت كلامك .......... الغـ.ـبـ.ـي بتاعك بوظ الدنيا أخرج هاتفه بغيظ وتحدث لأحدهم :إنتم فين ........... 5 دقائق !!!!!! ......... إنجز مفيش وقت ........... عايزها نار
زفر بغضب وعاد يحركها بعنف أقوى ولكن لفت إنتباهه ضوء سيارة قادمة .......... سحبها وإنزوى بعيداً ليرقب القادم ......... عندها عادت إبتسامته .......... إنه خالد .
كانت إيناس تضع يدها على صدرها لتهدئ من دقات قلبها المضطربة ..........مضطربة كأنفاسه ............. أنفاسه اللاهثة كلغو عقله ............ عقله الذي كاد يفقده كما إختفت الدماء من عروقه المتصلبة ........... إرتخت قبضته المتشبثة بالمقود عنـ.ـد.ما وصلا ............ هتفت إيناس : الإسطبل اللي فيه سهيلة ورعد سليم ........... هرعت للداخل وهو خلفها ولكن بعد أن رمق الإسطبل الآخر أو ربما بقاياه بغيظ ...........
دخلت إيناس لتجد الفرسة المسكينة منزوية بأحد الأركان ........... كان جلياً أنها لم تقوى على الركض والأسوء رعد ............ الحصان المسكين كان يتحرك بفزع .......... بذعر يتخبط بكل شئ ........... إقترب خالد سريعاً من رعد وشـ.ـد لجامه وهمس بأذنه لتهدئته على الرغم من إضطرابه الشـ.ـديد ثم سحبه للخارج وسحبت هي سهيلة بدورها وقبل أن يفكر أحدهم بالخطوة التالية وجدوه بإنتظارهم وعلى ثغره إبتسامة بائسة
بدت أعين خالد لامعة من الغيظ عنـ.ـد.ما رآه .......... قال بحنق : كريم
رد كريم بنبرة بـ.ـاردة : حيكون مين غيري
خالد وقد بدا غيظه جليا : اه يا كـ.ـلـ.ـب يا .............
خطا خالد نحوه للكمه ولكن إستوقفه كريم بعد أن أشهر سلاحه بوجهه قائلاً : عندك
خالد : بتتحامى في مسدس يا ابن مختار
كريم : متستفزنيش ........... أنا مش عايز أموتك .......... أنا عايز أشوف الحسرة في عينك بعد ما أضيع منك كل حاجة رغماً عنه بدت عيناه خائفة ............ قلقة
تابع كريم بنبرة المنتصر : دلوقتي الرجـ.ـا.لة بتوعي حيخلصوا ....... النار حتاكل كل حاجه ......... محصولك ........ أرضك وكمان الخيل بتاعتك اللي طلعت تجري
تمكن الغيظ من خالد ولم يبالي بسلاح كريم تقدم نحوه بغضب وهو يسبه ولكن كريم أطلق رصاصة بجانب قدميه لإفزاعه وتابع : عندك ......... المرة الجاية حتكون في قلب الحصان بتاعك
قال جملته ببأس وتوجه ببصره نحو رعد الذي تملك منه الذعر من صوت الرصاص ............. شهقت إيناس بفزع بدورها ........... كانت تراقب ما يحدث بقلب مضطرب كاد أن يتوقف عنـ.ـد.ما أطلق كريم رصاصته .......... رمقها كريم بنظرة بـ.ـاردة وتابع : وحضرتك تبع مين بقه
أجاب خالد بحنق : مالكش دعوة بيها
كريم : أدينا بنتسلى على بال ما مزرعتك تتحرق ........... حد يلاقي حاجة حلوة كده وميتسلاش
كانت نظرته الثانية نحوها دنيئة ...........وقحة ............ أغضبت خالد بشـ.ـدة وتقدم لتحطيم فكه غير مبالي ولكن صراخ إيناس خوفاً عليه شتت إنتباهه وعندها أطلق كريم رصاصة أخرى في الهواء أفزعت رعد المسكين وقبل أن يعي خالد ما يحدث وقبل أن يفرغ كريم من تهديده الجائر بأن رصاصته القادمة حتماً ستكون بقلب جواده الأسود ............ كان أقدام رعد بصدر كريم ووجهه تركل في فزع ...... ذعر .......... ليسقط صريعاً على الفور ........
صرخت إيناس من هول ما رأت وسحب خالد رعد بعيداً عن جثة كريم وملامح الصدمة بادية على وجهه ........ حالة من الذهول إجتاحت كلاهما .............. سكون قطعه صراخ كارمن التي كانت تتقدم بإرتجاف نحو جثة أخيها وهي تصرخ : كرييييييييييييييم كانت كارمن قد إستعادت وعيها ببطء على صوت أول رصاصة .......... من بعيد رأت خيال أشخاص وقبل أن تستدرك ما يحدث رأت الجواد وهو يقفز على كريم ليقضي عليه في لحظات وخالد يراقبه .
نظرت نحو خالد بحنق وتابعت بنبرة مضطربة : ليه ........... ليه
خالد : ليه !!!!
كارمن : حتى كريم ضيعته مني ............ ضيعتني ........... وبابا مـ.ـا.ت زعلان مني ......... ودلوقتي قـ.ـتـ.ـلت كريم
لم يجبها خالد كان ينظر نحوها في ذهول ............. غضب................. غيظ ............. شفقة لمشاهدتها نهاية أخيها البشعة ............ أجاب بإقتضاب : أنا مقـ.ـتـ.ـلتوش
ردت صارخة : لأ ............ قـ.ـتـ.ـلته ............ سلطت عليه حصانك .......... إنت شيطان ........... فاهم ...........شيطان
خالد بغضب : أنا شيطان !!!!! وإنتم إيه ملايكة ........... كنتم جايين ليه يا كارمن ........... إنطقي
كارمن ببأس : جايين نحاسبك يا خالد
خالد : تحاسبوني ............
كارمن : أيوه ............ حسابك كان تقل قوي ........... خدعتني ............ سجنت كريم .......... موتت بابا بحسرته خالد : أنا رجعت حقي .......... اللي سرقه أبوكي
كارمن : إنت أخذت دور القاضي والجلاد .......... حكمت ونفذت الحكم ........................ودلوقتي جه وقت الحكم عليك
قالت جملتها بعد أن سحبت سلاح كريم وأشهرته في وجهه ............
بدا خالد صامداً ولكن خلف صموده رجفة إجتاحت كل جسده ........................ كارمن تبدو محطمة الأعصاب ........... منهارة .......... قنبلة على وشك الإنفجار .......... يبدو أنها النهاية ............ نظر نحو إيناس التي كانت تراقبه بعيون متحجرة العبرات ............ ثم أغمض عيناه ليكون شعاع العسل النقي آخر ما إلتقاه بصره وإنطلقت الشظية ............. لم يشعر بألم ..............أهذا هو الموت ......... لا بل ثقل ............ جسد يتهاوى بين ذراعيه .......... عطر البندق إخترق أنفاسه .............. لاااااااااااااااااا ........... أبصرها في هلع وهي تسقط على صدره مضرجة بدمائها ................
صاحبة جدائل البندق ...........
الأسطورة تقول أن وردة الحب الحمراء هي في الأصل وردة بيضاء ............ تتحدث الأسطورة عن طائر صغير ............ ضحي بحياته من أجل معنى العشق ............لون بدماءه الوردة البيضاء من أجل من يحب ............. لتصبح في النهاية وردة حمراء ........... رمزاً للعشق ........... للشغف ........... للتضحية .ذكرى !!!!!!!!!
ستفقده مرة أخرى ............ستمر بذلك من جديد ............ ذكرى أخرى ............. هل حقاً سيرحل خالد عن عالمها ........... لا ............ لن تحتمل ............ الموت أفضل ..............أرحم .......... ودون ترتيب ............ دون تردد ركضت نحوه .............. في اللحظة المناسبة تلقتها بدلاً عنه ............ ربما .......... لا تدري ........... فقد بدا العلم مشوشاً بعد ذلك ولكنها كانت تشعر بأنفاسه الحارة تلفح وجهها ............. بذراعيه اللذان احاطا جسدها بشغف ............. بحشرجة صوته وهو يصـ.ـر.خ بإسمها وبعدها لم تشعر بشئ ....................


هو لم يشعر بألم ..............أهذا هو الموت ......... لا بل ثقل ............ جسد يتهاوى بين ذراعيه .......... عطر البندق إخترق أنفاسه .............. لاااااااااااااااااا ...........
أبصرها في هلع وهي تسقط على صدره مضرجة بدمائها ................
صاحبة جدائل البندق ...........
إيناس

خرجت نبرته هامسة .......... خائفة ............ متشككة ............ شك أتبعه يقين صارخ : إينااااااااااااس
أبصر الوضع حوله في ذهول ........... كارمن مغمضة العينين ...........مرتجفة ................فوهة سلاحها الآثم ما زالت مسلطة نحوهما ............ هي مدماة بين ذراعيه ............... أبصر دمائها على قبضته ........... أدارها نحوه ...........ضمها لصدره هاتفاً بإسمها علها تجيب ............. لااااااا ............. إنها تُغمض عيناها ............... يخمد شعاع العسل بين ذراعيه .............. لا............... لا تتركيني .............. عبرة سقطت من عيناه ................. منذ سنوات لم يتذوق طعم العبرات ............... إنها مالحة كماضيه البائس ................ لا ........... لن يبكي ........... هو لا يستسيغ تلك العبرات ............ إيناس حية .......... نعم حية لم تمت ............ يشعر بنبضات قلبها النازف في صدره ......... ما بال العالم ظلاماً ............... شعر وكأنه لا يبصر شئ ............. ولكن هناك خطوات .............. همهمـ.ـا.ت ............ ضجيج نعم ضجيج ............... إستدرك الواقع أخيراً .............. صرخ بالجمع الذي إقترب منه في هلع .......
- دسوقي ............ على العربية بسرعة ............. بسرعة ................مستشفى بسرعة

أيقظهم صوت الرصاص .............. دسوقي كان أول من هرع للخارج فمقر سكنه هو وبقية العمال يقع خلف الإسطبلات .............. وصلوا بعد 10 دقائق من الركض وهالهم ما رأوا ............... خالد بوجه شاحب وإيناس مصابة بين ذراعيه ............. إمرأة صهباء بأيد مرتعشة ........... تبكي بهيستريا ............. هرع دسوقي لسيارة خالد عنـ.ـد.ما إستدرك ما يقول وخالد خلفه يحمل أيناس بين ذراعيه ............. وكارمن جاثية على الرمال لا تصدق ما حدث ............
- بسرعة يا دسوقي .............. بسرعة
كان صوته صارخاً ............. مذعوراً .............. كانت بين ذراعيه في مقعد السيارة الخلفي ............ دماءها على صدره .............. كم إشتاق لضمها ................. لعطر جدائلها البندقية والآن هي في أحضانه ولكن ............ دون عطر البندق ....... دون ضوء العسل ............ نبضاتها تخفو ........... تهرب ................. صرخ مرة أخرى : بسرررررررررررعة
بعد حوالي عشر دقائق وصل دسوقي بالسيارة لأقرب مشفى ........... دخل كالمـ.ـجـ.ـنو.ن يحملها بين يديه .............. وضعوها على أحد الأسرة .......... نبرة الطبيب كانت بـ.ـاردة ........... حمقاء : دي خلاص يا أستاذ .......... دي ميته
قفز كالفهد وأمسك برقبته وهو يصـ.ـر.خ بغضب : ما مـ.ـا.تتش ............. قلبها بيدق أنا حاسس بيه ............. إيناس ما مـ.ـا.تتش إنت فاهم
هرع طبيب آخر نحو غرفة الطوارئ على صوت صراخه ............ وضع يده على رقبتها ............... صرخ على الفور : في نبض .............. عمليات بسرعة .............. حالا
تهاوى على الأرض جالساً وراقبها بقلب منتفض وهي ترحل مع ذوات المعاطف البيضاء ..........************************
- إيه !!!!! حمزة إنت بتقول ايه

كانت كلمـ.ـا.ت حمزة صادمة بالنسبة ليوسف الذي إستيقظ على مكالمته المزعجة ............ كلمـ.ـا.ته المبعثرة ........... عبـ.ـاراته الغامضة ............... يتحدث عن حريق ............ سُم ............خديعة ............ هجوم وشيك
تابع يوسف : ممكن تهدى أنا مش فاهم منك حاجة
عبـ.ـارته التالية كانت صارخة ............ جامحة ............. سمعتها نرمين بوضوح وهي بجوار زوجها ............... فاحتضت وليدها في جزع

حمزة : مش مهم تفهم ............. بقولك في ناس حتهجم على المزرعة حالا .............. بلطجية ............ حيحرقوا كل حاجه ............... جمع كل الرجـ.ـا.لة .............. مهندسين وعمال ............. مفيش وقت
أغلق حمزة الهاتف وضغط بعزم على الوقود ليلتهم الطريق بسرعة جنونية ........... قبض على المقود بغيظ ............. إفتعلت حريق وسأمنع الآخر .................. نعم سأمنعه .............. سندافع عن حلمنا لآخر نفس ............. المزرعة ليست حلم خالد فقط .............. بل هي واقعنا جميعاً ........... ولن يسـ.ـر.قه الحقد من جوانب دنيانا ............. وصل حمزة وكان الجو يبدو هادئاً !!!!! ............ لمح يوسف ومعه جمع ليس بقليل وقبل أن يقترب منهم .............. أهالهم جميعاً صوت إصطدام قوي وقبل أن يعوا ما يحدث أبصروا إقتحام تتاري ............ دراجات نارية ............ سيارات جامحة إقتحمت البوابة وعندها بدأت المعركة ............
أبيض وأسود ............. هجوم ودفاع ............. حق وباطل ............. صون الأرض وبطش المال ............. صفوة وغوغاء ................ بالطبع كان للغوغاء الكلمة العليا فهم مدربين على الفوضى هي حرفتهم ............ مصدر رزقهم .............. لم يصدق حمزة نفسه عنـ.ـد.ما لمح شعلة اللهيب وهي تقتحم أول حقل ............. المحصول ............ مجهود شهور سيتناثر أمامهم في ثوانٍ معدودة ......... وبعدها ستلتهم النيران كدّ السنوات ........... مشاعر حمزة لم تكن خاصة بل كانت عامة ........... تأججت لدى يوسف وإشتعلت داخل حسام وتمكنت من محمد ............ مشاعر من الغضب إجتاحت الجميع ........... فوطنهم الصغير سيتلاشى في دقائق ............. عنها فقط أصبح الغضب الجامح هو صاحب اليد العليا ............ وتبدلت الأدوار ............. وإرتبك الأشقياء ............... تفرقوا ...............تبعثروا دون خطة ............... وإنخمدت النيران قبل ان تلتهم باقي وطنهم ............. تكاتفوا جميعاً على قلب رجل واحد كان يصـ.ـر.خ بهم بكل عزيمة ............ رجلٌ كان صاحب النصيب الأكبر من الشجاعة ............ الجسارة ............... الجراح ............. حمزة ............. سقط في النهاية وسط فوضى فرار الغوغاء ووصول الشرطة وصراخ يوسف .......... حمزة ........... حمزة ............ إسعااااااااااااف .

**********************




قابعٌ بمكانه وحيداً .................... بين جدران بائسة ورائحةٌ خانقة ............ لا يعلم كم مر من الوقت .............. وكأنها بالداخل منذ دهر .............صورتها تتراقص بخياله طوال الوقت ........... رآها وهي نائمة بسلام بفستانها الأزرق بالحديقة .............. كانت تلك المرة أول لقاء له مع عطر البندق .............. قطب جبينه عنـ.ـد.ما تذكر أنها ترتدي نفس الثوب ............. لاااااااا .............. لن يكون آخر لقاء ............إعتصر جبهته بعنف ليطرد هذا الهاجس المخيف ............. ذكرى أخرى ............. أجمل ............. عنـ.ـد.ما أنقذها من بطش رعد الثائر ........... تذكر ثورته ............ بكاءها ........... أهدابها المبللة التي أيقظت قلبه من سبات الجفاء والقسوة .............. بل تذكر أول لمسة يدٍ إختلسها منها بفضل رعد ............. تذكر رجفة جسده التي تجاهلها عقله البائس ............. تذكر صورتها وهي معصوبة العينان أمام رعد ............. بكاءها ............. شفتيها القرمزيتين اللتان تلقتا هجومه الباغِ .............. رغبته الجامحة في عقابها .......... إمتلاكها ............ عشقها ..............
العشق الذي إنتظره ليلومها ............... لتنفجر هواجسه الحمقاء بعد ذلك وتفرغ مكنون الشك والحماقة والرغبة ............
نعم ........... منذ أول لقاء وهو ينتظر ضعفها ............. رغبتها الملفوفة بعناية بأوراق العشق المحظور
أرادها رمزاً للوفاء ورغبها بين ذراعيه ............ كان عشقه منقوصاً ............ أحمقاً ............. مضطرباً ............. الآن فقط إكتمل على يديها ............. الآن فقط يعلم معنى العشق الحقيقي ............. هي من علمته معنى العشق ........... هي وليس سواها ............ ملكة عطر البندق ............إيناس .
إيناس ................ صدى إسمها يتردد داخل عقله بتتابُع ........... تتابُع قطعه صوت دسوقي الغليظ .......... يا بشمهندس
رمقه خالد بنظرة غامضة ............. وكأنه يتذكره ............ فقد نسي وجوده كما نسي بشأن المزرعة .......... كارمن ......... الهجوم ..........
تابع دسوقي بإرتباك : يا بشمهندس ......... الرجـ.ـا.لة كلموني من المزرعة ........... بيقولوا بلطجية هجموا عليها وكانوا عايزين يولعوا في كل حاجة ............. بس ملحقوش يا باشا ............. اه والله البوليس جه
خالد : بوليس !!!!!!!
دسوقي : اه البلويس وقبض عليهم بس مش كلهم
خالد : مين بلغ البوليس
دسوقي : بيقولوا المهندس حمزة ........... بيقولوا كمان إنه إتصاب والإسعاف جايباه على هنا دلوقتي
خالد : حمزة ...........
كانت ملامحه ما زالت غائبة ............ ضائعة بين الواقع والخيال ..............تابع دسوقي : خالد بيه .......... حنعمل ايه في الست اللي هناك ........ الرجـ.ـا.لة محتارين وهي متسمرة مكانها من ساعتها متحركتش
كارمن ............. عاد للواقع ........... نظر لدسوقي بحدة وتابع بحنق : إخفيها ............ إوعي تسلمها للبوليس ............ كلم حسن ............. خليه يتصرف معاها لغاية ما أفوق لها
دسوقي : أمرك

أغمض عينيه ............ عقله مضطرب .......... غارق في الفوضى ............ رغبات مختلطة ............ بين عشق وإنتقام وشفقة...... وبغضاء ............ووعيد.............. لا ............. هي رغبة واحدة فقط تمتلكه الآن ........... نجاتها .

النجاة التي بدت أملاً بعيداً عنـ.ـد.ما لمح وجه الطبيب الشاحب ......... خانته قوة قدماه ............ لم يستطيع النهوض .......... نظر نحوه الطبيب برأفة وقال دون مقدمـ.ـا.ت : الرصاصة كانت قريبة من القلب ........... إحنا خرجناها لكن حالتها لسه مش مستقرة ........... إدعيلها هي في العناية المركزة دلوقتي
نهض خالد وتابع بنبرة مرتجفة : هي عايشة .......... إيناس عايشة صح ؟
الطبيب : الساعات الجاية ....... بس يمروا بسلام .......... إدعيلها
رد خالد بنبرة صارمة : أنا عايز أشوفها
الطبيب : مينفعش ........... ممنوع
خالد : أرجوك ......... رق الطبيب لحالة ......... تابع قائلاً : غادة
الممرضة : أيوة يا دكتور
الطبيب : دخلي الأستاذ ........... هما 10 دقائق
خالد : متشكر ........ وتبع خالد الممرضة بقلب مرتجف .......... خائف .......... سعيد .......
مواقف عديدة نشعر أننا مررنا بها من قبل لكن بالنسبة لها لم يكن مجرد شعور ............. الأسِرَة البيضاء .............. صافرة قياس نبضات القلب .......... قلبها ........... أم قلبه .............. رؤيا ............ شريف يبتسم لها من بعيد ........... يلوح لها مودعاً ........... وهي تبحث بعيون زائغة عنه ............ تخشى رحيله مع شريف ............... شعرت بقبضته تحيط بأناملها ............ خالد ............ أين أنت ............ أفلتتها قبضته ............ لا ............ لا ترحل ........... كانت تناديه بيأس ............. خالد .معشوقته تبدو جميلة رغم شحوبها .......... رغم الأسلاك الملتصقة بجسدها الضعيف ........... جلس بجانب فراشها ............ إحتضن يدها الصغيرة بكفه القوي ............ هرب صوته وضاعت كلمـ.ـا.ته ومرت الدقائق مسرعة كالبرق ............... جاءه صوت الممرضة الرقيق : يا أستاذ
رد بعفوية : إيناس !!!!
إبتسمت الفتاة بآسى : ربنا يقومها بالسلامة
خالد : أرجوكي ............ 5 دقائق كمان
رقت الفتاة لحالة ........... تركته ......... نظر خالد نحوها بتمعن ........... خصلات البندق مختفية تحت غطاء بلاستيكي قبيح ............ عيناها مغمضة ...........شفتيها القرمزيتين طالهما الشحوب ........... تابع بصوت ضعيف بكلمة واحدة لم يقل غيرها : بحبك
عادت الممرضة .......... نظرت نحوه بتأثر ووضعت شيئاً صغيراً بين يديه
نظر لها قائلاً : إيه ده .........
ردت بإبتسامة : ده مصحف ............ وقال ربكم إدعوني أستجيب لكم ........... إدعيلها .......... ألا بذكر الله تطمئن القلوب .

ألا بذكر الله تطمئن القلوب ............. إخترقته جملتها كسهم نافذ ..................تذكر إيناس ......... تذكر ليلة قمر مكتمل .............عنـ.ـد.ما تمت مهاجمته .............كانت شفتيها ترتجف لا بل كانت تتمتم بكلمـ.ـا.ت غير مسموعة ..........سألها ليلتها : إنتي ........ بتقولي إيه
وأجابته بدهشة و بصوت مرتجف : إيه
أعاد سؤاله : بتقولي .........إيه ............
ردت ببساطة : بقول أسترها يا رب

رفع المصحف بإرتعاش ............ قرأ بصوت مرتعش بسم الله الرحمن الرحيم
" وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن ان لن نقدر عليه فنادى في الظلمـ.ـا.ت أن لا اله الا انت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين "ظل يرددها ............ لا إله الا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ............ كان قلبه ينطقها قبل لسانه .......... يا رب ...........ذِكر الرحمن الذي غاب عن قلبه لسنوات عجاف ............. سنوات لم تحمل سوى الغضب ........... الإنتقام ........... الكيد ............. ظل يقرأ ويقرأ ............. دون توقف ............ يدعو برجاء ........... يراقب غرفتها بأمل ............. غفا رغماً عنه ............ أيقظته غادة الممرضة الشابة بحنان ........... يا أستاذ ............. يا أستاذ
فتح عيناه .......... نظر نحوها في ترقب .......... إبتسمت لتبدد قلقه وبنبرة هادئة زفت بُشراها : المدام خرجت من العناية .
************************** كانت جالسة على أرضية الغرفة ............. زرقة عيناها باهته .............. تبدو كمياه راكدة بلا حياة ............ كانت غائبة عن الواقع تسبح بعالم آخر إفتراضي ..............عالم جميل إرتوت فيه من حنان أمها المفقود ............. بل غفت في أحضان أبيها في طفولتها الغائبة ............. وإرتشفت جرعات العشق دون رياء .............عالم تلمست به حقيقة العشق وليس زيفه ..............نظر نحوها حسن بصدمة وتابع : قول تاني يا دسوقي كده ............. أنا مش فاهم
دسوقي : ومين فاهم يا بشمهندس ........... إحنا صحينا مفزوعين على صوت الرصاص وبعدها لقينها ماسكة السلاح والدكتورة غرقانة في دمها وجريت بيها أنا وبشمهندس خالد على المستشفى إقترب حسن منها في حرص ............. نظرت نحوه في فزع وعنـ.ـد.ما تعرفت عليه .............. عنـ.ـد.ما تداركت الواقع مرة أخرى ............. ظلت تصرخ بذعر حتى غابت عن الوعي ............ هتف حسن بدسوقي : دي لازم تروح مستشفى حالا ........... لازم .
**********************
دلف لغرفتها بحرص ............. كانت ما زالت فاقدة للوعي ........... نظر للطبيب بحيرة .......... تابع الطبيب : متقلقش إحنا عدينا مرحلة الخطر ........... ومنتظرينها تفوق .تركه الطبيب معها ............. جلس بجانب فراشها ........... إحتضن أناملها برفق ثم طبع عليهم قبلة دافئة تبعها بهمس رقيق من ثغره البــــاسم ..........حبيبتي............
عاد مرة أخرى لتلاوة آيات الرحمن ............همهمـ.ـا.ت خُشوعه كانت تشـ.ـدو بجانبها
اه من تلك البندقية ............ عبثت بقسوة عالمه فتأرجح بمجون ........... أصبح شاعراً وأمسى ناسكاً .............
************************
نظر عبد الرحمن لزوجته بضيق ثم تابع : يا ثريا ............. إهدي شوية ............ردت ثريا بحدة : أهدى !!!!!!!!! بقولك البنت تليفونها ما بيردش من الصبح ولا حتى مدام رقية .............. أنا قلبي مش مطمن .............. قلبي مش مطمن يا عبد الرحمن
عبد الرحمن : أستغفر الله العظيم يا رب ثريا : بقولك ايه ............ إنت مش معاك نمرة دكتور علي
عبد الرحمن بدهشة : أيوة ........... معايا
تابعت ثريا بلهفة : خلاص كلمه ........... أكيد معاه نمرة جوز أخته مش هو المسؤول هناك
عبد الرحمن : أيوة صحيح المهندس حسن


أحضر عبد الرحمن جواله وبدأ يبحث عن رقم الطبيب حتى
وجده ............ كانت نبرته قلقة ........... آلو ........... دكتور علي ............. أنا عبد الرحمن والد الدكتورة إيناس ................... الله يخليك ................... أنا بس كنت بــــاستئذنك في نمرة المهندس حسن .............. أيوة المهندس حسن .............. أصل إيناس مش بترد شكل الموبايل فيه مشكلة ............. أيوة .............. صحيح ............ اه تلاقيها اتشغلت معاها بقه .............. الرقم ............ ايوة انا مع حضرتك ........010 ........ متشكر ........... أشكرك يا دكتور


ثريا : إيه .............. قالك إيه ؟
عبد الرحمن : بيقول مدام رقية ولدت إمبـ.ـارح وبيرجح إن إيناس إتشغلت معاها
ثريا : ماهي ايناس كلمتني إمبـ.ـارح بالليل يا عبد الرحمن من المزرعة وكانت رجعت والست ولدت خلاص عبد الرحمن : جايز راحت ليها تاني النهارده
ثريا : كلم جوزها مش أخدت الرقم ............ كلمه
عبد الرحمن : حاضر .......... حالا حاكلمه ..........


كان القلق قد إستبد بعبد الرحمن بدوره ........... نظر لهاتفه بضيق ثم خلع نظارته وفرك عيناه ونادي بصوت زاعق على ولده قائلاً : يا مصطفى ............ مصطفى
مصطفى : أيوة يا بابا
عبد الرحمن : خد يابني .......... أطلبلي الرقم ده مش شايف الارقام
مصطفى : حاضر ............ معاك جرس


*****************************


كان حسن قد أنهى لتوه إجراءات دخول كارمن للمشفى ............ نظر له الطبيب المعالج بتفحص ثم قال : حضرتك تقرب ليها
حسن : الحقيقة لأ ............. هي قريبة لصديق عزيز عليا وأنا وعدته أهتم بحالتها
الطبيب : عموما ............ هي في حالة إنهيار عصبي شـ.ـديد ............ إحنا إديناها مهدئات بس محتاج أفهم من حضرتك حصل إيه
حسن : هو الحقيقة المعلومـ.ـا.ت اللي عندي بسيطة جداً بس هو أخوها توفى إمبـ.ـارح وتقريباً في حادث الطبيب : عموما هي نايمة دلوقتي وإحنا حنخليها تحت الملاحظة لإنها بتمثل خطورة على نفسها

زفر حسن بضيق ............. ماذا يحدث ............... تذكر رقية ووجهها القلق عنـ.ـد.ما تركها مسرعاً في الصباح الباكر دون أن يبدي الأسباب ............... إيناس الراقدة بالمشفى بين الحياة والموت .............. خالد .............. يجب أن يمر بالمشفى للإطمئنان على خالد وإيناس ثم يعود لرقية ........... قطع صوت الهاتف أفكاره ............ رقماً غريباً ...........ربما يكون أحد العمال من المزرعة أم ربما رقية تهاتفه من المشفى ............. رد بحرص : الو ..........
عبد الرحمن : الو ......... بشمهندس حسن
حسن : أيوه
عبد الرحمن : معاك عبد الرحمن والد الدكتورة إيناس
صمت حسن لوهلة من المفاجأة ثم تابع بتلجلج : أايوه .............. اهلا وسهلا
عبد الرحمن : الحقيقة أنا آسف على الإزعاج ........... بس إيناس مش بترد على تليفونها ووالدتها قلقانه عليها
حسن : لا يا فنـ.ـد.م مفيش إزعاج ولا حاجة
عبد الرحمن : طيب هي إيناس في المزرعة ........... قريبة من حضرتك
حسن : المزرعة .......
عبد الرحمن : بشمهندس ............. صوتك مش مريحني ........... أرجوك قولي في ايه حسن : م............. مفيش هي بس مش قدامي دلوقتيعبد الرحمن وقد أقلقته نبرة حسن بشـ.ـدة : بنتي فين يا بشمهندس ............. في حاجة حصلت صوتك مش طبيعي ..........أرجوك متكدبش عليا ...........
حسن بيأس : الحقيقة أنا آسف ............. هي الدكتورة في المستشفى


لحظة قـ.ـا.تلة من الصمت مرت على الجميع تابع بعدها عبد الرحمن في
جزع : مسستشفى !!! ............ مستشفى إيه ............ ليهحسن : أرجوك إهدى ........... أنا رايح على هناك دلوقتي
عبد الرحمن : إديني العنوان ............ أنا لازم أروح هناك ............ بنتي جرالها إيه يا بشمهندس
حسن : أستاذ عبد الرحمن ........... إهدى علشان خاطري.
عبد الرحمن بإصرار : العنوان
حسن وقد شعر بالشفقة من أجل الرجل : حضرتك مليني عنوانك ........... أنا حاعدي عليك وأوصلك لهناك

أغلق عبد الرحمن الهاتف وقد تمكن الوجوم من ملامحه ............ كانت ثريا تصرخ بغضب : بنتي جرالها إيه يا عبد الرحمن ............ بنتي فين
عبد الرحمن : مش عارف ............ يارب ............ اللهم إني لا أسئلك رد القضاء ولكني أسئلك اللطف فيه ...........يا رب .

***********************


يمر الوقت وهي غافية أمامه ............ يراقبها بعيون قلقة .............. أناملها الرفيعة ترقد برفق داخل راحة يده ............... ينتظر إفاقتها بلهفة .............. كان بعالم آخر ............. فقط هو وهي وعطرها البندقي ............ لم تكن وحدها الغائبة عن الوعي ........... هو مثلها تماماً ............. غارق في أحلام يقظة هي بطلتها دون منازع ........... لم ينتبه للخطوات الراكضة نحو الغرفة ............ فوجئ بهم داخل الغرفة ........... حسن ورجل وإمرأة وشاب .............. نظر نحوهم في دهشة بادلوه بها ............ إستدرك أناملها النائمة بقبضته ............. تركها على الفور وهو يرمقهم بحدة ............. حدة قطعها صوت رقية الباكي وهي تقترب من إبنتها في هلع : إيناس ............. إيناس .


******************************
بخطوات مرتجفة وقلوبٌ مرتعدة كانوا يهرولون نحو غرفتها .............. رحلة الذهاب للمشفى كانت تعذيب بحد ذاتها فعبـ.ـارات حسن غامضة ........... مبهمة ............. تارة يتحدث عن هجوم وتارة عن حريق وكلاهما سبب لمجهول أصابها .............. مجهول أصبح واقع مخيف عنـ.ـد.ما خرجت الكلمـ.ـا.ت من فم أحد الممرضات ............... حادث إطـ.ـلا.ق النار !!!!!!

وصلوا ليجدوها ممددة على الفراش .............. غائبة عن الوعي وبجانبها رجلٌ حاد الملامح .......... رث الهيئة ......... فقميصه به آثار دماء !! ويبدو عليه الأرق والتعب الشـ.ـديد ...........لون عيناه إقترب من الحمرة ............. هرعت ثريا للداخل نحو إبنتها ووقف عد الرحمن متسمراً يراقبها في حسرة وظل مصطفى يرمق الغريب بنظرة غاضبة خاصةً عنـ.ـد.ما لمح سقوط يدها الصغيرة من سجن قبضته ...........
قالت ثريا في هلع : إيناس .............. إيناس ................ردي عليا نظرت لخالد وحسن بغضب وتابعت : بنتي مالها ............ ردوا عليا إيه اللي حصل ..........
نظر خالد نحوها بخجل ............. نعم فإيناس ممددة في الفراش بسببه ........... قال بصوت أجش : متقلقيش يا فنـ.ـد.م ............ الدكتور طمني على حالتها وإحنا في إنتظار إنها تفوق من البنج
رقية : بنج !!!! نظر مصطفى نحو خالد بحدة وقال بدوره : وهو حضرتك مين نظر له خالد وقبل أن يجيب كان حسن قد نطق بدوره : ده ............
ولكن قبل أن يكمل إنتبهوا جميعاً لثريا وهي تهتف بلهفة : إيناس ............. بتقولي إيه ؟؟
نظرت ثريا نحوهم وتابعت : اتكلمت ........... بتقول حاجة أنا سمعتها قفز مصطفى بجانب أمه وهرع عبد الرحمن نحوهما وخالد يراقبها بلهفة ......... همهمـ.ـا.ت متقطعة دون معنى ........... الجميع منصت والقلوب متحفزة .......... خاصة قلبه .......... لا لن يحتمل الوقوف هكذا ........ ستفضحه ملامحه........... أراد الهروب ........... إستوقفته همساتها .......... حروف إسمه التي خرجت برقة من بين شفتيها ........... خالد .


خالد .......... نعم خالد ........ إخترقت أذناه .......... سمعها وليس وحده .............. بل كل من في الغرفة ........... تسمر مكانه ............ ظل ينظر نحوها بقلب مرتجف ........ سعيد .......... مشتاق .........
كررتها مرة أخرى ......... إنها تناديه ......... تبحث عنه ........... خالد ........... شعر بالعجز ........... يود إجابتها ........... بل يود ضمها إلى صدره ............ إختطافها معلناً إستبداد العشق ........ ولكن لا يستطيع........... إرتجفت أهدابها قبل أن تُبصر الضوء ............. إرتعدت شفتاها ............. بدت باكية ........ من أجله ............ كانت لحظة فارقة........... أخذ نفساً عميقاً ........... خُيل إليه أنه إستهلك كل الهواء بالغرفة .......... ثم إتجه نحوها غير عابئاً بأحد ............. إقترب منها ......... إحتضن أناملها بكفيه ثم همس بصوت رقيق : أنا هنا ......... جنبك

تبدل بكاء شفتيها لبسمة ............. وعادت من جديد لسبات هادئ .............. كانت لحظة من الجنون ............ لحظته الخاصة من الجنون التي إنتهت عنـ.ـد.ما لمحهم جميعاً ينظرون نحوه بصدمة وبثغور مفتوحة !!!!!

عندها ........... غادر ........... رحل مسرعاً بحجة إحضار الطبيب ............. رحل قبل أن يقفز قلبه وتعلن دقاته بقوة عن طبول الفرح .............


*********************


رمقه حسن بنظرة تحمل الحيرة عنـ.ـد.ما عاد بالطبيب وغادر بوعد مطمئن أنها ستفيق بشكل كامل بعد نصف ساعة .
ترك خالد الغرفة هروباً من نظرات والديها وأخيها ........... و حسن خلفه وهو يقول : خالد ............. إستنى رايح فين خالد : حاستنى هنا
حسن : أنا عايز أفهم إيه اللي حصل جوه ده
خالد بغيظ : وانا عايز أفهم إزاي تجيب الناس وتخضهم كده قبل ما نطمن عليها
حسن : غصب عني أبوها فاجئني وإتصل بيا كانوا قلقانين عليها وصعب عليا ماقدرتش أخبي
تنهد خالد ثم فرك جبهته بكفيه وتابع : خلاص ........... اللي حصل ........... حصل
حسن : ما هو اللي حصل يا خالد ............ كارمن هي اللي ضـ.ـر.بتها بالرصاص خالد : مش وقته يا حسن ........... مش وقته
حسن : لأ ........... وقته يا خالد ............ إنتي ناسي إن البوليس حيحقق وحيستجوبها لما تفوق
خالد : يا سيدي تفوق بس الأول .............. كمان لازم أعرف هي وكريم الزفت دخلوا المزرعة إزاي
حسن : صحيح ........... البوليس أخد جثته وحيحولوها على الطب الشرعي
خالد : وهي .......... عملت معاها إيه
حسن : نقلتها المستشفى
خالد : إيه ............ مستشفى !!
حسن : أيوه مستشفى يا خالد ............ دي كانت في حالة غير طبيعية ........... ممكن تعمل في نفسها حاجة وتجيب لينا مصيبة
خالد : وبعدين
حسن : مفيش هي محجوزة هناك ............ حالة إنهيار عصبي شـ.ـديد
خالد : كانوا عايزين يدمروني ولاد ال ...........
حسن : خلاص يا خالد ............ هما خدوا جزائهم
صمت خالد قليلاً وهو يحاول إستدراك ما يحدث ثم تابع : دول كانوا مخططين ........... هي وكريم عند الخيل وشوية بلطجية عند المزرعة التانية ........... ده إتفاق يا حسن وبمواعيد
حسن : مش فاهم
خالد : هات موبايلك
حسن وهو يناوله الهاتف : حتعمل ايه ؟
خالد : حاكلم الحرس الزفت ........ دخلوا إمتى ومنين ؟************************


نظر يوسف لصديقه بإبتسامة وتابع : حمد الله على السلامة
حمزة بصوت مجهد : الله يسلمك
يوسف بمزح : يعني عامل فيها سبع رجـ.ـا.لة في بعض ............ ويلا يا وحوش وجات اللحظة اللي إنتم مستنينها .........وفي الآخر تتكوم كده
إبتسم حمزة بإقتضاب وتابع : قبضوا عليهم
يوسف : مش كلهم
حمزة بتردد : متعرفش حصل إيه في مزرعة الخيل
يوسف : سمعت إنه كان في حريقة برده وواحد مـ.ـا.ت
حمزة بجزع : مين مـ.ـا.ت
يوسف : معرفش ......... واحد حاول يتهجم على خالد ومـ.ـا.ت تحت رجلين الخيل
شرد حمزة وهمهم بذهول : كريم ...... تابع يوسف بتردد : كمان .......... حاجة تانية حصلت
حمزة : إيه ........... حصل إيه تاني
يوسف : إيناس ............ إيناس هنا في المستشفى
حمزة : إيه !!!! إنت بتقول إيه ...........إيناس هنا ليه .......... ليه يا يوسف
يوسف : إيناس خدت رصاصة يا حمزة .......... محدش عارف إزاي بس ده اللي حصل شعر حمزة وكأن ثقلاً شـ.ـديداً قد هوى على رأسه .......... تابع بنبرة مرتعشة : رصاص
يوسف : أيوة .......... حمزة : أنا لازم أقوم ........... لازم أمشي من هنا
يوسف : إستنى .......... حتروح فين بس
حمزة : للبوليس ........... حاروح للبوليس يا يوسف .............. علشان اللي غلط يتعاقب ............. يوسف : حمزة ............. إنت تعرف إيه يا حمزة .............. عرفت منين إن حيحصل هجوم
حمزة : ماهو علشان كده حاروح للبوليس ............ علشان أقولهم على أعرفه

- طيب مش قبل ما تقول للبوليس ........... تقولي أنا الأول

نظر حمزة ويوسف لصاحب الصوت في رهبة ............. وخالد يقف بباب الغرفة يرمق حمزة بغيظ .
دخل خالد للغرفة ثم جلس بغرور على أحد المقاعد وتابع بنبرة حادة : إتفضل ............ أنا سامعك
حمزة : يوسف ............. ممكن تسيبنا لوحدنا بعد إذنك
تركهم يوسف وأغلق الباب خلفه وأفكاره حائرة ........... قلقة بشأن صديقه ..........نظر حمزة بهدوء لخالد وتابع : أنا ححكيلك على كل حاجة ........... ومن البداية **************************
خرج من غرفة حمزة غاضباً .......... مُغتاظاً ........... ولكن مِن مَن ؟؟؟ حمزة أم نفسه ............ من السبب ......... عشق حمزة الأحمق ........... أم خبث كارمن .......... أم غروره ............ قبلته التي أخذها عنوه فشوهت صورتها أمام حمزة وعشقه الفردي أم قسوته مع كارمن التي أخرجت وحش المرأة الكاسر من داخلها ............تصور أنه سيحطم وجه حمزة بقبضته ولكن هل سيحاسبه وحده عن خطأ إرتكبوه جميعاً ................ تركه وخرج بعد أن قال جملةً واحدة ............قالها ببأس ........... بحدة .............. دي آخر مرة حاسمعك بتتكلم فيها عن إيناس ............ لإنها بعد كده حتكون مراتي .......... حتكون مدام خالد رضوان وبس .

توجه لغرفتها ............. أراد رؤيتها ............. كلما غضب أراد رؤيتها .............. كلما فرح أراد رؤيتها ........... إقترب من غرفتها بحرص .......... كانوا ما زالوا حولها ........... يحيطون بها بإصرار ........... بدأ يضيق بهم ............ ولكن
هي بدأت تعود ............. نعم ............ تفتح عيناها ببطء ............. تبحث عن ملامحه بوجوههم ............ أين هو لقد سمعته ........... نعم كان يخاطبها بأحلامها ..........هل ................. فزعت ............
وقبل أن تتدارك الواقع حولها ......... رأته ........... كان يقف بجوار الباب .............. ينظر نحوها بعمق ........... كما إعتادت ......... وعادت لها الإبتسامة .............وإنتفض قلبها .............. وفضحتها عيناها رغماً عنها ............. هو حي ......... خالد حي .


يتسائل قلبي عن رؤياك وغياهب عقلي أوحت لي ...........بفقداك
وهواجس نفسي تهذي ...... أشباح الماضي تغدو ......... تذهب
وأنا أبحث عنك لا عن ذكراك
إنه حديث العيون .............. لغة الصدق ..........همس البصر ........... ود لو توقف العالم لدقائق بل ربما لساعات ليرتوي من نهر العسل بعيناها .......... حتى الثمالة .

إنتبهت إيناس لصوت أخيها : إيناس .......... إيناس سرحتى في إيه


قبل أن تجيب تنحنح خالد ودخل الغرفة .......... إبتسم وحياهم ثم نظر نحوها وقال بنبرة هادئة : حمد الله على السلامة

لا تعلم ماذا أصابها خرج صوتها خافتاً وطغت حمرة الخجل على كل شئ حتى نبرتها وهي تردد : الله يسلمك

رمقهما عبد الرحمن بنظرة فاحصة وتابع بصوت أجش : إتفضل يا بشمهندسخالد : متشكر يا فنـ.ـد.م
عبد الرحمن : إحنا اللي بنشكرك على تعبك مع إيناس ........... أنا عرفت إنك إنت اللي جبتها هنا
خالد : العفو حضرتك بتشكرني على إيه ..........اللي عملته ده هو اللي كان لازم يحصل
عبد الرحمن : طيب واللي حصل
خالد : مش فاهم
عبد الرحمن : مين اللي ضـ.ـر.ب بنتي بالرصاص

قبل أن يجيب خالد سمعها ترد بنبرة واثقة : بابا دي كانت رصاصة طايشة

إستدار نحوها بدهشة ............ تلاقت أبصارهما مرة أخرى ........... قرأ بعيناها إصرار .......... تابعت مرة أخرى : البشمهندس ميعرفش مين ضـ.ـر.ب نار ولا أنا

كانت الحيرة قد تملكت من ملامح الأب والرضى بنجاة إبنتها كان هو سمة ثريا أما مصطفى فقد ظل يرمق خالد بنظرات الريبة .........
قال خالد وهو ينظر نحوها هي دون الجميع : أنا حابلغ الدكتور إنك فوقتي ........... عنئذنكم ...........

خرج ............. عقله مشتت ............حائر .............. كيف تفكرين أيتها البندقية ............ ماذا يدور بخلدك البريء .............. الغفران !!!

عاد مع الطبيب ............ كان رجلاً يبدو في عقده الرابع من العمر .............. بشوش الوجه .......... له صوت جهوري ...........إبتسم وهو ينظر إليها وتابع : حمد الله على السلامة
إيناس : الله يسلمك
الطبيب : خضتينا عليكي ......... ده كفاية الأستاذ كان حيتجنن والله ............... ربنا يخليكوا البعض كاد قلبها أن يتوقف عنـ.ـد.ما سمعت جملة الطبيب ............. بل خُيِل إليها هروب نبضها وجفاف عروقها وأن الطبيب سيعلنها الآن ميتة لا محالة ............ خالد بدوره بُهِت للحظة ولكن بما أنه قد تعدى تلك المرحة منذ أن نطقت بإسمه أمام الجميع فقد ظل يراقب خجل ملامحها بنشوة ................

تابع الطبيب بعدها دون أن يعي أثر قنبلته : اممممم .......... البوليس حيجي ياخد أقوالك هنا
إنتبهت إيناس ونظرت نحوه في دهشة : بوليس
الطبيب: أيوة البوليس ....... ده طلق ناري يا أستاذة
عبد الرحمن : بس هي مش عارفة مين ضـ.ـر.ب نار
كانت نبرته غاضبة ....... رافضة

تابع الطبيب : خلاص تقول ده في المحضر ............ حتى برده في أستاذ تاني مصاب في نفس حكاية المزرعة دي والبوليس حياخد أقواله برده
إيناس : مين ؟
أجابها خالد بإقتضاب : حمزة الطبيب : شاب صغير ......... الحمد لله نجي ........... تنهد الطبيب ثم تابع وهو يوجه حديثه لعبد الرحمن : والله يا أستاذ حوادث البلطجة زادت قوي ............ ربنا يستر على البلد
عبد الرحمن : وهو البوليس قبض على البلطجية دول
خالد : مش كلهم ............ قالولي ان في ناس هـ.ـر.بت
إيناس : قالولك ........... إنت مارجعتش على المزرعة

بدأت تلاحظ مظهره الرث ............. بقايا الدماء بقميصه ............ أرق عيناه ...........كانت تنظرنحوه بتساؤل .......... بترقب

تابع بثقة وهو يبادلها نظرة دافئة : وهو أنا كان ينفع أمشي
نظر مصطفى نحوهما بضيق فتابع : متشكرين لمجهود حضرتك ........... ممكن تروح تطمن على أشغالك دلوقتي

رمقت ثريا إبنها بلوم ثم تحدثت بعد صمت طويل موجهة حديثها للطبيب : وإيناس حتخرج إمتى يا دكتور
الطبيب : أسبوعين إن شاء الله
ثريا : ليه !! مش هي بقت كويسة
الطبيب : متقلقيش بس لازم تقضي فترة النقاهة هنا أحسن ............ عنئذنكم

خرج الطبيب وظلوا جميعاً صامتين لدقائق ......... صمت قطعته ثريا عنـ.ـد.ما قالت لزوجها : لازم أجيب حاجات من البيت علشان إيناس وأنا حاقعد معاها
عبد الرحمن : خلاص ........... روحي إنتي ومصطفى وأنا حاستنى هنا معاها ............. حتوصل والدتك يا مصطفى
مصطفى : حاضر يا بابا
خالد : بعد إذنكم لو تنتظروا عشر دقائق حاكلم السواق وأوصلكم بنفسي
عبد الرحمن : مفيش داعي لتعبك يا بشمهندس
خالد : مفيش تعب ولا حاجة ........... ده مسافة الطريق ............ عنئذنكم

رمقه عبد الرحمن بنظرة فاحصة ثم تابع : طيب خدني معاك ............. حاسئلهم على حاجة تحت

خرج عبد الرحمن وخالد سوياً وإيناس تراقبهم بنظرات قلقة لاحظتها ثريا ولكنها آثرت الصمت .............
نظر عبد الرحمن نحو خالد وبدأ دون مقدمـ.ـا.ت : أنا محتاج أسمع تفسير يا بمشهندس
خالد : بخصوص إيه يا فنـ.ـد.م
عبد الرحمن : بخصوص كل اللي شفته النهاردة

صمت خالد لوهلة ثم لاحت على ثغره إبتسامة هادئة ربما قصد بها إخفاء إرتباكه ثم تابع : أستاذ عبد الرحمن ............. جايز أنا أول مرة أشوف حضرتك وكمان الظروف مش طبيعية لكن أنا باطلب من حضرتك إيد إيناس ............. باتقدملها للجواز واتمنى إنكم توافقوا

بدت على ملامح الأب إبتسامه ساخرة ............. تابع وهو ينظر له : على فكرة مش هو ده اللي كنت عايز أسمعه
خالد وبنفس نبرته الواثقة : عارف ............. بس هو ده اللي أنا عايز أقوله .
****************************

حتكون مدام خالد رضوان .................
كلمـ.ـا.ت تبدو حروفها كحبال غليظة تلتف حول رقبته بخبث لتمنع عنه الهواء أم ربما الهوى ............ ولكن هواه هو فقط ............ فقد عشقها وحده وسيتألم وحده ............. زفر بغضب عنـ.ـد.ما تذكر الأخرى ............ الصهباء التي إستغلت عشقه ........... غضبه ......... حماقته .......... صك على أسنانه من الغيظ ............ كارمن ............

كان حمزة غارقاً بأفكاره ............ لم ينتبه لدخول خالد لغرفته مرة أخرى ............... خالد الذي رمقه بغضب وقال بنبرة جافة دون مقدمـ.ـا.ت : البوليس على وصول ............. حياخدوا أقوالك .... مش عايزك تجيب سيرة كارمن ولا إنك دخلتها المزرعة مع كريم
حمزة بدهشة : إيه ................. إنت بتقول إيه
خالد : أعتقد إنك سمعتني كويس
حمزة : إزاي !!!!!! وليه ؟؟؟؟
خالد : ده شئ ما يخصكش
حمزة : لأ يخصني ............خالد : حمزة .............. أنا معنديش لا وقت ولا دماغ وأعتقد حقي إنك تسمع كلامي بعد اللي عملته

هم حمزة ليقاطعه ويتحدث ولكن خالد تابع بإصرار : إيناس الضابط عندها دلوقتي وبعدها حيجيلك ........... حمزة بتلعثم : إيناس فاقت
خالد بغيظ : أيوه
حمزة : مش حتقول على كارمن ؟
خالد : لأ
حمزة : ليه . ......... إنت اللي طلبت منها كده ؟
خالد : لتاني مرة ........... شئ ما يخصكش

دلا خالد بدلوه وترك حمزة .......... حائراً ............ غاضباً .......... رافضاً

****************************




في السيارة ركب خالد بجانب السائق وفي الخلف مصطفى مغتاظاً وثريا متفحصة لملامحه ............. هذا الغريب الذي إستحوذ على قلب إبنتها ............. الأمر جلي لا ينتظر سؤال أو تأكيد ولكن متى وكيف ......... كانت سعيدة وحائرة ........
إبتسم لها خالد عنـ.ـد.ما لاحظ تفحصها ثم حادث مصطفى بنبرة حميمية : وإنت يا مصطفى بتدرس ولا خلصت
مصطفى : أنا في كلية تجارة
ثريا : تعبناك معانا يا بشمهندس
خالد : تعب إيه بس يا فنـ.ـد.م وبعدين أنا عايز أعرف البيت ............. مش جايز أحب أعزم نفسي بعد كده على القهوة عندكم

رمقته رقية بنظرة إعجاب فعلى الرغم من غضبها وخوفها إلا أنها أعجبت بصراحته ..........تابعت : وهو مينفعش دلوقتي يعني .......... حضرتك تتفضل تطلع معانا
خالد : لا يا فنـ.ـد.م ملوش لزوم انا حاستناكم في العربية
ثريا : على فكرة إحنا مش بخلاء .......... والقهوة مش متعبة في عمايلها


وافق خالد ووصلت السيارة للمنزل .............. شعر خالد بالدفء والراحة بمجرد أن دلف للداخل .......... هذا هو منزلك إذن أيتها البندقية ................ يشبهك ........... دافئ كلون خصلاتك .......... له عبق مميز ........... ما بال تلك الأسرة .........
إبتسمت له ثريا وتابعت : قهوة حضرتك إيه
خالد : مظبوط
نظر مصطفى لأمه بغضب وهي تعد القهوة ثم تابع : كمان بتعزميه على قهوة ....ثريا : مالك يا مصطفى
مصطفى : مالي بتسأليني مالي ........... إسئليهم هما ............هو في إيه
ثريا : حيكون في إيه ............ فوق كده هو أنا مش مربية بنتي وعارفاها ولا إيه
مصطفى : ماما أنا مش قصدي
ثريا : شوف يا مصطفى ............ أنا زيك مش مرتاحة للغريب اللي نط في حياتنا فجأة ده ............ كمان مش عايزاها ترجع المزرعة دي ومكنتش عايزاها تروح أصلاً بس عارف ............. نفسي إنها تعيش حياتها زي كل البنات ........... تتجوز وتخلف ............ نفسي أن أطمن عليها
مصطفى : ومعاه حتطمني عليها !!.............. ماهي إنضـ.ـر.بت بالرصاص في مزرعته
ثريا : خلاص حاشترط عليه ما يقعدهاش في المزرعة
مصطفى : ده الموضوع بقه رسمي بقه
ثريا : طلبها من أبوك
مصطفى : طلبها من أبوك !!! إمتى حصل الكلام ده
ثريا : في المستشفى قبل ما نيجي هنا
مصطفى : لحق ............. إحنا لسه شايفينه من ساعتين بالطريقة دي حيتجوزوا بكرة
ثريا : إيه يا مصطفى غيران على أختك ولا إيه .......... إنت مكنتش بتعمل مع شريف كده
مصطفى : شريف كان غلبان ............ لكن ده شكله مش غلبان خالص
ثريا : طيب تعال أقعد مع الراجـ.ـل وهو بيشرب قهوته على بال ما أحضر الهدوم ........... وبعدين نشوف موضوع الجواز ده ونشوف أختك حتقول إيه
مصطفى : يعني حتقول إيه يا ماما ........هو إنتي مش كنتي معانا لما ندهت عليه وهو ولا همه
ثريا : هو وخلاص نيته بانت ........... واللي عمله ............ أبوك مش حيسيبه حيلومه ويفهمه غلطه ........... لكن هي أنا خايفة من عِندها يا مصطفى .......... والمرة دي حتعاند نفسها .

******************************
نظرت رقية لحسن بغضب وتابعت : إنت إزاي تخبي عليا حاجة زي دي ............ إيناس
حسن : كان لازم أطمن الأول قبل ما أقولك
رقية : يا حبيبتي يا إيناس ............ رصاص ............. ليه
حسن : المهم إنها نجيت
رقية : أنا لازم أروحلها ............ لازم توديني عندها حالا
حسن : رقية مينفعش .......... مالكيش خروج دلوقتي إنتي عارفة
رقية : يعني إيه حافضل هنا وأسيبها كده .............. لا يا حسن كله إلا إيناس
حسن : بلاش عند وهي مش لوحدها .......... أهلها معاها وخالد مسبهاش
رقية : لازم أطمن عليها ............. حسن هي كويسة ولا بتضحك عليا
حسن : والله كويسة ............ أكلمهالك
رقية : أيوه .......... كلمها دلوقتي
حاضر حاكلمها على تليفون والدها ...............

إختطفت رقية الهاتف من حسن بمجرد أن إستشعرت صوت إيناس ........... قالت وهي تحاول منع عبراتها : إيناس ........... حبيبتي إنتي كويسة
إيناس : رقية ........... يا خبر قالك وقلقك ليه بس
رقية : كده يا إيناس أسيبك ليلة واحدة تخضيني عليكي كده
إيناس وقد إستشعرت نبرتها الباكية : رقية إنتي بتعيطي
رقية : ومش هرمونات .............. إنتي غالية عندي قوي يا بت
إيناس : طيب أنا كده حعيط
رقية : حاجيلك ........... لازم أشوفك
إيناس : متهرجيش ............ أنا كويسة والله ولو نفسك تيجي المستشفى متخافيش ........... أنا هنا أسبوعين
رقية : ألف سلامة عليكي يا حبيبتي
إيناس : بوسيلي خالد
رقية : حاجيبهولك ............ أول ماخرج حنيجي سوا
إيناس : ربنا يحميه يارب
رقية : لا إله إلا الله
إيناس : محمد رسول الله

أغلقت إيناس الهاتف وتنهدت براحة ........... رقية لقد إفتقدت صحبتها ............ جاءها صوت أبيها متسائلاً : مين خالد ؟
إيناس : ده إبنها
عبد الرحمن : سموه خالد
إيناس : اه
عبد الرحمن : ده على إسم البشمهندس
إيناس : أيوه
عبد الرحمن : بيحبوه للدرجة دي
إيناس : هو وبشمهندس حسن صحاب قوي
عبد الرحمن : شكله إنسان محترم
إيناس : هه ............ اااه طبعاً
عبد الرحمن : لكن ليه أعداء
إيناس : أعداء !!!
عبد الرحمن : الناس اللي هجمت على المزرعة أكيد حد مسلطهم
إيناس : قصدك البلطجية
عبد الرحمن : أيوه .............. عموما حصل خير ........... ربنا ستر وكفاية قوي لغاية كده
إيناس بإرتباك : كفاية ........ إيه
عبد الرحمن : يعني إن شاء الله ترجعي معانا علي البيت ............. بعيد عن القلق ده
أجابت إيناس بعفوية : بس هو مـ.ـا.ت
نظر عبد الرحمن نحوها بتفحص : هو مين ده اللي مـ.ـا.ت
إيناس وقد تمكن منها الإرتباك : اللي ........... اللي سلط البلطجية
عبد الرحمن : وعرفتي منين إنه مـ.ـا.ت
إيناس : شفته .............. الخيل كانت مذعورة وبتجري وإحنا طلعنا على صوتها .......... والشخص ده مـ.ـا.ت تحت رجلين حصان خايف
عبد الرحمن : والرصاص مين ضـ.ـر.به
إيناس : معرفش إحنا كنا ملخومين باللي بيحصل وفجأة سمعت صوت رصاص
عبد الرحمن : خلاص يبقى لغاية ما نعرف مين ضـ.ـر.ب الرصاص .......... مفيش رجوع للمزرعة

بدا عليها الضيق ............. الآن تود العودة للمزرعة ............ من أجل من ؟؟ من أجله ................ نعم من أجله ........... ألم تتلقى الشظية من أجله ............ ألم تتستر على كارمن من أجله ............. من أجل أن تفتح دائرة إنتقامه وتُفرغها من أحقادها ............. إنها تريده نقياً ............ خالٍ من هواجس الغضب ................. سحقاً إنها تريده .وهو .............. هو لا يريد سواها .............. عاد وألقى نظرة سريعة عليها .............كانت وحيدة بالغرفة .............

قال لها بنبرة حانية : أنا مضطر أرجع المزرعة أشوف الوضع هناك وكمان أغير هدومي
أومأت بإبتسامة رقيقة دون حديث
سألها بخبث : هو بابا فين
أجابت : راح يصلي .........تابع بإبتسامة ماكرة : خلاص أستنى معاكي لغاية ما يصلي
إيناس : هي ماما فين
خالد : تحت بتقيس الضغط
إيناس بلهفة : هي تعبت
خالد : متتخضيش ده أخوكي حب يطمن عليها
ظلت صامتة لوهلة ...........تابع بعدها : الظابط جه
إيناس : أيوه
خالد : برده مقلتيش على كارمن
إيناس : لأ
خالد : ليه يا إيناس
بدا عليها الإرتباك ولم تجب ..........
تابع بصوت دافئ : علشاني

همت تنفي بلسانها ما تجزمه عيناها ولكنه إستوقفها متابعاً : زي برده ما أخدتي رصاصتها مكاني
كان ينظر نحوها بثقة ............ بعمق ........... بحب قالت متلعثمة : أنا ........... قال بثقة : بحبك
مرة أخرى تمكنت منها حمرة الخجل .............. تقافزت دقات قلبها وكأن إشارات نبضه الجامح مرتسمة على وجهها .......... كادت أن تتحدث ولكن .......... ماذا ستقول ........... لم يعطها فرصة إختطف أناملها برقة ليطبع عليهم قبلة دافئة ........... سحبتهم بخجل ............. إبتسم لها برقة مودعاً وإحتفظت هي بإبتسامتها لنفسها بعد رحيله .................
********************************



وبخطوات متثاقلة ........... مترددة ............ وبعد أن إطمئن على غاليتيه ............ معشوقته ومزرعته توجه إليها ............. كانت تجلس منكمشة على الفراش ............. خصلاتها الحمراء مبعثرة كأفكاره ............ إنتبهت له ........... كان وجهها شاحباً ............. ملامحها قلقة ................ تبدلت نظرتها وحلت السعادة محل الخوف ............... صاحت ببهجة : خالد حبيبي إنت جيت
نظر نحوها بصدمة تابعت بعد أن تبدلت ملامحها لحزن : خالد أنا مش عارفة أنا فين ........... فين بابا وكريم ........... هما مش معاك
خالد : إيه !
إقتربت منه وإحتضنته بشوق ثم تابعت : حبيبي وحـ.ـشـ.ـتني قوي ............... يلا نمشي من هنا ............ يلا نروح على البيت .

نعم كان حائراً بشأنها .............. كان ينتظر كلمـ.ـا.تها ليقرر مصيرها بين إنتقامه وشفقته ولكن لم يتصور أن يجد في النهاية ..................... الهذيان .
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أنه كان هناك سفينة ......... تبحر دون مقصد بدروب الحياة .......... زادها الخيال وونيسها الذكرى ............ وفي ليلة فضية .............. ليلة تربع فيها ضوء القمر على عرش الظلام ...........وتزينت سماء الليل بلمعة النجوم............ غاصت دون وعي ببحر الهوى ............. وبحر العشق عميق .......... سحيق يا مولاي .............. وبعمق هذا البحر كان يوجد جبل ........... شامخ...........غاضب ............ ثائر ........... .............أسود كستائر العتمة يطـ.ـلقون عليه جبل المغناطيس ........... كلما مرت به سفينة ............ تحطمت ........... تناثرت أجزاؤها ...........فصارت حطاماً ........... إبتلعه البحر في لحظات .

وإقتربت منه دون إرادة وتحطمت جدران عزلتها على يد عنفوانه ............... ولكن لم يبتلع البحر عزلتها فحسب .......... ولم يتمكن الغرق فقط من ذكراها بل غاصت معه أحجار المغناطيس وركع شموخ صرحه تحت قدميها ................

مرت ثلاثة أيام ................ ثلاثة أيام منذ أن ألقى بتعويذته السحرية على مسامعها .............. أحبك بدّل حالها ورحل ........... تركها سعيدة ........... لا بل حائرة ........... مبعثرة كحروف كلمته داخل عقلها ............. فتارة رافضة وتارة عاشقة ........... وهو غائب ........... والوقت يتبختر بدلال حولها .......... وعبـ.ـارته متأججة بوجدانها ........... متملكة لها بإصرار .......... رحل ......... وهي أصبحت رافضة وغدت مشتاقة .وأحاطت بها الغُربة ........... وكأن العالم فراغاً دونه ........... لم تصدق نفسها عنـ.ـد.ما لمحت رقية بباب غرفتها ومعها خالد الصغير .......... كانت تبدو جميلة ............ بل مضيئة ........ نعم مضيئة بشعاع الأمل ورونق الأمومة .............
هتفت إيناس بسعادة بالغة : رقية
رقية : أنوس حبيبتي

تعانقتا بشوق وطبعت إيناس قبلة رقيقة على جبهة الصغير النائم ............ إبتسمت بمكر لصديقتها وقالت : نسخة من البشمهندس
رقية : مخدش مني حاجة العفريت ده ..........حتى متعب زي أبوه
إيناس : ربنا يخليكوا لبعض
رقية : إنتي عاملة إيه دلوقتي يا حبيبتي
إيناس : أنا كويسة الحمد لله ......... مش عارفة ليه الدكتور مقعدني هنا ............ أنا زهئت
رقية : هي كانت عملية الزايدة يا إيناس ........... دي رصاصة ............. يا ربي أنا كل مافتكر قلبي يقع في رجلي
إيناس : خلاص يا رقية .......... عدت الحمد لله
رقية : حصل إيه يا إيناس ............ حصل إيه يومها
إيناس : مانتي عارفة يا رقية الهجوم والقلق
رقية : حتخبي عليا يا أنوس .......... أنا عارفة إنها رصاصة كارمن

نظرت نحوها إيناس بترقب وتابعت : خالد هو اللي قالكم
رقية : خالد يومها كان في حالة إنهيار وبعت دسوقي لحسن ............... كان عايزه يحبسها لغاية ما يفوقلها وحسن عرف من دسوقي إن كارمن كان في إيدها مسدس ..............
إيناس : يعني هي دلوقتي في المزرعة
رقية : لا جاتلها حالة إنهيار عصبي وحسن نقلها على المستشفى
إيناس : ايه !
رقية : كانت قاصداكي يا إيناس
إيناس : رقية إنتي بتقولي إيه ........... لأ خالص حتقصدني ليه
رقية : علشان تحرق قلبه ............ كانت عارفة إنه بيحبك صح
إيناس بتلعثم : بي ........... بيبيإيه ............ رقية إنتي بتقولي إيه
رقية : بطلي مكابرة بقة .......... أنا نفسي عرفت من يوم ما طفشتي وجري وراكي زي المـ.ـجـ.ـنو.ن علشان يرجعك ............ ليلة ما ضايقك وهـ.ـر.بتي تاني يوم
إيناس : رقية .......
رقية : كارمن كانت عارفة أكيد ........... ليه مبلغتيش عنها ....... ليه
إيناس : مكنتش تقصدني ............. مكنتش في حالتها الطبيعية علشان تفكر بالطريقة دي
رقية : مش فاهمة ............ طيب الطلقة ضـ.ـر.بتها إزاي

صمتت رقية لوهلة ثم تبدلت ملامحها فنظرت نحو إيناس في صدمة وقالت : إيناس ........... هي كانت تقصد .........

ترقرقت العبرات بعيني إيناس رغماً عنها وتابعت : أيوه ............كانت تقصد خالد ............ رقية بتأثر : إيناس إنتي عملتي إيه ........
بنبرتها المرتجفة تابعت : ماقدرتش ............. كان صعب أفقده من تاني ............ كان صعب قوي ........... محستش بنفسي

أمسكت رقية بأناملل صديقتها وربتت عليها : حبيبتي ........... إنتي مـ.ـجـ.ـنو.نة ............. إنتي بتحبيه للدرجة دي

إنفجرت إيناس رغماً عنها في البكاء عنـ.ـد.ما سمعت عبـ.ـارة رقية الأخيرة .......... لقد أفرغت لتوها حملها الثقيل بجعبة صديقتها ..............
إقتربت منها رقية ورفعت ذقنها وتابعت بحنان : طيب بتعيطي ليه بس ............ هو الحب حاجة وحشة
إيناس : أنا ............ أنا
رقية : إنتي حبيتيه .............. حبيتيه يا أنوس ............ ومش حت عـ.ـر.في تكدبي حتى على نفسك
إيناس : لكن ............. شريف

نظرت رقية لصديقتها بإبتسامة وتابعت : شريف أول حب بس مش الأخير يا إيناس ............. قلبك دق تاني .......... لأ ده مش دق ..........ده صرخ بأعلى صوته وقال بحبك يا خالد .............. وعلى فكرة عادي يعني مش عيب ولا حـ.ـر.ام ولا قلة أدب
إيناس : بتهظري يا روكا
رقية : لأ ما بهظرش ............. ولا ناسية الكلام اللي قلتهولك ليلة ما حمزة عرض عليكي الجواز ........... فاكرة ...........يومها كنتي مش طايقة نفسك
إيناس بشرود : حمزة ...........
رقية وقد إبتسمت بمكر : أيوة حمزة .............. بس أقول إيه ...............ماهو إحنا كده كلمة بحبك بتبقى حلوة بس من واحد بس

صمتت إيناس لوهلة بعد عبـ.ـارة رقية ............. تذكرتها ........... بحبك ............ قالها بهمس .......... بصوت دافئ ............ وتمكنت منها حتى النخاع ........... تمكنت من يقظتها وسيطرت على أحلامها ............. هي حمقاء ............ أين هو الآن ............ رحل دون إكتراث !!!

قطبت جبينها .......... تابعت بضيق : الكلام ده سابق لأوانه رقية : ده هو أوانه ......... أنا لو منه أجيب المأذون وأكتب حالاً قبل ما ترجعي في كلامك
نظرت نحوها إيناس بقلب مرتجف : مأذون ........... إنتي بتقولي إيه بس ........... لا كويس إنه ما بيفكرش زيك ............ رقية : حنشوف ............ هو بس يخلص موضوع الست كارمن
إنتبهت ........... سألتها بقلق : كارمن هو حيعمل إيه
رقية : مت عـ.ـر.فيش
إيناس : لأ معرفش وماشفتوش من ثلاث أيام ............. قولي يا رقية مـ.ـا.توقعيش قلبي
رقية : معرفش تفاصيل ............ بس هو حسن قالي إنه نقلها مستشفى أمراض نفسية و ...... عايز يسفرها برة
إيناس : أمراض نفسية ........... هي حصلها إيه بالضبط
رقية : معرفش ............. خالد ماقالش لحد تفاصيل .................حتى لحسن
شعور آخر ............ تختبره الآن .......... هو حريص بشأنها .......... ربما قلق ............. مشغول ........... متحفظ ............. تباً ........... إنها الغيرة .
**********************
ما زالت عبـ.ـارات الطبيب مسيطرة على عقله ............ كارمن تعاني من فقدان الذاكرة الإنشقاقي ........... ذكرى آخر ثلاثة أعوام غابت عن عقلها .......... الطبيب يرجح أن السبب صدمة عنيفة ............ صدمت إصطدمت بشقاء ثلاثة أعوام ......... بذرة الغضب التي ألقاها بعبث في أرضها لتطرح غِلاً كاد أن يودي في النهاية بحياة من تمكنت من دقات قلبه .
زفر بضيق ........... يالسخرية القدر ............ الآن هو يسعى بكل ما أوتي من قوة لعلاجها .......... رتب كل شئ في أيام ............ وتوصل بفضل أصدقائه في الولايات المتحدة لمصحة نفسية شهيرة ............ علاج عضوي ونفسي لإستعادة ذاكرتها أولاً والتعامل مع ألمها ثانياً ............... لا يعلم هل يفعل ذلك خوفاً عليها أم منها ................ أم ربما كلاهما .
*****************************
إبتسم حسن مرحباً بزوجته بعد أن دخلا للفيلا قائلاً : نورتي بيتك من تاني يا حبيبتي ........... نورت يا أستاذ خالد
إبتسمت رقية لزوجها إبتسامة بسيطة وظلت تتفحص منزلها لدقائق ورغماً عنها تمكنت منها ذكرى رحيلها ........... لاحظ حسن تبدل ملامح زوجته ............ تابع بصوت أجش : إيه يا رقية ............... مكنتيش عايزة ترجعي
رقية : لو مكنتش عايزة أرجع ماكنش زماني واقفة هنا دلوقتي
حسن : يبقى تضحكي وتفرحي برجعتك لبيتك وتفرحيني معاكي
تنهدت رقية وتابعت بنبرة جادة : حسن إحنا لازم نتكلم
إبتسم حسن وتقدم من زوجته مقبلاً رأسها وتابع : ومستعجلة على إيه ........... ماحنا حانتكلم ............. قدامنا العمر كله ....... حنتكلم وحنتخانق وحنقلق وحنفرح وحنزعل وحصالحك .......... بس حنفضل مع بعض ............ ولبعض ........... سامعاني يا رقية ........... لبعض .


نظرت نحوه بتمعن ........... ثم نظرت نحو خالد وتفحصت مملكتها مرة أخرى وإبتسمت بسخرية ............ فقد كان محقاً .***************************
دخلت ثريا لغرفة إبنتها مسرعة وهي تلهث قائلة : معلش يا حبيبتي إتأخرت عليكي
إيناس : ماما إنتي تاعبة نفسك راحة جاية
ثريا : لازم برده أطل على البيت وعلى أخوكي
إيناس : خليكي في البيت يا ماما ........ ملوش لزمة تبهدلي نفسك معايا هنا
ثريا : لما تِبقي ماما حتفهمي
إبتسمت إيناس لأمها وتابعت : حقك عليا يا ست الكل أنا مش قصدي انا بس عايزة أريحك
ثريا : محدش فيكم مريحني ............. الصغير قالقني عليه وبيسرح وبيتأخر بره كتير خصوصاً لما أغيب والكبير أهو معاد أجازته فات يجي من 3 شهور ومنزلش ........... الشغل يا ماما ........... طيب كان نزل العيال دول وحشوني قوي
إيناس : معلش يا ماما محدش عارف ظروفه
ثريا : وإنتي ربنا يهديلك الحال وقلبي يطمن عليكي بقه ..............
- طيب والدعوات دي أنا مليش نصيب فيها


قال عبد الرحمن جملته بإبتسامة وهو يدلف لداخل الغرفة ............. نظرت نحوه ثريا بتساؤل ........ كنت بتكلم مين وسيبتني أطلع لوحدي
عبد الرحمن : كان معايا واحد صاحبي على التليفون
ثريا : صاحبك مين ؟
عبد الرحمن : صاحبي وخلاص يعني إنتي ت عـ.ـر.في كل صحابي .................. عاملة إيه النهاردة يا حبيبتي
قال جملته الأخيرة لصغيرته بإبتسامة قابلتها هي بإبتسامة أوسع مجيبة : الحمد لله يا بابا
عبد الرحمن : زهئتي الصبح لوحدك
إيناس : لأ خالص حتى رقية جاتلي وقعدت معايا شوية
عبد الرحمن : الست دي ذوق جداً وجوزها كمان
إيناس : اه ولله طلعت من المستشفى عليا علطول قبل حتى ما تروح البيت
ثريا : وكلمتني وكلمت أبوكي تطمن علينا كمان
إيناس : والله فيها الخير
عبد الرحمن : طيب أنا حاسيبكم ورايا مشوار ضروري وراجع
ثريا : رايح فين
عبد الرحمن : حقابل واحد صاحبي
ثريا بدهشة : صاحبك مين عبد الرحمن بضيق ونبرة يقصد بها ممازحة زوجته : ما قلتلك متعرفهوش ............ يلا عايزيين حاجة من برة
لم تجب ثريا زوجها فأجابته إيناس بإبتسامة : سلامتك يا بابا
نظرت إيناس نحو أمها وتابعت : برده متضايقة
ثريا : يعني شايفة أبوكي ودلعه ....... وقت صحاب ده وخروج
............ محدش فيكم مريحني ........... إنتم الأربعة .

ضحكت إيناس بيأس وزمت ثريا شفتيها وظلت تتفكر في أحوالهم جميعاً .
**************************
نظر عبد الرحمن نحو خالد بإبتسامة وتابع وهو ينفض ملابسه : الحقيقة يا بشمهندس لما كلمتني في التليفون وقلتلي ياعمي ............. توقعت مقابلتنا حتكون في مكان هادي وإني حاشرب لمون ولما إنت إقترحت المزرعة قلت وماله مكان حلو وجو جميل وهدوء ............. لكن متوقعتش اللي حصل ده خالص
إبتسم خالد بدوره وتابع بعد أن بدّل ملابسه التي كانت قد نالت نصيبها مما حدث : بجد يا عمي أنا مش عارف أقولك إيه .............. أنا كنت نسيت في وسط اللخبطة و الزحمة الفرسة دي خالص ............. يدوبك عرفت من البواب إن حضرتك وصلت لقيت السايس بيقوللي يا بشمهندس إلحق سهيلة حتولد

عبد الرحمن : فرسة جميلة وإسمها جميل
خالد : أنا مكنتش عايز أتعب حضرتك وقلت تنتظرني في الفيلا أفضل
عبد الرحمن : بصراحة أنا كان عندي فضول أحضر التجربة دي ............. برده شغلكم متعب يا أخي ........ هي إيناس لو كانت موجودة كانت حتولد الفرسة دي
خالد : لا لا مش للدرجة دي بس كانت حتحضر مع الدكتور وتساعده
عبد الرحمن : بس إنت كنت مخضوض قوي ده ولا أكن مراتك اللي بتولد
خالد : أصل الفرسة دي بقت عزيزة عليا قوي
نظر عبد الرحمن نحوه بتفحص ثم تابع : طيب أنا محتاج لمون بعد شحنة التـ.ـو.تر دي
خالد : لمون إيه ............. الغدا جاهز
عبد الرحمن : غدا إيه يا إبني هو أنا حاقدر آكل حاجة بعد اللي شفته ده .............. يلا هات اللي عندك
خالد : طيب نقعد الأول .............. إتفضل
عبد الرحمن : هه وادي قعدة ........... يلا قول يا بشمهندس
خالد : أنا كنت عايز أعرف رد حضرتلك على طلبي
عبد الرحمن : يابني إنت مستعجل كده ليه ده ربنا خلق الدنيا في سبع أيام
خالد : ونعم بالله ............ أصلي مسافر وكنت حابب لو أعرف رأيك مبدئياً يعني
عبد الرحمن : مسافر !!خالد : اه ظرف طارئ أسبوع وحارجع
عبد الرحمن : لما ترجع بالسلامة لينا كلام ............ حتى تكون إيناس خرجت من المستشفى
خالد : طيب إتفضل
عبد الرحمن : إيه ده
خالد : دي ورقة فيها كل بياناتي علشان حضرتك تسأل عني وعن عيلتي
عبد الرحمن : يا إبني سماهم على وجوههم
خالد : والله يا فنـ.ـد.م المفروض أنا اللي أقول الجملة دي ............. حضرتك بتفكرني بوالدي الله يرحمه
عبد الرحمن : الله يرحمه ومدام بفكرك بوالدك يبقى بلاش يا فنـ.ـد.م دي قول يا عمي زي ما بدأت كلامك
خالد : طيب ممكن ياعمي أطلب من حضرتك طلب تاني
عبد الرحمن : طلب إيه
خالد : ممكن أروح أسلم على إيناس في المستشفى قبل ما أسافر

رمقه عبد الرحمن بنظرة متفحصة مرة أخرى من تحت نظارته وتابع : هو المفروض لأ ............ بس أنا موافق .......... بس بشرط
خالد : إتفضل
عبد الرحمن : عايز الحقيقة يا خالد ............... الحقيقة اللي إنت وإيناس مخبينها
خالد : حقيقة إيه
عبد الرحمن : مين اللي ضـ.ـر.ب الرصاص

صمت خالد لوهلة ثم زفر بعمق ونظر نحو عبد الرحمن بجدية وتابع : حاضر ............. أنا حقول لحضرتك على الحقيقة ........... حقولك مين اللي ضـ.ـر.ب الرصاص .**********************************


كانت الساعة قد تعدت الحادية عشر صباحاً بقليل ............. الوقت يمر ببطء كقطارٍ متهالك يحمل على متنه الكثير والكثير من الأفكار .............. ذكريات الحاضر تتسلل بخبث نحو عقلها ........... تذكرت ضَحكته عنـ.ـد.ما أغرقه رعد ببقايا طعامه ........... إبتسمت ولكن تبدلت إبتسامتها لضيق عنـ.ـد.ما تذكرت غيابه ............ إنها تفتقده .......... أفاقت من شرودها على صوته ............ هذا من ينقصها .......... الآن تتخيل سماع صوته ! ........... ما بال هذا الرجل .......... تخطو النساء بعالمه نحو الجنون ............ ولكنه لم يكن جنوناً ............. لم يكن خيالاً ............ كان واقعاً متجسداً على باب غرفتها ..........هو بحدة نظراته ومكر إبتسامته ودفء صوته .

خالد : صباح الخير
إيناس : صباح النور

دخل بخطوات ثابتة ......... ثم قرَّب أحد المقاعد من فراشها وتابع متسائلاً أثناء جلوسه : هي ماما فين
إيناس : كل يوم الصبح بتروح على البيت شوية ........... تطمن على مصطفى وتشأر على الشقة وبابا بيجيبها بعد الظهر
تابع بإبتسامة: وإنتي عاملة إيه دلوقتي
إيناس : الحمد لله

كانت تجيبه بإقتضاب تابع بنبرة ضاحكة : متأكده ........... أنا متفق مع الدكتور أقل من 70 نبضة في الدقيقة مش حاستلم أنا بقولك أهو
ضحكت إيناس رغماً عنها وتابعت : إيه اللي إنت بتقوله ده
خالد : يااااااه .......... أخيراً ضحكتي .......... ده عملت بحث مُضني عالنكتة دي قبل ما أجيلك علشان أصالحك بيها إنتي عارفة دمي مش خفيف قوي .
أعادت بعض خصلات شعرها للوراء بإرتباك ثم تابعت : تصالحني .......... ليه
خالد : علشان زعلانة مني
إيناس نافية بتـ.ـو.تر : لا أبداً مش زعلانه
هو بثقة : لأ زعلانة
تابعت رغبة في الهروب : أخبـ.ـار المزرعة إيه
خالد : وحشة من غيرك
ردت مسرعة رغبةً منها في التخلص من هذا الإرتباك الأحمق الذي يصيبها أمامه : يعني مفيش خساير
خالد : الخساير بسيطة وحنعوضها إن شاء الله
إيناس : إن شاء الله
خالد : مش عايزة ت عـ.ـر.في كنت فين الأيام اللي فاتت
إيناس : أكيد مشغول بمليون حاجة
خالد : يعني عندي مليون حاجة تشغلني عنك ! تبقي لسه زعلانة

نظرت نحوه بخجل دون إجابه .......... فحروف الهجاء تهرب أمام نظراته ............ تصبح شفرة هي نفسها غير قادرة على فك طلاسمها ........... إستشعر خجلها كعادته وإستقطع لنظراته بعض اللحظات الخاصة مع حمرة وجنتيها ثم تابع بصوت هادئ : لو زعلانة أنا ممكن أصالحك تاني
كانت نبرته ماكرة
.............

ردت مسرعة دون تفكير : لأ خلاص أنا مش زعلانة
ضحك بصوت عالٍ ثم تابع وهو يزفر براحة : اااااه ........... معاكي بانسى همومي
نظرت نحوه بقلق : حصل إيه
خالد : كارمن
إيناس : رقية كانت عندي إمبـ.ـارح ........... بتقول دخلت مستشفى أمراض نفسية
خالد : نقلتها فيه من يومين لغاية ما تسافر وتتعالج برة
إيناس : للدرجة دي
خالد : معنديش إستعداد أجازف ......... ممكن تكون خطر على نفسها وعلى اللي حواليها
إيناس : هي عندها إيه
خالد : فقدان ذاكرة جزئي ........... مش فاكرة أحداث آخر 3 سنين
إيناس : معقول
خالد : الدكتور بيقول مع العلاج حتتحسن لكن أنا قلقان من رد فعلها بعد ما تفتكر ............. ده كمان مهم أعالجه
إيناس : عقلها حماها من الصدمة وهرب للماضي
خالد : على فكرة ............ هي كمان فاكرة إني لسه جوزها
نظرت نحوه بدهشة وتملك منها الغضب للحظات ثم إستدركت نفسها وتابعت : هي صعبانة عليا
قال خالد بنبرة حزينة : أنا كنت برده سبب في اللي حصلها
إيناس : حتسفرها فين
خالد : فلوريدا ............ صديق نصحني بمصحة كويسة هناك حجزتلها وحاوديها كمان يومين
إيناس : وحتسافر معاك بسهولة
خالد : الدكتور حيديها جرعة مهدئات وهي هادية أغلب الوقت بس أحياناً بتكون مركزة ومش عارفة هي فين
إيناس : ربنا يشفيها
خالد : حاغيب أسبوع واحد بس
إيناس : براحتك برده لازم تطمن على الوضع هناك
خالد : حتوحشيني حاجي عليكي من المطار
إبتسمت ثم قالت وهي تنظر للأسفل : غالباً حكون رجعت للبيت
تابع بإبتسامة واثقة : خلاص يبقى حاجي البيت

رفعت نظرها لتجده ينظر نحوها بإصرار متابعاً : حاجي البيت يا إيناس ............ فاهماني ......... حاجي البيت .صمتت لوهلة ........... كانت تعلم مقصده جيداً .......... كانت خائفة وسعيدة ............ حائرة ولكن راغبة بقربه .......... تابع مرة أخرى وهو يبسط يده من أجل مصافحتها : أشوف وشك بخير

كانت أناملها مرتجفة .......... بـ.ـاردة ........ إستقرت بأمان عنـ.ـد.ما إستشعرت دفء قبضته .......... وجدت نفسها تقول له : إبقى كلمني

نظر نحوها بعمق تبعته إبتسامة صادقة وقال : حاكلمك .......... كل يوم حاتصل أسمع صوتك

إيناس : لا إله إلا الله
خالد : محمد رسول الله
إختبـ.ـار السيدة الجميلة

كيف نرى العالم .............. هل نراه كما هو أم نراه كما نريد أن نراه .
الحقيقة أننا نرى العالم من خلال أنفسنا ............ أفكارنا .......... مشاعرنا .......... ربما سعادتنا أو غضبنا .


الصورة السابقة تمثل إختبـ.ـار . فإذا نظرنا ملياً للصورة على اليمين ثم عدنا للصورة في المنتصف سنراها إمرأة جميلة .............. شابة ................ لها أنفٌ دقيق وترتدي عقداً ربما من الماس ولكن .............. إذا نظرنا بدقة للصورة الأخرى على اليسار ثم عدنا مرة أخرى للصورة في المنتصف سنجدها عجوز !! نعم عجوز تبدو في السبعين من العمر .......... حزينة ........... لها أنفٌ ضخم وترتدي شالاً سميكاً .......


نعم ............. نحن نرى الحياة بمنظور مختلف ويختلف بإختلاف تجاربنا ............ ماضينا ............ أفكارنا ..............هواجسنا ............ وستتبدل الصورة كلما تغيرنا نحن .


نعم ........... الصورة ثابتة ونحن من نتحرك .


خالد


مرت عدة أيام .............. وإستقرت كارمن بالمشفى النفسي ............. كان يذهب لزيارتها يومياً ............ مرت الأيام عليه مزدحمة ........... ممتلئة بما حدث ويحدث وسيحدث ومع مرور الوقت بدأ يوقن ويعي التغيير حوله ........... إختلف كل شئ ......... كارمن تبدو مختلفة ........... ملامحها ......... إبتسامتها ............. عيناها ............. وكأنها ليست كارمن ............ وكأنها إمرأة أخرى قابلها فقط منذ عدة أيام ............ فلم تعد خصلاتها الحمراء ثائرة .............. جامحة كما إعتادها لا بل أصبحت هادئة ............ مستكينة ............. خاضعة .
زرقة عيناها تملك منها السكون ......... والركود ............ ربما اليأس وربما العفة .............. نعم إنطفأت شعلة الرغبة بداخلها ............ ولكن أية رغبة ؟؟ رغبتها أم رغبته .............. فمنذ البداية كارمن لم تكن سوى رغبة .............. رغبة الإنتقام .............. رغبة الكيد .......... ورغبة المتعة ............ والآن أصبحت رغبة التطهير .

نعم إختلف كل شئ وأصبح يراها بمنظور مختلف .............. مسالم ........... هادئ ............. مسامح ........... منظور معبقٌ بنكهة البندق .



***************************


إيناس




عادت للمنزل ............ عودة أخرى ............. مرة أخرى ........... مشفى آخر ............



يبدو كل شئ مختلفاً ............. على الرغم من أنه لم يتغير شئ فالأثاث مرتب كعادته ............... عبق الدفء يغمر المكان كما عهدته ............. والدتها تمارس طقوسها الخاصة بالمطبخ التي تنبئ بوجبة شهية ساخنة .............. وجبة تلذذت بطعمها أكثر من ذي قبل ............ نعم كل شئ يبدو أجمل ............ حتى الشرفة ................ شرفة شريف ...............تلك الشرفة التي إحتضنت ذكرياتها ...........أحلامها .............. سعادتها ............أحزانها ............. عشقها .


لم تتوجه نحوها بخطوات مرتجفة تلك المرة .............. لم ترى القبح بمعالمها كما إعتادت ............ فالمرأة بالشرفة كانت تبدو جميلة .............. متفانية ............. سعيدة ............ إنها أم مستمتعة برونق الطفولة المحيط بها .............. وكأنها تراهم لأول مرة ........... وكأنها ترى الحياة من جديد .


حياة بشمس صبوح تشرق مع رسائله الصوتية كل صباح ............ نبرته الدافئة وعبـ.ـاراته العاشقة أصبحت عادة ............. وسعادة .......... ورغبة وإبتسامة ودقات قلب متفانية من أجله وكل شئ


كانت وحيدة بغرفتها عنـ.ـد.ما سمعت طرقات متتالية على الباب ............
رمق عبد الرحمن إبنته بنظرة بــــاسمة وقال : صباح الخير يا أنوس
إيناس : صباح النور يا بابا
عبد الرحمن : عاملة إيه دلوقتي
إيناس : أنا كويسة يا بابا متقلقش عليا
عبد الرحمن : طيب يا بنتي الحمد لله ............. دماغك رايقة عايز أتكلم معاكي شوية
إبتسمت لأبيها بإرتباك وتابعت : اه طبعاً إتفضل يا بابا
إبتسم عبد الرحمن لإبنته ثم تابع بنبرة جادة : بصي يا إيناس من غير مقدمـ.ـا.ت كتير البشمهندس خالد طلب إيدك مني
صمتت إيناس لوهلة وقد تمكنت دهشة ممزوجة بالخجل من ملامحها ثم تابعت بنبرة خافتة : طلب إيدي .......... إممممتى
عبد الرحمن : في المستشفى
إيناس : في المستشفى !!!
عبد الرحمن : أيوة في المستشفى ............ تقريباً ده كان أول كلامه معايا


كانت تستمع لأبيها والدهشة مسيطرة عليها ........... فخالد لم يُخبرها أنه بالفعل تقدم للزواج منها وبتلك السرعة ............. الزواج ........... ماذا كانت تظن أنها ستقضي سنواتها القادمة في إستقبال برقياته العاشقة ........... حتماً سيكون هناك زواج فقد أخبرها بإصرار أنه سيأتي للمنزل .......... أخرجها صوت أبيها من أفكارها المتشابكة وقد تابع : بصراحة أنا في الأول مكنتش متشجع لكن لما سألت عنه وعن عيلته لقيت سمعتهم طيبة وهو أعتقد إنه شخص ناجح ولا إنتي إيه رأيك
إيناس : هه
عبد الرحمن : إيه رأيك في البشمهندس خالد
ردت بإرتباك : هو كويس ............. كويس
عبد الرحمن : يعني موافقة
إيناس : موافقة ............. على إيه
رمقها أبيها بنظرة فاحصة وتابع : على الجواز
تبدلت ملامحها ........ تمكنت منها الحيرة والحزن ..........قالت بيأس : مش عارفة


إبتسم عبد الرحمن لإبنته ثم أحاطها بذراعه ليجذبها بقربه وتابع : شوفي .......... والدتك طبعا مشجعة الموضوع ........... أنا كنت متردد لكن هو وعدني بحل مشكلة كارمن وإنها مش حتسبب إزعاج ولا خطر ليكم من تاني
نظرت له إيناس بصدمة قائلة : هو حكى لحضرتك على كارمن
عبد الرحمن : وإنتي تفتكري إني ممكن كنت أوافق من غير ما أفهم بالضبط اللي حصل ليلتها في المزرعة


لا تدري ماذا حل بها ولكن سخونة وجهها كانت تنبئ بملامح حمراء تحمل الخجل والغضب في آن واحد ............ أيعقل أن يكون قد أخبر والدها بتضحيتها من أجله ............ لاحظ عبد الرحمن ملامحها الحائرة وقلقها البادي بقوة على وجهها .......... كان يود أن يصمت منتظراً تفسير ما حدث منها تلك المرة ولكنه آثر المتابعة من أجل تهدئتها فتابع : أنا بصراحة كنت مصدوم لما حكالي على موت اللي اسمه كريم وكمان جنون كارمن المؤقت وضـ.ـر.بها نار عليكم عشوائي وفي الآخر إنتي اللي انصبتي .............. زم شفتيه وتابع : طول عمرك محظوظة كده يا بنتي


تنفست إيناس الصعداء عنـ.ـد.ما سمعت كلام أبيها .............اه كم تحب خالد في تلك اللحظة ............ هل هذا حقاً هو الحب........... أن يعلم حبيبك بما توده دون
أن تُصرح له بذلك ............. نعم ربما علمت رقية بتضحيتها من أجله ولكنها لم تشأ أن تواجه عائلتها بهذا الشأن فآخر ما ينقصها الآن هو تبرير هذا العشق أم ربما هذا العذاب الذي أصبحت تريده رغماً عنها ...............
مرة أخرى يُخرجها صوت عبد الرحمن من شرودها ..................تابع الأب بنبرة ماكرة : ها يا إيناس .............. الراجـ.ـل منتظر ردنا غالباً حيزورنا الأسبوع الجاي بعد ما يرجع من السفر
إيناس : هو كلم حضرتك .......... حدد معاد يعني ؟
عبد الرحمن : تقريباً إتفقنا على كده لما شفته آخر مرة في المزرعة
إيناس : هو حضرتك رحت المزرعة ؟
عبد الرحمن : أيوه قبل ما يسافر علطول طلب يقابلني وإتقابلنا هناك .......... لأ وكمان على حظي أحضر يا ستي الولادة اللي كان المفروض حضرتك تحضريها


تملكت منها الدهشة مرة أخرى ............. ما بال هذا الحوار .......... زاخرٌ بالمفاجآت ............ هتفت متسائلة : ولادة ................. سهيلة ولدت ؟
عبد الرحمن : مكنتيش ت عـ.ـر.في ........... خالد ما قالش ليكي

نعم لم يخبرها ............ بل تهرب من الإجابة عنـ.ـد.ما سألته عن سهيلة منذ يومان وقال أنها بخير ولم تلد بعد ............. أجابت أبيها مسرعة ربما لتنفي مكالمتها الهاتفية كتلميذة صغيرة : لأ ......... حيقولي إمتى


إبتسم عبد الرحمن لطفلته العنيدة ثم تابع : عموماً قدامك يومين وتديني رد ............ لو رافضة بلغيني بس طبعاً مش حينفع شغل في المزرعة بعد رفضك ................ ولو موافقة مش شرط تبلغيني ........... يعني حنمشي بمبدأ السكوت علامة الرضا


قال عبد الرحمن جملته وغادر غرفتها مسرعاً قبل أن تبدي الموافقة أو الإعتراض على إقتراحه ........... إبتسم بسخرية هو يعلم ردها ........... فمنذ أن دلف للغرفة ولمح شعاع الشمس بداخلها وشرفتها المفتوحة على مصراعيها وقد تزينت بضحكات الصغار من الشرفة المقابلة علم الرد ............ إنها الحياة .

الحياة التي تمكنت في النهاية من عزلتها ............... تسللت ببطء لعالمها الصغير حتى تمكنت منه .............. نعم دون أن تشعر تمكن منها هذا العشق وعنـ.ـد.ما قررت الهروب إكتشفت في النهاية أنه تهرب نحوه لا منه


خالد ............. هذا الغاضب الذي إقتحم ليس واقعها فقط بل أحلامها أيضاً ......... نعم كان خالد يخطو بثقة داخل دهاليز عقلها بهذا العالم المسمى الأحلام وكأنه قرر الإستئثار لنفسه بكل شئ ............ الواقع والخيال ............

كانت الساعة قد تعدت الثانية صباحاً .............. أيقظها رنين الهاتف ........... كان هو ........... أجابت بقلق بالغ : خالد .......... خير إنت كويس
خالد : متتخضيش ............ أنا عارف الوقت مش مناسب بس أصلي بكلمك قبل ماركب الطيارة
إيناس : إنت مسافر دلوقتي
خالد : اه طيارتي كمان نص ساعة
إيناس : توصل بالسلامة
خالد : الله يسلمك ........... كان لازم أسمع صوتك قبل ما أسافر أهو يونسني في ساعات السفر المملة دي
إيناس : المسافة طويلة صح
خالد : أكثر من 10 ساعات ........... تخيلي كل ده محبوس في الجو .......... بصراحة أنا بكره الطيران جداً
إيناس : ليه
خالد : تخيلي محبوس في علبة سردين بالأمر ومش قادر أخرج .......... ححاول أنام
إيناس : فعلا .......... بالشكل ده طبيعي تكره الطيران .......... إنت بتحب الأماكن المفتوحة .......... زي المزرعة
خالد : طيب بذمتك المزرعة موحشتكيش
إيناس : بصراحة وحـ.ـشـ.ـتني ........... ووحشني رعد ووحـ.ـشـ.ـتني سهيلةقال بمكر : بس رعد وسهيلة ......
أجابت مسرعة : صحيح .......... أخبـ.ـار سهيلة إيه ؟ برده لسه ما ولدتش
خالد : هي مستنياكي تيجي تحضري الولادة بنفسك
إيناس : بس كده هي إتأخرت ........... لازم دكتور يشوفها
خالد : طيب ما تنورينا يا دكتور ........... ساعة واحدة بس ........... علشان خاطر سهيلة
تابعت وهي تكتم ضحكتها : خلاص حاجي حتى كمان بابا عايز يجي معايا

صمت لوهلة ثم تابع بغيظ عنـ.ـد.ما إستدرك نبرتها الساخرة : بقة كده ..................ضحكت رغماً عنها وقالت : طيب ليه خبيت عليا
خالد : كنت عايز أعملهالك مفاجأة ............... كان نفسي أشوف ملامحك أول ما تشوفيهم الإتنين
إيناس : طيب مش كنت وعدتني أسميه ........... كده إنت رجعت في كلامك ولا إنت سايبه من غير إسم
خالد : وهو أنا أقدر أسيب حبيبتي إيناس من غير إسم لغاية دلوقتي ..................

إرتبكت بشـ.ـدة عنـ.ـد.ما نطق إسمها مقروناً بلفظ حبيبتي وتملك منها الخجل حتى قبل أن تدرك معنى عبـ.ـارته وظلت صامتة للحظات قطعها هو بصوته قائلاً : إيه ........... رحتي فين
إيناس : إنت بتقول إيه
تابع بصوت هادئ : إسمها إيناس ............. قالت بتردد : على إسمي
خالد : وهو في إيناس غيرك
إبتسمت وظلت صامته ........... تابع خالد : لما تشوفيها حت عـ.ـر.في ليه سميتها إيناس
إيناس : شوقتني أشوفها
خالد : القرار بإيدك ........... من بكرة لو حبيتي مش بس تشوفيها لأ تفضلي جنبها علطول
أجابت بإرتباك : اممممممممم الطيارة معادها قرب
إبتسم وتابع : فعلاً أنا داخل دلوقتيإيناس : خلاص نقول لا اله الا الله
خالد : محمد رسول الله


********************************


رقية


منذ أن خطت خطواتها الأولى لمنزلها من جديد شعرت بالضيق ........... لم تتصور يوماً أن تشعر بالضيق من منزلها ......... مملكتها الصغيرة .......... ولكن صوت سهام الرفيع .......... نبرتها القاسية ........... نظرتها الكائدة وكأنها مشاعر من الغضب تتجول بالمكان .......... وكأن عبق سهام إلتصق به ويأبى الرحيل ..........


ولكن مع مرور الأيام بدأ يتلاشى ............ تناثر أمام نسمـ.ـا.ت الهواء التي إنطلقت تعدو بحرية في جنبات المكان مُحاطة بضوء الشمس ........... إنها الحياة .............. المستقبل ............ إنه خالد الصغير .

وبدا المنزل مختلفاً بعيناها مرة أخرى ........... هي ترى الآن تفاصيل صغيرة لم تُدر لها بالاً قبل ذلك ........... الدرجات البسيطة للسُلم تراها كارثة ........ خطر يهدد سلامة صغيرها وتلك الطاولات الزجاجية الصغيرة التي إعتادت أن تزين بها جوانب غرفة معيشتها لم تعد تراها جميلة بل أصبحت أداة مخيفة قد تهدد حوافها المدببة جبهة ملاكها الصغير .............. ودون شعور وحتى قبل أن يُكمل خالد شهره الأول إنطلقت تخطط لحملة واسعة من التغيير .......... لتتحول مملكتها صغيرة لبيئة آمنة ........... فقط من أجله ..........


نعم ............ إختلف منظور الحياة لدى رقية .............. أصبحت تراها من خلال صغيرها خالد .............. ورغم القلق إلا أنها كانت تبدو أجمل من ذي قبل .


حمزة



إفترض حسن النية إلى أن يثبت العكس ...........


طالما كانت تلك العبـ.ـارة هي مبدأه بالحياة ............ إبتسم بسخرية ............ يالها من عبـ.ـارة حمقاء ............ وهو كان أكثر منها حماقة ........... إفترض الصدق حيث ينمو الكذب .............. ألقى ببذور الثقة بأرض الخديعة ...............وكأن الكذب حالة إعتادها الجميع سواه ............ حتى هي طالما رآها جميلة .......... صادقة ............ هادئة كأحد ألحانه ولكنها ليست كذلك نعم ............ حتى هي تلوثت بالخديعة .........خديعة نفسها قبل الجميع فقد عشقت خالد في النهاية .


أي الأمرين أفضل أن تتكيف مع التغيير حولك أم تتجاهله ........... بالطبع إختار حمزة أن يتكيف مع التغيير وتلونت الحياة بعيناه من خلال منظور آخر ............ أكثر حرصاً ربما ............ فالقاعدة الآن تقول إفترض سوء النية إلى أن يثبت العكس .................



زفر بقوة قبل أن تضغط أنامله جرس الباب بقلق .............. لم تصدق رقية نفسها عنـ.ـد.ما وجدته بباب منزلها ........... جذبته بقوة مطعمة بحنان الأمومة من ذراعه إلى الداخل وهي تقول بنبرة لائمة : كده يا حمزة ........... تدوخني عليك علشان أشوفك
أجابها بإبتسامة مقتضبة : معلش يا أبلة ......... ظروف

كانت عيناه حزينة ............ صامتة ............ وكأنها تحمل أطناناً من الهموم ............ نظرت رقية نحوه في آسى وتابعت : مالك يا حمزة ............. فهمني يا حبيبي إيه اللي حصل
إبتسم بسخرية : يعني إنتي يا أبلة مت عـ.ـر.فيش
رقية : هو حد فاهم حاجة ............ هما كلمتين بتوع الغفير بيقول شاف كارمن في عربيتك ليلتها ............. وخالد قفل الموضوع بجنزير وقال محدش يتكلم فيه تاني ............ ومحدش فاهم حاجة
حمزة : لالا يا أبلة الكل فاهم ........... من غير كلام باين في عينيهم ............ بس مش قادرين يقولوها في وشي ولا حتى يسألوني منين دخلتهم ومنين دافعت عن المزرعة بحياتي بعد كده
رقية : الموضوع مش محتاج سؤال يا حمزة .......... إنت إنضحك عليك بس نفسي أفهم إزاي
حمزة : مش حينفع ............ عمري ما حقدر أقولك إزاي
زفرت رقية بيأس ثم تابعت : عموماً هي خدت جزائها


صمت لوهلة عنـ.ـد.ما تذكر هذيان كارمن ............. طغت الإبتسامة الساخرة على ملامحه مرة أخرى لا يعلم ماذا أصابه ولكنه لم يشعر نحوها بالشفقة ........... وكأن الجمود تمكن منه حتى النخاع ........... نظر نحو رقية بحنان وتابع : أنا جاي أقولك أشوف وشك بخير
رقية بصدمة : إيه ............... لأ ................ لأ يا حمزة .............. لأ
زفر بعمق : صدقيني ........... معدش ينفع ........... لازم أبعد بجد مش قادر أقعد هنا ............ أنا كمان جاتلي فرصة سفر كويسة
رقية وقد أمسكت بيده وبدت عبراتها من أجله : ليه يا حمزة ............ خلاص بقه موضوع وعدى وكلنا حننساه ............ ولا في سبب تاني ............ إيناس وخالد ......... صح


ربت حمزة على يد رقية ثم ضغط بأنامله على جبهته ليتركها بعد ذلك تتخلل خصلات شعره الأسود وإستقر باطن كفه في مواجهة رأسه مستنداً عليه مغمض العينين وتابع : مش حينفع ............ خالد مش حيقدر يتعامل مع واحد هو عارف إنه كان بيحب مـ.ـر.اته .............. ولا أنا حاقدر أتعامل مع ده
ملست رقية على رأسه في حنان وهي تتابع : الزمن بيداوي يا حمزة ............. بكرة تنساها وتقابل حبك اللي بجد
نظر نحوها بإبتسامة : مش لما يكون ليا أنا رغبة أحب من تاني
إبتسمت رقية في محاولة لتلطيف الأجواء وتابعت : هو إنت فاكر إنه بمزاجك ولا إيه
أجابها بإصرار : أيوة كله بمزاجي بعد كده ............ وبده ............. ده أهم حاجة
قال عبـ.ـارته الأخيرة وهو يشير نحو رأسه ملمحاً لعقله
تابعت رقية وهي تنظر نحوه بعمق : إنت خوفتني عليك يا حمزة ............ فين حمزة بتاع زمان
إبتسم بآسى : إكتشف إنه مش فارس .......... ومعندوش حصان أبيض ............ إكتشف إنه مش فاعل لأ ده مفعول بيه وبس
رقية وقد تمكنت منها العبرات بقوة تلك المرة وبنبرة باكية تابعت : ومين قالك إنك فارس ........... إنت ناسي ولا إيه
أنا مش فارس ولا فتى أحلام ............... أنا زحمة وربكة وشغل جنان
إبتسم وبعبرات متحجرة تابع بدوره : نص بيضحك والتاني زعلان

وضعت رقية يدها على فمها قبل أن تنفجر في بكاء وداعه وجذبته بقوة لتحتضنه بحنان ............ولكن تمكن منها البكاء في النهاية .............. عبرات منهمرة كالشلال بللت كتفيه ..................
تابعت : حترجع هه ............ حتتوه شوية وترجع صح

إبتسم لها ولكن بملامح باكية ثم طبع قبلة وداع على يديها وهرب مسرعاً دون كلمـ.ـا.ت ......... أم ربما دون وعود ........
جدائل البندق


تبدو كخيوط متوهجة بلون الغروب ............. ثائرة ومسترسلة في آن واحد .............. عبق البندق لم يستحوذ على جدائلها فقط تلك المرة ............. لا ..........هي كلها مغلفة بعبقٍ مميز يحمل رائحة البندق ونكهة العسل وحرارة الشمس ............. إنها إيناس .............. المهرة إيناس ............





تخللت أنامله القوية خصلاتها الرقيقة ............ كان يتأملها بإبتسامة وهو يحاور السائس قائلاً : هي عاملة دلوقتي يا دسوقي
دسوقي : متقلقش يا خالد باشا ............. دي زي الفل
خالد : طيب خلاص روح إنت شوف بقية شغلك أنا قاعد هنا شوية
غادر دسوقي وتركه يواصل تأملها ............... لم تأخذ من لون أمها الثلجي سوى تلك البقعة الصغيرة بجبهتها وأخرى فوق فمها .............. بدت مميزة ............ رقيقة ............ جميلة ................... تستحقين حقاً مسمى صاحبة جدائل البندق ............ إيناس .


زفر براحة ثم أخرج هاتفه بإبتسامة ............. إبتسامة تغلفت بالثقة عنـ.ـد.ما وجد رسالة نصية منها تطمئن فيها على وصوله ................ أجرى مكالمته وبدأ حديثه قائلاً : ألو ........... أستاذ عبد الرحمن أنا خالد
عبد الرحمن : أهلا أهلا يا بشمهندس حمد الله على السلامة
خالد : الله يسلمك
عبد الرحمن : رجعت إمتى
خالد : وصلت المزرعة حوالي العصر كده
عبد الرحمن : طيب الحمد لله
خالد : أنا كنت حابب ازور حضرتك بكرة
عبد الرحمن : طبعاً يا إبني تشرف
خالد : خلاص 8 بالليل إن شاء الله حكون عندكم
عبد الرحمن : وهو كذلك

أغلق عبد الرحمن الهاتف وإبتسم وهو ينظر لحالة في المرآة ويراقب ملامحه المختلطة بالقلق والسعادة في آن واحد ..............



*****************



ولم تكن الملامح فقط هي المختلطة بل المشاعر أيضاً ............. إيناس التي تمكن منها الإضطراب والتردد قبل اللقاء ................... دقات قلبها المتقافزة عنـ.ـد.ما سمعت صوته يحي والدها ............. إبتسامة أمها والكئوس الحمراء المتراقصة كموسيقى العرس ................ أناملها المرتجفة ............ خنصرها الأيسر التي أصرت أمها أن تحلله من حلقة شريف اللامعة قبل مجئ خالد .............. كانت تشعر أنها بدوامة ............ كثيراً ما ودت الصراخ ولكن كلما إلتقت بعيناه إستكانت من جديد ................ فعلى قدر ترددها أم ربما تخبطها فهي حقاً لا تحتمل فقدانه ............ وكأنه الجدار المتين بعالمها الذي تستند عليه خشية السقوط .............. فالسقوط الوحيد الذي ترتضيه الآن هو السقوط في عشقه .........



***************************



بعد مرور ثلاثة أشهر .............


تزينت المزرعة من أجل الزفاف ............. كما أرادته بندقيته المطعمة بنكهة العسل ........... كان بسيطاً خالياً من مظاهر الإبتذال والترف .............. وهي كانت تبدو رائعة في ثوبها الأبيض المطرز برقة وخصلاتها المرفوعة بأناقة والأجمل تلك الخصلات البندقية الهاربة المنسدلة على جيدها العاجي ........... كانت تبدو كلوحة فنية رائعة الجمال .......... هـ.ـر.بت من متحف اللوفر وإستقرت فقط بعيناه ........... كانت أنفاسها متسارعة .............. نبضاتها مرتجفة ............. دقات قلبها تعلو وتهبط مع كل لفظ يُنطق ............زوجتك إبنتي .............. قبلت زواجك ............. بالرفاء والبنين ............. تهاني ومبـ.ـاركة وأناملها غارقة بين قبضته ............ وعيناها حائرة في الزحام ولكن في لحظات تحتويها نظرته .............. وأيضاً مرت الساعات كدقائق وإنتهى الزفاف سريعاً ........... مبكراً ...........وجذبها برفق نحو منزلهم .......... نحو المستقبل ............


إبتسم لها بعد أن دلفوا للمنزل قائلاً : إنتي مستغربة المكان
أجابت بإرتباك : لأ عادي ........... أصلاً الفيلا شبه اللي كنت عايشة فيها
خالد : بس دي بقة بتاعتي أنا وأجمل حاجة إنك نورتيها
إبتسمت له بخجل دون أن تضيف شيئاً .............. تابع وهو يجذبها برفق : طيب تعالي ندخل جوة


خطت بتـ.ـو.تر داخل غرفة النوم ........... نظرت حولها لتلمس إصرار والدتها ورقية على تزيينها بأوراق الورد والشراشف المطرزة خصيصاً من أجل الزفاف ............ إبتسمت رغماً عنها ثم إنتبهت لنبرته وهو يقول : دول غيروا شكل الأوضة خالص
إيناس : بس ذوقهم رقيق
خالد : طبعاً بس أنا ذوقي أحلى

كان يرمقها بمكر ........... إبتسم لها وهو يتخلص من ربطة عنقه وسترته ثم إقترب منها ولكن خطوته المتقدمة نحوها قابلتها هي دون وعي بخطوة إلى الوراء ......... جذبها بلين قبل أن تبتعد أكثر وقال بنبرة دافئة : رايحة فين

أغمضت عيناها وهمهمت بإرتباك : لأ .......... عادي ......... مفيش
إبتسم بمكر ثم تابع : مين عملك شعرك
نظرت نحوه بدهشة : إيه
خالد : بقولك مين عملك شعرك
إيناس : واحدة .......... الكوافيرة اللي جات معايا ........... بتسأل ليه
خالد : مش عاجبني
إيناس : مش عاجبك !!!!!

إقترب منها وبحركه بسيطة حلل ربطة شعرها من قيد حليته المعدنية فتناثرت خصلاته على كتفيها ........... تابع بإبتسامة : اللي كانت عاملاه ده جريمة في حق الطبيعة ........... ملس برقة على خصلات شعرها متابعاً : كده أجمل كتير

إرتبكت وطغا إحمرار وجنتيها على كل ملامحها ........... ظل يراقب إرتباكها بشغف ............. كانت تبدو جميلة بل متناهية الحُسن ............. تابع بثقة بعد فترة لا بأس بها من مراقبتها
خالد : قدامنا ساعة
نظرت نحوه بدهشة : نعم !!!
خالد : ناقص ساعة على الغروب
إيناس : اه ......... مش إنت صممت الفرح يكون بدري
خالد : ماهو إنتي لو ت عـ.ـر.في أد إيه عينيكي بتكون جميلة في الشمس كنتي عرفتي ليه

إبتسمت بخجل وأخفضت بصرها هرباً من عيناه
تابع بنفس نبرته الواثقة : طيب يدوبك نتحرك دلوقتي
رمقته بدهشة : حنخرج !
خالد : بس حنطلع من بوابة الجنينة اللي ورا لإنهم لسه متجمعين بره ومش حينفع نخرج قدامهم........ أنا سايب العربية هناك
أنهى عبـ.ـارته ثم أمسك بيدها ليجذبها للخارج ............ قالت له بدهشة وهي تحاول التخلص من قبضته : خالد إحنا رايحين فين ؟! طيب أغير هدومي الأول
أجابها وهو يتجه معها للخارج : لا تغيري مين .......... أنا عايزك كده زي مانتي ........... يلا بقه إسمعي الكلام
إستقرت بجانبه في السيارة حائرة وإنطلق هو مسرعاً نحو وجهتهما ................



***********************



إبتسمت وهي تداعب المهرة إيناس وتمرر أناملها الرفيعة بين خصلاتها المسترسلة ثم قالت : لأ بجد أنا مبسوطة قوي إننا جينا هنا ............. كانت واحشاني قوي
خالد : عارف الفترة اللي فاتت مالحقتيش تشبعي منها
إيناس : فعلاً هما مرتين بس اللي جيت شوفتها فيهم
رمقها بغيظ : والمرتين مرة معاكي بابا ومرة معاكي مصطفى

ضحكت بشـ.ـدة عنـ.ـد.ما لمست غضبه عندها إقترب منها وتابع بنبرة ماكرة : بس خلاص إحنا لوحدنا دلوقتي
إبتعدت عنه وتابعت بتـ.ـو.تر : هو فين رعد ........
إبتسم بمكر : رعد في مكانه حيروح فين ........... أصلاً إحنا جايين علشانه مخصوص

توجهت إيناس نحو جوادها الثائر الذي أطلق حمحمة هادئة على الفور بمجرد أن إقتربت منه وبدت عليه السعادة ............. همست برقة في أذنه وإبتسمت بعدها وكأنه حوار خاص بين كلاهما ............
قال خالد بنبرة ضاحكة : اممممممم كنتي بتقوليله إيه بقه
إيناس : لأ ده سر بيني وبين رعد
خالد : والله ............ عموماً حاعرف منه
إيناس : بقه كده
قالتها وهي تنظر نحو الجواد بإبتسامة

صمت لوهلة وهو يراقبها تعتني برقة بجواده الغاضب ............. هي وحدها التي إستطاعت ترويض بأسه ........... تابع وهو يرمقها بتحدي : بس إنتي لسه ما روضتيش رعد 100%
نظرت نحوه بدهشة بالغة : نعم !!!!
تابع بثقة : لسه ناقصلك خطوة صغيرة لو عملتيها حتبقى روضتيه زيي بالظبط
إيناس : وإيه هي بقة
خالد : إنك تركبي الحصان
ضحكت وهي تحرك رأسها بالنفي : لا لا أكيد إنت بتهظر

إبتسم لها ثم سحب رعد للخارج وبدأ يعد السرج من أجل إمتطاءه
تابعت بجدية : خالد أنا مش حاركب الحصان
تابع هو بنبرة أكثر جدية بدوره : إنتي خايفة من إيه .......... أنا حامسكه ............. يعني بجد عمرك ما فكرتي تركبي حصان
ردت بعفوية : لأ ........
خالد : يلا بلاش جبن .......... أنا جهزته أهو
إيناس : لأ يا خالد وبعدين أنا حاركب إزاى بالفستان
خالد : الفستان واسع وخفيف مش حيضايقك .......... يلا حطى رجلك وإطلعي ........... الموضوع سهل خالص
إيناس : بلاش يا خالد ........... طيب خليها مرة تانية
خالد : إنتي مش واثقة فيا ولا خايفة من رعد
إيناس : لأ مش الفكرة
خالد : يبقى يلا ............... يلا بقه


أذعنت لرغبته في النهاية حائرة من إصراره ............... لم يكن إمتطاء الجواد سهلاً بالمرة خاصةً مع إرتدائها لثوب الزفاف بل لولا مساعدته لها ورفعه لجسدها لما إستطاعت الركوب ..........

تابعت وهي تنظر بحيرة للحزام السميك أمامها : طيب أمسك ده ولا أعمل إيه

لم تكد تنهي عبـ.ـارتها حتى شعرت بذراعيه القويتين تحيط خصرها لتمسك بحزام السرج وعندها أيقنت أنه إمتطى الجواد بدوره خلفها ............... هـ.ـر.بت منها العبـ.ـارات وتولت دقات قلبها المتسارعة الزمام ............
قالت بصوت خافت : إنت بتعمل إيه
همس بأذنها بكلمة واحدة : حاخطفك ...............


لم يكد ينهي كلمته حتى إنطلق رعد يعدو بكلاهما .............
هي خائفة ......... مرتبكة ............. ولكنها سعيدة
وهو كما تمنى من قبل هي معه على فرسه الثائر مستأثراً بجدائلها البندقية ........... إبتسم برضا ..........فنسمـ.ـا.ت الهواء الحر تخترق صدره كما إعتاد ولكن في تلك المرة كانت مُطعمة بعبق البندق .



تمت بحمد الله


لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇

تعليقات