رواية لحن الزعفران عمران وفيروزه كاملة جميع الفصول

رواية لحن الزعفران هي رواية رومانسية تقع احداثها بين عمران وفيروزه والرواية من تأليف شامة الشعراوي فرج في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية لحن الزعفران لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية لحن الزعفران هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية لحن الزعفران تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة

رواية لحن الزعفران عمران وفيروزه كاملة جميع الفصول

رواية لحن الزعفران من الفصل الاول للاخير بقلم شامة الشعراوي

أفراد عائلة الراشـ.ـد
فيروزة بطلة الرواية: فتاة جميلة لديها روح مرحة ولطيفة ذات الشعر الذهبي و العيون الفيروزية مزيج بين الأخضر والأزرق، عندها ٢٧ سنة الابنة الكبري والمتبنيه للواء عامر الجارحى وزوجتة نازلى.
أنيس: الابن الثانى لعامر عمره ٢٣ والذي مازال يدرس فى كلية الطب ولكنه تم تعينه طبيباً فى أحدي المستشفيات بسبب تفوقه وذكائه.
أدm: تؤام أنيس ظابط ويعمل مع والده فى الداخليه ويختلف فى الملامح عن أخيه قليلاً.
عمر: الابن الرابع شاب مرحاً يعشق الضحك والسعادة ويلقب بمـ.ـجـ.ـنو.ن العائلة لديه عين بندقية مثل اخويه فى تانية هندسة.
لارين: الابنة الصغرى والمدللة لابيها لديها عيون عسلية وشعر قصير بلون القهوة فى ثالثة ثانوى .
أبناء العم
العم خالد وزوجته نادية لديه ولدين : وليد وهو شاب طويل وعريض يعمل محاسباً فى شركة العائلة وخاطب ابنة عمه فيروزة، عمره ٣٠ سنة.
طارق: فى نفس سن عمر فهو صديقه ويدرس معه فى نفس الكلية.
العم أحمد وزوجته حسناء لديه بـ.ـنتين وولدين:
أسمائهم سارة والتى فى نفس عمر أنيس وأدm.
سهر الابنة الصغرى بنفس عمر لارين وصديقتها المقربة.
معاذ: شاب طموح وذو روح خفيفة عمره ٢٥ سنة معيدا فى كلية الهندسة.
على: عمره ٢٢ سنة فى رابعة تجارة.
الجدة سعاد: عمرها ٧٥ سنة
(الفصل الأول)
كل منا يفقد شيئاً عزيزاً عليه فرصة، إمكانيات، مشاعر لا يمكن اسعادتها، كل هذا جزء من كوننا نعيش ولكن فى رؤوسنا نخزن الذكريات فى غرفة صغيرة، غرفة كرفوف المكتبة ولنعي الأعمال التى كتبتها قلوبنا، علينا أن نصنفها وننظمها ببطاقات ونزيل عنها الغبـ.ـار من حين لآخر، ونجدد لها الهواء ونغير الماء فى أوانى الزهور، بكلمـ.ـا.ت أخرى…ستعيش إلى الأبد فى مكتبتك الخاصة..
انهمر المطر ولطـ.ـمـ.ـت المياه النوافذ، وزلزلت الجدران بصواعق الرعد، وومض البرق كالنذر وصرخت الرياح كعزيف الجان..كانت جالسة على الاريكة تحتسي فنجاناً من القهوة الفرنسية التى تعشقها أرتشفت القليل منها ثم وضعتها على الطاولة الجانبية، وبدأت تدون بعض الكلمـ.ـا.ت فى مذكراتها..
-في بعض الجراح عطايا .. وفي قسوة العيش أحياناً هدايا ..
كن على ثقة بأن الخير دائماً حولك، وبالقرب منك ..
قد يأتيك مختبئاً في زحام مصـ يـ بـة.. وأشجان بلية .. ودmـ.ـو.ع فقدٍ حارة ..
فلا تبتئس .. حتى أوجاعنا رحمة من الله
قمـة آلطـمـآنينة:
{‏وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}
“ناصيتي بيدك ماضٍ فيّ حكمك عدلٌ فيّ قضاؤك ”
كن علي يقين تآم آنه لن يسـتثـنيك مـنهآ
أمان وسلام وإستسلام وتسليم وطمأنينة ورضا ..
أمورنا مرتبة في السماء ، نظن أننا نختار ، نظن بأننا نقرر ، ثم تأتي * كن * فيكون !
ونعرف أننا لا نملك من أمورنا شيء .
لن ينسَ الله خيراً قدmته ، و هماً فرّجته ، و عيناً كادت أن تبكي فأسعدتها !
عش حياتك على مبدأ :
“كـن مُحسناً حتى وإن لم تلق إحساناً ” ليس لأجلهم بل لأن الله يحب المُحسنين .
بعد ما انهت كلمـ.ـا.تها ووضعت زهرة حمراء فى المذكرة ثم أغلقتها ووضعتها فى ذاك الصندوق الفضي الخاص بها، طرقات خفيفة تطرق بابها تحدثت متسائلة:
– مين ؟.
أتاها صوت أخيها بعد ما فتح الباب وولج إليها قائلاً: أنا عمر ينفع أدخل ولا لأ.
أرتسمت أبتسامة خفيفة على ثغرها وقالت:
– أدخل ياعمر هو أنا أقدر أقولك لأ.
جلس بجانبها ثم أمسك فنجانها ليرتشفه على دفعه واحدة وقال:
– ينفع كدا تشربى قهوة من غيرى دا انا كدا أزعل .
– معلش المرة الجاية هبقى اقولك قبل ما اشربها لوحدي.
أستدار “عمر” ينظر إلى النافذة وهو يقول:
– يابـ.ـنتى المشكلة مش فى إنك تشربيها لوحدك أنتي الوحيدة فى البيت دا اللى بتعمليها مظبوطة وانا لما بصدق ألقيكى عملها.
– خلاص ياسيدي كل لما أجى اعمل ليا هعملك معايا مرضى كدا.
نظر إليها بابتسامة قائلاً:
– طبعا مرضى المهم إيه اللى مسهرك لحد دلوقتي الوقت متأخر أوي والجو برا متلج على الأخر.
تحدثت “فيروزة” بهدوء قائلة:
– مش نعسانة وبعدين أنا بحب السهر فى الشتاء أوى وبحب صوت المطر والرعد حاجه كدا عسل من الآخر.
– الشتا عسل والله أنتى اللى عسل عمرى ماشوفت حد بيحب الشتاء زيك، سيبك من الكلام دا انا عايزك فى موضوع مهم لا يحتمل تأجيله أكتر من كدا.
نظرت إليه بشك وهى تقول:
– موضوع ايه أنا شاكة فيك ياواد أنت ومش مستريحه ليك شكلك عامل مصيبة.
– اختااااه لا تقلقي وبعدين أنتى تعرفى عن أخوكي حبيبك كدا.
لوت شفتيها الوردية وقالت بسخرية:
– دا أنت أبو كدا هو أنا هتوه عنك يعنى ياعمر.
– أممممم هو انتى دايما فقساني.
– اعملك اي ما أنت كتابك مفتوح قدامى وبعدين ما تخلص تقولى هببت ايه ياقدرى المهبب.
أشاح وجهه بعيدا عنها ليقول وهو يطرقع أطراف يديه:
– الصراحة ومن غير زعيق وصويت أنا عايز ١٠٠٠٠ تالاف جنية.
صاحت بصوتٍ عالٍ قائلة:
ناااااااعم عشر ايه ياخويا جت عشر عفاريت يعفرتوك ويجننوك أكتر ما انت مـ.ـجـ.ـنو.ن.
– أنا قولتلك ايه من غير زعيق وصويت مش بتسمعي الكلام ليه يااستاذة انتي وبعدين فيها ايه يعني دا انا طالب مبلغ قليل خالص .
نظرت إليه بدهشة قائلة: نعم مبلغ ايه اللي قليل هما ١٠٠٠٠ تالاف بالنسبالك رقم قليل هو انت ليه محسسني انك طالب ١٠٠ جنية.
أمسك يديها بتوسل وقال:
– وحياة عيالك ياشيخة أنا محتاج الفلوس دي ضرورى ربنا يسترك ساعدي عبد فقير ومحتاج تدخلى الجنة.
– وهما فين عيالى دول يااهبل وبعدين انت هتشحت ولا ايه وليه محسسني أنك مش لاقى تأكل.
– ياروزا ما انتي مش فاهمة ليه انا محتاج المبلغ دا.
– اتفضل قولى محتاجه فى إيه.
زفر “عمر” بهدوء وقال:
– علشان ادفع مصاريف الجامعة بدل مـ.ـا.ترفد منها
تحدثت “فيروز” بذهول قائلة: ليه هو انت كنت كل دا مدفعتش المصاريف طب والفلوس اللي بابا ادهالك وديتها فين.
أبتعد عنها ليقول بتـ.ـو.تر: عايزة الحقيقة ولا الكدب.
– الحقيقة طبعاً.
– أنا صرفتهم ، قطبت حاجبيها بضيق ليكمل حديثه سريعاً: متبصيش كدا ما انا اعملك ايه يعنى أبوكى كان مانع عنى الفلوس وانا كنت بصرف من مصاريف الجامعة ولو روحت قولتله أكيد هيقــ,تــلنى.
– طب والله لو قــ,تــلك تستاهل علشان انت عيل مستهتر ولما منعك من الفلوس دا كان عقـ.ـا.ب بسيط ليك بسبب أفعالك المستفزة.
– طب هتساعديني ولا لأ ما هو أنا ماليش غيرك اللى أطلب منها الفلوس، وكمان علشان عارف انك الوحيدة فى البيت دا بتساعديني دايما ومش بتتاخرى عليا بس دلوقتى شكلك هتتخلى عنى ومش هتعبريني خلاص مش مهم أنا هبقى اتصرف، جاء أن يذهب إلى الخارج امسكته من يديه وقالت بإبتسامة ساحرة:
– وأنا عمرى ما هتخلى عنك أنت مش مجرد أخويا الصغير ياعمر لا أنت بالنسبالى اخويا وابنى وروحى واغلى حد فى حياتى استنى ما تمشيش..
أتجهت إلى الخزانة وأخرجت مبلغاً مادياً من الصندوق وأعطته أياه، بينما تحدث هو قائلاً: بس دول أكتر من اللى طلبتهم.
ابتسمت “فيروزة” بود وحب أخوى قائلة: الزيادة خليهم معاك علشان لو احتاجتهم فى حاجه.
ألتمعت عيناه بالدmع ثم اقترب منها وضمها إلى أحضانه:
– بجد أنتى أجمل وأحسن أخت فى الدنيا ربنا يديمك ليا وميحرمنيش منك ولا من حنانك عليا، بجد أنا مبسوط أن عندي اخت زيك.
ربتت على ظهره بحنان وهى تقول: خليك عارف ان أنا جنبك في اي وقت تحتاجني فيه تمام.
– تمام.
*************
فى مكان آخر كان جالس صاحب البدلة السوداء فى أحدي المقاهى الليلية، أقتربت منه فتاة ذات شعر الأحمر الناري ترتدي ثوباً قصيراً من اللون الأسود وتضع أحمر شفاه قاتم مما جعلها أكثر فتنة تسير على الأرض، مدت يديها بكأس من الخمر فأخذه منها ووضعه أمامه ثم جذبها من ساعد يديها ليتخل توازنها فاحتواها بذارعيه وقبلها على خديها قبلة خاطفة ليقول بصوت هادئ: اتاخرت عليا النهاردة أوي.
تحدثت تلك الفتاة التى تدعى “لارا” قائلة:
– بسبب تغير الجو والمطر كانت الشوارع زحمة فعشان كدا اتاخرت عليك.
– ماشي يابطل المهم انك جيتي بالسلامة.
نظرت إليه وهى تبتعد وقالت متسائلة:
– هتعمل ايه مع خطيبتك هتستمر فى الجوازة دي ولا هتسيبها.
تحدث “وليد” وهو يشعل تلك السيجارة ليقول بغموض:
– أكيد هسيبها بس بعد ما أخد اللى عاوزه منها.
– وايه بقا اللى انت عاوزه منها يابيبى.
نظر إليها من مقدmة رأسها إلى أخمص قدmيها ثم أبتسم:
– مش مهم تعرفى الا قوليلى عملتي إيه مع محاسن لسه مصممه أنك تسيبى الشغل.
– عايزة اسيبه ولكن محاسن ماسكة فيا بايديها وسنانها ومش راضية تسبني بتقولى أنتى اللى مشغلة المكان ولو مشيت شغلها هيخسر كتير.
أردف “وليد” قائلاً: الصراحة هى عندها حق لولاكي كان البـ.ـار دا اتقفل من بدرى.
تحدثت بملل وهى تعبث بخصلات شعرها:
– طب انت شايف ايه أفضل مستمرة ولا اوقف الشغل هنا واشوف مكان تانى غير دا.
– خليكي هنا احسن بدل مـ.ـا.تروحى مكان تانى ولسه هتاخدي وقت لحد مايكون ليكي أسم هناك لكن هنا أنتى ليكى شهرة وبتقدري تعملى كل اللى عيزاه والكل تحت أمرك.
– امممممم خلاص مدام انت شايف كدا افضل هنا، ايه رأيك نقوم نرقص شوية.
امسكها من يديها ليتجه بها إلى ساحة الرقص لتبدا سهرتهم مثل كل ليلة.
استيقظت “فيروز” على تلك الضوضاء الصاخبة الذى ازعجتها لتفرك جفن عينيها بكف يديها الرقيقة، أعتدلت فى جلستها وهى تنظر فى الساعة لتجدها ١٠ صباحاً ثم نهضت بكسل وبعد مرور نصف ساعة أتجهت إلى الأسفل لتجد والدها يستشيط غضباً، شعرت بوخزة جارحة فى قلبها مثل وخزات الخنجر عنـ.ـد.ما رأته يتحدث بغضب مع صديقه قائلاً:
– لارين بتكون بـ.ـنتي الوحيدة و مش هسمح لأى حد مهما يكون أن هو يزعجها او يمس شعرة منها.
تحدث صديقة “رؤوف” محاولاً تهدئته:
– أهدى يا عامر الأمور ما تتحلش بعصبيتك دي.
نظر إليه بضيق وقال:
– أهدى أزاى ها انا مصدقت أن ربنا رزقني بيها بعد وقت طويل وفى الاخر يجي مدرس متـ.ـخـ.ـلف زي دا يضـ.ـر.بها دا أنا هطبق الدنيا على دmاغه هو لسه شاف مني حاجه.
– عارف إن الزفت دا غلطان بس مش لدرجة انك تتسبب فى حبسه انت كدا قطعت عيشه وهتشرد عياله ودا ميرضيش ربنا، فاهدئ كدا وأوزن الأمور بعقل و بلاش تهور.
جلس على أحد المقاعد القريبة منه بزهق ليقول:
– أنت متعرفش أن بـ.ـنتى دي غالية عندى قد ايه لما أتولدت هونت عليا مـ.ـو.ت أختها وخايف عليها ليجرالها أى حاجه وأخسرها زيها، أنا عانيت كتير فى حياتي بعد مـ.ـو.ت أول بـ.ـنت ربنا رزقني بيها قعدت سنين بعدها محروم من الخلفة لحد ما فقدنا الأمل أنا ومراتي علشان كدا روحت أتبنيت فيروزة من الملجأ كان عمرها أربع سنين أول ما عينى وقعت عليها حسيت باحساس غريب معرفتش أوصفه لحد دلوقتى ومش فاهمه، وبعدها بشهر ربنا كرمنا ومراتي حملت وخلفنا ٣ صبيان فى كل مرة كان نفسي يكون عندي بـ.ـنت من دmي كنت حاسس بنقص جوايا برغم وجود فيروزة مكنتش مكتفى وفضلت أدعى ربنا فى كل صلاة لحد ما رزقنا بأجمل بنوتة
تنهد “رؤوف” وهو يربت على ذراعيه قائلاً:
أنا عارف أنت مريت باوقات صعبه ولكن أياك تظلم حد ياخالد أنت عمرك ما كنت كدا و ياريت تخرج المدرس بلاش تشرد أسرته هو كدا خد اللى يستحقه وزيادة.
– ماشى بس هربيه الأول وبعدها هبقى أخرجه.
سارت بخطوات بطيئة فقد بدأت تتعود على تلك الكلمـ.ـا.ت التى تقال من والدها، فهى تشعر بداخلها بأنها لا يحق لها أن تحـ.ـز.ن منهما فقد أخرجوها من تلك الدار وانفقوا عليها وأغمروها بالحنان والعطف فهى ممتنه لهم بذالك، اقتربت منهما وابتسمت ابتسامة رقيقة حتى لا تشعرهم بشئ فقالت وهى تقبل يديه: صباح الخير يابابا.
أبتسم إليها ليقول بهدوء: صباح الخير ياحبيبتى صاحية متأخر النهاردة مش عادتك يعنى.
– راحت عليا نومة ومحستش بنفسي غير وانا صاحية على صوتك هو فى حاجه مزعلة حضرتك.
ربت على يديها برفق قائلاً:
– لا ياحبيبتي مفيش حاجه مزعلاني متشغليش بالك أنتي وبعدين أنتى كويسة حاسس أنك فيكي حاجه ملامحك مطفيه ومش منورة زي كل مرة بشوفك فيها.
نظرت إليه “فيروز” قائلة:
– ابدا يابابا أنا زي الفل هو بس هتلاقيني علشان لسه صاحية مش أكتر، ثم أستدارت قليلاً تنظر إلى صديق والدها لتقول بمرح:
– ايه دا عمو رؤوف أنت هنا يارجل مش تكح أو تقول اي حاجه كدا تلفت أنتباهي أنك موجود.
ضحك بخفة وقال: ياسلام ياختي على اساس أنك مكنتيش شيفاني دا انتى سوسة.
– أعمل إيه بس ياعمو كل لما اشوف بابا فى أى حته عيني مابتشوفش غيره.
– العب سمعت ياعامر بـ.ـنتك البكاشة بتقول ايه دا بتأكل بعقلنا حلاوة.
أحتواها بين ذراعيه ليقول مبتسماً: بـ.ـنتي حبيبتي تقول وتعمل اللى هى عايزاه.
أردف صديقه قائلاً بهدوء: ماشى ياسيدي ربنا يديمكم لبعض اه صح انت مش ناوي تجوزها بقا يمكن تبطل لماضة شوية.
زفر “عامر” بضيق وقال: لما نشوف الزفت ناوي على ايه بقاله سنتين بيشطب فى أم الشقة اللى مش بتخلص دي.
– ما يتنيل يقعد معاكم هنا فى القصر بدل ما يقعد فى شقة بعيد عنكم والمكان هنا ماشاء الله واسع وكبير .
– والله أنا وأبوه غلبنا معاه وهو مصمم على رأيه لما نشوف أخرتها ايه.
هبت “فيروزة” واقفة وكأن لدغتها أفعى فهى تخشي هذا اليوم التى ستتزوج به وتترك تلك العائلة، ثم قالت بتـ.ـو.تر :
– أنا هقوم اشوف ماما محتاجين مني أي حاجه أعملهالكم.
نظر إليها والدها وأجابها: لا ياروزا ومامتك هتلاقيها قاعدة فى الجنينة مع مرات عمك.
*******************
مساءً، فى مستشفى الهلال الخاصة..
كان جالسة “أنيس” فى مكتبه مجتمعاً مع بعض الأطباء لمناقشة بعض الأمور المتعلقة بتجديد وتطوير المستشفى، بعد مرور ساعة خرجوا الأطباء بعد الاتفاق الذى دار بينهما، تحدثت الممرضة قائلة:
-دكتور أنيس كنت محتاجة من حضرتك تمضيلى على طلب الاستقالة دا.
أردف “أنيس” ببرود وقال:
– وأنا مش همضى وياريت يا أنسة تتفضلى على شغلك وتبطلى كل شوية تقدmيلى طلب استقالتك الشغل هنا مش لعبة مش وقت ما تزهقى وتقرري تمشى هنحققلك رغباتك.
تحدثت بنفس البرود قائلة: وأنا مش تحت أمرك اتفضل أمضى.
– ولو ما مضتش هتعملى ايه يعني!
– ولا حاجة همشى ومش هتعرفلى طريق يا أنيس وابقى وريني هتوصلى أزاى .
اطلق صوت ضحكٍ عالٍ وهو يعبث بالقلم ليقول باستفزاز: امممم قلبك بقا مـ.ـيـ.ـت ياديدي ثم أستدار بالكرسي ليعـ.ـيطها ظهره، و أكمل حديثه:
– ماشى ياستى أبقى وريني هتعملى ايه ويلا بقا طرقينا مش ناقص و.جـ.ـع دmاغ واه متنسيش تبعتيلى عمو عبده بالقهوة، يلا ياماما يلا ياحبيبتي برا مش عايز عطلة ورايا شغل.
أردفت “دارين” بضيق وغضب قائلة: طيب يا أنيس أنا هوريك هعمل ايه ماشى انت اللى جبته لنفسك، ثم غادرته وأغلقت الباب خلفها بقوة.
بعد بضع دقائق فُتح الباب بخفة لتنظر الأخرى بداخله ابتسمت بهدوء وهى تراه يضع رأسه بين يديه ويبدو عليه الإرهاق، تحدثت بنبرتها الجميلة قائلة:
– دكتور أنيس تسمحلي بالدخول.
رفع رأسه إليها ثم أبتسم بسعادة ليهب واقفاً اقترب منها ليضمها برفق قائلاً: ياعمرى أنتى ايه المفاجأة السعيدة دي بجد فرحت بشوفتك.
– ايه رأيك فى المفاجأة دي عجبتك.
– طبعا عجبتنى جدا أنتى بقالك فترة كبيرة مجتيش تزورينى هنا.
مدت يديها إليها لتعطيه بوكيه الورد الأبيض قائلة:
– واديني ياسيدي جيت أزورك.
اردف بسعادة غامرة وقال: يااااه ياروزا وكمان جيبالى ورد دا انتي عسل اوي ابقى تعالى بقا كل يوم زورينا.
– أى خدmة علشان تعرف بس ان اختك بتحبك قد ايه.
قبل جيبنها برفق قائلاً:
– حبيبة أخوكى أنتى المهم إيه مناسبة الزيارة السعيدة دى.
– مفيش مناسبة حبيت أجى ازورك ونخرج نتعشى برا بقالى فترة مقعدناش مع بعض والشغل بقا واخدك منى ياأنوسه.
– قلب أنوسه من جوا ويلا ياست البنات هخرجك أحلى خروجه.
فى مطعم هادئ وراقي وضع الجرسون أمامهما الطعام تحدثت “فيروزة” متسائلة بهدوء: أنيس هى مين البنوتة اللى كانت بتبصلك واحنا خرجين بغضب وكأنها عايزة تولع فيك.
أردف باللامبالاة وقال: دى ممرضة شغاله معايا فى المستشفى.
– امممممم وطب كانت بتبصلك كدا ليه هو انت عملت ليها حاجة.
– ابدا ياستى كل الحكاية والرواية أن هى عايز تستقيل من الشغل وانا رفض طلبها.
أردفت “فيروزة” بفضول قائلة: طب وأنت رفض ليه ما كنت تسيبها.
أرجع ظهره مستنداً على الكرسى ليزفر بضيق: مينفعش أن هى تمشى ياروزا مينفعش ابدا.
قطبت حاجبيها بعدm فهم : نعم ودا ايه اللى مخليه مش نافع، صمتت لوهلة ثم أضافت بشك: أنيس هو في حاجة مابينكم يعنى بتحس باتجاهها بحاجه.
أجابها بالموافقة قائلاً: ايوة ياروزا انا بس مش بحس بحاجة أنا بحبها اوي وهى كانت بتبدالنى نفس الشعور وكنا مبسوطين وحتى قولتلها أنى هاجي أخطبها كانت فرحانة اوى، لكن معرفش مرة واحدة اتغيرت معايا وبقت عايزة تبعد ومـ.ـا.تكملش ومش عارف ولا فاهم ايه السبب وكل ما اسألها تقولى احنا مينفعش نكمل ونكون لبعض، لحد ما أتخـ.ـنـ.ـقت حاسس ان هى ما بقتش تحبنى أو مكنتش اصلا بتحبنى.
– يمكن فى حاجة ياأنيس مخليها تبعد عنك كدا وهى رافضة أنها تقولها لو بتحبها أتمسك بيها وحاول تعرف هى مالها.
– فكرك أن انا مابحاولش والله بحاول بس خايف أوي يافيروزة خايف من الفراق انتي مت عـ.ـر.فيش أنا بحبها قد ايه هى كل حياتي وروحي ومش هقدر أعيش من غيرها أنا كل اللى كنت بتمناه ان هى تبقى من نصيبى وحلالى.
أمسكت كف يديه تربت عليه بهدوء ثم ابتسمت برقة قائلة: إن شاء الله كل حاجه هتتصلح ياحبيبى خلى ثقتك ويقينك بالله اكبر من كدا وربنا يحققلك مرادك.
– ونعمة بالله حاضر ياحبيبتى.
*****************
فى قصر العائلة..
تحدث “عامر” بضيق قائلاً: أقسم بالله ياعمر لو ما اتهديت أنت والزفت دا لاقوم ارزعك كف يلوحك.
نظر إليه “عمر” وهو يمسك “طارق” من رقبته وقال:
– مـ.ـا.تقول لابن أخوك ياخويا يسيب شعرى وانا اسيبه.
قبض “طارق” يديه على شعره أكثر وهو يقول:
– وربنا ما انا سيبك غير لما تقلع التيشيرت بتاعى ياحـ.ـر.امي الهدوم دا انا لسه شاريه وملحقتش البسه تقوم انت واخدة من دولابي.
– وأنا أعملك ايه ما انت اللى بتجيب لبس حلو وماركة حد قالك تعمل كدا.
أردف الأخر بضيق: امال انت عايزنى أبقى معفن زيك وبخيل يلا يابخيل.
تحدث “عمر” بعصبية: طب والله ما انا سيبك ياطارق الكـ.ـلـ.ـب.
هب “عامر” واقفاً ثم أخرج الكرباك من تحت الأريكة التى يحتفظ به من اجلهم ثم اقترب منهما سريعاً وهو يعزم على ان يلقنهم ضـ.ـر.باً مبرحاً : طب والله انتو اللى جبتوه لنفسكم.
تركوا خناقهم سريعاً ليركضوا مهرولين بكل الاتجاهات وهم يصـ.ـر.خون، بينما بقية أفراد العائلة يجلسون بهدوء يشاهدون تلك المسرحية التى تحدث أمامهم مثل كل يوم وكان أبطالها “عمر” و”طارق” مجانين عائلة الراشـ.ـد
وقف “طارق” خلف السفرة وهو ينهج ليقول:
– حـ.ـر.ام عليك ياعمى دا مش اسلوب تتعامل بيه من ملايكة زينا.
نظر إليه بذهول وقال: انتو ملايكة دا انتو شياطين وانا هربيكم من اول وجديد.
أردف “عمر” قائلاً: فعلا عندك حق انت معرفتش تربى.
توقف “عامر” مكانه ليرفع حاجبه الايسر:
– تصدق كلامك صح انا فعلا معرفتش اربي ولكن احنا لسه فيها ياحـ.ـيو.ان، بدأ يقترب منه بخطوات أشبه بالركض فهرول الأخر إلى ناحية باب القصر ليجد “فيروزة” امامه أختبأ ورائها قائلاً:
– الحقينى ياروزا ابوكي أتجنن وعايز يقــ,تــلني.
اقترب منهما وقال بعصبية:
– تصدق أنك عيل مش محترم علشان تقول على ابوك كدا.
– مش قصدى ياحج التعبير خانى اعمل ايه بس.
نظر إليه “طارق” بخبث: شوفت ياعمى ابنك بيقول ايه علشان تعرف بس انه قليل الادب ومش متربي.
رمقه الأخر بنظرات توعد وقال:
أخرس ياحريقة يابتاع سناء و شجرة الكلية وعصير الليمون دا انا هفضحك بكرا فى الجامعة كلها وهقولهم بتاع سناء راح و بتاع سناء جه ورقصني ياجدع.
قاطع والده حديثه قائلاً: ما انا هرقصك فعلا يابن نازلى وبعدين انت ماسك أختك كدا ليه ابعد عنها احسنلك.
وضع يديه فى وسطه وقال:
ياسلام عايزني ابعد عنها علشان تضـ.ـر.بنى طب وربنا ما انا باعد ها.
اشتدت ملامح وجهه لتتحدث “فيروزة” سريعة قائلة:
– حقك عليا انا يابابا معلش متزعلش نفسك دا واحد متـ.ـخـ.ـلف سيبك منه وانا هشوفلى صرفه معاه، علشان خاطرى أهدي واقعد وريح أعصابك ومـ.ـا.تدايقش.
ثم أمسكت أخيها من طرف أذنيه تجروا خلفها وفعلت مع “طارق” نفس الشئ وأتجهت إلى الطابق الثانى.
دخلت بهم إلى غرفتهم وجلست بهدوء على طرف الفراش: مش هتبطلوا شغل العيال دا انتو شباب فى تانية كلية المفروض تبقوا واعيين وعقالين أكتر من كدا ولا ايه.
تحدث طارق بضيق قائلاً: قولى لاخوكى اللى مش بيسمع الكلام وكل مرة هو اللى بيبدأ.
– امممم الكلام ليك وله وبعدين ياطارق انتو وهو بتلبسوا هدومكم مع بعض اشمعنا بقا النهاردة اللى اتخانقتوا.
– عشان التيشيرت لسه جيبه وكنت هخرج بيه بكرا لكن هو ماصدق لطشه ولبسه.
نظرت إلى أخيها الذى اشاح بوجهه بعيدا عنها فقالت:
– استاذ عمر مش هتتنيل تبطل رخامتك دي وازاي تسمح لنفسك تلمس حاجه مش بتاعتك يابيه دا تصرف ناس همجية وقليلة الذوق ومعندهاش دm وبجحه اتفضل اعتذر من ابن عمك واياك اشوفك بتعمل حركات العيال دي تاني.
أخفض رأسه حرجاً من كلام أخته ثم قال بنبرة حزينة:
– أنا بعتذر منك ياطارق وأسف لو كنت مديت ايدي على حاجاتك وأوعدك مش هكررها تانى ولا هلمس اي حاجه تخصك بعد كدا.
اقترب منه “طارق” الذي تبسمَ بحب أخوي ليرفع رأسه قائلاً:
أياك توطي رأسك فى الأرض تاني وانت بتكلمنى وانا معنديش أى مانع فى إنك تاخد حاجاتى أنا بس انفعلت النهاردة عشان كنت محضر الطقم دا لمقابلة الحتة بتاعتى بكرا لكن انت خـ.ـطـ.ـفته منى يلا مش مهم أنا وأنت واحد وكمان حقك عليا متزعلش منى انا بردو كبرت الموضوع وهو مكنش مستاهل.
– خلاص مش زعلان المهم أيدك بقا على مية جنية حق الاستشوار اللى انت بوظته.
ضحكت “فيروزة” وضـ.ـر.بت كف على كف لتقول:
والله العظيم البيت دا مليان بالمجانين وبعدين متنسوش تنزلوا تعتذروا من بابا ياحلوين.
فى صالة التدريب كان يقف اللوء “عامر” يشرح لبعض الخريجين الجدد بعض المعلومات الخاصة بالمهمة الجديدة وكان من ضمنهم ابنه “أدم”، تحدث عامر بجدية: اتمنى تكونوا فهمتوا ايه المطلوب منكم هناك مش عايز أى غلطة لان قصدها حياتكم وكمان المقدم “عمران” هيبقى القائد بتاعكم والمسؤل عنكم هسيبكم دلوقتى تتعرفوا عليه وهيعرفكم أكتر عن المهمة اللى هتقوموا بيها.
تقدم منهما “عمران” ليضربون له السلام تعظيماً ووقارً لمقامه، فهم يسمعون عنه كثيرآ فهو ظابط مخابرات ذو شخصية قوية وله انطباع حاده وعمره ٣٢ سنة ومن أمهر وأكفأ الظباط فى مقر المخابرات وهذة فرصتهم حتى يتعلمون من خبرته.
وقف أمامها بوقار ليقول بصرامة وهو يعطى لهما ملف:
– دا ملف فيه فى كل المعلومات اللى تحتاجوها وطبعا دى اول مهمه هتكون لينا مع بعض وفى شوية حاجات كدا لازم تعرفوها هقولكم عليها لكن مش دلوقتى، واه كمان لازم تبقوا عارفين أى مهمه هنقوم بيها هنواجه الموت و ممكن منرجعش منها ف اللى خايف على نفسه وروحه يقدر من دلوقتى يتفضل يعتذر عن طلوعه للمهمة دى.
أردفوا بحماس بأنهم على أستعداد لتلك المهمة، بينما قال “أدم” بسعادة: وياترى بقا المهمة دى طالعنها فين.
نظر إليه :عمران” بطرف عينيه قائلاً بنبرة تحمل قدراً من السخرية:
– هو حد قالك أن احنا طالعين رحلة سعيدة نفرفش على نفسنا فيها ونغير جو، لا صحصح كدا معايا انت وهو احنا رايحين للموت برجلينا والمهمة اللى رايحنها فى سيناء على الحدود وهنتعامل مع أرهابيين وناس مسلحة والغلطة الواحدة هناك هتقضي على الكل مش عليك و بس فهمتوا انا مش عايز اشوف استهتار من أى حد فيكم، أستدار بضهره مبتعداً عنهما قليلاً ليكمل حديثه مرة أخرى: قدامكم ست ساعات تجهزوا فيها لان هنتحرك بإذن الله تعالى على بليل و يلا اتفضلوا مش عايز تأخير.
********************
فى غرفة “فيروزة” كانت تضع سلسلة فضية على عنقها الطويل لتقوم بتحسسها وهى تبتسم برضا على مظهرها الهادئ واللائق فهى تعشق تلك الاكسسوارات والأمور الهادئة، أخذت هاتفها وحقيبتها ومفتاح سيارتها وأتجهت إلى باب غرفتها لتجد “وليد” واقفاً مستنداً على ذاك الباب..
نظرت إليه باستغراب قائلة: وليد انت بتعمل ايه هنا ووقف كدا ليه.
نظر إليها بنظرات ذات معنى ثم قال:
– هى الهانم خارجة ولا ايه ؟
زفرت فيروزة بهدوء وقالت: اه خارجة عندك مانع .
– وياترى على فين العزم إن شاء الله.
– خارجة مع “لارين” والبنات هنشتري شوية حاجات من المول.
تحدث “وليد” ببرود: بس أنتى مدتنيش خبر بأنك خارجة ولا حتى استأذنتِ منى ياهانم.
أردفت بتعجب قائلة:
– بس أنا استأذنت من بابا وهو وافق ومرفضش.
وضع يديه فى جيبه وقال ببرود:
– اولا مفيش الكلام دا الأذن تاخديه منى انا مش من أبوكى أنتى ناسية إن أنا خطيبك يا أستاذة ومش مسموح ليكي الخروج غير بأذني أنا فاهمة.
– أنت ازاى بتكلمنى كدا مش معنى انك خطيبى تتعامل معايا بالشكل دا وتتحكم فيا بالطريقة دى.
اقترب منها لتتراجع هى للخلف ليقول:
– لا ياحلوة من أول ما اتولدتى وانتى بقيتي بتعتي واتحكم فيكى بالطريقة اللى تعجبني ويلا اتفضلى كدا زي الشاطرة تغيري هدومك لان مفيش نزول.
تحدثت فيروزة بضيق من تحكماته قائلة:
– يعنى ايه مفيش نزول انا خارجة مع اخواتى و
قاطع كلماتها ليردف بغضب: أنا قولت كلمة تتسمع ياهانم أنتى فاهمة و إلا قسماً بالله هتشوفى وش تانى منى أتمنى متشوفهوش لأنك لو شوفيته هتكرهى نفسك اوى يافيروزة.
نظر إليه بنظرات غاضبة: لا بقا دى مابقتش عيشة انت شكلك اتجننت على الأخر
أمسكها من يديها بعنف ليردف بصوتٍ عالٍ : صوتك دا ميعلاش عليا تانى ومفيش خروج، ومن هنا ورايح كل حاجة هتبقى بحساب معاكى وكلمتى هتتسمع.
ليدفعها على الفراش لتسقط عليه بقوة وضعت يديها على ذراعها التى تؤلمها من قبضته ترقرقت دمعة فى عينيها لتنظر إلى تلك العلامات الحمراء على بشرتها البيضاء من أثر يديه، ليغادر غرفتها صافعاً الباب خلفه.
بعد مرور بضع من دقائق من الوقت مازالت جالسة كما هى جاءت جدتها إليها تحمل بيديها كأسين من العصير الليمون بالنعناع الفرش، وضعتهم على الطاولة بجانبها لتربت على شعرها بحنان لتقول بمزيج من القلق:
– “فيروزة” حبيبتى مالك “وليد” قالنا تحت أنك تعبانه شوية ومش هتقدرى تخرجى مع البنات فى حاجة بتوجعك.
اردفت “فيروزة” بنبرة يكسوها الحزن: لا أنا الحمدلله بخير متقلقيش عليا ياتيتا.
-أزاى بس مقلقش عليكي يابنتى دا انتى حته من قلبى
لم تتلقى رداً منها رفعت الجدة رأس “فيروزة” المنخفضة أرضاً ثم قامت بالتحديق إلى وجهها لترى تلك الدمعة العالقة بطرف رموشها الكثيفة لتفر الدمعة هاربة من عينيها إلى وجنتيها المصتبغة بحمرة خفيفة، ذهلت الأخر من رؤية علامات الحزن تكسى وجهها لتقول بقلق:
– روزا بنتى فيكي ايه ياقلب جدتك أنتى ليه الدموع والحزن اللى ظاهر عليكي فى حاجه مزعلاكى او حد عملك حاجة.
أخذت “فيروزة” تمسح دموعها الساقطة بكف يديها الصغيرة لتقول بنبرة باكية: ابدا مفيش أى حاجة وكمان انا مش زعلانة خالص.
– ازاى مش زعلانة خالص احكيلي ايه اللى مخليكي تعيطي كدا
نظرت إليها بعيون دامعة قائلة: وليد…
– ماله “وليد” حصل حاجة مابينكم !
انهمرت عينيها لتؤمى رأسها بالإيجاب لتقول: انا بجد تعبت من تصرفاته وتحكماته فيا وهو اللى منعنى من الخروج ونزل قالكم أنى تعبانه وانا مفيش فيا أى حاجة ومابقتش عارفة هو بيعمل معايا كدا ليه.
أردفت الجدة” قائلة:
– أهدى ياحبيبتى يمكن كان هو مدايق من حاجة وجت فيكى أنتى.
هزت رأسها بضيق قائلة: لا ياتيتا دى مش أول مرة يعمل كدا معايا أنا حسيت انه هيضربنى وكمان معاملته اتغيرت معايا أوى مبقاش زى مكنا فى أول الخطوبة كان بيعاملنى كويس ومكنش بيرفض ليا طلب وعمره ما زعقلى أو قال كلمة تزعلنى لكن دلوقتى لا مبقاش يفرق معاه زعلى وعلى طول بقى يقول لا على كل حاجة اجى اعملها حتى دا مش بيسأل عنى غير كل فين وفين ويوم لما يجي يسأل يتخانق معايا بسبب وبدون سبب انا بقيت حاسه من أفعاله انه مش بيحبنى ولا عايز يكمل طب لو هو فعلا كدا ليه ميسبنيش ويريحنى بدل ما كل شوية يحصل ما بينا خناقات ومش طايق ليا كلمة.
أمسكت جدتها يديها وقالت بهدوء: دا انتى شكلك شايلة منه اوى بس الأمور ماتتحلش بالطريقة دى يا “روزا” هو أكيد لسه بيحبك و كمان حاولى تهدي كدا وتبقى تقعدى معاه وتتكلمي وتقوليله كل اللى فى قلبك بهدوء وهو هيسمعك وحاولوا تشوفوا حل انتو خلاص كلها شهرين وهتتجوزوا.
تحدثت “فيروزة” قائلة:
– هو حضرتك فاكرة أن أنا محاولتش لا حاولت وكتير أوى لكن هو مكنش بيسمع منى وبيفضل يقولى بطلى شغل العيال دا انتى كبيرة وانا ما بحبش الست النكدية اللى تيجي وتناقش خطيبها فى كل حاجة هى زعلانه منها، صمتت قليلاً ثم أكملت قائلة بحزن:
– تعرفى كمان أن من ضمن الأسباب اللى مخليه يتعامل معايا كدا أنى مش بديله اللى هو عاوزه.
نظرت إليها متسائلة: وايه اللى هو عاوزه.
– عايز يقرب منى بحجة أن انا خطيبته وبنت عمه وخلاص هنتجوز وأنا رافضة الكلام لأنه حرام ولما بقوله كدا يقولى أنتى مش بتحبينى وبتعملي حاجز مابينا بأسلوبك دا ولما قولتله مش معنى أنى بحبك يبقى اسلملك نفسي وأغضب ربنا علشان رغبات حضرتك معجبهوش كلامى وقالى تمام يبقى أنتى اللى جبتيه لنفسك ومتجيش تلوميني بعدها، مفهمتش وقتها كلامه غير الفترة دى لما اتغير معايا أوى وبقى يبعد عنى، وعمل معايا مشاكل وخناقات كتير وانا استحملت وعمره ما اشتكيت لحد فيكم ولا حتى لبابا مردتش اشغله بأمورى كفاية هموم أخوات ومشاكلهم ومشاكل شغله وعارفة أن الحمل تقيل عليه وانا مش حابه ازود همه وحمله، بس ياتيتا أنا بجد تعبت من العلاقة دى ومابقتش قادرة استحمل انا طاقتى خلاص خلصت من كتر ما انا مستحملة معاه وبعدى كل حاجة بتحصلى أنا خلاص مش عايزة أكمل فى الخطوبة دى.
أردفت الجدة قائلة:
– علشان خاطرى ممكن تهدي وماتتسرعيش فى قرارك بدل ما تيجي تندمي.
– اندم لا متقلقيش أنا ندمانة من دلوقتى أنى وافقت على الخطوبة منه بس أعمل ايه قلبى حبه واتعلق بيه لكن كل دا بدأ يتلاشى مع تغيره معايا.
– ربنا يهديكم ويهدي سركم يارب وكل حاجة تتصلح.
نظرت إليها “فيروزة” بضيق وقالت:
– وأنا مش عايزة كل حاجة تتصلح أنا عايزة افركش أم الخنقة اللى حطيت نفسى فيها من بدرى بس خلاص هانت هو اصلا جاب أخره معايا.
*********************
فى أحدى المولات كانت تسير “لارين” مع اولاد عمها لتردف قائلة بفرحة: يااااه وأخيراً الواحد خرج وخد أفراج يوم من المذاكرة.
تحدثت “سهر” وقالت: اه وربنا دا انا مصدقت بابا يوافق كل شوية يقولى أنتى فى ثانوية عامة مفيش خروج اقعدي ذاكرى مش عايز دلع بس لما لقى عمو “عامر” وافق مقدرش يقول لا ويرفض زى كل مرة.
التفت “لارين” تنظر إليها:
– دا أنا قعدت أقنع فى بابا اسبوع لحد مااطلق سراحى اهم حاجة دلوقتى نروح نشترى شوية حاجات ندلع نفسنا بيها وبعدها نروح نأكل سوشي.
رمقتها “سارة” بنظرات مشمئزة لتقول: نفسي أعرف ايه سر حبكم فى الاكلة دى أزاى بتاكلوها دا انتو مقرفين.
أجابتها “سهر” : دى أحلى أكلى فى العالم كله أنتى أيش فهمك أصلا فى فن أختيار الأكلات.
– والله سبتلكم انتى وهى الفهم والفن جتكم القرف فى اختياركم وبعدين خلينا نخلص بدل ما حد منهم يرن علينا ويقولنا ارجعوا.
ذهبوا إلى محل مليئ ببعض الكتب ثم قاموا بشراء بعض الكتب الثقافية والتاريخية، “التفتت” لارين تنظر بجانبها ليقع نظرها على هذا الرف الذى يوجد عليه مذكرات مزخرفة بالورود الزهرية لتقوم بأخذ أثنين بأشكال مختلفة قد أعجبوها، تحدثت “سارة” متسائلة:
– ها يابنات فى حاجة تانية هتشتروها من هنا.
اقتربت الأخرى لتضع المذكرات على المكتب حتى تحاسب وقالت: هاخد دول كمان لاختى “فيروزة” هى بتحب المذكرات المزخرفة بالهيئة دى، ثم وجهت كلامها إلى العامل : هو مفيش عندكم استيكرات من الدانتيل الخاصة بعمل الكتب.
اردف العامل: طبعا عندنا ومن حظك الحلو أن التشكيلة دى لسه نازلة لأول مره عندنا النهاردة هجبلك كذا واحدة منها وتختاري الشكل اللى يعجبك.
– تمام.
بعد ساعتين من التجول جلسوا فى ذاك المطعم الهادئ بعد ما أكلوا، وضع أمامهم النادل مشروب الآيس كوفى المثلج…
أخذته “سهر” لتتذوقه ثم قالت بأعجاب:
– واو طعمه تحفه أوى أحسن من اللى بعمله فى البيت الراجل اللى عمله حرفياً فنان ومخترع.
نظرت إليها أختها: على فكرة أنتى أوفر أوى يا”سهر” دا طعمه عادى جدا وبعدين فين الاختراع فى دا.
– نفسي فى مرة تخرجى معانا وانتى ساكتة لازم تحطى تعليقاتك فى كل حاجة يعنى.
– أخرسى يازفتة وبعدين هو الخروج معاكم انتو الاتنين يتسمى خروجة أصلا، فينك يافيروزة والله مفيش أحلى من خروجتها الحلوة واللذيذة.
– خلاص بعد كدا متخرجيش معانا دا أنتى رخمة أوى.
قاطعهم ذاك الصوت الذى أتى من ورائهم قائلاً:
– حتى وانتم برا البيت ماسكين فى خناق بعض مفيش مرة كدا تكونوا عاقلين فيها.
نظروا إليه ثم تحدثت “سارة” مندهشة: “معاذ” أنت بتعمل ايه هنا.
– ولا حاجة كنت مع اصحابى انتو بقا ياحلوين بتعملوا ايه هنا.
– عمك وأبوك افرجوا عن الاتنين دول فجينا نتمشى شوية ونشتري شوية حاجات من المول.
– تمام لو خلصتوا يلا هوصلكم فى طريقي.
اجابته “لارين” بهدوء: احنا خلصنا بس عايزين نقعد هنا شوية.
نظرت “سهر” لاخيها: اه يامعاذ بالله خلينا قاعدين شوية الواحد كان مخنوق ياراجل مفيش حاجة بنعملها غير نروح المدرسة ومنها على الدرس وبعد الدرس للبيت ومن البيت للمدرسة الواحد زهق دى مش ثانوية عامة دى ثانوية ظلم وحبس وإرهاق ورخامة وتناحة وتعب أعصاب اه وربنا.
قرصها من وجنتيها بخفة ليقول بمرح:
– أومال أنتى فاكرة الثانوية ايه ياعسل أنتى وهى، وبعدين لازم تتعبوا فى الأول علشان تقدروا توصلوا لحلمكم وتجيبوا مجموع كدا يشرف.
تحدثت “سهر” بتذمر: دا مش مجرد تعب يامعاذ الثانوية دي انتحار ياجدع.
– معلش ياحبيبتى والله هتعدى على طول وبعدين أنا جنبك وفى ضهرك دايما ومش عايزك تتعبي أعصابك بالشكل دا المهم تعملوا اللى عليكم ومش مهم أى حاجة تانية.
– وربنا أنت احسن أخ فى الدنيا يامعاذى.
-قلب معاذك من جوا.
وضعت “لارين” يديها تحت ذقتها: ياعيني عليكي ياشابة ياللي مش لاقية حد يهون عليكي وربنا ظلم أنا خلاص مش عايزة أكمل تعليم وودوني على بيت حبيبي بلا تعليم بلا نيلة .
نظر إليها معاذ بنظرات ذات مغزى ليردف:
– بقا أنتى عايزة تروحى على بيت حبيبك امممم وماله دى حاجة حلوة والطموح جميل بردو بس لما تبقى تشوفى حلمة ودنك يا”لارين” ويلا على البيت أنتى وهى مفيش قعاد اكتر من كدا.
*******************
فى المساء كانت واقفة “نازلى” فى المطبخ تعد قهوة لزوجها وأخواته، تقدمت الأخرى منها بخطوات بطيئة وخفيفة حتى لا تشعر بها ثم قامت بفزعها فشهقت على أثرها “نازلى” وهى تضع يديها على موضع قلبها، فنظرت خلفها وجدت أبنتها تكتم ضحكتها وخزتها فى يديها قائلة: حرام عليكي يا “لارين” وقفتى قلبي يابنتي.
ضمتها “لارين” وهى تبتسم:
– أسفة يامامى قوليلى بقا بتعمل ايه.
– بعمل قهوة لابوكى.
– طب ما تعمليلى معاكى فنجان قهوة من يديك الحلوين دول.
– لا.
تممت بضيق فقالت: لا ليه بس ياماما اعمليلي فنجان واكسبي فى بنتك ثواب دماغى مصدعة وعايزة اذاكر ومش عارفة.
– لا يعني لا هعملك عصير فواكه أحسن على الاقل تتغذى بدل ما أنتى معضمه كدا وبعدين روحى شوفى أختك “فيروزة” بتعمل ايه وخليها تنزل تقعد معانا شوية.
اجابتها “لارين” بعد ما أخذت تفاحة من على المطبخ قائلة: كنت عندها من شوية وقالتلي هنام ف سبتها تنام.
قطبت جبينها بأستغراب: تنام غريبة يعنى مش من عوايدها تنام فى الوقت دا لسه بدرى، التفتت تنظر لابنتها ثم أكملت بقلق: لأحسن تكون تعبانه.
– لا ياحبيبتي هى كويسة.
مدت يديها بالصنية قائلة: أمسكي كدا روحى وديها لابوكى وانا هطلع ابص على أختك.
– حاضر.
صعدت “نازلى” إلى ابنتها لتجدها نائمة فى سابتٍ عميق قبلت رأسها بحنان ثم أطفأت لها النور وأغلقت الباب خلفها.
فى المكتب وضعت أمامهما “لارين” القهوة نظر إليها والدها قائلة: شكرا يالارين.
– الشكر لله ياحبيبى.
تحدث عمها “خالد”: ايه دا يا”لارين” أنتى اللى عملتي القهوة.
– عيب عليك ياجدع انت تعرف عنى كدا بردو.
– ما انا قولت كدا بردو.
بعد نصف ساعة…
جاء موعد ذهاب “أدم” احتضنته والدته لتتساقط دموعها على كتف ابنها تحدثت قائلة: أعتذر عن المهمه دي ياحبيبى علشان خاطرى متروحش أنا مش مستغنيه عنك.
ربت “أدم” على ظهرها بحزن: مقدرش ياأمى دا شغلى و مستقبلي.
ابتعدت عنه بغضب: هو علشان مستقبلك تضحى بنفسك يا “أدم” انت رايح سيناء وهتتعامل مع أرهابيين ناس متعرفش ربنا ومابترحمش يابنى والقتل عندهم سهل، ماتقوله حاجة يا”عامر” انت ساكت ليه.
نظر إليها زوجها قائلاً: متخافيش عليه يانازلى ابنك بقى راجل مش عيل صغير تخافى عليه وبعدين هو مش لوحده معاه زملائه كلهم وبعدين ابنك قدها وهيرجع ليكى بالسلامة بإذن الله.
تساقطت دموعها مجدداً، اقترب منها “أنيس” ليقول بمرح: وبعدين معاكى ياماما ماقلنا هيرجعلك بالسلامة وزى القرد كمان ومفيهوش خدشاية واحدة وبعدين هو بيأثر فيه حاجة الجحش دا.
رفع “أدم” حاجبه الأيسر: شوفتى أبنك بيقر عليا أزاى.
– سيبك منه ياحبيبى المهم خلى بالك من نفسك.
– حاضر ياامى بس بطلى عياط علشان خاطرى.
ضمه “أنيس” بحزن: متزعلش منى يا”أدم” انا بهزر والله دا أنت تؤامى وحبيبى وبخاف عليك.
– وأنا عارف أنك بتهزر ياقلب أخوك.
اقتربت “لارين” منه بهدوء وبدأت عينيها ترقرق بالدمع:
– دومي هو أنت هتطول هناك.
لمس خديها برفق قائلاً: هقعد شهرونص هناك ياريري.
– شهر ونص بس دول كتير اوى أنا مش متعودة أنك تغيبى عننا بالمدة الطويلة دى .
– صدقينى هيعدوا هوا ياقلبى المهم كفاية عياط بقا أنتى وماما.
تحدث والده “عامر” : يلا يابنى بدل ما هما محسسني أنك رايح تستشهد ومش هترجع تانى.
اخذ حقيبته ثم قال: ابقوا سلمولي على “روزا” لان طلعتلها لاقيتها نايمة.
نظرت إليه والدته لتهز رأسها بالإيجاب.
على الجانب الأخر كان “عمران” واقفاً ينظر إلى السماء المغيمة ينتظر الشباب، وكان داخله يتحدث إلى الله.
فى جميع حواراتي مع الله لم أكن أسمع أى مقاطعة…
كانت الساعات كلها لي، كما أنني بكيت دون حرج ولم أخجل من الحديث عن مشاعري له…
لقد تكلمت كثيراً ولم أسمع صوتاً يأمرني بالسكوت كنت أشعر بالهدوء..
وكل الفوضى التى بداخلى كان يرتبها دائماً…
كم أنت كريمٌ لطيفٌ يا الله استودعك روحي وحياتي.
استيقظت “فيروزة” فى الصباح الباكر ثم هبطت إلى الأسفل فلم تجد أحد مستيقظاً غيرها، فذهبت إلى المطبخ تعد لهما الفطار وبعد الانتهاء منه وضعته على السفرة وصنعت بعض الفطائر التى يحبها والدها، اقتربت جدتها منها قائلة: صباح الخير ياروزا.
– صباح النور يا أجمل تيتا فى الدنيا.
أبتسمت لها “الجدة” : أنا شامة ريحة فطائر تجنن.
وضعت “فيروزة” أخر طبق على السفرة قائلة:
– ما أنا عملت شوية علشان بابا كان نفسه فيها وكمان عملت ليكم .
تذوقت الأخرى قطعة ثم قالت: بجد تسلم أيدك يافيروزة والله أنتى أحسن شيف.
ابتسمت “فيروزة” لها بلطف : بألف هنا وشفا.
اقترب منهما “وليد” وهو يفرك مقدmة رأسه قائلاً:
– صباح الخير ياتيتا ممكن بعد أذنك تعمليلى فنجان قهوة لان مصدع.
– حاضر ياحبيبى.
تحدثت “فيروزة” قائلة: خليكى أنتى ياحبيبتى وانا هعملها له.
أردف الآخر بغضب مكتوم: أولا أنا مطلبتش منك تعمليها فياريت تريحى نفسك وتخليكى فى حالك، ثم أستدار بجسده واكمل حديثه: انا قاعد فى الصالة ياتيتا لما تعمليها نادي عليا.
نظرت إليه “فيروزة” لأثره بحـ.ـز.ن فربتت جدتها على يديها قائلة: متزعليش منه هو شكلك تعبان مش أكتر.
– عادى مش زعلانة هروح أصحى عمر علشان يفطر ويلحق يروح الكلية.
– ماشى ياروزا.
تحدثت “سهر” وهى تنزل من على الدرج: الله يخربيت الثانوية عامة على اللى عايز يخشها.
قابلتها “فيروزة” الذى قالت:
– مالك يابـ.ـنتي بتصيحي كدا ليه من على الصبح.
اجابتها “سهر” قائلة بملل: زهقت يابـ.ـنت عمى من المدرسة مش هو المفروض اللى زي حالاتي يروح الدروس فقط.
– ومين اللى قالك كدا.
– أنا اللى قولت هل هناك أعتراض على قولى أيتها الفتاة.
ابعدتها “فيروزة” من أمامها قائلة:
-هقول ايه غير أنك اصلا مش نافعة وسعى كدا من قدامى خلينى أطلع اشوف اخويا حبيبى.
– أطلعى ياختى.
بعد الإفطار تحدث “عامر” قائلاً: معاذ خد لارين وسهر وصلهم فى طريقك.
هب “معاذ” واقفاً وهو يقول: حاضر ياعمى هستناكم برا يابنات.
اقتربت “لارين” من والدها وقبلت خده وهى تقول: هتوحشنى أوى يابابي.
نظر إليها “أنيس” ثم قال: على أساس انك مسافرة ومش هتشوفيه تانى دا أنتى رايحة المدرسة ياعسل.
ابتسم “عامر” بخفة: مالكش دعوة بيها ياسوسة يلا ياحبيبتى علشان معاذ وراه شغل وابقى خلى بالك من نفسك أنتى وسهر ولو حد عملك أى حاجة كلميني على طول وأنا أجيلك.
-حاضر.
***********************
فى المستشفى كانت “دارين” جالسة فى الكافتيريا وقت الأستراحة، رفعت رأسها عنـ.ـد.ما وجدت شخص يقف بجانبها ويقول: أسف على الإزعاج ممكن أقعد معاكى.
تعجبت منه قائلة: نعم.
وضع يديه على رأسه بحرج: خلاص اعتبريني مقولتش حاجة.
– مش قصدى بس مستغربة طلبك وبعدين أنت شكلك جديد هنا أنا أول مرة اشوفك.
– دى حقيقة أنا لسه متعين هنا أمبـ.ـارح وشغال مع الدكتور “صفوت” ولسه معرفش أى حد هنا ولاقيتك قاعدة لوحدك قولت يمكن أنتى زيي علشان كدا جيت أقعد معاكى ولو وافقتى نكون أصدقاء فى العمل هكون ممتن ليكي، دا إذا سمحتى لو هدايقك بلاش.
– موافقة اتفضل أقعد.
جذب المقعد وجلس معها ليقول بهدوء: شكرا ليكي ياأنسة.
– الشكر لله.
نظر إليها قائلاً بإبتسامة: صحيح نسيت أقولك أنا أسمي باسم .
نظرت إليه وقالت بإبتسامة خفيفة: وأنا دارين.
– عاشت الأسامى، بقولك ايه هو الدكتور “صفوت” ايه طبعه فى الشغل عصبى وبيقعد يزعق ولا لأ أصل أنا الصراحة قلقان منه ومشوفتهوش غير إمبـ.ـارح ومـ.ـا.تعملتش معاه.
– لا ياسيدى متقلقش هو شخص محترم جدا وتحس معاه كدا أنك بتتعامل مع باباك مش دكتور شغال عنده.
زفر بإرتياح ثم قال:
– بجد طمنتيني ربنا يطمنك دايما ويريح بالك، أومال أنتى شغالة مع مين من الدكاترة.
تحدثت “دارين” قائلة بهدوء: مع دكتور أنيس.
نظر “باسم” إليها ثم قال: دكتور أنيس دا أنا من أول ماجيت هنا ومفيش غير سيرته الكل بيقول انه من أشطر وأحسن الدكاترة اللى هنا من رغم انه لسه بيدرس.
أبتسمت “دارين” و قالت:
– طبعا هو حد مجتهد جدا فوق ما تتخيل وبيشتغل على نفسه أوي.
لفت نظره ذاك الخاتم اللامع فقال: هو أنتى مخطوبة ؟.
نظرت إلى يديها بشرود قائلة: اه مخطوبة.
حدق بها طويلاً ثم قال: شكلك مش مبسوطة يعني أصل أى واحدة بتكون مخطوبة بتبقى فرحانة لكن أنتى شكلك العكس.
أشاحت بوجهه بعيداً وقالت: لا عادى الحكاية مش كدا وكمان أنا أصلا لسه مخطوبة إمبـ.ـارح.
أتسعت عينيه بدهشة ليقول: أنتى بتهزرى صح.
– ابدا والله وانا ههزر ليه.
– أصل دا مش شكل واحدة لسه مخطوبة إمبـ.ـارح هما يابـ.ـنتى أجبروكي على الجوازة دى ولا ايه.
تحدثت “دارين” بتـ.ـو.تر: لا مفيش الكلام دا.
فى ذاك الوقت كان يقف “أنيس” على مقربة منهما يتحدث فى هاتفه فرائها تجلس مع هذا الشاب فغضب بشـ.ـدة، ثم أغلق المكالمة مع المتصل واقترب منهما وهو يشعر بغليان فى رأسه، ليقف بجانبها وأردف بضيق وهو يرمق “باسم” بنظرات لا تبشر بالخير: دارين عايزك ضروري هستناكي فى مكتبي.
نهضت من مكانها بعد ما أستاذنت من “باسم” وولجت إلى مكتبه ليقوم بغلقه خلفها ثم قال بغضب: ممكن أعرف مين دا اللى الهانم قاعدة معاه.
اردفت “دارين” بتـ.ـو.تر: دا زميل جديد فى الشغل مش أكتر.
أنيس: وأزاي ياهانم تسمحي لنفسك تقعدى مع واحد غريب متعرفهوش.
– عادي يادكتور واحد شغال معانا ولسه ميعرفش حد فيها ايه يعنى لو جه قعد معايا.
تحدث أنيس بغضب أشـ.ـد: لا ياشيخة وانتى بقا الصدر الحنين اللى هتطبطبى عليه أصله ياعيني واحد جديد ولسه ميعرفش حاجة أقسم بالله لو ما بطلتى اسلوبك دا يادارين لعمل حاجة متعجبكيش خالص.
رفعت يديها وقالت بغضب مماثل: انت ازاى تتدخل اصلا فى حياتى وتقولى اعمل أى ولا معملش أى وانت مين علشان تقولى الكلام دا أنت فاكر نفسك ايه ياأنيس.
كان أنيس لا يشعر بكلامها بعد ما وقعت عيناه على ذاك الخاتم الذى ترتديه ليقول بتـ.ـو.تر وهو يشير إلى أصابعها: ثانية واحدة هو اي دا.
نظرت إليه “دارين” بألم لكنها أرتدت قناع البرود: يعنى انت شايف ايه.
– دبلة بس لابساها ليه.
– هو ايه اللى لابساها ليه واحدة مخطوبة أكيد هتبقى لابساها.
صعق الآخر من حديثها ليقول بتـ.ـو.تر: مخطوبة؟ مخطوبة ايه أنا مش فاهم حاجة دارين أنتى أكيد بتهزرى صح ودا ملعوب جديد منك.
تحدثت “دارين” ببرود: وأنا هعمل ملعوب ليه يادكتور أنيس أنا فعلا اتخطبت.
شعر “أنيس” من تلك الكلمة بأن قلبه تمزق إلى شطرين:
– ايه اللى بتقوليه دا يادارين بجد حـ.ـر.ام عليكي بطلى كلامك دا انتى بتو.جـ.ـعيني هو علشان رفض طلب الاستقالة فبتعملى كدا، طب أنا عملت ليكى حاجة تزعلك منى تخليكى عايزة تبعدي عنى بالله ما تعملى كدا أنا عارف أنك بتهزرى و..
قاطعت حديثه قائلة: أنا مش بهزر يادكتور انا اتخطبت فعلا.
ترقرقت الدmـ.ـو.ع فى عين “أنيس” ليقول: لا مستحيل اللى بتقوليه دا يحصل، ثم أمسك يديها ليكمل كلامه: دارين أنا بحبك وانتى عارفة كدا كويس أرجوكِ بلاش تو.جـ.ـعى قلبى حـ.ـر.ام عليكى اللى بتعمليه فيا دا، ازاى اتخطبتى طب وانا وحبك الكبير اللى بتحبيه ليا كل دا راح فين، لم ترد عليه واشاحت بنظرها بعيداً عنه ليكمل، ولا أنتى مكنتيش بتحبينى من الأول أصلا.
دفعته بعيد عنها وقالت: ايوة انا مكنتش بحبك من الأول كنت بسلى وقتى معاك مش أكتر وياريت بقا تنسانى خالص وكمان ملكش علاقة بيا نهائياً انت فاهم.
أجابها “أنيس” وقد تجمدت دmـ.ـو.عه قائلاً : أنتى أحقر بنادmه شوفتها فى حياتى وعمرى ماهسامحك على و.جـ.ـع قلبى اللى أنا فيه دلوقتى. أخذ مفاتيحه وهاتفه ليخرج من ذاك المكان الذى ضاق عليه فقد بدأ يشعر بتحطمه وانهياره أمامها وهو لايريد أن يفعل ذلك خصوصاً بعد الذي حدث منها.
خرجت من الغرفة لتفر دmعة هاربة من جفنها، اقترب “باسم” منها ليقول باستغراب: هو الدكتور أنيس ماله شكله مدايق أوى وركب عربيته وساقها بسرعة البرق والله خايف ليعمل حادثة.
قبض قلبها بالخـ.ـو.ف لتنهمر دmـ.ـو.عها على وجنتيها لاحظ هذا “باسم” ليقول بقلق: دارين مالك بتعيطى ليه بس هو الدكتور عملك حاجة.
أردفت بشهقة قائلة: لا أنا اللى عملت، ثم قامت بوضع كفيها الصغير على وجهها لتغطيه بأكمله.
تحدث الأخر وقال: ممكن تهدي شكل الموضوع كبير تعالى نقعد فى أى حته وتحكيلى ايه اللى حصل..
*******************
كانت “فيروزة” تقف فى الحديقة تسقى الأزهار لتجد “أنيس” يمر من أمامها، أخذت تنادي عليه ولكنه لم يعبأ لها، تركت ما بيديها لتذهب خلفه استوقفتها “نازلى” قائلة: هو أخوكى ماله واخد فى وشه وطلع على طول من غير ما يرد عليا.
أجابتها “فيروزة” بهدوء: مش عارفة ياماما هطلع أشوفه فيه ايه.
– ماشى ياحبيبتى وابقى طمنيني عليه.
تحدثت وهى تصعد إلى الأعلى: حاضر ياأمى.
طرق على الباب بخفة ثم دخلت وأغلقته خلفه بهدوء اقتربت من أخيها الذى وجدته يضع رأسه بين يديه وباين عليه الإرهاق والألم، جلست بجانبه وهى تربت على ظهره بحنان قائلة: أنيس مالك ياحبيبى فيك حاجة مزعلاك ولا حصلك حاجة فى الشغل.
لم يجيها رده لتكمل حديثها: فيك ايه ياأنيس أنا مش متعودة عليك وأنت ساكت كدا طمنى مالك.
نظر إليها بعيون متغرغرة بالدmع ليقول: عارفة أنا حاسس بأيه دلوقتى.
– حاسس بأيه.
تحدث بو.جـ.ـع وحـ.ـز.ن دافين قائلاً: حاسس بكل حاجة وحشة حاسس بو.جـ.ـع فى قلبى ومش عايز يقف حاسس بأن فى حد جايب سكينة وعمال يجـ.ـر.ح فى صدرى، أنا تعبان أوى يافيروزة هى ليه الدنيا وحشة كدا ليه بتاخد أكتر ما بتدي.
تحدثت “فيروزة” قائلة: ليه ياحبيبى بتقول كدا ايه اللى مدايقك.
– دارين أتخطبت.
– ايه !
نظر أمامه بحـ.ـز.ن وقال بصوتٍ أقرب للبكاء: اتفأجت النهاردة بأنها أتخطبت معرفش هى ليه عملت كدا
عارفة هى قالتلى أنها مكنتش بتحبنى أصلا أنا كنت مجرد تضيع وقت بالنسبه ليها، أنا اللى واجعنى أنى حبتها من كل قلبى ووثقت فيها وكنت هكلم بابا خلاص وكنت هروح أخطبها لكن هى ضيعت كل حاجة، وفى لحظة كل دا راح وأنتهى وأنا انتهيت معاها، احساس وحش أوى يافيروزة لما اللى بتحبيه يسيبك مرة واحدة ومت عـ.ـر.فيش أيه سبب بعده وتغيره وبعدها تكتشفي انه مش بيحبك بعد كل اللحظات والذكريات الحلوة اللى قضتوها مع بعض، صمت قليلاً محاولاً أن لا يكبح دmـ.ـو.عه وأن يظل متماسكاً ولكن “فيروزة” ضمته بحـ.ـز.ن ثم قالت: عيط ياأنيس ومتكتمش عـ.ـيا.طك وو.جـ.ـعك وحـ.ـز.نك خرج كل اللى جواك ياحبيبى علشان ترتاح لو فضلت كاتمه هتتعب أكتر.
جاء حديثها كأشارة منها ليبدء بالبكاء وهو يضمها بقوة لتربت الأخرى على ظهره بحنان ومواساه وهى تشعر بألم وقد بدأت دmـ.ـو.عها فى التساقط من الحـ.ـز.ن على أخيها، فأتاها صوته الباكى قائلاً:
– أنا مخـ.ـنـ.ـوق أوى حاسس أن نفسي بيضيق من الو.جـ.ـع والحـ.ـز.ن هو ليه بيحصل معايا كدا ليه مش مكتوبلي أفرح أنا والله عمرى مأذيت حد ولا جـ.ـر.حت حد ودايما فى حالى أنا والله مكنتش عايز أى حاجة من الدنيا غير أنى أفرح وأعيش سعيد مع الانسانة اللى أتمناها قلبى لكن دى حتى طلعت مجرد مسرحية بايخة ونهايتها مؤلمة.
أردفت “فيروزة” بدmـ.ـو.ع: علشان خاطرى متعملش كدا فى نفسك وقول الحمدلله وأرضى بقضاء وحكمة ربنا لعله خير ياعمرى وبأذن الله هتفرح وكل حاجة هتتصلح بس بالله عليك بلاش كلامك اللى بيوجـ.ـع القلب دا حـ.ـر.ام عليك نفسك يا أنيس.
أبتعد عنها قليلاً وقال: مش بأيدي والله ما بأيدي يافيروزة أنا موجوع ومش عارف امتى هيخلص كل الو.جـ.ـع دا ادعيلي ان ربنا يهونها عليا، ثم قام بضمها مرة أخرى لتمسد على رأسه بحنان أخوى.
****************
فى غرفة “عمر” و “طارق” كانوا يجلسون على مكاتبهم أرجع “عمر” جسده للخلف متكأً على الكرسى قائلاً بإرهاق: حرفياً أنا فصلت ودmاغى بقت قد كدا من كتر المعلومـ.ـا.ت المتلخبطة دى.
أجابه “طارق” وهو يفرد ذراعيه بملل: الواحد تعب من كتر المذاكرة ف احنا ناخد بريك ساعة أو ساعتين وبعدين نرجع نكمل .
نظر إليه “عمر” الذى أبتسم بخفة: على أساس أن احنا كان بقالنا خمس ساعات بنذاكر دا احنا يأخى مكملناش ساعة حتى بس مش عارف ليه الواحد كل ما يجي يذاكر يحس بفرهدة من قبل ما يبدأ وبيبقي عايز ينام.
تثأب الأخر الذي قال: لا أحنا ناخد قيلولة أحسن.
– لا صحصح كدا احنا ورانا امتحان بعد يومين مش عايزين نسقط.
– مـ.ـا.تيجي نلعب بلاستيشن يمكن نفوق وخلى ماما أو مرات عمى تعملنا سندويتشات وعصير فريش ينعنشنا.
نهض “عمر” من مكانه وقال: خلاص اشطا أنا هنزل اقولهم وانت شغل الجهاز.
بعد دقائق دلف إليهم “معاذ” قائلاً: بتعملوا ايه يافاشلين.
أجابه “طارق” وهو يضع الطعام فى فمه وقال:
– كنا بنذاكر وبعدها زهقنا قولنا نأكل ونلعب شوية .
جلس بجانبه ليردف بسخرية: وماله ياعسل دا أنا هلعبكم على الشناكل يوم الامتحان.
نظر إليه “عمر” وقال: وحياة أبوك ياشيخ مش علشان مادتك تقوم جيبلنا الامتحان صعب خليك حنين معانا دا احنا حتى أخواتك.
– حنين مـ.ـا.تت ودفناها من زمان و بعدين مفيش الكلام دا ياحلو أنت وهو الشغل شغل والامتحان امتحان ماشى.
تحدث “طارق” بأستعطاف: إن شاء الله يخليلك عيالى ياشيخ متصعبش الامتحان احنا عايزين ننجح مش نسقط.
– أنا مش هرد عليكم عارفين ليه.
رد “طارق” و”عمر” فى آن واحد: ليه .
– علشان انتو عيال فاشلة ومستهترين بمستقبلكم وأنا بقا هفضل وراكم لحد ما تتعدلوا.
نظر إليه “طارق” وقال: تدرى ليش ماهرد عليك.
– ليش ياروح أخوك.
– لأنك زي أخويا الكبير مش أكتر.
– استغفرالله العظيم وربنا أنا غلطان مش عارف ايه اللى قالى أجى أقعد مع أتنين متـ.ـخـ.ـلفين زيكم.
أردف “عمر” قائلاً بملل: الواحد زهقان بشكل لا يطاق.
أجابه “طارق”: اه والله بقولك ايه متيجي نسافر اهو نفك الملل شوية.
نظر إليهم “معاذ” : لا والله هو انتو مش واخدين بالكم أن الامتحانات بعد يومين ولا ايه طب استنوا لما تتنيلوا وبعدها اعملوا اللى عاوزينه.
نظر إليه “عمر” : ما أحنا بنخطط من دلوقتى ياعم وبعدين يعني هو انت شايفنا لمين هدومنا وماشين.
– بحسب.
-لا متحسبش تانى بعد كدا متشوف ابن عمك ياعم طارق.
تحدث “طارق” ببرود: سيب الحمار ينهق وبعدين سيبك منه كأنه مش موجود.
أمسك “معاذ” المخده ودفعها فى وجهه: تصدق أنك متربتش.
– أعمل إيه ابويا وأمي مكنوش فاضين يربونى .
أبتسم “عمر” بخفة: ياعيني تصدق صعبت عليا كنت قولى يابنى وأنا كنت أخلى اللواء عامر يربيك.
نظر إليه “طارق” وقال بسخرية: ياعم أتنيل كان رباك أنت الأول وبعدين هو أصلا كان فاضى دا كان بيفكر ازاى يخلف الخلفة اللى بعدك.
وقف “معاذ” وقال: أنا أول وأخر مرة أجى أقعد مع أشكالكم ياشوية فاشلة.
فى غرفة “لارين” التى كانت نائمة بعمق على فراشها فتح باب الشرفة بهدوء شـ.ـديد ودلف رجل ملثم لا يظهر من وجهه سوى عيناه، نظر بخبث الى تلك السكينة التى يحملها بيده ثم تقدm منها بخطوات هادئة ليقف بجانب الفراش، نظر حوله وهو يتأكد من أن المكان آمن لا يوجد به أحد لحظات وبدأت “لارين” تتحرك قليلاً فى نومتها بعد شعورها بالقلق فركت جفنها بضيق، وفتحت عينيها الناعسة ليتسع بريقها بصدmة وهى تنظر إلى ذاك الملثم الذي يقف بجانبها ويحمل سكيناً، ثوانٍ وصرخت عالياً بذعر عنـ.ـد.ما رأته يرفع السكين ويسقط بها نحوها ليغرزها..
فى غرفة “لارين” كانت نائمة بعمق على فراشها، بينما فُتح باب شرفتها بهدوء شـ.ـديد ودلف رجل ملثم بوشاح أسود لا يظهر من وجهه سوى عيناه، نظر بخبث إلى تلك السكينة التى يحملها بيده ثم تقدm منها بخطوات هادئة ليقف بجانب الفراش ونظر حوله ليتأكد من أن المكان آمن لا يوجد به أحد لحظات وبدأت “لارين” تتحرك قليلاً فى نومتها بعد شعورها بالقلق، أخذت تفرك جفنها بضيق ثم فتحت عينيها الناعسة ليتسع بريقها بصدmة وهى ترى ذاك الملثم يقف بجانبها ويحمل سكيناً، ثوانٍ وصرخت عالياً بذعر عنـ.ـد.ما رأته يرفعه يديه بالسكينة ويسقط بها نحوها ليغرزها بها..
بينما نهضت لارين سريعاً من مكانها وأبتعدت عن الفراش وهى تنظر إلى السكين التى غرزت فى الوسادة وفى تلك اللحظة سقطت دmـ.ـو.عها بغزرة وأزدادت وتيرة أنفاسها وهى تراه يرفع السكينة عالياً…
بدأ الملثم بالأقتراب منها بهدوء تحت نظراتها الخائفة والمترقبة بينما هى ركضت إلى الباب وجاءت حتى تفتحه وجدته مغلق التفت تنظر إليه وهى تلتصق بالجدار خـ.ـو.فاً وعينيها مازالت مثبتة على يديه، أبتلعت غصتها وقالت بنبرة مهزوزة:
– أنت مين وعايز منى ايه وازاى دخلت هنا.
نظر إليه بنظرات غاضبة وقال: عايز روحك ياحلوة.
أخذ جبينها يتصبب عرقاً وقالت بهلع: أرجوك خد كل حاجة عندك مجوهرات وموبايلات وفلوس كتير خد اللى عاوزه بس بلاش تعمل فيا حاجة.
ولكن كان لا يهتم بما تقوله نظرت إلى الباب وحاولت فتحه مجدداً ولكنها شعرت فجأه بيده التى وضعت على جسدها لتلتفت إليه سريعاً وهى تبعده عنه ولكنه لم يتردد ثانية واحدة عنـ.ـد.ما وجد منها مقاومة وكانت السكينة تستقر فى بطنها تزامناً مع علو شهقاتها وصدmتها، تسقطت دmـ.ـو.عها بغزراة مع أغلاق عينيها بألم بينما هو نظر إليها بحقد ثم ضغط على السكين أكثر بها وبعدها قام بإخراجه منها مرة واحدة ومعها تناثرت دmائها بقوة، لم تشعر لارين بنفسها إلا وهى تسقط أرضاً غارقة فى دmائها..
نظر حوله وهو يبحث عن شيئاً ما ولكنه شعر بالهلع عنـ.ـد.ما سمع صوت أقدام فى الخارج جعلته يترك ما بيده ليركض سريعاً هارباً من الشرفة، وأثناء هروبه أصتدm بتلك الطاولة الجانبية التى سقطت من عليها المزهرية أرضاً، دخل الشرفة ونظر إلى أسفل ليرى أن المسافة ليست ببعيدة ثم قفز من على السور إلى الحديقة..
أقترب “معاذ” من الغرفة بعد ما سمع صوت إنكسار فى الداخل طرق على الباب منادياً عليها ظل بضع ثوانٍ ولم يتلقى منها أى رداً، قفز فى قلبه القلق والخـ.ـو.ف ليقوم بكـ.ـسر الباب عنـ.ـد.ما وجده منغلقاً و دلف إليها لينصدm من ما يراه، أقترب منها سريعاً وجلس بجانبها ضاممها إلى أحضانه ليرى بقعة الدmاء تلون ملابسها وتلك السكينة الملقاه بجانبها مليئة بالدmاء.
نظر إلى “لارين” وهو بضـ.ـر.ب على خديها برفق بأيدي مرتعشة قائلاً بقلبٍ منفطر: لارين حبيبتى أنت سمعاني
ثم قام بضمها بقوة إلى أحضانه وقد ترقرقت الدmـ.ـو.ع بعيناه وهو يصـ.ـر.خ قائلاً:
ياالله…..حد يساعدني ياأنيس ألحقني.
فى تلك اللحظة آتى “أنيس” مهرولاً إلى غرفة شقيقته ليصعق من رؤيتها هكذا، جلس على الجهة المقابلة ويقوم بجذبها إليه برفق ثم قام بحملها ليركض بها إلى الخارج ويليه “معاذ” والعائلة…
بعد مدة من الوقت دلفت لارين إلى غرفة العمليات، بينما والدها كان يقف مستنداً على الجدران والدmـ.ـو.ع عالقة فى عيناه تأبى أن تفارقه تذكر رؤية أبـ.ـنته وهى غارقة بدmائها ثم أخذ يتوعد بالهلاك لمن فعل هذا بها اقترب منه شقيقه “أحمد” الذى وضع يديه على كتفه قائلاً بهدوء: عامر أنت كويس.
نظر إليه بدmـ.ـو.ع حبيسة ليقول بغضب: لا مش كويس بـ.ـنتي جوا فى أوضة العمليات وأنا واقف هنا ومش عارف هو كويسة ولا لأ أنا حاسس بنار جوايا يا أحمد
– أهدى ياحبيبى إن شاء الله هتبقى كويسة متقلقش وكمان أخوها أنيس معاها جوا.
نظر إلى أعلى وهو يناجى ربه ثم قال: يارب يا أحمد يارب دى لو حصلها حاجة همـ.ـو.ت فيها.
نظرت إليه “فيروزة” بعيونه هالكة من البكاء وهى تحتضن والدتها “نازلى” التى كانت تبكى بحرقة لتربت الأخرى على رأسها بحنان ولم يكف لسانها عن الدعاء لشقيقتها.
بعد مرور بضع دقائق كانت يتحدث “عامر” فى الهاتف مع صديقه “رؤوف” وكان يبدو على ملامح وجهه الغضب ليقول بصوتٍ عالٍ: وأنا اعرف منين شايفني بشم على ضهر أيدي بس ورب الكعبة أول ما أعرف مين الحـ.ـيو.ان اللى عمل كدا لهقــ,تــله يارؤوف سامع لهقــ,تــله
ثم قام بغلق الهاتف فى وجهه ويقوم بضـ.ـر.ب الجدران بعنف وهو يشعر بغضب جحيمي لتفر دmعه من عيناه متألمة، اقتربت “فيروزة” منه بهدوء لتربت على يديه برفق قائلاً بحـ.ـز.ن: بابا لو سمحت أهدى ياحبيبى.. صدقنى يابابا هى هتبقى كويسة والله أختى هتبقى كويسة.
قام بأبعاد يديها عنه بعنف ليردف قائلاً بعصبية:
محدش يقولى أهدى سامعة أنا بـ.ـنتى الوحيدة جوا بين الحياة والمـ.ـو.ت وأنتي جاية تقوليلى أهدى أنا مش عايز أسمع صوتك نهائياً فاهمة…..ثم أخذ يبكى ليقول بحرقة: أنا محدش حاسس بيا انا قلبى بيوجـ.ـعنى من ساعة مشوفتها بالمنظر دا وخايف أوى لخسرها خايف لو مشوفهاش تانى دى بـ.ـنتى وحته من قلبى وروحى وأغلى ما ليا .
ليجلس على الأرض وهو يضع يديه على رأسه جلس بجانبه “أحمد” معانقاً إياه بين أحضانه مربتاً على ظهره بمواساة، ابتعدت عنهما “فيروزة” ووقفت بعيداً فى أخر الممر وهى تنظر إليهم بعيون منهمرة بالدmع لتقوم بوضع يديها على موضع قلبها الذى ألمها بشـ.ـدة ثم أغمضت عينيها الفيروزية بعنف محاولة ضبط أنفاسها المتقاطعة لتخرج منها شهقة عالية متألمة…
بعد مرور ساعتين..
خرج “أنيس” من غرفة العمليات فأقترب منه الجميع بقلق نظر إليه والده الذى قال: طمنى ياأنيس على أختك.
نظر الأخر إليه قائلاً: متقلقش ياحبيبى هى دلوقتى كويسة والجـ.ـر.ح مش عميق…وتم نقلها لغرفة تانية وشوية هخليكم تشوفوها.
زفر “عامر” بهدوء وقال: الحمدلله أن هى بقت كويسة.
بعد مرور دقائق كان يقف “عامر” بجانبها يمسد على خصلات شعرها بحنان، رمشت “لارين” بعينيها وقطبت حاجبيها ثم تحدثت بوهن وهى تنظر حولها قائلة: أنا فين؟
تحدث والدها قائلاً بأبتسامة: فى المستشفى ياقلب أبوكى حمدلله على سلامتك.
نظرت إليه بعيون دامعة وقالت بخـ.ـو.ف: بابا كان ف..
أردف عامر بهدوء ليبث بقلبها الأطمئنان: متخافيش ياحبيبتى أحنا هنا جمبك ومش هسيبك أبداً ومحدش هيقدر يقرب منك بعد كدا.
اقتربت نازلى منها قائلة بأبتسامة سعيدة: حمدلله على سلامتك ياعمرى أنتِ.
أردفت “لارين” بأرهاق: الله يسلمك ياماما.
تحدث “عمر” قائلاً بمرح: ينفع كدا ياعسل الخضة دى دا انا كنت هقطع الخلف بسببك بس يلا مش مهم أهو كله فداكِ.
نظر إليه “أنيس” وقال بسخرية: ياااه على التضحية مش عارف لولاك كنا عملنا ايه.
أقتربت منها “فيروزة” وقبلت رأسها بحنان ثم قالت بأبتسامة: حمدلله على سلامتك يابسبوسة العيلة فداكى روحى ياقلب أختك..كنت همـ.ـو.ت من الخـ.ـو.ف عليكى.
نظر “عامر” لأخواته بهدوء ليقول:
– يلا يا أحمد خد العيلة وروحهم وانا هفضل هنا مع لارين.
أحمد: أزاى بس هروح واسيبك أنا هفضل هنا معاكم.
نظر إليهم “خالد” قائلاً: ايوه أحمد عنده حق لازم واحد مننا يفضل معاك عشان لو أحتاجت أى حاجة.
زفر عامر بضيق وقال: ياجماعة والله مالهوش لزوم قعدت أى حد فيكم يلا بقا يا أحمد أنا مفيش فيا حيل للمناهدة.
نظروا لبعضهم بقلة حيلة فمهما حاولوا لم يقتنع وسيظل ثابتاً على قراره، ثم تحدث “أحمد” قائلاً:
– ماشى ياعامر زى ما انت عاوز بس لو احتاجت حاجة ياريت تكلمنا ومتطنش ماشى.
– ماشى ويلا بقا.
كانت “فيروزة” واقفة فى حديقة المستشفى، تنظر إلى تلك السحب المتفرقة بشرود، شعرت بنسمة هواء بـ.ـاردة تلفحها جعلتها ترتجف قليلاً ثم حاوطت جسدها بذراعيها، شعرت بشئ يُوضع عليها فألتفتت تنظر خلفها فوجدته أخيها “عمر” يضع جاكته عليها ليردف قائلاً بابتسامة: شكلك بردانه أوى ياروزا.
أومـ.ـا.ت رأسها بالإيجاب ليكمل حديثه: واقفة هنا لوحدك ليه ومش قاعدة معانا جوا .
نظرت إلي السماء وقالت: ما أنت عارف أن أنا مش بحب قاعدة المستشفيات وبعدين أنت ايه اللى خرجك من جوا.
– خرجت أدور عليكى لما ملاقتكيش وطبعا أنتى عارفة ان أنا بقلق بسرعة لما بتختفى فجأه.
– تعرف ياعمر أنك اكتر واحد فى أخواتي بحبه أوى واكتر واحد بخاف عليه.
أبتسم إليها بحب أخوي وهو يقبل يديها ثم قال:
عارف ياعمري وأنتِ والله أكتر واحدة بحبها فيهم يافيروزة وعلى فكرة دا مش كلام والله.
– عارفة أنه مش كلام.
أقترب منهما “عامر” ليشير إلى”عمر” بأن يتركهم بمفردهم لينفذ الأخر ما أمره، جاء والدها أن يضمها بين ذراعيه ولكنها تراجعت بخطواتها إلى الخلف مبتعدة عنه ليتفهم هو ما يدور بعقلها ليردف قائلًا بهدوء:
– فيروزة عارف أنك زعلانه منى بسبب عصبيتى عليكى ولكن يابـ.ـنتي كان غـ.ـصـ.ـب عنى أنا مكنش قصدي أجـ.ـر.حك بكلامى وأنتى عارفة كدا صح.
خفضت رأسها بحـ.ـز.ن ولم تجيبه، أمسك يديها و.جـ.ـعلها تجلس على المقعد وجلس بجانبها ليكمل حديثه بأسى وحـ.ـز.ن:
– من ٢٧ سنة أتعرضنا أنا ونازلى لابشع يوم فى حياتنا يوم لما أتخـ.ـطـ.ـفت فيه بـ.ـنتنا كارما أول فرحتنا وكان عمرها ٦ شهور خـ.ـطـ.ـفوها جماعة مسلحين بيتاجروا فى كل حاجة أنتى لا تتخيليها، و قرروا يتنقموا منى بسبب العمليات اللى دmرتهلهم وبعض رجـ.ـالتهم اللى قبض عليهم ولكن أنتقامهم كان عظيم و نفذوه فى بـ.ـنتي نور عيني، صمت لوهلة وقد بدأت عيناه ترقرق بالدmع ثم أكمل:
بعد ما خـ.ـطـ.ـفوها قدرنا نرجعها بس الخوانه قدروا يتسللوا لبيتي وقــ,تــلوها قــ,تــله طفلة بريئة عمرها شهور بدm بـ.ـارد وحرقوها مش عارف أزاى قدروا يعملوا فيها كدا أزاى جالهم قلب يأذوا طفلة زيها تعرفى اللى واجعنى لحد دلوقتى أن أنا معرفتش أخد بحق بـ.ـنتي
أنا يافيروزة موجوع من جوايا وعلى طول خايف أن حد منكم يتأذى زيها علشان كدا كنت خايف على لارين أوى لانها تعرضت للقــ,تــل زى أختها… أعدائى ناوين يقهروني على ولادى وأنتى عارفة قد أيه الضنا غالى.
ثم نظر إلى عينيها بألم ليقول: حقك عليا يافيروزة متزعليش من أبوكى أنتى بـ.ـنتي زيك زيهم وبحبك زى أختك لارين علشان خاطرى سامحيني أنا مابحبش أشوفك زعلانه مني.
رفعت رأسها إليه ثم أرتمت فى أحضانه ليحتويها بذراعيه وسمعها تقول: أنا مش زعلانة منك ياحبيبى وبعدين هو فى حد يزعل من العسل دا.
أبتسم بود ليردف قائلاً بمرح:
– ياراجـ.ـل عليا الكلام دا ياروزا.
أبتعدت “فيروزة” عنه بأبتسامة مشرقة: تعرف يابابا أنا بحبك أوى وأسفة لو كنت زعلت حضرتك.
– أنا مقدرش أزعل منك يافيروزة.
أخذ “عامر” يحدق فى ملامحها ثم قال: تعرفى أنك فى نفس عمر كارما.
نظرت إليه بعينيها الفيروزية وقالت:
– هى كانت حلوة زيى كدا ولا أحلى.
عامر بشرود: كانت جميلة زيك.
وضعت رأسها على كتفه بهدوء ونظرت إلى السماء المظلمة.
بعد يومين وتحديداً فى القصر ..
دلف “عامر” وهو يسند “لارين” بعد أن أطمئنوا عليها وسمح لهم الدكتور بالخروج، جلست على تلك الأريكة معهم نظر إليها “طارق” بخبث قائلاً: يااااااه يا لارين تصدقى أن البيت كان حلو من غيرك أوبس قصدى كان وحش ..
نظرت إليه بسخرية: تصدق فعلاً.
طارق بشفقة: والله زعلنا عليكى يابـ.ـنتى أنت مت عـ.ـر.فيش أننا بنحبك قد ايه.
أبتسمت أبتسامة صفراء ثم قالت: اه ما أنا عارفة مش محتاجة تقولى.
نظر إليه “أحمد” بحده: ملكش دعوة ببـ.ـنت عمك يازبـ.ـا.لة، ثم التفت إليها ليقول: سيبك منه ياحبيبتى ومتزعليش من كلام البأف دا.
– أبدا ياعمى مش زعلانه وبعدين دا طارق محدش بياخد على كلامه أصلا.
أردف “وليد” بأبتسامة: حمدلله على سلامتك ياعسل.
لارين: الله يسلمك ياوليد.
تحدث “وليد” وقال: عايزك كدا تخفى بسرعة علشان عملك مفاجأة هتفرحك أوي يالى لى.
أردفت “لارين” بسعادة: بجد ياوليد طب ايه هى المفاجأة دى.
أجابها بمرح: لا ياعسل مش هقولك وبعدين لو قولتلك مش هتبقى مفاجأة صح ولا اي.
– صح بس هتبقى أمتى.
– أول ما تروقى كدا من التعب اللى أنتى فيه.
وضعت “سهر” يديها فى وسطها وقالت بحـ.ـز.ن مصطنع:
– طب وأنا ياسي وليد مفيش ليا حاجة ولا أنا مش مهمه عندك.
نظر إليها مبتسماً ليقول: مين قال كدا أنتى مهمة عندى كلكم زي بعض والله وبعدين ياستى متزعليش ليكى نفس المفاجأة أى خدmة.
أردفت بمرح قائلة: يعيش وليد.
– يلا أسيبكم أنا بقا وألحق اروح الشركة علشان لو فضلت قاعد جنبكم كدا هفلس.
ثم أتجه إلى الخارج وذهبت خلفه “فيروزة” وهى تنادي عليه، استدار إليها ليردف قائلًا بضيق: خير فى حاجة.
تحدثت بحرج وقالت: اه فيه ممكن نتكلم مع بعض شوية.
– للأسف مش فاضى أنا لازم أمشي.
– لا ياوليد أحنا لازم نقعد نتكلم مع بعض ونشوف حل لموضوعنا دا.
موضوع ايه.
– يعنى أنت مش عارف !
– لا مش عارف وياريت نخلص أنا مش فاضيلك.
– ممكن أعرف أنا بالنسبالك ايه أنا خلاص زهقت ومابقتش فاهمة أنت بتعاملنى كدا ليه… دا أنت حتى بتعامل الكل كويس إلا أنا مع أنى بكون خطيبتك ومعاملتك معايا المفروض تكون أحسن من معاملة الكل.
زفر بضيق قائلًا: شكلك فاضية وعايزة تتخانقى وخلاص.
تحدثت “فيروزة” بحـ.ـز.ن :أنا مش عايزة اتخانق أنا عايزة اعرف علاقتنا دى هتوصل لأيه.
– والله لما أعرف هبقى أقولك .
أقتربت منه ووقفت أمامه بهدوء: أنا مابقتش فهماك أنت أتغيرت أوى مش دا وليد اللى كنت أعرفه زمان واللى كان بيحبنى وميستحملش عليا الهوا ايه اللى غيرك كدا من ناحيتي.
نظر إلى ساعته ثم قال: أنا أتأخرت أوى ولازم أمشى عن أذنك يابـ.ـنت عمى.
نظرت لأثره بشرود بعد مغادرته لتذهب هى إلى الداخل
وصعدت إلى غرفتها، بعد دقائق من التفكير الذى أرهقها جلست على فراشها وهى تمسك مذكراتها تدون بعض الكلمـ.ـا.ت العالقة بداخلها..
كانت جدتى دوماً تحدثنى بتلك النصيحة إذا أحببت شخصاً ما لا تجعليه محور حياتك ياعزيزتي .. لا تقدmى حياتك هدية له أنتى أولى بها … الله وهبك إياها فلا تهبيها لاحد .. وان فعلتى فنادى فى ظلمـ.ـا.تك لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين وأسترجعى أغلى ما تملكين
حبيه ولكن لا تذوبى فيه .. حبيه ولكن لا تعلقى حياتك عليه .. حبيه وأن قرر الرحيل أبتسمى له وأديرى ظهرك ضاحكة فالحياة تنتظرك فلا تنتظريه حرريه وحررى روحك قبله .. فالكووون كله قد سُخر لك فانطلقى وطيرررى وحلقى
لا تحكمى على نفسك بالمـ.ـو.ت حيا لاجله .. وان فعلتى فاستغفرى لذنبك وظلمك لنفسك وافيقى لازلتى تتنفسى إذا هناك حياة فى انتظارك
قومى ضعى كامل زينتك .. انظرى لنفسك فى المرايا وأخبرى نفسك كم انتى جميلة
لا تحكمى على نفسك بالعيش فى ظلمـ.ـا.ت داخل ظلمـ.ـا.ت لاجل رحيله
أرقصى وتميالى على أنغام حـ.ـز.نك وأركضى عليها برجلك وانظرى الى جسدك واخبريه كم هو فاتن
أنتى أيتها الرائعة الفاتنة الرقيقة الجميلة القووووية .. أعرفى انك غالية غالية غالية عند مليك مقتدر
أنتى أيتها الغالية اعرفى قيمتك العالية عند ملك الملوك ولا تسمحى لعبد ان يشعرك انك هينة او .. او كتلة مهملة حتى وان احببتيه .. فحبى نفسك اكتر و حلقى بعيداااا عن موطنه ..
قامت بأغلاق المذكرة ووضعت القلم جانباً بعد أن أخذت قراراً وعزمت على فعل تلك الخطوة التى كانت تخشاها، هبت واقفة من مكانها وأتجهت إلى خزانتها وأخرجت ثوباً من اللون الأسود الطويل والمحتشم، بعد أرتدئها الفستان قامت بتصفيف شعرها وجمعته بهيئة بسيطة ووضعت ميكاب خفيف مع أحمر شفاه قاتم جعلها أكثر أنجذاباً، ثم أخذت تنظر إلى نفسها فى المرآه بتمعن فأرتسمت أبتسامة رضا تزين ثغرها مما زادها جمالاً فوق جمالها.
فى الأسفل كان بعض أفراد العائلة يجلسون مع بعضهم فى هدوءٍ تام، نظر “طارق” نحو السلم عنـ.ـد.ما رأى “فيروزة” تهبط من عليه ليطـ.ـلق صفارة عالية بأعجاب ثم قال: أوبا ايه الحلاوة دى ياروزا والله من زمان ياشيخة لم نرأكى فى مثل هذا الفستان الرائع.
اقتربت منهما بخجل وقالت: بجد يعني شكلى حلو ياطروقة.
– دا أنتى صاروخ مش حلوة وبس .
وكزه “عمر” بغضب فى كتفه ليقول بغيرة: عينك ياحلو بدل ما اقلعها ليك.
– يابنى دى أختى.
– ولو متبصش عليها بدل مازعلك.
تحدثت “فيروزة” بتـ.ـو.تر وهى تنظر إلى أخيها: مقولتش ياعمر أيه رأيك فى شكلى حلو ولا وحش.
نظر إليها بابتسامة قائلًا: والله العظيم أنتى قمر ياقلب أخوكى.
أردف عمها “أحمد” بأبتسامة: طول عمرك حلوة وجميلة يافيروزة ومفيش فى حلاوتك أتنين.
– شكرا ياعمو والله مفيش أحلى منك أنت ياحبيبى.
أحمد: راحة فين كدا ؟
– هخرج أتمشى شوية مش أكتر.
– ماشى ياحبيبتى بس عايزك ضروري تروحى الشركة هناك ملفات فى الحسابات محتاجة تتظبط أبقى هاتيهم معاكى واشتغلى عليهم لان مفيش حد عارف يعدل فيهم أى حاجة وطبعا مفيش أشطر منك فى شغل الحسابات مش عارف أنا ايه اللى خلاكى تسيبى الشغل.
– حاضر هبقى اشوفهم … هعدى على الشركة الأول أجيبهم وبعدها هكلمك ياعمر تقابلنى ونخرج سوا.
أومأ رأسه إليها بالموافقة.
بعد مده وصلت للشركة وأخذ الكل يرحب بها بحب شـ.ـديد فهى لها مكانه كبيرة بينهما، بعد مرور بضع من الوقت أقترب منها ذلك الموظف وأردف قائلًا: فى ملف واحد ناقص وهو دلوقتى موجود عند الأستاذ وليد تحبى أجيبه ليكى.
– لا خليك هاخده وأنا ماشية .
ذهبت إلى مكتبة ووجدت السكرتيرة جالسة على مكتبها منشغله ببعض الأوراق، اقتربت من الباب بحرص شـ.ـديد وقامت بفتحه لتقف متصنمه مكانها وهى تشعر بالصدmة مما رأت فجعل ما بيديها يسقط أرضاً.
أقتربت من باب المكتب ودفعته على أخره ليتصنم جسدها عنـ.ـد.ما وجدته يحتضن تلك الفتاة فى وضع غير لايق وهو يقبلها، سقطت من يديها تلك الملفات الذى صدرت صوت أرتطاماً قوياً جعلتهما من أثرها ينتفضوا من فعلتهما هذة، نظر إلى “فيروزة” الذى شحب وجهها وأنهمرت دmـ.ـو.عها على خديها جاء أن يقترب منها ففرت هاربه من أمامه إلى الخارج، استوقفته تلك الفتاة قائلة:
أنت هتخرج كدا خد البس قميصك الأول.
أخذه منها وأرتداه سريعاً وقام باللحاق بها قبل أن تفعل شيئاً يدmره..
فى القصر
دخل “وليد” مهرولاً وهو ينهج فأخذ ينادى عليها بصوت عالٍ ثم نظر حوله فى أركان المنزل، ثم أقترب من جدته بتـ.ـو.تر متسائلاً: تيتا هى فين فيروزة.
الجدة باستغراب: فيروزة خرجت من بدرى ولسه مجتش.
وضع يديه على شعره يشـ.ـده بضيق ليقول “عامر”: فى ايه ياوليد شكلك مش مطمنى هو حصل حاجة.
ابتلع ريقه بخـ.ـو.ف وقال بتـ.ـو.تر: أبدا مفيش حاجة.
عامر: أومال مالك مش على بعضك ليه.
“وليد” بنفاذ صبر: ياعمى قولتلك مفيش.
تحدث والده “خالد” قائلاً: ماهو واضح أنه مفيش.
أمسك “وليد” هاتفه ليرن عليها ولكن هاتفها مغلق:
الهانم تليفونها مقفول.
نظر إليه “عامر” بقلق : رن عليها تانى يابنى.
جاء أن يتصل بها ثانياً ولكن أنزل هاتفه عنـ.ـد.ما وجدها تدخل من باب القصر ويبدو عليها الحـ.ـز.ن والانكسار، بدأت “فيروزة” تخطوا خطواتها بخذلان وقهر ثم رفعت رأسها تنظر إليهم بعيون حمراء منتفخة من البكاء اقترب منها والدها سريعاً عنـ.ـد.ما وجدها بتلك الهيئة المخزية وقال: حبيبتى روزا فيكى ايه أنتى كويسة.
نظرت إليه بعيون مجهدة : عمرى ما كنت كويسة، ثم أبتعدت عنه وأقتربت من “وليد” الذى أرتبك من نظراتها التى شعرته بالخـ.ـو.ف، بينما هى وقفت أمامه وخلعت الدبلة من يديها والقتها بوجهه تحت صدmت الجميع..
وليد: فيروزة أنتى اتجننتى ايه اللى عملتيه دا.
أردفت بهدوء عكس ما بداخلها: بالعكس دا أكتر وقت أنا كنت عاقلة فيه.
تحدث “عامر” بحده: ممكن أفهم في ايه.
– تحب تقولهم ولا أقول أنا.
الجدة بأستغراب: تقولنا على ايه يابـ.ـنتي وليه قلعتي دبلتك.
عامر بنفاذ صبر: حد فيكم ينطق ويخلصنا.
أردفت “فيروزة” وهى تنظر إلى “وليد” بنظرات ذات مخزة فقالت: مفيش حاجة يابابا … هو بكل بساطة أنا مش حابة أكمل فى الخطوبة دى مش أكتر.
وليد بعصبية: مش بمزاجك علشان تقولى أنك مش حابة تكملى ياحلوة والجوازة دى هتم غـ.ـصـ.ـب عنك فاهمة.
تحدث “خالد” بغضب: وطى صوتك يازفت واتكلم أحسن من كدا مع بـ.ـنت عمك.
“فيروزة” بضيق: وأنا مش هكمل وأعلى مافى خيلك اركبه.
“عامر” بهدوء: روزا ممكن تفهميني ليه بس مش حابه تكملى ايه اللى حصل خلاك رافضة الجوازة دى بعد ما كنتى موافقة عليه علشان بتحبيه.
تحدثت بحـ.ـز.ن قائلة: كنت بحبه بس بعد ما شوفته مع واحدة فى المكتب وكانوا فى وضع مقرف نزل من نظري وبقيت أحس بالكره و القرف ناحيته أنا كنت مخدوعه فيه ومكنتش أعرف أنه شخص رخيص وخـ.ـا.ين بالشكل دا أنت أحقر وأزبل واحد شوفته فى حياتى ياوليد أنت بنأدm حقيير ومش راجـ.ـل.
أقترب منها “وليد” بغضب رافعاً يديه وصفعها بعنف على وجنتيها وقال :
– ألزمى حدودك معايا يافيروزة و..
لم يكمل حديثه بسبب تلك الصفعة التى تلقاها من “عامر” الذى قال بغضب: القلم دا علشان تجرأت ورفعت أيدك القذرة دى على بـ.ـنتي ياحـ.ـيو.ان أزاى تسمح لنفسك تعمل كدا مش كفاية وسـ.ـختك اللى بتعملها كل يوم وأنا ساكت و حذرتك كذا مرة ولكن ديل الكـ.ـلـ.ـب عمره ما يتعدل، أنا كنت صابر وساكت بس علشان خاطر بـ.ـنتى وعلشان مكـ.ـسرش قلبها لكن أنت واحد زباله ومتستهلش ضفر واحد منها.
تحدثت “نادية” قائلة: أنت بتضـ.ـر.ب ابن أخوك علشان واحدة جايبها من الشارع ياعامر بيه و بعدين ياخويا هو كان فى حد أصلا هيوافق يتجوز واحدة زيها وأصلها مش معروف وبعدين أنت مش شايف سنها اللى كبر ويعالم كانت هتلحق تخلفنا حتة عيل ولا لأ فهى تحمد ربنا أن أبنى أتكرم وخطبها بدل ماكان زمانها قاعدة بايرة ومحدش معبرها.
نظرت إليها “فيروزة” بعيون باكية وبدأت تشعر بالقهر من كلامها، ليكمل “وليد” حديث والدته فقال:
– وبعدين ياعمى أنت عمال تقول بـ.ـنتى بـ.ـنتى وهى ولا بـ.ـنتك ولا نيـ.ـلـ.ـة أنت معندكش غير بـ.ـنت واحدة مش دا كلامك بردو اللى ديماً بتقوله فمتعملش بقا فيها دور الأب الحنين اللى بيعطف على الكل
أسكته والده “خالد” بغضب قائلاً: أتكلم عدل يازفت مع عمك.
وليد: أتكلم زي ما أنا عايز يابابا محدش له دعوه بيا، ثم حول نظره إلى “فيروزة” ليقول بأشمئزاز: أنا عمرى ما حبيتك أنا كان ليا غرض معين من الخطوبة دى و كنت بتسلى بيكي وبعد ما أخد اللى عاوزه منك كنت هرميكى زيهم وبعدين أوعى تنسى نفسك ياحلوة وتنسى أصلك اللى أحنا جايبينك منه أنتى جاية من ملجأ قذر وياعالم أهلك دول عاملين أزاى ولا شكلك جاية عن طريق زنا أو فتاة ليل مقضيها مع الكل علشان كدا رموكى فى الملجأ لما اتولدتى ولولنا كان زمانك مرمية فى الشارع…أنتى هنا عيشتى عيشة مكنتيش تحلمى بيها فى عمرك وأنا قولت أكسب فيكي ثواب وأتجوزك وخلاص بما إن محدش هيقبل يبص فى وشك بعد ما يعرف أنك بـ.ـنت ملجأ وبعدين ياعمى أنت بتلومنى ليه وعلى ايه أنا راجـ.ـل ومسموح ليا أعمل اللى أنا عاوزه حتى لو هقرب من مية واحدة ودا شئ ميعبنيش فى حاجة..
هجم عليه “عمر” بغضب ولكمه فى وجهه جعلت الأخر يسقط أرضاً وجاء أن يهجم عليه مرة أخرى ولكن أمسكه “على” و”أنيس” حاول أن يبعدهم ولكنه لم يقدر فقال:
-أبعدو عني خلوني أربى الحـ.ـيو.ان دا وأقسم بالله ياوليد لهقــ,تــلك اللى بتتكلم عليها دى بتكون أختى ياكـ.ـلـ.ـب وأنا اللى يقربلها أكله بسناني سامع .
وليد بسخرية : والله بقى حتة عيل زيك عايز يقــ,تــلني وكمان علشان واحدة ملهاش لازمه زى دي ثم أشار على فيروزة المنهارة، تحدث “أنيس” بغضب عارم :
– مش معنى أنى ساكت ومانع عمر عنك يبقى أنا راضى على اللى بتعمله، فيروزة مش بس أختنا أحنا بنعتبرها أمنا كمان واللى يمسها بسوء بيمسنا وأنا ياوليد عمرى ما أسمح لمخلوق واحد أنه يمس أختى بسوء وأفضل واقف ساكت كدا وأنت شكلك متربتش وأنا بقا اللى هربيك….
أقترب منه سريعاً فى طرف عين ليسدد له بعض اللكمـ.ـا.ت العنيفة وهو يسبه بأبشع الألفاظ ولم يستطيع الآخر أن يدافع عن نفسه بسبب قوة “أنيس” الجـ.ـسمانية حاول الكل أن يخلص “وليد” من قبضة “أنيس” ولكنهم لم يقدرون على ذلك.
تراجعت “فيروزة” بخطواتها إلى الخلف وهى ترتجف ثم وضعت يديها على أذنيها بخـ.ـو.ف وألم وقد أخذت تلك الكلمـ.ـا.ت المؤلمة تردد بداخلها أنا عمرى ما حبيتك، أنتى بـ.ـنت ملجأ، جاية عن طريق زنا، أنا كنت بتسلى بيكى….شعرت بوخزات تؤخز قلبها مثل الأبرة، بدأت الدنيا تدور بها وعم الظلام حولها لتفقد وعيها ويرتطم جسدها بالأرض.
صرخت “سارة” باسمها جعلتهم يلتفتون إليها تقدm منها “أنيس” بخـ.ـو.ف وحملها بين يديه واتجه بها إلى غرفتها، وقف “وليد” وهو يمسح أنفه الذى ينزف دmاً .
نادية: شوفت ابن أخوك عمل فى أبنك ايه أنت هتسكت ليهم.
نظر إليه والده وقال بحـ.ـز.ن: أبنك يستاهل اللى حصله انا مكنتش أعرف أن أبنى بالوساخة دى كلها ياخسارة تربيتى فيك ياوليد بجد ياخسارة بسبب اللى عملته مش هقدر أبص فى وش أخويا روح يابنى ربنا ينتقم منك.
نادية بضيق: هو كان عمل ايه يعني أى شاب فى سنه بيسهر وبيخرج مع البنات ودى فيها ايه.
خالد بصدmة: أنتى واعية لبتقوليه اللى أبنك بيعمله حـ.ـر.ام ولا يرضى ربنا.
نادية بلوية بوز: على أساس أنك تعرف الحـ.ـر.ام والحلال خليني ساكته بلا خيبة.
فى غرفة “فيروزة” كانت نائمة على الفراش نظرت إليها والدتها “نازلى” الجالسة بجانبها ممسكة بيديها قالت بقلق: طمني على بـ.ـنتى ياأنيس.
أبتعد الأخر عن الفراش بعد ما فحصها ثم قال:
– أطمنى يا أمى هى بخير.
نازلى: بخير أزاى وهى لسه لحد دلوقتى مفقتش.
أنيس: متقلقيش عليها هى ساعة أو ساعتين وهتفوق.
تحدث “عامر” بلهجة أمر:يلا كل واحد يروح على أوضتة.
نظرت إليه والدته “سعاد” بدmـ.ـو.ع وقالت: أنا هفضل مع حفيدتي ومش هسيبها لوحدها.
عامر: ماما حبيبتى أنتى تعبانه ولازم تروحى ترتاحي وكمان متنسيش معاد الدواء بتاعك وكمان أنا ونازلى معاها..عمر خد تيتا ووديها اوضتها يلا.
عمر: حاضر يابابا.
بعد خروج الجميع اقترب “عامر” من “فيروزة” وجلس بجانبها على الطرف الأخر من الفراش ومسد على شعرها بحنان ثم قبلها من جبينها وقال بأسف:
-سامحيني يابـ.ـنتي كل اللى حصل بسببي ياريتني كنت منعت الخطوبة دى من زمان كنت فاكر انه بيحبك وهيقدر يسعدك وهيتغير علشانك أنا كنت مخدوع فيه زيك.
نظرت إليه نازلى بحـ.ـز.ن: أنا مكنتش أعرف أن وليد بالقذارة دى وبعدين أنت كنت عارف باللى بيعمله وسكت ياعامر.
عامر: الموضوع دا عرفت بيه من زمان ولكن هو أقسم بالله انه هيتغير وهيبعد عن الطريق دا وانه بيحب فيروزة وانا كنت رافض بس دmـ.ـو.عه ونـ.ـد.مه خلانى أديله فرصة تانية ومكنتش أعرف أن الفرصة دى هتدmر بـ.ـنتي صدقته لما قالى انه مستعد يعمل المستحيل علشانها وأثبتلى دا فى بداية فترة الخطوبة ولكن كنت مخدوع فيه.
نازلى: أنا خايفة أوى عليها ياعامر.
عامر بهدوء: متخافيش عليها فيروزة قوية وهتقدر تتخطى كل اللى حصلها وأنا وأنتى عمرنا ما هنتخلى عنها…أنا هقوم أطمن على لارين وهبقى ارجعلك تانى.
هبت نازلى واقفة وقالت: استنى هاجى معاك وشوية نبقى نرجع تكون فاقت.
خرجوا من الغرفة وأغلق “عامر” الباب خلفه.
*********************
فى تمام الساعة ٢ ليلاً أستيقظت فيروزة من نومتها وأعتدلت فى جلستها، ثم أمسكت رأسها التى تؤلمها وأخذت تتذكر ما حدث معها، فرت دmعه من عينيها بألم وهى تنظر حولها وتقول:
-دا مطلعش حلم زى ما كنت متخيلة…كل اللى حصل كان حقيقة وأنا مكنتش بحلم.
وقفت تسير تخطوا بخطوات ثقيلة لتنظر إلى نفسها فى المرآه فما حدث لها جعلها باهته مطفية، بدأت تتحسس أنعكاس صورتها فى المرآه وهى تمسح دmـ.ـو.عها المنهمرة من عليها وهى تقول:
– خلاص متعيطش أمسحي دmـ.ـو.عك روزا …أياكى تعيطي أوعى تعيطي ها مفيش حد يستاهل تعيطي علشانه أهدى كدا خلاص مفيش حاجة حصلت تخليكي ضعيفة بالشكل دا أنتى أقوى من كدا …متعيطش علشان قلبى بيوجـ.ـعنى من كتر العـ.ـيا.ط ومش هعرف اخلى نبضه يبطل ينبض بو.جـ.ـع…بصى عينيكى بقت وحشة ازاى وحمرا كدا شكلك هيبقى وحش ومحدش هيرضى يبص ليكي تانى…..طب بصي عيطى النهاردة بس لكن أوعديني أنك مش هتعيطي تاني بعد كدا ماشي….
فضلت تتمعن أكثر وأكثر إلى نفسها المنكـ.ـسره فى المرآه وداخلها يحترق.
ثم أخذت تبكى وتبكى وتتعالى شهقاتها ويضيق صدرها من الألم ويختنق شريانها إلى أن يذبح فرأت الدنيا بأثرها تدور بها وتتلاشى الأضواء من أمامها رويدا رويدا، فأرتمت على سريرها فأصابها الدوار وعينيها لم تكف عن البكاء..تحدثت وهى تنظر إلى سقف غرفتها:
– أود لو ينتهى المطاف بى عند هذا الحد
أود لو تفيض روحى حتى يهدأ قلبي..أود لو أنتهى بانتهاء بكائي..أو أن أسقط مع سقوط قطرات دmـ.ـو.عي..
ولكني لم أتوقف عن البكاء بل تزيد تلك الشهقات التى تتعالى لها نبضات قلبي أشعر به يئن وينتفض ويقول لى: إقــ,تــلعيني من بين ضلوعك، إقــ,تــلعيني فقد مللت من الألم وتصلبت جدراني، لم يعد بى أى دmاً نزفتُ كل ما بى أرجوكى أنزعيني ودعيني أتحرر من تلك الألم المو.جـ.ـعة.
وأسمع روحي تناديني قائلة:
أما أن الأوان بعد؟ أما أن لى أن أخرج من ذلك الجسد البالي وأفيض إلى ربى ..فقد مللتُ منك ومن ألمك الذى لا ينتهى أنزعيني واطعنى تلك الروح بسكينٍ لا يحدوها شفرة أرجوكى أفعلى ذلك من أجلنا نحن…
فأرد وعيني تقطر دmعاً:
– بلى فقد آن الأوان منذ زمن فى كل ليلة أخبرك بأننا لا ننتمى إلى هذا العالم، ليس لنا وجود فى تلك الحياة فلنمت ونستريح وينتهى كل هذا الألم.
دلفت إليها والدتها “نازلى” وجدتها منهارة فألمها قلبها لرؤية أبـ.ـنتها بهذا الشكل، اقتربت منها ووضعت يديها عليها فانتفضت فيروزة وهى تشهق بالبكاء..
نازلى بدmع: بـ.ـنتي روزا أنا..
قاطعتها “فيروزة” وهى تنظر إليها بعيون منتفخة من كثرة البكاء قائلة:
– متقوليش بـ.ـنتي أنا مش بـ.ـنت حد فيكم أنا ماليش أهل ومعرفش مين هما عيلتي الحقيقة اللى بسببهم دلوقتى أنا موجوعة وبتعرض للأذى من أى حد، فمتجيش تقوليلي بـ.ـنتي علشان أنا مش بـ.ـنتك يانازلى هانم أنا مجرد بـ.ـنت يتيمة جاية من الملجأ وبفضلكم عاشت حياة مكنتش بتحلم بيها….عارفة محدش حاسس باللى أنا حاسة بيه…..من وأنا صغيرة بسمع كلام بيتقال من الناس كلام وحش أوى علشان جيت من الملجأ كلام يكـ.ـسر النفس ومحدش يقدر يستحمله بس كنت بستحمل وأقول عادي مش مهم كفاية عليا وجودكم فى حياتي وفضلكم كبير أوى عليا عمرى ما هنساه ليكم أبدا أنا بشكرك أنتى واللواء عامر على تربيتكم ليا بفضلكم دخلت أحسن المدارس وكلت أحسن الاكل ولبست افضل واجمل الملابس اللى مكنتش بحلم بيها عمرى ماهنسى فضلكم عليا، كنت بتمني طول عمرى أنى اكون بـ.ـنتكم بجد مش مجرد بـ.ـنت متبنيه من الملجأ .
جلست بجانبها وأمكست وجهها بكفها ثم قالت بدmـ.ـو.ع:
– كفاية يافيروزة كفاية يابـ.ـنتي متقوليش كدا متو.جـ.ـعيش قلب أمك ياحبيبتى ….أنا طول عمرى بعتبرك بـ.ـنتي اللى ربيتها وولدتها كمان مش اللى اتبناها جوزي أنتى حته من روحي وقلبي…لو أخواتك سمعوكى بتقولى كدا هيزعلوا منك أوى أنتى مت عـ.ـر.فيش أنتى بالنسبه لينا ايه يافيروزة دا انا يابـ.ـنتى لو حصلك أى حاجة همـ.ـو.ت بعدك…علشان خاطرى متزعليش مفيش حد فى الدنيا دي يابـ.ـنتى يستاهل أنك تعيطي علشانه ومتخليش كلام أى بنادm على وجه الأرض يأثر عليكى أو يشكك فى حبنا ليكي.. وبعدين أنتى غالية أوى ودmـ.ـو.عك أغلى ياعمري .
نظرت إليها “فيروزة” ودmـ.ـو.عها تسيل على خديها بقلبٍ منفطر ثم أرتمت بحـ.ـضـ.ـن والدتها التى ضمتها بحنان وسمعتها تقول:
-ليه الحياة دايما تفرض علينا أشخاص قاسيين مفيش فى قلبهم رحمة ليه؟!
لقد خذلني العالم يا أمي ..خذلني أكتر شخص حبيته كان ذنبى الوحيد أن حبيت شخص زيه أنا انخدعت فيه ومكنتش متصوره أن هو بالحقارة دي..بسبب اللى عمله مش هقدر أثق فى أى حد بعد كدا أو أنى أجرب الحب تانى.
أخذت “نازلى” تمسد على شعرها الذهبى ولم تجد أجابة لترد عليها سوى أن صمتها إليها بقوة.
فى الصباح
كانت “فيروزة” تهبط من على السلالم ولكن قاطع طريقها “وليد” وهو يمسكها من معصمها بقوة جعل تلك الأسورة التى ترتديها تنكـ.ـسر وتجـ.ـر.ح يديها، فقال بسخرية:
– شكلك أمبـ.ـارح منمتيش كويس من كتر العـ.ـيا.ط تصدقى ياروزا بجد صعبتى عليا أوى أنا كنت مستني اللحظة اللى هكـ.ـسرك فيها من زمان وأهى حصلت ودلوقتي بقيتى ضعيفة وذليلة ومنكـ.ـسرة…أنا مبقاش فارق معايا أى حاجة دلوقتى بعد ما قدرت أكـ.ـسر غرورك…اقترب منها أكثر ليتحسس بشرتها الناعمة بيديه الخشنة برغبة لتبعدها عنها بأشمئزاز ليقول هو بخبث: مع أنى كان نفسي أجرب حاجة تانية بس عادي ملحوقة لسه الأيام مابينا..
نظرت إليه بأشمئزاز قائلة:
– أنت واحد مريـ.ـض نفسياً والله أنصحك تروح تتعالج أحسن ليك.
وليد: من رأيى تنصحي نفسك بالنصيحة دي لأنك الفترة الجاية هتحتاجى دكتور نفساني علشان يقدر يساعدك من مرض الحب اللى ابتليتى بيه وكمان فى أنك تنسيني لان اللى أعرفه أنك بتحبينى أوى ومستحيل تقدرى تتخطى الحب دا بالسهولة دى.
أطلقت فيروزة ضحكة عالية مصدر صوت رنة قوية ثم قالت بكل ثقة وقوة لا تعلم من أين أتت بها:
– تعجبني ثقتك فى نفسك أوى ياوليد اسمعنى كويس وخلى الكلام دا محفور فى الذاكرة بتاعتك وأوعى تنساه يابن عمى….أنا مابقتش فيروزة الهبلة اللى كنت تعرفها واللى كانت بتحبك أكتر من روحها….
امبـ.ـارح بس لأول مرة أختار نفسي ومختاركش مع أنك كنت أول أولوياتي، أنا مش هسالك ليه انت عملت كدا فيا ومحبتنيش….امبـ.ـارح أخترت نفسي وقصيتك من حياتي ومسحت كل آثارك من على تليفونى وحرقت كل صورنا ونزعتك من داخل قلبى، امبـ.ـارح بليل توقفت عن البكا وحسيت فجأه بأن كل حاجة أصبحت عادية بالنسبالي وكأني أصبت بالبرود توقفت عن البكاء وتوقفت عن رؤيتك الهدية اللى جتلى ووهبها الله لى .. أمبـ.ـارح بس تأكدت بأنك مش دا الشخص اللى كنت بدور عليه طول حياتى أنا عايزة أشكرك على أنك أظهرتلى حقيقتك فى الوقت المناسب عارفة أنك جـ.ـر.حتني وخلتنى اتو.جـ.ـع بس مش مهم المهم أنى قادرة على الشفاء من بعد جـ.ـر.ح وقاردة على تخطى كل حاجة وحشه بتحصلي وقادرة على الطيبة من بعد شر ….
فشكراً ليك لأنك تركت قلبي وروحي لمن يستحقهم..
نظرت إليه ثم وضعت يديها على وجهه وقالت بخبث:
– متنساش ياعسل تبقى تعدى على دكتور العيلة علشان يصلحلك الشخبطة اللى فى وشك دى لأنك بقيت عامل زى بتوع الشوارع…
أبتعدت عنه ومازالت تنظر إليه بتلك النظرات الشامتة فقد بدأ مصدوماً ومندهشاً من حديثها وكأنه لم يخذلها بالأمس أخذ يتسأل من أين أتت بهذة القوة التى لم يتعاهدها منها من قبل..غادرت هى المكان وتركته فى صدmته.
أطلقت فيروزة ضحكة عالية مصدرة صوت رنة قوية ثم قالت بكل ثقة وقوة لا تعلم من أين أتت بها:
– تعجبني ثقتك فى نفسك أوى ياوليد اسمعنى كويس وخلى الكلام دا محفور فى الذاكرة بتاعتك وأوعى تنساه يابن عمى….أنا مابقتش فيروزة الهبلة اللى كنت تعرفها واللى كانت بتحبك أكتر من روحها….
امبـ.ـارح بس لأول مرة أختار نفسي ومختاركش مع أنك كنت أول أولوياتي، ومش هسالك أنت ليه عملت كدا فيا ومحبتنيش….امبـ.ـارح أخترت نفسي وقصيتك من حياتي ومسحت كل آثارك من على تليفونى وحرقت كل صورنا ونزعتك من داخل قلبى، امبـ.ـارح بليل توقفت عن البكا وحسيت فجأه بأن كل حاجة أصبحت عادية بالنسبالي وكأني أصبت بالبرود توقفت عن البكاء وتوقفت عن رؤيتك الهدية اللى جتلى ووهبها الله لى .. أمبـ.ـارح بس تأكدت بأنك مش دا الشخص اللى كنت بدور عليه طول حياتى أنا عايزة أشكرك على أنك أظهرتلى حقيقتك فى الوقت المناسب عارفة أنك جـ.ـر.حتني وخلتنى اتو.جـ.ـع بس مش مهم المهم أنى قادرة على الشفاء من بعد جـ.ـر.ح وقاردة على تخطى كل حاجة وحشه بتحصلي وقادرة على الطيبة من بعد شر ….
فشكراً ليك لأنك تركت قلبي وروحي لمن يستحقهم..
نظرت إليه ثم وضعت يديها على وجهه وقالت بخبث:
– متنساش ياعسل تبقى تعدى على دكتور العيلة علشان يصلحلك الشخبطة اللى فى وشك دى لأنك بقيت عامل زى بتوع الشوارع…
أبتعدت عنه ومازالت تنظر إليه بتلك النظرات الشامتة فقد بدأ مصدوماً ومندهشاً من حديثها وكأنه لم يخذلها بالأمس أخذ يتسأل من أين أتت بهذة القوة التى لم يتعاهدها منها من قبل..غادرت هى المكان وتركته فى صدmته.
بعد مرور خمس أشهر..
ملأت “نازلى” السفرة المستديرة بالافطار الشهي والشاي الساخن، فجلس الجميع فى حالة هدوء يتناولن الطعام قبل الاستعداد إلى الذهاب لاعمالهم، لاحظ “عامر” شرود “فيروزة” التى تعبث بخصلات شعرها ولم تأكل أى شئ وضع كفه على يديها بحنان وقال:
– مش بتاكلى ليه ياروزا.
نظرت إليه بملامح باهتة وقالت:
– ماليش نفس للأكل ياحبيبى.
تحدث والدها بعدm رضا:
-حبيبتى مينفعش كدا كلى لقمة قبل ما تمشي على الشغل.
أردفت بهدوء:
-مش قادرة يابابا لما أجوع هبقى أطلب أى حاجة فى الشغل، وبعدين فين طارق وعمر.
أجابتها “نازلى” بضيقٍ من هؤلاء المشاغبون:
-البهوات لسه نايمين ومش عايزين يقوموا وأنا غلبت معاهم.
نهضت من مكانها وأتجهت إلى الأعلى وهى تقول:
– أنا بقا اللى هاصحيهم بطريقتي.
دلفت إلى غرفة الثنائي فأبتسمت على طريقة نومهم المضحكة ثم تحولت نظرتها إلى نظرات أخرى خبيثة، ألتفتت حولها لتجد زجاجتين من المياه، فقامت بأخذهم من على الكمودينو وسكبت واحدة على “عمر” الذى شهق بفزع وقال: -فى ايه فى ايه .
ثم أقتربت من “طارق” الذى كان ينام بعرض السرير وفارد ذراعيه وقدmيه، فسكبت عليه الزجاجة الأخرى فجعلته يستيقظ سريعاً ليسقط من على السرير وهو يقول:
– بغرق بغرق ألحقونى بغرق ياعمر يابابا ياعمى حد يلحقنى غريق أنا بمـ.ـو.ت.
كتمت “فيروزة” ضحكتها وهى تنظر إليه بشفقة فقالت:
– غريق ايه ياهبل قوم يلا وراك شغل.
نظر “عمر” إليها بضيق وهو يمسح تلك القطرات الساقطة من عليه قائلاً:
– حـ.ـر.ام عليكي يافيروزة دى طريقة تقومينا بيها احنا بنادmين وربنا.
ربعت يديها وقالت بهدوء:
– وهو فى حد قالك أنك من جنس الحـ.ـيو.انات مثلاً.
أستدارت بجسدها قليلاً لتنظر إلى “طارق” فوجدته يجلس على الأرض منصدmاً وشعره يقطر بالماء، فقالت:
– ماله دا ….واد ياطارق مالك عامل زى الصنم كدا ليه.
نظر إليها بعين ناعسة ليقول:
-عايزة ايه وبتصحيني ليه؟.
ابتعدت عنه واتجهت إلى باب الغرفة وقالت بلهجة أمر:
– قدامكم عشر دقايق وتكونوا تحت ولو طولته عن كدا مش هيحصلكم كويس وانتو عارفين أنا ممكن أعمل إيه فيكم.ثم غادرت الغرفة بكل هدوء، فنهضوا سريعاً من أماكنهم وهما يتخبطون ببعض.
**********************
كانت “لارين” جالسة تشاهد التلفاز بملل رهيب ثم أغلقته وألقت الريمـ.ـو.ت على الطاولة أمامها وهى تقول بغضب:
– تلفزيون متـ.ـخـ.ـلف.
فوجدت من يضع يديه على عيناها لتقول بأبتسامة تزين ثغرها: -معاذ!.
أستدارت تنظر إلى طالته التى تعشقها بخجل قائلة:
-أنت هنا من امتى.
جلس على المقعد الجانبي أمامها وقال بمرح:
– من وقت ما كنتى بتتخانقى مع التلفزيون فقولت البت شكلها مخـ.ـنـ.ـوقة أما افرفشها شوية وبعدين عرفتى منين أن ده أنا.
أرجعت خصله متمردة من شعرها خلف أذنيها وقالت بأستحياء: -عرفتك من ريحة البرفيوم بتاعك ومن لمسة أيدك وكمان مفيش حد بيعمل الحركة دى غيرك أنت.
نظر إليها بابتسامة وقال:
-ماشى ياستى المهم قاعدة هنا لوحدك وسايبة المذاكرة بتاعتك ليه والامتحانات على الأبواب.
تحدثت “لارين” بتذمر:
-ما أنا زهقت من المذاكرة فقولت أستريح شوية.
رد “معاذ” بهدوء:
-عيزك تركزي أكتر من كدا ولو فى أى حاجة وقفت معاكى ومش فهماها مـ.ـا.تتردديش للحظة واحدة وتعاليلي وانا أشرحهالك فوراً.
نظرت إليه بعيون متسعة:- بجد يامعاذ .
معاذ بضحك: -بجد يالارين.
أردفت “لارين” بضحكة جميلة:
-دا أنت جيت لقضاك ياجميل أنا هجبلك كل المواد وأنت بقا أقعد ذاكرلى من أول وجديد علشان نفسي أكون نفس تخصصك ومعاك فى نفس الجامعة كمان.
تاه فى ضحكتها الجميلة التى ملكت قلبه ليقول بتوهان:
– وأنا كلى ملكك ياحب. أخفضت رأسها ارضاً بخجل من نظرته وحديثه، فأستوعب هو ما قاله ليصحح الخطأ بحرج:
– قصدى يعنى أنا تحت أمرك و موجود معاكى وجنبك فى أى وقت.
جاء صوت “سهر” من بعيد وهى تقترب منهما وقالت بمرح:
– ياعيني ياعيني اللى يشوفكم كدا يقول عليكم أتنين عشاق قاعدين بيحبوا فى بعض أجبلكم أتنين ليمون فرش يطرى على قلبكم المولع.
نظر إليها أخيها “معاذ” نظرة أخرستها فجلست بجانب “لارين” وقالت بحـ.ـز.ن مصطنع:
– وبعدين يعنى ياسى معاذ هتذاكر للبت لارين وأختك لأ اه يالوزة ياللى ملكيش نصيب ولا حد يدلعك.
أشار لها أن تأتى بجانبه فأقتربت منه ثم قام بتقبيل رأسها بحنان وقال:
– متزعليش ما أنا كنت هذاكرلك معاها ياحبيبتى وبعدين أنا دايما موجود ليه مش بتجيلي لما بتحتاجيني .
نظرت إليه “سهر” واجابته بأبتسامة:
– مش برضى أتقل عليك لان ببقى عارفة أنك بتيجي تعبان من الشغل ف مش بحب أتعبك معايا.
“معاذ” بعتاب:
– غلط اللى بتقوليه دا أنتى من حقك أنك تيجي لاخوكى فى أى وقت تحتاجيه ومن واجبه أنه يكون جنبك وينفذلك كل طلباتك وبعدين أنتى تعبك راحة ياقلب أخوكى.
ضمته “سهر” بحب أخوي قائلة:
-ربنا يديمك لينا ياحبيبي .
**********************
بعد مرور بضع ساعات..وتحديداً فى مقر الشركة الرئيسية..
فاليوم كان مهلك للغاية على هؤلاء الشباب كالعادة فهذا حالهم منذ شهرين عنـ.ـد.ما تولت “فيروزة” إدارة الشركة بعد سفر “وليد” لفرع الشركة الأخرى فى إيطاليا بسبب تلك المشاكل التى حدثت بها، فكان الوضع غير مستقر لذا كان على “فيروزة” أن تتولى ذلك المنصب بناءً على طلب والدها فهى أفضل من يديرها فجعلت أخويها يقومون بمساعدتها لفترة مؤقتة…
حرك “عمر” رأسه يميناً ويساراً بتعب ثم قال بأرهاق:
– حرفياً أنا مابقتش قادر وخلاص تعبت.
التفت إليه “طارق” الذى قام بطرقعة أصابعه وقال بتثأوب:
– ومين سمعك أنا خلاص فصلت مياه ونور وكهربا كمان أختك دى مفتريه ياجدع .
أغلق الاخر الملف ثم تمدد على سطح المكتب وقال:
– طب اسكت بدل مـ.ـا.تيجي تسمعنا كلمتين حلوين وتكون ليلتنا سوداء أسود من الملف المتـ.ـخـ.ـلف دا اللى مش فاهمله حاجة .
نظر إليه “طارق” وهو يقوم بخلع سترته وقال:
– أومال بقا لو شوفت الملف العسل اللى معايا هتعمل ايه دا أنا ياشيخ بقالى أكتر من ساعة بحاول أخلصه ومش بيخلص كأنه بيعاند معايا وحالف أنه ماهيخلص النهاردة.
دخلت عليهما “فيروزة” وهى تحمل الحاسوب الخاص بها فقالت برفع حاجب:
– سايبين الشغل ليه ياحلوين.
أجابها “عمر” وهو يقاوم النوم:
-تصدقى بالله أنتى لو بتعـ.ـذ.بينا مش هتعملى كدا والله حـ.ـر.ام أنتى جيباني أراجع حسابات وحاجات أول مرة أشوفها ده أنا يابـ.ـنتي فاشل وكنت بهرب من حصة الرياضة اه وربنا.
تحدث “طارق” بطريقة مضحكة قائلاً :
– على يدي..
نظرت إليهم وقالت ساخرة:
-أومال فين احنا فى ضهرك ده احنا شجعان أوي نخيتوا اوام كدا اشحال مخليكم تشتغلوا شغل بسيط مفيش فيه أى مرمطة وتعب.
رد عليها “طارق” بأرهاق شـ.ـديد:
– ماهو واضح وبعدين ياروزا ياحبيبتى أنتى ياماما متعودة على المرمطة والتعب ذنب أمنا احنا ايه.
ضحكت بقلة حيلة وقالت:
– الظاهر أن مفيش منكم فايدة أمال فين كلام الكفاح والعزيمة والهمة وأحنا لازم نبقى حاجة.
أردف “عمر” قائلاً:
-هوا كله هوا وبعدين أحنا لسه بندرس ومينفعش لينا شغل دلوقتى خالص.
التفتت إليه “فيروزة” قائلة بثبات:
– ودا مش مانع انكم تشتغلوا وتعملوا لنفسكم حاجة بجانب الدراسة وبعدين دا تدريب ليكم على الشغل يابهوات بدل قاعدة الكافيهات وحفلات الرقص اللى بتروحوها.
اردف “عمر” بأرهاق وجوع:
-طب ممكن ناخد ساعة استراحة وناكلنا حاجة تسند طولنا.
اقتربت من المكتب وأخذت الملفات من عليه وقالت :
– ماشى ساعة واحدة و بعدها تكملوا باقى الحسابات.
-طب مش هتيجي تاكلي معانا.
-لا ورايا أجتماع مهم وهنعقد فيه صفقة جديدة.
نادتها السكرتيرة من الخارج قائلة:
-فيروزة هانم الوفد الألماني وصل ومستنين حضرتك فى غرفة الاجتماعات.
التفتت إليها وقالت:
– روحى وأنا جاية وراكى حالاً…عمر هات الملف الأزرق من المكتبة بسرعة.
بعد بضع دقائق فى غرفة الاجتماعات..
ولجت “فيروزة” بكل ثقة ووقار إلى الغرفة فانقطعت تلك الهمسات وتبقى الصمت هو السائد، نظر إليها ذلك الشاب الذى يبدو عليه فى بداية العقد الثالث فأعجب بطلتها الساحرة فهى كانت ترتدى بدلة نسائية خضراء بنفس لو عينيها فجعلتها أكثر أنجذاباً.
القت عليهم التحية ثم ترأست طاولة الاجتماع الضخمة
تحدث ذلك الشاب بثقة بها قدر من الغرور قائلاً:
– أعرفك بنفس أنا رائف مالك لشركة المنصوري وسررت بلقائك فيروزة هانم.
أجابته بعملية:- وأنا كمان نبدأ الاجتماع ولا اي.
أجابها “رائف” بهدوء:
– طبعاً نبدأ اتفضلى.
نهضت من مكانها ووقفت أمام شاشة العرض العريضة وأمسكت بجهاز التحكم وقامت بتشغيلها، نظروا إلى تلك التصميمـ.ـا.ت بانصات شـ.ـديد فبدأت تشرح لهم بمهارة محتوى التصميم وهى تنتقل من صفحة لأخرى بكل سلاسة وكانت تجيب على كل تساؤلاتهم بهدوء وثبات، ثم أشارت لمساعدها بأن يضع أمامهم تلك الملفات الخاصة بالصفقة، بينما “رائف” وعملائه كانوا منبهرين بهذا العرض، أغلقت الشاشة بعد الإنتهاء وجلست بمكانها مرة أخرى.
أخذ رائف يقلب بتلك الأوراق ثم حول نظره إليها وقال بثبات: -شكلها مش هتبقى أول وأخر صفقة لينا مع بعض.
نظرت إليه بابتسامة صافية ليكمل حديثه:
– أعتبرى خلاص أن الصفقة تمت.
تحدث رجل من عملائه قائلاً:
– بس حضرتك المبلغ كبير أوي ف ممكن نقلله شوية.
أجابته “فيروزة” بعملية:
– يا أستاذ المبلغ مش كبير على صفقة زى دى ولا ايه يارائف بيه يعنى حضراتكم شوفته العرض والتصميمـ.ـا.ت ومفيش فيهم غلطة واحدة وعلى ما أعتقد مش هتلاقوا شركة تعرض عليكم شغل زيه ولو معترضين مفيش مشكلة ننهى المشروع.
أردف “رائف” بهدوء مؤيداً حديثها:
– العرض كان ممتاز ويستحق أن أدفع فيه عمرى وزى ما قولتلك أنا معنديش أى اعتراض.
ابتسمت “فيروزة” بمجاملة ثم قالت برزانة:
-تمام بس قبل ما نوقع العقد هتقرأ كله البنود اللى فيه علشان ميحصلش مشاكل بعد كدا ولو وافقت نمضي العقد فوراً.
أجابها “رائف” بعد الأطلاع على البنود فقال بموافقة:
-وأنا موافق على كل الشروط ممكن إذا سمحتى نعقد الصفقة قبل ما ترجعى فى كلامك.
تقدm منهما المحامى ووضع أوراق العقد أمامه ليقوم بالأمضاء وفعلت مثله “فيروزة”، هب “رائف” واقفاً وقال بابتسامة:
– اتشرفت بمعرفتك مكنتش أعرف أن اللوء عامر عنده بـ.ـنت جميلة زيك.
أجابته بهدوء: -شكراً لحضرتك.
نظر إليها قائلاً:
-قوليلى رائف بلاش حضرتك وبيه يافيروزة ولا عندك مانع من رفع الألقاب .
-معنديش مانع.
وضع يديه بجيبه وقال بهدوء:
– إذا كان كدا تسمحيلى أعزمك على فنجان قهوة فى المطعم اللى جمب الشركة بمناسبة إتمام الشغل مابينا .
تحدثت “فيروزة” برفض:
– بعتذر منك لأن أنا مشغولة جدآ تتعوض مرة تانية إن شاء الله.
– تمام مفيش مشكلة عن أذنك.
أومـ.ـا.ت برأسها إليه ثم زفرت بأرتياح بعد خروجه وضحكت بسعادة لنجاح شغلها.
*****************
فى المساء…
صفت “فيروزة” سيارتها فى الجراج، ثم أتجهت إلى غرفتها بتعب شـ.ـديد، فما أن ولجت للداخل وجدت “أنيس” نائماً بعمق على سريرها عقدت حاجبيها بدهشة وقامت بهز ذراعيه وهى تناديه بذهولٍ:
– أنيس….أنيس !.
قطب عينيه بأنزعاج ثم أعتدل بهدوء وهو يلتفت حوله وبدأ يستوعب وجوده هنا، فقالت روزا:
– بتعمل ايه هنا ونايم كدا ليه.
فانتصب واقفاً وهو يردد بنوم:
-أخيراً جيتي كنت مستنيكي من بدرى ياروزا.
جلست على الأريكة المقابلة له ونزعت حذائها وقالت متسائلة: -ومستنيني ليه فى حاجة حصلت معاك ؟.
جلس بجانبها ثم قال بهدوء:
– أنتى عندك زهايمر يابـ.ـنتى مش قولتيلى أبقى استناني عشان عيزاك فى موضوع مهم.
تذكرت “فيروزة” ما كانت تود أن تخبره به لتسأله قائلة:
– أنيس هو أنت لسه بتحب دارين؟
نبض قلبه بعنف عند ذكر أسمها ثم قال بضيق يضجر معالمه:
-كنت لكن دلوقتى لا .
نظرت إليه بنظرات خبيثة ثم أضافت قائلة وهى تهب واقفة من مكانها :
– اممممم طيب بحسب أنك لسه بتحبها كان عندى ليك مفاجأة بخصوصها كانت هتفرق معاك لو كان قلبك بينبض ليها بس يلا مش مهم.
أمسكها من معصمها سريعاً ليردف بدهشه:
– أنتى قصدك ايه بالكلام دا أنا مش فاهم حاجة.
أحتلت مقعدها من جديد وهى تقول:
– مش مهم تفهم مدام مش هيفيدك كلامى بحاجة.
تحدث “أنيس” بضيق:
-روزا بالله عليكي ما تلعبي بأعصابي أنا مش مستحمل أى حاجة.
اتكأت بيديها على كتفه وهى تقول بخبث:
– مدام لسه بتحبها ليه بتنكر ياعسل.
أردف بحـ.ـز.ن قائلاً:
-أنا بحبها يافيروزة لكن مش قادر أنسى اللى عملته فيا مش قادر أنسى كلامها اللى لسه بيتردد جوايا.
-مش كل اللى بنسمعه بيبقى حقيقة ياأنيس أوقات كتير بنضطر نكدب لغرض معين لا يتضح للجميع، أنهت جملتها ثم أمسكت يديه بقوة وأضافت:
– حاولت مرة واحدة بس تدور على الحقيقة بنفسك… لا صح أنت معملتش كدا مجرد بس سمعت كلام هى قالته من وراء قلبها لسبب ما صدقته ومحاولتش تدور بنفسك وتفضل وراها أنت تخليت عنها يا أنيس.
قطب حاجبه بعدm فهم ليقول:
– أنا مش فاهم حاجة وبعدين أنا متخلتش عن حد هى اللى أتخلت عنى.
أجابته “فيروزة” برفض قائلة:
-لا يا أنيس أنت تخليت عنها عشان محاولتش تعرف هى ليه قالتلك كدا..صمتت لوهلة تفكر فى أمر ما ثم أضافت:
– دارين لسه بتحبك ياأنيس، أحتلت الدهشة والذهول معالم وجهه بعدm تصديق، لتكمل حديثها بحزم:
– صدقنى هى بتحبك واضطرت تعمل كدا عشان باباها مـ.ـيـ.ـتسـ.ـجـ.ـنش بالشيكات اللى عليه، وعلى العموم هى فرحها بكرا لو لسه عايزاها بأشارة واحدة مني بس ألغى كل حاجة و تكون ليك .
تحدث “أنيس” بصدmة:
طبعا عايزاها لكن أنتى عرفتى كل المعلومـ.ـا.ت دى منين.
منحته نظره ساخرة قبل أن تخبره ثم قالت بصرامة:
– مش مهم تعرف دلوقتى كل اللى يخصك دارين وبس فاهم..وبعدين يلا على أوضتك لان أنا تعبانه ومحتاجة أرتاح شوية ومتنساش تجهز نفسك بكرا لأن رايحين مشوار مهم.
تسأل “أنيس” مستغرباً:- مشوار ايه.
تحدثت وهى تذهب بأتجاه المرحاض قائلة:
– كل شئ بأوان يادكتور أنيس تصبح على خير.
أختفت عن أنظاره فأبتسم “أنيس” بهدوء بعد ما فهم على مـ.ـا.تنويه غداً ثم قال بصوت غير مسموع:
-وأنتى من أهله ياروزا.
ثم غادر غرفتها بسعادة غامرة وقلبه يتراقص بتلك النبضات العاشقة..
بعد بضع دقائق خرجت من المرحاض بعد ما ابدلت ملابسها بملابس أخرى مريحة، استرخت على الفراش وهى تفرد ظهرها بتعب وذهبت فى نوم عميق…
********************
فى اليوم التالى وتحديداً فى مكان آخر…
كان يمسكها والدها من شعرها ليصفعها كفاً عنيفاً اسقطها أرضاً جعلها تضع يديها الرقيقة على خديها بو.جـ.ـعٍ وقهر فنظر إليها بقسوة ليقول بعجرفة:
– قدامك خمس دقايق والاقيكي لابسه الفستان فاهمة عريسك مستنيكي برا على نار مش عايز تأخير ياهانم.
قعدت مكانها تبكى بأنهيار فقتربت منها والدتها وضمتها إليها قائلة بحـ.ـز.ن:
-قومى ياحبيبتى قومى البسي الفستان بدل ما الظالم يجي يضـ.ـر.بك تانى وأنا مش هقدر عليه ربنا ينتقم منك ياعادل.
أرتدت ذاك الفستان فكان بمثابة كفن لها بعد لحظات كانت تجلس بجانب هذا العجوز الهالك منذ زمن فكان أصلع الرأس وحاجبيه كثيفة للغاية ومنغلقة فهى مثل أعواد المقشة الخشنة فكان ينظر إليها بابتسامة كشفت عن أسنانه السوداء من كثرة التدخين فشعرت هى بالأشمئزاز من رائحته الكريهه التى تفوح منه فأخذت عينيها تزرف دmعاً على حظها فوالدها أجبرها على الزواج من رجل أكبر من عمره ولم يشفق عليها.
تحدث “عادل” بسعادة:
– ايه رأيك ياشكرى كل حاجة تمت زى ما أنت عايز ثم وجه نظره إلى المأذون يلا يامولانا أكتب الكتاب.
لكن قاطعهم صوت قوي زلزل المكان قائلاً:
– أزاى بس يامولانا هتجوز واحدة مغـ.ـصو.بة على العجوز ده.
على الطريق كان “عمران” جالساً فى المقعد الخلفى من سيارته التى كانت تقف بجانب الطريق، فكان منتظر سائقه أن يأتى له من مكاناً ما، أخذ يعمل على حاسوبه بدقة ليقطع شروده سائقه الخاص به قائلاً:
– حضرتك الأمور ماشية زى ما خططنا له.
نظر إليه “عمران” من نافذة السيارة وقال:
– حد منهم شافك أو لاحظ حاجة.
– أبداً حضرتك وبعدين متقلقش انا واخد بالي كويس ومحدش يقدر يكشفني بالسهولة دى.
قال “عمران” بهدوء: فين الكاميرا ؟
مد يديه إليه وهو يعطيها له فقال: اتفضل أهى أنا صورت كل حاجة زى ما طلبت منى وعرفت كمان أن هما هيسلموا الشحنة بعد أسبوع من النهاردة.
أبتسم “عمران” وقال:
– عفارم عليك يارامز فعلاً أنت كل يوم بتثبتلي أنك قد المسؤلية اللى بكلفك بيها.
على الجانب الأخر تقف “فيروزة” بجانب سيارتها وهى تزفر بضيق قائلة : هو دا وقتك أنك تعطلى.
نظرت إلى هاتفها فوجدته فاصل القته بداخل السيارة بعصبية : أعمل إيه أنا دلوقتى كل حاجة جاية تبوظ فى نفس الوقت .
نظرت حولها لعلها تجد أحد يساعدها ثوانٍ واقترب منها ثلاث شباب فقال أحدهم: محتاجة مساعدة ياقمر.
حدقت النظر بهم فلم ترتاح لهم منذ قدومهم فقالت بقلق: لا شكرا مستغنيه عن خدmـ.ـا.تكم.
وضع الشاب يده على صدره وقال بخبث:
– مينفعش نمشي ونسيبك لوحدك فى حته مقطوعة زى دى ميصحش بردو دا احنا ولاد بلد وجدعان أوى ولا ايه ياشباب.
تحدث الاخر وهو يحاول لمسها: طبعا ولازم نقف جنب بـ.ـنت البلد ونعمل معاها الواجب.
أبتعدت “فيروزة” عنه فقالت بقوة:
– أيدك لتوحشك وبعدين يلا اتفضلوا من هنا.
الشاب الثانى: لو ما بعدناش هتعملى ايه يعنى.
فيروزة بغضب وصوت عالٍ بعض الشئ:
– هصوت وألم عليكم الناس.
الشاب: اوه بجد طب حاولي كدا وورينا إذا كان فى حد أصلا هيسمعك .
الشاب الأخر: بس يالا حـ.ـر.ام تزعل المزة الطلقة دى.
بينما الشاب الثالث أقترب منها وامسكها بعنف من يديها فقامت بدفعه بعيداً عنها وهى تصرخ بوجهه قائلة: أنت مـ.ـجـ.ـنو.ن ازاى تسمح لنفسك تلمسني بالشكل ده، دا انا هوديك فى ستين داهية .
ضحكوا عليها فقال الأخر: تعجبني القطة الشرسة نفسي أعرف أنتى جايبة الثقة دى منين.
نظر إليها الشاب الثاني بنظرات قذرة وهو يتفحص جسدها وقال بإبتسامة خبيثة:
– أعملى فيا اللى عيزاه بس مش قبل مدوق الحلاوة دى.
نظرت إليه باشمئزاز قائلة:
-واحد حـ.ـيو.ان هستني منه ايه غير كدا..قاطع حديثها هؤلاء الشابين وهم يجذبونها من معصمها بعنف فاطلقت على مصرعها صوت صرخة قوية، لم تلبث ثوانٍ لتجد شاب وسيم قوي البنية فتحولت نظرات عيونها إلى نظرات مندهشة فقد قام بجذبها خلفه، فقال أحد الشباب بسخرية: وياترى بقا مين العصفور الجميل اللى نفاش ريشة علينا ومعرضها على الأخر.
نزع “عمران” نظرته بكل هيبة ووقار وهو يضعها فى سترته وقال بثقة:
-عزرائيل وجاى ياخد روحك النجسة.
الشاب بضيق: طب ليه الغلط بقا ولما اعملها معاك تيجي تزعل.
نظر إليه “عمران” ببعض من الغموض وقال بهدوء:
وأنا حابب أعرف هتعملها ازاى معايا ياسبع البرومبة.
تقدm الشاب منه محاولاً أن يلكمه ولكن بحركة سريعة قام “عمران” بكل مهارة بكـ.ـسر يديه فى لحظة، تسمروا الآخرين مكانهم فقام أحدهم بوضع مطوة على رقبة “فيروزة” التى أرتجفت خـ.ـو.فاً وشحب وجهها بشـ.ـدة
فقال الشاب بخـ.ـو.ف: ابعد عننا بدل ما أد.بـ.ـحها قدامك.
نظر إليه الأخر بسخرية:
– والله سيب ياشاطر اللعبة اللى فى أيدك دي بدل ماقــ,تــلك أنا.
قام بغرز المطوه بها أكثر فقطر عنقها قطرات دmاً على يد الشاب، شعر “عمران” بالقلق لوهلة عليها ولكنه ظل ثابتاً ونظر إلي الشاب بغضب جحيمي بعيون سوداء حادة مثل عيون الصقر جعلته يخاف منه وترتعش يديه قليلاً فاستغل “عمران” ذلك وقام بإخراج مسدسه وأطلق رصاصه فى كتف الشاب الذى سقط أرضاً، نظرت إليه “فيروزة” بصدmة وذعر شعرت بأن قدmيها تنهار أسفلها حاولت أن تتماسك ولكن غلبها الدوار أكثر كادت ان تسقط فاحتواها بذارعيه سريعاً، استندت على صدره وهى تستمع إلى دقات قلبه المتسارعة فقالت بتعب:
– ممكن تبعد شوية يا أخ وتسبني.
رد عليها “عمران” بغضب: تصدقى أنا غلطان المفروض كنت سيبتك تقعى على الأرض وتتفتح رأسك أو كنت سبته خلص عليكى بالمطوة.
أبتعدت عنه بعنف وهى تقول: تصدق أنك مستفز.
بعد ما أنهت جملتها رأت الدنيا حولها تسود لم تلبث قليلاً وسقطت فاقدة للوعى بأحضانه.
تنفس بهدوء وهو يحملها بين يديه ووضعها بعربيته وأغلق الباب عليها، ثم استدار بجسده المفتول للشابين الساقطين على الأرض بعد أن فر الثالث هارباً أمر سائقه أن يطلب له أحد من أفراد الظابط أن يأتي إليه.
بعد مدة من الوقت فى المستشفى وتحديداً أمام غرفة الفحص، فهب واقفاً عنـ.ـد.ما خرجت الطبيبة فقالت: مرات حضرتك فاقت وهى دلوقتى كويسة تقدر تشوفها، ثم تركته وغادرت.
وضع يديه على قلبه الذى نبض مرة أخرى وهو يشعر بغرابة أمره،،
فسرح بخياله لمدة ثوانى ثم ادرك نفسه سريعاً : مستحيل اللى بتفكر فيه ده ياعمران فوق لنفسك كدا واعقل.
فتح باب الغرفة ليجدها تحاول أن تقوم من على
السرير، أقترب منها بهدوء وهو يشعر بأن المكان يضيق عليه رويدا من فرض ما حلّ به، ليقول:
– حمدلله على سلامتك يا أنسة مش أنسة بردو.
نظرت إليه بعينيها الفيروزية المشرقتان وقالت بتـ.ـو.تر من نظراته: ايوة أنسة، و شكرا لحضرتك على وقوفك معايا.
اردف “عمران” بأبتسامة: لا شكر على واجب وبعدين أنتى كنتي بتعملى ايه فى طريق مقطوع زى دا.
تحدثت “فيروزة” قائلة: كنت راجعة من مشوار وضيعت طريقي ومن سوء حظي عربيتي عطلت ومعرفتش أعمل إيه .
– الحمدلله أن محصلش ليكى حاجة وحشه لقدر الله وأني جيتلك فى الوقت المناسب قبل ما الزباله يعملوا فيكى حاجة.
أجابته “فيروزة” قائلة: الحمدلله على كل شئ معلش تعبت حضرتك معايا ياأستاذ..قطبت حاجبها وقالت متسائلة: هو حضرتك اسمك إيه.
رد عليها بأبتسامة جميلة بينت غمزاته قائلاً:
– اسمي عمران المنشاوى وبعدين ياستى أنا فى خدmت الشعب دايما.
لم يتلقى منها رداً بسبب شرودها فى غمزاته الساحرة التى أسرت قلبها عنـ.ـد.ما أبتسم لها، ولكن فاقت من شرودها على صوته المتسأل بقلق وهو ينظر إلى تلك اللاصقة التى وضعتها الطبيبة على عنقها، فقال:
– هى ايه اللاصقة دى أنتى مجروحة فى رقبتك.
أخفضت رأسها بحياء وهى تستغرب قلقه عليها هكذا فقالت بهدوء: أهدى أنا كويسة دا مجرد خدش بسيط بسبب المطوة اللى كانت علي رقبتي.
– ازاى مخدش بالي ان الحـ.ـيو.ان جـ.ـر.حك لولا أن هو دلوقتى متصاب كنت روحت خلصت عليه وخدت حقك منه.
أردفت “فيروزة” ببراءة كأنها طفلة صغيرة : هو حضرتك جبت المسدس دا منين هو أنت حـ.ـر.امى.
أطلق ضحكة رجولية جعلتها تتوه مرة أخرى فى ملامحه الرائعة، فقال هو: حـ.ـر.امي ايه بس ياأنسة وبعدين هو فى حـ.ـر.امي هيجيب واحدة حلوة زيك كدا المستشفي دا كان زمانه خاطفها.
قامت بأرجاع خصلة متمردة على وجهها للخلف فقد أحمرت وجنتيها بخجل ثم قالت: احم انا مش قصدي بس غريبه أنك شايله كدا عادي وكمان انت طخيت الراجـ.ـل.
– ولا غريبة ولا حاجة وبعدين أنا مش أى حد أنا ظابط فى المخابرات ورتبتي مقدm عشان كدا طبيعي يكون معايا مسدس وبعدين الشباب اللى كانت بترخم عليكي اتقبض عليهم كلهم حتى التالت جبناه وهيتعـ.ـا.قبوا على اللى عملوه معاكى ودا غير أن احنا اكتشفنا أن هما عليهم قواضى تانيه هربانين منها.
– كويس انك قبض عليهم خلى الناس ترتاح من شرهم.
نظر “عمران” إليها نظرة طويلة أربكتها ثم قال بتسأل:
– خلى فى علمك انتى لحد دلوقتى مقولتيش أسمك ايه.
أبتسمت بخجل وهى تقول: اسمي فيروزة.
أردف “عمران” بانبهار قائلاً: ماشاءالله أسمك جميل زيك يافيروزة.
شعرت بـ.ـارتباك عنـ.ـد.ما نطق اسمها فأدرك هو هذا، ثم اخذ يتسأل: عيونك دى ولا لينسز.
إجابته “فيروزة” بهدوء: عيوني.
– تبـ.ـارك الرحمن عيونك لونها فيروزية ماشاءالله علشان كدا لايق عليكي اسمك فيروزة، فعلا أهلك عرفوا يختاروا الاسم المناسب.
– دى حقيقة..صمتت لوهلة ثم أضافت بملل:
– هو أنا همشى امتي.
عمران: دلوقتى لو تحبي.
– ياريت علشان انا مش بحب قاعدة المستشفيات.
– تمام هنادي على الدكتورة ونطمن عليكي وبعدها نمشى.
بعد دقائق خرجوا من المستشفي وقام بتوصيلها إلى منزلها
تحدث “عمران” بهدوء: عربيتك انا خليت حد يروح يشوفهالك ولما تتصلح هتتبعتلك على هنا.
أردفت بامتنان قائلة: بجد أنا مش عارفة أشكرك ازاى على وقفتك معايا وأنك مسبتنيش لحد موصلتنا قدام البيت معروفك دا عمرى ما هنساه ليك ياسيادة المقدm.
أبتسم إليها بهدوء : أهم حاجة أنك بخير.
– شكرا عن أذنك..فتحت باب العربية ونزلت منه واغلقته خلفها نظر إليه من النافذة قائلاً:
– أتمنى أني اشوفك تانى.
ردت عليه بأبتسامة ناعمة: بإذن الله.
***************************************
دخلت إلى القصر وهى تشعر بسعادة تغمرها بشـ.ـدة قابلها “أنيس” الذى تحدث بتـ.ـو.تر: ابوكى عايزنا احنا الاتنين جوا وهيئته لا تبشر على خير وقالى لما الهانم الكبيرة تيجي تعالولى فورا .
– خير ربنا يستر تعالى ندخله بدل ما يومنا يبقى أسود.
دخلوا المكتب بهدوءٍ تام فأغلق “أنيس” الباب خلفهم استدار “عامر” لينظر إليهم ثم قال: أخيرا البهوات شرفوا ممكن أعرف بقا الحلوين كانوا فين النهاردة.
نظر “أنيس” “لفيروزة” بقلق يخشي أن يكون علم بما فعلوه مع والد “دارين” فتحدثت “فيروزة” بهدوء:
– خير يابابا هو فى حاجة.
“عامر” بضيق: و هو يجي من وراكم خير وبعدين أنا سألت سؤال تجاوبي عليه من غير ما تسألي أنتى سامعة.
أخفضت “فيروزة” رأسها بحرج وقالت: كنت فى الشركة.
نظر “عامر” إلى “أنيس” بنظرات لا تبشر بخير فقال: والبيه التاني كان فين.
“أنيس” بتـ.ـو.تر: كنت فى المستشفي.
أبتسم “عامر” أبتسامة جانبية فقال: وقبل كدا كنتوا فين بقا دى الأجابة اللى عاوز اعرفها حالا .
“فيروزة”: حضرتك احنا كنا فى شغلنا هنكون فين يعنى.
ضـ.ـر.ب بيده على المكتب افزعهم من مكانهما وقال بغضب: بتكدبوا قدامى بكل بجاحة ياست فيرزوة ليه شيفاني عيل برياله قدامك علشان تضحكي عليه بكلمتين.
أبتلعت ريقها بخـ.ـو.ف قائلة: أبدا والله يابابا .
أردف “أنيس” بتـ.ـو.تر: بابا احنا مش قصدنا نزعل حضرتك مننا وكمان احنا مش بنكدب عليك.
– والله والمفروض أصدقكم صح أولا أنتو النهاردة محدش منكم راح على شغله مش صح كلامي ومش عايز كدب.
تحدثوا فى آن واحد قائلين : صح.
قام “عامر” من مكانه ووقف أمامهم وقال:
– وياترى العروسة اللى كنتوا عندها أخبـ.ـارها ايه ياأستاذ أنيس.
نظر “أنيس” إلى أخته وجبينه يقطر على وجهه عرقاً:
– عروسة ايه أنا مش فاهم قصد حضرتك.
– دارين اللى روحتوا ومشيتوا من دmاغكم واتفقتوا مع أبوها على الجواز يادكتور أنيس مش دا اللى حصل هو انتو فاكرنى معرفش تحركات اى حد فيكم ولا ايه.
نظرت إليه فيروزة وقالت بهدوء:
– ايوة يابابا فعلاً احنا روحنا لوالد دارين عشان نوقفه عن اللى هو بيعمله .
زعق والدها بها: وأنتى مالك بيهم هى كانت من بقية أهلك.
هبت “فيروزة” واقفة وقالت: يابابا البـ.ـنت والدها كان هيجوزها لراجـ.ـل عجوز قد جدها وهى طلبت مني المساعدة وبعدين أنيس بيحبها وعايز يتجوزها فأيه المشكلة.
“عامر”: فتقومى حضرتك واخدة أخوكى وراحة تخطبى له كأن مفيش راجـ.ـل كبير تستأذنه منه الأول كأن ماليش اهمية فى حياتكم لا يافيروزة أنا لسه مامـ.ـو.تش علشان تتصرفى من دmاغك بالشكل دا وقسماً بالله لو اسلوبك وطريقتك ما أتعدلت ليكون ليا تصرف معاكى مش هيعجبك .
اردف “أنيس” قائلاً: بابا فيروزة مالهاش ذنب فى حاجة أنا اللى طلبت منها تيجي معايا وبعدين أنا مخطبتش دارين لسه كل اللى حصل أن احنا وقفنا جوازها وقلنا لوالدها أنى هجيب حضرتك وهتقدm ليها رسمي لان مينفعش أخد خطوة زى دي بدون علمك.
أبتسم “عامر” بضيق وقال بسخرية: لا والله كتر خيرك أنتو شكلكم عايزين تلغونى من حياتكم ودا مش هيحصل ..أوعى تكونوا فاكرين اللى عملتوه دا هيعدي بالساهل كدا، ثم حول بصره لفيروزة وهو ينظر إليها بملامح جـ.ـا.مدة وقال :
– اما أنتى بقا ليا تصرف تانى معاكى.
نظرت إليه “فيروزة” وقالت ببرود: و أنا مش فارقة معايا أى حاجة تحصل مدام مغلطتش فى حاجة يعني حضرتك يابابا تصرفي اللى معترض عليه مكنش غلط.
أقترب منها بخطوات غاضبة لكنها مازالت تنظر إليه بتلك النظرات البـ.ـاردة، فقال “عامر”: شكلك يافيروزة نسيتي اللى بتتكلمي معاه دا يبقى أبوكى لكن شكل فركشة جوازك من وليد جننتك على الأخر وخلاكي مش واعية لتصرفاتك دا غير أنك بقيتي تتعاملى معايا دلوقتى بقلة أحترام لكن انا هعرف أزاى ارجعك لعقلك.
“فيروزة” بعدm إدراك لما تقوله: حضرتك أنا متجننتش وبعدين أنا حرة فى تصرفاتي وأعمل اللى يريحني ومحدش له أن هو يتدخل فى حياتي حتى لو كنت أنت.
أخرستها صفعة قوية على خديها من والدها وضعت يديها على موضع الصفعه ونظرت إليه بملامح خالية من أى تعبير فهو لأول مرة يضـ.ـر.بها، فتحدث هو بغضب عارم لم يعتادوا عليه فقط فقد أعصابه بتلك اللحظة:
-تصدقى أنك مش محترمة وأنا معرفتش أربى، كان عنده حق بقا وليد فى أنه هو يخـ.ـو.نك ويسيبك وفى كل كلمة هو قالها، صمت قليلاً عنـ.ـد.ما أدرك مـ.ـا.تفوه به بينما هى شعرت وكأن حد ضـ.ـر.بها بصدرها ضـ.ـر.بة عنيفة جعلت قلبها ينتفض بألم على أثرها مع أنها جملة بسيطة ولكنها كفيلة بتدmيرها، تحجرت الدmـ.ـو.ع فى عينيها وأختنق صوتها وضاق تنفسها نظرت إليه بعتاب دون أن تتكلم فكانت نظرتها كفيلة لتصف ما هى تشعر به الآن، أقترب منها وهو يقول بأسف:
– فيروزة أنا يابـ.ـنتي أسف معرفش أزاى الكلام ده طلع مني الغضب عماني أنا…ابتعدت عنه وهى ترجع للخلف وقالت بصوت مختنق من البكاء وهى تشعر بذهول وخذلان: متتأسفش حضرتك مغلطتش فى حاجة أنا اللى غلطت أنا اللى أسفة شكلى نسيت نفسي ونسيت أصلي وأنى بـ.ـنت شوارع وبـ.ـنت حـ.ـر.ام زى ما وليد كان بيقولي ودلوقتي حضرتك فوقتنى وفعلا مينفعش البنادm يتخلى عن أصله الحقيقي لان مهما حاول أن هو يتجرد منه أو ينساه هيفضل ملاحقه ولازق فيه..أنا اللى أسفة مكنش ينفع أنى انسى الماضى بتاعي..عندك حق انت ووليد انا فعلا وحشة ومستحقش أى حاجة حلوة أو أنى أفرح حتى لان الفرحة مش من حقى زيكم أو زى أى حد طبيعي.. صمتت وهى تمسح بكف يديها دmـ.ـو.عها التى تتساقط دون توقف ثم أكملت قائلة:
– فعلا وليد كان عنده حق فى انه هو يخـ.ـو.نى هو كان فى راجـ.ـل يقدر يستحمل واحدة زيى انا عارفة أنى وحشة ووحشة أوى كمان بس والله أنا فيا روح بتتو.جـ.ـع لما بتقولولها كلام يجـ.ـر.ح ومش بعرف اتعافى منه بعد كدا فرفقاً بقلبي .
ذهبت من أمامه سريعاً وهى تتجه إلى غرفتها فكانت فى حالة أنهيار تام ولا تريد أن تنهار أمامهم.
نظر “أنيس” لوالده بعيون دامعة وقال بعتاب:
– أنت دmرت أخر جزء فى فيروزة بكلامك وصدقني يابابا مش هتقدر ترجعها لطبيعتها بعد كدا صحيح أن احنا يمكن يكون غلطنا بس هى مكنتش تستحق منك كدا دا، فيروزة أكتر واحدة فينا بتحبك وبتعتبرك سندها وأمانها ودلوقتى انت خسرتها.ثم غادر المكتب فجلس عامر على الكرس بتعب وهى يشعر بالنـ.ـد.م ولكن احيانا النـ.ـد.م لا يفيد بشئ.
***********************************
اقتحم “أدm” غرفتها وهو يثور كالطور الهائج دافعاً الباب بقوة، فزعت على أثرها “سارة” التى كانت تقف أمام شرفتها تنظر إلى الخارج بشرود أقترب منها بطرفة عين وكبل يديها فى يده بقوة تأوهت بألم من قبضته
نظر إليها بملامح خالية من أى تعبير فقال ببرود:
– صحيح اللى سمعته قالولي تحت أن فى عريس جاى النهاردة يتقدm ليكي .
ابتلعت ريقها بتـ.ـو.تر وقالت: ممكن تبعد ياأدm مينفعش تقرب مني كدا.
تحدث “أدm” بغضب قائلاً: ردى عليا الكلام دا صح.
التقت أعينهم فى نظرة طويلة وهى تتألم اشاحت بوجهها للجهة الأخرى: ايوة ياأدm فى واحد بيحبني وجاى يتقدm وأنا موافقة عندك أعتراض.
ضغط على يديها أكثر فصرخت بو.جـ.ـع والتمعت عينيها بالدmع، فقام بدفعها على الحائط خلفها وابتعد عنها ببطء وهو ينطر لها بتحدي وقال بثقة:
– عارفة ياسارة أنتى ملكى أنا وعمرك ما هتكونى لغيري فاهمة ولو فكرتى تقعدى مع الزفت والله العظيم لكون قــ,تــله وقــ,تــلك معاه .
تحسست يديها بألم وقالت بغضب وصوت عالٍ:
-وانا مش عيزاك ولا هبقى ليك ويلا أطلع برا .
أردف “أدm” بغضب قائلاً:
– ماشى ياسارة استني عليا بس لما أخلص مهمتي وافوق لاربيكي من أول وجديد وهتشوفى مني اللى عمرك ما شوفتيه أولاً علشان تعلى صوتك عليا حلو وثانياً علشان أعرفك ازاى توافقى على الجوازة دى و ابقى وريني بقا هتقابلي عريس الغفلة دا أزاى.
نظرت إليه “سارة” بخـ.ـو.ف:
-هو أنت فاكر نفسك ايه علشان تهددني أنت ولا حاجة بالنسبالي ياأدm أنا بكرهك ولو هتمـ.ـو.ت كدا قدامي عمري ما هوافق عليك وهتجوز العريس اللى جالي غـ.ـصـ.ـب عنك.
أبتلع كلامها بغصة جارحة شعرته بألم يشق صدره إلى نصفين ولكن أرتدت قناع البرود حتى لا يظهر ضعفه أمامها، فقال أدm بثبات:
-مش هسمحلك تكونى لغيري ولا هسمح لحد يقربلك ياسارة وهتشوفي أنا هعمل إيه.
أتجه إلى باب الغرفة وخرج منه كما أتى، زفرت بهدوء وهى تجلس على طرف السرير وهى تنطر ليديها الملتهبة من قبضته فأبتسم ثغرها بخفه وتسارعت دقات قلبها فهى تعشقه منذ الطفولة ولكنه كان يصدها دائماً ولكن عنـ.ـد.ما تقدm لها هذا العريس فثار غضبه بشـ.ـدة ولم تتوقع ردت فعله هذة، فتأكدت حينها بأنه يحبها ويبادلها نفس الشعور ولكنها سوف تعـ.ـذ.به قليلاً كما فعل هو.
بعد ساعتين من الزمن وتحديداً فى غرفة “أدm” ارتدى بدلة السوداء ثم اتجه إلى الأسفل وهو يدندن ببعض الكلمـ.ـا.ت الحزينة، نزل من على الدرج ولكن تصلب جسده فجأة مكانه وهو يستمع إلى هذا الحديث…
فكان العريس جالس أمام عمه ويتحدث قائلاً:
– عمي أحمد أن أتشرف وأطلب أيد بـ.ـنت حضرتك سارة وأتمنى توافق وأنا هنفذلكم كل حاجة تطلبوها مني، و انا زى ما حضرتك عارف جاهز ومستعد للجواز.
تحدث “أحمد” بهدوء وقال:
– معنديش مانع يابني وانا عارفك كويس وابوك غنى عن التعريف لكن أنت شوفت بـ.ـنتي فين او تعرفها منين
عشان تطلبها.
العريس بتـ.ـو.تر: شوفتها مرة فى المستشفي عند الدكتور أنيس لما والدتي كانت بتكشف عنده وعرفت أنها بـ.ـنت حضرتك وأنا الصراحة أعجبت بأخلاقها وأحترامها وجيت أخطبها على طول قبل ما تضيع مني.
اقترب “أدm” منها بخطوات حذره ينظر إلى ذاك العريس بعيون مشتعلة من الغضب فهو لن يدع هذا يمر بمرور الكرام.
نظر “أنيس” إلى توأمه فهو يعلم بأنه يحبها لكنه بيكابر ثم حوله بصره للعريس وقال بخبث:
– وافق عليه ياعمي أنا أعرف الاستاذ طه كويس فهو شخص محترم وخلوق ومفيهوش عيب واحد وهيصون بـ.ـنتك سارة ودا غير أنه شخص يؤتمن ودى صفة قليلة مش هتلاقيها عند حد اليومين دول و بعدين مش هتلاقي زيه بعد كدا دا واحد بيعرف ربنا كويس وبيصلي كمان وغير كدا انا شايف انهم مناسبين لبعض.
اردفت “حسناء” بفرحة قائلة بطيبة:
– ماشاء الله ربنا يحميك يابني ويبـ.ـارك فيك يارب .
تحدث والد العريس بأبتسامة:
– هى العروسة فين حابين نشوفها ونتعرف عليها.
أردف “أحمد” بهدوء: حاضر ثواني هروح أجيبها.
ذهب إلى غرفة ابـ.ـنته تحت نظرات “أدm” المشتعلة وبعد لحظات أتى بها شعر حينها بأنها هكذا تضيع من بين يديه وهو يقف صامتاً ويشاهد ما يحدث فى صمت تام يألم كل عاشق وكل محب وهو يرى أمامه ضياع حبه الوحيد، أخذ قلبه وعقله يصارعن بعضهن بشـ.ـدة فقلبه يحثوا على التحرك وفعل شى حتى يسترد ماهو حقه وعقله رافض هذا بكل كبرياء وغرور، أخرجه من تلك الدوامة صوت “فيروزة” وهى تنظر إليه وتتمني لو يتخلي قليلاً عن غروره حتى لا يخسر محبوبته فقالت باستفزاز:
– مالك ياادm واقف بعيد كدا ليه ياعمري مش تيجي تسلم على عريس بـ.ـنت عمك ولا أنت مش فرحان ليها.
نظر إليها بغضب وهو يتوعد لها بداخله ثم قال بصوت غير مسموع:
– متقلقيش ياروزا هى دى حاجة تفوتني هسلم عليه بس بطريقتي الخاصة عريس الغفلة.
والد العريس : اللهم بـ.ـارك قمر ماشاء الله عليها.
تحدث “طه” العريس بسعادة قائلاً: شوفت يابابا حلوة أزاى علشان تعرف بس أن ابنك مش بيختار أى حد بردو.
نظر والد العريس إلى “أحمد” وقال:
– ماشاءالله علي بـ.ـنتك ياأستاذ أحمد باين عليها محترمة ومتربية أحسن تربية، زين ما أخترت يابني ربنا يهنيكوا ببعض دا احنا طلعنا محظوظين اوي عشان هناسب ناس زيكم.
ابتسموا له بخفه، اقترب “عمر” و “طارق” من “أدm” ووقفوا خلفه ليقول “عمر” بتأثر: والله قمرات بص يا أدm ليهم كدا بذمتك مش لاقين على بعض.
نظر “طارق” للعريس وقال بصوت هامس:
– لا بص كدا ياعمر دا الواد ياعين أم واقع على بوزه انا حاسس أنه شوية كدا وهياخدها ويجرى أنت مش شايف عمال يبصلها ازاى دا هياكلها بعينه.
أردف “عمر” بخبث: الصراحة ما البت حلوة وله حق يبصلها كدا دا ياقلب امه عنيه بتطلع قلوب من كتر الحب والفرحة.
تحدث “طارق” بنفس الخبث: أنا لو مكنتش أصغر منها كنت اتجوزتها على طول ومسبتهاش تخرج برا عيلتنا.
ازدات غضب “أدm” ليضغط بقوة على قبضته التى ابرزت عروقه بشـ.ـدة، اقتربت منهما “فيروزة” وقالت بخبث وهى تدعى البراءة: عندكم حق ياولاد دا حتى ابوه ياشيخ حبها يابختك ياسوسو وقعتى واقفه يابـ.ـنت الايه الواد مز الصراحة وجـ.ـا.مد جمدان ايه وباين على الواد أنه بيعشقها مش بيحبها تعرف ياأدm أنا لو مكانك مكنتش سيبتها تضيع من أيدي دي عروسة لقطه.
فأكمل عمر وطارق بخ سمهم فى أذنيه بينما استكملت “فيرزوة” الحديث قائلة:
– ياعمري أنا ياخواتى بص يا أدm عصفورين كناريه قاعدين قدامي بيحبوا فى بعض قمرات والله خايفة ليتحسدوا .
أحمرت عيناه وانتفض جسده بعنف أكبر دليل على غضبه أبتسمت “روزا” بانتصار فخطتها نجحت كما خططت لها فهى تعلم الأن بأنه أستوى من كثرة كلامهم و سينفجر بعد دقائق، أقترب سريعاً منهما عنـ.ـد.ما سمع من العريس يقول: مدام موافقين يبقى على بركة الله نقرأ الفاتحة وملهوش لزوم للتأخير.
صاح بهم “أدm” بصوت مرتفع فى هذة اللحظة وهو يقول بغضب أعمى عيناه: فاتحة مين ياروح امك اللى هتقرائها دا أنت ليلتك سوده معايا وهخليهم يقرأوها عليك
فأكمل “عمر” و”طارق” بخ سمهم فى أذنيه بينما استكملت “فيرزوة” الحديث قائلة:
– ياعمري أنا ياخواتى بص يا أدm عصفورين كناريه قاعدين قدامي بيحبوا فى بعض قمرات والله خايفة ليتحسدوا .
أحمرت عيناه وانتفض جسده بعنف أكبر دليل على غضبه أبتسمت “روزا” بخبث فخطتها نجحت كما خططت لها فهى تعلم الأن بأنه أستوى من كثرة كلامهم و سينفجر بعد دقائق، أقترب سريعاً منهما عنـ.ـد.ما سمع العريس يقول: مدام موافقين يبقى على بركة الله نقرأ الفاتحة وملهوش لزوم التأخير.
صاح بهم “أدm” بصوت مرتفع فى هذة اللحظة وهو يقول بغضب أعمى عيناه: فاتحة مين ياروح امك اللى هتقرائها دا أنت ليلتك سوده معايا وهخليهم يقرأوها عليك.
نظر إليه “طه” بعدm فهم وقال: نعم ! انت مين علشان تكلمني بالطريقة.
أدm: أنا قدرك الأسود ياحيلة أمك.
ثم اقترب منه كالاعصار وجذبه من ملابسه بقوة وهو ينظر له بحقد قائلاً: الفاتحة اللى جاى تقرائها هخلى ابوك يقرائها ويترحم عليك.
نهض والد “طه” من مكانه وقال بحده: أنت مين ياجدع انت وبعدين هو احنا مش مليين عينك ولا ايه دا أنت قليل الادب بصحيح.
نظر إليه “أدm” باستخفاف وقال بسخرية: والله مفيش حد قليل الادب غيرك أنت وابنك.
تحدث “عامر” إلى ابنه فقال بحده: أدm عيب اللى انت بتقوله دا الناس فى بيتنا وانت بتهين فيهم ومش عامل احترام لأى حد فينا وبعدين أنت ماسك الشاب كدا ليه سيبه .
التفت “أدm” إلى والده وقال بضيق: معلش يابابا أنا مش هسيبه أنت مش سامع بيقول ايه المتـ.ـخـ.ـلف ده مفكر نفسه أن هو كدا هيقدر يتجوز سارة دا عشم أبليس فى الجنة .
“عامر” بغضب: قولتلك سيبه ياادm.
دفعه بعيد عنه وهو يرمقه بنظرات لا تبشر بالخير فقال العريس بسخرية: ما أنت حلو اهو وبتجيب وراء أمال عاملى فيها بطل وفاتحلى صدرك.
نظر أدm إلى والده وهو يقول : سامع الاهطل بيقول ايه عشان لما اعمل معاه الغلط وامـ.ـو.ته متجيش تزعل .
تحدث “أحمد” هذة المرة بضيق قائلاً:
– أدm امشي من قدامى حالا بدل مااتعصب عليك انت ايه يااخي عايز تبوظ جوازة بـ.ـنتي.
لم يجيبه حين لمح هذا المعتوه ينظر إلى “سارة” بشـ.ـدة تكاد نظراته تخترقها ليفقد أخر ذرة فى هدوئه ليهجم عليه ويسدد له بعض اللكمـ.ـا.ت وهو يقول بغضب:
– عينك من عليها ياحـ.ـيو.ان بدل ماأعميك وتعيش أعمى طول عمرك.
اقترب منه “معاذ” و “أنيس” وحرره العريس من بين يديه
صرخ بهم بأعلى صوته قائلاً: أبعدوا عنى خلوني اخلص على الحـ.ـيو.ان دا هو ميعرفش هو جاى يخطب مين سارة دى بتكون حبيبتي أنا ومش هسمح لأى حد يتعدى على حاجة تخصني.
صمت الجميع فى حالة من الصدmة فأكمل “أدm” بغضب وهو ينظر نحوهم:
-أنا مش معنى انى ساكت وصابر يبقى هتخلى عن حبي الوحيد انا كل دا كنت صابر ومستني الوقت المناسب علشان اتجوزها فيه لكن مش يجي واحد ميسواش فى السوق تلاته تعريفه ياخدها منى على الجاهز وعشان الكل يبقى عارف سارة بتاعتي أنا وتخصني وأى عريس يجي ليها هعمل أكتر من كدا فاهمين.
ثم اقترب من “طه” بعيون مشتعلة من الغضب : يلا ياحيلتها خد أبوك وأمشوا من هنا بدل مطربق الدنيا على نفوخ اللى جبوك.
أخد العريس والده وخرجوا من القصر، أبتعد “أدm” عنهم قليلاً ووقف أمام عمه احمد وقال بجدية:
– بقا أنت ياعمي عايز تجوزها لعريس الشوم دا ماشى ياعمي اهو بوظتلك جوازة بـ.ـنتك ومحدش يقدر ياخدها منى ..وبعدين مش أنت عايز تجوزها يبقي خلاص انا اولى بيها وعلشان نبقى على نور أنا بطلب ايد سارة منك تمام أهو انا اتقدmت رسمي ودلوقتى خلاص بـ.ـنتك بقت خطيبتي بمزاجكم او غـ.ـصـ.ـب عنكم حلو يابا تمام كدا احنا متفقين.
ثم تركهم وصعد إلى غرفته سريعاً، فضـ.ـر.ب “احمد” يد على يد وهو يضحك بعدm تصديق قائلاً:
– لا حول ولا قوة إلا بالله ابنك اتجنن على الأخر ياعامر الواد خطب بـ.ـنتي من غير ما ياخد رأيي.
أبتسم “عامر” بهدوء: عشان تصدق لما اقولك ان البيت دا بيت مجانين.
بينما هى شعرت بسعادة تغمرها فهو كاد أن يقــ,تــل عريس الغفلة بسببها اقتربت منها “فيروزة” وضمتها برفق ثم قالت: مش قولتلك انه بيحبك.
أردفت “سارة” بسعادة: بجد أنا مش مصدقة أخوكى دا طلع مـ.ـجـ.ـنو.ن أوى مكنتش متوقعه ردت فعله خالص .
فيروزة : ولا أنا بس الحمدلله اهو الحجر نطق وخلاص ياسوسو هتبقى حرم أدm الراشـ.ـد.
سارة بابتسامة: عقبالك ياروزا ونفرح بيكي قريب.
ابتسمت “فيرزوة” بحـ.ـز.ن ثم شاردت فى مستقبلها المجهول.
بعد مرور أسبوعين فقد تم خطبة أدmو سارة وأنيس و دارين بعد محاولات كثيرة مع والده فى اقناعه..
دلف “أدm” إلى غرفته وأرتمي على السرير باهمال وهو يشعر بتعب شـ.ـديد فرد ذراعيه على مسرعهم وغمض عيناه، بعد دقائق شعر بيد ناعمة تدلك رأسه برفق فأبتسم قائلاً: بتعملى ايه هنا ياروزتي.
ابتسمت بخفة وهى تكمل تدليك رأسه: كنت مستنيه حضرتك تيجي من شغلك بس انت اتاخرت أوى النهاردة.
تحدث “أدm” وهو يعتدل فى جلسته بضيق:
– ما البركة فى ابوكي دا طلع عيني النهاردة متقوليش كان مستنيني أقع تحت أيده عشان ينفخني.
ضحكت “فيروزة” وقالت: دا ليه كدا.
رفع يديه باللامبالاة وهو يقول: أنا عارف ياختي.
– شكلك يادومى عامل مصـ يـ بـةعشان كدا ماصدق يستلمك .
أدm: أبدا دا أنا دايما فى حالي وغلبان هو اللى ظالمني وبالذات عمران اللى مطلع عيني.
خفق قلبها بشـ.ـدة عنـ.ـد.ما نطق بهذا الاسم فقد تذكرت ذاك المفتول العضلات الذى انقذها فمرت صورته فى مخيلتها، فوضعت يديها على موضع قلبها وتنفست بهدوء وهى تقول فى سرها أهدى كدا وبطل تنبض دا مجرد تشابه فى الأسماء وبعدين أنا لا يمكن أحب وأتعلق بشخص تاني كفاية تجربتي الأولى لاحظ أخيها شرودها فقال بأستغراب:بت ياروزا سرحتى فى ايه كدا.
أجابته بتـ.ـو.تر: ها ولا حاجة وبعدين سيبك من الرغى اللى ملهوش لازمة دا … أنت اكيد مكلتش حاجة و.جـ.ـعان صح.
– صح أوى دا أنا همـ.ـو.ت من الجوع ياروزا الحقى أخوكى الله يسترك بلقمة ترم عضمه.
– حاضر ياحبيبي هنزل اجبلك الأكل.
بعد لحظات جاءت تحمل بيديها صينيه محملة بالطعام المغطى وضعتها أمامه وهى تقول بمرح:
– حزر فزر ايه هو صنف الأكل.
– الصراحة مش عارف.
روزا: يعني انت مش شامم ريحة الأكل .
أدm: بصى انا شامم ريحة حلوة بس مش عارف أميز ايه هي.
نزعت الغطاء من على الطعام فنظر هو بسعادة:
– قولى أقسم بالله ده ورق عنب تصدقى أنا كان نفسي فيه من بدرى وطلبت من ماما بس شكلها نسيت، ثم أخذ يتذوق الأكل بنغم شـ.ـديد وهو يقول: وربنا دا احلى ورق عنب أكله فى حياتي مين الشيف المهار اللى عمله.
جلست بجانبه وقالت بفخر: أنا اللى عملته ليك ياعسل عشان تعرف بس قد ايه أنت غالى .
ضمها “ادm” بحب أخوي وهو يقول: والله أنتى حبيبتي واحسن اخت فى الدنيا دى كلها ياروزا.
– حبيبي ربنا يديمك ليا أنت و أخواتي يارب.
-اوعى يكون فى حد شافك وانتى جاية بالأكل على هنا لحسن الواد عمر وطارق يطبوا علينا وياكلوه مني.
– متقلقش محدش شافني…هبت واقفه من مكانها وقالت: أنا هروح أوضتي عايز مني حاجة قبل ما أمشي.
– لا ياحبيبتي تسلمي.
بعد منتصف الليل..
على سطح القصر كانت سارة تتأمل القمر والنجوم التى تزين سجادة السماء الدامسة بالظلام، أخذت تتحدث إليهم وكأنهم أشخاص أحياء يسمعونها.
لا يهمني كم مر من السنوات لكن الأهم أن أنا وهو هنكون مع بعض إلى الأبد، أبتسم ثغرها بخفة عنـ.ـد.ما تذكرت حبيبها المـ.ـجـ.ـنو.ن..أكملت كلامها:
– أحساس رائع لما تعرف أن من أحببته يحبك بقوة ..
لو تعرف ياأدm مقدار حبي ليك ..أنا لا أريد شيئا من هذة الدنيا سوى وجودك بجانبي وأن أسمع صوتك وأن أنظر إلى عيناك فقلبي هذا ملكاً لك وحدك
حبك لى هو مصدر سعادتي وسبب عشقي للحياة.
أتى صوت من جانبها محبب إلى قلبها قائلاً:
– أنا أسعد راجـ.ـل فى الدنيا لأنى أملك أمرأة مثلكِ.
فتحت عيناها لتجده ممدد بجوارها يضع يديه أسفل رأسه ويتأمل القمر، فتحدثت بدهشة قائلة:
– أدm أنت هنا من امتى .
أدm: من بداية كلامك الجميل مكنتش أعرف أنك بتحبينى للدرجاتي فعلا أنا يمكن كنت غـ.ـبـ.ـي أوى علشان كنت بعيد عنك طول المدة دى بس أنا كنت بحافظ عليكي من نفسي ومكنتش حابب أعترفلك بحبي غير لما تكوني خطيبتي، عارف أني يمكن اوقات كتير جـ.ـر.حتك بس كان غـ.ـصـ.ـب عني محبتش أخد أى خطوة غير فى الحلال ويبقي كل حاجة قدام ربنا والكل فهمتي ليه انا كنت بعيد.
سارة بحياء: اه فهمت بس انت كنت رخم معايا أوى ومحسسني أنى غريبة وماليش لازمه عندك.
أدm: حقك عليا اوعدك بأني هعوضك الأيام الجاية دى ومش هتشوفى غير الحب والسعادة والفرح.
سارة: بجد يادومي.
أدm بحب: بجد ياقلب دومي..
اعتدل فى جلسته ونظر إليها بحب وهو يمسك بكف يديها يقبلها بخفة وقال:
– لا يهم كم تبقى لى من عمر المهم أن أبقى العمر كله بجانبكِ ف أنا أريد أن أكون شئ جميل بحياتك يرسم على شفتيكى الابتسامة كلما خطرت على بالك
أقترب منها أكثر وسند رأسه برأسها وأختلطت أنفسهم فشعرت هى بنبضات قلبها تتسارع بقوة كادت أن تقفز من بين صدرها، بينما “أدm” كان تائهاً فى قربها المهلك الذى يشعره بالضعف الجميل فأضاف قائلاً بحب جارف:
– أحببتك حباً لو تحول إلى ماء لأغرق العالم بأكمله
بحبك يانبض فؤادي وبسمة حياتي أنتى عمر سنيني وزماني ولحظات أفراحي وابتهاجي…
جاء أن يقبلها أبتعدت عنه قليلاً بخجل وهى تقول:
أدm عيب مينفعش كدا أبعد.
أبتسم بخفة وهو يرى أحمرار خديها التى أصتبغت بلون الدmاء مسد على شعرها بحنان قائلاً: متخافيش مش هقرب منك زى ما أنتى فاكرة أنا واعد نفسي أول قرب ما بينا لما تكوني مراتي حلالي.
قبل مقدmة رأسها وهو يحتويها بذراعيه وقال بمرح:
– لا كدا مش هينفع أحنا لازم نتجوز بسرعة لان زهقت من البعد والانتظار.
ضحكت “سارة” بخفة:لسه بدرى على جوازنا أنت مستعجل كدا ليه.
أدm: عيزك تكونى معايا وفى حـ.ـضـ.ـني فى أقرب وقت فأنتي نور الأمل وسط ظلامي.
قامت بضمه وقالت بهمس: وانت أماني وحبيب روحي.
سندت على كتفه بكل راحة فأبتسم إليها بكل حب وأخذا ينظرون إلى النجوم ويطـ.ـلقون اسماء عليها.
*********************************
فى اليوم التالى وتحديداً فى مقر الشركة..كانت “فيروزة” جالسة بمكتبها منشغلة مع “رائف” فى بعض الأمور..
تحدثت فيروزة وعينيها على الملفات قائلة بإرهاق:
– كدا احنا هنتأخر أوى فى تسليم الشغل.
أردف “رائف” بهدوء: متقلقيش أكيد هنلاقي حل للمشكلة دى.
– مقلقش أزاى بس وميعاد التسليم قرب، هو تشطيب الشقق قدامها قد ايه وتخلص.
رائف: شهرين على الأقل.
القت “فيروزة” الملف بضيق جانباً وقالت: شهرين ايه يارائف المفروض نسلمها بعد ٣ أسابيع كدا احنا هيحصلنا مشاكل تانية ومش هنعرف نخلصها.
تحدث “رائف” بعملية: قولتلك متقلقيش أنا هنا معاكى وكل حاجة هتتحل المشكلة بسيطة خالص .
– ازاى بقا هتحلها.
رائف: اطلبنا أتنين قهوة وابعتى لعمر أخوكى يجي.
اومأت رأسها بالإيجاب قائلة: حاضر.
رفعت سماعة الهاتف وأمرت السكرتيرة أن تأتي لها بفنجانين قهوة وتبعث لأخيها.
ثم نظرت لرائف وقالت بتفكير: بس أنا حاسه أن فى حاجة غلط فى الموضوع لأن مكنش دا المتفق عليه.
– دلوقتى هنعرف كل حاجة.
ولجت السكرتيرة وجاء “عمر” ورائها، قامت بتقديم لهم القهوة ثم خرجت فقال “عمر”: بعتوا ورايا فى حاجة ولا ايه أوعى تقولولى أن التصاميم بتاعتي باظت دا أنا أصور فيها قتيل.
وضعت “فيروزة” يديها على وجهها بضيق قائلة بهمس: يارب صبرني على ماابتليت بيه بدل مقوم أنا اقــ,تــله واخلص من هبله.
أبتسم “رائف” بخفة وهو يقول: لا ياخويا تصميمك زى ما هو أحنا عايزينك تقوم بمهمة كدا على السريع.
“عمر” بأستغراب: مهمة ايه.
رائف: هتروح لموقع اللى بيتم فيه المشروع وتشوفلي ايه المشكلة اللى معطلة الشغل لحد دلوقتى.
عمر: بس أنا معنديش علم كافي عن مشروعكم اللى بيتم يعني مش هعرف اتصرف لو حصل أى حاجة هناك.
رائف بهدوء: لا هتعرف وأنا واثق فيك لأنك قد المسؤلية ولو فى أى حاجة حصلت معاك هناك كلمني فوراً تمام.
نظر إلى أخته الذى أبتسمت إليه بخفة فأطمئن قليلاً وقال: حاضر بس هروح أمتى .
رائف: يستحسن تتحرك من هنا دلوقتى.
عمر: تمام عن أذنكم.
أردفت “فيروزة” قائلة: أتمنى أن الدنيا تمشى زى ما أحنا عاوزين.
نظر إليها “رائف” بغموض قائلاً: أكيد هيحصل كل اللى بـ.ـنتمناه وهنحققه قريب كمان .
اشاحت بوجهها بعيداً عنه فقط خفق قلبها بخـ.ـو.ف لما قاله ولا تعلم لماذا روادها هذا الشعور المخيف.
بعد ساعتين رجعت إلى القصر فهى منذ الأمس تشعر بتعب يمتلك جسدها فلم تستطيع أن تكمل عملها..ولجت إلى الداخل فرأت جدتها تجلس على الأريكة تشاهد أحدى المسلسلات التركية فجلست بجانبها بأهمال، نظرت إليها جدتها بأستغراب:
– فيروزة أنتى رجعتي من الشغل بدرى كدا ليه.
أجابتها بأرهاق: مقدرتش أكمل.
حدقت الأخرى بها وجدت وجهها أحمر كثيراً فتحسست مقدmة رأسها بقلق ثم قالت: حرارة جـ.ـسمك عالية أوى ياروزا أنتى شكلك تعبانه.
رددت عليها بكسل: لا مش تعبانه ولا حاجة هو بس هتلاقيني سخنة بسبب رطوبة الجو برا .
قطبت الجدة حاجبياها قائلة: يمكن اصلا النهاردة الجو حاساه هيولع من كتر الحر.
قامت “فيروزة” بوضع رأسها على قدm جدتها قائلاً: بقالى كتير أوى مقعدش معاكى.
أخذت تمسد على شعرها بحنان وهى تقول: ما هو الهانم بقت مشغولة ومابقتش أشوفها غير كل فين وفين صدفة.
– اوعدك ياتيتا أنى مش هقصر معاكي أبدا أنتى الوحيدة اللى فى البيت دا كله بتحسى بيا وبطبطبى عليا ربنا يبـ.ـاركلنا فى عمرك وتفضلى كدا منورة حياتنا.
الجدة بأبتسامة: ربنا يفرح قلبك يابـ.ـنتي ويسعدك دايما ويرزقك بابن الحلال اللى يحبك من كل قلبك ويصونك.
فيروزة بتفكير: تفتكري ياتيتا أني هقدر أحب تانى أنا بقيت خايفة ليجي واحد يأذيني ويكـ.ـسر قلبي بجد مش هستحمل أن يحصلي كدا تانى .
الجدة: متقلقيش لما عوض ربنا بيجي بينسى البنادm المأساة اللى عاشها لان ربك كريم أوى.
اقترب منهما عامر وهو ينظر لهم بأبتسامة ثم قال: فيروزة بتعملى ايه هنا أنتى مش كنتى فى الشغل.
أعتدلت فى جلستها ولم ترد عليه بشئ فقالت الجدة:
-عادى ياعامر البـ.ـنت حست بأرهاق شوية فسابت الشغل وجت ترتاح .
نظر إليها وقال بقلق: أنا مقولتش حاجة ياأمي بس لو هى تعبانه أطلبلها الدكتور حالا.
هبت “فيروزة” واقفة وهى تقول بملل: تيتا أنا طالعة أوضتى أرتاح عن اذنك.
أوقفها والدها فقال ببرود: أستنى عندك قبل ما تروحى على اوضتك عايزك فى موضوع.
استدارت تنظر إليه بأستغراب: موضوع ايه اللى حضرتك عاوزني فيه.
جاء “نازلي” وهى تعطى حمـ.ـا.تها كأس مياه وقرص برشام وهى تقول: موعد دوائكى يا أمي أتفضلى.
ثم جلست بجانب زوجها : روزا حبيبتي واقفة كدا ليه أقعدى تعالى جنبي هنا.
جلست بجانبها وقالت: ممكن حضرتك ياسيادة اللواء تعرفني بموضوعك.
أبتسم “عامر” بسخرية وقال: سيادة اللواء مش بابا يعني ماشى يافيروزة عارف أنك لسه زعلانة مني ودا حقك المهم فى واحد متقدm ليكي وهو شخص محترم وكويس جدا ومن عيلة كبيرة كمان.
“فيروزة” باللامبالاة: يعني طلع هو دا الموضوع تمام بس حضرتك عارف ردى كويس وأنى مش موافقة.
نازلى: ليه بس كدا ياروزا ياحبيبتي دا رابع عريس يجي ويترفض من غير ما تقعدى معاه .
روزا: بس أنا مش عايزة أتجوز دلوقتى.
تحدث “عامر” بهدوء: مفيش حاجة أسمها مش عايزة اتجوز دلوقتى وبعدين أنا قعد معاه و شايف أنه مناسب ليكى .
فيروزة بنفاذ صبر: بس أنا مش عايزة هو الجواز بالعافـ.ـية.
“عامر” بجدية: فى حالتك دى يبقى بالعافـ.ـية ياهانم أنتى مش شايفة نفسك سنك قرب يجيب التلاتين وبقى لازم تتنيلي تتجوزي.
أردفت “فيروزة” بضيق وهى تقف: أنا مش فارق معايا الكلام دا وبعدين حضرتك لو زهقت من وجودي بسيطة أخد بعضى وأمشى من هنا مدام بقيت أنا عبء عليكم ووجودي عامل ليكم مشكلة.
وقف “عامر” من مكانه وقال بحده: بطلى كلامك الفارغ دا هو أنتى كل ما يحصل حاجة تقعدى تكبري فى المواضيع .
-ياسيادة اللواء أنا مش بكبر المواضيع كل اللى أنا عاوزاه تسبوني براحتي ومحدش يفرض عليا أعمل حاجة أنا مش راضيه عنها.
تحدثت الجدة بحده: عامر كفاية كدا خلاص هى مش عايزة بلاش أسلوبك دا معاها وإلا هتشوف منى حاجة مش هتعجبك .
نظر إلى والدته وقال بنفاذ صبر: لو سمحتى ياماما كفاية أنتى بسبب دلعك فيها الاستاذة بقت مش عارفة مصلحتها ولا حتى عارفة تاخد أى قرار فى حياتها صح….ثم حول بصره لابـ.ـنته وقال بجدية: وعلى العموم ياهانم أعملى حسابك كتب كتابك يوم الخميس الجاي أنا اتفقت اصلا مع العريس على كل حاجة وكنت جاى أعرفك باللى هيتم .
اتسعت عيناها بصدmة فقالت بدmـ.ـو.ع: لا أكيد حضرتك بتهزر.
تحدثت “نازلي” بعدm بدهشة: عامر أنت ايه اللى بتقوله دا أنت أزاى تعمل كدا وتتفق على حاجة من ورانا وبـ.ـنتك أصلا مش موافقة رد عليا ليه عملت كدا.
عامر: لا مش بهزر.
فيروزة: بس أنا مش موافقة أنت عايز تجوزنى غـ.ـصـ.ـب عنى لواحد حتى معرفهوش .
عامر ببرود: أنا قولت كل اللى عندى وياريت تبدائى من دلوقتى تجهزى لفرحك لأن يوم الخميس هتكتبى الكتاب وتمشى مع عريسك على بيته.
فيروزة بغضب: وأنا مش هعمل اللى بتقول عليه دا مش هرمى نفسى فى النار و حضرتك زى ما روحت اتفقت معاه على الجواز تكلمه وتنهى كل حاجة.
أمسكها “عامر” من ذراعيها وقال بحده: مفيش حاجة هتتلغى وهتتجوزى غـ.ـصـ.ـب عنك ومن حقى أنك تسمعى كلامي وتنفذيه فاهمه ياهانم…ثم دفعها لوراء فقامت والدتها بأسندها، فقالت روزا ببكاء: أشمعنا أنا اللى بتعمل معايا كدا ما أدm وأنيس خطبوا للى بيحبوهم ولا هو علشان أنا مش بـ.ـنتك زيهم فتبيع وتشتري فيا زى ما أنت عايز.
أغمض عيناه بألم من كلمـ.ـا.تها ولكن حاول أن لا يظهر ذلك فأكمل حديثه ببردو: أعتبريها زى ما تعتبريها المهم اللى قولته هيتنفذ حتى لو أضطريت أحط السيف على رقبتك.
نظروا إليه بصدmة فلم يتحمل نظرت أبـ.ـنته التى ألمته بشـ.ـدة فقام بمغادرة المكان وتركهم فى دهشتهم.
بعد مرور بضع أيام جاء اليوم الذى ستتزوج به “فيروزة” فقد أخبرها أخيها “أنيس” فى ذاك اليوم بأن العريس كان هو نفسه “رائف” الذى يعمل معاها فى الشركة وحاول أن يطمنها، فكانت جالسة بغرفتها ترتدى فستان بسيط من الدانتيل يصل إلى ركبتيها ولكن دmـ.ـو.عها كانت تسيل على وجنتيها بصمت أقتربت الجدة منها بحـ.ـز.ن قائلة: حـ.ـر.ام عليكي ياروزا اللى بتعمليه فى نفسك دا أنتى ممـ.ـو.ته نفسك من العـ.ـيا.ط من ساعة ما ابوكى قال انك هتتجوزى.
رفعت رأسها وقالت بدmـ.ـو.ع: يعني حضرتك عجابك اللى أبنك عمله فيا دا ميرضيش ربنا…بجد حـ.ـر.ام أنا مستهلش منكم كل دا وباللى عمله كـ.ـسرني بجد.
ضمتها الجدة وهى تبكي بحـ.ـز.ن على حال حفيدتها:
– على عيني يانور عيني لو بأيدي كنت وقفت الجوزاة دى لكن ابوكى دmاغه جزمة مش بيسمع لحد وبعدين متزعليش رائف شكله شاب خلوق وكويس وباين عليه بيحبك أنتى ماشوفتيش بيبصلك بحب ازاى يمكن هو يعوضك عن كل حاجة وحشه حصلتلك فى حياتك.
ابتعدت “فيروزة” وقالت بوجه أحمر من كثرة البكاء:
– تفتكرى هيكون عوضى وسعادتي ولا هيكون تعاستي.
الجدة بأبتسامة حزينة: أكيد هيبقى سعادتك فوضى أمرك لربك وهو هيصلح الحال.
بعد لحظات قاموا الفتيات بتزينها مرة أخرى وقام “أدm” بمسك يديها ونزل بها إلى الأسفل بعد ما رفضت أن تنزل مع والدها.
جلست على الكرسى بجانب أخيها فقام المأذون ببدأ عقد القرآن..فاقت من شرودها على قول بـ.ـارك الله لكما وبـ.ـارك عليكما وجمع بينكما في خير…نظرت إلى “رائف” الذى كان يبتسم لها ولكنها شعرت بأنقباض فى صدرها تقدm منها اخويها الأربعة وهم يبـ.ـاركون لها بكل سعادة وحب. ثم ودعتها نازلي والجدة ببكاء مرير كأنها تزف فى جنازة وليس فى فرح.
كانت واقفة وسط الغرفة تفرك يديها بتـ.ـو.تر وهى تنظر حولها بخـ.ـو.ف وذعر فهذا المكان غريب عليها فكيف لفتاة مثلها ستعتاد على هذا الزوج وهذا المكان الذى أصبح بمثابة سـ.ـجـ.ـن لها..دmعت عيناها بألم وهى تتذكر كل ما مر عليها من ذكريات مؤلمة وتعيسة فهى فتاة قليلة الحظ …ولج إليها “رائف” وأغلق باب الغرفة خلفه ابتعلت “فيروزة” لعابها بتـ.ـو.تر فأقترب منها وهو ينزع عنه سترته والقها أرضاً ثم قام بتمرير يديه الغليظة على شفتيها الوردية فأنتفض جسدها و قلبها بخـ.ـو.ف منه بينما هو قام بجذبها إلى أحضانه بقوة وقال بأبتسامة خبيثة تشبه فحيح الأفاعي جعلت قلبها يسقط أرضاً:
– أهلا بكِ فى جحيمي الأسود فيروزة.
كانت تقف وسط الغرفة وتفرك يديها بتـ.ـو.تر وهى تنظر حولها بخـ.ـو.ف وذعر فهذا المكان غريب عليها فكيف لفتاة مثلها ستعتاد على هذا الزوج وهذا المكان الذى أصبح بمثابة سـ.ـجـ.ـن لها..دmعت عيناها بألم وهى تتذكر كل ما مر عليها من ذكريات مؤلمة وتعيسة فهى فتاة قليلة الحظ …ولج إليها “رائف” وأغلق باب الغرفة خلفه، ابتلعت “فيروزة” لعابها بتـ.ـو.تر فأقترب منها وهو ينزع عنه سترته والقها أرضاً ثم قام بتمرير يديه الغليظة على شفتيها الوردية فأنتفض جسدها و قلبها بخـ.ـو.ف منه بينما هو قام بجذبها إلى أحضانه بقوة وقال بأبتسامة خبيثة تشبه فحيح الأفاعي جعلت قلبها يسقط أرضاً:
– أهلا بكِ فى جحيمي الأسود فيروزة.
نظرت إليه بذهول وذعر فقد بدأ يبدو مخيفاً كثيراً بينما هو بدأ يمزق فستانها تدريجياً فصرخت بوجهه محاولة الإبتعاد عنه لكنه أحكم قبضته عليها بقوة.
تحدثت “فيروزة” بدmـ.ـو.ع:
-رائف أنت بتعمل ايه أبعد عني أرجوك.
تحسس كتفها قائلاً : تؤ مستحيل أبعد عنك واسيبك من غير ما أشوف تقاسيم جسدك المثيرة، و دلوقتى خلينا نبدأ حفلة الأنتقام على روقان ياروزا..
رفعت سبابتها بوجهه وقالت بخـ.ـو.ف:
-انتقام ايه وبعدين أياك تقرب مني أنت فاهم مكنتش أعرف أنك بالحقارة دى.
قام بصفعها عدة صفعات على وجنتيها ثم قام بحدفها بعنف إلى الحائط جعلت رأسها تسيل دmاً، اقترب منها بخبث وهو ينظر إليها بنظرات أرعـ.ـبتها بعد ما حمل بيده سوط أخرجه من خزانته فقال: لسانك دا عايز قصه ياحلوة زمانك.
أقترب منها أكثر وقام بضـ.ـر.بها والاعتداء عليها كالحـ.ـيو.ان المفترس ولم يأبى لصراخها ولا لدmـ.ـو.عها التى تسيل كالشلالات المتدفقة، كانت تصرخ بقوة إلى أن أغمى عليها.
**************************
فى قصر خيالى عملاق مثل القلعة يشبه أحد قصور العصر الفيكتورى، كان يتزين بلاط القصر بالرخام الأبيض وأسقفه مزخرفة بشكل منسق وجميل ونوافذ طويلة من الزجاج الشفاف موضع عليها ستائر من الدانتيل الهادئ، فكان عبـ.ـارة عن تحفة فنية وكل شئ متناسق بطريقة تأخذ العقل.
تحديداً فى جناح ملكي مخصص لذاك المدعو “عمران” فكان يحتوى على أثاث باهظ الثمن يدل على مدى الرقى والتقدm …
كان يمسك بين يديه سلسله فضية على هيئة فراشة باللون البنفسجي ظلّ يتأملها وهو يتذكر صاحبة العيون الفيروزية التى جعلت قلبه الجليدي ينبض لها، أخذ يتذكر تلك اللحظة التى كان يحملها بين يديه وهو يضعها على فراش المستشفي و بعد ما أبتعد عنها رأى تلك السلسله تسقط منها فأخذها وأحتفظ بها لنفسه كذكرة جميلة منها، بدأ يهمس بداخله وهو مازال محدق بالسلسله قائلاً:
– أود أن أخبرك بشئ ياصاحبة العيون الفيروزية عنـ.ـد.ما ألتقيت بكِ فى ذاك اليوم لم تفارقني حينها آبتسامتي بسببك أصبحت أمشي مبتسماً لا أعرف ما الشعور الذى وضعتيني فيه، من ذاك اليوم أصبحت شارداً الذهن بكِ وكأنك الوحيدة بهذا العالم، وعنـ.ـد.ما رأيتك حينها شعرت وكأن الحياة أبتسمت ليّ وأنه لا شئ يسع قلبي ودقاته وبين كل نبضة لا أصدق أن مجرد رؤية شئ من رائحتك تجعلني هكذا لا أعرف ما سبب هذا، لكن شعوري بكِ لم يفارقني حتى أني أراكي دائماً تزوريني بأحلامي وفى أفكاري أشعر وكأنك قريبة مني وفى كل مكان لم أدري ماذا فعلتي بي عنـ.ـد.ما ألتقيت بكِ صدفة يافتاة، فقد ظننتك فى البداية الأمر عابرة كالجميع لكن بدأ لي عكس ذلك خلال تلك الفترة التى كنتي بعيدة فيها عن نظري…ثم تنهد بعمق ووضع يديه على موضع قلبه بقلق
لكنني أشعر الأن بأنني قلق عليكِ كثيراً ولا أدري ماذا أفعل ليس بيدي شئ لاطمئن عليكِ الآن، أتمنى أنكِ تكوني بخير.
التفت يميناً وهو يرى باب غرفته يفتح بهدوء فقام بوضع السلسله تحت المنضدة، ثم ألقى بصره لذلك الصغير المتطفل الذى أقترب منه سريعاً وهو يقول بمرح: بابي أنت نايم.
أبتسم إليه بسعادة وهو يضمه إلى أحضانه بحب ابوي قائلاً: لا يابطلي كنت لسه هنام وبعدين أنت صاحي ليه لحد دلوقتى مش قولنا ممنوع السهر.
نظر إلي بطفولة وقال بعبوس: ما أنا مش عارف أنام لوحدي هو ينفع أنام معاك النهاردة يابابي.
أردف “عمران” بابتسامة مرحة: طبعا ياقلب بابي بس متتعودش على كدا يابطلي.
تحدث “سفيان” بسعادة: أنت أحلى بابي فى الدنيا.
قبله “عمران” على رأسه: وانت أحلى سفيان فى الدنيا.
تمدت “عمران” على الفراش واحتوء أبنه بين ذراعيه فقال الصغير ببرائة: النهاردة تيتا سألت عنك كتير هو حضرتك بقيت مش بتقعد معانا زي الأول ليه هو أنت مش حابب تقعد تلعب معايا.
قرصه من أرنبه أنفه ثم قال: حبيبى مش حكاية أنى مش عايز أقعد معاكم زى ما أنت فاكر كل الحكاية ياسيدي أنى عندي شغل كتير الفترة دى وغـ.ـصـ.ـب عني مش بعرف أقعد معاكم زى الأول بس أوعدك أول ما أخلص الشغل هفضل معاك ومش هسيبك ابدا دا أنت أغلى حاجة عندي وبعدين هو أنا بقصر معاك فى أى حاجه بتطلبها.
هز رأسه رافضاً وهو يقول بحـ.ـز.ن: بس أنت بتوحشني اوي يابابي.
تحدث “عمران” بحنان:
وأنت كمان بتوحشني وعلشان خاطرك ياعمري هاخد بكرا أجازة من الشغل ونقضيها مع بعض خروجات وفسح ولعب زى ما أنت عايز إيه رأيك ياباشا.
هتف “سفيان” بسعادة: يعيش بابي كدا انا أحبك.
قهقة الأخر بقوة على كلام أبنه الوحيد وقال بمرح: دلوقتى أحبك يابابي واد مصلحجى بصحيح.
بعد مرور بضع دقائق غفى الطفل على ذراع والده بهدوء، وفى هذا الأثناء دلفت إليهم “رحمة” والدة “عمران” فاعتدل الأخر فى جلسته وهو يقول بأستغراب: أمي محتاجة حاجة ياست الكل.
أقتربت منه وهى تبتسم: أبدا ياحبيبي قلقت على سفيان لما ملقتهوش فى أوضته فجيت أطمن إذا كان نايم معاك ولا لأ.
عمران: متقلقيش عليه يا ست الكل الباشا جالى من شوية وقالى عايز انام النهاردة معاك يابابي وانا طبعاً مقدرش أرفضله طلب وابعده عن حـ.ـضـ.ـني دا أبني حبيبي وحته من روحي.
اردفت “رحمة” بحنان: ربنا ما يحرمكم من بعض.
قبل “عمران” يديها قائلاً: ولا يحرمني منك ياأمي ولا من حنانك عليا أنا وأبني مش عارف من غيرك أعمل ايه لوله وقوفك جنبي ومعايا مكنتش عرفت أربي أبني لوحدي.
تحدثت حنان” بهدوء: ده حفيدي ياعمران حته منك ياروحي واديله عينيا .. بس ياحبيبي أبنك بدأ يكبر وبقا عنده ٧ سنين وبقا محتاج لأم بردو فى حياته و لازم تتجوز ويبقى عندك زوجة وأم لابنك وتجبله أخوات بدل ما هو وحيد أو حاول ترجع مراتك تاني ليك وتسامحها كل أنسان مننا بيغلط وهى اكيد لما تشوف أبنها قلبها هيحن وهتعرف أنها غلطت.
نظر إليها بذهول فقال بضيق:
-ماما ايه اللى بتقوليه دا ارجع مراتي تاني لعصمتي أنتي ناسية هى عملت ايه فيا و نسيتي أن هى أول ما خلفت رمت ابنها وهو حته حمرا وقالت مش عايزاه يوقفلى حياتي أبني لحد دلوقتى ميعرفش مين أمه حتى، دى واحدة مـ.ـا.تستاهلش أني أديها فرصة تانية هى سابتني فى عز ما كنت محتاجلها مكنتش أعرف أن هى أتجوزتني عشان فلوسي ومع أول مشكلة حصلتلي فى شغلي وخسرت كل حاجة طلبت مني الطـ.ـلا.ق رغم أنى فضلت أتحايل عليها واقولها كل حاجة هتتحل وظروفي هتتحسن لكن هى مكنش فارق معاها كلامي ولا حتي كان فارق معاها سفيان كل اللى هاممها الفلوس ومظهرها لكن أنا وأبني نتفلق …أنا أكتر حاجة نـ.ـد.مان عليها فى حياتي أن اتجوزت المخلوقة دى وهتفضل أوسـ.ـخ قرار خده فى عمري كله ونـ.ـد.مان عليه.
ربتت على يديه بحـ.ـز.ن قائلة:
– حقك عليا يابني خلاص فكك من سيرتها خالص طب بص أنا عندى عروسة ليك بـ.ـنت جميلة ومؤدبه ومثقفه وأنت كمان تعرفها.
تحدث “عمران” بسخرية: وياترى بـ.ـنت صحبتك سعاد ولا بـ.ـنت صحبتك عزة.
رحمة: أنت بتتريق ياعمران يابني أنا عايزة أفرح بيك واشوفك مبسوط فى حياتك مع زوجة تصونك وتحبك وتاخد بالها منك ومن أبنك لان هو كمان محتاج يكون عنده أم زى بقية أصحابه.
أردف عمران بأبتسامة ساحرة: حاضر ياأمى أول لما الاقى اللى خـ.ـطـ.ـفت قلبي هتجوزها على طول.
نظرت إليه “رحمة” بخبث: اممممم يعني فى واحدة خـ.ـطـ.ـفت قلبك زى ما بتقول صح.
أشاح بوجهه بعيداً عنها وهو يشعر بحرج فقد كشف أمره أمامها فقال بتـ.ـو.تر: أنا ياست الكل أبدا مفيش الكلام دا.
رحمة بمرح: ياولاه على أمك حبيبتك الكلام ده اذا كان أنت وقعت بلسانك قدامي ها قولى مين هى سعيدة الحظ اللى خلت المقدm عمران قلبه يدق من أول وجديد.
أبتسم ثغره بسعادة عنـ.ـد.ما تذكر تلك الفتاة التى أسرت قلبه فقال بتوهان: فيروزة.
نظر إليه والدته بعدm فهم: أفنـ.ـد.م أنت بتقول ايه.
التفت ببصره إليها قائلاً بهدوء: أسمها فيروزة يا أمي شوفتها صدفة على الطريق من فترة وفعلا كانت أجمل صدفة تحصلي فى حياتي.
رحمة: يعني شوفتها بس ولا قعدوا مع بعض واتكلمته.
عمران: شوفتها وأتكلمنا بس من وقتها ماشوفتهاش تاني.
رحمة: طب أنت مش معاك نمرة تليفونها أو عارف بيتها.
عمران: عارف بيتها بس ليه بتسألى.
رحمة بأبتسامة: عشان اروح أخطبهالك ياقلبي.
ضحك عمران بخفة: شكل حضرتك ياست الكل زهقتى وعايزة تجوزيني عشان تخلصي مني صح اعترفى.
رحمة: أبدا ياحبيبي بس مدام هى عجباك ليه متروحش تتجوزها قبل ما تضيع منك.
عمران بهدوء: كل شئ بأوان يا أمي سبيها على ربك إذا أراد أن يجمعني بها سيفعل ذلك قريبا.
* * *****************************
فى اليوم التالى
كانت تجلس الفتيات مع جدتهم فى غرفة الجلوس فدخل عليهم “على” وجلس على المقعد بتعب شهقة لارين بفزع عنـ.ـد.ما رأت وجهه مليئ بالكدmـ.ـا.ت اقتربت منه أخته “سهر” الذى قالت بقلق: على ايه اللى حصلك ومين عمل فيك كدا.
تحدث على بإرهاق: أهدوا متخافوش دى حادثة بسيطة حصلتلي فى الجامعة.
الجدة: سهر هاتى علبة الأسعافات الأولية من فوق بسرعة.
سهر: حاضر ياتيتا.
وضعت الجدة يديها على كتفه وقالت بهدوء: ممكن أفهم ياجلاب المصايب مين اللى شلفط وشك كدا.
على بضيق: ولا حاجة محدش أصلا يقدر يعملي حاجة.
سارة بسخرية: لا ما هو واضح أوى من وشك أن محدش يقدر يعملك حاجة ياسى على.
أمسك المخدة التى بجانبه والقها عليها قائلاً بغضب:
– استني عليا ياسوسة لما أفوقلك والله لانفخك.
جاء “معاذ” من الخارج وهو يستشيط غضباً فأقترب من أخيه سريعاً ولكمه فى وجهه بقوة ثم قام بجذبه إليه من ملابسه وقال بغضب عارم: بقا ياحـ.ـيو.ان سايب شوية شباب صيع يعلموا عليك.
على بأختناق: هما اللى خدوني غدر ومعرفتش أدافع عن نفسي.
معاذ بصوت عالٍ: ليه مش راجـ.ـل أنت عشان تدافع عن نفسك .
تحدثت الجدة بقلق: معاذ سيب أخوك مش شايفه تعبان أزاى.
معاذ: مش هسيبه غير لما يتربى ويعرف ازاى يدافع عن نفسه وياخد حقه مش يسيب شوية زباله ملهمش لازمه يعملوا فيه كدا.
أقتربت “لارين” منه قائلة بخـ.ـو.ف: معاذ عشان خاطرى سيبه سارة قوليله حاجة.
أردفت “سارة” ببردو: ماليش دعوة يستاهل اللى يجراله.
أمسكت “لارين” يد “معاذ” وقالت ببكاء: سيبه بالله عليك يامعاذ حـ.ـر.ام اللى بتعمله دا …زادت دmـ.ـو.عها بخـ.ـو.ف فأبتعد “معاذ” عن أخيه وأقترب منها بلهفة: خلاص أهدى أنا سبته أهوى.
مد يديه و مسح دmـ.ـو.عها المتساقطة على وجنتيها برفق وقال بحنان: متعيطيش خلاص حقك عليا… ثم حول بصره إلى “على” وقال: ماشى ياكـ.ـلـ.ـب حسابك معايا بعدين علشان بسببك دmـ.ـو.عها نزلت.
ركضت سهر إليهم وهو يتنهج فقالت: أنا جبت علبة الأسعافات زى ما طلبتي مني ياتيتا…أخذتها منها الأخرى دون أن تتفوه فنظرت إلى “سارة” وتمايلت قليلاً عليها قائلة بهمس: هو فى ايه وليه لارين بتعيط هو فى حاجة فاتتنى وأنا فوق.
رمقتها الأخرى بغضب وقالت: تصدقى أنك تفاهه.
بعد لحظات فكانت “لارين” جالسة بجانب “على” تقوم بمعالجة الكدmـ.ـا.ت.
على بألم: الواحد حاسس أن فى تريله دايسه عليه.
لارين بحـ.ـز.ن: معلش فى الأول هتحس بشوية و.جـ.ـع لكن بعدها هتخف ومش هتحس بحاجة .
على بزهق: طب خلصتي ولا لسه.
لارين بهدوء: استنى هحطلك المرهم دا وأكون خلصت.
أقترب “عمر” وجلس بجانبهم وقال بأرهاق: الواحد تعب من كتر الشغل يأخى.
نظر إليه “معاذ” باستغراب قائلاً: مالك يامصـ يـ بـةفى ايه.
تحدث “طارق” الذى جاء يحمل طبق من المكـ.ـسرات قائلاً:
– سيبك منه دا عيل فصيل أصلا وبعدين فيها ايه يعني لما تشتغل شوية زيادة.
عمر: فيها أن احنا هيطلع عين أبونا بعد ما فيروزة أتجوزت.
طارق بحـ.ـز.ن مصطنع: ما اه الهانم أختك أتجوزت ودلوقتى هى مبسوطة فى شهر العسل وأحنا هنا يطلع عين اللى خلفونا مكنش يومك ياشابة.
عمر: بجد يابختها أكيد هى مشهيصه مع سى رائف بتاعها ناس ليها الحظ والفرح وناس ليها الشغل والمرمطة.
أردفت سارة بضيق: بطلوا قر على البت الله يخربيتكم هتجبوها الأرض.
عمر: أخت سارة بالله لتسكتي وتنقطينا بسكاتك الله يكرمك.
سارة بضيق: تعرف أنك عيل بـ.ـارد ومستفز.
عمر ببرود : عارف ايه الجديد.
*****************************
فى المستشفى كان يقف “أنيس” ينظر من النافذة إلى الخارج ثم أنتفض فجأة على صوت ظهر من عدm نظر خلفه ليجد “دارين” فكانت تقف بجانب المكتب تضحك عليه بخفة فقال بغـ.ـيظ وهو يمسكها من طرف التيشيرت: حـ.ـر.ام عليكى ياديدي هيجرالي حاجة بسببك وربنا مش كدا ياماما خفى عليا شوية.
دارين ببراءة: هو أنا عملتلك حاجة بس.
أنيس بسخرية: أبدا هو أنتى بتعملى حاجة أصلا .
دارين بعبوس: أخس عليك ياأنوسه.
أردفت الأخر بذهول قائلاً: أنوسه أنا الدكتور أنيس يتقالى أنوسه.
تعلقت “دارين” برقبته وقالت بدلال: بدلعك يابيبي وبعدين المفروض تبقى فرحان بيا دا أنت يابنى أمك داعيلك فى ليلة القدر عشان بقيت من نصيبك.
أنيس: أمك فى واحدة متربية وبـ.ـنت ناس محترمة تقول أمك وبعدين شكلها دعت عليا مش داعيالي.
وجزته فى كتفه وقالت بتذمر: هو أنت كدا معترض على كل حاجة مفيش حاجة عجباك.
نظر إليها بطرف عينه : مفيش فايدة فيكى هو أكيد ذنب حد وربنا بيخلص.
أمسكت يديه وقالت برجاء: أنيس بقولك ايه علشان خاطرى خدني عشيني برا النهاردة.
أنيس: بس أنا لسه ورايا شغل مخلصتهوش.
دارين: الدنيا مش هتقف ياحبيبي وبعدين بكرا أبقى كمله مش هيجرا حاجة يعني.
أخذت تتحايل عليه مثل الأطفال قائلة: ياأنوسه يلا بقا أنت بقالك كتير مخرجتنيش ولا بتهتم بيا .
أنيس:أول مرة أشوف الاهتمام بيطلب كدا طول عمرى أعرف أن الأهتمام مابيطلبش.
أرجعت شعرها إلى الخلف وقالت بمرح: لا ياعسل بيطلب عادى خليك كدا فريش ومتحبكهاش.
ضحكة بخفة على محبوبته فهز كتفه بقلة حيلة:
– ماشى ياأخرة صبري أمرى لله يلا قدامي.
****************************
استيقظت من نومتها لتجد نفسها مربوطة فى أوضة ضالمة حاولت أن تتحرك من مكانها ولكنها كانت مقيدة بسلاسل من حديد، فكان جسدها يـ.ـؤ.لمها بشـ.ـدة من كثرة الضـ.ـر.ب و وجهها مليئ بالكدmـ.ـا.ت الحمراء والزرقاء بكت بحرقة عنـ.ـد.ما تذكرت تلك المأساة التى تعرضت لها من ذاك المختل عقلياً فقد استباح حرمة جسدها وقام بالأعتداء عليها أكثر من مرة بكل وحشية، كانت تظن بأنه زواجها منه سيهون عليها الكثير ولكنه جاء كى ينتقم منها فى أمر ليس لها دخل به، دعت ربها أن ينجيها من هذا الوحش وينقذ روحها، لحظات ووجد الباب فتح أمامها وخرج هو منه أرتعش جسدها فور رؤيته فأبتسم إليها بخبث وقال:
– تؤ تؤ ياحـ.ـر.ام بجد صعبتي عليا بس بردو دا مايمنعش أنى أكمل تعذيبي واتسلى معاكى شوية ياروزا.
– أنت واحد مختل عقلية ومريـ.ـض نفسي أنصحك تروح تتعالج لان مفيش بنادm واعي يعمل اللى بتعمله دا.
نظر إليها بغـ.ـيظ وفجأة أقترب منها وصفعها بالقلم على خديها فأنزفت انفها دmاً، فقال بغضب:
– تعرفى لسانك السليط دا محتاج يتقص بس مفيش مشكلة هبقى اقصه ليكي، ثم أخذ يضحك بشر بطريقة أرعـ.ـبت قلبها فأكمل حديثه وهو يمسك فكها بقوة قائلاً بجنون:
– تعرفى أني بتلذذ بعـ.ـذ.ابك أوى بحب أسمعك وأنتى بتصرخى بو.جـ.ـع بحب أشوفك بتعيطي كدا قدامى ومذلولة أصرخى يافيروزة وسمعيني صوتك عيطي يلا ومـ.ـا.تكتميش و.جـ.ـعك.
لم ترد عليه فظلت تحدق به بعدm تصديق فاقسمت بداخلها بأنه ليس بنادm طبيعي، بينما هو أخرج من سترته شئ وقال بتهديد وهو يمسكها من شعرها:
– بقولك أصرخي أنا جوزك وبأمرك بأنك تعيطي وتصوتي بأعلى صوتك عايز أشوفك بتتألمي وببتعـ.ـذ.بي قدامي يلا ياروزا سمعيني نبرتك الجميلة خليني اتبسط.
ثم قام بغرس هذا الشئ بقوة فى بداية قدmيها فأبتسم بحماس وهو يسمعها تصرخ بو.جـ.ـع من شـ.ـدة الألم والدmاء تنزف من قدmيها، فقالت بدmـ.ـو.ع وتوسل:
– أرجوك كفاية ابعد حـ.ـر.ام عليك اللى بتعمله فيا دا أنت عايز تمـ.ـو.تني.
أردف بغضب: أيوة عايز أمـ.ـو.تك وأحرق قلب عيلتك عليكي بس لما أتلذذ بتعذيبك شوية هخلص عليكي على طول وبدون تردد.
– أنت واحد زباله ومـ.ـجـ.ـنو.ن.
قالت تلك الجملة وهى مازالت تبكي بعنف وتصرخ بألم فقد تحول جسدها إلى بركة من الدmاء، فقال هو بتلذذ:
– أيوة كدا سمعيني صوتك الجميل أنتى مت عـ.ـر.فيش قد ايه أنا فرحان دلوقتى وانا شايفك بتتعـ.ـذ.بي بالطريقة دى .
– دا لأنك شيطان مش بنأدm عادى زينا.
– مش مهم أكون ايه المهم أنى دلوقتى باخد حقى من أبوكي يابـ.ـنت عامر.
حاولت أن تمنع بكائها وصريخها حتى لا تراه يستمتع هكذا فهى لا ترغب برؤيته سعيد بالمها بهذا الشكل فهو شيطان بهيئة بشرية، كانت لا تتصور بأن هناك أشخاص هكذا…ضغط هذا الشئ أكثر لتتألم بصمت وأنينها الذى تكبحه يقــ,تــلها فأصبحت دmـ.ـو.عها كسيل من الفيضان يسيل على وجنتيها، ذات غضبه عنـ.ـد.ما رفضت أن تلبى طلباته، فألقى ما بيده بجواره وامسك دلو مملو بالماء البـ.ـارد ليسقطه عليها على دفعه واحدة جعلها تشهق بعنف وهى تحاول أن تلتقط أنفاسها..
ياترى ما الأمر الذى دفع رائف للإنتقام من عامر فى ابـ.ـنته؟.
تذكرت تواً أني منذ كنت طفلة رأيت فى منامي حُلماً من عالم الخيال، تحدثتُ فيه لشخص غريب كان يروى لي قسوة أيامه وما يحدث معه وأنه لا يستطيع تخطيه أو حتى تجاهله، أدخلني معه فى تفاصيل العمق، كان الهدوء مخيف يُخيمُ على أرض الحُلم يليه أنبثاق الاجيج، رأيت كيف أن القدر أعطاه صفعه من شـ.ـدة قوتها أرتد جسده للخلف وما عاد يقدر على الحراك للأمام مرة أخرى، رأيت وجوه أشخاص من بعيد جميلة جدا وعن قرب مشوهه جعلت مني أفر هاربة، رأيت غريق لا يبالى بالموج حيث أنه ترك جسده ينساب من دون مقاومة وحريق نباتات مزهرة حتى باتت رماد، كان هناك صوت أنين خافت لشخص يافع أجهل مكانه ومن ثم اتضح لي أن الشخص بثقب أسود يود إبتلاعه
سمعت وقع أقدام تخطو بعيداً بينما نفس الشخص ينادى طلباً ليد العون، لكن هؤلاء الأشخاص تجاهلوه وكأن سمعهم أصم، فأتجه ذلك الشخص لي وقام بمناداة أسمي واقترب مني شيئاً فشيئاً، ذلك الشخص الذى كنت أجهل معالم وجهه كان أنا منذ البداية، وما حدث لم يكن سوى نبذة عن مستقبلي وقدرى المحتوم، لكن إدراكي أتى متأخرا عنـ.ـد.ما قضى الأمر وبات حلمي واقع.
بعد ما أنهت التدوين فى المذكرة قامت بأغلاقها…ثم هبت واقفة من مكانها وأتجهت إلى نافذة الغرفة المفتوحة، فأخذ الهواء يحرك خصلات شعرها الذهبية الملتفه على بعضها، أغلقت عيناها بقوة لعلها تتخلص من تلك الذكريات السيئة لقد مره أكثر من شهر على زواجها من ذاك المتعجرف فقد سلب منها حريتها وحياتها وروحها، فأنه أخذ يعـ.ـا.قبها على ذنب لم تقترفه، قامت بأغلاق زجاج النافذة ثم ابتعدت قليلاً وهى تشـ.ـد الستائر عليه، تحركت بخطوات مرهقة لتجلس على المقعد الجانبي وبدأت أن تضع تلك المراهم المعالجة..
لحظات ودلف إليها “رائف” الذى قال ببرود:
– أخوكى أنيس أتصل من شوية .
نظرت إليه بوجه شاحب وقالت: فى حاجة ولا ايه.
وقف أمام المرآه وهو يعدل من ملابسه:
– أهلك عايزين يشوفوكي أصل الهانم وحشتهم.
تحدثت بضيق: تمام بس ياريت حضرتك متجيش معايا مش حابه وجود واحد زيك فى وسطنا.
استدار بجسده إليها وقال: والله أنا أجى بمزاجي ياحلوة..ثم أقترب منها وأمسك خصلاتها الطويلة وأكمل بحده:
– عارفة يافيروزة لو لسانك الحلو دا نطق بحرف قدام أهلك أننا مسافرناش ولا كنا فى شهر عسل هعمل فيكي ايه، وطبعاً أنتى مجربة جزء بسيط منه فبلاش أوريكي الوش التانى لان ساعتها مش هرحمك.
نظرت إليه بقوة وقالت: وأنا مش خايفة منك واللى عندك أعمله .
شـ.ـد على شعرها بقوة فجعلها تتألم أكثر وقال بنبرة غاضبة: قسماً بالله لو مانفذتيش أى حرف من اللى بقولك عليه هيكون عقـ.ـا.بك كبير.
ثم نظر إليها فأكمل بخبث قائلا:
– اممممم فكره بردو ممكن نوريكي جزء من العقـ.ـا.ب وليه لا….فبدأ أن يقرب منها بلهفة وهو ينزع تلك المنامه الرقيقة فدفعت بغضب وقالت ببكاء:
– لو سمحت يارائف متقربش حـ.ـر.ام عليك جـ.ـسمي كله لسه بيوجـ.ـعني ومش مستحمله أى لمسه.
“رائف” بعيون مظلمة: أنتى مراتى ودا حقى أخده فى أى وقت فاهمه ولا تحبي أفهمك بطريقة تانية.
حدقت به “فيروزة” بخـ.ـو.ف وذعر تخشى أن يضـ.ـر.بها مرة أخرى فهى لن تتحمل هذا مجدداً، فأبتسم إليها بخبث وهو يقول: متخافيش مش هضـ.ـر.بك هكون رحيم معاكى النهاردة لان مليش مزاج فخليكى هادية كدا معايا بدل ما أغير رأيى…ثم جذبها نحوه دون مقاومة منها هذة المرة فهى ليس لديها روح أو طاقة للمعافرة.
*****************************
فى حديقة القصر كانت تجلس “سهر” أمام حمام السباحة وكان يجلس بجانبها “طارق” يراقبها بينما هى مازالت تأكل ولا تهتم بوجوده، أمسك الطبق منها وقال بضيق:
– حـ.ـر.ام عليكي كفاية أكل خلصتي على مخزون الشهر كله ايه بلاعه.
رفعت حاجبها الأيسر ببرود: كنت دافع حاجة من جيب أبوك هات الطبق يازفت…ثم شـ.ـدت الطبق من يديه لتكمل أكلها بشراسة.
حدق بها بصدmة قائلاً: أنتي لا يمكن تكوني بنادmه زينا ياشيخة أعتقى نفسك شوية…وبعدين هى البعيدة معندهاش دm ولا بتحس.
تركت الطبق من يديها وقالت بنفاذ صبر: عايز ايه يازفت مني .
طارق: ما هو البعيدة مش بتحس بس أعمل ايه أنتى مش ملاحظة أنى بقالى كتير سنجل بائس مش كدا.
سهر: أنت أهبل ياطارق ولا عندك خال أهبل.
ضـ.ـر.بها بخفه على رأسها قائلاً: هو لسانك الطويل دا لو مسكتش هيجراله حاجة.
نظرت سهر إليه قائلة بهدوء: اه و هات من الأخر وقول عايز ايه.
رد عليه وهو يشير نحو ابن عمه “أدm” الذى كان يجلس بجانب خطيبته “سارة” يتغازل به: عايز أعمل زى اللى هناك دول.
استدارت تنظر نحوهم ثم التفتت إليه وقالت: طب وأنا مالى دول أتنين مجانين بيحبوا بعض وهيتجوزوا
وبعدين مـ.ـا.تروح تخطب زيهم هو حد قالك لا.
زفر بضيق فقال: هو حد قالك قبل كدا أنك متـ.ـخـ.ـلفه ومابتفهميش.
اردفت بثقة: كتير قالولى كدا لكن نحنُ لا نهتم بأراء الآخرون.
طارق: بصى بقا ومن الآخر عشان أنتى هتشليني أنا بحبك يامتـ.ـخـ.ـلفة وعايز أتجوزك ها قولتى ايه.
نظرت إليه بعدm استيعاب فقد الجمتها الصدmة، فجذبها من معصمها وهو يسير بها مبتعداً قليلاً ثم وقف تحت ظل تلك الشجرة وقام بإخراج علبة صغيرة من جيبه ووضعها فى يديها ليقول: أنا عارف أنك مصدومة بس مش مهم المهم أنى قدرت أخد أول خطوة فى الموضوع دا وأعترفلك بحبى ليكى…والعلبة دى فيها خاتم لو أنتى بتحسى بنفس شعوري وبتحبيني وموافقة أن أحنا نتجوز البسي الخاتم دا ماشى هسيبك تفكرى براحتك خدى وقتك زى ما أنتى عايزة بس أعرفى يوم ما تلبسيه مش هتقلعيه تانى و هتبقى ملكى وعمرك ما هتبعدى عنى مهما حصل.
ثم قبلها على خديها برفق وذهب من أمامها…تحسست مكان القبلة بذهول ثم قالت: يانهار أسود هو أنا هتجوز المـ.ـجـ.ـنو.ن ده …دا من عاشر المستحيلات.
********************************
أمام غرفة “لارين” وقف “معاذ” يعدل ملابسه بضـ.ـر.بات قلب متسارعة وبنفس يعلوا ويهبض من كثرة تلك المشاعر الجياشة، يشعر وكأنه شاب مراهق..طرق على الباب بخفة وبعد ثوانٍ فتحت له الأخرى ونظرت إليه بحياء فقال هو بتـ.ـو.تر: كنتى نايمة يالولو.
اردفت “لارين” بهدوء: لا صاحية فى حاجة ولا ايه يامعاذ.
مد يديه بعلبة كبيرة مغلفة واعطاه لها قائلاً: كنت معزوم برا مع صاحبي فاشتريت ليكي بيتزا لان عارف أنك بتعشقيها وكمان خليته يزود الجبنة زى ما بتحبيها ياست البنات.
أخذت منه بسعادة قائلة: دى علشاني أنا.
هز رأسه بالإيجاب فضمته سريعاً دون تردد ثم أبتعدت بخجل وقالت بضحكة بسيطة: بجد أنا فرحانه لان كنت جعانة فعلا ونفسى كانت رايحه ليها .
نظر إليه بتركيز وهو يراقب أفعالها وفرحتها التى اسعدته بشـ.ـدة فقال: مكنتش أعرف أنك هتفرحى بالشكل دا لو كدا هجبلك بيتزا كل يوم عشان اشوف ضحكتك الجميلة دى اللى بتنور حياتي .
ثم أخرج لوح من الشوكولاته الغالية من سترته وأعطاه لها:
-وجبتلك دى كمان عشان تحلى بيها بعد ما تتعشى ياقمر .
بينما هى أتسعت عيناها بذهول فهتفت بسعادة غامرة وهى تلتقطها من بين يديه:
-أنت أكيد بتهزر دى من نوع اللى بحبه بجد أنا مش مصدقه.
تحدث “معاذ” بحب: اسيبك أنا دلوقتى ولو عوزتي أى حاجة كلميني وأنا عنيا ليكي ياست البنات.
نظرت إليه بعيون لامعه قائلة: بجد أنت أحسن معاذ فى الدنيا.
معاذ: تصبحي على غير ياقمري.
أبتسمت برقة: وأنت من أهل الجنة.
تحرك من أمامها فأغلقت الباب بخفة ثم أتكأت عليه بسعادة فهى تعشق أهتمامه الجميل بها تنفست بحب ثم أتجهت إلى مقعدها وبدأت بفتح الأكل.
*******************************
فى اليوم التالى كانت جالسة “نازلي” بشرفتها وهى تنظر إلى صورتها مع فيروزة بعيون دامعة فقالت بهمس:
– ماشى يافيروزة والله أول ما اشوفك قدامي لاضـ.ـر.بك عشان تنسى أمك بالشكل ده ومـ.ـا.تسأليش عنها.
قاطعها صوت رقيق من خلفها: وأهون عليكي ياست الكل دا أنا حتى بـ.ـنتك البكرية.
ألتفتت خلفها وقالت بعدm تصديق: روزا .
أقتربت منها فضمتها نازلي بقوة إلى أحضانها شعرت “فيروزة” بألم فى جسدها لكنها لم تظهر ذلك حتى لا تقلق عليها والدتها، فقالت “نازلي” بعتاب:
– ينفع كدا هان عليكي أنى مشوفكيش لمدة شهر ونص وجوزك كل شوية يقولنا معلش أصلنا عرسان جداد وبنقض شهر العسل.
أبتعدت عنها ثم قبلت يديها وقالت بأعتذار: حقك عليا يا أمي ما أنتى عارفة رائف ما صدق يتجوزنى عشان يحقق غرضه.
نظرت إليها بأستغراب: غرضه قصدك ايه بالكلمة دى.
ابتسمت بو.جـ.ـع وقالت بكذب: قصدك أنه مصدق يتجوز اللى بيحبها وأن هى معاه.
نازلي: بجد يعني هو بيحبك وبيعملك كويس.
فيروزة: أه ياماما رائف كويس معايا وحتى مش بيزعلني.
أردفت “نازلي” بأرتياح: طب الحمدلله أنتى مت عـ.ـر.فيش أنا كنت خايفة عليكي قد ايه أصل كنت بشوفك كل يوم فى الحلم وأنك دايماً زعلانه ولابسه أسود حتى اسألي ابوكى هيقولك أن معظم الأوقات كنت بقوم من النوم مفزوعة علشانك.
أردفت الأخرى بداخلها للدرجاتى كنتى حاسه ببـ.ـنتك أنا فعلا كنت كل يوم بمـ.ـو.ت ومحدش كان عالم باللى بيجرالى كنتوا فاكرين أنى سافرت لكن أنا كنت موجودة هنا فى بلدي وبتعـ.ـذ.ب.
هزت والدتها كتفها بحنان قائلة: سرحتي فى ايه ياروزا أوعى يكون رائف وحشك.
فيروزة بهمس: وحش لما يلهفه ويخلصني منه البعيد.
نازلى: بتقولى ايه يابت مش سمعاكي.
فيروزة بإبتسامة: أبدا ياحبيبتي بقولك ايه ياأمى أنا همـ.ـو.ت وأكل أى حاجة من ايدك الجميلة بجد وحشنى طبيخك وريحته الشهية اللى بتفتح النفس .
ضحكت “نازلي” بخفة: بعد الشر عليكي ياروحي من المـ.ـو.ت هعملك كل اللى نفسك فيه دا أنتي تؤمري.
ضمتها “فيروزة” بسعادة: ربنا يخليكي ليا ياست الكل ومتحرمش من وجودك أبدا ياأمي وتفضلي دايما منورة حياتنا أنتى وجودك نعمة كبيرة…وبعدين صح مش كنتي بتقولى أنك أول مـ.ـا.تشوفيني هتضـ.ـر.بيني.
مسدت على شعرها بحنان: قلبي عمره ما طوعني على ضـ.ـر.بك أنتى بـ.ـنتي ومفيش أم بتقدر تضـ.ـر.ب عيالها حتى لو عملوا فيها ايه.
فيروزة: طب وحلفانك كدا هتصومي تلات أيام.
نازلى: تصدقى صح أنتى لازم تضـ.ـر.بي اه ما أنا مش هقدر أصوم…فقامت بضـ.ـر.بها بخفة على كف يديها ثم قالت بحنان: كدا خلصين عشان متحسبش على الحلفان .
ضحكت “فيروزة” بخفة: ماشى يالوزة ويلا بقا أنا جوعانه كتيييير.
قرصتها من خدها بخفة وقالت بمرح: هو الواد كان مجوعك ولا ايه لما يجيلى بس هو صحيح فين مجاش معاكي ولا ايه.
تحدثت بنبرة حزينة قائلة: لا موجود أصله مش قادر يبعد عني وهيفضل ملازمني.
ثم أضافت بهمس داخلى:خايف لاقول على أفعاله الوسـ.ـخه اللى بيعملها معايا بس أنا مش قادرة أتحمل كل القرف دا حاسه لو فضلت ساكته أكتر من كدا همـ.ـو.ت لازم بأقرب فرصة اقول لبابا واللى يحصل يحصل.
ولجت إليهم “لارين” وبابتسامة واسعة قالت: أنتى مت عـ.ـر.فيش كنتى وحشانى قد ايه والبيت حقيقي كان وحش أوى من غيرك ياروزا كنتى عاملة حس وروح حلوة لينا وللبيت بقولك ايه ما تطلقى واقعدى معانا أحسن بلا جواز بلا نيـ.ـلـ.ـة يعني خدوا ايه من الجواز غير مسح وترويق وطبخ وعسل مواعين وهدوم وتراب وقلة قيمة وبكرا لما تخلفى هيطلع عين اللى جبوكى وفى الأخر مش هتعجبى البيه ولو قصرتي معاه هيعمل من الحبه قبه فالأحسن تلحقى نفسك من دلوقتى وتخلعى.
دفعتها “نازلي” بكتفه وقالت بغضب : بس ياحـ.ـيو.انه عايزة اختك تطلق بعد جوازها بشهر ونص كويس أن رائف مسمعكيش.
لارين بلامبالاة: رائف مشى ياختي من شوية وقالي خلي اختك تبقى تكلمني على الفون.
ابتسمت “فيروزة” بسعادة قائلة: بجد مشى.
ضحكت “لارين” بخفة: شكلك ماصدقتى أنه خلع باين عليه كان كاتم على نفسك.
فيروزة: مش كدا أصل لو فضل هنا مش هيسبني وهيفضل لازق فيا .
نازلى بابتسامة: يابت بيحبك عشان كدا مش عايز يبعد عنك.
لاوت فمها وقالت بسخرية : اه بيحبني أوى ثم همست بصوت غير مسموع من كتر حبه فيا جـ.ـسمي بقا عامل زي اللى داس عليه قطر صحيح اللى ميعرفش يقول عدس.
******************************
بعد ساعتين..
أخذت تتصفح هاتفها وهى تسير بمر القصر فأرتطمت بشئ صلب جعل توازنها يختل فكادت أن تسقط من أثره لكن منعها من السقوط تلك اليد القوية، تسارعت نبضات قلبها عنـ.ـد.ما رفعت عيناها الفيروزية تنظر إلى ذاك الشخص، فقالت بدهشة: مستحيل دا أنت.
أبتسم ثغره لتظهر تلك الغمازة على وجهه الجميل فقال:
– أنتى تانى يا فيروزة والله صدفة حلوة بس بتعملى أيه هنا.
أجابته بـ.ـارتباك من نظراته التي تخترقها قائلة: ده بيت أهلى أنت اللى بتعمل ايه هنا.
عمران: جاى فى شغل لسيادة اللواء.
فيروزة: جاى لبابا هو أنت بتشتغل معاه.
أجابها عمران بدهشة: هو اللواء عامر بيكون والدك.
أومأت رأسها بهدوء فأكمل هو: بجد مكنتش أعرف أنه عنده بنات بالجمال المميز ده.
أرجعت شعرها الذهبي للخلف وقالت بصوت مهزوز وقلب نابض لا تعلم لما ينبض هكذا بوجوده:
– اممممم هو حضرتك قبلت بابا ولا لسه.
عمران: لسه .
فيروزة: امال واقف هنا ليه.
عمران: جتلى مكالمة مهمه عشان كدا اضطريت ابعد عن جوا واجى ارد هنا.
أردفت فيروزة بأبتسامة لطيفة: ماشى ياسيدي هسيبك أنا تروح تشوف بابا عن أذنك.
جاءت أن تذهب لكنه أمسك كفها الناعم قائلاً: ينفع لما أخلص مع سيادة اللواء نقعد نتكلم مع بعض شوية.
أبتعدت عنه بخجل: لو خلصت بدري معاه مفيش مشكلة.
بعد لحظات كانت جالسة بأحضان جدتها التى قالت بحنان: طمنيني عليكي مبسوطة مع جوزك ولا لأ.
أردفت “فيروزة” بتوهان: تقدرى تقولى أنى عايشة معاه عادى ياتيتا ولا مبسوطة ولا حزينة حاسة أن مفيش فيا روح.
الجدة بقلق: هو بيعملك وحش أو بيمد أيده عليكي.
كادت أن تنطق لكنها صمتت عنـ.ـد.ما تذكرت تهديده لها
فتحدثت بهدوء: أبدا هو كويس معايا المهم طمنيني عليكي انتي بتاخدى بالك من صحتك ولا بتطنشى .
الجدة: اه ياحبيبتي باخد بالى كويس وبعدين مرات أبني نازلي ربنا يبـ.ـارك لها وفى صحتها ويرزقها الراحة والسعادة دايما مش مخلياني محتاجة أى حاجة وبتاخد بالها مني كويس.
فيروزة بابتسامة: أمي اصلا مفيش منها أتنين ربنا يبـ.ـاركلنا فيها.
اقترب منها أخيها “عمر” وقام بمسك خديها قائلاً بمرح:
– خدودك دى و لا خدود أرانب حلوة ومقلبظة.
ضـ.ـر.بته على يديه قائلة بضيق:
– أبعد يارخم خدودى و.جـ.ـعتني وبعدين ما أنت عندك خدود مقلبظة زيي.
جلس بجانبها: بس مش حلوة زى اللى عندك وبعدين يابت ايه الحلاوة دى كلها جيباها منين .
اردفت الجدة بابتسامة مرحه: من أمك ياخفيف .
عمر :أمى تصدقى صح أساسا فيروزة الوحيدة اللى فينا تحسيها نسخة من ماما حتى لون عينياها نفس لون عين ماما مع أن المفروض أن أحنا نطلع شبهها عشان هى مخلفانى.
نظرت الجدة لفيروزة: والله فعلا اللى يشوف فيروزة يقول أنها نازلي الصغيرة واللى يشوفها يقول انها بـ.ـنت نازلي بجد.
عمر: ينفع كدا خدى كل الجمال لوحدك ومسبتيش ليا شوية.
ضحكت روزا بخفة قائلة: عمر حبيبي أنت حصل لمخك حاجة، بجد والله نفسي أدخل جوا دmاغك دى وأعرف مين اللى لعبلك فيها.
عمر: يابـ.ـنتي دى دmاغ متكلفة اه وربنا مش محتاجة لحد يعني.
********************************
فى غرفة خالد وزوجته فكان الباب غرفتهم مفتوح قليلاً.
تحدث خالد بغضب: عارفة يعني ايه اتقفلت منك يعني مهما عملتي او جبتى حتة من السما مش هرجع تاني زي الأول معاكى ومش همشى ورا كلامك، مش عشان أنا وحش وقلبي اسود لأ ده عشان قبل ما أوصل للمرحلة دي اديتلك بدل الفرصة ألف وقولت هتتغير مع الزمن و اديتلك مبررات ما اديتهاش لنفسي وعديت ليكي مواقف ما تعديش وياما جيت على نفسي علشان خاطرك لكن متستهليش، هتفضلى طول عمرك أنسانه عندها نقص وقلبها أسود من جحيم جهنم، أنتى مش شايفة نفسك بقيتي عاملة ازاى أنا حاسس أني عايش مع شيطانه مش بنادmة.
نادية بضيق: أنت بتزعقلي كل دا عشان ايه ها عشان أخوك وعياله اللى ميستهلوش.
خالد: كفاية بقا حـ.ـر.ام عليكي عايزة ايه من أخويا تانى مش كفاية اللى عملتيه زمان ابعدى بقا عنهم وسبيهم فى حالهم.
نادية بحقد: لا ياخالد مش هسيبهم أنا لازم أدmرهم وأخد منهم كل حاجة وأخلى عامر يمـ.ـو.ت بحسرته على عياله.
أمسكها من ذراعيها بقوة وقال بغضب: عارفة لو قربتي منهم يانادية والله لاقــ,تــلك.
دفعته بعيد عنها بعنف قائلة: دلوقتى هتعمل فيها راجـ.ـل ياخويا وخايف عليهم مش كفاية عملتلك السوداء زمان بعد ما رمـ.ـيـ.ـت البت فى الملجأ و اتفقنا أننا نجيب جثة طفلة بدلها وحرقنا الأوضة اللى فيها وبقت جثة مشوهة علشان محدش يتعرف عليها.
أسكتتها صفعته الدmوية قائلاً : أخرسى وإياكى أسمعك بتقولى الكلام ده تاني بسببك أنتى رمـ.ـيـ.ـت بـ.ـنت أخويا فى الملجأ واشتركت معاكى فى الجريمة البشعة دى مش عارف أزاى أنا عملت كدا ومشيت وراء كلام حرمه بشعة زيك.
نادية بصوت عالٍ وغضب: دلوقتى بقيت أنا اللى وحشه لو أنت كنت راجـ.ـل بصحيح وبتخاف على أخوك مكنتش سمعت كلام الحرمة دى لكن الكلام كان على هواك ياأستاذ وبعد دا كله روحت خدته وخليته يتبنا بـ.ـنته قال ايه مهنش عليك أن هى تتربى فى ملجأ وبعيد عنكم بجد أنت أستاذ شاطر دا المفروض الشيطان يقوم يسقفلك على أفعالك الوسـ.ـخة.
جلس على المقعد بتعب شـ.ـديد وهو يقول: أنا فعلا أنسان حـ.ـيو.ان ومش راجـ.ـل عشان خليت أخويا وبـ.ـنته يعانوا لحد دلوقتى أنا خليت أخويا لحد دلوقتى فاكر أن بـ.ـنته مـ.ـا.تت لكن هى عايشة وسطنا وقدام عينيه.
قاطعهم صوت مصدوم ظهر من خلفهم: قصدك ايه بالكلام دا يعني كارما لسه عايشة.
ففاضت دmـ.ـو.ع العين مني صبابة على النحر حتى بل دmعي محملي…
نظر إليهم “طارق” بذهول لما سمعوا من أبيه فقال بصدmة: مستحيل اللى بتقوله ده يعنى ايه فيروزة هى كارما طب ازاى ده حصل صحيح أن هى فيها شبه كبير من مرات عمي بس قولت عادى فى ناس كتير شبه بعضها ومش شرط يكون فى صلة قرابه أزاى لا اكيد بتكدبوا.
تحدث “خالد” بحـ.ـز.ن: أيوة يابني فيروزة هى نفسها كارما بـ.ـنت عمك ..زمان أنا وأمك خدنها لما كان عندها شهور وحطيناها فى الملجأ عملت كل ده بسبب كرهي لاخويا اللى امك كانت السبب فيه فضلت تبخ سمها فيا لحد ما بقيت أحقد عليه واقول أشمعني هو بيملك كل حاجة وأنا لأ لأن بابا كان كاتب كل حاجة بأسمه ولحد دلوقتى مرضيش يديني ورثي خايف لاضيعه فقررت أنتقم منه على حرماني من حقي..أنا اللى ولعت فى أوضة الأطفال بعد ماخدت فيروزة من سريرها وحطيت طفلة مـ.ـيـ.ـتة مكانها كنت جايبها من المشرحة وبعد ماعملت كدا ولعت الأوضة وده غير أني بعتت رسالة من رقم مجهول بأن حد من أعدائه هو اللى عمل كدا .
تحدث “طارق” بصدmة اكبر:
-انتو يابابا تعملوا كدا وفى مين فى أخوك تحرمه من بـ.ـنته وتخدعه أن هى مـ.ـيـ.ـتة وهى لسه عايشة وفيها الروح أزاى هان عليك أخوك تعمل فيه كدا بجد أنا مصدوم فيك..
خالد بنـ.ـد.م: ما أنا مستحملتش اللى عملته فروحت أقنعته بأن هو يتبنى طفل من الملجأ ولما روحنا هناك خليته يختار فيروزة علشان مشيلش ذنب أكبر وعلى الاقل أهى تتربى فى وسطنا من غير ما يعرف أنها من لحمه.
التمعت عين “طارق” بالدmع ليقول:
– لا برافو عليك أنت أزاى كدا حضرتك واخد بالك من كلامك أنت عارف أنت عملت ايه بسبب طمعكم فى الورث دmرته فيروزة عارف هى كانت بتحس بأيه وهى عايشة معانا دى مفكرة أن أنتم متفضلين عليها مع أن ده من حقها بسببك هى حاسه نفسها يتيمة وأنها متستحقش تعيش طبيعية زينا أو أن هى تعمل حاجة بمزاجها بسببك خليت أخوك يفرق بينها وبين أختها لمجرد أن هو فاكر أنها مش بـ.ـنته من لحمه ودmه بسببك دmرت روح مالهاش ذنب فى جشعك وحقدك….أنا لازم أعرف عمي بالحقيقة كفاية لحد كدا لعب .
اقتربت منه “نادية” سريعاً لتقول بغضب: أياك تقول حاجة لعمك أنت سامع.
طارق بنفس الغضب: لا مش سامع تعرفى ليه لأنك أساس المشاكل اللى أحنا فيها مش كفاية خليتى وليد يخطبها ويرسم عليها أنه بيحبها علشان يكـ.ـسرها ..نظرت إليه بصدmة ليكمل هو: دلوقتى عرفت وليد طالع لمين.
أمسك يديه “خالد” بإرهاق: استنى ياطارق أرجوك متقولش لعمك حاجة دلوقتى.
طارق: ايه اللى بتقوله ده أنت لسه مُصر على القرف ده أنت ايه يأخى لا يمكن تكون أخ أو أب عمرى ماشوفت حد كدا .
أردف “خالد” بتوسل: بص هعملك كل اللى عاوزه و أوعدك أنى هقول لعامر على كل حاجة بس بلاش أنت تقوله.
طارق بعدm صبر: هتقوله أمتى.
خالد: يومين بالضبط هجهز نفسي كويس عشان أعرف أواجه بالحقيقة وكمان بالأدلة.
طارق: ولو مقولتش.
خالد: وقتها أبقى أعمل اللى يريحك.
صاحت “نادية” بصوت مرتفع: لا ياخالد مش هسيبك أنت وابنك تهده كل اللى بنيته مش هسيبكم تدmروني مستحيل أخليكم تعملوا الكلام ده.
نظر إليها طارق بحـ.ـز.ن: بجد أنا حزين أني عندي أم زيك
أنتى مفيش فى قلبك رحمة أنا فعلا كنت مخدوع فيكم ومكنتش أعرف أنكم بالقسوة والسواد ده كله.
********************************
أردف “عمران” بغضب: يعني ايه ياسيادة اللواء الكلام ده أنت سامع اللى بتقوله.
عامر بضيق: مكنش قدامي حل غير ده ياعمران.
أخذ الغرفة ذهاباً وأياباً وهو يشعر بالضجر فقال بعدm تصديق: حضرتك واعى للى بتقوله أنت رمـ.ـيـ.ـت بـ.ـنتك فى النار ووديتها لحد المـ.ـو.ت برجليها …بجد أنا مش مصدق أن حضرتك تعمل كدا واحنا من أمتى بنستخدm حد من عيلتنا فى شغلنا.
نظر إليه “عامر” بحـ.ـز.ن: أنا جايبك هنا علشان تساعدني ونشوف حل فى المصـ يـ بـةدى .
تحدث “عمران” بضيق:مش عارف الصراحة ايه العمل هو حضرتك أصلا متخيل ايه موقف بـ.ـنتك فيروزة لما تعرف أنك أستغليتها فى شغلك ومجوزها لزعيم مافيا أنت متخيل رددت فعلها هتكون عاملة أزى .
تحدث “عامر” بيأس: بالله عليك متزودها عليا.
عمران: أنا مش بزودها عليك بس حقيقي أنت دmرت بـ.ـنتك بعملتك دى ياسيادة اللواء.
عامر بحـ.ـز.ن: أنا عارف أنى غلطت .. وماصدقت لاقيتها فرصة لما هو أتقدm ليها بس خايف عليها ليأذيها.
أردف “عمران” بسخرية: دلوقتى خايف ومكنتش خايف عليها لما جوزتها له بجد حضرتك صدmتني فيك دا أنت مثل لكل الضباط عندنا فى المخابرات والكل يتمني أنه يبقى بذكاء وقوة حضرتك وكلنا بـ.ـنتعلم منك أزاى نصحح أخطأنا تيجي حضرتك وبكل بساطة تغلط غلطة العيل الصغير ميعملهاش.
عامر بزهق: ماخلاص ياعمران هو أنا جيبك عشان تقطم فيا هتساعدني ولا لأ أخلص.
نظر إليه الأخر بضيق ليقول: هساعدك مش علشانك علشان فيروزة اللى بسببك هتعاني لما تعرف أن جوزها واحد قـ.ـا.تل والصدmة الأكبر لما تعرف أنك عارف بكدا ورضيت بالوضع ده رضيت بأن مستقبلها يدmر لمجرد أنك أستعملتها طعم حلو للقضية اللى بتحقق فيها كان عندك طرق تانية كتيرة لكنك أخترت الأسهل …على العموم أنا هحاول أتصرف متشغلش بالك أنت .
تنفس بإرتياح قائلاً: كدا أنا أطمنت أن بـ.ـنتي مش هيجرالها حاجة.
نظر إليه “عمران” بغموض ثم قال: متقلقش عليها اقلق على نفسك لما هى تعرف وأبقى حضر الكلام اللى هتبرر بيه عملتك ياسيادة اللواء…هب واقفاً من مكانه وهو يشعر بالاختناق لما حدث فقال وهو يذهب إلى الخارج: – عن أذن حضرتك أنا ماشى لو حصل أى حاجة كلمني.
عنـ.ـد.ما خرج من غرفة المكتب وجد “فيروزة” تتقدm منه وهى تحمل بيديها صينيه بها فنجانين قهوة، بينما هى شعرت بخفقان قلبها فور رؤيته التى تسعدها لا تعلم لما هذا الارتباك الذى أصابها فجأة، لكنها تشعر بشعور رائع يمتلكها كلما مر طيفه من أمامها تشعر وكأن الفراشات أتت لترفرف فوقها بسعادة، فأبتسم ثغرها برقة عنـ.ـد.ما تذكرت أول لقاء بينهما لتتسأل بداخلها هل ما تشعر به حب أم مجرد إعجاب؟ ..تلاشت أبتسامتها و قطبت جبينها بأستعجاب لرؤية عيناه تشع بالاحمرار دليلاً على أنفعاله وغضبه فقالت بصوت رقيق: عمران أنت رايح فين أنا عملتلك القهوة.
نظر إلى عمق عينيها بألم فهو للتو علم بأنها زوجة وملك لغيره وأكثر ما يقهره بأن تلك الزيجة ستكون دmار لها يود لو يأخذها بين أحضانه ويخبئها عن عيون العالم ويحميها من أى أذى تتعرض له فاق من شروده على نبرة صوتها القلقة: عمران انت كويس حصل بينك وبين بابا حاجة.
أردف عمران بحـ.ـز.ن: أنا كويس يافيروزة.
فيروزة: شكلك مش مطمنى وبعدين أنت لحقت تخلص شغل مع بابا.
عمران بسخرية: اه لحقت اصل شغل اللواء مش محتاج لوقت كبير حتى يخلص.
نظرت إلى فنجان القهوة ثم إليه فقالت بحـ.ـز.ن: يعنى هتمشى وتسبني طب القهوة اللى عملتها علشانك.
أقترب منها أكثر ونظر إلى فيروزتها المطفيه ولكنها مازالت جميلة كما هى، ليلمح تلك الدmعة اللامعة بداخلها فقال بحنان:
– أوعدك أننا هنقعد قريب مع بعض وكتير أوى ونشرب قهوة من أيدك الحلوة دى وسعتها مش هسيبك .. صمت لوهلة ثم أضاف قائلاً بهدوء: فيروزة هو جوزك بيعملك حلو يعني قصدى بيحبك وأنتى بتحبيه .
حدقت به بدهشة من سؤاله الصريح فقالت بتـ.ـو.تر:
– اه ..لكن ليه بتسأل السؤال ده.
أجابها عمران: عادى مجرد سؤال المهم أتمنى أنك تكوني سعيدة فى حياتك ..رفع يديه لينظر إلى سعاته فقال بتسرع: طب استأذن أنا مضطر أمشى.
أؤمـ.ـا.ت رأسها إليه بهدوء ليتركها بمفردها تنظر لأثره بحـ.ـز.ن..سارت بخطوات مثقلة إلى غرفة المكتب فطرقت الباب عدة طرقات فأذن لها والدها بالدخول..
أقتربت منه فرأته يهم على الخروج تقدmت منه بضع خطوات وهى عازمة على أن تخبره بأمر ذاك المدعو رائف زوجها فقالت بتـ.ـو.تر :
– بابا ممكن أتكلم مع حضرتك شوية.
كان يقلب بين تلك الدفاتر التى بين يديه فقال متسرعاً : معلش ياروزا أنا مشغول دلوقتى نبقى نتكلم بعدين.
فيروزة: لكن يابابا الموضوع مهم أوى ولازم حضرتك تسمعني.
وضع الأوراق على المكتب واقترب منها ثم قبل رأسها وقال بأبتسامة: حبيبة بابا موضوعك يتأجل لبعدين علشان أنا حرفياً مش فاضي وأول لما أفضى نبقى نتكلم مع بعض زى ما أنتى عاوزه.
نظرت إليه بعيون يأسه فقالت بحـ.ـز.ن: أرجوك أسمعني لازم تعرف ايه اللى بيحصل معايا.
أبتعد عنها “عامر” وهو يفتح باب المكتب فقال:
– وبعدين معاكى بقا ياروزا أنا قولتلك مشغول مش بتفهمي كلامي ليه وبعدين أختك محتاجانى دلوقتى ضرورى هروح ليها علشان أشوفها عايزة ايه وبعدين نبقى نشوف حكايتك.
فيروزة: بس يابابا …لم يدعها تكمل حديثها ليقول بحزم: فيروزة خلاص خلصنا مش ناقص عطله هى..ثم خرج من الغرفة ليتجه إلى غرفة أبـ.ـنته الصغيرة “لارين”..أدmعت عينياها بحـ.ـز.ن لما هى عليه ولرفض والدها بأن يسمعها ولج إليها ذاك السمج بعد ما أستمع إلى حديثها وهو يبتسم لها ويرمقها بنظرات لا تبشر على خير، بينما هى شعرت بأختناق رئتيها عنـ.ـد.ما وجدته ينظر إليها هكذا .
أقترب منها بحذر ليقف أمامها ببرود ليمد يده ليمسد على شعرها فقام بقطع خصلة منها وهو يقول:
– زى الشاطرة كدا قوليلى الحلوة كانت ناوية تقول ايه لأبوها.
ابتلعت ريقها بخـ.ـو.ف فقالت بتـ.ـو.تر: أبدا مكنتش هقول حاجة يارائف وبعدين أنا كنت بتكلم مع بابا عادى أصله وحشنى الكلام معاه مش أكتر.
تحدث “رائف” بحده: ياسلام والمفروض بقا أصدق الكلام ده صح.
أبتعدت عنه بخـ.ـو.ف وأتجهت إلى باب الغرفة وقالت:
– صدقني والله ما قولت حاجة.
رائف: ماشى يافيروزة أتفضلى يلا قدامى خلينا نروح ونبقى نشوف الموضوع ده فى البيت ياهانم..يلااااا.
فزعت من مكانها لتفر هاربة من أمامه.
بعد مرور ساعتين فى شقة رائف..
كانت تجلس فيروزة على طرف الفراش وهى تهز قدmيها بخـ.ـو.ف فسمعته يقول بغضب: عارفة يافيروزة المرادي مش هضـ.ـر.بك زى كل مرة لا أنا هعمل حاجة أوحش تخليكي بقية عمرك تفكري مية مرة قبل مـ.ـا.تنطقي بحرف واحد عني.
تحدثت بخفوت يكاد يسمع فقالت خائفة: هتعمل ايه يارائف حـ.ـر.ام عليك بقا يااخى أنت ايه معندكش دm ما بتحسش.
أردف رائف ببرود: ايه ده هو أنتى مكنتيش تعرفى أني بـ.ـارد ومعنديش دm .
فيروزة بدmـ.ـو.ع: أنت ليه بتعمل معايا كدا أنا عمري مااذيت حد ولا أذيتك ليه بتنتقم مني ليه .
رائف بجمود: ليا تار قديم عند أبوكى ولازم أخده منه.
نظرت إليه بعيون مجهدة فقالت: تار ايه اللى بتتكلم عنه .
التفت ينظر إلى عينيها بألم مرير قائلاً بغضب:
– عايزة تعرفى تار ايه أبوكى ياهانم قــ,تــل أخويا وهو فى عز شبابه وحرمه أنه يعيش حياته ويتجوز حبيبته بسبب أبوكى أخويا مـ.ـا.ت وأتحرمت منه وأنا عمري ما هسيب حقه مهما حصل وانتقامي منه هيكون فيكي أنتي يامراتي الغالية أوعدك لخلى أبوكى يعيش أيام سودة ويمـ.ـو.ت بحسرته عليكى .
فيروزة: وأنا ايه ذنبي بده كله .
رائف بغضب: ذنبك أنك بـ.ـنته يافيروزة بـ.ـنته عرفتى ايه ذنبك.
أبتسمت بو.جـ.ـع والتمعت عينيها بالدmـ.ـو.ع مرة أخرى فقالت: بـ.ـنته ومين قالك أنى بـ.ـنته أنا مجرد أبنه بالتبنى أنت ماخدتش بالك أن هو أصلا رامى طوبتى ومش فارقة معاه يعنى مهما تعمل فيا وتأذيني مش هيتهز شعره واحدة منه متهيألي لو مت محدش هيزعل ولا هيفرق معاه مـ.ـو.تي يارائف فياريت تبعد عني وكفاية أوى لحد كدا.
رائف بهدوء: ومين قال أنك مش بـ.ـنته على العموم كلامك ده مايفرقش معايا بأى حاجة.
وقف أمام المرآه لينثر عطره وعدل خصلات شعره ثم أستدار لها قائلاً: أنا خارج ولو فكرتي تعملي حاجة كدا ولا كدا يبقى متلوميش إلا نفسك.
أقترب منها وهو يقبل مقدmة رأسها لتبتعد عنه بأشمئزاز ليقول هو بسخرية: خلى بالك من نفسك ياروزا ومـ.ـا.تفتحيش لحد لأحسن تتخـ.ـطـ.ـفى.
أول ماخرج من الغرفة بصقت عليه بضيق ثم وضعت يديها على معدتها التى تؤلمها وتشعرها بالغثيان فهى لم تتحمل رائحة عطره التى تكرهها بشـ.ـدة، لم تستطيع التحمل أكثر من ذلك لتركض إلى الحمام وهى على وشك الغثيان بعد ثوانٍ غسلت وجهها بالماء البـ.ـارد وهى تشعر بالارهاق والتعب، حدقت بالمرآه وهى تنظر إلى أنعكاس صورتها لتجد نفسها أصحبت أقل وزناً عن ذى قبل وعينيها اللامعة أصحبت مطفيه ووجهها شاحب يميل إلى اللون الأصفر صعقت من هيئتها المخزية…خرجت من المرحاض وهى تفكر فى شيئٍ ما أقتربت من حقيبتها الصغيرة لتخرج منها أختبـ.ـار حمل فقد أستغلت وجودها عند أهلها واشترته من الصيدلية فهى لاحظت تعبها كثيراً فى تلك الفترة وشكت بوجود حمل بسبب الأعراض التى تشعر بها لكنها خائفة أن يكون هناك حملاً، ثم أتجهت إلى المرحاض مرة أخرى بعد مرور بضع دقائق كانت جالسة على أرضية المرحاض تمسك بيديه ذاك الاختبـ.ـار الذى أكد لها حملها.
أخذت تبكي بشـ.ـدة حتى ألمتها حنجرتها ومازالت عينيها تنهمر بالدmـ.ـو.ع الهسيتيرية وكأنها قدر يغلى بداخلها.
*************************************
كان يجلس وحيداً حزيناً فى حديقة القصر يفكر فى تلك التى سلبت عقله وكيانه، يشعر بالحـ.ـز.ن يفتك بقلبه لعلمه بأنها زوجه لغيره، أستغفر ربه فى سره على تفكيره بها وهى لا تحل له، رفع رأسه ليجد أخته الصغيرة تقترب منه أبتسم بخفه على هيئتها التى تبدو طفولية قليلاً فكانت تجمع شعرها البني على هيئة قطتين .
تحدثت “روفيدة” بأبتسامة وهى تجلس بجواره قائلة: -أبيه عمران قاعد لوحدك كدا ليه.
أجابها الأخر قائلاً: عادى يافوفه وبعدين أنتى ايه اللى مصحيكى لحد دلوقتى مش عندك جامعة بكرا.
نظرت إليه بملل فقالت: مش جايلي نوم ياأبيه .
عمران: عارف أن دى أول سنه ليكي وهتكون صعبية شوية بس أنتى قدها وقدود.
روفيدة : ولا صعبة ولا حاجة وبعدين أنا صحبت بناااات كتيييير أوى ومنهم بـ.ـنتين حلوين ومحترمين أرتحت ليهم أكتر ودا غير أن هما عزموني على فرح أخواتهم وأنا حابه أروح.
عمران: خلى بالك ياروفيدة مش أى حد تصحبيه وبعدين فرح ايه اللى هتروحيه وأنتى أصلا لسه مت عـ.ـر.فيش طبع البنات دى ايه ولا أهلهم مين عشان تديهم الأمان بالشكل ده.
رددت عليه بحماس: متقلقش ياحبيبي أنا بردو مش بصاحب أى حد والبـ.ـنتين دول واحدة أبوها لواء والتانية بـ.ـنت عمها.
نظر إليها “عمران” ثم قال متسائلاً: ممكن حضرتك تقوليلى أسمائهم ايه عشان أسأل عليهم وأعرف ولاد مين و اطمن عليكي وأبقى عارف مين البنات اللى مصاحبهم .
روفيدة: لارين وسهر.
عمران: على أساس أنا كدا عرفتهم مـ.ـا.تقولى يابـ.ـنتي اسمهم كامل .
روفيدة: لارين عامر الجارحى وسهر أحمد الجارحى هما دول اللى بقوا أقرب أتنين ليا فى الجامعة عشان بحسهم شبهنا.
أبتسم بخفة قائلاً: زين ما أخترتى من الصحبة أنا عارف اللواء عامر كويس وهو بيكون مديري فى الشغل.
رفيدة بسعادة: بجد ياابية يعنى كدا هقدر أروح الفرح صح.
عمران: صح ودا لأن ياأستاذة روفيدة أنا كمان معزوم.
مدت يديها بحماس قائلة: طب شخشخ أيدك بقا على مبلغ محترم علشان أجيب فستان حلو وشيك يلايق بروفيدة المنشاوي.
رفع حاجبه الأيسر ثم قال: شخشخ ألفاظك يافوفه وبعدين يابت أنتي مش لسه من يومين واخدة منى الفين جنية علشان تجيبي فستان لعيد ميلاد صحبتك هو أنتى كل ما تلاقى مناسبة تستغليني بالشكل ده.
نظرت إليه “روفيدة” بحـ.ـز.ن مصطنع ومتقن:
– امال أطلب من مين أنا وبابا مـ.ـيـ.ـت وماليش حد غيرك أطلب منه ولو ياأبيه أنا و مصاريفي تقال عليك مش هطلب منك تانى وهنزل أشتغل.
ضـ.ـر.بها بخفه على رأسها وقال بنبرة حزينة: بقا أنتى تقيلة عليا ياريت حمل الدنيا بتقلك ياروفيدة وبعدين أنتى بـ.ـنتي اللى مربيها مش أختى و متنسيش أنك أول مااتولدى وأنا اللى شيلتك بين أيديا وسمـ.ـيـ.ـتك ومن وقتها بقيتي مسؤلة مني وأى حاجة نفسك فيها ياحبيبتي أجبهالك بدون تردد أنا معنديش أغلى منكم أنتى وهدى وماما وأبنى سفيان…وأنا هنا مكان بابا الله يرحمه ومن بكرا يكون عندك أحلى فستان ولو محتاجة أى حاجة تانية أنا تحت أمرك بس متقوليش الكلام ده تانى بلاش تزعليني منك.
ضمته “روفيدة” بحب أخوي قائلة: أنت أحسن أخ فى الدنيا ياعمران بجد أنا فعلاً بعتبرك أبويا ويوم ماعيني أتفتحت تشوف الدنيا كنت أنت أول واحد شوفته فى حياتي كنت دايما ليا الأب والأخ والسند .
ضمها بين ذراعيه وهو يقبل مقدmة رأسها بحنان ثم أبتعد عنها قليلاً: يلا ياقلب أخوكى روحى نامى كفاية سهر لحد كدا.
رفعت رأسها ورمقته بتسأل: وأنت مش هتنام.
عمران: هقوم أنام أنا كمان عشان عندى شغل بكرا.
روفيدة: طب يلا خلينا نطلع سوا.
عمران: يلا يافوفه هانم.
فى مكان أخر
نشعر أحياناً برغبة في الكلام، لكننا نخاف، نخاف من ردة الفعل، نخاف أن نسمع كلمـ.ـا.ت بـ.ـاردة تضاعف أوجاعنا، نخاف أن يخبروننا “بتهون”، نخاف من بحّة أصواتنا ورجفة أيدينا، ونخاف من وصول الدmعة عند أطراف أعيننا، نخاف أن يُساء فهمنا أو أن نُفهم بطريقة بشعة أو يعجزون عن فهمنا حتى.. نوَد أن نتكلم لكنّ الخـ.ـو.ف يسيطر علينا وبشـ.ـدة لذلك نصمت ونصمت طويلاً..
دخلت “هدى” إلى غرفتها بعد أن أطمئنت على أطفالها فهى فتاة فى الثامن والعشرون من عمرها والأخت الثانية “لعمران المنشاوي”، فهى متوسطة الطول بجسد متناسق وذات شعر أسود غزير يصل إلى منتصف ظهرها، توجه بصرها إلى زوجها النائم بكل عمق فزفرت بيأس قائلة وهى تدنى منه:
– أنت لحقت تنام أنا قولتلك هبص على عيالك وهجيلك على طول ومكملتش عشر دقايق….تنهدت بضيق فأكملت حديثها بحـ.ـز.ن:
– هو ده اليوم اللى كنت هتقضيه معايا…أنت طول اليوم قاعد برا مع أصحابك ودلوقتى أتزفت نمت ولا كأن فى بنادmه عايشة معاك هو ده حق ربنا اللى بتدهولي ولا هو الفسح والهزار والضحك والفرفشه برا مع الكل وعندى انا تصدرلي وش الخشب وتكشر فى وشي وتقولي أصل أنا تعبان..اقتربت منه أكثر وهزته فى كتفه بقوة ليفزع من نومه وهو يبربش بعيناه الناعسة ليقول:
-فى ايه ياهدى حصل حاجة للأولاد.
أردفت بحنق قائلة: – لا محصلش ليهم حاجة وهما أصلا نايمين.
تنهد بإرتياح ثم قال بأرهاق:- أمال بتصحيني ليه ياهانم عايزة من أمى إيه.
تحدثت “هدى” قائلة:- هكون عايزة ايه يعنى عيزاك تقوم تقعد معايا يارامى زى ما وعدتني أمبـ.ـارح وبعدين أنا بقالي كتير مابشوفكش ولا بتقعد معايا.
مسح وجهه بيديه الغليظة وهو يقول:
– وأنا عايز أنام والصراحة مش فايقلك ولا فايق لنكد النسوان بتاعك نهائياً.
نظرت إليه بصدmة لتقول: – دلوقتى مش فايقلي وبقيت كمان نكدية أمال ياخويا فايق لأصحابك الفاشلين اللى مقضينها سهر على القهاوي ومورهمش شغل ولا مشغلة.
تحدث بصوت مرتفع نسبياً وقال بحده:
– هدى لمي نفسك ومش عايز طولة لسان وبعدين أنا تعبان وعايز أتخمد علشان عندي زفت مأمورية بكرا.
جذبت الغطاء من عليه وأغلقت المكيف ثم قالت بضيق:
– لا يارامى مفيش نوم ومش هتعمل زى كل يوم تنام كدا وتسبني أخبط دmاغي فى الحيطة أنا ليا حق عليك.
زفر بضيق ثم نهض من مكانه وأمسك المنضدة وقال بزهق:
– أنا قايم وسيبهالك هطلع أنام برا وياريت مشوفش خلقتك أنتى سامعة.
هتفت “هدى” بحـ.ـز.ن قائلة: -لا يارامى مش سامعة وقف هنا وكلمني زى ما بكلمك أنت ليه بتعاملني كدا وكأني جارية عندك.
أمسك يديها وهز بعنف: – أنتى ايه ياشيخة الواحد زهق منك دى ما بقتش عيشة أنا غلطان من الأول أني أتجوزت واحدة زنانة زيك فعلاً على رأي أمى عيشتك معايا كانت غلط.
ترقرقت الدmـ.ـو.ع فى عينيها بألم مرير لتقول بذهول:
– ايه أنت قولت ايه عيشتك معايا كانت غلط .
نظر “رامى” إلى هيئتها المنصدmة فلم يرق قلبه لحالها أو أنه يشفق عليها ليكمل حديثه بغضب:
– اه ياهدى غلط وستين غلط كمان أرتحتى.
أنهمرت الدmـ.ـو.ع المالحة على وجنتيها وقالت بألم يؤخز قلبها:- أنت بنأدm أناني وناكر للجميل ومابيطمرش فيك أى حاجة ده أنا كنت ساكتة وحاطة فى بوقي جزمة ومستحملة قرفك وخيانتك ليا ودلوقتى جاى تقولي عيشتك معايا كانت غلط من الأول بقا ده جزاتي فى الأخر.
تحدث رامى بصدmة:- أنا ياهدى أنا بخونك مين اللى قالك كدا وأنتى صدقتى كلامه
بينما هى صاحت بصوت عالٍ قائلة:
– اه يارامى بتخوني هتنكر دى كمان نسيت أنك بتخوني مع الزفتة بـ.ـنت خالتك هيدي اللى مقضيها معاها سفر وفسح وكل لما أسألك تقولي أصل عندى مأمورية ياهدى وأنا زى الهبلة كنت بصدقك لحد ما عرفت بخيانتك من الهانم وهى بتوريني صورك معاها فى الرحلات اللى بتروحها معاها….أنا استحملت كتير وكنت بقعد أصبر نفسي وأقول معلش يابت بكرا يتعدل دى مجرد نزوة وهتروح أستحملي يابت علشان خاطر ولادك وكل مرة أقول معلش ياهدى بيتك ياحبيبتي هيتخرب وولادك هما اللى هيدmروا وأكيد هو لما يلاقي كدا هيتعدل وهيعرف قيمتي وهيحس بمـ.ـر.اته لكن أبداً مفيش حاجة من دى بتحصل…هو أنت فاكرني ايه هبلة؟
ترك المنضدة من يده وقال ببرود: – أنتى خلاص أتجننتي ومخك بقى مفوت وأنا مابقتش قادر استحمل النكد ده.
-نظرت إليه هدى بمراره من كلامه فكل مرة يتعمد أن يجـ.ـر.حها بكلامه فقالت ببكاء وبصوت غير منضبط:
– اهو ده اللى أنت فالح فيه مفيش على لسانك أنتى خلاص اتجننتي مخك بقى فى الطراوة ولا مرة بتيجي تطيب بخاطري قولي أخر مرة قعدت معايا زى أى أتنين متجوزين كان أمتى طب بلاش أخر مرة قولتي فيها كلمة حلوة أو حتى خرجتني كانت أمتى ها طب ياسيدي بلاش أنا عيالك أخر مرة قعدت معاهم وكلت و لعبت زى بقية الابهات كان أمتى…ساكت ليه رد عليا دا أنت على طول ياأخى تقولي مشغول مش فاضي هو أنتى موركيش حاجة تتشغلي بيها بعيد عني.
ظل يحدق بها دون أن يتفوه بكلمة فهى تملك الحق بكل كلمة تخرج من فمها خفض رأسه بيأس شـ.ـديد فسمعها تقول بخذلان وحـ.ـز.ن:
– أنا خلاص بقيت كارهاك وكارهه نفسي كفاية بقا لحد كدا أنا تعبت وجبت أخري دى فعلا ما بقتش عيشة يارامى أنا دلوقتى بقيت أكرهك ومش طايقة أبص فى وشك من فضلك طلقني وروح عيش حياتك زى ما أنت عايز بس بعيد عني.
صُدm من حديثها ليقول بحده:
– مش هطلقك ياهدى مستحيل أعملها.
تحدث بصوت عالٍ وغضب قائلة:
– لا هطلقني ورجلك فوق رقبتك أنا مستحيل أكمل معاك يوم واحد بعد كدا.
أردف بضيق: ماخلاص بقا ووطى صوتك علشان العيال ميسمعوش كلامك الأهبل ده.
هدى: – عيال مين ياحبيبي هما من أمتى بيفرقوا معاك بقولك ايه متجننيش أكتر طلقني لو عندك دm وسبني اروح لسبيل حالي.
رامى: وأنا قولت اللى عندي طـ.ـلا.ق مش هطلق ماشى .
هدى: ماشى يارامى وأنا مش قعدالك فيها أنا رايحة بيت اهلي وأخويا هو اللى هيجبلي حقي منك.
ذهبت من أمامه وأتجهت إلى غرفتها لتبدل ملابسها وبعد الإنتهاء أيقظت أبـ.ـنتيها الصغيرتين فكانوا توأم بملامح مختلفة بعمر الخمس سنوات.
فى الصالون كان يجلس على الأريكة ويضع رأسه بين يديه بحـ.ـز.ن، فاق من شروده على همهمت أطفاله وهى تجرهم بيديها ليهب واقفاً من مكانه سريعاً وهو يقول بذهول: – أنتى واخدة العيال ورايحة فين.
أجابته هدى بعيون حمراء منتفخة دون أن تلتف إليه فقالت بحـ.ـز.ن:
– عند أهلي لان مينفعش أقعد معاك أكتر من كدا.
رامى بتـ.ـو.تر: – أرجوكى ياهدى مـ.ـا.تمشيش عارف أني غلطان بس متبعديش ولادي عني .
نظرت إليه بنظرة تحمل الكثير من المعني فعلم على أثرها بأنه أحـ.ـز.نها بشـ.ـدة بينما قالت هى بهدوء:
– لو سمحت أنا تعبانه ومحتاجة أرتاح ولازم أمشي كفاية لحد كدا.
أمسك يديها فبتعدت عنه ليقول بنـ.ـد.م:- حاضر ياهدى هقوم أوصلك لحد أهلك بس شيلي فكرت الطـ.ـلا.ق من دmاغك فاهمة هسيبك تقعدي هناك يومين ترتاحى فيهم وتريحى أعصابك وبعدها هرجعك.
لم تجيبه بشئ فقام بأخذ مفاتيح البيت والسيارة من على الطاولة…اقترب من أطفاله وأمسك بكفهم معاً وقال بأبتسامة هادئة:- يلا ياحبايب بابي خلينا نروح عند خالو عمران.
********************************
اليوم التالى..
كان داخلي محطم تماماً، لقد سلبت روحي، لم استطع النوم، وبل اغلقت على نفسي اصبحت احب الظلام كثيراً اصبحت محادثاتي قليلة مع أهلي ومع اصدقائي لقد رأيت فراغ في داخلي، بل كنت انظر الى هاتفي واغلقه فوراً لم أَعُد انا… لقد تخلت روحي عني وذهبت للسماء اصبحُت في وقتها مجرد جثة تمشي على الارض كنت اظهر قليلاً امام اهلي لكي لا احد ينتبه ما الذي حدث لي وما كل تلك العزلة
لم يلاحظ أحد أنني اتألم، ك عادتي لا احب ان يرى احد ما في داخلي احُب الكتمان، لا احب نظرات الشفقة، بل لا احب النصائح المزيفة والصداقة المزيفة التي من خلالها يسلبون منك ما بداخلك ويهددونك به
كُنت منعزل تماماً، لم أعي ما يحدث في هذا العالم كل ذلك حصل بعد مدة طويلة من العزلة، مازلت هش ومازلت لا أعي العالم ومازلت أهرب من هذا العالم المقرف وما زلت فارغاً جداً.
وضعت المدونة بجانبها وأخذت تحتسي مشروبها الساخن، ثم وقع بصرها على هاتف زوجها الذى كان يرن أكثر من مرة فلم تبالى له ليرن مرة أخرى جذبته من على الطاولة بزهق لتجده رقم مجهول، نادت بعلو صوتها قائلة: يارائف تليفونك عمال يرن من الصبح تعالى خده.
مرت لحظات ومازال الهاتف يرن فقالت فيروزة بملل:
– مش هنخلص أحنا النهاردة . فقامت بالرد على المتصل الذى تحدث قائلاً: ايه ياعم رائف بقالي ساعة برن عليك على العموم أنا نفذت المهمة اللى كلفتني بيها و ضـ.ـر.بت نار على ابن اللواء زى ما طلبت مني و دلوقتي تقدر تترحم عليه.
أردفت “فيروزة” بصدmة: أنت بتقول ايه مين ده اللى ضـ.ـر.بته بالنار.
المجهول: مين معايا مش ده رقم رائف.
فيروزة بغضب: أيوة هو ده رقم زفت رد على سؤالي و ..قاطع كلامها رائف من الخلف وهو يجذب منها الهاتف ووضع على أذنيه قائلاً ببردو: عملت ايه ياعزوز.
أجابه الأخر: كل حاجة تمت زى ما أمرتني ياكبير ودلوقتى أنا عايز باقى فلوسي.
رائف: هتلاقي مبلغ محترم هيوصلك على حسابك دلوقتى سلام .
أقتربت “فيروزة” منه بخـ.ـو.ف وقالت بصوت مهزوز:
– كان قصده مين بأبن اللواء اللى قــ,تــله يارائف رد عليا بالله عليك متفضلش ساكت.
أمسك يديها ليقول بهدوء: أهدى ياروزا مالك خايفة كدا أنا عايزك أقوى من كدا لسه أنتى مشوفتيش أى حاجة من اللى هعملها فيكم…ليصمت لثوانٍ ثم تحدث وهو يتلاعب بأعصابها فقال بخبث هامساً بجانب أذنيها:
– عايزة تعرفى مين اللى اتقــ,تــل.
جائه صوتها الضعيف بنعم ليكمل ببرود:- أدm أخوكى أنا اللى خليتهم يضـ.ـر.بوا عليه نار وهو خارج من شغله .
أبتعدت عنه وقد بدأت عينياها تترقرق بالدmـ.ـو.ع لتقول بصدmة: لا أكيد أنت بتضحك عليا صح…ثم أخذت تضـ.ـر.به على صدره بأنهيار تام وبألم يعصف قلبها وهى تقول ببكاء: أنت ايه معندكش رحمة ليه عملنا ليك ايه علشان تعمل فينا كدا …أحكم قبضته عليها بقوة ليتحكم بجسدها قائلاً: بس كفاية أهدى بقا.
رفعت رأسها لتقول بتوسل: أرجوك قولي الحقيقة ومـ.ـا.تكدبش عليا أدm لسه عايش وأنت مقــ,تــلتهوش صح بالله عليك يارائف متو.جـ.ـعش قلبي على حد من أخواتي لو عايز روحي خدتها بس متأذيش حد منهم أنت مجرب وعارف و.جـ.ـع فقدان الأخوات بيبقى عامل أزاى فبلاش تحرق قلبي أنا كمان ..أبوس أيدك كفاية و.جـ.ـع قلب عندك أنا أعمل فيا اللى عاوزه بس بلاش أخواتي.
نظر إليها مطولاً فقد بدأ يشعر بالشفقة أتجاهها لكنه تحدث ببرود:
– دى مجرد قرصة ودن ليكى وده علشان بس فكرتى تقولى لأبوكى على اللى حصل ولو عاوزني مأذيش حد منهم تانى تعملي كل اللى هطلبه منك فاهمة.
رددت عليه “فيروزة” وهى تبكي: حاضر هعملك كل حاجة هتطلبها مني بس أدm قولي هو كويس صح.
أبتعد عنها ليخرج سيجارة من العلبة ويشعلها ويأخذ منها نفس طويل ثم نفث دخنها فى الهواء ليقول ببرود:
– هو دلوقتى فى المستشفى و لو عايزة تشوفى أخوكى وتطمنى عليه قومى غيري هدومك علشان أخدك له.
ركضت إلى غرفتها لتبدل ملابسها سريعاً …بعد مدة من الوقت وصلت للمستشفى، أقتربت من ممرضة الإستقبال بعد ما تركت زوجها يركن السيارة بالخارج وسألتها على مكان أخيها فأجابتها الأخرى قائلة: على أيدك اليمين هتلاقيه فى غرفة خمسة.
ذهبت إلى مكان الغرفة لتجد “عمران” يقف أمامها وحيداً وعلى قميصه بقعة من الدmاء، انتبه إليها فالمه قلبه من حالتها المحـ.ـز.نة ليقول بقلق: – فيروزة أنتى ايه اللى جابك هنا بس.
نظرت إليه بعيون مجهدة من أثر البكاء فقالت بحـ.ـز.ن:
– أدm هو فين أنا عايزة أشوفه ياعمران وأطمن عليه.
تحدث بصوت يكسوه بعض الإرهاق:
– أهدى أخوكى كويس متقلقيش عليه.
فيروزة: أزاى مقلقش عليه ده أخويا ومضروب بالنار.
عمران: هو أتصاب فى دراعه مش أكتر وبقى كويس ودلوقتى الدكتور أنيس عنده.
أتجهت نحو باب الغرفة وقامت بفتحه وولجت إلى أخويها، تحدث “أنيس” دون أن ينظر إلى ورائه فقال بضيق: مش أنا قولت محدش يدخل.
تحدث “أدm” بتألم من ذراعيه قائلاً: فيروزة.
أستدار أنيس بجسده إليها وقال بدهشه: روزا حبيبتي أنتى جيتى هنا امتى.
جففت دmـ.ـو.عها بكف يديها المرتعشة وقالت بقلق:
– أدm أنت كويس ياروحي.
أدm: أه ياحبيبتي متخافيش عليا ياروزا وبعدين دى أصابة خفيفة بس أنتى عرفتى منين أني أتصبت.
دخل رائف فى تلك اللحظة ليقول بأبتسامة مزيفة:
– حمدلله على سلامتك يادرش مش تاخد بالك من نفسك كويس لأحسن تمـ.ـو.ت فى مرة.
أردف “أدm” بعدm أرتياح قائلاً: – الله يسلمك وكلها أعمار بيدى الله فلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
رائف: متعرفش مين اللى عمل فيك كدا.
إجابه “عمران” الذى كان يقف جانباً قائلاً بغموض:
– متقلقش قريب أوى هيعرف مين اللى عمل فيه كدا .
أقتربت فيروزة من أدm وجلست بجانبه على طرف السرير وضمته إلى أحضانها وقالت بدmـ.ـو.ع:
– أنت متعرفش أنا كنت همـ.ـو.ت من الخـ.ـو.ف عليك لما عرفت باللى حصلك.
ربت على ظهرها بحنان ثم قال بتعب:- بعد الشر عليكي من المـ.ـو.ت يافيروزة..صمت لوهلة ثم أضاف بهمس دون أن يسمعه الآخرون:
– فى حاجة مهمة عايزك ت عـ.ـر.فيها بس مش هينفع قدامهم هنا.
تحدثت “روزا” بخفوت قائلة:- أدm أنت قلقتني فى إيه.
أبتعد عنها قليلاً لينظر إلى “رائف” ثم حول بصره إليها وقال: – حاجة عرفتها بخصوص جوزك ولازم ت عـ.ـر.فيها بس أهم حاجة تخلى بالك من نفسك اليومين دول ياحبيبتي ولو حسيتى بأى حاجة كلمينا فوراً.
فيروزة بقلق: أنا بدأت أخاف من كلامك.
قبل رأسها برفق قائلاً: متخافيش أنا جنبك دايما…بعيداً عن أني متصاب بطلقة بس عادى أحنا قدها وقدود .
أبتسمت بخفة قائلة:
ماهو واضح أنك قدها ياعسل ..هو بابا معرفش باللى حصلك ولا أى حد فى البيت.
أدm: بابا عرف وأطمن عليا وبعدها مشي لكن فى البيت محدش عرف وأنا الصراحة خايف من ردت فعل أمك وسارة وهيفضلوا يعـ.ـيطوا ومش هيسكتوا وأنا الصراحة من ناقص و.جـ.ـع دmاغ ومش فايق للحـ.ـز.ن بتعهم علشان كدا مش هرجع البيت وهروح أقعد فى شقة المعادى بتاعتي لحد ما أخف.
فيروزة: هيخافوا عليك أوى ياأدm وهيسالوا عليك.
أدm: لا بسيطة دى أنا خليت بابا يكلمهم فى البيت ويقولهم أني عندي شغل وهسافر من برا برا.
تحدث “رائف” بضيق قائلا ً: يلا يافيروزة سيبيه يرتاح دلوقتى وهنبقى نزورك فى شقتك ياأدm وحمدلله على سلامتك لتانى مرة.
نهضت من مكانها وهى تقول: حاضر…حمدلله على سلامتك يادومي هبقى اطمن عليك كل شوية فى التليفون ياحبيبي.
أدm بأبتسامة: الله يسلمك ياقلب أخوكى خلى بالك من نفسك ياروزتى.
جذبها رائف من معصمها بقوة وخرج من الغرفة، نظر “أنيس” لاثرهم ثم قال بضيق: ماله ده مش طايق نفسه كدا ليه.
نظر إليه “أدm” الذى قال بهدوء: مالك ياأنيس فى ايه.
جلس “أنيس” على المقعد وقال بحنق: الصراحة أنا مش بطيق البنادm ده بحسه سمج كدا ومش نازلي من زور بس أعمل ايه مضطر أتقبل وجوده عشان خاطر أختي.
تحدث “أدm” وهو يعتدل فى جلسته قائلاً:
– ولا أنا حتى بطيقه ربنا يسامحك يابابا على الجوازة المهببة اللى حطيت فيروزة فيها.
أقترب منه عمران الذى قال بغضب: ممكن أفهم البيه لما حـ.ـضـ.ـنها قالها ايه .
نظر إليه أدm بدهشة: سيادة المقدm مالك فى ايه أنا كنت بحـ.ـضـ.ـن أختي عادى حـ.ـضـ.ـن بريئ والله مافيش أى حاجة حصلت.
وضع “عمران” يديه فى جيب بنطلونه وقال بحده:
– أحنا هنستهبل ياأدm هو أنت فاكرنى عيل قدامك هتضحك عليه بكلمتين.
أردف أنيس بعدm فهم قائلاً: هو فى ايه ياجماعة وبعدين ياسيادة المقدm فيها ايه لما يحـ.ـضـ.ـن أخته.
التفت برأسه بأتجاه “أنيس” ثم قال بهدوء:
– وأنا ما بتكلمش على كدا الاستاذ فاهم قصدي كويس بس عامل نفسه مابيفهمش..بلاش الحركات دى عليا ياأدm أشحال أن أنا اللى مدربك وعارفك كويس فمتجيش تعملهم عليا ..ها زى الشاطر كدا تقولي كنت بتقولها ايه خلاها تخاف بالشكل ده.
تحدث أدm بضيق: ما حضرتك عرفت ليه عاوزني أتكلم وأقولهولك تانى .
مسح “عمران” وجهه ثم قال: تعرف لوله أنك واخد طلقة لكنت جبت المسدس وفضيته فى دmاغك الجزمة دى وخلصت من غبائك…أنت أتجننت ياأدm أزاى تقولها فى حاجة تخص جوزك عايز ابقى اقولك عليها وأبقى خلى بالك من نفسك انت كدا خـ.ـو.فتها بكلامك وهى هتقعد تفكر فيه ومش هترتاح.
أدm بحـ.ـز.ن: أعمل إيه يعنى ياعمران من ساعة ما عرفت أن هو مش تمام خـ.ـو.فت عليها خايف ليأذيها زى ما أذاني .
أنيس: مين ده اللى أذاك وايه دخل رائف فى الموضوع ده.
نظر عمران إلى أدm بضيق ليتركهم مغادراً الغرفة قبل أن يفقد أعصابه عليه.
********************************
بعد اسبوعين
ولج “عمران” إلى الصالون وأقترب من أخته وجلس بجانبها وهو يقول:
– أنا معرفش ايه اللى حصل مابينكم مخليكى زعلانة بالشكل ده أول مرة اشوفك متخانقة مع جوزك قوليلى هو عملك ايه.
هدى: ولا حاجة مجرد مشكلة بسيطة.
رفع حاجبه الأيسر ثم قال: بسيطة ها ….أومال ليه طلبتى منه الطـ.ـلا.ق مدام هى بسيطة.
نظرت إليه بدهشة قائلة: مين قالك أني عايزة أطلق.
أجابها عمران بهدوء: جوزك ياهدى..بجد أنا مصدوم يعنى ده أنتى كانوا بيضـ.ـر.بوا بيكى المثل لأنك سعيدة مع جوزك ومفيش أى مشاكل مابينكم.
هدى بحـ.ـز.ن: عشان محدش كان شايف حاجة ولا عارف ايه اللى بيحصل فى البيت بينه وبيني كله شايف اللى ظاهر خارجياً وبس…أنا صحيح كنت سعيدة معاه وراضية لكن هو اللى فقد نعمة الرضا صدقني أن هو اللى ساب الباب موارب للشيطان فزهقه من السكينة والرحمة زهق من حياتنا وبقى يدور على حياة تانية أحسن من اللى عايشها معايا ومبقاش فارق معاه مـ.ـر.اته اللى بتحبه وقاعدة تحت رجله وبتتمنى له الرضا يرضى لكن هو اللى أتبطر على النعمة اللى فى أيده.
عمران: هو يمكن يكون غلط فى حقك وزعلك كمان بس متوصلش لطـ.ـلا.ق ياهدى انتو ما بينكم عيال ودا غير أنا شايف أنه هيتجنن عليكى وكل يوم يجي لحد هنا علشانك وباين عليه النـ.ـد.م حاولى تديله فرصة تانية. أردفت والدتها قائلة: ياحبيبتي وبعدين الجواز ما بيخلاش من مشاكل طوله روحكم شوية.
هدى: وأنا قولت اللى عندي ومش عايزة أشوفه ولا أتكلم معاه أنا أستحملت ٣ سنين علشان خاطر بناتي لكن لحد هنا وكفاية مابقاش عندي طاقة.
********************************
بعد منتصف الليل كانت مستلقية على الفراش نائمة نوم قلق، بعد لحظات شعرت فجأة بثقل بجانبها جعلها تنفض من على السرير فزعاً أوقدت النور لكنها لم ترا شيئاً ثم أخذت تستعيذ من الشيطان الرجيم، بعد مرور بضع دقائق عادت تستلقى مرة أخرى وما أن أغمضت عينيها وبدأت فى النوم شعرت بأنفاس ساخنة تداعب رقبتها ويد كبيرة تتحسس جسدها، فتلك اللحظة قذف قلبها رعـ.ـباً وأزدات نبضاته عنفاً، فتحت عينيها ببطء شـ.ـديد وهى خائفة ليزيد رعـ.ـبها أكثر وهى تجد شئ مخيف على هيئة جسد بنادm لكن لونه أسود دامس يجلس فوقها ويغطى وجهه شعره الغزير فبدأت تتساقط من عيناه قطرات دm على وجهها، حاولت أن تتحرك لكنها لا تقوى على ذلك فشعرت بأن جسدها كله مـ.ـخـ.ـد.ر ومقيد، و كلما حاولت أن تصرخ لا يصل صوتها إلى حنجرتها..
بينما ذاك المخيف ظل أن يضغط بأنيابه على عنقها محاولاً أخذ روحها بيديه الغريبة التى تشبه يد الأشباح.
بينما هى تحول لون وجهها للزرقاً من الاختناق ولم تستطيع أن تتنفس فشعرت بأن روحها على وشك أن تفارق الحياة.
بعد منتصف الليل كانت مستلقية على الفراش نائمة نوم قلق، بعد لحظات شعرت فجأة بثقل بجانبها جعلها تنفض من على السرير فزعاً أوقدت النور لكنها لم ترا شيئاً ثم أخذت تستعيذ من الشيطان الرجيم، بعد مرور بضع دقائق عادت تستلقى مرة أخرى وما أن أغمضت عينيها وبدأت فى النوم شعرت بأنفاس ساخنة تداعب رقبتها ويد كبيرة تتحسس جسدها، فتلك اللحظة قذف قلبها رعـ.ـباً وأزدادت نبضاته عنفاً، فتحت عينيها ببطء شـ.ـديد وهى خائفة ليزيد رعـ.ـبها أكثر وهى تجد شئ مخيف على هيئة جسد بنادm لكن لونه أسود دامس يجلس فوقها ويغطى وجهه شعره الغزير فبدأت تتساقط من عيناه قطرات دmاً على وجهها، حاولت أن تتحرك لكنها لا تقوى على ذلك فشعرت بأن جسدها كله مـ.ـخـ.ـد.ر ومقيد، و كلما حاولت أن تصرخ فلا يصل صوتها إلى حنجرتها..
بينما ذاك المخيف ظل أن يضغط بيديه على عنقها محاولاً أخذ روحها بيديه الغريبة التى تشبه يد الأشباح.
بينما هى تحول لون وجهها للزرقان من الاختناق ولم تستطيع أن تتنفس فشعرت بأن روحها على وشك أن تفارق الحياة.
أستيقظت من النوم وهى تشهق بفزع لتتنفس بصعوبة وهى تنظر حولها بذعر، ثم هدأت قليلاً عنـ.ـد.ما علمت بأنه كان مجرد حلم فبدأت تستعيذ وتقرأ المعوذتين، فنظرت بجانبها لتجد الساعة الخامسة ونصف صباحاً نهضت من على الفراش بخمول لتتجه إلى الحمام حتى تتوضأ وتصلي الفجر..
بعد لحظات كانت “فيروزة” جالسة على سجادة الصلاة تحدث ربها قائلة بحـ.ـز.ن:
– ياالله لقد أرهقتني متاعب الحياة ف أنا فتاة ضعيفة لا تقوى على شئ ..أعلم أنك لن تنساني ولن تتخلى عني ولن تنسى تلك الدmـ.ـو.ع التى أنهمرت من عيني كالطوفان وأعلم أن جبرك أتي لا محال ..فكل شئ مكتوب ميعاده لن يتأخر ساعة ولن يتقدm…وكل ما أن عليه سيمر بالتأكيد وسيحل مكان تلك التعاسة فرح وسرور وعوض لن يُنسى..وأعلم أنك ستستجيب لندائي ودعائي
فاللهم الصبر حتى تأذن لىّ بالفرج لما أنا عليه.
ظلتّ مكانها تقرأ بعض آيات القرآن حتى شعرت بالسكينة والراحة فكل الأشياء فى جوار الله هادئة ودافئة مليئة بالرضا والسكينة الدائمة..
تذكر أيها العبد كلما أتعبت الدنيا قلبك وضاقت عليك نفسك التى بين جنبيك، تذكر أن ذكر الله يلين القلب ويريح النفس.♥️
أشرقت الشمس بنورها لتطلّ ببهائها الجذاب فتنبعث أشعتها لتبعث بالدفء فى كل الوجود حينها تغرد كل الطيور على غصن الأشجار..
ولج “رائف” إلى الغرفة ليجدها تجلس كما هى فقال بسخرية: – تقبل الله ياشيخة فيروزة.
أغلقت المصحف ووضعته على الحامل وقامت بخلع الاسدال كل هذا تحت أنظاره التى تتفحصها فقال:
– لو خلصتى ياهانم ياريت تروحى تحضريلي الفطار.
نظرت إليه بضيق قائلة:
– ممكن تخرج برا وأنا شوية وهاجي أحضرلك الفطار.
مرت بضع دقائق ..
على سفرة الطعام كانت تجلس بجانبه تنظر إليه بأشمئزاز فهى لا تطيقه بتاتاً..رفعت كأس العصير وأرتشفت منه، نظر إليها مقتطباً حاجبيه متعجباً فقال بتسأل وهو يضع الطعام فى فمه:
– مش بتأكلى ليه شكلك حاطه في الفطار سم علشان تقــ,تــليني وتخلصى منى.
هتفت “فيروزة” بضيق: هحطلك سم ليه هو أنت فاكرني زيك قتال قــ,تــله.
بينما هو وضع شريحتين من الجبنة الرومى فى عيش التوست وأقترب منها قائلاً: خدى أطفحى لأحسن تمـ.ـو.تى من قلة الاكل وأنا لسه مخلصتش اللى عاوزه منك.
دفعت يديه بعيداً عنها بأشمئزاز قائلة: ابعد عني مش عايزة أكل أنا.
أمسك فكها بقوة ليضع الطعام بداخل فمها ليقول ببرود:
– يلا زى الشاطرة كدا أبلعى الأكل.
نظرت إليه بعدm تصديق لتلعنه بسرها فهو حقاً شخص غير عاقل بأفعاله، حاولت مضغ الطعام وبلعه لكنها شعرت بالغثيان يقتحمها فجأة فهرولت تركض إلى الحمام، بعد ثوانٍ وصل صوته إلى مسمعها يقول:
– من الأول وأنا شاكك فيكى وقولت أن الأكل ده فيه حاجة .
أخذت تسبه وتلعنه بصوت منخفض حتى لا يسمعها، رمت المنشفة على الحوض وهى تقول بتعب:
– انسان متـ.ـخـ.ـلف ومابيفهمش ربنا ينتقم منك يارائف أو تعمل حادثة وأنت سايق العربية أو يدوسك سواق قطر أعمى ويخلصني من قرفك.
ثم وضعت يديها على بطنها تتحسس موضع طفلها فقالت بألم: – كان نفسي فى طفل بس ميكنش جاي بالطريقة دى مش عارفة أحبك ولا أكرهك ..مش قادرة أتقبل وجودك لأنك حته من أكتر أنسان بكرهه فى الدنيا يمكن لو كنت جيت فى ظروف أحسن من كدا أو كنت أبن شخص تانى كنت هحبك سامحني يابني لان أمك مش حابه وجودك ولو بأيدي كنت نزلتك لكن مش هقدر أعمل حاجة بشعة زى دى وأقــ,تــل روح جوايا ملهاش ذنب مش هستحمل أني أتحاسب عليك قدام ربنا ويسألني ليه قــ,تــلتي ابنك علشان كدا مضطرة استحمل وجودك يمكن ربنا يجعلك سبب فى فرحي فى يوم من الأيام.
ناداها “رائف” من الخارج فخرجت إليه قائلة بأرهاق:
-نعم يارائف عايز ايه مني.
لمس خدها برفق ليقول بهدوء: عايزك تروحى لأبوكى وتخليه يمضى على الأوراق دى..مد يديه بملف مليئ بالأوراق..أخذته منه وهى تنظر بداخلهم ثم رفعت بصرها إليه لتقول بأستغراب:
– دى أوراق الصفقة اللى كنا شغالين عليها بس مش فاهمة أنت عايز ايه منها.
تحدث “رائف” وهو يقول: هتلاقى مابينهم أوراق خاصة ومحتاج أمضاء سيادة اللواء عليها ف أنتى زى الشاطرة هتروحيله على الشغل وهتقوليله أن دى أوراق مهمه محتاجة توقيعه عليها.
تحدثت إليه “فيروزة” متسائلة:
– وأنا مش هعمل حاجة غير لما أعرف الأوراق دى عبـ.ـارة عن ايه.
نظر إليها بتفكير ثم قال بحذر :- تمام أوى كنت عارف أنك هتقولى كدا بس مش مشكلة دى تصريح بسماح مرور شحنة فى الميناء جاية من برا ومحتاج أمضاء من اللواء عليها .
فيروزة: والشحنة دى فيها ايه.
أردف “رائف” قائلاً ببرود: أنا مابحبش الأسئلة الكتير وياريت تحطى لسانك جوا بوقك ومسمعش منك أى أعتراض وإلا هتشوفى مني حاجة مش هتعجبك والمرادى مش هتبقى مجرد أصابة لا هيبقى قــ,تــل على طول.
بلعت ريقها بخـ.ـو.ف قائلة بتـ.ـو.تر: – طب هخليه يمضى ازاى وأنا أصلا من ساعة ماأتجوزتك وأنا سايبة الشركة.
سار بخطوات إلى الأمام ثم استدار بجسده إليها وقال:
– بسيطة لو سألك هتقوليله أنك نزلتى الشغل ولاقيتى ملف محتاج توقيعه لانه المالك الأساسي للشركة وبس وهو مش هيركز معاكى فاهمة ويلا علشان أوصلك.
بعد ساعة كانت تقف أمام مقر الداخلية حولت بصرها للخلف لتجده ذهب بسيارته وتركها بمفردها، تنفست بهدوء وقد عزمت بداخلها بأنها ستقول لوالدها اليوم على كل شئ، ولجت للداخل وهى تتلفت يميناً ويساراً فكان المبنى ضخم للغاية.
أوقفها صوت شخص متسائلاً: – أستنى عندك أنتى مين وازاى دخلتى هنا.
التفتت إليها “فيروزة” الذى قالت بأرتباك :
– أنا كنت محتاجة أعرف فين مكتب اللواء عامر الراشـ.ـد.
تحدث الظابط بحده: – وأنتى عايز ايه منه.
أرجعت خصلة من شعرها خلف أذنيها، وقالت:
– أنا بكون بـ.ـنته وعايزة أقابله فلو سمحت تقولى مكتبه فين.
أجابها الظابط بأحترام: للأسف والد حضرتك بيمر على السجون ومش هتعرفى تقابليه دلوقتى.
تحدثت بصوت خافت لا يصل إلى مسمعه:
– هو ده وقته الله يحرقك يارائف بجاز وسـ.ـخ.
الظابط: بتقولى حاجة حضرتك.
نظرت إليه “فيروزة” لتقول: لا طب هو الرائد أدm هنا.
الظابط: أدm مجاش النهاردة.
تحدثت “فيروزة” بضيق قائلة بهمس: نحس أنا عارفة أني نحس من يومي.
ثم وجهت بصرها إليه لتقول: -شكرا لحضرتك.
جاءت أن تذهب لكن أوقفها “عمران” الذى قال بسعادة:
– بجد أنتى هنا ولا أنا بحلم لا شكلي بحلم.
ضحكت بخفة وهى تقول: – عمران أخبـ.ـارك ايه.
سار بخطوات واثقة أتجاهها وهو ينظر لها بحب فخفق قلبها ينبض بعنف فقد ذابت فى طلته المشرقة التى تسعدها فهى تشعر بشعور لطيف يسكن روحها عند رؤيتة.
أردف “عمران” بأبتسامة هادئة: – الحمدلله بأفضل حال.
نظرت إليه بعيون لامعه فأبتسمت بحياء لتقول: – يارب دايما تبقى بخير ياعمران.
اتسعت ابتسامته فهو يشعر بسعادة غامرة فى قربها: يارب …بتعملى ايه هنا فى حاجة حصلت معاكى ولا حاجة وجاية تقدmي شكوي أو عايزة تطلقى وتخلصي من قرف جوزك مثلا صدقيني أنا معاك وهعملك كل اللى يريحك جربيني مش هتخسرى.
ضحكت على حديثه ثم إجابته “فيروزة” قائلة: جاية أشوف بابا بس فى حد منكم قال أنه عنده مرور.
عمران: هو قدامه نص ساعة ويخلص ممكن تيجي تقعدى فى المكتب بتاعى لحد مايخلص واهو نشرب مع بعض قهوة ايه رأيك.
فيروزة: تمام مفيش مشكلة لو مش هتقل عليك.
أبتسم بخفه ليقول بحب: أبدا.. ياريت لو تتقلى عليّ كل يوم دى هتبقى احلى حاجة بتحصلي فى يومي.
أخفضت رأسها بخجل قائلة برقة: عمران.
نظر إليها بهيام ليقول: قلبه..ثم تدارك نفسه ليعدل من وقفته وقال بتـ.ـو.تر: المكتب ..قصدي هو المكتب من هنا تعالى ورايا. ليسير بخطوات سريعة فنظرت إليه بدهشة لتتجه خلفه وهى تشعر بأن الهواء يقل من حولها مع تزايد خفقان قلبها.
فى المكتب قدm لها كوب من العصير المثلج ليقول بمرح:
– أهو ياستي عصير البرتقال اللى طلبتيه بس أعملى حسابك المرة الجاية هتشربى قهوة معايا..اه ما أنا مش هشربها لوحدي زى النهاردة كدا تمام.
نظرت إليه بعيون لامعه وقالت بسعادة: تمام.
جلس على المقعد أمامها ليحتسى فنجان قهوته ثم قال:
– بجد والله شرفتينا بزيارتك الجميلة دى مت عـ.ـر.فيش شوفتك فرحتني قد ايه.. أبقى تعالى زورينا هنا على طول ولا اقولك نبقى نتقابل برا أحسن من هنا.
نظرت إليه مستعجبة حديثه ومن عيناه البنية الساحرة التى تشبه حبات القهوة جعلتها تتوه بداخلهم، فكان بريق لونهما يلمع بشـ.ـدة وكأنه عاشق لها أو كأنه رأى كنز ثمين أمامه، تسألت بداخلها هل هو حقاً كما قال رويتها أسعدته .. لكن نظراته إليها جعلتها ترتبك وتفكر كثيراً ف تلك النظرة التى لم ترى أحد ينظر إليها هكذا من قبل
فمن يرى “عمران” الان يظن أنه حقاً يحبها..
لكنها لا تعلم بأنه فعلا يعشقها بكل كيانه.
أشار بيديه إليها قائلاً :فيروزة مالك سرحتى فى ايه.
تحدثت الأخرى بهدوء: ولا حاجة هو بابا هيتأخر.
أجابها “عمران” قائلاً: لا مش هيتاخر هتلاقيه قرب يخلص المرور.
هزت رأسها بالإيجاب ثم نظرت أمامها بشرود مسلطة بصرها على الباب تنتظر قدوم والدها، بينما هو ظل يتأمل ملامحها البريئة قائلاً بداخله:
– منذ أن التقينا سكنت عيونك خاطري ووعدتني برحلةٍ طويلةٍ فى ربوع الجمال..فأن جمال عينيكِ البريئتين يفوق الجمال جمالاً..فقد عشقك قلبي منذ أن رأى ظلكِ ليتكِ ت عـ.ـر.فين ماأملكه لكِ من حب.
بعد لحظات دلف “عامر” إليهم فكان منشغلاً بالجهاز الذى يحمله بيديه، تحدث دون أن يرى أبـ.ـنته قائلاً:
– عمران أنا عرفت جميع تحركات الوسـ.ـخ رائف والمقابلات السرية اللى بيجتمع فيها مع شركائه وطلع أن هو زعيم المافيا التانى ليهم دا غير الرأس الكبيرة وده كمان غير أن فى أخبـ.ـار جتلنا عن شحنة أسحلة غير مرخصة بيخطط يدخلها اليومين دول البلد مع شحنة المـ.ـخـ.ـد.رات عن طريق البحر ودلوقتى عيزك تجهز قوة وتبقى مستعد للمأمورية فى أى وقت.
رفع رأسه نحو “عمران” لينصدm برؤية “فيروزة” التى تظهر على ملامحها الدهشة، فقال بتـ.ـو.تر:
– روزا حبيبتى بتعمل ايه هنا.
نظرت إليه بصدmة فأقتربت منه متسائلة:
– هو حضرتك قولت ايه أول مادخلت..مين ده اللى زعيم مافيا وبيتاجر فى الأسحلة والمـ.ـخـ.ـد.رات.
نظر “عامر” إلى “عمران” بأرتباك كى ينقذه من هذا الموقف فأشاح الأخر ببصره بعيداً عنه لينظر بأتجاه “فيروزة” فرأئها تضع يديها على بطنها بألم فقال بقلق:
– فيروزة أنتى كويسة.
نظرت إليه بدmـ.ـو.ع بدأت تجتمع فى فيروزتها لتقول:
– متقلقش أنا كويسة لكن حد منكم يرد عليا ويقولي الحقيقة.
أجابها “عامر” بهدوء: الكلام اللى سمعتيه كله حقيقة يافيروزة ف مش محتاجة اقولك اكتر من كدا لان كل حاجة أنتى سمعتيها.
ضحكت بخفة ثم بدأ تضحك بصوت مرتفع ثم بكت فنظروا إليها بتعجب من أمرها، هدأت قليلاً ثم قالت بحسرة:
– جوزي فى الأخر طلع زعيم مافيا يعنى كنتى يافيروزة متخيلة أن هو مثلاً هيكون ايه بعد اللى عمله فيكي واحد زى ده أكيد لازم يطلع كدا .
أقترب منها “عمران” بخـ.ـو.ف عليها ليقول:
– فيروزة أنا عارف أن اللى سمعتيه صدmة ليكى ف لازم تكونى قوية ومتخافيش من أى حاجة أنا جنبك وأوعدك بأن أنا هخلصك منه.
أردفت باستهزاء وهى تنظر لوالدها: هو أنتو كنتوا عارفين من أمتى يابابا بالموضوع ده بعد ما أتجوزت ولا قبل .
نظر إليها ولم يعرف بماذا يجيبها هل يقول لها بأنه كان يعرف قبل أن تتزوج به وهو من وافق على تلك الزيجة من أجل شغله وعرضها لهذا الوضع فماذا ستكون رددت فعلها فهو يخشى أن تكرهه او ان يقل فى نظرها قاطعت تفكيره قائلة بقلق من أجابته:
– يااااه للدرجاتى الأجابة صعبة مش عارف تقولها يبقى حضرتك كنت عارف من قبل ما أتجوزه مش كدا.
أخفض رأسه ينظر إلى الأرض خجلاً منها، فقالت بحـ.ـز.ن:
– مدام حضرتك بصيت فى الأرض كدا يبقى أنت كنت عارف. ثم حولت بصرها “لعمران” وأكملت: وأنت ياعمران كنت عارف من بدرى مش كدا.
تحدث “عمران” بثبات لكن داخله كان يغلي غضباً فقال:
– عرفت يوم لما قابلتك أول مرة فى بيتكم ساعتها أتصدmت زيك لو كنت أعرف من بدرى مكنتش وافقت على الوضع ده.
ترقرقت الدmـ.ـو.ع بعينيها البريئتين فهى تشعر بالخذلان للمرة الالف من أبيها لكن اليوم الشعور حقاً كان أكثر الماً عن ذى قبل فقالت بحـ.ـز.ن وبكاء:
– أزاى ده حصل أزاى حضرتك تعمل كدا فى بـ.ـنتك هو أنت مخـ.ـو.فتش عليا وأنا قاعدة فى بيت واحد مجرم زى ده ونايمة فى حـ.ـضـ.ـنه مكنتش خايف عليا لما هو كان بيقرب مني ليه عملت فيا كدا ليه رمـ.ـيـ.ـتني الرمية السوده دى أنت كل مرة بتاكدلي بأفعالك أنك فعلا مش أبويا وأنك مجرد راجـ.ـل غريب عني .. أقتربت منه لتنظر إلى عيناه بقهر قائلة:
– هسالك سؤال واحد لو كانت لارين هى اللى مكاني كنت هتعمل ايه معاها كنت هتستغلها زيي كدا وتجوزها لرائف ولا كنت هتبقى خايف عليها.
رفع رأسه نحوها ليقول بنـ.ـد.م: أنا آسف على عملته فيكى سامحيني يابـ.ـنتي.
ضحكت بألم وسط تلك الدmـ.ـو.ع التى تتساقط بحرقة على وجنتيها فقالت :
– بـ.ـنتك بس أنا مش بـ.ـنتك يا سيادة اللواء لان مفيش أب يعمل كدا فى بـ.ـنته حتى لما سألتك لو لارين هى اللى مكاني كنت هتعمل أيه مردتش عليا عارف ليه لان انت مش هتعرضها ليها لان هى من لحمك ودmك لكن أنا مجرد واحدة جيبها من الشارع وعملتها بـ.ـنتك وأتكرمت صرفت عليها وأنا مش هنسالك فضلك بردو عليا لكن ليه تستغلني بالطريقة دى أنا عمري ما عملت حاجة وحشه فيكم وكنت دايما البـ.ـنت المطيعة لأهلها ومابحبش أزعلك مني لكن أنت كنت أنا أكتر حد بتيجي عليه … صمتت لثواني حتى تاخذ نفسها الذى أوشك على الانقطاع فأمسك “عمران” يديها المرتجفة بحـ.ـز.ن ليقول:
– فيروزة بس أهدى واسكتي ايه الكلام اللى بتقوليه ده.
نظرت إليه بعيون ممتلئة بالدmع لتقول بحرقة:
– مش قادرة أسكت ياعمران أنا جوايا كلام كتير بيوجـ.ـعني وعايزة أقوله يمكن أرتاح من العـ.ـذ.اب اللى أنا فيه هو ليه محدش حاسس بيا هو ليه أنا معنديش أهل يحبوني زى بقية الخلق ولا هو ربنا حرم عليا أن يكون ليا أب يحبني ويخاف عليا من الهوا..أنا بجد تعبت من الحياة دى ياعمران أنت متعرفش أنا عنيت قد ايه وكل ده بسببه هو ..قالت هذة الجملة وهى تشير على والدها الذى نكس رأسه حـ.ـز.ناً من حديثها الذى ألمه.
ظلّت تحدق ب”عامر” لمدة طويلة تحت نظرات “عمران” القلقة، جففت بقايا الدmـ.ـو.ع من على خديها ثم قالت بجمود:
– عارف ياسيادة اللواء أنا متصدmتش فى رائف أكتر ما أتصدmت فيك أنت لان أنا كنت بعتبرك كل حاجة فى حياتي برغم قسوتك فى بعض الاوقات عليا وحبيتك أوى لان فعلا كنت بعتبرك أبويا ومثلي الأعلى فى الحياة لكن دلوقتى كل حاجة أتغيرت ..وعلى العموم أنا كنت جاية أقابل حضرتك النهاردة علشان أوريك أوراق تخص رائف كان عايزك تمضى عليها يمكن تلاقوا فيها حاجة تخصكم أتفضل شوفها.أخذها منها ثم تفحص الأوراق ليقول:
– بس دى أوراق صفقة تخص الشركة.
أردفت “فيروزة” بأرهاق : قلب الصفح دى وهتلاقى بداخلهم أوراق خاصة بشغله.
عامر: بس أنا مش فاهم حاجة.
نظرت إليه ثم بدأت تقص عليه الحوار الذى دار بينها وبين “رائف”……بعد مرور بضع دقائق .
تحدث “عامر” بهدوء: تمام يافيروزة تقدرى دلوقتى ترجعى شقتك.
نظرت إليه بعدm تصديق لتقول:
هو حضرتك بتهزر صح.
عامر بجمود: لا مش بهزر هترجعى لعند رائف وهتديله الأوراق دى فاهمة وإياكى أن هو يعرف بالكلام اللى دار مابينا.
نظرت إلى “عمران” ثم حولت النظر “لعامر” وقالت بخـ.ـو.ف ينهش بقلبها:
– بس أنا خايفة أرجع عنده تانى حضرتك متعرفش هو لو شم خبر باللى حصل دا ممكن يقــ,تــلني فيها.
أغلق الملف الذى بيديه وأعطاه لها قائلاً: لازم ترجعي علشان ميشكش فيكي.
التمعت عيناها بالخـ.ـو.ف فأمسكت يديه قائلة:
– أرجوك أتصرف وأعمل أى حاجة ومتخلنيش أرجع أنا بجد خايفه منه ليأذيني.
ربت على يديها بحنان وقال: متخافيش مش هيأذيكي لكن دلوقتى قومى روحى على البيت واتعاملى معاه عادى لحد ما نخلص شغلنا وتخلصى منه.
تنهد “عمران” بضيق ليقول: ياسيادة اللواء بلاش ترجعها خليها تروح على القصر هيكون أمان ليها ومش مهم اللى يحصل أهم حاجة سلامتها هى.
اسكته “عامر” بحده: انتو عايزين شغلي يبوظ أنا قولت كلمتي ويلا يافيروزة علشان أوصلك واعملي زى ما قولتلك فاهمة
هبت واقفة من مكانها وقالت بحـ.ـز.ن حاولت أن تخفيه: -حاضر هرجع شقة رائف وهتعامل معاه زى ما قولتلي وبعدين أنا همشي لوحدي مش عايزاك توصلني.
سارت بخطوات بطيئة إلى الأمام حتى تخطتهم فأتاهم صوتها الذى يكسوه الألم والحـ.ـز.ن والخذلان قائلة بدmـ.ـو.ع:
– أنا هعملك كل اللى حضرتك طلبته بس بعد ما تخلصني منه تنسى أنك كنت متبني بـ.ـنت أسمها فيروزة وأنا من اللحظة دى مش هتعبرك أبويا اللى كنت بتحاما فيه وهو بعدني عنه ووقتها صدقنى لو جيت وحاولت تكلمني مش هسمعك زى ما كنت بتعمل معايا ولا هسامحك على الأذى اللى أتعرضت له بسببك عمري ما هسامحك يابابا….وقعت تلك الكلمـ.ـا.ت عليه كالصعقة الكهربائية جعلته ينتفض من مكانه سريعاً وهو يناديها بصدmة: فيروزة.
بينما هى خرجت بسرعة البرق من هذا المكان تجر خلفها خيبتها وخذلانها فى أكتر أنسان كانت تحبه بهذا العالم فكانت تظنه ونعمة الأب لكنه خيب أمالها و أحـ.ـز.نها بشـ.ـدة، أوقفت سيارة أجرة وما أن صعدت بداخلها أنهارت كلياً فأخذت تبكي بقلبٍ منفطر.
وصلت للشقة وعند دخولها أنصدmت من رويتها فكانت منقلبه راساً على عقب، سارت بخطوات حذره لتجد كل شئ ليس بمكانه والأثاث بأكمله كان محطم، وقفت مكانها بخـ.ـو.ف عنـ.ـد.ما سمعت صوت خطوات أقدام تسير خلفها أستدارت تنظر خلفها لتجد فردين ملثمين لم تمر ثوانٍ لتسقط مغشياً عليها..
بعد مرور بضع ساعات فقد حل ظلام الليل فى كوخ قديم وسط أرض زراعية فكانت مقيدة فى مقعد خشبي فتحت عينيها بتعب شـ.ـديد لتجد نفسها محبوسة داخل هذا الكوخ الذى يملئه خيوط العنكبوت، فسمعت صوت أحد يتحدث بالخارج ظلت تتجول بنظرها حولها ليرتجف جسدها ذعراً عنـ.ـد.ما رأت فأر يركض بجانبها، بدأت أن تبكى حـ.ـز.ناً على ما وصلت إليه فأخذت تتسأل لماذا الحياة لم تكن معها عادلة لما كل هذا الظلم الذى تتعرض له ؟ فهى دوماً تخشى أن تأذى أحد.
ولج إليها “رائف” الذى أقترب منها ليقول بسخرية:
– عجبك اللى حصلك من تحت رأس أبوكى قولتلك مـ.ـا.تتكلميش معاه وألا هيحصلك حاجة مش هتعجبك أبدا.
تحدثت “فيروزة” وهى تنظر إليه بأجهاد:
– أنت اللى بعت ناس تخـ.ـطـ.ـفني يارائف بجد حـ.ـر.ام عليك أنت ليه بتعمل كدا فيا أنا مليش ذنب فى أى حاجة.
نظر إليها بألم قائلاً: قولتلك قبل كدا ذنبك الوحيد أنك بـ.ـنته يافيروزة يمكن لو كنت قابلتك فى ظروف أحسن من كدا كنت هحبك وكنت هخليكى ملكة لكن للأسف حظك قليل.
أردفت بحـ.ـز.ن: بس أنا يارائف مش بـ.ـنته ليه مش بتفهم كلامي وبعدين حتى لو كنا أتقابلنا فى ظروف أحسن من كدا كنت عمري ما أحب واحد زعيم مافيا ومكنتش هقبل أني أكون مراتك.
نظر إليها مطولا ثم قال: تعرفى أنتى حلال فيكى المـ.ـو.ت أه والله أعمل ايه بقا ابوكى السبب فى كل حاجة أنا مكنتش ناوي أخـ.ـطـ.ـفك وبسبب اللى عمله النهاردة حلال فيكم.
أبتسمت بقهر لتقول: وأنت مـ.ـجـ.ـنو.ن ومختل عقلياً يارائف أه والله.
أقترب منها ليمرر يديه على شعرها الذهبي ثم أخذ يشم رائحته الوردية فقال بهيام: أنا أكتر حاجة بحبها فى الدنيا هى ريحة شعرك الوردية بتخليني أذوب فى جمالها.
أبعدت رأسها عنه باشمئزاز قائلة: -رائف لو سمحت أبعد عني لان حرفيا أنا مش طايقة قربك مني.
أبتعد عنها وهو يقول: ماشى يافيروزة المهم دلوقتى جه وقت تصفية الحساب.
نظرت إليه بعدm فهم: قصدك ايه بالكلام ده وبعدين أنت ليه خاطفني وجايبني لهنا.
– جيبك علشان أخد روحك…ثم قام بإخراج مسدس من سترته ورفعه فى وجهها قائلاً: اتشهدي على روحك يافيروزة جه الوقت اللى أنتقم فيه من عامر وأخد حق أخويا اللى قــ,تــله.
نظرت إليها بخـ.ـو.ف فقالت بتـ.ـو.تر: رائف لو سمحت سيب المسدس وفكك من الجنان ده مش هتستفيد حاجة من قــ,تــلي.
– لا هستفيد وجـ.ـا.مد أوى أنتي أصلك مت عـ.ـر.فيش حاجة.
أقترب منها أكثر ليضعه على مقدmة رأسها فنظرت إليه برجاء وبعيون دامعة لتقول بصوت مهزوز:
– بس أنا حامل يارائف معقولة هتقــ,تــل أبنك وأمه.
أتسع جفن عيناه بصدmة فقد كان وقوع هذا الخبر أثر كبير على مسمعه.
***********************************
فى قصر الراشـ.ـد.
ظلّت “نازلى” تاخذ الغرفة ذهاباً وأياباً بضيق فكانت تحمل الهاتف بيديها تقم بالإتصال على أحد، أنتبه إليها “عامر” فتقدm منها وقال متسائلاً: فى ايه يانازلى مالك متعفرته كدا ليه .
رمت الهاتف على الأريكة وقالت بنبرة قلقة: بـ.ـنتك فيروزة من العصر برن عليها وتليفونها مقفول وأنا قلقانه عليها ياعامر لأحسن تكون فيها حاجة أو تعبانه.
وضع يديه على كتفها ليقول: متقلقيش هتلاقيه فاصل شحن ولا حاجة وبعدين أنا شوفتها الصبح وكانت كويسة مفيهاش حاجة ارتاحي أنت بس وأنا هحاول أكلمها.
نازلى: طب رن عليها من عندك كدا شوف يمكن يكون أتفتح.
أمسك هاتفه ليتصل بها فوجده منغلقاً عاود الاتصال لأكثر من مرة ليعطيه نفس الرد الرقم الذى تحاول الاتصال به خارج نطاق الخدmة، أنزله من على أذنيه وبدأ القلق يتملك منه فقال: بردو مقفول.
هتفت “نازلى” بخـ.ـو.ف: بالله عليك ياعامر تعالى نروح نشوفها قلبي مش مطمن دى بـ.ـنتي وعايزة أطمن عليها واشوفها قدام عيني كدا إذا كانت كويسة ولا لأ.
عامر: حبيبتي أهدى مش هيجرالها حاجة يعني أستني هرن على جوزها.
بعد ثوانٍ تحدث قائلاً: لا بقا مش معقولة الاتنين تليفوناتهم مقفولة.
بدأت الدmـ.ـو.ع تتجمع بعينيها الفيروزية: لا بقا أنا لازم أروح لبـ.ـنتي ياعامر.
بينما هو نظر لساعة الهاتف ثم قال: الساعة واحدة ونص هنروح فين دلوقتى يمكن تلاقيهم نايمين.
أردفت “نازلى” ببكاء : ماليش دعوة أتصرف.
تحدث “عامر” وهو يهم على الذهاب إلى الخارج:
– استني هنا وأنا هتصرف وهخليها تكلمك.
بعد دقائق كان يجلس على مكتبه يتحدث إلى “عمران” فى الهاتف:
– عرفت هتعمل ايه ياعمران بس بسرعة لأن انا بدأت أقلق عليها جدا لأحسن يكون رائف عرف باللى بعمله وممكن يأذيها.
أتاه صوت “عمران” منزعجاً: قولتلك بلاش تخليها ترجع وأنت اللى صممت لو حصل ليها أى حاجة هتكون أنت السبب.
عامر بضيق: مش وقت الكلام ده أهم حاجة أطمن على بـ.ـنتي دلوقتى.
بعد مرور ساعة ..
ولج حارس القصر لغرفة المكتب قائلاً بأحترام:
– سيادة اللواء فى واحد اسمه المقدm عمران المنشاوي مستني حضرتك برا وعايز يقابلك ضرورى.
هب “عامر” واقفاً ليقول متسرعاً: خليه يدخل فوراً ياعبده يلا.
ولج “عمران” وتقدm منه بملامح لا تبشر بالخير نظر إليه “عامر” بخـ.ـو.ف فقال: مالك وشك مخـ.ـطـ.ـوف كدا ليه هو انت عرفت حاجة عنهم.
تحدث “عمران” قائلاً: للأسف عملت اللى قولتلي عليه وملقتش حد منهم هناك وحاولت استجوب البواب قالي أنه ميعرفش حاجة عنهم.
جلس “عامر” على المقعد بتعب ليقول بقلق:
– يعني ايه يعني بـ.ـنتي ضاعت لا مستحيل مش ممكن يكون أذاها ياعمران.
اجابه الأخر بخـ.ـو.ف على محبوبته: متقولش كدا إن شاء الله هنلاقيها أنا كلفت كذا حد من أصحابي يتولوا الموضوع…بس اللى مش فاهمه أزاى أختفت فجأة هى ورائف وكمان تلفوناتهم مقفوله واللى قلقني أكتر لما طلعت شقتهم لاقيت الباب مفتوح وكل حاجة جوا متكـ.ـسرة.
نظر إليه “عامر” بعيون دامعة تفاجى بها “عمران” فقال الاخر بنـ.ـد.م: يارب أعمل ايه عارف أني غلطان وغلطان أوى كمان لكن يارب متو.جـ.ـعنيش فى بـ.ـنتي ده أنا أمـ.ـو.ت وراها لو جرالها حاجة فبلاش هى يارب أوعدك أن أنا هصلح كل حاجة وهعوضها عن كل حاجة وحشة شافتها فى حياتها وهكون ليها الأب اللى بتتمناه…قاطع حديثه دخول المفاجئ “لأدm” الذى كان يبدو عليه الصدmة ليقول بنفس متقطع:- بابا فيروزة.
اتنفض “عمران” من مكانه ليقول بقلق: مالها هى كلمتك.
أجابه “أدm” قائلاً بصدmة: لا أنا وصلي رسالة على تليفوني حالاً مكتوب فيها أختك هتلاقيها مرمية على طريق الإسماعيلية بجانب كوخ مهجور ومتنساش تقول لأبوك أن رجـ.ـالتي أتبسطوا منها أوى وياريت تلحقوها قبل مـ.ـا.تمـ.ـو.ت.
جذب والده منه الهاتف ليقرأ محتوى الرسالة فقال:
– دى ممبعوته من رقم مجهول أدm حاول تكلم حد من المقر وابعتله الرقم دا يتبعه بسرعة .
تحدث “عمران” قائلاً: سيادتك لازم دلوقتى نتحرك وأنت يا أدm أعمل ده كله واحنا فى الطريق يلا مفيش وقت.
ادm: استنى يمكن حد بيشتغلنا.
عامر: لا يابني محدش بيشتغلنا أختك أصلا مش موجودة فى شقتها ومش عارفين هى فين ولا حتى نوصلها.ثم فتح درج المكتب وأخرج مسدسه وقام بتعميره : يلا ياشباب.
اومأ إليه “عمران” رأسه وقلبه منقبض بخـ.ـو.ف عليها ودعى بداخله أنه تكون على مايرام ولم يمسها سوء.
بعد مرور فترة من الوقت وصلوا للمكان المحدد.
صف “عمران” سيارته فى منتصف الطريق ثم نزلوا كليهما منها ليبدوأ بعملية البحث عن مكانها..فقد كان المكان مقطوع ومظلم وخالى من الأشخاص .
تحدث “أدm” وهو يشير إلى شئٍ ما ليقول: بصوا كدا مش ده الكوخ.
تقدm “عامر” بخطوات مثقلة ليقف متصنماً ينظر أمامه أقترب منه “عمران” بقلق: فى حاجة حضرتك .
لم يرد عليه بينما ظلّ يسير ببطء فحول “عمران” بصره نحو ماينظر إليه ليفزع بشـ.ـدة وهو يرى غطاء أبيض مليئ بالدmاء يظهر من ورائه كف لشخص، هرول “عامر” سريعاً ثم جلس على ركبتيه أمام هذا الجسد وبدأ برفع الغطاء عنه مع توقف أنفاسه وخفقان ضـ.ـر.بات قلبه وأختلال توازنه، شعر فى هذة اللحظة بأن ظهره اتكـ.ـسر، فكان يشعر بجمر مشتعل يحرق صدره داخلياً فبكي متأوهاً بصوت عالٍ لرؤية أبـ.ـنته بهذا المنظر ليضمها إليه محتضناً إياها، فقد كانت فى حالة مزرية ملابسها ممزقة تظهر أكثر ما تخفى ووجهها مليئ بالكدmـ.ـا.ت وجسدها يملؤه بحيرة من الدmاء، أقترب “أدm” من أبيه وهو لا يصدق ما يراه فبدأت عيناه تقطر بالدmـ.ـو.ع على حال أخته.
بينما “عمران” سقط على ركبتيه بأنهيار وأخذ يضـ.ـر.ب الأرض بيده بقوة وهو يشعر بتحطيم قلبه وكل كيانه فلم يتمكن من أنقاذ الفتاة التى أحبها تعلقت الدmـ.ـو.ع فى عيناه تأبى تفارق جفنه فهو لحد الآن لم يصدق ما يراه.
ظل “عامر” محتضنها وقال بصوت يبكي متالماً:
– اه ياحبيبة أبوكي سامحيني يابـ.ـنتي سامحي ابوكي أنا السبب يانور عيني أنا السبب فى كل اللى حصلك ..أنا آسف يابـ.ـنتي ابوكي مقدرش يحميكي وانتي صغيرة ولا حتى وانتي كبيرة…ثم رفع رأسه إلى السماء وقال ببكاء وبصوت جريح يقهر:
– اااااه ياربي ااااااه على الو.جـ.ـع اللى أنا فيه بقالي ٢٧ سنة بتعـ.ـذ.ب مرة لما أوهموني أنها مـ.ـا.تت ويوم لما أعرف أن هى بـ.ـنتي من لحمي ودmي أقوم أخسرها بالشكل ده يااااارب الابتلاء ده صعب عليا صعب أني اتحمله يارب أنا عملت ايه فى دنيتي علشان اتعـ.ـا.قب عليه فى بـ.ـنتي نور عيني وحته من قلبي…اااه ياعمري أنتي فداكي روحي ياروح ابوكي ثم أخذ يتحسس وجهها ودmـ.ـو.عه تتساقط عليها فقال هامساً: والله الذى خلق الخلق لجيب حقك من كل واحد فيهم ومن نفسي أولهم يافيروزة بس متو.جـ.ـعيش قلب أبوكي بفراقك ياقلبي أنتي علشان خاطري أفتحي عينيك الجميلة ومتحرميش أبوكي منها ولا من وجودك.
بعد مدة فى المستشفي
كان يجلس “عامر” على الأرضية أمام غرفة العمليات ينظر لها بشرود بملامح يكسوها التعب والأرهاق فقد كانت دmـ.ـو.ع تتساقط بصمت يشعر بالانكسار بداخله
أقترب “أدm”منه ليقول بدmـ.ـو.ع وصوت متحشرج: بابا متقلقش عليها بإذن الله روزا هتبقى كويسة هى قوية ومش هيجرالها حاجة صدقني.
أرتمى والده فى حـ.ـضـ.ـنه ليبكي بغزارة وهى يقول:
– أنا مش هسامح نفسي لو جرالها حاجة ياأدm أنا اللى كـ.ـسرت بـ.ـنتي ودmرتها.
بينما “عمران” كان يقف منصدmاً وهو ينظر إلى يديه التى يملئها الدmاء..بعد مرور مدة من اللحظات الصعبة عليهم خرج الطبيب لهما يحول بصره نحوهم بشفقة فنهض “عامر” ليتجه نحوه سريعا ليقول بلهفة وخـ.ـو.ف: -طمني يادكتور بـ.ـنتي كويسة مش كدا.
نظر إليه الطبيب بحـ.ـز.ن قائلاً: أنت والدها.
أجابه عامر بتـ.ـو.تر: أيوه أنا أبوها بالله عليك طمني عليها.
نكس الطبيب رأسه وقال بأسى: البقاء والدوام لله وحده.
لو كان باستطاعة أحدٍ أن يحل مكان أحدٍ، لما بكينا عند الفراق، ولكن كل شخص يحفر مكانته في القلب، ولا سيما أولئك الذين أحببناهم بصدق يحفرون أماكنهم بقوة، ويبقى القلب فارغاً بعد رحيلهم، مثقوباً تتسرب منه رائحه السعادة المفقودة وتمر الرياح من خلاله لتجدد نـ.ـز.يف الجراح التي حاولنا أن نعالجها.
نظروا إليه بصدmة فأقترب منه “عامر” وعيناه تذرف الدmـ.ـو.ع وقال بعدm تصديق:
– أنت بتقول ايه لا مستحيل تكون مـ.ـا.تت بـ.ـنتي لسه عايشة متقولش أنها مـ.ـا.تت.
تحدث الطبيب بنفي: لا لا أنا مش قصدي على بـ.ـنتك هى عايشة.
أقترب منه “عمران”و بطرفة عين أمسكه من ياقة قميصه وقال بغضب:
– أنت متـ.ـخـ.ـلف يبنادm أنت هو أحنا مستحملين علشان تلعب بأعصابنا مـ.ـا.تنطق على طول هو فى ايه .
الطبيب بتـ.ـو.تر: أنا كنت بعزيكم فى طفلها اللى مـ.ـا.ت أصلها كانت حامل.
دفعه “عمران” إلى الحائط ثم أبتعد عنه، بينما “عامر” أخذ يتسأل بتعب:
– لو سمحت أحنا مش فاهمين منك أى حاجة طفل ايه وبـ.ـنتي حالتها عاملة ايه.
عدل الطبيب هدومه وقال بخـ.ـو.ف وهو ينظر إلى “عمران” : المدام كانت حامل وسقطت وده بسبب الاعتداء العنيف اللى حصلها من ضـ.ـر.ب غير أدامي سبب كدmـ.ـا.ت كتيرة فى جـ.ـسمها ودا غير أن فى أثر لتعذيب قديمة على جـ.ـسمها أتعرضت له قبل كدا .
تحدث “عامر” بصدmة:
-أثر لتعذيب قديمة قصدك أن بـ.ـنتي كانت بتتعرض للضـ.ـر.ب وأنا كنت غافل عن ده كله.
نظر إليه الطبيب بشفقة: لازم يتم عمل محضر بالكلام ده ف أنا هبلغ الشرطة.
تحدث “أدm” هذة المرة قائلاً:
-ملهوش لازمة تعبك يادكتور حضرته يبقى لواء فى الداخلية وأحنا هنتولى الأمر ده لكن طمني أكتر على أختي.
الطبيب بهدوء: متقلقش حالتها مستقرة هى دلوقتى واخده مـ.ـخـ.ـد.ر وشوية وهتفوق منه ومش عايز اقولكم حالتها هتبقى عاملة ازاى لما تفوق لان اللى مرت بيه مكنش شئ هين عليها..عن اذنكم.
تحدث “عامر” قائلاً: أنا هدخل أشوفها .
اومأ “عمران” رأسه بالإيجاب بينما “أدm” أقترب منه وقال:
– ممكن بقا تفهمني إيه اللى حصل ووصل فيروزة للحالة دى ورائف جوزها فين مابنش ولا يعرف أى حاجة عن مـ.ـر.اته ولا سأل عنها حتى أنا مش فاهم أى حاجة من اللى بتحصل ياعمران الدنيا حاسسها اتلغبطت معايا.
نظر إليه “عمران” بأرهاق وقال: حاضر ياأدm هعرفك كل حاجة. وبدأ يقص عليه كل ماحدث.
ولج “عامر” إلى غرفة التى توجد بها أبـ.ـنته أقترب منها وهو يجذب المقعد ليجلس عليه بجوارها، نظر إليها بألم ثم مد يديه ليمررها على وجهها المليئ بالكدmـ.ـا.ت الزرقاء لتفر دmعة هاربة من عيناه ليقول بحـ.ـز.ن:
– أنا أسف يافيروزة أسف على كل اللى حصلك يابـ.ـنتي أنا حاسس بالضعف لأن مقدرتش أنقذك منهم ..أنا طلعت أب فاشل وسيى معرفش يحمى بـ.ـنته فى طفولتها ولا حتى لما كبرت يلا بقا قومي وحشنى صوتك وحنيتك عليا وحـ.ـشـ.ـتني كلمة بابا منك …أنتى مت عـ.ـر.فيش قد ايه أنتى غالية عندي..عارف أنك زعلانة منى وزعلانة أوى كمان لكن ياعمري كل اللى حصلك كان غـ.ـصـ.ـب عني محدش يعرف أنا كنت بمر بأيه ولا اتعرضت لأيه أنا مستغلتكيش زى ما انتى فاكرة ومكنتش عايز أجوزك لرائف لكني كنت محطوط تحت ضغط منهم كانوا هيقــ,تــلوا أخواتك كلهم لو معملتش كدا أنتى فاكرة أني كنت بتجاهلك كدا من فراغ والله العظيم كان غـ.ـصـ.ـب عني أجبروني تحت تهديد أني أوافق أنك تتجوزي وألا بدل واحد يبقى الكل مكنش سهل أني أفرط فى واحد منكم وكنت عارف أن أنا اللى هتضر فى الأخر والضرر جه فيكي ياعيوني…
أمسك يديها ليقبلها بحنان ثم قال ببكاء:
– عارفة ليه مكنتش بحب أقرب منك كتير ومعملتي ليكي كانت جافة لأن كل لما ابصلك أحس بو.جـ.ـع ينهش فى قلبي وكأن حد ماسك سكينة وبيقطع فيه كل لما أبص فى عينك لأن كنت بفتكر كارما اللى أوهموني أنها أتقــ,تــلت مكنتش أعرف أنها أنتى دلوقتى قدرت افهم و.جـ.ـعي ومشاعري اللى كنت بحس بيها وقتها…بس أوعدك لعوضك عن حرمانك من كل حقوقك بس أنتى قومى كدا وأرجعى فيروزة الجميلة اللى كنت أعرفها اللى عمرها ما أستسلمت أبداً….أخذ يمسح دmـ.ـو.عه بكف يديه وهو يقول: ياعمري أنتى مت عـ.ـر.فيش قد ايه وحـ.ـشـ.ـتني لماضتك وضحكتك الحلوة اللى بتنور الدنيا.
ولج إليه “أدm” ثم أقترب منه بهدوء ليربت على كتفه وهو ينظر إلى شقيقته بحـ.ـز.ن:
– ليه يابابا عملت كدا ليه سمحت أنى هى تدفع التمن ذنبها ايه فى ده كله.
أجابه والده بعد أن بلع غصه مريره فقال بألم:
– ذنبها الوحيد أنها بـ.ـنتي لو كنت أعرف أن بسبب شغلي هتأذي فى ولادي مكنتش أتجوزت من الأول ولا خلفتكم.
أتاهم صوتها المتألم فنهض “عامر” من مكانه ووقف عند رأسها ينظر إليها بقلق، بدأت تفتح جفنها ببطء شـ.ـديد لكنها أغلقتهم على الفور من شـ.ـدة الإضاءة ثم أخذت تفتحهم مرة أخرى، نظرت حولها بشرود ولكن سرعان ما تذكرت ماحدث معها فصرخت بهستيرية حاول “عامر” أن يتحكم بها قائلاً بقلق: فيروزة حبيبتي أهدى أنا بابا عامر متخافيش.
أخذت تهز رأسها بخـ.ـو.ف وذعر لتقول بصريخ:
– رائف أبعد عني حـ.ـر.ام عليك سبني أنا معملتش حاجة
بابا يابابا ألحقني خليه يبعد عني أنا مليش ذنب يابابا.
حاوطها “عامر” بذراعيه وهو يقول ببكاء:
– أهدى يابابا أنا جنبك محدش هيقدر يأذيكي متخافيش فوقى ياحبيبتي وبصيلي أدm نادى للدكتور.
تحرك “أدm” منه مكانه سريعاً بينما “عمران” لم يتحمل أن يسمع صراخها هكذا ليدخل إليهم فرأى “عامر” يحتضنها وهى تتحرك بعشوائية وتصرخ بشـ.ـدة.
اقترب نحوه وجذبها برفق محتضناً أياها وهو يقول:
– فيروزة سمعاني متخافيش محدش هيقرب منك أنتى هنا فى أمان…لم تستمع لما يقوله فظلّت تهذى وتصرخ ببعض الكلمـ.ـا.ت الغير مفهومة.
تحكم أكثر بجسدها فضمها أكثر إلى صدره ليقول هامساً فى أذنيها بحنان:
– حبيبتي أنا عمران أهدى متخافيش أنا جنبك ياعمري أنتى.
هدأت قليلاً وبدأت تستجيب لحديثه فرفعت رأسها وهى تنظر إليه بتوهان فقالت ببكاء:
– عمران أنا خايفة منه خليه يبعد عني ياعمران أرجوك.
مسد على شعرها برفق وقبل مقدmة رأسها ثم قال:
-متخافيش يافيروزة مفيش حد غيري معاكى ومحدش هيقدر يأذيكي طول ما أنا جنبك.
ارتخت أعصابها ووضعت رأسها على كتفه وهى تغمض عينيها بضياع فظلّ هو يربت على ظهرها وقال هامساً:
– أرتاحى ياحبيبة الروح أنا موجود ومش هتخلى عنك أبداً.
نظر إليهم “عامر” بنظرات مندهشة فهى أستجابت إليه فوراً وكأنه مأمنها وملجأها الوحيد حينها بدأ أن يشعر بتناغم شـ.ـديد بينهما وفى تلك اللحظة تأكد بأن هناك شئ يملكه “عمران” نحوها.
ولج الطبيب مع “أدm”، فازاح”عمران” جسدها بعيداً عنه قليلاً عند دخولهم..فعادت تصرخ بهسترية مجدداً أقترب منها الطبيب وحاول أن يتحكم بها فلم يستطيع فوجه بصره نحو “عمران” قائلاً: لو سمحت قرب منها وحاول تمسكها علشان أقدر أشوفها.
ضمها إليه مرة أخرى فقام الأخر بأعطائها أبرة مهدة فهدأت “فيروزة” على أثرها فقام “عمران” بوضع رأسها على المنضدة وغطا جسدها جيداً، بينما هى ظلّت تهلوس ببعض الكلمـ.ـا.ت قائلة: عمران…عمران متسبنيش أنا خايفة.
تحدث “عمران” وهو يمسح بقايا دmـ.ـو.عها مع على عينيها: – عمرى ماهسيبك يافيروزتي نامى وارتاحي .
بينما “عامر” قال للطبيب: هى بـ.ـنتي مالها يادكتور.
الطبيب: متقلقش دى حاجة طبيعية أن هى تحصلها لأن اللى تعرضتله مكنش سهل عليها لكن هى مسألة وقت وهتعدى..ثم نظر إلى “عامر” فأضاف قائلاً:
– ولازم تخلوا بلكم منها وتحاولوا تكونوا جنبها دايماً لأن هى ممكن لقدر الله تفكر فى الانتحار وتأذى نفسها.
تحدث “أدm” بهدوء: تمام يادكتور.
فى القصر ولجت “نازلى” لغرفة “أنيس” لتوقظه من النوم، فأخذت تناديه: أنيس..أنيس أصحى.
فتح جفنه بثقل شـ.ـديد فنظر إليها وقال بصوت ناعس:
– ماما مالك فى حاجة ولا ايه.
اجابته “نازلى” بقلق: قوم كدا وصحصح معايا الفجر أذن والنهار قرب يطلع وأبوك معرفش هو راح فين وأنا قلقانه عليه.
اعتدل فى جلسته وبدأ بفرك عيناه من النعس وقال:
– ياحبيبتي هتلاقيه فى الشغل ولا حاجة .
تحدثت الأخرى بضيق: شغل ايه فى الوقت ده يابني الله يرضى عنك قوم شوفه فين.
اردف “أنيس” بكسل: ياماما متشوفى أدm أكيد هو يعرف بابا فين ماهو شغال معاه .
جذبته من ثيابه وقالت بحنق: ابوك واخوك مش موجودين فى البيت ومش بيردوا على تليفوناتهم ما تخلص يازفت بقا أنا بقالي اكتر من تلات ساعات مش عارفة اوصلهم وخايفة أوى .
نهض من مكانه ليتجه إلى المرحاض قائلاً:
-حاضر هدخل الحمام وهغير هدومي وبعدها أبقى أنزلك تحت نشوف ايه الحكاية ياأمي.
رددت عليه “نازلى” بهدوء: ماشى هستناك تحت بس ما تتأخرش فاهم.
بعد مرور نصف ساعة هبط “أنيس” من على السلالم ليجد والدته تجلس بقلق بجانب جدته، اقترب منهما وقال بتثأب:
– مالكم فى ايه على الصبح هو محدش يعرف ينام براحته فى ام البيت ده.
نظرت إليه الجدة بضيق: تصدق بالله أنك بـ.ـارد ومعندكش دm.
جلس مقابلها ليقول بلامبالاة: عارف ايه الجديد ياتيتا ممكن أعرف بقا عايزين ايه.
الجدة: ابوك مش بيرد على التليفون هو وأدm.
أنيس: يمكن فى حاجة مهمه مشغولين بيها علشان كدا مش بيردوا.
والدته: حاجة ايه يابني أبوك أصلا عنده أجازة من الشغل النهاردة وبليل لما قلقت على أختك فيروزة قالى انه هيروح يشوفها ومن ساعتها معرفش حاجة عنهم.
هب واقفاً من مكانه ثم قال:- متقلقيش هعمل مكالمة مهمه ورجعلكم تانى .
أقترب منهما “عمر” فنظرت إليه “نازلى” وقالت متسائلة:
– عمر ايه اللى صحاك دلوقتى!
جلس على الأريكة بأهمال وقال:
– الساعة ٦ الصبح فطبيعي أني أصحى.
الجدة: والله وده من أمتى النشاط اللى حل عليك فجأة ده.
تحدث “عمر” بزهق: اصحى متأخر مش عاجب ولما أصحى بدرى بردو مش عاجب أعمل ايه فى نفسي اوعل فيها علشان تستريحوا.
ضـ.ـر.بته والدته بخفة على رأسه: هو لسانك ده ميعرفش يسكت أبدا.
عمر: ماما مـ.ـا.تقومى تحضريلي الفطار علشان مـ.ـيـ.ـت من الجوع.
الجدة: استنى شوية وكلنا هنفطر مع بعض.
عمر:لا أنا مش هستني حد يلا يانازلى بقا والله ياجماعة عندى محاضرة الساعة ٧ونص مع دكتور متـ.ـخـ.ـلف ولازم احضرله فخلونى افطر وأمشى علشان الحقها بدل مسقط.
نظرت إليه “نازلى” وقالت بأستهزاء: عمر حبيبي أنت كدا كدا فاشل فى دراستك ياروحي ف متو.جـ.ـعش دmاغنا بقا .
نظر إلى جدته وقال: شوفتى..شوفتى مرات ابنك علشان متجوش تزعلوا بقا لما اجيب درجات وحشة و علشان تعرفوا أن هى السبب وعلى طول بتقعد تقطم فيا.
الجدة: قومى يانازلى حطيله يفطر علشان يغور من قدامي مش ناقصة هى فقعة مرارة.
نازلى: حاضر ياماما حاضر وأنت يازفت ماشى صبرك عليا يافاشل ..
جاء “أنيس” ليرتمى بجسده بجانب “عمر” فقالت الجدة:
– عملت ايه عرفت حاجة عنهم.
تحدث “عمر” متسائلاً: هما مين دول؟.
أنيس: لا ياتيتا معرفتش وكلمت كذا حد من معارف أدm وبابا وقالولي أن محدش منهم راح المقر أصلا.
عمر: أنا مش فاهم حاجة.
أنيس: مش مهم تفهم وياريت تقعد ساكت زى الكنبة اللى أنت قاعد عليها دى.
أردف “عمر” بضيق: هو ليه أنتو دايما مستقلين بيا وكأني واحد حـ.ـيو.ان ملهوش لازمة ما بينكم.
نظرت إليه جدته وقالت بحنان: مين بس اللى قال كدا ياعموره.
عمر: يعني حضرتك مش شايفة بيعملوني أزاى والله مفيش غير فيروزة أختى حبيبتي أحسن منهم كلهم مش عارف أنا ايه بس اللى خلاها تتجوز وتمشى وتسبني مع المعتيه دول.
الجدة: سنة الحياة ياعمر ولازم يجي يوم وكل واحد فيكم يتجوز وينشغل بحياته الجديدة يبني.
أنيس: مالك بس ياعم القموص هو حد كان كلمك ولا جه جنبك أنت شكلك فايق وبتتلكك.
عمر: اه بتلكك عندك مانع .
أتاهم صوت “أحمد” الذى تحدث بضيق: فى ايه على الصبح هو كل يوم كدا خناق مـ.ـا.تهدوا شوية واعقلوا.
الجدة: والله يابني ما تكلمت وقاعدة ساكتة أهو وفى حالي.
ضحك “أنيس” و”عمر” عليها بخفة بينما “أحمد ” قال:
– يا أمي ياحبيبتي هو حد قالك حاجة وبعدين ياست الكل أنتى تعملى اللى عوزاه إن شاء الله تجيبي طبل بلدى من الصبح ومحدش يقدر يقول تلت التلاته كام دا أنا كنت كـ.ـسرتوا.
مال “عمر” على شقيقه وقال بهمس: ستك عاملة زى المتهم البريئ وهو بيدافع عن نفسه مش أنا ياسيدي القاضي والنعمة ماأنا.
نظرت إليه فقالت بحنق: بتقول حاجة يازفت.
عمر: أبدا ياقمر دا أنا حتى بشكر فيكي مش كدا ياانيس.
أنيس: ونعمة كـ.ـد.اب.
بعد مرور مدة كبيرة من الوقت كانت تأخذ الصالون ذهاباً وأياباً فقالت لها “حسناء”: نازلى مـ.ـا.تهدى يابـ.ـنتي خيلتيني.
نازلى: هتجنن يعنى ايه معرفش حاجة عن جوزي ولا عيالي لحد دلوقتى.
تحدث أحمد: متقلقيش هما مش عيال صغيرة وهتلاقيهم داخلين علينا دل..بترت كلمـ.ـا.ته بصدmة عنـ.ـد.ما وجد شقيقه يلج إليهم ويحضتنه ابـ.ـنته النائمة بين ذراعيه فنهض الجميع وهم يقتربون منهما بفزع، بينما صعقت “نازلى” من هيئة أبـ.ـنتها المدmرة فهرولت نحو زوجها وقالت ببكاء شـ.ـديد:
– بـ.ـنتي …بـ.ـنتي يانور عيني إيه اللى حصلك ياقلب أمك..رفعت بصرها إلي زوجها وقالت بخـ.ـو.ف:
بـ.ـنتك ايه اللى حصلها ياعامر مين اللى عمل فيها كدا مين اللى دmر قلب أمها بالشكل ده رد عليا .
نظر إليها بألم فلم يستطيع أن يجيب عليها بشئ فتركها وصعد بابـ.ـنته إلى غرفتها ولكنه قبل أن يخطو بقدmيه قال: محدش فيكم يطلع ورايا لأن هى محتاجة راحة ومش عايز حد يقلقها.
أقترب منها “عمران” ليطمنها قليلاً:
-متقلقيش حضرتك دى مجرد حادثة بسيطة وبـ.ـنت حضرتك هتبقى بخير هى محتاجة شوية وقت حتى تشفى من الكدmـ.ـا.ت اللى فيها مش أكتر.
تحدثت “نازلى” ببكاء: حادثة أمتى حصلت دى أنا مش فاهمة حاجة.
الجدة بحـ.ـز.ن: مش وقتك يانازلى خلينا نطلع نطمن عليها.
صعدت معها إلى الأعلى ليتبقى بقية الأفراد بالأسفل.
دخل “عامر” إلى غرفتها ليضعها على الفراش برفق وجلس بجانبها يقبل يديها بألم وحـ.ـز.ن يفتك بقلبك لتسقط دmـ.ـو.عه مجدداً على حالتها المحـ.ـز.نة.
ولجت نازلى وأقتربت منهما فقال وهو يمسح أثر بكائه:
– ايه اللى طلعكم ورايا مش نبهت عليكم محدش يطلع ليه مش بتسمعوا الكلام.
تحدثت “نازلى” ببكاء : أنت ايه يااخى بـ.ـنتي معرفش ايه اللى حصلها وانت مش عايزني حتى أشوفها وأطمن عليها.
فأخذت تشهق بالبكاء بشـ.ـدة ليضمها إلي صدره ليبكى معها فأتاها صوته المتألم:
-مش قصدي يانازلى بس اللى شوفته مكنش سهل مكنش سهل عليا اشوف بـ.ـنتي بالمنظر ده مت عـ.ـر.فيش قد ايه أنا موجوع لو.جـ.ـعها أنا دmرت بـ.ـنتي يانازلى دmرتها..ولكن وحياة كل دmعة نزلت منها وكل و.جـ.ـع هى حسته وكل أذى تعرضت له لجيب حقها حتى لو فيها مـ.ـو.تي.
الجدة ببكاء: بعد الشر عليك ياحبيبي ربنا ينتقم من كل ظالم ومن كل اللى يأذيك أنت وولادك.
أبتعدت عنه لتقول بحرقة: هى هتبقى كويسة صح.
عامر: أه ياعمري بـ.ـنتنا هتبقى كويسة وهتعدي كل اللى هى فيه عايزك تبقى قوية علشانها لأنها محتاجنا جنبها.
نازلى: هو ايه اللى حصلها .
نهض “عامر” من مكانه وهو ينوي على شئ وقال: دلوقتى هتعرفى.
فى الأسفل تحدث “أحمد” قائلاً: أدm أحنا مش فاهمين ايه اللى وصل اختك لكدا.
نظر إليه “أدm” بـ.ـارهاق: حرفيا أنا مش قادر اتكلم بابا هيبقوا يحكلكم.
عمران: أدm أنا همشي لأن اتأخرت على عيلتي وهتلاقيهم قلقليين عليا ولو احتاجتم أى حاجة رن عليا فوراً.
اقترب منه “أدm” وصافحه ثم قال: بجد شكرا ليك من غيرك مكنتش هعرف أتصرف .
أبتسم “عمران” أبتسامة باهته حـ.ـز.نية:
– متقولش كدا أحنا بردو أخوات وديما لازم نقف مع بعض وأنا عمري ما أتأخر عنكم فى حاجة..يلا عن أذنكم.
أحمد: أذنك معاك يابني.
بينما أقتربت “سارة” من “أدm” وقالت بدmـ.ـو.ع: حبيبي أنت كويس.
“أدm” بإبتسامة مرهقة: الحمدلله ياسارة أنا بخير متقلقيش عليا.
لم تمر إلا ثوانٍ معدودة ليفزعوا بشـ.ـدة من صراخ “عامر” الذى هبض السلم سريعاً فكان يصـ.ـر.خ بأسم شقيقه “خالد” فأخذ يناديه بصوت عالٍ: خالد….خالد أنت يازفت.
الجدة: عامر مالك بتزعق كدا ليه.
جاء “خالد” من غرفته وقال بقلق: نعم ياعامر فى حاجة.
اقترب منه كالاعصار وقال بغضب جحيمى:
– فيها أني جاي أخد روحك ياروح امك..أنهى حديثه وهو يصفعه بعنف على وجهه..فصرخت الجدة بخـ.ـو.ف وقالت:
– عامر أنت ايه اللى عملته ده ازاى تضـ.ـر.ب اخوك كدا أنت أتجننت .
لم يبالى لها ولا لأحد فجذبه مرة أخرى من قميصه وصفعه مجدداً، أقترب “أحمد” و”أنيس” منهما محاولين أن يسيطرون عليه لكنه كان فى حالة غضب لا مثيل
لها …ظلّ يسدد له بعض الضـ.ـر.بات على جسده والأخر كان مستسلم إليه فقال وهو يصـ.ـر.خ به ببكاء:
– اااه ياكـ.ـلـ.ـب يازبـ.ـا.لة بتأذى أخوك فى عياله علشان شوية فلوس ملهمش لازمه قولي ليه بتأذيني فى بـ.ـنتي بالشكل ده ليه دا أنا أخوك من لحمك ودmك للدرجاتي الفلوس عمت قلبك رد عليا ليه عملت كدا.
نظر إليه “خالد” بضعف وقال بدmـ.ـو.ع: سامحني ياعامر سامحني …سامح أخوك أنا عارف أني غلطت فى حقك أنت وفيروزة كتير والذنب اللى عملته مايتغفرش.
تحدثت الجدة بتعب:
أنتو أكيد أتجننتوا لا يمكن تكونوا ولادى …ثم نظرت إلى “عامر” وأكملت: أنت بتمد أيدك على أخوك قدامنا هى دى تربيتي ليك.
نظر إليها “عامر” بقهر ثم قال بدmـ.ـو.ع:
– أبنك اللى خايفة عليه مني ده كـ.ـسرني ابنك اللى بتدافعى عنه خـ.ـطـ.ـف بـ.ـنتي كارما وحط طفلة مكانها وولع فى اوضتها وراح حطها فى الملجأ واوهمني أنها مـ.ـا.تت لكن ميعرفش أن أفعاله النجسة هيجي يوم وتتكشف…رد عليا ازاى جالك قلب تشوف أخوك قدامك بيعـ.ـيط بدل الدmـ.ـو.ع دm على بـ.ـنته اللى فاكرها مـ.ـيـ.ـتة ازاى هان عليك تشوفني منهار قدامك فى اليوم ده مصعبتش عليك ولو للحظة وأنا بتو.جـ.ـع على مـ.ـو.تها وهى عايشة وليه حرمنتي منها محستش بالشفقة عليا ولا على مراتي وهى كنت بتمـ.ـو.ت من القهرة على بـ.ـنتها اللى ولعت ازاى تروح تجيب جثة طفلة من المشرحة وتحطها مكان بـ.ـنتي وتولع فيها بجد أنا مصدوم فيك..مصدوم من أخويا اللى المفروض يكون السند والدعم لاخوه ويخاف عليه لكنك شيطان على هيئة بنأدm ..
أقتربت منه “نازلى” بصدmة فقالت بتلعثم وبكاء: أنت بتقول ايه كارما بـ.ـنتي عايشة مامتتش ازاى ياعامر أنت اكيد بتكدب عليا….أخذت تتحدث بهستيرية:
– لا لا لا بتكدبوا عليا حـ.ـر.ام عليكم مستحيل أنا.. أنا بـ.ـنتي عايشة ياربي ازاى دى مـ.ـيـ.ـتة بقالها ٢٧ سنة أنتو بتهزروا صح …أمسكت يديه وقالت بأنهيار:
– رد عليا ياعامر بـ.ـنتي مـ.ـيـ.ـتة مش عايشة صح بالله عليك متو.جـ.ـعش قلبي…أجابها زوجها بصوت مبحوح:
– بـ.ـنتنا عايشة يانازلى مش مـ.ـيـ.ـتة زى ما الحقير اوهمنا.
أردفت “نازلى” بصدmة وبألم يعتصر قلبها على فلذة قلبها:
-يعنى بـ.ـنتنا عايشة وأنا اللى مفكرها مـ.ـيـ.ـتة دا أنا كل يوم أمسك صورتها وأحـ.ـضـ.ـنها واقعد اعيط على فقدانها وادعي ليها بالرحمة وهى فى الأصل عايشة …طب ليه ليه اخوك عمل فينا كدا ليه أخوك يوجـ.ـع قلبي على ضنايا بالشكل ده احنا عمرنا مأذناه فى حاجة ليه ياخالد تعمل في أخوك ومـ.ـر.اته كدا ليه تحرق روحنا على مـ.ـو.ت بـ.ـنتنا وهى لسه فيها النفس …روح ياشيخ ربنا ينتقم منك ..روح حسبي الله ونعم الوكيل فيك يامفتري ربنا ينتقم منك ويحرق قلبك زى ما حرقت قلوبنا……
ثم وجهت حديثها لزوجها فقالت بحـ.ـز.ن ودmـ.ـو.ع: عايزة اشوف بـ.ـنتي هى فين ليه مجبتهاش معاك.
نظر “عامر” لشقيقه بألم وخذلان فقال بحـ.ـز.ن:
– هتصدقوني لو قولتلكم أنا كارما هى نفسها فيروزة.
نظر الجميع إليه بصدmة فاكمل حديثه:
– عارف أنكم هتتصدmوا بس لازم تعرفوا اللعبة الوسـ.ـخه اللى أخويا ومـ.ـر.اته الشريفة بيلعبوها عليا البيه بعد ماخـ.ـطـ.ـفها راح حطها فى الملجأ وبعدها بكام سنة لعب فى عقلي وخلاني اروح معاه واتبني طفل بعد ما خلفتنا أتأخرت أنا ونازلى ولما روحنا هناك اقنعني أنى أتبناها وهى فى الأصل بـ.ـنتي اللى خلفتها و علشان يقهرني أكتر ويكـ.ـسرني خلاني أتعامل معاها وكأنها مش بـ.ـنتي واحرمها من أبسط حقوقها ….عمري ما هسامحك ياخالد على اللى عملته فيا وفى بـ.ـنتي اللى بسببك عاشت طول عمرها فاكرة نفسها يتيمة وأننا متفضلين عليها مع أن أبوها لسه عايش ..ربنا يعيشك الو.جـ.ـع اللى أنا عيشته طول عمرى وتدوق من نفس الكأس اللى شربتهولي.
نظر إليه “خالد” بنـ.ـد.م ثم قال بحـ.ـز.ن: أنت عرفت كل ده ازاى وامتى مين اللى قالك الكلام ده كله.
جائه صوت قوى من الخلف قائلاً: أنا اللى قولتله.
نظر “خالد” نحو الصوت بصدm وقال: أنت…
نظر إليه “خالد” بنـ.ـد.م ثم قال بحـ.ـز.ن: أنت عرفت كل ده ازاى وامتى مين اللى قالك الكلام ده كله.
جائه صوت قوى من الخلف قائلاً: أنا اللى قولتله.
نظر “خالد” نحو الصوت بصدmة وقال: أنت…!
الشخص: مفاجأة مش كدا.
ثم تقدm منهما ببعض الخطوات المثقلة ليقف أمام والده وقال بقوة عكس ما بداخله:
– مالك يابابا مستغرب وجودي ليه مكنتش متوقع أن أنا اللى هقول لعمي على كل حاجة.
خالد: وليد أنت جيت من السفر أمتى ومين اللى عرفك بكل الكلام ده.
تحدث “وليد” وهو ينظر إليه بحـ.ـز.ن:
– جيت من يومين وموضوع عرفت بكل اللى حصل منين فتقدر تسأل طارق اللى كنت بتحاول أنت وأمي تسكتوه وتخليه يتستر على عملتك لكن هو مستحملش وأتصل بيا فى اليوم اللى سمعكم فيه وقالي على كل حاجة وأنا قومت بواجبي مع عمي اللى مشوفتش منه أى حاجة وحشه تخليكم تعملوا فيه كدا.
هتفت والدته “نادية” بغضب قائلة:
– أنت شكلك أتجننت ياوليد أزاى تسمح لنفسك تتهمني بحاجات أنا أصلا معملتهاش أبوك هو اللى خطط لده كله ونفذه لوحده.
نظر إليها “خالد” بعدm تصديق أهى تنفى كل ما فعلته، أقترب منها قليلاً وقال بحنق:
– بقا أنا اللى عملت ده لوحدي مش دى كانت فكرتك من الأول وخلتيني أعمل العملة السودا علشان الفلوس.
هتف “عامر” بصوت عالٍ ليقول بغضب:
– لا يمكن تكونوا بشر زينا أنت ايه ياأخى شيطان معندكش دm هو دا كل اللى همك …تعرف ياخالد أنت ومراتك شبه بعض ومتقلش عنها بحاجة نفس الطمع والجشع والحقد والغل مالى قلبكم…بجد ياخسارة يابن أبويا مكنتش أعرف أنك بالوساخة دى..أنا عمرى ما كلت حق حد فيكم أنا حفظت على كل قرش يخصكم ودلوقتى جه الوقت اللى نصفى فيه حسابنا..ثوانى ورجعلكم.
ذهب متجهاً إلى مكتبه بينما “وليد” نظر إلى والدته وقال بنبرة يكسوها الألم:
– ليه ياماما عملتي كدا بجد أنا مصدوم فيكم مكنتش أتوقع أنكم بالشكل ده.
تحدثت “نادية” بضيق قائلة:
– بقولك ايه حل من على دmاغي وبعدين متعملش نفسك بريئ أنت ناسي عمايلك المقرفة فلو كنت ناسي ياحبيبي أفكرك ..ولا فيروزة اللى ضحكت عليها ولا معملتك ليها وسهرك مع البنات ف تسكت أحسن.
نظر إليها “وليد” ليقول بنـ.ـد.م:
– أنا فعلاً عملت حاجات وحشة بس عمري ما فكرت أني أقــ,تــل حد أو أفكر لمجرد تفكير أني أعملها زيك
بسببك أنتى خسرت البـ.ـنت الوحيدة اللى حبيتها أنا خسرت فيروزة حب عمري بسبب كلامك وأفعالك وأنا اللى كنت ماشى وراكي زى الأهبل فاكر أنك عايزة مصلحتي لكن مكنتش أصلا فارق معاكي أنتى دmرتيني.
لحظات و أتى “عامر” من الداخل وهو يحمل بيديه بعض الأوراق واليد الأخرى يحمل بها حقيبة مليئة بالمال أقترب من أخيها وأخذ يرميها بوجهه قائلاً بحـ.ـز.ن:
– دى الفلوس اللى بعت أخوك علشان واللى حاولت تقــ,تــل عياله..خدها كلها ولو لسه عايز بقية فلوسي خدها..
فرت دmعه متعلقة من جفنه ليكمل بقهر حديثه:
بس قبل دا كله تقدر تمحي من ذاكرتي كل ليلة حـ.ـز.نت فيها تقدر بالفلوس دى ترجع بـ.ـنتي لحياتها الطبيعية
الفلوس اللى كنت هتمـ.ـو.ت عليها أحنا اللى بنعملها مش هى..وبعدين أنا مكلتش حقكم وورثكم محفوظ من زمان ومتقسم على كل واحد فينا..
أنهى حديثه وهو يعطيه ملف به ميراثه ثم أقترب من شقيقه الأصغر وأعطى الملف الأخر له، فنظر “أحمد” إليه ثم قال مندهشاً: ايه دا ياعامر .
عامر: دا حقكم فى كل حاجة وكمان أنا كتبت حسابكم من الشركة علشان ميجيش حد منكم يطالب بحقه بعد كدا مني او انه يتهمني بالسرقة .
أحمد: بس أنا مش عايز حاجة ياعامر هو من أمتى مابنا الكلام ده.
عامر: كل حاجة أتغيرت ومابقتش زى الأول ومن النهاردة كل واحد فيكم حر فى نفسه أنا خلاص أستكفيت من مشاكلكم لان اللى بيدفع التمن فى الأخر ولادي وأنا مش مستعد أخسر حد منهم علشان واحد ملهوش لازمة.
أخفض “خالد” رأسه ينظر إلى أسفل قدmيه وقال بنبرة حزينة: أنا آسف ياعامر على كل اللى عملته معاك بجد الفلوس كانت عامية قلبي لكن أنا ماليش غيركم ياخويا ومن غيرك أمـ.ـو.ت.
تحدث “عامر” ببرود: أسفك عمره ما هيرجع اللى فات ولا هيصلح اللى أتكـ.ـسر أصلها مش كوباية كـ.ـسرتها وجاى تقولى أسف لا دا الموضوع أكبر من كدا دى حياة بنأدm .
تقدm بخطواته نحو زوجته “نازلى”التى تبكى فى صمت تام ليربت على يديها بألم ليحتويها بذراعيها ثم همس بتعب قائلاً:
-خلينا نطلع يانازلى لأن خلاص ما بقتش قادر أقف.
ثم استدار بجسده للخلف مشيراً لابنه فقال بأمر:
– أنيس أطلع أطمن على أختك ومتسبهاش ولو فاقت ناديلي فوراً.
أجابها “أنيس” بأحترام قائلاً: حاضر يابابا متقلقش عليها أنا هكون جنبها لحد ما تفوق ومش هسيبها بس أطلع أرتاحلك شوية.
***********************************
فى مكان أخر ركن “عمران” سيارته فى الجراج ثم أتجه إلى داخل القصر، وولج لغرفة الجلوس ليجد أبنه يجلس بجانب شقيقته وأولادها الصغار، قفز “سفيان” من مكانه راكضاً نحو أبيه الذى رفع جسده إليه ليضمه بكل حب فأتاه صوت الصغير قائلاً بعبوس:
– بابي كنت فين أنا أمبـ.ـارح بليل صحيت وملقتكش نايم جنبي.
– كان عندي شغل ياحبيبي وبعدين مروحتش المدرسة ليه ياأستاذ سفيان.
تحدثت “هدى” قائلة بأبتسامة: – ابنك خد عدm وجودك حجة ومرضيش يروح المدرسة النهاردة.
نظر إليه “عمران” ليقول بعتاب: – ينفع كدا مش أحنا قولنا لازم نبقى شطار ونهتم بالمدرسة والمذاكرة.
سفيان: مجتش من يوم يعنى يابابي وبعدين أنا حابب أقعد العب مع بنات عمتو.
أنزله من حـ.ـضـ.ـنه وهو يقول: ماشى ياسيدي بس مـ.ـا.تتعودش على كدا….أبتعد عنه وأقترب من والدته ليقبل يديها بخفة ثم رفع رأسه ونظر إليها بأبتسامة هادئة، وقال:- صباح الخير ياست الكل.
ربتت على كتفه ثم قالت بحنان: – صباح النور ياحبيبي
شكلك تعبان من الشغل.
عمران: جدا يا أمي أمبـ.ـارح كان يوم صعب عليا بس الحمدلله عدى على خير .
الأم: طب الحمدلله، تحب أخليهم يحضرولك حاجة تفطر بيها.
تحدث “عمران” بإرهاق قائلاً:
– صحيح أنا جعان بس محتاج للنوم أكتر لأن حاسس أن جـ.ـسمي شوية كدا وهينهار ف هقوم أطلع أنام ساعتين أرتاح فيهم وبعد ما أصحى أبقى أشوف حكاية الأكل.
أردفت والدته بهدوء قائلة: – خلاص ياحبيبي زى ما أنت عاوز .
التفت برأسه يميناً ويساراً ثم تسأل: – أومال فين روفيدة.
أجابته “هدى” قائلة:- راحت الجامعة من بدرى.
تنهد الأخر بهدوء:- معجزة أنها معملتش زى الأستاذ ده ما أنا عارف عقلها صغير.
ضحكت “هدى” بخفة ثم قالت:- ماهى فعلاً مكنتش عايزة تروح وتقعد تقضى اليوم مع العيال لولا ماما زعقت ليها.
أبتسم “عمران” ليقول بمرح:- مش بقولكم عقلها عقل طفلة.. على العموم أنا طالع أنام سلام.
بعد مرور ساعتين أستفاق على أثر طرقات الباب المزعجة، فنزع الغطاء من عليه وقام من على الفراش بخمول ثم أتجه نحو الباب وفتحه للطارق ليجد شقيقته “هدى” تقول بضيق:- رامى مستنيك تحت ياريت تنزله وتشوفه عايز ايه وبعدها تمشيه.
ضيق جفن عيناه قليلاً ثم قال بهدوء:
– وأنتى بقا عايزانى أطرد الراجـ.ـل من بيتي لمجرد مشكلة حصلت ما بينكم.
تحدثت مجدداً قائلة بعدm أستيعاب:
– اه وياريت تقوله مش عايزين نشوف وشك هنا تانى مفهوم.
نظر إليها بحده ثم قال بحذر: – هدى خلى بالك من كلامك دا بيكون جوزك وأبو عيالك ومينفعش كلامك دا يتقال فاهمة ياهانم.
أردفت “هدى” بعيون دامعة قائلة:
– أنت بتيجي على أختك علشانه مع أن هو اللى غلطان فى حقي مش أنا.
لانت معالم وجهه ليقول بهدوء:
– أنا مش باجي عليكى ولو هو فعلاً غلطان هجبلك حقك بس بردو مينفعش لما يكون فى بيتنا نعمله وحش أو نطرده فى الأول والأخر هو بيكون أبو بناتك صح يبقى مينفعش أوجه له أى أساءة فى حقه علشان خاطر البنات، وبعدين الأمور متتحلش بطريقتك دى لازم تحكمى عقلك وتوازى بين الأمور …وأوعدك أن أنا ياستي هجبلك حقك وهخليه كمان يبـ.ـو.س رأسك وايدك ويعتذر بس كله بالهدوء والعقل تمام.
أومأت رأسها بنعم، ليكمل حديثه قائلاً:
– اسبقيني على تحت وأنا جاي وراكي ياهدهد وبلاش تعملي مشاكل ولسانك يفضل جوا بوقك بلاش فضايح مش هكرر كلامي تاني .
هدى: حاضر.
بعد مرور بضع دقائق هبط “عمران” إلى أسفل وتقدm بخطوات ثابتة نحو مكتبه ثم دخل وأغلق الباب خلفه أقترب من مقعده وجلس عليه مقابل زوج شقيقته، أستند بيديه على المكتب وهو يقول بهدوء:
– طمنى عملت اللى قولتلك عليه.
مد “رامى” يديه بملف فأخذه الأخر منه ليتفحصه بدقة
فأتاه صوت الأخر يقول:
– اه و قدرت أوصل لواحد أسمه عزوز وده بيكون الدراع اليمين لرائف هنا فى البلد وهو اللى بيقوم بكل التحركات اللى بيؤمره بيها سواء من خـ.ـطـ.ـف أو قــ,تــل أو سرقة أو تهريب مـ.ـخـ.ـد.رات كل حاجة ممكن تتخيلها هو بيعملها .
رفع “عمران” رأسه نحوه ليقول بتسأل:
– عرفت مكانه ولا لسه أنا مش عايز أى أستهتار فى القضية دى أحنا مش بنلعب مع شوية عيال بيبيعوا مـ.ـخـ.ـد.رات فى الشوارع وخلاص لا أحنا دلوقتى بـ.ـنتعامل من منظمة كبيرة ورائف هو الرأس هناك.
تحدث “رامى” بجدية قائلاً:
– متقلقش أنا ورجـ.ـالتي وصلنا للزفت عزوز وحبسناه فى مكان محدش يعرفه لأن لو وديته السـ.ـجـ.ـن الخونة هيقدروا يهربوه .
تنفس الأخر بأرتياح وهو يغلق الملف بعد ما حصل على تلك المعلومـ.ـا.ت التى كان يبحث عنها ليقول بغموض:
– وأخيراً هنقدر نمسك الحـ.ـيو.ان رائف بكل سهولة هو فاكر نفسه باللى عمله أنه هينجوا شكله ميعرفش هو بيلعب مع مين…والله لأخلص عليه بأيدي وأخد حقها وحق كل اللى أذاهم.
نظر إليه “رامى” بعدm فهم ليقول:
– هى مين دى اللى هتاخد حقها منه.
أجابه “عمران” وهو يتذكر هيئة “فيروزة” التى ألمته فقال بحـ.ـز.ن : – أنسانة غالية عليا ولازم أجيب حقها من الحقير رائف هخليه يتمنى المـ.ـو.ت وميطلهوش هعـ.ـذ.به زى ما عـ.ـذ.بها وبعدها هبقى أنهى روحه بس لما أفش غليلي منه الأول.
**********************************
فى الجامعة وتحديداً كلية الهندسة وأمام مدرج (٣) كانت تجلس “روفيدة” على السلالم تشرح إحدى المسائل المستصعبة ل “لارين” و “سهر” الذين كانوا ينصتون إليها بشـ.ـدة، أنهت حديثها بأغلاق تلك الملزمة، ثم قالت:
– فهمتوا حاجة ولا أرجع أعيدها من تانى.
نظرت إليها “سهر” قائلة بذهول:
– لا دا كدا تمام أوى، مكنتش أعرف أنك بالشطارة دى ياروفيدة بجد أبهرتيني.
تحدثت “لارين” بأبتسامة هادئة فقالت:
– ماشاءالله عليكي يافوفة جايبة الشطاردة دى كلها منين شكلك كدا بتاخدى كورسات برا.
ضحكت “روفيدة” بخفة وهى تجمع شعرها على جانب ثم قالت ببعض من الغرور وهى تشير بأصبعها عن نفسها:
– جيبها من العبد لله وبعدين ياست لارين هو فى أصلا كورسات للمواد بتاعتنا دى ده لولا شرح الدكتور كنا اتسوحنا.
ظهرت أبتسامة واسعة على ثغر “سهر” لتقول بمرح:
– أنا كدا خلاص ضمنت أني هنجح السنادى وبتقدير كمان .
قطبت “لارين” حاجبيها قائلة:
– وايه اللى خلاكي ضامة نجاحك بتقدير للدرجاتي.
أقتربت “سهر” من “روفيدة” وهى تضع ذراعيها على كتفها لتقول: – مش أحنا معانا روفيدة يبقى خلاص اطمني أننا هننجح أنتى مش شايفة شطارتها وذكائها يابـ.ـنتي.
نظرت إليها “روفيدة” بطرف عينيها ثم قالت بهدوء:
– ياخـ.ـو.في يافواز ياخويا من ثقتك الزايدة دى لأحسن نسقط كلنا.
أردفت “سهر” بكل ثقة ووقار:- الثقة فى الله نجاح.
بعد ثوانٍ أقترب منهما صديقاتهم إحدهم تدعى “ياسمين” والأخرى تدعى “هند” كانتا يرتديان ملابس خادشة لا تليق بفتاة جامعية، همست “سهر” بأذن “روفيدة” قائلة بضيق:
– استغفرالله هما ايه اللى حدفهم علينا الساعة دى هى ناقصة تناحتهم.
أجابتها “روفيدة” بهدوء:- بالله عليك لتسكتي لأحسن يسمعوكى.
مدت “هند” يديها لتلقى السلام عليهن ثم دنت من “روفيدة” وهى تقول بأبتسامة مصطنعه:
– ايه الشياكة والأناقة دى يافوفة دول شباب وبنات الجامعة معندهمش كلام غير على لبسك الحلو والقيم.
رددت عليها “روفيدة” بكل هدوء :
– وليه يتكلموا على لابسي أنا على فكرة اللبس بتاعي شكله عادى جدا وكمان مناسب للكلية ف مش محتاج كل الهيصه اللى بتقولي عنها .
رمقتها الأخرى من مقدmة رأسها إلى أسفل قدmيها ثم قالت بغيرة :- الصراحة هو يستاهل أن يتعمل عليه ضجة لأن شكله غالي أوى ومخلى ليكى قيمة.
تحدثت هذة المرة “سهر” وقالت بضيق:
– والله ياهند روفيدة هى اللى محليه اللبس وبعدين أنتى مركزة أوى مع لبسها ليه !.
صمتت دون أن تجيبها ، فتحدثت صديقتهم الثانية “ياسمين” وتسألت بكل سماجة:
– وياترى بقا أنتى بتجيبي هدومك منين ومين اللى بيدفعلك أصل اللى أعرفه أن باباكى مـ.ـيـ.ـت مش كدا.
نظرت إليها “روفيدة” لتجيبها بضيق من حديثها:
– صحيح أن بابا مـ.ـيـ.ـت بس ربنا عوضني بأحسن أخ فى الدنيا وهو اللى بيصرف عليا ومش مخليني محتاجة أى حاجة وبعدين أحنا مش فقراء للدرجاتي أحنا الحمدلله ربنا كرمنا من وسعه .
تحدثت “ياسمين” بأستهزاء: – ومدام أنتو مرتاحين أوى كدا ليه بتدرسى فى جامعة حكومية.
أجابتها “سهر” قائلة بحده: – والله دى حاجة متخصكيش وبعدين ياأستاذة مش شرط أن كل اللى معاه فلوس وغني يدخل جامعات خاصة وده كمان لأن الجامعات الحكومية أوقات كتير بتبقى أفضل مليون مرة من الخاصة .
تحدثت “هند” بتـ.ـو.تر: – خلاص يابنات أهدوا كدا أحنا مش جايين نتخانق.
التفتت إليها “لارين” وقالت بمزيج من السخرية:
– والله أحنا اللى هاديين لكن معرفش أنتو اللى مالكم عمالين تفركوا حوالينا ليه.
بهت وجههم، فأرتسمت شبه أبتسامة على خد “روفيدة” لتقول بهدوء وهى تلمم أغراضها:
– أنا هدخل أحضر محاضراتي يابنات هتيجوا معايا ولا ايه ظروفكم.
سحبت “لارين” “سهر” من معصهما فقالت:
– أستنى هنيجي نحضر معاكى.
فى المساء
أستيقظت “فيروزة” من نومها ولكنها مازالت ترقد على الفراش تنظر إلى السقف بشرود، فبدأت تلك المشاهد تتزاحم فى عقلها واحدة تلو الأخرى، لتنهمر عينياها بالدmـ.ـو.ع وهى تتذكر كل ماحدث ورجائها “لرائف” أن يتركها وشأنها.
فلاش باك…….
عنـ.ـد.ما قام بإخراج مسدس من سترته ورفعه فى وجهها قائلاً: اتشهدي على روحك يافيروزة جه الوقت اللى أنتقم فيه من عامر وأخد حق أخويا اللى قــ,تــله.
نظرت إليها بخـ.ـو.ف فقالت بتـ.ـو.تر: رائف لو سمحت سيب المسدس وفكك من الجنان ده مش هتستفيد حاجة من قــ,تــلي.
– لا هستفيد وجـ.ـا.مد أوى أنتي أصلك مت عـ.ـر.فيش حاجة.
أقترب منها أكثر ليضعه على مقدmة رأسها فنظرت إليه برجاء وبعيون دامعة لتقول بصوت مهزوز: بس أنا حامل يارائف معقولة هتقــ,تــل أبنك وأمه.
أتسع جفن عيناه بصدmة فقد كان وقوع هذا الخبر أثر كبير على مسمعه.
أبتعد قليلاً وهو ينظر إليها بصدmة ألجمته ثم قال:
– أنتى قولتى ايه…حامل أزاى.
تحدثت “فيروزة” ببكاء: هو ايه اللى أزاى مش أنا مراتك فطبيعي يحصل حمل.
رائف: مين قال أنك مراتي، أنا فى اليوم اللى أتجوزتك فيه طلقتك فى وقتها وخليتك تمضي بكل بساطة على الورق من غير مـ.ـا.تخدى بالك، أصل أنا ميشرفنيش أناسب حد زي أبوكى.
– يعنى أنت كنت بتقرب مني فى الحـ.ـر.ام، أنت ايه يأخى معندكش لا رحمة ولا دين، ربنا ينتقم منك يارائف.
نظر إليها بضيق قائلاً: ماخلاص ياست الشيخة هتعملي فيها الخضرا الشريفة، دا كفاية أوى أنك بـ.ـنت قتال قــ,تــلة.
فيروزة: – أفهم بقا مية مرة اقولك أني مش بـ.ـنته ليه مابتفهمش، يعنى أنتقامك منه فيا ملهوش لازمة، أنا مش فارقة معاه ولا مع حد يعنى لو قــ,تــلتني دلوقتي محدش هيزعل عليا، ف سبني فى حالي لو مش علشان خاطري علشان خاطر أبنك اللى فى بطني ايه ذنبه أنك تقــ,تــله هو كمان….حـ.ـر.ام عليك يارائف بجد حـ.ـر.ام اللى انت عملته فيا أنا مستحقش منكم كدا.
بينما هو أردف بجدية قائلاً: – وأنا مش عايز الطفل دا لان هو أصلا جاي عن طريق زنا، وانتقامي منه هيفرق كتير أصلك مت عـ.ـر.فيش هو هيتو.جـ.ـع قد ايه لما يشوف بـ.ـنته اللى من لحمه ودmه واللى كان فاكرها مـ.ـيـ.ـتة مدmرة قدام عينه أو بالأصح هيعيش نفس التجربة والشعور اللى مر بيه مرة لما أفتكر أنها مـ.ـا.تت وهى صغيرة ومرة لما يشوفها مـ.ـيـ.ـته قدامه وهى كبيرة.
القت نظرها إليه بعدm استيعاب قائلة:
– أنا مش فاهمة أنت تقصد ايه بكلامك دا.
رائف ببرود: أنك أنتى هى نفسها كارما، يعنى يافيروزة أنتى بتكونى بـ.ـنت عامر……….
باك..
ظلّت تبكي بأنهيار وصوت شهقاتها يعلو، استفاق “أنيس” الذى كان غافلاً على الكرسى بجانبها على أثر ذلك، أقترب منها محاوطها بيديه قائلاً:- فيروزة أهدى ياحبيبتي مفيش حاجة أنا جنبك أهدى.
أبتعدت عنه ونهضت من مكانها بأرهاق وهى تنظر حولها بخـ.ـو.ف وفزع، وكانت تلك الأحداث التى حصلت معاها تؤلمها بشـ.ـدة، فأخذت تردد بخـ.ـو.ف وعدm أستيعاب أين توجد: – أنا فييين…..أنتو عملتوا فيا ايه…رائف أبعد عنى أرجوك .
حاوطها “أنيس” مرة أخرى:
– متخافيش أنتى هنا فى بيت بابا ياحبيبتي ومحدش هيقدر يأذيكى تانى.
بينما هى وضعت يديها عن أذنيها محاولة عدm سماع تلك الأصوات التى تنبعث من داخلها، فصرخت بقوة:
– بس بس أسكتوا مش عايزة أفتكر أى حاجة، التفتت لأخيها فقالت بهستيرية وهى تبكي وتخبط على رأسها:
– أنيس خليهم يبطلوا أنا دmاغي بتو.جـ.ـعني مش قادرة أستحمل مش قادرة حاسه أني همـ.ـو.ت من كتر الو.جـ.ـع.
أمسك يديها ثم تحدث بشفقة وحـ.ـز.ن عليها:
– كفاية يافيروزة كدا هتأذى نفسك فأهدى .
فى تلك اللحظة أتى “عامر” و”نازلي” ليندهشوا مما رأوا فتقدm أبيها منها وهو يقول بقلق:
– فيكي ايه ياحبيبتي أهدى ومتخافيش أنا هنا معاكي ومش هسيبك ابدا ياقلب أبوكي…
حاول أن يلمسها لكنها أنكمشت فى حـ.ـضـ.ـن أخيها وهى تقول ببكاء ينفطر له القلب : أبعد عني وإياك تقرب مني أنت مش أبويا…تعرف أنا بكرهك…بكرهك أوى لأن أنت السبب فى كل اللى حصلي وعمري ما هسامحك..
تصنم “عامر” بمكانه وهو يشعر بأنه قلبه يحترق ألماً، فرت دmعة هاربة من عيناه ليقول بحـ.ـز.ن: بـ.ـنتي أنا…..لكنها قاطعت حديثه وهى تصرخ:
– أنا مش بـ.ـنتك مش بـ.ـنتك أفهم بقى، وياريت تطلع من هنا لان مش حابة وجودك ولا عايزة اشوفك نهائياً لأن انت بالنسبالي مـ.ـيـ.ـت.
اقتربت “نازلي” منها وهى تضمها إلى أحضانها فاستجابت “فيروزة” إليها فوراً، فقالت بحـ.ـز.ن وبكى:
– بنوتي الجميلة كفاية عـ.ـيا.ط وانا هعملك كل اللى انتى عوزاه بس علشان خاطر ماما أهدى وارتاحي لأنك لسه تعبانه.
هزت رأسها بالإيجاب وهى تدفن رأسها فى حـ.ـضـ.ـنها أكثر، وقالت بتعب وأرهاق:
– ماما خليه يخرج من هنا أنا مش متحمله وجوده معايا.
نظرت “نازلي” إلى زوجها بأسف، فكان يهز رأسه برفض لا يريد أن يترك ابـ.ـنته فى هذة الحالة، فاقترب “أنيس” ليربت على كتفه قائلاً بأسى وحـ.ـز.ن:
– بابا علشان خاطري تعالى نطلع برا وسيبها لحد ما ترتاح لأن وجودك هنا هيأثر عليها بالسلب.
تحدث “عامر” بدmـ.ـو.ع: اسيب بـ.ـنتي ازاى دى بقت تكرهني ياأنيس قولى هقدر أزاى ارجعها زى الأول، أنا دmرت بـ.ـنتي بأيدي أنت فاهم انا بقول ايه أنا دmرتها ودmرت نفسي معاها.
– هى مش واعية هى بتقول ايه، فيروزة عمرها ماهتكرهك لأنها أكتر واحدة فينا متعلقة بيك، هو بس اللى حصلها كان صدmة كبيرة ليها واحنا لازم نقف جنبها لحد مـ.ـا.تتخطى دا ونستحمل اي ردت فعل منها.
القى “عامر” أخر نظرة إليها ثم غادر الغرفة، جلست “نازلي” بها على الفراش فضمتها “فيروزة” أكثر وقالت وهى على وشك النوم: ماما ممكن مـ.ـا.تسبنيش لوحدي علشان انا خايفة.
مسحت على شعرها وهى تقول بحـ.ـز.ن:
– نامي ياحبيبتي ومتخافيش وأطمني أنا عمري ماهسيبك.
بعد مرور ساعتين
كان يجلس فى شرفة غرفته حزيناً يضع رأسه بين يديه، ولج إليه أخيه “أحمد” ليضع يديه على ظهره مربتاً عليه قائلاً: – لعله خير ياعامر كله هيعدي وبـ.ـنتك هترجع أحسن من الأول إن شاء الله.
رفع رأسه لينظر إليه قائلاً بحـ.ـز.ن:- هتعدي ازاى وبـ.ـنتي خلاص ادmرت تعرف لما شوفتها وهدومها غرقانه دm حسيت أني ضهري اتكـ.ـسر حسيت احساس وحش اوي حسيت بضعف ونار بتولع جوايا، اللى شوفته مكنش هين على أى راجـ.ـل يلاقي بـ.ـنته بالمنظر دا.
صمت قليلاً ثم أردف بصوت متحشرج بأثر الدmـ.ـو.ع:
– اللى واجعني أكتر أن أنا ظلمتها طول السنين اللى فاتت أنا كنت ببعدها عني وحتى ولا مرة عملت ليه حاجة تفرحها ودايما كنت بجـ.ـر.حها بكلامي، أفتكر يوم لما “لارين” كان تعبانه وفى المستشفى جت فيروزة وقتها تحـ.ـضـ.ـني وتهون عليا لكن أنا قسيت عليها بكلامي وجـ.ـر.حتها لما قولتلها بـ.ـنتي الوحيدة بين الحياة والمـ.ـو.ت ساعتها لمحت نظرة فى عينيها عمري ماهقدر انساها نظرة كلها ألم وحـ.ـز.ن وخذلان من الراجـ.ـل اللى اعتبرته أبوها لكن هو كان بيعملها بجفا، وفى اليوم اللى حصلت فيه الحادثة كانت الصبح عندي وقالتلي بابا انا خايفة متخلنيش أرجع لرائف لكني أصريت عليها وخلتها تمشى…
أخذت الدmـ.ـو.ع تتساقط من عيناه ليكمل بقهر:
– أنا اسوء أب فى الدنيا مفيش أب يعمل فى بـ.ـنته كدا ولا يوديها للمـ.ـو.ت برجليها، أنا موجوع اوي ياأحمد ومش قادر اتخطى اللى حصل، تعرف أنا نفسي أخدها فى حـ.ـضـ.ـني واقولها حقك عليا ياقلب أبوكي والله حقك عليا متزعليش بس مش عارف اقربلها واخدها فى حـ.ـضـ.ـني وأشبع منها .
التمعت عين “أحمد” بحـ.ـز.ن على ما أصاب أخيه فقام باحتضانه فأخذ “عامر” يبكي أكثر ليهتز جسده من أثر تلك الشهقات، فقال الآخر :
– أول مرة اشوفك ضعيف بالشكل دا ياعامر طول عمرنا ياخويا بنستقوي بيك، عيزاك تفوق وترجع الجبل اللى عمره ماكانت تهتز له شعريه علشان تجيب حق بـ.ـنتك، وأوعدك أني هكون اول واحد هيقف معاك زى مـ.ـا.تعودنا من واحنا صغيرين أننا ايد واحدة وهنفضل طول عمرنا سند لبعض.
بعد مرور خمس أيام كانت “فيروزة” لا تتحدث فيهم مع أحد من العائلة، لذا قررت أن تغادر هذا المكان الذى لم تعد تطيق أن تعيش فيه، وبعد منتصف الليل وخلود الكل إلى النوم تركت القصر خلفها دون أن تأخذ منه شيئاً فظلّت تسير فى تلك الشوارع الظالمة، فرأت كشك صغير على ناصية الشارع أقتربت منه وأخرجت من ملابسها ورقة ما، وقامت بالإتصال على ذاك الرقم المتواجد فى تلك الورقة، وبعد الانتهاء من المكالمة أعطت للرجل حسابه، بينما هى وقفت بعيداً قليلاً عن الكشك تحت تلك الشجرة، وبعد مرور نصف ساعة ركنت سيارة بجانبها لينزل منها شخص ما وهو يقترب منها قائلاً بقلق: فيروزة.
نظرت إليه بعيون ممتلئة بالدmع لتقول بصوت مهزوز:
– عمران …فأرتمت بين ذراعيه وقالت باكية:
-انت ليه سبتني مش قولتلك مـ.ـا.تسبنيش ياعمران ليه خلتني معاهم ومشيت، أنا مكنتش عايزة حد معايا غيرك أنت.
أحتواها بقوة بين اضلعه ليقول بحنان:
– أنا أسف حقك عليا مش هسيبك ابداً مهما حصل ياقلب عمران.
فسمع صوتها الباكي الذى ألمه تقول:
– مهما حصل مـ.ـا.تسبنيش أرجوك.
– اوعدك اني مش هتخلى عنك ولا هسيبك.
بعد خضون دقائق….
كانت تقف فى منتصف تلك الشقة الخاصة “بعمران” التى كان يأتي إليها أحياناً فى أوقات العمل يستريح بها، وكانت هى تنظر حولها بتوهان فأقترب منها ممسكاً يديها قائلاً برفق:- تحبي تأكل ايه ياروزا علشان اعملهولك.
نظرت إليه بحـ.ـز.ن قائلة بأرهاق:
– مش عايزة أكل ممكن تعرفني فين الأوضة اللى هنام فيها لأن انا تعبانه ومش قادرة أقف.
أخذها من يديها ليدخلها غرفتها ثم قال وهو يشير على الدولاب:
– بصي دي ياستي أوضتي وهتلاقي فى الدولاب دا هدوم بتاعتي حاولي تخرجي منها حاجة تناسبك، يلا غيري هدومك الأول وبعدها اقعدي استريحي عقبال لما اعملك حاجة سريعة تاكليها قبل ما تنامي.
– بس أنا ماليش نفس ياعمران.
– مفيش الكلام دا هتاكلي يعني هتاكلي تمام يلا اعملي اللى قولتلك عليه.
بعد خروجه قامت بإخراج تيشيرت أسود وبنطلون بنفس اللون وارتدتهم، ثم جلست برفق على الفراش وهى تتفحص الغرفة بدقة، فوقع بصرها على صورة “عمران” الذى التقطت له مع ابنه الصغير “سفيان” فى عيد ميلاده، وفى هذا الاثناء ولج إليه ليجدها شاردة فى تلك الصورة، فوضع الصينية على طاولة صغيرة، ليقول بهدوء بعد ما علم ما يدور فى رأسها:
– دا أبني الوحيد سفيان، بعد تلك الجملة التفتت سريعاً لتقول بصدmة ألمتها: – ابنك! هو أنت متجوز.
جلس بجانبها وقال بهدوء: – اه أبني وكنت متجوز.
– يعنى ايه كنت متجوز.
عمران: انفصلت أنا وهى من كذا سنة وكان عمر سفيان كام شهر وهي محبتش تكمل ف العلاقة ومن وقتها كل واحد فينا راح لحاله وبقى مشغول فى حياته.
فيروزة: طب وابنك أنت بتشوفه يعنى هى بتخليك عادي تروح تقعد معاه وتقابله.
أبتسم بخفة ثم قال:
أبني أصلا قاعد معايا من ساعة ماطلقنا لأن هى سابته ليا ولحد دلوقتي متعرفش حاجة عنه.
– ازاى هى فى أم تقدر تتخلى عن ولادها.
– اه فى عادي جدا، وبعدين يلا كفاية كلام وكلى ياهانم.
نظرت إليه بضيق وقالت:
– أنت هتاكلني بالعافـ.ـية.
عمران: أه لأن اللى فى حالتك دي لازم نتعامل معاها كدا بالعافـ.ـية عشان مش بتسمع الكلام.
بعد أن انتهت من الطعام تحدثت بأمتنان:
– شكرا ليك على كل حاجة عملتها علشاني وأنك مرفضتش ليا طلبي وقت ماحتاجتك.
ربت على يديه ليقول بحب:
– أنت بس اؤمريني ياست البنات وهتلاقيني بنفذلك كل طلباتك، أصلك مت عـ.ـر.فيش أنتى ايه بالنسبالي، بس عندي سؤال ليه سبتي البيت.
اردفت “فيروزة” بحـ.ـز.ن: لأن كان لازم اعمل كدا من الأول أنا ماليش مكان فى بيت اللوء ياعمران وطول ما أنا هناك هفضل أفتكر كل حاجة حصلتلي وهفتكر أن باب..اقصد السيد عامر أن هو كان السبب في كل اللى حصلي وهو اللى وصلني لكدا.
عمران: بس اللواء عامر بيكون أبوكي الحقيقي ودي عيلتك.
فيروزة بدmـ.ـو.ع: عارفة رائف الحـ.ـيو.ان قبل مايأذيني قالي على كل حاجة ….عمران لو سمحت أنا مش قادرة اتكلم أرجوك مـ.ـا.تجبش سيرتهم تانى قدامي ولو وجودي هيديقك أنا همشي من هنا ومحدش هيعرفلي طريق.
عمران بأسف: خلاص أهدى أنا آسف مش هجيب سيرتهم.
وضعت يديه على وجهه لتبكي بأنهيار:
– مش عارفة ليه أنا موجوعة منهم ومش قادرة اسامحهم أنا بجد تعبت…تعبت ومابقتش قادرة استحمل بتمني لو كنت مت زي ما أبني مـ.ـا.ت.
حاوطها بذراعيه محاولاً التخفيف عنها ولو قليلاً مرت دقائق معدودة وهى بأحضانه لتغفل بداخله بعد ما أفرغت ما بداخلها من طاقة، بينما هو قام بأرجاعها للخلف على الفراش وقام بدسها جيداً بالمفرش، ثم قبل رأسها وخرج من الغرفة بعد ما أغلق الأنوار.
فى الصباح أستيقظ “عمران” على صوت صراخ قوي لينهض من مكانه فوجده يأتي من الغرفة التى تنام بها “فيروزة” فولج إليها ليجدها ضامة نفسها بخـ.ـو.ف وجسدها يرتجف من أثر الصراخ، تحدث بخـ.ـو.ف وهو يهزها برفق: -فيروزة سمعاني ممكن تهدي حصلك ايه بس.
هدأت قليلاً والتفتت تنظر حولها برهبة لتجد نفسها بجانب “عمران” فقالت بدmـ.ـو.ع:
– أنا شوفت رائف وكان هنا وبيحاول يضـ.ـر.بني تاني أنا خايفة اوي ليجي ويقــ,تــلني.
-متخافيش عمر الزباله دا مايقدر يوصلك وطول ما أنا عايش خليك عارفة ان محدش هيقدر يقرب منك فهماني .
اؤمـ.ـا.ت رأسها بالإيجاب فقام بلمس شعرها بحنان.
بعد مرور شهرين تم القبض على “رائف” وهو يدخل بعض الممنوعات إلى البلد وحكم عليه بالمؤبد، ولكن قبل ذلك تلقن درساً قوياً من اللواء “عامر” والمقدm “عمران” لن ينساه ابدا فى حياته، بينما تلك العائلة كانت تعيش تعيسة بعد غياب “فيروزة القصر” ولا أحد يعلم أين هى،،
وكان “عمران” يفعل ما وسعه حتى يخرجها مما هى فيه، وهى قدرت تتخطى ما مرت به بوجوده معاها فى أصعب اوقاتها كانت دوماَ تحلم بتلك الأحلام المزعجة وتنهض ليلاً مفزعة بسببها فكان لها اماناً وسنداً، وفى يومٍ ما قرر يصارحها بمشاعره،،
كانت تقف منشغلة فى المطبخ تصنع بعض الحلويات التى يحبها “عمران” وفى أثناء ذلك،،
أتاها صوته العاشق لها ليسعد قلبها عنـ.ـد.ما سمعته يقول بكل حب:
– ظللّت أحلم بكِ وأتمنى ذلك اليوم الذى أنثر لكِ عطركِ المفضل على ثيابك المميز، تمنيت هذا اليوم الذى أعد لكِ فيه فطوراً شهياً كما تحبيه وأن أودعكِ بعدها بضمة قوية عند ذهابي إلى العمل…كنت دوماً أتمنى تلك اللحظة التى ستعشين بها معى فى بيتٍ واحد وأن استمع إلى تراتيل صوتك الناعمة ورنة خلخالك الراقصة على نغمـ.ـا.ت العشق، كنت أتلهف لتلك الدقائق التى أقضيها بصحبتك،،
لم تسعفني الكلمـ.ـا.ت يوماً أن أصف لكِ كم أحبك لكن يكفيني أن نبض قلبي إليكِ يصل،،
ف أنا لا أملك أسباباً ولا يجب أن يكون هناك أسباب من الأساس فالحب لا يعرف سبباً ف أنا أحبك هكذا دون سبب ..أحبك لأنك أنتِ،،
لقد أحببتك بشـ.ـدة حتى أصبحتي دعوتي التى أدعوها بكثرة فى كل صلاة،،
أحببتك بأعين مغمضة دون أن أراكِ كل يوم، ف أنا أحبك ياأجمل نساء العالمين ياأجمل ما رأت عيني ف أنتى حورية من الجنة أتت لىّ حتى تنير أيامي،،
أحببتك بقلبٍ يرى فيكِ كل شئ فأصبحتي مدينتي المنورة التى أسكن بداخلها،،
أحببتك للحد الذى يجعل قلبي ينبض بعنف عند سماع نبرة صوتك العابرة، أحبك كل يوم وكأنني أحبك لأول مرة،،
فلن يغنيني عنك شيئاً ولن أستبدلك بأحد ف أنتِ بالنسبة لىّ الجميع،،
أحبك وكفى بحبك قدراً ونصيباً وفرحاً،،
نظرت إلى عيناه بعينيها الفيروزية الدامعة فرأته ينظر لها مبتسماً ليحتويها بتلك العيون العاشقة فشعرت هى بسعادة حقيقية لأول مرة تشعر بها، فقد لمس حديثه شغاف قلبها ..
الحب الذى تغسله العيون بدmـ.ـو.عها يظل طاهراً وجميلاً وخالداً..
تركت ما بيدها لتركض نحوه وضمته بقوة وهى تبكي قائلة:- عمران اللى انا سمعته دا بجد.
– طبعا ياقلب عمران أنتى حب عمري وحياتي.
رفعت رأسها ورمقته بنظرات ساحرة لتقول بخفوت وصل لمسمعه:- وأنا قلبي نبض ليك من اول مرة شوفتك فيها ودلوقتى بقيت حبيبي وروحي اللى مقدرش أبعد عنها.
فأبتسم ثغره بسعادة غامرة لا يشعر بمثلها فقط فى حياته، لينتهي المشهد وهو يدور بها بحب شـ.ـديد.
فى صباح يوم جديد وتحديداً فى قصر الراشد، وبعد أن تم سجن”خالد” وزوجته بتهمة الشروع فى قتل “فيروزة” لمدة ثلاث سنوات، بينما كان باقى أفراد العائلة مجتمعة على سفرة الطعام فى صمت شديد، نهض “عمر” من مكانه فأتاه صوت ابيه قائلاً:- قومت ليه من على الاكل أنت ماكلتش حاجة.
أردف “عمر” بضيق وصوت عالٍ: ماليش نفس كل أنت يمكن تشبع.
نظر إليه “عامر” الذى قال بحده:- أنت ازاى بتكلمني كدا ايه مفيش احترام لأبوك.
أجابه الأخر باللامبالاة:- والله حضرتك دي طريقة كلامي .
وفى هذة المرة تحدثت “نازلي” بتحذير:
– الزم حدودك ياعمر ومتنساش اللى بتتكلم معاه يبقى أبوك فخلى بالك من كلامك الزفت دا.
-والله لو كلامي مش عاجبكم محدش منكم يوجهلي كلام من أصله ياريت على الأقل أبقى مرتاح.
هب “عامر” واقفاً وهو يستشيط غضباً ثم اقترب من ابنه ليقول بضيق وهو يجذبه من ذراعيه:
– الظاهر أني دلعتك زيادة عن اللزوم والله ياعمر لو ماحترمتش نفسك لتشوف مني حاجة مش هتعجبك.
أبتعد “عمر” عنه بعنف وهو يقول بغضب:
– وياترى المرة دي هتعمل فيا زي ما عملت فى بنتك فيروزة ولا لسه فى وش تانى عند سيادة اللواء مظهرش.
ساد الصمت فى أرجاء القصر إلا صوت تلك الصفعة التى تلقاها “عمر” من أبيه، وضع يديه على موضع الصفعة وقد بدأت عيناه تلتمع بالدموع فقال بحزن:
– ايه كلامي وجعك للدرجاتي، بس وجعك ده ميجيش حاجة جنب وجعها هى، و بسببك أنت أختي مشيت وسابت البيت ولحد دلوقتي مش عارفين هى فين ولا نوصلها، بسببك أنت كانت هتموت لكن ربنا نجاها انا عمري ما هسامحك يابابا لان انت السبب فى كل اللى حصلنا.
بعد ما أنهى حديثه غادر المكان بأكمله تاركاً خلفه تلك الصدمة والحزن الذى أحتل ملامح الكل، بينما “عامر” شعر بثقل فى قدميها وكاد أن يسقط فاسنده أخيه “أحمد” الذى قال بقلق: – عامر أنت كويس حاسس بحاجة تعباك.
وضع الأخر يديه على موضع قلبه الذى يؤلمه بشده ليقول بخفوت: لا مفيش أنا كويس.
أبتعد عنه وهو يخطو بثقل صاعداً إلى الأعلى، بعد خضون دقائق دخلت “نازلي” غرفتها لتجد زوجها جالس على الأريكة ممسكاً بيديه صورة جمعته بأبنته “فيروزة” وهى تحضتنه، جلست بالقرب منه وهى تضع رأسها على كتفه، قائلة بحزن:
– أنا قلبي واجعني على بعدها عني طول الفترة دي، مش عارفة ايه اللى وصلنا لكدا نفسي أشوفها.
تحدث “عامر” بخفوت وألم:
– أكيد هترجع بس هى زعلانه مننا علشان كدا سابتنا، بنتنا قلبها أبيض ونقي عمرها ماهتكرهنا هى محتاجة شوية وقت ترتاح فيه وتنسى اللى حصل، وبعدها هترجلنا أقوى من الأول.
أخذت الأخرى تبكي قائلة:
– ولو مرجعتش وفضلت زعلانه مننا قولي هقدر أعيش أزاى من غيرها دى بنتي ياعامر حته من روحي.
أحتواها بين ذراعيه وقد التمعت عيناه بالدموع ليقول بخفوت:
– متقوليش كدا إن شاء الله هترجع، وبعدين أنا عيزاك تصبري شوية كمان لحد مانعدى الفترة دي عايز أشوف مراتي اللى دايما بتكون الدعم والسند ليا، علشان خاطري يانازلي مش عايز اشوفك ضعيفة بالشكل دا لان بحس أن دنيتي بتضلم، أوعديني أنك متعيطيش تانى وأنا هعمل المستحيل عشان ارجعها لحضننا.
– حاضر ياعامر أوعدك.
بعد مرور عشر أيام أُخر قام “أدم” بعقد قرآنه على “سارة” دون عمل حفل زفاف وسافر بها إلى إحدى البلاد السياحية ليقضوا شهر العسل نظراً لتلك الظروف التى تمر بها العائلة،،
بينما الأخ الفرفوش “طارق” جلاب المصائب تمت خطبته رسمياً على حبيبته “سهر” ابنة عمه “أحمد” التى كان لها دور كبير فى تخطيه ذاك الحزن والخزي والعار الذى تعرض لهما من عائلته،،
ومازال “عمر” يقاطع أبيه ويرفض أن يتحدث معه، فهو يحمله كامل المسؤلية فى ابتعاد شقيقته وصديقته وكاتمة أسراره عنه ولن يجتمع معهما ثانياً إلا عندما يأتي إليه ب “فيروزة”،،
———————————————————————
كانت تأخذ الصالون ذهاباً واياباً تتوعد بعقابٍ شديدٍ إليه، ظلّت تقطم أظافرها بأسنانها، فقد تاركها مساء البارحة بمفردها فتلك الشقة العريضة ولم يأتي حتى الآن، فقالت متواعدة:
-ماشى ياعمران أما وريتك مبقاش أنا فيروزة، بقى تسبني طول الليل لوحدي ومتجيش طيب والله ما هسكتلك بس لما تشرف.
بعد مرور بضع ساعات
فتح “عمران” باب الشقة بهدوء وهو يلتفت حوله ليرى المكان هادئ للغاية، فأغلق الباب خلفه وأخذ يتفحص الأركان فلم يسمع لها زفيراً، علم على أثر ذلك أنها فى غرفتها تنهد بهدوء وهو يضع تلك الأشياء الذى بيديه على الطاولة، ثم أقترب من غرفتها وطرق الباب بخفة فأتاه صوتها الغاضب:
– وأخيراً الاستاذ شرف ايه اللى جابك ما لسه بدري.
وضع يديه على شعره وقال بأبتسامة خبيثة:
– بجد يعنى أمشى، حاضر امرك يطاع أيتها الأميرة.
أبتعد قليلاً عن الباب تحسباً لأى بطش سيحدث منها، وعلى أثر ذلك رأى الباب يُفتح بقوة لتخرج منه وهى ممسكة بيديها عصا، بينما “عمران” نظر إليها بصدمة من هيئتها الغاضبة ومازاد دهشته أكثر العصا التى تحملها بيديها، بدأت تقترب منه وهو يتراجع للخلف، فقالت بأبتسامة غاضبة:
– جرب كدا تمشى وأنت هتشوف ايه اللى هيحصلك.
رفع يديه أمامها ليقول بحنان:
-أهدي ياقلبي أنا عارف أنك زعلانة مني بسبب اني مجتش البيت بليل بس والله غصب عني.
وضعت يديها على خصرها ثم قالت بضيق:
– وايه اللى غصبك ياعنيا، ميكنش شايفلك شوفه جديدة.
اقترب منها ونزع العصا من يديها ليقول برفق:
– يافيروزة ياحبيبتي هو أنا أقدر اشوف غيرك انتي بس اللى مالكة قلبي، وبعدين ياستي مكنش بمزاجي اني مجيش، ابني سفيان كان تعبان أوى امبارح وكان لازم أفضل معاه ودلوقتى بس عرفت اسيبه مع أمي وأجيلك.
أردفت بقلق واضح فى نبرتها:
– سفيان تعب طب هو كويس وايه اللى حصله رد عليا.
أبتسم بخفة وتفهم خوفها فهى الأيام الفائتة كان يأتي بسفيان إليها دون علم أحد وقد بدأت تتعلق به، بينما هو قال برفق:
– الحمدلله هو كويس متقلقيش عليه.
نظرت إليه بحزن ثم قالت:
– طب ليه معرفتنيش امبارح باللى حصل بدل ما كنت سايبني كدا قلقانه وخايفة عليك.
– حقك عليا عارف أن أنا غلطان وعلشان كدا جبتلك معايا حاجة تراضيكي.
– ايه هى.
أمسك يديها ليقترب من الطاولة وقام بإخراج علبة قطيفة زرقاء من تلك الشنط، قام بفتحها فسعدت
“فيروزة” عندما وجدت بداخلها سلسلة ذهبية على هيئة فراشة، ابتسم ثغرها لتقول بسعادة:
– دي علشاني أنا.
أمسك “عمران” السلسلة بيديه وقام بوضعها على رقبتها ليقول هامساً:- اه ياست البنات دي علشانك أنتي، وكمان جبتلك الشوكولاته التى بتحبيها.
هرولت باتجاه الشنط وقامت بإخراج كيس مليئ بالشوكولاته فصرخت بفرحة:
– بجد مش عارفة أقول ايه بس أنا فرحانه أوى ياعموري، أبقى هاتلي كل يوم شوكولاته من دي لان أنا بحب النوع دا أوى.
– من عينيا حاضر دا أنت تؤمر ياجميل وعمران عليه انه ينفذ.
أقتربت منه بدلال وهى تقول:
– عشان تعرف أني مش بحبك من فراغ.
أمسك خديها برفق وهو يقول بمرح:
– مصلحجية أنتى ياروزا، المهم سيبك من دا كله أنتى مش جعانة.
وضعت يديها على بطنها تتحسسها وكأنها تذكرت عدم وضع الطعام فى فمها منذ الصباح، فقالت بجوع:
– اه أنا جعانة اوي ياعمران من الصبح مكلتش أى حاجة.
نظر إليها بعتاب قائلاً:
– ليه بس مش أنا نبهت عليكي كذا مرة متسبيش نفسك من غير أكل انتي ليه مش بتسمعي كلامي.
– ما أنت عارف أن أنا مش بحب أكل لوحدي.
تنهد بهدوء ثم قال:
ماشى يافيروزة اتمني ان ده مايتكررش تانى مفهوم.
– مفهوم.
– تحبي نطلب ايه من برا.
– نفسي أكل بيتزا وشاورما لو ينفع تطلبهم ليا اطلبهم.
– ماعنديش مانع بس هتقدري تأكلي الاتنين.
نظرت إليه بطرف عينياها لتقول:
– اه عندك مانع ياأستاذ.
– ابدا والله بس ياريت تاكليهم وماتسبيش حاجة منهم عشان عيزاك كدا تربربي.
– لا ياخويا أنا حلوة كدا.
أردف بمرح قائلاً: – يابت علشان يوم فرحنا لما تلبسي الفستان تبقى مالية مركزك.
– لا ياخويا متقلقش أنا مالية مركزي من غير أى حاجة.
– طبعاً يابطل هو أنا أقدر أقول حاجة.
فيروزة: طب ايه مش هتطلبنا الأكل ولا هتخليني جعانة.
أخرج الهاتف من جيبه وهو يقول:
– حاضر ياحبيبتي هطلب أهو.
فى وقت متأخر…..
أستيقظ الساعة الثالثة ليلاً وهو يشعر بالظمأ فخرج من غرفته متجهاً إلى المطبخ ليقع بصره على باب غرفتها ليرى ضوءاً ينبعث منه، أتجه نحوه وفتح الباب بخفه فوجدها تجلس على الأريكة بجانب الشرفة تقرأ إحدى الروايات، نظر إليها مُبتسماً ثم ولج إليها وأقترب منها ليقبل رأسها برفق ثم قال متسألاً:
– وياترى رواية ايه اللى بتقرأيها النهادرة؟
إشارت إليه أن يصمت فضحك بخفة ليتركها ويتجه إلى المطبخ ليروى عطشه ثم أخرج من الثلاجة علبة مغلفة ليملء كأس من العصير البرتقال الذى تعشقه بشدة ثم ذهب إليها مجدداً وقام بوضعه بجانبها على الطاولة، بينما هو جلس على طرف الفراش ينظر إليها بكل حب فهى من سكنت روحه حتى تفارق روحه مثواها وهى الوحيدة التى تربعت على عرش قلبه، فالحب هو أندفاع روح إلى روح وأندفاع جسد إلى جسد، ظلّ يتأمل تفاصيل وجهها الطفولية فكانت تقرأ وبعض الدموع تنساب على وجنتيها فلم يتحمل أن يشاهدها تبكى هكذا ليقترب منها وجلس أمامها وهو يضع يديه على الكتاب ليغلقه قائلاً:
– كفاية قرآءة لحد هنا يافيروزتي الجميلة…وبعدين ايه اللى حصل خلاكى تعيطي بالشكل ده !.
نظرت إليه بعيون باكية ثم وضعت كفها الصغير على وجهها لتبكى بأنهيار قائلة: البطل مات.
احتواها بين ذراعيه ليمسد على شعرها بحنان محاولاً تهدئتها وهو يجاهد نفسه الا يضحك بصوت عالٍ حتى لا تغضب منه..فأن فتاته الصغيرة حقاً مجنونة أهى تبكى من رواية خيالية، فقال مبتسماً:
– حبيبتي روزا أهدى ياقلبي والله لو حد سمعك ليفتكروا أن حبيبك هو اللى مات مش البطل لاسمح الله فأهدى كدا يامجنونة بدل مايتلموا علينا ونتفضح تخيلي كدا لو حد جه وسألني هقوله ايه معلش أصل البنت اللى بحبها وخطفها بتعيط على البطل اللى مات.
ضحكت بخفة وهى تنظر إليه بنظرات عاشقة فقام هو بمسح وجهها من الدموع بيديه وقال مازحاً:
– أصبحت وظيفتي فى الحياة هى مسح دموعك شوفتي أنا بتعب أزاى علشانك.
أبتسم ثغرها بخفة وهتفت برقة: عمران.
ألتمعت عيناه بالحب والشغف ليقول: نعم ياقلب عمران.
رفعت يديها تلمس وجهه لتمررها على ذقنه النابته قائلة:
– ممكن أطلب منك طلب صغير خالص مش هتتعب فيه.
تحدث “عمران” بهدوء قائلاً: ده أنتى تأمريني ياملكة قلبي.
أقتربت منه أكثر ثم قالت برقة: ممكن ننزل نتمشى شوية.
أبتعد عنها قليلاً لينظر إلى ساعة الحائط ثم قال:
– حبيبتي أنتى بتهزرى صح الساعة دلوقتى ٣ونص والفجر قرب يأذن وغير أن الجو برا برد جدا وممكن تبردى.
إمسكت يديها وأخذت تتوسل إليه:
– علشان خاطري أنت بكرا أجازة من الشغل وموركش حاجة يلا بقا … يلا يلا يلا علشان خاطر فيروزتك.
أمسكها برفق من كفها الناعم ليقول بهيام:
– وأنا علشان خاطر روحي أعملها كل اللى نفسها فيه هو أنا عندي أغلى ولا أجمل من فيروزتي.
قفزت بسعادة وهى تضمه بحب ثم أبتعدت عنه وهى تهرول إلى الخارج بحياء، فذهب خلفها وهو يشعر بالسعادة من أجلها فقد أستطاع أن يجعلها تخرج مما كانت فيه..
فى إحدى الشوارع كانت تلهو وتركض مثل الأطفال الصغار تحت المطر المنهمر بشدة، فهى مثل الفراشة الطائرة فى الهواء الطلق أخذت تضحك بصوت عالٍ وهى تمسك بيديه ليدور بها بسعادة لا يعرف لها مثيل
تعلقت برقبته وهمست بجانب أذنية قائلة:
– أنا نفسي أغني بصوت عالى ونرقص أنا وأنت تحت المطر.
ضمها إليه ونظر إلى فيروزتها اللامعة ليقول بأبتسامة:
– لا عايزة تغني غني وأنتى فى حضني مش عايز حد يسمع صوتك الجميل غيري أنا.
دفعته بعيداً عنها لتقول بتذمر:- بس أنا عايزة أغني بصوت عالى.
جذبها من معصمها برفق وقبل أرنبة أنفها ثم قال:
– خلاص يلا نروح وهناك غني براحتك مش هقولك لا.
تحدثت “فيروزة” برجاء: – عمران علشاني أنا حابه أغني وبعدين محدش هيسمعني لأننا أصلاً أصلاً مفيش حد حواليا.
أومأ لها فبتدأ أن تتغنى وتتمايل على نغمات صوتها فرفعها إليه محتويها من خصرها بين ذراعيه، أخذ ينظر إليها بسعادة وحب ليدور بها تحت مياه المطر فأطلقت ضحكة رنانة جعلت دقات قلبه تقذف فرحاً..
ضمها أكثر لصدره لتتعلق بعنقه تحتويه بذراعيها ليأتيها همسه المنعش لها وكأنه الحياة قائلاً:
– ياملاكي الصغير أنتِ الأمل والسعادة التى تسكن بقلبي، ولا يمر يوم علىّ دون ما أدعو الله ليحفظكِ ويرعاكِ … محبوبتي سأكون معك دائماً فى كل مكان وزمان..سأكون عونك وحمايتك وقلباً ينبض لأجلكِ..فأنتى عوض الله الجميل الذى يزهر أيامي.
أبتعدت برأسها قليلاً إلى الخلف لتنظر إليه بعينيها المشرقتان اللامعتان بسعادة لا توصف، ورفعت كف يديها الصغير لتتحسس تقاسيم وجهه ثم أقتربت أكثر وهمست بجانب وجنتيه قائلة بحب:
– عيناك وطن لا يخون …فقلبي لا يمكن أن يزهر سوى بالنظر لعينيك…ف أنت ياحبيبي ونبض قلبي لا تشبه أحد من الراجل ف أنت لا مثيل لك يا عمراني، أنت سندي وقوتي وحمايتي والعصاه التى أتكأ عليها.
دن منها ليقبلها برفق بجانب شفتيها الوردية ثم استند بجبينه على جبينها وقال بحب:
– حفظك الله لىّ أيتها الصغيرة …وأوعدك بأني سأكون الرجل الذي تمنيته دوماً…بحبك يازهرة ربيعي.
الخاتمة الثانية
فى بداية يوم جديد كانت جالسة فى الشرفة على تلك الارجوحة تتأمل حبيبات المطر المتساقطة، تحتسي فنجاناً من القهوة بمزاجٍ راقٍ، ليقطع هذة اللحظة من الانسجام صوت رنة هاتفها فالتفتت يمينها لترى من المتصل، ليبتسم ثغرها بخفة عندما علمت من هو فأستجابت لنداء المتصل الذى أتاها صوته الهادئ قائلاً:
– ملاكي الوحيد وحشتيني.
– دا بجد ولا بتضحك عليا أصل بالعقل كدا أنت يدوبك بقالك ساعتين سايب البيت فأكيد مش هلحق أوحشك.
أجابها “عمران” بأبتسامة خفيفة:
– حبيبتي اللى أنتي متعرفهوش أنك وأنتي معايا بتوحشيني أصلا فخليكي واثقة فى مقدر حبي ليكي لأنك أغلي ما عندي.
– أنت الوحيد اللى واثقة من حبه ليا ياعمران، بجد أنا من غيرك ببقى ضايعة وضعيفه، أنت مصدر قوتي.
– أنا عيزك على طول قوية يافيروزة حتى لو مش موجود جنبك مش عايز حاجة تهدك أو تخليكي خايفة وضعيفه لأنك فى الأصل جواكي قوة محدش يمتلكها، وخلال الفترة اللى فاتت ماشوفتش فيكي غير العزيمة والارادة فانك تتخطي كل اللى حصلك من رغم أن لو واحدة غيرك كان زمانها مدمرة ولسه فى حالة الانهيار لكنك مختلفة عن كل البنات أنتى طول عمرك مميزة يافيروزتي.
أردفت “فيروزة” بصوت هادئ:
– لكنك أنت كنت السبب الاساسي فى أني أتجاوز المرحلة دي من عمري، حبك كان السبب الاقوي فى أني اتعافى وارجع زي ما كنت فى الاول ويمكن أحسن كمان بجد أنا مش عارفة اردلك جمايلك اللى عملتها ازاى ف أى حاجة هتطلبها مني هعملهالك على طول من غير تفكير.
عمران:- مفيش بنا الكلام دا يافيروزة دا كان واجبي ناحيتك، وبعدين ياستي لو مُصرة أعمليلي أكل من أيدك الحلوة.
هتفت “فيروزة” بخفة:- بس كدا دا أنت تؤمر ياعموره بس أبقى هات سفيان يقضي اليوم معانا.
– حاضر من عنيا..وفى هذا الاثناء دلف إليه “عامر” الذي قال: – عمران فاضي ولا مشغول.
هتفت “فيروزة” بلهفة: بابا…
– اه.
التفت الأخر ببصره نحوه ليقول بهدوء وهو يشير إليه بالجلوس : – أتفضل ياسيادة اللواء. ثم هتف إلى “فيروزة” قائلاً بهمس: حبيبتي أنا مضطر اقفل دلوقتى.
أجابته بصوت ممزوج ببعض من الحزن:- متتأخرش عليا.
– متقلقيش مش هتأخر.
أغلقت الهاتف معه وولجت إلى المطبخ لتعد وليمة من الطعام الشهي، ثم أخرجت بعض الخضروات واللحوم من الثلاجة وبدأت بالطبخ بكل مهارة فهذة غايتها المحببة.
بعد مرور أكثر من ٣ ساعات فى قصر “عمران”، كانت والدته تتحدث قائلة: أنت هتاخد ابنك على فين.
هبط من على درجات السلم وهو يمسك بيد ابنه، قائلاً بأبتسامة: – رايحين مشوار مهم أنا وبطلي مش كدا ياسفيان.
رفع الصغير رأسه نحو جدته ليقول بحماس:
– طبعاً مشوار مهم جدا.
نظرت إليهم الأخرى: نفسي أعرف مشاوير ايه اللى بقالكم فترة بتروحوها دى، وكل لما أسألكم تقولى مشوار مهم.
دن منها “عمران” ليقبل مقدمة رأسها:
– اوعدك ياأمي فى أقرب وقت هقولك على كل حاجة.
أطلقت تنهيدة هادئة ثم قالت بحنان:
– ماشى ياحبيبي زي ما تحبوا بس خلى بالك من ابنك ومن نفسك ومتنساش تخلى البيه الصغير يلبس الجاكت بتاعه لان الجو برا برد.
– حاضر ياأمي.
جاءت “روفيدة” راكضه من غرفة الصالون تصيح بصوت عالٍ: – أستني يا أبيه عيزاك فى موضوع.
التفت برأسه نحوها متسائلاً:- نعم يافوفة هانم عايزة ايه.
أمسكت بيديه بعد نظرت إليه راجية:
– ممكن لما ترجع من برا تجبلي شوية طلبات صغيرة.
قرص أرنبة أنفها ليقول بمرح:
– وياتري طلباتك ايه المرادي ياست فوفة، يارب ميكنش حاجة مش موجودة فى تاريخ البشرية أصل أنا عرفك بتطلبي حاجات صعب نلقيها.
– لا متقلقش أنا عايزة شوية حاجات للتسالي مش أكتر بس يكونوا كتير يعني مثلا تجبلي ٣٠ شوكولاتية من النوع الكبير، ١٥ كيس شيبسي، وتجبلي كمان شوية حلويات بص هات أي حاجة حلوة تقابلك.
بينما “عمران” كان ينظر إليها بذهول:- ثواني بس هو انتي هتاكلي كل دا لوحدك.
– ايوة أومال أنت فاكر ان فى حد يقدر بس يقرب من الحاجات بتاعتي دا أنا كنت كلته
عمران: أه هو انتي هتقوليلي .
هتفت “روفيدة” بتذمر: – هتجيب ولا لأ.
– حاضر هجبلك بس متجيش بعد كدا تقوليلي الحقني ياعمران أنا تعبانه بموت.
جاءهم صوت “سفيان” الصغير قائلاً:- ماهى هتموت من كتر الطفاسة يابابي.
تحدث “عمران” بحده: – سفيان عيب دى عمتك ومينفعش تقول عليها كدا.
هتفت والدته التى كانت تبتسم بخفة على حديث حفيدها:- سيبه ياعمران الواد عنده حق هو مغلطش فى حاجة.
نظرت إليها “روفيدة” بضيق قائلة: – ماما حضرتك بتقفي فى صف ابن أبنك وبتنصريه عليا.
– ايوة اذا كان عجبك، وبعدين يلا ياعمران علشان متتأخرش على مشوارك .
-ماشى ياست الكل مش عايزة حاجة اجبهالك.
– عايزة سلامتك ياحبيبي.
____________________________________
كانت صاحبة الشعر الذهبي واقفة أمام المرآة تعدل هيئتها بعد ما مشطت شعرها، ثم أخذت تنظر إلي نفسها بأعجاب شديد فأنها رائعة للغاية بتلك الملامح الهادئة،
ثم اتجهت إلى الصالة لتلقي نظرة سريعة على الطعام المغطى الذى وضعته منذ دقائق على السفرة، ولكنها التفتت ببصرها تنظر إلى ساعة الحائط خلفها لتجده التوقيت فى الساعة ٨:٣٠ مساءاً، مرت بضع لحظات لتسمع صوت تكة المفتاح فى الباب حينها نبض قلبها على أثر ذلك، تنفست بهدوء وهى تنظر أتجاه الباب بلهفة لتجد “سفيان” يركض نحوها، أبتسمت بخفة بعد ما ضمته إليها بحب، ثم قالت:- وحشتني أوي ياسفيان.
أبتعدت عنه قليلاً وهى تقبل وجنتيه الصغيرة، بينما هو قال برقة طفولية:- وأنتي كمان وحشتي سفيان اوي اوي.
– ياروحي أنت بس ايه كل الحلاوة دي طالع زي القمر.
سفيان: أنا طول عمري قمر أصلا.
ضحكت “فيروزة” بخفة وهى تقول: طبعا لكن ياتري أنت طالع قمر كدا لمين.
أتاها صوت “عمران” الذى كان يحمل باقة ورد بيديه ليعطيها أياه، قائلاً بمرح: أكيد يافيروزتي طالع لابوه ولا أنتي عندك رأى تاني غير ده.
نظرت إليه بعيون لامعه فأبتسمت بحياء: لا معنديش رأى تاني غير رأيك.
– طب ايه مش ناوية تاكلينا.
– لا طبعا الأكل جاهز على السفرة أنا عملتلكم كل الأنواع اللى بتحبوها.
هتف الصغير بسعادة:- بجد يعني أنتي عملتيلي مكرونة بالبشاميل وبانيه وسجق.
مسدت على شعره بحنان:- ايوة ياحبيبي .
عمران: طب وأنا ولا عملتي لسفيان بس.
– عملت ليك حمام ومحشى وطاجن بامية وكفته.
نظر إليها بصدمة ليقول: أنتي بتتكلمي بجد ولا بتهزري.
-والله بتكلم بجد وبعدين لو مش مصدقني تعال شيل الغطاء من على الأطباق وانت تعرف بنفسك أني بتكلم بجد..
– طبعا مصدقك ياحب.
بعد ساعة كان يقف على مرحاض المطبخ يغسل الأطباق بكل نغم، بينما هى كانت تنظر إليه بحب فأتاها صوته السعيد: بجد تسلم أيدك الاكل كان تحفه.
– بألف هنا ياروحي…
أتجهت نحو الفرن لتخرج منه الكيكة لتضع عليها صوص الشوكولاته، ثم وضعتها فى الأطباق بينما الأخر قام بملئ الأكواب بعصير البرتقال المحببة لديهم، حينها حمل الصينية الخشبية المحملة بتلك الأشياء ليتجهوا بها إلى الخارج، لتبدأ سهرة أسرية سعيدة فى جو دافئ وهادئ يستمعون لمسرحية العيال كبرت ليسود هذا الجو ضحكات فرحة نابعة من القلب.
فى قصر الراشدي
كان “عامر” يجلس فى الحديقة شارداً فى تلك الأوراق المتساقطة من أغصان الشجر، فأتى إليه “أدم” الذى جلس مقابلة فانتبه الأخر لوجوده معه ليتسال بلهفة:
– قولي عملت ايه عرفت حاجة عنها.
اردف “أدم” بيأس: – للأسف يابابا معرفتش أى حاجة عنها عملت كل اللى أقدر عليه حتى اصحابي اللى كنت مكلفهم يدوره عليها مجبوليش أى خبر يخصها مش عارف بس هتكون راحت فين.
زفر “عامر” بضيق وهو ينهض من مكانه ليقول بأرهاق:
– يعني ايه يعني أنا كدا بنتي ضاعت مني ومش هشوفها تاني.
نظر إليه “أدم” بحزن ليقول بهدوء:
– إن شاء الله هنلاقيها يابابا بس حضرتك أهدى وكل حاجة هتبقى كويسة.
التفت الأخر ببصره نحوه وهو يضع يديه على صدره المتألم:-أهدي ازاى وأختك معرفش حاجة عنها خايف ليكون حد اذاها مش هستحمل لو جرالها حاجة ياأدم، أنا مابقتش قادر استحمل غيابها عني أكتر من كدا ليه محدش فيكم حاسس بالنار اللى جوايا.
لم يلبث قليلاً ليشعر بأختناق شديد يتملك منه فبدأ جسده يتعرق من أثر ذلك، ليزداد ألم قلبه اضعافاً لاحظ “أدم” ميل وجه أبيه إلى الشحوب ليقترب منه سريعاً ليقم بأسناده، فقال بقلق: – بابا مالك.
بينما الاخر فقد أحمر وجهه وضاق صدره ليقول بتعب وهو يسقط على قدميه:
– مش قادر أتنفس حاسس أن روحي بتتسحب.
تحدث “أدم” بخوف شديد:-مالك يابابا متخوفنيش عليك…ثم صاح بأعلى صوته منادياً على أخويه بعد أن رأى فقدان ابيه للوعي:
– أنيس…ياأنييييس …. عمر حد يلحقني بابا بيروح مني.
فى المستشفي خرج الطبيب من العناية ليقترب منهما بعد أن سأله “أنيس” عن حال أبيه ليردف الأخر قائلاً بهدوء:- أتعرض لأزمة قلبية وبسببها هيفضل يومين تحت الأجهزة لمراقبة حالته الصحية.
تحدث “أدم” بقلق:- يعني بابا هيبقى كويس.
أجابه الطبيب :- إن شاء الله متقلقش هيبقى كويس وطبعا الدكتور أنيس عارف ازاى هيتعامل مع الوضع ده.
جلست “نازلي” على أحد المقاعد الحديدية لتضع وجهه بين يديه تبكي بصمت، حينها أقترب “أنيس” وجلس بجانبها قائلاً: – متقلقيش هيبقى كويس أزمة وهتعدي على خير.
أردفت والدته وهى مازالت على تلك الوضعية قائلة بحزن: – هو ليه بيحصلنا كدا أشمعنا أحنا ليه دايما بيحصلنا مشاكل أمتى بقا نرتاح، أنا بجد تعبت مبقاش جوانا غير الوجع والحزن.
– متقوليش كدا ياأمي كل حاجة هترجع زي الأول وبابا ربنا هيشفيه وفيروزة هترجعلنا صدقيني هى كلها مسألة وقت مش أكتر فهوني كل نفسك.
بكت أكثر عند ذكر أسم ابنتها فقام الأخر بضمها بين ذراعيه.
فى اليوم التالي
كان “عمران” يُدندن بمرح ناظراً إلى تلك الفتاة التى سلبت عقله: – ومعاك قلبي وبلاش تغيب عن عينى بتوحشني.
ضحكت “فيروزة” بخفة ثم أخذت تضرب كف على كف لتقول بذهول:
– ياروحي دي حالتك متأخرة أوي، لا انت تاخد قلبك اهوه ياسيدي وتبعد عني انا مليش في شغل السهوكه دا.
حدق بها بحزن مصطنع ليقول:
– سهوكه بقا كدا يعنى اهون عليكى يابيبى.
أطلقت الأخرى صوت رنة ضاحكة عالية :- عمران أنت بجد مالك شكلك مش طبيعى.
أردف “عمران” بهيام قائلاً:- بحبك بعشقك ياروزتي انتى ليه مش حاسه بيا دا انتى لو كنتى حجر كان نطق.
هتفت “فيروزة” بهدوء وهى تضع خصلة شعرها خلف أذنيها بخفه:
– اديك قولت لو كنت بقا لكن أنا فيروزة.
قام بلمس وجنتيها برقة بالغة جعلت جسدها يرتجف من أثر لمسته ليهمس إليها :
– تعرفي أن انتى أحلى فيروزة فى الدنيا.
رفعت نظرها إليه قائلة :- عمران انت بتحبنى بجد.
بينما هو تحدث قائلًا: – لسه بتشكى فى محبتى ليكي.
حدقت بعيناه لتهمس برقة:
– مش بشك فى محبتك لكن بحب أسمعك وأنت بتعترف بحبك ليا وبحب أسمع أسمى بصوتك.
تحدث “عمران” بمشاعر صادقة وبعشق جارف:
-أنتى روحى وعشقى ومقدرش اتخيل حياتى من غيرك ولو ليوم واحد يافيروزتي أنتى فرحتى وشمسى وقمرى ونور عيونى ورفيقة دربى .
فى هذا الأثناء ولج إليهما “سفيان” الذى كان يحمل هاتف والده بقبضة يديه الصغير قائلاً: – بابي تليفونك بيرن.
أخذه الأخر منه ليرى من المتصل فكان زوج شقيقته:
– ربنا يستر وميكنش أتخانقوا مع بعض تاني، ثم قام بتمرير يديه على الهاتف لياتيه صوت الأخر قائلاً:
-ايه يابني ساعة علشان ترد.
أجابه “عمران” بهدوء:- والله بقلق لما بترن عليا بحس أن فيه مصيبة أحكيلي ايه اللى حصل تاني.
– متقلقش محصلش خناقة بينا الموضوع بعيد كل البعد عنها.
– أومال ايه اللى خلاك تتصل .
– هو أنت معرفتش باللى حصل للسيادة اللواء عامر.
هتف “عمران” بقلق حين التفت ببصره نحو “فيروزة”:
– ماله سيادة اللواء ؟.
تصنمت يديها التى كانت تعبث بشعر الصغير لتقول بقلق واضح فى نبرتها:- عمران بابا ماله.
بينما الأخر وضع الهاتف فى سترته بعد الإنتهاء من المكالمة ومعرفته بالوعكة الصحية التى أصابة” عامر”، أقترب منها بحذر فمد يديه ليمسد على يديها برفق محاولاً التحدث بهدوء، فأتاه صوتها المرجؤ مرة أخري:
– بالله عليك قولي فيه ايه وليه وشك أصفر بعد المكالمة دي ايه اللى عرفته عن بابا خلاك بالشكل ده.
أجابها بتردد قائلًا:
– باباكى أتعرض لأزمة قلبية وهو دلوقتى فى المستشفي.
شعرت بذاك الوقت بأن الدهر توقف عند هذة الجملة، فبدأت عيناها تسيل بالدموع كالشلالات المتدفقة ليحتويها “عمران” محاولاً تهدئتها بينما هى قالت من وسط بكائها: -بابا كويس صح …ومش هيسبني لوحدي.
– هيبقى كويس ومش هيسيبك.
رفعت رأسها ورمقته بنظرات خائفة من الفقدان فقالت بتوسل: -أرجوك ياعمران خدني أشوفه علشان خاطري.
أجابها الأخر بحزن وهو يمسد على شعرها:
– حاضر بس انتي متأكدة أنك عايز تشوفيه لانك كدا هتظهرلي للكل.
اؤمات بالإيجاب ليكمل حديثه:
– ماشى هوديك بس الأول أهدي مينفعش تشوفيه بحالتك دي.
بعد مدة كانت جالسة فى السيارة بجانب “عمران” تفرك يديها بتوتر شديد ومازالت عيناها تتساقط لاأراديا بالدموع، بينما الطفل الصغير أعاده والده فى طريقه إلى القصر، ثم أتجه نحو المستشفي، وحين وصلهم ولجت إلى المكان حيثُ ترقد به العائلة لترى أمامها والدتها واختها جالسين على المقعد، وفى هذا الاثناء أنتبه إليها “أنيس” الذى حدق بها بصدمة ألجمته فقال هامساً: -فيروزة!
رفعت “نازلي” رأسها بعد وقوع هذا الاسم على مسمعها لتنهض سريعاً من مكانها وهى تشاهد أبنتها تخطو نحوها بثقل، لترقرق عيناها بالدمع بينما الأخرى وقفت مقابلها بجسد مرتجف فهي كانت تخشي هذا اللقاء، دنت منها والدتها وهى تتحسس وجهها بيد مرتعشة تخشي من أن يكون هذا حلمٌ، فقالت بصوت باكي:
– بنتي أنتى هنا ولا أنا بتخيل…ردي عليا و قوليلي أني مش بحلم زي كل يوم أنتى فعلا هنا فيروزة ياعمري أنتى.. فقامت بضمها بقوة وهى مازالت تبكي وتشكي من غيابها عنها لتلك المدة فقد كان عقابها قاسياً عليها، فكانت “فيروزة” فى حالة لاتقل عن حالة والدتها فكلايهما يبكيان بشدة جعلت المتوقفون يدمعن
لحالتهن.
تحدثت “نازلي” من بين بكائها:- ليه عملتي كدا ليه مشيتي وسبتيني ازاى هونت عليكي بجد حرام انتي وجعتي قلب أمك عليكي.
أجابتها الأخرى وهى مازالت فى أحضانها:
– مكنش ينفع افضل بعد كل اللى حصل ياأمي، أنا كنت تعبانه أوي ووجودي هناك كان هيتعبني أكتر.
أبتعدت “نازلي” عنها قليلاً لتجفف وجه ابنتها من تلك المياه التى تسيل على وجنتيها ثم قالت:
– من هنا ورايح مش هتبعدى عننا تاني فاهمة.
-حاضر.
بينما “أنيس” و”لارين” أقتربوا منها ليضموها بقوة ليعبرون عن مدى اشتياقهم لها، ولم يخلوا هذا من المعاتبة، وعند إذ تحدثت “لارين” بحزن: -شوفتى اللى حصل لبابا يافيروزة، انتي متعرفيش هو قد ايه كان حزين أوي لبعدك عنه وبسبب ده هو تعب وخايفة ليبعد عننا.
هتفت “فيروزة” بألم قائلة:- متقوليش كدا بابا هيبقى كويس ومش هيسبنا، نطقت بهذا وهى تنظر إلى “عمران” تستمد منه القوة والأمان.
بعد خضون دقائق ولجت إلى العناية بمفردها بعد ما سمح الطبيب بهذا، حيث أن عيناها امتئلت مرة أخرى بالدموع بعد ما رأته ضعيفاً فى تلك الحالة مواصلاً بأجهزة، دنت منه وهى تشعر بنبضات قلبها ستخرج من مكانها جلست بجانب الفراش برفق وهى تمسك بكفه قائلة بحزن شديد وبكاء:
– بابا أنت سامعني أنا فيروزة بنتك، تعرف أنك وحشتني أوي مكنتش أعرف أن أول ما اسمع أنك تعبان انهار بالطريقة دي، حاولت أبقى قاسية بس مقدرتش لأنك أغلي انسان عندي برغم كل اللى حصل، أرجوك قوم انا محتاجاك جمبي، أنت لتاني مرة عايز تكون أناني معايا وتحرمني منك أنا لسه معشتش معاك شعور الابوة اللى كنت بحلم بيه، نفسي أحس بحبك ليا وان أنا بنتك فعلاً، أنت مش كنت عايز تعوضني علي السنين اللى فاتت دلوقتي أنا جيت يلا قوم وعوضني وأوعدك أني مش هزعلك ابدا فى حياتي..
شهقت بعنف وهى تهتف قائلة بدون وعي:
– ارجوك يابابا ماتموتش دلوقتى وتسبني علشان خاطري أنا فيروزة، وضعت رأسها على كتفه برفق وهى تبكي بأنهيار وصوت شهقاتها يعلو، شعرت بيد تربت عليها ثم أتاها صوت مجهد قائلاً بحنان:- هعوضك عن كل حاجة ياقلب أبوكي.
ابتعدت برفق ثم قالت بصدمة فارحة:-بابا أنت فوقت أنا بجد مش مصدقة، قفزت من مكانها: أنا لازم أعرف الكل برا، لكن مانعها والدها من الخروج قائلاً بأرهاق:
– لا تعالي قربي عايز أشبع من شوفتك قبل ما حد يدخل، أنتي متعرفيش قد ايه كنتي وحشاني بجد أنا فرحان اني تعبت لو كنت أعرف من الأول أنك هتيجي لما اتعب كنت تعبت من بدري، ومكنتش عيشت طول الفترة دي فى حزن وقهرة.
اقتربت مرة أخرى تقبل مقدمة رأسه ثم قالت بحزن:
– أنا اسفة مكنتش أعرف أن غيابي هيعيشكم فى حزن بالشكل ده.
هتف “عامر” بعيون دامعة:- أنا اللى أسف…بسببي حياتك ادمرت و فضلتي تعاني طول السنين اللى فاتت..سامحيني يابنتي مقدرتش احميكي من كل اللى حواليكي وسامحيني على معاملتي ليكي.
أخذت تمسح وجهه من أثر البكاء قائلة بابتسامة رقيقة:
– مسمحاك بس أرجوك انسي كل اللى حصل كفاية وجع وحزن، عيزاك ترجع بابا القوي لان لسه قدامك مهمة طويلة جدا علشان تعوضني وتراضيني كمان.
قبل يديها بخفة ثم قال بحب أبوي: – بس كدا …دا أنا هعملك كل حاجة انتي تتمنيها…لكن فى سؤال فى بالي كنتي فين طول المدة دي.
ابتعدت “فيروزة” عنه لتقول بتوتر:- اقولك بس متزعقش ولا تتعصب.
نظر إليها بطرف عينه ليقول بترقب:- قولي متخافيش.
هتفت سريعاً:- كنت عند عمران فى بيته.
ظلّ “عامر” محدقاً بها ثم تحدث بضيق:
– يعني كنتي عند عمران بيه واتاريني بقول ليه الواد بيتعامل معانا بهدوء وبكل برودة أعصاب بعد ماكان بيعمل كل ما بوسعه حتى نلاقيكي لما كنتي مخطوفة أتاري البيه مخبيكي عنده وسيبني الف حولين نفسي ومنهار عليكي ماشى ياعمران الزفت لما أفوق والله لاوريك.
-يابابا عمران ملهوش دعوة أنا طلبت مساعدته والراجل يشكر ساعدني بكل ترحاب وغير كدا أن اللى نبهت عليه ميقولش لحد فيكم إلا لموت نفسي وهو خاف عليا مش أكتر.
– بس دا ميمنعش بردو من أني أعلمه الأدب.
هتفت “فيروزة” بضيق: – بابا لو حضرتك عملت حاجة له أو زعلته بكلمه بجد أنا همشي ووقتها مش هتعرفلي طريق كله إلا عمران.
نظر إليها والدها بعدم تصديق ليضحك بتعب قائلاً:
– بجد أنا مش مصدق اللى بسمعه انتي خايفة عليه للدرجاتي مني.
خفضت رأسها بحرج ليكمل هو بأبتسامة:
-لا شكل الموضوع أكبر من كدا بكتير.
– ممكن حضرتك ترتاح شوية لأنك لسه تعبان وأنا هنادي الدكتور يجي يشوفك.
________________________________________
بعد أسبوعين
فى القصر وتحديداً فى غرفة المعيشة كان يجلس “عامر” بين أفراد عائلته محتضن “فيروزة”، فقد مكث فى المستشفي لمدة ثلاثة أيام، أردف “عمر” بمرح:
– وأخيراً رجعنا أتجمعنا تاني من أول وجديد حقيقي ياروزا البيت نور لما رجعتي، مع أن أنا كنت زعلان منك بس يلا مش مهم أهم حاجة أنك معانا.
بينما “الجدة” تحدثت قائلة بأبتسامة:- ربنا يديم لمتنا ويبعد عننا أى حاجة وحشة.
جاءت “سارة” من المطبخ وهى تحمل بيديها صينيه مليئة بأكواب العصير لتقدم لكل واحد منها كأسه الخاص، ثم جلست بجانب زوجها قائلة بسعادة:
– بجد أنا مش مصدقة أن روزا قاعدة معانا دلوقتي، مش قادرة أوصفلكم قد ليه أنا فرحانة.
نظرت إليها “فيروزة” وتلك البسمة لم تفارق شفتيها، فقالت:- وأنا كمان فرحانة بوجودكم حواليا…وبعدين ياسارة يلا شدي حيلك وهاتلنا بيبي صغنون يقولي ياعمتو.
تحدث “أدم” هذة المرة قائلاً:- متقلقيش ياروزا قريب أوي وهيبقى عندنا بيبي.
مرت دقائق وهم يتحدثون فى أمور عديدة، فنهضت “فيروزة” من مكانها وأتجهت نحو الأعلي إلى غرفتها، ثم أغلقت الباب خلفها وجلست على الأريكة لترجى مكالمة: ينفع كدا بقالك يومين مكلمتنيش ميكنش ماصدقت تخلص مني.
أتاها صوته الحنون قائلاً:-ابداً والله أنا قولت اسيبك تقضي وقت مع أهلك من غير ما أزعجك، تعرفي أن يومي وحش من غيرك.
– دا بجد ولا بتقولي كدا علشان أسكت ياعمران بيه.
– لا بتكلم بجد ياقلب عمران …قوليلي بقا أخبارك ايه فى حد من اللى عندك مزعلك فى حاجة.
اردفت الأخرى وهى تمسك بخصلات شعرها الذهبي قائلة:- لا بالعكس كلهم هنا بيحاولوا يعملولي أي حاجة علشان يفرحوني وده فى حد ذاته مخليني مبسوطة.
– طب الحمدلله ربنا يفرحك دايماً ياحبيبتي، بقولك ايه.
-نعم.
– وحشتيني أوي يافيروزتي.
اردفت بخجل قائلة:- وأنت كمان وحشتني.
– على بليل بعد ما أخلص الشغل هعدي على سيادة اللواء لان فى موضوع مهم هكلمه فيه.
– موضوع ايه؟.
– موضوع يخص الشغل فمتشغليش بالك.
– ماشى.
أنهت المكالمة ثم خرجت من غرفتها وفى أثناء سيرها تعثرت قدميها فى أحدى فراش الأرضية، كادت أن تسقط على وجهها بسبب ذاك الفستان الطويل، لولا تلك اليد التى أنقذتها من هذة الوقعة، التفتت بجسدها لترى “وليد” ممسكاً بها فأبتعدت عنه سريعاً، قائلة بحياء:
– أنا اسفة مخدتش بالي .
نظر إليها بصبر تام ليتفحص وجهها المُشع بالبهجة فقال بأبتسامة:- عادي ولا يهمك بس خدي بالك بعد كدا لتقعي.
أؤمات رأسها بنعم وهمت بالذهاب لكنه منعها ممسكاً بها مرة أخرى قائلاً:- ينفع نقعد مع بعض نتكلم شوية.
تحدثت “فيروزة” بهدوء:- أشمعنا فى حاجة ولا ايه .
-مش شرط يكون فى حاجة بس احنا بقالنا فترة كبيرة مقعدناش مع بعض ولا اتكلمنا زي الأول، ف لو ينفع على بليل وقت ماتكوني فاضية نقعد نسهر شوية فى حديقة القصر وندردش دا لو معندكيش مانع بجد هبقى ممتن ليكي بالشوية اللى هقعدهم معاكي.
أجابته “فيروزة” بهدوء قائلة بأبتسامة:-تمام مفيش مشكلة.
فى المساء خرج “عمران” من مكتب “عامر” وعلى ثغره ابتسامة سعيدة، فقابلته “فيروزة” الذى قالت مندهشة:
-شكلك فرحان ياتري ايه اللى حصل جوا خلاك مبسوط بالشكل ده.
دن منها ليقبلها برفق على وجنتيها ثم قال بنبرة لطيفة:
– على ما أعتقد اللواء هو اللى يملك الأجابة مش أنا.
قطبت حاجبيها قائلة بفضول: -أنا مش فاهمة حاجة متقولي أنت.
-حبيبي متبقيش فضوليه كل حاجة هتعرفيها فى أوانها ماشى يافيروزتي.
تنهدت بهدوء ثم قالت برقة:- خلاص ماشى هتعمل ايه دلوقتي، تعالي اقعد معانا جوا شوية واهو تتعرف على العيلة أكتر.
مسد على شعرها بحنان ليقول:- اعذريني المرادي فى وقت تاني لان مشغول ولازم أمشي.
– عمران.
– نعم.
– أنا مش عايزة اقعد هنا.
نظر إليها ليقول متسائلاً:- أومال عايزة تقعدي فين.
ابتسمت بخفة ثم قالت بحياء:- عايزة ارجع أقعد معاك، أنت متعرفش أن وجودك حواليا بيخليني حاسة بالأمان.
ضمها إليه مربتاً عليها برفق:- هانت يافيروزة هانت وكل اللى بتتمنيه هيحصل قريب بإذن الله.
أتاها صوته من بين أحضانه:- يعني ايه.
– فى وقتها هتعرفي.
فى هذا الاثناء كان “وليد” يقف بعيداً خلف أحدى العمدان ينظر إليهما بغضب شديد، فكان يشعر بالغيرة تفتك به، ظلّ يحدق بهما ليعقد بداخله على فعل شئ قبل أن يفوت الآوان.
بعد منتصف الليل كانت مستلقية على الفراش فأتاها صوت طرقات الباب، فعدلت من جلستها وهى تأذن للطارق لتجد والدها يلج إليها قائلاً بهدوء:
– نايمة ولا صاحية.
-تعالى يابابا أنا صاحية.
جلس بجانبها لينظر بأتجاه “فيروزة” فرأئها تبتسم بخفة وبريق عيناها تلمعان فقال هو بأبتسامة: – تعرفي أن وجودك رد فيا الروح، بجد أنا كنت حاسس بضياع وانتي غايبة عننا، وأتمنى بجد من كل قلبي أنك متكونيش لسه زعلانه مني.
ارتمت بين ذراعيه بخفة لتقول بهدوء:
– حبيبي أنا مش زعلانه منك، تعرف يابابا أن أنا طول عمري قبل ما أعرف أني بنتك بجد كنت بتمني أبقى بنتك من لحمك ودمك، لما عرفت بالحقيقة متعرفش أنا قد ايه فرحت بس اللى حصل خلاني أنسي الفرح وكل حاجة لكن دلوقتي خلاص رجعت حياتي لطبيعتها.
ابتعدت عنه لتراه يبكي بحزن فالتمعت عيناها بالدمع لتقول:
– ليه بس العياط ياحبيبي هتخليني أعيط أنا كمان، أخذت تجفف وجهه ثم اكملت: – علشان خاطري لو بتحبني بلاش حزن تاني أرجوك يابابا خلينا ننسي اللى فات ونبدأ من جديد.
أجابها “عامر” بأرهاق وبكاء:- أنا كنت أب سيئ أوى يافيروزة فرقت بينك وبين أختك وكنت بهرب منك طول الوقت وظلمتك أوي وأجبرتك تتجوزي من الحيوان رائف وجيت عليكي كتير، يوم لما قولتلك أرجعي لشقة الزفت مكنش هان عليا أخليكي تمشي كان غصب عني كنت موجوع اوي وخايف ليحصلك حاجة وحشة وفى كل خطوة كنتي بتمشيها لقدام كانت روحي بتتسحب معاكي مكنش سهل عليا ابعت حته مني لحد الموت برجليها أنا كل اللى عملته كان خارج أرداي…
جاءت أن تتحدث فأمرها بالصمت ليكمل قائلاً:
– بعد ما مشيت فى نفس اليوم عرفت أنك بنتي اللى خلفتها على قد ما حسيت بالفرحة على قد ما اتقهرت، وكان سيناريو حياتك بيمر قدام عينيا، عارفة ليه كنت بهرب منك دايما لان لما كنت بشوفك كنت بحس بوجع فى قلبي كنتي بتفكريني بكارما وهي صغيرة حاجة جوايا بتقول انها أنتي وحاجة تانية تقول ازاى بنتك ماتت وانت دفنتها بنفسك وبسبب كل التفكير ده كنت ببعد….تعرفي يافيروزة أنك أكتر واحدة في أخواتك اللى ليكي معزة خاصة ومميزة فى قلبي حتى من قبل ما اعرف أنك بنتي الحقيقية بس مكنتش بابين ده، عارف أن أنا كنت غبي أوي وبسبب غبائي كنت هضيعك مني بس أوعدك هكون ليكي الاب اللى بتتمنيه بس أنتي تكوني مسمحاني .
قبلت يديه ثم رفعت رأسها إليها قائلة بحنان:
– لو مكنتش مسمحاك مكنش زماني موجودة معاكم هنا.
أبتسم من وسط بكائه ليقول بهدوء:- كان زمانك دلوقتي عند عمران، بالمناسبة فى موضوع بخصوص سيادة المقدم عايز أكلمك فيه.
أردفت “فيروزة” بتوتر:- موضوع ايه.
أجابها “عامر” بأبتسامة لطيفة:- الصراحة هما موضوعين واحد بخصوص عمران والتاني بخصوص وليد، نظر إليها بهدوء ثم أكمل قائلاً:- الاتنين طالبين أيدك.
تحدثت الأخرى ببعض من الغباء:- طالبين ايدي ازاي مش فاهمة.
ربت على يديها برفق ثم قال بنبرة سعيدة:
– عايزين يتجوزوكي وانا قولتلهم هاخد رأيها الأول وهى اللى هتختار مين اللى هتعيش معاه ف أنتي ايه رايك، وليد كان خطيبك قبل كدا وكنتوا هتتجوزوا وانتي كنتي بتحبيه وهو كمان كذلك لسه بيحبك دا غير انه اتغير فعلا وندمان على اللى عمله ومحتاج فرصة تانية…وعمران شاب كويس جدا وراجل بمعني الكلمة وباين عليه بيحبك أوي.
أخذت نفس عميق ثم قالت بهدوء:
– وليد مجرد صفحة وانتهت من أول ما قلعت دبلته وعمر اللى كان مابينا هيرجع تاني.
عامر: طب وعمران .
اتسعت ابتسامتها وتوردت وجنتيها فقالت بحياء ورقة:
– اللى حضرتك شايفه صح اعمله وانا مش هعترض.
أحتواها بين ذراعيه ليهتف بمرح:
– يبقى نقول مبروك مش كدا.
هزت رأسها بالإيجاب فقال متسائلاً: – بتحبيه؟.
أجابته “فيروزة” قائلة بخجل:
– اه، حضرتك متعرفش عمران بالنسبالي ايه يعتبر هو كل حياتي عمري ما حبيت حد زي ما حبيته، ولا هلاقي راجل زيه يحبني بالطريقة دي دا عمل كل حاجة علشاني وحافظ عليا لما كنت فى بيته وكان بيفضل سهران جمبي طول فترة تعبي ومكنش بيعرف ينام بسبب صراخي طول الليل لما كنت بحلم بأحلام مزعجة
كان بيهون عليا كتير وهو اللى خرجني من اللى كنت فيه عمري ما هنسي وقفته معايا ولا حنيته عليا ولا الأمان اللى بحسه بيه فى وجوده هو قوتي وسندي وشريك حياتي.
هتف “عامر” بأبتسامة بشوشة:- يااااه دا أنتي طلعتي واقعة يابنت عامر.
دفنت رأسها بين ذراعيه أكثر ليمسد على شعرها بحنان أبوي وظلّ بجانبها طوال الليل ليعوض تلك الأيام الفائتة من غياب.
بعد مرور ثلاثة أسابيع فقط أتفق “عامر” مع “عمران” على ميعاد الزفاف الذي سيقام بعد يوم، بينما الليلة فقد أجمعوا الفتايات على قيام ليلة حناء خاصة بالعروس، فقمن بتزين القصر بتلك الورود والانوار المبهجة لتملئ المكان سعادة وفرحة ليس لها مثيل، أخذ “عامر” الشباب خارج القصر بعد ما تم طردهم جميعاً من قبل الفتايات، ليتركهن على راحتهن فقد شاركت عائلة “عمران” بهذة المناسبة، تحدثت “الجدة” بعد ما مشطت شعرها وتزينت،، فقالت بحماس:
– والله أنا متحمسة أوي بقالنا فترة كبيرة معملناش حنة فى بيتنا زي زمان.
أجابتها “نازلي” بسعادة:- فعلاً ياأمي ربنا يديم فرحتنا ويكتر من أفراحنا.
التفتت ببصرها زوجة “أحمد” قائلة بأبتسامة:
– دلوقتي هيبقى فى عرض أزياء هيشتغل بعد شوية ايشي احمر واصفر وازرق هتبقى ليلة فل.
الجدة:- خليهم يلبسوا ويفرحوا هو أحنا بيجلنا فرح كل يوم يعني.
مر بضع دقائق لتأتي الفتياتات مرتدين افضل الثياب والمجوهرات، ولكن “فيروزة” كانت أجملهن فقد ارتدت ثوب فيروزي يلائم لون عينيها، وأطلقت سراح شعرها الذهبي الطويل للعناء تضع عليه تاجاً من الماس فقد كان على هيئة فروع وردية رقيقة أعطت لها شكلاً جذاباً للغاية، بينما “لارين” قامت بتشغيل السماعات على أغاني شعبية، وامسكت بيد أختها لتتراقص معها لتتعالي صوت الضحكات السعيدة بداخل القصر…
أتي الصباح بيوم مشرق لتبدا معه بداية جديدة فى حياة كل فرد من أفراد تلك العائلة، كان هؤلاء الشباب يجتمعن مع العريس ليتم تجهيزه جيداً فهذا زوج شقيقتهم الكبرى، فيجب أن يكون عريساً وسيماً على أكمل وجه، أتاهم صوت “عمر” جلاب المصائب قائلاً بمرح:
– شوفت لما عملتلك مسك وشك نور ازاى أبقى تعالى كل يوم وأنا اروقك على الأخر.
نظر إليه “عمران” ليقول بغرور:- أنا طول عمري منور مكنتش محتاج ماسكاتك أصلا.
هتف “عمر” قائلاً:- تصدق أنا غلطان…اقول ايه خيرٍ تعمل شرٍ تلقى..ثم أشار باصبعه على “عمران” الذى نظر إليه بطرف عينه.
بينما “أنيس” قام بدفع “عمر” بعيداً وهو يحمل بيديه بدلت العريس، فقال:- يلا ياعريس علشان البسك بدلتك..والله وعشت اليوم اللى البس فيه عريس روزا حبيبتي.
تحدث “عمران” بدهشة:- أنا ليه حاسس انكم شاربين حاجة أصل شكلكم مش طبيعي، وبعدين ايه البسك دي هات ياخويا هلبس لوحدي هو حد قالك عني أني لسه عيل صغير.
اجابه هذة المرة “معاذ” قائلاً:- لا ياحبيبي دا نذر علينا قطعناه أن أحنا نلبسك بدلتك فلازم نوفي بيه.
التفت الأخر ببصره نحوه ينظر إليه بصدمة، فأكمل “أدم” بتعجل: – يلا بقا ياسيادة المقدم كدا هتتاخر على العروسة..هات ياأنيس البدلة خلينا نخلص.
مرت عشر دقائق فقد ارتدي “عمران” البدلة السوداء وكان بكامل أناقته فأنه شاب وسيم حقاً كما قال الشاب “عمر”..
اطلق “طارق” صوت صُفيرة عالية ثم قال بذهول:
– وربنا البدلة هتاكل منك حته ايه الجمدان دا ياعمران.
جاء العم “أحمد” من خلف ليضرب “طارق” بخفة على رأسه قائلاً:- قوم بسم الله ماشاء الله يابأف هتحسد الواد وهو لسه مدخلش دنيا.
بينما عند “فيروزة” كانت تنظر فى المرآه بتوتر شديد تتفحص نفسها جيداً، فكانت ترتدي فستاناً ابيضاً منفوشاً مرصع بتلك الورود والاحجار البيضاء اللامعة وكأنها قطعة من الالماس، وتلك الطرحة الثقيلة تسيل على كامل جسدها فقد تم صُنعه خصيصاً لها، أغمضت عيناها لتقول بصوت مهزوز متسائلة: – شكلي حلو يابنات ولا أوفر.
لم تستمع إلى أصواتهن ففتحت عيناها مجدداً لتراهم محدقين بها:- مالكم متنحين كدا ليه شكلي وحش صح والله هعيط.
دنت منها والدتها وجهها يشع بهجة وسرور قائلة بسعادة:
– بجد أنا مش مصدقة عيني، الله أكبر عليكي طالعة زي البدر المنور.
– بجد ياماما.
أجابتها “نازلي” بأبتسامة وعيون دامعة من فرط السعادة:- بجد ياقلب ماما خايفة لحسدك ياروزا.
تحدثت “فيروزة” بتوتر:- أومال هما باصين ليا كدا ليه أكيد في حاجة غلط فى شكلي او فى الفستان.
اقتربت “سارة” و”لارين” و”سهر” ليضموها بقوة ليعبرون عن مدى فرحتهم بها، فأردفت “سارة” بأبتسامة:
– والله انتي قمرين مش قمر واحد، فعلاً يابخت عمران بيكي.
شاركتها الحديث “لارين” الذى قالت بمرح:
– فعلا يابخته طب تصدقي أنا خايفة لما يشوف جمالك وحلاوتك يلغي الفرح.
هتفت “سهر” بضحكة خفيفة:- والله مجنون ويعملها، ربنا يستر.
جاءت من خلفهم تلك “الجدة” العجوزة وهى تحمل بيديها مبخره لتقول بسعادة:
– وسعوا كدا يابنات خلوني أبخر حفيدتي وارقيها علشان محدش منكم يحسدها.
أنتهت من حديثها وهى تدور حول فيروزة تقرأ لها بعض الآيات القرآنية، وعند اذ ولج “عامر” إليهن لينظر إلى أبنته بسعادة فبدأ بالاقتراب منهما محاولاً التحكم بمشاعر الابوة لديه بمنعها من تلك الزيجة الذى ستبعدها عنه، ألتمعت عيناه بالدموع وهو يمرر بصره على فستانها ثم أقترب منها مقابلاً مقدمة رأسها ليقول بصوت أشبه بالبكاء:
– ماشاءالله تبارك الرحمن بنتي ونور عيني خلاص كبرت وبقت أجمل عروسة فى الدنيا، كان نفسي اقولك كلامك كتير بس حاسس أن لساني اتربط لما شوفتك فى فستانك، أتمني ليكي السعادة دايماً ربنا يبارك فيكي ويجعل ايامك مع جوزك كلها هنا وسعادة ياقلب أبوكي، ومتنسيش أن بيت ابوكي مفتوحلك طول الوقت لما تحبي تيجي هتلاقيني فى استقابلك، لو عليا يافيروزة مخلكيش تخرجى من هنا ولا تبعدي عن حضني بس دي سنة الحياة البنت لما بتكبر بتسيب بيت أبوها اللى اتربت فيه وفى حضنه وتروح بيت جوزها، عارفة من رغم أني فرحان ليكي لكن جوايا زعلان أنك هتمشي وتسبيني جوايا أحساس صعب وحلو فى نفس الوقت.
أرتمت “فيروزة” فى أحضانه قائلة ببكاء:
– خلاص الغي الفرح أنا مش عايزة أسيبك أصلا.
ربت على ظهرها بحنان ليقول من وسط بكائهم بأبتسامة لطيفة:- أنتي عايزة الواد يجي يقتلنا دا ممكن يجراله حاجة لو قولتله كدا.
ابتعدت عنه بهدوء ومازالت تنظر إليه:
– خلاص أنا كل يوم هاجي ازوركم علشان محسش أنكم بعيد عني.
هتف “عامر” بحنان:- انتي تيجي فى أى وقت أنتي عيزاه دا بيتك.
تحدثت “نازلي” بعد ما جففت بقايا البكاء من على خديها قائلة:- كفاية بقا خلتونا نعيط.
أقتربت “لارين” منهما ثم قالت برقة:
– بجد حرام ينفع كدا الميكاب بتاعي باظ بسبب العياط.
ضحك “عامر” بخفة ثم أمسك بيد “فيروزة”:
– يلا يابنتي خلينا ننزل العريس تحت بلاش نتأخر عليه أكتر من كدا.
فى وسط القصر كان يقف “عمران” يحمل باقة ورد بيضاء، يشعر بالتوتر بينما دقات قلبه كانت فى مسارعة شديدة، كأن هذة الزيجة الاولي له، فى هذا الاثناء أنتبه إلى حبيبته التى تهبط من على الدرجات ممسكة بيد أبيها، حينها التمع بريق عيناها بالسعادة مع زيادة ضربات قلبه الذى كاد أن يخرج من بين اضلعه، سار بخطوات مثقلة نحوها ثم وقف أمامها محدقاً بها بسعادة غامرة، فاتاه صوت “عامر” محذراً:
– أنا دلوقتي سلمتك روحي فلو بس سمعت أنك زعلتها أو عملتلها حاجة عارف هعمل فيك ايه.
نظر إليه “عمران” فقال بثقة:
– دي مراتي ورفيقة دربي حتى الممات، فأوعدك أن أنا عمري ما هزعلها ولا هجرحها بكلمه وهتبقى جوا عيني.
ربت “عامر” على كتفه قائلاً:
– وأنا واثق فيك ربنا يتمم فرحتكم على خير. ثم أبتعد عنهما ليعطيهم مساحتهم، دن “عمران” من “فيروزة” ليقبل يديه الصغيرة المرتجفة برفق ثم جبينها، ثم همس بحب:
– سبحان الله أجمل ما رأت عيني، اااه يارفيقة الروح وأخيراً بقيتي ملكي، بحبك يازهرة أيامي.
بتادلته الابتسامة بقلبٍ نابض هامسة برقة:
– وأنا بحبك يانبض فؤادي.
بينما “وليد” كان يقف جانباً ينظر إليها بعيون دامعة يشعر بالندم والحزن لخسارة محبوبته منذ الصغر، ولكن الآن الندم لا يفيد بشئ مسح دمعته سريعاً عندما وجد أخيه “طارق” يربت على كتفه مواسياً له.
بعد خضون دقائق تم وصول العروسين بعد ما تم زفهم بالعربيات إلى المكان المخصص بالحفل فكان يطل على البحر يحيطه تلك الزينة المخصصة بالزفاف، لتبدا سهرتهم الليلية فى جو مليئ بالسعادة والحب، وبعد مرور ساعتين قامت “فيروزة” بتغير ثوبها بثوب أخر رقيق متناسق من قماش الدانتيل المزخرف يصل إلى أخمص قدميها، مما جعلها تتحرك بكل أريحية.
أنتهت المناسبة بهدوء وأنسحب الحضور، بينما “عمران” ذهب مع زوجته فور أنتهاء الحفل إلى خارج البلاد لتبدأً حياة جديدة معه…
فكل فتاة منا تستحق شخصاً يشبها، تستحقين شخصاً يجعل اسمكِ جرساً موسيقياً يتكرر دوماً، ويتحدث عنكِ وكأنكِ عالمه الوحيد وأعظم انتصاراته،،
تستحقين شخصاً يسعي لرسم الابتسامة على وجهكِ الجميل، يدرك كل تفاصيلك الصغيرة والكبيرة، يجيد قراءة ملامحكِ، إشاراتك، عينيكِ، وكلماتك المهمة بين السطور،،
تستحقين شخصاً يأخذ طفولتكِ على محمل الجد،،
تستحقين شخصاً لا يتلون ولا يسعي لنحتك بصورة يفضلها، فقط يتعايش معكِ كما أنتِ، يعاملكِ وكأنكِ فراشة رقيقة يخشي كسرها.♥️♥️
تمت

لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇

تعليقات