رواية قلبي في خطر ولكن كاملة جميع الفصول

رواية قلبي في خطر ولكن هي رواية رومانسية والرواية من تأليف صفاء حسني في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية قلبي في خطر ولكن لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية قلبي في خطر ولكن هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية قلبي في خطر ولكن تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة

رواية قلبي في خطر ولكن كاملة جميع الفصول

رواية قلبي في خطر ولكن من الفصل الاول للاخير بقلم صفاء حسني

شعرت فتاة بمغص مفاجئ في وسط المحاضرة، لكنها استحملت الألم. قبل المحاضرة التالية، خرجت. سألتها صديقتها: "رايحة فين يا زهرة؟" هزت زهرة رأسها، قائلة: "رايحة الحمام، تعبانة ومش قادرة أتكلم، كل كلمة يا زينة، بالله عليكي." ضحكت زينة، قائلة: "حاضر يا قلبي، بس متتخريش، عشان المادة اللي بعدها رخمة." هزت زهرة رأسها: "على حسب الوضع، احتمال أروح يا زينة، أشوف كده وأتصل بزياد... هو صحيح محضرِش ليه المحاضرة؟" نفخت زينة بضيق: "أنا إيه اللي عرفني؟ فكي منه يا زهرة، ده مش شبهك، ولا يكون زيكِ! إنتِ تستاهلي واحد بعقلك ونضجك، أنا مش عارفة إزاي حبيتي واحد زي ده." كتمت زهرة بوقها وقالت: "حب إيه يا بنتي؟ هو زميل مش أكتر." ضحكت زينة: "علياّ بردو؟ هو إنتِ بتتكلمي مع زملاء أصلاً؟ بقالك سنتين بتجنبي الشباب لحد ما لعب بعقلك المحروس!" نفخت زهرة بضيق: "أنا مش قادرة أقف." انفزعت عليها زينة: "آجي معاكي." هزت زهرة رأسها بالنفي: "مش ينفع يا قلبي، لازم حد يحضر النهاردة، أفهم اللي تفهميه وأكتب اللي توصلي له، وأنا هعرف أجمع كلّه مع بعضه." وتركت المحاضرة وذهبت إلى الحمامـ.ـا.ت. كان هناك تصليح في الحمامـ.ـا.ت، اقترب منها عامل قائلاً: "الماء قطعة هنا يا بنتي، وفي تصليحات، روحي المبنى التاني." سألته زهرة: "إيه المبنى وأروح إزاي؟" رد عليها العامل ووصف لها المكان: "عند مبنى حقوق، قبل باب الخروج التاني بشوية." هزت زهرة رأسها بامتنان وشكرته: "شكرًا جدًا." جلست في الخارج وهي تتكلم مع نفسها: "يا ترى هعرف أروح هناك ولا أقعد أرتاح شوية وبعدين أروح؟" قعدت شوية وهي محتارة. لحظ جلوسها، سألها العامل: "خير يا بنتي قاعدة كده ليه؟" ردت زهرة بــــاستحياء: "الحقيقة أنا تعبانة جدًا وصعب أمشي المسافة دي كلها لمبنى حقوق." وضحكت برقة: "هو أسرع إني أروح بيتي وأركب المترو، ولا أركب رجلي؟" ضحك العامل ورد عليها: "عندك حق يا بنتي. طيب شوفي، هو فيه حمامـ.ـا.ت تانية خاصة بالدكاترة والمدراء الجامعة، مسافة مش بعيدة عن هنا، ممكن تسندي في إيد حد من زملائك وأنا آجي معاكي وأفتح لك باب منهم، هو ممنوع لكن الضروري أحكام." هزت رأسها بالشكر والتقدير: "زملائي في المحاضرة، وأنا خرجت من التعب، أنا أقدر أمشي معاك لو المسافة قريبة، أرحم من التاني." وشكرته جدًا. وبالفعل مشت زهرة حتى وصلت، وفتح لها العامل الحمام. دخلت زهرة، قضت حاجاتها، وشكرت أنها معها فوط نسائية احتياطية وهدوم بديلة، وشكرت أمها في سرها: "مش عارفة أشكرك إزاي يا ست الكل، لما نصحتيني إن ديما يكون معايا الإثنين دول بديل لو حصل في الأمور أمور، فعلاً كان عندك حق أهو، نزلت قبل ميعادي ومكنتش عاملة حسابي كويس إن فيه بديل." وبالفعل بدأت في تغيير الملابس الداخلية بــــاستحياء من تحت الفستان الطويل، ولبست فوطة، وظبطت نفسها والحجاب، ووقفت أمام المرآة للتأكد أن الفستان ما فيهوش بقعة، وشكرت الظروف أنها لبست فستان لون غامق ما يظهرش فيه، وطوّلت الحجاب شوية، وشكرت ربنا، وقالت بين نفسها: "يااه على الدين الإسلامي والناس بتعيب على الحجاب الطويل، أهو ستر في الظروف الصعبة للبنت أو الست، مدّري ظهري، وكمان من قدام، فلو سمح الله في أي بقعة مع طول الحجاب مش يظهر، أنا كل يوم أكتشف إن ربنا بيحب الست أكتر من الراجـ.ـل بطلبه منها الحجاب عشان بيسترها في الأوقات الصعبة دي، وكمان من عيون الناس ما ترحم." حطت الهدوم اللي قلعتهها في كيس أسود زي ما عاملة حسابه، وحطته في الشنطة الكبيرة اللي كانت معترضة عنها لأمها، لما أمها أصرت تلبسها النهاردة، وأكدت تحط الحاجات دي، قلبك حاسس يا ست الكل." بعد ما انتهت وخرجت، كان العامل مشي، وهي كانت نسيت الطريق، هي جت معاها بالعافية وم مركزتش. خرجت من الحمام ومشت لكن بطريق مختلف، كان في مبنى قديم تقريبًا، المهم وهي ماشية بتدور على حد تسأله الطريق، سمعت صوت مألوف عليها: "كفاية يا زياد، حد يشوفني ولا المكان ينفع، إنت عارف لو حد من الجامعة شافني." ضحك زياد وهو بيمد إيده من تحت هدومها على جـ.ـسمها بطريقة مستفزة، وقال: "يا بنتي المكان ده استحالة حد يجي فيه، مبنى قديم ووراها مبنى الإدارة بتاعة الجامعة." انصدمت البنت وقالت: "إنت بتتهزر؟ جايبني جنب مبنى الإدارة يا زياد؟" ضحك زياد بعيد: "متخافيش، وأصلًا كلهم بيركبوا عربياتهم اللي قدام المبنى، يعني محدش بيعدي من هنا، متقلقيش." وقرب منها وبدأ يقبل شفايفها بشهوة، وهو يمد إيده من تحت البلوزة ويحسس على جـ.ـسمها وصدرها، وهي معه بكل استجابة. انصدمت زهرة من المنظر، كانت عاجزة عن التفكير، مش بس عشان الشخص اللي فاكراها بيحبه وكويس وبيمثل الخلق والدين، لأ كمان إزاي بنت تسمح لحد يلمسها كده من غير ما يكون حلالها. الصدمة شلت تفكيرها، مبقتش قادرة تكمل. قطعت صدمتها كلام البنت: "هو إنت وعدتني هتبعد عن زهرة صح، وإنك مش بتحبها وبتحبني أنا، وإنك قربت منها بس عشان هي شاطرة عشان تساعدك في تلخيص المواد، وإنها شيخة وكل كلامها معاك إن كان على الواتس عن المذاكرة، وإنها معقدة ومش بتستجيب معاك." خرج من الحالة اللي هو فيها ونفخ: "يعني إنتِ شايفة وقتي كلام ده؟ أنا ألف مرة قلت لكِ إنتِ حاجة وهي حاجة يا ياسمين." سألته ياسمين: "إزاي بقي؟ ممكن توضح لي، عاوزة أعرف أنا مميزة عندك قد إيه؟" ضحك زياد: "مميزة في الحب يا قلبي، يعني مميزة في ده وبس، إنك متاحة إن أعيش معاكي الحب، لكن زهرة حاجة تانية، زهرة هي اللي هتكون الزوجة والأم، فهمتي؟" اتصـ.ـد.مت ياسمين: "إنت بتتهزر صح؟ اوعى كده، إنت رخم وهزرك تقيل على فكرة." ضحك زياد: "طيب متزعليش، مضيعش اللحظة الحلوة دي وتعالي في حـ.ـضـ.ـني، أنا مش على بعضي، ولو بعد كده مش يحصلك طيب معايا." ضحكت ياسمين: "ليه إن شاء الله؟ خليك على نارك، كفاية عليك كده." ضحك زياد: "لأ يا حلوة، تعالي معايا." ودخل المبنى. كانت زهرة مصدومة، ومبقتش عارفة تعمل إيه، تكمل وتوجههم وتوقفهم على اللي بيعملوه، ولا تمشي وتسمح لدمـ.ـو.عها تنزل، ممكن تدوي جرحها، وفعلاً اختارت الانسحاب ومشت، ومش عارفة هي ماشية فين. في نفس الوقت، كان فيه شاب خارج من مبنى الإدارة وجاي يركب عربيته، فوجئ إن الكوتش نايم. نفخ بضيق: "طيب ليه كده؟ أسحبه إزاي؟ ومفيش بديل كوتش، الأحسن أخرج وأجيب ميكانيكي يساعدني، عشان لو فكرت أنا أعملها وهنا وأول يوم لي، كل هدومي هتبهدل من أول يوم كده، اروح للأمن بتاع الجامعة أطلب منهم..." خرج ومشي يدور على باب أو أي حد يسأله. لحظ وقتها زهرة وهي قاعدة وبتعيط، وقتها حاسة بإحساس غريب، ملامح زهرة، البنت الجميلة الهادية مع حجابها الطويل اللي محليها أكتر، وكانها حور. كانت زهرة قاعدة جانب باب الخروج، ومش قادرة تتخطى اللي شافته، أو تتخيل هما بيعملوا إيه مع بعض، قلبها موجوع. كان الشاب محتار يسيبها لوحدها ولا يسألها، عقله بيقوله يسألها: "إنتِ بتعيطي ليه يا أنسة؟ ردي عليا." قطع شرودها ودمـ.ـو.عها اللي بتنزل بغزارة، وهو حاسس إنه بيتقطع وهو شايفها بتعيط ومش عارف يعمل إيه، وليها صعبت عليه، والح في السؤال: "ردي عليا بالله عليكي، ووقفي دمـ.ـو.عك، ده واضح إنك تعبانة، أوديكي لدكتور أو أورّوك أي حاجة، أنا تحت أمرك." كانت ساكتة، كل اللي في عقلها اللحظة اللي شافت فيها الشاب اللي بتحبه وهو في وضع مش لطيف مع بنت، ومش أي بنت، اللي كانت عاملة نفسها صاحبتها. انتظر الشاب بجوارها لكن بعيد شوية، مش قادر يمشي ويسيبها، ولا عارف سبب دمـ.ـو.عها، كل اللي هو عاوزه يفضل قاعد عند زياد. سحب ياسمين ودخل جوه وحوطها من ظهرها ورفع هدومها وفتح سوسته هدومه وهو معها. بعد ما انتهى زياد من اللي كان فيه وبدأ يظبط هدومه، ضحك وقال: "ده على الماشي، لكن المرة الجاية لازم تيجي الشقة عشان أعيشك في عالم تاني." ضحكت ياسمين: "بشرط تبعد عن زهرة." افتكر زهرة، مسك  التليفون، فوجئت إنها اتصلت كتير اتصل بيها لكن مردتش عليه، راح عند مكان المحاضرة، مش موجودة. كانت ياسمين وراه ومستغربة لهفته وخوفه على زهرة، وسألته: "إنت مالك بتدور عليها كده؟" نفخ زياد: "زهرة مش بتتصل كده كتير غير لو في حاجة، أنا لازم أطمن عليها." كانت المحاضرة خلصت والدكتور خرج، دخل زياد وقرب عند زينة وسألها: "هي فين زهرة؟" نظرت له زينة باحتقار: "مش عارفة، كانت تعبانة شوية، وقالت احتمال تروح." نفخ زياد ولعن نفسه إنه اشترى الريّخص بالغالي، وطلب من زينة: "طيب معلش اتصلي بيها كده وتشوفيها راحت ولا لأ." هزت زينة رأسها واتصلت بزهرة لكن مردتش عليها، بعتت رسالة على الواتس وسألتها: "إنتِ روحتي يا زهرة؟" كانت زهرة مفطومة من العـ.ـيا.ط وكتبت: "أنا عند باب الجامعة شوية وأروح." سألتها زينة: "إنتِ كويسة؟ أسيب المحاضرة وأجيلكِ يا قلبي؟" كتبت زهرة برفض: "أنا بخير يا زينة، مينفعش إحنا الإثنين نسيب المحاضرة يا قلبي." ردت زينة: "يا قلبي ممكن والله، نعودها عند أي حد تاني، المهم أطمن عليكي." ردت عليها زهرة: "أطمنّي أنا بخير، ولا عاوزة تفلسع حاجة تاني." وبعتت إيموشن بيضحك، أمنت زهرة وبعدت لها إيموشن بقبلة وقفلت. سألها زياد بلهفة: "روحت ولا لأ؟ طمنيني."
"روحت ولا لأ؟ طمّنيني." قالت زينة بسخرية وهي تهز رأسها. "مدام مهتم أوي، ليه مردّتش عليها وهي بتكلّمك؟ ولا عندك اللي أهم منها؟ سبحان الله! من يوم ما أقعد تحرّج وتظهر أقدمها وأنا حسيت إنك... ما علينا، اخرج يلا، الدكتور جاي. ربنا يعلم ما في القلوب."
نفخ زياد بضيق: "ردّي عليّا بعد إذنك، هي فين؟ والله أروح لها على البيت."
ضحكت زينة بسخرية: "ومالها لو رجل تعملها؟ ياريت تثبت لي وتثبت لها إنك بتحبها بجد، عشان صدّقيني، اللي يحب واحدة زي زهرة هينيلها دنيا وأخرى."
أكد زياد بحماس: "أنا جد جدًا، ومعرفش ليه بتكرّهيني، بكرة هتشوفي."
ضحكت زينة: "أفلح إن صدّق! ما علينا، هي قالت عند باب الجامعة، وبتقول هتروح. شوفي بقى يا تلحقها ولا لأ. ولو رجل، روح لها على البيت. واثق علاقتك بيها؟ زهرة ده كنز وحصن لأي حد يكون من نصيبها، رغم إني عارفة إن علاقتك مجرد مصلحة، وأول ما تخلص وتتخرج تقول لها: "أمك في العشة واللا طارت!"
لم يستمع لها زياد، وجري عشان يلحقها. كانت ياسمين مراقبة الوضع، وهتتجنّن ليه ملهوف عليها كده.
بعد شوية، كان زياد وصل وهو نفسه ينقطع. كان قاعد مراقب زهرة وهي بتكتب على الواتس، وشعر إنها بتحاول تهرب من حزنها. لكن فجأة شاف شاب داخل عليها، ومكانش مرتاح له، وكأنه يعرفه أو يعرفها من زمان، وكأنه نسي العربية، أو هو كان جاي ليه؟ كل اللي همه يراقب الوضع، وقال ما بين نفسه: "ممكن تكون تعرفه... أمشي أمشي إلا لما أطمئن."
اقترب زياد منها بلهفة وخوف: "إنتِ فين يا زهرة؟ أنا لفيت عليكي الجامعة كلها، وملقتكيش. وسألت زينة، قالت إنك تعبانة. سلامتك يا قلبي! وقاعدة لوحدك ليه هنا؟"
لاحظ الشاب، أول ما شافت زياد، مسحت زهرة دمـ.ـو.عها وسكتت شوية. واستغرب إزاي زياد ما خدش باله إنها حزينة، لكن ابتسم مع نفسه: "اسمها زهرة، اسم حلو، وكأنها فعلاً زهرة في وسط بستان. يا ترى إيه مشكلتها؟"
بدأت زهرة تستعيد قوتها وشجاعتها وكرامتها اللي حاسة إنها أتهانت في حبها لواحد زي زياد، وبدأت تلم حاجاتها من غير ما تعطي أي اهتمام ليه، وكانت خرجت من باب الجامعة.
خرج وراها زياد وهو بينادي عليها: "يا زهرة! أنا بكلمك، ردّي عليّا."
بدأت الدنيا تغيم، وأعلنت السماء عن نزول المطر. كل واحد بدأ يمسك الشمسية، إلا زهرة، وكأن السماء بتعيط بدالها.
كان الشاب اللي مراقبها، جاله تليفون: "إنت فين يا دكتور عاصي؟"
ردّ الدكتور عاصي وهو متابع زهرة، وفتح الشمسية: "أنا في الجامعة يا دكتور حاتم، لكن هطلب من الأمن يجيبوا حد للعربية وأجي."
ابتسم حاتم: "أفهم كده موافق تقبل تتعين دكتور هنا في الجامعة، وتنفّذ اللي طلبه منك جدّك، ووجودك ينقذ الجامعة، أنا متأكدة."
هزّ عاصي رأسه: "بالتأكيد، لكن زي ما اتفقنا، محدش يعرف من الشركاء إني حفيد زاهرا الصياد لحد ما أفهم اللي بيحصل."
ابتسم حاتم: "أنا متفائل... آه، كنت عايز أقول لك حاجة..."
كان عاصي عايز يلاحق زهرة، فكتم في الكلام: "بإذن الله تعالى يا دكتور حاتم، أقفل معاك وأرجع أكلمك تاني."
وفعلاً قفل.
خرج الدكتور عاصي وهو متابع اللي بيحصل، طلب من الأمن يساعدوا بعد ما طلع البطاقة الشخصية وهويته، تثبت إنه دكتور، وطلب من الأمن: "لو سمحت يا كابتن، تشوف لي حد بيصلّح عربيات، الكوتش نايم."
ابتسم الأمن اللي قاعد: "هي اتعملت فيك يا دكتور."
استغرب عاصي وهو ماشي، فاهم: "هو إيه اللي اتعمل؟ ممكن توضيح؟"
ردّ الأمن: "أكيد خبر إنك هتكون دكتور جديد في الجامعة، سمع بيه ولاد الحـ.ـر.ام، ولعبوا في الكوتش بتاع العربية، ده العادي مع كل دكتور جديد، ترحيب أو..."
ابتسم عاصي للأمن، لكن من جواه مش عاجبه اللي بيحصل، وقال: "أو اختبـ.ـار عشان يشوفوا هأتصرف إزاي."
وفعلاً لاحظ شوية شباب وبنات متابعين من بعيد، والبنات بتعاكس، وواحدة اتكلمت: "وااااو! إيه الجمال والشياكة والوسامة ده! أنتم متأكدين ده دكتور؟ ده وسيم وحلوى! لازم أصوره وأنزل الصورة على جروب الجامعة عشان الكل يكون عارفه."
ضحك شاب معهم: "يا بنتي، مش هت عـ.ـر.في، الدنيا بتمطر، وكمان هو معاه شمسية."
ضحكت البنت: "لأ، هو نزل الشمسية عند البوابة، وتليفوني ضد المياه، أقرب شوية وأقط صورة."
تحدث شاب آخر: "لكن واضح إنه على نياته، شوفته قاعد إزاي وهو محتاس، معرفش يعمل إيه ده، إحنا هنتسلى، يلا بينا."
اقتربت البنت من البوابة، ولقطت كذا صورة على إنها بتاخد سيلفي وهو بيتكلم، وكانوا الشباب متابعينها. لكن لحظة زياد بيجري ورا زهرة، سألهم: "شوفي زياد بيجري ورا زهرة، أولى الدفعة، ليه؟ في حاجة؟"
انتبه الشاب ونظر لهم وهو بيرد: "معرفش، أنا كنت مركز مع الدكتور الجديد. هو في حاجة ما بينهم."
رفضت البنت: "زهرة وزياد؟ استحالة! زهرة طيبة جدًا، وبتساعد أي حد محتاج شرح في أي مادة، ودايمًا بتساعد الكل وملتزمة جدًا، متعرفش بالحب والعلاقات، وأنت عارف زياد أناني ومصلحي وبتاع بنات، يعني أكيد كل همه من التقرب إنه ياخد تعبها."
سمع الكلام الدكتور عاصي، وبدأ يفهم شخصية زهرة، وأخد صورة عن زياد.
خرج زياد وهو متعصب، وزهرة كانت لابسة حجاب أزرق مع فستان أزرق، والمطر نازل، وضعت الشمسية فوق رأسها، واقترب يمسك إيدها، لكن أترجعت، وتحدث بغضب: "إنتِ عارفة أنا بكره أسلوبك ده يا زهرة، ولما أكلمك ردّي عليّا، متخرجيش وتخرجيني وراك، وكمان الدنيا بتمطر، تعالي نتكلم جوه."
ضحكت زهرة بسخرية: "بتكرَه أسلوبي بس يا زياد؟ أنا اكتشفت إنك بتكرّهيني كلّي على بعضي للأسف! لكن أقول لك إيه؟ غير الحمد لله إن ربنا أنقذني منك. كنت دايمًا بصلي صلاة استخارة وأستخير ربنا، كنت حاسة بحاجة جوه رافضة أتعامل معاك، وأخيرًا الحمد لله إن استجابته كانت سريعة. روح لحالك يا زياد."
مكنش فاهم زياد في إيه، وسألها: "زهرة، مالك؟ فاهمني ليه؟ لازمة الكلام ده؟ إنتِ عارفة إن كل اللي في الجامعة مستخسرينك عليكي، وأكيد بيشوّهوا سمعتي عندك."
أكملت زهرة بسخرية: "تصدّق؟ طلعوا هما الصح، وأنا اللي هبلة. إنت دخلت من ناحية الدين بعد ما رفضت أرد عليك مرة واتنين وتلاتة، عرفت إني ملتزمة، قلت تعمل إيه؟ عايز رقم بابك! أنا غرضي شريف، أنا مكنتش مصدّقك، لكن معرفش إزاي ردّيت عليك، ظهرت بوجه الملاك، صليت الفجر يا زهرة، صليت الظهر، أخبـ.ـار المحاضرات إيه؟ بدأت واحدة عشان أتعوّد عليكي، لكن صدّقني مساعدتي لك صادقة على صحتي، لكن من النهاردة بابك مخضّر، شوف لك واحدة تانية."
وعملت بلوك لرقمه على التليفون والواتس وقالت: "أنا عملت لك بلوك من كل حاجة تخصّني، وأريحك من أسلوبي يا زياد، روح لشغلك."
انصدم زياد، وجاي يمسك إيدها، وقفته وقالت: "عندك! اوعى تتجرأ تقرب مني مرة تانية يا زياد، إنت صفحتك اتقفلت من النهاردة."
شعر زياد بالنـ.ـد.م، وكان بيترجاها: "زهرة، بالله عليكي اسمعيني، أنا بحبك."
ضحكت زهرة وغنت بصوت موجع: "حب إيه اللي إنت جاي تقول عليه؟ إنت عارف معنى الحب إيه؟ روح عند اللي كنت بتحـ.ـضـ.ـنها وتلمس كل حتة في جـ.ـسمها، إنت عايز الحـ.ـر.ام، معجبكش الحب الطاهر، وأنا لو لو خايفة فعلاً حد يسمعني في الجامعة كنت فضحتك إنت وهي، لكن إن الله ستار، كفاية كشف سترك لي."
ومشيت خطوتين كمان عشان تعدي.
وقفها زياد في الشارع وسألها: "إزاي عرفت؟" وبعد كده خاف لتكون بتوقعه تراجع، وقال بسخرية: "هو أي حد يقول لك حاجة عني تصدّقي؟ عايزين يفرّقونا عن بعض."
ضحكت بوجع: "للأسف، أنا المرة دي اللي شفتك، شوف بقى ذنوبك قد إيه عشان ربنا يفـ.ـضـ.ـح سترك قدامي بالسهولة دي. روح لحالك يا زياد، والحق دنيتك قبل آخرتك، الفلوس بتبقى واللا الصحة. وادعي ربنا يتقبل توبتك لو فكرت تتوب."
تنهد زياد وهو بيشعر بخسارتها: "إنتِ اللي أجبرتيني على كده يا زهرة، كنت كل ما أقرب منك تحطي ألف خط وألف حاجز، ومعرفتيش إني شاب ولي رغبات، ونفسي أعيش الحب معاكي."
ضحكت زهرة بكل وجع وقهر: "والله معرفش أقول لك إيه، الكلام عاجز عن وصفك." ونظرت يمين ويسار، وعدت للرصيف. ولحقها زياد: "طيب نقف نتكلم، وأنا رجل، وأي حد بيكون ليه نزوات لحد ما..."
وضعت زهرة إيدها على ودنها وهي بتصرخ: "كفاية كلام السم اللي في العسل ده عشان تبرّر معصيتك لربنا! أقل وصف إنك شبه ده" وشارت على كـ.ـلـ.ـب في الشارع، "هو اللي بيدور على شهوته وغريزته، لكن ده معندوش عقل ولا يعرف الصح من الغلط ولا يصوم لحد ما تكون حبيبتك في بيتك حلالك مش بالحـ.ـر.ام."
صرخ زياد بسخرية وكأنه عقله غاب عنه: "وإنتِ يا صاحبة الصون والعفاف يلا ت عـ.ـر.في الحـ.ـر.ام والحلال، مت عـ.ـر.فيش إنك تتكلمي مع شاب لا هو محلّل لك ولا بتشرحي الدين بمزاجكم."
تنهدت زهرة بوجع ونـ.ـد.م: "تصدّق بإيه؟ في ده عندك حقّك فعلاً، وعشان غلط..." وكانت هتقول "حبيتك" لكن رجعت وقالت: "عشان كنت بساعدك، ربنا عاقبني بوجع قلبي، ومش هعتبك ولا ألومك، متتبعك لي سنتين بحالهم، وإنت بتحاول تتكلم معايا وتقنعني إنك إنسان كويس ونفسك تنجح وتتغير، وللأسف صدّقتك، ممكن كنت عايزة أحد الجامعة كلها بيك وأقول لهم إني غيرت زياد وأصبح كل اهتمامه إنه يتفوق مش زي ما بتقول لي."
ومسحت دمعة خانتها ونزلت من عيونها وقالت: "كفاية تجريح وجرح فيا، وسيبني أروح."
اعتذر زياد وهو بيطلب منها تسمعه: "أنا آسف يا زهرة، سامحيني بالله عليكي، أنا معرفش بقول إيه، أنا بحبك، أنا بعشقك يا زهرة، هأتغير، أوعدك إني أغير."
يتبع
هتغيري يا زهرة، وهرفع رأسكِ أقدم  الجامعة كلها، بس أرجوكِ!اسمعيني 
هزّت زهرة رأسها رافضةً:
"مابقاش لازمني تغيرك يا زياد، وزي ما أنتَ قولت، أنا مين عشان أحاسبك؟ مشى  هقولك إلا: ربنا يسامحك على كسر قلبِي. ياريتك كنت سبتني في حالي، كنت كل همي مستقبلي وكنت راضية. لكن أقول إيه؟ أنتَ زي الشيطان اللي بيغوي الإنسان، وأنتَ فضلت تغويني باهتمامك عشان تُوقعني زي كل البنات. غرورك كان رافض يعترف إن في بنت ترفضك، ولما افتكرت إنك وقعتني في حبك، كنت فاكرني أكون سهلة زي غيري. لكن مليت بسرعة أوي يا زياد، ورجعت للرمرم أرجع بالهناء والشفا عليك. أنتَ عارف، قلبي ما وجعنيش عشان جرحك، لا والله، ده عادي. ده ربنا كشف لي حقيقتك وأنا بشكره وبحمده وأحمده ليل نهار.
لكن اللي قهرني إنك تستغل حرمًا  الجامعة، اللي المفروض للعلم فقط، بالقذارة اللي كنت بتعملها. مقدرتش تتحكم في نفسك للدرجة دي، ولا قلبك جمد بزياده خالي متحترميش أي حد، طيب على الأقل فين  خوفك  من ربنا،، فين خوف على سمعة الجامعة أو سمعة البنات اللي بتضحك عليهم. ممكن ربنا كشفك لي عشان أقولك: وافهمك بلاش مكانًا طاهرًا زي الجامعة تلوّثه يا زياد!"
مشيت زهرة خطوة، وظهرت ياسمين، التي كانت مع زياد، على صوتِهما، وجاءت تدخل:
"هو أنتم ليه خرجتوا من الجامعة؟ أنا كنت بدور عليكم، أقصد عليكِ يا زهرة."
نظرت زهرة إليها من فوق لتحت وقالت، وهي تبتسم ابتسامةً بـ.ـاردةً، وجهها شاحبٌ، وشفتاها مُطبّقتان بإحكام:
"الف مبروك يا ياسمين، خسرتِ دنيتك ودينك وعِفتك. ربنا يتوب عليكِ. سلام."
وقبل ما  تمشي، أمسكتها ياسمين بعنف، وجهها مشوبٌ بالغضب والحقد، عيونها تبرقان:
"أنتِ فاكرة نفسك شيخة وبتعملي كده عليا؟ فوقي، لإن أنا أقدر أفوقك وبسهولة!"
ابتسمت زهرة بـ.ـارتياح، وجهها هادئٌ، عيونها تعكس ثقةً بالنفس:
"الحمد لله، ربنا فوقني قبل فوات الأوان. الدور عليكِ أنتِ، ادعي ربنا يستر عليكِ."
غضبت ياسمين بشـ.ـدة، وأمسكت زهرة من حجابها بقوة:
"بقول لك إيه يا بت؟ اطلعي من الدور ده أحسن لكِ! أنتِ بس قلبك محروق عشان عرفتِ إن زياد كان واخدك كوبري مش أكتر عشان ينجح، وأنا عارفة كل كبيرة وصغيرة، عشان كان مراهن عليك إنه يوقعك ويصورك عشان تبطلي إنزاحة علينا. لكن للأسف، طلع خروف وقع في حبك وما عرفش يسيطر على قلبه وينفذ المطلوب، لكن أنا قومت بالواجب."
انصدم زياد، وبدأ يحوش عن زهرة ويبعدها، وجهه يعكس الخوف والقلق، عيونه تتوسل:
"تقصدي إيه؟ انطقي!"
ضحكت ياسمين بسخرية، وجهها مُشرقٌ بالشرّ، عيونها مليئة بالانتقام:
"معايا صور لكِ وأنتِ في الحمام ومن غير الحجاب، وهتنزل كلها على جروب الواتس عشان يشوفوا العفيفة الشريفة. وطبعًا مع شوية شغل ولعب وشات بينك وبين المحروق وأنتِ بتبعتي الصور دي. شوفي بقى وقتها مين اللي هيسترها."عليكي 
انصدمت زهرة، ونظرت إلى ياسمين وزياد باحتقار، وجهها مُتجمّدٌ من الصدمة، عيونها تُطلق الشرر:
"حسبي الله ونعم الوكيل. فوت الأمر لله، أستغفر الله العظيم وأتوب إليه. حسبي الله."
ضحكت ياسمين بسخرية:
"بتتحاسبني عليا؟ أنتِ مصدقينيش ."
سكتها زياد، وأمسكها من شعرها بقوة:
"بقوللك اسكتي يا بت أنتِ!" ثم وجه كلامه لزهرة: "روحي أنتِ يا زهرة، ومتقلقيش، متقدريش تمسّ شعرة منكِ."
بينما كانت زهرة تمشي، انتبهت ياسمين إلى سيارة قادمة من بعيد، ومن غيظها وحقدها، دفعت زهرة بقوة على الطريق.
كان الدكتور عاصي واقفًا يُتابع ما يحدث والخناقة، وجهه يعكس الغضب والاستياء، طلب من الأمن يدخل:
"متقومو تتدخلوا! مش شايفين البنت واقفة مُحَصَّرة في وسطهم؟"
ابتسم أحد رجال الأمن وهو يُدخّن سيجارة:
"ياسمين وزياد كل سنة ليهم ضحية يا دكتور، ومحدش يقدر يتدخل عشان أهلهم وصلين."
انصدم عاصي وغضب:
"أنت سامع نفسك بتقول إيه؟ يعني إيه وصلين؟ يعني تسيبوا البنت تتبهدل في وسطهم وأنت ساكت؟ أنا هبلغ عنك الإدارة!"
وضح رجل أمن آخر:
"يا دكتور، أنت ما فهمش. مادام خرجوا من الجامعة يبقى خارج اختصاصنا. ثانيًا، زهرة هي اللي غلطت، عشان هي فقيرة وفي حالها وطيبة وهي موجوده هنا بمنحة، يعني لو ركزوا معاها هتخسر كل حاجة، لكن هي وقعت نفسها ما بينهم، ممكن يهروسوها تحت رجليهم ويهروسوا أي حد. ارجع أنتَ الجامعة وأنا أجيب لك مكيانك يصلحها."
رفض عاصي وغضب:
"أنا مشى همشي.  وانسحب واتجه نحوهم وكانت البنت الا بتصوره متابعه كل خطوة وهو عارف 
" وفي نفس اللحظة، شاف  ياسمين وهي تدفع زهرة على الطريق.
في غمضة عين، جري عاصي وأنقذها قبل ما  تقع أقدم العربية ، وجهه يعكس القلق والتـ.ـو.تر، عيونه مُركّزة على زهرة. كان يمسك زهرة بين يديه، وجهه مُعبّرٌ عن الاهتمام والقلق، وسأل:
"أنتِ بخير يا أنسة؟"
شهقت زهرة من الخوف، وبدأت تُعدّل نفسها، وجهها شاحب، عيونها تُعبّر عن الصدمة والخوف:
ضحكت ياسمين بسخرية:
"شفتِ الشيخة المحترمة إيه في حـ.ـضـ.ـن رجل عادي؟ واخدتلها صورتين، البومك كمل، وبكرة كل الصور هتكون على حائط الجامعة وكل الجامعة هتشوف الشريفة والعفيفة."
صرخت زهرة بكل وجع، وجهها مُعبّرٌ عن الغضب والألم، عيونها تُطلق الشرر:
"أنا أشرف منكِ وغصب عنكِ، وأنتِ فاكرة إنك بتؤذيني بشوية صور متفبركة؟ تبقي عبـ.ـيـ.ـطة فاهمة! لأني ربنا كبير ومُطّلع."
وانسحبت من أقدامهم ومشيت وهي منهارة، المطر ينزل عليها وهى حضانة نفسها بوجع  ودمـ.ـو.عها نازلة، وبتتكلم مع نفسها:
"إيه اللي وقعنا في وسطهم بغباوة؟ يعني فاكرة نفسك هتصلحي الكون مع  واحدة ما ت عـ.ـر.فيش ربنا ومعندهاش حدود؟ عاوزة منه  إيه غير الشغل القذر بتاعها؟ أشكر ربنا إنه أنقذك منهم."
أثناء ما كانت زهرة تمشي، وقفها شخص ووضع يده على كتفها من الخلف:
"يا أنسة..."
انتفضت زهرة وزاحت يده ونظرت له :
"نعم حضرتك؟"
بلع ريقه عاصي:
"تليفونك كان وقع وجيبته لكِ، وآسف على التدخل، انا سمعت كلام البنت وكنت متابع الا بيعملوا وممكن اشهد معاكى ومادام واثقة في نفسك وعارفة إنهم بيلفّقوا عليكِ، بلغِّي عنهم."
انصدمت زهرة ونظرت إليه:
"أبلغ عنهم؟ أنت عايز أقع تاني تحت رجليهم؟ طب لو كانت بتلّفّق وممعهاش حاجة وقتها، كل اللي هستفيده ايه غير سمعتى تنهار وشوشرة."
وضح عاصي:
"اللي زي دي عمرها تهدد  بدون   دليل، ومشى  بعيد حطّت كاميرا في حمام البنات أو استغلت بنت قريبة منك وحطّت كاميرا..."
بدأت زهرة تنتبه:
"تقصد في بيت الطالبة في السكن؟ مشى بعيد فعلاً، وكلنا بنات مع بعض."
"طب أعرف إزاي إن كان معاها بجد؟"
وضح عاصي:
"شوفي يا أنسة، خليها بس تبعد لك تهديد على الواتس ولو على جروب الواتس زي ما بتقول، وصورِ اسكرين لكل التهديدات وعلى شرطة الإنترنت، وأقدّمي الدليل وسَلِّمِي ليهم التليفون بكل تهديد منها، وحقك هيرجع لكِ. ونصيحة مني: السكوت على الحق كشيطان أخرس."
هزّت رأسها بامتنان وشكرته:
"عندك حق، أنا لو استسلمت، والكل عارف أخلاقي وثقتي في الله كبير . شكرًا جدًا لحضرتك."
انسحب عاصي وزهرة، وكان يتبعهم زياد وياسمين، وكان زياد على نار:
"مين اللي مسكها ده؟ ولّا بعد كده لحقها؟"
ضحكت ياسمين ضحكة شيطانية:
"مقولتش  ليك ان  البت دي مش سهلة وسهونة بس شاطرة تعمل نفسها شريفة؟ أقسم بالله لهتشوف."
وفتحت الواتس ودخلت على الجروب:
"إحنا النهاردة هنحتفل احتفال على الشيخة المحترمة اللي عاملة نفسها رابعة العدوية أو شيخة الأزهر. انتظروني، صور إسبيشال هتنزل الساعة ستة، وأقسم بالله لو ما اعتذرتش لي أمام الكل، هتكون الصور دي سبب رفضها."
شافت زهرة الشات واترعـ.ـبت، بتتكلم بجد! صورت كلامها وتهديدها.
انتبهت زينة من رسائل الشات وقت المحاضره ودخلت وكتبت :
"هو أنتِ بتتكلمي عن مين يا حقيرة؟ متلمي نفسك، أقسم بالله معارفش  إزاي سيباني واحدة زيك في الجامعة."
ضحكت ياسمين وكتبت :
"صاحبتك المصونة يا زينة، ومتقلقيش، الدور عليكِ وهعرفك مين الحقيرة."
ردّت زينة بخوف، وهي تدفع عن صديقتها:
"كذابة وستين كذابة، والكل عارف أساليبك القذرة."
دخلت بنات تابعة لياسمين:
"فرجين الحلويات يا سمسي!"
والشباب ملصقات ترحيب وهيسة.
كانت زهرة مصورة اسكرين لكل كلمة كتبوها، وكل اتهام، وفكرت تعمل إيه؟ لازم تدفع عن نفسها، ولّا هتكون ضحية زي غيرها، وافتكرت كذا حادثة قرأتها على السوشيال ميديا: البنت اللي شربت حبة غالة  أو أهلها شربوها لها بعد ابن عمها الحقير وأصحابه فبركوا صور، أو الطالبة اللي كانت في العريش وسمعت انهم قـ.ـتـ.ـلوها،  سممه والموضوع انقفل واللي عرفت تاخد حقها، وسكتوا  أهلها. الناس الواصلة كتير، والغالبة ملهومش مكان. أعمل إيه يا رب؟
الهمني الخير، انصرني. أنا عارفة إن ده عقاب عشان ما حطيتش حدود من الأول، صدقت كلام الشيطان ومشيت ورا الحب، نسيت إن ده باب بيفتح بيه ألف خطأ. ممكن ربنا أنقذني من زياد، لكن مكانش لازم العب بالنار مع ياسمين دي، أستغفر الله العظيم، ما تعرفش ربنا وبتعمل الرذيلة في الجامعة من غير خوف. أعمل إيه يا رب، كن معايا.
في نفس الوقت، وصلها على الواتس رسائل كتيرة من الشباب، وكل واحد فيهم بيبعت صور إباحية أو يقولها: "أنا في الخدمة وهَدلعك."
وصلت لمرحلة وحشة وكانت منهارة.
في الوقت ده، وصلت زينة إلى بيت الطالبة، شافتها قاعدة بتعيط ومنهارة، قربت منها وضمتها:
"محدش يصدقها، الكل عارف إنها بنت مشى محترمة. أوعي تزعلي نفسك يا زهرة، بالله عليكِ."
بعد فترة من البكاء، جاءت رسالة على الواتس:
"قابلني بكرة."
يتبع...
في وسط  الأحداث المُحزنة، تلقت زهرة رسالةً صادمةً،  فانهمرت دمـ.ـو.عها حزناً على الظلم الذي لحق بها،  وتألمت لما واجهته من اتهامـ.ـا.ت باطلة.  شعرت بالوحدة والعجز أمام قسوة قلوبٍ لم ترحمها.  في تلك اللحظة العصيبة،  ظهرت يد العون من شخصٍ لم تتوقعه،  مُبشّرةً ببدايةٍ جديدةٍ  تبعث الأمل في قلبها. كانت الرساله 
"بكرة استناك، متتأخرش."
انصدمت زهرة، وكانت منهارة. كتبت، وهي مخـ.ـنـ.ـوقة: "استحي على دمك! منك له! حـ.ـر.ام عليكم، أقسم بالله بريئة! ليه كلكم صدّقتوها ومحدش صدّقني؟ وهعملك بلوك."
كتب عاصي: "استني يا زهرة، أنا عاصي."
استغربت زهرة: "عاصي؟  هبّب  أزرق! ملكش دعوة بيا!"
سجّل عاصي ريكورد، وأرسله بسرعة قبل ما تحظره. وصل الريكورد، وهي حظرته. كانت زينة تتابع الحوار، فسألتها: "مين ده؟"
نزلت دمـ.ـو.ع زهرة: "واحد من اللي صدّقوا إني فريسة وقعت، وينهشوا فيها."
(حصريًا على صفحة الكاتبة صفاء حسني: زهرة العاصي)
شغّلت زينة الريكورد عشان تسمع. كان عاصي مسجّلًا يقول: "أنا دكتور عاصي، اللي قابلتك يا مهندسة زهرة. متخافيش، أنا معاكي، وبلغت واحد أعرفه في مباحث الإنترنت، وكنت بعتلك عشان أودّيكي تقدّمي فيهم شكوى."
سمعت الريكورد معها زينة، وسألتها: "مين الشخص ده؟ وهو ممكن فعلاً يساعدك؟"
كانت زهرة متسائلة، ومش عارفة ترد بإيه. طلبت منها زينة: "فكي الحظر، اسمعي منه يا زهرة، ممكن يساعدك."
وفعلاً، فكت الحظر. كان هو منتظر، ومصدّق إنها رفعت الحظر، وكمل ريكورد: "صوري أي حد بيبتزّك، وأي شاب استغلّ الفرصة وبعتلك. أوعي تمسحي حاجة، عشان ده اللي هيجيب حقّك، وصدقيني حقّك هيرجع، وهناك هيعرفوا يكشفوا الصور المُفبركة."
وبعد شوية، ردّت عليه وسألته: "وأنت عايز تساعدني ليه؟ وإيه المقابل؟"
انصدم من كلامها عاصي، لكنّه فهم إنها عندها حق، متثقش في حد، فحبّ يطمئنها: "حضرتك أنا مش شاب تافه وعايز أتسلى، أنا دكتور في الجامعة، وشُفت كل حاجة حصلت من البداية، ثقي فيّ بعد إذنك."
قرأت زينة الرسالة: "دكتور في الجامعة عندنا؟ ده بجد! هاتي كده أشوف البروفايل، ممكن أكون أعرفه."
أخذت التلفون، وفتحت الصورة، وانصدمت: "ده الدكتور عاصي القاسم، الجديد في الجامعة!"
انصدمت زهرة، وسألتها: "بجد؟ عرفتي إزاي؟"
شعرت زينة بالارتياح: "نزلوا صورته في جروب الجامعة. أنتِ عارفة الشباب، أي دكتور جديد لازم يحتفلوا بيه بطريقتهم! المهم كده أنتِ في أمان، وربنا بيحبّك. ردّي عليه، وأجي معاكي، متخافيش."
ردّت زهرة وقالت: "حاضر يا دكتور، بكرة قبل الجامعة أنا وصاحبتي زينة هنقابلك."
اطمأنّ عاصي إنها ثقت فيه. بعد شوية، اتصل بيه صديقه، الدكتور حاتم، وهو بيضحك: "أنت وقعت في الفخ، واتعمل فيك المقلب!"
مكنش فاهم، فسأله: "مقلب إيه يا دكتور حاتم؟"
في تلك الأثناء،  انعزلت زهرة في وحدتها،  تُدوّن  آلامها  وكلمـ.ـا.تها المُعبّرة عن معاناتها النفسية.  تُعبّر عن  شعورها بالضعف  والسذاجة،  وتُلقي اللوم على نفسها وعلى قسوة البشر.  تُطلق العنان لدمـ.ـو.عها،  تُناجي ربها، وتستغيث به.  ثمّ تتلقّى زهرة دعمًا من صديقتها زينة وبعض الطالبات اللاتي آمنّ ببراءتها.
حصريًا على صفحة الكاتبة صفاء حسني: زهرة العاصي)
عند زهرة، قعدت وهي بتعيط على السرير، ومسكت دفترها، وبدأت تكتب:
"أنا الإنسانة الضعيفة، الساذجة، اللي محدش رحمه من كلمـ.ـا.ت التنمر والنظرات المتدنية اللي كنت بشوفها من البشر في كل مكان. وبالفعل، كنت بتألم منها، وأكتمها في قلبي كأنها حاجة عادية. لحد ما ظهر فى حياتى اقنعنا انى زهرة فى بستان مختلفة عن كل الزهور  وفجاءة يجي  يكسر قلبي لهذه الدرجة؟ أنا كنت اللعبة اللي بيتسلى بيها! ياربي، هل حبي وهوسي بيه يستحق العقاب عليه؟ هل في زمننا ده الحب بقى زي رماد الميت اللي لما يموت بيتدفن، ويبكوا عليه أيام، وبعدين يتنسى العمر كله؟ يا ريت كنت الأميرة الميتة في اللحظة دي، ولا سمعت منه الكلمـ.ـا.ت القاسية دي اللي شفتها في عينيه. أنا اللي كنت بالنسبة له أميرة قلبه، كل أحلامه! لكن طلع كلها  أوهام خلقتها  فى عقلي  و أيقظتني على واقع مرير، خلتني زي شبح الأميرة الميتة اللي مفيش لها مكان في الدنيا دي. كنت بتمنى تكون أنت العمر كله، والحياة، والسند اللي يحميني من غل البشر. يا الله، أنا مش ضعيفة! أنا بتكلم معاك عن آلامي. يارب، قولي لي: هل سذاجة قلبي هي اللي خلتني أنكسر منه لهذه الدرجة، ولا بشاعة البشر وخداعهم هو  الوحش الشرير اللي كانوا بيتكلموا عنه في القصص، وبعدين تحوّل لحقيقة مرة في دنيتنا المظلمة دي؟ يارب، مشى  هبكي، مشى هبكي، بس قلبي بيبكي. وبكل قلبي بقولها: أنا بكره، بكره، مشي  قادرة،! يارب، كل ما افتكر خدعته ورهانه عليا  استحقره ، ساعدني يا خالقي."
حصريًا على صفحة الكاتبة صفاء حسني: زهرة العاصي)
دخلت بنات عند زهرة، وفضلوا يتنمّروا ويستهزئوا بيها: "طلعت مش سهلة يا زهرة! عاملة علاقة مع زياد مرة واحدة! زياد اللي كنتِ بتنصحِي كل البنات يبعدوا عنه! إتريكي عينك عليه!"
ردّت زينة بدل صديقتها: "زياد مين اللي زهرة صالح تبصّ عليه؟ أنتم مصدّقين الكلام، ده؟ ما بالكم لو ما كنتوش عارفين! سمعت ياسمين، واللي مكبّرها إنّه بنت اخت صاحبة الجامعة، وعشان كده متفرّعنا على الكل! فوقي أنتِ وهي، دي زهرة اللي مشي بتفوّض فرض، ومحتشمة! محدش يصدق عنها كده! ده حتى في الابتلاء بتدعي لربنا يكون معاها، يبقى إزاي تعصي ربنا؟"
ضحكت فتاة أخرى: "وممكن بتدعي ربنا عشان تكفّر عن ذنوبها، والخبر الا  بفلوس، بكرة يبقى ببلاش!"
تدخّلت أخرى، وظهرت إنها بتحمّي زهرة: "أنا مصدّقة زينة على فكرة، وزهرة محدش شاف منها حاجة وحشة! دي البنت صايمة طول النهار، وعلى لحم بطانها! وردت  أنا هعملها أكل."
تغيّرت ملامح الفتاة، وبـ.ـارتباك: "لأ، أنا اللي هعملها الأكل، ارتاحي أنتِ."
ودخلت الفتاة لتحضر الأكل. كانت زهرة تستمع لهم وهي جالسة على الأرض، وتشكُو لربها: "أنا عارفة إني مش قادرة أصلي لك النهاردة، أو أسجد، أو حتى أقرأ قرآن، لكن أنت مجيب الدعاء! اغفر ذنوبي يا رب العالمين، استرني معايا يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم! برحمتك أتوب إليك، كن معي، وألهمّني الثواب، واغفر لي."
حصريًا على صفحة الكاتبة صفاء حسني: زهرة العاصي)
جلست زينة جانبها: "هو أنتِ بتعملي إيه؟ مش أنتِ عندك عذر؟ إزاي بتصلي؟"
هزّت زهرة رأسها بالنفي: "أنا بدعي لربنا، مش بصلي يا زينة."
سألتها زينة: "طبعاً سمعت الكلام اللي البنات عاملينه عليكِ."
هزّت زهرة رأسها برضا: "قضاء الله، وأنا بطلب منه رحمته."
قربت منها الفتاة وهي جايبة أكل، وقالت: "خدي كلي يا زهرة، وسيبك من كلامهم."
في الوقت نفسه،  تلقّى عاصي مكالمةً من صديقه حاتم،  مُخبِراً إيّاه بما حدث،  مُثيرًا  غضبه واستيائه.  ثمّ  يُناقش عاصي  جدّه  في  أمرٍ  هامّ  يُتعلّق  بمُساعدة  زهرة  وحماية  سمعة  الجامعة.
ضحك حاتم: "أنا معرفش إزاي القرود اللي عندنا عرفوا إن في دكتور جديد جه الجامعة، وبالتالي صورك وأنت عند العربية، ونزلوا لك صور في جروبهم! لكن وصل الخبر."
فهم عاصي إنها ثقتها فيه، وصدقته من خلال الجروب ده، وتحدث بغضب: "هو مفيش حد يوقف العيال دي ويعلمهم الأدب؟ يعني إيه مفيش احترام وتقدير للدكتور؟"
تنهد حاتم: "الإدارة غلبت معهم، أنت عارف إن إحنا جامعة خاصة مش حكومة، والعيال دي هي اللي بتدفع مرتّبنا الضخم ده، وطبعاً مهما يعملوا الإدارة في حد ما يتخطّش غير تحذير! أنت ناسي إن العيال دي منهم قريب المدير!"
اتعصب عاصي أكثر: "يعني قريب المدير يتمدّد في الغلط؟ تمام، اقفل، وأنا هتصرف، وخليهم يلعبوا ويهرجوا براحتهم. سلام."
أغلق الهاتف، وظهر شخص كبير في السن جالس على المكتب: "المهمة صعبة عليك يا عاصي، لو تحب انسحب."
هزّ عاصي رأسه رافضًا الانسحاب: "مهمة إيه اللي صعبة يا جدّي؟ ده اسمك، وتعب السنين اللي بيضيع! أنا رجعت مخصوص من أوروبا عشانك يا جدّي، بعد ما أنت طلبت أرجع أنقذ الجامعة وسمعتها، ومش هتنازل! وأول ناس هيتعقّبوا بكرة، متقلقش، الجامعة هترجع سمعتها الحلوة، واللي يدخل فيها أحسن الناس مش مستجدين نعمة."
تنهد الجدّ وقال: "ربنا يعينك يا ابني. أحسن حاجة إن محدش يعرف إنك حفيدي، عشان أبوك سافر مع بنتي وأنت صغير، وأنا اللي كنت باجي أزوركم، ورجعوك يفرق كتير، خصوصاً بعد موت خالك ابني الوحيد، ومـ.ـر.اته اتحكّمت في كل حاجة هي وأخواتها، وأنا زي العاجز مش عارف أعمل حاجة."
نظر عاصي بغضب وحزن: "أنت مش عاجز يا جدّي، وأي غلطة حصلت زمان هصلّحها. لكن أنا عايز أسأل في حاجة."
تنهد الجدّ وهزّ رأسه بالموافقة: "اتفضل يا ابني."
سأل عاصي: "هو أنا لاحظت إن في طالبة في الجامعة مستواها بسيط."
هزّ الجدّ رأسه: "في منحة دراسية مجانية لأوائل الثانوية العامة."
هزّ عاصي رأسه بتفهم: "فهمت، عشان كده في حقد ما بين الطالبة، وخصوصاً الناس اللي بتدخل بفلوس، مستقوين عليهم. طيب، تعرف طالبة اسمها زهرة؟ وإيه نظامها في الجامعة؟"
أحضر الجدّ كشفًا بأسماء المنحة، وأعطاه لعاصي: "ده كشف بكل أوائل الدفعات في كل الأقسام، وليهم منحة مجانية، لكن أنت بتسأل عن زهرة إيه؟"
ردّ عاصي وهو محتار، لكنّه شرح ما حدث: "أنا كنت حاسس إنهم بيضيقوها عشان يخوّفوا أهل البلد إنهم يبعثوا أي حد من بناتهم على الجامعة. أنا مش عارف مرات خالك عايزة إيه."
سأله عاصي: "هي اسمها إيه بالكامل؟"
ردّ الجدّ: "زهرة صالح، دي بنت واحد من البلد، جدّها صديق لي، وهي حفيدته الوحيدة. أنت عارف أنا مبحبش أنسى أصولي، وبخلي كل سنة منحة دراسية لأوائل الثانوية العامة هناك، وكانت هي ومعاها بنت تانية وولدين تقريباً. أبوها وصّي عليها. هي البنت دي ملتزمة، لكن اللي بيحصل ده مدبّر عشان يصغروني."
الكاتبة صفاء حسنى 
زهرة العاصي 
فتح عاصي الكشف، وبحث عن الأسماء، وقال: "أعتقد هي يا جدّي فعلاً، لكن متقلقش، أنا هوقف المهزلة دي كلها."
شعر الجدّ بالحزن: "أنا عاجز يا ابني، وكل حاجة بتضيع ما بين إيدي، ومش عارف إن لو رحت معاك لمباحث الإنترنت زي ما بتقول كده، سمعة الجامعة هتكون على كل لسان."
أوضح عاصي: "يا جدّي، اسمع لي وصدقني، أنا لازم أبدأ بالخطوة دي أولاً عشان أحمي حفيدتك، وصاحبك ثانياً، عشان العيال دي تتربي، ومتكرّرش. لكن سكوت السنين ده خلى العيال دي تتمدّد في الأذى، وأنا شايف لو القضية أخدت محورها الطبيعي، وقتها الباقي يخاف، ومرات خالي هتفهم إنّي رجعت، وليّ نصيب في الجامعة زيهم. ولو ضاقت الدنيا، هشتري نصيبها، لكن سمعة الجامعة ترجع زي الأول، فاهمني يا جدّي؟ أنتَ وثّق فيّ، أهم حاجة."
(يتبع)
سأل عاصي جده: أنتَ واثق فيّ يا جدّي؟
  تنهد الجدّ، وردّ:
ولو ما كنتش واثق فيك، كنت خليتك ترجع لبنان. أنتَ اللي باقي لي يا عاصي. ابني م&ات، وما لوش عيال، ومـ.ـر.اته ضحكت عليه، واتجوزت واحد بعد ما مـ.ـا.ت، وجابت عيلتها الجامعة والمدارس. أنا مُقهور، تعب السنين بيضيع، وأنا عاجز. كنت نفسي يكون ليّ وريث ياخد اسمي، لكن أنتَ ابن بنتي، وهتعدل كل حاجة، أنا متأكد، والحمد لله إنك وافقت تكون معايا، وسبت شغلك وشركاتك في لبنان، ولو إن بنتي متجوزة هناك من والدك، والكل فاكر إني مقطعها.
(خفض رأسه بخجل)
 الجدّ وهو يمتلك  شعورٌ مُرٌّ مُختلط بالحزن والنـ.ـد.م على ما فاته من عمره، وعلى ضياع تعب سنين طويلة.  يُراوده أملٌ خفيفٌ مع ظهور حفيده عاصي،  أملٌ يمثل له فرصةً أخيرةً لإصلاح ما أفسدته  مكرُ زوجة ابنه.  يخالط هذا الأمل خوفٌ من المجهول،  و قلقٌ على مستقبل اسم عائلته.
اقترب عاصي منه، وتحدث:
ارفع راسك يا جدّي، اوعى تنحني لأي سبب. وأنتَ صلحت أمي بعد كده، وعرفت إني ولدها، حبها، وما كانش طمع فيها زي ما قالوا مرات خالي. وممكن ربنا ليه حكمه عشان لما جيت الجامعة محدش يعرف أنا مين.
(حصرياً على صفحة الكاتبة صفاء حسني - زهرة العاصي)
(الجدّ، بصوتٍ ضعيفٍ، وهو يرفع رأسه ببطء): يا عاصي، ولدي، قلبي بيوجـ.ـعني كتير. سنيني راحت، وتعب عمري ضاع. كنت أتمنى يكون عندي حد يكمل اسمي، يحمل اسم العيلة. مرات خالك... الله لا يوفقها، سرقت مني كل حاجة. حتى ابني... الله يرحمه، ما خلى وراه إلا الذكريات.
(عاصي، يضع يده على كتف جده بحنان):
يُحركه شعورٌ بالعدل،  وإصرارٌ على كشف الحقيقة مهما كلفه الأمر.  يُخفي وراء  هدوئه  ثورةً كامنةً من الغضب والحزن على ما حدث لأبيه وأمه. شوية يا حبيبي، لا تحكي كده يا جدو، أنتَ لسة قوي، ولسة عندك كتير حاجة تقدّمها. أنا هنا، معاك، وهكون سندك لآخر يوم في حياتك. ما تخافش، هنرجع كل حاجة لحالها. مرات خالك... هتدفع ثمن كل حاجة عملتها.
شوية يا رجل، ياطيب، بدي أتعود على الكلام المصري. خليت لساني يتعوج لبناني تاني.
(الجدّ، مبتسماً وسط الوجع): أنا فاهمك بكل اللغات يا ولدي، لكن الناس كلها فاكرة إني مقطع بنتي... وطبعاً محدش يشك إنك من طرفي، لكن لو عرفوا؟
(حصرياً على صفحة الكاتبة صفاء حسني - زهرة العاصي)
(عاصي، مبتسماً): خليهم يحكوا يا جدو، أهم حاجة إنك أنت مرتاح الضمير. أنا بعرف إيه اللي حصل، وكل الناس هتعرف الحقيقة. مرات خالي مش هتقدر تخبي حقيقتها كتير. وحتى لو، إيه يعني كلام الناس؟ أهم حاجة إني أنا هنا، معاك، وبإذن الله أمي هترجع في حـ.ـضـ.ـنك.
( (الجدّ، مبتسماً ابتسامة خفيفة): الله يرضى عنك يا ولدي، يا رب يخليك لي. أنت رجلي، وأنت الأمل الوحيد اللي باقي لي. أنا متأكد إنك هتصلح كل حاجة، زي ما وعدتني.
(عاصي، مبتسماً): وعد يا جدو. هنرجع اسم عيلتنا لأعلى مكان. بس لازم نعمل خطة، ونفكر كويس قبل ما نعمل أي خطوة. آه، وأنتَ تعرف إيه عن زهرة صالح عبد المقصود؟
(الجدّ، بعد تفكير):
زهرة بنت بنت صاحبي في البلد. أنتَ عارف إني فاتح فرع مدرسة في بلدي وسط أهلي وناس، وزهرة هي وزميلتها زينة من أوائل الثانوي، و طبعاً ادّيتهُم منحة دراسية عندنا في كلية الهندسة. ليه بتسأل عنها؟
(عاصي، متنهّداً):
 يُسيطر على عاصي شعورٌ بالمسؤولية الجسيمة تجاه جده،  ممزوجةً بحنانٍ عميقٍ  و رغبةٍ جامحةٍ في الانتقام من الذين ظلموا أسرته.)
أنا هخلي زهرة تقدم بلاغ يا جدّي.
(الجدّ، متصدمًا):
بلاغ؟ في مين يا ولدي؟
(حكى عاصي اللي حصل واقتراحتُه وفكرته، وانتظار الرد...)
(حصرياً على صفحة الكاتبة صفاء حسني - زهرة العاصي)
(عند زهرة، قامت البنت تحضر أكل لزهرة، بنية إنها خايفة عليها ومعاها في كل حاجة)
(تُطارِد زهرة  شبكةُ المؤامرات،  وتُلقي بظلالها على أحلامها وطموحاتها.  لكنها تُظهر  قوةً داخليةً  وإصراراً على مواجهة التحديات.) (خليت زينة صريحة، ودوبت حبة غالي في الشربة من غير ما تحس، وافتكرت لما اتكلمت مع ياسمين)
(فلاش باك)
(ياسمين): الو يا سيمين، عاوزة إيه يا هباب؟ محبكتيش تتكلمي إلا النهاردة، ممكن يشكوا فيك يا متـ.ـخـ.ـلفة.
(نيفين، وهي بتتلفت): متخافيش، أنا بعيدة عنهم، لكن أنا عاوزة أسألك بصراحة، هو أنتِ معاكي صور إباحية لزهرة؟ عشان الصورة اللي بعدها ليكي ما كانتش واضحة أوي، أنتِ فاكرة لما زعلتيني عشان الكاميرا باظت من المايه وقتها؟ فجبتي الصور من فين؟
(ياسمين، صارخة): وأنتِ مالك بأهلك؟ جبتيهم من فين؟ هو أكل ولا بحلقة؟ أنا أديتك حقك رغم إنك مخلصتيش شغلك على أكمل وجه، شيلي الكاميرا أهم حاجة يا نيفين.
(نيفين، بثقة): عملت كده والله، لكن أنا كلمتك عشان سمعت زهرة وهي وزينة بيتكلموا عن مباحث الإنترنت وإنها هتقدم شكوى لو طلع الكلام صح.
(ياسمين، صارخة، ولعنت زهرة ونيفين): عن أبويا! شكلك أنتِ وهي إيه الأخبـ.ـار الزفت ده؟ والبت دي مبتتهدش. أنا قولت هتخاف وهتعتذر، لكن بتخطط توديني في داهية. بقولك إيه، أنا هبعت لك حبة غالي من بنت في طب بيطري، تدوبيها في الأكل لزهرة.
(تُسيطر على ياسمين  الغرور  والثقة الزائدة بالنفس.  تُخطط  لانتقامها  بخبثٍ  وماكر،  دون  التفاتٍ  إلى  العواقب.  تُسيطر عليها  رغبةٌ  جامحةٌ  في  التدمير،  مُخفيةً  خلف  قناعٍ  من  البرود  والثقة.) (نيفين، منصدمة وشهقت): أنتِ بتقولي إيه؟ أنتِ بتهرجي صح؟ أنا مليش دعوة، هي وصلت للق&تل!
(حصرياً على صفحة الكاتبة صفاء حسني - زهرة العاصي)
(ياسمين، ضاحكة بسخرية): قـ.ـتـ.ـل إيه يا متـ.ـخـ.ـلفة؟ هتعملها مجرد تسميم، وهتنتقل على المستشفى. أنا عاوزة تنتقل بس، وهناك هتصرف، وأصورها هناك، وأعمل حل شغل، عشان لما تتأكد إني أفضحها بجد في بلدها تخاف تقدم بلاغ، فهمتي؟ يلا بسرعة تعالي من غير ما حد يحس بيكي.
(نيفين، رجعت للوضع وهي بتقلب الشربة، وبتعمل شربة خضار)
(زينة، اقتربت منها وقالت): أنتِ بتعملي إيه؟ أنا قولت لك شكراً، أنا هعمل الأكل.
(نيفين، زعقت): إيه التنّاك ده خير؟ تعملي شربة تلاقي براحتك، بس أنا استخدمت كل الخضار، سيب صحبتك جعانة عشان تقع من طولها، سلام.
(نيفين،  تُعاني من  صراعٍ داخليٍّ حادّ،  بين  خوفها من ياسمين  و ضميرها الذي يُحذّرها من ارتكاب جريمة.  تُصارع بين  الولاء  لصديقتها  و  نـ.ـد.مها  على  ما  تُشارك فيه.  تَظهر  ضعفها  و  ترددها  في  قراراتها.) (نيفين خرجت وهي بتابعها)
(زينة، اقتربت من الشربة وشمت ريحتها، كانت حلوة)
(عقلها ما كانش مطمئن، هي مرتحتش لنيفين وقربها رغم إنها من فريق ياسمين)
(وبعد كده قالت): بطلي خيال يا زينة، أنا شفتها وهي بتدوق الأكل، وكمان عملت كمية كبيرة في الحلة للكل، يعني لو كانت هتعمل حاجة كانت عملت على القد، لكن أنا هدوق الأول.
(نيفين كانت بتابعها ونفخت): يا متـ.ـخـ.ـلفة في حب كده، يعني ممكن تضحي بنفسها عشان صحبتها، أنا لازم أخرجها قبل ما تدوق، أعمل إيه؟ لازم أبلغ ياسمين.
(حصرياً على صفحة الكاتبة صفاء حسني - زهرة العاصي)
(جيه اتصال من الأم لزهرة فيديو كول)
(زهرة مسحت دمـ.ـو.عها وخرجت على البلكونة عشان الشبكة وفتحت المكالمة)
(الأم): إزيك يا نور العين؟
(زهرة ضحكت): زعلانة منك يا أمي، عمري بقي كده متتصليش، بقي كل ده.
(زهرة تنهدت تنهيدة توجع، عاوزة تحكي لأمها لكن خايفة لحد يسمعها)
(الأم حست بيها، مشيت من المكان اللي فيه، وراحت مكان فاضي وسألتها): مالك يا زهرتي؟ إيه اللي مزعلك وعيونك حمر ليه يا قلبي؟ إحنا صحاب يا عمري قبل ما نكون أم وبنت، احكي وأنا في ضهرك. سقطتي في الامتحان؟
(زهرة هزت رأسها بالنفي): لسة بدري يا أمي على الامتحانات، لكن سقطت في امتحان الحياة يا أمي.
(الأم طمّنتها وبكل حب): الخبط اللي ما بتموتش بتقوى يا بنتي عمري، احكي وأنا معاكي، وإحنا حاربنا الكل عشان تتعلمي وتكوني في المكان اللي أنتِ فيه، وإن شاء الله هتخلصي وهتسافري بره زي ما وعد للمتفوقين.
(نزلت دمـ.ـو.ع زهرة): خايفة يا أمي، لأن كل أحلامنا ممكن تتحطم بسهولة لو أعمامي عرفوا باللي حصل، وأنا والله ما لي علاقة، بريئة يا أمي.
(الأم ابتسمت وطلبت منها تقرب وشها من التليفون وقبلتها من الهاتف): أنتِ أقوى من حالك، واحمي نفسك يا بنتي، لو عاوزة تنجحي وتشتغلي في أكبر شركة حسوب في أمريكا، فأول خطوة للنجاح إنك تحاربي اللي بيحاربوا النجاح، وأنا واثقة فيكي.
(زهرة تعيش حالةً من الخوف والقلق على مستقبلها،  ممزوجةً بحالةٍ من عدم اليقين بشأن مصيرها.) (في نفس الوقت، زهرة بتتكلم مع أمها، نيفين نزلت خارج باب السكن عشان تكلم ياسمين من غير ما حد يسمعها، واتصلت ب ياسمين)
(ياسمين، بلهفة): عملتي إيه؟ خلصتي؟
(نيفين): أنا عملت الأكل وحطيت الحبة في طبق زهرة عشان محدش يتأثر، عشان عملت كمية كبيرة للكل عشان محدش يشك، وزينة دخلت أخدت الأكل، و...
(قبل ما تكمل كلامها، عربية جت قصدها تخبطها)
(زهرة، صرخت وهي أخدت بالها، لكن نيفين كانت بظهرها وماشية وهي بتتكلم): حسبي يا نيفين حسبي!
(نيفين انتبهت من صوت زهرة، اتخبطت في درعها ورجعت بسرعة، وقعت على باب السكن في لحظة)
(زينة سمعت صريخ زهرة من الفزع، وقع منها الطبق)
(زهرة قفلت مع أمها): أكلمك تاني يا ماما.
(وجريت جري نزلت وراحت عند نيفين اللي أعصابها تعبانة، ورجلها وقفت من الصدمة ووقع على الأرض)
(زهرة جريت عليها وضمتها وسألتها): أنتِ بخير يا نيفين؟
**(يتبع...)
ضمت زهرة نيفين، وهى تربط على كتفها بلطف.
"أنتِ بخير يا قلبي، طمنيني."
نظرت لها نيفين، واستغربت. كيف من دقائق كانت تريد تسميمها، والآن زهرة هى أول من يساعدها؟
بدأت البنات يساعدنها، وهى تتأوه من الألم.
في نفس الوقت، وصلت رسالة من شخص لآخر.
"تم المطلوب يا فنـ.ـد.م."
رد الشخص الآخر:
"اتأكدي أن التليفون اتكسر مليون حتة، مش هيُصلّح."
ابتسم الشخص:
"عيب يا فنـ.ـد.م، تم أول ما البنات أخدوها، بعت واحد أخد الشريحة وكمل على التليفون تكسير عشان تشك إن الشريحة ضاعت بعد ما اتكسر."
رد الشخص الآخر: "تمام كدة، وصلك المبلغ المتفق عليه."
ابتسم الشخص وكتب: "وصل يا فنـ.ـد.م، لكن في استفسار بسيط، هي الشريحة بــــاسمها؟ تعرف ترجعها والا لا؟"
انصدم المرسل من السؤال، وسأله: "يفرق إيه؟"
وسألت الرسالة، ورد المجرم: "يا فنـ.ـد.م لو بــــاسمها، تقدر ترجعها عشان أي عدى بتكون بالبطاقة الشخصية، فتقدر تروح أي فرع وترجع الرقم. ولو رجعت الرقم وفتح فيس أو مسنجر ومحتفظ عليها كل حاجة، فكدة التهديد اللي أنتِ خايفة منه يرجع تاني."
ظهرت ملامح ياسمين وهى مصدومة، وسألت: "والحل؟"
رد المجرم: "أنا عملت حسابي، واخد البطاقة الشخصية بتاعتها، لكن لازم تتصرفي، وتروح بالبطاقة، وترجع التليفون ويكون معاكي، وتمحي عليه أي أرقام أو أي حساب عشان تكوني واثقة إن تم التخلص من أي تهديد."
ابتسمت ياسمين وشكرته: "ابعتلي البطاقة قبل ما تفوق وتكتشف ضيعها، وتعمل بدل فائده أكون اشتريت الخط وحملته على تليفون، واتأكد من كل كلامك."
.....
ساعدت البنات نيفين، واتصلوا بدكتور، وبدأ يكشف عليها، وقال: "محتاجة تعمل إشاعة على إيدها، احتمال يكون في كسر."
نسيت زهرة مشكلتها، وقالت للمشرفة: "ممكن أكون معاها بعد إذنك، واتابع معها يا ميس أشرقت؟"
ابتسمت المشرفة، وقالت: "أكيد يا زهرة، وطمنين، وأنا هجيبلكم تاكسي يوصلكم."
وبالفعل وصل التاكسي، وركبت زهرة جانب نيفين، ومعهم زينة.
وبالفعل وصلت للمستشفى، وقطعت تذكرة للكشف، ودخلت نيفين للكشف، وبعد كده اتعمل ليها إشاعة، وبالفعل احتاجت تتجبس.
كانت نيفين محرجة جدا، خصوصًا أنها فجأة لاقت نفسها وحيدة. الكل رفض يكون معها. زينة وزهرة بس تذكرت ليه كل البنات رفضت أي واحدة تيجي معها على المستشفى، إلا قالت:
"لا معلش يا ميس نيفين عمرها ما ساعدت حد، والتاني وكمان دايما بتعمل مقالب فين وحقودة، والثالث أنا لم تعبت قبل العيد إلا فات، وكانت كل البنات سافرت وقتها، طلبت منها تيجي معايا رفضت، وأنتِ عطلتِ نفسك يا ميس وجيتِ معايا، الرابعة والخامسة والخ... الكل اتهرب منها."
افتكرت كل موقف عملته، كل مرة تنمر على واحدة، مقلب في واحدة، ودلوقتي كانت هتضيع مستقبل زهرة، لم صورتها وهى في الحمام، كويس إنى مبعتش الصور الحقيقية عشان استغل الموضوع وبعت صور مشوشي وبايظة.
ازاي عملت كدة في زهرة، وافتكرت تليفونها.
وبصدمة والدكتور بيجبسها، صرخت: "
زهرة العاصي - الفصل السادس 
حصري
 الكاتبة صفاء حسنى
"فين تليفوني والشنطة بتاعتي؟"
اقتربت منها زهرة تهديها: "اهدى يا بنتي، أكيد بنت من البنات شافهم وشالهم، اتجبسي ونروح تشوفيهم."
صرخت نيفين وهى رافضه: "مينفعش في صور ليا، لو وقعت مع حد هتكون كارثة."
حاولت زهرة وزينة يهدوها، لكن هى كانت متـ.ـو.تره جدا.
فكرت شوية نيفين، وبعد كده طلبت تليفون زينة: "ممكن تليفونك يا زينة بالله عليك، افتح صفحتي على الفيس، امسح كل حاجه محتفظة بيها، عشان لو وقع تليفون مع حد هتكون كارثة."
سألتها زينة: "حاضر يا بنتي، اهدى بس، اتفضلي أنتِ حافظة بس ورد بتاعك والاميل؟"
هزت راسها نيفين، وقالت: "اه، حافظهم بسرعة."
فتحت زينة الفيس، وخرجت من صفحتها، وكتبت الرقم بتاع نيفين وكمان كلمة السر، ونفتحت الصفحة.
أخدت منها التليفون نيفين بسرعة، وقالت: "معلش يا زينة، أنا امسح كل حاجه تخصيني، شكرا."
انسحبت زينة وزهرة للخرج، وتركوا نيفين.
اتكلمت زينة بعصبي: "أقطع درعي إن البت دي مخبي كوارث على صفحتها، عشان كدة مرعوبة."
استغفرت زهرة ربها: "استغفر ربنا يا زينة، ربنا قال في كتابه العزيز:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ"
صدق الله العظيم.
احنا ملناش دعوة."
.....
عند عاصي وجده.
رد الجد بنفي شـ.ـديد: "بلاش زهرة يا ابني، شوف حد تاني غير زهرة."
استغرب عاصي رفضه، وسأله: "أنا اتفقت معها انها تقدم بلاغ بكرة."
صمم الجد بكل اصرار: "بلاش، اعمل أي حاجه تاني، فكر في أي حاجه ماعدا زهرة."
كان مصمم يعرف عاصي السبب، وسأله: "ممكن افهم ليه؟"
تنهد الجد، ووضح: "أهل زهرة صعبين جدا، بالعافية خلها ابوها تيجي تدرس في الجامعة هنا وتقعد في سكن الطالبات. البنت شاطرة ومتفوقة، لكن ابوها ميعرفش قيمتها للأسف، وكان يجوزها بعد الثانوي لابن عمها. ولو امها وقفت معاها وسندتها، وهى الا اتصلت بي وطلبت مني اقنع جدها انه يوافق، البنت تكمل وهى هنا في امان، فلو حصلت شوشرة من أي نوع هتقضي على مستقبلها يا ابني، وانت جديد في الجامعه، راقب، تابع، هتلاقي كوارث أكيد، وهتعرف تمسك عليهم بدل الغلطة الف."
كان مستغرب عاصي كلامه: "انت بتقول ايه يا جدى؟ هو في لسه الجهل ده موجود، يمنعوا البنت من التعليم ويجوزها؟"
تنهد الجد وقال: "يا ابني بلاش تغلط في العادات والتقاليد، الا المجتمع الغربي فضل يحارب فيها لحد ما انتشار السـ.ـا.فلة وكل شي منحط،
زهرة العاصي - الفصل السادس 
حصري
 الكاتبة صفاء حسنى
... أصبح الصغير ميحترمش الكبير، مفيش كلمة حاضر من البنت لابوها، أو الزوجة لزوجها. أصبح التليفون لعنة، بيصور كل حاجه واي حاجه، وابتزاز مبقش فيه امان."
هز عاصي راسه بتاكيد: "اتفق معاك في الموضوع ده، لكن يعني ل ننحرف ل نوافق على معتقدت غلط، ليه مفيش توازن في المجتمع، ليه مطبقش الا قاله ربنا؟"
رد الجد بتوضيح: "فلو قولت لحد كدة يكون الرد منهم "جوزا البنت سترة، وانت بتتكلم عن مباحث انترنت وصور، يعني العيار الا ميصبش بيدوشي يا ولدي. فكر في كلام زهرة، ممش ممكن تخمنها صح، والبنت معندهش حاجه، مجرد بتلوش بالكلام عشان تخوف زهرة، وتبعدها عنها، فكر يا ابني قبل ما تتسرع، وزهرة تكون هى الضحية."
.......
في مكان آخر، يدخل رجل صوته جهور ويتكلم باللهجة الصعيدي: "يا ابو البنى الا جولت ابنتى لازم تتعلم الجول، شايف ابنتك سافرت تفضحك."
استغرب صالح من كلام اخوه، ورد: "انت بتتحدت عن ايه يا اخى، فضائح ايه بعد الشر يا محروس؟"
زعق محروس وطلب من ابنه: "افتح يا سليم جوالك، وريه صورته بته الا اتبعت ليك، خلي يشوف هو بعت بته عشان تتسرمح والا ايه؟ امها نفسها تسافر بلاد برا، وبتقول بنتى ب 100 رجل ومتدين، شوفي المتدين في حـ.ـضـ.ـن زلمة غريب."
فتح سليم الهاتف، وفتح الصورة، ووراها لصالح.
اقتربت الام واخدت الصور، وقالت: "هو ده دليلك؟ بنتى حكيتلي على فكرة، كانت بتعدي النهارده، والدنيا مطرت، والجو كان مشبر، وكانت هتقع، اقدم العربية، وفى شخص كان ماشي ف انقذها، فين العيب في ده؟ أنا بنتى اشرف من الشرف، ومخبرنى بكل كبيرة وصغيرة. العيب مش علي بتى، العيب على الا صورها، وبعت ل ابنك، ومشي بعيد. ابنك بعت حد يرقب بتي، وحكله الا حصل."
نظر لها سليم بغيظ وقال: "يعني محقوق اني بخاف على الا هتكون مراتي، وكانت واقفة بتتكلم مع شاب، وبعد كده وقعت في حـ.ـضـ.ـن شاب، ما هى لو ملهاش علاقه ومن البيت للجامعه ومن الجامعة للبيت، وتبطل مسيرى مع الا يسوى والا ميسوشي، مكنش حد مسك عليها غلطة."
صفقت الام يد على يد: "يعني إلا اختشوا مـ.ـا.توا، اقسم بالله بدل ما كنت تصور ابتتى وهى بتقع، كنت انقذتها، وكان ادخل وفهم واقفة بتتحدت عن ايه."
صرخ صالح في مـ.ـر.اته وقال: "اتصلي ب ببتك، تيجي وهتكتب كتابها على ابن عمها."
انصدمت الام وقالت: "وتعليم البت والشهادة لسه أقدمها سنتين؟"
رد صالح: "تكتب كتابه عشان الكل في الجامعه يعرف انها بقيت حرمة، ونقفل القيل والقال، وده اخر كلام عندي."
تتبع
 صرخت وردة في وجه صالح، وجهها متجهم، عيناها مليئة بالغضب.
"انت بتقول ايه يا صالح؟ ازاي اقطع بنتي من دراستها واجيبها عشان تتجوز؟ اتكلم بالمنطق!" 
صرخ فيها صالح: "انتِ تسكتِ خالص يا وردة، مبجيش فيها منطق، واصلا بعد اجده، انتِ وبنتك صممتوا السفري ده، واني كنت رافض سفر الابنتي من الصعيد للقاهرة، لكن انتِ دماغك الف سيف لازم ابنتك تتعلم، ومخبريش هتاخد ايه من العلام ايه غير وجع الدماغ وسيرتنى على كل لسان، ومخبريش لفيت على ابوي ازاي واقنعتيها رغم اني واخوي رافضين."
"واستحملت سنتين جولت البت هتزهقك من الغربة وهتعود، ولكن معودتش، يبقي تعود غصب عنها، وتتجوزي، وتكمل الا بتقولي عليه، وهى مكتوب كتابها، غير اجدى عليا الطـ.ـلا.ق منك ل اجوزها، ومفيش علام واصل."
وقفت لها وردة بعند، وقالت: "طلقني يا صالح، ويمين على يمنك بتي هتكمل تعليمها، واني هسافر واجعد معها لحد ما تخلصي وتاخد البكالوريوس بتاعها، وتكون مهندسة جد الدنيا مخيبهش زي خبتي، وتتجوزي، وتترك علامه، وفي الاخر رجليها الا خدمته العمر كله يتجوز عليها، أو يطـ.ـلقها من غير سبب."
سمع صوتهم الجد، وهى مرار بجوار الدوار، ودخل وهو يسال: "مالكم يا اولاد؟ صوتكم جايب اخر البلد اجديها."
نزلت دمـ.ـو.ع وردة، وقربت من عند حماها: "يرضيك يا ابي ابنك يطـ.ـلقني بعد العمر ده كله؟"
صفق صالح كف على كف ب استعجاب وقال: "هو اني طلقتك يا حـ.ـر.امي؟ اني حلفت لو كلامي متسمعش."
اكملت بكاء وردة وقالت: "ولو يمينيك نزل، تتحسب على طالقة، صحوا براحتك جوى."
سال الجد وهو يربط على كتف زهرة ويسالها: "اهدى يا بتي، وفاهمنى، هو حلف يمين ايه الا ممكن متنفذهوش؟ من ميتك بتكسر كلام زوجك يا بتي؟"
اكملت وردة وهى تشهق بالدمـ.ـو.ع: "من ميتى يا ابوي كسرت كلمته، أو فتحت بوكي بحرف، ولو يمين عليا اني معرضيش، لكن يحلف يمين يطـ.ـلقني لو بتي متجوزتش من سليم، هو النصيب بيدى يا بوي والا بيدى الله؟ واحده يعني لو نصيبها ل سليم، لو اهل الارض حاولي يفرقهم ميتفرقوا، لانها مكتوبة في سبع سما يبوي."
"كل الا قولته اني يصبر لحد ما تخلص امتحانات الترم ده، وتعود، ويكتب كتابها براحته، لكن تنزلها من وسط علامها ودراستها عشان مخبيرش خايف على سمعت بتي. بتي معيوبي الا حافظة كلام الله على يدك ب اكمله، بتي الا الحجاب بيخطي نص جـ.ـسمها، ولبسها الطويل، احكم انت يا بوي، وانا من ايدك ده ل ايدك ده."
نظر الجد ل اولادها وقال: "وردة كلامها موزون، وعين العجل يا ولادى، يعني احنا في شهر ١٢، ودخلي الاابنتى على امتحانات، فكيف تركز في علامها، وكمان تحضير الجواز؟"
بلع ريقه صالح واخوه ورد ابوسليم: "يا بوي كل الا جالها صالح يكتب الكتاب فقط، الابنتى في وسط شباب هناك ونخاف عليها."
ضحك الجد: "تخاف عليه من ولادك الفاشل يا محروس، اني مخبيرش، اصلا ولدى موافق عليه، ليه عجله راح فين؟ الابنتى عجله نوير وزينة، وكمان اني عرفتي اني 
زهرة العاصي -
حصري الكاتبة صفاء حسنى
 جواز من اولاد العم
... بياثر على عجل الاجني والاحفاد، وميعزيش اغلط نفسي الغلطة مع بت ابنى وابن ابنى، كفايه جربته معاك،
ووجه حديثه لوردة: "هى بتك فعلا تيجي، لكن معشنشي تتجوزى وكلام فاضي
عشان جوزك حلف، لكن انسي جواز وكلام فارغ، مفهوم؟ وفي ضيوف يجيوا حدنا يوم الجمعه الجايه."
.....
خطفت وردة ضحكة من حديت عمهى، لانها عارفة انه مختلف عن اولاده، عقله منور غير كل الا في البلد، ويسمع كثير على اليوتيوب موضوع كثيرا من طب ل ساسي، وعشان كدة رمت الكرة في ملعب حماها، واتصلت بيه اول ما عرفت ب الا حصل من صحبت بنته زينة.
فلاش باك
بعد ما قفلت زهرة مع امها، كانت وردة قلقانة، واتصلت ب زينة وسالته: "اني عارفه انكى صحبت صحبتك، خبرينى ايه الموضوع، وبتي مالها؟ مكسوفة تحكلي، ووشها مكسور، وده معوديش عليها منها."
تنهدت زينة، وخرجت من المستشفى، مشيت في الحديقة، وبدأت تحكي الا حصل كله، وعرفته من زهرة وكلام الدكتور.
انصدمت الام وضـ.ـر.بت على صدره وقالت: "ينهار امهم اسود، يعملوا في بتي كدة؟ هما ميعرفوش زهرة ده مين؟ اقسم بالله ل اجى امسكها من شعرها بنت الرفصي ده وابن الحـ.ـر.ام ده، بتي حبيته بجد."
ردت زينة برفض: "لا طبعا يا طنط، هى زهرة طيب، وكانت بتساعد الكل."
تنهدت الام بحزن، وحتى لو وكعت في حبه، مشي عيب والا حـ.ـر.ام، اهم حاجه تقوم منها قوية.
سالتها زينة: "طيب ايه رايك في كلام الدكتور؟"
تنهدت الام وقالت: "لاع بلاش فضائح، ولو البت ده معها حاجه يبقي جابته ل نفسها، ووريها ازى تلعب مع حفيدت محمد الصعيدي، هى فين ابنتى؟ عاوزة اكلمها، قلبي من جو ده."
وضحت لها زينة الا عملته وهما فين.
ابتسمت وردة: "مقلتكيش حفيدة الصعيدى، هى ده في وسط احزانها ووجعها تهرب منه بمساعدة الناس، شكرا يا ابنتى، خليك جانب زهرة يا زينة، ده اختك وانتى بنتي الا مخلفتهش، وبعد كده مسمعش كلمة طنط وكلام فارغ، انى امك مفهومة، تقولي يا اما."
ابتسمت زينة ب عرفان: "واكتر يا اما، انتى مربينى، وانا حتة حمر مع زهرة، والكل يشوفنى يفتكرنا توام."
ابتسمت وردة: "واكتر يا بتى، انا كنت برضعك في صدر وبرضعه في التاني، ربنا ميحرمني منكم، وقلبي مطمنى طول ما انتى معها."
راحت عند حماها، واقعدت جانبه وهى بتلعب في صوابعها لحظ ده الحماه، وسالها: "بيك ايه يا مرات ابنى وبنت الغالي؟"
بلعت ريقها وردة وقالت: "كنت عاوزة أخبرك ب حاجة اكديه قبل ما تسمعها من برا، بس بالله عليك احكم بالعقل يا عمى، وشورني نعمل ايه انا وابنيتي، من غير ملناش قول او تصرف والا اتحكمه بيه، انى موافقة عليها."
سالها الجد وهو يطمنها: "خبرينى يا ابنيتى، وقعت جلبي."
بدأت توضح الا حصل، وحلفت على المصحف، مسكت المصحف حدته على عيونه، وقالت: "والله العظيم، وكتب الله، هو ده الا حصل يا عمى، وممكن تتأكد من صديقك، لو طلع من بنتي شي بشع او يسوي سمعت عائلتنا، واني معك في كل حاجه."
.......
زهرة العاصي - الفصل السابع 
حصري الكاتبة صفاء حسنى
... ورجعت زينة عند زهرة.
سالتها: "كنت مغطوسة فين؟ قلقتني عليك، متسينش وحدى تاني."
قربت منها زينة وضمتها: "مقدرش، انتى عارفه اني بحبك اوى، وبحسك اختى وتومى، وبحب ماما وردة."
ابتسمت زهرة وبدلتها الحـ.ـضـ.ـن: "وانا كمان بحبك، بحسك نص التاني، ومقدرش ابعد عني، ونفسي ربنا يرزقنا ب اثنين اخوات او اصحاب عشان منتفرقش ابدا."
كشرت زينة: "يعني ممكن بعتينى عشان جوزك يا نادلة؟"
ضحكت زهرة: "بعتك مرة واحده، هو فين اصلا يجي، وانا ابيعك بسهولة؟"
ضـ.ـر.بتها ضـ.ـر.بة خفيف زينة وقالت: "اخصي عليك، والا يسمع منك كدة ميقولش ان متكلم عليك."
نفخت زهرة بضيق: "بلاش السيرة ده بالله عليك، ربنا ما يجعله من نصيبي."
صفقت يد على يد زينة وب استعجاب: "غريبة الحب، مش فاهمه فعلا، صدق المؤالف، يعني معجكبيش سليم ابن عمك وعجبك زياد؟"
ضحكت زهرة وكملت: "اسخم من سيد الا سيده."
سالتها زينة: "هو انتي حبيت زياده بجد، والا مجرد لحظة اهتمام، وخصوصا انك رومانسيه وحساسي، وطبع اهلك خلوكى ممكن تحتاجى حب؟"
رفضت زهرة كلامها: "لا طبعا، انا مفتقدش الحنان، بابا مفيش احن منه، وانتى عارفه اكتر منى."
تنهدت زينة: "عشان عارفها وعارفكى بقول كدة، مشكلة عمى صالح طيب اوى وعصبي اوى، طيب بسمع ل اخواته، وعصبي مبيسمعش غير نفسه، او الا هما اقنعوه بيه."
رفضت زهرة كلامها وتقليلها من ابوها وقالت: "بالعكس، انا شايفه انى باب مفيش زيه، محترم اترابي في زمان مبقش موجود دلوقتي، عشان هو صغير بيسمع كلام اخوه، وكمان بيسمع جدى، وكمان بيحاول يسمع كلام ماما."
ضحكت زهرة والصراحة كلهم 😂 في وقت واحد لم بيتكلموا بيصعب عليا هو مقتنع بفكرة كل واحد، لكن معرفش ينفذ اي فكرة تكون مناسبة ليه، وفي نفس الوقت ميطلعش صغير.
هزت راسها زينة: "البنت بتكون حبيبتي ابوها، طيب ليه اختارت زياد عن سليم، رغم لو حديتهم جانب بعض هتحسي صورة واتقسمت نصين، نفس الطبع والفشل، وحبهم للبنات بجد هتجنن."
تنهدت زهرة: "عندك حق والله، ومعرفش اكون معاكي غير صداقة، ممكن فعلا عشان معرفتش اغير طبع سليم، وعارفة ان ل اكون ليه، او اكون في كفنى، لانى بابا راسه والف سيف لازم اتجوزه، ممكن تحدى منى لو عرفت اغير زياد، ممكن اقدر ابلع سليم، او اغيره، معرفش بجد يا زينة، لكن الأكيد انى محبيتش حد فيهم."
....
قبل ما يكمل كلامه عاصي مع جده، قطع حديثهم اتصال من محمد جدى زهرة، وبعد السلامـ.ـا.ت والتحية ساله: "خبرني الحجيج يا عزيز يا صاحبي عمري، بت ابنى عملت العيبة والا كله تلفيق من بت الرافضة الا اسمها ياسمين؟"
انصدم عزيز وبلع ريقه: "متى عرفت بالموضوع يا محمد؟ انى لسه عارف النهارده، وكنت اتصل بيك."
تنهد محمد وقال: "مهمنيش متى، الأهم صحيح ابنت ولدى ليها صور فاضحة، والا مجرد زوابع في الهواء؟ جوابني بصراحة، انى وثقة فيك، وان المكان أمن، لكن اكديه 
زهرة العاصي - الفصل السابع 
حصري الكاتبة صفاء حسنى
... مفيش امان وكديه يبقي مفيش لازمته العلام واصل."
نظر عزيز ل عاصي، ووضع يده على التليفون: "خبراتك عاد انى أهلها صعاب اهوه، وصل الخبر ل محمد، وعايز يرجعها البلد."
طلب عاصي يكلم الجد وقال: "ممكن تفتح الا سبيكر يا جدى؟"
هز راسه الجد، وفتح الا سبيكر وكان شايط.
محمد: "طمن جلبي يا عزيز، حصل واللي محصلش، بنت ابن شين واتلت."
تكلم عاصي: "بنتك اشرف من الشرف يا عمى، انى عاصي اكون حفيد جدى عزيز، ابن بنته، واني متابع الموضوع لانى دكتور في الجامعه، والا عرفته ان فى شوية عيال متربتش، ووافق عليهم المساهمين في الجامعه، واستغلوا حزن جدى على وفاة خالي، واكيد مكيد عشان عارفين ان زهرة حفيدت صديقه، ف حبوا يخسروا العلاقة ما بينكم."
"وعشان كدة كنت بقترح على جدي ان الانسه تبلغ مباحث الانترنت عشان يجيبوا العيال ده ويحبسوهم، وعقوبتها كبير وى، لكن جدى رافض، وانا متأكد ان مفيش دليل معها، وبنت ابنك متصانة."
تنهدت الجد وقال بسرمة: "بدى تيجي انت وعزيز حدانى الجمعة، بدي اتحدت معك، لانى ولدى مصمم يقعد بنته من العلام، وعايزك تشهد قدمه بالحق، قولت ايه؟"
.......
كان خلص المجبراتى الجبس وترك نيفين.
استخدمت نيفين ايديها اليمن وكانت بتسند على الجبس، فتحت حاسبها ودخلت على جروب اسمه خاص جدا، كانت فاتحه ومشفرة ليه هى وبس، وبدات تمسح كل صورة بسرعة، وبعد كده عملته ارشفة وازالة نفسها منه، وبعد كده انتقلت ل مسنجر.
كان كل شوي حد يحاول يخرجها، لكن قدرت ب معجزة تمسح الشات الا كانت فاتحه ل نفسها، وغدرت منه.
وبعد كده قفلت الصفحه نهاية.
بعد كده لاقيت نفسها خرجت، جات تدخل تانى، لاقيت البس ورد اتغير، لكن بحثت عن الصفحه بصفحة زهرة.
لاقيت الاكونت اتفتح تانى، بدات ترتب افكارها من وقت ما اتكلمت مع ياسمين لحد اللحظة دي، وبدات تترجم الا بيحصل، ولعنت ياسمين: "يا بنت الحـ.ـر.ام تغدر بي، انا لاعش والا كان الحمدلله يا زهرة، رديت تدينى تليفونك بعد ما رفضت زينة، رغم كل الا حصل ووثقتى فيا ومخافتش انى ممكن اعمل حاجه، هى ليه كدة؟"
قطع حديث نيفين مع نفسها اتصال من ولدتى زهرة.
سمعت زهرة رنت التلفون، جات بسرعة لانها كانت واقفة جانب الباب.
دخلت زهرة سالتها: "خلصت يا نيفين؟"
هزت راسها نيفين ب امتنان: "اه خلصت، اتفضلي ولدتك بترن عليك."
شكرتها واخدت التلفون، وقبل ما ترد سالتها نيفين: "انتى ازى كدة؟"
.......
تتبع
زهرة كانت مستغربة من سؤال نيفين، عينها اتسعت بشوية ورموشها ارتفعت وكأنها بتحاول تفهم،  "أنتِ ازاي كدة؟". زينة دخلت وراها، ضحكت بخفة وطلعت صوتها عالي شوية "مفهمتش تقصد ايه؟". نيفين ابتسمت بخجل،  "طيبتك يا زهرة، عفويتك، ثقتك في الناس اللي حواليك، أنتِ عارفة طيبتك دي أنقذتك من شر كبير. عفويتك ومساعدتك ليا خلتني أفوق على نفسي". زينة بصت لنيفين وكأنها فهمت،  ونبرة صوتها  كانت حاسمة  "روحي ردّي أنتِ يا زهرة على طنط، وأنا مع نيفين".
زهرة خرجت وردّت على وردة، صوتها كان هادي وواضح "معاكي يا ست الكل".  وردة زعقت بغضب وعيونها اتوسعت، "كله ده مبترديش عليا؟ كنتِ فين؟". زهرة بلعت ريقها،  وهي حاسسة بالخوف من غضب امها،  بدأت تحكي لوردة عن تعب نيفين.
وردة سألتها بفضول،  "معندكيش حاجة تانية تحبي تخبريني بيها؟". زهرة كانت مترددة،  وجهها  اتملّأ بالحيرة  من كلام نيفين،  "لم آجي يا أمي احكيلك". وردة زعقت بغضب شـ.ـديد وصدرها كان بيتنفس بسرعة، "جدك عرف كل حاجة يا بنت عمري اللي مشرفني، بدل ما تاكلي الكتب اكل عشان تاخدي الشهادة الكبيرة، رايحة تاكلي ودان الناس بالمواعظ والحكمة، أنتِ مال أمك؟ أنتِ اللي تلبسي محزقة أو ضيق، واللي تمشي مع شاب أو تنام مع حد؟ هو أنتِ هتغيري الكون ليه؟ خليتي بت متسوي تحطك في دماغها، وكمان رايحة تحب حبيبها".
زهرة انصدمت وبصت لزينة،  عيونها اتملّأت بالدمـ.ـو.ع. وردة زعقت "متبصيش على زينة، نظرتك اللي تقـ.ـتـ.ـل، دي البت بتحبك وبتخاف عليكي من الهوى الطيار، ولولو أني عرفت وخبرت جدك، كان زمانك كتب كتابك بكرة على سليم".
زهرة تنهدت بوجع وكسرة وحزن،  وقالت "وأنا موافقة يا أمي".  وردة انصدمت وقالت بغضب  "موافقة على ايه؟ فوقي يا زهرة، اوعي تضيعي مستقبلك". زهرة تنهدت وكملت  "أبوي كان عنده حق يا أمي، أنا مليش غير الجواز والستر، وأي بنت كده مهم طلعت أو نزلت ملهاش غير بيت وأسرة، وتكون أم، لكن أنا شطحت بأحلامي بعيد، فربنا أفاقني".
وردة نفخت بضيق على استسلام زهرة، وسألتها "حبيته أوي كده يا قلبي أمي؟ عشان كده عاوزة تهربي منه؟". زهرة هزت راسها بالنفي،  بصوت مكتوم  "يا أمي، أنا عارفة من أول يوم دخلت فيها الجامعة إني لازم أقفل قلبي بالمفتاح عشان أكمل حلمي وحلمك".
وردة ضمتها  بيدها  على  ظهرها  وقالت  "وهو عيب إن القلب ينفتح يا بنتي، ولا عيب ولا حـ.ـر.ام، أنا كمان بعشق أبوكي صالح، ميغرقيش نقارني ليل ونهار، ده محبة ونغش علشان الحياة تستمر".
زهرة نزلت دمـ.ـو.عها بوجع "فاكرة يا ماما لم كنت صغيرة وكنت بضفر شعري وتغني ليا أغنية "امايه يا امه"؟ عاوزة أجيلك دلوقتي وأترمى على حجرك وتغنيها ليا".
زهرة العاصي - 
حصري الكاتبة صفاء حسني
قيد الكتابه
 حست وردة بوجع بنتها وكسرتها، وبدأت تغنى ليها:
"امايه يا امه
شـ.ـدى الضفاير
شـ.ـدى رباطها .. عصبينى
لو قادرة يا امه
تقيديها .. قيديها
وقيدينى !!
شعورى موجة
كانت بتغنى زهرة معها ودمـ.ـو.عها بتنزل
عماله تلعب
فوق جبينى 
... شعورى شوق
وبشوقى حايرة
ما انا عارفه ماشية
ما انا عارفه طايرة
وكلام فى سرك
وبقولها مُرة
عذاب بحسه
عذاب وثورة
امايه يا امه
شـ.ـدى الضفاير
شـ.ـدى رباطها .. عصبينى
لو قادرة يا امه
تقيديها .. قيديها
وقيدينى !!
امايه يا امه
جوايا ليه
امايه يا امه
جوايا ايه
جوايا حيرة
جوايا ضلمة
جوايا طير
قلقان فى عشُه
لا انا قادرة اشيله
ولا قادرة اهشُه
وكلام فى سرك
وبقولها مُرة
عذاب بحسه
عذاب وثورة
امايه يا امه
شـ.ـدى الضفاير
شـ.ـدى رباطها .. عصبينى
لو قادرة يا امه
تقيديها .. قيديها
وقيدينى !!
زهرة وامها خلصوا الغناء والبكاء،  ومسحت كل واحده دمـ.ـو.عها. وردة تنهدت،  "بكرة تعالي يا بنتي عشان جدك عايزك،  فاهمة؟  وقولي ذى مابقولك كده بالظبط،  اوعى تجيب سيرة عشق او حب،  مفهوم؟  موضوع غيرة بنات مشي اكتر عشان صديقه عزيز جاي عندنا هو كمان علشان يوضح الا بيحصل،  ووقتها نشوف لو هتكمل حداكى (عندك) او تعودى (ترجعى)."
زهرة هزت راسها بالموافقة "حاضر يا امه،  اشوف وشك بخير".  زهرة قفلت مع امها. راحت عند زينة ونيفين  وهي بستجوبها "أنتِ اللي عملتيها صح؟  أنتِ اللي خونتى امانة السكن مع بعض وصورتي بنت زيك،  وطبعا ياسمين حبيت تتخلص من الدليل الا معاكي،  وكانت النتيجة كسرت ايدك،  وعشان كده كنت هتجننى تفتح حسابك.  اتفخس عليك يا ما حظرونى منك والتعامل معاكي،  لكن للاسف زهرة كانت مشي مصدقهم،  وقالت حـ.ـر.ام نخرجها من الدور بتاعنا،  وامنتك على مملكته الصغيره الا عملتها هنا،  وكانت النتيجة تصوريها."
زهرة شهقت وهى بتسمع كلام زينة "أنتِ اللي صورتينى يا نيفين؟  يعني ياسمين معها صور ليا؟"  وقبل ما تكمل كلامها فقدت توازنها وقعت على الارض.
زينة صرخت "ممرضه دكتور،  حتى يلاحقنى". نيفين قربت منهم ودمـ.ـو.عها نازلة ونـ.ـد.مانة "زاحت ايدها زينة، ابعت ايدك النجسة ده عن زهرة".
نيفين أوضحت  "منكرش انى وحشي وزباله،  وكمان جيت عندكم عشان مزقوق من ياسمين،  عشان اعرف كل كبيره وصغيرة عن زهرة."
زينة وقفتها عن الكلام "ممكن تسكت دلوقتي،  ولينا كلام بعدين".
بالفعل جات الممرضه حملوا زهرة على غرفة وتم الكشف عليها،  الدكتور قال "ضغطها انخفص،  هو السبب في الاغماء،  اعملها شوية تحليل،  وهنعلق ليها محلول ملح وفاتامينات".
بالفعل علق المحلول واعطها مهدى.
طلبت من نيفين "روحي هاتي العلاج الا طلبه الدكتور،  بعد اذنك".
نيفين هزت راسها بالموافقة،  و فعلا راحت تجيب علاج.
في نفس الوقت بدات تفوق زهرة،  قربت منها زينة "سلامتك ياقلبي".
زهرة هزت راسها وسالت "هو ايه اللي حصل؟".
زينة ردت "هنعرف دلوقتي كل الا حصل،  أنتِ اعمل نفسك لسه نايمه،  وافتح تسجيل التليفون،  اوكى؟".
زهرة هزت راسها بالموافقة.
نيفين رجعت بالعلاج،  وسالتها  "فاقت زهرة؟".
زينة هزت راسها بالنفي "لسه،  احكيلي بقي ايه الموضوع،  هما عايزين ايه من زهرة،  والسبب الحقيقه".
نيفين تنهدت "عايزين يعرفوا مد القربا ما بينهم وبين المدير عزيز خيرات".
زينة استغربت وسالتها "وايه السبب؟  يعني عادى قربته او لا،  مركزين اوى كده ليه؟".
نيفين تنهدت  "علشان شكين انها تكون بنت ابنه".
زينة شهقت "بتقولي ايه؟".
.......
عزيز  أغلق  مع  محمد،  وهو  بيتنهد  وقال  "طلب  مني  نروح  عنده  يوم  الجمعة".
عاصي استغرب "انا فعلا مستغرب،  ليه نروح  لحد  عنده  عشان موضوع زى دى؟".
عزيز شرح ليه "هو  احنا مرحنيش هناك  عشان بس  موضوع  زهرة،  اني  رايح  عشان  اعرف السر".
عاصي استغرب "سر ايه؟  انت مخبي عليا حاجه؟".
الجد  هز  راسه  وقال  "يا ابنى  انا  علاقتى ب محمد من زمن الزمن،  وابنى  كان  بيتعلم  حداهم (عندهم)،  وعاش  معهم  اربع سنين،  بعد كده سافر بلاد برا واتجوز مـ.ـر.اته هناك،  ولم رجع كان حاله متغير جدا،  مبقش ابنى الا اعرفه،  وكان دايما متلخبط،  بعد كده سافر البلد ورجع بحالة صعبة،  وفضل فترة كده،  بعد كده جاتلها ازمة قلبي ومـ.ـا.ت.  ولم سالتى محمد قالي يقولى فى الوقت المناسب،  ولم كلمته قالي تعال الوقت المناسب حان".
.....
نيفين تنهدت وكملت "معرفش كل الا سمعته ان لم عرف جده جابها وجابك هنا، وكمان موصي عليها، كانوا مدخلينى فى وسطكم، وفي نفس الوقت بعتوا زياده يلعب عليها، عشان لو طلعت حفيدته يعني معنى كده كل العز ده ملكها هى وبس".
زينة استغربت كلامها وصرخت فيها "هى حصلت؟  كملي يا نيفين،  ليه كانوا متاكدين ان زهرة حفيدت عزيز بيه،  وليه خايفين تكون هى؟".
نيفين تنهدت "عشان ابن عزيز المرحوم منصور كان كاتب وصية او مذكرات انه عنده بنت،  وكتب كل املاكه ليها.  وبعد كده زهرة ظهرت،  والشبه الكبير ما بينها وبين منصور خالهم صدقوا هما زور الوصية وكتبوا كل حاجه ب اسم مـ.ـر.اته،  لكن هما عارفين ان فى ورق تانى يظهّر،  وعشان كدة كانت الخطة محكمة،  زهرة تقع فى حب زياد،  تعمل علاقة معه،  ويصورها،  وبعد كده يبتزها هى واهلها لحد ما يتنازلوا.  وطبعا زهرة مسلمتيش ل زياد واكتشفت حقيقته."
زينة سالتها "وطبعا انتى الخطة البديلة،  تجيب ليها صور وهى عراينة يا وطى؟".
نيفين هزت راسها بنـ.ـد.م "اه،  لكن مقدرش اقسم بالله،  كان كل يوم معاكم قلبي يتعلق ب زهرة،  جدعنتها وكرامها،  وكان الكل بينفرنى،  لكن هى الوحيدة كانت تخلينى اشاركها اكلها وشربها،  وحتى ملابسها،  وقتها ضحكت على ياسمين وقولت ليها ان الكاميرا باظت من المية وادتها فيلم بايظ متشوش مظهرش فيه غير تشويش."
زينة كانت مصدومة وسالته "والحقيقى احتفظت بيهم على حسابك،  وعلشان كده كنت هتجننى وتفتح حسابك؟".
زينة شهقت "نشريتهم على حسابها صح؟  ردى عليا".
نيفين هزت راسها بالنفي "لا طبعاً،  انا مسحتهم،  عشان لم معروفش يلوث سمعتها،  خططوا ل قـ.ـتـ.ـلها."
زينة شهقت وهى بتستوعب "شربة الخضار كان..  كان في ايه؟  يعني كنت ممكن اموت او زهرة منكم لله.  وبعد كده افتكرت:  "يعني ياسمين السبب في الا حصل فيك لما عرفت انك نهيت المهمة في نفس اللحظة،  بعتت الا يخلصى عليك او يكسر اي دليل يكشف كل رسايلكم صح؟".
نيفين تنهدت "غـ.ـبـ.ـية مخلتنيش اكمل كلامي،  لكن الأهم دلوقتي الناس ده مشي سهلة،  وكل ما في شك أن زهرة حفيدة عزيز بيه مشي يرحموها."
زينة ضحكت بسخرية  "كدة فهمت؟  بصي انتى برضو مجرمة،  وكل الا قولتيه دلوقتي ميعفكيش عن شرك وحقدك،  ونصيحة تخرج من هنا وتطلب نقلك من الدور بتاعنا وتنسي زهرة."
نيفين شعرت بنـ.ـد.م "لكن انا عاوزة اكون معاكم".
زينة نظرت لها نظرت غضب "لا انا مبترجش فيك يا حلوة،  كل اللى قولته اتسجل بالحرف صح يا زهرة؟".
زهرة فتحت عيونها وهزت راسها "صح يا زينة".  وبدأت توجه كلامها ل نيفين "هو اه انا طيبة،  لكن حفيدة محمد الصعيدي فاهمة،  يعنى بنت حلال،  وغباء الناس الا معكم للأسف معملتش تحيرتهم الكاملة،  وبعنيهم يعرفوا مين حفيدة عزيز بيه ليه وقته،  وهتظهر وهتطلب بحقها،  والحمد الله على قد كدا،  بس زى ما زينة قالت تطلبي نقلك بالذوق او بسبب اعترفتك هتخرج من الجامعه ومستقبلك يضيع زى ما كنت عاوزة تضيع مستقبلي،  يلا بعد إذنك اخرج من حياتنا كفاية."
نيفين خرجت وهى نوعن ماء حسي برحة من اعترفتها،  ومفرقيش معها يستخدموها والا لا،  المهم ان رايحة ضميرها وليها حساب تانى مع ياسمين والا معها.
.....
زهرة نزلت دمـ.ـو.عها بوجع،  اقتربت منها زينة وضمتها "بتعيط ليه دلوقتي؟  ب التسجيل ده كشفنا انك بريئه،  حتى لو اقدم جدك عشان ميجبركيش على الجواز".
زهرة هزت راسها ب استسلام "هو تسجيل برائتى،  لكن مكنش عشان جدى،  عشان سمعتى في الكلية،  عشان كل كلمة اتقالت في حقي".
زينة سألتها "نوية علي ايه يا حفيدة الصعيدي؟".
زهرة تنهدت "اجيب حقي يا حفيدة العزيز،  اعترفتهم وخوفهم أكد ان ليك حق،  وان كمان جدك بريئ وميعرفش حاجه،  وجدك يزورنا الجمعة،  وضح جدى ناوي يعترف ليه،  لازم تجيب حقك وترفع راسك اقدم الكل".
زينة تنهدت "وانا مشي عاوزة".
تتبع...
خرجت نيفين من المستشفى، وشكلها كله قلق، رايحة على جامعة ياسمين تدور عليها. شافت زياد وسألته وهي عينها مليانة شر:
"فين حبيبتي القلب اللي غدرت بيا وهتغدر بيك أنت كمان؟"
زياد استغرب:
"زهرة غدرت بيك؟ إيه الكلام ده؟ أنا سمعت إنها ساعدتك!"
نيفين ضحكت بسخرية، وشكلها بيقول إنها بتستمتع بمعاناته:
"هو أنت فاكرني بكلم عن زهرة يا زياد؟ زهرة مسافرة النهاردة، أهلها عرفوا اللي حصل، هيجوزوها لابن عمها."
زياد اتصـ.ـد.م وصرخ فيها:
"أنتِ بتقولي إيه؟ أنتِ بتكدبي عليا، صح؟"
نيفين هزت راسها بالنفي، وشفايفها بتلعَب ابتسامة خبيثة:
"أكذب عليك ليه؟ ده الطبيعي اللي بيتعمل مع بنت سمعتها اتلطخت. يتجوزوها عشان يستروها، أو يقـ.ـتـ.ـلوها! بس الغريب، أنت ازاي تعمل علاقة مع ياسمين عادي، وتقول إنها حبيبتك، وفي نفس الوقت تقول إنك بتحب زهرة؟"
زياد صرخ:
"أنا فعلاً بحب زهرة!"
 زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
حصري 
نيفين ضحكت بسخرية، وعيونها بتلمع:
"أكذب غيرها! اللي بيحب بيحافظ على حبيبته، ما يغدرش بيها. وأنتَ بدأت بالخيانة، واستمريت فيها. وفعلاً مهما زهرة حاولت تطهر العاصي، يفضل عاصي! مع السلامة، أشوف حسابي مع اللي مشغلك."
التفتت يمين وشمال، شافت ياسمين فوق، دايماً بتخطط وتدور على ضحية جديدة. طلعت وهي في قمة غضبها، وصرخت فيها:
"بعتِ ناس تقـ.ـتـ.ـلني يا ياسمين؟ إيه ده؟ أنتِ خسيسة ومعندكيش مبدأ!"
ياسمين رفعت إيدها عشان تضـ.ـر.بها، وشكلها كله غرور:
"مين اللي معندهاش مبدأ يا رميّة يا زبـ.ـا.لة؟ أنتِ فاكرة نفسك حاجة؟ فلوسي يا حلوة هي اللي عملتكِ، كنتِ شحاتة، دلوقتي جاية تعالي صوتك عليا وكمان تضحكي عليا وتقولي الكاميرا باظت، وأنتِ شالة الصور عشان تبتزيني، صح؟"
نيفين ضحكت وسألتها:
"وعرفتِ إزاي إني عملت كده؟ عندك دليل؟"
ياسمين ردت بعنجهية:
"طبعاً، فتحت حسابك، لقيت رسائل مسحتيها والشات الخاص!"
نيفين نفخت:
"يعني طلعتِ أنتِ اللي بتحكري صفحتي واخدة رقمي؟ اشبعي بيا! وا عـ.ـر.في، لو قربتِ من زهرة في الحفلة، هيكون حسابك معايا، مش معاها. مفهوم؟"
ياسمين صرخت:
"حفلة إيه يا أم حفلة؟ أنتِ بتتحديني؟"
نيفين ضحكت:
"دخلي الشات وشوفي ده عربون الخيانة."
ياسمين فتحت الجروب، شافت فيديو من تليفون زهرة، فيه كلام نيفين و ياسمين، نيفين بعتته بعد ما حملته من صفحتها، وكتبت لزهرة: "أنا كده بُريتك يا زهرة، أقدم أي كـ.ـلـ.ـب يقدر يفتح بوقه."
الفيديو كان فيه ياسمين وهي بتتفق بغضب:
"البت زهرة دي عاوزة أكسرها، ومش عارفة زياد يفضلها عليا ويقولي أنتِ للمتعة بس، وهي للجوز. أنا هوريه حبيبتي القلب وهي سمعتها في الأرض، وصورها منشورة في كل مكان."
 زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
نيفين سألتها وهي شايفة كاميرا بتسجل فيديو وصوت مستخبية في فازة ورد:
"صعب اللي بتطلبيه مني يا ياسمين . خرجي زهرة من دماغك، زهرة ملهاش في اللف والدوران، واعملي حسابك إنكم على فشوش زهرة، حفيدتي محمد الصعايدة مش حفيد عزيز! بلغِ المعلومـ.ـا.ت للناس اللي معاكي وخرّجيني من لعبتك."
ياسمين رفضت:
"لأ يا ماما، هتيجي على أهم دور في المشهد وتهربي. المطلوب منك من إدارة الجامعة ت عـ.ـر.في أي علاقة محمد الصعايدة بالدكتور منصور الله يرحمه، وعشان نعرف ده لازم تصوريها وهي في الحمام، وتكون الكاميرا موضحة كأنها بتصور نفسها."
نيفين شهقت:
"إدارة الجامعة طلبت نعمل كده مع زهرة؟ أنتِ بتهزرى صح؟ هو إحنا في جامعة ولا بيت دعارة؟ بعد كده محدش يثق يبعت ولاده على الجامعة دي!"
ياسمين زعقت فيها:
"إحنا عبد المأمور، هما عاوزين كده عشان يضغطوا على عائلة محمد الصعايدة، ومعرفش إيه السبب."
نيفين سألتها:
"بضميرك، عين في عينك كده."
الفيديو انتهى، مسح من مسؤول في جروب الإدارة.
ياسمين بصت لنيفين بغضب:
"أنتِ وقعتي نفسك في عش الدبابير يا نيفين!"
بعد شوية، جه رجال أمن الجامعة ودفعوا نيفين من الدور اللي فوق، وفجأة، 
نيفين كانت بتقع ،  ريحة الخوف ماليه،  وشها شاحب كأنه قطن،  عيونها مفتوحة على وسعها،  بتبص لتحت  للساحة  اللي تحتها  بصدمة.  كانت بتحس  بإحساس  غريب،  مزيج من  الخوف  والغضب  والنـ.ـد.م،  كل  شعور  بيحارب  التاني  جواها.  رجليها  كانت  بتترعش  ،  وإيدها  بتتصلب  من  شـ.ـدّة  الخوف.  في  لحظة  واحدة،  حست  انها ما بين السماء والأرض  طايرة  .  صرخت  صرخة  مبحوحة  من  الذعر،  عيونها  اتسعت  أكثر،  وشافت  الارض  بتقترب  بسرعة  مخيفة.  حست  بألم  حاد  في  كل  جـ.ـسمها  لما  اتصـ.ـد.مت  بالأرض،  رأسها  اتخبط  بصوت  مخيف،  والدوار  غطّاها  في  لحظة.  كل  شيء  حولها  بدأ  يضيع  في  ضباب  من  الألم  والظلام.  كانت  بتحس  بدم  دافئ  بيجري  على  وجهها،  والتنفس  صار  صعب  جداً.  آخر  شيء  حست  بيه  قبل  ما  تفقد  وعيها  هو  صوت  صرخات  الناس  حولها.
... 
صوت صرخة نيفين المبحوحة صدى في أرجاء الجامعة،  خلق حالة من الذعر والفوضى.  الطلاب والطالبات توقفوا عن كل ما كانوا بيعملوه،  عيونهم اتسعت  بصدمة،  ووجوههم  اتحولت  لألوان  شاحبة  من  الخوف.  بعضهم  جري  بسرعة  نحو  مكان  الصوت،  بينما  آخرون  تجمّعوا  في  مجموعات  صغيرة،  يتبادلون  النظرات  المُرعِبة  والهمسات  الخافتة.  بعض  الفتيات  بدأ  يبكين  من  الخوف  والصدمة،  بينما  البعض  الأخر  حاول  يُهدّئ  من  روعهن.  أحد  الأساتذة  جري  بسرعة  نحو  مكان  الحادث،  وجهه  يُعبّر  عن  القلق  والخوف،  بينما  آخرون  اتصلوا  بالإسعاف  والشرطة،  أصواتهم  مرتجفة  من  شـ.ـدّة  الخوف  والصدمة.  الجو  كان  مشحوناً  بالترقب  والقلق،  الجميع  ينتظر  بفارغ  الصبر  معرفة  ما  حدث،  بينما  أصوات  الصرخات  والبكاء  تُغطّي  على  كل  شيء.  حتى  أمن  الجامعة  وصل  بسرعة،  حاولوا  يُسيطروا  على  الفوضى  ويُهدّئوا  من  روّع  الطلاب،  لكن  الجميع  كان  في  حالة  من  الذهول  والصدمة  بعد  ما  شهدوا  المشهد  المُرعـ.ـب.
.حصل شيء كأنه قنبلة، دم في كل مكان، ياسمين اختفت وهي مرعوبة خايفة يكون الدور عليها، والصراخ والبنات بيتصلوا بالإسعاف.
خرجت زهرة من المستشفى هي وزينة، واتجهت للسكن. وصلت رسائل كتير على الواتس، واتصلت بنت منهم:
"أنتِ فين يا زهرة؟ وليه عملتي كده في نيفين؟"
زهرة استغربت:
"عملت إيه في نيفين يا مروة؟"
مروة تنهدت برعـ.ـب:
"قـ.ـتـ.ـلت نيفين!"
زهرة شهقت، وقع التليفون منها، زينة مسكته قبل ما يقع على الأرض، وزهرة بترتعش من الرعـ.ـب. زينة سألت مروة:
 ...(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى )...
خبر اتهام زهرة بقـ.ـتـ.ـل نيفين، رغم أنها ما كانتش موجودة معاها أصلاً، وقع عليها كالصاعقة.  انهارت تماماً، جـ.ـسمها كله اتشل من الصدمة،  رُكبتها  خارت  ووقعَت  على  الأرض،  أصابعها  اللي  كانت  بتتشبث  في  زينة  خارت  قوتها.  دمـ.ـو.عها نزلت بغزارة،  عيونها  اتحولت  لبحيرة  من  الدمـ.ـو.ع،  وشها  اتشوه  من  شـ.ـدّة  البكاء.  كانت  بتتنفس  بصعوبة،  صدرها  بيترجّع  من  شـ.ـدّة  الخوف  والصدمة،  جـ.ـسمها  كله  بيترعش  كأنه  ورقة  في  عاصفة.  كانت  بتحس  بإحساس  بالاختناق،  كأن  الدنيا  كلها  بتضغط  عليها  وتخـ.ـنـ.ـقها.  كل  كلمة  بتسمعها  كانت  بتزيد  من  معاناتها  وألمها.  حست  بأن  الدنيا  كلها  اتقلبت  عليها،  وأنها  مُحاطة  بالظلام  والعذاب.  كانت  بتتمنى  أن  تختفي  عن  الوجود،  أن  تنام  نومة  طويلة  لا  تستيقظ  منها  أبدًا.  صوت  بكائها  كان  بيُمزّق  القلب،  بينما  هي  بتُكرّر  بصوت  خافت  ومُتقطع:  "أنا  بريئة...  أنا  معملتش  حاجة...  أنا  بريئة..."،  كلمـ.ـا.تها  كانت  بتُعبّر  عن  يأسها  وخوفها  ومعاناتها.  كانت  زهرة  في  حالة  من  الانهيار  العصبي  الكامل،  جـ.ـسمها  متـ.ـو.تر  وترعش،  وجسدها  بيُعبّر  عن  معاناتها  وألمها.  كانت  صورة  لليأس  والحزن  والظلم،  صورة  ستبقى  منقوشة  في  أذهان  من  رأوها.
"أنتِ قولتي إيه لزهرة؟ خالتها في الحالة دي؟"
مروة بدأت تحكي اللي حصل: الكل بيتهم زهرة إنها اللي وقعت نيفين من الدور الثالث في الجامعة. زينة شهقت بصدمة:
"أنتِ بتقولي إيه؟ نيفين لسه مخلصة الجبيرة مكملتش نص ساعة وسابقتني!"
مروة سألتها:
"أنتوا فين دلوقتي؟"
زينة قالت: "في السكن."
مروة رفضت:
"لأ، اوعي تيجي. سافري بزهرة بسرعة، خليها في وسط أهلها، الأحداث اتحركت بسرعة، الفيديو اللي نزل على الواتس بحساب زهرة، والتسجيل بتاع نيفين اللي بتبرئ زهرة، ومكملتش خمس دقايق أتمسح الفيديو والتسجيل، وبعد كده تقع نيفين من الدور الرابع، الكل بيقول زهرة أجبرت نيفين تعمل كده، وبعتت رجـ.ـا.لة من الصعيد يقـ.ـتـ.ـلوا نيفين عشان صورتها."
زينة انصدمت بكل اللي قالته مروة، وقالت: "اقفلي يا مروة دلوقتي."
شافت زهرة الا قعدت على الأرض وهي منهارة وبتترعش، وبتقول: "أنا بريئة، أنا معملتش حاجة."
وصل الخبر للدكتور عاصي، حاتم اتصل بيه:
"أنت فين يا عاصي؟"
عاصي استغرب:
"موجود في البيت، أكون فين؟"
حاتم صرخ:
"الجامعة مقلوبة وبتقولي في البيت؟"
عاصي استغرب:
"مقلوبة إزاي؟ فهمّني."
حاتم بدأ يحكي اللي حصل، وبعت الفيديو والتسجيل، اتصور إن رقم زهرة اللي بعتته، وإنها المتهمة الأولى في القضية. عاصي اتصـ.ـد.م وبخوف على زهرة:
 ...(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى حصريا )...
خبر اتهام زهرة  وصل لعاصي كالصاعقة،  أصابه  بصدمة  قوية  هزّت  كيانه.  شعور  بالغضب  والحزن  والقلق  غمر  قلبه  في  لحظة  واحدة.  اتّسعت  عيونه،  وجهه  اتحوّل  للون  شاحب،  وإيديه  بدأت  تترعش  من  شـ.ـدّة  الصدمة.  لم  يستطع  تصديق  ما  يسمعه،  زهرة  بريئة  في  نظره،  مستحيل  أن  تكون  مسؤولة  عن  ما  حدث.  شعور  بالظلم  والغضب  من  الظروف  اللي  حاصرت  زهرة  غمر  قلبه،  حالة  من  الغيظ  والاستياء  من  الناس  اللي  اتهموها  بدون  دليل  واضح.  قلقه  عليها  زاد  بشكل  مُخيف،  خوفه  عليها  تجاوز  كل  حدود  التفكير،  خاف  عليها  من  الظلم  والافتراء  اللي  قد  يُصيبها.  بدأ  يفكّر  بسرعة  في  طريقة  ليُنقذها  من  هذا  المأزق،  كيف  يُثبت  براءتها  ويُنقذها  من  اتهامـ.ـا.ت  باطلة،  كيف  يُحميها  من  الظلم  والافتراء.  شعور  بالغيرة  والحماية  غمر  قلبه،  رغبته  في  أن  يكون  بجانبها  وتُساندها  في  هذه  المحنة  زادت  بشكل  مُلفت.  كان  يُحاول  أن  يُسيطر  على  أعصابه،  لكنه  لم  يستطع  منع  الدمـ.ـو.ع  من  أن  تُغرق  عينيه،  ألم  الفراق  والظلم  والخوف  على  زهرة  حاصره  من  كل  الجوانب.  كان  عاصي  في  حالة  من  القلق  والخوف  والغضب  والحزن  في  آنٍ  واحد،  مُعانيًا  من  شـ.ـدّة  الموقف  ومُحاولًا  بكل  قوّته  أن  يجد  حلًا  لإنقاذ  زهرة  من  هذا  المأزق.
...(وصرخ بوجع )...
"أنت بتقول إيه؟ اقفل اقفل بسرعة."
حاتم قفل، وعاصي اتصل برقم زهرة، فضل يرن لحد ما فصل، وعاصي على أعصابه، عاد الاتصال مرة واثنين، وكل دقيقة بتعدي عليه بسنين. زينة ردت لما شافت رقمه وقالت:
"الحقني يا دكتور عاصي."
عاصي تنهد بخوف ولهفة:
"زهرة فين يا زينة؟ طمّنيني عليها."
زينة تنهدت:
"زهرة متشبثة على الأرض، وعندها انهيار عصبي، وسمعت إنها متهمة. ده خطة يا دكتور، خطة محكمة عشان يلبسوا زهرة تهمة."
عاصي طلب منها:
"ابعتيلي اللوكيشن، ومتتحركيش من مكانكم لحد ما آجي."
زينة وافقت، بعتت اللوكيشن وقفلت، وقعدت جنب زهرة، مسكت إيدها وفضلت تدعك فيها: "فوقي يا زهرة، بالله عليكي، زهرة أنتِ قوية، لازم نثبت براءتك، دي لعبة علينا، كانوا عارفين إنك الوحيدة اللي هتوديها المستشفى، خططوا صح عشان يصوروها خارجه معاكي، لازم نتصرف، بس أكيد كاميرات المستشفى هتثبت إنها خرجت لوحدها."
وصل عاصي، شاف زهرة وحالتها، وشها شاحب، عيونها محمرة من العـ.ـيا.ط، متشبثة زي الصنم. اقترب منها ونظر لها: "مهندسة زهرة، فوقي بالله عليكي، أنا معاكي وهساعدك." زهرة كانت بتسمع صوته، لكنها كأنها في دنيا تانية.
عاصي طلب من زينة:
"امسكيها معايا، لازم تركب العربية، وأخدها في مكان محدش يعرفه لحد ما نفكر نعمل إيه."
زينة رفضت:
"ليه زهرة تهرب؟ هي معملتش حاجة، هي بريئة، كل اللي بيحصل ده بسببي أنا."
عاصي استغرب كلامها:
"مش وقتنا نرجع نرجع نرجع نرجع تهم عليك أو عليها، لازم تيجي معايا وأنا هكلم جدها."
زينة هزت راسها بالنفي:
"لأ، طبعاً هما عملوا كده عشان يبتزوا جدي محمد عشان ميعترفش بالحقيقة لجدّي عزيز."
عاصي استغرب كلامها: "واضح الصدمة أثرت عليكي. نركب طيب عشان أنتم قريبين من السكن، وممكن لو بيدوروا عليها يوصلوا لها."
ركبو العربية، زينة بتعتذر:
"أنا أسفة يا زهرة، أنا اللي دخلتك في الدوامة دي، ياريت ما كنتش أقنعتك نيجي الجامعة هنا، ليه سمعت كلامي؟ ليها حلمت معايا إني أترمى في حـ.ـضـ.ـن جدي ويقولي أنا حفيدتك، أنا بنت منصور العزيز."
عاصي فجأة فرمل:
"أنتِ بتقولي إيه؟ هو خالي منصور عنده ولاد؟"
 ...(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى )...
خبر أن زينة بنت خاله منصور  ، صدم عاصي  بشـ.ـدة،  أكثر من صدمة اتهام زهرة.  شعور  بالدهشة  والصدمة  والارتباك  غمر  قلبه  في  لحظة  واحدة.  لم  يتوقع  هذا  الخبر  أبدًا،  لم  يخطر  على  باله  أن  يكون  له  صلة  قرابة  بزينة.  شعور  بالارتباك  والذهول  سيطر  عليه،  لم  يستطع  تصديق  ما  يسمعه،  حالة  من  الذهول  والحيرة  غمرت  ذهنه.  ،  منظور  صلة  القرابة  اللي  تجمعهم.  شعور  بالمسؤولية  والحماية  زاد  بشكل  كبير،  لم  يكن  يُفكّر  في  إنقاذ  زهرة  فقط،  بل  أصبح  يُفكّر  في  حماية  زينة  أيضًا.  بدأ  يُحلّل  الأحداث  من  جديد،  حاول  يفهم  دوافع  زينة  وأفعالها،  حاول  يُفهم  الخطة  المُحكمة  اللي  تمّ  تنفيذها  ضدّ  زهرة.  شعور  بالدهشة  والتعاطف  غمر  قلبه،  تعاطفه  مع  زينة  زاد  بشكل  كبير،  أصبح  يُفهم  أكثر  ألمها  ومعاناتها.  كان  عاصي  في  حالة  من  الارتباك  والدهشة  والمسؤولية،  حالة  مُعقّدة  من  المشاعر  غمرت  قلبه  بعد  ما  عرف  بصلة  القرابة  اللي  تجمعه  بزينة.  أصبح  يُفكّر  في  كيفية  حماية  كلا  من  زهرة  وزينة،  وكيفية  كشف  الحقيقة  وإنقاذهما  من  المأزق.
...زهرة العاصي )...
زينة بصت له بصدمة: "أنت ابن عمتي سلمى؟"
استمرت النظرات والصدمة لبعض، لحد ما سمعوا صوت عربية الشرطة، عاصي ساق العربية وطلب من زينة:
 ...(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى )...
خبر أن عاصي ابن عمتها سلمى،  وقع على زينة كالصاعقة.  لم تتوقعه  أبدًا،  صدمتها كانت أكبر من صدمة اتهام زهرة.  عيونها اتسعت  بشـ.ـدة،  فمها  انفتح  من  الدهشة،  وجسدها  اتصلب  من  الصدمة.  لم تستطع  تصديق  ما  سمعت،  شعور  بالذهول  والارتباك  غمرها  في  لحظة  واحدة.  عاصي،  اللي  اول مرة تشوفه يطلع ،  ابن  عمتها!    صلة  القرابة  اللي  تجمعها  بعاصي.  أصبحت  تُفكّر  في  كيفية  التعامل  مع  الموقف  وكيفية  مساعدة  كلا  من  زهرة والاستعانة ب  عاصي    للخروج  من  هذا  المأزق.  أصبحت  تُدرك  أن  الموقف  أصبح  أكثر  تعقيدًا  من  قبل،  وأن  عليها  أن  تكون  حذرة  في  خطواتها  القادمة.
...(فاقت على صريخ عاصي )...
"اتصلي بجد زهرة ضروري يا زينة."
نظرت له زينة ب استفهام  سألته:
"ليه يا دكتور عاصي؟ جدها وأهلها صعبانين جداً، وممكن يجبروها تتجوز بعد اللي حصل."
عاصي انصدم وهو بيشعر بالغيرة:
خبر إجبـ.ـار أهل زهرة لها على الزواج،  أثار في عاصي  مزيجًا  قويًا  من  المشاعر.  أولاً،  شعور  بالغضب  والاستياء  من  هذا  الظلم  اللي  يُمارَس  ضدّ  زهرة،  غضب  من  قسوة  أهلها  وقسوتهم  عليها.  ثم  شعور  بالقلق  والخوف  عليها،  خوف  من  أن  يُجبرها  أهلها  على  زواج  لا  تريده،  زواج  قد  يُدمر  حياتها  وسعادتها.  لكن  الأهم  من  ذلك،  هو  شعور  بالغيرة  الحادة  والقوية،  غيرة  تُمزّق  قلبه  وتُعذّبه.  غيرة  من  فكرة  أن  زهرة  ستتزوج  رجلًا  آخر،  رجلًا  لا  يستحقها،  رجلًا  لا  يُحبها  بقدر  ما  يُحبها  هو.  هذه  الغيرة  كانت  مُمزوجة  بألم  الفراق  والخسارة،  ألم  فكرة  أن  زهرة  ستكون  مع  رجل  آخر،  ستُشارك  حياتها  مع  رجل  آخر،  ستُعطي  حبها  لشخص  آخر.  كان  هذا  الشعور  يُعذّبه  ويُمزّقه  من  داخله،  يُشعره  بالضعف  والعجز  أمام  قوة  الظروف  وأمام  إرادة  أهل  زهرة.  كان  يُحاول  أن  يُسيطر  على  مشاعره،  لكنه  لم  يستطع  منع  الغيرة  من  أن  تُسيطر  عليه،  غيرة  مُمزوجة  بألم  الفراق  والخسارة  والعجز.  كان  يُدرك  أنه  يُحبّ  زهرة  بجنون،  ويُدرك  أنه  لا  يستطيع  أن  يفعل  شيئًا  ليُنقذها  من  هذا  المأزق،  إلا  أن  يُحاول  بكل  قوّته  أن  يُثبت  براءتها  ويُنقذها  من  اتهامـ.ـا.ت  باطلة،  ليُنقذها  من  زواج  لا  تريده.
...(بعد كل الأفكار الا كانت فى عقله سال زينة  )...
"هو موضوع الجواز ده حقيقة؟ أنا مصدقتش جدي لما حكى لي، المهم اتصلي بيها وافتحي الاسبيكر، لازم نفهم الناس دي عملت كده ليه، أكيد السر عند جد زهرة."
يتبع...
في بيت جد زهرة - بيت قديم بطابع ريفي هادي - الساعة 7 مساءً
الجو كان هادي في البيت، جدها محمد قاعد على الكرسي الخشبي العتيق في البلكونة بيشرب شايه، وأم زهرة في الصالة بتطوي هدوم زهرة القديمة اللي كانت سايبها وراها.
وفجأة... صوت خبطة عنيفة على الباب.
صوت خشن من برّه:
ـ افتح! شرطة!
الجد (اتنفض من مكانه):
ـ شرطة؟ خير يا ولاد!
فتح الباب وهو قلبه بيخبط... أربع ظباط دخلوا ومعاهم أوراق وتفتيش واضح.
الضابط (بجدية):
ـ إحنا جايين ندور على زهرة صالح محمد عبد الرحيم الصعيدي ... متهمة في جريمة قـ.ـتـ.ـل!
الأم (وقعت الهدوم من إيديها):
ـ قتـ... إيه؟! بنتي؟! مستحيل! مستحيـــــل!
الضابط:
ـ التحقيقات والأدلة بتقول إنها آخر واحدة شوهدت مع المجني عليها... في المستشفى وتم العثور على أدلة تشير ليها.
من رسالة بصوت المجني عليها بتليفونها
وخروجهم مع بعض من المستشفى ودخلوهم للجامعه
الجد (بعصبية وارتباك):
ـ يا باشا، بنتي تربت على الطهارة والخير... دي لو شافت نملة بتتوجع ممكن تبكي!
الضابط (بحزم):
ـ الكلام ده هنسمعه في القسم... احنا هنا بتصريح رسمي بالتفتيش، وهنفتش البيت بالكامل.
الأم (بصوت عالي، وبتهتز):
ـ بنتي بريئة! دي صاحبتها كانت زي أختها! كانوا بيأكلوا مع بعض في طبق واحد! وفعلا راحت معها عند الدكتور لم وقعت اقدم الجامعة
رد الضابط بحزم
ما ده دليل يا فنـ.ـد.م انهم كانوا مع بعض طول الوقت
فجأة... اتغير لون وشها ورده ، إيديها رجفت، ووقعت على الأرض مغما عليها.
الجد (صرخ):
ـ يـــــا ساتر! وردة ! حد يلحقني يا ناس!
الشرطة كملت التفتيش، دخلوا أوضة زهرة، قلبوا الدولاب، قلبوا المرتبة، فتحوا الشباك... والضابط بدأ يسأل:
الضابط:
ـ هي فين دلوقتي؟ آخر مرة شفتوها إمتى؟
الجد (وهو بيبكي وهو بيحاول يصحي الأم):
ـ هى لسه معودتش من الجامعه يا فنـ.ـد.م ..
كانت متفقة مع ولدته، هتعود هى وصاحبتها زينة...
رد الضباط 
 بس زينة كمان مش عارفين نوصلها!
ضابط تاني (وهو بيقلب في شنطة):
ـ لقينا ورق، فيه ملاحظات عن الجامعة وعن أسماء ناس هناك... شكلها كانت بتتبع حاجة.
الضابط الأول (بجدية):
ـ لو مش متورطة، فهي في خطر... ولو متورطة، لازم تتسلم حالًا.
أي حد يتستر عليها هيبقى شريك.
الجد سكت، ودمـ.ـو.عه نازلة بصمت... كان حاسس بعجز لأول مرة في حياته. الأم لسه مغمى عليها، والبيت بقى مليان رجال شرطة، والهواء تقيل، زي كأن الحيطان نفسها بتصرخ.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
حصري
الضابط:
ـ لو ظهرت، لازم تبلغونا فورًا... وإلا هتتحاسبوا.
خرجوا بعد ما سابوا البيت فوضى... والجد وقف يبص وراه، وقال بصوت مكسور:
الجد (لنفسه):
ـ مين ظالمك يا بتّي؟ ومين حطك في السكة دي؟!
بس والله ما هسيبك ، وهجيب حقك... حتى لو آخر نفس في صدري.
الجد قاعد جنب الأم وهي لسه مغمى عليها، بيحاول يفوقها، والدنيا ساكتة إلا من صوت أنين خافت.
وفجأة الباب اتفتح بعنف، ودخل أبو زهرة، صوته سبق خطواته.
الأب (بصوت عالي وهو بيزعق):
ـ قولتلكم! قولت من زمان يا جدعان! لا تعليم ولا جامعة ولا علام، كلو وجع قلب وفضايح!
ولو كانت اتجوزت سليم واتسترنا، بدل ما كل يوم صحف وشرطة وقرف!
الجد (قام واقف بصعوبة، بعصبية):
ـ استهدى بالله يا راجـ.ـل! دي بنتك! وبعدين سليم ده كان حيخرب حياتها... ده انت عارفه كويس!
الأب (بعصبية وهو بيشاور على أوضة زهرة):
ـ حياتها إيه اللي خربت خلاص؟! الشرطة جت تدور عليها في البيت!
كل الجيران عرفوا! أهي أمها وقعت قدام عينينا من الصدمة!
الجد (بص له بحزن وغضب):
ـ وبعدين يعني؟ نرميها؟ ولا نبيعها عشان نرتاح؟ دي مظلومة يا بني! البت في ورطة واحنا لازم نحميها!
الأب (اتنفس بغل وهو بيبص في الأرض):
ـ لو كانت سمعتي كلامي من الأول، مكنش ده حالنا!
كان زمانها في بيت جوزها، لا حد شافها ولا حد لمسها، بدل ما تتهم في جريمة قـ.ـتـ.ـل!
الأم بدأت تفوق، وعينيها بتدمع وهي تهمس:
ـ كفاية... كفاية يا صالح .. دي زهرة بنتنا، مش مجرمة. البنت طيبة... وعمرها ما تؤذي نملة.
الأب (رجع خطوتين وبدأ صوته يهدى شويه):
ـ طيبة؟ طيبة في الزمن ده بتتداس...
أنا راجـ.ـل، ومكسور، لما أشوف بيتي متبهدل كده!
بس... بس هعرف أتصرف... لو ما رجعتش النهاردة، هروح أدوّر عليها بنفسي، حتى لو في آخر الدنيا! وابن عمها يلقيها ويتجوزها
وهجيب دليل انها كانت في بيت جوزها
الجد (بصرامة):
ـ وإوعى تمد إيدك على البنت لو لقيتها... أنا اللي مربّيها، وأنا اللي هتصرف، فاهم؟
متتصرفش من نفسك
سكت الكل، والجو بقى تقيل... وكل حد فيهم شايل جبل من الهم، بس بطريقة مختلفة.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
حصري
عاصي  كان بيسوق قلبه  مليانة وجع على زهرة ، بس عقلها كان بيصـ.ـر.خ من الحيرة :
"أكيد في سر... والسر ده عند جدي زهرة ، لازم نتكلم معاه ونفهم منه إحنا نعمل إيه."
زينة هزّت راسها بالموافقة:
ـ عندك حق... أنا هتصل بيه وهخليكي تكلّميه.
وبدأت فعلاً تتصل، وسرعان ما رد الجد بصوت فيه لهفة:
ـ فين زهرة؟! وليه الشرطة جت تدور عليها؟!
شهقت زينة برعـ.ـب:
ـ يعني لحقوا يجوا عندك؟! يبقى كده الموضوع متدبّر، وعايزين يتهموا زهرة بأي طريقة!
سألها الجد:
ـ إنتي فين دلوقتي يا بت؟ وإيه اللي حصل؟
بدأت زينة تحكي كل اللي حصل، وبعدها أدت التليفون للدكتور عاصي.
ـ إزيك يا حاج محمد؟ زي ما قلتلك قبل كده، أنا ابن بنت الدكتور عزيز، بس محدش يعرف حاجة عني.
رجعت بطلب من جدي، عشان أظبط أمور الجامعة، بس ماكنتش متخيل إن الدنيا معكوكة كده.
دلوقتي أنت كمان طلع ليك تار، والناس دي عايزين يبتزوك بأي طريقة.
وزي ما فهمت من زينة، بدأوا يوقعوا زهرة بــــاسم الحب، ولما فشلوا، حاولوا يفـ.ـضـ.ـحوها...
سلّطوا عليها بنت تسمّمها، وبعدها قـ.ـتـ.ـلوها واتهموا زهرة بيها!
إيه اللي عندك مخليهم عايزين يبتزوك بالطريقة دي؟!
غير إن زينة تكون بنت خالي وإنت مخبّي عليه؟
بلع الجد ريقه وقال:
ـ ممكن أتكلم مع حفيدتي واطمّن عليها؟
تنهد عاصي، كأنه بيتهرب:
ـ أوكي... بس هي منهارة، ومش عارف أوديها لدكتور ولا نخبّيها لحد ما نفهم.
ألحّ الجد:
ـ ردّ عليّا يا ابني... حط السماعة على ودن حفيدتي وسيب الباقي عليا.
هزّ عاصي راسه، وأعطى الهاتف لزينة، اللي حطته على ودن زهرة.
كانت سمعه كل كلمة، بس كأنها في عالم تاني.
سمعت صوت جدها:
ـ حديتيني يا بتي؟ ردّي على جدك الشايب!
أوعي تنكسري أو تتهزمي! وراك جدك، مفهوم؟ فوقي يا بتي عشان تجيبي حقك!
نزلت دمـ.ـو.ع زهرة، وبدأ وعيها يرجع:
ـ أنا بريئة يا جدي... معملتش حاجة.
تنهد الجد وقال:
ـ إحنا عارفين يا بتي، وإحنا دخلين على معركة كبيرة، وكان لازم يبقى فيها ضحايا...
بس هما ميعرفوش إنهم اتحدوا مين. نهايتهم على إيدينا.
زهرة بصّت لهاتف بدمـ.ـو.عها:
ـ خبّرني يا جدي... أعمل إيه؟ أتصرف إزاي؟
رد الجد:
ـ اطلعي على الفيوم، عند عمك الدكتور عبد الله.
إنتي عارفة مكانه، اقعدي معاه واحكي له كل اللي حصل، وأنا هاجي وراك.
زهرة قالت بقلق:
ـ إزاي أسافر والشرطة بتدور عليا؟ أكيد بيراقبوا كل الطرق.
عاصي انصدم وسألها:
ـ هو طلب منك تروحي للدكتور عبد الله؟ صح؟
زهرة هزّت راسها بــــاستغراب:
ـ إنت عرفت منين؟
طلب منها التليفون، وبدأ يتكلم مع الجد:
ـ ليه الدكتور عبد الله بالذات؟ ينفع يفيدنا بإيه دلوقتي؟
رد الجد بصوت هادي:
ـ هناك هتفهم كل حاجة... اتكل على الله وطمني أول ما توصل.
قفل عاصي التليفون، وادّاه لزينة، وبص لزهرة:
ـ واضح إنك عارفة حاجات أكتر...
وأكيد الموضوع مش إنك قفشتي حبيبك مع بنت تانية!
الموضوع أكبر من شوية تنمّر بين البنات!
قوليلي، إيه اللي حصل بالضبط؟
تنهدت زهرة وقالت:
ـ لما جيت الجامعة، كنت جاية أكمل تعليمي، وكمان علشان زينة تكون في المكان اللي دمّر مستقبل أمها زمان... وكنا عايزين نكشف الأسرار.
زينة كملت وهي مكسوفة:
ـ زي ما هما كانوا بيلعبوا، إحنا كمان لعبنا... وجمعنا أدلة ضدهم، بس غلطة الشاطر بألف!
عاصي استغرب:
ـ يعني إنتوا كشفتوا حاجة على الإدارة؟ وعلشان كده عايزين يخلصوا من زهرة؟
بس إيه اللي انكشف في جامعة خاصة؟!
زينة تنهدت:
ـ الجامعة مجرد واجهة... لكن وراها تجارة أعضاء في مستشفى الجامعة.
زهرة كملت:
ـ ومش بس كده، مشاريع الطلبة في كلية الهندسة بيستولوا عليها، ويبعوها لبرّا بدل ما البلد تستفيد منها!
زينة قالت بصوت مهزوز:
ـ غير الدعارة المقنّعة... البنت اللي تسيب نفسها، خلاص انتهت!
وبيسجلوا فيديوهات ويبعوها على الدارك ويب!
عاصي اتصـ.ـد.م، وبص ليهم وهو مش مصدق...
ضغط عاصي على الفرمرر فجأه ، حاطط إيده على دماغه، وصوته طالع بمرارة:
عاصي:
ـ يعني إحنا مش قدام فساد... ده مستنقع كبير، واللي بيغرق فيه ملوش طوق نجاة!
زينة (بحزم):
ـ لا، فيه طوق... بس لازم نوصل للناس اللي تقدر تحمينا، مش الناس اللي بتتفرج علينا وإحنا بنغرق.
زهرة (بصوت مهزوز):
ـ هو كريم... الدكتور كريم كان معانا، وبدأ يجمع أدلة... بس لما اختفى، حسيت إني لوحدي.
عاصي (بحدة):
ـ لازم نلاقي كريم... هو المفتاح!
زينة:
ـ عندي إحساس إنه لسه عايش... يمكن متخفي، ويمكن مستني اللحظة الصح!
عاصي:
ـ طب اسمعوا... مفيش وقت.
هنروح الفيوم، بس مش من طريق واضح.
أنا هكلم واحد صاحب أبويا، عنده مزرعة على الطريق الصحراوي، هنبات هناك، وبعدين نتحرك من طريق خلفي، نوصل عند الدكتور عبد الله.
زهرة (بحذر):
ـ ولو الطريق مترقب؟
عاصي (بثقة):
ـ لو مترقب... هنتصرف، نوصل الأول فى امان
بعد ساعات من السفر المنورة والهروب من اي كمين
دخلوا المزرعة، والهواء كان نقي، والمكان هادي، لكن شعورهم كان عكس كده تمامًا. الزمان كان ضبابي، والحياة مش واضحة قدامهم.
الراجـ.ـل اللي استقبلهم، كان شكله جدع، وعرفهم بنفسه:
الراجـ.ـل:
ـ أهلاً بيكم في مزرعتي... خلوني أقول لكم إزاي نقدر نساعدكم هنا.
عاصي:
ـ شكراً ليك، ربنا يخليك. إحنا محتاجين فترة أمان... لو تقدر تساعدنا.
دخلوا جوا البيت البسيط، وكان فيه شوية غرف، وريحة القهوة لسه طازة في الأجواء. زهرة كانت مرهقة، جالسة على طرف الأريكة، وعينيها مليانة قلق، مش عارفة تتوقع إيه الجاي.
عاصي وقف جنبها، وأخذ نفس عميق، عينيه كانت مليانة جهد، لكن كان فيه شيء تاني... حاجة مش واضحة في عينيه.
عاصي (بصوت هادي):
ـ إنتي كويسة؟
زهرة (بتنهد):
ـ مش عارفة... وكل ده ليه؟ ليه حصلنا رغم البحث كان فى الخفاء او كنت متصورة كدة
عاصي قعد جنبها، وحط إيده برفق على يدها، كأنها لمسة تطمئن، مش بس لمسها جسديًا، لكن كان فيه حاجة أعمق. هو حس إن الدنيا مش هتسكت عنهم بسهولة، لكنه كان عايز يطمّنها.
عاصي (بهدوء):
ـ زهرة... كل حاجة هتتظبط، بس خليكي قوية. إحنا مع بعض، وده أهم شيء.
زهرة بصت له، وفي عينيها كانت ملامح الحزن مخلوطة بشعور من الأمان اللي ما حستش بيه قبل كده. كانت لأول مرة تحس إن في حد بيحارب عشانها من غير ما يتوقع مقابل. ومن غير ما يكون يعرفها
زهرة (بهمس):
ـ أنا مش قادرة أصدق إنت ازى كدة من اول يوم شفوتك فيه وانت قاعد خايف عليا
وفضلت مستنى  رغم انك مت عـ.ـر.فينش
، وتابعتنى  وانقذتنى من اول مكيدة ليهم
عاصي (مبتسم بتواضع):
ـ لو مكنتش جنبك، كنت حسيتي بالوحدة، وأنا مبحبش أشوفك لوحدك... مش في الوقت ده على الأقل.
زهرة شعرت بشيء غريب في قلبها، مش بس لأنه عاصي كان معاهم، لكن لأنه كان فاهم ألمها. شعرت بشيء من الراحة، وحسّت إنها مش لوحدها في المعركة دي.
وقفت زهرة على رجلها ببطء، عينيها ما زالت مش مركزة، وكان واضح إنها مش قادرة تتحمل التـ.ـو.تر أكثر من كده.
زهرة (بصوت منخفض):
ـ عاصي... حاسّة إن كل حاجة ضايعة، وكل شيء حوالينا مش مظبوط. بس لحظة زي دي... لما شفتك، حسّيت بشوية سلام.
هل ممكن... تخليني أحس إن كل ده هيتحل؟
عاصي بص لها، كان بينه وبين نفسه عارف إن اللحظة دي مش هتكرر بسهولة، وكان عارف إن في حاجة جوا قلبه بقت واضحة. هو مش بس بيحارب عشانهم، لكنه كان بيحارب عشان حاجة أكبر... عشانهم هما.
عاصي (بتأمل):
ـ هتحسي بالسلام يا زهرة، أكيد... مش كل حاجة هتظل زي ما هي دلوقتي. لكن احنا هنواجه مع بعض.
زهرة حسّت بشيء في عينيه، شعور كان بيكبر جواها، وكان واضح إنه مش مجرد كلام. كانت نظرة مشاعر حقيقية، نظرة حب بدأت تشرق بين سطور كلمـ.ـا.ته.
زهرة (همس):
ـ شكراً... على وجودك جنبي.
وقتها، شعرت زهرة بشيء مميز في قلبها، شيء جديد، وعي جديد بالعالم وبالناس. يمكن كانت مش عارفة النهاية، لكن لحظة هنا... مع عاصي، كان عندها يقين إن الأمل لسه موجود.
عاصي (مبتسم بخجل):
ـ ده وجبي وزى ما كنت بتحاربي عشان حاجة متخصيكيش مجرد مساعدة ل زينة لكن سهلت عليا المهمة لكن الا مشي فاهمه ليه سر زينة مستخبي
فجأة، سمعوا خبطة خفيفة على باب البيت ، وكلهم جمدوا في مكانهم.
عاصي قام بسرعة، وراح ناحية الباب بخطوات محسوبة، ووشه اتغير، كله تـ.ـو.تر وتركيز.
عاصي (بهمس):
ـ مـ.ـا.تتحركوش... ممكن يكون حد بيراقبنا!
وقف جنب الباب وسأل بصوت وا.طـ.ـي:
ـ مين؟
تتبع
رد عاصي بصوت من وراء الباب، سمع صوت رجل كبير:
ـ أنا يا ابني... عمك شعبان.
فتح عاصي الباب بحذر، وطلع بره.
كان الشخص جاب ليهم أكل   عشان يأكلوا.
وشنطة هدوم للبنات ول عاصي زى ما اتفق معه لكن نسي عاصي فتح الباب بحذر، وطلع شوية بره. كان عم شعبان ، وجهه بيشع برقة وحب، شايل معاه كيس مليان أكل. الراجـ.ـل ابتسم بلطف وهو بيقول:
ـ دي شوية أكل جبتلكم إياه... شوية شاي مع فطير وصاج، كله لسه طازة. قولت أجيبه قبل ما تأخر عليكم.وشنط الهدوم الا طلبتها منى احطها فين 
ابتسم عاصي ورد  (بهدوء):
ـ جزاك الله خير يا عم شعبان، حطهم فى شنطة العربية عشان نمشي فى اي وقت 
كشر شعبان وساله 
ليه يا ابنى بسرعة كدة 
وضح عاصي 
معلش يا عم شعبان  ، احنا في وضع حساس دلوقتي.
عم شعبان (بابتسامة عميقة):
ـ أعرف يا ولدي، بس مش هسيبكم تتعبوا... الراحه في الأكل الطيب. خدوا اللي محتاجينه.
اطمنت زهرة (بصوت هادي):
ـ شكراً ليك يا عم شعبان... الله يخليك.
زينة (بتشكر):
ـ ربنا يبـ.ـارك فيك.
عاصي كان اخد الكيس من إيد عم شعبان، وراح على الطاولة عشان يفرغ فيه الأكل.
كان في حاجة غريبة في الجو، الكل كان في حالة من الترقب، واللحظة كانت مليانة تـ.ـو.تر لكن كمان إحساس غريب بالأمان.
عاصي رجع للداخل، وبدأ يوزع الأكل عليهم.
زهرة كانت قاعدة على الكرسي، والهمسات الصغيرة بين عينيها وعينيه كانت تحمل مشاعر مش متوضحة، لكن في قلب كل واحد منهم كان فيه لحظة سكون، زي ما لو الزمن وقف عندهم.
عاصي (بهدوء، وهو بيحاول يكسر التـ.ـو.تر):
ـ كلوا، علشان تبقوا في أتم استعداد. ممكن نحتاج طاقة في الأيام اللي جاية.
زهرة لمحت نظرته، واللي كانت كفاية علشان تحس بحاجة غريبة جواها.
إحساس مش واضح، لكن حقيقي... كأنها تايهة، كأنها كل مرة بتحاول تهرب من حد تروح تقع في حـ.ـضـ.ـن حد تاني.
سكتت شوية، وبعدها قالت بصوت وا.طـ.ـي، وعينيها في الأرض:
زهرة (بهمس):
ـ إحنا آسفين يا دكتور عاصي... دخلناك في دوامة، ومش عارفة إيه اللي جاي. يمكن مكاننا هنا مش صح... يمكن كان لازم نرجع عند أهلنا، أو حتى السجن أهون.
عاصي استغرب تغير نبرتها، لكنه حس بالخوف اللي في كلامها، واتكلم معاها رسمي زي ما هي بدأت:
عاصي (بهدوء، وهو واقف):
ـ متقلقيش يا آنسة زهرة، مفيش حد هيوصل للسجن. إحنا بنجمع الخيوط، وكل حاجة هتوضح قريب. وأنا معاكم خطوة بخطوة.
زهرة سكتت، وحاولت تهرب من نظرته، وبصت في طبقها.
عاصي وقف يراقبها شوية، وقلبه تقيل، مش قادر يفهم ليه بتهرب بالشكل ده.
عاصي (بصوت منخفض):
ـ أنتي كويسة يا آنسة زهرة؟ الأكل مش عاجبك؟
زهرة اتلخبطت من قربه، وشربت الشاي بسرعة.
لسانها اتلسع، بس ما نطقتش. عاصي لاحظ، لكن سكت. وبعدها، قام وراح قعد في كرسي بعيد.
زينة (بقلق):
ـ مالك يا زهرة؟ بتفكّري في إيه؟
زهرة قربت منها، وتنهدت:
زهرة (بهمس):
ـ أنا مش مرتاحة في الوضع ده... داخلة أوضتي.
قامت بهدوء، وطلعت ودخلت  أوضتها، وقفلت على نفسها.
قلبها بيدق كل ما تفتكر نظرته. إزاي سمحت له يمسك إيدها؟ إزاي وفقت تيجي معاه هنا أصلاً؟ أسئلة كتير بتخبط في عقلها، والشك ماليها.
دخلت الحمام وهي مرعوبة يكون فيه كاميرات... الثقة معدومة في كل اللي حواليها.
فتحت الدش وهي لابسة هدومها، المية نازلة على حجابها وهدومها، كأنها بتحاول تغسل التـ.ـو.تر والخوف اللي ماليها، وكمان بتطهر عشان تصلي. 
عاصي (بصوت وا.طـ.ـي، بيكلم زينة):
ـ ممكن تروحي تشوفي زهرة؟ واضح إنها متـ.ـو.ترة جدًا.
فعلاً طلعت زينة عندها.
كانت زهرة خرجت من الحمام، والمية سايحة من هدومها على الأرض، والحجاب لزق في وشها، وحجابها تقيل من الميه. وقفت قدام الباب، بتبص حواليها في الأوضة، قلبها بيخبط بعنف. دورت بعينيها على أي هدوم تغيّر بيها، لكن مفيش...
قربت من الدولاب، فتحته بعصبية... مفيش ولا قطعة تخصها.
لا بيچامة، لا ترينج، ولا حتى فوتة.
زهرة (بصوت مكسور وهي بتهمس لنفسها):
ـ مش معقول... نسيت اني مجبتيش حتى هدومي؟ أنا فين؟ وليه هنا؟! وليه عملت في نفسي كدة؟!
قعدت على الأرض، ضهرها للباب الحمام ، ووشها بين إيديها.
المية كانت لسه بتنقط من هدومها، وبرودة الجو بدأت تتسلل لعظمها، بس اللي كاسرها مش البرد... ده الخوف، والضياع، وعدم الأمان.
بدأت دمـ.ـو.عها تنزل بهدوء... الأول دمعة، بعدها التانية، وفجأة انفجرت بالبكاء.
صوت بكاها كان مكتوم، بس مرّ، كأنه طالع من جرح قديم اتفتح تاني.
كانت قعدت زهرة على الأرض، زي الطفلة اللي مستخبية من كابوس، وهدومها المبلولة لازقة في جـ.ـسمها والمية بتمشي على البلاط تحتها، وبرودة البلاط بتزيد من رعشتها... بس الرعشة مش من البرد، دي من الخوف والخذلان.
زينة فتحت الباب بحذر، ووقفت لحظة تشوف المنظر... زهرة قاعدة على الأرض، منحنية، بتبكي ومش قادرة حتى تبص عليها.
اتخضت زينة من المنظر... نزلت جري على السلالم، وقلبها بيخبط.
زينة (بأنفاس متلاحقة وهي بتقرب من عاصي):
ـ دكتور. عاصي .. زهرة... زهرة
عاصي (استغرب خوفها وسأل بهدوء):
ـ مالها؟ فى ايه؟ حصل حاجة؟!
زينة (بتحاول تلم كلامها، بس صوتها كان باين عليه الارتباك):
منهارة جوا، قاعدة على الأرض، وهدومها مبلولة، واضح انها دخلت الحمام وهي لابسة هدومها، ولما خرجت ما لقتش حاجة تلبسها بعد ما استحمت... انا مرعوبة عليها بقيت تنهار من اقل حاجة.
عاصي أول ما سمع الجملة، عينه اتبدّلت... بص للباب للحظة، وبعدين من غير ما ينطق ولا كلمة، جري على العربية.
زينة وقفت مكانها مش فاهمة، وبعد دقايق، رجع عاصي وهو شايل شنطة صغيرة لونها غامق، ومدّها لها من غير ما يتكلم.
زينة (بــــاستغراب):
ـ دي إيه؟!
عاصي (بهدوء، ونظره رايح على السلم لفوق):
ـ هدوم... كنت متوقع إنكم هتحتاجهم. وطلبت من عمى شعبان .. يجبهم.
زينة بصت له مستغربة، بس في عينها كان فيه احترام... لأنه فهم.
زينة (بهمس وهي بتاخد الشنطة):
ـ شكراً...
طلعت زينة (بصوت أهدى):
ـ زهرة... معايا هدوم ليكي، الدكتور عاصي كتر خيره عمل حسابه وبعت جابهم. تحبي أسيبهم على الباب؟
زهرة سكتت شوية، وبعدها قالت بصوت مبحوح:
ـ دخليهم... بس سيبيني لوحدي شوية.
زينة دخلت بسرعة، حطت الهدوم على الكرسي، وبصت لها بعين فيها شفقة.
كانت هتتكلم، لكن زهرة بصّت لها بعين كلها رجاء:
زهرة (بهمس):
ـ سيبيني شوية... بعدين نتكلم.
زينة خرجت، وقفلت الباب وراها بهدوء.
......
زهرة العاصي
الكاتبة صفاء حسني
حصري
قرار محمد. ان يخرج من البلد ويسافر عند عزيز ويوجهه.
وصل المكتب رحب بيه عزيز.
عزيز
تعبت نفسك يا حاج انا كنت هجى ليك.
وقف محمد اقدم الشباك.
الشمس داخلة من الشباك، ضاربة على وشه المجعّد، والوقت ساكن إلا من أنفاسه المتقطعة. قدّامه قاعد عزيز، باين عليه التـ.ـو.تر والنـ.ـد.م، لكن لسه مش فاهم الحقيقة كلها.
تشرب أيها يا محمد 
محمد (بصوت جهوري فيه مرارة، ولهجة صعيدي تقيلة):
ـ أنى خرجت من بلدى يا عزيز، وسايب ورايا الطين والغيط ، والناس، ... مش عشان أتفسّح، ولا أتهنّى... خرجت أدوّر على الحق، أبرّأ حفيدي اللي اتلوى ظهره من كتر الظلم، ومرات ابنك اللي راحت في حادثة متخطّطة ليها وابنك الا مـ.ـا.ت وكل ده وانت ساكت. 
عزيز بيحاول يرد، بس محمد بيرفع إيده يمنعه.
محمد (بحزم):
ـ لا تقاطعني... اسمع لآخر الكلام.
أنت كنت بتقول عندك مدارس، وجامعات، وشغل نظيف... وأهو الشغل النضيف طلع غسيل وسِخ، مافيا بتبيع الموت للعيال،وغيره من الأعمال الوسـ.ـخة ومين اللي بيغطي؟ أنت... يا عزيز، من غير ما تدري.
عزيز (بحيرة):
ـ بس أنا ماكنتش أعرف...
محمد (مقاطعًا، وبيقرب له بنبرة أعلى):
ـ ما تعرفش؟ تبقى مصيبة، ولو تعرف تبقى كارثة.
سعاد، بنت اخى ، اتقـ.ـتـ.ـلت بالحقيقة... اتخبطت من جوا، واتكسرت.
ومنصور،ولدك  راجـ.ـل زي الجبل، لكن بعد ما عرف ان حبيبته مـ.ـا.تت هى وبنتها وقع من طولُه، ولم فاق سافر يدور على إجابة، سافر بدمـ.ـو.عه وذكرياته، رجع مكسور،ولما خبرته ان بنته عايشة وفى امان 
ملحقش يتهنى ... سبقته رصاص الغدر من تانى. 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
عزيز (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ وقتها ماكنتش لسه عارف إن  هو اتجوز سعاد  علاقة بالقصة دي كلها...
محمد (بيهز راسه، وبيتكلم ببطء):
ـ أنا مش جاي أعاتبك... أنا جاي أفوّقك.
المافيا دي ما خلّتش حد، ما سابتش ضهر ما طعنتهوش.
منصور ساب وصية، كتبها بدم قلبه، وخلاها توصل لعبدالله، الولد اللي من ضهر راجـ.ـل، عشان يسلّمها لي، ويوصلها للي يستحق يعرف.
عزيز (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ وزهرة... تعرف إيه من كل ده؟
محمد (نظر له نظرة حزينة):
ـ البنت دي، دمها من دم منصور، وجدّها أنا.
ماينفعش تعيش في الضلال زيّنا. لازم نصلّح، قبل ما يجرفنا التيار كلنا.
محمد يسند على عصايته، ويبص له بعيون كلها حزم.
محمد:
ـ يا عزيز... لو ناوي تكفّر عن اللي فات، لازم تبدأ دلوقتي.
وإلا... التاريخ هيكتبك مجرم، حتى لو كنت تاجر مدارس.
---
رجع عاصي يقعد على الكنبة في الصالة، بس ماكنش شايف اللي حواليه.
عينه متعلقة بالسلم، وكأنها بتراقب كل صوت، كل حركة فوق. سحب نفس طويل، ومسح وشه بإيده. في اللحظة دي، الهدوء اللي في البيت ماكنش راحة... كان بيخبط في قلبه زي الطبول.
عاصي (بصوت داخلي، وعيونه شاخصة في الفراغ):
ـ أنا إيه اللي بيحصللي؟ ليه كل ما أقرب منها، بحس إني بخاف... بخاف عليها... وبخاف منها كمان؟
هي مش مجرد واحدة في قضية... مش ضحية... دي حطاني في وش المراية، شفت فيها حاجات كنت ناسيها.
وقف، وبدأ يمشي ببطء، إيده في جيبه، وصوته جواه بيزيد:
ـ هي مرعوبة... وأنا حاسس بده، بس مش قادر أطمنها...
مش عشان مش عايز، لأ...
عشان لو طمّنتها، أنا اللي هقع.
وهقع في إيه؟!
فيها؟
في الحكاية؟
ولا في اللي بيني وبينها ولسه ما اتقالش؟
وقف عند الشباك، وفتح ضلفة صغيرة، نسيم الليل دخل، خد أنفاسه معاه.
ـ زمان كنت بحط مسافة بيني وبين أي حد... ما ينفعش الدكتور يدخل عواطفه ف الشغل.
بس زهرة... زهرة مش حالة بدرسها...
دي حرب داخلي، كل مرة تبصلي كأني متشاف لأول مرة.
سحب كرسي، وقعد، وشبك صوابعه قدام بقه، وسرح في السقف:
ـ يا ترى فاكرة إمتى أول مرة قربت منها؟
كانت لما خافت... ودايمًا الخوف هو اللي بيخليني أقرب.
بس النهاردة... أنا اللي خايف.
سكت لحظة، وبعدها بص لنفسه في المراية اللي قصاده، وهمس كأنه بيكلم نفسه:
ـ دكتور عاصي... لو دخلت أكتر، مش هتعرف تطلع.
واللي بينك وبينها... لو ما حسمتوش دلوقتي، هيحسمك هو.
---
تمام، نكمّل المشهد دلوقتي بنزول زينة لعند عاصي بعد ما أدّاها الهدوم، وهي بتحاول تشرحله حالة زهرة وطبيعتها، وده جزء مهم يخلي عاصي يفهمها أكتر:
نزلت زينة من فوق بهدوء. كانت ملامحها لسه فيها أثر قلق، بس المرة دي فيه لمعة فهم مختلفة ف عينيها. وقفت قدام عاصي، وهو كان مستني أي كلمة تطمنه.
عاصي (بصوت هادي):
ـ هي كويسة؟
زينة (وهي بتحاول تختار كلمـ.ـا.تها):
ـ آه... بس... لازم تعرف حاجة يا دكتور.
عاصي بص ليها باهتمام، وزينة خدت نفسها، وابتدت تحكي وهي قاعدة قصاده.
زينة:
ـ زهرة مش زي أي بنت... دي شخصيتين في جـ.ـسم واحد.
يعني مرة تلاقيها هادية، متدينة، بتحط حدود لكل حاجة، ومش بتقبل الغلط...
وبعد شوية... تلاقيها طفلة، تضحك وتحكى، وتقول نكت، وتغني، وتقلش كأنها نسيت كل الهم.
ولو حست بحاجة... مثلا حب، حزن، تـ.ـو.تر، أو حتى تضعف...
هتنتقد نفسها بعدها، وتلوم نفسها إنها سمحت للمشاعر دي تدخلها.
عاصي (باندهاش بسيط):
ـ يعني... جواها صراع؟
زينة (بابتسامة خفيفة):
ـ لأ، هو مش صراع... دي زهرة.
برجها جوزاء... موليد شهر خمسة 24/5 وبرج الجوزاء عمرهم ما كانوا سهلين.
عندهما قلبين، وعقلين، وروحين في نفس الجسد.
زي زهرة كده.
مرة تلاقيها بتجري تنقذ حد، ومرة تلاقيها بتستخبى من الحياة كلها.
هي كده... بتخاف تتعلق، وبتخاف تبعد.
عاوزة تحب، لكن أول ما تحس إنها قربت... تهرب.
سكتت زينة لحظة، وبعدين كملت بنبرة أهدى:
ـ إنت قربت منها... وده بيخوفها أكتر ما بيريحها.
لو عاوز توصل لها... متضغطش عليها، متسألهاش ليه بتبعد.
خليك بس موجود... وهي هتفتحلك الباب لوحدها، بس على طريقتها.
عاصي (بهمس، وهو بيبص للسقف):
ـ أنا... مش فاهم أنا ليه مهتم كده.
زينة (بابتسامة باينة فيها الحكمة):
ـ لأنك حسيت إنها ضعيفة من وقت ما شفوتها محتاجة حد يفهمها...
زينة (بفضول):
ـ طب ما قلتليش، برجك إيه بقى؟
عاصي (ابتسم وهو بيحرك صباعه كأنه بيوزن حاجة):
ـ برج الميزان...
زينة (صوتها اتعالى وهي بتضحك):
ـ آه والله؟! طب يا بخت زهرة بيك... أصل الجوزاء والميزان عاملين زي اتنين بيكملوا بعض، حتى لو ما اعترفوش بده.
عاصي (بص لها وهو بيفكر، وقال بهدوء):
ـ يمكن علشان كده من أول مرة شفتها... حسّيت إني فاهمها حتى وهي مش بتتكلم.
تقلبها، خوفها، وحتى لما بتضحك وتحاول تخبي... كل ده مفهوم بالنسبالي.
زينة (بابتسامة فيها حنية):
ـ متتأخرش عليها، لو الجوزاء حس إن حد فاهمه، بيبدأ يصدق... بس لو حس إنه لوحده، بيهرب للأبد.
ا:
  اقتربت زهرة من الإضاءة خافتة، وكانت هتكهرب لكن خايفة ليكون في كاميرا في اي مكان وصوت قطرات المية لسه على هدومها، والهدوء مالي المكان.
زهرة (بصوت داخلي، وعيونها في الأرض):
ـ أنا بعمل إيه هنا؟
أنا ازاي وصلت للمرحلة دي؟
إزاي سيبت قلبي لمكان يكون في رجـ.ـا.لة؟
إزاي سبت جيت معى عاصي؟!
وقفت قدام المراية، نظرت لنفسها، بس المرة دي مكنتش شايفة وشها... كانت شايفة بنت صغيرة، تايهة، مرعوبة، بتحاول تلبس وش القوة وهي من جواها بتتهز.
زهرة (بهمس، وعنيها بتدمع):
ـ كل ما حد يقرب... بخاف
كل ما قلبي يدق... بعقله
كل ما أفتكر زمان... بجري
مدت إيدها بشويش على الهدوم اللي جابتها زينة، لمست القماش كأنها بتحاول تلمس أمان مش موجود.
زهرة (بصوت داخلي):
ـ أنزل؟
طب لو نزلت، هبصله في عنيه إزاي؟
وهواجه نفسي ازاي؟
أنا مش قد الحب...
ولا حتى قد نفسي...
سكتت شوية، وبعدين تنهدت، ومسحت دمـ.ـو.عها بإيدها، وقالت وهي بتبص للمراية بصوت خافت، فيه شوية قرار:
ـ لو فضلت أهرب... عمري ما هعرف أعيش
كفاية هروب
كفاية خوف...
بدأت تغير هدومها بهدوء، ونظرتها بقت أهدى، بس لسه فيها قلق... لما خلصت لبس، وقفت قدام المراية للمرة الأخيرة، وغمضت عنيها، وخدت نفس عميق.
زهرة (بهمس، وهي بتلف الحجاب):
ـ يا رب... اديني القوة
مش عشانهم
عشاني أنا...
صلت فرض ربنا 
و نزلت بهدوء، لابسة هدوم بسيطة، وشعرها مبلول تحت الحجاب، وعيونها متجنبة أي نظرة لعاصي.
سمعت آخر جملة من زينة، وشافت عاصي وهو ساكت كأنه بيخبي إحساسه... قلبها دق بسرعة، لكن دماغها لسه بتشـ.ـدها للورى. قربت منهم بخطوات خفيفة، ووقفت عند باب .
زينة (وهي تلاحظ وجود زهرة وبتضحك بخبث):
ـ أهو الجوزاء وصل...
عاصي (بص ناحيتها وابتسامته هادية):
ـ أخيرًا... كنت فاكر إنك مش هتنزلي تاني.
زهرة (بصوت هادي، وهي بتتجنب عينيه):
ـ كنت محتاجة شوية وقت... بس شكلي اتأخرت.
زينة (بتضحك):
ـ مش قوي، بس عاصي كان هيبدأ يعمل مؤتمر صحفي من كتر القلق.
زهرة (نظرت لعاصي بسرعة، وبعدين بصت للأرض):
ـ معلش...
عاصي (بهدوء):
ـ ما تعتذريش، خدي راحتك في أي وقت... بس متنسيش إنك مش لوحدك.
سكتت زهرة شوية، وبعدين بصت لزينة وقالت بنبرة فيها تهرب وضحكة خفيفة:
ـ كنتوا بتتكلموا عن الأبراج؟
زينة (باندهاش مصطنع):
ـ آه يا ستي، وطلع الدكتور برج الميزان... يعني الاتنين بتوع الهوا... هوا بيكمل هوا!
زهرة (ضحكت بخفة، أول مرة من وقت طويل):
ـ هوا بيطير بعض كده يعني؟ ولا يثبتوا بعض؟
عاصي (بص لها وابتسامته فيها معنى):
ـ الاتنين، بس لما يفهموا بعض... ممكن يبنوا من الهوا ده جناحات ويطيروا سوا.
زهرة حسّت بكلامه داخل جواها زي السهم... وغمضت عنيها للحظة كأنها بتحاول تهرب من الإحساس ده... لكن قلبها بدأ يتكلم حتى لو لسه عقلها رافض.
زهرة سكتت شوية، ونظرت في عينيه... اللحظة دي كانت كفيلة تهزها من جوا.
كان فيه إحساس كبير بيكبر جواها، مش قادرة تشرحه، بس كانت حاسة بيه بيزيد بين كل نظرة وكل كلمة. مش بس ثقة... ده كان أكتر، أقوى، حاجة قلبية خافت توهم نفسها بيها زي ما حصل زمان.*هـ.ـر.بت مرة ثانية 
*عاصي لاحظ الحيرة في عينيها، وسألها بنبرة فيها دفء:
ـ أنا عارف إنك مت عـ.ـر.فينيش كويس عشان تثقي فيا... بس؟
زهرة (بهمس):
ـ أنا واثقة فيك... بس...
عاصي لمح نظرتها، وضحك ضحكة خفيفة فيها طمأنينة، عايز يحسسها إنها مش لوحدها في اللي بيحصل، وإنه معاها في كل خطوة.
وكمان خايف يضغط عليها زي ما زينة قالت.
عاصي (بابتسامة هادية):
ـ ما تخافيش... مهما كانت المعركة، هنكسبها سوا. وهترجع حياتك 
*اللحظات دي كانت مليانة بمشاعر مختلطة... خوف، أمل، وشيء بيقربهم من بعض. ساد الصمت، لكن عيونهم كانت بتهرب منه وده الا خالها بيفكر في كلام زينة وافتكر 
الشباب الا فى حياة زهرة زياد وكمان ابن عمه وافتكر ، اسم يتكرر في دماغه:
عاصي (نظراته لزهرة، وصوته هادي لكن فيه نبرة غيرة خفية لكن خانه التعبير ):
ـ طيب... كريم ده مين؟ فين دلوقتي؟ وليه اختفى؟ وليه ساعدك من البداية، وبعد كده سابك فجأة؟وليه بترمي نفسك من واحد ل واحد 
تتبع
(عاصي، بصوته المرتفع، وكأنه لا يدرك أنه يفتح جرحًا قديمًا):
ـ كان عايزك تدخلي في الدوامة دي ليه؟ وبعدين تختفي؟ زي ما زياد عمل!
(زهرة، منصدمة، بصوتٍ مُتكسّر، وعينيها واسعتان من الذهول):
ـ إنت بتقول إيه؟! إنت شايفني كده؟ شايفني برمي نفسي من واحد للتاني؟ أنا مكنتش بدوّر على حد أصلاً! كل اللي قرب... بعد، وأنا كنت دايمًا لوحدي... كريم مكنش بيساعدني أنا... وزياد؟ أنا كنت غرقانة في مصيبة وهو مدّ لي إيده... بس خان، زي كل اللي في حياتي! ما ترجعش تحاسبني على جروح أنا متسببتش فيها.
(وقفت، تحاول تلملم نفسها، دمـ.ـو.عها تلمع، لكنها عنيدة):
ـ أنا مش برمي نفسي... وإن كان على مساعدتك لي، لأ، مش عايزاها. آسفة إني دخلتكم في اللعبة دي، وعطّلت سيادتك. ممكن تسيبني وأنا هتصرف.
(زينة، كانت قد تركتِهم وخرجت لتغيّر ملابسها، ثم غسلت ملابسها وملابس زهرة. وهي نازلة تبحث عن مكان لتُنشّر فيه الملابس، سمعت الكلام، فتركت طبق الغسيل و دخلت بسرعة تدافع.)
(زينة، بحزم):
يا دكتور عاصي، زهرة مالهاش علاقة بأي حاجة أصلاً. أنا آسفة يا زهرة، أنا اللي استغليتك وجبتك معايا هنا عشان أجيب حقي من أمي وأبويا من الناس دي، لكن للأسف أنتِ اللي أُطلّتي.
(وجهت كلامها لعاصي):
ـ كريم... ساعدني أنا، لأنه ابن صاحبة أمي. كان عارف كل حاجة من زمان، مامته كانت بتحاول تساعد ماما قبل ما أمي تموت في الحادث... ولما كبرت رجعت أفتّش في الموضوع من جديد.
(زهرة، بعد لحظة سكون):
متعتذريش يا أختي، أنا ممكن كنت زعلانة الأول إنك خبيتي عليا، لكن دلوقتي محتاجة أعرف كل كبيرة وصغيرة عشان مابقاش تاركة لواحد. أنا دخلت اللعبة برضه أو غصب عني.
(زينة، تنهدت بصوتٍ واطئ، تأخذ نفسًا عميقًا):
ـ أمي، سعاد، كانت طالبة في الجامعة، قسم صحافة، هي وعمو عبد الله وعمّته نادين... ماما كانت شجاعة، بتحب الصح وبتدور على الحقيقة. وعرفت إن منصور قابلتها لما سمعها وهي بتواجه الجامعة في مؤتمر وبتطلب منهم يفتحوا عيونهم، وقتها هو استغرب، افتكرها مـ.ـجـ.ـنو.نة عشان تشوّه سمعة الجامعة اللي جدّي عزيز تعب فيها. ودخل في وسطهم، وبعد ما بحث معهم، انصدم بكل الكوارث دي: استغلال بعض المراكز الطبية في أنشطة غير قانونية... ومخدرات، لكن للأسف نشاطهم وسّع على الآخر.
(عاصي، مصدوم، يشعر بالنـ.ـد.م، وينظر لزهرة التي تتجاهله):
يعني خالي منصور كان عارف بكل حاجة؟
(زينة، مؤكدة):
ـ أيوه... ومع بحثهم لكشف الحقيقة، نتج ما بينهم حب، واتجوزوا من بعض... ولما قربوا من الحقيقة، لقوا مصيبة أكبر...
(عاصي):
ـ مصيبة إيه؟
(زينة، بحزن):
ـ شبكة مخدرات بتشتغل جوه الجامعات والمدارس، وكان وراها ناس تقيلة... وجدي... عزيز، كان على رأسهم!
(زهرة العاصي - الكاتبة صفاء حسني - الفصل 12)
(فتحت زينة تسجيلًا بصوت منصور، أبوها، يعترف بكل شيء):
"أنا منصور عزيز الدخيلة، وده تسجيلي الأخير، عشان أنا حاسس بالغدر... اللي عرفته بيحرك جبال.
بدأت حكايتي سنة ١٩٩٥، في يوم كان الجو مشمس، شفت سعاد، وهي طالبة سنة تالتة، واقفة قدام مبنى الكلية، ماسكة ملفات، ومكتوب على وشها الإصرار. وأنا كنت، الشاب الوسيم، كنت وقتها في أوائل الثلاثينات، كنت دكتور مساعد في الكلية، بيعدي من جنبها وبيلاحظ إنها بتجادل موظف الأمن عشان تدخل قسم مغلق.
(سعاد، بحدة):
ـ القسم ده فيه أوراق بحث مهمة... إزاي تقولي مش من حقي أدخل؟!
(منصور، يتدخل بابتسامة هادية):
ـ لو محتاجة مساعدة... أنا دكتور منصور، ممكن نروح سوا؟
بصت له سعاد بنظرة متحفزة، لكنها وافقت، عشان محتاجة تدخل. ومن هنا، بدأ أول خيط بينهم.
(مرات الأيام، وقربهما من بعض. في يوم كانوا قاعدين في مكتبة الجامعة، بيطبعوا أوراق بحث عن علاقة بعض المراكز الطبية بعمليات تهريب مخدرات.)
(لقطات سرية تجمعهم وهما بيصوروا أوراق مشبوهة. وقتها انهارت لما اكتشفت إن فيه أسماء كبيرة ورا الموضوع... من ضمنهم عزيز، والدها، اللي عمرها ما كانت تتخيل يكون متورط.)
(منصور، بصوتٍ يرتعش، بعد ما قرأ تقريرًا):
ـ ده... ده توقيع بابا؟! لأ... مستحيل!
(سعاد، منصدمة، وعينيها فيها ألم):
أنا مقدّرة صدمتك... بس الأدلة قدامنا. لازم نواجه الحقيقة.
(لقطة ثانية: سعاد تبكي بعد ما أخذوا منها ملف البحث، ومنصور يحـ.ـضـ.ـنها ويوعدها إنه مش هيسيبها.)
(مع الوقت، ابتدى منصور يراقب شبكة المافيا بنفسه، وعرف إن فيه توزيع منظم للمخدرات جوه الجامعات والمدارس الخاصة التابعة لشركات مساهمة مع عزيز. الأنواع كانت مرعـ.ـبة):
- حبوب الهلوسة تحت ستار منشطات.
- ترامادول في علب فيتامينات.
(مرات الأحداث، وانكشافهم.)
(عبد الله انتقل هو ونادين.)
(وسعاد عملت حادث، كانت مع وردة وقتها، وقبل ما تموت، وصية وردة):
قولي لمنصور، بنتي مـ.ـا.تت، وربيها أنتِ. عايزة بنتي تبعد عن الناس دي.
وبالفعل، وردة أخدت الطفلة، بدلتها بطفلة ميتة. لما عرفت بموت وردة والجنين اللي كانت هتولد... كنت منهار.
أنا وسعاد اكتشفنا الموضوع، وأنا كملت بعد رحيلها. كانوا ورا الحادث بتاعها. سافرت، بس ما سكتّش. اتقبض عليا، واتعذبت... بس خرجت على إيد محامية... اسمها ناديه. ده شرطها إني أتجوز منها مقابل ترجعني على مصر، عشان كان صعب وقتها. لكن لما رجعت عرفت إني عندي بنت، وعرفت إن ناديه جزء من لعبتهم عشان أكون تحت عيونهم زي ما عملوا مع بابا. وقعت أنا كمان في فخهم، لكن قررت أسيب كل حاجة لبنتي... زينة."
(وكتب وصية، وسجّل صوتًا، وبعته لأكثر اثنين بيثق فيهم: عمّه محمد اللي راعي بنته في بيته، وعبد الله صديق عمره.)
(بيكتب وصية بإيده، وكاميرا بتقرب من كلمـ.ـا.ته):
"يا زينة... إوعي تمشي ورا اللي يلمع. دوري دايمًا ورا اللي مستخبي... الحقيقة."
(عاصي، بصوتٍ مبحوح):
ـ عارفين ليه كل ده حصل؟ عشان منصور حاول يقاوم... بس تمن الحقيقة كان كبير.
الفصل الثاني عشر: 
زهرة العاصي - الكاتبة صفاء حسني 
 حصري قيد الكاتبة 
(زينة، بعد سماعها لكل ذلك، تنهدت، وطلبت من جدها محمد أن يتوسط لها لدخول الجامعة تحديدًا، هي وزهرة، ووصّت بأن تبقى زهرة على علمٍ ضئيلٍ حتى تركز على مستقبلها. وعرفت مع الوقت أن الإدارة مسؤولة عن فريق كبير يوزع المخدرات، وهذا ما اكتشفَته أمها وأصدقائها: إن هناك شبكة توزع...)
(زهرة، منصدمة، ووجهها يتغير تمامًا):
ـ يعني... ياسمين؟ وزياد؟ ليادر لبيع المخدرات؟ ولما أنقذني من الشباب اللي كانوا بيضيقوني، وقتها كان عايز يوقع مدمنة جديدة؟
(زينة، تهز رأسها بوجعٍ ونـ.ـد.م):
ـ أيوه... عشان كده كنت دايمًا أطلب منك تبعدي عنهم، لكن لطيبِتك صدّقتي قصّتهم الهبلة اللي حكوها لك، إن أهلهم سبب ضياعهم، وإنهم نفسهم يتغيروا. و ياسمين كانت بتدير جزء من التوزيع في الجامعة، وزياد كان منسق التوصيل. أنواع المخدرات اللي كانت بتتباع:
- ترامادول
- كبتاجون
- LSD
- منشطات مزيفة
- استروكس مغشوش بيقـ.ـتـ.ـل في أول سحبة
(عاصي، منصدم، يسألها):
ـ معنى كده المافيا دي شغالة من زمان، وخالك منصور ووالدتك سعاد اتعرفوا على نفس السبب؟ وبدأوا يقاوموا إزاي؟
(نظرت زينة لعاصي، كلما ذكرت زياد، ظهرت الغيرة في عيونه. حاول عاصي الهروب من هذا الشعور، وسأل):
طيب، واضح إن القصة كبيرة جدًا، احكي من الأول، إمتى اتعرف منصور وسعاد ببعض؟
(زينة، تنهدت بحزن):
ـ اتجوزوا في سرّ، وكانوا ناويين يعلنوا كل حاجة لما يخلصوا شغلهم. بس حصلت مصيبة... أمي اتعرضت لحادث... قالوا إن سعاد مـ.ـا.تت، وإن الجنين مـ.ـا.ت معاها. بس الحقيقة... أنا كنت الجنين. وكنت بين الحياة والموت في حضانة المستشفى.
(عاصي، مصدوم):
ـ يعني اللي اتقال كان كله كدب؟
(زينة، بإصرار):
ـ أمي و وردة... الست اللي ربتني كانت مع ماما قبل الحادث، هي اللي اكتشفت إني عايشة، وخبّتني عن الكل، حتى عن منصور نفسه. جدّي محمد - جدّك زهرة - هو اللي وافق يربيني معاهم... ما سألنيش يوم، ولا حسّسني إني مش منهم.
(زهرة، بدمـ.ـو.ع في عينيها):
ـ وأنتِ عارفة ده من إمتى؟
(زينة):
ـ من سنتين... لما منصور رجع من السفر، جدّي محمد قرّر يحكي له، ويبلغني مين أبويا ومين أهلي. لكن وقتها كان معاه واحدة ست... كانت باينة عليها ملاك، بس هي كانت شيطان. اكتشفت إنها من نفس العصابة اللي أمي حذرت منها زمان... وقتها، عرفت كل حاجة... وقررت أدور، وأكمّل مشوار أمي وأبويا.
(عاصي، بتركيز):
ـ وأنا وزهرة في السكة...
(زينة، بنظرة امتنان):
ـ يمكن أكون بدأت لوحدي، بس ربنا بعتليكم علشان أكمل. أنا محتاجة لكم... ومش بس علشان نكشف الحقيقة... علشان نكمل الحكاية اللي اتبدأت بحب... وانتهت بظلم.
(زهرة، قامت، غاضبة):
لكن أنتِ نسيتي إنك في مقام أختي! أو أنا كنت فاكرة كده ليه؟ استغليتيني سنتين، ودخلتيني في ٣ سنين بتجمعي فيها معلومـ.ـا.ت، تستغلي وقوفي مع دكتور فلان عشان الشرح، وأنتِ بتجمعي معلومـ.ـا.ت، طالب أو طالبة تقرب مني عشان أشرح لها حاجة، تفرح وتسيبني على عمايا يا مومنة! أنتِ أصلاً ما قولتيليش إنك حفيدة عزيز إلا من شهرين بس، لما سمعتك بالصدفة بتتكلمي أنتِ وجدّك.
(زهرة تضحك على نفسها):
كنت لما أدخل عليكم أسكت، وكنت أستغرب، ولما أسألكم تقولي بأخد رأي جدّي في حاجة، وأنتِ كنتِ بتوريه كل جديد في تحقيقاتك العظيمة.
(زينة، تحاول الدفاع عن نفسها):
أنا كده يا زهرة، كل الحكاية كنت خايفة عليكِ، خايفة حد يضركِ، ولما قرب منك زياد حذرتك ألف مرة.
(زهرة، تضحك بسخرية ووجع):
فعلاً حذرتيني، بأمارة كنتِ واقفة تتكلمي معاه في أي موضوع، والسلام عشان توقيعه ياها! أنا كل ما أفتكر حاجة أحس إني هبلة أوي.
(عاصي، يوقف العتاب):
حتى لو خبيتي عليكِ، مش وقته أي عتاب أو نقاش. ممكن غلطت إنها دخلتكِ في حرب ملكيش فيها، لكن دلوقتي لازم نخوضها... يبقى هنخوضها سوا.
(زهرة، ترفض وتنسحب):
لأ، شكرًا لكم، حربِي غير حربكم، أنتم بتحاربوا على ورث وأملاك، لكن أنا حربِي سمعتي، متهمة بقـ.ـتـ.ـل بنت وأنا مليش علاقة.
(عاصي، بحدة غير واضحة):
اهدى كده، وعايز أفهم دلوقتي، أنتِ عايزة تقولي إيه بالظبط؟ إزاي ملكيش علاقة، ومين دخل الدكتور كريم في الموضوع.
(زهرة، ترفع حاجبيها بدهشة):
اسألها السؤال ده مش ليا، أنا كنت بعتبر الدكتور كريم مجرد معيد في الجامعة، وكان بيساعدنا في أمور دراسية، أو ده اللي كنت فاهماه. لكن في الخفاء، حجّتهم إنه واقف مع زهرة أولي الجامعة، وفي الخفاء بيخططوا لكشف الفساد.
(عاصي، يحاول إخفاء غيرته، ويدافع عن نفسه):
أنا مقصدش حاجة... مجرد سؤال. حسيت إن أكيد ليه دور مهم، وحبيت أعرف مكانه في اللي بيحصل.
(زينة، تقترب من زهرة، وتضمها من ظهرها):
حقك عليا، أنا آسفة إني دخلتكِ في الدوامة دي.
(زهرة، ترفض التكلم معها):
أنا طالعة، وأنتم مع نفسكم اعملوا تحرياتكم.
(زهرة تتركهم وتخرج للحديقة لترتيب أفكارها. زينة تحاول التبرير):
أنا مكنتش عايزة أدخلها، أقسم بالله العظيم، وكنت دايمًا ببعدها، بس أنتَ ليه مصمم تجريح في زهرة؟ ده اللي قولتلك عليه.
(عاصي، يتنهد):
تجاهلي لي مجنّني خَلّاني أخرج عن شعوري.
(زينة، تبتسم):
ـ كريم... من ناحيتك ولا من ناحية زهرة، يا دكتور، مافيش غير اللي في دماغك.
(عاصي، يبدو عليه الارتباك):
ـ قصدك إيه؟
(زينة، بهدوء وهي تنظر له):
ـ كريم بيحبني أنا... مش زهرة. إحنا مرتبطين من زمان، بس كنا مخبيين ده لظروف خاصة.
(عاصي، بصوت هادي بعد لحظة صمت):
ـ فهمت... ربنا يوفقكم.
(زينة، بضحكة خفيفة):
ـ يا دكتور، غيرتك كانت باينة... بس متقلقش، زهرة قلبها أبيض ومشغول بحاجة تانية... يمكن حتى ما خدتش بالها!
(الكل يتجه لمكان عاصي، يدخل غرفته يأخذ دشًا يهرب من المشاعر والغيرة. وما بين نفسه):
زينة عندها حق، مستعجل على إيه؟
**(يأخذ دشًا ويغيّر ملابسه، ويقف على البلكونة، يرى زهرة جالسة وحدها، من دون تفكير يقرر قطع أفكارها...)
(الإضاءة خافتة، زينة نائمة في ركن بعيد، وهدوء الليل مغطّي المكان، لكن القلق في العيون.)
(عاصي يقترب ويجلس على كرسي أمام المنضدة، من دون أن ينظر):
ـ هو كان بيحبك... صح؟
(زهرة، تتجمد مكانها):
ـ مين؟
(عاصي، ينظر لها، عينيه فيها نيران مكتومة):
ـ زياد. كان واضح... من كلامه، من نظراته... كان شايفك حاجة تخصه.
(زهرة، تنهدت):
ـ دكتور عاصي... إحنا دلوقتي في نص مصيبة، و...
(عاصي، يقطعها):
ـ جاوبيني، أنا مش بلعب. أنا محتاج أعرف... كنتِ بتحبيه؟ كنتِ شايفاه أكتر من مجرد صديق؟
(زهرة، بصوتٍ واطئ وهي تنظر للفارغ):
ـ كنت راجعة لبيت الطالبة، في يوم كنت اتأخرت في الجامعة، والجو كان بيمطر، الدنيا كانت ليل، والشارع فاضي... فجأة لقيت شوية شباب واقفين، ضحكهم مش مريح... وكلامهم كان بيكسر القلب...
(عاصي، بهدوء، من غير ما يقاطعها):
ـ حصل إيه وقتها؟
(زهرة، تكمل وهي تتنهد):
ـ كنت مرعوبة... وقلبي بيخبط في صدري، لحد ما جه زياد بالعربية، وقف، ونزل بسرعة. شـ.ـدني من وسطهم، وزعق لهم بصوت يخوف... ومشي بيا لحد أول الشارع... ساعتها حسيت إني نجيت من مصيبة كانت ممكن تغيّر حياتي.
(عاصي، بصوت فيه اهتمام حقيقي):
ـ ومن ساعتها بدأ يقرب؟
(زهرة، بابتسامة حزينة):
ـ آه... أولها كان بييجي يطمن، يجيب لي حاجات، يسألني محتاجة حاجة؟ بس أنا... كنت خايفة. مكنتش مرتاحة، حاسة إنه عايز حاجة مش قادرة أحددها، فكنت دايمًا بهرب، ولا برد، ولا بفتح له مجال. سنة كاملة... وهو يحاول، وأنا... لا!
(عاصي، بصوت ساكن):
ـ ولما زهقتِ من تجاهلكِ؟
(زهرة، تضحك بمرارة):
ـ بدأ يدخلني إنه نفسه ينجح، نفسه يتغير، وإني عكس كل اللي بيقولوا عليا، إني بتكبّر عليه... وطلب مني أنقذه من ضياع مستقبله زي ما أنقذته، كنت كل مرة بقرب شوية... ألاقيه شخصيته مُنتقصة، غير سمعته المُسابقها، لكن كان عندي تحدي أغيّره، مش عارفة ليه، ممكن كنت بجرب، لو قدرت أغيّر زياد ممكن أقدر أغيّر سليم.
(عاصي، بغيرة مدفونة):
هو أنتِ حبيتي سليم؟
(زهرة، تسكت لحظة، وبعدين تبص له في عينه):
ـ لا... عمري ما حبيته. أنا بعتبره أخويا، لكن أبويا مُفروض عليا. أما زياد، كنت بساعده يتغير، لحد اليوم اللي أنت شُفتني فيه، وقتها شُفتُه مع ياسمين وفهمت إنه عمره ما يتغير. مش بس ما حبيتهوش بمعنى الحب، مجرد تحدي.
(عاصي، يقترب منها خطوة):
ـ لكن يوم ما شفتك كنتِ مكسورة وحزينة؟
(زهرة، بهدوء مكسور):
ـ عشان كنت ندامة على كل لحظة اتكلمت معاه فيها، أو سمحت يبعت رسالة وأرد عليها، عشان كنت وعدت نفسي سنين الكلية أخلصها بسلام من غير أي مشاعر، ولو كنت أعرف إن زينة أقنعتني آجي الكلية دي بالتحديد عشان انتقام كنت رفضت. أنا وفقت فقط عشان الكلية مقدمة منحة للسفر للخارج لأوائل الدفعة...
(عاصي، ينظر في عينيها شوية، وبعدين يبص بعيد):
ـ زهرة... أنا مش سهل أثق، لكن لما وثقت... وثقت فيكي. ويمكن كنت خايف إنك يبقى ليكي ماضي أنا مش جزء منه. بس دلوقتي... أنا عايز أبقى مستقبلك.
(زهرة، تتسع عينيها):
ـ بتقول إيه...؟
(عاصي، يقترب منها أكثر):
ـ بقول... إني عايز أحميكي. مش بس من اللي حواليكي... من نفسك كمان. من خوفك... ومن دمـ.ـو.عك... ومن وجعك.
(يتبع)
زهرة (اتكلمت بصوت خافت، وعيناها تدمعان):
ـ وأنا عمري ما حسيت بالأمان إلا لما شفتك.
لحظات بسيطة كانت كفيلة بأن أشعر بذلك.
تنهد عاصي:
ـ أنا عايزك تكوني ليا يا زهرة، مش مجرد وقت أو صدفة جمعتني بكِ ثم انتهى الأمر. لا، أنا عايز حياة وعمر.
نظرت زهرة للفراغ، وقالت:
ـ محدش عارف إيه اللي مكتوب، وأنا خايفة تربط حياتك بواحدى  مكتوب عليها  الإعدام من كل الدنيا.
وقامت وتركته، وقلبه وعقله وكل كيانه يطلب منها أن تبقى بجانبه.
زهرة العاصي - الكاتبة صفاء حسني - حصري قيد الكتابة
...
في مكان آخر، يظهر شاب في أواخر العشرينيات يجلس في غرفة أنوارها خافتة.  قاعد على طرف السرير، والموبايل في إيده، بيقلّب في الأخبـ.ـار.  وأول ما شاف خبر عن زهرة واتهامها في جريمة قـ.ـتـ.ـل، عينيه اتسعت.
كريم (بصدمة):
ـ إيه ده؟! دي زهرة... صديقة زينة! إزاي؟! حصل كده؟ أنا طلبت منكِ يا زينة تبطلي نكش وراهم، أنا خلاص قربت أوصل، وبعدين مشيت هروب، كنت خايف عليكي.
بدأ يدور على رقم زينة، لكنه كان مغلقًا. حاول مرة واتنين، وهو يتنفس بسرعة، متـ.ـو.تر جدًا.
دقائق ومرت... مافيش حاجة حصلت. قاعد يراقب تليفونه، كل ثانية بتعدي كانت كأنها ساعة.  بعد شوية، وصلت له رسالة: "تليفونها متاح".
كريم (بصوت منخفض):
ـ يا رب تكوني بخير يا زينة...
بعدها، رنّ الموبايل...
زهرة العاصي  الكاتبة صفاء حسنى 
قيد الكتابة حصري 
عند زينة، فتحت التليفون لتشوف آخر الأخبـ.ـار، وصلها اتصال من كريم، أنه اتصل بها. فاتصلت به.
كريم، والفرحة لم تكن سعادته (اتكلم بسرعة):
ـ زينة؟!
زينة (بصوت وا.طـ.ـي ومتـ.ـو.تر):
ـ أنا... أنا مش قادرة أطول. معاكي الشرطة بتدور علينا.
كريم:
ـ إنتو فين؟! إزاي حصل كده؟! أنا مش فاهم حاجة! ليه ورطت نفسكم يا زينة؟ مش آخر مرة طلبت منك تبطلي نكش وأنا هوصل لكل الحقيقة وأنتِ تركزِي في مستقبلكِ.
زينة (بتحاول تتمالك نفسها):
ـ أنا عملت كده والله يا دكتور كريم، لكن فجأة هما استلموا زهرة من مصيبة لمصيبة، كانوا شاكين إنها بنتهم. ومشيت أنا، وللأسف زهرة اتورطت في جريمة قـ.ـتـ.ـل، واللي حصل أكبر من كده بكثير. أنت عارف إن إحنا كنا قربنا نكشف الشبكة والناس اللي بيستغلوا الجامعة... وكل ده كان متغطي. لكن ممكن هما بدأوا يكشفوني أو عملوا كده عشان يلووا دراع جدّي محمد عشان التسجيل الصوتي، وأعترف بأبي بكل حاجة.
تنهد كريم (بصوت مكسور):
ـ أنا طلبت منكِ تبعدي أنتِ وزهرة، كنت... أتصرف...
تنهدت زينة، وقاطعته:
ـ أنتَ أصلاً فجأة اختفيت، ومكنتش عارفة أوصل لك، وكنت فاكرة إنك في خطر، يا دكتور كريم... إحنا نفسنا مش عارفين إيه اللي حصل فجأة، الأحداث اتطورت... بس أنا... أنا محتاجة أشوفك.
كريم (بتأثر):
ـ في أي وقت، في أي مكان... قوليلي بس.
زينة (بعد لحظة تردد):
ـ فيه طريق ترابي ورا مزرعة صحراوية تخص الدكتور حاتم، على ما أظن، أنتَ كنت قُلت لي كنت  بتروحها زمان.
انصدم كريم، وبصوت كله غيرة:
ـ دكتور حاتم؟ إيه؟ خالكِ تتعامل مع دكتور حاتم أصلاً؟
بررت زينة وقالت:
ـ أنا ما اتعاملتش معه، ده الدكتور عاصي هو اللي صديقه وجابني هنا أنا وزهرة.
أندهش كريم وسألها:
ـ ومين الدكتور عاصي ده كمان؟ هو أنتِ يا بنتي ناوية تخلصي على دكاترة الدفعة؟
ضحكت زينة:
ـ تعالَ وأنا أفهمك كل حاجة، وبسرعة عشان هنمشي من هنا بعد شوية... لو قدرت توصل هناك، هنتقابل.
كريم (بحزم):
ـ اعتبريني وصلت... خدي بالكِ من نفسك.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
قيد الكتابة حصري 
انتهت المكالمة، وكريم خرج بسرعة وهو بيحط سلاح صغير في جيبه...
كريم سايق العربية بسرعة، وتليفونه مفتوح على اللوكيشن، عينه مش بتفارق الشاشة.
لحظة صمت، قريبة جدًا... نظرات تقيلة، ومليانة مشاعر حقيقية.
في مكان آخر، داخل مكتب الإدارة – أوضة اجتماعات سرية – ليل.
الإضاءة خافتة، والهواء راكد… على الطاولة ملف مفتوح، فيه صورة لزينة، وزهرة، وعاصي. نادية قاعدة على الكرسي الرئيسي، لابسة شيك كالعادة، بس عنيها فيها قلق واضح، والمدير العام للجامعة واقف قدام شاشة بيعرض تسجيلات من كاميرات الجامعة.
المدير (بعصبية):
ـ الموضوع خرج عن السيطرة! منصور قبل الحادث سجل وصية للبنت دي… يعني لو ظهرت رسميًا، كل حاجة هتضيع!
نادية (ببرود قـ.ـا.تل):
ـ منصور مش هيصحى… والوصية مش هتطلع. بس البنتين دول... لازم نخليهم يختفوا قبل ما يلمّوا أوراق منصور ويكشفوا كل حاجة. عشان أنا مابقيتش عارفة مين فيهم بنته، لكن تهمة زهرة دي لمصلحتي عشان محمد الصعيدي هو اللي يعرف ويكون نقطة ضغط عليه.
أحد الحاضرين (بقلق):
ـ بس زهرة اتقاضت بقضية قـ.ـتـ.ـل، وكلنا عارفين لو محامي شاطر ممكن يثبت إن الصورة مُركبة أو قديمة، خصوصًا توقيت دخولها الجامعة مع نيفين غير التوقيت الفعلي… الشرطة بتدور عليها في كل حتة.
ابتسمت نادية:
ـ وده اللي هيساعدنا. نخلي الشرطة تعمل شغلها، حتى لو خرجت بريئة، مين يلبسها؟ طبعًا ياسمين، نُظهر وقتها كاميرات وجود ياسمين وخناقاتها معها، إحنا عملنا كده نقطة ضغط عشان أكيد كلهم هيتجمعوا، الحلف اللي بيلعب من ورانا، فنقدر نفهم هما وصلوا لأيه من معلومـ.ـا.ت، وعلى هذا الأساس نقرر… بس لازم نوصلهم قبل الشرطة.
المدير:
ـ في معلومة جت من مصادرنا إنهم مستخبيين في مزرعة قديمة تبع الدكتور حاتم.
استغربت نادية (ابتسمت بمكر):
ـ ممتاز... وإيه علاقة الدكتور حاتم بالموضوع؟
وضح المدير:
ـ هو بيعزّ عزيز جدًا، وأكيد اتصل بيه وطلب  منه مفتاح المزرعة، وهو ما يتأخرش، لكن ما أظنش يعرف حاجة، إيه رأيك؟ نبعُت بلاغ مجهول للشرطة، ونقول إن المتهمين مختبئين هناك. بس قبلهم... نكون بعتنا رجالتنا يتصرفوا، بأي طريقة.
نادية (بصوت حاد):
ـ تتبعوهم فورًا… اللي يقدر يمسكهم… ما يرجعهمش.
المدير (همس):
ـ المهم إن محمد ما يكونش سلّم نسخة من الوصية... ومعاها تسجيلات لمكالمـ.ـا.ت منصور قبل الحادث. لو ده وصل للصحافة، إحنا انتهينا.
نادية (بعصبية):
ـ يبقى ما نوصلش للشرطة ... نوصل ليهم قبل كده.
زهرة العاصي - الكاتبة صفاء حسني - حصري قيد الكتابة
في مكان آخر، غرفة مكتب داخل بيت صالح – جو مشحون – الليل.
صالح واقف قصاد الشباك، بيبص بعيد بعصبية. سليم داخل عليه، لابس شيك كعادته، بس عينه فيها طمع واضح.
سليم (وهو بيقفل الباب):
ـ استدعيتني يا عمي؟
تنهد صالح (وهو لسه مش بيبص له):
ـ بنتي… زهرة… للأسف بسبب خلافات قديمة لأبيها، اتهمت في قـ.ـتـ.ـل بنت صديقتها، والأمور خرجت عن السيطرة. لازم نتصرف بسرعة قبل ما توصل للحبس أو يتقال علينا فـ.ـضـ.ـيحة.
سليم (متمالك نفسه):
ـ وأنا جاهز… بس محتاج أعرف دوري إيه؟
صالح (وهو بيقعد وبيبص له بتركيز):
ـ تتجوزها. يا ولدي.
سليم (بدهشة مصطنعة):
ـ نتجوز؟ بعد اللي حصل؟ دي أولاً هي مش طايقاني يا عمي! ثانيًا هي هربانة، ومحدش يعرف مكانها.
صالح (بحزم):
ـ وده مش مهم… اللي يهمني دلوقتي نثبت إنها كانت معاك وقت الحادثة. والجواز يكون على الورق يعني، والّا تقرب منها لحد ما نخلصها، وممكن هي تحبك لما تليقك وقفت حدها. لو اتجوزتو، وسافرتم، تبقى الصورة باطلة، والتهمة تسقط.
سليم (بنبرة فيها خبث):
ـ وهي توافق؟ البنت دي عنيدة، وكرامتها عالية… لازم طريقة تضغط بيها عليها.
صالح (بعد تفكير):
ـ قلها إنها الطريقة الوحيدة تحمي بيها نفسها، وإني أنا اللي طلبت ده… وقولها لو ما سمعتش الكلام صح، أمها هتموت بالخصري عليها، ووقعت من طولها وفي المستشفى، لو عايزة تشوفها قبل ما يحصلها حاجة، المهم خليك توصل لها إنها لو احتاجت تحتمي من الدنيا، تلجأ لك.
سليم (بضحكة خفيفة):
ـ أمها كمان رافضة يا عمي؟
صالح (بحدة):
ـ مش مهم. المهم تنقذها يا ولدي. وبعدين أكده نتصرف. أنا عملت غلطات كتير، بس مش هسيب بنتي تقع في إيدين الناس دي… لو لازم تتجوز علشان تطلع من المصيبة، يبقى تتجوز وتخلص.
سليم (وهو بيقف):
ـ تمام، هوصلها يا عمي… وهقنعها بطريقتي.
صالح (وهو بيهمس لنفسه):
ـ سامحيني يا زهرة… يمكن أكون قاسي، بس اللي جاي أقسى بكثير.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
قيد الكتابة حصري 
كاميرات بتقفل على وش نادية، واضح إنها وضعت كاميرات في بيت زهرة، وهي بتبتسم ابتسامة سُمّ… بـ.ـاردة ومميتة. آه تمام كده وضحت الصورة أكتر! يعني الأب صالح بيحاول "يستر على بنته" بطريقته، حتى لو بالعافية أو بالغصب، وبيشوف إن الجواز من سليم والحكاية الملفقة هي الحل الوحيد علشان ينقذ سمعة العيلة، حتى لو هي مش موافقة. حلو كده، عرف مكانها لسليم وكمان لزياد، يكون زياد الأول، خلينا نلخمهم في البحث عن زهرة، نكون إحنا أخدنا كل الأوراق، فهمتني؟
...
كانت زهرة قاعدة على السرير في غرفتها، بتحاول تلم نفسها بعد اللي حصل. وكلام عاصي...
وعاصي ما جاش له نوم، بيفكر في زهرة وإزاي ينقذها، واقف جنب الشباك، بيراقب الطريق من بعيد.
قامت زينة وجهزت عشان تخرج. وهي نازلة شافها عاصي، نادى عليها: "زينه، رايحة فين؟"
بلعت ريقها زينة وقالت (بتهمس):
ـ كريم اتصل بيا… بعد ما بعتله اللوكيشن… عايز يقابلنا ضروري.
عاصي (بتـ.ـو.تر):
ـ كريم؟ هو عرف إزاي؟
زينة:
ـ أكيد وصله الخبر، واتصل، حكيت له اللي حصل، بس هو الوحيد اللي ممكن يساعدنا من غير ما يخون. وأنا واثقة فيه.
انصدم عاصي وزعق:
ـ إحنا كده في خطر، ما دام كريم مكشوف ليهم وأنتِ وصفتِ له المكان، يبقى يوصلوا لينا.
نزلت زهرة على صوتهم (بصوت خوف):
ـ لو هتقابله لوحدك، يبقى لازم أكون أنا خرجت من هنا بسرعة، وكملوا أنتم انتقامكم.
وضح عاصي وهو بيهديها:
ـ متخافيش يا زهرة، آه وجود كريم خطر، لكن برضه لصالحك، عشان هو يعرف يجيب الكاميرات الأصلية اللي تدل على إنكِ في اليوم ده ما روحتيش الجامعة.
...
كريم واقف جنب عربيته، عينه على الطريق. صوت عربية خفيف بيقرب… نزلت زينة، ووراها زهرة وعاصي.
كريم (بقلق):
ـ الحمد لله إنكم بخير… أنا اتجننت لما شوفت الخبر.
زينة (بصوت مكسور):
ـ مش هنلحق نحكي كتير… لازم نمشي بسرعة.
زهرة العاصي - الكاتبة صفاء حسني - قيد الكتابة - حصري
فجأة… صوت سرينة شرطة بعيد بيقرب، وأنوار زرقا بتظهر وسط الضلمة.
عاصي (بصوت عالي):
ـ جوة! كله جوة المزرعة! اقفل تليفونك وارميّه، عشان كده شكّه في محله، وهما كانوا متابعين تليفونك.
بالفعل اتجه كريم ناحية ترعة، أغلق الهاتف ورمى الهاتف. وهما جروا كلهم ناحية الإسطبل القديم في المزرعة، واستخبوا ورا تلال التبن. دقائق، والشرطة اقتحمت المكان…
ضابط:
ـ فتشوا كل شبر… البنت هنا، ما تسيبوش ولا زاوية.
وصلت إشارة مكان الهاتف، اتجهوا نحوه. في نفس الوقت كان وصل كريم إلى الإسطبل ودخل وراء التبن، وقال: "كل تمام"، ومسك إيد زينة:
ـ ما تخافيش… مش هخليهم يقربوا منك.
الأنفاس مكتومة… خطوات الشرطة حوالين المكان… وبعد دقائق تـ.ـو.تر طويلة، سمعوا صوت:
ضابط:
ـ مفيش حاجة هنا… ممكن يكونوا هربوا. ارجعوا نراجع الكاميرات في الطريق الرئيسي. والهاتف موجود في الترعة، يبقى رموه وهما ماشيين بالعربية.
طلب الشرطة من شعبان يفتح البيت. "افتح البيت ده!"
تنهدت شعبان:
ـ البيت بتاع الدكتور حاتم يا فنـ.ـد.م، ومقفول بقاله مدة.
صرخ فيه:
ـ بقولك افتحه، أنتَ مبتفهمش! أو اكسره!
هزّ رأسه شعبان وفتح الباب. ونرجع فلاش باك وهما بيهربوا. طلب عاصي من عمّه شعبان:
ـ إحنا لازم نمشي من هنا، الشرطة عرفت مكاني. عاوزك ترجع البيت زي ما كان، كأني محدش قاعد فيه، لحظة وكأنه مقفول من شهور، تعرف؟
هزّ رأسه شعبان:
ـ عيب عليك يا دكتور، عيونكِ.
بالفعل نفذ كل اللي طلبه.
باك. تذكرت زينة الهدوم وقالت:
ـ الهدوم بتاعتنا أنا نشرتها ورا البيت.
شهقت زهرة:
ـ يعني كده اتقفشنا.
الشرطة انسحبت واحدة واحدة. لكن انتبه واحد منهم للهدوم المنشورة وسأل شعبان:
ـ هدوم مين ده؟
تنهد شعبان، وظهرت بنت عندها ١٥ سنة طولها زي زينة، وزوجته طولها زي زهرة.
ـ هدومنا يا باشا، أنا وبنتي، الفستان بتاعي والبنطلون والتشيرت بتاع بنتي.
نظر لهم ونظر للحبل وتركهم ومشي. الكل استنشق الهواء. الكل خرج من مخبأه بهدوء، مرهقين وتعبانين.
عاصي (بصوت منخفض):
ـ نتحرك… دلوقتي حالًا. على الفيوم.
زهرة (بصوت ثابت رغم التعب):
ـ لازم نعرف الدكتور عبد الله يبلغ جدّي وأمي.
أتمّلت زينة:
ـ يارب يكون هو الأمل الوحيد.
تحدث كريم (وهو بيشاور على عربيته):
ـ تركبوا معايا… واللي ورا ورا بعض.
بدأوا يتحركوا، والليل ساكت… بس القلوب مولعة.
بعد ساعات من الخوف والهروب من أي كمين، وصولهم للفيوم – بيت الدكتور عبد الله – مزرعة هادية بعيدة عن العمران.
الجو ساكت، فيه رهبة غريبة. وصلت العربيات، ونزلوا زهرة وزينة وعاصي وكريم.
عاصي (بقلق):
ـ لازم نخلي بالنا… ما نعرفش الدكتور عبد الله ممكن يكون في صفنا ولا لأ.
زهرة (بثبات):
ـ ده جدّي وصّى نروح له… يبقى أكيد واثق فيه.
خبطوا على الباب… بعد لحظات، فتح راجـ.ـل كبير في السن، ملامحه صارمة، لكن فيها دفء غريب.
الدكتور عبد الله (بتفاجؤ):
ـ زهرة؟ زينة؟… وعاصي؟ إنتو إزاي وصلتوا لحد هنا؟!
كريم (بيبص له بترقّب):
ـ دكتور عبد الله…
الدكتور ركّز في وش كريم، وعينيه وسعت… اتجمد في مكانه لحظة، وبص له كأنه شاف شبح من الماضي.
الدكتور عبد الله (بصوت متلخبط):
ـ كريم؟! إنت… إنت ابن نادين؟!
كريم (بصدمة):
ـ حضرتك… كنت تعرف ماما؟!
الدكتور (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ أكتر من كده… أنا أبوك يا كريم.
صمت قـ.ـا.تل… كلهم بصوا لبعض بذهول. زينة خطت خطوة لورا، وزهرة فتحت بقها من الصدمة.
كريم (بصوت متقطع):
ـ لا… لا، دي أكيد غلطة… ماما عمرها ما قالتلي!
الدكتور:
ـ هي كانت بتحاول تحميك… بس دلوقتي ما عادش في وقت للأسرار.
عاصي:
ـ لازم تحكي كل حاجة… دلوقتي.
الدكتور (بياخد نفس عميق):
ـ تعالوا جوا… الليلة دي هتتقال فيها كل الحقايق.
الهوا كان بيعدّي بين الشجر بصوت خفيف، والفيلا واقعة في منطقة هادية، شبه مهجورة، لكن جواها الدنيا كانت مولعة.
عاصي واقف جنب اللابتوب، وزينة قاعدة على الكنبة، وزهرة بتحاول تهدي قلقها، بتتحرك رايحة جاية.
كريم (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ ...! أنا ضيعته والّا إيه؟
زهرة فجأة رفعت رأسها وسألت:
ـ ممكن يكون في العربية؟
زينة:
ـ أيوه… ممكن يا رب يكون وقع في العربية.
ده دليل قوي لزهرة…!
زهرة (بحزم):
ـ أنا هروح أدور… في العربية…
عاصي (برفض):
ـ استني يا زهرة، ما ينفعش تروحي لوحدك، ده خطر…
زهرة (بنبرة هادية لكن عنيدة):
ـ دي حاجة لازم أعملها بنفسي، ده دليل براءتي بعيد عن حربكم أنتم……
زهرة كانت واقفة قدام عربية كريم، المكان، هدوء قـ.ـا.تل. فتحت باب العربية، وبدأت تدور.
يدها وقعت على ظرف صغير تحت الكرسي، لكن قبل ما تلحق تفتحه...
صوت رجولي وراها بصوت خافت:
ـ كنتِ فاكرة إنك هتروحي بعيد عني؟
استدارت ببطء، وشافت زياد واقف، عينه باينة فيها جنون.
زهرة (بصدمة):
ـ أنت!! أنتَ كنت بتراقبنا؟!
زياد (بضحكة خبيثة):
ـ ما قدرتِش أبعد… إنتِ مش فاهمة إني بحبك؟! بس الغلط إنك اخترتِ حد تاني…
قبل ما تلحق تصرخ، حط منديل على بؤها…
يتبع...
قبل خطف زهرة بساعتين
في أحد البيوت – وقت متأخر من الليل
زياد قاعد لوحده في أوضة جانبية، بيبص في تليفونه كل شوية. فجأة، توصل له رسالة واتساب من رقم غريب.
الرسالة:
"اللي بتدور عليها في بيت في الفيوم... لو عايز تلحقها وتثبت حبك ليها قبل ما حد تاني ياخدها منك."
زياد وقف بسرعة، قلبه بيدق، ووشه اتشـ.ـد.
زياد (لنفسه):
"زهرة؟... أنا جاي وهكون معاكي لآخر العمر، وهثبت لك إني هكون حمايتك..."
أخذ الجاكيت بتاعه بسرعة وخرج من غير ما يبلغ أحداً.
نرجع للواقع
الكل قاعد، كان كريم معه أدلة وزينة، والدكتور عاصي كان واخدها من حاتم وسط ورق ومستندات، بيحضّروا الأدلة النهائية...
بعد فترة، زينة (بتبص حواليها):
"هي زهرة فين؟ اتأخرت ليه؟"
انصدم عاصي، الذي كان مركزاً معهم، وسألها بتوهان:
"هي راحت فين وسابتني؟"
تنهدت زينة:
"كانت بتدور على الفلاشة اللي موجودة فيها فيديوهات خروجها ودخولها من الجامعة لحد آخر يوم، كان نسيها الدكتور كريم في عربيته ولسه مرجعتش."
انتفض عاصي (بحدة):
"زهرة؟! زهرةاااااااا!!"
عاصي (وشه مصدوم):
"زهرة مش هنا... مش في أي مكان جوه البيت! 
الكل اتجمع بسرعة، وبدأت حالة تـ.ـو.تر كبيرة، عاصي بيبص للكل، وبعدين سكت لحظة وكأن عقله بيجمع قطع البازل.
عاصي (بحسم):
"لا... دي مش صدفة... أنا حاسس إن اللي حصل ده مقصود... عشان يوصل للأدلة."
بص ناحية عبدالله، الذي كان شايل شنطة فيها أوراق.
عاصي:
"عمي عبدالله، خد الأدلة الأصلية وامشي بيها فوراً، سيب نسخ منها هنا كتمويه. لو في حد بيراقبنا، هيضيع وقته على الورق الغلط."
عبدالله (بيومئ):
"حاضر."
خرج عبدالله بسرعة، وبعدها عاصي قال:
"إحنا هنخرج ندور عليها، بس بسرعة. لو حد دخل البيت، ميلاقيش حاجة تفيده."
بيقوم يجري برا... يدور في الجنينة، حوالين العربية، مفيش.
كريم لحقه، قلّب العربية، فتّش حواليها... سكون مرعـ.ـب مسيطر.
كريم (بانفعال):
"مش موجودة! اختفت!"
عاصي (بعصبية):
"لا لا لا... مستحيل... مش وقته يا زهرة!!"
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
قيد الكتابه 
زينة وقفت مكانها فجأة، عينيها ثابتة على الأرض، بتقرب بشويش...
وإيدها بترتجف وهي بتشيل ساعة معدن وقعت جنب العربية.
زينة (بصوت مهزوز):
"الساعة دي... دي بتاعة زياد..."
سكتت لحظة، ووشها اتبدّل من الخوف للغضب.
زينة (بانفعال شـ.ـديد):
"أنا شفت الساعة دي في إيده... ده هو!! هو اللي خطفها!"
عاصي (بصوت غاضب ومكسور):
"معنى كده كنا تحت عينه ومراقبنا..."
كريم (بيجز على سنانه):
"هيموت... والله ما هرحمه."
زينة (بدمـ.ـو.ع):
"أنا السبب... كان لازم آخد بالي..."
عاصي (وهو بيحـ.ـضـ.ـن رأسه بين إيديه):
"لو جرالها حاجة... أنا هولع في الدنيا دي كلها."
الكل بيتحرك بسرعة... قلبهم مولّع، والغضب سابقهم قبل الخوف.
كل خطوة بيدوروها فيها وجع، وكل ثانية زهرة مش معاهم فيها بتزيد الرعـ.ـب في قلبهم.
بعد ساعتين – الرجوع للبيت
عاصي وزينة وكريم وعبد الله بيرجعوا، أول ما بيفتحوا الباب يلاقوا الأوض متقلبة، والهدوم مبهدلة، وناس غريبة بيدوروا تحت السراير وفي الأدراج.
عاصي دخل بسرعة وشـ.ـد واحد من اللي بيفتش.
عاصي (بصوت عالي):
"إنت مين؟! بتعملوا إيه هنا؟!"
الراجـ.ـل حاول يهرب، لكن كريم مسكه، والتانيين جريوا برا. زينة بصت حواليها، وشافت كل حاجة متفتحة، حتى الشنطة اللي كان فيها أوراق زهرة.
زينة (بهمس):
"كانوا بيدوروا على الأدلة..."
عاصي (بغضب):
"يعني فعلاً... كل ده معمول عشان... ويسكتونا، والضحية كل مرة زهرة."
الكاميرا تقف على وش عاصي، عينه فيها وجع وغضب... وبيبدأ يجهز نفسه للمرحلة الجاية.
لما فاقت، لقت نفسها مرمية على سرير مشبوه، في أوضة شبه مهجورة، نور خفيف داخل من شباك صغير، وكل جـ.ـسمها تقيل ومش قادرة تتحرك كويس.
زهرة بتفوق على صوت تنفّس متسارع، وبتحاول ترفع راسها، بتحس بدوخة ورجليها مش شايلينها، بتلمس راسها وهي بتحاول تفهم حصل إيه...
بتلاقي نفسها في أوضة ضلمة، نور خفيف جاي من شباك مكسور.
زهرة (بتفزع):
"مين؟! مين هناك؟!"
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
دخل زياد، شكله متغير، عينه كلها ظلام، ملامحه مش اللي كانت بتحبها زمان. 
صوت زياد (من وراها، نبرته فيها تـ.ـو.تر):
"فوقتي؟ كنت مستني اللحظة دي من زمان."
زهرة (مرعـ.ـبة، بتقوم بصعوبة وبتبص لنفسها وتطمن على هدومها وبعد كده):
"إنت جبتني هنا إزاي؟! عملت فيا إيه؟!"
زياد (بيقرب منها):
"كنتي هربانة مني ومن كل الدنيا... بس أنا عرفت اوصلك وهكون معاكى ،واساعدك.. 
رفضت زهرة وهى بتضحك بسخرية 
تساعديني ،وانت السبب في كل الا حصل ليا 
رفض زياد اتهمها ورد عليها 
مقدرش اعملك حاجه بالعكس انتى الحب إلا مقدرش أنساها  حاولت تقربي، بعدتي زهرة ... 
تنهد زياد 
دلوقتي آنتى معايا مفيش هروب تاني."
زهرة: "ليه عملت كده يا زياد؟ ليه جبتني هنا؟"
زياد (بصوت هادي، بيحاول يخفي ارتباكه): "أنا آسف يا زهرة. آسف أوي. مكنتش عايز أخوفك، ولا أجرحك."
زهرة (بنبرة حازمة وهي بتحاول تمسك أعصابها):
"إنت كـ.ـد.اب! عرفت كل حاجة... إنت كنت بتلعب بيا من الأول. عرفت إني بنت ناس مستوى، حبيت تخليني مدمنة وبعد كده سمعت كلام اللي كانوا عايزين يخلصوا عليا."
زياد (بيقرب منها بخطوات بطيئة، إيده ممدودة، لكنها مبتلمسهوش):
 "عارف... عارف إني غلطت. مكنتش عايز تروح الأمور للدرجة دي. كنت خايف أخسرك، علشان كده..."
زهرة: "كلامك ده مبيتصدقش! أنت خربت حياتي، خربت ثقتي في الكل."
(زياد بينزل إيديه، بيفهم إن كلامه مبيأثرش فيها. بيلاحظ دمـ.ـو.عها، بيحس بألم جـ.ـا.مد في قلبه. بيسكت، بيبص لها وهي بتحاول تسيطر على دمـ.ـو.عها.)
زهرة (بتقطعه، صوتها عالي): 
"أنا خايفة منك! خايفة منك أكتر من أي حاجة في الدنيا."
(بعد صمت طويل، زهرة بتتكلم تاني، صوتها هادي المرة دي): "كنت معجبة بيك يا زياد. صدقت إنك هتتغير، لكن للأسف العلاقة دي هتكون السبب في سجني."
(زياد بينزل رأسه، مبيردش. بيفهم إن غروره كلّفه كل حاجة.)
زياد (واقف عند رجل السرير، صوته هادي ومرعـ.ـب):
"حشـ.ـتـ.ـيني و  يا زهرة... أنا مش قادر أنساكي، ورجعت لك علشان نبدأ من جديد."
زهرة (بصعوبة وهي بتحاول تقوم):
"إنت مـ.ـجـ.ـنو.ن؟! فاكرني هصدقك بعد كل اللي عرفته؟ أنا عرفت الحقيقة... عرفت إنك كنت بتلعب بيا طول الوقت!"
(زهرة بتكمل، وهي بتشير للباب): "أنا عايزة أمشي."
(زياد مبيحاولش يمنعها الأول. بيبص لها وهي ماشية، حاسس بخسارة كبيرة ونـ.ـد.م. بيفهم.)
لكن (نبرته اتبدلت للعنف):
"استني! أنا الوحيد اللي هقف جنبك! وهجيب لك حقك، بس متسيبنيش أضيع من غيرك."
(بيمد إيده يحاول يمسكها وهي بتقاوم بعنف.)
زهرة (بتصرخ):
"أبعد عني يا زياد! إنت بقيت غريب ومخيف!"
قبل ما تلحق تخرج ، كان ضـ.ـر.بها بإبرة مخدر، وكل حاجة اسودّت قدام عينيها.
زياد اتغير، وشه اتشـ.ـد، عينه ولعت بالغضب، قرب منها بسرعة، ومد إيده فجأة وشـ.ـد الحجاب من على رأسها بعنف.ينفك الدبوس وينخلع الحجاب ويقع على الأرض، وشعرها الطويل يسيل على ظهرها.
اقترب منها وبدأ يسحبها بقوة، 
صرخت زهرة وهى بتحاول تقومه 
"إنت بتعمل إيه؟! سيبني يا زياد!"
شـ.ـدها من ذراعها ورماها على الأرض، وبعدين جرّها للسرير، وهي بتحاول تقاوم وتصرخ، لكن جـ.ـسمها لسه ضعيف من تأثير المخدر.
زهرة (بتعيط وتصرخ):
"حد ينقذني! بالله عليك سيبني!"
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
في البلد عند سليم – قبل الفجر بشوية
سليم قاعد على الكرسي الجلدي، منتظر أي خبر يوصل به لزهرة، قدامه بس مش مركز. تليفونه بينوّر فجأة برسالة من رقم مجهول.
الرسالة:
"اللي المفروض تبقى مراتك، دلوقتي في حـ.ـضـ.ـن حبيبها القديم... لو راجـ.ـل، روح شوف بعينك.
المكان: بيت أطراف الفيوم."
سليم قام واقف بسرعة، وشه اتبدّل، ملامحه اتحجّرت، والنار ولعت في عينه.
سليم (بينه وبين نفسه):
"حبيبها القديم؟! زياد؟!
هي كانت معاه؟!
(صوته بيوطي وبيغل):
"وأنا اللي صدّقت إنك اتظلمتي... كنتي بتخدعيني من الأول؟!"
، خد مفاتيحه وخرج وهو بيغلي...
يقطع بسرعة وهو راكب عربيته، السواق جنبه بيقول:
السواق:
"نروح فين يا باشا؟"
سليم (بغضب مكتوم):
"الفيوم... ومحدش يعرف إحنا رايحين فين."
في عز الليل، المكان هادي بشكل يخوف، مفيش صوت غير صوت صرصار الليل وهدير الهوا اللي بيخبط في شبابيك المكان القديم، وزهرة بتحاول تقوم زياد.
وهو بيحاول يقرب منها زياد، وظهر جداً إن زهرة في حـ.ـضـ.ـنه.
وفجأة الباب اتفتح، ودخل سليم، وعينه فيها نار.
كان يدور عليها، ولما لقاها في الوضع ده، قلبه ولع.
سليم (بصوت عالي):
"ابعد عنها يا حـ.ـيو.ان!"
مسك زياد من قفاه ووقعه على الأرض، وضـ.ـر.به كذا بوكس لحد ما فقد وعيه. وبعدها جري على زهرة، وغطاها بجاكيته، عينه فيها قهر وغضب وشك.
سليم (بصوت بيترعش من الغضب):
"إنتي... إنتي كنتي معاه؟! هـ.ـر.بتي معاه بإرادتك؟!"
زهرة (بدمـ.ـو.ع ومكسورة):
"والله ما حصل... هو خطفني... كنت بهرب من الشرطة ، بس هو لحقنى !"
سليم فضل ساكت لحظة، نظرته مش مفهومة... بين الغضب والحيرة.
سليم واقف مكانه، عينه على زهرة وهي منهارة، ودمـ.ـو.عها نازلة على خدها من غير صوت. إيده بتترعش، مش عارف يصدقها ولا يصدق اللي شافه. جوه قلبه نار، بس كمان فيه وجع.
سليم (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
"لو كنتي بريئة... ليه هـ.ـر.بتي؟ ليه مجيتيش عندنا وإحنا اللي هنحميك طول المدة دي مع ناس غريبة؟ هو العلام غيرك اكده؟"
زهرة (بتبص له بعين مكسورة):
"كنت بهرب من الظلم... من اتهامـ.ـا.تكم واتهام البشر... من جواز غصب عني! كنتوا شايفيني غلطة وبتحاولوا تصلحوها بأي ثمن، حتى لو على حسابي!"
سليم سكت، وكأن الكلام دخل قلبه بالعافية. قرب منها وهو بيبص لعينيها كويس لأول مرة، وشاف الخوف، وشاف الوجع، وشاف البنت اللي اتغيرت.
سليم (بصوت أهدى):
"تعالي، نرجع البيت... وأنا هتكلم مع أبويا وأبوكي."
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي):
"مش هرجع لحد هيظلمني تاني... حتى لو كان أبويا."
سليم (بحزم):
"والدتك وقعت ساكتة في المستشفى وعايزة تشوفك.
لو فيه ظلم، أنا اللي هوقفه. من النهاردة، أنا مسؤول عنك... غصب عن الكل، وجوازنا  يكون مجرد على الورق مع الفيديو اللي معاك هنثبت لهم إنك بريئة."
(#زهرة #العاصي #الكاتبة #صفاء #حسنى) 
صدقته زهرة وراحت معه 
زهرة واقفة قدام أوضة بيضا، قلبها بيدق بسرعة، مش مصدقة إن أمها وردة نور عينها ووردة حياتها…
سليم واقف جنبها، ملامحه ساكتة، بس نظرته بتطمنها.
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي):
"بقالك سنين قلبك مع قلبي، روحك هي روحي، ويوم ما قلبي ينكسر قلبك كمان يهتز…؟"
زهرة دخلت بخطوات بطيئة، عينيها بتلمع بالدمـ.ـو.ع وهي تشوف وردة على السرير، وملامحها باهتة بس فيها دفء قديم مألوف.
الأم (بصوت مكسور وضعيف):
"زهرررة… بنتي…"
زهرة (بدمـ.ـو.ع نازلة وهي بتقرب منها):
"ماماااا…
وردة كنتي فين؟ ليه بعدتِ؟"
زهرة:
"غصب عني والله يا أمي؟"
الأم مدت إيدها المرتعشة ولمست وش بنتها:
"جدك قالي إنك كنتي في خطر مين الا اتهمك يا بت وليه … ما كنتش أقدر أستحمل تكوني في خطر، بس طول الوقت كنت بدعي لك…"
تنهدت زهرة وقالت 
هو بابا اقترح حل إن ينكتب كتابي على سليم ونقدم قسيمة الجواز إن كنت معه ف هتقع التهمة 
نظرت لها ونظرت لسليم وبلوم:
وانتى موافقة يا بتى 
"عشان سليم هو اللي فضّل يدور عليكي… وعشان كده وافقت تتجوزيه."
هزت راسها زهرة بالنفي  ( بسرعة، ودمـ.ـو.عها بتنزل):
"لأ يا ماما… إنتي عارفة هدفي وهدفك واحد، لكن عشان أكون معاكي كان لازم أعمل كده، ولازم تكوني فرحانة؟! مش عايزة تطمني عليا؟"
الأم (بصوت مكسور):
"خايفة عليكي… خايفة قلبك يتكسر تاني… الجواز مش نجاة يا بنتي…
كنت نفسي تلاقي اللي يستاهلك."
تسرح زهرة وهي تفتكر عاصي، ودمـ.ـو.عها تنزل.
زهرة العاصي 
تمر الأيام وتعرف زينة بوجود زهرة فى البلد 
وتروح عندها 
كانت زهرة في الجنينة القديمة اللي كانت دايمًا بتجمعهم، زهرة قاعدة على طرف الدكة، لابسة فستان احمر ف بيج  واسع وساكتة، وشها شاحب، وجـ.ـسمها باين عليه الإرهاق والوجع.
دخلت زينة وهي مولعة... صوت خطواتها لوحده كان كفيل يرعـ.ـب، عينيها حمرا من البكا، وكلها غضب.
زينة (بصوت عالي):
"برافو عليكي يا زهرة... إنتي كسرتي كل التوقعات بجد!"
زهرة رفعت عينيها لها، مفيهاش طاقة تتكلم.
زينة (وهي واقفة قدامها، بتبص لها بمرارة):
"كنا بنقول يمكن اتخطفت... يمكن اتأذت... يمكن زياد شـ.ـدّك بالعافية، لكن تطلعي... أخدتي اللي يلزمك وطلعتِ جري على سليم؟
وسايبة عاصي يموت عليك وقلب الدنيا ده أتمنى إنك تكون اتسجنت ،وإلا تكون اتيذيت 
زهرة (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق ووا.طـ.ـي):
"إنتي مش عارفة حاجة يا زينة..."
زينة (بحدة):
عاصي  كان هيولّع الدنيا علشانك!"
"لأ، مشى هصدقك انا  عارفة... إنك انصدمت بكل الحقيقه ورفض التعاون معانا لكن توجع قلبنا عليك 
إني كنت بصدّقك أكتر من أي حد... عارفة إننا اتربينا مع بعض وعمري ما شفتك بتغدري... بس دلوقتي مش شايفة غير واحدة اختارت الأمان على الحقيقة!"
زهرة (بدمـ.ـو.ع في عينيها):
"أمان إيه؟!
أنا كنت مخـ.ـطـ.ـوفة، مخدّرة، مرمية في مكان لوحد
وحدي، وزياد كان هيغتصبني، وفجأة، اللي أنقذني سليم، وقالي أبوي أمر يجوزوني بالعافية... وسكت!
وساكتة عشان لو فتحت بقي... مش هقدر أبص في وش حد فيكوا!"
زينة (اتلخبطت، بس لسه مش مصدقة):
"طيب ليه ما قلتيش اول ما جيت ؟ كنت اتصلت ب  عاصي ينهار؟ ده كان هيموت نفسه عليكِ!"
زهرة (بألم):
"كنت بين نارين... سليم وعدنى إن الجواز على الورق ، قدام الناس متجوز ، وكنت حاسة إني متلطخة... وكنت خايفة عاصي يشوفني كده...
أنا اتكسرت يا زينة... اتحطيت في موقف مفيهوش غير خسارة."
زينة سكتت، عينيها اتغرقت دمـ.ـو.ع، وبصّت لزهرة وهي بتنهار قدامها، لأول مرة شايفة الوجع كله في ملامحها.
زينة (بصوت مكسور):
"كان نفسك تقوليله الحقيقة... كان يستاهل يسمعها منك."
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي وهي بتبكي):
"عارفة... وعمره ما هيسامحني... بس أنا كمان مش مسامحة نفسي."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
بعد يومين – قاعة صغيرة متزينة ببساطة
كتب الكتاب النهاردة، بس جوه زهرة مش مرتاحة… قلبها متلخبط، مش فاهمة ده فرح ولا وداع.
سليم واقف قدام المأذون، وزهرة داخلة بالفستان الأبيض البسيط، عينيها تايهة بتدور على أي ردّ فعل من أمها اللي قاعدة ورا، تعبانة، لكن مبتسمة غصب عنها.
أول ما المأذون قال "بـ.ـارك الله لكما"، وبدأ الحضور يزغرطوا…
الأم حسّت بتنهيدة تقيلة خرجت منها…
وقعت من الكرسي وسط الزغاريط.
زهرة (بصوت عالي ومرعوب):
"مامااااااااااااااااااااااااا!!"
الجميع بيجري… سليم بينادي على دكتور، بس كانت خلاص…
زهرة وقعت على الأرض، حـ.ـضـ.ـنت أمها، وصوتها بيتخـ.ـنـ.ـق بالبكا:
"لأ… لأ… مش كده… كنتي لسه معايا… لسه هنبقى سوا…"
سليم بيقف ساكت، ملامحه مصدومة، وقلبه بيتكسر وهو شايف زهرة بتنهار بين إيدين أمها اللي مـ.ـا.تت وهي بتحاول تطمنها.
في فيلا عاصي، فات أيام وكان يتجنن عايز يوصل لزهرة.
سلّم عبدالله وزينة كل الأوراق اللي معهم للنائب العام.
كان قاعد عاصي على الكرسي قدام المكتب، بيقلّب في ملفات، بس دماغه مش موجودة. تليفونه بيرن، بيرد بسرعة، ووشه بيتغير في لحظة.
عاصي (بصوت متـ.ـو.تر):
"نعم يا زينة... لقيتوها؟!"
زينة (على الطرف التاني، صوتها هادي بس حزين):
"آه... لقيتها، وهي بخير. بس... في حاجة لازم تعرفها."
عاصي (بيوقف فجأة، قلبه بيدق بسرعة):
"في إيه؟! اتكلمي."
بلعت ريقها زينة:
"زهرة اتجوزت ابن عمها سليم... كتب كتابهم كان امبـ.ـارح بعد اللي حصل."
(لحظة صمت قـ.ـا.تل... صوت أنفاس عاصي بيعلو فجأة.)
عاصي (بصوت مش مصدق):
"كتب... إيه؟!!"
"إنتِ بتقولي إيه يا زينة؟! إزاي؟! وإمتى؟!"
زينة بتحاول توضح له (بهدوء):
"الموضوع مش سهل، ومكنش في نيتها، لكن عمي صالح هو اللي فكر الفكرة دي عشان يطلعها براءة. المهم اتصلت بيك عشان أقول لك إن والدة زهرة مـ.ـا.تت يوم كتب كتابها، وزهرة ضايعة. تعالي واسمع منها لو فعلاً بتحبها أو انساها."
(عاصي بيقفل التليفون بعصبية، بيرميه على المكتب، وبيمسك في ضهر الكرسي.)
عاصي (بينه وبين نفسه، بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
"اتجوزت؟!!"
"بعد كل اللي بينا؟ بعد كل لحظة كانت بتبص لي فيها وتسكت؟!"
"كانت خايفة تتعلق... بس اتعلقت بغيري؟!"
"لأ... لأ!!"
(بيضـ.ـر.ب بإيده المكتب مرة، الورق بيتناثر، عينه بتلمع من الغيظ والخذلان.)
عاصي (بصوت مبحوح):
"كنت بحاول أستناكي... كنت فاكر إنك بس تايهة، لكن إنتي... رحتي لغيري؟"
(يخرج من المكتب بسرعة، يركب عربيته، وهو مش عارف رايح فين، بس قلبه مولّع كل عيونه دمـ.ـو.ع .)
تاني يوم اتغسلت أمها وراحوا يدفنوها، وكانت زهرة منهارة، الحـ.ـضـ.ـن والقلب والروح، كل حاجة ليها، الصديقة الأخت راحت فجأة من قدام عيونها.
الناس بدأت تمشي بعد ما خلص الدفن…
زهرة قاعدة على الأرض قدام القبر، لابسة أسود وحجاب اسود ، عينيها محمرة من كتر البكا، ومش قادرة تقوم.
سليم واقف بعيد، سايب لها مساحة… حاسس إن دي لحظة محدش ينفع يدخل فيها.
وفجأة…
تتبع
صوت خطوات بطيئة بيقرب...
عاصي واقف وراها، لابس بدلة سوداء، وملامحه ومشاعره متداخلة بين الحزن واللوم.
عاصي (بصوت هادي بس فيه مرارة):
ـ حتى وهي بتموت... كنتِ لوحدك ومقدرتش أكون معاكي، رغم وعدي إني أكون سندك.
زهرة (بصوت متكسر وهي لسه قاعدة على الأرض):
ـ مش بإيدي... الدنيا دايمًا بتسحب مني اللي بحبه.
عاصي (بيشـ.ـد نفسه علشان ميضعفش):
ـ لأ... إنتي اللي بتهربي، وكل مرة تكسري اللي حواليكي، وبعدين تبكي على الأطلال.
زهرة (بصوت كله وجع وهي بتقوم ببطء):
ـ هو أنا اللي كسّرت؟! أنا اللي عشت سنين عشان أحقق حلمها إني أكون مهندسة شاطرة، متصورتش إن حلمي يتحول لكابوس. أنا اللي دفعت التمن في كل لحظة!
عاصي (بصوت وا.طـ.ـي، وقلبه بيوجـ.ـعه):
ـ ليه سبتيني؟ ليه وافقتي تتجوزي سليم؟!
زهرة (بعنيها المليانة دمـ.ـو.ع):
ـ كنت مجبورة، كان لازم أبرأ نفسي، ومكنش في حل غير كده...
عاصي قرب منها خطوة، ووشه حزين جدًا:
ـ كنت هجيبلك حقك، ولحد النهاردة وعدي ليك حقك وبراءتك هتظهر. وأنا عمري ما بطلت أحبك، ياريت مكنتش اتسرعت في الحلول الزائفة. حبلها صغير...
زهرة (بتهمس، وهي بتبص على القبر):
ـ بس الحلول الزائفة هي اللي خلتني أتهم بجريمة قـ.ـتـ.ـل...
السكوت نزل بينهم... الهوى بيعدي بهدوء حوالينهم، وزهرة بتلف وشها ناحية القبر من تاني، والدمـ.ـو.ع سايحة على خدها...
بدأ الناس بالتفرق، والهواء مشبع برائحة التراب والرطوبة. وقف عاصي بجانب سيارته، ملامحه تعكس الصدمة مما حدث. زهرة تقف بعيدة، غير قادرة على الحركة. فجأة، يقترب سليم من عاصي بخطوات هادئة، لكن عينيه تحملان نارًا.
سليم (بصوت ثابت، فيه غل لعاصي):
ـ شكلك تأخرت يا دكتور... زهرة الآن زوجتي، وستكون لي وحدي.
عاصي (يرفع عينيه، نظراته تحمل ألمًا):
ـ لا، الورق يثبت الملكية، مهما كانت مجبورة في يوم هتتحرر... وهي لم تكن قط شيئًا تملكه.
سليم (بضحكة بـ.ـاردة):
ـ يبقى أنت لا تعرفها... زهرة بدور عن الأمان، وأنا الوحيد اللي كنت موجودًا وقت ما انهارت. وقت زياد خطفها، كنت فين أنت؟ أنا كنت معها.
عاصي (يخطو خطوة للأمام):
ـ وصولك ليها ما يعنيش حماية، وإنت متأكد كنت موجودًا؟ أم كنت تستغل لحظة ضعفها؟ لو كنت بتحبها، ليه استغلت موقف زي ده عشان تجبرها على الجواز؟
سليم (صوته يرتفع):
ـ كنت بحبها غصب عنك، وجوزي منها عشان محدش يلعب بيها ويخليها تهرب عنده. أنا هخليها تجبر إنها تنسي أي مشاعر تجاهك... ومن تعلقها بك، وإنت غير قادر على الاعتراف! أخذتها لأحميها منكم جميعًا!
عاصي (يهمس بصوت مكسور):
ـ سبحان الله، إنت وزياد نسخة واحدة فعلاً، زي ما زينة قالت. كل واحد فيكم يقترب منها يريد امتلاكها. فقط... أما أنا كنت أحاول فهمها، مش امتلاكها.
سليم (بحدة):
ـ وفشلت! أما أنا؟ أنا زوجها دلوقتي... سأعيش معها وستعرف قيمتي.
عاصي (نظره مستقيم):
ـ هتكون زوجها... لكن الحب عمر ما يجى بالفرض، لازم يكون بالرضا. ومهما فعلت، طول ما هي عارفة إنها مجبورة، لن تحبك أبدًا.
سليم (بعناد):
ـ الحب بيجى بعد العشرة، وعندي وقت... أما أنت؟ وقتك انتهى.
عاصي (ببرود مرير):
ـ ولو حصل لها حاجة، هكون أول واحد يقف في وشك حتى وهي معك...
ينصرف سليم كله غضب من كلام عاصي دون رد، لكن ظهره يكشف كل شيء. كان عاصي واقفًا، ينظر إلى الفراغ، وقلبه مليء بالخوف عليها.
بعيدًا قليلاً...
كانت زهرة واقفة تستمع لكل كلمة. قلبها يدق بسرعة، والدمـ.ـو.ع تنهمر... لا تعرف إن كانت تبكي على أمها أم على نفسها.
بعد الجنازة - في بيت العيلة - غرفة جانبية - العصر
الجو حزين، الناس لسه بيغادروا، وصالح قاعد على كرسي متخشب من الصدمة، وزهرة قاعدة جنبه عينيها حمرا ومش بتتكلم. سليم واقف جنبهم ووشه باين عليه الحزن والتـ.ـو.تر، لكنه في الحقيقة بيخطط لكل حاجة.
سليم (بصوت هادي ومكسور):
ـ عمو صالح... أنا مش قادر أصدق اللي حصل، بس لازم نتصرف بسرعة. أنا خايف على زهرة من اللي جاي.
صالح (بصوت متعب):
ـ زهرة مالهاش حد غيرنا... وإنت شايف الهمّ اللي فوق دماغها. بس تعمل إيه؟ الشرطة بتطاردها، والإعلام قلب الدنيا...
سليم (بيقرب بحنية):
ـ علشان كده بقولك نوديها مكان بعيد... بيت في أطراف البلد. أنا أعرف حتة أمان، بعيد عن العيون، وهنروح إحنا التلاتة، وأنا آخد بالي منها، لحين ما تهدى الدنيا.
زهرة ترفع عينها لأول مرة وتبصله بتردد.
زهرة:
ـ إنت شايف إن ده الحل؟ أنا مش عايزة أهرب...
سليم (بحزم وحنية):
ـ مش هروب... ده حماية. لحد ما نعرف مين عدونا الحقيقي. إنتي محتاجة ترتاحي... وأنا وعدت أمك قبل ما تموت إني أحميك.
صالح يمسك إيد بنته، وعينه فيها دمـ.ـو.ع:
صالح:
ـ روحي معاه يا بنتي... سليم راجـ.ـل ونعم السند، وهو ابن أخويا، مش هيأذيكي أبدًا.
زهرة تومِّي برأسها وهي مكسورة، وسليم يبتسم لنفسه ابتسامة خبيثة ماحدش شايفها... كأنه كسب أول خطوة.
اسمعي مني يا زهرة:
الشرطة هتكون في أي لحظة في كل مكان في البلدة، تعالي معي.
تهز رأسها بتوهان، قلبها مكسور على أمها ونظرة عاصي ليها.
سليم:
لازم نثبت لهم إنك كنت معايا.
تهز راسها بالرفض:
ـ أنا ممكن أحبس نفسي في الأوضة لحد ما يعد الوقت.
انزعج سليم وحاول يظهر عكس ده:
ـ ولو فتش المكان حتة حتة وفهموا اللعبة، ووعد مني قبل المحاكمة، هديك إلى القسم. ومتقلقيش، أمي معانا وأنا على وعدي، فترة بس عشان صعب تروحى دلوقتي وأنتِ مكسورة بعد وفاة والدتك.
رد الأب صالح:
ـ روحي يا بت، أنا مقدرش أسيب البلد وجدك حزين ومكسور على أمك، وكمان بيتهمني إني السبب عشان اتسرعت وجوزتكم لبعض. لازم أقعد وأفهمه إن ده لمصلحتك. صعب نغيب والناس بتجي تعزي.
توافق زهرة وتذهب تركب العربية.
يغلق سليم العربية بإحكام وينظر لها.
تشعر زهرة بشي غريبة وخوف جوها وتسأله:
ـ فين مرات عمي؟
وقبل ما تحاول تفهم، كانت العربية طارت بيها، وهو نظر لها بنظرة انتصار.
ـ سبقتنا على هناك.
بعد وقت، وصل على بيت بعيد عن البلدة.
يفتح الباب بفرحة:
ـ نورتي يا عروسة!
تدخل زهرة البيت وتبحث بعيونها وتسأله:
ـ فين مرات عمي؟
يشير سليم إلى غرفة النوم:
ـ ادخلي هنا واستريحي، يا زهرة أكيد بتجيب لوازم.
تدخل زهرة وتجلس في ركن الغرفة، تحتضن نفسها وتنظر حولها بخوف. عيونها حمراء من كثرة البكاء، وترتعش من الخوف، ولا تستطيع النوم أو الاطمئنان.
يأتي الليل وفجأة يُفتح زياد الباب بعنف.
زهرة العاصي (الكاتبة صفاء حسنى حصري قيد الكاتبة)
يدخل سليم الغرفة، ويغلق الباب خلفه بعنف. تشعر زهرة بخوف شـ.ـديد. يقترب سليم منها.
سليم (صوته وا.طـ.ـي، مليء بالتـ.ـو.تر):
ـ عايز أعرف... الحقيقة كلها، من دون لف ودوران. ما علاقتك بالدكتور عاصي؟ وليه هو متأكد إنك بتحبيه؟ وعلاقتك مع زياد وصلت لحد فين؟
تنصدم زهرة من أسئلته.
زهرة (ببرود حزين):
ـ أنت تستجوبني؟ أنت عارف إني وافقت على الزواج فقط بطلب من أبي، وكي أرفع رأسه. ليه مصمم تشغل بالك وأنا عارفة لو قولت ليك حاجة مش هتصدقني؟ وقامت تدور على مرات عمها؟ هي مرات عمي اتأخرت ليه؟
نظر لها سليم (بصوت مهزوز):
ـ إنتي دلوقتي مراتى، أقدم الناس، وعايز أكون على نور. مقدرش أعيش على الشك... قلبي يصـ.ـر.خ عشان أحبك، وعقلي يقول إنك كنتِ معه برضاكِ... وأنتِ اختارت الصامتة!
تسكت زهرة، وتنظر إليه بعيون دامعة. يقترب منها بهدوء، ويمسك يدها. تنتفض زهرة.
زهرة:
ـ طلقني يا سليم بعد الحكم، عشان يرتاح قلبك وعقلك.
يرفض سليم ويحاول التحدث بهدوء.
سليم:
ـ طـ.ـلا.ق إيه، يا بنت الناس؟ كل غرضي هو وضع كل النقاط على السطور. لو استمرينا في العيش وأنا بشك فيك، كيف أثبت للمحاكمة إنك زوجتي؟
زهرة (بدمـ.ـو.ع):
ـ أنت لو بتحبيني بجد هتفهمني وهتعرف إني كويسة.
يقترب منها سليم ويتغير من الهدوء للحقيقة:
ـ دعيني أثبت لنفسي أنك شريفة وتستحقيني تكوني زوجتي.
تنتفض زهرة وتبتعد، وتسأله:
ـ أنا مش فاهمة، تثبت لنفسك؟ وعايز توصل لإيه وفين مرات عمي؟
يضحك سليم ضحكة مخيفة:
ـ مرات عمك مش هنا، إزاي تيجي مع عريس وعروسه؟
تخاف زهرة برعـ.ـب:
ـ أريدك يا زهرة، أحتاجك، وأريد أن أتأكد أنني أنا من امتلكك، وليس أحداً آخر. وبعد ذلك، سنرى المحكمة والقضية، ربما تكونين حاملاً بطفلي، وأكون قد عششت في قلبك بعد هذه الليلة. وسنكون أسرة معًا.
تشهق زهرة بخوف شـ.ـديد.
زهرة:
ـ لا يا سليم، لا تفعل ذلك بالله عليك، أقسم بالله إني شريفة.
يدفعها سليم بقوة.
سليم دخل الأوضة وقفل الباب، زهرة اتخضّت أوي. قرب منها سليم، وصوته وا.طـ.ـي وفيه تـ.ـو.تر:
ـ عايز أفهم الحقيقة كلها، من غير لف ودوران. إيه علاقتك بدكتور عاصي؟ وليه بتقولي إنك بتحبيه؟ وزياد كان فين في كل ده؟
زهرة اتصـ.ـد.مت من أسئلته.
زهرة:
ـ إنت بتستجوبني؟ إنت عارف إني وافقت على الجواز عشان بابا، وعشان أرفع راسه. ليه مصمم متصدقنيش؟
سليم صوته بيهتز:
ـ مقدرش أعيش على الشك... قلبي بيصـ.ـر.خ إني بحبك، ودماغي بتقول إني كنتِ معاه برضاكِ... وساكتة!
زهرة سكتت، بصّت له بعيونها المليانة دمـ.ـو.ع. قرب منها بهدوءقرب منها بهدوء، مسك إيدها، هي اتنفضت:
زهرة:
ـ طلقني يا سليم بعد المحكمة، عشان قلبك ودماغك يرتاحوا.
سليم:
ـ طـ.ـلا.ق إيه، يا بنت الناس؟ أنا عايز أحط كل النقاط على السطور. لو فضلنا نعيش وإحنا بنشك في بعض، عمرنا ما هنرتاح. أنا مش جاي أؤذيكي... أنا جاي أفهم، وأسندك، بس لو إنتِ فعلاً عايزاني.
زهرة (بدمـ.ـو.ع):
ـ أنا مش عايزة حد يثبتني بموقف، ولا يختبرني بجـ.ـسمي! عايزة حد يصدقني... كده وبس.
سليم قرب منها:
ـ خليني أثبت لنفسي إنك شريفة، وإنك تستاهليني.
زهرة بعدت عنه:
ـ مش فاهمة، تثبت لنفسك إزاي؟ إنت عايز توصل لإيه؟ وفين مرات عمي؟
سليم ضحك ضحكة مرعـ.ـبة:
ـ مرات عمك تيجي ليه مع عريس وعروسة؟
شهقت زهرة وقامت من مكانها:
ـ ده مش اتفقنا، اتصل بيها أو ترجعني!
رفع صوته سليم:
ـ مفيش اتفاق ما بيني ومفيش خروج من هنا إلا لما أكون أمتلكك، وأتأكد إني أنا أول رجل في حياتك، ومفيش حد تاني. وبعدين نشوف المحكمة والقضية، وممكن وقتها تكوني حامل في ولدي، وأكون عششت في دماغك. نبقى أسرة مع بعض.
زهرة شهقت بخوف:
ـ لأ يا سليم، اوعى تعمل كده بالله عليك، أقسم بالله إني شريفة.
ظهر سليم على حقيقته:
ـ دلوقتي هنعرف إن كنتِ شريفة، ولا لأ.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
-فى أوضة عاصي - الدنيا هادية بس فيها قلق باين في ملامحه وهو نايم على السرير، ووشه متقلب في الحلم
كان عاصي نايم، جـ.ـسمه ساكن بس جواه في دوشة... قلبه مش مرتاح من ساعة ما زهرة ما اتجوزت ، والحلم جاله فجأة، كأنه حقيقي أكتر من الحقيقة...
داخل الحلم:
الدنيا مطر... مطر كتير بيغرق الأرض والسماء سودا، والبرق بيشقها كل شوية.
في وسط المطر، ظهرت زهرة... ماشية على إيديها ورجليها، هدومها مبلولة، شعرها سايح على وشها ومكشوف، وحجابها على الارض، باين التعب والوجع على كل تفصيلة فيها...
كل ما كانت تقرب، كانت بتبص ناحيته وتصرخ:
زهرة (بتصرخ بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ عاااصي!!!
ـ إلحقنييييي!!
ـ أنا هنا... مش قادرة أهرب... مش قادرة أتنفس!!
كانت بتنزف، ومياه المطر مخلوطة بالدم، جـ.ـسمها بيرتعش، وعنيها بتدور عليه وسط الظلمة.
عاصي (في الحلم، بيحاول يجري ليها):
ـ زهرة!!!
ـ استني!! أنا جاي... أنا معاكِ!
بس رجله بتغرز في الأرض، كأن المطر رابطها... بيحاول يتحرك، يصـ.ـر.خ، بس صوته مش طالع...
وهي بتبعد، صوتها بيخفت... وبتختفي وسط المطر، وتفضل كلمة واحدة ترن في ودنه:
زهرة (بهمس بيقطع القلب):
ـ متتأخرش...
قطع الحلم - عاصي بيصحى مفزوع - قلبه بيدق بسرعة - عرقان وأنفاسه سريعة
عاصي (بيهمس لنفسه وهو بيبص في السقف):
ـ زهرة... أنا حاسس بيكِ...
ـ مستحيل أسيبك هناك... مستحيل.
يقوم من السرير بسرعة، قلبه بيجري قبله... عارف إن الحلم ده مش مجرد كابوس، ده نداء حقيقي.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
بيت الجد "الحاج محمد " - قاعد في أوضته وسط العتمة - عينه في الأرض، حوالين منه صور وردة وزهرة
صوت الموبايل بيرن...
الحاج محمد (بص بعين مطفية):
ـ مين بيتصل في الوقت ده...
يبص في التليفون يلاقي اسم "عاصي"، يرد بصوت مبحوح:
الحاج محمد :
ـ أيوه يا عاصي...
عاصي (صوته متـ.ـو.تر ومليان قلق):
ـ الحاج محمد ... معلش أنا آسف إني بطلبك دلوقتي، بس أنا محتاج أعرف... زهرة فين؟
ـ حضرتك آخر مرة كلمتها؟ كانت مع مين؟
ـ زهرة فى امان عندك والا لا ... وأنا متأكد إن في حاجة مش طبيعية.
الحاج محمد (بصوت مكسور، بيكلم نفسه):
ـ أنا مخبرش...
ـ مخرجتش بعد موت وردة من الأوضة...
ـ ولا حتى بصيت في عيون زهرة...
ـ كنت مقطعها... عشان اتجوزت من سليم.
ـ فاكر آخر مرة كلمتها...
ـ كنت باتهمها إنها السبب...
ـ السبب في موت الغالية... بنت الغالي...
عينه تدمع وهو بيمد إيده ياخد صورة قديمة لوردة وهي شايلة زهرة وهى صغيرة...
الحاج محمد (بصوت واهن):
ـ أنا مخبرش...
ـ مخرجتش بعد موت وردة من الأوضة...
ـ ولا حتى بصيت في عيون زهرة...
ـ كنت مقطعها... عشان اتجوزت من سليم.
ـ فاكر آخر مرة كلمتها...
ـ كنت باتهمها إنها السبب...
ـ السبب في موت الغالية... بنت الغالي...
عنينه تدمع، بيقوم ببطء، يمد إيده ويمسك صورة قديمة لوردة وهي شايلة زهرة وهى صغيرة، لمس الصورة بحنان ووجع.
الموسيقى تعلى شوية - ننتقل لفلاش باك - زمن سابق
المكان: ساحة البيت، جدته وزهرة واقفين بيواجهوا بعض، الجو مشحون، نظراته قاسية ونظراتها مجروحة.
زهرة (بتقرب من جدها، عنيها مليانة دمـ.ـو.ع):
ـ إوعى تسبني إنت كمان يا جدي...
الحاج محمد (بيرفع صوته بغضب):
ـ إنتي السبب!
ـ لو ما سمعتيش كلام أبوك واتجوزتيش من الفاشل الضايع ده... ماكنّاش خسرنا وردة!
زهرة (دمـ.ـو.عها بتنزل وهي بتترجّيه):
ـ يا جدي... أنا...
ـ أنا اتجوزت غصب عني...
ـ عشان أكون هنا معاكم، في حـ.ـضـ.ـن ماما...
ـ وردة... وحـ.ـضـ.ـنك...
ـ جيت لما هي تعبت... ولما عرفت إن تعبها كان عشان خافت عليا...
توقف لحظة، تاخد نفس، ترفع صوتها بنبرة مقهورة ومتمردة:
ـ إنت اللي السبب في كل ده!
ـ عشان تجيب حق بنتك سعاد... خلتني ظل زينة!
ـ وضحكتوا عليّا أنا... إنت وهي...
ـ وكانت النتيجة إني اتهمت في جريمة قـ.ـتـ.ـل...
ـ وحفيدتك زينة تاخد حقها عادي...
ـ لكن أنا؟ أنا اتسجنت!
ـ آه، إنت ظالم يا جدي...
ـ بتحاسبني إني مرة واحدة اختارت تدافع عن حقها؟
ـ رغم إني كنت ضهر لزينة!
الحاج محمد (بيصـ.ـر.خ بقسوة):
ـ اطلعي برا!
ـ برااااااااا!
ـ ماعيش عايز أشوف وشك، إلا لما تعقلي...
ـ وتفهمي إني ما فرّقتش بينكم!
ـ زينة عاشت في حـ.ـضـ.ـني على إنها يتيمة...
ـ عشان أحميها منهم!
ـ ما شافتش النور، ولا حد كان يعرف ليها أهل...
ـ والكل قال وردة اتبنتها، عشان تكون أخت لزهرة...
ـ وجايه تتهميني إني السبب؟
ـ عشان مرة واحدة قررت أساعدها تثبت هويتها؟
ـ وتكشف المجرمين اللي محوا كل دليل على وجودها؟
ـ وكتبوا شهادة موتها وهي لسه عايشة؟
ـ من إمتى كنت أناني يا بت؟!
زهرة (دمـ.ـو.عها نازلة، صوتها هادي وواهن):
ـ يا جدي... أنا مش أنانية...
ـ أنا كنت عايزة أفهم... أكون على نور...
ـ لكن إنت خرّجتني من حساباتكم...
ـ وكنت ضحية للعبة أنا ماليش ذنب فيها...
الحاج محمد (صرخ فيها تاني):
ـ ولما روّحت تحبي وتتمعشقي في زياد؟
ـ رغم إن زينة حذرتك منه؟
ـ برضه كنت ضحية؟
ـ للأسف... إنتي اللي دخلتي نفسك في اللعبة يا بت...
ـ ولما بازت منك، بدل ما تصلّحيها...
ـ بدأتي تكسّري فيها تاني!
ـ مش عايز أشوف وشك إلا لما تطلبي الطـ.ـلا.ق من سليم...
ـ وتكمّلي تعليمك...
ـ وتحققي حلم وردة!
نرجع للحاضر - الحاج محمد بيحـ.ـضـ.ـن الصورة ويبكي بصوت مكتوم.
الحاج محمد (بوجع):
ـ يا خسارة...
ـ جرحتها... وأنا اللي كان لازم أكون ضهرها...
ـ سامحيني يا زهرة...
ـ سامحيني... قبل ما تكوني إنتي كمان... ضحية.
تتبع...
يهديه عاصي ويتحدث معه:
- يا حاج، زهرة محتاجاك دلوقتِ أكثر من أي وقت.
- متخليش نـ.ـد.مك يزيد، لسه في فرصة.
يرفع الجد رأسه، نظرة وجع وحسم في عينيه وهو يقوم واقفاً:
- كنت تعبان! كنت شايف الدنيا كلها سوداء بعد ما وردة راحت!
- زهرة كانت بتفكرني بيها، حسيت إني مش هقدر أشوفها بتتوجع أكتر.
عاصي (بهدوء، لكن بنبرة قوية):
- حضرتك فقدت سعاد  غصب عنك،  ووالدة  زهرة ربنا اختارها
بس دلوقتِ، زهرة ممكن تروح منك وإنت سايبها بإيدك.
- زهرة كانت مستنية حـ.ـضـ.ـنك وسندك، مش تسليمها لسليم اللي معرفناش نيته الحقيقية لسه.
يقعد الجد على الكرسي وهو متأثر، دمـ.ـو.ع تنزل بدون صوت، دمـ.ـو.عه بتنزل :
- انى عارف الكل حزنى على وردة، رغم أنها بنت أخي، لكن كانت زي بنتي وأكثر، كنت بشوف فيها سعاد بنتي. كانت شايلنى آكتر من أولادى ،لكن ضاعت مني، جيت أحمى بنت سعاد واجيب حقها  لكن  وردة وزهرة، لكن معرفتش أحمي حد فيهم. متبقاش لي غير زهرة وزينة... لأ، لأ، مش هسمح لأي حد فيهم يتأذى ثاني.
الحاج محمد:
- حاضر يا دكتور يا عاصي، أنا هخرج وأشوفه. شكراً يا ابني وخالك، بالله عليك خليك قريب من زينة.
عاصي (بحدة وقلق):
- كلمني وطمني عليها بالله عليك، زينة بخير وفي أمان، المهم زهرة دلوقتِ.
زهرة عاصي الكاتبة صفاء حسنى 
 حصري 
زهرة مرمية على الأرض، ووجهها شاحب جداً، رجلها فيها آثار دم، والعيون متورمة. سليم انقض عليها زي الوحش، ما راعاش حزنها على أمها ولا قلبها المكسور. نزع ملابسها بقوة، وهي حاولت تهرب منه، بس هو كان أقوى منها. وقعت على الأرض واتجرحت، وهو ما هتمش بجرحها. ربط إيديها بجنزير في رجل السرير عشان ما تقدرش تقوم.
صرخت زهرة وهي بتترجاه ما يعملش فيها كده:
- أرجوك يا ابن عمي، اوعى تكسرني كده! الجواز مش بالغصب، متكسرنيش بالله عليك.
سليم ما سمعهاش:
- إنتِ مراتي، حلالي، فين الكسر ده؟ وده حقي أمتعك، وأتمتع بكل حتة في جـ.ـسمك. كنت مستني اليوم ده من زمان، وكنت برقبك وأنتِ بتاخدي دش، كنت بقول لنفسي: امتى أمسك الجـ.ـسم ده؟
شهقت زهرة بصدمة:
- إنت بتقول إيه؟ إمتى حصل ده؟ وإزاي أنا معرفش؟
يضحك سليم ضحك هستيري:
- ما أنا خبر إنك مت عـ.ـر.فيش، إنتِ ناسية إن الحمام مبني من الطوب الأحمر عشان البيت الجديد، وإن أنا اللي كنت بأساعد في بناء الدار مع عمي، وكنت باخد هدومك من على الأرض قبل الغسيل عشان أشم ريحتك فيهم في أي وقت. وكنت لما أعرف إنك داخلة الحمام، أنزل من الشباك الصغير على المنور وأزيح الطوبة وأطلع عليكِ وأستمتع وأنا شايف جـ.ـسمك الأبيض. لكن ما خبرتش جدّي، عرف من وين، بعتك على القاهرة غصب عن الكل، وكنت هموت وأشوفك، وصبرت سنتين، لكن النهاردة إنتِ بقيتي ملكي.
صرخت فيه زهرة:
- إنت حـ.ـيو.ان! وجدي كان عنده حق يرفضك!
خلع سليم ملابسه ولم يبالي بصرخها، وبدأ ينزع ملابسها، وانقض عليها زي الحـ.ـيو.ان. لما خلص، قعد جنبها، ولّع سيجارة ودخّن:
- إنتِ صدقتي يا بت عمي، وطلعتِ شريفة، بس مشبعتش منك. وهفضل أمتعك لحد ما أشبع. ووقتها هأتصل بالشرطة تاخدك، بس هكون مطمئن إنك شربتي من حبي، وإن في طفل مني في بطنك وقتها محدش يقدر يفرقنا. والله صبرت ونولت يا سليم!
سليم واقف فوقيها، عينيه مليانة برود، مش شايف غير إنها لازم تفضل له غصب عنها. يشيلها كأنها حاجة تقيلة، لا حنية ولا رحمة. كانت زهرة فقدت الوعي... جـ.ـسمها بـ.ـارد، وأنفسها ضعيفة... رجلها بتنزف، ووجهها كأنها جاية من سابع حرب. وسليم؟ واقف زي الجاهل، مش شايف قدامه غير غروره وملكيته الزائفة. خدها من الأرض، وسحبها لحمام بـ.ـارد، حطها تحت المية من غير ما حتى يشوف هي بتتألم ولا لأ. المية نازلة على وشها، على شعرها، بتخبط في جروحها... وهي بدأت تتحرك، وعيها يرجع بشويش، بس الألم كان راجع أسرع.
زهرة (بتصرخ وهي بتفوق):
- ابعد عني يا حـ.ـيو.ان! ابعد يا سـ.ـا.فل!
سليم (ببرود مرعـ.ـب):
- صحيتِ؟ كويس... عشان تفهمي إنك بقيتي مراتي، غصب عنك.
يشيلها من الحمام، يرجعها على السرير بالعافية، ويشـ.ـد إيديها ويربطها بحبل في أطراف السرير، وهي بتحاول تقاوم، بس جـ.ـسمها مش مساعدها.
زهرة (بتصرخ بأعلى صوتها، والدمـ.ـو.ع في عينيها):
- والله لأدفعك تمن كل حاجة! يا كـ.ـلـ.ـب! يا جبان! فاكر نفسك راجـ.ـل؟ دا حتى الرجولة عيب عليك!
يقرب سليم منها، وهي تبص له بنظرة كلها نار، وجواها كأن في بركان بينفجر.
زهرة (بصوت مهزوز، لكن مليان تحدي):
- هطلقك... هطلع من تحت إيدك لو بآخر نفس فيا... وهتنـ.ـد.م... أقسم بالله هتنـ.ـد.م على كل لحظة قربت فيها مني غصب!
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى :
(فى الصالون): صالح قاعد بيحاول يرتاح بعد أيام الجنازة، يسمع خطوات الجد، ويقوم بسرعة. يخرج لهم الجد محمد (بصوت عالي حاد):
- زهرة فين؟!
الكل يسكت، ويبصّوا لبعض مش مصدّقين إنه اتكلم، لأنه من يوم موت وردة، قافل على نفسه كأنه بنته مش مرات ابنه.
صالح (بتـ.ـو.تر):
- زهرة... مع سليم، جوزها يا بوي، أخدها على بيت بعيد شوية، قال هيراعيها لحد ما عيون الشرطة تهدى...
الجد (بعصبية وحزن):
- مع سليم؟ وإنت وافقت؟! إزاي تسيب حفيدتي تروح مع سليم؟
يُعترض الإبن الأكبر عثمان:
- وماله ابني يا ولدي زين الشباب!
يصـ.ـر.خ فيه محمد:
- ابنك شمام وفاشل! أنا ما خبرتش ليه عملت كده في بنتك الوحيدة يا صالح... دي حفيدتي... ودمها من دمي!
صالح (يدافع عن نفسه):
- يابوي، إنت ما خبرتش هو عمل إيه! أنقذها من شخص كان خطفها، وخايف عليها... والبنت وافقت، كانت مكسورة ومحتاجة حد جنبها...
الجد (بعين مليانة دمـ.ـو.ع وكبرياء):
- محتاجة أهلها... مش حد يختار لها مصيرها! أنا سبتها مرة ونـ.ـد.مت... بس المرة دي، مش هسكت. أنا عايز زهرة ترجع بيت جدها... حالاً! اتصل بسليم.
يُسيبهم ويمشي ناحية الباب وهو بيزعق للخادم:
- جهّز العربية! هنروح نجيب البنت دلوقتِ!
يُتنهد صالح:
- أنا ما خبرتش العنوان، اتصل بسليم.
(المكالمة الهاتفية بين صالح وسليم):
صالح:
- إنت فين إنت وزهرة؟ لازم ترجعوا أو ابعت لي العنوان، جدك عايزكم.
يخرج سليم من البيت عشان ما يسمعش زهرة بتكلم أبوها وتصرخ وتفضحه. تسمع زهرة وهو بيتكلم في التليفون، وبعد كده صوت الباب بيقفل. تتنهد و تبدأ تحاول تفك الحبل اللي مربوط بإيديها. وشها عليه آثار تعب وخوف، بس عنيها فيها إصرار:
زهرة (بهمس وهي بتحاول تحرر إيديها):
- لازم أخرج... لازم أهرب قبل ما يرجع تاني...
بصعوبة فكت الحبل، ولبست هدومها بسرعة، وهي مكسورة من الوجع. والحجاب ربطته. تحركت بهدوء، طلعت من الأوضة على المطبخ، وفتحت باب بيطلع على ممر طويل. بدأت تجري وهي بتنهج.
رد سليم ببرود:
- مراتي معايا يا عمي، إنت دلوقتِ ملكش حكم عليها.
انصدم صالح:
- سليم إنت بتقول إيه؟ لازم ترجع زهرة، أبويا بيسأل عليها.
رفض سليم:
- لسه قدمنا أسبوع العسل يا عمي، وبعد كده أرجع.
صرخ فيه صالح:
- سليم احنا اتفقنا مفيش دخلة، إلا لما تكون البنت راضية عنك، ابعت العنوان.
أغلق سليم التليفون ولم يرد عليه.
صالح (مرتعش من الغضب):
- قفل في وشي! الواد اتجنن... اتجنن فعلاً!
الحاج محمد (واقف ووجهه مليان صدمة):
- قال إيه؟
صالح (بمرارة):
- قال مراتي؟! وأنا مليش حكم عليها؟!
بدأ يُبرر صالح:
- يا حاج أنا أقسمت عليه... اتفقنا من البداية إن الجوازة دي بس عشان نحميها... مفيش دخلة... مفيش إكراه... البنت كانت تحت ضغط، كانت بتهرب من مصيبتين!
الحاج محمد (صوته بيتهدج من الغضب):
- وأنت زي الغـ.ـبـ.ـي... أقولك إيه أنا الغلطان إن صدقتك! سبتها معاك... وافتكرت إنك هتاخد بالك منها!
صالح (يضـ.ـر.ب على صدره):
- أنا غلطان! غلطت في حقها! بس لسه قدامنا فرصة نلحقها...
الحاج محمد (بحسم وعينه بترتعش من النيران):
- اسمعني كويس يا صالح... لو حصل لها حاجة، سليم ده آخر يوم في عمره، ولا يهمني إنه حفيدي. خلّص كلامك... أنا خارج دلوقتِ... هجيبها برجليا حتى لو هَدّيت الدنيا!
صالح (بيخرج تليفونه بسرعة):
- أنا هكلم زينة ممكن تكون عارفة تعمل تتبع لتليفون زهرة... لازم نتحرك دلوقتِ.
الحاج محمد (صوت غاضب ومليان دمـ.ـو.ع):
- زهرة دي مش بس بنتك... دي اللي فضلت لي من الدنيا. لازم نلاقيها... ولازم نوقف سليم عند حدّه.
(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى ):
(بيت صالح – بعد المكالمة مع سليم): صالح واقف في نص الصالة، بيدور حوالين نفسه وهو ماسك تليفونه، صوت أنفاسه باين فيه القلق، فجأة يضغط على زر الاتصال.
صالح (بتـ.ـو.تر):
- آلو... زينة؟ أنا محتاجك تردي عليا بكل صراحة... إنتِ عملتي تتبع لتليفون زهرة؟ يعني تتبع أو تحديد موقع ولا حاجة؟
زينة (من الطرف التاني، متفاجئة):
- تتبع؟! لأ والله يا خالو... إحنا ملناش فى الموضوع ده، عشان كنا دايما مع بعض ، لكن بعد الاحداث هى بعدت عنى فحبيت اسيب ليها وقت و الخصوصية ومكنتش بترد على تليفونات ... بس... لحظة كده أكلمها من تليفون تاني...(زينة بسرعة تفتح تليفون آخر، تحاول تتصل بزهرة، تعبير وشها بيتغير وهي بتحاول مرة واتنين)
زينة (بصوت فيه رجفة):
- يا نهار... التليفون مقفول!
صالح (بوجع  فى  صدره):
- مقفول؟!
زينة (بحذر):
- خالو... أنا قلقت جداً دلوقتِ... بس برضو مش هينفع نسأل الشرطة دلوقتِ، لحد ما نتأكد، مش عايزين نلبسها قضية تانية.
صالح (بعصبية مكبوتة):
- طب نعمل إيه؟ نسيبها في إيد سليم ده؟!
زينة (تفكر شوية):
- استنا ... أنا أعرف حد... صاحب قديم بيشتغل في السيكيوريتي وتكنولوجيا المراقبة... ممكن يساعدنا نحدد آخر مكان كان فيه تليفون زهرة مفتوح قبل ما يتقفل.
صالح (بنبرة أمل):
- بسرعة يا زينة... لو تقدري تجيبي لنا معلومة، تبقي أنقذتيها.
(عاصي كان قاعد قدام صورة لزهرة وزينة، أول ما بيسمع صوت زينة بينهض مفزوع):
زينة (بنبرة استعجال):
- عاصي... زهرة بخطر! سليم رفض يرجعها... بيقول مراتي ومفيش حد ليه حكم عليا. لازم نتحرك... حالاً!
عاصي (بحزم):
- أنا معاكي... والله ما هسيبها لوحدها ثانية تانية!
رفضت زينة وقالت:
- إحنا منعرفش مكانها وتليفونها مقفول، لازم نعرف مكانها لكن من غير تدخل الشرطة. في واحد أنا أعرفه ليه في التعقب، هكلمه.
بعد شرح زينة للشاب، طلب منها تيجي في كافيه ويفهم منها، وفعلاً زينة قاعدة مع عاصي، والاتنين مستنيين صاحبها.
عاصي (مش قادر يقعد من القلق):
- أنا قلبي واجعني من إمبـ.ـارح... حلمت بيها بتصرخ تحت المطر... وحياتي عندك يا زينة لو حصلها حاجة مش هسامح نفسي.
زينة (بهدوء وهي بتبص له):
- مش هنسيبها... بس استنى شوية، هو جاي دلوقتِ.
(يدخل شاب طويل لابس كاجوال أنيق، بيلبس نضارة، يسلم على زينة بسرعة)
الشاب (بابتسامة):
- زينة... إيه الموضوع الخطير ده؟ أول مرة تطلبي مني طلب بالشكل ده.
زينة (بجدية):
- هشرح لك كل حاجة... بس دلوقتِ عايزين نعرف آخر موقع ظهر فيه تليفون زهرة. وبأسرع وقت.
عاصي (ينظر له مباشرة):
- حياتها في خطر.
الشاب (بدأ يفتح اللابتوب المحمول من شنطته):
- تمام... ادوني رقمها، وخلوني أشتغل.
(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى ):
صوت خطوات تقيلة وراها. لما لفّت، لاقت سليم واقف:
سليم (ببرود):
- رايحة فين يا زهرة؟ لسه الهروب بيعجبك؟
شهقت زهرة (بصدمة):
- سليم؟! إنت... إنت ورا كل ده؟!
ضحك سليم (بيقرب منها):
- أكيد، عايزة تهربي مني وتروحي لحد فكر إنه يتقبلك بعد ما لمستك، وجـ.ـسمي لمس جـ.ـسمك. مفيش راجـ.ـل يستحمل ده، غير كل لحظة قضيتها معاكي مصورها فيديو وبعتها لحبيب القلب الدكتور عشان يقطع الأمل ويرجع بلادك.
شهقت زهرة:
- إنت مريـ.ـض، أقسم بالله مريـ.ـض!
ضحك سليم (بنبرة تهديد):
- هتخرجي من عندي على المحكمة وترجعي معايا... قدام الناس وبالرضا... يا إما أقول إنك اعترفتيلي إنك قـ.ـتـ.ـلتِ صاحبتك! والفيديو الجميل ده يتسرب في كل بيت في البلد، وسمعت عمك هتكون في الأرض.
تنهار زهرة (بغضب ودمـ.ـو.ع):
- أرحمني، إنت أخدت شرفي وجـ.ـسمي، عايز إيه تاني؟
يبتسم سليم (بابتسامة مريـ.ـضة):
- أنا بحبك، وبعد ما دوقت العسل معاك مقدرش أعيش من غيرك، رغم إني شايف عاصي في عنيكِ كل ما يقرب منك. دلوقتِ مفيش حد هينقذك، ومفيش عاصي هيجي.
زهرة (بصوت مهزوز، لكنه متحدي):
- حتى لو أخدت روحي، عمري ما أكون ليكِ. أنا مش لعبة في إيدك... ومش هضعف!
شـ.ـدّها سليم من دراعها وضـ.ـر.بها بالقلم بكل قوته، وهو بيجرها في الشارع. وكانت ما بين الوعي واللاوعي، وكأنها شايفة عاصي بيمدّ إيده ينقذها من الأرض، والمطر نازل زي أول مرة شافته. ورجعها الأوضة، ورمها على السرير وقفل الباب بالمفتاح، وسابها بين الخوف... عينيها دمـ.ـو.ع، بس فيها لمعة نار.
خرج سليم من البيت وقال:
- أنا رايح أجيب أكل، عشان حبك عايز غذائي يا قمر، وأجيب لك قميص نوم وإلا اثنين، ولو بدلتِ رقصتي و رقصتي لي يبقى دلع الدلع يا مراتي!
خرج وقفل الباب. زهرة كانت لوحدها، 
البيت المعزول –  – الجو هادي لكن فيه ترقّب):
عينيها بتلف في المكان، عقلها شغال بأقصى طاقته، وهي عارفة إن الوقت ده ممكن يكون فرصتها الوحيدة.
(بصوت داخلي زهرة):
- كل حاجة حواليّا بتقفل... بس دماغي مفتوحة. أنا مش هفضل هنا مستنية النهاية...
قامت تمشي في البيت بهدوء، قلبها بيخبط من القلق، لكنها بتحاول تمسك أعصابها. فتّشت الأدراج، لقت حاجة أشبه بسكين صغيرة مكسورة، خبتها بسرعة. عينيها لمحت الشباك، اقتربت منه لتصرخ، لكن وقعت عينيها على حائط متآكل تحت الشباك. خرجت أيدها بصعوبة من بين الحديد بتاع الشباك، وبدأت تحفر فيها بعناية. كتبت بخط صغير جداً: "زهرة هنا... ساعدوني... سليم هو اللي خطفني ."
( بصت حواليها، ركزت بدور على تليفونها كان مكسور ومرمي في درج، جربت تشغله، وفعلاً اشتغل بالعافية، الشبكة ضعيفة لكن كفاية. كتبت رسالة مختصرة ومرعـ.ـبة:  انا في مأزق، أحتاج المساعدة فوراً – زهرة" بعثتها لرقم عاصي اللي حافظاه كويس من غير ما تحتاج دليل. في نفس الوقت وصلت رسالة للشخص اللي بيحاول يوصل أن التليفون مفتوح. 
التليفون انفتح وبعد شوية وصلت رسالة لعاصي
 بالتتبع.
في الكافيه – الجو مشحون بالتـ.ـو.تر
عاصي كان قاعد على الكرسي، ماسك تليفونه، قلبه بيخبط كإنه هيخرج من صدره. عيونه كانت مركزة على رسالة لسه واصلاه.
عاصي (بصوت عالي وهو بيقرأ): ـ "أنا في مأزق، أحتاج المساعدة فوراً – زهرة"
زينة (بفزع): ـ إيه؟! جتلك رسالة؟ دلوقتي حالاً؟!
عاصي (وقف بسرعة وورالها التليفون): ـ من رقم مش مسجل... بس دي زهرة... دي طريقتها في الكلام، دي استغاثة!
في نفس اللحظة، الشاب اللي قاعد جنب زينة بيبص على اللابتوب وبيصـ.ـر.خ:
رامي (الشاب): ـ جت الإشارة!! ـ آخر نقطة ظهر فيها تليفونها... بيت قديم، في منطقة صحراوية بعد طريق الفيوم... شايفين دي؟ (بيشاور على الخريطة) ـ الإشارة انقطعت بعدها بثلاث دقايق، بس واضح إنها كانت بتحاول توصل لأي حد.
زينة (بانفعال): ـ يبقى هي هناك! ولسه على قيد الحياة!
عاصي (بصوت حاسم): ـ مش هستنى ثانية.
رامي: ـ استنى، المكان ده بعيد ومفيش شبكة كويسة، وممكن يكونوا معاهم سلاح.
عاصي (بعزيمة): ـ أنا مش رايح أتحارب... أنا رايح أرجّع روحي.
زينة (بقلق): ـ طب لازم نبلغ حد... على الأقل نخلي الشرطة تجهز أو حد يجي بعدنا.
عاصي (بيجهز نفسه وبيشاور على التليفون): ـ هكلم الجد... لازم يعرف، وهنحتاج دعم. بس أنا لازم أكون أول حد يوصل ليها.
زينة (بهمس): ـ خليك حذر يا عاصي... زهرة مش هتستحمل تاني.
عاصي (بنظرة كلها حسم): ـ وأنا كمان مش هستحمل أفقدها.
بيت الجد محمد – البيت ساكت وهادي
مفيش صوت وردة وعتابها لصالح، ولا صوت زهرة وهي بتغني لمامتها وتصالحها، ولا زينة وهي بتحكي معاه. البيت بقى فاضي... وحيد.
الجد محمد كان قاعد على الكنبة، ماسك صورة وردة، وعينيه كلها حزن عميق، بيكلمها بصوت وا.طـ.ـي:
محمد (بصوت مبحوح): ـ يا وردة... يا بنتي... أنا ضيعت زهرة زي ما ضيعتك؟ ـ وزي ما ضيعت سعاد زمان... ـ وحـ.ـشـ.ـتني لمتكم حوالين البيت... البيت فاضي، ومرات عثمان انتي عارفاها... بضيقها، وبضيق ابنها... ـ بقيت وحيد بعدك.
فجأة، صوت التليفون بيرن. بيبص على الشاشة... رقم زينة.
محمد (بيرد بصوت مبحوح): ـ أيوه يا بنتي...
زينة (صوتها متـ.ـو.تر بس فيه أمل): ـ جدو! عاصي لقى أثر لزهرة... جاتله رسالة منها، وحد بيراقب تليفونها قدر يحدد مكانها!
محمد (وقف بسرعة، وعيونه اتسعت): ـ بتقولي إيه؟! هي... هي بخير؟ عملها حاجه؟ سليم...؟
زينة: ـ إن شاء الله بخير... وعاصي طالع هناك دلوقتي، رايح بنفسه.
محمد (بصوت مكسور): ـ يا رب... يا رب تكون بخير... ـ أنا كنت حاسس... إنها مش هتستلم... قلبي عمره ما كذبني فيكم.
زينة (بهدوء وحنان): ـ ادعيلهم يا جدو... ادعيلهم يرجعوا سوا.
محمد (رفع راسه للسقف، عينه دمعت): ـ يا رب... إنك قادر... نجّيها ورجّعها لحـ.ـضـ.ـني، كفاية وجع.
زينة: ـ أول ما نعرف حاجة هنكلمك، خلي تليفونك جنبك.
محمد: ـ حاضر يا بنتي... ربنا يسترها عليهم.
الكاميرا تقرّب من وجه الجد، ودمعة بتنزل من عينه، يضم صورة وردة لصدره ويدعي بصمت.
داخل الكافيه – زينة بتفتكر حاجة
زينة (بصوت جاد): ـ أنا مش عارفة أشكرك إزاي يا بشمهندس رامي، بس عندي طلب تاني... مهم جدًا.
رامي (بيعدل نضارته): ـ قولي يا بشمهندسة زينة، لو أقدر أساعد هعمل كده.
زينة (بتاخد نفس): ـ تقدر تخترق كاميرات... جامعة أو مستشفى؟ أي مكان فيه نظام مراقبة؟
رامي (بيكشر): ـ حسب المكان... بس ليه؟
زينة (بصوت مكسور): ـ عشان زهرة... مظلومة. حد لعب في الأدلة، وقالوا إنها كانت هناك يوم الحادث... بس كانت مخـ.ـطـ.ـوفة. ـ ولو ما أثبتناش، هتتحبس... والكل هيصدق إنها مجرمة.
رامي (بعد تفكير): ـ لو عندكم تاريخ وساعة، أقدر أجيب الكاميرات. ولو زهرة ما ظهرتش، نقدر نثبت إنها مش هناك.
زينة (بإصرار): ـ عندنا كل حاجة... هنجيب لك اسم المستشفى والجامعة اللي بيتهموها بيهم.
عاصي (بيقرب): ـ ومش بس كده... أنا هروح للشرطة، بس لازم يكون معانا دليل ينسف كل الأكاذيب... قبل ما أي حد يلبّسها تهمة تانية.
رامي (بحسم): ـ تمام، ادوني التفاصيل... وهشوف أقدر أوصل لإيه.
زينة (ممتنة): ـ شكراً... والله إنت أملنا دلوقتي.
الكاميرا تقرّب من شاشة اللابتوب، رامي بيبدأ يكتب أوامر، والساعة بتمر بسرعة...
عاصي بيخرج من الكافيه
الكاميرا وراه وهو بيركب عربيته، عيونه كلها لهفة ووجع. بيسوق بسرعة، الشارع فاضي قدامه... بس قلبه مليان نار.
عاصي (بانفعال): ـ ألو؟ أيوه، أنا ببلاغ عاجل... واحدة مخـ.ـطـ.ـوفة في بيت معزول، وعندي العنوان...
أدى كل المعلومـ.ـا.ت، وصف سليم، حذرهم من السلاح.
في الطريق – عربيات الشرطة بتقرب
الأنوار الزرقا بتشق الضلمة، القوات الخاصة نازلة بهدوء، السلاح في إيديهم.
ضابط (في اللاسلكي): ـ الهدف جوه، جاهزين للاقتحام عند الإشارة... استنوا صوت تأكيد.
جوه البيت – زهرة لوحدها
سمعت صوت عربيات من بعيد... قامت بسرعة وصرخت:
زهرة (بتصرخ): ـ حــد يسمعنيييي! أنا هنااااا!
ضابط (برا، بصرخة): ـ اقتحاااام!
الباب اتفتح، الشرطة دخلت بسرعة، سليم حاول يهرب لكنه اتقبض عليه.
لقوا زهرة مرمية على الأرض، مرهقة، بس ابتسمت لما شافت النجدة.
عاصي يدخل، بيجري عليها:
عاصي: ـ زهرة!!
مسك إيديها، بصت له بدمـ.ـو.ع:
زهرة: ـ كنت عارفة إنك هتيجي...
الشرطة تمسك سليم.
عاصي (بغضب): ـ خلاص... مش هسيبك تاني أبدًا.
سليم (مستغرب): ـ مش هتسيب مين حضرتك؟ دي مراتي! ـ وده القسيمة!
الضابط (بــــاستغراب): ـ يعني مكنتش خاطفها؟
سليم (ساخر): ـ في حد يخـ.ـطـ.ـف مـ.ـر.اته؟
عاصي (بعصبية): ـ وحد يعمل في مـ.ـر.اته كده غير حـ.ـيو.ان؟!
زهرة (بتتنهد بصوت مكسور): ـ أنا متهمة بجريمة قـ.ـتـ.ـل... اقبضوا عليا.
الكل اتصـ.ـد.م.
الضابط: ـ جريمة إيه؟
سليم (بغضب): ـ هو انت هتصدقها؟ دي كانت في البلد يومها... عندي القسيمة!
الضابط: ـ الكلام هناك في القسم.
سليم (بيصـ.ـر.خ): ـ بتاخدوها ليه؟! دي مراتي!
الضابط: ـ أمر ضبط وإحضار... في قضية قـ.ـتـ.ـل نيفين عصمت.
سليم (بعيونه نار): ـ عشان تهربي منّي؟! ـ اتهمتي نفسك؟!
زهرة بصت له... وتفتت في وشه... وخرجت معهم.
سليم (بيصـ.ـر.خ): ـ انتي مراتي... لآخر العمر!
تاكد الضابط من ملام زهرة ورد: – هى فعلا متهمة ب قضية قـ.ـتـ.ـل نيفين عصمت.
وسليم عيونه طالع منها نار
نظر لها سليم واقترب منها عشان تهربي منى اتهمت نفسك وهو جابلك الشرطة لكن مشي هتهرب منى
نظرت له زهرة وتفتت فى وشه وخرجت معهم صرخ سليم انتى مراتى فاهمه ولي ل اخر العمر
زهرة العاصى الكاتبة صفاء حسنى
قدّام القسم الجو مشحون بالمشاعر
عربية الشرطة بتقف، بتنزل منها زهرة، باينة عليها مرهقة، جـ.ـسمها ضعيف ووشها شاحب، بس عينيها فيها لمعة قوة. الكاميرا بتتحرك ببطء وهي نازلة، ترفع عينيها... تلاقي واقف قدام القسم: جدها الحاج محمد، وزينة، وأبوها صالح.
الحاج محمد (بصوت مكسور وهو بيجري عليها): ـ يا ضناي... يا روح جدك، سامحني يا زهرة، كنت غايب عنك وسبتك للوجع... سامحني يا بنتي.
ضمها بقلبه بقوة، دمـ.ـو.عه بتنزل، وإيده بتترعش وهو بيحـ.ـضـ.ـنها كأنها آخر نفس من الدنيا.
زهرة (بدمـ.ـو.عها وهي بتهمس): ـ وحـ.ـشـ.ـتني يا جدي... كتير...
يجي صالح، يبصلها بنظرة نـ.ـد.م، يقرب منها وهو بيكتم وجعه.
صالح (بصوت مبحوح): ـ حمد لله على سلامتك يا بنتي... . زاحت زهرة ايده وقالت انت الا رمتنى فمتكيش تضحك عليا وترسم صورة النـ.ـد.م يا بوى
تقترب زينة تمسك إيد زهرة بحنان وعيونها مليانة دمـ.ـو.ع فرحة.
زينة: ـ انتي بطلة يا زهرة... محدش فينا عمل اللي انتي عملتيه... ربنا نجاكي.
في اللحظة دي، يظهر سليم، واقف بشياكة زائفة وابتسامة ساخرة، يتكلم بصوت عالي وكأنه بيستفز الكل.
سليم (ببرود): ـ متخافش يا عمّي... بنتك طلعت شريفة. وأنا اتأكدت بعنيا!
الكل يتجمد... الحاج محمد يلفله بنظرة صدمة، وصالح يصـ.ـر.خ فيه بعنف.
صالح (بغضب): ـ اخرس يا سليم! دي بنتي مش لعبة في إيدك... وده مش وقتك ولا مقامك!
زهرة تبصله من بعيد، عينيها فيها وجع وقرف... تتجاهله وتمشي للداخل.
زينة (بهمس لجدها): ـ يلا يا جدو، لازم ندخل معاها، النيابة هتبدأ التحقيق.
زهرة العاصى الكاتبة صفاء حسنى المشهد داخل القسم – مكتب وكيل النيابة – جو رسمي
زهرة قاعدة قدام وكيل النيابة، ووراها محامي ومعاها صالح وزينة. صوت التسجيل بيبدأ.
وكيل النيابة (بهدوء): ـ آنسة زهرة، هو انتى انسه والا مدام ردت زهرة ـ انا مدام حضرتك اكمل وكيل النيابة حضرتك معترفة انك متهمة في قضية قـ.ـتـ.ـل . عاوزين نسمع روايتك من البداية.
زهرة تاخد نفس عميق، تبصله بعينين فيها تحدي وصبر.
زهرة: ـ هقول كل حاجة... بس المرة دي، مش هسكت تاني على الظلم.
الكاميرا تزووم على عينيها... وتبدأ تحكي.
ينظر وكيل النيابة في الأوراق قدامه، يرفع عينه ويبصلها مباشرة.
ـ مدام زهرة، مكتوب اقدمى انك وصلك
---
: داخل مكتب وكيل النيابة – بعد منتصف النهار، الإضاءة طبيعية، الجو مشحون بالتـ.ـو.تر.
وكيل النيابة (بصوت رسمي):
ـ مدام زهرة، مكتوب إنك استلمتي تهديدات قبل الواقعة؟ ممكن توضحي؟
زهرة (بصوت ثابت، بس عنيها فيها لمعة حزن باين):
ـ أيوه… من ياسمين.
كانت بتهددني بصور مفبركة… قالتلي إنها معاها صور إباحية ليا… صور مركّبة.
(تمد إيدها ناحية شنطتها، تطلع موبايل مكسور، واضح عليه آثار الوقعة)
ـ الصور دي كانت محفوظة على الموبايل ده… الأسكرينات كلها موجودة عليه، حتى لو وقع وانكسر… لو اتشحن، ممكن يتفتح ويتطلع كل حاجة.
(المحامي بياخد الموبايل منها بسرعة، يقدّمه لوكيل النيابة)
وكيل النيابة (بياخد الموبايل ويدي أمر):
ـ اعطه للكاتب… حط ده في الشاحن، عايزين ناخد منه الأدلة.
(لحظة صمت تقيلة، وكيل النيابة يراجع ورق)
وكيل النيابة (يرفع نظره لها تاني):
ـ عشان كده اتخانقتي مع ياسمين ونيفين؟ ودفعتيها من فوق؟ في صورة بتدل إنك اللي قـ.ـتـ.ـلتِ، وانتي اعترفتي قدام الظابط.
(زهرة تتنهد بحزن، صوتها يخفت)
ـ اعترفت عشان كنت فقدت الأمل… تعبت من الهروب… كل طريق كنت بلجأ له كان نهايته أصعب من التاني.
(المحامي يتدخل بسرعة وهو بيخرج فلاشة):
ـ الصور دي مزيفة… وعندنا تقرير فني يثبت كده.
(يمدّ إيده بالفلاشة لوكيل النيابة، واللي بدوره بياخدها وبيومئ للضابط يسجّلها في ملف القضية)
وكيل النيابة (بيفتح ورقة جديدة):
ـ طيب… وبالنسبة لـ نيفين؟ فيه شاهد بيقول إنك أجرْتي سواق علشان يخبطها! ده حقيقي؟
زهرة (بعصبية مفاجئة ودمـ.ـو.ع بتنزل على خدها):
ـ لا! لا طبعًا! أنا عمري ما أذيت حد…
أنا ماعرفتش إنها السبب غير لما كنا في المستشفى… كنت بساعدها… مش بقـ.ـتـ.ـلها!
(سكتت، تاخد نفس وهي بتحاول تمسك نفسها)
ـ كل اللي قلته لها وقتها… إنها تبعد عني!
قلت لها "كفاية أذى، كفاية حرب نفسية وتشويه!"
ماطلبتش منها غير السلام… مش الانتقام.
وكيل النيابة (ببرود):
ـ بس في رسالة صوتية بصوتك اتبعتت من تليفونك قبل ما تموت… وفي تسجيل فيديو.
زهرة (صوتها متكسر، بتحاول تشرح):
ـ وقت ما أنقذتها، كانت مصدومة… هتجنن…
طلبت تليفون وقالتلي لازم تمسح حاجات بنفسها…
ادّتها الموبايل، وخرجت… بعدها جتلي مكالمة من ماما الله يرحمها…
خرجت أرد، والرصيد خلص، ولما رجعت… كانت زينة وصلت.
(زينة تهز راسها بتأكيد، وكيل النيابة يسجّل المعلومة)
زهرة (تكمل وهي باين عليها الانهيار):
ـ وأنا واقفة سمعتها وهي بتعترف قدام زينة…
قالت إنها كانت بتمسح صور ليا من الحمّام…
كانت حاطة كاميرا هناك… وياسمين هي اللي طلبت منها!
كانوا بيجمعوا فيديوهات للبنات عشان يهددوهم ويستغلوهم…
وأنا من الصدمة… أغمى عليا.
(المحامي يمد ورقة لوكيل النيابة)
ـ ده تقرير المستشفى… بيأكد إنها اتنقلت فورًا واتحجزت في الطوارئ… والدكتور اللي استقبلها موجود وجاهز يشهد.
(يأمر وكيل النيابة بدخول الدكتور)
(الدكتور يدخل، لابس بالطو أبيض، شكله محترم وحازم)
وكيل النيابة:
ـ شوفت زهرة صالح محمد يوم ١٢/٤؟
الدكتور (بيهز راسه):
ـ أيوه يا فنـ.ـد.م… الممرضة نادتلي، قالت في بنت وقعت من طولها…
روحت لقيتها في حالة انهيار عصبي…
ضغطها منخفض جدًا… فاقدة الوعي…
كشفنا عليها فورًا، وكان واضح إنها مرهقة جدًا…
اتنقلت لغرفة العزل، واتحجزت ٢٤ ساعة للملاحظة النفسية والبدنية.
وكيل النيابة:
ـ هل قالت سبب الانهيار؟
الدكتور (بصوت هادي):
ـ كانت بتعيط وبتقول "اتفضحت… كانوا بيصوروني وأنا مش واخدة بالي".
كلامها كان متقطّع، بس فهمنا إنها ضحية استغلال وابتزاز…
كتبنا ده في التقرير، وموجود في الملف.
(زهرة تبص في الأرض، دمعة تنزل، صالح يضم إيديه، ومحمد الجد باين عليه الغليان)
وكيل النيابة (بهدوء):
ـ شكرًا يا دكتور… شهادتك هتفرق في القضية.
(يسكت لحظة، يقلب في الورق)
ـ تمام… هنرفق التهديدات دي بالتحقيق… وهنطابق كل كلامك مع الشهود.
لكن… فيه حاجة مش واضحة… قسيمة الجواز مكتوب فيها نفس التاريخ… إزاي؟
(زهرة تتلبك، وشها بيتغير)
وكيل النيابة (ينظر لها مباشرة):
ـ لازم تكوني صريحة… ولو عندك أي حاجة تانية، دلوقتي وقتها.
زهرة (بصوت هادي، لكنه حاسم):
ـ في حاجات كتير… وهقولها كلها… بس بشرط: تاخدوا حقي.
(لحظة سكوت، وبعدين تنهيدة عميقة)
ـ وقت ما خرجت تاني يوم، سمعت خبر موت نيفين… والدنيا كلها اتقلبت عليا… كنت خايفة…
(صالح يبصلها بنظرة كلها رجاء إنها متضعفش، وعيونه بتقولها "متكسريش")
(سليم يظهر في المشهد فجأة، بنظرة كلها تحدي وقرف)
سليم (بوقاحة):
ـ عمى … خلي بنتك تقول إنها اتجوزتني برضاها، ولا أقسم بالله… هنزّل الفيديو بتاعها ع النت!
وفي ناس كتير هتحب تتفرج… وسهل نركّب كذا شاب معاها!
قول إيه رأيك يا عمي؟!
(صالح ينفجر، يقاطعهم  بصوت عالي):
ـ قبلها بأسبوعين، كان مكتوب كتابها على ابن عمها…
ولما رجعت البلد وحكتلي أنا وأبويا، قررنا نجوزها ونسترها… بدل الفـ.ـضـ.ـيحة ووجع الدماغ.
(وكيل النيابة يستغرب، يبص لتقرير البلاغ عن الهجوم)
ـ طيب… ليه فيه بلاغ ضد سليم إنه خطفها؟
إيه اللي حصل بالظبط؟
يتبع…
في الكافيه – الجو مشحون بالتـ.ـو.تر
عاصي كان قاعد على الكرسي، ماسك تليفونه، قلبه بيخبط كإنه هيخرج من صدره. عيونه كانت مركزة على رسالة لسه واصلاه.
عاصي (بصوت عالي وهو بيقرأ): ـ "أنا في مأزق، أحتاج المساعدة فوراً – زهرة"
زينة (بفزع): ـ إيه؟! جتلك رسالة؟ دلوقتي حالاً؟!
عاصي (وقف بسرعة وورالها التليفون): ـ من رقم مش مسجل... بس دي زهرة... دي طريقتها في الكلام، دي استغاثة!
في نفس اللحظة، الشاب اللي قاعد جنب زينة بيبص على اللابتوب وبيصـ.ـر.خ:
رامي (الشاب): ـ جت الإشارة!! ـ آخر نقطة ظهر فيها تليفونها... بيت قديم، في منطقة صحراوية بعد طريق الفيوم... شايفين دي؟ (بيشاور على الخريطة) ـ الإشارة انقطعت بعدها بثلاث دقايق، بس واضح إنها كانت بتحاول توصل لأي حد.
زينة (بانفعال): ـ يبقى هي هناك! ولسه على قيد الحياة!
عاصي (بصوت حاسم): ـ مش هستنى ثانية.
رامي: ـ استنى، المكان ده بعيد ومفيش شبكة كويسة، وممكن يكونوا معاهم سلاح.
عاصي (بعزيمة): ـ أنا مش رايح أتحارب... أنا رايح أرجّع روحي.
زينة (بقلق): ـ طب لازم نبلغ حد... على الأقل نخلي الشرطة تجهز أو حد يجي بعدنا.
عاصي (بيجهز نفسه وبيشاور على التليفون): ـ هكلم الجد... لازم يعرف، وهنحتاج دعم. بس أنا لازم أكون أول حد يوصل ليها.
زينة (بهمس): ـ خليك حذر يا عاصي... زهرة مش هتستحمل تاني.
عاصي (بنظرة كلها حسم): ـ وأنا كمان مش هستحمل أفقدها.
بيت الجد محمد – البيت ساكت وهادي
مفيش صوت وردة وعتابها لصالح، ولا صوت زهرة وهي بتغني لمامتها وتصالحها، ولا زينة وهي بتحكي معاه. البيت بقى فاضي... وحيد.
الجد محمد كان قاعد على الكنبة، ماسك صورة وردة، وعينيه كلها حزن عميق، بيكلمها بصوت وا.طـ.ـي:
محمد (بصوت مبحوح): ـ يا وردة... يا بنتي... أنا ضيعت زهرة زي ما ضيعتك؟ ـ وزي ما ضيعت سعاد زمان... ـ وحـ.ـشـ.ـتني لمتكم حوالين البيت... البيت فاضي، ومرات عثمان انتي عارفاها... بضيقها، وبضيق ابنها... ـ بقيت وحيد بعدك.
فجأة، صوت التليفون بيرن. بيبص على الشاشة... رقم زينة.
محمد (بيرد بصوت مبحوح): ـ أيوه يا بنتي...
زينة (صوتها متـ.ـو.تر بس فيه أمل): ـ جدو! عاصي لقى أثر لزهرة... جاتله رسالة منها، وحد بيراقب تليفونها قدر يحدد مكانها!
محمد (وقف بسرعة، وعيونه اتسعت): ـ بتقولي إيه؟! هي... هي بخير؟ عملها حاجه؟ سليم...؟
زينة: ـ إن شاء الله بخير... وعاصي طالع هناك دلوقتي، رايح بنفسه.
محمد (بصوت مكسور): ـ يا رب... يا رب تكون بخير... ـ أنا كنت حاسس... إنها مش هتستلم... قلبي عمره ما كذبني فيكم.
زينة (بهدوء وحنان): ـ ادعيلهم يا جدو... ادعيلهم يرجعوا سوا.
محمد (رفع راسه للسقف، عينه دمعت): ـ يا رب... إنك قادر... نجّيها ورجّعها لحـ.ـضـ.ـني، كفاية وجع.
زينة: ـ أول ما نعرف حاجة هنكلمك، خلي تليفونك جنبك.
محمد: ـ حاضر يا بنتي... ربنا يسترها عليهم.
الكاميرا تقرّب من وجه الجد، ودمعة بتنزل من عينه، يضم صورة وردة لصدره ويدعي بصمت.
داخل الكافيه – زينة بتفتكر حاجة
زينة (بصوت جاد): ـ أنا مش عارفة أشكرك إزاي يا بشمهندس رامي، بس عندي طلب تاني... مهم جدًا.
رامي (بيعدل نضارته): ـ قولي يا بشمهندسة زينة، لو أقدر أساعد هعمل كده.
زينة (بتاخد نفس): ـ تقدر تخترق كاميرات... جامعة أو مستشفى؟ أي مكان فيه نظام مراقبة؟
رامي (بيكشر): ـ حسب المكان... بس ليه؟
زينة (بصوت مكسور): ـ عشان زهرة... مظلومة. حد لعب في الأدلة، وقالوا إنها كانت هناك يوم الحادث... بس كانت مخـ.ـطـ.ـوفة. ـ ولو ما أثبتناش، هتتحبس... والكل هيصدق إنها مجرمة.
رامي (بعد تفكير): ـ لو عندكم تاريخ وساعة، أقدر أجيب الكاميرات. ولو زهرة ما ظهرتش، نقدر نثبت إنها مش هناك.
زينة (بإصرار): ـ عندنا كل حاجة... هنجيب لك اسم المستشفى والجامعة اللي بيتهموها بيهم.
عاصي (بيقرب): ـ ومش بس كده... أنا هروح للشرطة، بس لازم يكون معانا دليل ينسف كل الأكاذيب... قبل ما أي حد يلبّسها تهمة تانية.
رامي (بحسم): ـ تمام، ادوني التفاصيل... وهشوف أقدر أوصل لإيه.
زينة (ممتنة): ـ شكراً... والله إنت أملنا دلوقتي.
الكاميرا تقرّب من شاشة اللابتوب، رامي بيبدأ يكتب أوامر، والساعة بتمر بسرعة...
عاصي بيخرج من الكافيه
الكاميرا وراه وهو بيركب عربيته، عيونه كلها لهفة ووجع. بيسوق بسرعة، الشارع فاضي قدامه... بس قلبه مليان نار.
عاصي (بانفعال): ـ ألو؟ أيوه، أنا ببلاغ عاجل... واحدة مخـ.ـطـ.ـوفة في بيت معزول، وعندي العنوان...
أدى كل المعلومـ.ـا.ت، وصف سليم، حذرهم من السلاح.
في الطريق – عربيات الشرطة بتقرب
الأنوار الزرقا بتشق الضلمة، القوات الخاصة نازلة بهدوء، السلاح في إيديهم.
ضابط (في اللاسلكي): ـ الهدف جوه، جاهزين للاقتحام عند الإشارة... استنوا صوت تأكيد.
جوه البيت – زهرة لوحدها
سمعت صوت عربيات من بعيد... قامت بسرعة وصرخت:
زهرة (بتصرخ): ـ حــد يسمعنيييي! أنا هنااااا!
ضابط (برا، بصرخة): ـ اقتحاااام!
الباب اتفتح، الشرطة دخلت بسرعة، سليم حاول يهرب لكنه اتقبض عليه.
لقوا زهرة مرمية على الأرض، مرهقة، بس ابتسمت لما شافت النجدة.
عاصي يدخل، بيجري عليها:
عاصي: ـ زهرة!!
مسك إيديها، بصت له بدمـ.ـو.ع:
زهرة: ـ كنت عارفة إنك هتيجي...
الشرطة تمسك سليم.
عاصي (بغضب): ـ خلاص... مش هسيبك تاني أبدًا.
سليم (مستغرب): ـ مش هتسيب مين حضرتك؟ دي مراتي! ـ وده القسيمة!
الضابط (بــــاستغراب): ـ يعني مكنتش خاطفها؟
سليم (ساخر): ـ في حد يخـ.ـطـ.ـف مـ.ـر.اته؟
عاصي (بعصبية): ـ وحد يعمل في مـ.ـر.اته كده غير حـ.ـيو.ان؟!
زهرة (بتتنهد بصوت مكسور): ـ أنا متهمة بجريمة قـ.ـتـ.ـل... اقبضوا عليا.
الكل اتصـ.ـد.م.
الضابط: ـ جريمة إيه؟
سليم (بغضب): ـ هو انت هتصدقها؟ دي كانت في البلد يومها... عندي القسيمة!
الضابط: ـ الكلام هناك في القسم.
سليم (بيصـ.ـر.خ): ـ بتاخدوها ليه؟! دي مراتي!
الضابط: ـ أمر ضبط وإحضار... في قضية قـ.ـتـ.ـل نيفين عصمت.
سليم (بعيونه نار): ـ عشان تهربي منّي؟! ـ اتهمتي نفسك؟!
زهرة بصت له... وتفتت في وشه... وخرجت معهم.
سليم (بيصـ.ـر.خ): ـ انتي مراتي... لآخر العمر!
تاكد الضابط من ملام زهرة ورد: – هى فعلا متهمة ب قضية قـ.ـتـ.ـل نيفين عصمت.
وسليم عيونه طالع منها نار
نظر لها سليم واقترب منها عشان تهربي منى اتهمت نفسك وهو جابلك الشرطة لكن مشي هتهرب منى
نظرت له زهرة وتفتت فى وشه وخرجت معهم صرخ سليم انتى مراتى فاهمه ولي ل اخر العمر
زهرة العاصى الكاتبة صفاء حسنى
قدّام القسم الجو مشحون بالمشاعر
عربية الشرطة بتقف، بتنزل منها زهرة، باينة عليها مرهقة، جـ.ـسمها ضعيف ووشها شاحب، بس عينيها فيها لمعة قوة. الكاميرا بتتحرك ببطء وهي نازلة، ترفع عينيها... تلاقي واقف قدام القسم: جدها الحاج محمد، وزينة، وأبوها صالح.
الحاج محمد (بصوت مكسور وهو بيجري عليها): ـ يا ضناي... يا روح جدك، سامحني يا زهرة، كنت غايب عنك وسبتك للوجع... سامحني يا بنتي.
ضمها بقلبه بقوة، دمـ.ـو.عه بتنزل، وإيده بتترعش وهو بيحـ.ـضـ.ـنها كأنها آخر نفس من الدنيا.
زهرة (بدمـ.ـو.عها وهي بتهمس): ـ وحـ.ـشـ.ـتني يا جدي... كتير...
يجي صالح، يبصلها بنظرة نـ.ـد.م، يقرب منها وهو بيكتم وجعه.
صالح (بصوت مبحوح): ـ حمد لله على سلامتك يا بنتي... . زاحت زهرة ايده وقالت انت الا رمتنى فمتكيش تضحك عليا وترسم صورة النـ.ـد.م يا بوى
تقترب زينة تمسك إيد زهرة بحنان وعيونها مليانة دمـ.ـو.ع فرحة.
زينة: ـ انتي بطلة يا زهرة... محدش فينا عمل اللي انتي عملتيه... ربنا نجاكي.
في اللحظة دي، يظهر سليم، واقف بشياكة زائفة وابتسامة ساخرة، يتكلم بصوت عالي وكأنه بيستفز الكل.
سليم (ببرود): ـ متخافش يا عمّي... بنتك طلعت شريفة. وأنا اتأكدت بعنيا!
الكل يتجمد... الحاج محمد يلفله بنظرة صدمة، وصالح يصـ.ـر.خ فيه بعنف.
صالح (بغضب): ـ اخرس يا سليم! دي بنتي مش لعبة في إيدك... وده مش وقتك ولا مقامك!
زهرة تبصله من بعيد، عينيها فيها وجع وقرف... تتجاهله وتمشي للداخل.
زينة (بهمس لجدها): ـ يلا يا جدو، لازم ندخل معاها، النيابة هتبدأ التحقيق.
زهرة العاصى الكاتبة صفاء حسنى المشهد داخل القسم – مكتب وكيل النيابة – جو رسمي
زهرة قاعدة قدام وكيل النيابة، ووراها محامي ومعاها صالح وزينة. صوت التسجيل بيبدأ.
وكيل النيابة (بهدوء): ـ آنسة زهرة، هو انتى انسه والا مدام ردت زهرة ـ انا مدام حضرتك اكمل وكيل النيابة حضرتك معترفة انك متهمة في قضية قـ.ـتـ.ـل . عاوزين نسمع روايتك من البداية.
زهرة تاخد نفس عميق، تبصله بعينين فيها تحدي وصبر.
زهرة: ـ هقول كل حاجة... بس المرة دي، مش هسكت تاني على الظلم.
الكاميرا تزووم على عينيها... وتبدأ تحكي.
ينظر وكيل النيابة في الأوراق قدامه، يرفع عينه ويبصلها مباشرة.
ـ مدام زهرة، مكتوب اقدمى انك وصلك
---
: داخل مكتب وكيل النيابة – بعد منتصف النهار، الإضاءة طبيعية، الجو مشحون بالتـ.ـو.تر.
وكيل النيابة (بصوت رسمي):
ـ مدام زهرة، مكتوب إنك استلمتي تهديدات قبل الواقعة؟ ممكن توضحي؟
زهرة (بصوت ثابت، بس عنيها فيها لمعة حزن باين):
ـ أيوه… من ياسمين.
كانت بتهددني بصور مفبركة… قالتلي إنها معاها صور إباحية ليا… صور مركّبة.
(تمد إيدها ناحية شنطتها، تطلع موبايل مكسور، واضح عليه آثار الوقعة)
ـ الصور دي كانت محفوظة على الموبايل ده… الأسكرينات كلها موجودة عليه، حتى لو وقع وانكسر… لو اتشحن، ممكن يتفتح ويتطلع كل حاجة.
(المحامي بياخد الموبايل منها بسرعة، يقدّمه لوكيل النيابة)
وكيل النيابة (بياخد الموبايل ويدي أمر):
ـ اعطه للكاتب… حط ده في الشاحن، عايزين ناخد منه الأدلة.
(لحظة صمت تقيلة، وكيل النيابة يراجع ورق)
وكيل النيابة (يرفع نظره لها تاني):
ـ عشان كده اتخانقتي مع ياسمين ونيفين؟ ودفعتيها من فوق؟ في صورة بتدل إنك اللي قـ.ـتـ.ـلتِ، وانتي اعترفتي قدام الظابط.
(زهرة تتنهد بحزن، صوتها يخفت)
ـ اعترفت عشان كنت فقدت الأمل… تعبت من الهروب… كل طريق كنت بلجأ له كان نهايته أصعب من التاني.
(المحامي يتدخل بسرعة وهو بيخرج فلاشة):
ـ الصور دي مزيفة… وعندنا تقرير فني يثبت كده.
(يمدّ إيده بالفلاشة لوكيل النيابة، واللي بدوره بياخدها وبيومئ للضابط يسجّلها في ملف القضية)
وكيل النيابة (بيفتح ورقة جديدة):
ـ طيب… وبالنسبة لـ نيفين؟ فيه شاهد بيقول إنك أجرْتي سواق علشان يخبطها! ده حقيقي؟
زهرة (بعصبية مفاجئة ودمـ.ـو.ع بتنزل على خدها):
ـ لا! لا طبعًا! أنا عمري ما أذيت حد…
أنا ماعرفتش إنها السبب غير لما كنا في المستشفى… كنت بساعدها… مش بقـ.ـتـ.ـلها!
(سكتت، تاخد نفس وهي بتحاول تمسك نفسها)
ـ كل اللي قلته لها وقتها… إنها تبعد عني!
قلت لها "كفاية أذى، كفاية حرب نفسية وتشويه!"
ماطلبتش منها غير السلام… مش الانتقام.
وكيل النيابة (ببرود):
ـ بس في رسالة صوتية بصوتك اتبعتت من تليفونك قبل ما تموت… وفي تسجيل فيديو.
زهرة (صوتها متكسر، بتحاول تشرح):
ـ وقت ما أنقذتها، كانت مصدومة… هتجنن…
طلبت تليفون وقالتلي لازم تمسح حاجات بنفسها…
ادّتها الموبايل، وخرجت… بعدها جتلي مكالمة من ماما الله يرحمها…
خرجت أرد، والرصيد خلص، ولما رجعت… كانت زينة وصلت.
(زينة تهز راسها بتأكيد، وكيل النيابة يسجّل المعلومة)
زهرة (تكمل وهي باين عليها الانهيار):
ـ وأنا واقفة سمعتها وهي بتعترف قدام زينة…
قالت إنها كانت بتمسح صور ليا من الحمّام…
كانت حاطة كاميرا هناك… وياسمين هي اللي طلبت منها!
كانوا بيجمعوا فيديوهات للبنات عشان يهددوهم ويستغلوهم…
وأنا من الصدمة… أغمى عليا.
(المحامي يمد ورقة لوكيل النيابة)
ـ ده تقرير المستشفى… بيأكد إنها اتنقلت فورًا واتحجزت في الطوارئ… والدكتور اللي استقبلها موجود وجاهز يشهد.
(يأمر وكيل النيابة بدخول الدكتور)
(الدكتور يدخل، لابس بالطو أبيض، شكله محترم وحازم)
وكيل النيابة:
ـ شوفت زهرة صالح محمد يوم ١٢/٤؟
الدكتور (بيهز راسه):
ـ أيوه يا فنـ.ـد.م… الممرضة نادتلي، قالت في بنت وقعت من طولها…
روحت لقيتها في حالة انهيار عصبي…
ضغطها منخفض جدًا… فاقدة الوعي…
كشفنا عليها فورًا، وكان واضح إنها مرهقة جدًا…
اتنقلت لغرفة العزل، واتحجزت ٢٤ ساعة للملاحظة النفسية والبدنية.
وكيل النيابة:
ـ هل قالت سبب الانهيار؟
الدكتور (بصوت هادي):
ـ كانت بتعيط وبتقول "اتفضحت… كانوا بيصوروني وأنا مش واخدة بالي".
كلامها كان متقطّع، بس فهمنا إنها ضحية استغلال وابتزاز…
كتبنا ده في التقرير، وموجود في الملف.
(زهرة تبص في الأرض، دمعة تنزل، صالح يضم إيديه، ومحمد الجد باين عليه الغليان)
وكيل النيابة (بهدوء):
ـ شكرًا يا دكتور… شهادتك هتفرق في القضية.
(يسكت لحظة، يقلب في الورق)
ـ تمام… هنرفق التهديدات دي بالتحقيق… وهنطابق كل كلامك مع الشهود.
لكن… فيه حاجة مش واضحة… قسيمة الجواز مكتوب فيها نفس التاريخ… إزاي؟
(زهرة تتلبك، وشها بيتغير)
وكيل النيابة (ينظر لها مباشرة):
ـ لازم تكوني صريحة… ولو عندك أي حاجة تانية، دلوقتي وقتها.
زهرة (بصوت هادي، لكنه حاسم):
ـ في حاجات كتير… وهقولها كلها… بس بشرط: تاخدوا حقي.
(لحظة سكوت، وبعدين تنهيدة عميقة)
ـ وقت ما خرجت تاني يوم، سمعت خبر موت نيفين… والدنيا كلها اتقلبت عليا… كنت خايفة…
(صالح يبصلها بنظرة كلها رجاء إنها متضعفش، وعيونه بتقولها "متكسريش")
(سليم يظهر في المشهد فجأة، بنظرة كلها تحدي وقرف)
سليم (بوقاحة):
ـ عمى … خلي بنتك تقول إنها اتجوزتني برضاها، ولا أقسم بالله… هنزّل الفيديو بتاعها ع النت!
وفي ناس كتير هتحب تتفرج… وسهل نركّب كذا شاب معاها!
قول إيه رأيك يا عمي؟!
(صالح ينفجر، يقاطعهم  بصوت عالي):
ـ قبلها بأسبوعين، كان مكتوب كتابها على ابن عمها…
ولما رجعت البلد وحكتلي أنا وأبويا، قررنا نجوزها ونسترها… بدل الفـ.ـضـ.ـيحة ووجع الدماغ.
(وكيل النيابة يستغرب، يبص لتقرير البلاغ عن الهجوم)
ـ طيب… ليه فيه بلاغ ضد سليم إنه خطفها؟
إيه اللي حصل بالظبط؟
يتبع…
في شقة رامي - وقت متأخر من الليل - ضوء الشاشة منور وشه، زينة قاعدة جنبه، وعاصي واقف وراهم بيترقب.
كان بيتابع تليفون زياد، وفي نفس الوقت قال (بصوت متحمّس):
ـ تمام... دخلت على أرشيف كاميرات المستشفى، اليوم اللي اتقال إن زهرة مكنتش فيه هناك وخرجت...
زينة (بقلق):
ـ لقيت حاجة؟
رامي (بيشاور على الشاشة):
ـ بصوا هنا... الكاميرا دي على بوابة الدخول... مفيش أي دخول بــــاسم زهرة، حتى اللي دخلوا في الوقت ده... مفيش حد من ملامحه شبهها.
عاصي (اتنفس بقوة):
ـ يا ولاد الحـ.ـر.ام، عاوزين يثبتوا إنها ما كانتش هناك... الأدلة كلها ملفقة!
بيكمل رامي (وهو بيقلب الفيديو):
ـ استني... استني كده... في فيديو من سطح المستشفى... فيه صوت خناقة.
زينة (بترفع حواجبها):
ـ خناقة؟!
......
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسني
رامي زوّد الصوت، وبدأوا يسمعوا همسات متقطعة، وبعدها صوت خناقة واضحة.
الصوت الرجولي (حد):
ـ دكتور عصام، أنا بلغت إن البنت دي خرجت مع نيفين!
دكتور عصام (غاضب):
ـ ما خرجتش! أنا استلمتها من الممرضة بنفسي، وكانت في حالة نفسية سيئة... وأنا سجّلت ده في الدفتر.
الصوت الثاني (بهدوء مرعـ.ـب):
ـ اسمك مش لوحدك يا دكتور... في تعاقد مع المستشفى هنا ومدام نادية وهي اللي طلبت كده، ولو ما وقّعتش التقرير الجديد، إنت عارف هتخسر إيه!
دكتور عصام (بتـ.ـو.تر):
ـ وليه عايزين تتهموا بنت صغيرة وتدخلوا فيها حوارات ملهاش ذنب فيها، يا أستاذ سامي... اللي بيحصل ده جريمة!
.....
عاصي عض شفايفه وهو بيقرب ناحية الشاشة، وبيقول بصوت مشـ.ـدود:
عاصي:
ـ الدكتور ده ممكن يكون شاهد... لازم نوصله، تقدري ت عـ.ـر.في لي إن كان مازال شغال هناك ولا لأ؟
هز راسه رامي بالتأكيد (وهو بيكتب ملاحظات):
ـ أيوه... ودلوقتي نقدر نوصل للدكتور ده... لو اعترف رسمي، هنقلب القضية كلها.
عاصي (بحسم):
ـ لازم أوصله، حتى لو كشفنا وراه ألف اسم... لازم نجمع كل دليل ضدهم، دي روح واحدة كانوا هيضيعوها.
الكاميرا تقرب على الشاشة، والكل ساكت، والجو مشحون بالأمل والقلق معًا.
يظهر في نفس الوقت مكان زياد في التتابع لرامي.
عبـ.ـارة عن مخزن مهجور – إضاءة خافتة – صوت صرير الباب الحديدي.
ياسمين مربوطة في كرسي خشب، ووشها عليه آثار تعب وبكاء، بتتنفس بسرعة وكل حواسها مستنفرة. فجأة الباب بيتفتح، وتدخل إضاءة خفيفة... يظهر زياد، متخفي، بيقرب منها بسرعة.
ياسمين (بخوف):
ـ زياد؟! إنت إيه اللي جابك هنا؟ الحقني... الحقني بالله عليك.
زياد بيقرب وبيفك الحبل من إيدها بهدوء:
ـ اهدي يا ياسمين... أنا جيت أخرجك من هنا، بس في حاجات لازم ت عـ.ـر.فيها قبل ما نطلع.
ياسمين (بتبص له بقلق):
ـ إيه اللي تقصده؟
زياد (بصوت هادي بس عينه فيه غليان):
ـ نادية... رئيسة الشبكة بتكون... هي أمك الحقيقية.
ياسمين اتجمدت، وشها اتصـ.ـد.م، وكأنها مش مصدقة.
ياسمين (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ بتقول إيه؟!
زياد:
ـ ناديه لما خرجت منصور عزيز من السجن واتجوزت منه، كانت نفسها تقدر تجيب ولاد وعملت المستحيل عشان تكون هي الكل في الكل في الموسسة، مش مجرد لوحة شطرنج، لكن مرة من المحاولات نجحت وحصل حمل، لكن هما ضحكوا عليها واخدوا العينة المكتملة وزرعوها في رحم ولدتك اللي إنتِ عايشة معاها.
ياسمين (بدمـ.ـو.ع في عينيها):
ـ مستحيل... مستحيل تكون هي أمي!
زياد (بيكمل وهو بيتنقل بين صدمة وهدوء):
ـ إنتِ ناسية إن نادية شغالة مع عصابة تجارة بشر، لكن الحقيقة طلعت أبشع... كانوا ضاحكين عليها من الأول، فاهمة؟ الحِقَن المهجنة اللي عملوها... إنها فشلت، بس خدوا العينة، وباعوها لناس بره، بمبلغ كبير. وبعد كده بقت لعبة، وبيجربوا على أطفال الشوارع، ياخدوهم على حساب جمعية لرعاية الطفل، وياخدوا عينة من بنت ومن ولد، وأول ما تتطابق يبيعوها لناس معندهمش ولاد... والكارثة إنها كانت جزء من اللعبة من غير ما تحس.
ياسمين:
ـ طيب ليه عايزين ينتقموا من زهرة؟ مالها زهرة؟
وضح زياد وهو بيتنفس ببطء وبيكمل:
ـ زهرة ملهاش علاقة بالموضوع، هما كانوا فاكرينها بنت منصور، لكن طلعت زينة بنت عمتها هي الأساس، عشان زينة بتكون بنت منصور زيك بالظبط، وبتكون أختك يا ياسمين...
انصدمت ياسمين، اتنهدت، وبصت على الأرض:
ـ أنا كنت عارفة إن أمي مش أمي، عرفت الموضوع ده لما تعبت وكانت الفصيلة مختلفة، عشان كده انهارت ومشيت الطريق ده، بقت مدمنة مخدرات وبعد كده ببيع، كنت بدور على نفسي وأصلي أو أضيع، وإنت كنت عارف ومحكيتش، استغلتني زي الكل...
اعتذر زياد وقرب منها:
ـ أنا كمان كنت زيك ضايع، لكن الفرق إن ربنا بعت لي النور، زهرة... لكن و بنـ.ـد.م لما خطفتها، لما كانت هتهرب، وقتها كانت بتقرأ سورة النور، وقتها سمعتها بصوتها العذب بتقرأ الآية دي، حفظتها، طالقينا:
بسم الله الرحمن الرحيم
الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مبـ.ـاركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضـ.ـر.ب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم (35) في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال.
صدق الله العظيم
تحدث بنـ.ـد.م:
إن ما كنتش عملت لها حاجة أو اغـ.ـتـ.ـsـ.ـبتها، آه كنت مش في وعَيّي وقلبي موجوع إنها فضّلت عاصي عليا، لكن الآية بترن في ودني من بعد ما أخدها سليم مني، أنا كنت عايز أتفّق معاها تكون معايا وأشهد على اللي حصل وتتجوزني، وتستنّي بعد ما اعترف إني قـ.ـتـ.ـلت نيفين بالغلط وأنا بحوش ما بينكم، لكن لما وصلت مكانها لقيت عاصي بيتغزل فيها، ولقيتها بتعترف إنها مش حبيتنّي، قلبي وجعني، وبعد ما مشيت وفوقت على نفسي نـ.ـد.مت. أنا لما عرفت مكانك وصلت ليك وعايزك تكوني معايا وتنقذي نفسك وتنقذي زهرة... لازم تشهدي على كل حاجة... وتواجهي نادية.
ياسمين (بصوت ضعيف):
ـ هشهد... حتى لو حياتي كلها راحت. بس رجعيني لأختي.
زياد:
ـ أوعدك، هترجعي ليهم... وهترجعي لنفسك.
أصوات خطوات سريعة، وزياد بيشـ.ـد يد ياسمين، بيجروا في الظلمة، ووراهم صرخات رجال العصابة.
زياد (بهمس وهو بيشـ.ـدها):
ـ ياسمين، الطريق ده بيودي للشارع الرئيسي، فيه عربية مستنياكي هناك... امشي، وأنا هأشغلهم!
ياسمين (مرعوبة):
ـ لأ، تعالى معايا، هيمسكوك!
زياد (بصوت حازم):
ـ مش يهمني... المهم تطلعي وتفضحيهم. لو مسكوني وما رجعتش، قولي لزهرة... إني آسف... وإني حبيتها بجد، حتى لو أنا ما استاهلش ده. واديها الرسالة دي.
ياسمين (بدمـ.ـو.ع):
ـ هقولها... وهفضحهم، أوعدك.
ياسمين بتجري بكل قوتها، شعرها منفلت ووشها متغطي بالدمـ.ـو.ع والتراب.
خلفها... صوت صرخة قوية!
زياد (صوته بيوجـ.ـع):
ـ إجري يا ياسمين!! إجري!!
يلف بسرعة ناحية عربية العصابة، يشيل حجر كبير، يصـ.ـر.خ وهو بيرميه بكل قوته على الإزاز الأمامي... الإزاز بيتكسر، والعربية بتترنح، أصوات سب ولعن بتخرج من جواها.
أحد الرجال (بغضب):
ـ أمسكه!! الواد ضـ.ـر.ب العربية!!
يخرج واحد منهم بسلاح، يوجهه ناحيته، ودون تردد...
"بوم!"
طلقة واحدة تشق الهواء... زياد بيتوقف لحظة... عينيه بتتسع... ينزل على الأرض فجأة، جـ.ـسمه بينهار، والدم بيبدأ يسيح تحت منه.
صرخة ياسمين:
ـ زييييييييياد!!!
في نفس اللحظة... توصل عربية سريعة وبتفرمل قدام المخزن، يخرج منها عاصي وهو بيجري ناحية المكان، ومعاه رامي.
رامي (بيصـ.ـر.خ):
ـ ياسمين!! اركبي بسرعة!!
عاصي (بيمسك إيدها بقوة):
ـ لازم نخرجك من هنا... في تعزيزات جاية!
ياسمين (بعـ.ـيا.ط):
ـ زياد... سيبناه! ضـ.ـر.بوه!!
عاصي (بيشـ.ـدها وهو عينه بتلمع):
ـ وعد... هنرجع نجيبه، بس دلوقتي لازم ننقذك... شوفي حالتك!
تركب ياسمين العربية وهي بتبص وراها على زياد، اللي جسده ساكن، وعيونه شبه مغمضة، وملامحه هادية بشكل غريب...
رامي (بيسوق):
ـ بلغنا الإسعاف والمباحث... بس لو تأخرنا أكتر من كده هيمسكوا تاني.
ياسمين (بدمـ.ـو.ع سايبة):
ـ هو أنقذني... زياد أنقذني!
وضح عاصي وهو بيطمنها:
ـ هننقذه كمان... أوعدك. بس إنتِ لازم تعيشي عشان تحكي كل حاجة... تحكي الحقيقة.
هزت رأسها بالموافقة، لكن سألته:
ـ بس إنتوا عرفتو إزاي؟
تنهد عاصي:
ـ كنا بنعمل تتبع على تليفون زياد بعد ما عرفنا إنه هو اللي قـ.ـتـ.ـل نيفين، يلا بسرعة.
تنطلق العربية في قلب الليل، ووراهم أصوات الإسعاف والشرطة بتقرب...
الكاميرا تفضل ثابتة على زياد، عينه بتترمش ببطء... ولسانه بيهمس بصوت مش مسموع:
ـ "زهرة... سامحيني..."
عربيات الإسعاف بتوصل بسرعة، البوابة بتتفتح، يدخل المسعفين وهم شايلين زياد، جـ.ـسمه مليان دم، لكن لسه فيه نبض خفيف.
الممرضة (بتصرخ):
ـ بسرعة، نزيف داخلي! محتاج غرفة عمليات فورًا!
الدكتور (بصوت حاسم):
ـ جهزوا غرفة ٣! إحنا في سباق مع الوقت!
يتنقل زياد على السرير، وتغلق أبواب غرفة العمليات.
في الخارج... عاصي واقف بوجه متـ.ـو.تر، بيبص لرامي وزينة، وعيونه كلها رجاء، أما ياسمين قاعدة على الكرسي، ملفوفة في بطانية، ووشها شاحب وعيونها متورمة من البكاء.
عاصي (برقة):
ـ ياسمين... زياد عمل المستحيل عشان ينقذك. آن الأوان تحكي كل حاجة.
زينة (بحنان وهي ماسكة إيدها):
ـ إنتِ مش لوحدك... بس لازم نقفل الصفحة دي ونكشف اللي حصل.
ياسمين تهز رأسها ببطء، وصوتها بيطلع مكسور:
ـ هقول... هقول كل حاجة...
تمام، نكمل بالمشهد داخل غرفة العمليات ورد فعل زينة بعد الصدمة:
المكان: مستشفى – غرفة العمليات – نفس اللحظة
الضوء الساطع ينعكس على وجوه الأطباء، زياد نايم على ترولي العمليات، أنفاسه ضعيفة، وممرضة بتثبت جهاز النبض.
الدكتور (بسرعة وحسم):
ـ النزيف من الكتف والصدر... نحتاج نقل دم فورًا... ضغطه بينزل!
الممرضة:
ـ فصيلة دمه O موجب!
الدكتور (بتركيز):
ـ طيب، حد يبلغ بنك الدم... ويفتحوا صدره دلوقتي... محتاجين نوقف النزيف من الشريان!
الموسيقى التصويرية تعلى... صوت القلب على الشاشة يبطأ... لكن الدكتور بيصـ.ـر.خ:
الدكتور:
ـ هو شاب صغير... مش هسيبه يموت كده!
المكان: خارج غرفة العمليات – الانتظار – بعدها بشوية
زينة واقفة قدام الحيطة، مش قادرة ترفع عينيها، دمـ.ـو.عها بتنزل وهي مبهورة باللي سمعته.
عاصي (بصوت خافت):
ـ زينة... مش لازم تلومي نفسك. اللي حصل من زمان... مش ذنبك.
زينة (بصدمة):
ـ هي أختي؟ أنا ليا أخت وأنا مش عارفة؟ وهي... عاشت وحيدة وسط الناس دول؟ وأنا كنت فاكراها مجرد بنت مدلعة بتحاول تؤذيني...
عاصي (بنبرة هادية):
ـ ربنا بيجمع القلوب حتى بعد سنين من البُعد... إنتِ عرفتي الحقيقة، ولسه قدامكم عمر تعيشوه كأخوات.
في اللحظة دي، يخرج دكتور من غرفة العمليات. الكل بيجري عليه.
زينة (بتلهث):
ـ طمني... زياد؟!
الدكتور (بابتسامة صغيرة):
ـ حالته مستقرة دلوقتي... العملية نجحت، لكن محتاج يفضل تحت المراقبة كم ساعة.
ترتاح الملامح... وزينة تنهار بالبكاء.
ياسمين (من بعيد، بصوت مكسور):
ـ هو... أنقذني وأنا كنت سبب تعبه... أنا لازم أكفّر عن كل اللي عملته.
وفجأة ينتبه عاصي إن الدكتور هو نفس الدكتور اللي شافه في الفيديو.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسني
تصحى زهرة من النوم مفزوعة، تلاقي نفسها في عربية الترحيلات ووصلت السجن، وإنها كانت بتحلم إن عاصي بيودعها، كان الجو بـ.ـارد، وزهرة تدخل يدوها هدوم السجن الرمادية، عينيها فيها حزن وصدمة، لسه ما استوعبتش إنها جوه زنزانة. الباب الحديد بيقفل بصوت عالي ومرعـ.ـب، وهي بتقف مكانها ساكتة، ملامحها شاحبة من التعب والقهر.
سجّانة كبيرة في السن، بنبرة فيها تعاطف:
ـ تعالي يا بنتي، دي هتبقى سريرك، اقعدي، وإن شاء الله كله يعدي.
زهرة بتبص لها بعينين مكسورة، بتقول بهمس:
ـ أنا معملتش حاجة... أنا مظلومة.
سجّانة تانية، صغيرة السن، بصوت وا.طـ.ـي:
ـ إحنا عارفين... سمعنا عن قضيتك، وربنا يظهر الحق.
الليالي بتعدي ببطء، وكل يوم زهرة بتكتب في ورقة صغيرة بتحاول تفرّغ وجعها... دمـ.ـو.عها بتنزل وهي بتفتكر نظرات عاصي، حـ.ـضـ.ـن جدها، ضحكة زينة، الأيام السود مع سليم، أمها الله يرحمها. مرات الأيام وهي بتركع وتسجد وتقرأ قرآن وتطلب من الله النور والنصر.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسني
......
في مخزن مهجور في أطراف البلد – الليل – صوت المطر بينزل خفيف بره – سليم مربوط في كرسي حديد، والأنوار فوقه ضعيفة – رجال صالح واقفين حوالين المكان.
صالح واقف قدامه، لابس جلابية سودا، وصوته تقيل من الغضب المكتوم، وعينيه حمرا من القهر.
سليم (بصوت متحشرج وهو بيحاول يفك نفسه):
ـ إنت بتعمل كده ليه يا عم صالح؟!
صالح (قرب منه وخبط رجله في الأرض):
ـ عم صالح؟! بعد ما دنّست بنتي، ولسه بتناديني عم؟! اتجوزتها عشان تنفذها واتفقنا تكون برضاها... لكن إنت دخلت عليها بالغدر... وصورتها، يا خسيس!
سليم (بتـ.ـو.تر):
ـ دي كانت مراتي... كنت بحبها!
صالح (بصوت غليظ وقاطع):
ـ الحب مش كده... الحب ما فيهوش كاميرا في الحمام، ولا فيديوهات تمسكها على مراتك عشان تفضل معاك، ولا سكرينات تهديد، يخربيت أم الاختراع الهباب ده إلا خرب عقولكم وخرب بيوت، فين الاحترام، ولا دمعة واحدة تنزل من بنتي.
سليم حاول يتكلم، لكن صالح رفع إيده وأمر رجاله يسكتوه.
صالح:
ـ كنت قايل لك... بنتي مش هتتلمس إلا لما ترضى... وإنت خالفت، وكمان بهدلتها، وهددت زينة وسكتتني عشان ما أكسرش البيت... بس خلاص... البيت وقع، وإنت هتدفع التمن.
صالح بيمشي حوالين الكرسي، بيبص له من فوق لتحت كأنه بيقرف يلمسه.
صالح:
ـ فاكر أول يوم جيت تطلبها؟ كنت شايفك شاب طيب، قلت يجوزها يكون هو السند بعدي ومن صلبي... ما عرفتش إنك حـ.ـيو.ان... بتلعب بقذارة، بتصور وتساوم وتكسر... بس إنت نسيت إن زهرة بنتي، وأنا أبوها... وأبوها لما يتوجع، بيطفي الدنيا على اللي وجع بنته.
سليم (بيصـ.ـر.خ):
ـ مش هتطلعوا مني بشيء! ده أنا هفضحكوا، وهشتكيكوا... إنك خطفتني!
ضحك صالح (بهدوء مرعـ.ـب):
ـ خطف؟ يا ابني، ده إنت متصور فيديوهات إباحية لبنتي... أنا لو قطعتك حتت، الشعب هيصقف لي. وبعدين... الفـ.ـضـ.ـيحة الكبيرة في طريقها للمحكمة، بس قبلها... كان لازم أبص في وشك، وأقولك: "ربنا مش هيسيبك... بس أبوها سبق."
صالح بيأمر رجاله يدوّروا على الفلاشة، والموبايلات، وكل الداتا... ويمسك موبايل سليم ويرميه في الأرض ويدوس عليه برجله.
صالح (وهو خارج):
ـ خلّوه يومين في الضلمة... يمكن يعرف يعني إيه وجع البنت لما تكون وحدها.
.....
تتبع
في زنزانة السجن - ليلاً - الإضاءة خافتة، وصوت هادئ لتلاوة القرآن بيملأ المكان بحالة من السكون العميق.
كانت زهرة قاعدة في ركن الزنزانة، حـ.ـضـ.ـناها مصحف صغير، عينيها بتلمع من نور الآيات، وصوتها ناعم وهادي، بيدخل القلوب من غير استئذان.
قربت منها سجينة كانت اتنقلت معاها من القسم لسجن النساء، خطواتها مترددة وكلامها خرج بصوت خفيف:
السجينة (بتردد):
ـ "أنا بلاحظ إنك دايمًا لما بتقري قرآن... بتقري نفس السور كل مرة، هنا وكمان هناك. ممكن تقوليلي أساميهم؟"
زهرة (بابتسامة هادية):
ـ "أكيد. كل يوم بقرأ: سورة البقرة، يس، الرحمن، الواقعة، النور، الجن، تبـ.ـارك، غافر... والسور القصيرة. دي بقت ورد يومي ما ينفعش أعدّي يوم من غيره."
السجينة (بدهشة):
ـ "بسم الله ما شاء الله... كل ده؟ كل يوم؟!"
زهرة (بتتنهد، وصوتها فيه حزن ساكن):
ـ "زمان كنت باكتفي بس بسورة النور وسورة تانية حسب اللي في قلبي.
ويوم الجمعة كنت باقرأ الكهف...
لكن دلوقتي؟ كل حرف بقى حياة...
كل آية بتمدّي بإيدها وتشـ.ـدّني من الغرق."
السجينة (بتبصلها بتأثر):
ـ "إنتي جوّه السجن... بس روحك طايرة برّه. أنا أول مرة أشوف حد بيبص للقرآن كده."
زهرة (بصوتها متهدّج):
ـ "أنا كنت تايهة... بدوّر على حـ.ـضـ.ـن، على أمان...
ما لقيتش غير ربنا، ولقيته في كلمـ.ـا.ته.
القرآن كان نور جوه زنزانة قلبي... قبل زنزانة السجن."
سكتت لحظة، وبعدين رفعت عينيها للسجينة وقالت:
زهرة:
ـ "عارفة؟ سورة النور لو الناس خدت بالها منها... هتفهم حاجات كتير."
السجينة (بتتنهد وهي مهتمة):
ـ "فاهمة شرحها؟ وليه بالذات سورة النور؟"
زهرة (بهدوء وإيمان):
ـ "السورة دي عظيمة... فيها دعوة صريحة للعفة والطهارة، بتحذر من المحرمـ.ـا.ت والفواحش، وبتأمرنا بغض البصر وآداب الاستئذان... بتعلمنا نبني مجتمع نضيف ومتوازن."
سكتت لحظة، وبعدين كملت وهي بتفتح المصحف:
زهرة:
ـ "آية الحجاب في السورة دي... رقم ٣١، بتقول:
{وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها...}
صدق الله العظيم."
السجينة (بفضول صادق):
ـ "يعني الآية دي بتقول إيه بالضبط؟"
زهرة (بشرح واضح):
ـ "بتحثنا نغض البصر، نحفظ نفسنا من الحـ.ـر.ام،
تحظر إظهار الزينة إلا في الضرورة،
تأمر بضـ.ـر.ب الخمار لتغطية الرأس والياقات،
وتحدد مين اللي ينفع نشيل قدامهم الحجاب...
وكمان تحذر من لفت النظر، حتى بالأرجل أو اللبس،
وتنتهي بأهم حاجة: التوبة... اللي بيرجع لربنا عمره ما يتأخر."
السجينة (بدمـ.ـو.ع بتلمع في عينيها):
ـ "أنا نفسي أبدأ من جديد... أغير حياتي... أتوب."
زهرة (بصوت مليان يقين):
ـ "وإنتي تقدري... إحنا لسه عايشين.
مافيش حاجة اسمها متأخر على ربنا...
اللي بيرجع له بصدق، عمره ما هيرجع بخيبة."
سكت المكان لحظة، وزهرة بدأت تردد الآية اللي كانت دايمًا بتحس بيها بالأمان:
زهرة (تقرأ بخشوع):
ـ {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ... الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ... الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ... يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ... زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ... يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ... نُورٌ عَلَى نُورٍ... يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ... وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ... وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
وصوتها كان كأنه نور بيشق ضلمة تقيلة...
نور على نور.
وبتتمنى تخرج إلى النور
فى المستشفى لم أتفاجأ عاصي إن نفس الدكتور فى الفيديو هو الدكتور إلا بيشرف على عملية زياد
انتظر لم دخل مكتبه
الباب بيتفتح بعنف، ويدخل "عاصي" بسرعة، وراه "رامي" ماسك ملف كبير في إيده.
عاصي (بعصبية متكتمة):
ـ "أنا مش جاي أضيع وقت... أنا جاي أطلب منك تقف قدام ضميرك... وتشهد باللي حصل مع زهرة."
الدكتور (بيقوم من ورا مكتبه):
ـ "أنا قلت كل اللي أعرفه في التحقيقات... اللي حصل اتحقق فيه!"
رامي (بصوت حاد وهو بيرمي الملف على المكتب):
ـ "التحقيقات دي؟ شوف ده... ده تفريغ الكاميرات قبل ما يتم التلاعب بيها... زهرة دخلت المستشفى واتحجزت، وده إثبات إنها ما خرجتش وقت الجريمة."
الدكتور بيبص للصور والملف، وتبدأ ملامحه تتبدل، لكن بيحاول يتمالك نفسه.
الدكتور (بتـ.ـو.تر):
ـ "أنا ماعرفش مين لعب في الكاميرات... دي حاجة إدارية مش طبية... أنا دوري أني أعالج."
عاصي (بيقرب منه، صوته فيه مرارة):
ـ "بس إنت سكت. سكت رغم إنك شفت البنت دي داخلة بنزيار، وخرجت تحت ضغط ناس مش من أهلك ولا من المستشفى!"
الدكتور (بصوت منخفض):
ـ "أنا كنت مهدد... في رقاب ورايا... في ناس هتتعرض ل خطر من أي محضر!"
رامي:
ـ "وهي رقبتها مش رقبة؟! البنت اتسجنت ظلم، واتمرمغت في الطين، وانت كنت تقدر بكلمة تنقذها!"
عاصي (بيخبط على المكتب):
ـ "إنت مش مطالب تحارب لوحدك، إحنا هنا، إحنا اللي هنفضح اللعبة دي للآخر... بس نحتاجك تقول الحقيقة. بس كده."
الدكتور يبص في عنين عاصي، ويفضل ساكت لحظة... ثم ينزل برأسه بتعب.
الدكتور (بهمس):
ـ "زهرة اتظلمت... فعلاً اتظلمت.
أنا هشهد... وهقول اللي شُفته.
بس احموني من اللي ورا نادية... لأنهم لو عرفوا، حياتي وحياة مراتي في خطر."
عاصي (بحزم):
ـ "هتحميها بقول الحق، وإحنا هنحميك من الباقي."
يسود صمت تقيل... لكن كان صمت راجح بالكفة ناحية زهرة لأول مرة.
رامي (بهدوء):
ـ "ابدأ بكتابة إفادة رسمية... ومـ.ـا.تخافش. 
صالح يتصل ب زينة (وهو بيكلم بصوت سريع):
ـ "أنا حبسته ... 
استغربت زينة وسالته 
مين يا خالى 
تنهد صالح: 
سليم دلوقتي تحت ايدى ... بس فيه مشكلة..."
زينة (بترد عليه بخضة):
ـ "مشكلة إيه يا خالى ؟!"
تحدث ونفسه يطلعوينزل:
ـ "موبايله في إيدي... بس مش قادر أفتحه. عليه رمز سري... وأنا متأكد إنه فيه الفيديوهات الخاصة ببتى  ... بس مش عارف أوصل لحاجة."
طلبت منه زينة يستنها وهى جاية ومعها واحد 
ت
قفل زينة وتروح عندهم 
دخلت زينة عندهم  كانت بتتكلم بحماس وهي بتبلغهم بكل اللي قاله صالح، وعينها مليانة خوف ودهشة.
زينة (بنبرة متـ.ـو.ترة):
ـ "خالى صالح   اتصل بي وقال انه حجز ... سليم وعايز يفتح تليفونه عشان مصور زهرة فيديو 
انصدم عاصي كان باين عليه التـ.ـو.تر
رامي يوقف فجأة، ويضحك بسخرية .:
ايه كل المصايب ده
ـ "سيبه عليا... لو فيه دليل جوه، هطلعه!"
بيت صالح – صالون صغير – صالح قاعد مرهق كان وصل والكل واصبحوا  حواليه – عاصي، زينة، رامي
رامي قاعد قدام لابتوب، موصل موبايل سليم عليه، وبيشتغل في صمت وتركيز شـ.ـديد، بيكتب كودات وبيفك التشفير.
رامي (بعد دقايق):
ـ "فتحته!"
الكل يتجمع حواليه، يفضل يقلب في المحادثات، وفجأة يقف عند اسم: (نادية - خاص).
رامي (يقرأ بصوت عالي):
ـ "تم تحويل المبلغ... انتظر التعليمـ.ـا.ت القادمة... ابعد زينة عن الموضوع... وخلي زهرة تختفي."
زينة (بصدمة):
ـ "نادية؟! نادية بعتاله فلوس؟!"
رامي يكمل، يفتح سجل التحويلات البنكية، يشوف مبالغ كبيرة دخلاله من حسابات مختلفة. بعدها يفتح تطبيق صور، يلاقوا صور لتلاميذ قدام مدارس، وصور أكياس صغيرة شبه المخدرات.
عاصي (وهو بيمسك دماغه):
ـ "يا نهار أبيض... ده كان بيوزع؟!"
رامي:
ـ "أيوه... شايفين دي؟
دي صور لأكتر من مدرسة في البلد...
وسجل للمكالمـ.ـا.ت مع ناس معروفين في السوق السودة.
سليم مش بس خان زهرة...
ده كان بيشتغل في توزيع المخدرات... من قلب المدارس!"
صالح (وهو بيبص في الأرض بمرارة):
ـ "ده أنا اللي كنت شايله على كتافي...
وهو بيغرس في بنتي سكاكين...
ابني اخى خان الكل، وباع نفسه للشيطان."
زينة تبص لعاصي، وعينيها دمـ.ـو.ع وغضب:
زينة:
ـ "إحنا لازم نكشف ده كله... ونطهّر البلد من اللي زيه.
أنا مش هسكت... لا على  الا عمله ل زهرة، ولا على أي بنت ممكن يكون أذاها!"
عاصي  بحزم، وعينيه مليانة تحدي:
عاصي:
ـ "وأنا معاكم ... مش هسيب حق زهرة، ولا حق أي حد راح ضحية للكـ.ـلـ.ـب ده."
زهرة العاصى الكاتبة صفاء حسنى 
داخل مخزن مهجور ليل  سليم مربوط على كرسي، ووشه عليه آثار ضـ.ـر.ب
نور كشاف على وشه، وعاصي وصالح  واقف قدامه، ورامى   في الخلف بيصور الاعتراف، وسليم بيبص لهم بعينين مكسورة وتعبانة.
الإضاءة قوية، وسليم باين عليه الإنهاك والتـ.ـو.تر، وصالح عينه مولعة نار، وبيصـ.ـر.خ بصوت عالي.
صالح (بحدة):
ـ "انطــق!! مين طلب منك تصور بنتي؟!
مين صاحب الرقم الغريب اللي بيتصل بيك كل شوية؟!"
سليم بيحاول يهرب بعينه، صوته بيتهز:
سليم:
ـ "أنا... أنا كنت بخاف عليكم... كنت عايز احمها ...
إنت مش شايف بتعمل إيه؟ كنت خايف تبهدل اسمنا!"واتجوزتها عشان محدش يلعب بعقلها تروح تجيب ده ويشاور على عاصي الغريب ده وتسمع حديثه 
صالح (يصـ.ـر.خ أكتر، صوته بيزلزل المكان):
ـ "مـ.ـا.تلعبليش على حبال العيلة!!
حديث الغريب  ده هو الا كشفك ؟!
ونسيت  إني عمك؟! ده أنا مربّيك!
سليم يصـ.ـر.خ بضعف:
سليم:
ـ "أنا ابن أخوك!! مش من الغريب وحقي احميها من الكل !!"
ضحكة قصيرة مريرة تطلع من صالح، ويميل ناحيته بنظرة مليانة خزي:
صالح:
تحميها من الكل وتدمرها انت وتفضحها انطق 
ـ "الغريب كشفك يا ابن أخويا...
الغريب هو اللي عمل تتابع على تليفونك.
واكتشف إن جالك رسالة... من رقم مجهول...
فيها عنوان بنتي…!!
انطــق... مين؟! مين اللي بعتلك؟!"
سليم يتنفض من مكانه، صوته بدأ ينهار:
سليم (بصوت خافت):
ـ "هي... الست دي... هي اللي بدأت كل حاجة...
من زمان، من أيام الثانوية...
قالتلي أبعد زهرة وزينة عن الجامعة...
وقالتلي الجامعة دي هتدمرهم...
ومن يومها وانا تحت أمرها..."
صالح (بعينين مليانة دمـ.ـو.ع وغضب):
ـ "إنت بعت بنتي... لحساب ست ما تعرفهاش...
واشتغلت جاسوس في بيت أهلك؟
ده حتى الخاين بيخون أعداءه، مش دمه!!"
لحظة صمت، بعدها صالح يقف ويزعق بصوت عالي:
صالح:
ـ "ابني اخى  تعاون مع العصابة...
عشان يشغل زينة بعيد عن الحقيقة...
وبعد ما زهرة اختفت، وصلوا ليك مكانها،
وسكت... ومشيت وراهم زي كـ.ـلـ.ـب!!"
صالح (يبص له بنظرة حاسمة):
ـ "إنت مش بس خنت بنتي...
إنت خنت العيلة... ودمك ما بقاش بينا.
وأنا اللي هسلّمك للشرطة...
وهشهد عليك كأنك غريب... لأنك فعلًا غريب!"
سليم ينهار، يحاول يقرب منه، وصالح يبعد برجله الكرسي ويخرج من الأوضة، وصوته بيرن وراه:
صالح (بحزن):
ـ "أنا كنت معمي... ووردة كانت شايفة...
إنت وامك نفسكم تدمروا مستقبل بنتي...
عشان ما تبقاش أحسن منك ...
لكن البنت اللي حاولتوا توقعوها...
هي اللي طلعت سندي!"
سليم (بصوت متهدج):
ـ "هقولكم كل حاجة...
أنا غلطت... غلطت من أول لحظة وأنا فاكر إني بعمل الصح..."
ي
عاصي (بحزم):
ـ "ابدأ من الأول."
سليم (بيتنهّد):
ـ "وزهرة في تالتة ثانوي... كنت برائب زهرة وهي بتسحب أوراقها من المدرسة...
قابلت ست، شكلها شيك قوي بس كلامها كان غريب..."
الصوت يتحوّل لصوت فلاش باك...
فلاش باك – أمام المدرسة الثانوية – نهار
سليم واقف على ناصية الشارع، بيراقب زهرة من بعيد، وفجأة ست كبيرة في السن، لابسة شيك وأنيقة، تقرب منه.
الست (بهدوء بس كلامها حاد):
ـ "إنتَ تقرب ل زهرة صح 
هز راسه سليم 
ايه هى بت عمى انتى ت عـ.ـر.فيها 
هزت راسها نادية 
انى مدرستها وانت واضح عليك 
راجـ.ـل البيت وتحميها من اي حاجه صح؟"
سليم بيبصلها بــــاستغراب.
اكيد الست هى اللى قالتلي 
ـ "الجامعه اللي البنتين رايحينها دي... مش نضيفة... سمعتها وحشة...
لو بتحب زينة وزهرة، ابعدهم عنها."
سليم (بتردد):
ـ "بس دي جامعة  تابع حد من معارف جدى وشخص محترمة... وكلنا بنحبه ..."
الست (بنظرة قاطعة):
ـ "أنا بقولك الحقيقه اعمل المستحيل.
البنات دول سترك... الجامعة دي هتضيعهم، خصوصًا زهرة...
لو وقعت هناك، كل حاجة في حياتها هتبوظ."
فلاش باك – بيت صالح – ليل – بعد أيام
صالح قاعد مع الجد محمد ووردة، وسليم بيتكلم بحماس وغضب مفتعل.
سليم:
ـ "أنا مش مرتاح للجامعة دي، البنات مكانها الدار او جامعة قريبة مش لازمة الغربة وتمشي  هناك على حل شعرها ... زهرة دماغها ناشفة ومصممة هى وزينة !
أنا متأكد إنها هتعمل مشاكل.
اسألوا، الناس كلها بتتكلم عن البنات اللي بتتغير أول ما تدخل الجامعة دي."
الجد بيبص لوردة اللي  تطلع فى العالي 
ملكيش فيها يا سليم بتى ب ١٠٠ رجل وتقدر تعيش فى اي مكان وتحمى نفسها والجامعة ده هتديها منحة تسافر برا البلد 
سكت، صالح باين عليه التردد، 
الجد  بيهز راسها بموافقة خفيفة على كلام وردة .
رجوع للواقع – المخزن – سليم لسه مربوط على الكرسي
سليم (والدمـ.ـو.ع في عينه):
ـ "كنت عايز أثبت إني راجـ.ـل البيت... أثبت إن زهرة ممكن تضيع...
بس أنا اللي ضيعتها فعلاً."
عاصي بيبص له بنظرة تقرف وغضب.
عاصي:
ـ "وكملت بعدها بإيه؟"
سليم (بيكمل):
ـ "بعد  ما اخطفت  ... ، جالي رسالة من نفس الست...
بعَتتلي مكانها... قالتلي إنها هناك...
بس لما رُحت... زهرة كانت  فى حـ.ـضـ.ـن الا اسمه زياد
وهو بيبص ل عاصي وهو بيحكى 
قولت وقتها انها  ضاعت مني وخصوصا انى الست بعتت ليا فيديو تقنعنى ان زياد اخد شرفها ...
وانت الا طلبت منى  أقنعها ترجع وتتجوزتى ، بس مقدرتش انسى المشهد ... كنت مجروح وعايز اتاكد... ونازل  عينيه على الارض 
كنت بجيب كرامتى وكرامت العيلة وصورة الفيديو عشان اعرفها انها بخير وانها كذبة ."
لحظة صمت طويلة، وسليم بيبص للأرض، وعاصي بصوته كله وجع وفجاة ضـ.ـر.به بالقلم :
عاصي:
ـ "إنتَ غـ.ـبـ.ـي وجاهل  مش  عارف اقولك ايه ... إنتَ فتحت الباب لناس يخربوا حياتكم وحياة زهرة ."
---
زهرة العاصى الكاتبة صفاء حسنى 
صوت الباب بيتخبط بعنف، وصالح  يفتحه يلاقي "أبو سليم" واقف، وشهم  متـ.ـو.تر وعينيه فيها قلق وكبرياء مكسور.
أبو سليم (بصوت متحشرج):
ـ "أنا جايلك يا صالح... مش علشان ألومك، ولا أعاتبك...
أنا جايلك أطلبك ترجعلي ابني فكه ."
صالح واقف ثابت، عينيه متجمدة من القهر والخذلان، بيضحك بسخرية مرة.
صالح:
ـ "ارجعلك ابنك؟
ابنك اللي خطف بنتي؟
ابنك اللي حبسها وبهدلها؟
ابنك اللي  اخدها غصب وصورها وببجاحة بيهددتنى ابنك الا اعترف انه اشتغل مع العصابة عشان يلهي زينة عن الحقيقة؟
ده إنت متعرفش نص اللي حصل."
أبو سليم (بصوت مكسور):
ـ "أنا سمعت كله كلامه ومتعهد... ان اول ما تخرج زهرة ، هيطـ.ـلقها.
أنا مش عايز خراب بيوت، ولا فضايح..."
صالح (بيصـ.ـر.خ فجأة):
ـ "خراب بيوت إيه يا راجـ.ـل؟!
دي حياة بنتى  اللي اتدمرت!
دي بنتي اللي انكسرت وأنا واقف أتفرج!
أنا اللي كنت فاكر إنك أخويا... وإنك عايز الخير ليها لكن ابوى كان عنده حق."
أبو سليم بيخفض راسه، وسكوت لحظة.
صالح (بمرارة):
ـ "وردة كانت شايفة اللي أنا مش شايفه...
كانت بتقوللي إنك ومراتك بتكرهوها،
كنتم عاوزين تدفنوها بالحياة علشان متبقاش أحسن من ولادكم!
وأنا... أنا اللي ساعدتكم بإيدي، وأنا المعمى على عيني."
أبو سليم (بيحاول يداري صدمته):
ـ "ابني غلط... بس في الآخر دمنا واحد..."
صالح (بغضب مكبوت):
ـ "ابنك خان العِشرة... خان اسم العيلة...
نسي إنه ابن أخويا... ونسي إنه في بنت كانت بتقوله ابن عمى بلاش وهى بتترجاه صدق الجهل والغباءة .
هو مش بس خطفها، ده باع ضميره، وساعد الناس اللي عاوزين يدفنوا زهرة بالحياة!"
أبو سليم (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "يعني... ناوي تسلمه للشرطة؟"
صالح (بحزم وقلب متقطع):
ـ "أيوه.
هسلمه للشرطة.
علشان لو سبته، أبقى خاين ل وردة ... وخاين لزهرة... وخاين لنفسي."
تتبع 
أبو سليم (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "يعني... ناوي تسلمه للشرطة؟"
صالح (بحزم وقلب متقطع):
ـ "أيوه.
هسلمه للشرطة.
علشان لو سبته، أبقى خاين لوردة... وخاين لزهرة... وخاين لنفسي."
لحظة صمت طويلة... كأن الزمن وقف.
الكل ساكت، والنَفَس مكتوم في الصدر.
أبو سليم (دمعته وقعت غصب عنه):
ـ "سليم غلط... بس يفضل ابني.
أنا ما ربتوش كده... بس شكله ضعِف، ووقع في طريق مش طريقنا."
صالح (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ "وأنا كمان ما ربيتش بنتي عشان ابنك  يظلمها ...
ممكن جاهلي عمنا وكنت فاكر إن ستر البنت أهم من التعليم لكن ربنا ادنى الدرس على أيد ابنك ."
(يبص سليم  في الأرض، ملامحه منكسره):
ـ "أنا مستحقش السماح...
بس كنت بتمنى إن اللي ضيّعني يرجعني."
عاصي (بحزم):
ـ "اللي ضيّعك طمعك... واللي يرجّعك الحقيقة.
وهتقولها كلها... بالتفصيل. يوم المحكمة ، قدام الكل."
رامي (بهدوء):
ـ "أنا هجهز كل الورق، وأبلغ النيابة بالحضور.
واللي حصل ده... مش هيسكت عليه حد."
(يبص. أبو سليم   لابنه، وعينه مليانة وجع):
ـ "كنت شايفك ضهري في الكِبَر...
طلعت سكّيني في الضهر."
(ينزل    سليم  على ركبته قدامه):
ـ "سامحني يا بوي...
أنا ماستاهلش نظرة من عينك... بس الكل عارف  إني بحب زهرة وكنت نفسي  اوصلها بأي طريقه ...
أنا بحب زهرة ."
(بصوت.    متقطّع صالح ):
ـ "انت فاهم الحب غلط انت بتحب نفسك لكن مش هعتب عليك لأنى أنا كنت السبب ...إنها  تتوجع، بس بنتى قوي مهما انكسرت هتقفة على رجلها .
وإنت؟ كسرت نفسك بإيدك."
عاصي (يوقف):
ـ "أنا هكلم الظابط نبيل... يجيله هنا يستلم سليم، ومعاه كل التسجيلات.
والباقي على النيابة."
(يمسك أبو سليم  إيد صالح):
ـ "أنا آسف... مش على اللي عمله بس...
على إننا مقدرتش اكون اخ ليك ، وكان لازم أقف جنبك من الأول."
صالح (بهدوء):
ـ "ولا أنا كنت شايف الحقيقة ...
بس ربنا بيكشفها  في الوقت المناسب."
رمى سليم نظرة أخيرة لوشوشهم...
كان فيه خوف، نـ.ـد.م، وأمل صغير.
سليم (بصوت مبحوح):
ـ "قولوا لزهرة... إني آسف.
وإني مستعد أنى أطلقها....... لو هتخرجونى من هنا ."
يحط عاصي  إيده على كتفه):
ـ "بتلعب بينا تأنى عشان تعرف تخرج منها ...
في التحقيق هطلقها غصب عنك ."
وبيدخل الظابط "نبيل" بعد ما استدعاه عاصي... ومعاه القوة.
بيتم تسليم سليم رسمي، وبيبدأ طريق جديد... طريق الحقيقة.
---
زهرة العاصي 
فى ممر المستشفى – الساعة قريبة من الفجر، والدنيا هادية بشكل يخوف، غير صوت خطوات خفيفة وممرضة بتعدي كل شوية.
ياسمين  كان  قاعدة على كُرسي صغير قدام غرفة العناية، ضهرها منحني لقدّام، إيديها مشبوكة، وعينيها مش ثابتة على حاجة... قلبها هناك مع زياد.
تقوم فجأة وتوقف ممرضة كانت ماشية بالعربية الصغيرة:
( تتحدث ياسمين بصوت  مبحوح من التعب والسهر):
ـ "ممكن تطمنيني على المريـ.ـض اللي جوه...؟"
(نظرت.    الممرضة  فيها احترام وحذر):
ـ "هو قدامه 24 ساعة تحت المراقبة يا فنـ.ـد.م...
بعد كده نقدر نحدد، يعدي منها ولا لأ."
(تهز  ياسمين راسها بهدوء، وتقول شكرًا بصوت وا.طـ.ـي وترجع تقعد).
تقعد على الكرسي... تمسك أطراف الجاكيت كأنها بتستغفر أو بتداري رعشة.
شريط حياته قدام عنيها، بيتقلب زي فيلم قديم، كل لحظة، كل ضحكة، كل دمعة.
صوت داخلي جواها (بهدوء وكأنه بيحكي الحكاية):
ـ "كان ممكن يهرب،
بس هو ماهربش.
كان ممكن يكرهني...
بس في عز وجعه، اختارني.
كان ممكن يسبني  وينتقم منى عشان كنت السبب إن زهرة تسيبه ،
بس هو أنقذني وما بين الحياة والموت عشاني."
ترفع عنيها للسقف، كأنها بتستنى إشارة... ثم تطلع نفس طويل وتحط إيديها على ركبها، وتقوم بحسم.
ياسمين (بصوت وا.طـ.ـي، لنفسها):
ـ "لازم أواجها ...
كفاية خوف...
كفاية صمت.
هروح لنادية،
وهقول كل حاجة.
مش عشاني...
عشانه هو."
وتقرار  تخرج  من المستشفى، الهوا بيحرّك شعرها، بس عنيها ثابتة، ووشها فيه لمعة قرار صعب اتاخد، بس خلاص... مفيش رجوع.
...................... 
بعد ما انقبض على سليم رجع عاصي وزينة ورامى للمستشفى عشان يطمنوا زياد فاق والا لسه 
عاصي في المستشفى، الساعة داخلة على الفجر ، والمكان ساكت 
دخلت تدور زينة  على ياسمين وتسأل الممرضة 
فين الانسه ياسمين إلا كانت قاعده هنا 
نظرت الممرضة يمين ويسار وردت 
كانت هنا من شويه حضرتك سالتنى عن المريـ.ـض ولم عرفت ان العملية خلصت وانه تحت المراقبة مشيت 
انصدمت زينة بصوت عالي وهو متلخبطة):
ـ "يعني إيه سابت المستشفى؟!
يعني إيه ؟!فين راحت؟!"
(واقفة الممرضة ووشه شاحب):
ـ "معرفش...
اختفت، مفيش حد شافها 
كانت زينة صوتها  بيتهز من الصدمة):
ـ "و زياد؟! سابته؟!
ده كان آخر امل لو زياد مفقش هى تنقذ زهرة 
!"
يسمع عاصي  زينة ينصدم (بعصبية وهو يضـ.ـر.ب المكتب بإيده):
ـ "آنا منبه الامن متخرجش  ل أي سبب ..
وسابتني وراحت فين .
كانت وعدتني... وعدتني إنها هتعرف  وتقول كل حاجة...
بس اختفت."
زينة (بصوت عالي):
ـ "ماكانش ينفع نسيبها لوحدها !
دي ياسمين! مش أي حد ملهاش كلمة ...!"
كان عاصي متـ.ـو.تر يوطي صوته بس عنيف):
ـ "عارف!
وبلعن  نفسي ألف مرة إني سبّتها حتى دقيقة!
بس كنت فاكر إن خلاص... إنها هتـ.ـو.في  بوعدها ، وإنها مش هتهرب تاني!"
زينة (بدمـ.ـو.ع بتبدأ تلمع في عينيها):
ـ "ده معناه... إننا رجعنا تاني للمجهول؟
رجعنا لنقطة الصفر؟"
عاصي (يبص لها بمرارة):
ـ "أسوأ من الصفر يا زينة...
لإن كل مرة نوصل لحاجة، الدنيا تقفل من ناحية تانية.
......... 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
فى  أوضة فخمة في بيت نادية – بالليل – نادية لابسة فستان غامق، قاعدة على كرسي واسع، ضحكتها عالية، مسكة كوباية وبتضحك بقسوة.
نادية (وهي بتضحك بصوت عالي):
ـ كله وقع في بعضه... زهرة، وزياد، وسليم، وعاصي... حتى ياسمين، بنت الشوارع دي، صدقتني...
وأنا اللي جمّعت اللعبـة... محدش يقدر يوقعني!
فجأة الباب يتفتح بعنف.
ياسمين (بصوت عالي وهي داخلة):
ـ لا، في واحدة بس تقدر توقعك... أنا.
نادية تتجمد مكانها، ترفع عينيها تلاقي ياسمين واقفة قدامها، عينيها كلها نار، ومسكة مسدس صغير.
نادية (بتهز راسها ببطء):
ـ أنتي... جيتي ليه؟ ما كنت خلاص موتى آنتى وزياد  وانتهيت منك.
ضحكت ياسمين (بتقرب منها ببطء):
ـ يعنى عآدى إنك تقـ.ـتـ.ـل  بنتك وانتهيت منها؟
ـ طول عمري بدور على أمي...، لكن مش مصدقة إن الشيطان اللي بوظ حياتي...  هى أمي.
نادية وشها بيتبدل، بتقوم واقفة وهي بتقرب منها بحذر.
نادية (بصوت مبحوح):
ـ أنتي... أنتي بتقولي إيه؟!
ياسمين (بدمـ.ـو.ع ونار):
ـ أيوه... أنا بنتك. فاكرة منصور؟ فاكرة سعاد؟ فاكرة لما أنقذت منصور من الحبس وطلبت منه يتجوزك  ولم عرفت إن هو عنده بنت كنت هتجنني تجيب طفل منه ؟
ـ أنا بنت الجريمة... 
نادية تتجمد، أول مرة وشها يخاف، تتراجع خطوة وهي مش قادرة تتكلم...
ياسمين (بصوت هادي لكنه مرعـ.ـب):
ـ كنت طول عمري بقول  أمي ل واحدة تأنى لحد ما كبرت وعرفت إن تم شراء من ام باعتنا وانا فى بطنها  اتنازلت عن امومتها وباعت رحمها ب الجنين إلا في ... بس طلع أمي ... مـ.ـا.تت فيها الإنسانية.
نادية (بضحكة خفيفة ومليانة استهزاء):
ـ انتي بتضحكي على نفسك... بنتي؟!
أنا ماخلفتش... أنا عملت كل التحاليل والحقن، ومافيش مرة نجحت.
ياسمين (بتبتسم):
ـ اللي بلغني... ضمير زياد.
كان نفسه يتوب، وكان نفسه يكشفك... وأنا هكمل اللي بدأه.
ياسمين (سكتة لحظة، وبعدين بتمسك طرف الكرسي بتاع نادية):
ـ أيوه... ما نجحتش.
بس ت عـ.ـر.في ليه؟
مش لأنك ما تقدريش... عشان العصابة اللي انتي بتشتغلي معاهم ضحكوا عليكي.
نادية بترمش، لأول مرة علامـ.ـا.ت الشك تظهر على وشها.
ياسمين (تكمل وهي بتطلع ورقة من جيبها):
ـ دي صورة من تقرير المستشفى اللي كنتي بتروحيها سرًّا...
الحقنة كانت فاضية يا نادية.
كانوا بيبيعوا لك أمل مزيف، وبيحقنوا الستات بحقن مفيهاش غير ميه وملح.
نادية (بصوت وا.طـ.ـي وهي بتاخد الورقة):
ـ كـ.ـد.ابين... كلهم كـ.ـد.ابين!
ياسمين (بابتسامة مريرة):
ـ لكن جالهم بيعة كبيرة وملوش غيرك يجرب فيك  التجارب دي.
منصور هو اللي وافق على الحقنة لم طلبت منه اتاخدت العينة ... وفعلا اتحقنت وبعد فترة حصل حمل لكن ضحكوا عليك والدكتور بلغك إن الرحم حدث في ورم من كتر تجارب الحقن المهجري  وفعلا أخدوا  رحمك وأنا في وحطوه فى بطن واحدة تأنى 
الناس  اللي فضلت تشتغل معهم ...  في القذارة هما الا حرموك  وانا لم عرفت اني مجرد تجربة ومعرفش مين اهلى دخلت فى سكة المخدرات وبعد كدة ، أبيع مخدرات...
أبيع ضميري... عشان أوصل للحقيقه كان لازم ادخل وسطهم عشان أعرف مين امى طلعت هى رئيسة العصابة .
نادية (بتنزل راسها لأول مرة، جـ.ـسمها كله متجمد):
ـ مستحيل... مستحيل تكوني بنتي...
ياسمين (بهدوء):
ـ صدقي أو لا...
أنا آخر فرصة كان ممكن يبقى ليكي قلب.
وبعد قليل جات الشرطة واخدت نادية 
مرات الايام وجيه يوم المحكمة 
وعاصي وزينة معهم أدلة لكن ناقص اعترف ياسمين
زهرة العاصى الكاتبة صفاء حسنى 
يوم المحكمة 
البوابة الحديدية اتفتحت، وخرجت زهرة وهي لابسة الزي الرسمي للمحبوسين، إيديها متكـ.ـلـ.ـبشة من قدام، عيونها باينة فيها السهر والوجع، بس فيها كمان قوة رغم الضعف.
وقفت لحظة على باب السجن ، تبص حواليها، لقيت جدها محمد واقف جنب زينة، وصالح أبوها واقف قدامهم اقترب منها يطمنها 
جبتلك حقك يا بنتي 
زهرة (بصت له بصدمة):
ـ خدتلي حقي إزاي؟
صالح (اتنهد، وعيونه بصت في الفراغ، وكإنه بيرجع للمشهد قدامه):
ـ لما هددتنى ابن اخى … و شُفوت صورتك ودمعتك في الفيديو ده… قلبي اتحرق…
ـ ساعتها ما بقيتش  صالح… بقيت أبو زهرة، اللي اتكسرت قدامه…
ـ جبت رجالتنا، وكمّنا له، وخطفناه من بيته زي الكلاب، وربطناه في مخزن بعيد عن عيون الناس…
ـ خليه يعرف يعني إيه خوف… ويعني إيه بنت تنام وهي مش عارفة هتصحى على إيه!
زهرة (مصدومة):
ـ عملت فيه كده؟!
صالح (بحسم):
ـ ده أقل من اللي يستاهله …
ـ عرفت إنه مصورك، وإنه كان بيهددنى كمان ، وإنه حتى ما احترمش اسمي ولا كلميته  معى …
ـ قلبت المكان، وخدت كل حاجة… الفلاشة، الموبايلات، الصور… ومسحتهم بإيدي!
ـ ده غير إنه اعترف بكل حاجة… قدامي النيابة ومسجون دلوقتي ويجى يعترف بكل حاجه .
زهرة سابت دمـ.ـو.عها تنزل، مش عارفة تحكي ولا تعاتب، قربت من أبوها وحـ.ـضـ.ـنته، حـ.ـضـ.ـن البنت المكسورة اللي لقت ضهرها أخيرًا. 
صالح (وهو بيطبطب عليها):
ـ كنت خايف أوصل متأخر… بس وعدتك يا زهرة…
ـ والله ما هسيبك لوحدك تاني أبدًا.
---
، عيونهم كلها دمـ.ـو.ع، وكل واحد فيهم بيحاول يتماسك.
كانت بتبحث بعيونها على عاصي لكن مكنش موجود 
ركبت عربية الترحيلات مرة أخري 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
.... 
بتوصل زهرة  للمحاكمة ، يدخلها العسكري جوه القفص الحديدي في القاعة، المكان بيهز قلبها... بتبص في كل الاتجاهات... لقيت جدها واقف، وعينيه فيها دمـ.ـو.ع، زينة ماسكة إيد صالح اللي باين عليه الانهيار، بس بيحاول يثبت.
الكل ساكت... اللحظة تقيلة.
صوت الحاجب: ـ القضية رقم (٣٢٤٥)... زهرة صالح محمد الصعيدي 
كل العيون اتجهت للقفص.
زهرة وقفت، وظهرها مفرود رغم التعب، رفعت راسها والدمـ.ـو.ع محبوسة في عينيها... قلبها بيخبط.
الباب اتفتح... ودخل القاضي.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
---
الباب الخشبي الكبير اتفتح، ودخل القاضي بخطوات هادئة لكن واثقة... سكون رهيب غطى القاعة، حتى صوت الأنفاس بقى مسموع.
القاضي بصوت حازم: ـ المتهمة... زهرة صالح  محمد الصعيدي .
زهرة وقفت، صوت السلاسل خبط في الحديد، قلبها بيخبط في صدرها، رفعت راسها وبصت للقاضي.
القاضي: ـ أنتي متهمة بقـ.ـتـ.ـل بنت  صديقة ليك ،  نيفين الشرقاوي... إيه ردّك؟
زهرة خدت نفس عميق، كانت متـ.ـو.ترة، بس حاولت تتحكم في ارتعاش صوتها.
زهرة: ـ أنا... أنا مش مجرمة يا سيادة القاضي. أنا كنت ضحية، ضحية خوف وتهديد واستغلال.
القاضي: ـ وضّحي أكتر... التهديد كان من مين؟
زهرة: ـ ياسمين خليل... كانت بتهددني بصور خاصة، صور اتاخدتلي من غير علمي، عشان تسكتني، عشان أبعد وأمشي وأسكت عن اللى كنت عارفاه.
القاضي (بدهشة): ـ صور؟ تهديد؟... وإيه علاقتها بحادث نيفين؟
زهرة: ـ نيفين كانت طرف في اللعبة دي، بس انا  اتورطت... وكنت هناك لما اتخبطت بالعربية، بس والله مليش علاقه كنت بكلم امى وانا فى البلكونه فى بيت الطلاب لم شفتها  وقعت وخرجت ليها 
بعد شوية طلبت المشرفة أروح معها المستشفى وفعلا روحت ... ولما دخلنا المستشفى، سمعتها بتعترف إنها كانت بتمسح صور اتاخدتلي بكاميرا كانت محطوطة في الحمام... كانت ياسمين باعتاها عشان يصوروا البنات ويهددوهم بعدين يجبرهم ل يسمعوا كلامهم او يفـ.ـضـ.ـحوهم .
القاضي (ينظر للملف): ـ في تقرير طبي بيقول إنك دخلتي في إغماء يوم الحادث، ده صحيح؟
زهرة (بصوت مرتجف): ـ أيوه، من الصدمة وقعت واتنقلت على غرفة طوارئ، والدكتور كشف عليا 
المحامي يخرج ورقة من الملف ويقدمها للنيابة.
المحامي:
ـ ده تقرير المستشفى وقتها، بيثبت إن زهرة اتنقلت فورًا على المستشفى وتم حجزها في غرفة الطوارئ… الدكتور اللي استقبلها موجود وممكن يشهد.
الدكتور واقف، لابس بالطو أبيض، واضح عليه الحزم والاحترام.
القاضي يطلب منه 
اقسم بالله العظيم أقول الحق 
الدكتور:
اقسم بالله العظيم 
: ـ فعلاً يا سيادة القاضي، زهرة وصلت في حالة انهيار عصبي، وكان واضح إنها تعرضت لضغط نفسي شـ.ـديد... عملنا لها كشف شامل واتأكدنا إنها كانت في حالة إغماء لفترة، وأثبتنا ده في التقرير المقدم لسيادتكم
اكمل المحامى ووضع توقيت موت نيفين مع وقت وجود زهرة فى المستشفى 
وده تقرير يثبت ان  في نفس التوقيت كانت هى لسه في المستشفى ونيفين خرجت  .
سأل القاضي الدكتور 
ممكن توصف الحالة بالظبط 
هز راسه الدكتور 
ـ أيوه يا فنـ.ـد.م، انسه زهرة وصلت لنا في حالة انهيار عصبي… ضغطها كان منخفض جدًا، وكانت فاقدة الوعي…
كشفنا عليها فورًا، وكان واضح إنها مصدومة، جـ.ـسمها مرهق، وفي علامـ.ـا.ت إجهاد شـ.ـديد…
اتنقلت على غرفة العزل وتم حجزها 24 ساعة للمتابعة النفسية والبدنية.
طلب وكيل النيابة يسأل الدكتور سمح ليه القاضي ):
ـ هل قالت سبب الانهيار؟
الدكتور:
ـ وقتها كانت بتبكي وبتقول "اتفضحت… كانوا بيصوروني وأنا مش واخدة بالي".
كلامها كان متقطع بس فهمنا إنها ضحية استغلال وابتزاز…
كتبنا ده في التقرير الطبي، وموجود في الملف اللي قدمه المحامي.
زهرة تبص للأرض، ودمعة تنزل من عينها، صالح أبوها يضم إيديه بقوة والجد محمد يغلي من جوه.
وكيل النيابة (بهدوء):
ـ شكراً يا دكتور… شهادتك هتكون فارقة في القضية.
همهمـ.ـا.ت خفيفة من القاعة... القاضي بهدوء يشير بالصمت.
القاضي: ـ المتهمة... هل في وقائع تانية محتاجة توضحيها قبل ما نسمع باقي الشهادات؟
زهرة وقفت لحظة... دمـ.ـو.عها قربت تنزل، صوتها خرج مبحوح:
زهرة: ـ أنا  اتكتب كتابة بعد الحادثه  يا فنـ.ـد.م بعد  ما خرجت من المستشفى قرارت اسافر لكن عشان ابوى خاف عليا اعتقدت لم يتم كتب كتابي بتاريخ قديم يعرف يخرجنى منها وامى مستحمتلش ومكنتش، موافقة على كل ده وقعت من طولها ومـ.ـا.تت يوم الحنه وبعد كتب الكتاب، وللاسف نفس الشخص الا اتجوزنى هو كمان خطفنى ... كان المفروض اتجوزت على ورق بس، عشان محدش يشك، وكانوا بيهددوني لو اتكلمت... كنت خايفة، بس خلاص... مش هسكت تاني.
...........................
وكيل النيابة (بهدوء):
ـ 
دلوقتي  انتى كذبتى فى التحقيق وقولتى انك اتجوزتى سليم تم بإرادتك الكاملة؟
ودلوقتى بتقولي حصل إكراه و تهديد؟
زهرة تبص لزينة، تبص لأبوها، لجدها ... ثم تبص للأرض... وبتاخد نفس عميق قبل ما تنطق.
زهرة تبص في الأرض، عنيها مغروقة دمـ.ـو.ع، صوتها بيرتعش لكنها بتتكلم بكل شجاعة ...
زهرة (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ لا... مكنش برضاي...
مكنتش موافقة...
هو وعدني... وعدني إن الجواز هيكون على الورق بس، لحد ما المحكمة تخلص،
وأنا... أنا صدقته... صدقت إن في حد أخيرًا هيسندني...
بس هو خان الوعد.
الكل ساكت، وهدوء قـ.ـا.تل بيخيم على القاعة. زهرة تكمل وهي بتحاول تمسك نفسها:
زهرة:
ـ في أول ليلة... حاول يقنعني إني مـ.ـر.اته...
وأنا كنت بترجاه... قلتله لأ... أنا مش مستعدة، وده مش اتفاقنا...
بس هو...
هو غصبني...
وبعدها... كان كل يوم بيوجـ.ـعني أكتر...
مش بس في جـ.ـسمي... في قلبي، في روحي.
قفل عليا الباب...
منعني من التليفون...
من الناس...
من نفسي.
سكتت لحظة، عينيها لفّت على الموجودين، وصوتها بقى أهدى لكنه مليان كسر:
زهرة:
ـ كنت بقول لنفسي يمكن حد  يجى وينقذنى لكن قرارت اسلم نفسي ... ...
لان  كل يوم كان أسوأ من اللي قبله.
كل يوم كنت بنزف... وبسكت.
زهرة (تتنفس بعمق وتكمل):
ـ بعت رسالة ل دكتور عاصي بمكانى وطلبت منه ينقذنى ولم جات الشرطة اعترفت بجريمة القـ.ـتـ.ـل عشان اهرب منه ... 
بلعت ريقها زهرة 
أنا هنا مش  عشان آخد تعاطف حد...
أنا هنا عشان أقول كفاية...
عشان قولت لا ل ياسمين  
اتحرمت من أماني وهـ.ـر.بت هنا وهناك ...
بس مش هسيب حقي، ولا هسكت تآني معه فيديوهات مصورها ليا وهو بيغتصبنى وبيهددنى انى منطقش لكن أنا لازم ادفع عن نفسي آه أنا غلط انى هـ.ـر.بت لم عرفت غلط انى سمعت كلام ابوى وكسرت كلام جدى بعترف .
تحدث المحامي 
ده اعترف من سليم يثبت إن كلام زهرة صح وكمان اكتشفنا انه 
زينة بتبص لها بدمـ.ـو.ع، وجدو محمد يطاطي برأسه وهو بيعـ.ـيط في صمت، وصالح حاطط إيده على وشه مكسور.
وكيل النيابة (بهدوء):
ـ كل كلمة قلتيها هتتاخد بمحمل الجد...
ولو في تقارير طبية أو شهود هتدعم اللي قلتيه، هيتفتح تحقيق شامل فورًا.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء 
محامي زهرة (بيقف بثقة):
ـ سيدي القاضي، لدينا شاهدة جديدة... كانت مختفية قسرًا، وهـ.ـر.بت من أيدي العصابة اللي حاولت تقـ.ـتـ.ـلها...
اسمها: ياسمين حسين.
زهرة قاعدة مكان المتهمة، تعبانة، ووشها شاحب، والجلسة هادية. المحامي بيطلب دخول شاهدة مفاجأة.
تتبع
الباب يتفتح... وياسمين تدخل.
الناس تهمهم، القاضي يطلب الهدوء.
ياسمين (بصوت قوي):
ـ أنا ياسمين، وكنت واحدة من الناس اللي العصابة جندتهم وهددتهم بعد الحادثة العصابة اخدتنا وحبسيتنى ...
بس زياد ساعدني أهرب، ودفع حياته عشان أجي هنا النهاردة وهو موجود ما بين الحياه والموت فى المستشفى .
تطلع فلاشة من جيبها، تسلمها للقاضي ده كل حاجه تخص شغلهم .
ينظر عاصي لوجه زهرة وهي سعيدة لما دخلت ياسمين، رغم كانت مستغربة إن ياسمين بتقول الكلام ده ونظرت ل عاصي ول زينة ب امتنان ، ويتذكر هو وزينة.
فلاش باك 
بيت "عزيز" – الصالون القديم، مليان ذكريات وصور على الحيطان.
– زينة رايحة جاية، تـ.ـو.ترها باين على ملامحها، وعاصي واقف جنبها، بيحاول يهدّيها، لكن عينه على الباب اللي وراه منتظر رجوع  ياسمين .
زينة (بقلق):
ـ "عاصي... تفتكر ياسمين ممكن تكون خافت؟ لكن هى  وعدتنا... وهى عارفة إن  شهادتها مهمة جدًا في القضية، من غيرها كل حاجة ممكن تضيع."
عاصي (بصوت هادي لكنه متـ.ـو.تر):
ـ "لا، ياسمين مش هتخلف وعدها... بس أكيد في حاجه فى دماغها ده إحساسي أو إلا بتمناها شخصية ياسمين القديمة تخون وتكذب  وتلعب لكن شخصية ياسمين الجديد حبيبها كان يموت أقدم عينها "
وفي اللحظة دي، بيقف عزيز قدامهم... إيده بترتعش، ووشه شاحب، كأنه شاف شبح الماضي بيرجع يواجهه بالحقيقة اللي متخبي من سنين وبيسأل .
عزيز (بصوت وا.طـ.ـي، مهزوز):
ـ "زينة... بتقولي إيه؟  أختك وبنت مين؟ هى سعاد كانت اتجوزت بعد منصور؟"
زينة بتبص له، عينيها مليانة دمـ.ـو.ع وغضب متراكم، بتقطعه بنظرة حاسمة، وبتقرب خطوة، صوتها بيترجف بس مليان قوة:
زينة:
ـ "صباح الخير يا جدو... كويس إنك أخيرًا بدأت تفوق من الغيبوبة اللي كنت فيها."
بتقرب أكتر، وكلامها بيدوي وسط السكوت اللي لفّ المكان:
زينة:
ـ "تعرف إنك السبب في الدوامة دي كلها؟ من أولها لآخرها!
وثقت في صاحبك سميحي وصدقته ودي كانت النتيجة.
ابنك أتجوز سعاد... من وراك...
وأنا اتولدت... وعشت حياتي مع راجـ.ـل تاني بقوله يا جدي...
ونادية؟ نادية اللي كسرتك، مسكت ضعفك وسيطرت عليك ... انت وبابا وعشان تخرجه من السجن اتحكمت فيكم لكن هى كمان ربنا عاقبها وأخد منها الطفلة إلا كانت نفسها تكون معها وتكون من عاصي وعشان افتكرت إنها ومعرفتيش حبت تموتنى بالحياة ومسحت أي دليل انى عايشة لكن سبحان الله مدبر الكون هى محيت كل حاجه عنى وربنا بعت ليها الا يحرمها من ضنها ويتربى في حـ.ـضـ.ـن غيرها لكن آخرين طلعت عند إختى لكن للأسف ممكن تتسجن 
سأله الجد عزيز وهو مستغرب 
أنا إلا اعرفه إن نادية مبتخلفش ازى بقي عندها بنت والا لعبة بتلعبها جديد 
هزت راسها زينة بالنفي 
هى قصة طويل وغريبة، آه  نادية كانت نفسها تخلف عشان تكش على كل حاجه، وعملت المستحيل مكنش في امل ف لجات للحقن المجهري ،وحصل حمل لكن العصابة خافت من انشغال نادية ف اولاد فحرمتها من حقها وسرقوا الجنين الا اتكون فى رحمها ونقله لناس تانيه بفلوس 
وطبعا العينة من بابا منصور يبقي ياسمين إختى حفيدتك 
... مدّ إيدك بدل ما تفضل تنـ.ـد.م."
عزيز بيحط إيده على صدره، وكأنه بيتنفس بصعوبة، دمـ.ـو.ع بتنزل من عينه من غير ما يحس. بيتراجع خطوة لورا، والنـ.ـد.م بيكوّن جبل فوق ضهره.
ـ "أنا... ضيّعتكم... أبنى، وبنتى، سابتنى ،... وضاعت زهرة. حفيدة صديقي عشان فكر  يساعدنى ..وقبلكم أبنى منصور ومشفتش حفيدتي 
ونادية لازم تتعاقب هى وابوها سميحى. عشان هما سبب فى كل الجرائم الا حصلت ."
زينة (بصوت ناعم لكنه حاسم):
ـ بإذن الله أنا عندى يقين يكون في لسه  فرصة... وانت استغل الفرصة يا جدي لازم تقدر تصلح، كل حاجه وتبدأ من جديد.
عزيز (بصوت منكسر):
ـ "أنا كنت مغيب... كنت شايف اللي نادية وسميحى بيقول هو  الصح..."
زينة (بحدة وهي بتقرب منه خطوة):
ـ  نادية  طلعت  هى رئيسة عصابة...
نادية كانت بتستغل البنات...
دي كمان كانت مخبية عنك إن عندك حفيدة إلا هى أنا !"
ـ "أنا شفت كل حاجة بنفسي...
وسمعت اعتراف نادية في التسجيل...
وزياد دلوقتي بين الحياة والموت علشان حمى ياسمين من رجالها  ."
عزيز يرفع راسه والدمـ.ـو.ع في عنيه، صوته بيرتعش بين النـ.ـد.م والرغبة في التصحيح:
عزيز:
ـ "خديني ليها يا زينة...
أنا لازم أشوفها...
لازم أطلب منها السماح...
ولازم أساعدها... المرة دي مش هسكت."
زينة (بدمـ.ـو.عها وهي بتهز راسها):
ـ " ياسمين اختفت مرة تأنى  ومش عارفه راحت فين 
وخايفه لتكون ياسمين خطفتها مرة تانيه 
عزيز (وقف بسرعة، صوته فيه تصميم لأول مرة):
ـ "مش هخليها تدفع التمن لوحدها...
اللي حصل لازم يتصلّح... حتى لو آخر حاجة أعملها في حياتي أنا رايح ل نادية  ."
عاصي بيمد إيده على كتف عزيز، بيبص له بنظرة فيها أمل باهت لكنه حقيقي:
عاصي:
ـ "كلنا تعبنا... بس الوقت ده مش وقت لوم، وقت نختار نقف جنب الصح."
عزيز يهز راسه، بيبلع دمـ.ـو.عه، وبصوت مبحوح:
عزيز:
ـ "خدوني عند نادية اتفق معها لكن حفيدتى ترجع وزهرة تخرج من السجن .. 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
---
يقطع حديثهم  مكتب المحامي – 
عاصي (بلهفة):
ـ "أيوه... أستاذ سامي؟! في جديد؟"
المحامي (بنبرة جادة):
ـ "أيوه يا دكتور... ياسمين وصلت دلوقتي مكتب النائب العام... ومعاها محاميها."
عاصي (بصوت عالي، متفاجئ):
ـ "إيه؟! ياسمين؟! راحت من نفسها؟!"
المحامي:
ـ "أيوه... شكلها رايحة تعترف بحاجة مهمة... الوضع حساس جدًا، ولازم تكونوا هناك."
عاصي وهو بيقفل التليفون بسرعة وبيكلم زينة وعزيز :
ـ "زينة! المحامي اتصل بيا... ياسمين عند النائب العام!"
زينة (باندهاش وقلق):
ـ "إزاي؟! راحت لوحدها؟!"
عاصي (بحركة سريعة وهو بياخد مفاتيحه):
ـ "لازم نروح دلوقتي حالًا."
طلب عزيز 
... خدوْني معاكو."
زينة (بدهشة):
ـ "إنت... عايز تيجي؟"
عزيز (بإصرار):
ـ "عايز أشوف حفيدتي... عايز أقولها إني كنت غلطان... إني نـ.ـد.مان...
أنا مش هسمح إنهم يسجنوها زى زهرة ."
عاصي (بيبص له للحظة، وبعدين بيهز راسه):
ـ "يلا بينا."
يركبوا  العربية، عاصي سايق بسرعة، زينة جنبه، وعزيز في الكنبة الورانية، ماسك صورة ل منصور وهو صغير .
عزيز (بيهمس لنفسه):
ـ "سامحنى  يا منصور ... يمكن أقدر آخد أول خطوة في طريق الغفران."
---
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
: مكتب النائب العام – قاعة الانتظار برا مكتب التحقيقات، الجو مشحون، رجال أمن واقفين، ومحامي ياسمين بيكلم بهدوء مع سكرتيرة النائب.
الباب بيتفتح، ويدخل عاصي بسرعة ومعاه زينة، وعزيز ماشي وراهم بخطوات تقيلة بس مليانة شوق ولهفة.
عاصي (بقلق وهو بيقرب من المحامي):
ـ "فين ياسمين؟ جوه؟"
المحامي (بهمس):
ـ "أيوه... جوه مع وكيل النيابة، بدأت تحكي كل حاجة... بصراحة، شجاعة جدًا."
زينة (بصوت مبحوح من التـ.ـو.تر):
ـ "طب نقدر نشوفها؟ نطمن عليها؟"
المحامي:
ـ "لسه شوية... بس لما تخرج، أكيد هتحتاجكم جنبها."
عزيز واقف ساكت، عنيه مثبتة على باب المكتب، وكل عضلة في وشه بتقول قد إيه جواه نار... نار نـ.ـد.م، ولهفة، وخوف.
عزيز (بصوت مهزوز):
ـ "هي جوه؟... حفيدتي؟"
زينة (بتحاول تمسك دمـ.ـو.عها):
ـ "ياسمين محتاجة تشوفك... عشان تعرف إن الدنيا لسه فيها رجوع... فيها ناس بتحبها... فيها جَدو."
اللحظة بتعدّي بصمت، وبعدها الباب بيفتح، وياسمين بتخرج، ملامحها متغيرة... تعب وارتياح في نفس الوقت. عنيها تقابل عيني زينة، وبعدين تقع عينيه على  عاصي... ثم تثبت على عزيز.
عزيز بيبص لها... وشه بيترعش، ودمعة بتنزل رغمًا عنه:
عزيز (بصوت وا.طـ.ـي وهو بيقرب):
ـ "ياسمين... أنا... أنا جدك... يا بنت منصور ."
ياسمين (بصوت مبحوح، بعد صمت):
ـ "جدّي؟!"
عزيز يهز راسه، ويوطي بعنيه وهو بيحاول يقرب منها بخطوة بسيطة:
ـ "أنا آسف... آسف على كل لحظة سبناكم فيها، آسف على اللي حصل ... آسف إني كنت غايب... وكنت السبب."
ياسمين بتبصله، جواها زلزال مشاعر، بس عينيها بتلمع بدمـ.ـو.ع مختلفة... مش دمـ.ـو.ع وجع، لكن دمـ.ـو.ع بنت شافت حـ.ـضـ.ـن كانت مستنياه طول عمرها.
ياسمين (بهمس):
ـ "انت ملكش ذنب يا جدي  ،وانا لم عرفت انى لي اهلى تانى كنت بدوّر عليكم  من غير ما أعرفكم ..."
عزيز بيمد إيده، وهي بتاخدها بعد لحظة صمت، وبتحـ.ـضـ.ـنه... حـ.ـضـ.ـن مليان وجع سنين، وغفران بيبدأ، وأمل جديد بيطلع.
---
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
وكيل النيابة (بحزم):
ـ "آنسة ياسمين، مستعدين لتسجيل أقوالك؟ هل مستعدة تحكي الحقيقة كاملة عن زهرة وعن العصابة؟"
ياسمين (بنَفَس عميق):
ـ "أيوه، مستعدة.
زهرة بريئة... واللي حصل معاها كان جزء من خطة أكبر...
العصابة دي كانت بتستغل البنات... بيصوروا فيديوهات سرية في الحمامـ.ـا.ت، تحت إشراف ناس من جوه الجامعة ...
وأنا... أنا كنت واحدة منهم."
زينة تنظر لها بفخر وتمسك إيديها:
ـ "أنا فخورة بيكي يا ياسمين، كملي."
تبتسم ياسمين (بتكمل):
ـ "واللي لازم تعرفوه... إن نادية، رئيسة مجلس الجامعة، هي رئيسة العصابة، وبتكون للأسف... أمي... وأنا بنت منصور... انا وزينة ."
صدمة بتظهر على الجميع، ووكيل النيابة بيبص لهم بدهشة.
وياسمين بتتكلم:
ـ "الفلاشة دي فيها تسجيلات من جوه المخزن، وفيها لحظة ضـ.ـر.ب النار على زياد، وصوته وهو بيقول لي كل حاجه .
وفيها كمان اعتراف نادية."
سأل وكيل النيابة :
ـ "وفين زياد؟"
تنهدت 
ـ "ما بين الحياة والموت في المستشفى."
نائب العام  يشاور على الفلاشة ويديها للمختص:
ـ "تحفظوا عليها، ونبص فيها فورًا.
واللي بتقوليه ده... خطير جدًا يا آنسة ياسمين، وهنحتاج تكملي كل التفاصيل .
ومش هينفع تخرجي قبل ما نثبت كل ده بالأدلة."
ياسمين تهز راسها بالموافقة، ونبرة صوتها تهدى شوية:
ـ "أنا مش جاية أهرب... أنا جاية أتحرر.
من سنين عايشة في كدب وخوف... زهرة شالت ذنبي، وزياد دفع التمن... كفاية."
النائب  (بنبرة جدية):
ـ "هيتم القبض على نادية فور مراجعة التسجيلات.
وهيتفتح تحقيق رسمي في إدارة الجامعه والمستشفى وكل من له علاقة باللي حصل.
والأنسة زهرة... هنتابع موقفها بعد ما نثبت براءتها."
ياسمين:
ـ "زهرة مالهاش ذنب، كانت دايمًا ضد اللي بيحصل... وحاولت تغيرني. لكن انا كنت غـ.ـبـ.ـية ... مكنتش عارفة إن اليوم ده هييجي، يوم ربنا يفـ.ـضـ.ـح فيه كل ظالم."
نرجع للواقع 
باك 
زينة تمسك إيد ياسمين بقوة، وعاصي واقف في الخلف، باصص لياسمين كأنه بيشوفها لأول مرة، وفي عينيه نظرة امتنان ووجع فجأة طلع عنده بدل بنت خال لا بنتين الدنيا لعبت بيهم .
يبص لزهرة، يلاقيها بتبص على ياسمين وهي عينيها بتدمع... لكن فيها راحة.
يومر القاضي دخول ياسمين القفص جانب زهرة 
بالفعل تدخل 
"ياسمين" وهي واقفة في القفص، ملامحها باهتة من التعب، وعنيها مليانة نـ.ـد.م. صوتها يرتعش وهي بتتكلم قدام القاضي والمحامين والحضور.
طلب القاضي تتكلم 
قول والله العظيم اقول الحق 
ياسمين (بصوت متكسر):
والله العظيم اقول الحق 
ـ أنا كنت واحدة منهم، من الشبكة اللي ورا كل حاجة...
يوم وقوع نيفين ف الجامعه اخدونى وحبسونى عشان الوحيدة عارفة اسرارهم. 
، 
بدت تحكى ياسمين 
القاضي (بهدوء شـ.ـديد لكن بنبرة صارمة):
ـ النيابة العامة، إيه ردكم على الكلام ده؟
النيابة تبتدي تقلب في الورق، ويظهر إنها عندها ملف كامل بدأت توصله من الأدلة اللي اتجمعت مؤخرًا، بينهم تسجيل صوتي بين نادية وأحد المتورطين.
محامي الدفاع:
ـ سيدي القاضي، بناءً على شهادة الشاهدة، والأدلة الجديدة، نطلب تبرئة موكلتي زهرة ناصر فورًا.
القاضي (بعد لحظات من الصمت):
ـ المحكمة ترفع الجلسة للمداولة.
زهرة وقفت جوه القفص، عنيها على الأرض، دمـ.ـو.عها بتنزل بدون صوت...
عاصي قام، ومشي ناحيتها... بصّ لها من بعيد... ولأول مرة، عنيهم اتقابلوا، لكن بين كل الصراخ، ظهر السلام في عنيهم.
زهرة كانت واقفة، جسدها متجمد، وعيونها مش بتتحرك، سكتة، وكل اللي حواليها بيتهز. صدى كلام ياسمين بيرن في ودانها، وبعدين فجأة، تنهيدة طلعت من صدرها، وجـ.ـسمها وقع على الأرض في لحظة.
زينة (بزعيق وذعر):
ـ زهرة!! حد ينادي إسعاف!! بسرعة!
كل القاعة اتقلبت، عاصي بيجري ليها، وشه شاحب،  بيحاول يفيقها، لكن عيونها مغمضة وجـ.ـسمها بـ.ـارد.
عاصي (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ اصحي يا زهرة... بالله عليكي...
الإسعاف وصلت، شالوها بحرص، وزينة ماسكة إيدها، وعاصي جنبهم متـ.ـو.تر، عينه ما بتسيبهاش لحظة.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
فى  المستشفى - بعد ساعات
في غرفة فحص هادية، والدكتور بيخرج وهو ماسك ملف، وعينه فيها حزن واضح، بيبص لعاصي وزينة.
الدكتور (بصوت هادي لكن صارم):
ـ الحالة مستقرة، بس... فيه حاجات لازم تعرفوها.
عاصي (بقلق):
ـ خير يا دكتور؟!
الدكتور (يتنفس بعمق):
ـ الفحوصات وضّحت إن زهرة كانت بتتعرض لضغط نفسي وجسدي كبير... فيه آثار عنف واضح في العلاقة، وجروح قديمة وحديثة... و... للأسف، دي علامـ.ـا.ت اغـ.ـتـ.ـsـ.ـاب متكرر.
زينة دمعت، وإيدها على بُقها من الصدمة، وعاصي وشه شحب أكتر، إيده اتشـ.ـدت بعنف.
الدكتور (مكمّل):
ـ كمان وزنها نازل جدًا،  باين إنها مش بتاكل كويس بقالها فترة... جسدها منهك، وأقل حاجة كانت ممكن تقـ.ـتـ.ـلها. هي محتاجة وقت طويل تتعافى، مش بس جسديًا... لكن نفسيًا كمان ومع التـ.ـو.تر حصلها نزيف .
الدكتور (يتنفس بعمق):
ـ الفحوصات وضّحت إن زهرة كانت بتتعرض لضغط نفسي وجسدي كبير... فيه آثار عنف واضح في العلاقة، وجروح قديمة وحديثة... و... للأسف، دي علامـ.ـا.ت اغـ.ـتـ.ـsـ.ـاب متكرر.
زينة دمعت، وإيدها على بُقها من الصدمة، وعاصي وشه شحب أكتر، إيده اتشـ.ـدت بعنف.
زينة وقفت مصدومة، وشها اتجمد، وإيدها نزلت من على بُقها ببطء، وكأن الكلام مش قادر يستقر في عقلها.
زينة (بهمس مبحوح):
ـ "كانت... حامل؟"
الدكتور (بيهز راسه بأسف):
ـ "آه... في بداية الحمل. بس للأسف، الضغط والتعذيب النفسي... والنزيف اللي حصل كان بسبب الانهيار اللي مرت بيه."
عاصي حس بدوخة، ساب الحيطة اللي كان مسنود عليها، وقعد على الكرسي، عينيه مليانة دمـ.ـو.ع مش قادر يخبّيها، صوته طلع منه متقطع:
عاصي:
ـ "يعني... كانت بتتحمّل كل ده لوحدها؟ كانت حامل ... وأنا مش عارف؟!"
زينة قربت منه، حطت إيدها على كتفه، وهي بتحاول تبكي من غير صوت، بس قلبها كان بيصـ.ـر.خ.
زينة:
ـ "إحنا كلنا سبناها... كلنا ظلمناها."
الدكتور (بصوت أهدى شوية):
ـ "هي دلوقتي تحت ملاحظة خاصة... حطيناها في غرفة هادية، بعيد عن أي تـ.ـو.تر... بس محتاجة دعم، محتاجة إحساس بالأمان اللي فقدته."
عاصي رفع راسه، نظر للدكتور بعين فيها نار، مش غضب بس... نار نـ.ـد.م وقهر:
عاصي:
ـ "أنا عايز أشوفها... حتى من بعيد... مش هتكلم... بس عايز أطمن إنها لسه بتنفس."
الدكتور (بتفهم):
ـ "هشوف لو ممكن نرتب حاجة، بس لازم يكون في هدوء تام. أي ضغط جديد ممكن يأذيها."
زينة (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "ولو فاقت... إحنا مش هنسيبها لحظة. المرة دي مش هنمشي... حتى لو هي مش قادرة تبص في وشنا."
سادت لحظة صمت... لحظة تقيلة كأنها بتلخّص كل الوجع اللي مرّت بيه زهرة... وابتدت تبان دمـ.ـو.ع حقيقية على وشوش اتأخرت تفهمها، وتحس بيها.
---
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
بعد أيام تم تحديد جالسة ل نطق الحكم 
قاعة المحكمة الهدوء بيسيطر، عيون الناس معلقة على القاضي، الكل واقف... عاصي ماسك إيد زينة، وياسمين جنبهم، قلبها بيرفص في صدرها، والجد محمد قاعد، باصص لقدّامه بتـ.ـو.تر.
القاضي (بصوت واضح وحازم):
ـ "بعد الاطلاع على الأدلة المقدمة، والاستماع لشهادات الشهود، والاطلاع على الفلاشة المقدمة من المدعوة ياسمين منصور... قررت المحكمة:
براءة زهرة صالح محمد من كافة التهم المنسوبة إليها
يُرفع عنها الحجز الاحترازي، مع توصية بتـ.ـو.فير الرعاية النفسية والطبية اللازمة لها."
والحكم على ياسمين بالسجنة لمدة سنتين .
الكل مصدوم ونظرت حزن فى عيون الجميع 
لكن يكمل القاضي 
لمدة سنتين مع إيقاف التنفيذ  ودفع غرام ماليا 
لأنها شاهده واعترفت بكل حاجه وحكم على نادية بالسجن مدى الحياة وعلى سميحي حكم غايبة بالسجن مدى الحياة 
همسات في القاعة، صوت تنفّس مرتاح من زينة، وياسمين بتبكي بس بابتسامة باهتة.
عاصي (بهمس):
ـ "اتنصفت يا زهرة... أخيرًا."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
– غرفة زهرة، الإضاءة هادية، زهرة نايمة على سرير أبيض، وشها شاحب، وعينيها مغمضة لكن نَفَسها منتظم. الممرضة بتفتح الباب بهدوء، وياسمين داخلة بإيدها ظرف صغير.
الممرضة:
ـ "ممنوع تقعدي كتير... حالتها لسه مش مستقرة."
تهز ياسمين راسها وتدخل، تقرب من زهرة وتقعد جنبها، وتشـ.ـد الغطا عليها بلطف.
ياسمين (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "اتبرّيتي يا زهرة... المحكمة قالت كلمتها. أنا آسفة إني اتأخرت، بس صدقيني... كنت بحارب. زياد كمان حارب... وده... ده كان آخر حاجة كتبها ليكي."
تمد ياسمين إيدها وتحط ظرف صغير تحت إيد زهرة، وتحط قبلة على جبينها وتمشي بهدوء.
قدّام باب غرفة زهرة في المستشفى – إضاءة هادية، صوت جهاز نبض شغال من جوه. ياسمين ماشية بخطوات هادية ناحية الباب، في إيدها ورد أبيض، وفِي وشها علامـ.ـا.ت قلق وحزن. فجأة، يظهر عاصي من الجهة التانية. بيبص لها... صمت لحظات.
عاصي (بصوت هادي فيه لهفة):
ـ "أخبـ.ـارها إيه؟"
ياسمين (توقف وتبص له):
ـ "لسه نايمة... التعب كاسرها.
بس... سبتلها رسالة من زياد... لازم تقراها."
عاصي وشه اتجمّد، عينه وسعت، ونفسه اتكتم للحظة.
عاصي (بحدة خفيفة):
ـ "ليه؟ ليه تفتحي الجروح؟"
ياسمين بصت له، ونزلت عينها، وبعدين رفعت راسها وقالت بوجع خافي:
ياسمين:
ـ "أنا مش بفتحها...
أنا بسيب لها حرية تقفلها بنفسها.
لو قرت الرسالة، واتأثرت، وحنت لذكراه... يبقى زياد لسه جوه قلبها، وساعتها...
أنا وانتا... ملناش مكان."
عاصي يبلع ريقه بصعوبة، وكأن الكلام خبطه في قلبه.
ياسمين (تكمل، وهي بتحط الورد على الترابيزة جنب الباب):
ـ "بس لو قطّعت الرسالة... وسابت ذكراه وراها، ساعتها هتعرف إن قلبها اختارك انت.
أنا مش عاوزة أخد مكان مش بتاعي يا عاصي... عاوزة ارجع ل زياد عشان أقف معه واستنها أو هى هترجع وأنا اختفي ومش عاوزاك تعيش على أمل كـ.ـد.اب.
هي اللي لازم تختار."
عاصي يبص لباب الغرفة، ونظراته كلها خوف من الجواب، من الماضي، ومن الاختيار.
عاصي (بهمس):
ـ "وأنا...
هقدر أستنى؟"
ياسمين (بابتسامة حزينة):
ـ "لو بتحبها... استنى.
وإن محبتهاش... متوجعش قلبك ."
تسيبه وتمشي تدخل الغرفة إلا فيها زياد ، وهو واقف متسمر مكانه، عينه على الباب، وقلبه مربوط بين ورقة... وماضي... ومستقبل لسه مجهول.
 زهرة العاصي 
*زهرة تفتح عنيها ببطء، تتنهد، تبص حوالينها وهي تايهة شوية... تلاحظ الظرف.*
**زهرة (بصوت وا.طـ.ـي مبحوح):** ـ "ده إيه؟..."
*تمد إيدها ببطء، تفتح الظرف، تسحب الورقة، وتبدأ تقرا... الكاميرا تقرب على وشها وهي كأنها  بتسمع صوت زياد جوه دماغها بيقرا الرسالة، كأنها صوته فعلاً:*
**
زهـ.ـر.بتقرأ بصوت داخلي (صوت زياد)
"
"لزهرة..."
أنا مش بكتب الرسالة دي عشان تلومي نفسك، ولا عشان تسامحيني... أنا بكتبها لأن دي يمكن أول مرة في حياتي أتكلم بجد، وأطلع اللي في قلبي من غير خوف ولا تمثيل.
أنا طول عمري كنت تايه... من وانا طفل، وأنا بشوف الناس بتتخلّى. أمي أول واحدة، سابتني واتجوزت في محافظة تانية، وأبويا كمل حياته كأن ماكنتش موجود. كل واحد فيهم افتكر إن التاني بيهتم، وف الآخر سيبوني لجدي وجدتي، اللي حبوني بزيادة... بس سابوني هما كمان، بس المرة دي بالموت.
كنت في ثانوي، وحيد، مش لاقي حد يسألني: "محتاج حاجة؟ تعبان؟ بتذاكر؟". دخلت المدرسة الخاصة اللي كانوا بيبعتوا مصاريفها وهم مش عارفين أنا بعمل فيها إيه. وأنا كنت بعرف أضحك، أضحك على المدرسين، على صحابي، وعلى نفسي.
مافيش حد فيهم كان يعرف إن الطفل اللي بيضحك في الفصل هو نفسه اللي بيروح ينام جعان، أو بيقضي الليل خايف من بكرة.
لما اتعرفت بالعصابة، كنت فكرهم أصحاب... ناس هتسندني، لكن طلعوا أكتر ناس علموني إن الدنيا دي مافيهاش رحمة. جرّوني لطريق مش بتاعي، بس أنا كنت ضعيف، ووقعت... وأنا عارف إن ده مش مبرر.
بس لما عرفتك، زهرة... كنت بحاول أكون بني آدم، لأول مرة في حياتي حسيت إن ممكن يكون ليا فرصة تانية. إنك شايفاني إنسان، مش مجرم، مش تايه، مش غلطة حد.
تقلب زهرة وتكمل 
ـ "يا زهرة... لو قريتي الرسالة دي، يبقى أنا مش جنبك، بس قلبي لسه معاك. أنا آسف إني معرفتش أحميكي من البداية... بس كنت عارف إنك أقوى مني.
متنسيش تضحكي... ولا ترجعي لورا.
لو الحياة ادتنا فرصة تانية، هكون مستنيك... وإن مجتش، على الأقل هكون اتعلمت أحبك صح.
بحبك،
زياد."
أنا بحبك... كنت بتمنى أتغير علشانك، أكون كويس، أكون زي ما إنتِ تستاهلي.
بس يمكن كنت متأخر... ويمكن العالم ده ما بيسمحش لناس زيي إنهم يكونوا كويسين.
لو الرسالة دي وصلتك، افتكريني للحظة بس، إنسان كان نفسه يعيش صح، بس اتخلق في المكان الغلط، في الزمن الغلط.
زياد.
في اللحظة دي... يتفتح الباب بهدوء
تتبع
باب الأوضة بيتفتح ببطء، وتدخل ممرضة شايلة طبق صغير فيه دوا.
وتشوف زهرة عاصي وهو واقف بيتكلم مع ياسمين 
تنهدت وترجع فلاش باك 
زهرة قاعدة على السرير، وشها شاحب بس عينيها فيها راحة، زينة تدخل  تقعد  جنبها، ماسكة إيديها وبتكلمها بحنان.
زينة (بصوت هادي ومليان حب):
ـ "بصيلي يا زهرة... أول ما تخرجي من هنا، هتيجي تقعدي معايا في القاهرة، عند جدو عزيز...
مش هسيبك لحظة. هنبدأ من جديد... هنعيش  زى ما كنا زمان ، بس جت اللحظة أقف معك زى ما وقفت معايا ."
زهرة ابتسمت، ونزلت دمعة من عينها، ضغطت على إيد زينة بحنان.
زهرة (بصوت مكسور):
ـ "لو الدنيا ادتني فرصة... أكيد هعمل كده، بس أهم حاجة دلوقتي إنك تكوني بخير... وتخلي بالك من نفسك."
زينة (بلهفة):
ـ "وإنتي كمان... متوعدينيش بحاجة وتروحي تسيبيني، أنا خلاص مش هستحمل فراق تاني."
زهرة تهرب بعينيها، تحـ.ـضـ.ـن زينة بحب وسكوت، ودمـ.ـو.عها بتنزل في صمت.
بعد قليل بعد ما تنسحب زينة قرارت زهرة تروح عند الدكتور شريف مع مساندة الممرضة 
زهرة قاعدة قدامه، ظهرها مفرود لكن عنيها فيها رجفة، بتحاول تلم نفسها.
يرحب بيها الدكتور ويسألها 
آنتى ليه خرجت يا بنتى كنت بعت ليا وجيت ليك 
تنهدت زهرة بصوت باين فيه القهر ):
ـ "دكتور... أنا عاوزة أعرف الحقيقة.
كل ما أسأل حد يقوللي ارتاحي... محدش بيقولي حصل إيه!
أنا ليه وقعت؟ وليه جـ.ـسمي مش قادر يرجع ل طبيعته ؟"وليه جدى مصمم انى لازم اسافر 
الدكتور شريف بياخد نفس طويل، ويحاول يوزن كلمـ.ـا.ته:
الدكتور شريف (بهدوء):
ـ "يا زهرة...
اللي حصل معاكي مش بسيط.
إنتي كنتِ حامل في الأسابيع الأولى... ومع الضغط والتـ.ـو.تر، حصل نزيف وسقوط."
زهرة بتشهق، بتحط إيدها على بطنها، مش مصدقة.
الدكتور شريف (مكمل):
ـ "غير كده... بسبب الاعتداءات اللي اتعرضتي ليها، عندك مشاكل في الجهاز التناسلي، وفي التهابات مزمنة لازم تتعالج بدقة. جـ.ـسمك مرهق... غير السحن وعدم الغذء وانتى حامل غير  نفسيتك أكتر.
لازم وقت طويل للعلاج، ومينفعش تدخلي أي علاقة دلوقتي، لا جسديًا ولا عاطفيًا.
لازم تعيدي بناء نفسك من الأول."
وده الا اتكلمت بيه مع جدك 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
فلاش باك 
محمد (بصوت مبحوح):
ـ "عارف يا شريف .. عمري ما حسيت إني ضعيف زي دلوقتي."
شريف  (بهدوء):
ـ "الحمد لله إنها طلعت براءة، وربنا رجعلك حفيدتك."
محمد (بيهز راسه):
ـ "آه... بس أنا خسرت بنتي من زمان... وخسرت حفيدتي في لحظة جهل، وسكوت... يمكن دي فرصتي الأخيرة أصلّح اللي كسرته."
شريف  (مستغرب):
ـ "عايز تعمل إيه يا أبو صالح ؟"
محمد (بصوت حاسم لأول مرة):
ـ "عايزك تسافر بيها برا... بعد ما تخرج من المستشفى وتقدر تتحرك... تبعدها عن الوجع ده كله. هفتح لها طريق جديد... حلم وردة كان تكمل تعليمها، وزهرة تستحق تحقق الحلم ده."
شريف  (متردد):
ـ "بس ده قرار كبير... وصالح ؟ مش هيقبل. وكمان عاصي  وزينة عملوا  المستحيل عشان اليوم ده .."
محمد (نظرة قهر وحزن):
ـ "أنا اللي ضيعتهم... وأنا اللي هحميها دلوقتي. 
عاصي قلبه متعلّق بيها، بس قلبه كمان اتسبب في وجعها... لو بتحبه، الأيام هترجعهم لبعض... بس دلوقتي، لازم تبعد عن الكل... تسترد نفسها."
عايز أحقق حلم أمها... تسافر وتتعالج  وكمان تتعلم برا، وتبدأ من جديد.
الطيارة تطلع أول ما حالتها تسمح... وده وعد جد لحفيدته."
باك 
وانا شايف ان جدك عنده حق 
زهرة بتقوم من على الكرسي وهي مصدومة، عينيها كلها وجع وصراع، بتحاول تستوعب الكلام.
زهرة (بهمس):
ـ "يعني... حتى الأمومة... اتحرمت منها؟"
الدكتور شريف بيطالعها بنظرة فيها حزن وصراحة، ومابيقدرش يرد.
فى الوقت الحالي مقدرش اديك امل لكن ممكن مع الايام والسنين تكونة جاهزة 
بعد كده ترجع زهرة للغرفة وتطلب من ياسمين زيارتها بالفعل تانى يوم 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
تظهر الإضاءة الخفيفة، زهرة قاعدة على  السرير، وشها شاحب، لكنها بتحاول تبان قوية. ياسمين واقفة قدامها، 
طلبت منى اجى خير يا زهرة 
تبلع ريقها زهرة في عينيها قلق واضح: 
عاوزة عاصي يرجع بلده وحياته ويشوف غيري كفايه الا عمله عشانى ومحدش يقدر يساعدنى غيرك يا ياسمين .
ياسمين (بهمس):
ـ "متأكدة من اللي بتقوليه ده؟ إنتي بتحبيه... ولسه في وقت."وليه انا 
زهرة (بصوت هادي بس قلبه بيصـ.ـر.خ):
ـ "عشان لو طلبت من زينة هترفض انا عارفها اه  بحبه... لكن لازم بسيبه."
ياسمين:
ـ "بس ده ظلم ليكي وليه! عاصي يستاهل يعرف الحقيقة... يستاهل يعرف إنك بتحبيه 
زهرة (بتبتسم ابتسامة موجوعة):
لكن مش ذنبه يعيش مع واحده اغـ.ـتـ.ـsـ.ـبت وممكن صعب تكون في يوم ام لازم يتجوز واحدة تستاهله ."
ـ "وهيعرف بيها يعمل إيه؟
يبصلي كل يوم ويفتكر إن الست اللي بيحبها كانت ضحية ...
ويفتكر منظرها وهي مكسورة...
لا يا ياسمين، الراجـ.ـل لما يعرف ماضي الست اللي بيحبها بالشكل ده، عمره ما هيقدر يعيش معاها طبيعي...
حتى لو بيقول غير كده."
ياسمين (بحزن):
ـ "بس هو مش زي غيره... ده وقف جمبك، ده قـ.ـا.تل الدنيا علشانك."
زهرة (نظرتها مليانة وجع وحنين):
ـ "وعلشان كده مش هربطه بيا وأنا مكسورة...
أنا دلوقتي متدمرة من جوايا، مش جاهزة أكون لحد، ولا ينفعني حد...
لازم اقولي  له  إني موعَدتوش...
قولي له إن اللي بينا خلص."
ياسمين (بدمـ.ـو.ع):
ـ "وإنتي كده بتموّتيه."
زهرة (بنبرة حزينة):
ـ "لا  انا الا بموت هو  هيعيش  ويلقي غيري لكن لو كملنا على جرح...
لازم يصدق انى لسه قلبي  راح لزياد، 
عشان يفهم  إحنا مالناش مكان لبعض ...
دخلي جوى الشك و عـ.ـر.فيه انك اديتى ليا الجواب 
ولو قطعت الجواب، يبقى قلبها معاك...
قولي ليه ساعتها ابقى سيب له القرار."
زهرة تمسك بإيد ياسمين، وتبصلها بعيون فيها ضعف الحب وقوّة التضحية.
زهرة (بهمس):
ـ "بس ما ترجعيش ليه... ما تقولهوش الحقيقة...
أنا اللي اخترت...
والاختيار ده عشان هو يعيش... مش علشاني."
باك 
زهرة العاصي 
ترجع زهرة بصوت مخـ.ـنـ.ـوق عشان هتنفذ الخطة ):
ـ "ساعديني أقوم... لو سمحتي، لازم أروحله."
الممرضة بتقرب بسرعة، تسندها بحذر، وزهرة بتقوم على رجلها بصعوبة. ملامحها فيها ألم جسدي، لكن عنيها كلها لهفة.*
كانت ياسمين سابت عاصي  ويرجع يدخل أوضتها، يلاقي السرير فاضي
وميلقيش زهرة بصوت قلق):
ـ "زهرة موجودة فين؟ أنا جاي أطمن عليها."
الممرضة:
ـ "كانت بتسأل من شوية عن غرفة مريـ.ـض اسمه زياد... يمكن تكون راحت الناحية دي."
عاصي وشه بيتجمد، كأن الزمن وقف بيه، خطواته بتتباطأ، وكل مشاعره بتتخبط جواه. ينسحب بهدوء، ... قلبه بيتقبض.
المشهد – ممر المستشفى
زهرة ماشية بتتأني، بتسند على الممرضة، وجهها شاحب بس عنيها فيها إصرار.
الممرضة (بتشاور على باب جنبهم):
ـ "دي غرفة زياد، حضرتك..."
زهرة (تهز راسها بحزن):
ـ "لا... مش دلوقتي.
خديني عند الدكتور شريف... لو سمحتي."
الممرضة بتهز راسها بالموافقة، وبيكملوا طريقهم.
مكتب الدكتور شريف
تطلع زهرة  من المكتب، ماشية في الممر، دمـ.ـو.عها نازلة بس في صمت... وبعيد في آخر الكوريدور، 
– 
(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى) 
سليم طالع من عربية الشرطة بعد ما أخد "إخلاء سبيل"، ماشي بخطوات تقيلة، عينه فيها نار، قلبه مليان حقد، بيقرب من باب المستشفى وبيسأل عن أوضة زهرة، ولما يوصل، بيلاقيها قاعدة لوحدها، تعبانة لكن قوية كانت منتظرة تقابل الدكتور شريف 
سليم (بصوت وا.طـ.ـي، متماسك):
ـ "مساء الخير يا مراتى... ؟"
زهرة بترفع عينيها ببطء، ملامحها فيها وجع وقوة في نفس الوقت، بتقف على رجلها رغم الألم، وبترد بكل برود:
زهرة:
ـ "الدم اللى كان بيربطنا مـ.ـا.ت... زي الجنين اللى كان نفسك تزرعه جوايا بالعافية ما مـ.ـا.ت .
أنا مبقتش مراتك براءتك أقدم طـ.ـلا.قي ...
والمحكمة حكمتلي بالطـ.ـلا.ق عشان الضرر، يعني وجودك هنا مالوش لازمة."
سليم (مشـ.ـدود، بيحاول يبان متماسك):
ـ "لسه في العدة... ولسه من حقي، إني..."
ويضحك بخبث انى ضحكت على المحامي 
فلاش باك 
المحامي (بصوت هادي لكن حاسم):
ـ "بص يا سليم…
القضية بقت خرسانه عليك، بس في ثغرة قانونية ممكن نستخدمها."
سليم (يرفع حاجبه):
ـ "خير؟"
المحامي (بهدوء):
ـ "لو طلّقت زهرة… طـ.ـلا.ق واضح وصريح…
ده ممكن يتفسّر إنك نـ.ـد.مان وبتحاول تصحّح غلطك،
وده هيحسّن موقفك قدام النيابة… عشان عمك يشهد معك وقتها ويسحب البلاغ الا مقدمه 
وفي فرصة يخفّفوا عنك أو يخرجوك بكفالة ."
سليم (يضحك بسخرية):
ـ "يعني أرمي يمين الطـ.ـلا.ق… وأنجو؟"
المحامي (ببرود):
ـ "دي مش نجاة… دي خطوة. الباقي في إيدهم."
سليم يضحك، يقوم من على الكرسي، ويمسك ورقة، ويكتب:
"أُشهد أني طلّقت زوجتي زهرة طلقة أولى، طلقة واضحة وصريحة."
سليم (بخبث ما بين نفسه ):
ـ "طلقه أولى؟
تمام… يبقى ليا رجعة، صح؟
دي فرصتي أرجّعها وقت ما أحب."
باك 
سليم (بنبرة استعراض):
ـ "أنا كنت أذكى من الكل…
رميت اليمين قدام المحامي… وخرجت.
وسبت لنفسي باب مفتوح.
عارفة ليه؟
عشان هرجعلك غصب عن الكل، وعن نفسك."
زهرة (ترفع عنيها وتضحك ضحكة بـ.ـاردة):
ـ "تفتكرني غـ.ـبـ.ـية؟
أو فاكرة الطـ.ـلا.ق مجرد كلمة؟
أنا خلت المحامي يضيف ورقة تانية…
وإنت مضيت عليها."
سليم (وجهه يتلبّك):
ـ "إيه…؟"
زهرة (بحسم):
ـ "طلق بائن لا رجعة فيه.
يعني لا عدّة تنفعك،
ولا رجعة ليك.
ولا وجودك."
سليم يترنّح لحظة، وشه يتقلّب من الصدمة… يحاول يتكلم… لكن زهرة تقوم من مكانها، تمشي ناحيته، تبص له في عنيه وهي بتقول ببرود:
زهرة (بصوت منخفض بس قاطع):
ـ "صلة الدم دي مـ.ـا.تت مع الجنين.
وكل شيء بينّا مـ.ـا.ت…
حتى فرصة الرجوع."
ـ "حقوقك كلها ضاعت لما اتعاملت معايا كإني غنيمة...
ولو مفكرتش تبعد عني...
أنا اللي هحاربك بطريقتك."
بتقرب منه خطوة، عنيها بتلمع بالغضب، بتخرج تليفونها من جنبها، وتفتحه على تسجيل بصوته، بيقول فيه بوضوح:
تسجيل سليم (صوته واضح):
ـ "أنا كنت بتفرج عليك  وانتى  بتستحمى... أيوه، آنتى  وكل بنات البلد... دي متعتي."
زهرة تبصله وهي بتقول بتحدي:
زهرة:
ـ "التسجيل ده، هنزلها  على جروب البلد،  لو شوفتك تاني هنا...
وساعتها شوف البلد هتخليك تعيش لحظة واحدة بعدها ولا لا عشان استغلت مهنيتك فى البناء وعملت لنفسك عين تشوف بيها كل بنات وستات البلد ."
(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى) 
سليم كان واقف قدام زهرة، إيده متشنجة، ووشه بيحمر من الغضب، عنيه بتغلي نار، لكنه ما بينطقش...
لف وشه، خد نفس عميق، وبدأ يمشي بخطوات سريعة فيها غيظ مكتوم.
وقف قدام ممرضة وسألها بصوت خافت بس لاذع:
سليم:
ـ "هي مستنية حد هنا؟"
الممرضة رفعت راسها وقالت ببساطة:
ـ "سمعتها بتتكلم إنها داخلة تزور شاب اسمه زياد."
(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى) 
داخل مكتب الدكتور شريف
زهرة داخلة بخطواتها الهادية اللي وراها عاصفة، وقلبها تقيل، لكن عينيها فيها قرار.
زهرة (بحسم):
ـ "أنا موافقة... عاوزة أسافر.
كفاية وجع... كفاية مطاردة من سليم، وكفاية بلد كل حتة فيها بتنزف ذكرة موجعة."
الدكتور شريف هز راسه بتفهم وابتسامة هادية فيها دعم:
ـ "أنا فعلًا راسلت المستشفى الخاصة في الجامعة اللي هتكملي فيها دراستك.
هتكوني هناك في رعاية كاملة... هتتعالجي، ولما الدراسة تبدأ، ترجعي تكملي سنتك الأخيرة."
ممر المستشفى
سليم بيتمشى بعصبية، بيشـ.ـد في نفسه، وفجأة... لمح عاصي جاي من آخر الممر، باين عليه التعب والسهر، لكن عنيه بتدور على زهرة.
سليم وقف، ابتسم ضحكة خبيثة، وقرر يسمّه الكلام:
سليم (ببرود وقسوة):
ـ "يعني دورت وسهرت وحبستنى ..
بس نسيت تراقب قلبها.
أنا طلّقتها آه...
بس هي لسه في العدة وممكن ارجعها عشان ضحكت على المحامى لكن الا قهرني انها ... لسه بتدخل أوضة زياد، حبيبها ."
(قرب خطوة)
ـ "مجهودك كله راح على الفاضي يا دكتور حبيت واحدة ملطوط فى الأول والأخير هى شيلتى إم إنت ازى هتستحمل ."
عاصي واقف، الكلام نزل على قلبه زي السكاكين، عينيه بتتحرك لا إراديًا ناحيه باب غرفة زياد... ووشه بيتجمد.
سليم سابه ومشي، والضحكة الخبيثة مازالت على وشه، وعنيه فيها غل مسموم.
– قدام غرفة زياد
الهدوء يلف المكان، ريحة المطهّرات تقيلة، والأنوار خافتة…
باب الغرفة بيتفتح بهدوء…
تدخل زهرة، خطواتها بطيئة، لكن جواها ألف عاصفة.
في ستارة كبيرة فاصلة بين السرير وباب الغرفة…
زهرة تقف ناحيته، تبص من بعيد من غير ما تشوف زياد مباشرة.
عنّيها بتترعش، وبتاخد نفس عميق…
لكنها ما تنطقش، تفضل واقفة ساكتة، وتهز راسها لياسمين اللي كانت واقفة مستنياها جوّه.
الجو ساكن، صوت أجهزة الرعاية في الخلفية بيكسر الصمت.
زهرة وقفة إمام زجاج غرفة العنايه ، بتبص لياسمين اللى عنيها فيها وجع وتعب سنين.
زهرة (بصوت هادي، مشوب بالقلق):
ـ "أخبـ.ـاره إيه دلوقتي؟"
ياسمين (هزّت راسها، صوتها بيترعش من الوجع):
ـ "لسّه تحت الرعاية...
نفسي يفوق من الغيبوبة...
ساعديني يا زهرة...
لو سمع صوتك، يمكن... يمكن يفوق."
زهرة (بتتشـ.ـدّ، نظرتها بتتلخبط، تسأل بــــاستغراب):
ـ "عندك استعداد يفوق... على أمل حب تاني؟ غيرك؟"
ياسمين (نظرتها بقت قوية رغم الدمـ.ـو.ع، تهز راسها بهدوء):
ـ "اتعلمت التضحية... منك.
يفوق وأنا معاه...
مش هسيبه...
طريقي وطريقه واحد من زمان.
وانتي... مسافرة."
زهرة (تنزل عينها، تحاول تلم مشاعرها):
ـ "و... عاصي؟"
ياسمين (بتتنهد، تكمل بصوت حزين لكن حاسم):
ـ "لو سمع كلامك... فعلاً ممكن يبعد.
هو مستني برا."
(يظهر زياد في سريره، يبدو عليه علامـ.ـا.ت الضعف والإرهاق، لكن عينيه مغلقتان.)
زهرة (تقترب منه بهدوء، تمسك يده): زياد، اسمعني كويس. أنا آسفة، آسفة على كل حاجة. على كل ألم سبّبتُه لك.  كنت غـ.ـبـ.ـية، عمياء،  ما شفتش قيمة حبك الحقيقي.  لكن دلوقتي، بعد كل اللي حصل، فهمت. فهمت قيمة كل لحظة قضيناها سوا، فهمت قيمة تضحيتك، فهمت قيمة حبك النقي.
(تمسح دمـ.ـو.عها، تنظر إليه بحنان):  أنا عايزة  تشوفني، عايزة تشوفني قوية،  متغيرة.  أنا هعيش حياتي صح، هكفر عن أخطائي.  مش هخليك تنـ.ـد.م على حبك ليا، أبداً.  أنا هبقى زهرة جديدة، زهرة أقوى، زهرة تستحق حبك.
(تنظر إلى ياسمين التي تقف بجانبها، تبتسم لها بضعف):  ياسمين،  أنتِ قوية،  أنتِ تستحقين السعادة.  أنا متأكدة إن زياد هيقدرك،  هيقدر تضحيتك،  هيقدر حبك.  ابقى جنبه،  دعميه،  خليه يحس بوجودك.
(تُمسك أيد  ياسمين وتحطها  على  يد زياد بقوة، تنظر إليه بعيون مليئة بالأمل): 
اعترف بحبك يا ياسمين خلي حبك هو إلا يفوقه مش حب حد تآني 
تعترف ياسمين بكل ثقة 
 زياد،  أنا بحبك،  بجد بحبك.  افوق،  من أجلنا،  من أجل حبنا،  من أجل مستقبلنا.  فوق،  وحارب الوجع،  وحارب الهزيمة.  عيش حياتك،  عيشها صح، 
أنا  ياسمين.  أنا هكون هنا،  دائماً.  هكون هنا،  لأجل حبنا.
(تغادر زهرة وهي تبكي بصمت، تاركة ياسمين مع زياد،  تُلمس ياسمين يد زياد برفق،  وتُهمس له بكلمـ.ـا.تٍ مُطمئنة،  مُعبّرة عن حبها ودعمها له.)
عاصي واقف قدام الباب، قلبه بيدق بسرعة، وكلمـ.ـا.ت سليم لسه بتلف في دماغه وكلمـ.ـا.ت زهرة إلا سمعه وهو داخل  ...
وفجأة...
تتبع
الباب بيتفتح، وزهرة بتخرج بنفسها، وبتتعمد تبان وكأنها كانت جوا عند زياد.
سكتوا لحظة... الهواء بقى تقيل، والعيون بتتكلم قبل اللسان.
عاصي (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ "كنتي... عنده؟"
زهرة سكتت، رفعت راسها بصعوبة، ملامحها متحجرة، لكن قلبها بيتقطع.
آه ربنا يشفيه 
عاصي (بألم):
ـ "لسه بتفكري فيه؟"
زهرة ابتسمت ابتسامة فيها مرارة:
زهرة (بسخرية هادية):
ـ "أنا؟ لا...
سأله عاصي لو فى امل بسيط 
يعني مبقيتيش تحبيه مجرد شفقة صح 
هزت راسها زهرة 
مش عارفه أحدد إن كان شفقة أو لا لكن كل إلا اعرفه .
إن يمكن أكون  حاسة بالذنب عشان كنت السبب ف اللي هو فيه.
بس ليه بتسأل يفرق إيه معاك ."
عاصي (صوته بيعلى غصب عنه):
ـ "وإحنا؟!
ماكانش بينا حاجة؟!
كل لحظة، كل وجع، كل خطوة خطيتها عشانك ؟!"
زهرة (ببرود يغلف وجعها):
ـ "إنت وعدتني ترجعلي حقي... وفعلاً وفيت.
بس أنا؟تبلع ريقها وتكمل 
أنا موعَدتكش بحاجة يا دكتور...
ولا اتفقت نكمل إنت رجعت حق جدك وأنا خرجت براءة ."
عاصي (بصوت مهزوم):
ـ "يعني... دي النهاية؟"
زهرة (بصوت ثابت يخفي انفجار داخلي):
ـ "إحنا خلصنا المطلوب رحلتك من البداية تجيب حق جدك وانا دخلت فى اللعبة عشان جدى وزينة دخلونى فيها يعني مش براضي وانا شايفة إن ...
كل واحد يرجع لحياته.."أنا ل تعليمى وحياتى قبل ما كل ده حصل ،وإنت ارجع بلدك جامعتك وشغلك إلا عطلت نفسك فيهم. 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
عاصي يفضل واقف مكانه، عينيه بتلمع من الصدمة، لكن ما بينطقش... وزهرة تديله ضهرها وتمشي بخطوة تقيلة، لكنها ثابتة...
الممر فاضي إلا من صوت خطواتها... وصوت قلبه بيتكسر جوا صدره.
يمشي عاصي وتدخل زهرة 
الأوضة، والباب يتقفل وراه وتطلع على السرير ...
زهرة عنيها بتدمّع، صدرها بينقبض، وبتشـ.ـد الغطا عليها وهي بتشهق شهقة مكتومة، فجأة الجهاز بيرن، ضـ.ـر.بات قلبها بتزيد، والدكاترة بيجروا للغرفة.
ينقذو زهرة ب بأعجوبة 
لكن الدكتور شريف يخبي الخبر عن الكل ماعد محمد 
طلب محمد من شريف 
يعجل ميعاد السفر 
لازم تبعد زهرة عن أي تـ.ـو.تر 
– 
يأكد د شريف 
سياره الإسعاف جاهزة هتطلع على طول على  المطار – بعد ساعة 
تظهر  زهرة  وهى محمولة على نقالة طبية، بجانبها الدكتور شريف، والجد محمد واقف بيودعها، يبص لها ويشـ.ـد على إيدها بحنان.
ينزل دمـ.ـو.ع محمد  وبهمس):
ـ " أنا مش ببعدك عن أحبابك أنا وعد وردة بنت اخى انك هتكمل تعليمك  ،كانت بتحلم تشوفي النور... إنتي النور يا زهرة. إوعي تبصي ورا تاني."
تطلع زهرة رسالتين مكتوبين بالايد واحدة ب اسم زينة والتانى ب اسم بابا 
أدى  جواب  ل زينة ول بابا صالح يا جدوى إوعى تنسي 
يهز راسه محمد وهو حاسس ان روحى بتطلع منه لكن مجبر:
كلامنى يا زهرة  فيديو  على طول يا ابنت ومتزعليش منى 
تهز راسها زهرة 
حاضر يا جدو  ازعل منك ليه ؟أنا عارفة يا جدو إنك عندك حق أنا لازم ارجع زهرة بتاعت زمان قوي صحي وجسديا ونفسي احقق حلم ماما 
بتتشال للطائرة، ونظرة أمل صغيرة بتبان في وشها وسط الوجع.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
---
داخل الطائرة / لحظة الإقلاع
الجو هادي، صوت الطيارة بيعلو تدريجيًا، والأنوار الخافتة بتدي إحساس بالغُربة اللي جوا القلب.
زهرة قاعدة جنب الشباك، باصة على السما، والعيون تايهة، قلبها مش معاها...
بنت جانبها تحط السماعة فودانها، لكن الصوت عالي وصلها تدوس "تشغيل اغنيه "...
في احساس ماليني وفي خوف ودمـ.ـو.ع في عيني مش قادر اداريها
البنت تسأل زهرة تحبي تسمع معايا 
هزت راسها زهرة بالموافقة 
وتحط البنت سماعة ليها وسماعة ل زهرة وتشغل الأغنية 
ظروف معنداني بتجبرني حبيبي انساك
ظروف كتير تاني بتمنعني اكون وياك
في احساس ماليني وفي خوف ودمـ.ـو.ع في عيني مش قادر اداريها
ظروف معنداني بتجبرني حبيبي انساك ظروف كتير تاني بتمنعني اكون وياك
مش هنكر حقيقية حاجات حلوه وبريئه حسيت معاك بيها
نفس اللحظة...
في القاهرة – عاصي بعد ما ساب زهرة كان بيلف بعربيته لحد ما وصل أقدم نهر النيل مكنش فاهم كلام زهرة، بتقوله صريح العبـ.ـارة مفيش حاجة بين وبين اى حد، والا انت والا زياد، طيب كلام الحب والوعد الا كانت بتقوله جوى ركن  عربيته،  جنب النيل،
يده على الدريكسيون...
يشغّل الراديو...
وتبدأ نفس الأغنية تصدح قدّامه:
طبييعي تتغير عشان بعديها شوفت عذاب
طبيعي هتغير ما دام بسهولة كده بتساب
تعبت معاك حقيقي خلاص كلامي كاني انا ما قولتوش
شوف اللي وصلنا ليه شوف لو بينا حاجة تشفعلنا نكمل
في مين يعيش راضي وهو خسارة مش مبسوط
في مين يموت عادي ومين يرضالي اعيش مكبوت
هات عقرب ثواني وشوف كام حد تاني كان زيي اتحمل
سنين وانا عايش لكن شايل في قلبي كتير سنين بقول جايز اشوف منك ولو يوم خير
تعبت معاك حقيقي خلاص كلامي كاني انا ما قولتوش ما صحاش عمره فيك احساس ضميرك حتى ما لقيتهوش
كانت زهرة عنيها بتدمّع، تبص على السما، كأنها بتفتش عن ذكرياته فوق السحاب...
وعاصي قاعد في العربية وبيبص للنيل، بيشوف انعكاس نفسه المكسورة في الميّه...
وكلمـ.ـا.ت الأغنية بتعبر عن احساسهم المكسورة 
---
🎶 "في إحساس ماليني... وفي خوف ودمـ.ـو.ع في عيني... مش قادر أداريها..."
عنّيها بتتلمع، وتبدأ دمعة تنزل على خدها ببطء، مش بتحاول تمسحها… بتسيبها تمشي.
🎶 "ظروف معنداني... بتجبرني حبيبي أنساك..."
وشه بيوجـ.ـع، عينيه بتلمع، دمعة نازلة من غير صوت... إيده بتشـ.ـد على الدركسيون، وبيبص لقدامه في اللاشيء.
زهرة بتفكر في  عاصي، ولقطة لعاصي بيتخيلها وهي بتضحك...
🎶 "ظروف كتير تاني... بتمنعني أكون وياك..."
زهرة تبص للسما من الشباك، تحط إيديها على بطنها لا إراديًا، كأنها بتودّع، تهمس لنفسها: "كان نفسي..."
عاصي يسند راسه على الكرسي، عينه بتقفل، والذكريات بتعدي في خياله: ضحكتها، خوفها،، نظرة عنيها ليه.
🎶 "مش هنكر حقيقة... حاجات حلوة وبريئة... حسيت معاك بيها..."
اللي اتنين في مسارين مختلفين... بس نفس الوجع، نفس الأغنية، نفس الحب... اللي اضطرّوا يبعدوا عنه.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
زينة كانت قاعدة في الصالون، بتستعد  عشان تزور زهرة وفرحانة إنها  احتمال هتخرج النهاردة 
صوت جرس الباب يقطع الصمت...
قامت بسرعة، فتحت الباب، ولقت الجد محمد واقف، وشه مليان وجع لكنه ثابت.
زينة (بتلهث):
ـ "جدو محمد! إنت سبت زهرة لوحدها ليه إنت طلبت إنت إلا تقعد معها النهاردة والا عملت لي مفجأه 
  وجيبها معك 
وتنظر للخلف  العربية جاية صح 
خير؟ في إيه؟ هي زهرة حصلها حاجة؟"
أنا هروح عندها 
مد إيده بهدوء، وفيها ظرف صغير، وعينيه مكسورة:
الجد محمد (بصوت مبحوح):
ـ "سافرت يا زينة... من بدري.
قلت أوصللك الرسالة دي بإيدي.
قالت إنها مش عايزة تودّع حد... وسابتك أمانة في رقبتي."
اتسعت عيون زينة، خدت الظرف بإيد بترتعش، قلبها دق بعنف، وهي بتفتح الورقة، صوت أنفاسها بيزيد، وبتبدأ تقرأ.
كل ما كانت تقرأ سطر، عنيها بتدمع أكتر، ملامحها بتتغير ما بين الصدمة والإنكار والحزن...
"زينة..."
"عارفة إنك دلوقتي زعلانة، ومش فاهمة أنا ليه مشيت من غير ما أقولك، يمكن حتى بتحسّي إني خذلتك أو إني جبانة... بس الحقيقة يا زينة، أنا كنت خايفة أضعف قدامك، قدام حـ.ـضـ.ـنك اللي كان أول حـ.ـضـ.ـن حسيت فيه بالأمان كنت إختى التوأم وصديقتي أنا مش ناسي لم كان حد يشوفني يقول توأم رغم آنتى أكبر منى مش عارفه اقد إيه شهور وإلا سنه كل إلا اعرفه ووقتها ماما كانت في شغل قاعده في تقريبا سنه ولم رجعت هى وجدى الكل قال إنها جابت بنت ونفس اليوم ماما اكتشفت إنها حامل وفاتت شهور. 
لحد ما ماما جابتنى ،وانا وعيت على الدنيا كنت اختى الكبيرة زى ما الكل عارف  ولم كبرنا شوية في ست ابتدائي كان وقتها مطبق عليك نظام خمس سنين وانا يطبق عليا  سته سنين فقررت إنك متحضريش امتحان سنه خمس وأخد خمسه معايا وسته وبقي السنين ومن وقتها  ملهاش حساب بقينا نقول إحنا توأم إحنا أخوات ل حد  ما 
تنهدت زينة وحست إنها مقدرتش تجيب سيرته كملت 
لحد الخسيس سليم قال للكل ان احنا مش أخوات  وان ماما وردة متبنين وانى مش بنت العيلة 
اكملت زهرة ورغم كده مفرقش معايا لكن إلا كسرنا وبعدنا انك من يوم ما عرفت الحقيقه وبقيت تسعى تعرف الحقيقة ومن غيري 
أنا  مش بلومك رغم إنك السبب من البداية فى البعد ده ،لكن أنا مشيت علشان أنا اللي محتاجة أتعالج، أتعالج من اللي شوفته واتكسر جوايا، من نظرات الناس اللي كل ما يشوفوني يفتكروا البنت اللي كانوا بيقولوا عنها مجرمة...
أنا مشيت علشان أبعد عن الوجع اللي كل ما أشوفه في عينين الكل  بحس إني السبب فيه.
تنهدت زينة ...اكملت زهرة 
إنتي أختي، ويمكن معرفتش أقولها بصوت عالي قبل كده، بس أنا بحبك، وعمري ما حسيت بالانتماء غير لما لقيتك جمبي.
سامحيني إني ما استنيتش، سامحيني إني خدت القرار لوحدي. كان صعب اجى أعيش معاك وهو موجود في نفس المكان صعب اهرب منه وانا برمى نفسي لحـ.ـضـ.ـنه لو سالك عاصي 
قوليله – – إني كنت بحاول أسيبه يعيش، مش علشاني، علشانه هو.
وقولي لى  كل يوم إنك قوية، لأنك فعلاً كده...
وإوعي تعيشي حياتك تانية في صراعات،
وعلى الفكرة   الحرب دي... كسبتيها بالحب.
لما توصلك الرسالة دي، هكون في مكان جديد، بحاول أبدأ من الأول...
وهفضل أستنى اليوم اللي نضحك فيه على كل ده، وإنتي بتقوليلي: "مش قلتلك يا زهرة إننا هنبقى بخير؟"
خليكي دايمًا النور اللي مفيش عتمة تطفّيه.
أختك...
زهرة 🌸
زينة (بصوت مكسور تصرخ ):
تفتح التليفون وتسجل صوت على الوتس 
"زهرة..."
إزاي تسيبني؟ إزاي؟
أنا اللي لسه من يومين بقولك إني فخورة بيكي...
كنتي محتاجة ضهر، وزعلت إن سبتك تمشي لوحدك اليوم المشؤم ده وقولت هنرجع زى الأول توأم مش هنفترق لكن إنت ؟"
"يعني خلاص؟
هتمشي كده وتسبيلي كل حاجة، وتروحي من غير حتى حـ.ـضـ.ـن؟
أنا قريت رسالتك، وكل كلمة فيها دخلت قلبي زي السكينة...
بس مش علشان وجعتني، علشان فَكرتني إنك دايمًا بتفكري في الكل بقبلك.
كان نفسي أزعق، أصرّخ، أقولك إنك غلط، بس للأسف...
أنا مفيش فيا غير فخر، بإنك أختي، وبإنك اخترتي تبعدي مش علشان تهربي، لأ... علشان تحمي اللى بتحبيهم.
بس أنا هقولك على حاجة،
حتى لو بعدتي، انتي لسه هنا...
في البيت، في الضحكة، في الذكريات، وفي قلبي.
أنا مش هقبل إنك تفضلي لوحدك...
وعد، أول ما تهدي وتتعافي، هتكلمنى فيديو وهنحكى كل تفصيل حياتنا زى ما كبرنى ...
ولم ترجع أحـ.ـضـ.ـنك الحـ.ـضـ.ـن اللى استنيته، وأقولك:
"حشـ.ـتـ.ـيني و  يا زهرة... قوي."
خلي بالك من نفسك...
وإوعي تنسي، إنك مهما بعدتي، لسه ليكي ناس مستنيينك، وبيحبوكي.
بعتت الرسالة وبتتكلم وهى مخـ.ـنـ.ـوقة
ليه يا جدو كنت أكون معها ليه سبتها تكون ل وحدها 
ـ "
الجد محمد (بهدوء ونـ.ـد.م):
ـ "هي اللي اخترت، وكان لازم أحترم اختيارها...
يمكن ده أقل حاجة أعملها بعد كل اللي سببنها 
يحصل ."
سكت لحظة، وبص ناحيتها:
الجد محمد (بيكمل):
ـ "سابتلك أمانة تانية...
قالتلي لو حد سألك عنها، قولهم زهرة بدأت من جديد، بس قلبها لسه معاهم...
وإنها مش هتنسى اللي وقفوا جنبها، حتى لو سابتهم."
زينة (بدمـ.ـو.ع حارة):
ـ "أنا مش مسامحة نفسي... بس لازم أكون قد الرسالة دي.
وهستناها... مهما طال الوقت."
ماسكة الرسالة على صدرها، وعنيها بتبص للسقف، كأنها بتشوف فيها ملامح زهرة... بينما الجد محمد بيخرج بهدوء من البيت، وخطواته تقيلة كأنها شايلة عمر من الذكريات.
زينة قاعدة على الكنبة، ماسكة في إيدها ورقة صغيرة كانت زهرة كاتبة فيها وداع مختصر. عيونها مليانة دمـ.ـو.ع بس بتحاول تتماسك. تدخل ياسمين بخطوات هادية، وشها متغير مالك يا زينة سمع صوتك من شويه .
زينة (بغضب مكتوم):
ـ "سافرت يا ياسمين ؟  سافرت كده... من غير كلمة... من غير ما تبص لينا؟"
ياسمين (بصوت هادي):
ـ "زهرة لما بتحب... بتعرف تسيب."
زينة (بتبص لها بحدة):
ـ "وإنتي عرفت ازى ؟ كنتي معاها في الخطة؟
كنتي بتخططي مع أختي تبعد عنى وعن عاصي؟!"
هى الغيرة وصلت معاك لكدة 
ياسمين (بتقرب منها وبتبصلها بعين صادقة):
ـ "كنت معاها علشان فهمت...
فهمت إن في حب بيتعب... وفي حب لازم يتساب علشان يفضل نضيف.
هي كانت شايفة إن وجودها معاه هيأذيه أكتر ما يسعده."
فى  الممر المؤدي لأوضة زينة – الليل
رجع عاصي وقرار إنه يسافر 
و طالع بهدوء ل  أوضته،  عشان ياخد شنطته فى إيده، شكله مرهق وتعبان نفسيًا، وناوي يمشي من غير ما يودع حد... هو خلاص قرر يبعد عن كل الذكريات. وهو معدّي قدام أوضة زينة، بيقف فجأة...
بيسمع صوت زينة جوه، صوتها متكسر بالحزن، وبيسمع كمان صوت ياسمين... بيقف مكانه، بيقرب شويه، الباب مش مقفول كويس... وبيسمع كل حاجة:
زينة (جوا الأوضة):
آنتى حقوده يا ياسمين كنت فاكرك اتغيرت لكن قلبك زى ما هو وفقت على خطته وانها تبعد ومتقوليش ليا 
تنهدت ياسمين بوجع 
ـ " آه منكرش  كنت بكرهها... كنت بشوفها نقطة سودا في حياتنا... بس النهارده... أنا مش عارفة أقول إيه... البنت دي خدت قرار أنا نفسي معرفتش أخده... فكرت في غيرها أكتر من نفسها." وحكت الا حصل واتفاقها والجواب 
ـ "
زينة (بدمـ.ـو.ع):
ـ "وسابتني... وأنا أول مرة أحس إني مفتقداها بجد..."
عاصي بيقف متجمد، عينه بتدمع، الشنطة بتقع من إيده وهو لسه واقف يسمع...
زينة (بهمس):
ـ "سامحيني يا زهرة... عالظلم... وعلى التأخير..."
عاصي ياخد نفس عميق، عينه على الأرض، قلبه بيندب داخله... بيرجع ضهره للحائط، ويسند عليه، وصوته وا.طـ.ـي جوه نفسه:
عاصي (بصوت مهموس):
ـ "يعني هي بعدت... علشان أنا؟ 
كنت فاكرها بتحب زياد  علشان كده قولت أبعد 
علشان  هى فاكرة ماضيها طيب مين الا كان بيتكلم مع زياد ...
تنهدت ياسمين 
أنا إلا كنت بعبر عن كل إلا جوى هى اتفقت معايا انك تسمع الكلام ده فتقطع الأمل 
صرخ عاصي 
يعني هى سابتني علشان أعيش فاكرة كدة انى عايش ..."
تحدثت ياسمين 
زهرة مش ملاك، بس كانت إنسانة حقيقية... سابتك علشان تشوفك واقف على رجليك... كانت عارفة إنك محتاج واحدة تانية، واحدة ماضيها ما يكسرش مستقبلك..."
يتنهد ويمسح دمـ.ـو.عه بسرعة... ويمشي بالشنطة، لكن المرة دي مش للسفر... بيرجع على أوضته، يحط الشنطة، ويبص لنفسه في المراية، ويقول:
عاصي:
ـ "أنا مش هسيبها... حتى لو هـ.ـر.بت لأخر الدنيا، أنا لازم أقولها كل اللي في قلبي...
اقولها متخافيش انا متقبلك بكل ماضيك متقبل تكونى مراتي... حبيبتي... واللي بعدت عشاني... ماينفعش أضيعها."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
---
داخل عاصي العربية وبدأ يسوق للبلد 
الطريق طويل، ، وعاصي سايق لوحده، المزيكا هادية في الخلفية، عينه على الطريق بس عقله بيغوص جوه ذكرياته.
كاميرا بتتنقل ما بين ملامحه الساكتة ووميض من الفلاش باك:
(فلاش باك 1)
أول مرة شاف زهرة، وهي قاعدة  على. الأرض ، عينيها حزينة بس فيها تحدي، وهو بيبصلها وهو مش فاهم مالها .
(فلاش باك 2)
لما وقفها  وهي مبلولة من المطر، وكانت خايفة من تهديد ياسمين ونظرت عينها محدش عارفها، وهو حس إنه عايز يحميها حتى من نفسها.
(فلاش باك 3)
لما وقفت قدامه وقالت له "أنا مش ملاك... بس أنا مش لعبة تخلصوا مصلحتكم على حسابي  يا دكتور."
(فلاش باك 4)
ضحكتها أول مرة تضحك، وعيونها اللي دايمًا فيها وجع بس بتحاول تخبيه.
عاصي (بيكلم نفسه بصوت وا.طـ.ـي وهو سايق):
ـ "كانت بتضحك... بس ضحكتها ماكنتش كاملة... كانت دايمًا بتحارب عشان تفضل واقفة...
زهرة مش ضعيفة، لأ... دي أقوى واحدة شفتها في حياتي."
كانت العربية بتميل على جنب الطريق، ويسند راسه على الدركسيون لحظة، وبعدين يتنهد ويكمل السواقة وهو بيكمل بصوت داخلي:
ـ "كانت خايفة مني؟ ولا خايفة عليا؟
كانت عايزة تهرب مني؟ ولا تهرب بيّا؟
بس اللي متأكد منه... إن قلبي من يومها، عمره ما اختار غيرها."
---
الجو في البيت هادي بس مليان مشاعر، الجد محمد قاعد على كرسيه القديم، باصص في صورة لوردة وبيحـ.ـضـ.ـنها كأنها لسه بتتنفس من خلالها. بتدق الساعة، وبيدخل عند 
الجد محمد داخل، صوته هادي لكن مليان وجع:
محمد (بنبرة تقيلة):
ـ "صالح... أنا جيت أسلمك حاجة من بنتك."
صالح بيرفع عينه بــــاستغراب، وهو حاسس بقلق جواه:
صالح:
ـ "زهرة؟ مالها؟ حصلها حاجة؟"مش كانت هتقعد عند زينة الفترة ده 
محمد بيقرب ويمد له ظرف صغير، مطوي كويس، وعليه بخط إيدها: (لبابا...)
محمد (نبرة فيها مرارة):
ـ "زهرة سافرت... سابت البلد... وسابتلك الرسالة دي."
الهدوء بيخيم، صالح بيشـ.ـد الظرف بإيد بترتعش، قلبه بينبض بسرعة... بيبص لمحمد، مش قادر يسأله، وعنيه بتلمع، ويفتح الرسالة…
(صوت زهرة الداخلي بيبدأ يتقال بصوتها وهي بتقرا جواه):
**"أبويا...
معرفش أبدأ كلامي إزاي... يمكن لأنك عمرك ما علمتني أكتبلك..."**
الكلمـ.ـا.ت بتقع على صالح زي السكاكين، وكل كلمة بتخبط في قلبه... بيبدأ يرجع بدماغه لكل موقف، لكل ليلة سابها فيها، لكل دمعة كانت بتنزل منها وسابها لوحدها...
"أنا بنتك... اللي كنت بتشوفها عيب... وان السترة احسن من التعليم زهرة الا كنت معتبره الكابوس اللي حصلي، فى حياتك وكرهتنى عشان امى معرفتش تجيبلك الولد بعد فاكرة كام مرة ضـ.ـر.بتني... مش عشان تحميني، عشان تسكتني..."
دمـ.ـو.عه بتغلبه، بيقوم واقف، بيمشي خطوتين وبيوقع الورقة من إيده، بس بيرجع يلمها بسرعة كأنه ماسك على روحها...
**"بس رغم كل ده... سامحتك.
مش عشانك... عشان قلبي.
أنا ماشية، مش هربانة... رايحة أبدأ من جديد... بعيد عنك، وعن كل حد اذءنى ممكن آخر حاجه عملتها صح إنك آخرين عرفت إن الجواز مش ستري ممكن البنت تقع في أيد واحد هو إلا يفـ.ـضـ.ـحها أو يشغلها وهو قاعد في البيت شبيه الرجال ويسيبها تتعرض ل مضيقتى ده وهمست ده وهو نطع فى البيت الجواز بيكون ستر لم يكون الاختيار بالقلب والعقل واتجوز رجل يعتبرنى كل حاجه فى حياته أمه أخته وحبيبته مش معتبرني غنيمة ياخد مزاجه منه ..."**
صالح بيرتجف، عينه على الأرض، والورقة بين إيده، وبيهمس بصوت متكسر:
صالح:
ـ "أنا السبب... أنا اللي ضيعتها..."
محمد بيقرب منه ويحط إيده على كتفه:
محمد:
ـ "ضيّعت البنت اللي كانت بتحبك رغم كل حاجة... بس يمكن لسه قدامك وقت تراجع نفسك... وتحاول تصلّح."
الا فسده يا صالح 
تتبع
صالح يفضل واقف مكانه، والرسالة بين إيديه... بس كل الحروف بقت سكاكين في قلبه.
الكاميرا تزوّم على الورقة وهي بتتهز من رعشة إيده... والمشهد ينتهي على دمعة نزلت من عينه أخيرًا... بس بعد ما زهرة مشيت.
عاصي بينزل من العربية، بيخبط على باب البيت، يفتح له الجد محمد، ملامحه هادية، بس عنيه فيها تعب سنين.
بيت الجد محمد - صباح بدري، صوت العصافير والخرفان، والنسمة رايقة
عاصي واقف قدام محمد، بعد ما سافر مخصوص وجاي من الطريق عليه التراب، تعبان لكنه مصمم، عنيه فيها لهفة وتعب
الجد محمد (بهدوء):
ـ "أهلاً يا دكتور... عرفت إنك هتيجي."
عاصي بيبصله بعين كلها لهفة وحزن، صوته وا.طـ.ـي لكنه حاسم:
عاصي (بصرخة):
ـ "جدي... زهرة فين؟! أنا عايز أشوفها... أرجوك قولي راحت فين؟!"
محمد (بيبص له بهدوء ونـ.ـد.م):
ـ "راحت تدور على نفسها... سيبها توصل، لو كانت من نصيبك، هترجع لك."
...
عاصي (بنبرة جادة لكن موجوعة):
ـ "أنا عرفت إنك الوحيد عارف مكانها ، أو على الأقل بتكلمك...
ـ أنا مش طالب منك غير مكانها، حتى لو هسافر آخر الدنيا عشانها."
محمد (قاعد على المصطبة، حاطط الطاقية على رجله وبيبص له من فوق النظارة):
ـ "ليه؟ ما يمكن زهرة اختارت تمشي... يمكن خلاص قفلت الصفحة."
عاصي يهز راسه بقوة، وعينه بتلمع:
عاصي:
ـ "أنا لو ماشية بإيدي... كنت سبتها من زمان.
ـ بس قلبي؟... هو اللي مش عارف ينساها."
محمد ياخد نفس عميق، يقوم واقف، ويحط إيده على كتف عاصي:
محمد:
ـ "تبقى تثبتلي انك فعلا تستحمل ...
مكنش فاهم عاصي وساله 
استحمل طبعا لكن استحمل ايه 
ابتسم الجد وقال 
ـ تيجي تعيش هنا شوية.
ـ تلبس جلابية، وتنزل معايا الغيط.
ـ تزرع وتتعامل مع أهل البلد...
ـ ووقت ما ألاقيك استحملت، وقلبي قاللي إنك تستاهل، أقولك عن عنوانها ."
عاصي (متفاجئ):
ـ "إيه؟ جلابية؟ وغيط؟!"
محمد يضحك ضحكة خفيفة، لكن عنيه فيها جد:
محمد:
ـ "ده الشرط... تعيش في يا بلدنا عشان توصل ل زهرة!"
عاصي يضحك رغماً عنه، ثم يسكت شوية ويفكر... وبعدين يهز راسه بالموافقة:
عاصي:
ـ "اتعلمت عشان أعلم الناس... ودلوقتى هلبس الجلابية عشان أعلم نفسي ان الحب محتاج تضحي ."
---
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
--
أول يوم في المستشفى الخاصة التابعة للجامعة فى أوربا - الساعة ٩ الصبح
الكاميرا بطيئة وهي بتعدي من بوابة المستشفى... مكان شكله هادي، أشبه بفندق كبير، الورد مزروع على الجانبين، والنخل عالي، والجو مشمس بس فيه نسمة برد خفيفة.
عربية بتقف قدام الباب الرئيسي، السواق بيفتح الباب، وزهرة بتنزل... لابسة ملابس مريحة، طرحة خفيفة على راسها، باين على ملامحها التعب... بس كمان فيه هدوء غريب، كأنها سلّمت.
يخرج لها شاب عشريني، وسيم، لبناني، لابس يونيفورم إداري بسيط، بــــاسمه على صدره: "جمال".
جمال (بابتسامة دافية):
ـ "حضرتك زهرة؟ أهلًا وسهلًا... إحنا مستنيينك من الصبح، أنا جمال، مسؤول استقبال المرضى في قسم العلاج النفسي والدوائي."
زهرة تهز راسها بابتسامة خفيفة، تايهة شوية من كتر اللي حصل، بس بتحاول تمشي خطوات ثابتة.
جمال (وهو بيمشي قدامها):
ـ "الدكتور عصام هيشوفك بعد ساعتين، بس الأول هتعدي على قسم التقييم المبدئي... وبعدها تروحي غرفتك، ترتاحي شوية قبل أول جلسة."
زهرة وهي ماشية في الممر الطويل، عنيها بتبص على المرضى التانيين... شباب وبنات، كل واحد في دنيته، بتبص على رسمة على الحيطة مكتوب تحتها: "الوجع مش نهاية القصة... ده أول سطر في الشفاء."
توصل قدام أوضة صغيرة مكتوب عليها:
"المعالجة النفسية - د. نادين الحاج"
جمال يفتح الباب بابتسامة:
جمال:
ـ "دي أول خطوة يا زهرة... مع د. نادين، وهتكون معاكي طول الخطة العلاجية."
زهرة تدخل... تلاقي ستّ أربعينية، شكلها رايق، ملامحها هادية، لابسة أبيض بسيط، وبتقوم من مكانها بابتسامة حنونة.
د. نادين:
ـ "أهلًا يا زهرة... كنت مستنياكي."
زهرة تقعد قدامها، ووشها مش قادر يخبي الوجع... تحاول تبص ناحيتها، لكن عنيها بتتهرب.
نادين (بنبرة دافية):
ـ "هنا مفيش أسئلة صعبة... ومفيش أحكام. إحنا هنا عشان نسمع، نخف، ونعيش من أول وجديد."
زهرة تهمس، والدمعة تلمع في عنيها:
زهرة:
ـ "أنا تعبت قوي يا دكتورة..."
نادين (بهدوء):
ـ "وإحنا هنا عشان نتعب سوا... ونقوم سوا."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
فى  الأوضة بهدوء،  يظهر صوت عزف 
على صوت البيانو تقف الدكتورة وزهرة ومن وراء الزجاج تشوف شاب قاعد بيعزف 
سألتها زهرة 
لحنه حلو آوى هو مريـ.ـض هنا 
ابتسمت الدكتوره 
هو مريـ.ـض وقصته فى شبه من قصتك ويجى الوقت اتسمعها منه المهم حبيبتي، اللي هطلبه منك دلوقتي بس إنك تطمني، لإننا هنتكلم مع بعض بأسلوب يحافظ على مشاعرك أولًا، ويحترم الوجع اللي جوّك يا زهرة، ويوصل إحساسك وجرحك من غير ما نخوض في تفاصيل مؤذية أو جارحة. هنركز على الصدمة، الألم، التأثير النفسي، والحماية اللي بتتحاول تبنيها حوالين نفسها.
تعالى نبدأ أول جلسة علاج نفسي، - ضوء خافت - موسيقى ناعمة جدًا
زهرة قاعدة قدام د. نادين، ووشها هادي بس عنيها بتلمع بحزن مكبوت... بتفرك في صوابع إيديها، بتحاول تلهي قلبها عن الكلام.
نادين (بصوت ناعم):
ـ "إحنا هنا عشانك... مش عشان اللي حصل.
اللي حصل ده جزء منك... مش هو إنتي."
زهرة تبص بعيد، وسكون غريب يملأ الأوضة، ثم تبدأ بصوت ضعيف... كأنها بتحفر جوّا نفسها.
زهرة (بهمس):
ـ "لم وفقت على جوزه 
كنت فاكرة إني في أمان... وسط اللي اسمهم أهلي.
بس كان فيه ضلمة بتستخبى ورا كل ضحكة، كل عيد، كل لمّة..."
عنيها تتملي دمـ.ـو.ع، تحاول تمنعها تنزل... تكمل بصوت بيترعش:
زهرة:
ـ "كان إبن عمي... وكنت ساكتة...
مش عشان كنت راضية...
بس عشان كنت مش فاهمة.
فاكرة إزاي السقف كان بيلف حواليا،
وإزاي صوتي ما كانش بيطلع...
كإني كنت جوّا قفص،
والهوى ما بقاش يدخل صدري..."
نادين (تسجل ملاحظات بهدوء، ونظرتها فيها رحمة):
ـ "وده أول يوم قلتي فيه الكلمة بصوتك...
اغت*ص*بك؟"
زهرة تتهز، لكن تهز راسها بنعم، وتقول بصوت مكبوت بالحشرجة:
زهرة:
ـ "آه...
سرق مني كل حاجة...
مش جـ.ـسمي بس...
حتى النوم... حتى الضحك...
كنت لما أنام، أحس إني عري*ان،
وكل ما أغمض عيني، أحس إيده على رقبتى. رغم كنت فى السجن يعني بعيد عنه لكن بحس انه أقدم عينى بيلمسنى .."
نادين (بنبرة حنونة):
ـ "وإنتي قومته ووقفت على حيلك ؟
رغم كل ده... إنتي هنا دلوقتي، وده انتصار."
زهرة (بدمـ.ـو.ع بتنزل أول مرة من غير مقاومة):
ـ "أنا كنت خايفة أحكي...
خايفة بابا يقولوا غلطتي.
خايفة الناس يحبّوه أكتر مني، ويصدقوه هو.
والحجة جوزك ويعمل الا هو عاوزه 
زهرة (بصوت محشور 
ـ "عارفة أكتر حاجة وجعتني؟
إني صدقت إني السبب...
إني مسمعتش كلام أمي،
ولا كلام جدي،
ولا حتى صوت عاصي اللي ندهني وأنا خارجة اليوم ده..."
زهرة العاصي 
بتكتم شهقة في صدرها، تكمل بصوت فيه نـ.ـد.م ومرارة:
ـ "خرجت لوحدي... فاكرة إني قوية،
بس كنت ماشية برجلي للجحيم.
اتحدفت من حـ.ـضـ.ـن زياد...
لإيدين سليم.
من خيانة... لذل.
من كدب... لكسر."
بتضحك ضحكة وجع، تمسح دمعتها وهي بتكمل:
ـ "عاصي فاكر إني رجعت لزياد...
للي أول واحد ذبحني...
ذبحني لما خاننّي مع ياسمين،
ولما رجع تاني يحاول ياخدني غصب...
ما كانش حب،
كان أنانية مغلفة بكلام حنين."
بتكتم دمـ.ـو.عها في إيديها، بس صوتها بيوصل لأوج الحزن:
ـ "فطبيعي...
طبيعي اللي من دمي، من لحمي،
اللي شايفني ضعيفة...
يصدق أي كذب*ة،
ويعمل فيا زيه...
ويمكن أبشع."
ـ "بس أنا مش السبب...
أنا كنت الضحية،
والنهارده... أنا أول مرة أقولها بصوتي."
زهرة سكتة، عينيها شاخصة ناحية الشباك، لسه صوتها بيرتجف من الاعترافات...
الدكتورة نادين (بابتسامة هادية ونبرة فيها دفء واحتواء):
ـ "برافو عليكي يا زهرة...
انتي أقوى من اللي كنتي فاكرها.
وأهم خطوة عملتيها... إنك شلتي الغشاوة وشوفتي نفسك،
عرفتي إمتى غلطتي... وإزاي.
وده أول طريق الحرية... حرية من الذنب والجلد والنـ.ـد.م."*
زهرة تبص ناحيتها بعين فيها دمعة خفيفة، بس فيها قوة ظهرت لأول مرة من جواها.
الدكتورة نادين (بنبرة تحليلية لطيفة):
ـ "بس قوليلي... لو رجع شريط الزمن،
لو اليوم ده... خرجتي وانتي سامعة كلام عاصي،
أو خرج معاكي...
تفتكري كان إيه حصل؟
تخيلي معايا يا زهرة..."
الضوء يتغير شوية، وزهرة تغمض عينيها... الموسيقى هادية تبدأ تدخل، ويبدأ مشهد الفلاش باك في خيالها.
🎞️ فلاش باك - نفس اليوم اللي حصل فيه الاعتداء - الشارع - الليل
زهرة خارجة من البيت، لابسة نفس اللبس، لكن وراها صوت عاصي بيناديها:
عاصي (بحزم وقلق):
ـ "زهرة! استني... مش هتروحي لوحدك، أنا جاي معاكي."
بصت له، وقتها قلبها كان مشوش، بس في الخيال، بتبتسم له وتقول:
زهرة:
ـ " حاضر خليك جنبي... حس انى  خايفة ومش عارفة من إيه."
عاصي يمد إيده، وهي تمسكها، ويمشوا سوا في الحديقة وتوصل ل العربية وتلاقي  الفلاشة ويكون معها دليل يحميها يظهر زياد و يمسكه عاصي  ويعترف انه الا قـ.ـتـ.ـل نيفين بالغلط .
ووقتها مافيش خطف ، مافيش عنف، مافيش سليم،امى كانت فضلت عايشة  مافيش اغت*ص*اب...
بس فيه أمان... فيه صوت عاصي، ضحكته، وجوده، وحمايته وامى .
زهرة تفتح عنيها... نفس الدمعة فيهم، بس نزلت بهدوء.
زهرة (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ "مكنش حصل حاجة...
كنت ممكن أعيش، مش أنكسر.
مكنتش اتأذيتش،
كنت شوفتني بعيون مختلفة... مش كضحية."
الدكتورة نادين (بحنية):
ـ "وهو ده الفرق بين القوة والعند...
القوة بتعرف تختار،
العند بيقفل عينيه ويمشي... حتى لو عارف النهاية."
زهرة:
ـ "وأنا...
مش هقفل عيني تاني."
تخلص زهرة وتدخل أوضة - بعد الجلسة بساعات
زهرة قاعدة عند الشباك، لابسة أبيض، شعرها مربوط، وعنيها معلقة في السما... بيدها ورقة بترسم فيها خطوط عشوائية، عنيها غرقانة في أفكار.
زهرة قاعدة لوحدها، في إيدها الموبايل... بييجي إشعار من جدها
تفتح الصورة... وتتبصم جوا عنيها:
ـ عاصي، لابس جلابية سودة، واقف جنب شجرة مانجا، ضاحك بضحكة خفيفة لكن عنيه فيها حنين... وفي الصورة كمان الجد محمد واقف جنبه، عامل حركة بإيده كأنه بيقول "شوفته؟!"
زهرة تبص للصورة، تضحك... بس ضحكة باكية... وتحط إيدها على قلبها:
زهرة (بهمس):
ـ "هو ده اللي كنت فاكراه هيرجع حياته وينسينا وانسها ...
ـ بس كل مرة بشوفه... قلبي بيتعلّق بيه أكتر."
ليه يا جدى 
رنّ الموبايل، زهرة تبص للشاشة... "جدو محمد"
زهرة (بابتسامة دافية):
ـ "ألو، يا حبيبي يا جدو... طمني؟"
محمد (بصوته الهادي):
ـ "أنا تمام يا بنتي... بس مش أنا اللي محتاج تطمني عليه."
زهرة (بهمس):
ـ "هو اتغير كده ازى ؟"
محمد:
ـ "هو مكنش محتاج يتغير... هو بس كان محتاج يثبتلك إن قلبه مش هيتقفل من حبك .
ـ وده عمله."
زهرة (بتبلع ريقها):
ـ "هو بيعمل ايه عندك وليه مرجعش ل حياته ... هو كويس؟"
محمد (بضحكة صغيرة):. 
علشان متمسكة بيك وعارف إن محدش يعرف مكانك غيرك ف لعبت لعبة معه وطلبت منه يقعد معايا في البلد منه يونسينى البيت بقى فاضي من غيركم يا بت ومنه بيتعلم عادتنا 
سألته زهرة  بلهفة  وخوف: 
إنت إلا طلبت منه يلبس الجلبية ويطلع علي الشجرة وينازل الفواكه يا جدو
ضحك الجد وقال :
ومش بس كدة، دلوقتي بيتعلم يركب حمار... ولسه بيفرق بين البصل والتوم.
ـ بس حلف إنه هيكمل... قاللي: هلبس الجلابية وأزرع... لحد ما ترضى عليا تعرفنى مكان زهرة 
لكن أنا مش ابعت ليه مكانك  غير لما تكوني إنتي عايزة تشوفي."
زهرة (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ "أنا... لسه محتارة يا جدو."
محمد:
ـ "براحتك يا بنتي... بس اوعي تضيعيه لو قلبك لسه معه ."
زهرة تسكت، عينيها بتدمع، وتهمس:
ـ "سلملي عليه..."
تقفل معه 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
---
فى مكان آخر فى  كافيه هادي على النيل، الجو دافي ونسمـ.ـا.ت خفيفة، الدنيا قبل المغرب بشوية، الشمس بتغيب بهدوء.
زينة لابسة فستان بسيط لون بــــاستيل، شعرها سايب بحرية، بتضحك بخجل وهي بتشرب عصيرها.
كريم قاعد قدامها، لابس قميص أبيض وبنطلون جينز، إيده على الترابيزة، وعينيه عليها كلها حب.
---
كريم (وهو بيبص لها بنظرة فيها تـ.ـو.تر وشوق):
ـ "زينة... أنا كنت ناوي أقولك من بدري، بس كل مرة كنت بخاف أفسد اللحظة... بس خلاص، المرة دي لازم أقولها."
زينة (بابتسامة متـ.ـو.ترة):
ـ "إيه يا كريم؟ شكلك هتقول خبر مرعـ.ـب ولا حاجة..."
كريم (يضحك، وبعدين ياخد نفس طويل):
ـ "أنا بحبك يا زينة... وعاوز أكمّل معاكِ حياتي.
أنا ماعرفتش طعم الراحة إلا وإنتِ جنبي، ولا فهمت يعني إيه أمان غير لما لقيتك بتسندي حتى من غير ما أطلب."
زينة (وشها بيتحوّل لدهشة، وبعدين خدودها تحمر):
ـ "كريم... إنت بتتكلم بجد؟"
كريم (بيقوم من مكانه وبيطلع خاتم بسيط من جيبه، وبيقول بنبرة راكبة على دق القلب):
ـ "مش بس بجد... ده أنا من يوم ما عرفتك، وأنا شايفك مراتي...مش بس حبيبتي...
هتوافقي تبقي مراتي؟"
زينة (الدمـ.ـو.ع بتنور عنيها، وبتحط إيدها على وشها):
ـ "ياااه... إنت جبتلي الكلام من قلبي...
آه يا كريم... موافقة... طبعًا موافقة."
كريم يلبّسها الخاتم، وهي بتضحك وسط دمـ.ـو.ع فرحة، والناس في الكافيه بيصفقوا بلطف، والشمس بتغيب على ابتسامتهم.
---
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
تأنى يوم تحضر زهرة الجلسة الثانية 
زهرة قاعدة، ظهرها مفرود بس عنيها فيها وجع ساكن... الدكتورة نادين بتلاحظ التغيير، بس بتسكت لحظة تستنى الكلام يطلع لوحده.
زهرة (بهمس):
ـ "هـ.ـر.بت...
مش عشانه مابحبوش،
بس عشان خايفة عليه...
خايفة يكون وجودي سبب في كسره،
في فشله، في تعبه،
أنا عندي وجع لوحدي...
بس مش هستحمل أشوفه بيتوجع عشاني."
الدكتورة نادين (بصرامة لأول مرة):
ـ "يعني قررتي تهربي؟
وتقرري مصيره من غيره؟
وإنتي شايفة إنك بتحميه؟
اللي بيحب مبيسيبش...
واللي بيهرب، بيخاف يواجه نفسه مش التاني."
زهرة (بدمعة خفيفة):
ـ "كنت حاسة إني لعنة...
لو فضل معايا، هيدفع التمن.
كنت عايزة يختار حياة أسهل...
أروح وأسيبله فرصة يبدأ من جديد."
الدكتورة نادين:
ـ "وإنتي عارفه إنك قررتي تسيبيه يختار من غير ما يكون موجود؟
الحب مش دايم سهل،
بس الاختيار من حقه... مش حقك لوحدك."
---
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
خلصت زهرة الجلسة وبقيت مستعدد تتكلم مع زينة واتصلت بيها 
مكالمة فيديو بين زينة وزهرة، زهرة قاعدة في أوضتها الجديدة، شكلها هادي بس عينيها فيها تعب، وزينة في بيتها في القاهرة، قاعدة على الكنبة وشكلها مبسوط وفرحان.
زهرة (بصوت خفيف):
ـ "حشـ.ـتـ.ـيني و  أوي..."
زينة (بحماس):
ـ "انتي فين يا مجرمة؟! ده حتى سبتيني من غير ولا وداع!"
زهرة (بتضحك وسط دمـ.ـو.ع):
ـ "كنت محتاجة أهرب حتى من صوتك...
ـ بس دايمًا صوتك بيرجعني."
زينة:
ـ "طب قوليلي... في إيه؟ شوية كده بقيتِ زهرة الهاربة من قلوب الكل؟"
زهرة (بهدوء):
عاصي عند. جدى عارفة 
ضحكت زينة طبعا عارفة وعندى خبر كمان حلو 
سألتها زهرة بلهفة 
قولى خير 
زينة (بنبرة كلها حماس وفرحة):
ـ "بصّي يا زهرة... أنا كنت ناوية أقولك من يوم ما حصل، بس استنيت لحد ما تهدي شوية..."
(تضحك بخفة)
ـ "كريم طلب إيدي، رسمي، وعيلته كمان موافقين، و... وأنا وافقت."
ـ "أيوه... قال إنه مش هيجبرني، بس هيفضل مستني.
ـ كريم ده كان أكتر شخص حس بيا من غير ما أتكلم، شافني بعد كل حاجة واتقبلني...لم عرف إن أهلك اتبنونى ولم عرف مين أهلى وانى عاوزة اثبت هويتى  حارب معايا 
ـ بس قلبي خايف ل أهله ميتقبولنيش فى حياتهم ؟... رغم أنا دلوقتي بقيت عايش في حتة تانية."
زهرة (بصوت حنين):
ـ "انتي بتحاولي تهربي من قلبك... بس قلبك مش هيسيبك."
ضحكت زينة 
هو كلامك ده لي والا لنفسك 
زهرة (بتهمس):
ـ "كل ما أقول نسيته... ألاقي صورته في قلبي بتكبر أكتر.
ـ "
زينة:
ـ "طب لو لسه بتحبيه... متأخريش القرار، متبقيش أنتي اللي سبب في وجعك ووجعه."
زهرة (بسكون):
ـ "ادعيلي يا زينة... عشان أعرف أختار قلبي مش خوفي."
زهرة (بتبتسم بنعومة رغم الألم في صوتها):
ـ "فرحتلك من قلبي يا زينة... تستاهلي كل خير، وربنا يسعدك يا حبيبتي."
زينة (بتميل شوية ناحية الشاشة، وكأنها بتقرب منها):
ـ "بس عارفة إيه اللي خلاني أحب كريم أكتر؟
لما عرف كل اللي حصل معايا وأمن بقصتى وحلف إن يجبلي حقي ولازم اثبت هوايتى ...
..
ما اتغيرش، ما عملش نفسه مش شايف، بالعكس، قالّي:
"وفضل يمدح فيك ان رغم إنك مكنش ليك علاقة بس قبلت تقف أقدم المدفع لحد ما كشفنهم كلهم 
وقالي كمان .. أنا لو في مكانها كان زماني انتهيت، مش وقفت على رجلي تاني."
وقالّي إنه لو كان مكان عاصي... مكنش سابك تمشي، كان حارب الدنيا كلها علشانك."
زهرة (صمت، وبعدين صوتها يخرج هامس):
ـ "عارفة يا زينة... يمكن عاصي عمل كده فعلاً، بس أنا... أنا اللي خفت عليه، خفت أكون وجع ليه طول عمره، زي ما كنت وجع لنفسي."
زينة (بحنية):
ـ "بس فيه فرق بين الخوف والحُب...
وأحيانًا بنخاف من الحُب نفسه... بس كريم خلاني أفهم إن اللي بيحب بجد، بيتحمل دلوقتي راسه مرفوع وهو بيقول ل أهله أنا مين وبنت مين من غير خجل وفى مقابلة يوم الخميس الجاي اهله يا زورنا ...
وعلى فكرة عاصي؟ كان بيتحمل كتير، وإنتِ الوحيدة اللي مخبية عنه مشاعرك.
زي ما أنا كنت زمان."
زهرة (تبتسم والدمعة على خدها):
ـ "هو لسه هناك؟"
زينة (بابتسامة خبيثة):
ـ "لسه... ولسه في الجلابية كمان! وجدك بيصوره ويبعتهالك كل يوم، صح؟"
زهرة (تضحك بخفة لأول مرة من فترة):
ـ "أهو... شكله اتحوّل لفلاح محترف."
زينة (بمزاح):
ـ "يبقى فاضل إنتِ... ترجعي وتشوفيه بعيون غير الخوف."وأنا هدخل على الجوالة التأنى أهل كريم 
.... 
سألتها زهرة 
هما احتمال مش يوافق لمجرد محدش كان يعرف مين أهلك طيب أهل عاصي يعملوا إيه لو عرفوا انه بيحب واحدة 
مطلقة وكانت متهمة بجريمة قـ.ـتـ.ـل واحتمال متـ.ـخـ.ـلفش 
تتبع 
كافيه في شارع جانبي هادي، فيه موسيقى خفيفة
رامي قاعد قدام اللاب توب، بيشرب قهوته. بيبص في ساعته، وقبل ما يفكر يقوم، ييجي عاصي ويقعد قدامه بسرعة، شكله مرهق وتعبان لكن عنيه مصممة .)
رامي (بابتسامة خفيفة):
ـ " فينك أخيرًا شفوتكم أنا قولت مصلحتكم خلصت معايا ونسيتونى ؟"
ابتسم عاصي  وبهدوء (من غير لف ودوران):
ـ " المرة ده جاية للمصالحة بردوا أنا محتاجك تعلّمني أراقب مكالمة فيديو...
تعلّمني أتتبع الإشارة، أعرف المكان اللي الطرف التاني بيتكلم منه."
رامي (يتفاجئ، بيرجع بظهره على الكرسي):
ـ "يعني إيه؟ حد بعتلك مكالمة فيديو؟"
عاصي (بنبرة هادية بس وراها نار):
ـ "لأ، زهرة بتكلم جده فيديو  ، أنا عايز أكون جاهز،
لو زهرة كلمت جدي تاني،
أنا عايز أعرف هي فين... قبل ما تسكت تاني وتختفي."
رامي (نبرته بقت جد):
ـ "عاصي، اللي إنت بتطلبه ده مش لعبة...
يعني هتتجسس، وهتدخل منطقة رمادية."
عاصي (يحط إيده على الترابيزة ويتكلم بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "أنا مش طالب أؤذيها...
أنا طالب أوصللها...
زهرة تعبت كفاية، وهـ.ـر.بت عشان تحميني،
بس أنا مش عاوز حمايتها... أنا عاوزها هي."
(يسكت لحظة، وعينه تلمع)
ـ "وأنا عارف إنها مش هتسمحلي أرجع بسهولة،
بس على الأقل أعرف مكانها... وأبقى قدّامها لما تحتاجني."
رامي (بعد لحظة تفكير):
ـ "طيب... أنا هعلمك.
بس بشرط..."
عاصي (بنبرة قلقة):
ـ "شرط؟"
رامي (بص له بتركيز):
ـ "لو لقيتها... متقتحمش  حياتها كده.
تستأذن الأول.
ولو قالت لأ... تحترم ده."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
زهرة (بنبرة صادقة فيها خضة):
ـ "هما... أهل كريم احتمال يوافقوا واحتمال لا ؟
... لمجرد إن محدش كان يعرف مين أهلك؟
مع إنك بنت ناس وأشرف من مليون... بس نظرة المجتمع؟"
زينة (بتسكت لحظة وتبص في الأرض):
ـ "أنا فكرت في ده... كتير.
بس لما شوفت كريم واقف زي جبل قدامي... عرفت إن الرضا مش بييجي من الناس.
رضا ربنا... وقلبي، بس."
زهرة (تبلع ريقها وعيونها تلمع):
ـ "طيب... أهل عاصي؟
لو عرفوا إنه بيحب واحدة... مطلقة،
وكانت متهمة بجريمة قـ.ـتـ.ـل،
واحتمال... متـ.ـخـ.ـلفش؟
هيعملوا إيه؟"
زينة (تبص لها بهدوء لكن في صوتها قوة):
ـ "هيعملوا اللي هما عايزينه... بس السؤال الحقيقي:
هو عاصي هيعمل إيه؟
لو هو شايف إنك عبء... يبقى ما يستاهلكيش من الأول.
ولو بيحبك بجد... هيقف قدّام الدنيا كلها عشانك."
زهرة (بهمس):
ـ "بس أنا مش عايزاه يدفع التمن...
مش مستعدة أكون السبب في حرب بينه وبين أهله."
زينة (تمد إيدها وتاخد إيد زهرة في هدوء):
ـ "مش الحب اللي بيولّع حروب...
السكوت هو اللي بيكسر.
سيبيه هو يختار، ووقتها... انتي اختاري قلبك.
متنسيش... انتي مش بس كنتِ متهمة،
انتي كنتِ ضحية... وناجية."
زهرة (عنيها تدمع):
ـ "أنا تعبت من كوني قضية...
نفسي أكون بس... بنت عادية بتحب وبتتحب."
زينة (بابتسامة فيها حنية):
ـ "وهو... شافك كده من أول يوم.
فاكرة أول مرة ، كان شايف الحقيقة، مش التهم."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
(عاصي بيقف قدام باب البيت وهو ماسك شنطة صغيرة فيها هدوم. وشه فيه نظرة تعب وحيرة. بياخد نفس طويل، ويفتح الباب بالمفتاح اللي معاه بهدوء.)
(بيمشي جوه، خطواته بطيئة... متردد، عينه بتدور في المكان كأنه بيدور على ذكرى.)
(يوصل ناحية أوضة المكتب اللي كان الجد بيستخدمها. الباب موارب، وفيه نور بسيط طالع من جوه.)
(بيوقف مكانه... بيشوف انعكاس على المراية الصغيرة اللي فوق التسريحة – زينة  قاعدة، قدام لابتوب، وبتتكلم في مكالمة فيديو. باين صوتها واضح، بس هي مش شايفاه.)
زهرة (منعكسة على المراية – صوتها هادي لكن فيه مرارة):
ـ "أنا عارفة إن أهله ممكن يكونوا عائق...
يعني، إنتي شايفة، أنا إيه بالنسبالهم؟
مطلقة، متهمة، ومش متأكدة حتى ممكن هتخلف ولا لأ."
(تسكت لحظة وتتنفس بعمق)
ـ "بس... مش قادره أطلب منه يختارني لو أهله مش موافقين،
أنا مش ناقصة وجع تاني."يبقي البعد أهم من القرب 
(عاصي قلبه بيقف. عيناه بتتسع، بياخد خطوة صغيرة لقدّام، لكنه يقف تاني، صوته الداخلي بيصـ.ـر.خ، بس لسانه ساكت.)
(الكلمـ.ـا.ت بتتردد جوه ودنه: "أهله ممكن يكونوا عائق...")
(يبص لفوق كأنه بيستجمع شجاعته، وبعد ثواني يرجع يمشي بهدوء بعيد عن الباب، من غير ما زينة  تشوفه. بيقف في الجنينة، يطلع موبايله ويتصل برقم...)
عاصي (بنبرة مصممة):
ـ "مساء الخير يا ماما... محتاج أقعد معاك ومع بابا ضروري.
في موضوع مهم... ومينفعش يستنى."
(عاصي قاعد على الكنبة، شايل الموبايل ووشه باين عليه تردد… بيفتح الرسائل وبيبدأ يكتب رسالة لأمه.)
عاصي (بصوت داخلي، بنبره تفكير):
ـ "أنا لازم أروح لهم… لازم أكلمهم عن زهرة…
اللي جاي مش سهل، ومينفعش أبص ورايا من غير ما أواجه ده."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
(يضغط على زر الاتصال، المكالمة بتطول شوية لحد ما ترد واحدة من خادمـ.ـا.ت البيت.)
الخادمة (بلهجة لبنانية ناعمة):
ـ "أهلا أستاذ عاصي، اشتقنالك كتير… بس العيلة مش هون."
عاصي (واقف فجأة، قلبه يدق):
ـ "مش هون؟ راحوا على وين؟"
الخادمة:
ـ "مدام سارة ومستر كنان  سافروا من كام يوم…
قالتلي إنها رايحة تزور صديقة قديمة إلها بتركيا،
ببلدة صغيرة اسمها 'صافران بولو'… مكان كتير حلو وهادي."
عاصي (بدهشة وتـ.ـو.تر):
ـ "تركيا؟! من غير ما يقولولي؟"
الخادمة (بهدوء):
ـ "قالت إنك مشغول… وإنها فترة صغيرة وراجعين."
(عاصي يقفل المكالمة، ويرجع يقعد ببطء، عنيه متعلقة بنقطة في الفراغ)
عاصي (بهمس):
ـ "صافران بولو… طب حتى السفر ما بقى سهل.
بس يمكن… يمكن دي علامة…
يمكن لازم أروح لحد عندهم… قبل ما يفوت الأوان."
(بيفتح اللابتوب بسرعة، ويبدأ يدور على رحلات الطيران، أصابعه بتترعش من التـ.ـو.تر، لكن عينه فيها عزيمة قوية.)
عاصي (بصوت حاسم):
ـ "أنا مش هخلي الزمن أو المسافات توقفني…
لو دي آخر محطة توصلني ليها… أنا رايح."
تمر الأيام 
الجالسة الثالثة 
زهرة سكتة، بتفرك في إيديها، زي طفلة خايفة تتكلم... الدكتورة تقرب منها بنظرة حنونة.
الدكتورة نادين:
ـ "حاسه بإيه دلوقتي؟"
زهرة (بصوت مكسور):
ـ "ذنب...
زي اللي يسـ.ـر.ق حلم حد ويهرب.
بس كنت متأكدة إن حبه ليا هيخلص بيه لنفس الطريق اللي أنا جيت منه... وجع، خيانة، جروح."
الدكتورة نادين:
ـ "بس هو مش زي اللي خدوك، ولا خانك،
هو كان سند...
وإنتي أول ما لقيتي سند...
جريتي."
زهرة:
ـ "جريت عشانه...
بس آه، كنت خايفة... يمكن أكتر من اللازم."
فى  بيت الجد عزيز، في القاهرة – الصالة متوضبة ومرتبة، في طابع ريفي بسيط.
بعد العصر، الجو فيه هدوء متـ.ـو.تر.
الحضور:
كريم ووالدته (مدام ليلى) ووالده (الأستاذ سامي)
زينة وجدها عزيز
الجد محمد (جد زهرة) حضر مخصوص للزيارة
الجد عزيز (بابتسامة فيها هيبة وترحاب):
ـ "نورتونا يا جماعة، البيت بيتكم."
الأستاذ سامي (بأدب):
ـ "ده شرف لينا يا حاج، والحقيقة كريم أصرّ إننا نيجي رسمي، وده أقل واجب."
كريم (بيبص لزينة بنظرة دافيه):
ـ "أنا ما طلبتش منكم غير اللي بحبها... ومش شايف قلبي في حد غيرها."
زينة (بتخفض عينيها، وشها بيحمر):
ـ "ربنا يقدم الخير يا كريم."
مدام ليلى (بابتسامة رسمية، لكن فيها فضول):
ـ "معلش يا زينة، ممكن أسأل سؤال؟
مين والدتك؟ أصلنا معرفناش عنها حاجة؟"
(لحظة صمت تقيلة تسيطر على المكان... زينة بتشـ.ـد في طرف إيدها، والجد عزيز بيبص للجد محمد اللي قرر يرد)
الجد محمد (بصوت هادي لكن حاسم):
ـ "زينة بنت بنتي... بنتي الوحيدة، مـ.ـا.تت وهي بتولدها... وأنا اللي ربيتها مع جوز بنتي، الحاج عزيز."
مدام ليلى (برفع حاجب وابتسامة شبه ساخرة):
ـ "بس مدام حفيدك... ما اعترفتش بيها ليه طول الوقت؟
يعني، ليه الكل بيقول إنها يتيمة؟"
(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
الجو يتـ.ـو.تر، وزينة تحس بكهربا في جـ.ـسمها، تبص لأرضها، ووشها يحمر من الإحراج)
الجد محمد (نظراته حادة، لكن صوته هادي):
ـ "مكنتش محتاج أقول إني جدها عشان أثبت قيمتها...
هي اتربّت وسط رجـ.ـا.لة، واتعلمت الكرامة من سكوتي مش من لقبي.
وأنا جيت النهارده عشان أكون شاهد، مش مجرد ضيف."
الجد عزيز (بهدوء لكنه مليان معاني):
ـ "وكل كلمة كان ساكت عنها... هي اللي عملت من زينة البنت اللي انتو شايفينها.
بنتنا، مش محتاجة لقب... محتاجة ناس تحبها وتحترمها."
كريم (بصوت واثق وهو ماسك إيد زينة):
ـ "وأنا عايزها زي ما هي... بتاريخها، بحياتها، بكل تفاصيلها.
ولو ده مش عاجب أي حد، يبقى أنا اللي مش مناسب ليكم."
مدام ليلى (تبص ليه وتتنهد):
ـ "واضح إنك واخد قرارك خلاص..."
الأستاذ سامي (بهدوء):
ـ "وإحنا جايين نفرح... مش نحاسب."
(الجو يهدى تدريجيًا... زينة ترفع عينيها لجدها محمد، تلاقيه بيبصلها بنظرة فخر وسند)
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
🎬 الجلسة الرابعة: الحقيقة المؤلمة
الدكتورة نادين (بحدة ناعمة):
ـ "عارفة يا زهرة...
أحيانًا بنفكر إن التضحية حب،
بس في الحقيقة... هي هروب.
حبك الحقيقي ليه...
كان يخليكي تحاربي،
مش تسيبيه لوحده يحارب ذكرياتك."
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "أنا ماكنتش جاهزة،
ماينفعش أكون في حـ.ـضـ.ـن حد وأنا كل ما أقفله عيني، أشوف ماضيي بيصـ.ـر.خ.
ماينفعش أكون لحب جديد، ولسه قلبي بينزف القديم."
الدكتورة نادين:
ـ "بس دلوقتي إنتي بدأتي تطهّري جرحك...
وكل خطوة بتخديها ناحية الشفاء،
هي كمان خطوة ناحيته، لو لسه واقف مستنيك."
---
تدخلي سيدة   باب المستشفى الرئيسي، لابسة جاكيت بسيط وشنطة كتف جلد، خطواتها واثقة بس ملامحها فيها تركيز وهدوء.)
تتحدث (بلهجة مهذبة):
ـ "لو سمحتي، أنا كنت جاية أشوف الدكتورة نادين. قالتلي أعدي عليها هنا النهاردة."
الممرضة (بابتسامة بسيطة وهي بتبص في دفتر المواعيد):
اسمك ايه حضرتك 
تبتسم السيدة 
قولى ليها الدكتورة سارة عزيز لوسمحتى 
تهز راسها الممرضة 
ـ "الدكتورة نادين لسه في جلسة دلوقتي، تحبي تنتظريها شوية في الكافيه؟ هو ورا الجناح ده على طول."
سارة (بابتسامة خفيفة):
ـ "ماشي، شكراً ليكي."
الممرضة (وهي بتقوم):
ـ "هبلّغها حالاً إنك وصلت، وأول ما تخلص هتيجي لحضرتك."
(سارة تومئ برأسها وتمشي بخطوات هادية ناحية الكافيه، الكاميرا تتابعها وهي بتعدي في ممر المستشفى، هدوء عام في المكان، ناس قليلة ماشية بهدوء، موسيقى هادية جدًا في الخلفية. 
وهى مشي تسمع صوت أنين زي البكاء 
كانت إنتهت  زهرة من الجالسة ولجيت ل ربنا 
ساجدة على سجادة الصلاة، دمـ.ـو.عها نازلة وهي بتدعي، ملامحها فيها خضوع وتسليم… بعد شوية تخلص، تطوي السجادة بهدوء، وتحمل مصحف صغير وتخرج للحديقة.)
(تقعد على طرف دايرة زرع، تفتح المصحف، وتبدأ تقرأ بصوت خافت، في خشوع. 
لفت سارة (بابتسامة خفيفة):
– "مش غريبة تكوني قريبة كده من رب الكون… وهنا؟"
(زهرة تبص لها، تضحك بخجل وهدوء، صوتها فيه صدق دافي.)
زهرة:
– "فعلاً… ربنا هو أكتر واحد لازم نرجع له… وقت ما نحس إن مفيش أمل… أو مفيش ضهر.
بس أنا مش هنا لأني فقدت الأمل…
أنا هنا… مش معنى كدة انى ملقتش حد أتكلم معاه وأنا جوّه الزحمة."
سارة (بتقرب وتقعد جنبها):
– "طيب… ليه آنتي هنا؟"
زهرة (تبتسم بهدوء ونظرتها على ورق المصحف):
– "عشان أسيب فرصة لشاب يشوف غيري…
هـ.ـر.بت منه… عشان هو رفض يسيبني."
سارة (تستغرب):
– "وليه تهربي منه… مادام بيحبك كده؟"
زهرة (تبص لها وتتنهد):
– "حضرتك عندك أولاد؟"
سارة (تهز راسها بابتسامة فخورة):
– "عندي… ولد وبنت.
ابني دكتور في جامعة في مصر… وبنتي بتدرس في أوروبا."
زهرة (بصدق):
– "ربنا يبـ.ـارك فيهم يا رب."
(وبعد لحظة صمت، تبص لها بعين حزينة وتقول بنبرة مكسورة):
– "تقبلي ابنك يحب واحدة…
كانت متجوزة…
وجوزها اغت*ص*بها؟
وجُرح*ت في رحمها؟
وحملت… وسق*طت؟
واتسجنت في جري*مة ق*تل؟"
(سارة تسكت، عينيها تلمع، تتنهد وهي بتحاول ترد، لكن مش قادرة.)
سارة (بصوت وا.طـ.ـي):
– "عشان كده… آنتي جيتي هنا؟"
زهرة (تهز راسها بالإيجاب):
– "أنا اتثبتت براءتي… وفي نفس اليوم… عرفت إني حامل… وسقطت.
وكان في شاب… بيحبني… آمن ببراءتي… عمل المستحيل عشان يطلعني.
بس… معرفتش أربطه بيا…
ولا أخليه يعيش القرار ده…
يختار بيني وبين أهله."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
(سارة تمد إيدها وتربت على كتف زهرة بحنان أمومي، دمـ.ـو.عها في عينيها.)
سارة:
– "آنتي قلبك طيب… ومع ربنا…
وأنا متأكدة إنك هتكوني زهرة في أي بيت.
ومهما كانت الظروف اللي مريتي بيها…
هتلاقي قلوب بتحبك بجد.
أنا عن نفسي… حبيتك لله…
وبعد اللي سمعته…
أتمنى تبقي من نصيب ابني.
لأني اتعلمت منك درس النهاردة…
إن الأم كانت بنت…
وكانت ممكن تبقى مكانك…
بس بننسى… بنسى لما نبقى أم… وبنخاف زيادة، ونظلم."
زهرة (بصوت خافت وضحكة خفيفة من غير فرحة):
– "شكراً على المجاملة…
بس أنا مش هحط نفسي في اختبـ.ـار…
يمكن أنجح… ويمكن لأ…
فاهماني؟"
(سارة تبتسم بحزن، وتبص للمصحف اللي في إيد زهرة، وتسكت، بس في عنيها احترام كبير ليها تتركها .)
وتتجه سارة عند كافية المستشفى ، تبص حواليها، تختار ترابيزة جنب الشباك، تقعد وتخرج دفتر صغير من شنطتها، تفتحه وتبص فيه، تكتب ملاحظة صغيرة كأنها بتجهز نفسها للجلسة.)
الممرضة  تخبط على باب مكتب نادين، تدخله بهدوء وتقول بهمس وهي بتبتسم):
ـ "دكتورة نادين، دكتورة سارة وصلت، وبتنتظر حضرتك في الكافيه."
(نادين تبتسم وتومئ برأسها):
ـ "تمام، شكراً ليكي."
تتجه نادين إليها  (بابتسامة دافية وهي ماشية ناحيتها):
ـ " مش معقول  أخيراً النور نور! سارة بنفسها!"
سارة (ترفع رأسها وتضحك بخفة):
ـ "نادين! والله واحشاني من آخر مؤتمر شوفناك فيه."
(نادين تقعد قصادها وتفرد إيديها على الترابيزة بحماس بسيط.)
ـ "إنتي اللي واحشتيني يا بنتي! قلت أدعيلك تشاركيني في الجلسات، لقيتك بتتحققيلي زيارة كده من السما."
سارة (بابتسامة ناعمة):
ـ "بصراحة لما قلتِلي عن النموذج اللي عندك هنا… اتحمست. محتاجة أرجع أشتغل في الجو اللي فيه إنسانية أكتر من الورق. وكمان تركي ومدينة صافران بولو
جميله زى ده أنا عن نفسي نفسيتى ارتاحت فيها "
نادين (بتومئ برأسها وملامحها فيها جدية):
ـ "وعندنا هنا حالة بجد تستحق المراقبة والدعم. اسمها زهرة. داخلة في مرحلة مهمة، ومحتاجة سند ناعم وعقل فاهم زيك."
سارة (بترفع حاجبها باهتمام):
ـ "إيه اللي بيميزها؟"
نادين (بتاخد نفس عميق):
ـ "واجِهت صدمـ.ـا.ت متتالية، من كل الاتجاهات. بس لسه فيها أمل... فيه نور تحت الرماد. ودي مش حاجة بتشوفيها كل يوم."
سارة (بصوت فيه حنية وفضول):
ـ "حابة أقابلها. بس مش من باب الاستشارة، من باب المشاركة. لو تحبي أدخل معاك الجلسة النهاردة."
نادين (تضحك بهدوء):
ـ "ده كان هدفي من الأول. تعالى نبدأ الجلسة مع بعض ونشوف تأثيرك هيكون إزاي. بكرة الجالسة لكن ممكن آنتى تتجولى فى المكان "
هزت راسها سارة بالتأكيد
سارة (بتبتسم وترد على المكالمة):
– "حبيبي، اشتقت إليك… إيه الغيبة دي؟ يا عمري، مصر أخدت مني."
(الكاميرا تنتقل إلى عاصي الذي يظهر على الطرف الآخر من المكالمة، مبتسمًا بخفة وهو في مكان ما، يتحدث بحب.)
عاصي (بصوت دافئ وعاطفي):
– "ما أنا دايمًا بتكلم معاكِ يا أمي وعارفة كل كبيرة وصغيرة… لكن إنتِ سافرت فين؟ وليه ما قلتِ لي؟"
(سارة تبتسم بخفة، وابتسامتها تتحول إلى لهجة لبنانية خفيفة.)
سارة (بتتكلم بلهجة لبنانية):
– "جيت أحضر مع صديقي لي عزيز فتح مشفى للمرضى النفسيين في تركيا، كانت عاوزة تاخد رأيي في شوية حالات عندها وطريقة العلاج. وابوك راح لتوأم روحه."
(يضحك عاصي على الطرف الآخر من الهاتف.)
عاصي (بضحكة صغيرة):
– "صح! طبعًا هي تشتاق ليها كتير. أما أنا ميسأل عني؟ طيب، هترجعي إمتى؟"
(سارة تهز رأسها بابتسامة حزينة.)
سارة:
– "بإذن الله، أخلص وأجي، أنا وابوك وعيون على القاهرة. نفسي أشوف أبوي وبنات أخوي… إلا طلعوا من تحت الأرض. كنت زمان نفسي علاقتي تكون حلوة مع عصام وأبوي، لكن ما تصورتش إن أخوي يكون عنده بنتين ويعيشوا كل واحد في عالم تاني. دول محتاجين جلسات نفسية، وكمان تأهيل."
(يضحك عاصي من الطرف الآخر.)
عاصي (بمزاح):
– "حبيبتي كمان عاوزة منك ده."
(سارة تضحك بخفة، لكنها تُفاجأ وتبتسم بحيرة.)
سارة (مستغربة):
– "حبيبتك؟ إنت حبيت؟ هي مين؟"
(في اللحظة التي تبدأ سارة في الاستفسار، يظهر شيء غريب أمامها، وهي تكاد تتعثر في سلك كهربي مكشوف . بسرعة، يظهر شخص آخر، ويُمسك بيدها.)
زهرة (بابتسامة هادئة، وهي تمسك يد سارة بلطف):
– "حسبي ، لو سمحتِ، خلي بالك."
تتبع
حديقة المستشفى - وقت الغداء، الجو مشمس والهواء عليل، الزرع محاوط المكان، والناس قاعدة في الكافيه اللي على بسين صغير بيطل عليه حمام السباحة
كانت سارة ماشية بتكلم في التليفون، عيونها مش مركّزة في الأرض، وخطوتها ماشية ناحية منطقة فيها صندوق كهرباء مكشوف وسلك نازل منه وواصل لحد طرف البسين، الوضع خطر لكن مش باين للعين بسهولة
زهرة كانت لسه خارجة من الكافتيريا، ماسكة صينيتها فيها طبق أكل وعلبة عصير، ماشية بنفس الطريق
وفي لحظة، شافت سارة ماشية في اتجاه السلك!
🧕🏻 زهرة (بصوت عالي متـ.ـو.تر):
"مدام خدي بالك! استني!"
(رمت الصينية على الأرض وجريت بكل قوتها، وهي بتشاور على السلك المكشوف اللي مايل نحية البسين. سارة كانت على بعد خطوة صغيرة منه، ولا حاسة بأي حاجة)
📞 سارة (على التليفون):
"آه حبيبي... مين حبيبتك ده ..."
(فجأة زهرة تمسك إيد سارة بقوة، وتشـ.ـدها ناحية الوراء، لحظة إنقاذ لكنها مش محسوبة، وإيد زهرة تلمس الصندوق الكهربائي من الجنب)
⚡ صوت شرارة قوية وضـ.ـر.بة كهرباء عنيفة تهز المكان...
زهرة تقع على الأرض وهي جسدها بيتهز من الكهرباء، صراخ بيملأ المكان، الناس بتقوم من أماكنها، الممرضة بتجري من جوه، الدكتور المناوب بيصـ.ـر.خ ينده على الإسعاف
👩🏻‍⚕️ سارة (مصدومة، بتترعش):
"لاااااااااا...!!"
(بتبص لإيدها اللي زهرة كانت ماسكاها، وبصت لوشها اللي بدأ يتغير لونه، وباين إنها فقدت الوعي، وكل دا حصل في لحظة. التليفون بتاع سارة بيقع جنب رجليها)
الممرضة تجري وتحاول تفتح النفس لزهرة، وتحطها على جنب... الدكتور بيطلب فورا عربية إسعاف لمستشفى متخصص في الصدمـ.ـا.ت الكهربائية القريبة.
🚑 عربية الإسعاف توصل بسرعة، ويحطوا زهرة على النقالة، جهاز تنظيم ضـ.ـر.بات القلب شغال، والنبض ضعيف.
👩🏻‍⚕️ سارة (وهي قاعدة على الكرسي، إيديها متشابكة على صدرها، بتنهج):
"أنا... أنا اللي كان ممكن أكون مكانها...
كانت أنقذتني... من غير ما تعرفني حتى..."
بصت للدكتور اللي واقف بيطمنها، والدمـ.ـو.ع في عينيها
👩🏻‍⚕️ "لو كانت بعدت لحظة... كنت أنا اللي في العربية دي دلوقتي كنت أنا نايمة مكانها "
👩‍⚕️ الممرضة:
"دكتورة نادين! حصل حادث في الحديقة... حالة كهرباء شـ.ـديدة... جت بعربية إسعاف ولسه بيدخلوها الإنعاش، بيقولوا كانت بتحاول تنقذ حد!"
👩‍⚕️ نادين (مرعوبة):
"إيه؟! مين؟ مين اللي اتكهرب؟!"
(تقوم بسرعة وتجري ناحية الطوارئ)
(نادين توصل لقسم الطوارئ، تلاقي الدكتور عصام واقف مع المدير العام وبيتكلموا مع الفريق الطبي، والدكاترة بيتحركوا حوالين السرير، وفي حالة استنفار)
👩‍⚕️ نادين (بصوت عالي):
"فين الحالة؟ اسمها إيه؟!"
👨‍⚕️ ممرض:
"الاسم زهرة... زهرة صالح محمد "
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
(تجمدت نادين، عيونها توسعت من الصدمة، خطواتها تقيلة وهي ماشية للسرير تشوفها، ولما شافتها، اتسمرت مكانها)
👩‍⚕️ نادين (بصدمة وهمس):
"مش ممكن... دي زهرة...! دي هي!"
(في نفس اللحظة تيجي سارة، ملامحها باينه عليها الصدمة والدمـ.ـو.ع، تقابل نادين)
👩🏻‍⚕️ سارة (منهارة):
"نادين... البنت دي... البنت دي ضحت بنفسها عشاني... أنا كنت هقع على السلك وهي شـ.ـدتني، أنقذتني وهي ما تعرفنيش حتى..."
(المدير بيبدأ يتكلم مع عصام، وتبدأ تحقيقات فورية حوالين الكابل المكشوف والإهمال)
👨‍⚕️ المدير العام:
"دى كارثة... سلك كهرباء مكشوف عند حمام السباحة؟ ده إهمال يعرّض حياة كل الموجودين هنا للخطر! لازم يتحقق في الموضوع فورًا."
(وفجأة... سارة تبص لعصام، ملامحه لفتت نظرها، وشه، طريقه وقفته، صوته... تبطأ في خطواتها وهي بتقرب، قلبها بيدق بسرعة)
👩🏻‍⚕️ سارة (بصدمة ودهشة):
"مش معقول... أخويا؟! عصام؟!"
(عصام يلف ليها، مستغرب تمامًا، بيقرب منها وهو مش فاهم)
👨‍⚕️ عصام:
"حضرتك بخير؟ محتاجة دكتور؟"
نادين تدخل بسرعة تحاول تسيطر على الموقف
👩‍⚕️ نادين:
"أكيد الصدمة مأثرة على الدكتورة سارة... تعالي معايا يا سارة، نرتاح شوية"
👩🏻‍⚕️ سارة (بصوت عالي، وهي تمسك وش عصام):
"مش ممكن... مش معقول... أخويا لسه عايش؟! إنت موت من ١٥ سنة في انفجار عربية! إزاي؟!"
(عصام يبعد بإيده، ووشه يبان عليه الارتباك والوجع)
👨‍⚕️ عصام (بتنهيدة):
"أنا... أنا فعلاً عملت حادثة من سنين... صحيت بعدها ومافتكرتش أي حاجة عن حياتي... نادين لقتني مصاب وقدرت تنقذني... وساعدتني أبدأ من جديد... بس أنا مش فاكر أنا كنت مين..."
(سارة تنهار، تحط إيدها على وشها وتعيط من الصدمة، بصوت مختنق):
👩🏻‍⚕️ سارة:
"يعني أخويا كان عايش وأنا ماكنتش أعرف؟! سنين وأنا بدعيلك... بالرحمة وبابا موجوعة ..."
👩‍⚕️ نادين (بحنان):
"تعالي معايا جوه يا سارة، نهدى ونتكلم... وفي حاجة لازم تشوفيها"
👩🏻‍⚕️ سارة:
"بس البنت اللي أنقذتني؟! حصلها إيه؟!"
👩‍⚕️ نادين (بابتسامة فيها دمـ.ـو.ع):
"اسمها زهرة... زهرة اللي أنقذتك يا سارة..."
(سارة قاعدة على الكنبة في مكتب نادين، متـ.ـو.ترة، عيونها شايلة دمـ.ـو.ع كتير، إيديها في حـ.ـضـ.ـنها، بتحاول تستوعب اللي حصل... نادين واقفة قصادها، ماسكة مج بميّة، وبتناولها)
👩‍⚕️ نادين:
"اشربي بس الأول يا سارة... أنا عارفة إن اليوم كان صعب، بس لازم ت عـ.ـر.في كل حاجة بهدوء"
👩🏻‍⚕️ سارة (بصوت مهزوز):
"إنتي قولتيلي إن جوزك اسمه عصام... مش كده؟"
👩‍⚕️ نادين (بتتنهد):
"أيوه... عصام... قابلته من ١٤ سنة تقريبًا، وقتها كان في حادثة كبيرة، إصابة في الدماغ... فقد الذاكرة، مكنش فاكر أي حاجة عن حياته اللي قبل الحادثة..."
👩🏻‍⚕️ سارة (وشها بيشـ.ـد، بتقوم من مكانها):
"وانتي... وانتي ما حاولتيش ت عـ.ـر.في أهله؟ تسألي هو كان مين؟"
👩‍⚕️ نادين:
"حاولت كتير، بس الحادثة كانت في منطقة نائية، ومفيش أي أوراق تثبت هويته... حبيته وهو فقدان الذاكرة فضلت سنين نسأل وبعت كده سافرت بيه ل لبنان وبعد كده جيت هنا وهو لما أقطع الامل قالي انا اعتبرك كل حاجه ليا ... واتجوزته... وساعدته يبدأ حياة جديدة"
(سارة دمـ.ـو.عها بتنزل، بتقرب منها وبتبص في عينيها):
👩🏻‍⚕️ سارة:
"هو عنده علامة تحت دراعه الشمال... جرح كبير كان زمانه عمله وهو صغير... وكان بيحب يرسم، ويروح البحر... وكان دايمًا يقولي إن نفسيته بتروق وهو بيسمع صوت المية..."
(نادين بتتجمد مكانها، وعنيها توسعت):
👩‍⚕️ نادين (بصوت خافت):
"آه... آه... فعلاً عنده الجرح ده... ولسه بيرسم... حتى مكتبه كله اسكتشات"
(سارة دمـ.ـو.عها تغلبها، بتقعد تاني وهي بتبكي)
👩🏻‍⚕️ سارة:
"يبقى هو... هو أخويا... عصام... اللي افتكرته مـ.ـا.ت من ١٥ سنة... كنت بدعيله كل يوم... وقلبي عمره ما صدق إنه مـ.ـا.ت"
(نادين تقرب منها، تحط إيدها على كتفها بحنان، وعيونها باينه فيها صدمة وفرحة مع حزن):
👩‍⚕️ نادين:
"هو فعلاً مالوش أي ذكرى من الماضي... بس ممكن نفتّحله باب للحقيقة... ونجمعكم تاني"
👩🏻‍⚕️ سارة:
"أنا مش مصدقة... كنت بشتاقله وأنا حتى مش عارفة إن كان لسه عايش... دلوقتي لقيته... وفي نفس اللحظة دي بنت غريبة أنقذت حياتي..."
(نادين بتاخد نفس طويل):
"البنت الغريبة دي مش غريبة... دي بقت جزء من حياتنا... زهرة أنقذت روحك، ويمكن ربنا بعتك هنا عشان ترجعي روح أخوكي" واحتمال فى حد عارف ان عصام كان أخوكى وإلا حصل بفعل فاعل عشان مت عـ.ـر.فيش إنه أخوكى 
يدخل عصام ويسمع كلامهم يقعد على الكرسي، ملامحه شاردة، تطلع سارة صورة ل عصام 
صورة قديمة 
👨‍⚕️ عصام (بيرفع عينه، صوته فيه ارتباك وفضول):
"حضرتك... سارة؟"
👩🏻‍⚕️ سارة (بحزن ودمـ.ـو.ع):
"مش حضرتك... أنا أختك يا عصام... سارة... اختك اللي اتقطعت من الدنيا من يوم الحادثة دي..."
(عصام بيبص لها بذهول، دمـ.ـو.عه بتلمع، بيقوم يقف قدامها، بس متردد):
👨‍⚕️ عصام:
"بس... أنا مش فاكر أي حاجة... ولا حتى عن نفسي..."
👩🏻‍⚕️ سارة:
"أنا هفكرك... هحكيلك كل حاجة... اسمعني بس"
(بيقعدوا على الكنبة... سارة بتبدأ تحكي، بإحساس):
👩🏻‍⚕️ سارة:
"إنت كنت متجوز سعاد، كانت بنت بسيطة بتحبك من قلبها، وخلفت منك بنت ... زينة... لكن للأسف دخلت حياتك واحدة خبيثة، اسمها نادية لم اتسجنت فى أوربا ... غرّتك، وقربتلك... كانت بتكره سعاد، وبتغير منها معرفتكش إنك عندك بنت لكن إنت لم رجعت ل مصر عرفت إن نادية السبب وعرفت انها السبب في موت سعاد وعرفت إنك عندك بنت ..."
(عصام بيشـ.ـد بإيده على ركبه، ملامحه بدأت تتغير كأنه عقله بيحاول يتذكر):
👨‍⚕️ عصام:
"نادية... الاسم ده بيرن في ودني..."
👩🏻‍⚕️ سارة (تكمل وهي بتحبس دمـ.ـو.عها):
"، وهي اللي دبرت الحادثة اللي قالوا فيها إنك مت وقبلها كرهتك فيا عشان انا حبيت كنان واتجوزته اصاله لبنانى ومش عارفه عملت إيه غسلت دماغك إنت وبابا وكرهتكم فيا ... وفضلنا سنين بعيد عنكم لكن قبل ما تموت انت زرتنى وقولت لي سامحنى وطلبت منى اودكم وبعد كده عرفت بخبر موتك قلبى اتقطع نصدق إنك راح، وكنت كل يوم بدعيلك، وقلبي بيقولي إنك عايش"
(عصام بيقوم يمشي خطوتين، عينه على الأرض، صوته وا.طـ.ـي):
👨‍⚕️ عصام:
"يعني... عندي بنت ؟ وبقالهم سنين من غيري؟"
👩🏻‍⚕️ سارة (بتقرب منه):
"عندك بنت تأنى اسمها ياسمين ده بنت نادية وقصتها مش فاهمها آوى لكن بابا هو إلا يعرف هو وعاصي ...
(عصام قاعد على الكرسي، ملامحه شاردة، ماسك صورة قديمة جابتها له نادين من شنطة سارة، فيها سارة وهو صغيرين... الباب بيخبط بخفة، وتدخل سارة بخطوات مترددة)
👨‍⚕️ عصام (بيرفع عينه، صوته فيه ارتباك وفضول):
"حضرتك... سارة؟"
👩🏻‍⚕️ سارة (بحزن ودمـ.ـو.ع):
"مش حضرتك... أنا أختك يا عصام... سارة... اختك اللي اتقطعت من الدنيا من يوم الحادثة دي..."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
(عصام بيبص لها بذهول، دمـ.ـو.عه بتلمع، بيقوم يقف قدامها، بس متردد):
👨‍⚕️ عصام:
"بس... أنا مش فاكر أي حاجة... ولا حتى عن نفسي..."
👩🏻‍⚕️ سارة:
"أنا هفكرك... هحكيلك كل حاجة... اسمعني بس"
(بيقعدوا على الكنبة... سارة بتبدأ تحكي، بإحساس):
👩🏻‍⚕️ سارة:
"إنت كنت متجوز سعاد، كانت بنت بسيطة بتحبك من قلبها، وخلفت منك بنتين... رنا وزينة... لكن للأسف دخلت حياتك واحدة خبيثة، اسمها نادية... غرّتك، وقربتلك... كانت بتكره سعاد، وبتغير منها..."
(عصام بيشـ.ـد بإيده على ركبه، ملامحه بدأت تتغير كأنه عقله بيحاول يتذكر):
👨‍⚕️ عصام:
"نادية... الاسم ده بيرن في ودني..."
👩🏻‍⚕️ سارة (تكمل وهي بتحبس دمـ.ـو.عها):
"نادية دي لعبت عليك، وبعدت بينك وبين مراتك وبناتك، وهي اللي دبرت الحادثة اللي قالوا فيها إنك مت... وفضلنا سنين نصدق إنك راح، وكنت كل يوم بدعيلك، وقلبي بيقولي إنك عايش"
(عصام بيقوم يمشي خطوتين، عينه على الأرض، صوته وا.طـ.ـي):
👨‍⚕️ عصام:
"يعني... عندي بنتين؟ وبقالهم سنين من غيري؟"
(عصام بيسكت شوية، وبعدين يقول بصوت مكسور):
👨‍⚕️ عصام:
"كل ده ضاع مني... سنين من عمري، من حب ولادي... وكنت بعيد عنهم... وناس كانت بتلعب بيا وأنا مش داري..."
👩🏻‍⚕️ سارة (بتحـ.ـضـ.ـنه):
"بس لسه في وقت... ربنا رجعك... علشان تعوضهم... ترجع أبوهم... وتاخد حقك وحقهم"
(عصام بيبكي لأول مرة من سنين، وبيقول):
👨‍⚕️ عصام:
"أنا لازم أشوفهم... لازم أقابل بناتي... لازم أضمهم لحـ.ـضـ.ـني"
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
(زينة قاعدة على الكرسي الخشب وسط الجنينة، فستانها بسيط، شعرها ملموم، بس عينيها فيها زعل... بتبص على الباب كأنها مستنية حد... وفجأة يدخل عاصي، لابس كاجوال بس شكله متـ.ـو.تر)
👩🏻 زينة (بصوت هادي لكن فيه عتاب):
"إنت جيت؟"
👨🏻‍🦱 عاصي (بياخد نفس عميق):
"كان لازم أجي، حتى لو متأخر..."
👩🏻 زينة (وقفت، بصوتها المكسور):
"طب ليه مجيتش بدري؟ ليه مكنتش معايا وقت ما كل الناس كانت حواليا؟ يوم زي ده... كنت محتاجاك جنبي"
(عاصي يقرب منها، ملامحه حزينة، صوته فيه تأنيب):
👨🏻‍🦱 عاصي:
"أنا آسف... كنت بحاول أكلم ماما... من وقت طويل وهي سايبة بيروت، وسفرت فجأة... ولما كلمتها أخيرًا، قالتلي إنها رايحة مستشفى في تركيا تساعد صديقتها الدكتورة نادين، لكن وهي هناك حصلت حاجة... حاجة خلت قلبي يقع"
👩🏻 زينة (بقلق):
"خير؟ حصل لها إيه؟"
عاصي مش عارف لسه هتصل بيها 
قاعدين الدكتورة نادين وعصام وسارة، بيتكلموا سوا. فجأة، رن تليفون المستشفى، وردت الدكتورة نادين على المكالمة. اتغيرت ملامحها للقلق والاهتمام.
وقبل ما يرد، بيرن موبايله... عاصي يبص عليه، يرد بسرعة):
📞
👨🏻‍🦱 عاصي:
"ماما؟ طمنيني، إنتي بخير؟"
👩🏻‍🦱 سارة (بصوت مرهق لكنه مطمئن):
"أنا بخير يا عاصي... الحمد لله... 
"مفيش... كنت هقع في كابل كهربا جنب البسين، والبنت أنقذتنى اتصابت بصعقة كهربا ونقلوها للمستشفى..."
(عاصي انفزع ):
:
"يا نهار أبيض... مين البنت دي؟"
ردت سارة  فى حاجه تأنى  يا أبنى 
. عصام... أخويا... خالك طلع عايشة  أبو زينة... كان عايش وافتكرنا إنه مـ.ـا.ت من 15 سنة... وطلع فقد الذاكرة وكان شريك نادين في المستشفى... بس دلوقتي عرفنا الحقيقة ..."
عاصي اتصـ.ـد.م، وبدأ يحلل الموقف بسرعة. فكر إن الناس اللي كانوا بيحاولوا يسيطروا على كل حاجة كانوا عارفين إن خاله عايش، وكانوا بيحاولوا يتخلصوا منه.
قاطعت نادين كلامهم وقالت: "لازم نروح المستشفى دلوقتي، فيه حالة طارئة محتاجة وجودنا". قاموا كلهم بسرعة، واستعدوا يروحوا المستشفى.
(
(عاصي قاعد على الكرسي من الصدمة، وزينة لسه مش فاهمة وبتقرب):
👩🏻 زينة:
"في إيه؟ مين اللي كان بيتكلم؟"
(عاصي رفع عينه ليها، ووشه مشوش لكن فيه لمعة فهم):
👨🏻‍🦱 عاصي (بصوت مبحوح):
"كان اتصال من ماما... و... زينة فى خبر أنا مش عارف استوعبه ... أبوكي عايش"
(زينة سابت نفسها تقع على الكرسي، عنيها تدمع):
👩🏻 زينة (بهمس):
"بابا ؟... عايش؟!"
(يسود الصمت لحظات... غير لمعة الدمـ.ـو.ع في عينيهم، ودقات قلبهم اللي بتعلي في اللحظة)
(عاصي مد إيده، مسك إيدها):
👨🏻‍🦱 عاصي:
"القدر دايمًا بيرجع اللي ضاع... حتى لو بعد سنين"
[: وصلت الدكتورة سارة ونادين إلى المستشفى، وذهبتا إلى غرفة زهرة. 
قابلهم الطبيب 
الدكتور : "اتعرضتي لصاعقة كهربائية، بس الحمدلله الصاعقة مكنش قوية أوي، وربنا ستر. كان في لحظة قلبك وقف، بس قدر الله وما شاء فعل".
الدكتورة سارة بدمـ.ـو.ع : "
 انقذتنى  أنا مش عارفه لو كنت اتعرضت أنا للصاعق الكهرباء كان إيه إلا حصلي 
شرح الدكتور 
لما الإنسان يتعرض لصاعقة كهربائية، بيحصل تدمير للأنسجة والخلايا. الصاعقة بتسبب حروق داخلية وخارجية، وبتأثر على القلب والجهاز العصبي. لو الصاعقة قوية، ممكن تسبب توقف القلب أو تنفس غير منتظم. بس في حالت زهرة ، الحمدلله، الصاعقة مكنتش قوية أوي، واتقدمنا الإسعافات اللازمة بسرعة".
قابلتهم الممرضة (بابتسامة تخفي القلق): ـ "
انا الا اتصلت بيكم  الحمد لله، زهرة صحت."
نادين (مبتهجة لكن بتعب): ـ "إيه؟! الحمد لله، يعني هي بخير؟"
سارة (بتنفس عميق): ـ "يلا بينا، لازم نتأكد."
تدخل الدكتورة سارة ونادين بسرعة، بينما الممرضة تفتح الباب لهم. زهرة مستلقية على السرير، مغمضة العينين ولكن تنبض بصوت خافت. سارة تقترب منها بهدوء، وتلمس يدها برفق.
سارة (بهمسات): ـ إنتي بخير يا بنتى ؟"
🧕🏻زهرة (بصوت ضعيف لكن واضح): ـ "آه... أنا بخير ."
نادين (بتنهد): ـ "حاسه بيها طمنيني عليكي ؟"
🧕🏻زهرة (بصوت خافت، مبتسمة): ـ "أحسن... الحمد لله... بس... كنت خايفة... كنت حاسة إني ممكن أروح."
سارة (بتفكير): ـ "الحمد لله، ليه رميت نفسك في الخطر... الصاعق الكهربائي كان ممكن يكون أقوى من كده... لقدر الله، كان قلبك ممكن يقف."
نادين (مبتهجة مع دمعة في عيونها): ـ "إحنا محظوظين، الحمد لله على كل شيء."
🧕🏻زهرة (بتبتسم بصعوبة): ـ "أنتوا... انتوا جايتوا علشان تتابعوني؟"
سارة (بنظرة مليئة بالحنان): ـ "آنتى أنقذتني روحى  وعشان كدة  هنكون معاك. وإنتي دلوقتي في أيد أمينة."
نادين (بحزم): ـ "إحنا هنطمن عليك ونشوف حالتك عن كثب. مش هنسيبك لحد ما تتعافي."
🧕🏻زهرة (بتأمل في وجوههم بتعب، ثم تتنهد): ـ "
متشكرنيش اللي  على الا حصل ده... كله بيبقى حكمة من ربك .. ورغم كل حاجة... أنا عاوزة أكون بخير وارجع عند جدى 
"
نادين (برفق): ـ "كلنا بنمر بمراحل صعبة في الحياة، لكن زي ما شفتي النهاردة، ربنا موجود، وكلنا هنا علشانك."
سارة  (بتطمئنها): ـ "إحنا هنا علشان نساعدك، ونمشي معاك في كل خطوة وانا اتابع معاكى كل الجلسات الباقي نامى وارتاحي ."
🧕🏻زهرة تغلق عينيها وتستسلم للنوم مع شعور بالراحة، وتعرف أن هناك من يهتم بها.
مكتب ضيق، مكتوب عليه "مكتب التحقيقات").  بيقعد المحقق على مكتبه،  بيشرب قهوة،  بيرن جرس التليفون. بيرد المحقق)
 ألو... أيوة يا أفنـ.ـد.م... إيه الحكاية دي؟..
المتصل 
متقدم . شكوى ضد مستشفى نفسي؟... 
رد المحقق 
طب استنى أكتب البيانات...  تمام...  هروح هناك حالا...  مع السلامة.
(بيقوم المحقق من على مكتبه،  بيلبس جاكيته،  بيخرج من المكتب.  بيوصل المستشفى، .  بيشوف ناس كتير واقفة برة،  بتتكلم بصوت عالي.  بيقرب منهم المحقق)
المحقق: (بصوت هادي)  صباح الخير،  في إيه كل ده؟
مريـ.ـض 1: (بصوت مبحوح)  يا باشا،  اللي بيحصل هنا مفيش كلام عليه!  إهمال،  قلة اهتمام،  مبياكلوكيش كويس،  مبيدوكيش علاجك،  بيسيبوكي تتعذب!
مريـ.ـض 2:  أيوة يا باشا،  حنا بنموت هنا بالبطيء!  مفيش رعاية صحية،  مفيش دكاترة كويسين،  كلها كلام!
مريـ.ـض 3:  يا باشا،  أنا شوفت بأم عيني واحد منهم بيضـ.ـر.ب مريـ.ـض تاني!  والله العظيم!
(بيقرب المحقق أكتر،  بيسمع كلام المرضى،  بيلاحظ  علامـ.ـا.ت الإهمال على المكان.  بيشوف واحد من الممرضين بيجري بعيد)
المحقق: (بصوت حازم)  اهدوا كلكم،  أنا هأخد بياناتكم كلها،  وهشوف بنفسي اللي بيحصل هنا.  محدش هيقدر يهرب من العقاب.  دلوقتي،  عايز كل واحد فيكم يجي يكتب اسمه ورقم تلفونه ويشرح شكواه بالتفصيل.  مفهوم؟
(بيبدأ المرضى يكتبوا بياناتهم،  المحقق بيبص حواليه،  بيلاحظ  الوضع الكارثي للمستشفى،  بيقرر التحقيق بشكل أعمق)
 يوصل الخبر عند عصام والدكتورة نادين 
تتبع
عصام واقف قدام الشباك، ماسك فنجان قهوة بإيده، ووشه فيه قلق واضح. نادين قاعدة على المكتب، بتراجع ملفات، لكن عينيها بتروح وتيجي ناحية عصام.
يدخل أحد الموظفين بسرعة، صوته متـ.ـو.تر:
الموظف:
ـ دكتور عصام! دكتورة نادين! لازم تعرفوا... المحقق وصل وبيحقق في شكاوى المرضى!
(نظرة صدمة بتظهر على وش نادين، عصام بيبص له بتركيز)
نادين (بحدة):
ـ شكاوى إيه؟! وإزاي توصل لمحضر تحقيق من غير ما نعرف؟
الموظف (بتـ.ـو.تر):
ـ المرضى اشتكوا رسمي، في ضـ.ـر.ب وإهمال وعدم صرف علاج! والموضوع كبر جدًا، والظابط  نازل بنفسه يحقق بنفسه!
(عصام بيحط الفنجان على الترابيزة، وبيتحرك بسرعة)
عصام:
ـ لازم نتصرف حالًا... نروح نشوف بنفسنا. إحنا لسه مستلمين الإدارة من كام شهر، واللي بيحصل ده ممكن يهدّ كل حاجة!
نادين:
ـ وخصوصًا إن زهرة لسه خارجة من حادث صعق كهربائي جوه المستشفى... لو ربطوا ده بالإهمال، الموضوع هيبقى كرسة.
(بيتبادلوا نظرات قلقة، بياخدوا نفس عميق ويتحركوا بسرعة ناحية ساحة المستشفى)
---
فى ساحة المستشفى، تجمع المرضى والمحقق واقف ومعاه أوراق، بيقابل عصام ونادين)
المحقق (بحزم):
ـ حضرتك الدكتور عصام؟ والدكتورة نادين؟
عصام:
ـ أيوه يا فنـ.ـد.م، أنا المسؤول الإداري، ودي دكتورة نادين المديرة الطبية.
المحقق (بياخدهم على جنب):
ـ جايلي بلاغات رسمية من أكتر من مريـ.ـض عن إهمال جسيم، وضـ.ـر.ب، وعدم صرف علاج، وحادثة صعق كهربائي حصلت من كام ساعة!
نادين (بتحاول تهدي):
ـ يا فنـ.ـد.م إحنا بنراجع كل الإجراءات، وفي تحقيق داخلي شغال، وحادثة الكهرباء كنا لسه في طريقنا نبلغ عنها رسميًا...
المحقق (بحدة):
ـ مفيش حاجة اسمها لسه... ده مستشفى للطبي النفسي يعني الراحة والاسترخاء لازم يبقى أمان قبل أي علاج...
واللي حصل ده ممكن يدخل ناس السجن.
(عصام بيشـ.ـد نفسه، بيركز بعينيه)
عصام (بهدوء حذر):
ـ أنا مش هقول غير كلمة واحدة يا فنـ.ـد.م... لو في حد جوه بيشتغل ضدنا أو ليه يد في اللي حصل، إحنا أول ناس هنسلمه بإيدينا.
(المحقق بيبص له بتركيز، ويبدأ يدون ملاحظات)
صوت المحقق وهو بيقول:
ـ لو كنتوا فعلاً مش طرف في الإهمال... لازم تساعدوني نكشف الطرف الحقيقي.
واللعبة... لسه ما خلصتش.
إحنا في بلد تركي بلد امان 
هز رأسه عصام 
مش فاهم تقصد إيه حضرتك 
ابتسم بخبث اصلك مصري 
والمصرين يعرف عنهم الإهمال، 
ابتسمت نادين وبكل ثقة باللهجه التركى تحدثت 
لكن أنا أصلي تركي وصاحبة المستشفى، وكل العاملين في المستشفى من تركيا، ودول أخرى مثل  لبنانى وسوري، وايضا المرضي مصري وعراقي وسوري ولبناني كل بلد تاتى هنا للاستشفاء والاسترخاء والبحث عن الهدوء وزيارة اسطنبول واذا بحثت في سجلت كل مكان في تركيا هتلاقي عدد زائرين تركي عراب  اكثر من أوربا والدراما التركي أكثر امكان نجحت. فيها الدول العربية، تحددين مصر، وكانت مصدر للسياحة هنا ومن يدبلج اعملنا هما العربي ف برجاء شوف عملك واسأل كل من موجود 
اتجهوا الي   ساحة المستشفى  
المحقق واقف قدام طاولة، حوالين منه طاقم المستشفى، الدكتور عصام، والدكتورة نادين، وبعض المرضى الحقيقيين. الأوراق متفرّدة قدامه، ونظراته بتتحول من التـ.ـو.تر للدهشة.
المحقق (بتساؤل):
ـ طيب خلونا نراجع تاني...
كل الأسماء اللي قدمت الشكاوى مكتوبة هنا، لكن في حاجة غريبة...
مريـ.ـض 1 (بهدوء):
ـ يا باشا، إحنا فعلاً اشتكينا زمان، لكن بعد الدكتور عصام والدكتورة نادين مسكوا الإدارة، كل حاجة اتغيرت.
مريـ.ـضة 2:
ـ أيوه، بقينا بناخد علاجنا في مواعيده، والأكل اتحسّن، وفي جلسات نفسية كويسة.
مريـ.ـض 3 (بيقولها بثقة):
ـ واللي حصل لزهرة حادث... ومش أول ولا آخر حادث يحصل في أي مستشفى... بس مفيش إهمال متعمد يا باشا.
المحقق (بيرفع عينه ببطء من الورق):
ـ استنوا... الأسماء اللي قدمت البلاغات مش موجودة في ملفات المرضى أصلًا!
نادين (بصوت هادي):
ـ إحنا اتأكدنا إن ماحدش بالمواصفات دي مقيد في ملفاتنا... ولا عمره اتعالج هنا!
عصام (بتفكير):
ـ ده معناه إن في حد بيحاول يوقع المستشفى ويشوّه سمعته... ودي مش أول مرة نحس إن في طرف تالت بيتدخل...
(المحقق يهز رأسه ببطء)
المحقق (بحسم):
ـ هفتح تحقيق جنائي موسّع في البلاغات الكيدية... واللي ورا البلاغات دي لازم يتكشف.
بعد الانتهاء قعدة هادية في مكتب صغير داخل المستشفى، سارة قاعدة جنب نادين، وعصام قدامهم، والجو فيه خليط من الدهشة والحنين.
سارة (بتبص في عيونهم وهي مترددة):
ـ "بس سؤال مهم...
إنتو متأكدين إن محدش ممكن يربط بين عصام اللي واقف قدامي... وأخويا منصور؟
يعني، لو في حد بيتابع، أو بيحاول يلزقلكم أي تهمة من اللي حصلت في المستشفى أو قبليها، مش ممكن يعرف الحقيقة؟"
نادين (بتغمض عينيها بتنهيدة):
ـ "إحنا عمرنا ما أخفينا حاجة، بس ما كناش عارفين الاسم الحقيقي...
لما لقيناه، كان عنده وشم صغير في إيده، مكتوب عليه ‘عصام’ أو رسمة شكلها كده..."
سارة (بتضحك بمرارة وبتقاطعها):
ـ "آه... الرسمة دي أنا اللي رسمتها!
كان عنده حوالي خمس سنين...
وقتها أمي أصرت تسميه 'منصور' عشان اسم جدي،
بس أنا... أنا كنت متعلقة بصاحب ليا في المدرسة، اسمه عصام، كان شاطر وأنيق،
ومن وقتها فضلت أنادي أخويا بـ‘عصام’،
ولما خفت أنسى اسمه وسط كل اللي حصل، رسمت اسمه بإيدي على جلده... بألوان حبر صعب تروح، وكل شوية أرجع ألوّن عليه من تاني."
نادين (بتبص لسارة بدهشة):
ـ "يعني ده مش وشم تاتو حقيقي؟!"
سارة (بضحكة خفيفة وسط دمـ.ـو.ع الذكريات):
ـ "لا... ده كان وعد مني لنفسي،
إن حتى لو الدنيا كلها نسيته... أنا هفضل شايلة اسمه على جلده."
عصام (بصوت فيه حنان):
ـ "وحققتي حلمك،
لما عملولي بطاقة الهوية... خلوها بــــاسم 'عصام' فعلاً،
وأنا حبيته... الاسم ده بقيت حاسس إنه ليّا بجد."
سارة (بابتسامة حزينة):
ـ "عصام اللي أنا اخترته... بقى هو اللي رجع لي أخويا،
منصور عاش في الورق... بس عصام هو اللي كبر في قلبي."
يسود الصمت للحظة، الكل متأثر، والذكريات بتملى الجو دفء وحزن جميل.
(زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
بعد أيام 
زهرة بتخرج من الباب الرئيسي ببطء، ملامحها فيها ضعف لكن وراها قوة... نادين وسارة معها دعم  بابتسامة، وفى الخلف الدكتور عصام واقف بيطمن عليها.
نادين:
ـ مشوارك لسه طويل يا زهرة، بس بداية جديدة مستنياكي... وإحنا هنفضل دايمًا سند ليكي.
(زهرة تبتسم وتدمع عيونها، وتهز راسها بامتنان)
المشهد التالي – صالة الجلسات الجماعية
الكراسي مترتبة بشكل منتظم، المرضى قاعدين في هدوء، الدكتور عصام بيبدأ الجلسة، والدكتورة نادين جنبه، وسارة بتسجل الملاحظات.
عصام (بنبرة هادية وحازمة):
ـ النهاردة أول يوم في مرحلة جديدة... إحنا مش بس بنعالج، إحنا بنبني أمل من جديد...
أنا عايز أشكر كل مريـ.ـض فضل معانا، وشارك وساعدنا نعدي المحنة.
نادين:
ـ الجلسة دي عشان نسمعكم، كل صوت مهم، وكل تجربة ليها قيمة.
(الكاميرا تتنقل بين الوجوه – فيهم خوف، وأمل، واستعداد للكلام)
الدكتور عصام (بصوت هادي ومليان احتواء):
ـ "النهاردة أول جلسة بعد التغيير الكبير اللي حصل... ووجودنا هنا مش صدفة... كل واحد فيكم ليه قصة، ليه وجع، لكن كمان ليه أمل. وده اللى جينا نحييه جوا كل حد هنا."
الدكتورة نادين (بابتسامة دافية):
ـ "هنبدأ النهاردة نسمع بعض، بدون أحكام... كل واحد يقدر يتكلم أو حتى يسكت لو مش مستعد."
المريـ.ـض الأول – “ليلى” من المغرب
(بصوت هادي، لكن عيونها بتلمع دمـ.ـو.ع):
ـ "أنا كنت فاكرة إن اللى حصل في بيتنا ملوش علاج... أبويا كان بيقول إن الاكتئاب للضعاف... وأنا كنت بموت بالبطيء... جالي هنا حزن كبير، لكن كمان راحة... عرفت إن ربنا مش بيكرهني... أنا بس كنت محتاجة حد يسمعني."
المريـ.ـض الثاني – “عدنان” من سوريا
(نبرة صوته فيها تعب سنين):
ـ "أنا شوفت الموت بعيوني... حرب... تهجير... فقد... بس لما وصلت هنا، وسمعت قصص الناس، حسّيت إني مش لحالي."
المريـ.ـض الثالث – “سلمى” من العراق
ـ "أنا جيت هنا بعد محاولتي التانية للانتحار... كنت فاكرة إني فاشلة... لحد ما الدكتورة نادين قالتلي: يمكن الفشل الحقيقي إنك ما تحاوليش تعيش تاني."
المريـ.ـض الرابع – “آدم” من لبنان
(شعره طويل، وبيمسك البيانو  على رجله):
ـ "أنا كنت بعزف لكل الناس... بس نسيت أعزف لنفسي. حبيبتي مـ.ـا.تت... وأنا اعتبرت الموسيقى هي القـ.ـا.تل. لكن لما سمعت زهرة بتتكلم عن الغفران، قررت أغني ليها... مش ضدها."
آدم (نبرته هادية لكن كل كلمة فيها وجع):
ـ "أنا اسمي آدم... كنت بعزف بيانو، والمزيكا كانت كل حياتي... حبيتها زي ما حبيتها هي..."
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي لكنها حادة):
ـ "وهي حبتك... لكن المجتمع ما حبّهاش."
آدم (يكمل):
ـ "كنا بنروح الأوبرا سوا، نغني ونحلم نعمل أوركسترا صغيرة... سوا..."
زهرة (بنبرة فيها مرارة):
ـ "بس الحلم مش ليه مكان وسط ناس بتحاكم البنت عشان بتحب... وتدفنها وهى عايشة."
آدم (ينزل عينيه شوية):
ـ "في يوم كانت راجعة لوحدها... شباب هجموا عليها... خدوا منها كل حاجة..."
زهرة (بصوت عالي فجأة، تنفجر):
ـ "وانت كنت فين؟
ـ لما الدنيا خدت منها الأمان؟
ـ لما الهمّة غرقت في عيونها؟
ـ كنت هتعمل إيه لو حكتلك؟
ـ كنت هتصدق؟
ـ ولا كنت هتبص لها زي الباقي؟"
آدم (بصوت مهزوز):
ـ "هي مقدرتش تواجهنى ، ولا نفسها حتى... وانتحرت."
كانت سابت ليا الفرصة أكون معها 
زهرة (عينيها بتلمع، صوتها بيكسر):
ـ "أنا مش بقول هي صح إنها انتحرت...
ـ بس هي اتقـ.ـتـ.ـلت قبل ما تموت...
ـ الظلم اللي بتسكت عليه الناس... هو اللي قـ.ـتـ.ـلها."
سارة بتبص على زهرة، شايفة المواجهة الحقيقية بين القلب والوجع، وسايباها تطلع اللي جواها.
آدم (يحاول يدافع بهدوء):
ـ "أنا قعدت شهور شايف إن المزيكا هي السبب... سبت البيانو، وكرهت كل صوت..."
زهرة (بضحكة مرة):
ـ "وأنا كرهت وشي،
ـ كرهت اسمي،
ـ كرهت نَفَسي،
ـ عشان قالولي: إنتي السبب.
ـ عشان خفت أقول... فاتحاسب."
آدم (بنبرة مكسورة):
ـ "بس جيت هنا... وفهمت إن الناس... هما السبب."
زهرة (بهمس شـ.ـديد، بس بيخبط فـ قلب سارة):
ـ "الناس؟
ـ ولا اللي سكتوا؟
ـ ولا اللي هربوا؟
ـ ولا اللي حبّوا وسابوا؟
ـ ولا اللي صدّقوا الكذبة؟"
آدم يسكت، مش قادر يرد، وزهرة تنزل راسها للحظة…
سارة (بصوت وا.طـ.ـي، لكن فيه رهبة):
ـ "اللي حصل هنا... مش اعتراف، دي كانت صرخة...
ـ وصرخة زي دي... بتغير مصير كامل."
الكل ساكت… وسارة تبص في عيون زهرة:
ـ
مريـ.ـض تركي – “أمير”
(يتكلم بتركي وعصام يترجم):
ـ "أنا كنت عايش في خوف... بس لما شفت زهرة وهي بتخاطر بحياتها عشان تنقذ غيرها، فهمت إن الشجاعة مش إنك متخافش... لكن إنك تتحرك رغم خوفك."
انا أسمى يارا تركيا :
ـ "كنت شايلة مسؤولية إخواتي من وأنا عندي ١٣ سنة...
ماما مـ.ـا.تت وبابا كان دايمًا غايب.
كبرت بدري، نسيت إني بنت، نسيت أعيش، نسيت أحب.
لما قررت أحب، الشخص الوحيد اللي وثقت فيه، سرقني...
مش فلوس... سرق الثقة اللي بنيتها بشق الأنفس."
نادين :
ـ "إيه أكتر حاجة وجعتك؟"
يارا (بابتسامة حزينة):
ـ "إني لما حكيت... محدش صدقني.
قالولي: إنتي طول عمرك قوية... إزاي يحصل فيكي كده؟"
زهرة تنظر ليها... عينيهم يتقابلوا للحظة، وكل واحدة فيهم شايفة جزء من نفسها في التانية.
---
أسمى آسر (شاب صوته مكسور من لبنان ):
ـ "أنا اتربيت على إني لازم أبقى راجـ.ـل...
يعني ما عيّطش، ما أضعفش، ما اشتكيش.
بس وأنا عندي ١٦ سنة، واحد من قرايبي اتحرش بيا...
فضلت ساكت سنين.
لما اتكلمت، اتقال عني شاذ... اتقال إني بدوّر على شُهرة!"
عصام :
ـ "وإنت ساكت، كنت بتقول إيه لنفسك؟"
آسر (بهمس):
ـ "كنت بقول... يمكن أنا السبب.
بس الحقيقة؟
إني ماكنتش السبب...
بس كنت الضحية اللى ساكتة."
زهرة تحس بإيدها بتترج من الوجع اللي بتشاركها فيه من غير ما تنطق.
---
سلمى (بهدوء ):
ـ "أنا من مصر اتحرش  بيا خالِي...
وماما كانت عارفة...
وقالتلي: ما تفضحيش البيت.
فضلت ساكتة... وبتكسر كل يوم.
وأكتر يوم كرهت فيه نفسي، يوم لبست فستان فرحي... مقدرتش اغمى عليا ودخلت فى أزمة نفسي وجوزى سأل عن احسن مكان للعلاج ووصل لهنا هو مستنى أكون كويسة واخرج ليه لكن 
لحد دلوقتي... مش عارفة أصدق إن في راجـ.ـل ممكن يحبني بجد."
زهرة تسمع الكلام، وتحس قلبها بينهار جواها... بس بيقوى من برة، بتحط إيدها على ركبتها كأنها بتحـ.ـضـ.ـن نفسها.
---
تامر (بصوت هادي):
ـ "أنا أسمى تامر من الاردن  مش هتكلم كضحية...
أنا هتكلم كغلطت...
كنت بخون، بكدب، بلعب بمشاعر بنات كتير.
ولما واحدة واجهتني... كسرتها بكلامي...
بعدها سمعت إنها حاولت تنتحر."
نادين :
ـ "وجيت هنا ليه؟"
تامر:
ـ "عشان كل ليلة بشوف وشها في منامي...
وعايز يوم ربنا يرحمني... يمكن أسامح نفسي لو قدرت."
ـ "أنا اسمي جميلة... جاية من البلد إن محدش يقدر  يجيب إسمها فى أي مكان ل يتحظر أو صفحته تتقفل لكن كل الناس عارفة انا من فين 
أنا مش بعيط عشان ضاعت طفولتي،
أنا بعيط عشان خايفة أنسى طعمها..."
العيون كلها تتجه لها، زهرة تمسك طرف الجاكيت من التـ.ـو.تر.
جميلة (تتنفس بصعوبة):
ـ "أنا عرفت أخرج...
بس أهلي...
أطفال كتير ، بنات بلدي، إخواتي...
كل يوم بيموتوا.
كل يوم جنازة.
ومفيش حد بيحميهم.
في وقت...
صدقت إنهم أقوى من كل شيء... حتى الموت."
سكتت… والدمـ.ـو.ع بدأت تنزل على خدها، صوتها يرتعش وهي بتكمل:
ـ "لكن أنا مش قوية... أنا بتهز كل ليلة...
عشان خايفة ييجي يوم، أنسى وجوههم."
زهرة تقوم من مكانها فجأة، عنيها بتلمع بدمـ.ـو.ع غيظ، لكن في جواها نور مختلف:
زهرة (بحدة وإيمان):
ـ "استغفري ربنا قبل ما تنطقي الكلمة دي!
مش معنى إن ربنا سايبهم يتجبروا...
يبقوا هما صح!
ولا إنكموا غلط!"
القاعة تسكت، وعيون سارة بتراقب زهرة وهي بتقف كأنها منارة وسط الظلام.
زهرة (بصوت عالي مهزوز، لكنها قوية):
ـ "ربنا سايبهم...
يحفروا جُحرهم بإيديهم.
وكل اللي مـ.ـا.توا...
مكانهم في جنة الخلد.
من غير حساب، من غير سؤال، من غير خوف."
تلتفت لجميلة، بخفة دمـ.ـو.عها وهي بتقول بهدوء:
ـ "عارفة مين لازم يخاف؟
إحنا...
إحنا اللي لسه عايشين.
إحنا اللي هنتحاسب على سكوتنا، على يأسنا، على استسلامنا."
الكل يسكت، ملامح الحضور بتتغيّر، كأنهم اتلسعوا من كلامها…
جميلة (بهمس):
ـ "فعلاً... إحنا نسيناهم، ووجعنا خدنا لنفسنا."
مريـ.ـض آخر (من لبنان):
ـ "وإحنا وجعنا كأننا مركز العالم... بس في اللي فقدوا وطن."
سارة (بصوت دافي من مكانها):
ـ "النهارده، كلنا افتكرنا...
وكل واحد فينا، هيتحاسب على اللي نسيه."
(زهرة قاعدة في الخلف، وعيونها مليانة دمـ.ـو.ع، لكن في نور طالع منها. سارة قاعدة جنبها، بتحط إيدها على كتفها.)
الدكتور عصام (بصوت مبحوح بالعاطفة):
ـ "أنتو مش مرضى... أنتو ناجين. وكل واحد هنا، مهما كانت بلده، أو لغته... هو شاهد على قوة الإنسان."
الدكتورة نادين (بهدوء):
ـ "الرحلة لسه طويلة، لكن الخطوة الأولى اتاخدت... وإحنا معاكم... لحد آخر الطريق."
فى بيت الجد محمد - مساء هادي، صوت الأذان بعيد، والجد قاعد بيكلم زهرة فيديو .
مكنتش بترد وكان قلقان 
لم انتهت زهرة من الجلسة 
ردت عليه 
الجد محمد (بصوت هادي ومليان حنان بلهفة ):
ـ "كل ده يا بنتى مش بتردى بالك اسبوع مش بتسالي قلبي كان موخوش عليك ... طمني قلبي عليكي، وإنتي هناك عامله إيه؟"
تتبع
الجد محمد (بلهفة وحنان باينين في صوته):
ـ "كل ده يا بنتي مش بتردي؟ بقالك أسبوع مش بتسألي... قلبي كان موحوش عليك... طمني قلبي عليكي، وإنتي هناك عاملة إيه؟"
زهرة تبص في الأرض، عينيها بتلمع شوية دمـ.ـو.ع، لكن صوتها بييجي ثابت ومكتمَل بالحزن.
زهرة (بنبرة هادية ومرهقة):
ـ "أنا كويسة يا جدو... والله كويسة... بس محتاجة وقت... أنا بحاول أضبط نفسي... أتعالج... أفهمني..."
الجد (بحنان أبوّي):
ـ "أنا فاهمك يا بنتي... بس اللي زيك مايتسابش لوحده... أنا وانتِ عارفين... إن في قلوب شايلالك حب كبير... وفي قلب... واحد لسه مستني تردي عليه..."
تسكت زهرة، تبلع ريقها، لكن مش قادرة ترد، وفي اللحظة دي بيظهر في مشهد موازي:
عاصي واقف في الصالة، باصص لتليفون جده، فيه برنامج التتبع شغال، والمكالمة شغالة، وكل كلمه زهرة بتقولها بتدخل قلبه زي السهام.
عاصي (بصوت داخلي):
ـ "أنا اللي سايبك لوحدك... وأنا اللي كنت لازم أسمعك قبل ما أصدقك..."
زهرة (بصوت خافت):
ـ "جدو... إنت عارف أنا ليه مش برجع... مش بخاف من حد... أنا بخاف أكون عبء... عليه... على أي حد يحبني... بخاف يكون وجودي يعوره..."
الجد محمد (بحزن):
ـ "البعد هو اللي بيعور يا زهرة... والحب مش عبء... الحب ستر وونس... مش وجع... وأنتي يا بنتي... قلبك طيب أوي، يستاهل اللي يطبطب عليه مش يسيبه..."
عاصي يقفل الموبايل، عينه تدمع، ويمسك شنطته بسرعة.
عاصي (بحسم):
ـ "اللي بيحب بيدور... وأنا مش هرجع غير وهي في حـ.ـضـ.ـني."
زهرة (بهمس):
ـ "لو بتحبني فعلاً... هتلاقيني."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
ويقرب عاصي من البلكونة عشان يرد علي كلام زهرة ويغنى بصوت عالي وهو بيعمل نفسه بيسقي الشجر 
والله صعيب جرح الهوا
آه يا عيني على الهوا
والله صعيب جرح الهوا
نعسنا في ليلة وإحنا في حـ.ـضـ.ـن الشوق حبايب
صحينا، نادينا، روحنا لقيتك عني غايب
نعسنا في ليلة وإحنا في حـ.ـضـ.ـن الشوق حبايب
صحينا، نادينا، روحنا لقيتك عني غايب
سلمولي ع اللي غايب سلمولي
قد إيه أنا قلبي دايب سلمولي
(سلمولي ع اللي غايب سلمولي)
قد إيه أنا قلبي دايب سلمولي
ع اللي غايب سلمولي
آه يا عيني على الهوا
والله صعيب جرح الهوا
آه يا عيني على الهوا
والله صعيب جرح الهوا
حبيبي لسه اسمك ع الشجر مكتوب يا حبيبي، حبيبي
حبيبي لسه شايف في القمر صورتك يا حبيبي
هنت عليك ولا ناسيني، قوللي يا غايب عن عيني
هنت عليك ولا ناسيني، قوللي يا غايب عن عيني
نعسنا في ليلة وإحنا في حـ.ـضـ.ـن الشوق حبايب
صحينا، نادينا، روحنا لقيتك عني غايب
سلمولي ع اللي غايب سلمولي
قد إيه أنا قلبي دايب سلمولي
(سلمولي ع اللي غايب سلمولي)
قد إيه أنا قلبي دايب سلمولي
ع اللي غايب سلمولي
آه يا عيني على الهوا
والله صعيب جرح الهوا
وآه يا عيني على الهوا
والله صعيب جرح الهوا
ليالي ليه نضيع حبنا ونضيع يا حبيبي ليالي
ليالي اللي باقية في عمرنا والعمر غالي
هنت عليك ولا ناسيني قوللي يا غايب عن عيني
هنت عليك ولا ناسيني قوللي يا غايب عن عيني
نعسنا في ليلة وإحنا في حـ.ـضـ.ـن الشوق حبايب
صحينا، نادينا، روحنا لقيتك عني غايب
سلمولي ع اللي غايب سلمولي
قد إيه أنا قلبي دايب سلمولي
(سلمولي ع اللي غايب سلمولي)
قد إيه أنا قلبي دايب سلمولي
ع اللي غايب سلمولي
كانت زهرة سمعى  صوت عاصي وهو  بيغني من بعيد. ملامحها ارتاحت، واترسمت على وشها ابتسامة خفيفة، وهي بتهمس:
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "لسه صوته زي ما هو... ريح قلبي من غير ما أشوفه."
تلفت ناحيّة جدها اللي قاعد على الكنبة بيشرب شاي، وبيتكلم معه فيديو
وسألته بخفة فيها لمعة شوق.
زهرة:
ـ "هو الدكتور عاصي... لسه موجود؟"
ضحك الجد محمد، وهزّ راسه وهو يقول بإعجاب:
الجد:
ـ "دكتور إيه بس يا بت... ده بقى مزارع قد الدنيا. بيلف في الغيط زي رجـ.ـا.لة البلد، يزرع ويحصد ويحرث."
شهقت زهرة بدهشة، وانفتح فيها باب السؤال:
زهرة:
ـ "مزارع! إزاي يعني يا جدو؟!"
ابتسم الجد وهو يحكي بنبرة حنين:
الجد:
ـ "لم رفضت أقولّه على مكانك، معرفش إزاي... بس لقيته بييجي كل يوم، يقعد معايا، ينزل مع أبوكي الغيط، يرجع يسألني عليكي... وأنا قلبي وجعني، كنت بكلمك وهو واقف يسمع، وما اتكلمش... بس عنيه كانت بترد، كل مرة. وبعد كده... ماقدرتش، بقيت أنا اللي أكلمه وأحكيله عنك، عشان أطمنه."
زهرة بصّت في الأرض، خجلانة من مشاعرها اللي بتجري ناحيته، وسألت بسرعة تحاول تغيّر الموضوع:
زهرة (بسرعة):
ـ "طيب... زينة أخبـ.ـارها إيه؟ وياسمين؟"
ضحك الجد وهو فاهم محاولة الهروب:
الجد:
ـ "زينة... انخطبت للدكتور كريم، وبيجهزوا للجواز. أما ياسمين... عملت المستحيل، قدرت تخرج زياد بعد ما شهدت إنه كان دفاع عن النفس، وده خلى المحكومية سنتين بس."
زهرة شـ.ـدت نفس عميق، ولسانها اتعقد شوية، لكن الجد كمل:
الجد:
ـ "أهل نيفين سامحوا، وقالوا إن الذنب ذنبهم... مش ذنبكم. أمها قالتلي: إحنا اللي قـ.ـتـ.ـلناها... مش هم. رموها وسافروا، وسبوها وحيدة."
سكت الجد لحظة، وبص لزهرة اللي كانت بتسند خدها على إيدها وبتتهرب من كل حاجة، إلا صوت عاصي اللي اختفى فجأة.
زهرة (بهمس):
ـ "هو... صوته اختفى."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
الجد بصّ عليها، ساب لها لحظتها، ما ردش... وسابها تغوص في سكوتها
زهرة قفلت المكالمة مع جدها، وسابت الموبايل على الكومود. اتلفتت ناحية الشباك كأنها مستنية حاجة تظهر... لكن مفيش. قامت، دخلت السرير بهدوء، وشـ.ـدت الغطا على جـ.ـسمها، وهي بتهمس لنفسها.
زهرة (بصوت ناعم):
ـ "مش ههرب... بس برضه مش هرجع غير لما أكون أنا... اللي نفسي تعرفها."
بتغمض عينيها، وتبدأ تحلم... وصوت عاصي وهو بيغني بيرجع يتردد في ودنها، كأن قلبها بيردده قبل ما عقلها يسمعه.
فى النهار نسمع صوت المضيفة بيعلو داخل الطيارة.
المضيفة:
ـ "سيداتى وسادتى، نرحب بكم على متن رحلتنا المتجهة إلى تركيا..."
الكاميرا تقرب من عاصي، قاعد جنب الشباك، باصص على السحاب، وعينيه فيها لهفة وقلق.
عاصي (بصوت داخلي):
ـ "أنا عرفت إنك في تركيا... في مستشفى نفسي هناك. والغريبة... إن أمي تعرف ناس هناك، صدفة؟ يمكن... بس ربنا بيبعَت الصدف علشان نوصل للي بنحبه. هدخل على أمي، أطمن عليها... وأشوف خالي منصور اللي طلع عايش... وبعد كده، تساعدنى اوصل ليك، مش هسيبك  تضيع مني تاني."
المشهد – بعد ساعات في تركيا
عاصي نازل من الأوتوبيس، ماشي في ممر طويل وسط خضرة كثيفة، هدومه بسيطة، شنطة صغيرة على ضهره، ومشيته متـ.ـو.ترة لكن فيها أمل.
بيسأل ممرضة كانت واقفة على باب المستشفى:
عاصي (بلهجة متـ.ـو.ترة):
ـ "لو سمحتي... الدكتورة سارة هنا؟"
الممرضة تبص له بلُطف، وتبتسم وهي بترد:
الممرضة:
ـ "أيوه، موجودة، حضرتك قريب ليها؟"
بيبلع ريقه بصعوبة، ويرد وهو بيحاول يخبي ارتباكه:
عاصي:
ـ "أنا... ابنها."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
الممرضة (بهدوء):
ـ "أيوه، عندها جلسة في الحديقة الخلفية. ممكن تروح من هنا."
عاصي يومي برأسه، وقلبه بيدق بسرعة... بياخد أنفاس متقطعة وهو ماشي، الكاميرا تقرب من وِشه... فيه رهبة وفضول ولهفة كلها في عينه.
.. بنشوف زهرة قاعدة على كرسي خشب تحت ظل شجرة، وسارة جنبها، ونادين على الجهة المقابلة... الجو هادي، مليان صدق.
زهرة (بصوت منخفض لكنه صادق):
ـ "أنا بحبه..."
سارة ترفع عينيها عليها بهدوء، ونادين تبص ناحيتها بتشجيع.
زهرة (تكمل والدمـ.ـو.ع في عيونها):
ـ "وأكتر لحظة كسرتني...
مش لم سليم لمسني...
ولا لم زياد خانني...
اللحظة اللي وجعتني بجد...
هي لما شُفته واقف...
ومصدق اللي شافه بعينه...
من غير ما يسأل قلبي."
سارة تبص لها بتأثر، ونادين تميل لقدام:
الدكتورة نادين (بصوت هادي):
ـ "وساعتها؟ كنتي عاوزة ترجعي له؟"
زهرة (تتنهد، نظرتها للأرض):
ـ "كنت...
بس مش دلوقتي.
عايزة أرجع لنفسي الأول...
أرمم اللي وقع،
أطمن إني واقفة على رجلي مش على حُبّ.
ولو فضِل موجود بعد كده؟
يبقى أرجع له وأنا كاملة... مش مكسورة."
داخل الحديقة الخلفية للمستشفى، جلسة هادئة مغلقة مع نادين وسارة وزهرة
الشمس كانت بدها تغرب، والجو فيه نسمة خفيفة، والورد حوالين الجلسة مفتح بلونه الناعم كأنه سامع الكلام اللي بيتقال.
نادين (بصوت دافي وهادي):
ـ "طيب يا زهرة... أنتى جاهزة تقوليها بصوت عالي؟
تحكي اللي جوه قلبك؟"
زهرة (تبتسم بهدوء، عينها على التراب):
ـ "أنا...
أنا من أول لحظة سمعت صوته وهو بيغني...
كنت حاسة إن نفسي هيرجع لي،
قلبي كان بيخبط في صدري كأنه عايز يهرب...
يبـ.ـو.س إيده...
ويقول له: وحـ.ـشـ.ـتني."
سارة (بنظرة مشجعة):
ـ "يبقى بتحبيه؟"
زهرة (بهمس مرتبك):
ـ "اشتقـ.ـتـ.ـله...
اشتقت للونس اللي بيحس بيه وأنا ساكتة،
ولنظرة عينه اللي بترجعني إنسانة مش ضحية.
بس...
لسه مش عارفة ده حب،
ولا احتياج،
ولا أمل بترجّع ليه قلبي."
نادين (بابتسامة):
ـ "الحب مفيهوش تعريف ثابت يا زهرة...
بس لو كل ما بتفتكريه بتحسي إنك أقوى،
يبقى ده حب."
في نفس اللحظة، يوصل عاصي للحافة الخلفية للحديقة... بيقف على مسافة، وبيسمع الكلام... نظرة الصدمة بتترسم على وِشه.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
الكاميرا تمشي على وشه وهو بيستوعب كل كلمة... قلبه بيخبط جـ.ـا.مد، بيشـ.ـد نفس عميق...
عاصي (بهمس لنفسه):
ـ "يعني... كانت بتبعد... علشاني؟!"
نظرات زهرة لسه في الأرض... سارة بتحط إيدها على إيدها بحنان... ونادين تبتسم بخفة.
---
زهرة تقوم من مكانها بعد الجلسة، بتودّع سارة ونادين بابتسامة خفيفة. تمشي بخطوات هادية ناحية الممشى الجانبي للحديقة، والهوا بيحرّك طرحتها برقة.
... لسه واقف وبيبص عليها، وكل خطوة منها بتوجعه، بس بيخاف يواجهها...
وفجأة... زهرة تحس إن في حد بيراقبها، تبص ناحيته، لكنه يتراجع خطوة للوراء يستخبى ورا شجرة.
اللحظة بتتجمد... عنيها تلف سريع وملحقتش تشوفه... لكنها حاسة... قلبها دق فجأة.
زهرة (بهمس):
ـ "معقول...؟!"
وفجأة، تيجي السكرتيره 
السكرتيرة (بلهجة متـ.ـو.ترة):
ـ "أنا آسفة يا دكتورة نادين... بس..."
نادين (بحدّة رقيقة):
ـ "من إمتى يا نازلي بتدخلي وسط الجلسات كده؟!"
وفي نفس اللحظة... كان "عاصي" واقف على بُعد خطوات،
واقف متجمّد،
عنينه ثابتة،
كأنه رجع يتنفس بعد غيبوبة طويلة.
عينه وقعت على "زهرة"...
والكلمـ.ـا.ت اللي قالتها كانت لسه بتترن في ودنه:
> "اشتقـ.ـتـ.ـله... نفسي ارجع عنده لكن خايفه أكون انانى ..."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
سارة لمحت،نادت بهدوء
ـ "عاصي؟!"
زهرة رفعت راسها بسرعة...
وعينها اتقابلت مع عينه،
صمت لحظة...
الهوى بس هو اللي بيتكلم.
عاصي (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ "كنتي بتتكلمي عني؟"
زهرة اتلخبطت، قامت واقفة وهي مش عارفة تقول إيه،
لكن سارة اتفجئت 
عاصي حبيبي وصلت امتى 
عاصي كان واقف متجمّد... ولما زهرة رفعت عينيها ناحيته واتأكد إنها شافته، اندفع ناحيتها كأنه أخيرًا لقى قلبه اللي كان تايه.
عاصي (بصوت باكي ومتحشرج وهو بيجري ناحيتها):
ـ "أنا تعبت... شهور مشتاق فيها صوتك...
كل ما أحاول أنسى، ألاقيك في كل تفصيلة في يومي.
كنت بضيع... كنت بختنق من غيرك.
أنا مـ.ـجـ.ـنو.ن بيكِ يا زهرة... مـ.ـجـ.ـنو.ن، وملهوف أوصل لك!"
بيمد إيده عشان يضمّها، وقبل ما يلمسها... زهرة ترفع إيدها بسرعة وتلطشه بالقلم!
زهرة (بحدة ورجفة):
ـ "حـ.ـر.ام!
حـ.ـر.ام تلمسني!
لا يجوز!"
الصوت كان عالي، واللحظة اتجمدت... عاصي واقف، ملامحه بين صدمة ووجع وذهول.
عاصي (منهار وصوته بيتكسر):
ـ "إنتي مـ.ـجـ.ـنو.نة؟
أقسم بالله... مـ.ـجـ.ـنو.نة رسمي!"
سارة كانت واقفة بتتابع المشهد، ووشها فيه مزيج بين دهشة وضحكة مكبوتة، فجأة قالت بنبرة خفيفة:
سارة (بابتسامة جانبية):
ـ "آه يعني... أنتم تعرفوا بعض؟
وأيوة، طبعًا مـ.ـجـ.ـنو.نة، ما هي موجودة في مستشفى نفسي يا دكتور عاصي!"
نادين تمسك نفسها بالعافية عشان متضحكش، وزهرة تحاول تسيطر على نفسها، بس وشها كله احمرار.
زهرة (بهمس متـ.ـو.تر):
ـ "أنا آسفة... بس... لا يجوز تقرب منى ، مش بسهولة... كل حاجه جوايا لسه مش متصلحة."
عاصي (بصوت هادي بعد صدمة القلم):
ـ "أنا ماجيتش عشان آخدك...
جيت عشان أسمع منك الكلمة اللي تخلي قلبي يهدى،
جيت عشان لو حتى مش عايزاني،
أعرف إنك بخير."
زهرة تبص له بعنيها، وسكوتها كان أصدق من ألف كلمة...
سارة تهمس لنادين:
سارة:
ـ "ده فيلم كامل مش جلسة علاج... إحنا في مسلسل سوري ولا إيه؟!"
الجميع يبتسم، ولكن القلب الوحيد اللي لسه بيرتعش... هو قلب "زهرة"تنسحب بسرعة وقالت
استأذن حضرتكم رايحة ارتاح شويه 
---
بعد ما زهرة جرت على غرفتها بخجل...
عاصي واقف مكانه، ولسه بيبص في الاتجاه اللي اختفت فيه زهرة، قلبه بيرجع يدق بنفس الدقة اللي كان ناسيها من شهور. بياخد نفس عميق، وبعدين يلتفت ناحية سارة ونادين.
عاصي (بابتسامة باهتة):
ـ "هو أنا جيت هنا عشان أتعالج أنا كمان ولا إيه؟"
سارة (بضحكة خفيفة وهي بتقعد):
ـ "يمكن... بس العلاج هنا بيبدأ من القلب قبل العقل."
نادين (بهدوء):
ـ "وعلى فكرة... زهرة لسه في بداية الطريق. مشوارها طويل، ومفيهوش حد تاني غيرها، إلا لو هي اختارت."
عاصي يهز راسه، عنيه لسه رايحة على الباب اللي خرجت منه زهرة.
عاصي (بتنهيدة):
ـ "أنا ماجيتش أطلب منها حاجة... أنا جيت أتأكد إنها لسه موجودة... إنها عايشة، مش مجرد شبح وجع في قلبي."
سارة (نبرة جدية خفيفة):
ـ "وإزاي وصلت هنا؟"
عاصي يفكر شوية، وبعدين يقعد ويحكي:
عاصي: ـ "من يوم ما سابت مصر... وأنا بدور. جدي محمد كان عنيد، وزهرة أذكى مما كنت متوقع.
بس رامى ساعدني، وقدرت أربط خيوط صغيرة ببعض،
وأول ما عرفت إن أمي سافرت تركيا، وصدفة إنها في نفس المكان...
قلت لنفسي: يمكن القدر بيرتب لنا فرصة أخيرة...
مش عشان نرجع لبعض...
بس عشان ما نضيعش من بعض تاني."
نادين (بهدوء):
ـ "والقدر رتب أكتر من كده... زهرة جات هنا بالصدفة، بس كل خطوة ليها كانت هروب... لحد ما وصلت للمكان اللي المفروض تواجه فيه كل حاجه."
عاصي (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق شوية):
ـ "وأنا؟ أستناها؟"
سارة تقرب منه، تحط إيدها على كتفه بلطف.
سارة: ـ "استناها، بس من غير ضغط...
اللي جوه زهرة مش سهل،
ويمكن لما تخرج من هنا،
تبقى مستعدة تفتح قلبها... بس لازم تكون صابر ومستنيها برا الباب مش جواه."
عاصي يهز راسه بتفهم، وبعدين يقوم.
عاصي: ـ "هروح أتمشى شوية في الحديقة... يمكن أسيب جوه قلبي مساحة جديدة."
---
زهرة قاعدة لوحدها على الكرسي الخشبي القديم، قدامها شجرة زيتون، والمصحف في إيديها، لكن عينيها مش على الورق... عينيها سرحانة في الطيور الراجعة لعشها.
زهرة (بهمس):
ـ "يارب... لو هو فعلاً ليا،
رجعهولي بطريقه ما تكسرنيش تاني."
---
فجأة قطع شرودها صوت خطوات وراها، ناعم وواثق... مش بتبص، لكنها حاسة بيه. 
تتبع 
قطع شروده عاصي (من غير ما يقرب تحدث ):
ـ "كل ما الشمس بتغرب، بتفكرني بيكي...
ساعة الغروب دي، فيها نفس السكوت اللي في عنيكي."
زهرة تلف وشها ناحية الصوت، تلقاه واقف وراها بخطوات، لكن سايب مسافة محترمة... بتحس بقلبها بيرتعش، بس بتحاول تسيطر على نفسها.
زهرة (بنبرة هادية):
ـ "الغروب... دايمًا بيقول للنهار: استريح.
ويمكن أنا كمان... محتاجة أستريح شوية."
عاصي يقرب خطوة بسيطة، لسه سايب المسافة، ويبص في نفس الاتجاه اللي بتبص فيه.
عاصي (بابتسامة خفيفة):
ـ "أنا مش مستعجل.
مش طالِب منك غير الوقت...
وإنك تبقي بخير، حتى لو مش جنبي."
زهرة تبص له، عنيها بتلمع، بس فيها صراع بين الحنين والخوف.
زهرة:
ـ "أنا بتعلم من أول وجديد...
أصدق إن فيه حب، من غير ما يكون وراه وجع."
عاصي ينزل بعينيه شوية، وبعدها يبص لها من بعيد:
عاصي:
ـ "أنا مش جاى أديكي وجع...
أنا جاى أطبطب على كل وجعك القديم...
حتى لو من بعيد."
سكون لحظات، والنسيم يعدّي، والشجر يتهز كأن الكون بيطبطب معاهم.
زهرة تشاور على الكرسي اللي جنبها، بهدوء...
زهرة:
ـ "بس من بعيد... اقعد هنا.
مش مستعدة أقرب... بس مش عاوزاك تبعد تاني."
عاصي يقعد، عنيه عليها، وقلبه بيردد: "أنا لسه هنا..."
---
زهرة قاعدة على الكرسي الخشبي، لسه بتستوعب اللي حصل في آخر يومين، وعاصي جنبيها، مسيب مسافة بسيطة بينهم... لكن بين كل خطوة وكلمة، في كتير مشاعر.
عاصي يمد إيده في جيبه، يطلع ظرف كبير ومعاه تذكرة طيران مطوية وأوراق فيها ختم رسمي، ويده tremble بسيطة وهو بيقدمها ليها.
عاصي (بهدوء وصدق):
ـ "دي مش هدية... دي فرصة، يمكن تتأخر، بس مجتش متأخرة."
يبصلها ويكمل:
ـ "كل ده خاص بقبولك في جامعة خارج البلد، تخصصك... نفس القسم اللي كنتي بتحلمي تكلمي فيه رسالتك.
ده مكان إقامة، وده الجدول، والتأشيرة، وكل حاجة..."
زهرة تمد إيدها بتردد، تاخد الورق، تقلب فيه بسرعة، عينيها بتتهز، وتبص له بــــاستغراب، وقلبها بيضـ.ـر.ب.
زهرة (بدهشة، صوتها مكسور):
ـ "إيه ده؟ وليه؟ ليه دلوقتي؟"
عاصي يتنهد، ونبرة صوته فيها دفء وعتاب حنين:
عاصي:
ـ "فاكرة لما قلتيلي زمان إنك مشيتي من حلمك؟
اتهمتيني أنا وزينة إننا السبب،
وإن الجامعة ضاعت، والسجن أكل أوراقك ومستقبلك...
أنا ساعتها صدقتك... ووجعتني،
بس قلبي عمره ما نسي إنك كنتي بتحلمي تكبري، مش تهربي."
زهرة تلم الورق في حـ.ـضـ.ـنها، عينيها بتدمع وهي بتصرخ... الصوت مش عالي، بس كله وجع دفين:
زهرة (بصوت مكتوم):
ـ "شايف إن الجامعة كانت حلمها؟
أنا... أنا كسرت حلمها لما وافقت على سليم...
كسرتها لما مـ.ـا.تت وهي مقهورة مني...
كسرتها أكتر لما سليم خطفني وأنا ماشية على عزاءها...
أنا... حتى مالحقتش آخدها بالحـ.ـضـ.ـن وأقولها سامحيني..."
بلعت ريقها بصعوبة، صوتها يرجّف:
ـ "أنا كسرت أمّي ألف مرة... ومش متخيلة حد يرجع يصدق إني أستحق أبدأ من جديد."
عاصي قرب منها شوية، صوته وا.طـ.ـي وحنون جدًا:
عاصي:
ـ "أنا آسف... لو وجعتك...
بس أنا هنا... عشان أكون سند، مش شوك.
جدك وصاني، قبل الحب  التعليم...
إنك ترجعي قوية، تقفي على رجلك من تاني،
وتمشي طريق أمّك، مش تهربي منه."
زهرة تبصله بعنيها، فيها وجع... وفيها بداية رجوع الثقة...
زهرة (بهمس):
ـ "أنا... مش عارفة إذا كنت أقدر...
بس أول مرة... أحس إني مش لوحدي."
عاصي يبتسم، ويمد إيده، مش يلمسها... بس يفتحها ليها:
عاصي:
ـ "وإنتي مش لوحدك...
بس القرار دايمًا ليكي."
فناء المستشفى – صباح جديد – الشمس بتطبطب على الوجوه، الهواء نضيف، فيه حركة غير معتادة، الكل متجمع حوالين زهرة.
زهرة لابسة لبس سفر بسيط وأنيق، شنطة ضهر صغيرة، وحقيبة يد، وقلبها متقلب بين الفرحة والخوف والحنين.
نادين تقرب منها، تحـ.ـضـ.ـنها بحنان: ـ "أنا فخورة بيكي... وده مش وداع، ده بداية."
سارة بابتسامة فخورة: ـ "وإحنا مستنيينك ترجعيلنا دكتورة كبيرة... ومُلهمة زي ما أنتي دلوقتي."
زهرة تبتسم وهي بتحـ.ـضـ.ـنهم، وبعدين تقرب من جميلة اللي عنيها مليانة دمـ.ـو.ع، بس بتحاول تضحك.
زهرة (بصوت مليان شغف ودمـ.ـو.ع): ـ "عارفة يا جميلة... البلد اللي هسافر أدرس فيها، هي نفسها اللي بتدعم التكنولوجيا اللي بيتزيف بيها الحق... وعلشان كده أنا رايحة أتعلم كل حاجة... أتعلم إزاي أفهم ده... وأغيره."
توقف لحظة، تبص في عيون الحضور، عنيها بتبرق.
زهرة (بصوت ثابت وواثق): ـ "عاوزين يوم من الأيام يكون عندنا موقع... مش تابع ليهم، موقع اسمه "صوتنا"، إحنا بس اللي نكتبه... عننا، بصوتنا، من غير ما حد يزوّرنا، ولا يبدّل وجعنا بكلام مزيف."
جميلة تبكي وهي بتضحك وتشـ.ـد إيد زهرة: ـ "وهتسميه فيس ل وحدنا؟"
زهرة تضحك من قلبها، وتهز راسها: ـ "بالظبط... ويبقى حلمنا الكبير، إننا نعمل مواقع ومجلات وقنوات هدفها التوعية مش التسويق، هدفها الحقيقة مش الربح."
زهرة (بشغف): ـ "لازم يبقى عندنا علماء ذرة، وكيمياء، وفيزياء ورياضيات... مفكرين، مشاعل علم، ناس مـ.ـا.تبعش ضميرها بكنوز الدنيا... ناس تكشف الفساد، وتقول كلمة حق من غير خوف."
سارة (بتدمع): ـ "أنتي مش بس زهرة... أنتي بذرة، وهتكبري في كل أرض تروحيها."
زهرة تبص لعاصي اللي واقف من بعيد، عنيه فيها أمان وصمت، وعيونه بتكلمها، تهز راسها له باحترام وابتسامة صغيرة، وكأنها بتقول له: "أنا جاهزة أبدأ، استناني وأنا راجعة."
الكل يسقف، جميلة تحـ.ـضـ.ـن زهرة مرة كمان، وتقول لها: ـ "متنسيش تكتبي عني في الموقع بتاعنا... وقولي إني صاحبة أجمل قصة تعافي في الشرق الأوسط."
الضحك يعم الجو، والكاميرا تتابع زهرة وهي ماشية للباب، بخطوة ثابتة، على أمل جديد... وقلبها شايل حلم مش بس ليها، لكن لأمة كاملة.
زهرة العاصي 
مدخل الجامعة – صباح مشمس – علم البلد بيرفرف – وزهرة واقفة قدام بوابة الجامعة، عنيها فيها رهبة وفرحة.
زهرة لابسة لبس بسيط، شنطة ضهر، ووشها منور بنور الحلم اللي كان بعيد، ودلوقتي بقى واقع...
زهرة (بتهمس لنفسها وهي بتبص حوالينها): ـ "كنت دايمًا بشوف المكان ده على الإنترنت... وفى قلبي دايمًا إحساس إني هكون هنا... بس ماكنتش متأكدة إمتى ولا إزاي..."
تدخل من البوابة... وتبدأ يوم طويل من الاستكشاف... تقابل طلبة من العراق، المغرب، فلسطين، لبنان، السودان، ومصريين كمان اجانبي ... لكن العرب فى اي مكان بيعرفوا بعض بيرحب .
اقتربت طالبة لبنانية (بابتسامة): ـ  بملابسك ده يبقي بتتكلمي عربية أنا من لبنان وانتى 
ابتسمت زهرة أنا من مصر أهلا بيك 
تبتسم الطالبة 
"أهلا فيكي، أول مرة بتدرسي هون؟"
زهرة (بابتسامة فيها رهبة وفرحة): ـ "أيوه... بس حاسة إن المكان مش غريب... حسيته دايمًا في أحلامي."
بعد يوم طويل... تروح لمكان السكن الجامعي... أوضتها بسيطة، سرير، مكتب، شباك بيطل على حديقة داخلية، تحط شنطتها وتتنفس بعمق.
زهرة (بصوت هادي): ـ "أنا وصلت... وأنا هكمل... وهحقق حلم ماما."
---
زهرة العاصي 
قاعة الاختبـ.ـار – الساعة 8 صباحًا – ورق الامتحان بيتوزع – صوت الدكتور المشرف بلهجة أجنبية:
ـ "ده اختبـ.ـار تحديد المستوى... هيحدد قبولكم في التخصص... بالتـ.ـو.فيق للجميع."
الامتحان بيبدأ... ووش زهرة بيتشـ.ـد أول ربع ساعة... صعوبة الأسئلة مرعـ.ـبة... لكن بعد كام دقيقة تبتدي تفتكر دراستها القديمة... كتبها... محاولاتها...
زهرة (بهمس): ـ "أنا مش جاية أضيع وقت... أنا جاية أكمل الطريق اللي كنت هكمله من زمان..."
تبدأ تجاوب بثقة... ومع نهاية الوقت... تكون خلصت الورقة بابتسامة رضا...
---
بعد ساعات من الانتظار 
يتم  إعلان النتائج – الممر الرئيسي في الجامعة – صوت طالبة بيقرا اسم زهرة:
ـ "زهرة صالح محمد ... من مصر... متفوقة! أعلى الدرجات في اختبـ.ـار القبول!"
زهرة عنيها تدمع من الفرحة... تبص للسما وتقول: ـ "شكراً يا ماما... دي أول خطوة بس..."
---
زهرة العاصي 
: أول يوم في المحاضرات – زهرة قاعدة في المدرج، دفتر جديد، ألم جديد، وشغف حقيقي
يدخل الدكتور الأول... يشرح ويمشي... ثم الثاني... الكل بيركز... المحاضرات قوية... زهرة بتكتب كل كلمة...
الساعة توصل 3 عصرًا... والقاعة تتهامس فجأة...
طالبة ورا زهرة (بصوت متحمس): ـ "الدكتور الجاي ده وحش المجال... كان مختفي بقاله شهور... ولسه راجع النهارده..."
زهرة (تسأل وهي مش مركزة): ـ "مين؟"
الباب يفتح... صوت خطوات هادية داخل القاعة... الطلبة كلها تبص ناحيته...
زهرة ترفع وشها...
وشها يتغير... وقلبها يضـ.ـر.ب... عنيها تتسع... وبتشهق بصوت وا.طـ.ـي:
ـ "عاصي؟!"
هو بنفسه... لابس بدلة رسمية، إزاز نظارته بيتلألأ، واقف بثقة وهو بيبص للطلبة... وعينه تعدي على زهرة... تسكن لحظة... لكنه يكمل كلامه كأنه ما شافهاش.
عاصي (بصوت رزين): ـ "أنا الدكتور عاصي كنان .. وهكون المشرف الأكاديمي على مشروع التخرج... وهنبدأ النهارده أول خطوة في رحلتكم..."
الكاميرا تركز على وش زهرة، اللي ما بين الدهشة والذهول والفرحة، وقلبها بيرجع يدق...
زهرة وقفة قدامه، عينها هربانة، صوتها وا.طـ.ـي، لكن مليان مشاعر كانت مستخبية سنين.
زهرة (بهمس وهي تبص له):
ـ "يعني حتى هنا... قدرت توصل لي؟"
سكتت لحظة، وبصت على الأرض، تكمل بصوت أكتر حنان:
ـ "كنت فاكرة إنك نسيت... بس الحقيقة... على قد زعلي إنك هنا على قد إنك  وحـ.ـشـ.ـتني كل حاجه فيك، حتى سكوتك..."
عاصي كان واقف قدامها، وبيكتم وجع شهور، لكن عنيه كانت بتلمع بالحنين، ويهمس في سره كأنه بيرد على نبضها:
عاصي (لنفسه):
ـ "أنا جبتك هنا... نفس المكان اللي بشتغل فيه، عشان تكوني تحت عيني، أطمن إنك بخير... وأتابع خطواتك من بعيد...
بس وعدتك، ووعدت نفسي، إني مش هفرض نفسي عليك...
ولا هطلب غير اللي قلبك يختاره... بحرية."
يبص لها، ويكمل بصوت هادي، لكن صادق:
وهى خارجة وقفها عاصي دقيقه وهو بيهمس :
ـ "أنا مش هنا عشان أعطلك... ولا ألخبطلك مستقبلك...
أنا هنا... عشان لما تبصي وراكي، تلاقيني واقف...
مش مستني منك حاجة، غير إنك تكوني بخير."
زهرة ترفع عينيها ليه، وبصوت بين الرجفة والصدق:
مع نفسها :
ـ "أنا لسه بتعلم... إني أسمح لنفسي أكون سعيدة...
بس وجودك... بيهون كتير."
وترد عليه 
ضحكت عليا وخلفت الوعد، لكن بعد اذنك تعامليني ذي ذى اي حد هنا ممكن 
يهز راسه بالتأكيد وياخد اورقه ويخرج 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
صالح قاعد في الصالة، قدامه صينية شاي بردان، والنور الخفيف من المصباح بيتسلل فوق وشه المتعب. عيونه باينة فيها الوحدة، والحزن الساكن.
يدخل عليه أبوه "الجد محمد"، بيبص عليه وهو ساكت، حاسس إنه فيه حاجة تقيلة على صدر ابنه.
الجد محمد (بصوت هادي):
ـ "مالك يا صالح؟ بقالك ساعة سرحان... مش دي عادة ناس الغيط اللي بيناموا أول الليل؟"
صالح يبتسم ابتسامة باهتة، ويشاور له يقعد جنبه.
صالح (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ "بابا... أنا عاوز أقولك على حاجة... يمكن تتفاجئ، ويمكن تزعل... بس بلاش تقاطعني لحد ما أخلص."
الجد محمد يهز راسه بالإيجاب، ويقرب بإيده من كتف ابنه، يشجعه يتكلم.
صالح:
ـ "أنا حبيت وردة من أول ما شفتها... وعمري ما فكرت أتجوز عليها، ولا حتى حلمت بحاجة غيرها... لكن السنين عدّت، وأنا كل يوم أستناها تقول لي: "مبروك يا صالح... هتبقى أب ".
الجد ياخد نفس طويل، ويسكت.
صالح (بيكمل بصوت مكسور):
ـ "خفت أجرحها... خفت أقولها وعيونها تتملي دمـ.ـو.ع... وكنت راضي، وقانع، ومشيت أموري... لحد ما زهرة جات، قلت خلاص... دي بنتنا، اللي من نور عينيها هنعيش، ونكبر سوا... لكن حتى هي راحت."
الجد محمد (بهدوء):
ـ "هي ما راحتش... هي بتحاول تلاقي نفسها، وبعدها هترجع، إن شاء الله."
صالح (بعين فيها دمـ.ـو.ع):
ـ "أنا مش هصبر أكتر من كده... أنا راجـ.ـل في آخر العمر، ووحيد... عثمان سافر وهرب بعد ما سليم فضحهم، ومحدش بيسأل علينا... وأنا كل ليلة بنام في بيت فاضي."
الجد محمد (بحزن):
ـ "يعني... قررت تتجوز؟"
صالح (بهمس ونـ.ـد.م):
ـ "آه... بس مش عشان نقص... عشان أعيش الباقي من عمري، وأنا حاسس إني مش لوحدي...بعد موت وردة ؟ لو رجعت. زهرة .. هقولها الحقيقة، مش هخبي."
الجد محمد يسند ضهره على الكنبة، وعينيه تلمع بالحزن، لكنه يهز راسه بمعنى "افعل ما تراه صح".
الجد محمد:
ـ "أنا مش همنعك... ولا هزعل... بس اوعى تنسى تترحم على وردة لأنها  حبتك حب مش عادي... ولو كنت هتجوز، لازم تكون قد قرارك... وقد قلبك."
صالح يحط إيده على صدره، ويمسح دمعة نزلت على خده.
صالح:
ـ "بدعي ربنا يسامحني... ولو لي في العمر باقي، أتمنى أعيش يوم واحد أب، تانى  قبل ما أمشي."
---
زهرة العاصي 
بعد مرور أسبوع من بداية
زهرة قاعدة في الصف الرابع ، دفترها مفتوح، وعنيها على السبورة... لكن قلبها مشغول...
عاصي واقف قدام الشاشة، بيشرح بنبرة هادية واحترافية، متجاهل وجودها تمامًا... لا نظرة، لا تلميح... ولا حتى مرور عابر للعيون.
عاصي (بثقة وهو بيشرح): ـ "الاختراق الأخلاقي أو الـ Ethical Hacking، هو ببساطة: استخدام نفس أدوات وتقنيات الهاكرز، بس بهدف الحماية مش التدمير... إحنا بنحاول نعرف إزاي موقع إلكتروني ممكن يُخترق، عشان نحميه... وده بيحتاج مش بس مهارة... لكن أخلاق، مسئولية، وضمير صاحي."
زهرة تكتب كل كلمة، بس عينيها على حرف صوته... على نبرة الحماس وهو بيتكلم عن مجاله، وعلى البرود المقصود اللي بيتعامل بيه معاها.
إحدى الطالبات (بهمس للبنت اللي جنبها): ـ "بجد الدكتور عاصي عبقري... طريقته في الشرح تخليك تحبي المجال، حتى لو عمرك ما فهمتيه."
طالبة تانية (بضحكة صغيرة): ـ "مش بس عبقري... هو كمان غامض... عمره ما بيبص لحد... مايعرفش كلمة مجاملة... وفيه حاجة في عيونه... كأنها حزينة... بس قوية."
زهرة تسمع كلام البنات... قلبها بيتشـ.ـد أكتر... بتحاول تبين إنها عادية... لكن بتحس بوخز في صدرها.
بعد انتهاء المحاضرة، الطلبة كلها بتقف تسأله، وهو يرد بابتسامة بسيطة... ولما تيجي زهرة تقوم، هو يبص ناحيتها لحظة... لكنها تدّي له ضهرها وتمشي، وكأنها ما شافتوش...
يتجمد مكانه لحظة... لكنه ما يتحركش...
المشهد التالي: داخل الكافيتيريا الجامعية – زهرة قاعدة مع بنت فلسطينية وبنت مغربية، بيكلموها:
سلمى (من غزة): ـ "بصراحة زهرة، شكلك بتحبي المجال ده من قلبك، بتحسي بيه صح؟"
زهرة (بابتسامة): ـ "يمكن عشان بحس إن ورا كل معلومة هنا... قدرة على إنقاذ ناس... أو فضح ظالم... أو حتى حماية فكرة من السرقة."
ليلى (من المغرب): ـ "الدكتور عاصي قال جملة خلتني أبكي يومها، قال: أكتر ناس محتاجين الحماية مش مواقع البنوك... لكن الحقيقة."
زهرة تبص لبعيد... وتهمس في سرّها: ـ "
الهواء بيهز طرف طرحتها، وهي بتهمس لنفسها من غير ما حد يسمع:
زهرة (بهمس في سرّها):
ـ "زي ما كان دايمًا بيحميني... أنا كمان لسه بدوّر على أمان...
بس هو الأمان ولا الخوف؟ هو الونس... ولا الغياب إللي بيحمي؟"
شرودها يتقطع بصوت شاب بيقرب منها، شكله لطيف، بس نظرته جريئة شوية.
الشاب (بابتسامة هادية):
ـ "هاي... أنا لاحظت إنك كتير لوحدك هنا... ممكن أتعرف؟"
زهرة تندهش، وتبص له بسرعة، تحاول تخبي ارتباكها، ترد بصوت منخفض:
زهرة:
ـ "أنا... لسه جديدة هنا، وبحب الهدوء بس."
الشاب يبتسم، ويقعد على الطرف التاني من المقعد:
الشاب:
ـ "أنا كمان كنت كده أول ما جيت... بس الصُحبة بتساعد... خصوصًا لما تكون جميلة زيك."
في نفس اللحظة... من بعيد، عاصي كان واقف ورا زجاج مبنى الإدارة، بيتابع المشهد من بعيد، عينه اتحولت لهدوء ناري، وبيكتم غيرته...
وتتتبع
كانت زهرة وقفة كانت بتتكلم بخجل مع زميلها، 
تمر لحظات من الصمت... وفجأة بيرجعو صوت البنات اللي انسحبوا من شوية، راجعين ومعاهم حاجات، وبيضحكوا وبيتكلموا بصوت واضح)
البنت 1 (بصوت عالي وهي شايفة الشاب بيحول يوقع  زهرة):
ـ "هو انت لسه بتجري ورا البنات يا يونسر ؟ بطل بقى، زهرة دي مش زي أي حد... دي مش لوحدها أصلاً، عندها أصحاب بيخافوا عليها وبيحبوها!"
يوسف:
ـ " أنا كنت بسأل زهرة، لو تحبي نكمل مشروع التدريب سوا؟  آوى محتاجة مساعدة؟"
زهرة (بلباكة خفيفة):
ـ "ممم... لا شكراً، أنا هظبطه بنفسي، بس لو احتجت هبلغك."
يوسف (بإصرار):
ـ "مافيش إحراج... إحنا زمايل يعني."
زهرة، تحس بنظرة كأنها واخداها في ضهرها، تلف بعينيها حوالين المكان، تشوفه من بعيد بيتابع من الشباك ... واقف، وساكت، وعنيه مليانة كل الكلام اللي مش قادر يقوله.
زهرة (بهمس جواها):
ـ "حتى وانت بعيد... بتحميني بنظرتك...
بس أنا لسه مش عارفة... أحمى نفسي  من إحساسي بيك إزاي؟"
زهرة (في سرّها):
ـ "هو شايفني... بس ساكت.
هو وعدني ما يقربش... بس مش قادر ياخد خطوة وأنا مش عارفة أعمل إيه وأنا شايفة خوفه وحيرته 
تلف بسرعة، تبص لزميلها وتقول:
زهرة (بصوت متردد):
ـ "أنا آسفة... هستأذن شوية."
الكاتبة صفاء حسنى 
تتحرك خطوات سريعة على الممر، قلبها بيدق، ومخها مش عارف هي رايحة تقول إيه، بس حاسة إنها لازم تروح. بتوصل لباب المكتب، ترفع إيدها تخبط... بس مفيش وقت. بتفتح الباب بهدوء وتدخل.
كان عاصي ماشي رايح جاي في المكتب، خطواته سريعة وقلقة. إيده في جيبه، وعينه مش ثابتة. فجأة يقف، يبص من الشباك، يشوف زهرة من بعيد بتتكلم مع زميلها في الكلية. بيضحكوا، وهي بتقلب في ورق معاها وبتشرح ليهم  حاجة. لكن نظرت الشاب مش بسيطة 
عاصي (بيهمس لنفسه وهو بيشـ.ـد شعره):
ـ "عادي... زميلها... بيشتغلوا على مشروع، مش أكتر...
بس ليه ضحكتها مش عادية؟
ليه كل ما بشوفها بتتكلم مع حد... بحس إني عايز أروح أقولها: خلّي بالك؟"
يكمل مشيته رايح جاي، بس المرة دي أسرع، باين عليه تـ.ـو.تر وغيرة صامتة بتغلي جواه.
عاصي (واقف مكانه وبيكلم نفسه):
ـ "يعني أنا اللي وعدتها إني أديها مساحتها...
أنا اللي قلت هسيبها تبني نفسها...
طب ليه قلبي بيتشـ.ـد كده كل ما بتكلم حد؟
هي حرة... وهي قوية... بس أنا...
أنا مش قادر أتعامل مع فكرة إن حد غيري يشوف نورها."
عاصي (في سره):
ـ "يعني كل ما تبصي لحد غيري أفضل كده على نار؟
أنا اللي قلت أديها المساحة... أنا اللي وعدت نفسي أكون راجـ.ـل كبير وعاقل...
بس طلعت طفل بيغير وبيتحرق من جوه كل مرة تضحكي لحد غيري."
(يسند ضهره على الحيطة، يغمض عينيه، بيحاول يستجمع أعصابه... لكن قلبه بيخونه)
ـ "هي زهرة، بس مش أي زهرة... دي زهرتي أنا.
اللي كل يوم بتثبتلي إنها أقوى من أي وجع...
وأنا؟
أنا مجرد راجـ.ـل بيحبها، وبيحاول يتعلم إزاي يكون على قد حبها."
عاصي كان لسه قاعد مكانه، حاسس بخطواتها، بيرفع عينه... وبيشوفها واقفة قدامه. صمت مفاجئ بيسيطر.
يقف فجأة، يحط إيده على دماغه، كأن تفكيره وجعه، ويتنهد بعمق، وبعدين يقعد على الكرسي.
يحط كوعه على المكتب، ويسند راسه بإيده، ويبص قدامه بشرود.
عاصي (بنبرة داخلية مهزوزة):
ـ "أنا لازم أتعلم أثق فيها...
واثق في نفسي...
أنا مش بحبها وبس...
أنا لازم أحبها بالطريقة اللي تديها أمان مش سجن..."
صفاء حسنى 
عند باب المكتب تقطع شرود دق الباب ...
زهرة (بتهمس وهي واقفة قدامه):
ـ "ينفع أدخل؟"
عاصي (بيقوم وهو متفاجئ، لكن صوته هادي):
ـ "إيه؟ حصل حاجة؟"
ـ "الباب مفتوح... وأنتي مش محتاجة إذن."
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي مرتبك):
ـ "مفيش... يعني، مش عارفة...
كنت شايفك بتبص علينا من الشباك...
خفت تكون متضايق...
ولا يمكن أنا اللي كنت خايفة؟"
عاصي بيقرب منها شوية، بس بيحافظ على المسافة... بيحاول يكون متزن، رغم إنه جواه بركان.
عاصي (بنبرة فيها صراع):
ـ "أنا مش من حقي أزعل...
قلتلك من الأول، ليكي حريتك...
بس الصراحة... لما بشوفك بتضحكي مع حد، بحس...
إن قلبي بيغير حتى لو مش لازم."
زهرة تبص له، وتحاول تبين القوة، لكن عنيها بتلمع بنقطة وجع حنونة.
(زهرة تدخل، تقفل الباب وراها، تقف ساكتة شوية، وبعدين تقول):
ـ "كنت جاية أقولك... أنا مابحبش أبرر، بس اللي شوفته من شوية ماكانش حاجة تستدعي نظرة زي دي."
عاصي (يرفع عينه، نظرة مباشرة فيها شوق مكتوم):
ـ "أنا اللي لازم أعتذر... عيني مش ملكي، بس قلبي كمان مش مطاوعني."
زهرة (بصوت متأثر):
ـ "أنا هنا عشان أتعلم... أكون أقوى... مش عشان أرجع أتوجع من نظراتك وسكوتك."
عاصي (بهدوء):
ـ "وعدتك إني مش هضغط... وهفضل عند وعدي.
بس لو قلبي اتكلم، مـ.ـا.تلومهوش... ده لسه متعلق بواحدة، وعدته إنها مش هتبص لحد تاني، بس أول ما بدأت تتنفس... ابتدت تخطف قلوب الناس كلها."
زهرة (بهمسة):
ـ "ولو رجعتلك؟"
عاصي (بنظرة فيها حب مكبوت):
ـ "يبقى أنا عشت تاني."
زهرة:
ـ "وإنت لما بتبعد... قلبي بيتشـ.ـد أكتر...
مش عايزك تراقبني، بس كمان مش عايزاك تمشي...
أنا أصلاً... معرفش أرتاح غير وانت حواليا."
عاصي بيتنهد، يبص في عينيها، ويبتسم ابتسامة خفيفة لكنها صادقة.
عاصي:
ـ "كل مرة بنهرب من بعض... بنرجع لنفس النقطة...
بس المرة دي... نفسي نكمل لآخر السطر."
زهرة تنزل عينيها، وتقول بهمس:
زهرة:
ـ "بس السطر لسه فاضل فيه شوية وجع...
ممكن تستنى عليا لحد ما أكتبه كله؟"
عاصي (بصوت واثق وناعم):
ـ "هستنى...
وهسيبلك القلم...
بس وعديني لما توصلي للنقطة... تكوني لسه شايفاني."
يبتسموا الاتنين، ومش لازم أحضان ولا لمس... لأن العيون في اللحظة دي قالت كل حاجة.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
---
نهار دافي، والشمس بتلمع على بوابة السجن... الباب الحديدي بيتفتح ببطء، وصوت خطوات تقيلة بيقرب... زياد خارج، ملامحه متغيرة، شعره أطول شوية، ودقنه مشذبة على السريع... عيونه فيها حزن سنين، بس كمان فيها نور خفيف... نور الحرية.
واقف قدام البوابة، بياخد نفس عميق كأنه أول نفس من  شهور .. بيلف وشه ناحية اليمين، يلاقيها... ياسمين.
كانت واقفة على بعد خطوات، لابسة جينز وبسيطة جدًا، وشها كله دمـ.ـو.ع بس ضحكتها واسعة قوي، جواها ارتباك وفرحة مش قادرة تخبيها.
ياسمين (بهمس باكي):
ـ "زياد..."
زياد يوقف مكانه، عينه بتلمع، ما بين الذهول والخوف، كأنه مش مصدق إنها لسه مستنياه...
زياد (بصوت مبحوح):
ـ "كنتي... فعلاً هنا؟"
تجري عليه ياسمين، مش بتفكر، مش بتتردد... حـ.ـضـ.ـنته بكل وجعها، بكل شوقها... هو اتجمد لحظة، وبعدين لف دراعه حواليها... كأنه بيحـ.ـضـ.ـن الحياة نفسها.
ياسمين (من غير ما تسيبه):
ـ "وحـ.ـشـ.ـتني... وحشتنا... وكنت مستنية اللحظة دي من يوم ما دخلت... بس مكنتش  مصدقة إنك هتخرج."
زياد (بصوت هادي):
ـ "ماكنتش مصدق إن حد لسه بيحبني..."
ياسمين (بضحكة باكية):
ـ "مش بس بحبك... أنا متأكدة إنك  ضحية، حتى لو الناس ما صدقتش، أنا صدقت... وقلبى فضل جنبك."
يسيبها شوية ويمسك إيديها الاتنين، ويبص في عينيها.
زياد:
ـ "أنا طالع إنسان جديد... مش هغلط تاني، ومش هسيبك تاني... ولو هبدأ حياتي من أول وجديد، عايز أبدأها بيكي." عايز اكفر عن كل ذنوبي واول ذنب عملته في حقك إن عملت معاكى علاقة فى الحـ.ـر.ام ولازم نتجوز 
ابتسم ياسمين بخجل، وتشـ.ـد إيده تمشي بيه بعيد عن بوابة السجن...
---
الكاتبة صفاء حسنى 
بعد خروجه من السجن،  أنا عايز أزور قبر نيفين 
هزت راسها ياسمين بالتأكيد وراحوا مع بعض 
  مقابر بسيطة، شجر ناشف بيتهز بهوا خفيف، وزياد واقف قدام قبر نيفين، حاطط وردة بيضة على التراب، وعيونه مليانة نـ.ـد.م...
المشهد صامت شوية، مفيش غير صوت خطواته، وهو بيقرب من القبر، ويحط الورد، ويركع على ركبته قدامه... يخرج نفس طويل، ويحط إيده على الحجر.
زياد (بصوت متكسر):
ـ "نيفين... معرفش لو روحك  هتغفر لي، ولا لا و لو ربنا هيسامحني، بس... أنا هنا النهاردة عشان أقولك كل اللي مكنتش عارف أقوله وأنا جوه، ولا حتى قبل كده."
يسكت لحظة، عينه بتدمع، ويرجع يكمل.
زياد:
ـ "مكنتش سبب موتك، بس كنت سبب سكوتي... كنت جبان، وضيعت حقي وحقك. كنت خايف أواجه اللي عملوه فيكي، كنت تايه... ضايع..."
يقرب إيده من التراب ويكمل.
زياد:
ـ "بس خلاص، اتسجنت، واتعلمت، وقسيت... واتولدت من جديد. وياسمين فضلت جنبي، وعرفتني يعني إيه الحب الحقيقي... بس إنتِ... إنتِ هتفضلي جرح مفتوح في قلبي، لحد يوم ما نتحاسب قدام ربنا كلنا."
يقوم من على الأرض، ويمسح التراب من على هدومه، ويتنهد تنهيدة طويلة.
زياد (بهمس):
ـ "ادعيلي تسامحيني... وادعيلي أبقى بني آدم يستحق يعيش بسلام."
يمشي زياد، بس كل خطوة بياخدها من القبر، بتكون بداية لغفران جديد... ملامحه فيها نـ.ـد.م، بس كمان فيها تصميم إنه يكون إنسان أحسن.
سألته ياسمين عايز تروح فين 
رد زياد نزور أهل نيفين ده وعد وعده لنفسي 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
– بيت أهل نيفين – مساءً – الإضاءة هادئة
الباب بيُفتح بهدوء... زياد واقف على العتبة، ملامحه باهتة، عينه فيها وجع سنين، وياسمين جنبه، إيديهم مش متشابكة، بس القرب بينهم واضح. الأم تطلع تبص، وبعدين الأب يخرج وراه... اللحظة بتكون صامته ومليانة ارتباك.
زياد (بصوت منخفض، وعينه فى الأرض):
ـ "مكنتش أتخيل إنى هقابلكم تاني... بس جيت عشان أقول كلمتين، من القلب."
سكون... الأب بيهزّ راسه، كأنه بيقول له: "كمّل."
زياد (يتنهد، ونبرة صوته تهتز):
ـ "أنا غلطت... غلطت كتير... وضيّعت بنتكم، وضعت نفسي، وضيعت ناس تانية... بس السجن علّمني، وزهرة... زهرة فتحت عنيا على إن فى ناس لسه نضيفة فى الدنيا، ناس زيها... بيضحّوا عشان كلمة حق، حتى لو العالم كله ضدهم."
ياسمين تبص له، عنيها فيها دمـ.ـو.ع فخر وحزن في نفس الوقت.
زياد (ينظر للأب والأم):
ـ "أنا النهاردة طالع من السجن بس مش نفس زياد... أنا تايب... وبتمنى تسامحوني، مش بس عشان نيفين الله يرحمها... لكن عشان أنا عاوز أعيش بقية عمري إنسان حقيقي."
الأب يقرب خطوة، والأم عنيها بتدمع، بس ما بتتكلمش.
زياد (بيكمل والنـ.ـد.م مالي صوته):
ـ "أنا وياسمين... عايزين نبدأ من جديد، والنهاردة جايين نطلب منكم تكونوا شاهدين على بداية دي... نكتب كتابنا فى وجودكم، ونعتبركم أهل لينا... يمكن مقدرش أعوضكم، لكن وعد، إنكم تشوفوا مننا خير."
الأم تبص لياسمين، تدمع وتفتح دراعها ليها... وياسمين ترتمى فى حـ.ـضـ.ـنها، دمـ.ـو.عها بتنزل بحرارة.
الأم (بصوت متكسر):
ـ "نيفين مـ.ـا.تت... بس لو كانت هنا، كانت هتسامحك، لأنها كانت طيبة... الله يسامحك يا ابني، وربنا يثبّتك."
الأب (بحزم طيب):
ـ "لو كنت فاكر إننا كرهناك، تبقى غلطان... إحنا كرهنا نفسنا جرينى ورا الفلوس كانت النتيجة بنتنا ضاعت ... وأهو ربنا رجّع لك عقلك، ومحدش معصوم."
زياد يغمض عينه والدمـ.ـو.ع تنزل... يمد إيده للأب، والأب يسلم عليه بحزم.
زياد (بصوت مبحوح):
ـ "متشكر... على إنكم سبب... إن الحكم يتخفف، وإن ضميري يرتاح... وعارف إن زهرة مش هنا، بس هي كانت السبب... وعمري ما هنسى."
ياسمين تبص له، وتقول بهمس وهي ماسكة إيده:
ياسمين:
ـ "إحنا هنبدأ من أول وجديد... مع بعض."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
الأب يدخل أوضته بهدوء، وبعد لحظات بيرجع شايل ملف كبير، يمدّه لزياد.
زياد (بــــاستغراب):
ـ "إيه ده؟"
الأب (نبرته هادية لكن حاسمة):
ـ "دي أوراق شركة... اشتريتها من فترة، وكنت ناوي أفتحها لبنتي... بس نصيبها تروح ، وعلى رأيي: اللي يسامح، لازم يساعد كمان."
زياد (بيتلبك):
ـ "بس... بس يا عم الحج... أنا مش جاهز، ولسه خارج من..."
الأب (بيقاطعه):
ـ "مش عايز تسمع ماضيك تاني... سمعته كفاية. أنا مش بديك صدقة، أنا بديلك فرصة تثبت إنك فعلاً اتغيّرت... وإنك تستاهل بنتي ياسمين  وتجعل ل حياتنى روح ."
زياد يبص للورق، وعنياه تتملي دمـ.ـو.ع، وبصوت مهزوز بيقول:
زياد:
ـ "أنا هثبتلك ده... هخلي الشركة دي تكبر، وتكون سبب رزق لناس غيري... وتكون فخر ليك ول نيفين .. ولنفسي قبل أي حد."
الأم (بابتسامة دافية):
ـ "الماضي مش بيتنسي يا زياد... بس ممكن نختار نعيشه إزاي بعد كده."
ياسمين تمسك إيده، وتبص له بثقة:
ياسمين:
ـ "وأنا هكون جنبك في كل خطوة... بس إياك تضعف تاني، أو تتهرب... المواجهة هي أول طريق الغفران."
زياد (بيهز راسه):
ـ "وعد... دي بداية جديدة... مش بس لحياتي، لكن لضميري كمان."
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
الفصل 31 — 
بيت الحج محمد ، جو ريفي بسيط، الشمس قربت تغرب، والدخان طالع من براد الشاي على المصطبة. الحج محمد  قاعد ماسك سبحة في إيده، ووشه فيه ملامح تفكير عميق.
يقطع شروده صوت خبط على الباب...
أحد الشباب (من رجال عمّه):
ـ "يا حاج محمد ، معلش يا عم، عندي خبر مهم... بس لازم تقعد قبل ما تسمعه."
الحج محمد يرمقه بــــاستغراب، بيقوم واقف وهو بيعدل جلبابه.
:
ـ "قول، هو في إيه؟ خير؟"
الشاب (بتردد):
ـ "ابنك ... بلغ عن حد للشرطة... شافه بعينه وهو بيوزع مخدرات قدام المركز الزراعي."
الحج محمد (بعصبية):
ـ "وإيه علاقة ده بيا؟!"
الشاب (ينزل عينه):
ـ "اللي شافه... كان سليم."
صمت رهيب... الحج محمد يتجمد مكانه، عينه بتترج، وإيده توقع السبحة من غير ما يحس.
الحج محمد (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ "سليم؟ إبن ولدى ؟!"
الشاب:
ـ "أيوه... هرب لما شاف ابنك ، بس كان في ناس صوروه... والموضوع وصل للنيابة."
الحج محمد يقعد على أول حجر جنب الحيط، وهو بيحاول يلم نفسه...
الحج منصور (بصوت مبحوح):
ـ "أنا سكت... وسندته... وقلت يمكن يتصلح... بس ده طلع عار... مش بس خان بنتي... ده خاننا كلنا."
بعد شوية...
يخرج من بيته، ينادي على جاره الكبير، وعلى الراجـ.ـل اللي كان بيخطب له واحدة من البلد، ويقول لهم بكل حسم:
الحج محمد :
ـ "بلغوا الناس إني اطلق سليم من زهرة . مش هينفع أبدأ 
الناس واقفين مصدومين... صوت أذان المغرب يعلو، والحج منصور يرفع عينه للسماء.
تمام، أهو مشهد قوي وصادم، فيه تصاعد درامي عنيف وهيفجّر حالة من التـ.ـو.تر والخطر، وهنختمه بحاجة تخلّي القارئ يبقى متشوق للفصل اللي بعده:
---
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
الفصل 31 – 
ليلة كتب كتاب صالح، والد زهرة، وسط فرحة بسيطة من أهل البلد، زغروطة هنا وضحكة هناك، وولاد بيلعبوا حوالين الكراسي البلاستيك والفرش المفروش في الحوش الكبير.
الحاج محمد واقف جنب ابنه صالح، بيمضوا على قسيمة الجواز، والعروسة قاعدة في هدوء وسط الستات، والناس بتبـ.ـارك.
كل حاجة كانت ماشية طبيعي... لحد ما اتفتح باب البيت فجأة بصوت عنيف...
ظهر سليم، هدومه متبهدلة، عينه حمراء، ووشه متقلب، ويده مرفوعة... فيها مسدس.
سليم (بيصـ.ـر.خ بصوت مفجوع ومـ.ـجـ.ـنو.ن):
ـ "بـتتجوز يا شيب؟! بعد ما طلقتني من بنتك وسفرتها برّا؟! بتتجوز وانت عارف إن بنتك ماشية على حل شعرها؟!"
الناس كلها قامت فجأة، الستات صرخوا، العروسة وقعت في حـ.ـضـ.ـن أمها، والرجـ.ـا.لة اتحركت تحوش، لكن سليم كان بيهدد أي حد يقرب.
سليم (بصوت هادر):
ـ "اللي يقرب أضـ.ـر.به... أنا مش هسكت... مش بعد ما رميتوني زي الكـ.ـلـ.ـب، والبنت اللي كانت لي بقيت بعيد عنى  واجبرتونى أطلقها وسفرته ... أنا اللي كنت  لازم يتعملى فرح كدة. 
صالح واقف، وشه مش باين عليه أي خوف، لكن الجد محمد اتحرك خطوة قدام، ووشه مليان غضب مكتوم.
الحاج محمد (بصوت ثابت):
ـ "خليك فاكر إنك كنت وصمة عار، ووشك ده مش مفروض يدخل البلد دي تاني... ولو رجّللك جابتك، يبقى تتدفع التمن."
سليم (بجنون):
ـ "كلكم هتموتوا... كلكم..."
وفي اللحظة دي...
صوت طلق ناري بيشق الليل... والناس تصرخ، في دوشة، وفيه اللي بيجري، وفيه اللي بيقع...
والكاميرا تتجمد على وش الجد محمد، وهو بيبص لتحت... والدم بيبدأ يظهر في طرف جلابيته...
---
الطلق الناري رجّ المكان... صوت صرخة عالية خرج من واحدة من الستات، وسليم واقف بيتنفس بصعوبة، إيده لسه مرفوعة بالمسدس...
كل الناس بصت للجد محمد، الواقف ثابت زي الجبل... لكن الدم بيقطر من طرف جلابيته...
الحاج محمد (بصوت هادي لكن مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ "الرصاصة دي... مش أول ألم يعدّي عليّا... بس أوعدك... هتكون آخر وجع منك يا سليم."
الناس اتجمعت حواليه، وصالح جري ناحيته وهو بيصـ.ـر.خ:
صالح:
ـ "يابااااااا!!"
سليم واقف، ملامحه تهتز، كأنه مش مصدق اللي عمله، صوته وا.طـ.ـي وهو بيقول:
سليم (بتمتمة):
ـ "ماكنتش... ماكنتش أقصد أأذيك... كنت عايز أرجع اللي راح مني... كنت بحبها..."
وفجأة، ييجي صوت عربية شرطة وهي بتفرمل جـ.ـا.مد قدام البيت، وأصوات صياح وضباط بينزلوا...
ضابط (بصوت عالي):
ـ "محدش يتحرك! سلم السلاح يا سليم... إنت مطلوب في قضايا مخدرات وهروب من العدالة!"
سليم يبص حواليه، عينه تدور على الوجوه، كأنه بيدوّر على مخرج... لكن مفيش، الأرض ضاقت عليه.
تتبع
كانت زهرة وقفة كانت بتتكلم بخجل مع زميلها، 
تمر لحظات من الصمت... وفجأة بيرجعو صوت البنات اللي انسحبوا من شوية، راجعين ومعاهم حاجات، وبيضحكوا وبيتكلموا بصوت واضح)
البنت 1 (بصوت عالي وهي شايفة الشاب بيحول يوقع  زهرة):
ـ "هو انت لسه بتجري ورا البنات يا يونسر ؟ بطل بقى، زهرة دي مش زي أي حد... دي مش لوحدها أصلاً، عندها أصحاب بيخافوا عليها وبيحبوها!"
يوسف:
ـ " أنا كنت بسأل زهرة، لو تحبي نكمل مشروع التدريب سوا؟  آوى محتاجة مساعدة؟"
زهرة (بلباكة خفيفة):
ـ "ممم... لا شكراً، أنا هظبطه بنفسي، بس لو احتجت هبلغك."
يوسف (بإصرار):
ـ "مافيش إحراج... إحنا زمايل يعني."
زهرة، تحس بنظرة كأنها واخداها في ضهرها، تلف بعينيها حوالين المكان، تشوفه من بعيد بيتابع من الشباك ... واقف، وساكت، وعنيه مليانة كل الكلام اللي مش قادر يقوله.
زهرة (بهمس جواها):
ـ "حتى وانت بعيد... بتحميني بنظرتك...
بس أنا لسه مش عارفة... أحمى نفسي  من إحساسي بيك إزاي؟"
زهرة (في سرّها):
ـ "هو شايفني... بس ساكت.
هو وعدني ما يقربش... بس مش قادر ياخد خطوة وأنا مش عارفة أعمل إيه وأنا شايفة خوفه وحيرته 
تلف بسرعة، تبص لزميلها وتقول:
زهرة (بصوت متردد):
ـ "أنا آسفة... هستأذن شوية."
الكاتبة صفاء حسنى 
تتحرك خطوات سريعة على الممر، قلبها بيدق، ومخها مش عارف هي رايحة تقول إيه، بس حاسة إنها لازم تروح. بتوصل لباب المكتب، ترفع إيدها تخبط... بس مفيش وقت. بتفتح الباب بهدوء وتدخل.
كان عاصي ماشي رايح جاي في المكتب، خطواته سريعة وقلقة. إيده في جيبه، وعينه مش ثابتة. فجأة يقف، يبص من الشباك، يشوف زهرة من بعيد بتتكلم مع زميلها في الكلية. بيضحكوا، وهي بتقلب في ورق معاها وبتشرح ليهم  حاجة. لكن نظرت الشاب مش بسيطة 
عاصي (بيهمس لنفسه وهو بيشـ.ـد شعره):
ـ "عادي... زميلها... بيشتغلوا على مشروع، مش أكتر...
بس ليه ضحكتها مش عادية؟
ليه كل ما بشوفها بتتكلم مع حد... بحس إني عايز أروح أقولها: خلّي بالك؟"
يكمل مشيته رايح جاي، بس المرة دي أسرع، باين عليه تـ.ـو.تر وغيرة صامتة بتغلي جواه.
عاصي (واقف مكانه وبيكلم نفسه):
ـ "يعني أنا اللي وعدتها إني أديها مساحتها...
أنا اللي قلت هسيبها تبني نفسها...
طب ليه قلبي بيتشـ.ـد كده كل ما بتكلم حد؟
هي حرة... وهي قوية... بس أنا...
أنا مش قادر أتعامل مع فكرة إن حد غيري يشوف نورها."
عاصي (في سره):
ـ "يعني كل ما تبصي لحد غيري أفضل كده على نار؟
أنا اللي قلت أديها المساحة... أنا اللي وعدت نفسي أكون راجـ.ـل كبير وعاقل...
بس طلعت طفل بيغير وبيتحرق من جوه كل مرة تضحكي لحد غيري."
(يسند ضهره على الحيطة، يغمض عينيه، بيحاول يستجمع أعصابه... لكن قلبه بيخونه)
ـ "هي زهرة، بس مش أي زهرة... دي زهرتي أنا.
اللي كل يوم بتثبتلي إنها أقوى من أي وجع...
وأنا؟
أنا مجرد راجـ.ـل بيحبها، وبيحاول يتعلم إزاي يكون على قد حبها."
عاصي كان لسه قاعد مكانه، حاسس بخطواتها، بيرفع عينه... وبيشوفها واقفة قدامه. صمت مفاجئ بيسيطر.
يقف فجأة، يحط إيده على دماغه، كأن تفكيره وجعه، ويتنهد بعمق، وبعدين يقعد على الكرسي.
يحط كوعه على المكتب، ويسند راسه بإيده، ويبص قدامه بشرود.
عاصي (بنبرة داخلية مهزوزة):
ـ "أنا لازم أتعلم أثق فيها...
واثق في نفسي...
أنا مش بحبها وبس...
أنا لازم أحبها بالطريقة اللي تديها أمان مش سجن..."
صفاء حسنى 
عند باب المكتب تقطع شرود دق الباب ...
زهرة (بتهمس وهي واقفة قدامه):
ـ "ينفع أدخل؟"
عاصي (بيقوم وهو متفاجئ، لكن صوته هادي):
ـ "إيه؟ حصل حاجة؟"
ـ "الباب مفتوح... وأنتي مش محتاجة إذن."
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي مرتبك):
ـ "مفيش... يعني، مش عارفة...
كنت شايفك بتبص علينا من الشباك...
خفت تكون متضايق...
ولا يمكن أنا اللي كنت خايفة؟"
عاصي بيقرب منها شوية، بس بيحافظ على المسافة... بيحاول يكون متزن، رغم إنه جواه بركان.
عاصي (بنبرة فيها صراع):
ـ "أنا مش من حقي أزعل...
قلتلك من الأول، ليكي حريتك...
بس الصراحة... لما بشوفك بتضحكي مع حد، بحس...
إن قلبي بيغير حتى لو مش لازم."
زهرة تبص له، وتحاول تبين القوة، لكن عنيها بتلمع بنقطة وجع حنونة.
(زهرة تدخل، تقفل الباب وراها، تقف ساكتة شوية، وبعدين تقول):
ـ "كنت جاية أقولك... أنا مابحبش أبرر، بس اللي شوفته من شوية ماكانش حاجة تستدعي نظرة زي دي."
عاصي (يرفع عينه، نظرة مباشرة فيها شوق مكتوم):
ـ "أنا اللي لازم أعتذر... عيني مش ملكي، بس قلبي كمان مش مطاوعني."
زهرة (بصوت متأثر):
ـ "أنا هنا عشان أتعلم... أكون أقوى... مش عشان أرجع أتوجع من نظراتك وسكوتك."
عاصي (بهدوء):
ـ "وعدتك إني مش هضغط... وهفضل عند وعدي.
بس لو قلبي اتكلم، مـ.ـا.تلومهوش... ده لسه متعلق بواحدة، وعدته إنها مش هتبص لحد تاني، بس أول ما بدأت تتنفس... ابتدت تخطف قلوب الناس كلها."
زهرة (بهمسة):
ـ "ولو رجعتلك؟"
عاصي (بنظرة فيها حب مكبوت):
ـ "يبقى أنا عشت تاني."
زهرة:
ـ "وإنت لما بتبعد... قلبي بيتشـ.ـد أكتر...
مش عايزك تراقبني، بس كمان مش عايزاك تمشي...
أنا أصلاً... معرفش أرتاح غير وانت حواليا."
عاصي بيتنهد، يبص في عينيها، ويبتسم ابتسامة خفيفة لكنها صادقة.
عاصي:
ـ "كل مرة بنهرب من بعض... بنرجع لنفس النقطة...
بس المرة دي... نفسي نكمل لآخر السطر."
زهرة تنزل عينيها، وتقول بهمس:
زهرة:
ـ "بس السطر لسه فاضل فيه شوية وجع...
ممكن تستنى عليا لحد ما أكتبه كله؟"
عاصي (بصوت واثق وناعم):
ـ "هستنى...
وهسيبلك القلم...
بس وعديني لما توصلي للنقطة... تكوني لسه شايفاني."
يبتسموا الاتنين، ومش لازم أحضان ولا لمس... لأن العيون في اللحظة دي قالت كل حاجة.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
---
نهار دافي، والشمس بتلمع على بوابة السجن... الباب الحديدي بيتفتح ببطء، وصوت خطوات تقيلة بيقرب... زياد خارج، ملامحه متغيرة، شعره أطول شوية، ودقنه مشذبة على السريع... عيونه فيها حزن سنين، بس كمان فيها نور خفيف... نور الحرية.
واقف قدام البوابة، بياخد نفس عميق كأنه أول نفس من  شهور .. بيلف وشه ناحية اليمين، يلاقيها... ياسمين.
كانت واقفة على بعد خطوات، لابسة جينز وبسيطة جدًا، وشها كله دمـ.ـو.ع بس ضحكتها واسعة قوي، جواها ارتباك وفرحة مش قادرة تخبيها.
ياسمين (بهمس باكي):
ـ "زياد..."
زياد يوقف مكانه، عينه بتلمع، ما بين الذهول والخوف، كأنه مش مصدق إنها لسه مستنياه...
زياد (بصوت مبحوح):
ـ "كنتي... فعلاً هنا؟"
تجري عليه ياسمين، مش بتفكر، مش بتتردد... حـ.ـضـ.ـنته بكل وجعها، بكل شوقها... هو اتجمد لحظة، وبعدين لف دراعه حواليها... كأنه بيحـ.ـضـ.ـن الحياة نفسها.
ياسمين (من غير ما تسيبه):
ـ "وحـ.ـشـ.ـتني... وحشتنا... وكنت مستنية اللحظة دي من يوم ما دخلت... بس مكنتش  مصدقة إنك هتخرج."
زياد (بصوت هادي):
ـ "ماكنتش مصدق إن حد لسه بيحبني..."
ياسمين (بضحكة باكية):
ـ "مش بس بحبك... أنا متأكدة إنك  ضحية، حتى لو الناس ما صدقتش، أنا صدقت... وقلبى فضل جنبك."
يسيبها شوية ويمسك إيديها الاتنين، ويبص في عينيها.
زياد:
ـ "أنا طالع إنسان جديد... مش هغلط تاني، ومش هسيبك تاني... ولو هبدأ حياتي من أول وجديد، عايز أبدأها بيكي." عايز اكفر عن كل ذنوبي واول ذنب عملته في حقك إن عملت معاكى علاقة فى الحـ.ـر.ام ولازم نتجوز 
ابتسم ياسمين بخجل، وتشـ.ـد إيده تمشي بيه بعيد عن بوابة السجن...
---
الكاتبة صفاء حسنى 
بعد خروجه من السجن،  أنا عايز أزور قبر نيفين 
هزت راسها ياسمين بالتأكيد وراحوا مع بعض 
  مقابر بسيطة، شجر ناشف بيتهز بهوا خفيف، وزياد واقف قدام قبر نيفين، حاطط وردة بيضة على التراب، وعيونه مليانة نـ.ـد.م...
المشهد صامت شوية، مفيش غير صوت خطواته، وهو بيقرب من القبر، ويحط الورد، ويركع على ركبته قدامه... يخرج نفس طويل، ويحط إيده على الحجر.
زياد (بصوت متكسر):
ـ "نيفين... معرفش لو روحك  هتغفر لي، ولا لا و لو ربنا هيسامحني، بس... أنا هنا النهاردة عشان أقولك كل اللي مكنتش عارف أقوله وأنا جوه، ولا حتى قبل كده."
يسكت لحظة، عينه بتدمع، ويرجع يكمل.
زياد:
ـ "مكنتش سبب موتك، بس كنت سبب سكوتي... كنت جبان، وضيعت حقي وحقك. كنت خايف أواجه اللي عملوه فيكي، كنت تايه... ضايع..."
يقرب إيده من التراب ويكمل.
زياد:
ـ "بس خلاص، اتسجنت، واتعلمت، وقسيت... واتولدت من جديد. وياسمين فضلت جنبي، وعرفتني يعني إيه الحب الحقيقي... بس إنتِ... إنتِ هتفضلي جرح مفتوح في قلبي، لحد يوم ما نتحاسب قدام ربنا كلنا."
يقوم من على الأرض، ويمسح التراب من على هدومه، ويتنهد تنهيدة طويلة.
زياد (بهمس):
ـ "ادعيلي تسامحيني... وادعيلي أبقى بني آدم يستحق يعيش بسلام."
يمشي زياد، بس كل خطوة بياخدها من القبر، بتكون بداية لغفران جديد... ملامحه فيها نـ.ـد.م، بس كمان فيها تصميم إنه يكون إنسان أحسن.
سألته ياسمين عايز تروح فين 
رد زياد نزور أهل نيفين ده وعد وعده لنفسي 
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
– بيت أهل نيفين – مساءً – الإضاءة هادئة
الباب بيُفتح بهدوء... زياد واقف على العتبة، ملامحه باهتة، عينه فيها وجع سنين، وياسمين جنبه، إيديهم مش متشابكة، بس القرب بينهم واضح. الأم تطلع تبص، وبعدين الأب يخرج وراه... اللحظة بتكون صامته ومليانة ارتباك.
زياد (بصوت منخفض، وعينه فى الأرض):
ـ "مكنتش أتخيل إنى هقابلكم تاني... بس جيت عشان أقول كلمتين، من القلب."
سكون... الأب بيهزّ راسه، كأنه بيقول له: "كمّل."
زياد (يتنهد، ونبرة صوته تهتز):
ـ "أنا غلطت... غلطت كتير... وضيّعت بنتكم، وضعت نفسي، وضيعت ناس تانية... بس السجن علّمني، وزهرة... زهرة فتحت عنيا على إن فى ناس لسه نضيفة فى الدنيا، ناس زيها... بيضحّوا عشان كلمة حق، حتى لو العالم كله ضدهم."
ياسمين تبص له، عنيها فيها دمـ.ـو.ع فخر وحزن في نفس الوقت.
زياد (ينظر للأب والأم):
ـ "أنا النهاردة طالع من السجن بس مش نفس زياد... أنا تايب... وبتمنى تسامحوني، مش بس عشان نيفين الله يرحمها... لكن عشان أنا عاوز أعيش بقية عمري إنسان حقيقي."
الأب يقرب خطوة، والأم عنيها بتدمع، بس ما بتتكلمش.
زياد (بيكمل والنـ.ـد.م مالي صوته):
ـ "أنا وياسمين... عايزين نبدأ من جديد، والنهاردة جايين نطلب منكم تكونوا شاهدين على بداية دي... نكتب كتابنا فى وجودكم، ونعتبركم أهل لينا... يمكن مقدرش أعوضكم، لكن وعد، إنكم تشوفوا مننا خير."
الأم تبص لياسمين، تدمع وتفتح دراعها ليها... وياسمين ترتمى فى حـ.ـضـ.ـنها، دمـ.ـو.عها بتنزل بحرارة.
الأم (بصوت متكسر):
ـ "نيفين مـ.ـا.تت... بس لو كانت هنا، كانت هتسامحك، لأنها كانت طيبة... الله يسامحك يا ابني، وربنا يثبّتك."
الأب (بحزم طيب):
ـ "لو كنت فاكر إننا كرهناك، تبقى غلطان... إحنا كرهنا نفسنا جرينى ورا الفلوس كانت النتيجة بنتنا ضاعت ... وأهو ربنا رجّع لك عقلك، ومحدش معصوم."
زياد يغمض عينه والدمـ.ـو.ع تنزل... يمد إيده للأب، والأب يسلم عليه بحزم.
زياد (بصوت مبحوح):
ـ "متشكر... على إنكم سبب... إن الحكم يتخفف، وإن ضميري يرتاح... وعارف إن زهرة مش هنا، بس هي كانت السبب... وعمري ما هنسى."
ياسمين تبص له، وتقول بهمس وهي ماسكة إيده:
ياسمين:
ـ "إحنا هنبدأ من أول وجديد... مع بعض."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
الأب يدخل أوضته بهدوء، وبعد لحظات بيرجع شايل ملف كبير، يمدّه لزياد.
زياد (بــــاستغراب):
ـ "إيه ده؟"
الأب (نبرته هادية لكن حاسمة):
ـ "دي أوراق شركة... اشتريتها من فترة، وكنت ناوي أفتحها لبنتي... بس نصيبها تروح ، وعلى رأيي: اللي يسامح، لازم يساعد كمان."
زياد (بيتلبك):
ـ "بس... بس يا عم الحج... أنا مش جاهز، ولسه خارج من..."
الأب (بيقاطعه):
ـ "مش عايز تسمع ماضيك تاني... سمعته كفاية. أنا مش بديك صدقة، أنا بديلك فرصة تثبت إنك فعلاً اتغيّرت... وإنك تستاهل بنتي ياسمين  وتجعل ل حياتنى روح ."
زياد يبص للورق، وعنياه تتملي دمـ.ـو.ع، وبصوت مهزوز بيقول:
زياد:
ـ "أنا هثبتلك ده... هخلي الشركة دي تكبر، وتكون سبب رزق لناس غيري... وتكون فخر ليك ول نيفين .. ولنفسي قبل أي حد."
الأم (بابتسامة دافية):
ـ "الماضي مش بيتنسي يا زياد... بس ممكن نختار نعيشه إزاي بعد كده."
ياسمين تمسك إيده، وتبص له بثقة:
ياسمين:
ـ "وأنا هكون جنبك في كل خطوة... بس إياك تضعف تاني، أو تتهرب... المواجهة هي أول طريق الغفران."
زياد (بيهز راسه):
ـ "وعد... دي بداية جديدة... مش بس لحياتي، لكن لضميري كمان."
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
الفصل 31 — 
بيت الحج محمد ، جو ريفي بسيط، الشمس قربت تغرب، والدخان طالع من براد الشاي على المصطبة. الحج محمد  قاعد ماسك سبحة في إيده، ووشه فيه ملامح تفكير عميق.
يقطع شروده صوت خبط على الباب...
أحد الشباب (من رجال عمّه):
ـ "يا حاج محمد ، معلش يا عم، عندي خبر مهم... بس لازم تقعد قبل ما تسمعه."
الحج محمد يرمقه بــــاستغراب، بيقوم واقف وهو بيعدل جلبابه.
:
ـ "قول، هو في إيه؟ خير؟"
الشاب (بتردد):
ـ "ابنك ... بلغ عن حد للشرطة... شافه بعينه وهو بيوزع مخدرات قدام المركز الزراعي."
الحج محمد (بعصبية):
ـ "وإيه علاقة ده بيا؟!"
الشاب (ينزل عينه):
ـ "اللي شافه... كان سليم."
صمت رهيب... الحج محمد يتجمد مكانه، عينه بتترج، وإيده توقع السبحة من غير ما يحس.
الحج محمد (بصوت مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ "سليم؟ إبن ولدى ؟!"
الشاب:
ـ "أيوه... هرب لما شاف ابنك ، بس كان في ناس صوروه... والموضوع وصل للنيابة."
الحج محمد يقعد على أول حجر جنب الحيط، وهو بيحاول يلم نفسه...
الحج منصور (بصوت مبحوح):
ـ "أنا سكت... وسندته... وقلت يمكن يتصلح... بس ده طلع عار... مش بس خان بنتي... ده خاننا كلنا."
بعد شوية...
يخرج من بيته، ينادي على جاره الكبير، وعلى الراجـ.ـل اللي كان بيخطب له واحدة من البلد، ويقول لهم بكل حسم:
الحج محمد :
ـ "بلغوا الناس إني اطلق سليم من زهرة . مش هينفع أبدأ 
الناس واقفين مصدومين... صوت أذان المغرب يعلو، والحج منصور يرفع عينه للسماء.
تمام، أهو مشهد قوي وصادم، فيه تصاعد درامي عنيف وهيفجّر حالة من التـ.ـو.تر والخطر، وهنختمه بحاجة تخلّي القارئ يبقى متشوق للفصل اللي بعده:
---
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
الفصل 31 – 
ليلة كتب كتاب صالح، والد زهرة، وسط فرحة بسيطة من أهل البلد، زغروطة هنا وضحكة هناك، وولاد بيلعبوا حوالين الكراسي البلاستيك والفرش المفروش في الحوش الكبير.
الحاج محمد واقف جنب ابنه صالح، بيمضوا على قسيمة الجواز، والعروسة قاعدة في هدوء وسط الستات، والناس بتبـ.ـارك.
كل حاجة كانت ماشية طبيعي... لحد ما اتفتح باب البيت فجأة بصوت عنيف...
ظهر سليم، هدومه متبهدلة، عينه حمراء، ووشه متقلب، ويده مرفوعة... فيها مسدس.
سليم (بيصـ.ـر.خ بصوت مفجوع ومـ.ـجـ.ـنو.ن):
ـ "بـتتجوز يا شيب؟! بعد ما طلقتني من بنتك وسفرتها برّا؟! بتتجوز وانت عارف إن بنتك ماشية على حل شعرها؟!"
الناس كلها قامت فجأة، الستات صرخوا، العروسة وقعت في حـ.ـضـ.ـن أمها، والرجـ.ـا.لة اتحركت تحوش، لكن سليم كان بيهدد أي حد يقرب.
سليم (بصوت هادر):
ـ "اللي يقرب أضـ.ـر.به... أنا مش هسكت... مش بعد ما رميتوني زي الكـ.ـلـ.ـب، والبنت اللي كانت لي بقيت بعيد عنى  واجبرتونى أطلقها وسفرته ... أنا اللي كنت  لازم يتعملى فرح كدة. 
صالح واقف، وشه مش باين عليه أي خوف، لكن الجد محمد اتحرك خطوة قدام، ووشه مليان غضب مكتوم.
الحاج محمد (بصوت ثابت):
ـ "خليك فاكر إنك كنت وصمة عار، ووشك ده مش مفروض يدخل البلد دي تاني... ولو رجّللك جابتك، يبقى تتدفع التمن."
سليم (بجنون):
ـ "كلكم هتموتوا... كلكم..."
وفي اللحظة دي...
صوت طلق ناري بيشق الليل... والناس تصرخ، في دوشة، وفيه اللي بيجري، وفيه اللي بيقع...
والكاميرا تتجمد على وش الجد محمد، وهو بيبص لتحت... والدم بيبدأ يظهر في طرف جلابيته...
---
الطلق الناري رجّ المكان... صوت صرخة عالية خرج من واحدة من الستات، وسليم واقف بيتنفس بصعوبة، إيده لسه مرفوعة بالمسدس...
كل الناس بصت للجد محمد، الواقف ثابت زي الجبل... لكن الدم بيقطر من طرف جلابيته...
الحاج محمد (بصوت هادي لكن مخـ.ـنـ.ـوق):
ـ "الرصاصة دي... مش أول ألم يعدّي عليّا... بس أوعدك... هتكون آخر وجع منك يا سليم."
الناس اتجمعت حواليه، وصالح جري ناحيته وهو بيصـ.ـر.خ:
صالح:
ـ "يابااااااا!!"
سليم واقف، ملامحه تهتز، كأنه مش مصدق اللي عمله، صوته وا.طـ.ـي وهو بيقول:
سليم (بتمتمة):
ـ "ماكنتش... ماكنتش أقصد أأذيك... كنت عايز أرجع اللي راح مني... كنت بحبها..."
وفجأة، ييجي صوت عربية شرطة وهي بتفرمل جـ.ـا.مد قدام البيت، وأصوات صياح وضباط بينزلوا...
ضابط (بصوت عالي):
ـ "محدش يتحرك! سلم السلاح يا سليم... إنت مطلوب في قضايا مخدرات وهروب من العدالة!"
سليم يبص حواليه، عينه تدور على الوجوه، كأنه بيدوّر على مخرج... لكن مفيش، الأرض ضاقت عليه.
تتبع
زهرة تبص لعاصي، وتهمس وتصدم الجميع 
ـ "أنا مش جاهزة أتجوز دلوقتي...
لكن جاهزة أصدق إن في حد فعلاً...
مستني القلب لما يتصلح."
عاصي (بابتسامة):
ـ "وأنا جاهز أستنى...
طول ما انتي معايا،
كل حاجة تستاهل الانتظار."
زهرة بصّت له، والدمـ.ـو.ع لمعت في عينيها، صوتها كان بيترجف وهي بتهمس:
ـ "ليه بتحبني كده؟
ليه مستحملني كل الوقت ده؟
ليه مزهقتش؟...
ولا مليت؟"
عاصي قرب خطوة، لكن وقف مكانه... عينه فيها شوق، وفيها وجع، بس كمان فيها إصرار مش بيتهز:
ـ "عشان معرفتش أكون غير وأنا بحبك...
كل مرة كنت بفتكر إنك ضيعتي منّي،
كنت بحس إن فيّ حاجة بتموت...
بس لما برجع أشوفك،
حتى لو بتبعدي،
كنت بحس إني لسه حي."
زهرة دمـ.ـو.عها نزلت، مش عارفة ترد... إيدها كانت بتترعش وهي بتحاول تخبيها في الجيب بتاع الجاكت.
عاصي (بهدوء مؤلم):
ـ "أنا مكنتش مستني كلمة "بحبك" عشان أطمن...
كنت مستني اللحظة اللي تبصيلي فيها
وانا شايف في عينيكي أمان،
مش خوف..."
يسكت لحظة، وبعدين يكمل بصوت وا.طـ.ـي قوي، كأنه بيكلم قلبها مش ودنها:
ـ "مش مهم نتجوز دلوقتي...
لكن مهم نكمل الرحلة سوا،
نصلّح كل حاجة،
حتى لو كانت واحدة واحدة...
أنا مستعد...
بس إنتي، مستعدة تفتحي الباب؟
ولو بشق صغير؟"
زهرة تبص له، بس المرة دي، عنيها مفيهاش بس دمـ.ـو.ع... فيها لمعة أمل، خيط نور صغير بين الخوف والتصديق.
ترد وهي بتحاول تسيطر على رعشة صوتها:
ـ "لو لسه واقف،
أنا هافتح الباب...
بس استحملني وأنا باتنفس من تاني."
عاصي ابتسم... ابتسامة كانت أهدى من السلام، وأعمق من الحب، كأنه لقى نفسه أخيرًا بعد ما ضاع فيها.
زهرة العاصي
الكاتبة صفاء حسنى 
---
في باحة المستشفى الريفي – ظهراً – الجو دافئ والنسيم بيحمل ريحة مطر قديم ولسه الأرض ندية.
خرج الحاج محمد على كرسي متحرك، ملامحه هادية لكن فيها أثر تعب، لابس جلابية نظيفة وبطنية خفيفة على رُكبته.
واقفين في استقباله صالح ابنه، وعلى وشه ابتسامة حنين وتقدير، وبجنبه سماح، زوجته الجديدة، ست جميلة في آخر التلاتينات، ملامحها فيها وقار وطيبة، لابسة عباية سادة وبسيطة، وبتمسك بإيد بنت صغيرة عمرها حوالي ١٠ سنين، عيونها فيها لمعة براءة وابتسامة خجولة.
سماح (وهي تحني راسها للجد بهدوء): ـ "الحمد لله على سلامتك يا حاج محمد... نورت بيتك من تاني."
الجد محمد (بابتسامة خفيفة ودمعة فرحة في عينه): ـ "الله يسلمك يا بنتي... وبيتكم منور بأصلك الطيب."
صالح (يمسك بإيد أبوه بحنان): ـ "دي سماح يا بوي... بنت الشيخ عبد الرحمن، جبر الله خاطرها، وكانت أرملة، وربنا أراد يتصلح الحال... ودي بنتها فريدة، قلبها طيب زي أمها، وأنا ناوي أربيها زي ما ربيتنا."
الجد يبص للبنت الصغيرة، ويتأمل ملامحها البريئة... كانه شايف زهرة وهي صغيرة، نفس النظرة، نفس الخجل، نفس لمعة الطيبة.
الجد محمد (وهو يفتح دراعه لفريدة): ـ "تعالي يا بنتي... من النهاردة أنتي حفيدتي زَيّ زهرة... واللي يوجـ.ـعك يوجـ.ـع قلبي."
فريدة ترتمي في حـ.ـضـ.ـنه، وتدمع عينه وهو يحتضنها... في لحظة إنسانية صادقة.
وفجأة، ييجي عثمان، ومعاه مـ.ـر.اته هالة، ملامحهم باهتة من النـ.ـد.م، لكنه متماسك، ورافع راسه برجولة فيها توبة.
عثمان (بصوت مكسور): ـ "يا حاج... يمكن اتأخرت، لكن جاي أطلب السماح... أنا ومراتي غلطنا كتير، فيك، وفي زهرة، وفي ابننا... عاوز أطلب منك تربي حفيدي زي ما ربيت زهرة... علمتنا إن البنت لما تتعلم وتتحب، تبقى درع لنفسها وللي حواليها... وعاوز أربي ابني على نفس الطريق."
هالة (بصوت خافت ودمـ.ـو.ع في عينيها): ـ "أنا مش جاية أبرر، جاية أطلب بس تديني فرصة أكون أم حقيقية... لابني وبنتي... تحت ظلك وتوجيهك."
الجد محمد يبص ليهم لحظة بصمت... بعدين يومي برأسه، وصوته ييجي فيه دفء وحسم.
الجد محمد: ـ "المغفرة مش ضعف... ربنا نفسه بيغفر، وأنا عبد من عباده... تعالوا نبدأ من أول وجديد، بشرط... مفيش يوم يعدي من غير ما تعلموا عيالكم يعني إيه رحمة، ويعني إيه ضهر."
يتجمعوا حواليه، سماح تمسك فريدة، وصالح يبـ.ـو.س راس أبوه، وعثمان يقعد جنب رجليه، كأنهم بيرجعوا لجذرهم التاني.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
تدخل نعيمة مامت نيفين  لمكتب زياد ، لابسة محتشم ووشها هادي، ملامحها متغيرة.
نعيمة (بصوت فيه نـ.ـد.م):
> "زياد... أنا عارفة إن طلبي غريب، بس لو تقدر...
تاخدني أزور الحاج محمد."
زياد (بيرفع راسه من الورق، مستغرب):
> "جدي زهرة ؟ ليه؟"
نعيمة (بتاخد نفس عميق):
> "أنا مش مرتاحة...
من ساعة المحكمة وكلامي ليه وهو قاعد مطاطي راسه وعيونه فيها وجع...
مقدرتش أنسى شكله.
عاوزة أطلب منه السماح... وأبوس إيده لو وافق."
زياد (بيهز راسه بإعجاب واحترام):
> "والله ما توقعت منك الكلام ده...
بس ياريت ناس كتير يكون عندها الشجاعة تعترف وتصلح."
نعيمة (بصوت حنين):
> "أنا زهرة جرحتها كتير... بس علمتني أكتر.
نفسي أفتح صفحة جديدة... مش بس معاهم... مع نفسي."
زياد (بابتسامة هادية):
> "طب يلا... عندي خبر صغير كمان محتاج أعلنه عند جدي...
بس نخليها مفاجأة."
الجد محمد قاعد على كرسيه المفضل، عينيه فيها حكمة وتعب.
زياد واقف جانب ياسمين، ملامحهم متحمسة.
نعيمة جاية ومعاها شنطة بسيطة، لابسة أسود وعلى وشها ملامح نـ.ـد.م.
زينة موجودة 
---
نعيمة (بصوت هادي مكسور، وهي بتبص للجد):
> "جيت أطمن عليك يا حاج محمد... وأقولك...
أنا آسفة."
الجد محمد (بهدوء، يرفع نظره ليها):
ويتذكر فلاش باك 
زهرة واقفة جوه القفص، ملامحها منهارة بس بتحاول تتماسك
نعيمة، أم نيفين، واقفة قدام القاضي، عيونها محمرة ووشها مشحون بالغضب والوجع
نعيمة (بصوت عالي، مكسور من جوه):
ـ "هي دي؟
هي دي اللي كنت بحسبها بنتي التانية؟
دخلت بيتنا، أكلت من أكلنا، نامت وسط ولادي...
وفي الآخر ترجعلي بنتي ملفوفة في كفن؟!"
زهرة (بصوت مبحوح):
ـ "ما قـ.ـتـ.ـلتهاش...
نفسي تصدقيني... أنا ونيفين كنا أكتر من إخوات... دي كانت ضهري..."
نعيمة (تصرخ وهي بتعيط):
ـ "لو كنتي بتحبيها كنتي حميتيها!
كنت قولتي الحقيقة من الأول...
لكن سكتّي، وضيّعتي كل حاجة!"
زهرة (بدمـ.ـو.ع بتنزل على خدها):
ـ "أنا سكت... عشان كانت مهددة...
كنت خايفة عليها أكتر من نفسي، والله..."
نعيمة (بصوت مرتعش، وهي تبص ناحيه الجد محمد):
ـ "والراجـ.ـل الكبير اللي واقف هناك...
أنا كنت بحسبك جدها بس، طلعت حارس على وجعنا!
ما حاميتهاش... ما قلناش فين راحت، ولا عملتوا إيه عشان تطلعوا الحقيقة!"
الجد محمد (بصوت هادي، بعين فيها وجع الدنيا):
ـ "أنا لحد النهاردة ما نمتش ليلة كاملة...
بس هافضل أقولها...
زهرة بريئة، ونفسي ربنا يبين الحق."
نعيمة (بصوت بيكسر القاعة):
ـ "أنا مش طالبة غير حاجة واحدة...
لو في ضمير، لو في عدل...
تدّيني حق بنتي!"
زهرة تنهار جوه القفص، تقع على الأرض وهي بتشهق:
زهرة:
ـ "نفسي الدنيا تفهم...
أنا اتحبست ظلم...
واللي قـ.ـتـ.ـلها لسه حرّ."
الأنفاس تتقطع في القاعة، الكل ساكت، وكل عين بتدمع... بس ماحدش قادر يمد إيده ويخرج الحقيقة.
يرجع باك 
> "آنتي كنت قاسية على حفيدة طول أيام الجلسات وشتيمة  واهانة 
نعيمة (عينها تدمع):
> "أنا منكرش ... ان  قلت كلام كان سكين في قلبك وقلب زهرة...
قلت إنها بنت عار... وإنك ربيتها على كدب!"
لكن وقتها مكنش اعرف انى بنتى هى الا كانت معه، صور ل زهرة عشان تفضحها مكنتش اعرف ان ياسمين وزياد كانوا بيحاول  يتكلموا معها، وميقصدوش يقـ.ـتـ.ـلوها وانى بنت من الاساس كانت واخده مخدر كتير 
الكل يسكت. حتى زينة وقفت، متأثرة، وعيون زياد تدمع بهدوء.
الجد محمد (ينظر لها بابتسامة حزينة):
> "كلمة الغلط لو خرجت من وجع، بتتشال لما القلب يطيب...
بس في ناس وجعتني وسكت...
وإنتي على الأقل رجعتي."
زياد (بصوت ثابت ومليان حنية، بعد ما شاف الصلح بيتحقق):
> "بما إن القلوب بتتصافى...
أنا كنت مستني اللحظة دي من زمان...
وقررت أكتب كتابي على ياسمين...
وعايز جدي محمد، وجدي عزيز، وعم حسين، يكونوا الشهود."
الكل يتفاجئ، بس مفيش حد يعترض. لحظة مفعمة بالصدق.
الجد محمد (بابتسامة فخر):
> "اللي اتخلق من النـ.ـد.م، وعاش على الصدق، يستاهل يفتح بيت فيه رضا وسلام...
اتفضلوا، خلوا الدنيا تفرح ولو يوم."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
---
نعيمة (بهمس وهي تبص لياسمين):
> "أنا غلطت فيك مرتين... مرة لما صدقت كدب غيري، ومرة لما ماصدقتش قلبك...
بس انتي سمّعتيني صوت ربنا جوه قلبي."
ياسمين (بدمعة فرح):
> "وأنا كمان... ربنا سمحني بيكم."
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
أ في بيت الحاج محمد، في الريف، بساحة كبيرة قدام البيت، متزينه بفوانيس بسيطة، وأنوار صفرا دافية. صوت قرآن هادي بيصدح في الخلفية.
الكل موجود، الجد محمد قاعد على الكرسي الخشبي المعتاد، جنبه الجد عزيز، وعلى الطرف الآخر عم حسين – والد نيفين – بنظرة فيها رضا ومسامحة. زهرة قاعدة جنب زينة وكريم، وعاصي واقف وراها مبتسم، وسارة ونادين بيحـ.ـضـ.ـنوا اللحظة بنظراتهم.
زياد واقف قدام الشيخ، لابس جلابية نضيفة ووشه فيه خجل وهيبة. ياسمين داخلة من جوه البيت، لابسة فستان بسيط، أبيض ناعم، وشعرها مربوط ضفيرة، فيها وردة بيضا.
زياد (بصوت واثق لكنه دافي):
ـ "كنت عايز اللحظة دي تبقى قدام الناس اللي شافتني في أسوأ وقت... وساعدوني أكون إنسان جديد...
ـ جدي محمد... جدي عزيز... وعم حسين، اللي رغم كل حاجة، شاف فيا ابن ممكن يبدأ من جديد."
الشيخ يفتح كتاب القران، ويبدأ في الإجراءات. الكل ساكت، بيدعي من قلبه.
الشيخ:
ـ "زياد بن صالح، تقبل ياسمين بنت عبد الرحمن على سنة الله ورسوله؟"
زياد (بابتسامة مليانة دمـ.ـو.ع):
ـ "أقبل... أقبلها زوجة وسند، على طاعة الله، ووعد مني إني أكون لها ستر ودعم."
ياسمين تبص له بعنيها، ودمعة تنزل بس بسرعة تمسحها، وتهز رأسها بالموافقة.
الشيخ:
ـ "بـ.ـارك الله لكما، وبـ.ـارك عليكما، وجمع بينكما في خير."
الكل يفرح، الحاج محمد يقوم بالعافية من مكانه، ويمد إيده على راس زياد:
الجد محمد (بصوت متأثر):
ـ "كنت بدعي اليوم ده ييجي... مش بس عشان تتجوز، لكن عشان أعرف إنك بقيت راجـ.ـل بحق... راجـ.ـل يستحق بنتنا ياسمين."
الجد عزيز يضحك، ويمد إيده يسلم عليه:
الجد عزيز:
ـ "وأنا أول شاهد... على توبة حقيقية... وبداية تستاهلها."
عم حسين يتقدم ويحـ.ـضـ.ـن زياد:
ـ "مافيش حاجة بترجع اللي راح، بس في حاجات بتتصلّح... وأنا شاهد على دي واحدة منهم."
التكبيرات تملأ المكان، صوت الزغاريد يعلو، وزهرة تبص لعاصي وهمسها يتقال في قلبه:
الفصل قبل الأخير – 
الكاتبة صفاء حسنى 
فى يوم من الايام 
ليل هادي، القمر باين من الشباك، وزهرة نايمة على جنبها، عينيها مغمضة بس ملامحها مبتسمة بخفة...
في الحلم...
زهرة واقفة في وسط قاعة كبيرة كلها زرع وألوان بيضا، ناس حوالينها بتضحك، وفستان بسيط أبيض ناعم عليها...
صوت ضحكة صغيرة بيكسر الهدوء...
بصّت حواليها، لقت طفلة صغيرة شعرها كستنائي بتجري عليها، ترتمي في حـ.ـضـ.ـنها وتقول:
ـ "ماماااااا!"
عاصي واقف بعيد، لابس بدلة، عنيه عليها، وابتسامته مكسّرة القلب من الحُب...
زهرة تبص له وتقول:
ـ "أنا حلمت قبل كده إنك بعيد...
بس النهاردة، أنا متأكدة إنك دايمًا كنت قريب..."
عاصي يمد إيده لها، والطفلة تفضل ماسكة إيد مامتها...
زهرة (بهمس لنفسها):
ـ "لو ده حلم...
أنا مش عايزة أصحى."
وفي اللحظة دي...
صوت المنبّه بيرن...
زهرة تفتح عينيها، تبص للسقف، وتلمس خدها اللي عليه دمعة دافية.
زهرة (بابتسامة هادية):
ـ "هكمل الطريق...
وأحارب عشانه... وعشانّي."
---
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
في شقة صغيرة على الطراز الحديث – الإضاءة ناعمة، وصوت موسيقى فيروز في الخلفية – كرتين كبـ.ـار مفتوحين في الأرض، وزينة قاعدة على الأرض وسط المفارش وهي بتطويهم وتبتسم بحب.
كريم واقف على السلم الخشب، بيعلّق ستارة جديدة للصالون. بيبص لها وبيضحك وهو بيعدّل القماش.
كريم (بحماس):
ـ "بصراحة أنا مبسوط أوي بالشقة دي... فيها روحنا إحنا، مشوارنا من أوله."
زينة (وهي بترتب كُتب):
ـ "آه... وهيبقى فيها مستقبلنا كمان. كل حاجة هنا بتقول إننا اتنين قرروا يبدأوا صح."
تقوم زينة، وتتمشى ناحيته، تمسك طرف الستارة وتساعده يظبطها، وبعدين تبص له بابتسامة مشبعة بالأمان.
زينة:
ـ "على فكرة... قرارك تشارك زياد في الشركة بتاعة والد نيفين بعد ما غيرتوا نشاطها لتكنولوجيا... كان أذكى حاجة عملتها."
كريم (بيهز راسه):
ـ "هو المستقبل كده، يا زينة... التكنولوجيا مش بس تطور، دي كمان وعي، وتحكم، وسلاح... لازم نكون موجودين فيه بقوة."
لكن الا شجعنا الصراحة عاصي 
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
فلاش باك - 
كريم (بابتسامة واسعة):
ـ "بالمناسبة يا عاصي، إن شاء الله هنجهز شقتنا قريب... نفسي تدوق أول فنجان قهوة معانا في بيتنا، إنت  وزهرة كمان."
عاصي (من قلبه):
ـ "دي دعوة ما تتفوتش... بس بشرط، القهوة تبقى على المزاج! وهبـ.ـاركلكوا هناك، في مصر."
كريم (بحماس):
ـ "هي مصر فعلا   نآقصها حد زيك والله... محتاجين شباب زيك، ودماغك الجـ.ـا.مدة في التكنولوجيا."
عاصي يضحك، لكنه بيقلب جدي فجأة، عينيه بتلمع بشيء من الفكرة اللي بدأت تتكوّن.
عاصي:
ـ "عارف يا كريم... الفترة اللي فاتت كنت بفكر... ليه منفتحش شركة هناك؟ نبدأ من أرضنا؟ بدل ما كل شغلنا يبقى في أوروبا. نرجع نعمل حاجة لبلدنا."
كريم (عينه بتلمع):
ـ "وإيه اللي مانعنا؟ الشركة اللي كانت بتاعة والد نيفين، زياد خلاص اشتراها، وكان بيقول عاوز يحوّل نشاطها لتقني بدل استثمار تقليدي."
عاصي يسكت لحظة، ويفكر... 
تتبع
تحدث عاصي  بعد تفكير ثم يقول له  بنبرة حاسمة.
عاصي:
ـ "يبقى نبدأ المشروع سوا... أنا أجيب خطة تطوير، وإنت تبقى المدير التنفيذي، وزياد معانا شريك. عايزين نفتح شركة تبني مواقع، تحمي بيانات، وتدرب الشباب على الأمن السيبراني."
كريم (بابتسامة كبيرة):
ـ "وتكون أول خطوة نرجّع بيها سمعة البلد في العلم... ونخلق جيل بيفهم التكنولوجيا مش بس بيستهلكها."
عاصي:
ـ "وشركتنا يكون اسمها... "زهرة "... لأن كل حاجة عظيمة بدأت بزهرة ."
كريم يهز راسه بإعجاب.
كريم:
ـ "أنا معاك... قلبًا وقالبًا."وكمان زياد عنده شركة لسه مستلمها من والد نيفين كان يفتحها ل مجال نشوفه 
هز رأسه عاصي أكيد اتصل بيه  وكمان رامى عنده خبرة حلوة اخلي يشركنا 
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
الصوت بيرن... عاصي بيعمل مكالمة جماعية بالفيديو، وبيظهر زياد على الشاشة، قاعد في مكتبه، شكله مركز ومرتب، لكن أول ما شاف عاصي وكريم بيتصلوا ، استغرب وقلبه  دق بسرعة.
زياد (بنبرة فيها قلق خفيف):
ـ "سلام عليكم... خير؟ مكالمة جماعية كده مرة واحدة؟"
عاصي (بهدوء وابتسامة):
ـ "أيوة يا عم الخير، إحنا بنخطط نعمل مصيبة... بس مصيبة حلوة! شركتك بقت شغلنا الشاغل."
زياد (يتنحنح ويفرد ضهره):
ـ "شركتي؟ لا يا باشا... دي شركة نيفين، وأبوها، وأنا مؤتمن عليها، مش لعبة! هقولكم بصراحة، أي خطوة فيها لازم نبلغ العم عبد المجيد، ولو وافق... يبقى خير وبركة."
كريم (بهدوء):
ـ "وإحنا مقدرين ده... وعارفين قيمه في اللي عمله معاك ومغفرته ليك ، بس الفكرة مش بس نشتغل، الفكرة نبدأ حلم جديد... نخلق بيه جيل جديد."
عاصي (بحماس هادي):
ـ "وزياد، إنت أكتر واحد عارف يعني إيه تتحول من ظلمة لنور... إحنا مش بنلعب، دي زهرة .
استغرب زياد انه ذكر اسم زهرة 
مش فاهم 
واضح كريم  اسم الموقع نسميه زهرة 
عشان يكون أول زهرة بالمعرفة 
عاصي (بابتسامة حماس):
ـ "أنا شايف إن اللحظة دي مثالية...
دلوقتي إحنا مش بس أخوات، بقينا فريق...
كل واحد مننا مر بحاجة علمته يعني إيه نكون في ظهر بعض،
وجِه الوقت نرد الجميل لبلادنا."
زياد (بصوت واثق):
ـ "الفكرة اللي اقترحتها ... لما قلنا نبدأ مشروع تكنولوجي عربي حقيقي،
مش بس نسخة من جوجل ولا من أي منصة،
عايزين نأسس كيان عربي... مش تابع لحد."
رامي (بلهجته الساخره المعتادة):
ـ "بس هنعمل ده إزاي؟ إحنا بنحلم ننافس عمالقة الإنترنت!
منين التمويل؟ مين يدعم؟ ومين يصدق إن مجموعة شباب من بلاد مختلفة يقدروا يعملوا ده؟"
كريم (بهدوء وقناعة):
ـ "المشكلة مش في الفلوس... ولا في الدعم.
المشكلة في النية والنية موجودة.
إحنا عندنا الخبرة... وأنا وزياد وإنتو كل واحد فينا اشتغل على نفسه."
عاصي (بيكمل):
ـ "إحنا هنبدأ من تحت، نطور منصة تعليمية وتوعوية...
بتجمع بين الذكاء الاصطناعي، الحماية الإلكترونية، والأخلاقيات.
والهدف الأساسي: شباب عربي واعي... فاهم يعني إيه تقنية، ويعني إيه ما يبيعش بياناته ولا ضميره."
زياد (بصوت هادي):
ـ "وفي نفس الوقت، نخلق فرص شغل... مشاريع، تطبيقات، دورات،
نقوي الاقتصاد الرقمي في بلادنا ونكسر احتكار الغرب للمعلومة."
رامي (بحماس وهو بيرفع كوباية الشاي):
ـ "يعني هنبدأ بجوجل عربي...
بس بدل ما يبيعوا ولادنا، إحنا نحميهم... ونعلّمهم."
كريم  (وهو بيبص ليهم):
ـ "نسميه إيه بقى؟"
عاصي (بابتسامة):
ـ "نسميه زهرة 
عشان يكون أول زهرة تتزرع في طريق التنوير..."
زياد يسكت لحظة... يلمح صورته مع ياسمين على المكتب، وصورة قديمة لنفين وهي بتضحك.
زياد (بصوت أهدى):
ـ "لو هنعمل ده بضمير، وبأمانة... وأنا أكون الضامن، يبقى أتكلم مع العم عبد المجيد وأفهمه كل حاجة. ولو وافق... نتوكل على الله."
عاصي (بصوت دافي):
ـ "وكل خطوة هتتعمل بإسم الناس اللي علمتنا الغفران، وأدونا فرصة تانية."
زياد يبتسم لأول مرة.
زياد:
ـ "تمام... نبدأ نحضر كل حاجة. بس أول اجتماع هيكون على أرض مصر...  نكتب الحلم بإيدينا."
ـ "أحلى حاجة إننا دخلنا من باب بعيد عن العصابة . ... طول عمري كان نفسي أشتغل في حاجة ليها معنى، حاجة تسيب أثر."
كريم (بياخد نفس عميق وهو بيبص لها):
ـ "وإحنا هنسيب أثر... وهنعمل شغل نضف بيه الساحة اللي كان فيها ناس بتستغل العلم للخراب. دلوقتي وقت البناء."
تقترب زينة من كريم  تلمس كفّه بلطف، وتهمس وهي بتحط رأسها على كتفه:
يغلق الهاتف كريم  معهم وينظر لها بحب 
تبتسم زينة بحب :
ـ "أنا فخورة بيك، يا كريم... وبينا. وسبحان الله زياد وياسمين كمان، اللي بيبدأ من الصفر بإيمان حقيقي."
كريم (بابتسامة دافية):
ـ "وإنتي نور البيت... وعمود شركتنا الصغيرة، اللي بتكبر كل يوم."
تضحك وهي بتشـ.ـده من إيده ناحية الصالون.
زينة:
ـ "تعالى بقى... لسه فضلنا نركّب النجفة، ونفرش السجادة... وبعدها أقدملك أول فنجان قهوة في بيتنا."
يحـ.ـضـ.ـنها كريم بحنان وهو بيهمس:
كريم:
ـ "وفي يوم هنحضّر أول اجتماع في الشركة... ونقول: هنا كانت البداية."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
.... 
مرات الايام الهدوء مالي المكان، وطلبة كتير بتراجع محاضرات. زهرة قاعدة لوحدها على ترابيزة ناحية الشباك، وعينيها على كتاب، بس ذهنها مش مع السطور... بتحاول تركز، لكن قلبها بيقرا كلام تاني.
زهرة (في سرّها وهي بتقلب الورق): ـ "هو ليه لم  بيعدي من قدامي كل يوم؟... كل مرة أحس إني عاوزة أقوم وأقول تعالى أنا بحبك ... بس مابعملش؟"
في اللحظة دي، بيظهر عاصي على بُعد خطوات... بيعدي، وبص عليها بسرعة من غير ما يبين إنه شايفها... لكن في اللحظة اللي بيعدي فيها، بيرجع خطوة، ويحط قدامها كوب كابتشينو عليه اسمها بخط إيده.
عاصي (بصوت هادي): ـ "عارفة إنك بتحبيه من غير سكر... زيّك، بتحبي كل حاجة من غير إضافات... صافية."
بيكمل طريقه، وما بيستناش رد.
زهرة تبص للكوب، وبعدين تقربه من وشها وهي تهمس:
زهرة (بهمس): ـ "وأنا بحبك... من غير شروط."
تبتسم، وتحط الكوب جنب الكتاب... تكمل قراءة، لكن قلبها المرة دي مش تايه، قلبها لقى عنوان.
فضل عاصي يتابع معها واي حاجه تقف فيها يشرحها ليها 
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
وفي يوم 
زهرة كانت قاعدة على السور، شنطتها جنبها، وبتتفرج على الغروب... كانت ساكتة، بس عنيها بتحكي كتير.
عاصي جه من وراها بهدوء، وقف شوية يراقبها من بعيد... بعدين قرب، وقعد جنبها من غير كلام.
عاصي (بصوت هادي):
تحدث عاصي 
ـ "كل مرة بشوفك فيها ساكتة... بحس إنك بتكلمي السما، مش بتفكري."
زهرة (من غير ما تبص له):
ـ "وأنا كل مرة تقعد جنبي فيها... بحس إني مش لوحدي، حتى لو ما قلتش ولا كلمة."
يسكتوا لحظة، بس قلبهم بيتكلم...
عاصي (بصوت أهدى):
ـ "أنا بحبك يا زهرة...
مش بحبك عشانك حلوة، ولا شجاعة، ولا قوية...
أنا بحبك عشانك إنتي...
بعنادك، بخوفك، بدمـ.ـو.عك، بضحكتك اللي لما تطلع... أنا بنسى الدنيا."
زهرة (بابتسامة مرتعشة):
ـ "وأنا...
أنا مش بعرف أقول كلام حلو...
بس كل حاجة جوايا بتتغير لما تبقى جنبي."
يمد إيده، بس ميقربش منها، يستنى...
عاصي (بهدوء):
ـ "ينفع أمسك إيدك؟ بس إمتى ما قولتي لي... “خلاص”؟"
تبص له، وعنيها فيها دمـ.ـو.ع خفيفة... ترفع إيدها ببطء، وتلمس صوابعه، بس بهدوء شـ.ـديد كأنها بتطمن قلبها قبل ما تطمن إيده.
زهرة (بهمس):
ـ "مش جاهزة أقول “خلاص”...
بس قلبي بدأ يصدق... إنك عمرك ما كنت بتنسحب... حتى وأنا بدفعك بعيد."
يبص لها، يبتسم...
عاصي (بنبرة فيها وعد):
ـ "أنا مش همشي...
ومهما خدتي وقتك، هفضل أستناك...
بس لو اتأخرتي قوي...
هحاول أجي أدور عليكي...
في قلبك."
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
زهرة العاصي – الكاتبة صفاء حسني
اقتربت وقت الامتحانات 
وكانت الكافتيريا زحمة كالعادة، طلبة بيذاكروا، وناس بتضحك، وأصوات القهوة بتتعمل في الخلفية.
لكن في ركن هادي، بعيد شوية عن الدوشة...
كان عاصي قاعد على الطاولة، قدامه أوراق وكتاب كبير مفتوح.
وزهرة قاعدة جنبه، ماسكة القلم، ومركزة جدًا في الشرح اللي بيقوله.
عاصي (بصوت هادي وبابتسامة خفيفة):
ـ "شوفي هنا... المعادلة دي بتعتمد على الهاكرز إزاي يخترقوا نظام وهمي، مش حقيقي... يعني وهم بنظّروا، بيكشفوا ضعفك من غير ما يلمسوك فعلًا."
زهرة (بحماس):
ـ "آه فهمت... يعني ده الجزء اللي لازم أركز فيه في بحثي!"
عاصي (بعينيه مليانين فخر):
ـ "فهمتيها من أول مرة... برافو!"
البنات على طاولة قريبة كانوا بيراقبوا المشهد من بعيد، بينهم همسات وتساؤلات:
طالبة ١ (بدهشة):
ـ "هو الدكتور عاصي قاعد يذاكر معاها؟!"
طالبة ٢ (بفضول):
ـ "شكلهم قريبين من بعض... بتهيألي بيحبها ؟"
طالبة 3 تقولهم 
الدكتور عاصي طلب أيد زهرة من جدها وانها  سمعت  الحديث وهما فى الكافتيريا 
---
عاصي سمع الكلام، ورفع عينه بابتسامة وهدوء:
عاصي (بصوت واثق وهو بيبص للطلبة بيأكد المعلومـ.ـا.ت ):
ـ "فعلا طلبت أيده  ،وهتكون  شريكتي في كل حاجة."
صوت خفيف من البنات: "آآآآه ربنا يسعدكم!" – "أحلى دكتور وأحلى عروسة"
زهرة (همستله وهي وشها محمر):
ـ "ليه قلت كده؟ إحنا متفقين إننا مش نعلن حاجة دلوقتي..."
عاصي (بصوت وا.طـ.ـي وهو بيبص في عينيها):
ـ "عشان أنتي تستاهلي الناس تشوفك مكانك، تستاهلي حب حقيقي، وأمان، مفيهوش خوف ولا سر."
زهرة سكتت، لكن قلبها بيخبط بسرعة، حسّت بخجل، بس كمان... حسّت إنها مش لوحدها.
حلو قوي! خلينا نكمل بالمشهد اللي بعده... لحظة دافئة فيها مفاجأة من عاصي لزهرة، ومشروع بيجمعهم لأول مرة، وفيه رومانسية من نوع مختلف — فيها دعم وحلم بيكبر سوا.
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
الفصل الاخير الجزء الأول 
بعد مرور شهور – قاعة الاحتفالات في الجامعة
زهرة واقفة على المسرح، بتستلم شهادة التكريم من رئيس الجامعة، وسط تصفيق كبير.
رئيس الجامعة:
ـ "الطالبة زهرة محمد، تفوقت في المجال الإلكتروني، وقدّمت مشروع تخرّج مشرف، بنفتخر بيه."
عاصي واقف في الصفوف الأولى، بيصفق بحرارة، وعيونه فيها دمعة فخر مش قادر يخبيها.
زهرة (وهي ماسكة الشهادة، وبتبص ناحيته):
ـ "الفضل لله... وللي آمن بيا وأنا كنت ببدأ من الصفر."
نزلت من على المسرح، وهو استقبلها بنظرة كلها حب وأمان...
عاصي (بهمس):
ـ "دي أول خطوة... ولسه المشوار قدامنا طويل... سوا."
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
وسط بودابست – في شارع جانبي هادي، فيه كافيهات ومحلات كتب صغيرة
الوقت: قبل المغرب – الدنيا شبه ساكنة، وريحة القهوة بتفوح من المحلات
زهرة كانت خارجة من الجامعة، لابسة بلوفر أبيض بسيط، وشنطتها فيها ورق كتير من المحاضرات...
بتتفاجئ بعاصي واقف عند زاوية شارع، لابس جاكيت جلد ووشه متغطي بنص ابتسامة خبيثة.
زهرة (مستغربة):
ـ "إنت بتعمل إيه هنا؟ مش المفروض عندك سيمنار؟"
عاصي (بثقة):
ـ "أجّلته... عشان في مفاجأة صغيرة مستنياكي."
يمد إيده ليها، وهي تمسكها بخجل وفضول، ويمشوا في شارع ضيق مرصوف بالحجر، لحد ما يوصلوا قدام محل صغير واجهته خشب قديم، وفوقه يفطة مكتوب عليها بخط إيد:
“Light of Truth – مكتبة وقهوة ثقافية عربية”
زهرة تبص له، ملامحها مش فاهمة...
عاصي (بحماس):
ـ "إحنا دايمًا بنقول إن المعرفة هي البداية... وده أول مشروع لينا سوا. مكتبة عربية في قلب أوروبا، فيها كتب، إنترنت، وجلسات نقاش وحوارات، وكل محتوى بيحكي الحقيقة زي ما أنتِ حلمتي."
زهرة عنيها تمتلئ دمـ.ـو.ع، تمشي جوه المكان وهي مش مصدقة...
الكتب بترص على الرفوف، في ركن معمول لجلسات قراءة، وفيه لوجو بسيط على الحيطة: "لكل صوت حقيقي... لازم مكان يسمعه."
زهرة (بهمس):
ـ "إنت... عملت كل ده؟"
عاصي (قريب منها):
ـ "لأ، إحنا اللي هنعمله سوا. كل كتاب هتختاريه، كل جلسة هتنظميها... كل فكرة طلعتي بيها من الألم، ليها مكان هنا. وده... جزء من حلمك."
زهرة (بصوت مرتعش):
ـ "أنا... حاسة إني بين حلمين... واحد كنت فاكرة هيفضل مستحيل، والتاني واقف قصادي بيقول لي: يلا نبدأ."
عاصي (بهدوء):
ـ "يبقى نبدأ، دلوقتي... سوا."
تمسك إيده وتبتسم، ولأول مرة، تحس إن الماضي اتحول لطاقة... وإن الحلم مش بس بيتحقق، ده بيتشارك.
اقترب منها عاصي وقالها انسي ترجع مصر قبل ما افرجك  على. البلد إلا إحنا فيها 
نفسي اخدك وفرجك على 
بودابست – وقت الغروب –  مع ضفة نهر الدانوب
السماء شبه وردية، والهوى عليل، والأنوار لم تبدأ  تنور بهدوء فوق جسر السلسلة، والمدينة كلها شبه لوحة فنية متحركة...كل ده وانتى فى حـ.ـضـ.ـنى ومعايا 
هزت راسها زهرة  بالموافقة وهى ماشية جنب عاصي، لابسة بالطو كريمي خفيف، وشال رمادي ملتف حوالين رقبتها، وحجابها .
زهرة (بابتسامة شبه خجلانة):
ـ "أنا من يوم ما جيت هنا  مفكرتش  اخرج فيها .. متصورتش حلوة كدة كأنى  ماشية في حلم مش شارع..."
عاصي (نظره ناحيتها، وعينيه فيها حنية كبيرة):
ـ "أنا الحلم بالنسبالي هو اللي ماشي جنبي."
تضحك وهي تحاول تبص بعيد، تهرب من نظرة عينه، بس قلبها بيضحك بصوت أعلى من ابتسامتها.
يمشوا سوا لحد ما يقفوا على سور النهر، تحتهم الميا بترقص على أنوار المدينة، والقلعة القديمة باينه فوق التلة، عامله خلفية روائية لأي مشهد حب.
عاصي (بصوت وا.طـ.ـي وهو بيبصلها):
ـ "كنت دايمًا بدور على مكان يطمن قلبي... افتكرت إني هلاقيه في بلد، جامعة، شغل، نجاح... بس لما مشيت جنبك النهارده، فهمت إن مكاني كان دايمًا جنبك."
زهرة (بصوت مهزوز من جوّاها):
ـ "وأنا كل ما كنت أفتكر إن مفيش حد يقدر يفهمني... ألاقيك بتقرأني من غير ما أتكلم."
يسكتوا شوية، والهدوء بينهم أصدق من أي كلام...
وبعد لحظة، عاصي يمد إيده بهدوء، وهي تبص له، وبعيونها نفس الرعشة القديمة... بس المرة دي، تقرب وتحط إيدها في إيده.
عاصي (بهمس):
ـ "خدي وقتك... بس أوعديني إننا نكمل المشوار ده سوا، خطوة بخطوة."
زهرة (بصوت ناعم):
ـ "أوعدك... بس تمشي جنبي، مش قدامي."
عاصي:
ـ "وأنا عمري ما سبقتك... أنا بس كنت بستنى اللحظة اللي تمسكي إيدي بإرادتك."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
تأنى يوم فى ساحة الجامعة الهادية، الأشجار حوالين المكان، والجو ربيعي عليل.
زهرة واقفة قدام المبنى الرئيسي، لابسة جاكيت خفيف، وحاملة شنطة كتف صغيرة، بتودع كل ركن من المكان بعينيها.
صديقتها مريم (من لبنان) وهي بتحـ.ـضـ.ـنها بحرارة:
ـ "مش هخليكي تمشي بسهولة يا زهرة...
من أول يوم شفتك فيه، حسّيت إنك هتكوني ملهمة في حياتي... وكنتِ فعلًا."
زهرة (بصوت فيه رعشة خفيفة من التأثر):
ـ "أنا اللي اتعلمت منكم كلكم...
كل واحد منكم كان قصة... وأنا شلت القصص دي معايا في قلبي."
جميلة (من غزة):
ـ "هتوحشيني... بس فخورة إنك راجعة عشان تبني وتنوري."
سليم (طالب من المغرب):
ـ "زهرة... أنا عمري ما نسيت كلامك في أول جلسة، لما قلتي:
(مش لازم نكون كبـ.ـار عشان نعمل حاجة كبيرة)...
الكلمة دي غيّرتني."
زهرة تبتسم وهي عينيها بتلمع بالدمـ.ـو.ع، تبص وراها تلاقي عاصي واقف بيودع مجموعة من الطلاب.
واحد من الطلاب (مازحًا):
ـ "يا دكتور عاصي، مش عايزينك تمشي! إحنا لسه متعودناش إنك بترجع مصر!"
عاصي (بابتسامة دافية):
ـ "مصر بلدي... بس وجودكم هنا علمني إن العلم له وطن أوسع من الحدود.
هفتقد نقاشاتنا... وسؤالي المعتاد: (فين الحماس؟!)"
*الكل يضحك، وزهرة تبص له من بعيد، وتحس بقلبها بيهدى... 
زهرة العاصي
الكاتبة: صفاء حسني
داخل الطيارة – مقاعد درجة رجال الأعمال – الجو هادي وفيه موسيقى ناعمة شغالة في الخلفية
زهرة كانت قاعدة جنب الشباك، لابسة جاكيت بنى  بسيط، وحجابها المتنساق مع فستانها ، وبتبص على الغيوم من بعيد وهي بتحاول تهدى تـ.ـو.ترها من أول زيارة ليها لمصر بعد كل اللي فات.
عاصي قاعد جنبها، بيقرأ في ملف صغير بين إيده، مركز جدًا، لكنه كل شوية يبص لها من طرف عينه... لحد ما تفتح الطيارة أبوابها للركاب الجدد من محطة ترانزيت، وتدخل ست أنيقة في أواخر التلاتينات.
الست (بصوت مبتهج):
ـ "يا نهار أبيض! عاصي؟ عاصي كنان السمري مش معقول ؟!"
عاصي رفع راسه بسرعة، وابتسم بحرارة:
عاصي:
ـ "بسنت! مش معقول! سنين والله..."
بسرعة وقفت قدامه، واحتضنته بحميمية أخوية، وزهرة بدأت تتفاجأ وتشيل سماعاتها بهدوء وهي بتراقب المشهد.
تتبع
– على متن الطائرة المتجهة إلى مصر  داخل الطائرة، الأضواء خافتة، بعض الركاب نائمين، وبعضهم بيشاهد أفلام أو بيقرا
تقترب بسنت (بضحكة):
ـ "لسه زي ما انت، بنفس الحماس في عينيك... سمعت عنك إنك بقيت دكتور جامعي كبير في بودابست عاصمة المجر ، - فى  جامعة بودابست للتكنولوجيا والاقتصاد (BME):  معروفة ببرامجها الهندسية والتكنولوجية القوية.
ابتسم عاصي إنتي مفيش حاجة بتستخبي عنك 
ابتسمت بسنت 
طبعا بس مشفتكش من أيام مؤتمر التكنولوجيا اللي في سنغافورة!"لكن متابعة كل حاجه وعرفت إنك رجعت مصر وقاعده سنه هناك نفسي افهم بتخطط ل إيه 
عاصي (بابتسامة دافئة):
ـ "وانتي لسه زى ما انتى بتجري وراء الاخبـ.ـار 
رايح على مصر ليه ؟"
ضحكت بسنت 
بسنت:
ـ "رايحة مصر عشان أبدأ شغل مع وزارة الاتصالات في مشروع ستارت أب جديد... 
انت بقي كنت في مصر ليه وراجع تأنى ليه 
إوعى ناوي تفتح فرع من شركتك هناك. وبتختبر الدنيا "
زهرة كانت بتسمع بتأمل... وعنيها بتلمع من الغيرة ، لكنها حاولت تبان هادية.
زهرة (بابتسامة صغيرة):
ـ "هو فعلاً ناوي يعمل كده... وبيفكر يخلي المشروع ممتد، يعني حاجة زى جوجل عربية!"
بسنت (بحماس):
ـ "إنتي زهرة؟ الا وقعت عاصي الكنان ،سمعت  عنك كمان... أنك  مصدر إلهامه، صح؟"
زهرة خجلت، وبصت في الأرض بخفة، لكن قلبها كان بيطير انها طلعت مجرد صديقة مش حبيبي قديمة 
عاصي (بثقة وهدوء):
ـ "هي مش بس مصدر إلهام... دي شريكة في كل فكرة، من أول السطر."
سكت شوية، وبص لبسنت  وبعدين كمل بحماس:
عاصي:
ـ "إحنا نازلين نأسس مشروع تقني ضخم في مصر. عايزين نبدأ بثلاث محاور:
منصة تعليمية عربية بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
شركة لتطوير تطبيقات الحماية والاختراق الأخلاقي.
ومرحلة لاحقة... شركة قمر صناعي بتكنولوجيا محلية."
زهرة (بحماس):
ـ "أيوه، ليه لأ؟ إحنا كنا رواد في العلم زمان... جابوا مننا العلماء، والمفكرين، وحتى أدوات الطب والهندسة أصلها عربي. ليه منرجعش؟"
بسنت (بإعجاب):
ـ "لو المشروع ده شاف النور، العالم كله هيسمع بيكم... وإحنا كتير مستنيين الفرصة دي."
عاصي مسك إيد زهرة تحت الطاولة بهدوء، وبص في عينيها وقال لها بصوت خافت:
عاصي:
ـ "نبدأ من مصر... نبدأ كل أحلامنا ."
زهرة ابتسمت، وغمضت عينيها وهي بتهمس:
ـ "ونكملها سوا..."
بعد وقت التليفون أداها إشارة بوقت صلاة العصر 
قطعت زهرة حديثهم  (بهمس):
ـ "هروح الحمام شوية..."
عاصي (بابتسامة هادية):
ـ "خدي بالك من نفسك."
(تمشي زهرة بهدوء في ممر الطيارة، توصل عند واحدة من المضيفات.)
زهرة (بصوت هادي):
ـ "لو سمحتي، الطيارة فيها بوصلة أو أي حاجة أعرف منها اتجاه القبلة؟"
المضيفة (بابتسامة لطيفة):
ـ "أيوه طبعًا، في مؤشر للقبلة على الشاشة الصغيرة اللي قدام كل كرسي، وفي بعض الركاب بيصلوا عند المطبخ الخلفي، المكان هناك أوسع شوية."
(زهرة تشكرها وتمشي ناحية المكان المخصص، تتوضى بسرعة بمية بسيطة من الحمام، وتظبط  الطرحة على شعرها بإحكام... تطلع وتصلي  بهدوء، في ركن الطيارة الخلفي، في مواجهة القبلة.)
(في اللحظة دي، عاصي بيلاحظ إنها غابت شوية... بيقلق، يقوم ويمشي بهدوء ويدور عليها. يوصل للركن، يوقف مكانه لما يشوفها بتصلي.)
(يبتسم... وبكل خشوع، يدخل هو كمان يتوضي  وفى ركن بعيد شويه  عنها يقف وبيصلي ، بهدوء، كأنه بيكمل الدعاء معاها مش وراها بس.)
(من الخلف، كانت بسنت ذهبت خلفهم   -فضولها خالها عاوزة تفهم هما انسحبوا ليه مرة واحدة -  وهى ماشية في الممر، ووقفت فجأة لما شافت المشهد. عنيها اتعلقت بالاتنين وهما واقفين  بيصلوا. كل واحد فى جنب وكان خط مستقيم يبدأ من عند عاصي وينتهى عند زهرة، قلبها دق، ووشها اتبدل بلون خجل واضح. رجعت خطوتين لورا...)
بسنت  (بهمس مع نفسها):
ـ "وأنا؟ بقالي سنين  بدعى ل ربنا بالتـ.ـو.فيق ... بس الحقيقة؟ أنا ما صليتش من فترة طويلة ..."
(تتحرك بهدوء راجعة ... وهي بتحس إن لحظة شوفتهم كانت دعوة ليها الطريق إلى الله وقاعده مكان زهرة  
(زهرة تخلص، وتمسح وشها بيدها وهى تدعي وتسبح خمس دقايق بعد الصلاة
 وتبصي  على جنبها   تلاقي عاصي بيكمل ركعته الأخيرة ... تشهق بخفة وتبتسم، بس بسرعة تمشي قبل ما يحس إنها شافته.)
(عاصي يخلص، يفتح عينه، وما يلاقيهاش... يهمس في سره:)
عاصي (بهدوء):
ـ "حتى صلاتك... بتحسسني إن قلبي في مكانه الصح."
✨ زهرة العاصي – الكاتبة: صفاء حسني
(بعد ما رجعت بسنت  لمكانها، وهي قاعدة 
رجعت  زهرة،  لاقيتها أقعدت مكانها لسه ملامحها فيها تفكير وشرود من اللي شافته. بتلف لزهرة بهدوء وتسألها، بصوت ناعم مشاكك، كأنها بتحاول تفهم مش تنتقد.)
ده مكانى يا بسنت 
بسنت بخجل (بهدوء):
آسفة ممكن أقعد شويه معاكي عاوزة أسألك فى حاجه 
ابتسمت زهرة أكيد اتفضلي 
سألتها بسنت 
ـ "هو الحجاب... فرض فعلاً؟ ولا عادي زي ما ناس كتير بتقول؟"
(زهرة تبص لها، عنيها فيها هدوء وإحساس، وترد عليها من غير ما تهاجم أو تتكبر.)
زهرة (بابتسامة دافية):
ـ "ممكن أسألك نفس السؤال... بس بصيغة تانية؟"
بسنت  (بفضول):
ـ "اسألي..."
زهرة:
ـ "ينفع أصلي من غير الطرحة؟"
(تهز راسها بسنت  بسرعة، بعفوية.)
ـ "لا طبعًا... الصلاة ماينفعش من غير ستر."
زهرة (بابتسامة خفيفة):
ـ "ليه لا  مش مسموح نقف قدام ربنا بشعرنا، رغم إننا واقفين قدام الخالق، مش بشر؟"
(بسنت  تسكت شوية، بتفكر بعمق، لأول مرة تبص للموضوع من زاوية تانية.):
ـ "صح... مفكرتش كده قبل كده... بس فعلاً، لو قدام ربنا لازم نغطيه، يبقى قدام الناس أولى."
زهرة (بصوت ناعم، مليان حب):
ـ "ربنا اللي خلق الجمال، مش ضد الجمال، بس بيحمينا منه... عشان الجمال لو طُرح في مكان غلط، بيتحول لفتنة مش نعمة.
هو اللي حدد العورة في الصلاة، حددها في الحياة كمان...
سترنا مش خـ.ـنـ.ـقة، سترنا كرامة، زي ما الراجـ.ـل ليه ستر، الست كمان...
وكل ما بنحس إننا قدامه، بنحب نكون في أكمل صورة... قلبًا وجسدًا." وهو الخالق ما بالك امام العباد الا هو خلقهم يعني استر نفسي والبسة كوم وحجاب وطويل وفى بعض الأمة قالوا ان السيدة تلبس شراب القدم في الرجل عشان كعبها ميبنش أو هدوم طويل تخبي الكعب، ومن فين بعدها نلبس نص أو ضيق أو قصير
يعني نقف أقدم ربنا إلا خلقنا وعارف كل تفصيلة فينا وإحنا مستورين ،وبعد كده نضيع الستر ده أقدم عباده
ومش اقيم ان كان صلاتك جايز أو لا ،لكن الا بعيد عن ربنا الخالق هو كمان بعيد عنه 
(بسنت  تبص لها، وعنيها تتملي دمـ.ـو.ع خفيفة، مش بس من الكلام... من أسلوب زهرة، من رقتها وصدقها.)
(بصوت مهزوز):
ـ "أنا... مش عارفة أبدأ منين مش ملتزمة ب أي حاجه والا صلاة والا حجاب ..."
زهرة (بصوت واثق):
ـ "ابدأي من قلبك... والباقي هييجي لوحده. "
. بتقلب في شنطتها الصغيرة، وتخرج طرحة سادة بلون هادي، كانت محتفظة بيها احتياطي.
زهرة (بابتسامة خفيفة وهي تبص على بسنت):
ـ "خدي دي... صلي بيها العصر، وجربي تحسي بإيه."وحمل البرنامج ده موجود على بلى جوجل بيحدد توقيت الصلاة فى ميعاده وكمان بيفكرك قبل صلاة الفرض إلا بعده وكده تعرف تظبط صلاتك ووقت 
ما تكون صادقه مع ربنا هتحسي بالراحة 
بسنت (بتاخد الطرحة بتردد، وبصوت منخفض):
ـ "أنا... مش عارفة إيه اللي بيحصلي... بس أنا متلخبطة قوي."
زهرة (بحنان وهي بتربت على إيدها):
ـ "الصلاة مش بس سجدة... دي لحظة صدق بينك وبين ربك.
البسيها، وصلي...
وبعد كده، اسألي قلبك:
عايزة تكملي كده؟
ولا لأ...
والقلب هيرد."
بسنت (بصوت باين فيه التأثر):
ـ "بس أنا مكسوفة... دي أول مرة في حياتي ألبس فيها طرحة!"
زهرة (بهدوء):
ـ "وأجمل  حاجه هى أول مرة... تكون بين السما والأرض...
ما بينك وبين ربنا وإنتي قريب من ربنا ."
بسنت تقوم وهي ماسكة الطرحة بإيد بتترعش، وبتمشي بهدوء ناحية الحمام، وعينيها فيها رهبة وفرحة في نفس الوقت. زهرة تفضل قاعدة، تدعيلها بصمت.
بعد شوية، ترجع بسنت... على وشها طرحة بسيطة، ووشها منور بنور غريب... بتبص لزهرة، وتدمع عينيها.
بسنت (بهمس):
ـ "أنا معرفش هكمل ولا لأ... بس وأنا ساجدة...
كنت حاسة إني طايرة...
زي ما قلتيلي... قلبي رد."
زهرة (بابتسامة واسعة ودمـ.ـو.ع فرح):
ـ "أهو كده... أول خطوة وصلت، والباقي ربنا هيهديه."
في وسط هدوء الطيارة، بعد ساعات من الحديث العميق، زهرة غفلت وهي حاضنة الطرحة في إيديها...
عيون زهرة نامت وحلمت وهى  واقفة في مكان مظلم، الأرض تحتيها مش ثابتة، ووشها فيه خوف واضح.
أمامها "نعيمة" و"حسين" قاعدين على كراسي، بيضحكوا بسخرية، صوتهم فيه استهزاء واضح.
نعيمة (بصوت غليظ):
ـ "كنتِ فاكرة إننا سامحناكِم ؟
سامحناكِم على إيه؟
إنكم خطفتوا بنتي مننا؟"
حسين (بضحكة مكتومة):
ـ "كل حاجة حسابها جاي يا زهرة..."
فجأة، المكان اللي حوالين زهرة يشتعل، نار طالعة من الأرض، والدخان بيغطي المشهد.
من بعيد، زهرة تشوف ناس بتحبهم: "جدها محمد"، "زينة"، "عاصي""، "زياد وياسمين"... واقفين على طرف النار، بيبصوا ناحيتها، لكن مفيش حد منهم سامع صراخها.
زهرة (بتصرخ):
ـ "إلحقوهم  حتى يساعدهم !
وبعد كده كأنها شافت نفسها وقت المحكمة،
سامعيني!  .. أنا بريئة!"أنا مقـ.ـتـ.ـلتهش 
وبعد كده ترجع ل مشهد النار 
تحاول تجري ناحيتهم، لكن النار بتزيد، وكل ما تمد إيدها، يتلاشوا، وكأنهم بيبعدوا عنها أكتر... قلبها بيضـ.ـر.ب بقوة، رجليها بتتهز...
فجأة، صوت بيقطع الصراخ والنار...
صوت المضيفة (من بعيد):
ـ "من فضلكم اربطوا الأحزمة، الطائرة على وشك الهبوط."
زهرة تفوق من النوم وهي بتاخد نفس عميق، قلبها بيدق بسرعة. تبص حواليها، تلاقي الطيارة بتهبط، والنور الأصفر اشتغل.
بسنت قاعدة جنبها، بتربط الحزام وبتبصلها بلطف.
بسنت (بابتسامة هادية):
ـ "كنتي بتحلمي؟ شكلك اتخضيتي..."
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي وهي بتربط الحزام):
ـ "كان كابوس... بس الحمد لله، فِقت... "
وممكن إشارة 
الطيارة بتلمس أرض المطار، الهبوط هادي، لكن قلوبهم مليانة نبضات.
زهرة تبص من الشباك، الشمس نازلة على ملامحها، وعينيها فيها لمعة شوق وقلق... كانت ماسكة الطرحة في إيدها، وقلبها بيردد:
دعاء المسافر ورجوع 
زهرة (في سرّها):
اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى
وتمسح على وشها 
ـ "رجعت يا أمي... رجعت على أول طريق كنتِ بتحلمي أمشيه..."
خلصت الجامعه ودرست فى الجامعة الا كنت احلم اروح عليها ولسه البدايه هتعلم وهطور  فى علمى 
في نفس اللحظة، عاصي يبصلها من بعيد... كان قاعد على الكرسي القريب منهم ، بيشيل الشنطة من الرف وهو بيراقب رد فعلها. قلبه مطمن إنها رجعت ومعاها حاجة جديدة... سلام داخلي، ونظرة قوة.
المضيفة:
ـ "شكرًا لاختياركم الطيران معنا... مرحبًا بكم في القاهرة."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
بعد دقائق، يقفوا في صف الجوازات. زهرة بتبص حواليها، بتحس إنها اتغيرت... إنها مش نفس البنت اللي سافرت، كانت دلوقتي ماشية بخطوة ثابتة، حتى لو جوّاها فيه رهبة.
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
زهرة ماشية جنب عاصي، شنطتها الصغيرة على كتفها، والعيون دايبة في ملامح الناس اللي حواليها. أول ما خرجوا من بوابة الوصول، خدت نفس عميق:
عاصي يبص لها ويسألها بهمس:
عاصي (بابتسامة صغيرة):
ـ "جاهزة ترجعي؟"
زهرة (بنظرة كلها صدق):
ـ "رجعت فعلاً... من بدري، بس كنت مستنيا قلبي يرجع معايا."
بعد ختم الجوازات، بياخدوا شنطهم... وبيمشوا سوا ناحية بوابة الوصول.
يتقدّم منهم "رجل كبير" شايل طفل صغير، وعلى إيده شنطة تقيلة، وزوجته ماشية جنبه وهي حامل وتعبانة.
زهرة تقف للحظة، تتأمل المشهد، قلبها يهزّها... تحس كأنها شايفة نفسها ، أو يمكن حلمها في المستقبل.
زهرة (بهمس):
ـ "رجعنا..."
عاصي (وهو بيبص ليها):
ـ "أه... رجعنا يا زهرة، بس راجعين مختلفين."
يعدّوا على جوازات السفر والإجراءات بسهولة، والضابط يبتسم لهم وهو بيبص على الختم:
الضابط:
ـ "أهلاً بيكم نورتوا بلدكم... بالتـ.ـو.فيق إن شاء الله."
زهرة تبتسم بهدوء، وتحركت بخطوات ثابتة مع عاصي ناحية سير الحقائب.
وهي بتستنى شنطتها، تلفتت ناحية سيدة واقفة مش بعيد، حاملة طفل نايم على كتفها، وبطنها باين إنها حامل، ووشها مرهق.
الطفل فجأة يعـ.ـيط، والأم تحاول تهدي فيه وهي شايلة الشنطة بإيدها التانية، والا معها  بيخلص الاورق 
زهرة بسرعة اتحركت ناحيتها، ومدت إيدها:
زهرة (بلطف):
ـ "ممكن أساعدك؟"
السيدة (بتبص ليها بامتنان):
ـ "يا رب يخليكي يا انسة ... هتعبك معايا "
زهرة تاخد الشنطة من إيدها، وتطبطب على الطفل:
زهرة:
ـ "مفيش تعب والا حاجه ... عندك ولاد كتير؟"
السيدة (بابتسامة باهتة):
ـ "ده التاني... بس كنت مع جوزى  براء بيشتغل ربنا يعينه ولسه راجعه عشان أولاد فى بلدى زى ما عملت مع أخوه  يتولد فى ارض مصر  وياخد الجنسية المصرية وبعد شهور هنرجع  تأنى وابوى بيخلص اجرات الرجوع ."
زهرة (بصوت مبحوح شوية):
ـ "إن شاء الله تقوم بالسلامة وتتجموع .."
السيدة:
ـ "آمين يا رب... نفسي أربيهم يطلعوا محترمين، ويكون ليهم مستقبل حلو."
زهرة تبص في الطفل وتحس قلبها بيتحرك، كأن كل المشاعر اللي كانت دايسة عليها بدأت تطلع، عن نفسها، وطفلها الا مـ.ـا.ت قبل ما يجى وهل هتكون في يوم ام  .
عاصي يراقب من بعيد، مبتسم بهدوء... يحس إنها مش بس رجعت بلدها، رجعت لنفسها كمان.
لما خلصوا، ترجع زهرة ناحية عاصي والدمعة في عينيها...
عاصي (بهدوء):
ـ "مالك؟"
زهرة (بصوت متأثر):
ـ "كنت دايمًا فاكرة إني مش جاهزة أكون أم...
بس النهاردة حسّيت إن قلبي ممكن يحنّي...
يمكن ربنا فى يوم يكتبها لي ."
عاصي (بابتسامة حنونة):
ـ "لما تيجي اللحظة دي... أنا هكون مستنيها آكتر منك ومعاك ."
تمسك إيده وهي خارجة معاه من المطار، وسط الزحمة...
لكن جوّاهم، سكون ودفا...
في ممر الوصول... الناس ماشية في هدوء، والشنط بتتزاحم على العربيات الصغيرة. زهرة بتوقف لحظة، تبص وراها كأنها مش قادرة تودّع البلد بسهولة.
بسنت بتقرب منها، عينيها فيها حنين.
بسنت (بابتسامة رقيقة):
ـ "كنتي نِعم الصُحبة، يا زهرة... والله كأننا نعرف بعض من سنين."
زهرة (بصوت دافي):
ـ "وأنا كمان يا بسنت... 
بسنت تمدي إيدها وتطلب رقمها 
يمكن أكتر وقت كنت محتاجة حد يفهمني، ربنا بعتك."
ليا 
ـ "هاتِ رقمك... مش هسكتلك لو ما كلمتنيش! المرات الجاية مش هتكون ف مطار... هتكون في بيتي، أو بيتك، فاهمة؟"
زهرة تضحك وتكتب رقمها، وعاصي يراقب المشهد من بعيد مبتسم.
زهرة:
ـ "إن شاء الله... وهفضل أدعيلك، لحد ما تبعتِلي صورة بالحجاب."
بسنت تهز راسها بكسوف، بس عنيها فيها وعد.
بسنت (وهي تحـ.ـضـ.ـنها):
ـ "وعد... بس لما ألبسه، هلبسه بإيماني... وانا مقتنعة ."
زهرة تهمس وهي بترد الحـ.ـضـ.ـن:
زهرة:
ـ "كده أكون مطمنة."
تبتعد بسنت بخطوات بطيئة، وتلوّح ليهم من بعيد... زهرة ترد السلام وهي عنيها فيها دمعة وابتسامة.
عاصي يقرب منها، ويمشيوا سوا... ومرايتهم تنعكس على الزجاج، كأن بداية جديدة بتتكتب على الأرض اللي بيمشوا عليها.
ركبوا عربية كان متفق عاصي مع كريم يبعتها ليه واخدتهم علي البلد، عشان واثق لهفة زهرة ل جده كانت تتأمل زهرة الطريق، 
الجو دافي، وريحة الأرض لسه فيها طين المطر. العصافير تزقزق، والناس في البلد واقفين على جنب الطريق يبصوا ويتهمسوا: "زهرة رجعت!"
قدام البيت، الجد محمد واقف بالعصاية، رغم التعب، عنيه فيها نور.
الجد محمد (بصوت مبحوح من الفرحة):
ـ "حمد لله على السلامة يا ضنايا... قلبي رجع يفرح!"
زهرة تنط من العربية وتجري عليه، تحـ.ـضـ.ـنه جـ.ـا.مد وهي بتعيط.
زهرة (بدمـ.ـو.ع ساخنة):
ـ "وحـ.ـشـ.ـتني أوي يا جدي... كنت بعدي الايام عشان ارجعلك  وصوتك في خيالي كل يوم."
صالح يخرج من ورا الجد، واقف جنب زوجته "سماح" اللي ماسكة إيد بنتها الصغيرة "رحمة".
صالح (بصوت دافي):
ـ "رجعتي يا زهرة... والبيت نور."
عاصي يوقف وراها، ابتسامة خفيفة على وشه، لكنه سايب المشهد ليها. بنت صغيرة (رحمة) تجري على زهرة، وتمسك طرف فستانها.
رحمة (ببراءة):
ـ "إنتِ زهرة؟... جدو بيحكيلنا عنك كتير!"
زهرة تمسح دمـ.ـو.عها، وتنزل لمستوى البنت، وتبص في عنيها:
زهرة:
ـ "وإنتِ أكيد رحمة؟...  زى ما وصفتها يا جدو فعلا شبه حد وهو صغير ."
ابتسم الجد
شبهك صح 
سماح (زوجة صالح) تبتسم، وتبص لزهرة بعين طيبة، وتقول:
سماح:
ـ "أهلاً بيكِ في بيتك يا بنتي... ربنا يكتبلك السعادة من النهاردة."
عاصي ييجي يسلم على الجد، ويمد إيده بكل احترام.
**عاصي:** ـ "إزيك يا حاج؟ ربنا يديمك لينا... ورجعتلك أمانتك."
*الجد يضحك ويشـ.ـد عاصي في حـ.ـضـ.ـنه.*
**الجد محمد:** ـ "الأمانة عندك كانت محفوظة... وقلبي كان مطمن."
صالح طلب من سماح وقال :
جهزى يا سماح الاوضة ل بنتى، واوضة الضيف ل جوز بنتى فى المستقبل 
هزت راسها سماح بمحبة عيونى
 أهلا وسهلا  نورتوا أكيد من عيونى 
رفضت زهرة 
إنت بتقول إيه إستنى يا طنط سماح، أنا مش غريبة وانتى لسه عروسة 
ابتسمت سماح بمحبة  
أنا عارفه يا بنتي إنك خايفة أكون انجرحت من كلام ابوك، متخافيش انا بعمل كل حاجه بنفس راضي، مش كفاية أبوك صالح سترنا فى بيته انا وبنتى، اخدمه هو وكل احبابه بحب 
ابتسمت زهرة وقالت: 
ولو هاجى أساعدك 
وفعلا خلصوا وارتحت شوية  وجهزت سماح الاكل 
الليلة نزل  بهدوء على البلد، الفوانيس الصغيرة حوالين البيت منورة، والنجوم بتنقط السما فوقهم زي لمعة أمل.
الكل قاعد حوالين الطبلية، سماح بتحضر الشاي بعد الاكل ، وجد محمد قاعد على كرسيه، ووشه منور برؤية أحبابه.
زهرة قاعدة جنب جدها، ووشها فيه تعب السفر بس قلبها دافي، بترتشف شاي النعناع وهي مستنية تسمع كل حاجة.
زهرة (بصوت هادي):
ـ "احكيلي يا جدي... إيه اللي حصل من يوم ما مشيت؟"
ياخد الجد نفس طويل، ويرجع بظهره للورا... وصالح ينضم للحوار بصوت فيه وجع دفين:
صالح:
ـ "يوم كتب كتابي على سماح... كل حاجة كانت ماشية طبيعي، والفرح بسيط، والناس كلها مبسوطة... فجأة دخل سليم."
زهرة (بعين متوسعة):
ـ "سليم؟!"
الجد محمد (بحدة):
ـ "آه يا بنتي... دخل ومعاه مسدس، ووشه كله حقد. كان ناوي يبوّظ الفرح، واتهمني إني السبب في خراب بيته."
صالح (بأسى):
ـ "حاول يطـ.ـلق نار... بس الحمد لله الرصاصة كانت سطحية. الشرطة كانت بتراقبه، ولما حاول يهرب... ضـ.ـر.بوه بالنار."
زهرة تحط إيديها على بؤها، ودمـ.ـو.عها تنزل بهدوء.
زهرة (بوجع):
ـ "كان ممكن يسيبني أموت قبل كده... وكان ممكن ياخدني لتاني حفرة."
الجد يربّت على إيدها:
الجد محمد:
ـ "لكن ربنا كبير، وبيختار لكل ظالم نهاية... وسليم نال جزاءه."
صالح:
ـ "وعثمان... بعد ما فقد ابنه، رجع مع مـ.ـر.اته، واعتذروا. قالوا عاوزين يربوا ولادهم تحت سقف البيت ، زى ما ربيت زهرة. حسّوا إنهم غلطوا كتير في تربية سليم، وعايزين يصلحوا اللي بقى."
**زهرة (بهدوء):** ـ "كل حاجة بتتغير... بس الوجع بيظل له أثر."
*وفي لحظة صمت، يرن جرس الباب... سماح تفتح... وتتفاجأ بدخول "حسين ونعيمة" – أهل نيفين.*
*الكل بيقف، زهرة بتتجمد في مكانها، عنيها بتترعش... المشهد اللي كانت بتحلم بيه في الطيارة قدّامها تاني.*
**زهرة (بهمس لنفسها):** ـ "ده نفس الحلم... نفس الضحكة... نفس الوقفة... ده واقع؟ ولا لسه نايمة؟"
*نعيمة تبص ليها بنظرة غريبة... مش واضحة، لا عتاب ولا رضا.*
**نعيمة (بصوت هادي، بس فيه شيء متخفي):** ـ "رجعتي يا زهرة؟..."
تتبع 
في بيت الجد "محمد" - الهدوء مشوب بالحذر... زهرة لسه خارجة من الصدمة بعد ما شافت "نعيمة" و"حسين" داخلين عليهم... الكل ساكت، وسكينة تـ.ـو.تر ممدودة في الهواء.)
زهرة (بصوت مهزوز وهي بتبص في الأرض):
ـ "أنتم هنا...؟"
نعيمة (بابتسامة مصطنعة، تمثل الرقة):
ـ "كنا لازم نيجي، مش عشان روح  نيفين ترتاح ...و عشان  نعتذر على كل إهانة حصلت منى ليك واتهمك إنك السبب في موت بنتى 
حسين (بصوت هادي وملامح حزينة):
ـ "الظلم بيكسر... بس الجهل بيكسر أكتر... يمكن كنا جهلة بحقيقتكم... وبحق بنتكم..."
(زهرة تبص لجداها ومحاولة تفهم الحقيقة من ورا الكلام، لكن قلبها مش مطمّن... تحس إن في حاجة مش راكبة... تشوف نظرة حسين اللي بتتغير بسرعة وهو يبص في المكان، كأنّه بيهرب من حاجه أو بيقيم المكان. 
زهرة (تسأل بهدوء):
ـ "أنتم جيتوا عشان تعتذروا منى ولا ل سبب تأنى ؟"
نعيمة (بنبرة مصطنعة):
ـ "... كنا بس عاوزين نقول... إننا آسفين."ونتقابل مع دكتور عاصي 
زهرة العاصي - 
الكاتبة: صفاء حسني
(هزت راسها زهرة انسحبت بهدوء غسلت وشّها،
رجعت من غرفتها وقعدت على الكرسي اللي جنب الشباك... من المكان ده تقدر تبص على القعدة من بعيد، من غير ما حد يحس. عينيها ثابتة على عاصي، وعلى حسين ونعيمة وهم بيهزوا راسهم ويبتسموا... لكن حاجة جواها مش مريحاها.)
زهرة (في سرّها، وهي بتكتم شهقة جوة صدرها):
ـ "في حاجة مش طبعية... الهدوء ده مش طبيعي، وكأنهم حافظين كل كلمة... ونعيمة؟ بتضحك وبتقول يا بنتي؟! دي من شهور كانت بتصرخ في المحكمة وتقول عليّا قـ.ـا.تلة صاحبتها!"
(تسند راسها على الحيطة، وتفكر... وتفتكر الحلم اللي شافته في الطيارة... نفس الضحك، نفس النار، نفس الشعور بالخطر... وتبدأ أنفاسها تتسرّع.)
زهرة (بهمس):
ـ "مش لازم أتهوّر... بس قلبي مش مرتاح، وأنا عمر قلبي ما كذب عليّا..."
(في الوقت ده، عاصي بيرفع عينه، وكأنه حس إنها بتبص عليه... عينه تقابل عينها، يلاحظ تـ.ـو.ترها، يلمح الارتباك في وشّها... لكن ما يطولش النظرة، ويكمّل كلامه.)
عاصي (وهو بيرجع يبص للملف):
ـ "بكرة يوم كبير، وبنرحب بأي دعم حقيقي... بس الدعم اللي من القلب، مش دعم بيتركن في صور أو ورق."
(زهرة تكتم دمعة، وتقوم تقفل الشباك بهدوء... وتاخد نفس عميق.)
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي جدًا):
ـ "أنا مش هسكت لو حسّيت إن في حاجة ممكن تأذي حد تاني... مش بعد كل اللي حصل، ومش بعد كل اللي خسرته."
(تخرج من أوضتها، بخطوات هادية لكن وراها قرار... قرار إنها تفتح عينيها أكتر، وتفهم إيه اللي بيحصل حوالين عاصي ومشروعه، وخصوصًا الناس اللي بتحاول تدخل حياته من باب "الدعم".)
---
زهرة العاصي - الخاتمه الثالث )
الكاتبة: صفاء حسني
. بعد ما مشي حسين ونعيمة من بيت الجد محمد، زهرة كانت واقفة عند الشباك، عينها بتتابع ضوء العربية وهو بيختفي، وقلبها بيدق بسرعة. خدت  نفس عميق، وقررت تطلع تقول ل عاصي .
---
عاصي كان قاعد على الترابيزة بيقلب في أوراق المشروع، وبيراجع بعض البيانات على اللابتوب، لما سمع خبط خفيف على الباب.
عاصي (يرفع عينه):
ـ "ادخلي..."
تدخل زهرة، خطواتها هادية لكن ملامحها مش مرتاحة.
زهرة (بصوت ناعم لكنه حاسم):
ـ "همّا جُم من القاهرة لحد هنا... بس عشان ياخدوا رأيك في الافتتاح؟"
عاصي يرفع حواجبه بدهشة، يحاول يفهم المغزى:
عاصي (بهدوء):
ـ "وفيها إيه لما يجوا؟ الشركة دي هتكون بينا وبينهم، فطبيعي يحبوا يعرفوا تفاصيل قبل ما نبدأ رسمي."
زهرة تهز راسها وتنزل عينيها شوية، وكأن قلبها بيشـ.ـدها للي مش منطقي في الموضوع:
زهرة (بتنهيدة):
ـ "هو... إنت محتاج فلوس؟"
عاصي يسيب القلم من إيده، ويبص لها بــــاستغراب:
عاصي:
ـ "فلوس؟ مش فاهم تقصدي إيه؟"
زهرة (بصوت مرتبك لكنه صادق):
ـ "يعني... محتاج تمويل عشان المشروع؟
ولا تقدر تبدأ من تحت؟ يعني بشقة صغيرة، بأجهزة بسيطة... مش محتاج شركة فخمة ومبنى وافتتاح ضخم.
مش هنبيع منتجات... أنت محتاج عقول، مهندسين شطار، مش مكاتب جلد وديكورات."
عاصي يفضل ساكت لحظة، بيهز رجله بتـ.ـو.تر ويفكر، لكن زهرة تكمل، وقلبها بيحكي قبل لسانها:
زهرة (بحزم وحزن):
ـ "أنا مش ضد الحلم الكبير... بس ضد اللي يحاول يشتريه مننا.
مش مرتاحة لوجودهم... قلبي مش مرتاح، ومش عارفة ليه. مرة واحدة يسامحوا على دم بنتهم، إنت شايف ده منطقي ، بترجاك، بالله عليك، فكر تاني... قبل ما يدخلوا معانا حاجة ممكن تبقى سبب ضياع كل حاجة."
سكون... عاصي يبص لها بعينيه، فيها دهشة وامتنان، وفي نفس الوقت صراع داخلي بين طموحه وإحساسها.
عاصي (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "أنا كنت فاكر إن الحلم محتاج دعم...
بس واضح إن أكتر حاجة محتاجها... حد بيخاف عليه من جوه."
زهرة تبص له، وبهدوء تقول:
زهرة:
ـ "أنا مش عايزة غير أشوفك ناجح... بس مش على حساب روحك، ولا مشروعك، ولا قلبك."
وانت معاك فريق كلهم متخرجين من نفس القسم، ياسمين و زياد وزينة ورمى وكريم وفي زملاء تأنى كتير ممكن نعلمهم إلا اكتسبنا ب التعليم برا
يسالها عاصي عن سبب خوفها وتحكى الحلم إلا بيتقرر معها 
---
زهرة العاصي - 
الكاتبة: صفاء حسني
وفى نفس الوقت 
ليلًا، في أوضة ضلمة، نور الشاشة بس هو اللي منوّر المكان. حسين قاعد على كرسي، ماسك الموبايل، ووشه متـ.ـو.تر، وعرق خفيف ظاهر على جبينه. جنبه نعيمة، بتتابع المكالمة بكل تركيز.
(صوت راجـ.ـل غامض من التليفون - الصوت مش واضح ومشوّش)
المجهول (بحدة):
ـ "لازم تخلصوا عليهم... كلهم. دفعة واحدة. المشروع ده ماينفعش يشوف النور... وخصوصًا زهرة وعاصي. عندهم خبرة كبيرة يعني يقدرو ينجحوا "
حسين (بقلق وتردد):
ـ "إزاي؟! دي أرواح بني آدمين... وشقي عمري كله يضيع ورا الانتقام، فاهمنى ازى أحرق حلمهم؟! ده حلم ناس، وناس ساعدونا وانت الا طلبت مننا نسامحهم .."
المجهول (بصوت أكثر تحكم):
ـ "هنعوّضك... أضعاف اللي خسرتوا. بس أوعى تنسى إن حلمهم ده هيهدّ سوقنا... وهيفتح عيون كتير.
وما تنساش بنتك يا حسين... بنتك اللي دفنت وانت مش قادر تعمل لها عزاء...
ياسمين وزهرة، سبب اللي حصل، وصحابها كمان. مش كفاية تمثيل!"
نعيمة (بصوت خافت لكن حاد):
ـ " لكن انا كنت فاكرة لم قولت لينا نقبل اعتذرهم ونبرا زياد ونسامح ياسمين ،عشان نبوظ شغلهم ... و نمسح كل حاجة لكن مش حريق وموت ؟"
المجهول (ببرود قـ.ـا.تل):
ـ "بكرى في الافتتاح... المكان كله لازم يتصفّى كلمة ومش اقررها وفلوس الشركة وتعويض دم بنتكم + أخد التار منهم كلهم كفيل ان قلبكم يرتاح ."
(يسود الصمت لحظة، حسين يبص لنعيمة، وعينه فيها رعـ.ـب... ونـ.ـد.م... لكن كأن الشر رجع يخـ.ـنـ.ـقه من تاني.)
نعيمة (بصوت مرّ):
ـ " أكيد فى أفكار تأنى غير الموت بلاش يكون ده آخر الطريق؟"
المجهول:
ـ "هو ده الطريقة الوحيد... عشان وجعك يبقى له معنى."
(المكالمة تقفل... وتسيب السكون القـ.ـا.تل يلف المكان... حسين يقوم، يروح للشباك، ويبص في السواد برّه، وعينه تدمع.)
حسين (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "هو ده الانتقام؟... ولا إحنا اللي اتحرقنا من جوه؟"
زهرة العاصي - 
الكاتبة: صفاء حسني
الباب الخشبي يتفتح بهدوء... وتدخل سارة، لابسة فستان  بسيطة بلون هادي. 
وراءها كنان زوجه ، واقف جنبها، ماسك إيدها، عيونه بتدور على ملامح الرجل اللي سمع عنه كتير... ومقابلش منه غير الغضب والرفض .
عزيز كان قاعد على الكرسي الهزاز، لكن أول ما شافها... قام ببطء، عنيه اتملت دمـ.ـو.ع من غير ما ينطق.
سارة (بصوت متهدج):
ـ "بابا..."
عزيز ماستحملش، فتح دراعاته بحنان الدنيا كله، وهي جريت عليه كأنها لسه بنته الصغيرة، حـ.ـضـ.ـنها حـ.ـضـ.ـن طويل سنين بتتدارك فيه.
عزيز (يبكي):
ـ "سامحيني يا بنتي...
سامحيني ع الغربة اللي حوّشتها جواكي، والبعد اللي زرعته بينا.
أنا كنت فاكرك بعيد، لكن قلبي كان موجوع كل يوم..."
سارة (وهي تبكي):
ـ "أنا كمان يا بابا... كل يوم كنت بتمنى أرجع الحـ.ـضـ.ـن ده."
يبص عزيز ناحية كنان، ويقرب منه، يمد له إيده برجولة وانكسار في نفس الوقت.
:
ـ "أنا آسف يا كنان...
ظلمتك كتير، واتسرعت في حكمي،
وأكتر حاجة نـ.ـد.مت عليها إني كنت احرم بنتي من راجـ.ـل زيك ...
مكنتش عارف إن كل الناس حواليّ بيكـ.ـدبوا عليّا... وأنا كنت العايش في كذبة ابنك إلا من صلبك هو إلا انقذني ."
كنان ياخد إيده، ويحـ.ـضـ.ـنه برفق:
كنان (بابتسامة دافية):
ـ "كفاية إنك عرفت الحقيقة، والقلوب الصافية عمرها ما بتقفل الباب على النـ.ـد.م."
سارة تبص حوالين البيت، وتضحك ببكاء:
سارة:
ـ "رجعت يا بيتنا... ورجعت يا بابا."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
ليل هادي... الكل نايم، والنجوم معلقة في السما، لكن عاصي كان صاحي... قاعد على السطوح، شايل راسه بإيده، وصوابع رجله بتتحرك بعصبية على الأرض.
عاصي (يفكر في سره):
ـ "حلم؟ ولا نبوءة؟
قلبها بيخاف... وأنا؟ قلبي عاوز يصدقها، بس عقلي بيرفض."
ينهض، يمسك موبايله، ويبدأ يتصل بخاله عصام...
عاصي (بقلق):
ـ "خالو... آسف إني بكلمك دلوقتي، بس محتاج رأيك في حاجة مهمة."
عصام (بصوت هادي ونايم نص صاحي):
ـ "خير يا عاصي؟"
عاصي:
ـ "لو حد حلم إن في مصيبة جاية، وكنت حاسس إنها ممكن تكون حقيقية... تاخد كلامه جد؟"
عصام (بعد تفكير):
ـ "على حسب مين اللي حلم...
لو إنسان حساس ، واحلامه بيتحقق يبقى لازم تسمعها كويس.
لإن ممكن يكون الحلم مش حلم... يكون إحساس... ربنا بيرسله في شكل حلم."
ثم يتصل بالدكتورة نادين.
عاصي:
ـ "دكتورة نادين، ممكن أسألك حاجة بخصوص زهرة؟"
نادين (بهدوء):
ـ "اسأل يا عاصي."
عاصي:
ـ "هي بتاخد أدوية؟ هل ممكن تعمل كوابيس؟"
نادين:
ـ "أه ممكن، بس زهرة من النوع اللي أحلامها بتيجي من إحساسها، مش من دوائها.
لو حلمت بحاجة، فكر فيها... لأن اللاوعي عندها واعي أكتر من ناس كتير وهي صاحية."
يقفل معه وهو في حيرة 
الكاتبة: صفاء حسني
وأخيرًا، يركب العربية و يروح على بيته جده عزيز فى القاهرة 
يدخل عاصي، ولسه أثر التـ.ـو.تر باين في ملامحه، لكنه بيتحول لدهشة دافئة أول ما يشوف سارة بتفتح الباب، عينيها بتلمع بالدمـ.ـو.ع من الفرح.
سارة (بحنان وقلق):
ـ "مالك يا ابني؟ شكلك مهموم!"
عاصي (بلهفة):
ـ "انتي جيتي؟ وبابا رجع معاكي؟"
تبتسم سارة وتطبطب على كتفه:
سارة:
ـ "يعني أسيبك في يوم زى ده؟ دا بيتنا بيلم تاني يا عاصي."
ينزل عاصي بسرعة، يلاقي أبوه قاعد مع الجد عزيز، ضحكتهم بتملأ البلكونة، وريحة الشاي بالنعناع ماليه المكان.
عاصي (بصوت مبحوح):
ـ "بابا..."
يقوم كنان  من مكانه ويفتح له حـ.ـضـ.ـنه، وعاصي بيحـ.ـضـ.ـنه كأن سنين الوحشة بتسيب قلبه في اللحظة دي.
بعد وقت يسأل عاصي (بصوت هادي):
ـ "ممكن الحلم يكون إنذار؟"
الكل يسكت، ويبصوا له، وسارة تقعد جنبه بهدوء.
سارة:
ـ "احكي يا عاصي... حلم إيه؟"
يحكي لهم عن حلم زهرة... عن النار، عن الضحك اللي فيه شمـ.ـا.تة، وعن إحساسها اللي ما كانش مطمن.
عاصي:
ـ "أنا كنت مستغرب خوفها من فكرة الشركة... بس لما حكيت لي الحلم، حسيت إنه مش مجرد كابوس... حسيت إنه رسالة."وخصوصا لما سالتنى 
ـ " إنت شايف إن أي مشروع محتاج تمويل كبير في الأول؟"
عزيز (بيهز راسه):
ـ "اللي محتاجه المشروع يا ولدي هو النية الطيبة، والعقول اللي بتشتغل بضمير... والفلوس عمرها ما كانت ضمانة، لكن القلوب الصافية هي اللي بتبني وتكبر."
سارة:
ـ "لو زهرة قلبها مش مرتاح، ماينفعش نتجاهل ده... خلي حلمها يبقى علامة، مش خوف."
عاصي (بهدوء):
ـ "أنا قررت... نبدأ صغير، من مكان بسيط، ونبني المشروع بعرقنا، مش بفلوس ناس مش واثقين في نيتهم."
سكت الكل لحظة، وبصوا لبعض... كانت لحظة اتخاذ قرار، لحظة انتقال من حلم ممكن يتحول لكارثة، لحلم حقيقي مبني على ثقة ومحبة.
الجد عزيز (بابتسامة فخورة):
ـ "أهو ده العقل... ودي البداية الصح."
في اللحظة دي تدخل زينة وياسمين عليهم، شايلين صينية فيها شاي وكحك معمول بإيد سارة.
زينة (بضحكة):
ـ "لو بابا كمان يرجع يبقى أحلامنا كلها اتحققت."
سارة (وهي بتضحك):
ـ "هيجي هو ونادين بكرة، وعدوني... ما هو يوم فرح زياد وياسمين لازم يكونوا موجودين."
الضحك يملأ البيت... لكن عاصي يفضل ساكت شوية، وعينيه فيها شرود...
زينة (بضحكة):
ـ "فيه اجتماع مهم واحنا مش فيه؟ ولا إنتوا بتخططوا وناويين تسيبونا برّه الحكاية؟"
ياسمين (وهي تقعد جنب عاصي):
ـ "ولا تكونوا بتتكلموا عن الحلم اللي زهرة شافته؟"
يبصلهم عاصي، وعينيه فيها امتنان.
عاصي (بهمس):
ـ "آه... بس عرفتي إزاي؟"
تنهدت ياسمين، ونظرتها راحت بعيد، كأنها بتسترجع اللحظة.
ياسمين (بهدوء):
ـ "اتصلت بيّ وسألتني... قالتلي: "إزاي سامحتيني بالسرعة دي؟""
أ فلاش باك، 
نعيمة (بصوت مرتعش في التليفون):
ـ "أنا محتاجة أقابلك... فيه حاجات لازم أعرفها  عن اللي حصل لنيفين... وعن زياد."
انتقلت الكاميرا لمكان اللقاء... قعدة بسيطة في حديقة صغيرة. نعيمة قعدت قدام ياسمين، وشكلها كان تعبان من الزمن، لكن عنيها فيها نـ.ـد.م. وحكت كل إلا حصل 
نعيمة (بصوت صادق):
ـ "اللي حصل لبنتي مش ذنب زياد... يمكن ذنبي أنا. شغلنا، ودوامتنا، وانشغالنا... خلانا نغلط، وندفع بناتنا التمن. يوم الحادثة... كلنا كنا غايبين، بس أنا اللي كنت المفروض أكون موجودة. ولو في حد يستحق العقاب... فأنا."
مرت أيام، وزيارة ورا زيارة، الكلمة الطيبة مسحت جزء من وجع القلب... وياسمين، بعد ما سمعت وعاشت معاها اللحظات، بدأت تسامح... مش بس عشان نعيمة، لكن عشان نيفين، وعشان نفسها.
الفلاش باك ينتهي، ونرجع لياسمين اللي بتكمل كلامها:
ياسمين (بابتسامة حزينة):
ـ "ماقدرتش أكرهها... لقيت فيها أم تايهة، بتدور على خلاصها... فسامحتها، واعتبرتها بنتي زي نيفين."
وبعد كده زهرة حكتيلي عن حلمها 
تنهد عاصي 
وانا مصدق إحساس زهرة 
... وقررت أبدأ من تحت، من الأول... من قلبي وعقلي، مش من تمويل غريب."
زينة (بحزم وابتسامة):
ـ "وأنا معاكم... وهنعمل خطة تسويق للمشروع بنفسنا... المشروع ده هيبقى علامة لبلدنا، ووجهة لطلاب العلم من كل حتة."
ياسمين (بحماس):
ـ "وإحنا عندنا شباب كتير، ومواهب أكتر... وكل اللي محتاجينه دعم وإدارة نضيفة. المشروع ده هنبنيه بإيدينا، مش بفلوس مشبوهة."
يبصلهم الجد عزيز بفخر، ويهز راسه.
عزيز:
ـ "اللّي شايفه قدامي... هو مستقبل نظيف، مليان نور."
سارة (بعين بتلمع):
ـ "وكل حلم نظيف، ربنا بيكمله."
يسود صمت بسيط، صمت مفيهوش غير راحة النفس... الكل حاسس إن القرار اللي خدوه هو البداية الحقيقة.
عاصي (بابتسامة خفيفة):
ـ "زهرة كانت السبب في إننا نفتّح عنينا... والحلم اللي خوفها، هو اللي أنقذنا."
وفي الخلفية، الكاميرا تتنقل على لمّة العيلة، كأن الحياة أخيرًا بدأت ترجع لمكانها الصحيح.
الأب (بصوت مليان حكمة):
ـ "المشروع محتاج نية صافية، وتخطيط.
الفلوس تيجي بعدين.
بس لو دخل في نيتك شركاء قلبهم مش نضيف... المشروع يتوسّخ حتى لو نجح."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
في كافيه صغير، عاصي، زياد، كريم، ورامي مجتمعين حوالين ترابيزة، وأمامهم اللابتوب ورسومـ.ـا.ت المشروع.
عاصي (بنبرة حازمة):
ـ "قررنا نرجع عن فكرة الشركة الكبيرة، خصوصًا بعد تحذير زهرة... حسينا إن في حاجة مش مضمونة."
زياد (بــــاستغراب):
ـ "بس إزاي؟! كنا خلاص على وشك الافتتاح! إيه اللي غير رأيكم؟"
رامي:
ـ "مش بس حلم زهرة.. في حاجات مش مريحة بتحصل، تفاصيل صغيرة بس بتقول إننا مترقبين، وممكن في حد مستهدفنا."
كريم (بهدوء):
ـ "احنا مش هنلغي الحلم... هنبدأه من مكان تاني... خطوة بخطوة."
زياد (بعد صمت وتفكير):
ـ "أنا عندي شقة العزوبية... كانت فاضية وبفكر أبيعها، بس دلوقتي... إيه رأيكم نبدأ منها؟ نجهزها تبقى مقر المشروع."
الكل بصله بفرحة وانبهار، وعاصي قام وسلّمه بإيده.
عاصي:
ـ "أنت مش بس شريك... أنت أخ حقيقي."
انتقلوا للشقة، وابتدوا ينقلوا الأجهزة، الكمبيوترات، الشاشات، الكابلات، من باب خلفي للشركة  والكل متحمس. ياسمين وزينة بيشاركوا في التجهيز، وبيتحول المكان لخلية نحل.
رامي:
ـ "التمويه؟"
كريم:
ـ "اتفقنا نسيب الشركة مفتوحة عادي، والناس تشوف زينة هناك، كأنها بتجهز للافتتاح... بس في الحقيقة، هنخرج من الباب الخلفي، ونكمل شغلنا هنا."
وفعلا يتم التنفيذ 
نعيمة وحسين بيتابعوا الشركة من بعيد، ومعاهم المجهول في عربية سودة.
المجهول:
ـ "الليلة هننهي كل حاجة... جاهزين؟"
حسين (ببرود):
ـ "جاهزين."
في اللحظة دي، يدخل فريق "التمويه" من الباب الأمامي، ويتم تفعيل خطة التفجير.
الكل شغال، زهرة بتتابع عن بعد، فجأة تليفون كريم يرن.
كريم (بقلق):
ـ "فيه حريق في الشركة!"
عاصي (وهو بيقف بسرعة):
ـ "مين جوه؟!"
رامي:
ـ "ولا حد... كله تمويه! الحمد لله..."
لكن الكاميرا تنتقل لباب سري  في الشركة الكل يخرج منه ، وفى نفس اللحظة المفاجئة:يدخل حسين ونعيمة والرجل المجهول عشان يزرعوا الانفجارت 
لكن باب الشركة يتقفل إلكترونيًا!
صوت إنذار... وانفجار ضخم يهز المكان.
الجد محمد يتـ.ـو.تر وكمان عزيز وصالح 
الكل بيتفرج على الخبر في التلفزيون، والقلوب بتقف. لكن في لحظة، زياد بيبعت ڤيديو مباشر:
زياد (مبتسم وهو بيصور الكل في الشقة البديلة):
ـ "احنا بخير... والحمد لله... كل ده بفضل زهرة!"
الكل يتنفس الصعداء... والدمـ.ـو.ع تملأ العيون.
الجد محمد:
ـ "سبحان اللي بيحمي عباده من حيث لا يحتسبوا... زهرة دي نعمة من ربنا."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
بعد أيام 
قاعة كبيرة بتلمع بالأضواء، مزينة بالورد الأبيض والدهبي، فيها مرايات بطول الحيطان، وسلالم نازلة على الجانبين، والستارة الستان ورا الكوشة بتتهز من الهوا الخفيف اللي داخل من فتحة سقف مفتوحة. الفرحة مالية القاعة... بس في جنب هادي، محجوز لتجهيز العرايس.
في الغرفة الجانبية للقاعة، البنات بيستعدوا...
زينة كانت قدام مراية طويلة، لابسة فستان نبيتي غامق بأكمام طويلة وتطريز هادي حوالين الخصر والصدر، شعرها مرفوع لفوق وطرحتها متعلقة على ضهرها برقة.
زينة (بضحكة):
ـ "أنا دايمًا بحب البساطه... بس النهارده، حبيتني بزيادة."
ياسمين لابسة فستان فضي مطرّز بنعومة، طرحته لونها قريب من لون الفستان، نازلة على جنب كتفها، وشها فيه نور، وابتسامة خفيفة كأنها بتقول: "أنا وصلت."
أما زهرة...
كانت واقفة قدام المراية الكبيرة، وسط الكل، بهدوء ووقار.
فستان أبيض محتشم، واسع ومنسدل بنعومة، بدون أي بهرجة، تطريزه بسيط حوالين الأكمام والصدر.
طرحة من الشيفون السادة، نازلة تغطي شعرها وكتفها، مربوطة ببساطة على شكل حجاب شرعي.
وشها فيه سلام داخلي، وهدوء نادر.
بسنت (واحدة من صحبات الجامعة):
ـ "يا بنتي... انتي مش شبه أي حد هنا."
زهرة (بابتسامة صافية):
ـ "مش لازم أبقى شبه حد... أنا شبه دعوة أمي، ورضا ربنا، والبنت اللي اتعلمت إنها تفضل واقفة مهما الدنيا وقعتها."
زينة بصوت هادي:
ـ "عارفة يا زهرة... لو في يوم اتمنى أكون زي حد، فده هيكون إنتي."
ياسمين (بدمعة فرح):
ـ "ربنا يكتبلك كل الخير اللي بتستحقيه..."
يدخل الجد محمد القاعة، بعكازه، ومعاه الجد عزيز... يقفوا يبصوا على البنات، وعيونهم تدمع.
الجد محمد (بصوت مبحوح):
ـ "يوم ميتنسيش... يوم بيجمع فيه الفرحة... والستر... والحلم اللي بقى حقيقه."
الكاميرا تبتعد شوية، وزهرة واقفة في وسط البنات...
كل واحدة جميلة بشكل مختلف،
لكن هي... كانت النور اللي بيطمن القلب،
كانت بنت "زهرة العاصي"... اللي بدأت من العتمة، ولبست النور.
كتب كتاب زياد وياسمين، والكل بيضحك ويهلل، وبعدها ييجي دور كريم وزينة.
الشيخ (بصوت واضح):
ـ "وبكده تمّت البركة على بيتين جديدين، وربنا يجعلهم من السعداء الصالحين..."
يبدأ الكل يوزع جاتوا  و وعصير ، والفرحة تملأ القلوب.
فجأة... عاصي يوقف، ويقرب من الشيخ وهو ماسك إيد الجد محمد، بنظرة كلها رجولة وصدق.
عاصي (بصوت هادي، لكنه بيخبط في القلب):
ـ "أنا كمان عندي طلب...
طالما القلوب اجتمعت... وكتبنا صفحة جديدة...
أطلب إيد زهرة بنتك يا حاج...
مش بس عشان بحبها، لكن عشان قلبي عمره ما استقر غير وهي فيه."
زهرة تتجمد في مكانها، ووشها يحمر، والكل يلف يبص لها.
الجد محمد (بابتسامة فيها رضا كبير):
يكمل عاصي 
ـ "ولو ما وافقتش دلوقتي، هفضل أستنى لحد ما تقول (نعم) بإيدها وقلبها..."
زهرة تبص لعاصي، وعنيها تلمع، وسكوتها ماكانش رفض... كان ارتجاف قلبها من الفرحة.
الشيخ يضحك:
ـ "يعني نكمل الثلاثة كتب كتاب في يوم واحد؟ ماشاء الله... يوم تاريخي!"
زهرة (بهمس، وهي تبص للأرض):
ـ "طالما حضرتك مستني قلبي، يبقى نكتب كتابنا... بس على حب، وصبر، ورضا."
المأذون قاعد، قدامه الأوراق الرسمية، بيبدأ كلامه بصوت ودي ومليان بركة.
المأذون بابتسامة دافئة: ـ "نبدأ بسم الله… ونصلي على النبي عليه الصلاة والسلام."
الناس ترد بصوت جماعي: ـ "اللهم صلي وسلم وبـ.ـارك عليه."
المأذون: ـ "معانا دلوقتي عريسنا الجميل الأستاذ عاصي محمد عزيز، والعروسة الطيبة المحترمة زهرة صالح منصور محمد.
وربنا يتمم بخير يا رب."
يبص لعاصي ويقول بنبرة رسمية محببة:
المأذون:
ـ "ياريت يا أستاذ عاصي تسلّمني صورة البطاقة وصورتين شخصية... وكمان من العروسة، لو سمحت."
عاصي يبتسم، يطلع من جيبه ظرف صغير، يسلمه للمأذون... وزهرة تمد إيدها بهدوء وتسلمه صورها، بصوت وا.طـ.ـي:
زهرة (بهمس):
ـ "اتفضل يا مولانا..."
المأذون ياخد الورق، يرتبه على مهله، وبعدين يرفع عينه ويفتح الدفتر، ويبدأ الكلام الجاد والرسمي اللي الكل حافظه بس دايمًا بيبكيهم:
المأذون (بصوت هادي مليان رهبة):
ـ "يا أستاذ عاصي... بتقبل السيدة زهرة على سنة الله ورسوله، زوجةً لك شرعًا وقانونًا، على الصداق المسمى بينكم؟"
عاصي يبتسم، وبصوت ثابت يرد:
عاصي:
ـ "أيوه، بقبل."
المأذون يبص لزهرة، اللي عنيها مكسوفة... لكن فيها فرحة مخبيها العالم كله، وبيقول بنعومة:
المأذون:
ـ "وإنتِ يا زهرة، بتقبلي الأستاذ عاصي زوجًا ليكي، على سنة الله ورسوله، وعلى المهر المسمى بينكم؟"
زهرة تبص لعاصي بسرعة، عينيها تغرق حب، وبصوت وا.طـ.ـي مكسوف:
زهرة:
ـ "أيوه، بقبل."
الكل يفرح، وتبدأ الزغاريط، والمأذون يضحك وهو بيكتب ويقول:
المأذون:
ـ "اللهم بـ.ـارك لهما، وبـ.ـارك عليهما، واجمع بينهما في خير... كتبنا الكتاب، وزي ما بيقولوا... ألف مبروك يا عريس، ويا عروسة."
الحاج محمد يرفع إيده بدعاء:
الحاج محمد:
ـ "ربنا يجعل أيامكم كلها فرح وسكينة... ويبـ.ـارك فيك يا زهرة يا بنتي، وفيك يا عاصي يا ولدي."
تكبيرات تطلع من الحضور، والفرحة تعلى، ودمـ.ـو.ع الجد محمد تنزل من الفرح.
عاصي (بصوت منخفض وهو يقرب منها):
ـ "أخيرًا... بقيتي على اسمي، وعلى قلبي، من غير خوف."
الكاميرا تبتعد بهدوء... وسط أضواء الزينة... وأصوات الفرح... وزهرة تبتسم والكل حواليها بيهتف:
"مبروك يا زهرة... مبروك يا عاصي!"
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى
انتظروا حلقة خاصة  ليلة الفرح واحداث جميله
الأنوار متوهّجة، والضحك مالي المكان. الموسيقى الكلاسيك الهادية شغالة، والناس كلها فرحانة بتكريم المشروع اللي اتحوّل من فكرة صغيرة لحلم عربي ناجح.
عاصي واقف في وسط الجمع، بيستقبل التهاني بابتسامة فخورة،
وزهرة واقفة بعيد، لابسة فستان بلون سكري هادي، طرحتها بسيطة، ووشّها منور كأنه مراية لقلبها...
وشهها فعلاً بقى عنوان للرضا.
تدخل القاعة فجأة "لينا " أخت عاصي، ومعاها "نادين" و"عصام"...
زهرة أول وحدة تلاحظهم، وبتجري عليهم بحماس:
زهرة (بحب ودهشة):
ـ لينا ! بجد جيتي؟!"
لينا  تحـ.ـضـ.ـن زهرة بحرارة، وهي بتضحك: ـ "معقولة أفوّت اللحظة دي؟ ده فرحنا كلنا!"
عاصي يلمحهم من بعيد ويضحك، بيجري على أخته ويحـ.ـضـ.ـنها.
عاصي (بعين بتدمع من الفرحة):
ـ "حشـ.ـتـ.ـيني و  يا مـ.ـجـ.ـنو.نة... البيت فضل ناقص من غيرك."
لينا (بضحكة خفيفة):
ـ " انت بكاش أهوه شفوت حالك وبقي عندك  بعروسة! ومشروع... وعيلة جديدة."
كلهم يضحكوا، و"لينا " تتحمّس تقوم تجيب عصير...
تسلم زهرة على الدكتور سارة وعلى والد عاصي وبعد كده تنسحب وترجع مكانها 
عند لينا  تتجه بطريقها،  عشان تسلم على الجميع وهى ماشي 
تتزحلق شوية على علبة عصير طفل رمها فى الارض 
من غير ما تاخد بالها، وتكاد تقع...
لكن رامي يمد إيده بسرعة ويسندها قبل ما تقع.
لينا  (بصوت مندهش، وهي بتتزّن):
ـ "يا نهار أبيض. كنت هقع وهكون شكلي مسخره ..  شكراً!"
رامي (بهدوء وبسمة خفيفة):
ـ "ولا يهمك... بس خلي بالك، دي أول خطوة... وبداية الحكاية."
(نظرة طويلة بينهم... وسكوت)
لينا  تحاول تضحك وتكمل تمشي، لكن وهي ماشية تبص وراها...
وهو كمان يبص وراها، كأن القدر نده على الاتنين...
ومع صوت تعليق داخلي لـ"زهرة" بعد المشروع :
زهرة (بصوت داخلي):
ـ "الحياة مش بس حكاية حب... الحياة مشروع، وصبر، وحلم بيكبر، وقلوب بتتلم، مهما كانت البداية صعبة..."
تمر الشهور..
زينة بتشتغل في الشركة مع كريم، وهم بيضحكوا وبيشرحوا خطة جديدة.
زياد وياسمين بيستقبلوا أول مولود ليهم في المستشفى، والجد عصام وعزيز  بيحـ.ـضـ.ـنه بايده المرتعشة.
و
الجد محمد يكبر فى ودن الطفلة 
رامي ولينا  واقفين في الحديقة، بيتكلموا... وهي بتضحك على حاجة قالها... ومفيش أي كلمة... بس النظرات بتقول "القلوب ابتدت تحب."
وعاصي واقف مع زهرة في مكان ريفي بسيط، ماسك إيديها، ووشّها فيه نور... النور اللي بييجي بعد الليل الطويل.
الكل مبسوط... والكل مستعد للفرح الكبير.
جميل جدًا! دلوقتي ننتقل للحظة اللي الكل مستنيها...
فرح زهرة وعاصي.
لحظة اجتمع فيها الحب، والعيلة، والدمـ.ـو.ع اللي اتبدلت فرحة،
وكل خطوة فيها بتتكلم عن "الستر"، و"الرضا"، و"الوعد اللي اتنفّذ".
الكاتبة صفاءحسنى 
 قاعة الفرح - "فرحة العمر"
الديكور بسيط لكنه دافي... شموع بيضا، ورد ناعم، وزينة كلها ألوان هادية...
القاعة مليانة أحباب، عيلة واحدة بجد.
عصام وجد محمد واقفين على جنب بيضحكوا، وسارة واقفة مع نادين بتظبّط حجاب زهرة...
الأنوار تهدى... وصوت مديحة صغيرة (بنت زوجة صالح) بيعلن:
ـ "العروسة جاية..."
زهرة تظهر... ماشية بخطى هادية، فستان أبيض محتشم، طرحة منقوشة خفيفة، ووشّها فيه نور كأنه صبح جديد...
تمسك إيد سارة، اللي بتبص عليها بفخر.
الناس كلها واقفة، البنات بيزغرطوا، الأطفال بيجروا حوالينهم، وجد محمد بيبص على حفيدته والدنيا مش شايف منها غيرها...
ياسمين (بدمعة في عينيها، وهمس لكريم): ـ "فاكر أول مرة شفناها في السجن؟!
كانت شبه الوردة المدفونة... دلوقتي بقيت زهرة بتفتح وسط الضلمة."
كريم (بابتسامة فخورة): ـ "بقت رمز... مش بس لحكاية حب، لحكاية أمل."
زهرة توصل عند عاصي، اللي لابس بدلة بلون سماوي غامق... بسيط، لكن على وشّه فرحة طفل لقى لعبته بعد سنين.
يمد إيده ليها، وهي تمد إيديها... تبص له بخجل، لكنه يهمس:
عاصي (بصوت منخفض ما يسمعه غيرها):
ـ "جاهزة؟"
زهرة (بنظرة كلها رضا):
ـ "طول عمري كنت بستنى اللحظة اللي أكون فيها على طبيعتي...
ومعاك... كل حاجة طبيعية."
يبدأ كتب الكتاب... جد محمد، وعم عزيز، وعم حسين شهود...
وبعد ما المأذون يقرأ الفاتحة، ويطلب موافقة زهرة،
تقول بصوت ثابت، باحترام وحياء:
ـ "موافقة... وبكل قلبي."
الكل يصفق، سارة تزغرط، وزينة تضم زهرة وهي بتبكي، وياسمين تحتضنها وهي تضحك...
وعاصي يبص لها بعيونه كلها شكر:
عاصي: ـ "ربنا رزقني بيك... بعد ما كنت فاكر إن الحلم انتهى."
زهرة (بهمس): ـ "الحلم لسه بادئ...
أهو... أول صفحة، وكتبنا فيها اسمينا."
المشهد يختتم بتصفيق الجميع، والموسيقى تبدأ،
وصوت زهرة من بعيد يقول:
زهرة (تعليق داخلي بتوجه لكل بنت 
ـ "مفيش وجع بيضيع،
كل حاجة ليها وقتها...
بس أهم حاجة،
إنك متفقدش نفسك...
عشان وقت ما يجيلك اللي يستاهلك،
تكون انت،جاهزة وخلي ايمانك بالله أكبر من اي حاجه 
---
الكاتبة صفاء حسنى 
أول ليلة في بيتهم – زهرة وعاصي
الوقت: بعد الفرح بساعات...
هدوء الليل بيغلف الشارع، لكن البيت مليان نور...
مش بس من الزينة، من الفرحة اللي بتنور القلب.
عاصي شايل زهرة على إيده، وهي بتحاول تخبي ضحكتها بخجل، وبصوتها الوا.طـ.ـي:
زهرة (بهمس خجول):
ـ "ياااه... هو لازم تشيلني كده قدام الناس كلها؟"
عاصي (بابتسامة هادية وهو يفتح باب بيتهم):
ـ "وأنا مستني اللحظة دي من إمتى؟!
كل خطوة بتقربني منك، كنت بحلم بيها... مش هفوت منها ولا لحظة."
يدخل البيت، ويقفل الباب بإيده التانية، يحطها برفق على الأرض...
تبص حواليها وهي مبهورة بجمال الشقة... بسيطة، ومرتبة، وفيها ريحة ورد وياسمين.
زهرة (بصوت متأثر):
ـ "البيت... كأنه حـ.ـضـ.ـن دافي، شبه قلبك."
عاصي:
ـ "وقلبك هو اللي هيخلي البيت ده جنة يا زهرة."
يقرب منها، ويمسك إيديها...
عاصي (بهمس):
ـ "نبدأ حياتنا من أول لحظة... بربنا.
تحبي نصلي ركعتين شكر؟"
هزت راسها وهي بتكتم دمعتها، وقلبها بينبض بالرضا.
زهرة:
ـ "وأنا طول عمري بحلم أبدأ حياتي بكده..."
يتوضوا سوا، وكل واحد بيحضر سجادته...
يقف عاصي يؤم، وزهرة وراه، وهي في كل سجدة بتحس إنها بتسجد لربنا على نعمة اسمها "الستر" و"الرجوع للحق" و"الحلال".
بعد ما يخلصوا، يمد إيده ليها... تمسكها وهي عنيها مدمعة، يقعدوا على السجادة، وجههم لبعض...
عاصي (بصوت هادي):
ـ "اللهم بـ.ـارك لنا، واجعل بيننا مودة ورحمة...
واكتب لنا الخير، وأدم علينا رضاك...
وزي ما جمعت بينا في الحلال، اجمع قلوبنا دايمًا على طاعتك."
زهرة (بابتسامة هادية ودمعة ناعمة):
ـ "واجعلنا لبعض سكن، مش نار.
وافتح بينا باب الستر، مش الكلام."
يمسك إيديها، يقرب منها شوية، بنظرة حب صافية:
عاصي:
ـ "كنت فاكر إني بحبك... بس دلوقتي، بعد ما بقيتي مراتي،
أنا عرفت يعني إيه حب بيحميك...
مش بيخدك، بيسندك."
تميل على كتفه، وهو يضمها بحنية، وبيردد في سره:
ـ "اللهم لك الحمد... دي مش بس مراتي،
دي نعمتي اللي كنت بدعي ليها،
وأخدتها بحلالك."
---
الكاتبة صفاء حسنى 
🌤️ 
أشعة الشمس تتسلل من بين ستاير الشباك، بتنور وجه زهرة وهي نايمة، ملامحها هادية جدًا...
هدوء، ونفس منتظم، وكأنها بتحلم حلم جميل.
عاصي قاعد على طرف السرير، بيبصلها وهو مبتسم بهدوء، وشعره لسه مبلول بعد ما توضّى...
يهمس لنفسه وهو بيعدل الغطا عليها:
عاصي (بابتسامة محبة):
ـ "سبحان اللي رزقني بيها...
كل اللي فاتها ما كسرهاش، ده خلّاها تبقى أحنّ إنسانة شفتها."
يفكر يصحيها بلطف، يقرب منها، بصوته الهادي وهو يلمس طرف شعرها اللي تحت الطرحة الخفيفة اللي نايمة بيها:
عاصي:
ـ "زهرة... صباح الخير يا وجع قلبي ودوائه."
تفتح عنيها على صوته، وتضحك بخجل وهي بتغطي وشها باللحاف:
زهرة (بضحكة ناعمة):
ـ "لااااا، مين بيصحى الناس كده؟!
أنا لسه مش مصدقة إن ده بيتي... وإنت جوزي."
عاصي (ماسك إيديها بلطف):
ـ "أنا مصدق، ولسه هثبتلك كل يوم إنك خدتِ القرار الصح."
يقوم بهدوء، ويمد ليها فستان بيتي بسيط:
عاصي:
ـ "قومي، أنا عملت شاي بالنعناع، والفطار مستني...
وعايز آخدك نتمشى على الكورنيش، نبدأ أول يوم كأننا بنكتب أول سطر في كتاب جديد."
زهرة (وهي بتقوم، تمسك إيد الطرحة وتحطها على شعرها):
ـ "هلبس بسرعة... بس أوعدني، يومنا كله يكون بسيط... من غير مظاهر ولا صور، بس إحساس."
عاصي (وهو بيقرب منها):
ـ "وإحساسي بيكِ... عمره ما كان بسيط."
تمشي قدامه وراها خجل طفولي جميل، ويمشوا سوا ناحية السفرة، يضحكوا على حاجة صغيرة، يبصوا لبعض، وكل حاجة حواليهم... بتقول:
"دي البداية اللي كانت تستاهل الانتظار."
  المغرب قرب الأذان، ريحة الريحان في الجو، والبيت منور بمبة صفراء دافية.
يطرق الباب... يفتحه الجد محمد، ووشه ينور وهو شايف زهرة واقفة جنب عاصي، في إيديهم علبة حلوى، ووشوشهم كلها رضا.
الجد محمد (بصوت مرتعش من الفرحة):
ـ "الحمد لله يا رب... كملت فرحتي... نورتوا البيت."
زهرة تحـ.ـضـ.ـنه بحرارة:
زهرة (بعينها بتدمع):
ـ "وحـ.ـشـ.ـتني يا تاج راسي... وحـ.ـشـ.ـتني ريحة البيت والدفا."
عاصي يبـ.ـو.س إيد الجد:
عاصي:
ـ "دعواتك يا حاج... دايمًا كانت السبب، وربنا جمعنا."
الكل يدخل... سكينة في البيت.
يحكوا معاه... يحكوا عن السفر، والشغل، وعن فستان الفرح، وعن أمنيات جديدة.
والجد يقول:
الجد محمد:
ـ "البيت اللي مبني على طاعة ربنا، مستحيل يتهز... خليكم سند لبعض، وأنت يا عاصي، خليك جدار الأمان لبنتي."
عاصي يهز راسه بكل امتنان:
ـ "وعد يا حاج... لو يوم واحد ما كنتش كده، حاسبوني."
الآذان يرفع، والجد يأمّهم في الصلاة...
ويسيبهم يدعوا بعد الركعة الأخيرة، ووشوشهم للسماء.
---
🌙: شرفة بيتهم، فوق سطح البيت، الدنيا هادية، والنجوم متلألئة في السما.
عاصي حاطط كوباية شاي، وزهرة لابسة روب قطني فاتح، طرحتها نازلة على كتفها، وشها كله طمأنينة.
زهرة (بصوت خافت):
ـ "كان يوم طويل... بس حسيته قصير وأنا جنبك."
عاصي (وهو بيبص في عيونها):
ـ "كل يوم معاك هيبقى كده...
حتى التعب، معاك بيهون."
تسكت شوية، وتبص للنجوم:
زهرة:
ـ "كنت دايمًا ببص للنجمة دي... وأقول يا رب، تبعتلي طبطبة...
مكنتش أعرف إن الطبطبة دي هتبقى في صورة بني آدم."
عاصي يضحك، وياخد نفس عميق، ويحط كفه على كفها، ويقرب راسه منها:
عاصي:
ـ "وكنت بدعي أعيش في سلام...
وطلع السلام ده هو صوتك... وعيونك."
يقوم، ويوقف قدامها، ويمد إيده:
عاصي (بحنان شـ.ـديد):
ـ "تعاالي... نرقص لدقايق.
مش رقص الأغاني...
رقصة قلوب بتتهنى بعد عذاب."
تقوم، وتسيب إيدها في إيده، يلفها بهدوء، وتضحك وهي بتتخبط في صدره، وهو يهمس:
عاصي:
ـ "مافيش حاجة نـ.ـد.مان عليها في حياتي... غير اللحظة اللي شكيت فيها فيك."
زهرة (وعينها تدمع):
ـ "وأنا ما نـ.ـد.متش على صبري،
لأنك كنت الدعاء اللي اتأجل استجابته... بس جا في وقته."
يقرب منها، ويحط جبينه على جبينها، يقولوا مع بعض:
ـ "الحمد لله... على الحب اللي جبرنا."
---.
🌸 عند  زينة وكريم (دفء وطمأنينة)
شقة كريم بعد الشغل – جو بسيط، فيه شمعة على الترابيزة الصغيرة، والموسيقى هادية في الخلفية. زينة لابسة لبس بيت بسيط، وشعرها مفرود على ضهرها. كريم قاعد بيبص لها بإعجاب وهي بتحط له الأكل.
كريم (وهو بيضحك):
ـ "هو أنا اتجوزتك عشان أكلك؟ ولا عشان بحبك؟"
زينة (بخجل وابتسامة):
ـ "هو أنت اتجوزتني؟ أنا كنت فاكراك لسه بتفكر!"
كريم (يقرب منها، ويحط إيده على خدها):
ـ "من أول ما قلتِلي (أنا جنبك)، كنت شايف إنك بيتي... مش بس مراتي."
تقعد جنبه، وتحط راسها على كتفه:
زينة (بهمس):
ـ "عارف... ولا يوم نـ.ـد.مت إني اخترتك،
حتى وإنت لسه بتدور على نفسك...
كنت مؤمنة إنك هتكون أحسن نسخة منك،
عشان بتحبني."
كريم يطبطب على إيدها، ويبـ.ـو.س راسها:
كريم:
ـ "وإنتِ السبب... إنتِ اللي طلعتيني من الظلمة،
ولمّا أختك زهرة قالت لي: (حافظ عليها عشان دي نعمة)... فهمت إن الحب مش بس ورد وشموع،
الحب... ستر، وكرامة، وسند."
💔عند  زياد وياسمين (نـ.ـد.م وتوبة)
اسطح البيت، في ليلة هادية، وياسمين قاعدة جنب زياد، وهو باصص للسماء، وشه فيه حزن دفين، بيشرب شاي ساكت.
ياسمين (بصوت هادي):
ـ "مالك؟ قلبك مش هنا..."
زياد (بأنفاس تقيلة):
ـ "أنا بس...
حاسس بالذنب.
كنت واحد تاني...
غلطت، وكنت فاكر الرجولة شهوة،
وإن البنت لعبة."
يسكت لحظة، ويبص في عنيها:
زياد:
ـ "بس النهاردة...
وأنا بشوف بنتى فى حـ.ـضـ.ـنك 
قلبي بيتقطع...
مش عايز بنتي تتوجع،
ولا حد يلمسها بنظرة،
ولا تعيش اللي أنا كنت جزء منه، حتى لو كنت تابِت."
ياسمين تمسك إيده، وعنيها فيها دمعة بس فيها رضا:
ياسمين:
ـ "ربنا مش بيغير النهايات بس...
ربنا بيجبر القلوب اللي اتكسرت،
وأنا شايفة إنك راجـ.ـل حقيقي...
مش لأنك بطلت تغلط،
لكن لأنك نـ.ـد.مت... وقررت تعوض."
زياد يبص لها، وقلبه كله حنية:
زياد:
ـ "كل يوم بدعي إن بنتي تطلع شبهك...
عشان لما أكبر، أقول:
دي بنتي اللي طهّرتني،
زي ما أمها كانت النور اللي هزني وصحّاني."
وياسمين تبتسم، وتبوس إيده بحنان:
ياسمين:
ـ "وإحنا بدأنا حياة... نضيفها سطر بسطر.
ومحدش هيكتب النهاية غير ربنا."
زهرة العاصي الكاتبة صفاء حسنى 
بيت الحاج محمد – الفوانيس معلّقة، زينة بلدي، صوت الزغاريد والمزيكا الشعبية، والكل متجمع حوالين سرير البيبي اللي متغطي بمفرش أبيض ومطرز وردات وردية.
الرضيعة نايمة في نص السرير، والزينة حوالين اسم مكتوب على ورق: "أميرة العيلة" (اسم مؤقت).
زينة بترقص فرحانة، وياسمين بترمي ردة، وسارة بتقلب في صور البيبي من أول يوم.
الحاج محمد يضحك وهو شايلها شوية ويقول: ـ "دي اللي هتنور بيتنا سنين لقدام... دي وشها فيه رضا."
تصرخ بسنت (اللي جاية من الجامعة معاهم): ـ "إحنا لسه ما اخترناش الاسم! أنا شايفة نسمّيها زهرة... عشان تبقى نسخة تانية من زهرتنا الكبيرة!"
الكل يوافق ويزعق بفرح: ـ "صح صح زهرة! أحلى اسم!"
لكن عاصي يوقف فجأة، وبنظرة جدية وهو ماسك الصغيرة: ـ "لأ! زهرة دي بتاعتي أنا... مفيش اتنين!"
الكل يضحك، وزهرة  تضحك بخجل وتقول: ـ "طيب نحلها بشكل ديمقراطي... نكتب أسماء في ورق صغير ونحطهم في بَرطمان، وربنا يختار اسم بنتكم ."
زينة  تبدأ تكتب: "جنا – رُقيّة – تالية – سدرة – زينة – ندى – سلمى – أُبيّة"
عاصي واقف جانب زهرة، وبيضحك بخفة. زياد واقف قصادهم، بيهزر لكنه باين عليه متـ.ـو.تر.
ياسمين قاعدة جنبه، ماسكة ورقة وقلم.
زياد (بخفة دم):
ـ "مش هقدر أكتب اكتبي آنتى 
تضحك ياسمين :
. خايف تكتب اسم واحدة من اللي حبيتهم بالغلط!"
ضحكت الكل تعلى... زهرة ضحكت بخفة، وياسمين تضحك وتمد له الورقة:
ياسمين (بنغزة دافية):
ـ "خايف ولا عارف؟ طب هات… أنا أكتب بدل منك... وبــــاسمك كمان."
زياد يضحك،  ويبص  على زهرة وكان في ، نظرة فيها شيء من الحنين القديم... مش حب، لكن وجع الذكرى.
عاصي حس بالنظرة...
مشهد صامت... عينه اتحركت بسرعة ناحية زهرة، ولسانه اتخرس.
حاول يبتسم، لكنه مقدرش.
في اللحظة دي، ياسمين تلاحظ حركة عاصي...
وبصت لزهرة وهي بترجع تركز تاني في اللعب...
وبهدوء، تسأل زياد وهي بتكتب أسماء  على الورقة:
ياسمين (بصوت منخفض):
ـ "لسه شايل في قلبك حاجه ليها؟"
زياد (بتنهيدة):
ـ "اللي بيني وبين زهرة… انتهى من زمان.
بس اللي زيها... مايتنساش بسهولة.
أكتر حاجة وجعتني إنها طلعت أقوى مننا كلنا... وبنت من نور."
ياسمين تسكت شوية... لكن جواها نار خفيفة، نار قادرة تنطفي... لأنها شافت بعينها إن اللي بين عاصي وزهرة أكبر بكتير من غيرة أو شك.
عاصي، ساكت، لكنه مش مرتاح...
أول مرة في حياته يحس إن الماضي لسه بيزاحمه...
حتى لو واثق في زهرة، قلبه بيغلي من جواه...
يقرب منها شوية، وهمس بصوت وا.طـ.ـي:
عاصي (بصوت مكسور شوية):
ـ "أنا آسف إني خلتكِ تتحطي في لحظة زي دي...
وآسف إني مش عارف أنسى إنه كان أول حد حبيتيه..."
زهرة تبص له بهدوء، نظرة فيها دفء وأمان:
زهرة (بحنان):
ـ "بس إنت أول حد حسيت معاه بالأمان...
وأول حد اخترته بعقلي وقلبي مع بعض
تضيف ياسمين : "صفا – نورين – جود – همس – ياقوت"
بسنت تحط "بسنت" طبعًا وتغمز 😄
زهرة تضحك: ـ "طيب يا بسنت... لو طلعت اسمك هنقول قضاء وقدر!"
يحطوا الورق جوه البرطمان، وتقوم  ياسمين "" تهز البرطمان كويس وتدي ل زياد يختار ورقة.
يمسك  زياد الورقة، وكلهم ساكتين بترقّب، يفتحها... يبتسم ويفتح صوته:
ـ "تـــــــالــيــة."
الكل يصفق ويزغرد، وزهرة تبص للبنت وتهمس: ـ "يا تالية... تكوني تالية لكل حاجة حلوة فينا... علم، حب، نُور."ربنا يحفظها ليك 
وتبص لعاصي، وتلاقي في عيونه الدفء كله...
عاصي (بهمس ليها):
ـ "أنا مش بس بحبك... أنا دلوقتي بعشقك .. يعني قلبي بقى في حـ.ـضـ.ـنك... مرتين."
رامي  واقف من بعيد، بيبص حوالين عليه، قلبه بيرقص من التـ.ـو.تر، ولينا قاعدة مع البنات، وشها فيه حُمر خفيف…
يقرب رامي بهدوء ناحية عاصي، ويقف قصاده كأنه هيطلب حاجة مهمة:
رامي (بنبرة جدية شوية وهو بيبص لعاصي):
ـ "عاصي... أنا جايلك النهارده مش بس أبـ.ـارك على السبوع... أنا جايلك أطلب طلب أغلى من أي فرحة."
الكل سكت، وزينة لمّت وشها في إيديها وقالت: ـ "ده هيخطب ولا إيه؟!"
زهرة بصّت لعاصي، وعاصي ابتسم بخبث وقال:
عاصي 
ـ "يعني مش عاوز تطلبني أنا؟ دا أنا اللي عامللك المشروع! دا أنا اللي عرفتك على أهل البيت! دا أنا... اللي جبتلك البنت أساسًا!"
ضحك عالي، والكل بصّ للينا اللي وشها بقى أحمر غروب.
رامي بيبتسم بتـ.ـو.تر ويقول:
رامي:
ـ "أنا جايلك كأخ وصديق، وراجـ.ـل حابب يتشرف بعيلتك، ويطلب إيد لينا... تكون شريكة حياتي على سنة الله ورسوله."
الكل يسقف، وزهرة دمعتها نزلت وهي بتقول: ـ "أحلى ختام لفرحة تالية... إن لينا كمان تبتدي حكايتها."
عاصي يقوم  ويقرب من رامي، يبصله شوية... وسكت.
عاصي (بصوت تمثيلي ووش تقيل جدًا):
ـ "بس انت مستعد للبنت دي؟ دي طيبة بس بتعند... دي لينا يا ابني، مش سهلة."
رامي (بابتسامة خفيفة):
ـ "وأنا مش سهل يا عاصي... وأنا مستعد أعيش معاها الحلو والمر، بس أهم حاجة... ترضى عليّا."
عاصي يضحك فجأة ويسحبه في حـ.ـضـ.ـنه:
عاصي (بحب):
ـ "من زمان شايفك مناسب ليها... وأنا اللي هلبّسها الدبلة بإيدي."
تصفق الكل، وتصرخ لينا من الخجل:
لينا:
ـ "يااااه يا عاصي! بقى كده؟"
زهرة (وهي بتضحك):
ـ "ده مش بس سلّمك... ده لبّسك كمان!"
الجميع يضحك وتمر الشهور وتنجح الشركة و
بعد شهور انتظر  الجميع شبكة لينا الكل سعيد 
قاعة أفراح كبيرة مضيئة، الديكور ناعم بألوان وردي وفضي، البالونات على الجوانب، والورد في كل ركن.
المعازيم فرحانين، الكل بيضحك، الكاميرات بتصور، و"رامي" واقف بفخر قدام "لينا" اللي لابسة فستان خطوبة لونه نبيتي في منتهى الرقة.
عاصي ماسك إيد زهرة، وهي لابسة فستان رمادي فاتح، وحجاب أبيض مطرز، ضحكتها هادية... بس فيه شحوب خفيف في وشها.
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "مش عارفة... حاسة بدوخة كده مش طبعية..."
عاصي (بقلق):
ـ "تحبي نرجع؟"
زهرة (بإصرار):
ـ "لا لا، ده يوم لينا، مش هينفع أمشى  ممكن عشان مليش نفس للأكل من الصبح ."
المشهد يستمر، الأغاني، التهاني، وأثناء ما الكل بيصور مع العرسان...
تسند زهرة على كرسي فجأة، وتحط إيدها على جنبها، تاخد نفس عميق...
زينة (لاحظت):
ـ "مالك يا زهرة؟ وشك شاحب أوي..."
زهرة (بابتسامة خفيفة):
ـ "ممكن دور برد ولا ضغط انخفض ... هعدّيها."
لكن بعد لحظات، وهي بتضحك على كلام "ياسمين" وزياد عن مواقف بيعشوها مع بنتهم الصغيرة 
زهرة بتشرب عصير، بالعافيه ووشها فيه لمعة حب وفرحة.
زياد (بحماس):
ـ "تخيلوا بقى... أول مرة بنتنا تتكلم قالت لا ، كانت بتزعقلي عشان خدت اللعبة منها!"
الكل يضحك، وزهرة تمسك بطنها من الضحك:
زهرة (بتضحك ودمـ.ـو.ع في عينيها):
ـ "بجد؟! يعني أول كلمة مش بابا بحنية؟! دي طلعت قوية من أولها!"
ياسمين (بتكمل وهي بتحاول تمسك ضحكتها):
ـ "أيوه والله،  ولم علمتها كلمة بابا وماما استسهلت كلمة بابا وكنت بجري وراها عشان أكلها وهى بتذحف زى السلحفة   ومسك لعبة 
جيه زياد أخد اللعبة منها وقالها تاكل تاخد اللعبة 
كانت أول مرة تقف فيها قامت تحاول تقف ووقفت 
  على رجل واحدة وبتزعق: (باباااا!) ، من كتر المفجأه تتكلم وتقف وكمان تتخانق !"
زهرة (بتضحك بعمق):
ـ "يا رب أعيش اللحظة دي... يا رب أسمع كده طفل بيقول لي (ماما)..."
تقلب ضحكتها لدمـ.ـو.ع وهي لسه مبتسمة، بس التعب ظاهر عليها.
تحط إيدها على جنبها، تحاول تخبي الإحساس، لكن عنيها تدمع.
عاصي يلاحظ ويقرب منها:
عاصي (بهمس):
ـ "زهرة، تعبانة؟"
زهرة (بصوت وا.طـ.ـي):
ـ "شوية... مش عاوزة أفسد اليوم على حد."
بس قبل ما يكملوا الضحك، تتغير ملامح زهرة فجأة، وتدوخ، وتحاول تمسك طرف الكرسي، لكنها تقع من طولها...
الضحك يتحوّل لصوت صراخ... وزياد يكون أول واحد يجري عليها، وبعده عاصي...
ياسمين تصرخ:
ـ "زهرة!!!"
الدنيا تتقلب، وكأن الفرحة قررت تختبر قلوبهم بلحظة خوف...
"... فجأة وشها يصفر، وتقع من طولها على الأرض.
الكل يصـ.ـر.خ، والدنيا تتقلب.
عاصي يجري عليها:
عاصي (بصوت بيترجف):
ـ "زهرة!! زهرة!! حد يتصل بالإسعاف!!"
ينقلوها بسرعة للمستشفى، وزهرة في غيبوبة خفيفة.
الجميع موجود: زينة، كريم، ياسمين، زياد، الجد محمد، سارة، حتى الحاج عزيز.
والتـ.ـو.تر مالي المكان.
بعد دقائق طويلة، الدكتور يخرج من غرفة الكشف.
الدكتور (بهدوء):
ـ "اطمنوا... الحالة مستقرة، و... ألف مبروك."
عاصي (مندهش):
ـ "مبروك؟ على إيه؟"
الدكتور بابتسامة: ـ "مدام زهرة حامل... في أول شهور الحمل، واضح إنها ماكنتش تعرف، والتعب نتيجة إجهاد زائد."
الكل يسكت لحظة... والدهشة على وش عاصي، اللي ابتسم ووشه نور، ثم سجد على الأرض بشكر.
أما زهرة... تفوق وبتبص حواليها، ثم تهمس وهي بتبكي:
زهرة (بهمس مذهول):
ـ "أنا... حامل؟ أنا ممكن أكون أم؟ بجد؟"
سارة تمسك إيدها، وزينة تقبل جبينها، والدمـ.ـو.ع في عيون الجميع، وزهرة تبكي بحرقة... بس لأول مرة، دمـ.ـو.عها كلها "فرحة".
عاصي يقرب منها، ياخد إيدها بين إيديه، ويبص في عينيها:
عاصي (بصوت مليان حب وحنان):
ـ "انتي مش بس هتكوني أم...
انتي هتكوني جنة لطفل هيطلع زيك، فيه طهر وقوة... وفيه قلب أم اسمها "زهرة"."
ابتسمت زهرة قلب عاصي 
ابتسم عاصي 
أجمل هى  زهرة  العاصي إلا بتنور طريقه 
---
وانتهت القصه
تعليقات