رواية عطر سارة هي رواية رومانسية والرواية من تأليف شيماء سعيد في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية عطر سارة لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية عطر سارة هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية عطر سارة تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة
رواية عطر سارة من الفصل الاول للاخير بقلم شيماء سعيد
أمام بوابة قصر علام العريق وقفت سيارة الأجرة خاصتها، تلك هي المرة الأولى التي ترى بها ثراء عائلتها الكريمة، منذ وفاة والديها بحادث تعيش مع شقيقتها الكبرى مريم وزوجها علاء..
مثلها مثل أي غريب تتابع أخبـ.ـارهم عبر منصات التواصل الاجتماعي وتنبهر بهم فقط لا غير، تعيش بمنزل ثلاث غرف كضيفة عند زوج شقيقتها حتى تتزوج وهم يعيشون بهذا النعيم، اللعنة عليهم جميعاً...
دق هاتفها ورأت اسم مريم عليه فأخذت نفسا عميقا قبل أن تضمه إلى أذنها مردفة بهدوء :
_ أنا وصلت خلاص يا مريم..
أبعدت الهاتف عنها قليلاً مع وصول صرخات الأخرى عليها، قبل أن تقول كلمة إضافية صرخت مريم :
_ أنتِ مـ.ـجـ.ـنو.نة رايحة عندهم تعملي إيه، كام مرة أقولك أنتِ مالكيش حق هناك، بابا أخد ورثه منهم بعد موت أبوه وسافر الفيوم عشان يتجوز ماما، الخير ده كله بتاعهم هما بس وكتر ألف خيره محمود إبن عمك بيبعت مصاريف لينا كل شهر عايزة إيه تاني.
_ عايزة أعيش مش أكتر يا مريم، كفاية عليكي أنتِ وجوزك لحد كدة أنا ليا أهل هما أولى بيا..
عضت مريم على شفتيها بغيظ وهي تلعن زوجها، قالها أمس لسارة صريحة يريد أن يزوجها حتى يسقط حملها من فوق رأسه ويهتم بأبنائه فقط، مسحت على وجهها مردفة بنبرة حنونة :
_ سارة يا حبيبتي إنت عارفة علاء عبـ.ـيـ.ـط ومش بيفهم في الكلام، ارجعي ومحدش هيقدر يفرض عليكي حاجة أنتِ مش عايزاها..
أجابتها سارة بعدما أعطت للسائق أجرته وقالت بنبرة رقيقة :
_ ممكن تنزل ليا الشنط من العربية يا عمو عشان مش هقدر أشيل..
أومأ إليها قائلا بابتسامة معجبة بجمالها :
_ أنتِ تؤمري يا ست البنات..
_ شنط ايه أنتِ مش ناوية تسمعي كلامي وترجعي؟!..
_ لأ يا مريم مش راجعة ولو على المصروف اللي أبيه محمود كان بيديه لجوزك كل أول شهر هبعته لك أنا الضعف سلام..
أغلقت الهاتف وأنهت تلك المهزلة من حياتها إلى الأبد هذا القصر ستصبح هي سيدته خلال أيام قليلة وهذا وعدها لنفسها مهما كلفها الأمر، بخطوات واثقة اقتربت من الحارس مردفة :
_ لو سمحت أنا سارة علام ممكن أقابل تيتة ألفت وأبيه محمود..
تاه الحارس بهذا الجمال، من يراها يذهب منه عقله بنفس الثانية، كتلة من الجمال تسر من ينظر إليها، ابتسمت من نظراته التي أعطت إليها شعور بالانتصار وحركت كفها أمام وجهه مردفة بنبرة ناعمة :
_ ها إنت معايا؟!..
اتسعت إبتسامته البلهاء مرحبا متمنيا أن يتحدث معها الباقي من عمره، أومأ إليها وعيونه تتطاير منها قلوب حمراء مردفا :
_ طبعاً معاكي، ده كفاية عليا أصلاً البصة الحلوة دي...
_ طيب دخلني بقى..
هنا عاد الي عقله هذه أصغر حفيدة بعائلة علام، ماذا تفعل يا أحمق لو وقعت عين محمود علام عليك ستكون نهايتك، أبتلع لعابه بخوف وأفسح لها الطريق، دلفت وتركته يأتي خلفها بالحقائب..
ما هذا الجمال جنة الله على الأرض، مع كل خطوة تخطوها للداخل تزيد دقات قلبها ها هي قريبة جداً من حلمها، كيف كانت تعيش السنوات الماضية وهذا النعيم لغيرها لا تعلم ولكنها أتت اليوم حتى تبدأ حياتها تبدأ عمرها الحقيقي بين جدران قصر علام..
فتحت الخادمة الباب ليحدث لها مثلما حدث للحارس هذه الفتاة خلقت بسحر غريب وجمال أغرب، وضعت الخادمة كفها على ذراع الآخر مردفة بتعجب :
_ بسم الله الرحمن الرحيم ايه دي يا واد يا شوقي؟!...
أين شوقي فهو الآخر تائه بالملكوت يتأمل إبداع الخالق في جمال خلقه، أجابت هي ببراءة وهي تعلم تأثيرها على الجميع فما يحدث الآن يحدث كل يوم مع أي شخص يراها حتى لو رأها قبلها مائة مرة :
_ أنا سارة علام بنت أحمد علام الله يرحمه..
دقيقتين وكانت بين أحضان امرأة عجوز، تضغط على جسدها الناعم بين ذراعيها وتبكي، أخيراً تضم حفيدتها ابنة ولدها الذي فارق الحياة في سن صغير بعدما تخلى عنهم سنوات، أغلقت سارة عينيها بـ.ـارتياح شـ.ـديد هذا هو الأمان الذي تبحث عنه وها هي تتذوقه لأول مرة..
سالت الدمـ.ـو.ع من أعين ألفت قائلة :
_ أخيراً يا بنت الغالي ياما طلبت من أختك تجيبك أشوفك بس كانت بتقول إنك مش عايزة حد مننا..
أبتعدت عنها سارة قليلا وقالت بنبرة مختنقة من شعورها القوى بالبكاء :
_ أنا جاية النهاردة عشان أعيش معاك، ليا مكان بنكم والا ماليش يا تيتة؟!..
لمعة عين المرأة أعطت لها واجب مرضى يثبت أن لها مكان ومكان لم يصل إليه أحد قبلها ولن يصل إليه أحد بعدها، أومأت إليها ألفت بلهفة وسعادة :
_ بقى ده كلام ده بيتك يا بنتي وليكي فيه زي ما الكل له فيه.. تعالي في حـ.ـضـ.ـني شوية كمان عايزة أشبع منك..
بكل صدر رحب ألقت بنفسها داخل أحضان الأخرى من جديد فهي ترغب بهذا الشعور اللذيذ المطعم بالمحبة أكثر من ألفت، رفعت عينيها للحائط لترى صورة رجل ولكن ليس مجرد رجل، لو للفخامة عنوان سيكون هو..
من أول عينيه السوداء سواد الليل بليلة غاب بها القمر والنجوم، حتى وصلت لذقنه المتوسطة بلونها الأسود المميز مع أكثر من شعرة بيضاء هنا وهناك، شفتيه غليظة تعطي إليه رونقا خاصا يكتم أنفاس من حوله، وجدت نفسها بلحظة هائمة وسألت نفسها سؤالا واحدا هل هذا الرجل هو من أتت من أجله هنا؟!.. همست ألفت بترقب ومازالت عينيها متعلقة به :
_ مين ده يا تيتة اللي صورته على الحيطة..
أجابتها ألفت بابتسامة محبة لصاحب الصورة :
_ ده محمود إبن عمك وكبيرنا كلنا بعد موت جدك..
اللعنة هذا هو محمود؟!.. يبدو أن لعبتها من البداية بدأت تخرج عن السيطرة، ابتسمت بخفة ونطقت اسمه بتقطع متلذذة بكل حرف :
_ م ح م و د " محمود علام"..
______ شيما سعيد _____
بعد ساعة..
بالطابق الأخير بقصر علام كان يقف هو أسفل الدوش يأخذ حمامه الصباحي، أغلق الماء وبخطوات ثقيلة وضع جسده بحوض الاستحمام المزين بالورود البيضاء ورائحة الياسمين المنعشة، زفر بضيق وهو يشعر بالصداع مسيطرا على رأسه، سحب سيجارة من علبته الفاخرة ثم أخذ منها نفسا عميقا وأخرجه بتمهل..
بعد عشر دقائق كان انتهى من ارتداء بذلته السوداء مع رشقة من عطره المميز، أتى صوتها الناعس من خلفه ليلف بجسده إليها مردفا بقلق :
_ كملي نومك يا عايدة لسة بدري..
نفت بحركة سريعة من رأسها مشيرة إليه بالاقتراب منها، نفذ أمرها على الفور جالسا أمامها على الفراش مردفا :
_إنتِ تعبانة أطلبك الدكتور؟!..
بكف مرتجف أزالت جهاز النفس مع على وجهها ثم قالت له بابتسامة مشرقة رغم ملامحها الشاحبة :
_ جبت لك عروسة حلوة أوي يا محمود عبير كانت معايا في الكلية فاكرها..
ظل صامتا دقيقة كاملة وهي تنظر إليه بترقب، يحاول بقدر المستطاع التحلي بالهدوء وعدم الخروج عن السيطرة، عايدة حالتها الصحية تسوء يوما بعد يوم ولهذا يجب عليه الصبر، رفع كفها ووضع عليه قبلة ناعمة ثم قال :
_ مش فاكر حد غيرك ولا عايز حد غيرك ممكن تركزي شوية في صحتك وطلعي الجنان ده من دماغك يا عايدة ..
سقطت دمـ.ـو.عها وقالت بتعب :
_ بس ده مش جنان إنت بقى لك أربع سنين عايش معايا كأني أختك، مفيش علاج نافع معايا أنا بموت وإنت مصمم تضيع عمرك، لازم تجيب أخ لمعتز يبقى سند له..
ماذا يقول لها وهي ابنة عمه التي تربت على يده منذ نعومة أظافرها من صغرها تعاني من القلب وزاد الأمر سوء بعد إنجاب معتز ومنذ أربع سنوات داهمها المرض اللعين ليكمل عليها وتستأصل رحمها، اقترب منها مقبلا رأسها مردفا :
_ ورايا شغل مهم ولازم أمشي حالا لما أرجع هبقي أشوف حل في جنانك ده ممكن..
إبتسمت وهي تشعر بحبه لها وتأثيره عليها، تلعب تلك اللعبة دائماً حتى تتأكد من تمسكه بها وبعدها تعود للنوم بـ.ـارتياح، محمود ملكية خاصة بها ولن تسمح لأي امرأة النظر إليه حتى لو كانت قليل من العظام..
_____ شيما سعيد _____
تنهد بضيق مغلقا باب الغرفة خلفه، وقبل أن يخطو بطريقه للسلم وجد باب غرفة الچيم الخاصة به شبه مفتوحة، عقد حاجبه بتعجب من تجرأ وفتحها والأكثر من صعد للدور الخاص به وبزوجته من حال الأصل؟!..
اقترب من الباب ووضع كفه حتى يفتحه أكثر وهنا كانت الصدمة الكبرى، جنية بيضاء بجسد منحوت، مظبوط الأماكن التي تحتاج الوزن مثالية جداً وباقي جسدها ملفوف مثل قطعة الشكولاته، قصيرة القامة الي حدا ما بخصلات بنية فاتحة تصل إلى ما بعد خصرها، خصلات ناعمة مثل نعومة ملامح صاحبتها، كل ما يظهر منها مميز شفتيها بمفردها تحتاج لألف كتاب حتى يقدر على وصفها..
ساقته ساقه وهو يتأمل بها بدون أن يشعر حتى وصل إليها، اللعنة ما هذا حتى شهقتها ناعمة، معالم الفزع كانت واضحة عليها وهنا سأل نفسه سؤالا واحدا فقط، هل تلك اللوحة الفنية إنسية أم جنية كما توقع؟!.. قررت يده التمرد عليه وقطع الشك باليقين ومرت بخفة على ملامحها..
حقيقية!!! بالفعل هي حقيقة ملومسة بين يديه، سألها بنبرة خشنة :
_ أنتِ حقيقة؟!..
محمود علام أمامك يا سارة ويبدو أنه مثله مثل الباقي مبهور و جداً، فكرة إعجاب رجل مثله بها جعلتها تنتعش، لم تستفيد بحياتها إلا بجمالها والآن فقط قررت استخدامه حتى تعيش ما فقدته بسنوات الحرمان الطويلة..
إبتسمت اليه إبتسامة تعلم قوتها جيدا همست برقة جعلته يرغب بالقرب أكثر :
_ إنت عايزني أبقى حقيقة والا خيال؟!..
هل هناك فرق؟!.. لا والله لا يفرق معه إذا كانت حقيقة أو حتى خيال كل ما يريده الآن فقط القرب، حرك رأسه بنفي هامسا :
_ مش فارق أنتِ مين..
أقتربت منه خطوة واحدة ورفعت نفسها قليلاً بمحاولة بائسة منها للوصول إليه، ابتسم بخفة ووضع يده حول خصرها ليرفعها إليه، ردت إليه الابتسامة بأخرى أكثر حلاوة ثم همست :
_ أنا أيامك اللي جاية كلها يا محمود..
قالتها بلذة أطاحت به ما هذا الحلم اللذيذ الذي يعيش بداخله، لو أنحنى قليلاً وأخذ قبلة هل سيحدث شي؟!. لا والله مادام مجرد حلم لابد أن يستمتع به، وهو غارق ببحر أفكاره ابتعدت عنه وخرجت من الغرفة وكأنها لم تكن موجودة.
فاق على حاله من فقدانه شعور الدفء الذي تلذذ به للحظات، فتح عينيه بصدمة، بالفعل ما عاشه مجرد خيال، مسح على خصلاته مردفا بذهول :
_ يا نهار مش فايت إيه اللي حصل ده يا محمود، من قلة النسوان في حياتك بقى عندك تهيؤات؟!..
______ شيما سعيد _____
بعد خمس دقائق قدر على أستجماع نفسه وبخطوات واثقة دلف لغرفة السفرة ليجد أفراد العائلة بانتطاره، ألقى نظرة عابرة على الجميع ليتأكد من حضور الكل ومثل العادة أول مقعد وقعت عينيه عليه مقعد شقيقه الأصغر طارق وجده يبتسم إليه إبتسامة بلهاء فعلم أنه وبكل أسف فعل كارثة.
اقترب من جدته وقبل رأسها وفعل بالمثل مع والدته السيدة حنان مردفا :
_ صباح الخير يا جدتي صباح الخير يا ماما..
ألفت :
_ صباح كل حاجة حلوة يا قلب جدتك..
حنان :
_ تسلم من كل شر يا حبيبي..
نقل بصره على مقعد والده الفارغ مردفا بجدية :
_ بابا هيكون هنا كمان شهر بالظبط يا ماما أنا كلمته امبـ.ـارح وقال المشروع ماشي تمام بس محتاج شوية وقت كمان مش أكتر..
حركت حنان رأسها بسخرية مردفة :
_ مش فارق يا حبيبي يشوف هو نفسه في إيه ويعمله، إنت وأخوك عندي بالدنيا وما فيها..
صمت محمود وهو يعلم معنى حديث والدته جيدا أما طارق غمز إليها بوقاحة قائلا :
_ بالنهار أنا وأخويا وبالليل أخبط على باب الجناح محدش يرد..
ضـ.ـر.ب محمود على الطاولة فابتلع طارق باقي جملته وعاد للنظر لطبقه مرة أخرى لعن نفسه وهو يسمع أوامر الآخر التي تعطي له إشارة واضحة " يومك مش فايت النهاردة" :
_ خلص فطارك وتعالى ورايا على المكتب..
ثواني وانقلب كل شيء رأسا على عقب، وقعت الشوكة من يده وهو يراها تخطو لداخل غرفة السفرة بخطوات رشيقة وابتسامة رقيقة، ألقت عليه غمزة شقية وقالت :
_ ازيك يا أبيه أنا سارة..
____ شيما سعيد ______
↚
مر على وجودها بهذا المكان شبه المجهور خمسة أشهر، لم يزورها طوال تلك المدة إلا مرة واحدة شهرياً، وضعت يدها على بطنها المنتفخة ببكاء شـ.ـديد ، انتهت قدرتها على تحمل هذا الألم..
حاولت التحرك حتي لو حركة خفيفة حتى تصل لهاتفها الموضوع على الطاولة المجاورة للفراش، خرجت منها تنهيدة تكتم به صرختها المتألمة، سحبت الهاتف سريعاً وقامت بالاتصال عليه ثلاث مرات ففتح أخيراً الهاتف مردفا بغضب:
_ في إيه طالما مش برد أبقى قاعد مع العيلة بترني ليه..
_ مهو أنا كمان من العيلة دي وبنت عمك يا أبية وإلا نسيت..
تنفس محمود بغضب قبل أن يمسح على خصلاته مردفا:
_ أكيد مش رانة عشان الكلام الفاضي ده اخلصي..
أرتفعت شهقاتها وهي تلعن نفسها على زواجها منه، ما هذا الحب الأعمى الذي جعل منها أداة للتسلية مع رجل متزوج ولديه فتى أصغر منها بعدة سنوات، لم تتحمل أكثر وهي ترى مائها يتساقط من بين ساقيها مردفة:
_ الحقني أرجوك أنا بولد..
_ إيه..
قالها بخوف شـ.ـديد عليها فأكملت هي حديثها:
: أنا خايفة وأنا لوحدي يا محمود أرجوك تعالى قبل ما إبني يحصل له حاجة..
توقف به الزمن لعدة لحظات وهو ينظر لزوجته التي تستعد لدخول غرفة العمليات، وبين حبيبته التي تبكي له برجاء حتى لا يتركها بمفردها وبين هذه وتلك هو يقف عاجزا، وصلت إليه صرخة سارة القوية أسقطت قلبه أرضا فقال بلهفة :
_ سارة إنتِ قوية وأنا جانبك أتحملي نص ساعة وهتصرف..
ارتفعت شهقاتها أكثر وعضت على أسنانها من الوجع، قدرتها على التحمل انتهت فأغلقت عينيها بــــاستسلام كبير هامسة بنبرة بدأت تختفي شيئا فشيئا:
_ لو موتت هيبقى ذنبي في رقبتك ولو قومت منها حسابنا مع بعض هيبقى طويل يا أبيه..
تود أن يتحدث أن يقول أي كلمة تبرر موقفه، أتى صوت والده الغاضب :
_ سيب الموبايل ده وشوف مراتك عايزة تكلمك قبل ما تدخل العمليات..
أغلق الهاتف معها ورأسه تكاد تنفجر، نظر الي والده مردفا :
_ بابا اتصل بالمستشفى بتاعتنا في اسكندرية وخليهم يروحوا الشاليه اللي هناك فورا مع دكتورة نسا وتوليد..
رفع والده حاجبه بتعجب مردفا :
_ مين اللي في الشالية يا محمود..
_ محمووود..
صرخة قوية من عايدة جعلته يفقد المتبقي من أعصابه، سارة الآن وحيدة وقلبه معها، لو حدث لها شيء.... لا لا يستحيل أن يحدث، قال لوالده بنبرة حادة قبل أن يدلف للأخرى :
_ سارة اللي موجودة في الشاليه واللي جوا بطنها إبني..
عند سارة اسودت الدنيا بداخل عينيها، رأت لعبتها منذ البداية تسير أمامها، هي من بدأت وتخيلت الحياة الوردية، وهي من قررت ربطه بطفل حتى تضمن وجوده معها الى الأبد، سار عقلها للبداية وكأنها تحدث أمام عينيها الآن..
فلاش باااااااك...
_ ازاي حضرتك يا أبيه؟ أنا سارة..
ذهول... عدم استيعاب.... رغبة قوية طلبت منه القيام من فوق مقعده والتقرب منها، يرغب بلمسها يود التأكد من ما يراه، هل تلك الفتاة حقيقية أم جنية رائعة الجمال؟!..
أشارت إليها ألفت بسعادة قائلة :
_تعالي يا قلب تيتة أعرفك على مرات عمك وأولاد عمك..
أومأت إليها بإبتسامة أكثر من رائعة، براءة ملامحها بمفردها قادرة على وقع أكبر شنب أمامها يعترف بالحب، أقتربت من حنان وأنحنت بأحترام مقبلة يديها لتقول الأخرى بمحبة لتلك الصغيرة :
_تسلم تربيتك يا حبيبتي..
_ شكراً يا طنط..
صفير عالي صدر من الأحمق الجالس بالمقعد المقابل لها، ألقى عليها نظرة وقحة ومد يده مردفا :
_ طارق ابن عمك حالياً وجوزك لاحقاً مهو البنت أولى بيها ابن عمها وإلا أنتِ رأيك إيه يا تيتة..
_ رأيي إنك تخرس..
كان هذا صوت محمود الحاسم بعدما تمالك حاله، ابتلع طارق ريقه بتـ.ـو.تر ثم أومأ إليه عدة مرات قائلا :
_ أمرك يا كبير إنت تؤمر..
حسناً، طارق أيضا شاب مميز ومن عائلة علام العريقة وبزواجها منه ستكون إحدى سيدات قصر علام، بدلال فطري ضحكت ويا ليتها لم تفعل، شعر محمود بحرارة غريبة عجيبة جعلته ينتفض من فوق المقعد مردفا :
_ ورايا على المكتب يا طارق..
ذهب أو ليكن صادقا فهو فر من تأثير وجودها العجيب الغريب عليه، أما طارق غمز إليها مردفا بمرح :
_ يسلم لي أبو ضحكة جنان، هآخد علقتي من الكبير وراجع نتعرف على بعض أكثر..
خرج ليكسو الضيق معالم وجهها، حتى لم يرحب بها أو يرد على حديثها معه، سلاحها الأقوى جمالها وستكون كارثة إذا لم يتأثر به، نظرت لجدتها مردفة :
_ هو أبيه محمود متضايق من وجودي والا ايه يا تيتا؟!..
_ لأ طبعاً يا حبيبتي بس هو طبعه ناشف شوية وتعب عايدة مـ.ـر.اته مخليه مش طايق نفسه ادعي لها بالشفا يا سارة..
فضولية منذ نعومة أظافرها ومع كل يوم لها بالحياة يزيد فضولها، بللت طرف شفتيها مردفة :
_ هي عندها إيه؟!..
ظهرت معالم الحسرة على وجه ألفت فعايدة كانت وردة تلك العائلة وحفيدتها المدللة، تحدثت حنان هي الأخرى بحزن :
_ الأول كان عندها القلب ومن أربع سنين جه لها المرض الوحش بقت زي الميتة يا حبيبتي بعد ما كانت روح البيت..
نظرت سارة لطبقها بشرود مردفة :
_ ربنا يشفيها..
______ شيما سعيد _____
بمنزل علاء..
دلف بيته بعد يوم عمل أكثر من مرهق، ليجد زوجته المصون تجلس أمام باب المنزل بانتظاره، زفر بضجر من ملامح وجهها التي لا تبشر بالخير، لا يعلم ماذا فعل بحياته حتى يتزوج تلك، حك رأسه مردفا :
_ خير قالبة وشك كدة ليه ده بدل ما تقولي لجوزك اللي طالع عينه طول النهار حمد لله على السلامة..
قامت من مكانها بنظرات ساخرة، وقفت أمامه ويديها حول خصرها مردفة :
_ شغل ايه ده يا عنيا، ده أنت عايش من فلوس محمود بيه وحتى الشغل بتشتغل حتة واحد بيقدم قهوة شاي في الشركة عنده..
جذبها من ذراعها بغضب صارخا :
_ مالك يا بت هي هبت منك على آخر النهار والا ايه، غوري حضري الغدا وقولي للمحروسة أختك إن العريس جاي بالليل خلينا نخلص من قرفها بقى..
جذبت ذراعها منه بقوة ثم ضـ.ـر.بته على صدره مردفة :
_ أختي هجت راحت عند أهل أبوها يعني العز اللي كنا عايشين فيه على حسها راح يا غـ.ـبـ.ـي، واحتمال يوم والا التاني محمود بيه يقولك مع السلامة وكل ده ليه عشان مشيت من دماغك وعايز تجوزها لصبي رقاصة...
صدم من حديث زوجته، ما هذه الكارثة التي حلت فوق رأسه، دجاجته التي كانت تبيض له بيضا ذهب فرت من العش؟!.. حرك رأسه برفض صارخا :
_ ازاي يا غـ.ـبـ.ـية تسبيها تمشي، كنت هجوزها من غير ما حد منهم يعرف ويفضل مرتبها شغال، ده غير الواد سيد ده أنا واخد منه 50 ألف جنيه مهر وشرطت عليه بعد الجواز لينا 2000 جنية كل شهر..
أطلقت ضحكة ساخرة وقالت :
_ مش بقولك إنك حمار، هي هـ.ـر.بت يا عنيا من ورايا لو كانت قدامي كنت هعمل المستحيل عشان تفضل إن شاء الله أخلص عليها، بقى هي تعيش مع أهل ابوها في العز ده كله وأفضل أنا باقي عمري في فقر وهم..
جذب علاء خصلاته بغل مردفا :
_ مش وقت نواح يا بقرة، لازم نروح نجيبها من بيت علام والليلة...
______ شيما سعيد _____
عودة لقصر علام بغرفة محمود وعايدة، دلفت إليها خادمتها المطيعة وتحمل صينية بها وجبة الإفطار، حاولت الجلوس إلا أنها لم تستطع اقتربت منها سنية سريعا وساعدتها على الاعتدال مردفة :
_ بلاش تتعبي نفسك يا ست هانم قوليلي عايزة ايه وأنا تحت أمرك..
أومأت عايدة رأسها بتعب ثم قالت :
_ في صوت تحت غريب عن القصر دي خدامة جديدة..
بعفوية ضـ.ـر.بت سنية على صدرها مردفة :
_ خدامة ايه بس يا ست هانم دي القمر نزل ما السما وقعد في بيتنا..
تعجبت من هذا الوصف وبدأ القلق يدلف لقلبها الي حد كبير، قدمت سنية لها الشوكة رفضتها بحركة سريعة وقالت :
_ مش عايزة أكل دلوقتي قوليلي مين البنت اللي بتتكلمي عنها دي؟!..
ابتلعت الأخرى ريقها بتـ.ـو.تر من نظرات سيدتها النارية، لعنت لسانها فهي تعلم طبعها جيداوتعلم غيرتها العمياء على محمود، انتفضت بفزع على صرخة عايدة المنفعلة :
_ ما تنطقي هو أنتِ خرسة..
أومأت سريعاً مرددة :
_ اهدي بس يا ست الناس عشان صحتك إنت تعبانة، وبعدين دي الست سارة بنت أحمد بيه الله يرحمه جات عشان هتعيش هنا..
ماذا هي رأت تلك الفتاة من قبل عنـ.ـد.ما كانت بالعاشرة من عمرها وتعلم جمالها جيداً، يستحيل أن تتركها مع زوجها تحت سقف واحد، حركت رأسها برفض هامسة :
_ يعني إيه الكلام الفارغ ده، مين قبل إنها تقعد هنا هو محمود عرف؟!..
_ أيوة شافها الصبح بس مقالش أي كلام حتى لما سلمت عليه مردش عليها شكله مش عايزها هنا.. حتى لما الأستاذ طارق قالها أنا أولى بيكي محمود بيه اتعصب وأخده المكتب..
لا تعلم هل عليها الارتياح بعد هذا الحديث أم يزيد قلقها سوء، كل ما ترغب به الآن رحيل سارة مهما كانت درجة حب محمود لها فهو رجل وليس أي رجل ومع ذلك يعيش بلا نساء من أجلها، أغلقت عينيها بتعب مردفة :
_ خدي الأكل واطلعي برة عايزة أرتاح..
_ مينفعش لازم تأكلي عشان العلاج يا ست هانم..
_ قولتلك غوري من وشي مش عايزة حاجة غوري..
_____ شيما سعيد _____
بالأسفل..
دلفت سارة المطبخ بخطوات رشيقة، بنعومة ألقت التحية على الخادمـ.ـا.ت، وبابتسامة بلهاء استقبلن تحيتها، جلست على مقعد الطاولة ومدت كفها لتأخذ خيارة مردفة :
_ معرفتش آكل على السفرة ممكن تحضروا ليا الفطار؟!..
أومأت إليها كبيرة الخدم وأشارت للبقية مردفة بهدوء :
_ اطلعوا نضفوا الأوضة وأنا هحضر الفطار للهانم..
مرت خمس دقائق وهي تتابع ما تفعله تلك السيدة التي يبدو عليها الرقي والوقار، أخذت قطعة من الجبن وتذوقتها بتلذذ ثم سألتها بفضول :
_ هي مرات أبيه محمود فين؟!..
وضعت باقي الطعام على الطاولة وأجابتها بهدوء :
_ فوق وممنوع أي حد يطلع إلا سنية ومحمود بيه، الله يخفف عنها بقى صحتها كل يوم بتنزل أكتر عن اللي قبله ..
_ أمممم ، طيب هو طارق مش بينزل الشغل مع أبيه محمود ليه؟!..
جلست المرأة على المقعد المقابل لسارة ثم قالت :
_ مهو مش شركته، محمود بيه هو صاحب كل ده حتى البيت، أما طارق بيه أخد ورثه وفتح بيه مصنع لنفسه وخسر فيه..
ماذا؟!.. صاحب المال هو محمود!!.. ابتلعت طعامها وسألتها بترقب :
_ وعمو كمان ملوش فلوس؟!..
_ لأ وزع فلوسه على أولاده وكتب لكل واحد حقه وسابهم يكبروا شغلهم بنفسهم، محمود بيه زود الفلوس أضعاف وطارق بيه كله راح منه على الأرض بيقولوا زي عمه أحمد.. هاااا يقطعني يا بنتي مخدتش بالي..
رغم تألمها الحقيقي من الجملة إلا أنها وبكل أسف الحقيقة المرة، حركت رأسها مردفة :
_ مفيش حاجة يا دادة عادي دي الحقيقة بابا كان شخص مش بيفرق معاه الفلوس وبسبب حبه الشـ.ـديد لماما خسر كل حاجة المهم دلوقتي عمو مسافر ليه لما هو مش بيشتغل..
تحدثت المرأة بصوت منخفض :
_ أصله متجوز على الست حنان في السر بس البيت كله عارف حتى هي، بيعمل نفسه مسافر شغل ومحمود بيه بيغطي عليه ويقعد في البيت التاني..
أمممم المال هو مال محمود وباقي أفراد العائلة مجرد ضيوف تحت سطوته، بيدو أن القدر مصمم على وضعه بطريقها وهي أكثر من مرحبة...
_____ شيما سعيد _____
بعد منتصف الليل عاد محمود من عشاء العمل، مرهق لأقصى درجة كل ما يريده الآن أن يرى الفراش ويلقي بجسده عليه، وضع ساقه ليخطو أول خطوة للدرج وعقله شارد "بسارة "، لما هي جميلة هكذا ولما هو يفكر بها لتلك الدرجة؟!..
نفض تلك الأفكار من رأسه مردفا :
_ طالما نفسك رايحة على الحريم كده يبقى شكلك محتاج تعط لك يومين..
إنتبه للضوء الخارج من غرفة مكتبه، للحظة شعر ببوادر الحذر وأخرج سلاحه وبدأ يتقدم بخطوات مدروسة، فتح باب المكتب بطريقة هجومية وقبل أن تخرج الطلقة من محلها رآها... نعم... نعم... تلك هي الحقيقة، تنام على الأريكة الموضوعة بأحد أركان الغرفة، تضع ساقا على الأخرى ليظهر ساقها الأبيض اللامع، أبتلع لعابه بصعوبة من إثارة المظهر إليه، تمسك بين كفيها كتاب ويبدو عليها الانـ.ـد.ماج الواضح لدرجة عدم شعورها بدخوله..
عفوا يا كبير عائلة علام فهي مهتمة بكل ما يدور حولها إلا الكتاب، حركت ساقها بدلال وأخرجت من بين شفتيها تنهيدة عميقة تدل على متعتها بهذا الكتاب الأكثر من مميز..
لا هذا كثير كثير جداً عليه، خرج صوته أخيراً ويا ليته لم يخرج، وصلت إليها بحته التي تدل على نجاح أول خطواتها بالاقتراب منه :
_ سارة بتعملي إيه هنا في وقت زي ده؟!...
أنتفض جسدها بخفة، أعتدلت بجلستها ووضعت طرف فستانها على ساقها المكشوف مردفة بالقليل من التـ.ـو.تر :
_ أبيه هو حضرتك هنا من أمتى وبتعمل إيه؟!..
أين هذا الأبيه الذي تتحدث معه، أغلق عينيه لعدة لحظات تمالك بهم أعصابه ثم قال بهدوء :
_ أنا اللي مفروض أسألك السؤال ده، ده مكتبي عادي أبقى موجود فيه في أي وقت أنتِ بقى بتعملي إيه هنا؟!..
قامت من مكانها لتقف أمامه ثم نظرت للأرض بحزن قائلة :
_ كنت مستنية حضرتك لما تيجي، حابه أتكلم معاك شوية لو في عندك وقت لو مش حابب خلاص همشي..
رق قلبه لها فقال بنبرة حنونة :
_ سامعك يا بسبوسة قولي عايزة إيه؟!..
_ هو حضرتك مش حابب وجودي هنا يا أبيه؟!...
حدق بها وسألها بتعجب :
_ مين قالك الكلام الفارغ ده؟!..
_ محدش قالي بس أنا عرفت من الخدم بالصدفة إن حضرتك بتيجي على الغدا والنهارده مجتش، ده غير لما سلمت عليك الصبح رفضت ترد عليا، قعدت أفكر مع نفسي شويةوعرفت إن حضرتك مش حابب وجودي معاكم..
هنا تذكر ما حدث صباحاً بغرفة الرياضة، سألها بتردد :
_ سارة كنتي في أوضة الچيم الصبح..
أومأت إليه بكل براءة فأكمل هو :
_ قولتي إيه وقتها؟!..
وضعت كفها على طرف بذلته ثم همست بنبرة ناعمة :
_ أنا أيامك اللي جاية كلها يا محمود...
_____ شيما سعيد ____
↚
_ أنا أيامك اللي جاية كلها يا محمود.
أخذ عقله يردد تلك الكلمة كثيراً، قالت وفرت من أمامه للمرة الثانية، مر أسبوع ومازال كلما رأها تذكرها، ممر يده على عنقه بتعب من كثر العمل والتفكير، هذه الفتاة نوع من الاثنين يا اما طائشة ولا تعلم ما تقوله أو لعوبة..
رسمت على ملامح وجهه إبتسامة ماكرة، تلك الصغيرة ربما لا تعرف مع من تلعب، دق باب المكتب فاذن للسكرتيرة بالدخول، أقتربت من وقالت بهدوء :
_ سيد عايز يقابل حضرتك..
_ خليه يدخل وأمنعي أي حد من الدخول..
نفذت ما أمرها به رب عملها، وأراح هو ظهره على المقعد، سيد رجل المهام الصعبة يبدو أنه وصل لكل ما يريد الوصول إليه، دلف الآخر مبتسم إبتسامة واسعة مزينة بلمعة الانتصار قائلا :
_ أخبـ.ـارك يا باشا؟!..
أشار إليه محمود بالجلوس مردفا :
_ أقعد يا سيد وأدخل في الموضوع على طول إحنا مش جايين نتعرف على بعض دلوقتي..
أوما برأسه سريعاً ثم قال :
_ جوز أختها بيأخد الفلوس اللي جنابك بتبعتها لنفسه وعايز يجوزها لواد صبي رقاصة فهي هـ.ـر.بت وجات عندكم..
_ اممم وبعدين كمل..
_ أختها بشهادة أهل المكان شريكة جوزها في كل حاجة والست هانم الصغيرة غلبانة معاهم حتى المشروع بتاعها أتسرق..
رفع حاجبه بتعجب قائلا :
_ مشروع ايه ده؟!..
إجابه الآخر بحماس غريب :
_ عطور يا باشا، محل عطور اسمه عطر سارة..
عطر سارة... رائحتها لا تحتاج لمحل عطور فهي بفطرتها صاحبة رائحة فواحة لذيذة تجعله يرغب يضمها إليه لعله يقدر على أخذ أكبر مخزون منها، تنحنح مع نداء سيد عليه ثم قال :
_ طيب خلاص يا سيد روح عدي على الحسابات هتديك فلوسك..
أوما سيد بسعادة وخرج أما كبير عائلة علام ظل كما وهو يفكر ويفكر فقط، للحظة سأل نفسه سؤال عجيب "ماذا تريد منها يا محمود"، همس بذهول من حاله :
_ إيه اللي بيحصل ده هو أنا عايز منها ايه فعلاً؟!.. أنت عايزها والا ايه يا محمود؟!.. ده يبقى جنون..
معه حق هذا بالفعل جنون والأكثر من ذلك هي، فتحت باب مكتبه ودلفت خلفها السكرتيرة بخطوات غاضبة قائلة :
_ أنتِ رايحة فين يا أنسة قولتلك مفيش معاد..
إنتبه إليها ، لجمالها الخاطف للقلوب والعقول، إبتسامتها الساحرة التي تعطيها الي بصدر رحب، وفوق هذا وذلك فستانها الوردي الذي يصل إلى بعد ركبتها بقليل، نظرت إليه ببراءة قائلة :
_ هو أنا محتاجة أخد ميعاد عشان أقابل حضرتك يا أبيه؟!..
لا يا صغيرة، أنتِ قادرة على دخول أي محل بلا سابق أذن، قالت السكرتيرة بقلق :
_ أنا أسفة يا مستر محمود بس هي دخله غصب عني مع اني قولت لها أكتر من مرة إنها لأزم تاخد معاد..
هو ليس معك على الإطـ.ـلا.ق لا يرى غيرها، أستغلت سحرها الواضح عليه وأقتربت منه بخطوات رشيقة لتجلس على المكتب أمامه مردفة :
_ مش أنا أقدر أجاي في أي وقت يا أبيه صح؟!..
مثل المسحور اجابها :
_ صح..
_ وأقدر ادخل هنا من غير اذن أي حد صح؟!...
_ أممم صح..
حركت كتفها بدلال والقت نظرة سريعة على السكرتيرة مردفة :
_ سمعتي بنفسك روحي بقى أعمليلي واحد نسكافية..
نظرت الأخرى لرب عملها منتظرة منه أي ردت فعل تدل على وجوده معاهم بأرض الواقع الا انها لم تجد، حركت رأسها بذهول وقالت قبل أن تخرج من المكتب :
_ هو شرب إيه بالظبط الراجـ.ـل كان زي الفل من شوية، بس البنت مزة بصراحة وتستحق حالة السكر اللي هو فيها دي..
أصحبت معه بمفردها فقالت بعتاب :
_ زعلانة منك بجد أخص عليك يا أبيه..
عاد أخيراً محمود علام، إبتسم إليها إبتسامة رجولية بها معنى واضح جعلها هي الأخرى تبتسم ثم سألها :
_ مش حاسة انك مهتمية بيا زيادة عن اللزوم؟!..
أومـ.ـا.ت إليه ببساطة قائلة :
_ ده حقيقي فعلاً، الغريب بقى أنك عامل مش واخد بالك... قولي بقى بتهرب من وجودك معايا في مكان ليه؟!...
أعتدل بجلسته قائلا بقوة :
_ مين اللي قالك كدة؟!...
لعبت ساقيها بالهواء ثم ألقت عليه غمزة شقية :
_ محدش قال أنا شوفت بعيني، كبير العيلة اللي مش بيفوت جالسة عائلة ولا أي واجبة بقيت كل الواجبات هنا في الشركة، أكيد ومن غير لحظة تفكير تبقى بتهرب مني ومش عايز تشوفني..
بحركة جرئية قرب مقعده منها ثم رفع كفه يده ليلمس خصلاتها الناعمة بين يديه، ما هذا حتى شعرها ذات رائحة مميزة، أخذ نفس عميق وقال بنبرة صوت بـ.ـاردة :
_ لو أفتراضا إن ده صح، يهمك في يا صغنونة؟!..
حركت رأسها برفض قائلة :
_بلاش صغنونة دي خليها بسبوسة بتطلع منك أحلى كتير..
_ وماله عايزة إيه يا ست بسبوسة؟!..
قامت من مكانها ودارت حولها نفسها عدة مرات بخفة قبل أن تعود إليه بابتسامة واسعة مردفة :
_ أنت عارف أنا عايزة إيه بس عايز تعمل نفسك مش عارف..
جذبها لتجلس فوق ساقه، الأمر وصل بينهما سريعاً الي درجة الا رجوع، نظر داخل عينيها ليري اصرارها العجيب عليه فقال ببعض السخرية :.
_ عيلة صغيرة وحلوة عايزة إيه من راجـ.ـل متجوز وأكبر منها..
تحولت نظراتها لأخرى حزينة، سأله رغم بساطة إجابته الا إنها تشعر بالتخبط، ربما مرارة أيامها جعلتها تفعل أشياء بعيدة عنها كل البعد، دائماً ما تضعها الحياة بمواقف أكبر منها وتجعلها تذهب بقدميها الي حافة الهوية، أخذت نفس عميق وقالت إليه بكل صراحة :
_ فلوس، عايزة حياة أحس بيها بالأمان واني قادرة أقف قصاد الكل، مش عايزه أبقى زي أبويا، عايزة مصلحتي وكل ده معاك أنت، أنت محتاج ست وأنا مش أي ست وأنا محتاجة حياة ومش أي حياة...
صدم بالفعل لم يتوقع إن تكون بهذا التفكير أو بتلك الصراحة، ما هذا يا فتاة ما هذا؟!.. أبتلع ريقه لتقوم من على ساقه ببعض التـ.ـو.تر، جلس على المقعد المقابل للمكتب منتظرة أي ردت فعل منه، عضت على لسانها بغيظ من حالها يبدو أنها صدمته بها ولكن ملت من لعبة الدلال تلك..
دقيقة كاملة مرت وهو ينظر إليها بلا حرف واحد، شارد بها وعقله متوقف عن العمل، تبدو ان الملامح البريئة بمفردها غير كافية على فهم الشخص، حمحمت قائلة :
_ أنت كويس يا أبيه؟!..
ضحك ضحكة خرجت من أعماق قلبه، حمقاء يا صغيرة ألقت بنفسها داخل الجحيم دون أن تدري، ربما أخطأت بالعنوان وربما لا تجمع المعلومـ.ـا.ت الكافية حتى تعلم أمام من ألقت نفسها..
قام من فوق المقعد وبخطوات ثابتة وصل إليها، جذبها لتقف أمام ثم سألها بنبرة مريبة :
_ فاهمة معنى كلامك إيه؟!..
أومـ.ـا.ت إليه بترقب ليكمل حديثه :
_ عارفة أنتِ في نظري ايه دلوقتي يا بسبوسة..
فعلت حركتها الشهيرة بتحرك كتفها بلا مبالاة مردفا :
_ عارفة ومش فارق معايا..
_ عادي بالنسبة لك إني أشوفك رخيصة زي أي *****؟!...
كانت قاسية الجملة ولكن حياتها الماضية أقسى بكثير، رسمت على ملامحها الجميلة إبتسامة بـ.ـاردة ثم قالت :
_ شكلك فهمتني غلط أنا مش هعمل حاجة حـ.ـر.ام، كله بالحلال يا أبيه..
ضحك من جديد ثم قرص أنفها مردفا :
_ وانا مش ناوي على الحلال يا قلب أبيه، هتعملي إيه بقى؟!..
مـ.ـجـ.ـنو.نة لابد أن يعلم هذا جيدا حتى يستطيع التعامل معها بالمستقبل، جذبته من مقدمة قمصيه الفاخر مردفة ببساطة :
_ هعمل كتير مثلاً يعني مثلاً، أستناك لما تيجي زي أي فيلم أبيض وأسود وأقطع هدومي وأصوت، البيت يتلم وأقول بكل براءة " أبيه حاول يتهجم عليا عشان غلبانة في بيته" ولانك راجـ.ـل محروم من الستات الكل هيصدق وعشان نلم الفـ.ـضـ.ـيحة نتجوز يا إبن عمي، رأي إيه في الخطة دي..
عض على شفتيه بهدوء وفكر لمدة قصيرة قبل أن يقول :
_ هي حلوة بس مفيش حد من أهلي هيصدق القصة دي، محمود علام أكبر من كدة بكتير يا بسبوسة، بس عندي خطة حلوة هنفذها قدامك دلوقتي حالا..
_ وهي ايه بقى..
_ أنا مش بتاع كلام هتشوفيوتحسي بكل حاجة دلوقتي يا بسبوسة بس عايزك تصدى معايا للآخر..
نظرت إليه بتعجب وقبل أن تفهم ما حدث كان يضم شفتيها بين شفتيه بداخل قبلة أو ليكون صادق هذه كارثة، ناعمة، طرية، بمذاق رائع، لو أبتلعها الان سيكون معه كل الحق، ضـ.ـر.بته على صدره بمقاومة ورفض شـ.ـديد ليقيد يديها ويكمل عمله متلذذا..
ثانية والثانية فُتح باب المكتب ودلف معه علاء زوج شقيقتها بالنسكافيه التي طلبته من السكرتيرة مردفا بذهول :
_ يا نهاركم اللي مش فايت ايه اللي بيحصل قدام عيني ده؟!..
_____ شيما سعيد _____
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
رغم التفاعل اللي مش لطيف الرواية بتنزل بس ده مش هيستمر كتير..
بكرا بإذن الله هكون موجودة في معرض الكتاب جناح دار الراوي صالة ٢ جناح c24
إللي ناوي يشتري ولو مش ناوي حابه أشوف الكل دمتم بخير وعافية
اقتبــــاس لذيذ من يمين طـ.ـلا.ق 👇🏻
أخذت وسادة وغطاء خفيف وألقت بهما على الأرض مشيرة إليه قائلة بنبرة ساخرة :
_ تقدر تعتبر ده السرير بتاعك طول فترة وجودي هنا..
ربما هي حمقاء أو أخذت أي حبة تعطي لها القليل من الشجاعة، خلع عنه الجلباب ثم أرسله على وجهها بكل قوته قبل أن يرد عليها بقوة :
_ لبس العزا ده مكنتش ناوي أحاسبك عليه، بس شكلك بتحبي العنف..
شهقت بعصبية وقامت من مكانها لتقف أمامه صارخة :
_ أنت فاكر نفسك مين فوق أنا هند الراوي..
_ طظ..
أتسعت عينيها وفتحت فمها إلا أنها وبكل أسف لم تجد كلمة مناسبة تسبه بها، ليبتسم عليها ساخرا قبل أن يجذبها لتكون تحت حصار ذراعيه :
_ عايزك تفوقي وتتلمي من غير ما اضطر أستخدم أيدي في التعامل معاكي..
وضعت كفها على صدره مردفة بنفس السخرية :
_ ولا تقدر، زي ما أنت بتعرف تستخدم أيدك أنا كمان بعرف أستخدمها ورجلي كمان لو اضطريت لده..
ربما لم يصل إليه حديثها من الأساس، كان كل تركيزه على ملامحها الرقيقة رغم شراستها، يعشق الشعر الأسود الثقيل وتلك العيون الغزلان الغاضبة وفوق كل هذا وذاك شفاه صاحبة جمال رباني تأخذ حجم مميز، وضع أحد أصابعه على خصلاتها مردفا :
_ حضري الحمام عايز أطلع فايق لك، دي الليلة فرحك يا عروسة..
بكل قوتها عضت أصبعه ثم أردفت بغيظ بعدما رأته لم يتأثر :
_ شكلك نسيت مهمتك يا عمدة، أنت مجرد محلل عشان أرجع لجوزي..
لما هذا الشعور؟!.. لما قدرت على إشعال النيران بداخله بكلمـ.ـا.ت ربما كان يتقبلها قبل أن يسكره عطرها؟!.. تحلى بالبرود مبتعدا عنها :
_ حـ.ـر.ام..
رفعت حاجبها مجيبة :
_ نعم؟!..
_ المحلل حـ.ـر.ام يا مدام هند، عشان ترجعي لجوزك لآزم جوازي بيكي يكمل بشكل طبيعي، بعدها بقى أقرر عايز أكمل أو لأ وبصراحة أنا ماليش مزاج لكدة...
_ يا نهاركم اللي مش فايت ايه اللي بيحصل قدام عيني ده؟!..
أنتفض جسدها بين يديه ليضغط على خصرها مقربها منه أكثر ويكمل قبلته وكأنه بمفرده معها، مرت ثواني وهي تقاوم ليقرر تحرير شفتيها من بين أسنانه ويده مازالت تقيد حركتها، أغلقت عينيها غير قادرة على النظر لزوج شقيقتها، ربما تكون جريئة و جداً ولكن هذا الموقف بمثابة عار لها..
نظر لعلاء بكبرياء مردفا :
_ خير يا علاء في حاجة؟!..
أبتلع الآخر لعابه بذهول من الموقف، ما هذا بالفعل ما هذا؟!.. تـ.ـو.تر من نظرات سيده القوية لكنه قال :
_ إيه اللي بيحصل ده يا باشا بقى هي دي الأمانة؟!..
عاد ليجلس على مقعده خلف المكتب مشيراً له بوضع النسكافيه، وجدها مازالت تقف محلها مغلقة العينين فضحك بخفة مردفا :
_ فضلت سنين أديك فلوس عشان تهتم بتربيتها شكلك صرفتها على نفسك ونسيت تربيها، حط النسكافيه وغور من وشي..
فتحت عينيها بذهول من حديثه، شعرت بالقليل من النـ.ـد.م ليتها ظلت تلعب معه لعبة الدلال بدل من صراحتها تلك، صدمتها الأكبر برد زوج شقيقتها الذي وضع المشروب على الطاولة وخرج مثلما أمره الأخر...
أشار إليها بالجلوس قائلا :
_أقعدي..
جلست ليعطي لها النسكافيه مردفا :
_ اشربي يمكن أعصابك تهدى مع إني شايف إنك محتاجة لمون بعد الموقف ده..
صغيرة، ضعيفة، بلا سند، هذه هي سارة، جميلة لدرجة من يراها يتخيل أنها دمية، حركت رأسها بحزن على حالها وقالت لنفسها جملتها الشهيرة " من الواضح ان الجمال ميسواش حاجة في سوق الحظ"..
أخذت بعدها نفسا عميقا وعدة رشفات من الكوب تستعيد به قوتها ثم قالت :
_ عملت كل ده عشان تثبت إني ماليش ضهر مش كدة؟!..
طفلة، طفلة صغيرة بملامح امرأة جذابة، أخذ نفسا عميقا ثم نظر الي ساعة يده ثم إليها قائلا بهدوء :
_ لأ عملت كدة عشان أتأكد إن العيب مش فيكي العيب في البيئة اللي طلعتي منها، أنتِ بنت عمي ومن النهاردة أنا ضهرك، حاليا عندي أجتماع مهم ولازم أحضره لما أروح هيبقى لينا كلام تاني سوا وكلام مهم..
_ بس..
رفع حاجبه بنظرة محذرة قبل أن يقوم من مقعده مقتربا منها حتى يوصلها لباب المكتب :
_ اششش مش عايز أسمع كلمة زيادة تهز صورتك في عينيا لما أرجع هسمعك وهقولك كل اللي المفروض يتقال يلا يا بسبوسة على البيت..
أومأت إليه بمشاعر تدلف لقلبها لأول مرة منذ وفاة والدها، حنون جداً جعلها تطمئن بأن القادم سيكون تعويض لكل ما مرت به بالسنوات الماضية..
_____ شيما سعيد _____
بخطوات سريعة خرجت من مكتبه لتجد علاء بانتظارها على الباب، آخر شخص تريد رؤيته هو ذلك الحقير، عضت على شفتيها مردفة :
_ خير مش اللي مشغلك خدام قالك ارجع شغلك، واقف تعمل ايه هنا يا جوز أختي..
نظر إليها بنظرات تعلمها جيدا منذ زواجه من مريم ثم ألقى عليها غمزة سريعة مردفا :
_ ما أنتِ حلوة أهو ليكي في الشمال، أمال عاملة عليا شريفة ليه يا بت أنتِ!!؟
مستفز وهي لا تكره بحياتها رجل مثله، ردت عليه بوقاحة كالمعتاد منها :
_ لأنك مش قد المقام معفن يعني وأنا ماشية بمبدأ الغالي للغالي يا معفن..
أشتعلت عيناه بنيران الغضب، جذبها من ذراعها وضغط عليه بكل قوته مردفا :
_ هتغوري معايا على البيت وهناك هعرفك مين المعفن اللي لمك من الشارع..
حركت شفتيها بسخرية وبكل ما أتتها من قوة ضـ.ـر.بته تحت الحزام ليبعد عنها بألم، أزالت اثر يده من على ذراعها بطرف إصبعها مردفة ببرود :
_ الشارع ده أهلي اللي لموك منه لما أبيه محمود أداك البيت تعيش فيه، كفاية كذب يا علاء لأني كشفت كل الورق وأوعدك قريب قوي هرميك إنت ومراتك في الشارع..
أنهت حديثها وخرجت من المكان توعد نفسها وعدا واحدا فقط أنها من الآن وصاعدا ستكون "سارة هانم " يا الله كم هو جميل اللقب ويليق عليها جداً جداً..
عودة لغرفة مكتب محمود أغلق شاشة العرض بعدما رأى وسمع كل ما حدث بغرفة سكرتيرته التي كانت تحضر للاجتماع، مرر أصابعه على ذقنه هامسا :
_ طيب وفيها إيه يا ابن علام بنت جميلة وصغيرة بتقولك عايزاك حتى لو مصلحة، إنت الكسبان...
_____ شيما سعيد _____
بالمساء..
عاد للمنزل وأول شيء فعله دلف لغرفة نومه، وجد عايدة تتابع أحد البرامج على الهاتف، أغلق الباب خلفه واقترب منها ليجدها ترفض النظر إليه، رفع حاجبه بتعجب مردفا :
_إيه ده مش تقوليلي حمدلله على السلامة يا حبيبي زي كل يوم..
نفت بحركة سريعة من رأسها ثم قالت :
_ جبت لك عروسة حلوة أوي إيه رأيك تشوفها..
جز على أسنانه بغضب، مل من تلك اللعبة التي ترسمها عليه دائماً، قام من جوارها وأزال جاكيت البذلة عنه ملقيا إياها على أحد المقاعد قبل أن يقول :
_ عايدة أنا مش عيل صغير لما أحس إنك مش كفاية في حياتي ومحتاج أتجوز هختار العروسة بنفسي، سيبك من دور الخطبة ده واهتمي بصحتك..
خرج بخطوات غاضبة وتركها تعيد حديثه برأسها، ارتجف جسدها وشعرت ببرودة الجو من حولها، تقول هذا دائماً حتى تسمع جملة واحدة " لا أريد غيرك" لما اليوم غير إجابته، حاولت أخذ أنفاسها إلا أنها لم تستطع فوضعت جهاز التنفس على أنفها قائلة لنفسها :
_ كنت عارفة ان وجود البنت دي خطر، يا رب لو هيبقى لغيري خدني قبلها..
بغرفة غيرها دق على الباب عدة مرات حتى أذنت له بالدخول، أغلق الباب خلفه واقترب من مكتبها الصغير، كم تبدو جميلة وهي تقرأ أحد الكتب، أبتلع ريقه مع تدقيقه بملامحها، هل كانت تحتاج لتلك الحمرة حتى تقـ.ـتـ.ـله قـ.ـتـ.ـلا لا والله شفتيها بمفردها كانت كارثة..
رفعت رأسها إليه بابتسامة لذيذة ثم قالت :
_ نورت الأوضة يا أبيه أتفضل..
جلس بطاعة عمياء، جعلتها تبتسم أكثر، تعلم جيدا أنها مسيطرة عليه وهذا يشعرها بالأمان، أعتذرت إليه ببراءة :
_ أنا أسفة يا أبيه..
تفاجأ من هذا الاعتذار فرفع حاجبه بتعجب مردفا :
_ آسفة على إيه يا بسبوسة؟..
قامت من مكانها ووقفت أمامه مثل الطالب الذي ينتظر العقاب من معلمه، رمشت بعينيها عدة مرات قبل أن تهمس :
_ قولت كلام مش كويس الصبح حسسك إني بنت مش كويسة بس أنا عملت كدة عشان خايفة في يوم تزهقوا مني وأنا معنديش مكان تاني أروحه..
أومأ إليها قائلا بهدوء :
_ فطبعا قولتي كدة، عشان لو بقيتي مراتي البيت ده هيبقى بيتك وهتفضلي موجودة على طول صح؟!..
أومأت إليه عدة مرات ليكمل ببساطة :
_ بصراحة عندك حق..
اتسعت عيناها بذهول، جملة واحدة ولكن معناها لا يبشر بالخير على الإطـ.ـلا.ق، سألته بترقب :
_ يعني إيه؟!..
قام فجأة، لتعود للخلف جذبها سريعا قبل أن تتحرك خطوة واحدة إضافية، تأمل جمالها الذي يجبره على فعل ما لم يفكر بفعله من قبل ثم همس بنبرة دافية :
_ يعني أنا راجـ.ـل مراتي تعبانة ومحتاج ست وأنتِ بنت زي القمر ومحتاجة أمان، كل واحد يأخد اللي عايزه من التاني وبكده هنبقى خالصين...
فهمت، أتى إليها بنفسه وعرض عليها الزواج، يبدو أن خطتها تسير بالاتجاه الصحيح وهذا رائع، رسمت عدم الفهم على معالم وجهها ثم قالت :
_ يعني إيه برضو؟!...
_ تؤ تؤ دور الغـ.ـبـ.ـية مش لايق عليكي خالص يا بسبوسة، أنتِ فاهمة وأنا فاهم يبقى إيه؟!..
_ إيه؟!..
مرر يده على خصلاتها الناعمة، حلاوة رهيبة يود تذوقها بأي شكل من الأشكال، نزل لمستوى طولها ووضع قبلة صغيرة على أنفها الحمراء مردفا :
_ معاكي عشر دقايق هنروح لأقرب مأذون هكتب عليكي حالا..
بعد ساعة كاملة كانت بحالة من الذهول، تجلس على أحد المقاعد بمكتب المأذون الشرعي وبالمقابل إليها طاولة كبيرة يجلس عليها محمود بجوار المأذون وبجوارهما رجل غريب يبدو أنه صديق محمود يحل محل وكيلها، أتى إليها محمود وهو يحمل الأوراق مردفا :
_ امضي..
ها هي على أبواب جنتها التي وصلت إليها ببساطة لم تتوقعها، تخيلت ان يأخذ الأمر منها أشهر حتى تستطع الإيقاع به ولكنها بعد عدة أيام نجحت بأخذ لقب " زوجة محمود علام"..
انتهت من التوقيع لتسمع المأذون يقول بابتسامة :
_ مبروك يا محمود بيه مبروك يا هانم..
"هانم " تلك الكلمة بحثت عنها كثيراً والآن تسمعها، كم هي كلمة جميلة وقورة منعشة، تليق عليها وكأنها خلقت من أجل "سارة هانم" ابتسمت وهي تسمع الجملة الأكثر شهرة بتلك المواقف :
_ بـ.ـارك الله لكما وبـ.ـارك عليكما وجمع بينكما في خير، زواج مبـ.ـارك إن شاء الله..
_____ شيما سعيد ______
↚
أخيراً تم إغلاق باب غرفة واحدة عليهما ، أغلقه بالمفتاح عدة مرات ثم ألقي بالمفتاح من يده على الأرضية ، اللعبة تحولت أمام عينيها الي حقيقة ومطلوب منها تقبل ما يحدث بصدر رحب ، أبتلعت ريقها برعـ.ـب حقيقي ، معالم وجهه غريبة عجيبة ، الوقار سقط أرضاً ، الاحترام استأذن من تلك الجلسة ، هيبة محمود علام ذهبت بمهب الرياح ، نظر إليها بنظرة بها الكثير والكثير من الاحتياج..
امرأة جميلة بين يدي رجل أعزب من أعوام ماذا ستكون نهايتها ؟!.. أشارت إليه بتـ.ـو.تر تمنعه من الإقتراب منها مردفة:
_ أحنا هنا فين وبنعمل ايه ؟!..
_ شقتك يا عروسة عش الزوجية ، بنعمل إيه بقي دي لازم تتشاف الكلام مش معبر..
نفت بحركة سريعة من رأسها قائلة:
_ أنا فاهمة إنت عايز حاجات عيب صح ؟!..
أومأ إليها بكل صراحة ، لحظة واحدة وانفجرت ببحر من البكاء ، صدم منها كيف تحولت فكانت منذ ساعات تحاول إغوائه الآن خائفة ؟!.. جذبها بقوة لتسقط على صدره مردفا:
_ بتعيطي ليه يا بسبوسة إذا كان أنتِ بنفسك طلبتيني للجواز، دلوقتي هنعمل عيال صغيرة ونرجع في كلامنا؟...
همست ببراءة زادت من حرارته المشتعلة:
_ أنا فعلاً عيلة صغيرة وحضرتك أكيد راجـ.ـل محترم ووقور مش هتعمل حاجة غصب عني وهتسيبني أمشي، وأنا أوعدك بإذن الله اول ما أكبر وأكون مستعدة هاجي لك لحد عندك..
ضحك بخفة ثم همس إليها بتصميم خبيث:
_ هو أنا راجـ.ـل محترم ووقور ومش هعمل حاجة غصب عنك بس كان على عيني يا بسبوسة أسيبك تمشي هعمل كل حاجة وبمزاجك يا روحي..
صرخت برعـ.ـب وذهول مع شقه لفستانها نصفين ، ما هذا بالفعل ما هذا ، ربما يكون الفأر وقع بالمصيدة.. حركت رأسها عدة مرات بنفي، ترفض هذا الشعور ترفض تلك الطريقة، قاومته بقوة تعجب إليها رفع حاجبه وكأنه يسألها لما كل هذا؟!.. دفع جسدها الناعم على الفراش وسقط بجسده فوقها، يحاصرها بتصميم رهيب على قربها، همس إليها بحنان قائلا :
_ خايفة؟!..
أومأت إليه بأمل كبير لعله يعطف عليها ويتركها بحالها، إبتسم ومسح بيده على وجهها المتعرق ثم قال بنبرة دافية :
_ متخافيش أنا جنبك من النهاردة مش عايزك تخافي..
تعالت دقات قلبها مع شعورها بقبلته الناعمة على خدها المتوهج، أغلقت عينيها عدة لحظات بقلب ذائب من حنانه عليها، لأول مرة تشعر بحنان أحد عليها لأول مرة يدلف إلى صدرها هذا الكم من الدفء والأمان..
أستسلمت ورفعت الراية، ستتركه يقترب حتى تنعم بحلاوة هذا القرب، ضم شفتيها مستمتعا بها لأبعد الحدود، فتاة صغيرة جميلة مثل قطعة البسكوت يحركها بين يديه كما يشاء ماذا يريد أكثر؟!.. هذه هي حياته القادمة وهو أكثر من مرحب بها..
همس إليها بنبرة متحشرجة :
_ أفتحي عينك مش عايزك تغمضي الليلة دي ابدأ..
ابتسم بنشوة وهو يرى عينيها البنية تنظر إليه بخجل، أبتلعت لعابها وهي تبحث عن كلمة واحدة مناسبة لما يحدث ولسانها عجز عن الحديث، مرر أحد أصابعه على شفتيها مردفا :
_ أسبوع واحد خليتي كل حتة في جـ.ـسمي عايزاكي يا بنت علام..
صغيرة ولكنها ذكية الي أبعد الحدود، رسالته وصلت إليها ليخرج صوتها ببحة مميزة أثر ما تمر به من مشاعر :
_ جـ.ـسمك بس اللي عايزني؟!..
بكل صراحة أومأ إليها بتأكيد على سؤالها ثم همس بنبرة لعوبة :
_ لحد دلوقتي هو بس اللي عايزك وخدي بالك ده أهم من قلبي بكتير خليه بقى يفضل عايزك على طول..
ماذا كانت تنتظر إن يحبها، الجميع يرغب بها مثلما يرغب هو، أعتادت على هذا وربما أصبح لديها الكثير من النضج حتى تعلم من أين تستطيع السيطرة على رجل، لفت يديها حول عنقه تقربه منها أكثر ثم قالت بدلال أنهى الباقي من صبره :
_ عارفة خليه بقى ينفذ اللي نفسه فيه..
______ شيما سعيد ____
بقصر لا يقل فخامة عن قصر علام وهو خاص بعلي الحسيني صديق محمود..
جلس بغرفة مكتبه وأغلق عينيه مع شعور بصداع رأسه يزيد، لا يصدق الي الآن ان كل تفكيره بزوجة أحد المهندسين اليه بالشركة، رسمت على شفتيه إبتسامة تلقائية مع تذكره لأول مرة رآها بها بداخل شركته..
فلاش بااااااك...
ضـ.ـر.ب على طاولة الاجتماعات بغضب أعمى، أكثر ما يكرهه بحياته هو الخطأ وهذا ليس أي خطأ سأل المهندس سيد بنبرة صوت قـ.ـا.تلة :
_ يعني إيه تصميم المشروع نسيته في البيت يا باشمهندس، الوفد الكوري هيبقى هنا خلال ساعة إنت فاهم أنت بتقول ايه يا بني أدم؟!..
أنتفض جسد سيد برعـ.ـب، كارثة هو الآن بداخل كارثة ولا يعلم كيف يمكنه الخروج منها، أشار لعلي بيده مردفا بدفاع :
_ عشر دقايق والمدام بتاعتي هتيجي بالتصميم يا باشا وهنلحق نراجع قبل ما الوفد يوصل..
أطلق علي ضحكة ساخرة ثم قال :
_ المدام معاها التصميم لأ بجد أنا كدة اطمنت، من امتا في تصاميم بتبقى في البيت وفوق كدة تبقى في ايد حد غيرك حد غيرك شاف التصميم يا حـ.ـيو.ان..
صرخ بآخر كلمة وهو يقوم من محله ليهجم على الآخر، ثم قطع هذا فتح باب المكتب ودخول فتاة بطول مناسب وبشرة بيضاء، وجه مستدير، عيون واسعة سوداء، خصلاتها ما هذا لماذا تخفي خصلاتها عليه بحجابها الأسود، عاد خطوة للخلف مبتعدا عن سيد وعينيه تمر على جسدها المرسوم باحترافية تحت عباءة سوادء ضيقة من أماكن مهلكة..
ظهرت معالم الإعجاب على وجهه الوقح، علي الحسيني الأعزب الوسيم صاحب الاثنين والأربعين عاما، عض على شفتيه بخبث ثم نظر إلى سيد مردفا :
_ دي المدام؟!..
أومأ اليه الآخر بتـ.ـو.تر قائلا :
_ ايوة يا باشا المدام..
مرر عينه عليها من جديد ثم قال بضحكة ارعـ.ـبت قلبها :
_ لأ حلوة المدام..
أتسعت عيناها من تلك الوقاحة ونظرت إلى زوجها منتظرة ردة فعله لتكون صدمتها الأكبر مع ضحكة زوجها وحديثه :
_ هي فعلاً حلوة يا باشا وحلوة اوي كمان، تعالي يا أروى وهاتي التصميم خلي الباشا يتفرج..
كان لحديثه معنى آخر فهمه الباشا على الفور وفهمته هي أيضا، أقتربت بخطوات ثقيلة ونظرات رغم قوتها إلا أنها مقهورة ثم قدمت التصميم الى علي مردفة :
_ التصميم يا فنـ.ـد.م عن إذنكم همشي أنا..
تجمدت على أثر جذبه ليدها المقدمة إليه حتى تبقى بين يديه مردفا :
_ تمشي تروحي فين مش لما نشوف التصميم يبقى ناقص حاجة كدة والا كدة..
تحدث سيد :
_ لأ يا باشا اطمن أنا كل حاجة تحت ايدي بتبقى كاملة معنديش حاجة ناقصة...
حدق به مردفا بسخرية :
_ كفاية إنت ناقص هتبقى أنت واللي في أيدك كمان هتحملك أنا على ايه وقتها..
أستغلت حديثه مع سيد وفرت بخفة خارج غرفة المكتب لتنتهي لحظة مميزة جداً بالنسبة إليه..
انتهى الفلاش بااااااك..
فاق على صوت باب غرفة مكتبه ليأمر الخدامة بالدخول، دلفت وقالت بهدوء :
_ الباشمهندس سيد وصل يا باشا..
_ خليه يدخل..
دلف سيد بعد عدة لحظات بخطوات متـ.ـو.تر قائلا :
_ أنا عملت حاجة غلط يا باشا عشان تطلبني؟!..
لعب علي بالقلم الموضوع بين يديه قائلا :
_ هو يوم ما تعمل مصيبة هطلب أقابلك في بيتي تفتكر إنك بالأهمية دي عندي؟!..
أبتلع الآخر تلك الإهانة بصمت ليمد علي يده اليه بشيك جذبه سيد بتعجب مردفا :
_ ده ايه ده يا باشا؟!..
_ شيك على بياض أكتب فيه المبلغ اللي يعجبك وأنا همضي..
_ مقابل إيه يا باشا؟!...
_ شهر مع مدام أروى مش إسمها أروى برضو؟!..
_____ شيما سعيد ____
عودة لشقة محمود وسارة..
أخيراً تركها، رغم أنه كان مرغما على الخروج من جنتها إلا أنه فعلها، دلف إلى المرحاض كي تأخذ مساحتها بالغرفة، ظلت تحدق بباب المرحاض وبعدها بكت، لا تعلم لما بكت هل من قوة هذا الرجل وسيطرته عليها أم خائفة..
جذبت شرشف الفراش ووضعت على جسدها بالكامل حتى وجهها أخفته، شعور غريب يتغلغل بداخلها، لطالما رسمت لنفسها قصة حب تليق بجمالها لتكون صادقة هي فازت بزواجها من محمود علام ومع ذلك مقهورة، ما حدث منذ قليل فوق قدرتها على التحمل..
خرجت منها شهقة حاولت كثيرا كتمانها أغلقت عينيها بقوة تجبر نفسها على الصمود حتى تصل إلى ما تريده، خرج من المرحاض ليلقي نظرة سريعة عليها، حرك رأسه بابتسامة ساخرة مع اختفائها تحت الغطاء..
أقترب منها ثم أزاحه عن وجهها مردفا :
_ في حاجة بتوجعك للعـ.ـيا.ط ده؟!..
أومأت إليه ببراءة ملامحها ثم قالت بغضب :
_ في قطر عدى عليا خلى كل حتة فيا في حتة لوحدها..
ضحك من أعماق قلبه ثم غمز إليها مردفا :
_ كل حتة لوحدها بس سلميه شهرين بالكتير وكل حتة هتتجمع مع أختها وترجعي زي الأول..
جزت على أسنانها بغيظ من أستفزازه وقبل أن تنطق بكلمة واحدة أقترب من أحد الأدراج وأخرج منه علبة حبوب وقدمها إليها مردفا :
_ عايزة منه والا لأ؟!..
حدقت به عدة لحظات بحزن، تعلم ما هذا فكانت وهي صغيرة تأتي به لمريم " شريط مانع للحمل"، رفعت بصرها لمحمود مردفة :
_ وده سؤال والا أنا مجبرة أنفذ؟!.
حرك كتفه بهدوء وأجابها :
_ مش مجبرة لو مش عايزة هتصرف أنا بأي طريقة تانية، وقبل ما تقولي أي كلام أحنا متجوزين في السر للدلع مش هينفع يكون بنا أولاد أنا عندي ولد ومش عايز غيره وأنتِ..
منعته من إكمال حديثه وأخذت الحبة ووراها كوب من الماء دفعة واحدة ثم قالت ببعض التعب :
_ ساعدني أستحمي وأغير هدومي حاسة اني تعبانة ومحتاجة أرتاح شوية..
يكفي لهنا محمود يكفي على الصغيرة هذا الكم اليوم، حملها بين يديه بخفة ثم دلف بها للمرحاض ابتسمت بسخرية وهي ترى المرحاض مجهز لاستقبالها شهقت بخفة بعدما وضعها بحوض الاستحمام قائلة :
_ أهي دي من مميزات الجواز براجـ.ـل خبرة..
رد عليها بوقاحة :
_ هي دي بس المميزات ما.....
وضعت يدها على شفتيه وقالت :
_ ممكن أطلب منك طلب صغير خالص؟!..
أؤمأ إليها لتكمل حديثها :
_ عايزة مهري مش أنا برضو عروسة والمفروض يبقى ليا مهر؟!..
أزاح كفها من على شفتيه وأجابها وهي يضع بعض الشامبو على خاصتها وبدأ بغسل شعرها :
_ طبعاً عروسة وأحلى عروسة كمان عايزة مهرك كام بقى؟!..
_البيت ده عايزاه يبقى بأسمي..
أكمل ما يفعله بهدوء رغم بوادر النيران التي بدأت بالاشتعال بداخله وسألها :
_ أشمعنا البيت ؟!..
ماذا تقول أنها ترغب بوضع قدميها على أرض ثابتة، أنها تريد الشعور بالأمان مع وجود منزل بأسمها؟!.. صمتت ولا تعلم بماذا تجيب ليقول هو بدلا عنها :
_ عايزة بيت بــــاسمك عشان تبقى ضامنة إنه بتاعك دايما ومش من حق حد يخرجك منه مهما حصل مش كدة؟!..
ظلت صامته ففتح الماء الدافئة لتسقط على جسدها قائلا :
_ ماشي يا سارة البيت من النهاردة هيبقى بأسمك..
بعد دقائق وضعها على الفراش ثم وضع الغطاء عليها مقبلا رأسها بحنان جعلها تقول :
_ هو أنت حنين كدة بجد والا أنا بتخيل..
ضمها لصدره وأغلق عينيها بيده ثم أغلق عينيه هو الآخر مردفا :
_ مش حنان قد ما هو أتفاق خد وهات، أنا أخدت حاجة حلوة أوي والبيت قليل قوي على اللي أخدته يا سارة..
أبتسمت ولفت ذراعها حول خصره لتنعم بنوم هادئ بوجوده، أما هو كانت ابتسامته غامضة محمود علام شخصية من الصعب فهمها أو أخذ أي شيء منها لماذا تنازل لها بتلك البساطة لا أحد يعلم، أخذ نفسا عميقا من رائحة عطرها المميزة ونام هو الآخر..
____ شيما سعيد ______
بعد يومين بمنزل سيد..
وقفت أمام زوجها بذهول، أعادت حديثه برأسها عدة مرات لعلها تفهم ما قاله أو على الأقل تتأكد من أنها مستيقظة، حركت رأسها مردفة :
_ أنت بتقول إيه يا سيد؟!..
نظر إليها بغضب ثم عاد ما قاله بنبرة لا تقبل النقاش :
_ الباشا عايزك شهر مقابل 5 مليون جنية بعدها هنبقى ملوك يا بت يا أروى وهنفتح الشركة اللي طول عمرنا بنحلم بيها هتبقى مهندسة معايا مش بتشتغلي مكاني في السر، كفاية فقر بقى.
لحظة واحدة من الصمت وبعدها أرتفع رنين صفعتها على وجهه، هل هذا من ضحت بكل عائلتها من أجله؟!.. هل هذا من فرت من قصر عائلة علام لتبقى زوجته؟!.. صدمتها به جعل شعور الاشمزاز يسيطر على تعبيرات وجهها، صرخت بقوة وهو يلف يده حول عنقها مردفا :
_ بقى بتمدي أيدك عليا يا بت الكـ.ـلـ.ـب، عارفة لولا إن الباشا عايزك سليمة كنت اديتك بدل القلم ده مية، فوقي معايا وركزي ربنا أمر بطاعة الزوج وأنا بقولك نامي معاه يبقى تنفذي من ساكت..
صرخت بغضب :
_ ربنا!! هو اللي زيك يعرف ربنا؟!.. طاعة ايه يا ديوث يا زبـ.ـا.لة بقى عايز مراتك مع راجـ.ـل تاني بالفلوس وتقولي طاعة، شكلك نسيت اني أروى علام كان فين عقلي وأنا بقف قدام أخويا عشان أتجوزك؟!..
أطلق من بين شفتيه ضحكة ساخرة ولأول مرة يظهر لها وجهه الحقيقي قائلا :
_ أخوكي مين محمود باشا علام؟!.. عمره ما أعتبرك أخته كنتي بالنسباله بنت واحدة أبوه غلط معاها وحطك في شقة بعيد عن الكل عشان محدش يعلم بيكي، كان بيستعر منك ومحدش غيره يعرف عنك حاجة، حتى لما هـ.ـر.بتي مكلفش نفسه ودور عليكي، كنت فاكر لما أتجوز بنت علام هعيش في نعيم بس مخدتش من وراكي حاجة دلوقتي بقي بقولك أهو الباشا قدامه ساعة ويوصل يتبسط بمزاجك أو غصب عنك بدل ما أطلع روحك في أيدي..
عادت للخلف عدة مرات وهي تحرك رأسها برفض، يستحيل ان يكون هذا حبيبها يستحيل أن تكون تلك نهايتها، حدقت به بكره يظهر إليه للمرة الأولى مردفة :
_ بكرهك يا زبـ.ـا.لة بكرهك وبقولك أهو على جثتي لو حد قرب مني هيبقى بموتي أو بموتك..
أومأ إليها بنظرات أرعـ.ـبت قلبها ثم رفع كمه الي ساعديه مردفا بقوة :
_ يبقى هينبسط بس غصب عنك يا حلوة...
مرت عليها الساعة مثل الجحيم وهي مقيدة على فراشها سمعت صوت الباب ومن بعده صوت خشن يقول :
_ عايزك تخفي من المنطقة كلها الشهر ده مش البيت بس..
_ أمرك يا باشا بس بالراحة وعلى الهادي دي برضو عندي في الحتة الشمال..
نظر إليه باحتقار قائلا :
_ هي فين؟!..
_ في أوضة النوم يا باشا..
_ طيب يلا غور..
_____ شيما سعيد ____
↚
دلف لغرفة النوم بخطوات سريعة، بداخله شعور عجيب ليراها، فتح الباب وظل ثابتا بمكانه لعدة ثواني، رفع حاجبه بدهشة من ما هي عليه، مقيدة على الفراش وفمها مغلق، أغلق باب الغرفة عليهما مقتربا منها أزال اللاصق من على شفتيها مردفا :
_ سيد اللي عمل فيكي كدة؟!..
أومأت إليه بخوف تحاول إخراج أي كلمة لكنها عاجزة، بكت أكثر وأشارت إليه ليزيل عنها القيود فقال :
_ هو عمل فيكي كدة عشان إيه؟!..
أتسعت عيناها من وقاحته، ماذا كانت تنتظر من رجل مثله أراد أمرأة متزوجة؟!.. خرج صوتها المتحشرج بنبرة ساخرة :
_ عشان رفضت أسافر معاه الساحل..
_ ما تلمي نفسك يا بت إحنا هنهزر..
تحركت بتعب لعل تلك القيود تتسع على جسدها قليلا ثم قالت :
_ تصدق إنك راجـ.ـل بجح بقى مش مكسوف من نفسك، تبص لست متجوزة وتدي لجوزها فلوس كنت مستني ايه أول ما تفتح الباب تشوفني بطقم الممرضة..
لا يعلم لما ضحك ولكنه فعلها، خرجت ضحكة رنانة من أعماق قلبه، قطعة من الكنافة بالسمن البلدي، شهية تحركه للاقتراب منها وهو اكثر من مرحب، من يكون أمامه باب من اللذة مفتوحة ويرفض الدلوف إليه،، حرك حاجبه ثم قال :
_ على اللي أنا دافعه ده أقل واجب معايا مع إني مش بحب التنكر..
عضت على شفتيها وأغلقت عينيها، إذا أستمرت بالرد عليه ستكون نهايتها خصوصاً بعد ترك زوجها إليه، ابتلعت لعابها بصعوبة تفكر ماذا تفعل لتفتح عينيها بفزع على شعورها بشفتيه تضم شفتيها، صدمت وقهرت بلحظة، قاومت وكأنها أخر لحظات لها بالحياة، ضـ.ـر.بته بصدره بيديها المقيدة لعله يبتعد ولكنه كان بدنيا أخرى بعيداً عنها كل البعد..
نعيم،، ما هو بداخله الآن نعيم، شفتين ناعمة، طرية، شهية، بها طعم مميز يأخذه الي الجنون، همهم بمتعة من مجرد قبلة وعقله يحثه على إكمال تلك المشاعر، يبحث عن ما هو أقوى وأجمل بكثير.
ااه، ابتعد عنها بعدما عضته بقوة ونظر إليها بغضب مردفا :
_ عارفة لو واحدة غيرك كانت عملتها كنت طلعت بروحها في أيدي، خليكي حلوة كدة بدل ما تعرضي نفسك للأذى..
حركت رأسها برفض قائلة :
_ لو أنت راجـ.ـل فكني وشوف هعمل فيك ايه بدل ما تستقوي على ست ضعيفة..
نظر إلى جسدها بقلة حيلة ابتعدت بخوف وهي ترى يده تقترب منها، ابتسم إليها إبتسامة أرعـ.ـبت قلبها وبدأ بكل هدوء يفك قيودها، تعالت دقات قلبها ترى بعينه نظرة تصر على ما أتى إليه، تشعر بيده وهي تمر على جسدها بطريقة تثبت لها عدم خروجها من تلك الغرفة سالمة..
أخيراً أصبحت حرة قادرة على الحركة وقبل أن تزيح جسدها من فوق الفراش جذبها من ساقيها قائلا :
_ تفتكري واحد زيي لما يدفع عشرة مليون جنيه مقابل شهر واحد من واحدة شافها مرة واحدة بس ممكن يقبل إن فلوسه تروح على الأرض..
حدقت به بكره، لن تظهر ضعفها، أروى علام مرت بالكثير والكثير ولم تضعف مرة، رفعت رأسها بكبرياء ثم قالت بقوة وهي تضـ.ـر.به بمنطقة تحت الحزام :
_ وا.طـ.ـي دفع لديوث أنا بقى ماليش في الليلة دي يا باشا..
توقعت ألمه من الضـ.ـر.بة إلا أنه ألقى عليها نظرة بـ.ـاردة قبل أن يقول :
_ عمري ما لمست ست لمسها غيري أصلي بقرف، لكن أنتِ بقى هتبقى أول ست ألمسها وأنا هكون آخر راجـ.ـل يقرب منك..
تفاجأت من حديثه وتفاجأت أكثر من حمله لها على كتفه، صرخت برعـ.ـب :
_ أنت بتعمل ايه؟!..
_ هنمشي من هنا ونبقى نكمل الليلة في بيتي.. مش عايز أسمع لك صوت لكن لو حابة الفضايح أصرخي وخلي الشارع كله يعرف إنك ست شمال وبرضو هأخدك وأمشي..
خرج بها من باب الشقة، بخطوات هادئة يعلم أنها مثلها مثل زوجها تمثل الفضيلة حتى لا تظهر امامه *****، أما هي أخذت تردد حديثه بعقلها لعدة ثواني حتى وصلت لطوق النجاة أخيراً، الفضائح لا تفرق معها كل ما يهمها الآن التخلص منه..
خرج بها من العمارة وقبل ان يصل إلى سيارته صرخت بكل قوتها :
_ الحقوني يا ناس عايز يخـ.ـطـ.ـفني الحقوني يا خلق الله عايز يخـ.ـطـ.ـفني يااااااااااه..
اقترب منهم شباب ونساء الحي بسرعة لتقول ام أحمد جارتها :
_ مالك يا أروى يا بنتي؟!..
_ الراجـ.ـل ده دخل بيتي وجوزي مش موجود عايز ياخدني، الحقوني وبلغوا البوليس..
تحدث أحد الشباب بغضب :
_ ليه يا حيلة أمك فاكر ان الشارع مفهوش راجـ.ـل، ده أنت مش هتطلع من هنا حي..
صرخت برعـ.ـب مع إنزال علي لها وسحبه للشاب من عنقه ضاغطا عليه بقوة :
_ شكل البدلة غرتك في تعالي بقى يا روح أمك..
أقتربت منه برعـ.ـب قائلة :
_ أبعد عنه ده عيل غلبان أمه معندهاش إلا هو..
نظر إليها نظرة مرعـ.ـبة عادت على أثرها للخلف عدة مرات ثم قال بسخرية :
_ مش بدأتي بالفضايح اركني بقى لحد ما أفضى لك يا روح أمك..
ماذا تفعل لا تعلم، رغم تدخل أهل الحي ومحاولة الجميع من إخراجها من يده هي وهذا الشاب بأقل الخسائر ولكنه فاق الكل، أتسعت عيناها بذهول وكأنها تشاهد أحد الأفلام الهندية، قلع جكيت وقميص بذلته ليبقى عاري الصدر بدأ بحرب من يراها يتوقع من العدد أنه الخاسر والآن الصدمة الكبرى حدثت، لم يرفع أحد يده عليه إلا وكانت مكسورة، لم يصيبه خدش واحد.
قررت الفرار وسط هذا الزحام وقبل ان تخطو خطوة واحدة جذب كفها مردفا بجبروب :
_ مكانك يا بت عيني عليكي أخلص منهم ومش هسيبك إلا في الجبس سنتين قدام..
أومأت إليه عدة مرات برعـ.ـب ولم تجد أمامها إلا الحل الأخير وهو الاتصال بالشرطة...
______ شيما سعيد _____
بمنزل علام..
غاب عن المنزل يومين وها هو الآن يدلف إلى قصر علام وبيده الصغيرة، ارتجف كفها لينظر إليها نظرة حنونة هامسا :
_ متخافيش أنتِ كنتي عند أختك وأنا لما رجعت من السفر بعد ما جدتي بلغتني بغيابك روحت جبتك فيها حاجة صعبة دي..
حركت رأسها برفض ثم قالت بتـ.ـو.تر :
_دي أول مرة في حياتي أحس إني بعمل حاجة غلط..
جذبها للداخل بخطوات واثقة قائلا :
_ أحنا مش بنعمل حاجة غلط، دي حاجات خاصة مش عايزين حد يعرف بيها يبقى أحنا أحرار اهدي بقى..
دلفت خلفه لغرفة المعيشة بعدها ترك كفها، بداخلها شعور بالعار لا تعلم مصدره أو ربما تعلم ولكنها تحاول الهروب من حقيقتها، ركضت لجدتها التي فتحت ذراعيها إليها بشوق، ألقت نفسها بين أحضانها الحنونة وبكت، حك مقدمة ذقنه بضيق من هذا التصرف وجلس بجوار والدته التي قالت :
_ حمد الله على سلامتك يا حبيبي، كويس إنك أول حاجة عملتها لما رجعت إنك روحت جبت سارة، دي بقت حتة مننا وطنط مش بتقدر تقعد من غيرها ولا أنا كمان بصراحة..
أومأ إليها و عيناه معلقة على الأخرى المتشبثة بجدتها، مررت ألفت كفها بحنان على ظهر سارة قائلة بحب :
_ بس يا قلب تيتا قوليلي عمل فيكي إيه وأنا أوعدك إن محمود هيجيب حقك لحد عندك..
محمود يأتي بحقها؟!!!.. كم أنتِ طيبة القلب يا ألفت يبدو أنها لا تعلم محمود بعد، تدخل بالحديث بغيظ قائلا :
_ خلاص يا سارة كفاية عـ.ـيا.ط مكنتيش في معتقل ولسة خارجة..
قالت ألفت بعتاب :
_ سيبها تطلع اللي في قلبها أنت مكنتش معاها ولا عارف عمل فيها ايه الندل ده، كنت فاكرة إنه غلبان بس طلع ندل..
ابتسم بهدوء مردفا :
_ معملش فيها حاجة يا ألفت اطمني حفيدتك زي الفل، هي بس بتحب تدلع علينا عشان تعرف مقامها عندنا..
ضحكت حنان قائلة :
_ دي قمر تدلع براحتها..
_ وماله يا ست الكل هدلعها زي ما هي عايزة بس نأكل بقى لأني جعان وبعدين نبقى تحت أمر الست سارة..
أومأت إليه والدته وقالت :
_ دقايق والسفرة هتبقى جاهزة بس اطلع أنت أطمن على عايدة ، إنت عارف هي حساسة قد إيه خصوصاً لما بتبعد عنها... لدرجة انها بقت مهملة في العلاج اليومين اللي فاته
قام من على المقعد وألقى نظرة سريعة على سارة، توقفت الأخرى عن البكاء ونظرت إليه نظرة لم يفهمها ولم تفهمها هي الأخرى ولكن بداخلها شعور بشع يأكلها، قبل رأس والدته وبعدها جدته ثم قال :
_ مش هتأخر نشوف دلع عايدة هانم ونطمن عليها ونرجع ندلع اللي محتاج دلع...
يقصدها ووصل إليها الحديث، لم تنظر إليه وضعت رأسها على صدر ألفت وقالت :
_حشـ.ـتـ.ـيني و أوي يا تيتا اليومين اللي فاتوا كانوا أبشع يومين مروا في حياتي كلها..
_____ شيما سعيد _____
بغرفة عايدة..
وضع قبلة أعلى رأسها ثم قال بعتاب وهو يمرر أطراف أصابعه على كفها موضع الحقن :
_ أسافر في شغل يومين أرجع ألاقيكي بالشكل ده لا بتأخدي علاجك ولا حتى بتأكلي هو إحنا أطفال يا عايدة؟!..
أومأت إليه بملامح حزينة، ترى بداخل عينيه لمعة سعيدة تجهل سببها أو ربما ترفض تصديق قلبها الذي يقول لها السبب بكل صراحة بكلمة واحدة " سارة"، أشار إليها بعينه يحثها على الحديث لتسقط دمـ.ـو.عها قهر قائلة :
_ كان نفسي يبقى عندي صحة عشان بس أكفيك، عشان لما أشوف النظرة دي في عينك أقول عليك خاين لكن دلوقتي مش قادرة أقول كدة، كتر خيرك بقى لك 15 سنة عايش معايا كأني أختك، ماليش عين ألومك يا محمود..
زفر بضيق ، منذ طفولته وهي تفهمه من نظرة عين، رسم على شفتيه إبتسامة حاول أن يجعلها طبيعية ثم وضع قبلة أخرى على رأسها مردفا :
_ بتقولي إيه يا مـ.ـجـ.ـنو.نة، اللي يسمعك كدة يقول إني دخلت عليكى بضرة كل ده عشان غبت عنك يومين هي أول مرة أسافر والا ايه يا عايدة؟!..
نفت بحركة سريعة من رأسها ثم قالت :
_ لو مدخلتش عليا بيها النهاردة هتدخل بكرا يا إبن عمي، خدني في حـ.ـضـ.ـنك يا محمود أنا مش عايزة أي حاجة دلوقتي إلا حـ.ـضـ.ـنك بس..
صمت لا يوجد كلمة واحدة يقدر على أن يرد عليها بها، جذبها لتنام بين أحضانه مثلما طلبت، لفت يديها حول خصره وأغلقت عينيها بتعب مستسلمة استسلام جزئي لما وصلت إليه، لطالما كان بين يديها تعلمه جيدا وتعلم أن هذا العناق فاقد حرارة الإشتياق، ذهبت في نوم عميق تركته مع القليل من تأنيب الضمير..
وضعها على الفراش ثم خرج من الغرفة سريعاً، وجوده معها ورؤيته لها بتلك الحالة تشعره بقلة الأصل، نزل لغرفة السفرة ليري معذبته الصغيرة، سبب ما هو به، عاد على يدها يرغب بالنساء يبحث عن حلاوة الزواج..
توقف محله وهو يراها تجلس بين شقيقه وابنه كلا منهما يغازلها تارة، تحدث معتز بحماس :
_ الحاج صاحب البيت رجع من السفر حمد الله على السلامة يا محمود باشا..
أجابه محمود وعينه معلقة بسارة :
_ بتتكلم وأنت قاعد كأني كنت نايم في حـ.ـضـ.ـنك.
نظر معتز لسارة بهيام قائلا :
_ مش هقدر أقوم من مكاني يا حاج لحسن حد يأخد الكرسي..
ضحكت بعفوية جعلت الثلاث رجال بعالم آخر، كلا منهما يتخيلها بوضع مختلف، ألقى معتز رأسه على كتفها مردفا :
_ جوزني سارة يا بابا..
ضـ.ـر.به طارق على رأسه ثم جذبه ليبتعد عنها قائلا :
_ تتجوز مين يا واد!! عمك أولى وبعدين إنت أصغر منها لكن أنا أكبر..
أجابه معتز بغيظ حقيقي :
_ الموضوع مش بالسن بالحب وأنا خلاص قلبي دق، وبعدين فيها إيه يعني، دي بيني وبينها 5 سنين..
ماذا؟!.. وقعت الجملة على محمود مثل مياه النار، خمس سنوات فرق بين زوجته وابنه؟!.. هل ينظر إليها معتز تلك النظرة أكمل طارق الكارثة عنـ.ـد.ما قال بغضب :
_ محمود لم ابنك وقوله دي هتبقى مرات عمك عيب يتكلم عليها كدة..
هذا ما كان ينقصه طارق يريدها، حدق بالاثنين ليري معالم الصدق والإصرار بكل منهما، نظرت إليه ألفت وقالت :
_ سيبك منهم يا حبيبي وتعالى كل..
ضحكت حنان قائلة :
_ بصراحة طارق عنده حق يا طنط سارة قمر أيه رأيك في طارق يا حبيبتي هو يبان طايش بس طيب وقلبه أبيض..
إلى هنا وكفي بلا لحظة تفكير واحدة، تحكمت به مشاعر لم يفهم معناها إلا أنه يريدها بعيدا عن الكل الآن، جذبها من كفها وجرها خلفه خارج الغرفة وذهب بها لغرفتها، أدخلها بغضب وأغلق الباب خلفهما بالمفتاح قائلا بغضب :
_ جنابك قاعدة ده يفعص فيكي شوية وده شوية عاجبك أوي القاعدة دي مش كدة؟!..
عادت للخلف بذهول من تعبيرات وجهه الإجرامية وقالت :
_ إيه اللي أنت بتقوله ده؟؟ طارق كان بيهزر ومقربش مني اللي نام على كتفي معتز وووو..
قاطعها وهو يجز على أسنانه :
_ ومعتز ينام على كتفك ليه؟ عيل بيرضع!!..
حركت رأسها بقلة حيلة قائلة :
_ لأ مش عيل بيرضع بس أصغر مني...
للمرة الثانية يقاطعها، دفعها للخلف بقوة لتشهق بألم مع ضـ.ـر.ب ظهرها بالحائط وضع كفه على شفتيها مردفا :
_ أخرسي ت عـ.ـر.في تخرسي كلامك لوحده بيعصبني بزيادة، الأصغر منك ده قالها بنفسه كلها خمس سنين مش خمسين، أنتِ شوفتي نظرات الواد ليكي عاملة إزاي؟ ده ابني وانا عارف تفكيره كويس..
تنهدت بضيق من أسلوبه بالحديث وقالت :
_ شكلك ناسي إني بقيت محرمة أبديا على ابنك ريح نفسك، لو تفكير ابنك زبـ.ـا.لة يبقى خد من وقتك خمس دقايق وربيه...
رفع حاجبه إليها وكأنه يقول حقا، مال بجسده عليها حتى حاصرها مردفا بنبرة خبيثة :
_ والله أنا محتاج أخد من وقتي خمس دقايق وأعيد تربيتك أنتِ من أول وجديد..
حدقت به بغيظ قائلة :
_ ده ليه بقى إن شاء الله؟!..
_ دخلتي عليا بالدلع والإثارة وكان كله تشويق في تشويق وبعد الجواز بيومين أتنين كله راح وواقفة تردي عليا الكلمة بعشرة يبقى تتربي ولا أعمل فيكي إيه؟!..
ابتسمت بنعومة وعادت إلى دلالها المثير، رفعت كفيها لتضم بهما وجهه الرجولي ثم زادت جرعتها وأعطت له قبلة قصيرة على شفتيه هامسة على بعد مسافة معدومة :
_ مهو أنت اللي بتزعلني وبعدين هو في عريس بدل ما يدلع عروسته يتعامل معاها بالطريقة بتاعتك دي..
_ ترضي أنزل من عند عايدة أشوف الاتنين بيبصوا عليكي كدة..
عايدة لما أتى بتلك السيرة الآن؟!.. تذكرت تركه لها وتذكرت لما لعبت على وتر طارق ومعتز، أومأت إليه بابتسامة مستفزة :
_ اه يرضيني..
دق هاتفه لينقذها من بين يديه، فتح الخط عنـ.ـد.ما رأي المتصل عليه لتتبدل ملامحه 180 درجة مع سماعه لصوت السائق الخاص بعلي فقال :
_ بنت مين اللي دخلت علي القسم أنا جاي حالا وهحبسها هي وعيلتها كلها..
_____ شيما سعيد _____
↚
بقسم الشرطة..
دلف محمود ليجد علي يجلس بغرفة الضابط صامت والدماء منتشرة بالمكان، أقترب من صديقه بلهفة قائلا :
_ إيه اللي حصل والدم ده بتاع مين أنت كويس؟!..
أوما إليه علي ثم قال بشرود :
_ ده دم الظابط البنت عملت فيه كدة..
_ بنت مين؟!..
_ أروى..
جذب محمود خصلاته بغيظ مردفا :
_ ما تقول القصة كلها هتفضل تنقط كدة كتير..
ماذا يقول وهو الي الان لم يستوعب ما فعلته تلك المـ.ـجـ.ـنو.نة، زفر بضيق وقص كل شيء حتى وصلوهم للقسم فقال محمود بغضب :
_ أنت سامع نفسك بتقول إيه، عايز ست متجوزة ودفعت لجوزها، مستوعب الوساخة اللي طلعت من بوقك والا دي تهيقات..
رد الاخر بهدوء :
_لما تشوفها هتعرف إني عندي حق وبعدين جوزها راضية وكنت فاكر إنها كمان راضية بس بتتقل، المصيبه مش هنا أنت متعرفش هي عملت إيه لما جينا هنا..
سأله محمود ساخرا :
_هو في أسوأ من كلامك ده قولي خليني أفكر إزاي أعيد تربيتك أنت كمان..
فلاش باااك..
وقفت بحالة من الذهول، تحولت من صاحبة حق لأخرى يجب عليها الإعتذار من علي الحسيني، جلس بالمقعد المقابل للضابط وظلت هي واقفة أمامهم، ألقى عليها نظرة غاضبة قبل أن يقول :
_ جوزها على وصول وهيقول حصل إيه بنفسه..
أوما إليه الضابط بإبتسامة واسعة مردفا :
_ من غير ما حد ييجي يا باشا أنا عارف أنك مستحيل تكذب، أتفضل أنت وهي هتمشي لما ييجي حد يستلمها..
ما هذا بحق الجحيم ما هذا؟!.. دلف الي قلبها شعور باليتم قهرها لم تجد بحياتها شخص واحد بداخله ولو قليل من الضمير، نظرت لضحكته المنتصرة ولم تتحمل أكثر بكل الاحوال هي الخاسرة فتأخذ حقها أولا، تحدثت بقوة :
_ هو ايه أصله ده، بتكذبوا الكذبة وتصدقوها أنتوا الاتنين، الراجـ.ـل ده أتهجم عليا في بيتي وحاول يعتدي عليا ده غير جاري الغلبان اللي مرمى في المستشفى بعد ما أستقوي عليه وضـ.ـر.به، يبقى يمشي إزاي يا باشا..
ضـ.ـر.ب الضابط على سطح مكتبه بقوة قائلا بغضب :
_ هما مين دول اللي كـ.ـد.ابين يا بت ما تفوقي، بقى عايز تقولي ان علي باشا الحسيني عايز يقرب منك أنتِ..
_دي الحقيقة هكدب ليه؟!..
اجابها بسخرية :
_ يمكن عايزة قرشين ما أمثالك رخيصة..
تحولت معالم وجه علي مع سماع حديث الضابط لها، حدق به بغضب لا يعلم لما شعر به وقبل أن يفتح فمه بحرف كانت أتت هي بحقها، أخذت طفاية السجاير من فوق الطاوله المقابلة علي وبكل قوتها ضـ.ـر.بت الضابط بها بمنتصف رأس، رفعت رأسها بكبرياء قائلة وهي ترى الدماء تسيل منه :
_ كدة بقى أنا أخدت حقي ولما تحبسني هيبقى على حاجة أنا عملتها يا باشا..
انتهي الفلاش باااك..
_ الظابط راح المستشفى وهي دخلت الحجز..
أتسعت عين محمود من كم المصائب الذي فعلها صديقه، حرك رأسه مردفا :
_ البنت دي بنت راجـ.ـل وطلعت أرجل منك ومن الظابط ومن الكـ.ـلـ.ـب اللي هي متجوزاه، خليك جنبها هنا يا علي ووصي الكل عليها لحد ما أروح المستشفى أشوف الظابط ووصل لفين، مش هسيبها تبات هنا كفاية عليها اللي شافته النهاردة وحقيقة جوزها..
خرج من غرفة المكتب وترك عليه بمحله، يسأل نفسه سؤال واحد يتركها وشأنها أم يقترب أكثر خصوصاً بعد شجاعتها تلك وبعد تفكير عميق قال :
_ بصراحة أنا عيل زبـ.ـا.لة وهستغل الموقف لصالحي، مش هسيبها هي خلاص بقت بتاعتي، هتخرجي من هنا على قصر الحسيني يا أروى..
_____ شيما سعيد _____
بمنزل علام..
بداخل مرحاض غرفة سارة، أغلقت الماء ورفعت وجهها للمرايا، حدقت بانعكاس صورتها بأرهاق جسدي ونفسي، بدأت عينيها تسير على ملامحها الجميلة بحسرة، رأت بحياتها الكثير والكثير وإلى الآن تدفع ثمن زواج أبيها من والدتها، عادت ذكريات ليلتها مع محمود تطاردها، ليتها أغلقت عينيها ورفضت أمره برؤية كل ما حدث..
طبول تضـ.ـر.ب رأسها بقوة، صرخات كثيرة تسمعها بقوة تذكرها بكل لحظة مرت عليها بحياتها، سقطت دمـ.ـو.عها ومازالت تحدق بنفسها قائلة :
_ يا خسارتك يا سارة حلوة، حلوة أوي بس الدنيا أخدت منك كل حاجة وسابك شوية الحلاوة بس، الله يرحمك يا ماما كنتي دايما تقوليلي بلاش تفرحي بشكلك كدة الجمال ميسواش حاجة في سوق الحظ..
أبعدت وجهها عن المرايا، يكفي ما وصل إليها من مشاعر مؤلمة الي الأن، فتحت الماء ووضعت رأسها تحتها لعلها تغسل روحها المتألمة من الاوجاع، أخرجها رنين هاتفها من حالتها لتخرج من المرحاض والماء تتساقط على وجهها، رفعت الهاتف لتجد إسم مريم ابتسمت بسخرية وردت عليها :
_ خير لسة فاكرة إن ليكي حد تتصلي بيه..
وصل إليها صريخ الأخرى الحادة لتجلس على فراشها وتأخذ تنهيدة عميق ثم قالت :
_ أتكلمي بصوت وا.طـ.ـي عشان أفهم أنتِ عايزة تقولي إيه يا مريم أو أقفلي لاني مش ناقصة صداع..
_ أختك اللي ربتك وفتحت بيتها ليكي بقت صداع دلوقتي يا ست سارة، عاملة نفسك هانم وخليتي البية يطرد علاء من الشغل وكل ده ليه عشان شافك وهو بيبـ.ـو.س فيكي صحيح رخيصة..
أتت لها بوقتها الصحيح، كانت تنتظر أحد يفتحها حتى تنفجر بوجهه :
_ لو كنت رخيصة كانت خليت الكـ.ـلـ.ـب بتاعك يقرب مني، الرخيصة فعلا اللي تعرف ان جوزها بيقرب من أختها وتكذب اختها وتصدق جوزها، فاكرة لما ترني تقولي الكلمتين دول هعيط وقولك حقك عليا كتر خيرك، لا يا حلوة أنا كبرت وفهمت الليلة ماشية إزاي، سنين وأنا بصرف عليكي أنتِ وجوزك مستحملة أعيش في بيت أقل من أوضة الكلاب في قصر أهلي عشان بس أفضل جنب أختي حبيبتي أصلي لو روحت لأهلي الخير اللي بييجي لاختي الغلبانة هيروح، العبـ.ـيـ.ـطة بتاعت زمان مـ.ـا.تت خدي جوزك وارجعي البلد خليه ينزل الغيط بدل مهو عاطل كدة والاحسن تبعدوا عني لأني من هنا ورايح لا عندي حاجة أخاف عليها ولا حاجة أخسرها وهاخد حقي من الكل..
أغلقت الهاتف بلا كلمة إضافية، لن تعود لبرائتها القديمةوحتى لو تمنت فالأمر خرج من بين يديها وأنتهى، لو لديها حق ببطن الحوت ستأخذه فهي الآن معها "محمود علام "..
زفرت بضيق عنـ.ـد.ما دق باب الغرفة ثم قالت :
_ أدخل..
دلفت الخادمة الخاصة بعايدة قائلة :
_ مدام عايدة طلبت تشوفك..
عايدة!!! تريد رؤيتها؟!.. لماذا؟!.. طلب منها عقلها رفض تلك المقابلة، لن تستطيع تحمل ضغط فوق ضغطها، حركت رأسها بقلة حيلة ثم أشارت للخادمة قائلة :
_ طيب عشر دقايق هسرح شعري واروح لها..
بعد ربع ساعة..
خطت بساقيها أول خطوة لغرفة محمود مع عايدة، صدمت من المنظر أمامها، أمرأة تبدو انها كانت جميلة لكن كان للمرض رأي أخر فأخذ منها ما أخذ، جهاز أكسجين معلق بجوارها بجواره محلول يصل إلى كفها، الغرفة كانت عبـ.ـارة عن مشفى صغيرة..
ابتلعت ريقها ببعض التـ.ـو.تر قائلة :
_ أنا سارة..
كانت الأخرى مغلقة العينين تائهة بدنيا غير الدنيا، مع صوت سارة الناعم فتحت عينيها، راتها ويا ليتها لم تراها، جميلة جدا وجذابة جدا جدا، فتاة خلقت بقدر عالي من الفتنة، أخذت نفسها بتعب ثم قالت :
_ طلعتي حلوة أوي يا سارة..
ابتسمت إليها مردفة :
_ شكرا كلك ذوق، حبيت كتير أشوفك بس قالوا إنك بتحبي تبقى بعيد عن الكل، رأيك إيه ننزل نقعد تحت سوا..
رفضت عايدة بحركة سريعة من رأسها مردفة :
_ بحب أفضل في أوضة نومي مع محمود عشان لما أموت أموت فيها وأخر حاجة أشوف هو والأوضة اللي عشت معاه فيها وفيها كل ذكرياتي..
أشفقت سارة على حالها، فجلست على الفراش بجوارها ووضعت قبلة حنونة على رأس عايدة قائلة :
_متقوليش كدة ربنا يشفيكي وتفضلي مع جوزك وإبنك..
ابتسمت إليها عايدة بتعب ثم قالت :
_ مهو بقى جوزك أنتِ كمان..
صدمتها الجملة، أنتفضت جسدها على أثرها، نظرت لعايدة لتراها تبتسم كما هي، حاولت الحديث الإنكار لتكمل عايدة حديثها بهدوء :
_ شميت ريحة حريمي على بدلة جوزي أكتر من مرة، عشان كدة طلبت أشوفك ريحتك نفس الريحة اللي على الهدوم، محمود مش بيعمل حاجة حـ.ـر.ام..
قامت من مكانها يجب عليها الفرار الان، لا لا قولي اي شيء يثبت عكس حديثها قبل الفرار، ضحكت ضحكة متـ.ـو.ترة وقالت بنبرة حاولت أن تبقى قوية :
_ ابية محمود ده أخويا الكبير مفيش أي حاجة من الكلام ده، لو حاسة إني وجودي هنا هيشكك في جوزك أنا همشي..
_ يا ريت مشيك من هنا هيحل المشكلة، أنزلي أنا محتاجة أرتاح شوية..
_____ شيما سعيد ______
بعد ساعة بقسم الشرطة..
عاد محمود ودلف للمكتب الموجود به علي وجوده نائم على الاريكة بكل هدوء، جز محمود على أسنانه بغيظ من الآخر، أقترب منه وضـ.ـر.ب على ساقه بقدمه قائلا :
_ أصحى يا بغل بدل ما أطلع بروحك في أيدي..
فتح علي عينيه بضجر بعض الألم من شـ.ـدة الضـ.ـر.بة، نظر لمحمود بطرف عينه ثم مرر يديه على عينيها ليفيق مردفا :
_ في إيه هو في حد يصحى حد كدة يا جدع أنت..
ازاحه ليجلس بجواره مردفا :
_ في دي عندك حق اللي زيك لأزم يصحى بالجزمة..
علي :
_ تشكر يا ابن الأصول، قولي عملت إيه؟!..
سند ظهره على المقعد ليأخذ بعض الراحة ثم قال :
_ اتنازل عن المحضر بعد ما أخد 100 ألف جنية، البنت الغلبانة هتطلع دلوقتي هاخدها لحد بيتها يا علي وأياك تقرب منها..
قطع حديثه نغمة هاتفه، فتح الخط سريعاً مع رؤيته لاسمها مزين للشاشة مصاحب بأحد صورها، قبل أن ينطق بحرف سمع صوتها المرتجف :
_ محمود تعالي في الشقة بتاعتنا دلوقتي حالا..
أغلق الخط وقام سريعاً فسأله علي بقلق :
_ ايه اللي غيرك كدة في إيه؟!..
_ مفيش حاجة بس أنا لازم امشي دلوقتي، علي خلي البنت تروح بيتها وخليك بعيد عنها..
ذهب بخطوات سريعة فتح باب المكتب ورحل، بنفس اللحظة رأت أروى طيفه أمامه، توقفت محلها قائلة بخوف :
_ محمود وهو ده محمود بجد والا أنا بتخيل؟!..
_ يلا يا بت أمشي خلي أم اليوم ده يخلص بقى..
فاقت على صوت العسكري لتمشي معه بصمت للمكتب، أول شيء وقعت عينيها عليه إبتسامة الأخر السعيدة، أقتربت منه بقوة وحاولت رفع يدها عليه قائلة :
_ مشفتش في حياتي واحد وا.طـ.ـي زيك..
وضع ساق على الآخر ثم أشار إليها بهدوء مردفا :
_ تعالي أرتاحي أكيد أتعلم عليكي جوا أصلي بصراحة كنت موصي عليكي جـ.ـا.مد..
كتم غيظها من نبرته المستفزة ثم جلست على المقعد المقابل إليه واضعة ساق على الآخر بنفس طريقته، قبل أن تأخذ راحتها بسند ظهرها قائلة ببرود :
_ اه تقصد جوز البقر اللي حاولوا يمدوا ايدهم عليا جوا؟!.. عموما هما دلوقتي في الاوضة اللي جنب الظابط لو حابب تلقى نظرة عليهم..
أتسعت عينيه بعدم تصديق مردفا :
_ أنتِ ضـ.ـر.بتي دول إزاي؟!..
_ زي الناس ما أنا ست قادرة ومفترية وأيدي ولساني أطول من بعض، حاول تقرب مني وأنت تجرب..
ضحك ضحكة مستمتعة بالحديث معها رغم كل ما قالته، حك ذقنه وعينيه تتجول على جسدها أسفل العباية مردفا :
_ تستحقي أخوض عشانك التجربة، هديكي فوق اللي أخده جوزك ونتفاهم بالود..
رأت بعينه الإصرار عليها، زوجها اللعين ادخلها بمعركة كبيرة تركها تواجة بمفردها، يبدو أن الفرار الآن أصبح مستحيل ولابد من الدخول بالمعركة وتقبل الفوز والخسارة، تحركت بالمقعد لتقترب منه وجذبته من مقدمة ملابسه لينزل لمستوى طولها هامسة :
_ عايزني جـ.ـا.مد أنت يا باشا مش كدة؟!..
أوما إليها مثل المسحور من تأثير قربه منها لتكمل هي بعدها عادت الي محلها بعيداً عنه :
_ يبقى تنفذ شروطي تأخدني بالرضا..
شروط!!.. من تلك التي تجرأ ووضعت شروط لعلي الحسيني؟!.. فاق من حلاوة اللحظة وعاد الي جبروته مردفا :
_ لسة متخلقش اللي يحط ليا شروط فوقي بدل ما ارجعك التخشيبة تاني..
أطلقت ضحكة رنانة قبل أن تقول :
_ لأ أتخلق وقاعد قدامك كمان تحب تسمع والا نمشيها بالبقاء للاقوي؟!..
_ رغم أني الاقوى بس هسمعك..
_ سيد تأخد منه الفلوس اللي دفعتها وتطرده من الشركة وتخلي أي شركة تانية ترفض تشغله، عايزة صاحب الشقة اللي كنت ساكنة معاه فيها يطرده، من الاخر ينام في الشارع ويأكل اللقمة من الزباله..
_ اممم وبعدين؟!...
_ خلينا ماشيين خطوة خطوة، نفذ ده الأول وبعدين نشوف بعدين..
______ شيما سعيد ______
بمنزل محمود وسارة..
دلف لغرفة نومه صافحا الباب خلفه بقلق، رآها تجلس بالشرفة المطلة على الحديقة الصغيرة، مظهرها بمفرده لا يبشر بالخير، جسدها يرتجف، تفك كفيها ببعض بقوة غريبة، أقترب منها بلهفة قائلا :
_ سارة في إيه ومالك مش على بعضك ليه؟!..
رفعت رأسها اليه ثم قالت بنبرة صوت متـ.ـو.ترة مصحوبة بالكثير والكثير من النـ.ـد.م :
_ مراتك عرفت أننا متجوزين..
جملة صغيرة هزت كيانه، يستحيل أن يستوعب عقله تلك الحقيقة، عايدة كيف عملت بزواجه من سارة وكيف هي حالتها الأن؟!.. تغيرت معالم وجهه لتفوح منه النيران ثم سألها بنبرة صوت مريبة :
_ مين اللي عرفت أننا متجوزين؟!..
أنكمشت حول نفسها بخوف، شعرت ببوادر الخطر تدلف الي أعماقها ليرتجف قلبها رعـ.ـبا ولا تعمل لما، همست بتقطع تتمنى أن يأخذها بين أحضانه الان ويجعلها تشعر ولو بقليل من الأمان :
_ الصبح كنت قاعدة في أوضتي والخادمة بتاعتها جات وطلبت مني أروح لها، روحت لها واتكلمت معاها عادي فقالت فجأة اني مراتك قولتها إيه الكلام ده قالتلي إنها شمت على هدومك ريحة معينة وطلبت تشوفني عشان تتأكد وتأكدت فعلاً لما شمت ريحتي، طردتني برة الأوضة بتاعها قبل ما أقول أي حاجة..
تركها تتحدث مثلما تريد، أوما إليها وعلى تعبيرات وجهه غضب أعمى، جذبها من فوق المقعد لتقف امامه نظر إليها نظرة كانت كفيلة تجعلها تفقد الوعي ثم قال من بين أسنانه :
_ اممم، بقى هي دي لعبتك، ت عـ.ـر.في عايدة وتحطيني قدام الأمر الواقع، طيب كنتي أستنى شوية على الاقل اتعلق بيكي وأبقى باقي عليكي، كنتي اعملى حاجة واحدة تخليني أقف قصاد مراتي عشانك..
حركت رأسها بنفي وقالت :
_ أنت بتقول إيه أنا مستحيل أعمل حاجة زي دي، هقول لست مريـ.ـضة جوزك أتجوز عليكي؟!.. أنا مش زبـ.ـا.لة للدرجة دي..
عض على شفتيه وأخرج هاتفه مردفا وهو يقوم بالاتصال على الخادمة :
_ هنشوف دلوقتي البنت طلبت إنك تروحي لعايدة والا لا لأني قولتها ممنوع دخولك لعايدة حتى لو عايدة طلبت ده..
فتحت الخادمة الخط وقالت ببكاء :
_ عايدة هانم تعبانة جدا يا محمود بيه، آنسة سارة دخلت لها غصب عني وقالت لها إن حضرتك متجوزها عليها..
كانت بحالة من الذهول وهي تسمع تلك الكلمـ.ـا.ت، للمرة المليون تتعرض للظلم، حركت رأسها عدة مرات برفض قائلة :
_ والله العظيم ده كذب صدقني انا..
قطع حديثها قائلا بنبرة محتقرة :
_ أنتِ طالق...
______ شيما سعيد _____
↚
جملة مكونة من كلمتين قدرت على تحطيم كبريائها، قالها بكل بساطة وبلا لحظة تفكير واحدة، يبدو ان محمود علام كان ينتظر تلك اللحظة حتى يتخلص منها، صدمتها كانت كبيرة، شعرت بشي يسقط من صدرها تعلم ما هو قلبها سقط مع كبريائها، حدقت به لتجده ينظر بعيدا، وضعت كفها فوق كفه مردفة بنبرة تائهة :
_ ازاي كدة، معقولة صدقت إني أقول لست مريـ.ـضة خبر زي ده وأنا عارفة صحتها مش هتتحمل، ازاي بالبساطة دي رميت عليا اليمين هو للدرجة دي أنا رخيصة عندك؟!..
حديثها غير مرتب بالمرة، لا تشعر بما تقوله ولا حتى كيف تقوله، كل ما كانت تشعر به فقط تخلي الجميع عنها، فكرة انها دائماً أنها لو وضعت باختيار مع أي شخص يستحيل تكون الفائزة، صدمت أكثر من إجابته الهادئة وكأن الأمر لا يستحق منه حتى القليل من الحزن :
_ عارف إنك مقولتيش بس عايدة عرفت ودي حاجة مكنتش في اتفاقنا، عرفت منين أو ازاي مش مهم لكن المهم مشاعرها هي..
مشاعرها هي؟!.. عادها عقلها مئة مرة وكأنه يزيد من جلدها، تركت يده وأبتعد عنه خطوة للخلف ثم أشارت على نفسها مردفة :
_ ومشاعري أنا بالنسبة لك إيه؟!..
نظر إليها بتعجب مردفا :
_ مشاعر ايه اللي بنا يا سارة؟!.. أنا بالنسبة لك بنك فلوس تطمني لما يدفع أكتر وأنتِ عارفة أنتِ ايه بالنسبة ليا كويس بلاش ندخل المشاعر بنا لأنها مالهاش مكان، أنا مراتي عندي أهم من لعب العيال ده وانتِ معاكي البيت وهحط مبلغ كويس بإسمك في البنك اصرفي براحتك، اظن دول كتير أوي على الكام يوم اللي كنا فيهم سوا..
لم تسمع منه أكثر يكفي ما سمعته الي الآن، اعتادت على الإهانة ولكن تلك المرة كانت قاسية قاسية جدا وفوق قدرة قلبها الصغير على التحمل، حملت حقيبتها ورحلت بخطوات مهزومة تجر خلفها خيبة أملها للمرة المليون..
فاق من شروده باللحظات الماضية، مر على هذا اللقاء يومين، يومين وهو مازال يجلس ببيته معها داخل غرفة النوم، قامت عايدة بالاتصال عليه أكثر من مرة وهو لا يرد ربما يرفض الحديث معها وربما لا يجد ما يقوله..
دق هاتفه فزفز بضجر ورفعه أمام عينيه ليري من المتصل، وجدها والدته، حرك رأسه مردفا :
_ ازاي نسيت اطمنها عليا؟!..
فتح الخط ليسمع صوتها الذي يدل عن مدى قلقها :
_ أنت فين بقى لك يومين يا محمود، قلقتني عليك يا حبيبي..
أخذ نفس عميق ثم قال بتعب :
_ معلش يا أمي اضطريت أسافر في شغل مهم هرجع النهاردة بإذن الله..
_ ماشي يا حبيبي بس تعالي بسرعة يا محمود سارة عايزة تمشي من هنا وجدتك صحتها مش هتتحمل كدة أنت عارف انها اتعلقت بيها جدا الفترة اللي فاتت دي..
لماذا انتفض قلبه هكذا مع خبر رحيلها؟!.. لماذا شعر بانسحاب جزء من أعماق قلبه لا يعلم ما هو؟!. هب من فوق الفراش مردفا بهمجية :
_ إيه العـ.ـبـ.ـط ده يعني إيه تمشي هي كانت وكالة من غير بواب، اهدي يا أمي وطمني جدتي ساعتين وهكون عندكم والامن مش هيخرجها من الباب..
نظرت حنان لسارة التي كانت تحمل حقيبتها فأقتربت منها مردفة بعتاب :
_ كدة برضو يا سارة عايزة تسيبي البيت بعد ما اتعودنا عليكي، أنتِ مش عارفة مكانتك في قلبي وقلب تيتا دلوقتي..
إجابتها بتعب ظاهر على صوتها :
_ معلش يا طنط كدة أفضل أنا مش عارفة اتأقلم هنا هرجع بيتي أحسن..
قبل أن تتحدث حنان اتي إليها صوت محمود الغاضب عبر الهاتف :
_ أديها الموبايل يا أمي..
وضعت حنان الهاتف على اذنها مردفة :
_ خدي كلمي محمود يمكن تغيري رأيك..
حركت رأسها برفض وقبل أن تلقى الهاتف بعيداً عنها صرخ بها مردفا :
_ إياكي ترمي الموبايل من ايدك، زي الشاطرة كدة تاخدي شنطتك وترجعي أوضتك لحد ما أجيلك، وخدي بالك مفيش حد من الأمن هيخرجك..
_ أنا...
_ قولت ولا كلمة على أوضتك لحد ما أرجع، يلاااااا..
عضت على شفتيها بقهر من سيطرته عليها، سقطت دمعة حزينة من عينيها ثم أعطت الهاتف لحنان وذهبت لغرفتها كما أمرها، حدقت حنان في أثرها بتعجب ونظرت للهاتف وجدت محمود أغلق الخط فقالت :
_ هو في ايه بالظبط؟!..
____ شيما سعيد ____
بعد مرور ساعتين وعدة دقائق فتح محمود باب قصر علام، وجد جدته تجلس على مقعدها وبجوارها والدته تحاول التخفيف عنها، زفر بضيق قبل أن يمسح على خصلاته مقتربا منهما مردفا بنبرة حنونة :
_ ألفت هانم بتعيط ليه؟!.. إزاي تنزل دمعة من عينك وأنا عايش يا جدتي..
نظرت إليه بعتاب لم يفهمه ثم قالت :
_ سارة عايزة تمشي يا محمود دي الحاجة الوحيدة اللي بشم فيها ريحة أحمد إبني مش هقدر اسيبها تمشى بعد ما اتعودت على وجودها معايا في نفس المكان، قولها أي حاجة تخليها تقعد إن حاسة انك قريب منها وهي بتسمع كلامك..
أوما إليها بشرود، يبدو أن الجميع يلاحظ قربه منها الا هو، وضع قبلة حانة على جبين ألفت مردفا بابتسامة :
_ ماشي يا ستي اطمني هي مش هتمشي، المهم دلوقتي تأكلي وتأخدي علاجك ده لو مش عايزة نزعل من بعض..
حركت رأسها عدة مرات بقبول أي شيء طالما ستظل سارة معها، أشار الي والدته لتذهب خلفه بعيداً عن ألفت قليلاً فقالت بقلق :
_ عايز تقول ايه بعيد عن جدتك..
رفع عينيه حتى يرى باب غرفتها المغلق ثم قال :
_ خدي جدتي واطلعي الجنينة يا أمي لو انقلبت الدنيا جوا مش عايزها تحس بحاجة..
_ يعني إيه الكلام ده يا محمود..
قرص وجهها مردفا بابتسامة :
_ نفذي اللي بقولك عليه يا حنان وبعدين هنقعد سوا وأقولك كل حاجة..
فتحت فمها بتعجب لكنه سبقها وذهب بخطوات سريعة، وقف على باب غرفتها ولأول مرة يشعر بتـ.ـو.تر، لا يعلم كيف سيقف أمامها أو ماذا سيقول، تعجب من حاله منذ متى وهو يفكر هكذا منذ متى وهو يشعر بسيطرة أحد عليه؟!..
وضع يده على مقبض الباب ليسمع صوت خادمة زوجته تقول :
_ محمود بيه..
_ خير؟!..
_ مدام عايدة عرفت ان حضرتك موجود وطلبت تشوفك..
تنهد بضيق عايدة ستنهار بين يديه الآن هذا ما كان ينقصه، تحرك بخطوات ثابته حتى وصل لجناحه فتح الباب ليراها تجلس جلستها العادية، ابتسمت إليه بإشتياق مردفة :
_ هونت عليك يعدي يومين كاملين من غير ما أشوفك يا محمود..
جلس أمامها على الفراش ورفع كفه ليمسح به على خصلاتها مردفا :
_ حقك عليا بس كنت مشغول جـ.ـا.مد اليومين دول، قوليلي بقى عيونك الحلوين دول لونهم أحمر ليه؟!..
أبتلعت ريقها بتـ.ـو.تر، يود فتح الموضوع معها وهي يستحيل أن تسمح بذلك، رسمت على معالم وجهها الحزن مردفة :
_ مفيش يا حبيبي أنت عارف إن من أول ما تعبت وأنا بعيدة عن الكل ورافضة اي حد يدخل يشوقني غيرك، لما بعدت عني اليومين دول حسيت إني ماليش حد وزعلت على نفسي اوي، طول الوقت كنت بقولك أتجوز وعيش حياتك مش هتفضل الباقي من عمرك من غير ست، بس لما بعدت عني أكتشفت إني مقدرش أعيش من غيرك، أنا أيامي في الدنيا مش كتير زي ما استنيت 15 سنة اللي فاتوا استنى شوية كمان ولما أموت أعمل اللي أنت عايزه..
حديثها مبطن، جذبها ليضمها إليه، قدرت بكلمـ.ـا.ت بسيطة بث الذنب بداخله، أغلقت يديها حول ظهره بقوة رغم تعبها مردفة :
_ طول عمري أنانية في حبك ودلوقتي بقولك إني وصلت لمرحلة التملك خليك جانبي على طول أنا أستحق إن تعيش على ذكرى السنتين اللي كنت فيهم مرات الباقي من عمرك صح؟!..
_ صح..
_ أنا جعانة أوي يا محمود..
_ حالا هيكون عندك الأكل وهأكلك بأيدي كمان وهو أنا عندي كام عايدة..
_____ شيما سعيد _____
بقصر علي الحسيني..
أمر الخادمة بطلبها ونصف ساعة من الانتظار أتت سيدة الحسن والجمال، دلفت إليه بطلة تخطف الأنفاس، يبدو أنها جميلة جداً وبأي شيء، حبست أنفاسه بعبائتها السمراء وها هي الآن تعيدها للمرة الثانية بفستان چينز خامق بحجاب أبيض أعطى لوجهها جاذبية اذبته، سحر بعقله يتخيلها بأوضاع يتمنى أن يراها بها ويعيشها معها، ضـ.ـر.بت على المكتب بقوة مردفة من بين أسنانها :
_ بيقولوا إن حضرتك عايزني ناوي بقى تحلى عني وتخليني أروح والا هنفضل نفرهد في بعض كتير؟!..
أجابها بإبتسامة واسعة زادت من جرعة الاستفزاز بداخلها :
_ وده كلام هنفرهد بعض طبعا وأنا أموت في الفرهدة..
ألقت عليه نظرة لو كانت تقـ.ـتـ.ـل لكان انتهى بنفس اللحظة، وتحركت من مكانها توقفت بضيق مع وضع يده على الباب يمنعها تخطو خطوة إضافية، شعرت بانفاسه على رقبتها لتبتعد سريعاً حتى التصق جسدها بالباب همس بنبرة رجولية دافية :
_ يومين معايا تحت سقف واحد ومش عارف أشوف عيونك الحلوين بذمتك كدة ينفع؟!..
دارت بوجهها إليه ودفعت بقوة ليبتعد عنها، تصنع الألم مردفا :
_ يا بت خفي أيدك شوية أنا مش قدك أنتِ شكل صحتك جـ.ـا.مدة..
بسخرية قالت :
_ شكلك بتحب قلة القيمة وبصراحة أنا من ساعة ما شوفتك وليا مزاج أقل منك..
تحولت نظراته بلحظة، للأمانة دلف القليل من الخوف بداخلها تحول برعـ.ـب مع جذبه إليها من فكها، نظرت عينه كانت ملتهبة جعلتها تغلق عينيها هروبا منها فقال :
_ عجبتني في الأول لكن شوفت في عينك نظرة وقت ما سيد قدمك ليا بتقول إن شرسة، وعجبتني أكتر ما لفتي من أيدي وكمان حطيتي شروطك، لكن تفكري تطلعي ضوافرك أقطع لك أيدك مش بس أقص ضوافرك، فاهمة..
كلمته الأخيرة كانت بنبرة حادة جعلتها تخضع إليها مع شعورها بأنها ليس بمركز قوة، أومـ.ـا.ت له عدة مرات ومازالت تغلق عينيها ليقول بأمر :
_ أفتحي عينك وردي عليا وأنتِ باصة جوا عيني..
نفذت أمره ونظرت داخل عينه، نظرة جـ.ـا.مدة منها قابلتها هي بأخرى بها بريق من التحدي حتى لو قل من رجفتها بين يديه ثم قالت :
_ مفهوم، ممكن أخرج بقي مش معقول تكون منادي عليا عشان تسمعني الكلمتين دول..
عاد ليجلس على مقعده ثم أشار إليها بالجلوس، بداخلها جزء كبير يطلب منها ضـ.ـر.به بالمقعد الذي أشار إليها بالجلوس عليه أو على الأقل صفعه عدة صفعات لعلها ترتاح ولو لقليل، ضـ.ـر.ب على المكتب مردفا :
_ مش قولت أقعدي تبقى تترزعي..
_ الله ما طولك يا روح..
همست بتلك الجملة من بين أسنانها قبل أن تجلس مثلما قال مرغمة، رسمت على وجهها إبتسامة بـ.ـاردة مردفة :
_ خير حضرتك عايز ايه يا علي بيه؟!...
أخرج ثلاث ورقات من درج مكتبه واعطاها إليها بقوة قائلا :
_ خدي دي قسيمة طـ.ـلا.قك، والتانية جواب رفده من الشغل، أما التالتة بقى عدة الشقة اللي كنتوا عايشين فيها بالايجار هي حالياً بــــاسمك وهو انطرد منها من بالليل، لسة عندك طلبات...
أخذت منه الأوراق وحدقت بهم بنظرة نصر، رغم كل ما فعلته حتى تبقى مع سيد الا إنها الآن يتغلغل بداخلها مشاعر عودة الحق، قدرت أخيراً على أخذ جزء ولو بسيط من حقها عنده، توقفت عينيها أمام قسيمة الطـ.ـلا.ق وتذكرت جملة محمود الأخيرة قبل أن تترك منزله وتذهب مع الآخر :
_ الواد ده بيضحك عليكي عايز فلوسك مش أكتر يا غـ.ـبـ.ـية لو يلزمك تنسى خالص إن بنت علام..
سقطت دمـ.ـو.عها وارتفعت شهقاتها وهي تتذكر ردها عليه :
_ وأنا من أمتي كنت بنت علام، بالعكس أنا طول عمري منبوذة أبويا رافض يشوقني وأنت يا دوب بتيجي هنا كل شهر ترمي ليا قرشين كأني شحاتة مش أختك، سيد بس اللي حبني وحسسني اني بني ادمة..
اااه والف آه حتى سيد كان مجرد خدعة كبيرة أسقطت نفسها بداخلها لتشعر ولو بقليل من الحب، انتفض جسدها على أثر صوت علي الغاضب :
_ أنتِ بتعيطي على إيه أنتِ لسة عايزة كـ.ـلـ.ـب زي ده باعك بالرخيص..
رفعت عينيها الغارقة بالدمـ.ـو.ع وقالت :
_ بعيط على نفسي، وبعدين إيه الفرق بينك وبينه واحد باع مـ.ـر.اته وانت يا دوب اشتريت، حطيت عينك على حاجة أنت عارف كويس انها مش بتاعك، يمكن هو اتربي في بيئة خلته يجري ورا الفلوس ساعات الفقر بيعمل أسوأ من كدة لكن أنت يا باشا عزرك إيه، معاك كل حاجة تقدر تقولي بصيت على الحاجة الوحيدة اللي معاه ليه.
قامت من محلها بجسد يعلن بكل صراحة انه فقد قدرته على التحكم وسيسقط بين لحظة والثانية، تحملت على نفسها مقررة الفرار تركته يصارع أفكاره وذهبت هي لسجنها لتصرخ بداخله دون أن يسمعها أحد..
أغلقت باب الغرفة عليها والقت بجسدها على الأرض صارخة :
_ يا رب أرحمني يا رب مش قادرة أكمل والله العظيم ما انا قادرة أكمل، حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا سيد ربنا يكسر قلبك زي ما كسرت كل حاجة فيا..
____ شيما سعيد _____
أطمئن انها نامت بعمق وراحة فأخذ نفس عميق وخرج من الغرفة، فتح باب الغرفة سارة بلهفة لا يعلم لما ولكنه يود رؤيتها، وها هو يقف أمام فراشها، تابعها بصمت وهي تحدق بهاتفها بتركيز شـ.ـديد، مرت دقيقة كاملة عليه وهو فقط يتأملها، صغيرة نعم خبيثة ولكنها صغيرة، تحدث بهدوء :
_ مش ناوية ترفعي عينك وتبصي لي؟!..
ظلت على وضعها اجابته بهدوء :
_ مش عايزة أشوف في عينك حضرتك شايفني ازاي يا أبية..
أقتربت منها بخطوة سريعة وجذب الهاتف من بين يديها ثم ألقى به على الفراش وجعلها تقف أمامه، مردفا بجدية :
_ ارفعي عينك يا سارة..
حركت رأسها برفض شـ.ـديد ليرفع وجهها إليه بأحد أصابعه قائلا :
_ لو بت عـ.ـر.في تقري العيون كويس بصي لي وقوليلي شايفك ازاي..
تائهة، هي بالفعل تائهة وهو بـ.ـارع ذو خبرة عالية تجعلته يقدر على اللعبة بها جيدا، تنهدت بتعب ثم قالت :
_ مش هيفرق في حاجة يا أبية كتر خيرك أنت ادتني قمتي كويس يا ريت بس تكمل جميلك معايا وتشوف ليا شغل في اي مكان بس مش عند حضرتك..
يبدو أن الصغيرة تريد التحرر والهروب بشكل كامل، مسح على وجهها بثبات حاول الحفاظ عليه ثم قال بنبرة لا تقبل النقاش :
_ مفيش كلام من ده، أنتِ هتفضلي هنا في البيت ده مع جدتك تكملي دراستك وكل طلباتك عندي..
رفعت رأسها بكبرياء مكسور تجبر عينيها على الصمود لعل دمـ.ـو.عها تظل مكانها لو سقطت أمامه ستنتهي، كتمت أنفاسها عدة لحظات ثم قالت :
_ أنت اتجوزتني عشان حاجة في دماغك وأخدها وأنا اتجوزتك عشان حاجة في دماغي وأخدها وجودي هنا مالوش لأزمة..
أستفزته لأقصى درجة فقال بغضب :
_ وأنتِ بتسمي اليوم اللي أتجوزتك فيهم دول يعوضوا راجـ.ـل محروم 15 سنة؟!..
_ وأنا مالي أنا رضيت وعشت أنت اللي طلقتني كفاية قلة قيمة بقى..
صمت الأثنين بذهول مع هذا الصوت الذي تحدث بصدمة :
_ جواز إيه وطـ.ـلا.ق إيه أنت أتجوزت سارة بجد؟!..
____ شيما سعيد _____
↚
مر شهر..
تركت به سارة قصر علام وذهبت للعيش بمنزلها، عادت بعد يوم شاق من المكتبة التي أصبحت تعمل بها، أغلقت الباب عليها بالمفتاح أكثر من مره ثم أزالت حبات العرق من فوق جبينها والقت بجسدها على اقرب مقعد مردفه بانهاك:
_ آه ياني كل حته في جـ.ـسمي بتوجعني طلع أكل العيش مر فعلا وانا مش واخده بالي، بس أنتِ قويه يا سرسوره وهتقدري تكملي كفايه اللي وصلتي له لحد هنا..
انتفضت بالقليل من الخوف على رنين جرس المنزل نظرت للساعه وجدتها العاشره مساء فوضعت كفها محل قلبها المرتفع دقاته هامسة:
_ إيه ده معقوله يكون حـ.ـر.امي بس الحـ.ـر.امي هيخبط ليه؟!.. مهو كمان محدش يعرف مكاني عشان يجي يزورني ..
قامت بخطوات مرتجفه حتى وصلت للباب، وضعت عينيها امام العدسه لتجده معتز، رفعت حاجبها بتعجب، من أين علم في عنوانها وماذا اتى به لهنا؟!.. أخذت نفس عميق بعدما شعرت بالامان وفتحت اليه ليبتسم اليها ابتسامه واسعه مردفا بنبره مشتاقة:
_ بقى كده يا ساره أفضل شهر كامل أدور عليكي إزاي تعملي فيا حاجه زي دي وتسيبي البيت وتمشي على الاقل كنتي قولي مكانك عشان ابقى اطمن عليكي..
ابتسمت بسعادة وهي تري أمامها الشخص الوحيد الذي سأل عليها بعد جدتها منذ رحيلها من قصر علام أفسحت إليه المجال ثم اشارت لغرفه الصالون مردفة:
_ تعالى يا معتز ادخل انا بجد مبسوطه انك سألت عليا بس انت عرفت مكاني منين؟!..
دلف للداخل ثم قال بحماس:
_ من تيتا، ها بقي قوليلي مشيتي ليه إحنا كلنا بنحبك مين زعلك ؟!..
حركت رأسها بهدوء قائلة:
_ ما حدش زعلني يا معتز بس كده هيبقى احسن كتير انا معرفتش اتاقلم مع الاجواء هناك..
وضع يده على كفها مردفا بابتسامة حنونة:
_ انا عارف ان بابا صعب وبيتحكم في النفس اللي احنا بنتنفسه بس هو بيعمل كده عشان خايف علينا وأنتِ خلاص بقيتي واحده مننا فلو عمل كده معاكي يبقى خايف عليكي، لمي هدومك ويلا نمشي يا ساره انا مش مطمن عليكي وانتِ قاعده لوحدك هنا وبعدين كمان تيته صحتها بقت في النازل من يوم ما مشيتي يرضيكي يعني اللي بيحصل ده..
لم تقدر على التحمل أكثر، سقطت دمـ.ـو.عها من بين عينيها، بكت مع شعورها بأنها كانت تحتاج فقط أخ تحتمي به، ربما هي من بدأت اللعبة ولكن لم تتخيل أن تكون النهايه بهذا الشكل المؤلم القاسي.
شهر كامل ولم يكلف نفسه عناء السؤال عليها، يبدو أنها كانت ولا شيء تحت سيطرة محمود علام، بين وجعها وبكائها لم تشعر بمعتز الذي قام من محله وجذب جسدها بين أحضانه هامسا:
_ بس كفايه دمـ.ـو.ع أنتِ دمـ.ـو.عك غاليه لو تقوليلي بس في ايه يمكن اقدر اساعدك؟!..
_ وجنابك بقى هتساعدها إزاي وأنت هربان من مدرستك..
انتفضت من محلها برعـ.ـب على صوته الذي كان مثل الرعد أبتعد عنها معتز ونظر لوالده بتـ.ـو.تر مردفا:
_ انا ما كنتش هربان ولا حاجه يا بابا اخدت اليوم اجازه عشان اطمن على ساره هي مش من العيله برضو والمفروض نعرف هي عايشه ازاي..
نظر للصغيره وهو يقرأ ما بعينيه منذ اتى معتز على الدنيا ومحمود يعلمه من نظره عين، لذلك ضـ.ـر.ب الفازة المجاوره اليه بقوه ثم اشار له بامر قائلا:
_ امشي من هنا دلوقتي وليا انا وانت قاعده طويله عشان لو اللي شايفه في عينك ده حقيقي مش هيبقى خير..
والاخر أيضاً يفهم أبيه لذلك انسحب من المكان دون ان يضيف كلمه أخرى، أغلق محمود الباب خلفه بقوه اهتزت على آثارها هي بخوف ورفعت قدميها لتضم جسدها على المقعد الصغير لعلها تشعر ببعض الحمايه ثم قالت بتقطع:
_ انت ايه اللي جابك هنا، وبعدين مالك بتبص لي كده ليه كاني عامله جريمه لو سمحت.. في إيه أنت بتقرب كدة لية ؟!..
بداخله نيران مشتعله لو اطلقها عليها لخرجت روحها بنفس اللحظه، مشاعر ولده واضحه وهذا ما يزيد الامر جنونا بداخله، ربما تكون مراهقه ومع الوقت ستنتهي ولكن ليست مع سارة، سحبها من كفها لتقف امامه وبيده الاخرى ضم ذقنها اليه مرضفا بنبره ناريه:
_ أنتِ عايزة توصلي لايه بالظبط ليه مصممه تطلعي اسوء ما فيا وانا مش عايز اعمل كده مش عايز اؤذيكي ولا اوجعك..
رسمت بتلقائيه ابتسامه ساخره على ملامح وجهها المختنق وقالت من بين شفتيها المرتجفه:
_ كل ده ومش عايز تاذيني امال انت كنت بتعمل ايه طول الفتره اللي فاتت ما انت اذيتني والموضوع خلاص خلاص..
حدق بها بتعجب مشيراً على صدره ثم سألها:
_ انا باذيكي؟!.. عملت لك ايه انتِ اللي من اول ما دخلتي حياتي وقلبتيها كانت لعبتك من البدايه انك تخربي بيتي انا كل اللي عملته اني ما سمحتلكيش تعملي كده..
صرخت بوجع فقلبها لم يعد يتحمل كم هذا الضغط العائشة بداخله :
_ ما كنتش عايزه اخرب بيتك انا عرفت من الكل ان مراتك تعبانه وانها مش... مش بتديك حقوقك، حسيت للحظه ان انا ممكن اكمل اللي ناقص عندها واعيش وسطيكم وانا حاسه بالامان مش باخد حسنه منك كل اول شهر لجوز اختي اللي بيسـ.ـر.قها مني، انا عشت سنين طول عمري بسمعها صريحه إني عايشه عندهم ضيفه تقيله ولولا فلوسك كانوا رموني بره، لما جيت عندكم البيت سألت نفسي أمتا هيزهقوا هما كمان ويبقوا عايزين يرموني بره، ما كانش قدامي حلول غير اني اخد حته صغيره من راجـ.ـل كل حاجه بالنسبه له مـ.ـر.اته، كانت الحته الصغيره دي هتكفيني كنت موافقه اعيش على الهامش مقابل عيشتي معاكم في أمان، اضمن ان يكون عندي بيت وحياه ما احسش للحظه إن ممكن اترمي في الشارع لما اللي قدامي ما يبقاش حبيب وجودي... وانت بصراحه كتر خيرك عملت كده بسرعه قوي يومين بس وزهقت ولو ما كنتش كتبت لي الشقه دي بطلب مني يوم الصباحيه كان حالي دلوقتي في الشارع انا مش وحشه انتوا اللي كلكم وحشين وانت كمان انسان وحش واستغلتني لمصلحتك وخد بالك انت ما خسرتش حاجه انا بس اللي طلعت خسرانه..
صدم من كم القهر الظاهر على ملامحها، تألم من وجعها الواضح بعينيها الباكيه وجسدها المرتجف، لا يعلم لما بداخله رغبه شـ.ـديده بضمها إليه، هو ليس سيء لتلك الدرجة، شـ.ـديد يعلم وقاسي ببعض الاحيان ولكنه لم يكون ظالم بحياته ابدا سألها بنبره تائهه:
_ أنتِ شايفه ان انا استغليتك؟!..
اطلقت ضحكه مذهوله ودمـ.ـو.عها تمطر على وجهها ثم ضـ.ـر.بته بصدره عده مرات صارخه بغل:
_ ايوه استغلتني انا جيت لحد عندك وقولت لك ان كل اللي يهمني الفلوس لو كنت راجـ.ـل كويس وبتحب مراتك زي ما بتقول كنت هتامن مستقبل بنت عمك وتحسسها بالامان من غير ما تاخد منها حاجة لكن انت اللعبه عجبتك واستغليت ده كاني واحده من الشارع وانا كنت راضيه عشان بس اعيش لكن حتى العيشه استخسرتها فيا، أنت مش ملاك ولا انا ملاك بس ارجوك ارحمني واطلع بره حياتي بقى، انا سبت لكم البيت وسبت لكم كل حاجه ومشيت ارحمني مش طالبة أكتر من كدة..
هل هو مثلما وصفته ام انها ترى الموضوع فقط من وجهه نظرها؟!.. لاول مره بحياته يقف امام أحد ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، ربما لانها وضعته امام الحقيقه او لأن ما بداخله يصعب عليها فهمه، ظل صامت لعده لحظات ينظر لها فقط يرى انهيارها ولا يعلم ما بيده..
جذبها من جديد وأغلق ذراعيه حولها لتزيد في البكاء مردفة:
_ أبعد عني أنا مش عايزاك تقرب مني، كفاية بجد مش قادرة أتحمل وجع وقهر وقلة قيمة لحد كدة، أنت مش أول واحد توجعني بس أنت الوحيد فيهم إللي قدرت تكسرني وتطلعني خسرانة، أنا بكرهك يا محمود بكرهك..
حرك رأسه برفض لتلك الكلمة، لن يتقبل منها الكره كل ما يريده منها تعويض عن كل ما ضحي به بسنوات عمره الماضية، رفع كفه ليضعها على رأسها بصدره أكثر لو بيده لجعلها بين عظمه وجلده، قرب شفتيه من أذنها هامسا بتملك واضح:
_ ماينفعش أنتِ بذات مش هقبل منك الكلمة دي، لو كنتي مظلومة في سنينك إللي فاتت فأنا كمان كنت ميت، بعد ما لقيتك رجعت فيا روحي وشبابي، مش مسموح لك بعد كل ده تهربي لأني مش هقبل مفيش بأيدك حاجة غير أنك تعوضيني فاهمة تعوضيني وبس..
ابتعدت عنه وعينيها متعلقة بعينيه، وجدت بهما اصرار غريب على ما قاله، أبتلعت لعوبها بخوف هامسة:
_ يعني إيه ؟!..
_ يعني أنا رديتك لعصمتي يا سارة..
____ شيما سعيد _____
الجزء التاني
بعد ساعة عاد محمود للبيت، وقف أمام غرفه والدته لعده ثواني قبل ان يأخذ نفس عميق ويفتح بابها دون إذن، نظرت اليه حنان التي كانت تقرأ بكتاب الله صدقت واغلقته ووضعت فوقه قبله ثم وضعته بجانبه على الفراش مردفه بضيق:
_ أنت إزاي تدخل من غير ما تخبط نسيت كمان الاحترام؟!..
تنهد بضيق قائلا:
_ ماما بلاش طريقه الكلام دي انا ما عملتش حاجه غلط..
زادت نظراتها حده وقالت:
_ بذمتك أنت مصدق نفسك العيله الصغيره دي يا محمود البنت اليتيمه اللي كانت بتتحمى فينا من الدنيا؟!.. ما أنا ياما قولت لك اتجوز وكنت بتقولي لأ انا ما اقدرش اكسر قلب عايده ولا اجيب عليها ضره تاخد منها حته من جوزها حتى لو كانت عيانة، اشمعنا دلوقتي لغيت كل مبادئك ويوم ما تعمل كده تعملها مع مين؟!.. مع واحده ما لهاش ضهر ولا سند غيرنا هتقولي ايه يبرر لي مصيبه زي دي. أنت خيبت املي فيك انا طول عمري شايفاك الكبير اللي ما بتغلطش سندي في الدنيا انت طلعت شبه طاهر.. انا عملت كل حاجه في الدنيا عشان ما تطلعش زيه وبرضو طلعت زيه..
أغلى ما لديه هي والدته، لم يتحمل خيبه الأمل الظاهره بعينيها وجلس امام قدميها على ارضيه الغرفه قائلا:
_ لأ يا ماما انا مش شبه بابا وطول السنين اللي فاتت دي متحمل اني أعيش من غير ست عشان ما اشوفش في عين عايده الوجع اللي بشوفه في عينك كل ما تبصي لبابا بس انا بني ادم ومن حقي أعيش عمري بيخلص مش من حقي افرح فيه يومين..
بكل أسف ومثل عادتها معه يحن قلبها اليه من كلمه واحده من نظره تشعر بداخلها بقلة حيلته جذبته ليجلس بجوارها على الفراش وقالت ببكاء:
_ لأ من حقك يا محمود وانا ياما قولت لك ان علاقتك بعايده مش زي علاقتي بابوك وأنه كان بيعمل كده بمزاجه رغم ان عمري ما نقصته حاجة، الحكايه مش شبه بعضها يا ابني بس كنت بترفض وبتصمم على رأيك تقدر تقولي بقى اشمعنى العيله الصغيره دي اللي تعمل فيها كده؟!.. انا لو بعاتبك فانا بعاتبك على ساره مش على جوازك اللي كلنا اتحايلنا عليك فيه بدل المره ألف..
ماذا يقول وهو لا يعلم الإجابة؟!.. كيف يوصف ما يشعر به وهو عاجز، تائه، فقط يريد البقاء يريد ان يضمن وجودها بين يديه، ربما يكون أناني ولكنه موافق على أنانيته معها ولن يتنازل عنها، أخذ نفس عميق وكتمه لعده ثواني ثم اخرجه على تمهل ووضع راسه على فخذ والدته قائلا:
_ أهو السؤال ده بالذات انا مش عارف له إجابة، مش عارف اشمعنى هي.. يمكن لأنها صغيره ويمكن عشان حلوه ويمكن عشان لما بشوفها بحس انها ما لهاش غيري، مش عارف يا أمي وما تقوليليش سيبها، لأني مش هسيبها هي اتولدت عشاني ربنا خلقها تعوضني وانا كمان هعوضها هي بتدور على امان وانا هديه لها، يمكن تشوفيني ظالم وحتى لو كنت ظالم زي ما أنتوا كلكم شايفيني موافق ابقى معاها ظالم وأناني ومش بفكر غير في نفسي وبس، أنا ما اذيتهاش أنا اتجوزتها على سنه الله ورسوله، يمكن حرمتها من الفستان الأبيض والناس كلها تبقى عارفه لكن مش كل حاجة الإنسان بيحلم بيها بياخدها، بتبقى حاجه قصاد حاجه وهي كانت راضيه يبقى خلاص تفضل راضية..
صمتت حنان وهو الآخر صمت، ما قاله كان كافي لوصف حالته، ولدها العاقل وصل إلي مشارف الجنون وحديثها سيزيد الأمر سوء، تنهدت بتعب وهمست بعدما شعرت بانتظام أنفاسه:
_ ربنا يريحك قلبك يا إبني ويجعلك ليها زوج صالح ويجعلها ليك زوجة صالحة..
_____ شيما سعيد ______
بصباح يوم جديد..
فتحت سارة عينيها بتعب، عضت على شفتيها لتقلل من حدة ألم رأسها، ردها إليه وتركها وذهب وكأن رأيها لا يعني له شئ، مستمر بفرض سيطرته عليها وهذا ما يجعلها تشعر بالكراهية تجاهه، تجمدت محلها وهي تراه يدخل عليها مرتدي منامة نومه ويحمل صنية الافطار، انتفضت من فوق الفراش مردفة بغضب:
_ أنت بتعمل ايه هنا وايه اللي انت لابسه ده لا تكون فاكره بيتك..
رفع حاجبه إليها متعجباً وألقى عليها قبله سريعه ثم وضع الطعام على الفراش وبدأ يأكل ببساطة مردفا:
_ ما هو فعلا بيتي وبيت مراتي يلا يا روحي قومي اغسلي وشك وسنانك زي الشاطره كده وتعالي عشان نفطر..
نزلت من فوق الفراش صارخة:
_ مرات مين؟!.. لأ ثواني كده عشان انت فاكرني كيوت، انا ما لقيتش حد يربيني وعيت على الدنيا كانوا ابويا وامي مع السلامه واللي مربيني ازبل اتنين ممكن تشوفهم في حياتك، يعني انا مش مولوده في كومباوند يا ابن الباشوات خد نفسك كده وريني عرض قفاك واياك تفكر تدخل بيتي تاني هبلغ عنك..
ألقي عليها قطعة من الخيار وقال ببرود:
_ ولا أنا كمان متربي فلمي نفسك واخلي العيشه تبقى بالرضا عشان لو ما كانتش كده هتبقى بالغصب، هتشوفي مني وش وحش مش عايز اوريه لك..
_ براحتك أنا ما بقاش عندي حاجه اخسرها شوف اخرك فين واعمله، خد بالك خمس دقايق بالضبط لو ما غيرتش البيجامه دي وطلعت من هنا باحترامك هخليك تطلع بالبوليس، شوف شكلك هيبقى عامل ازاي قدام عيلتك يا محمود بيه واللي قدام المدام، ممكن لا سمح الله مشاعرها تتجرح وقتها مش هنعرف نلم مشاعرها المتبعتره وانا عارفه انت قد ايه بتحبها وبتخاف عليها فخاف على صحتها وامشي من هنا احسن لك..
يبدو أن الصغيره غير تلك الصورة التي رسمتها بخياله، تركت ما بيده وقام من محله بتمهل، ظلت عيناه مثبتة عليها يقول إليها الكثير ويتمني أن تفهم ما يرسله لها، تجاهلت أقترابه منها قررت التحلي بقوة وبداخلها تطمن قلبها بهذا البيت والمكتبة التي تعمل بها..
جذبها من خصرها مغلقا يده حوله ثم رفع يده الأخري ومررها على بشرتها الناعمة هامسا بنبرة خشنة:
_ اممم ده وش جديد بقى ما كنتش اعرفه ليكي، طلع عندك ضوافر وبتخربش حمستني ليكي زيادة يا سارة اكتر ما انا متحمس، كل يوم بيمر بينا بحس ان اللي جاي معاكي هيبقى حاجه مختلفه وممتعة..
أسلوبه مستفز لابعد درجة، يضمها اليه بتملك وكأنه يقولها صريحة " أنتِ ملكي وليس من حقك الإعتراض" وهذا ما زاد الأمر جنوناً إبتعدت عنه ووضعت كفها على صدره لتبعده عنها، تحكم بها أكثر ونزل بأصابعه على شفتيها يمنعها من الحديث مكملاً:
_ بقى يا بسبوسه بتهدديني انك تبلغي عني البوليس؟!.. ويا ترى بقى لما البوليس يجي عشان يقبض عليا هتقولي له ايه، جوزي وبطرده بره بيته مش لطيفه في حقك، وقتها ممكن مثلا تهب في دماغي واعمل حركه قليلة الأصل واستخدم نفوذي وابيتك ليله ليلتين في الحجز تشوفي الأجواء هناك عامله ازاي..
للمرة المليون يظهر عجزها ويفتخر بسيطرته عليها، ترقرقت الدمـ.ـو.ع بعينيها هامسة:
_ بجد حـ.ـر.ام اللي أنت بتعمله ده هو أنت عايز مني ايه تاني؟!..
تنهدت وأجابها هو الآخر بنفس شعور العجز:
_ عايزك عرفت اني مش هقدر اعيش من غيرك محتاجك في حياتي زي ما كنا متفقين الأول..
أبتلعت تلك الغصة المرة بحلقها الجاف مردفة:
_ وأنا ما بقتش عايزه، مش عايزة اكمل معاك أنت راجـ.ـل بتحب مراتك وما فيش في قلبك مكان لغيرها، أنا مش الست اللي ابقى على الهامش استحق نهايه احسن من كده بكتير اللي زي ربنا خلقها عشان تحب وتتحب تخلف، كنت غـ.ـبـ.ـيه لما فكرت ان الفلوس هي اللي هتحميني أو حتى هتحسسني بالأمان أنا أماني الحقيقي مع راجـ.ـل بيحبني وأنت مش الراجـ.ـل ده..
صرخت بألم عنـ.ـد.ما ضغط على شفتيها بقوه وعيناه يتطاير منها نيران الغضب دفعها لتسقط على الفراش صارخا بجبروت:
_ إياكي تفكري تجيبي سيره راجـ.ـل تاني أو تتخيلي نفسك مع غيري، لأن وقتها مش هتردد لحظه واحده فاني أخد روحك من بين ضلوعك..
أغلقت عينيها بخوف ليذهب هو إلي الخزانة ليأخذ بذلته البنيه وبدلها أمامها ثم ألقي عليها نظرة أخيرة قبل أن يأخذ هاتفه والمفاتيح ويترك لها المنزل قائلاً:
_ البيت ده مش هيفضل يحميكي كتير يا سارة..
_____ شيما سعيد _______
بنفس اليوم مساءاً..
كان يقف بسيارته على بعد مسافة صغيرة من منزلها، فتح زجاج السيارة وتحدث مع أحد رجاله بنبرة جـ.ـا.مدة:
_ دقايق والبيت ده يبقي كوم تراب بس أياك تطلع منه فيها خدش واحد ساعتها هدخلك جواه تنتهوا سوا..
أومأ الرجل إليه برعـ.ـب ووضع يده على عنقه قائلاً:
_ على رقبتي يا باشا الهانم هتطلع صاخ سليم، ما أنت عارفني شغلي مافيش منه..
أغلق الآخر زجاج السيارة قائلا بسخرية:
_ وريني شغلك..
بغرفتها خرجت من المرحاض وهي ترتدي روب الإستحمام وبيدها منشفة تجفف بها خصلاتها، وقفت أمام المرايا وعينيها تمر على أقل تفصيلة بها بحسرة، جمال كانت تري حقد وحسد الجميع من حولها بسببه ولم تأخذ منه إلا غيرة الفتيات وطمع الرجال، أبتعدت عن المرايا بضيق قائلة:
_ الاحسن لسة جاي يا سارة الدنيا هتضحك لك قريب أوي، بقي عندك بيت وشغل وووو يا لهوي....
صرخت بكل قوتها تشم رائحة النيران بكل مكان حولها، ركضت لتفتح باب الغرفة وهنا تجمدت ساقيها البيت يحترق باقي بينها وبين الموت خطوة واحدة..
مرت عليها لحظات من الرعـ.ـب أغلقت باب الغرفة عليها بخوف كأنها تحتمي بها من مصير محتوم، لحظات أخري وجدت حالها ترفع هاتفها وتطلب رقمه تعلم رغم كل شيء بينهما أنه الوحيد الذي يهمه حياتها، أجابها بهدوء:
_ خير..
_ الحقني يا محمود البيت بيولع أرجوك تعالي خرجني من هنا بدأت اتخـ.ـنـ.ـقت..
_ هكون عندك حالا متخافيش طول ما أنا جانبك..
زاد شعورها بالاختناق فقالت:
_ بموت..
_____ شيما سعيد _____
↚
دلف للمنزل وقلبه يخفق بيخوف، آخر ما وصل اليه ومصر عقله على تكراره كلمة "بموت" يعلم إنها ستخرج بخير ولكن نبرتها الضعيفه المته، بخطوات سريعه دلف الغرفه ليجدها على الأرض فاقده للوعي، حملها وضمها لصدره بحمايه يؤكد لنفسه وجودها بين يديه، أخذ نفس عميق وهو يتأمل ملامح وجهها المرتعبة، قرب وجهه منها ووضعه على وجهها ليزيل حبات العرق من عليها هامسا:
_ أنتِ في أمان معايا..
بعد نصف ساعة دلف بها لقصر علام قابلته حنان وهو يصعد بها الدرج فاقتربت منهما بقلق قائلة:
_ أنت شايلها وشكلها متبهدل كده ليه عملت فيها ايه يا محمود؟!..
نظر إليها بطرف عيناه قائلا بتعجب:
_ في ايه يا امي هو أنتِ بتكلمي وحش هعمل فيها ايه يعني؟!.. هي بس تعبانه شويه ومحتاجه ترتاح شوية وهتيجي دكتورة أبقي دخليها..
أكمل طريقه الى غرفه نومها، أما حنان ظلت بمكانها وبداخلها شعور بان ولدها السبب الرئيسي بما حدث لتلك الصغيره حركت راسها بكل طحينه قائلة:
_ ربنا يهديك يا محمود..
وضعها بحذر على الفراش ثم جذب الغطاء ليدثر بها جسدها المرهق، جلس بجوارها ورفع يده ليضع خصلاتها بجانبها على الوسادة، تأملها بدقه جميلة، هادئة، جذابة، بها أشياء كثيرة تجذبه إليها، تحكم به قلبه واعطى له أمر حاسم وهو لباه بكل ترحاب، نزل لمستواها وضم شفتيها بقبله ناعمة مشتاقة زادت من حرارة جسده، ليقوده الأمر للجنون وضع يده أسفل عنقها متحكم بها أكثر وغاص بنعيمها، أغلق عينيه وتمتع بجنته، دق الباب فبتعد عنها بضيق وقال بنبرة متحشرجة رغم محاولته بإخراجها طبيعية:
_ مين ؟!..
ات إليه صوت الخادمة المتـ.ـو.تر:
_ مدام عايدة منهارة وعايزة تشوف حضرتك..
_ اديها المهدئ وخليها تنام انا مش فاضي دلوقتي.
عاد للصغيره ليدق الباب من جديد فصرخ بغضب:
_ ده أنا هطلع******** ..
فتح على وضع إستعداد أخذ روح من يقف أمامه، كتم غضبه مع رؤيته لحنان ومعها الطبيبة فقال:
_ أتفضلوا..
_____ شيما سعيد _____
بغرفة عايدة صرخت بجنون بعد حديث الخادمة وقالت:
_ يعني إيه الكلام الفارغ اللي أنتِ بتقوليه ده محمود مستحيل يكون قال حاجه زي دي؟...
إبتلعت الأخرى لعوبها بخوف من حاله سيدتها وقالت بدفاع عن نفسها:
_ والله العظيم ما بكذب يا مدام عايده أنا روحت لحد اوضه نومها وخبطت عليه وقولت له ان حضرتك منهاره قالي اديها المهدئ وخليها تنام أنا مش فاضي دلوقتي، انا طول عمري خدامتك وتحت رجليكي ايه بس اللي هيخليني دلوقتي أكذب عليكي ؟!..
لم تسمع عايده باقي حديثها، فقط عقلها يردد ما قاله محمود، هل مل؟!.. هل تخلى عنها ام تلك الفتاه الجميله أخذت عقله وجعلته يسير خلفها مسلوب الارادة؟!.. منذ متى ويوجد امرأه تقدر على أخذ مكانتها بقلب محمود؟!.. انهارت بالبكاء انهيار حقيقي أزالت جهاز التنفس عن وجهها وبدأت تصرخ بكل قوتها لتقترب منها الخادمه مردفه بخوف:
_ أهدي يا ست هانم اللي انتِ بتعمليه ده غلط على صحتك مش حته عيله زي دي اللي هتعمل فيكي كده، محمود بيحبك بس هي بصراحه حالتها وحشه وما كانش ينفع يسيبها..
صرخت بها:
_ اخرسي مش عايزه اسمع لك صوت اخرسي خالص، عايزكي تقفي على باب اوضتها زي الضل تسمعي دبه النمله اللي بيقولوها أنتِ فاهمه ولا لأ، إياكي ترجعي هنا طول مع محمود معاها في مكان واحد غوري من وشي..
أومـ.ـا.ت إليها سريعاً وقالت:
_ أمرك يا هانم أمرك..
خرجت لتنظر عايدة للفراغ أمامها مردفة بتعب:
_ لو باقي في عمري يوم واحد هتفضل فيه جوزي لوحدي حتى لو اخدت روحها، الدنيا خدت مني كل حاجه ومش هسمح لها تاخدك مني يا محمود كفايه عليها صحتي إللي راحت لكن أنت لأ...
____ شيما سعيد _____
بصباح يوم جديد..
فتحت عينيها بثقل، عضت على شفتيها لتخفيف من ألم رأسها ثم رفعت يدها لتضغط على خصلاتها بتعب، دارت عينيها بالمكان حولها بتشويش رؤيتها ضعيفة وذاكرتها شبه معدومة، وصلت بحدقتها لمحمود النائم على المقعد المقابل لها، هنا فقط بدأت تتذكر ما حدث بالليلة الماضيه أرتجف جسدها بالكثير والكثير من الخوف كان بينها وبين الموت خطوه واحده ولولا وجوده لكانت رماد.
خرجت منها شهقة قوية وبكت من أعماق قلبها، أستيقظ محمود على صوت شهاقاتها فاقترب اليها بلهفه مردفا:
_ مالك فيكي إيه أطلب لك دكتور في حاجه وجعاكي؟!..
حركت رأسها برفض وزاد بكائها فاقترب منها أكثر، اتسعت عينيه بذهول بعدما ألقت بنفسها بين أحضانه، تعلقت بعنقه مثل الطفلة الصغيرة التي وجدت اخيرا والدها وحصلت على أمانها بعد معاناة، أغلق ذراعيه حول ظهرها بقوة وإثبات قوي لقلبه بوجودها حتي يطمئن، تألم من أجلها وكثيراً ولكن هذا لا يمنعه من شعوره بمتعه الإنتصار، ها هي الان بين يديه وبكامل ارادتها دفن وجهها بعنقه ووضع أنفه بين خصلاتها ليستمتع برائحة عطرها المهلكه للرجولته، همست بأنفاس ساخنة:
_ أول مره أحس بالأمان لما اتصل بحد ويلحقني، وأول مره أشوف في عين حد الخوف عليا، خوف بجد مش مجرد كلام أنا كنت مرعوبه بس أنت جيت.....
قطع حديثها بابتعاده عنها نظر إليها ليجدها تحدق به بامتنان أزال دمـ.ـو.عها بأحد أصابعه وإبتعد عنها قليلاً قائلا بهدوء:
_ قولتها لك قبل كده وهقولها لك كتير يا سارة طول ما أنتِ جنبي وبين أيدي هتبقي في أمان، أنا اي حد يخصني وتحت حمـ.ـا.تي ما ينفعش يخاف اللي بيبعد عني بس هو اللي لأزم يخاف..
لم تفهم حديثه أو ربما أقنعت نفسها بعد فهمه، تنهدت بتعب ثم اراحت جسدها على الفراش وامام عينيها كل ما حدث ليله امس وكأنه يحدث الآن أبتلعت ريقها الجاف بخوف ورفعت وجهها اليه قائلة:
_ انا ما بعدتش عنك أنت اللي بعدتني عنك..
قام من مكانه وقال قبل ان يدلف للمرحاض:
_ من النهارده لا هبعدك عني ولا هسمح لك تبعدي عني..
وضعت رأسها على الوسادة وضمت الوسادة الأخري لصدرها، ستعطي لنفسها بعض الأمان حتي يعود ويجلس بجانبها من جديد، إبتسمت وقالت:
_ رغم كل حاجة جه عشاني، يا بخت مراتك بيك ويا ريتني أقدر أخد حتة صغيرة ليا، حتة أحسن فيها بشوية حب ودفا عيلة.
خرج من المرحاض ببنطلون رياضي وصدر عاري وخلف عنقه منشفة صغيرة يسقط عليها ماء شعره، سمعها تقول بشكر:
_ شكرا انك جيت وانقذتني انا كان بيني وبين الموت خطوه واحده بس..
جلس على المقعد المقابل للفراش النائمة عليه، وبدأ يجفف خصلاته المبتلة بالمنشفة ثم رفع عينيه إليها قائلاً ببساطة:
_ اللي حصل ده قرصه ودن صغيرة وما كانش مقصود منها موتك..
صدمت من بساطة حديثه وصدمتها الأكبر كانت بالمعنى المبطن من بين كلمـ.ـا.ته، حاولت الاعتدال بالفراش إلا إنها لم تقدر فإبتلعت لعوبها الجاف مردفه بتردد:
_ أنا مش فاهمه معنى كلامك أنا أتصلت بيك وأنت جيت انقذتني من البيت وهو بيولع لكن معنى كلامك أنك.....
أومأ إليها مكملا الجملة بدلاً عنها:
_ هو اللي في دماغك بالظبط يا ساره انا اللي ولعت في البيت وأنا عارف أنك جواه وجيت وطلعتك منه لأني لسه عايزك عايشة..
يستحيل ان يكون فعل ذلك مهما كان جبروته لن يصل به لتلك الدرجة من إنعدام الرحمة، حركت رأسها بنفي عدة مرات هامسة:
_ مستحيل تكون عملت كده؟!..
لم يكون بحياته قاسي على زوجته الأولي ، لم يكون قاسي على أي شخص يحمل إسم عائلة علام ولكنها اضطرته لهذا، قام من فوق المقعد ليعطي ظهره إليها قائلا بقسوة:
_ لأ عملت... إيه يا ساره جيت لحد عندك وطلبت الرجوع وقتها استقوتي بحته بيت انا اللي كتبته بــــاسمك وقولتي ان بقى لك مكان تعيشي فيه ومش مستنيه أي حاجه مني، دلوقتي البيت راح ناويه ترجعلي ولا هتعيشي الباقي من عمرك في الشارع؟!.. لأن لا اختك ولا جوزها هيدخلوكي بيتهم تاني وده بامر مني..
ما هذا ومن هذا ؟!.. كيف أن يكون قاسي معدوم الرحمة لتلك الدرجة ؟!.. ماذا فعلت به حتي يضعها تحت قدميه ويضغط عليها بكل قوته ؟!.. تجمدت الدمـ.ـو.ع بعينيها ورفضت السقوط، لا تعلم أهي جفت دمـ.ـو.عها أم حتى البكاء أصبح صعب عليها، مرت بعينيها على ملامحه تجده ثابت، جبروت، تركها ووقف أمام المرايا يكمل تسريح شعره..
بـ.ـارد نعم، تولد بداخلها شعور بالغل تجاهه جعلها تقول:
_ عملت كل ده ليه عشان أرجع لك مذلولة ؟!..
قال بهدوء :
_ إحنا مش أعداء يا ساره عشان خاطر اذلك احنا كان في بيننا اتفاق وكانت حاجه قصاد حاجه وعلى ما اعتقد ان الاتفاق ما كانش مربوط بمده عشان تقوليلي ما أنت اخدت خلاص، انتِ لعبتي في الاتفاق وانا من حقي اخد حاجه بتاعتي ما استفدتش لما اديتها لك.. .
حركت رأسها عدة مرات في ذهول تام تحاول فقط إستيعاب ما يقوله ووصلت لنهايه واحده فقالت:
_ طيب أنت حرقت البيت اللي اديته لي واخدت مني اللي أنت عايزه وانا رجعت زي الاول لا وكمان خسرانه، في حاجه تانية محمود بيه عايزها عشان يحس ان هو مرتاح نفسياً..
أومأ إليها ثم قال بعدما أرتدي تيشيرت من اللون الأسود:
_ عايزك كلك على بعضك، رديتك وحاليا أنتِ مراتي وعايشه معايا في بيتك أي طلب تطلبيه هيبقى تحت امرك بس ما فيش جنيه واحد هيبقى في ايدك..
_ طيب وماله عايز تقصقص ريشي يعني، بس يا ترى بقى مدام عايده هتقبل بكده واللي هيبقى لها راي تاني ؟!..
صمت وانتظرها تكمل ما تريده فتحاملت على نفسها وقامت من فوق الفراش مقترب منه بخطوات بطيئه حتى وصلت لتقف أمامه ثم رفعت حاجبها بتفكير مردفة:
_ تعرف ان انا ما بقاش عندي اي حاجه ابكي عليها ولا ليا عزيز ولا غالي، ابويا وامي مـ.ـا.توا وأختي وا.طـ.ـيه وما فيش حد في قصر علام عزيز عندي، ما أنا ما لحقتش اعرفكم عشان تبقوا غاليين على قلبي، لكن أنت بقى يا محمود بيه عندك حاجات كتير قوي غالية عليك أولهم المدام وإبنك وشكلك الاجتماعي قدام الناس لما تتفضح والكل يعرف انك متجوز عيله قريبه من سن إبنك، من رأيي اخلص مني يا بالطـ.ـلا.ق يا بالموت عشان انا من هنا ورايح هبقى عملك الوحش في الدنيا..
جذبها من خصرها حتي يتمكن منها أكثر وقال:
_ عايزك تسرحي معايا شويه كده وتتخيلي لما خاتم قيمته تعدي ال 20 مليون جنيه يختفي من دولاب عايدة ويتحط جوه دولابك هيبقى فيها كم سنه السجن دي؟!.. لو ما عندكيش اللي تخافي عليه على الأقل خافي على نفسك حـ.ـر.ام لما بنوته حلوه وصغيره زيك كده تعيش باقي حياتها بين أربع حيطان وسط البلطجيه والستات الشمال، انا عن نفسي مستخسرك بس لو أنتِ مش مستخسره نفسك أكيد مش هخاف عليكي أكتر منك..
من هنا فقط وبتلك اللحظة بدأت الحرب الحقيقية بين كبير عائلة علام وأصغر شخص بها..
_____ شيما سعيد _____
↚
بقصر على..
قرر العودة أخيراً بعد ثلاثة أيام مقيم بشركته، هرولت اليه الخادمه وقالت بقلق ولهفة:
_ حمد لله على السلامة يا علي بيه تحب أحضر لحضرتك الحمام والا تفطر الأول؟!..
رفض بإشارة بسيطة من راسه ثم القى بجسده على الأريكة الكبيرة الموضوع بمنتصف الصالة وقال:
_ لا ده ولا ده مدام أروى فين؟!..
أجابته بالقليل من التـ.ـو.تر:
_ بعد ما حضرتك مشيت بيوم على طول إختفت من القصر؟!..
انتفض من مجلسه وقال وعينيه يتطاير منها الشرار:
_ يعني إيه إختفت هي كانت كرسي والا ترابيزه مين سمح لها تخرج من البيت ؟!..
أصابها الرعـ.ـب وهي لا تعلم ماذا تقول إليه، اتقول الحقيقه وانها من ساعدتها بالفرار أما تخترع أي قصة؟!.. ابتلعت لعوبها وهي تراه ينظر اليها بنظره تعلمها جيدا ثم اشار اليها قائلاً:
_ أروى خرجت من القصر إزاي؟!.. وخدي بالك أنا سألتك السؤال ده مرتين التالتة برقبتك..
طفح الكيل وأنهار قلبها أمام جبروته، سقطت دمـ.ـو.عها وقالت بغل:
_ أنا اللي ساعدت تمشي وده من حقي أنت إزاي عايزني اسيب واحده تشاركني فيك ؟!..
جذبها من خصلاتها بقوة ولفها حول كفه مردفا بوقاحة:
_ جرى إيه يا بت أنتِ هتصيعي عليا ولا ايه اللي يسمعك يقول انك مراتي ولا حاجه مش حتة خدامة..
وضعت يدها على كفه لتخفف من ضغطه عليها ونظرت داخل عينيه بضعف مردفة:
_ مش مراتك بس كنت مراتك حتي لو يومين بس، فضلت تحت رجلك حتي بعد الطـ.ـلا.ق من حبي فيك أرحمني بقي، انا مش جبل عشان كل يوم والتاني تدخل عليا بواحده اخدمها لحد أنت ما تزهق منها وترميها..
دفعها بقوه لتسقط امامه على الارض ثم عاد خطوتين للوراء وقال ببرود ساخر:
_ انا اللي عملته معاكي كان معروف لما لقيتك في نص الليل في الشارع هربانه من أهلك اللي عايزين يجوزوكي راجـ.ـل عنده 80 سنه واتجوزتك أنا وقتها ووقفت قدام أهلك لحد ما بعدوا عنك وعايشتك هنا، ما ضحكتش عليكي ولا رسمت عليكي الحب يا ضحي اللي بيني وبينك كانت مصلحة، سترتك ولميتك واخدت اللي كنت عايزه برضاكي ولما طلقتك سبتك تاكلي عيش، الفيلم الهندي اللي أنتِ عاملاه ده ما لوش أي لأزمة..
زادت دمـ.ـو.عها وبحركة سريعة تعلقت بساقيه وقالت برجاء:
_ طيب رجعني رجعني وأنا والله العظيم لا هطلب منك تعلن الجواز ولا حتى تحبني..
أبتعد عنها بقوة ثم جذبها لتقف أمامه مردفاً ببعض الحنان:
_ ضحى إنتِ عيلة صغيرة لسه قدامك مستقبل، كملي مدرستك وعيشي حياتك وأنا هفضل في ضهرك زي أخوكي الكبير غير كدة هتشوفي مني وش وحش أنتِ بالذات مش عايزك تشوفيه مفهوم..
أرتجفت شفتيها بخوف وهمست بنبرة منكسرة:
_ لما أنت شايفني أختك قربت مني ليه وعلقتني بيك ليه؟!..
مل بالفعل مل من تلك الحالة التي يعيش بها معها، مسح على خصلاته بضيق وكل ما يفكر به الان أين ذهبت أروى وكيف يمكنه الحصول عليها، عاد بنظره لضحى وقال بهدوء:
_ عشان أنا كده واظن السنه اللي عشتيها معايا عرفتي فيها طبعي وطريقتي، بحب الستات وما اقدرش اعيش مع ست واحدة، فالاحسن لك تتعاملي معايا زي أخوكي بدل ما تخشي جوه نار ما حدش هيتحرق منها الا أنتِ، عيشي يا ضحى وكملي حياتك واستغلي اني عايز اقف جنبك بدل ما تلاقي نفسك بين يوم وليله في الشارع او عند اهلك هنا احسن لك صح؟!..
أومأت إليه بضعف ليحرك يده على رأسها مردفاً:
_ ت عـ.ـر.في أروي فين ؟!..
_ شكلها غلبانة وووو..
صرخ بها بجبروت:
_ ضحي..
_ في بيتها..
_____ شيما سعيد _____
بقصر علام..
بصباح اليوم التالي..
دلف محمود لغرفة السفرة بهدوئه المعتاد، رأي الجميع على الطاولة إلا هي، أخفي ضيقه ببراعة وجلس على رأس الطاولة بعدما قبل كف جدته والدته، نظر لطارق مردفاً:
_ رجعت من السفر امتى؟؟..
ابتلع طارق لعوبه بتـ.ـو.تر ونظر لطبقه مردفاً:
_ جيت بالليل ما حبيتش اقلقك اول ما وصلت..
أومأ إليه محمود وقال بجمود:
_ ما حبيتش تقلقني ولا ما حبيتيش تواجهني؟؟..
_ أنا عارف أنك زعلان بس أنا حبيت اغير جو اتخـ.ـنـ.ـقت من ضغط الشغل والشركه وكل الحاجات دي...
_ وماله طالما إرتحت يبقى أرجع شغلك، وآخر مره اسلمك مشروع تسيبه وتلعب بديلك المره الجايه هرفدك يا طارق ووقتها مش هيهمني انت مين اتفقنا؟!..
أومأ إليه بتـ.ـو.تر فنظر لمعتز الصامت قائلاً:
_ تخلص فطارك وتسبقني على اوضه المكتب مفهوم..
_ أنا اساسا شبعت وكنت حابب أتكلم مع حضرتك شويه هستناك في المكتب..
بدأ فطاره بعدما أعطى تعليمـ.ـا.ته لشقيقه وولده، وبين الحين والاخر ينظر لباب الغرفه لعلها تأتي، كأنها شعرت بها وبعد خمس دقائق وصل إليه رنين كعب حذائها العالي ليرفع نظره للباب، وجدها تطل وهي بكامل زينتها بفستان أسود رقيق يبرز بياض بشرتها الناعمة وترفع شعرها على شعرك كعكه مميزة، رسمت على وجهها إبتسامة جميلة واقتربت من المقعد المجاور لجدتها وجلست عليه مردفة برقة:
_ صباح الخير آسفه على التأخير بس صحيت متأخر..
أجابها وعيناه على طبقه يقطع قطعة الجبن:
_ أنتِ مش جديدة في البيت عشان تصحي متأخر بعد كده لو حاسه أنك هتتأخري على الفطار ابقي استني للغدا ما حدش بيدخل بعدي..
صوت بمفرده قادر على ازعاجها ليزيد الامر سوءا بكلمـ.ـا.ت المستفزه تركت الشوكه من يديها ورفعت وجهها اليه وقالت بقوة:
_ إحنا مش في السجن عشان نأكل ونشرب بمواعيد، ولو حضرتك شايف إني ببوظ اتيكيت العيلة الكريمة تقدر تمشيني..
أهي بالفعل تجرأت عليه أمام الجميع؟!.. تحاول أن ترسل إليه تهديد مبطن وهو فهمها أبتسم من زاوية فمه وهو يسمع جدته تقول بلهفة:
_ تمشي تروحي فين يا حبيبتي ده بيتك محمود بس بيحب الانضباط وبعدين أنا بحب أشوفك وأنا بفطر معقولة تتأخري على جدتك وتسيبيها جعانه؟!..
نفت بحركة سريعة من رأسها ثم قالت بحب:
: لأ طبعا يا تيته ما اقدرش..
عاد الصمت ليعم الغرفه وبعد ثواني معدوده قطعه دخول مفاجئ لعايدة على كرسي متحرك والخادمه خلفها قام محمود من محله مقتربا منها بقلق قائلاً:
_ إيه اللي نزلك من اوضتك أنتِ تعبانة؟!..
حدقت به بعتاب ودارت بعينيها بالغرفه حتى وصلت لسارة التي تتابع ما يحدث بصمت وقالت:
_ طلبتك تيجي لي قالوا لي مشغول قولت أنزل بنفسي أشوف جوزي مشغول بأيه، رغم انك كنت طول عمرك مشغول بس أنا رقم واحد في حياتك حبيت أشوف رقم واحد الجديد وأعرف هو يستحق ولا لأ..
قامت ألفت من مكانها وأقتربت منها بخطوات ثقيلة وهي تقول بلهفة:
_ يا حبيبتي يا بنتي حرمتي الكل منك يا عايدة ياما طلبت أشوفك وأنتِ رفضتي وحـ.ـشـ.ـتني ونفسي اخدك في حـ.ـضـ.ـني..
تركت جدتها تضمها وما زالت عينيها متعلقه بسارة وقالت:
_ ما كنتش حابه أشيل حد همي يا تيته لكن خلاص من النهارده مش هحبس نفسي تاني هبقى وسطيكم..
أشار محمود للخادمه بالانصراف وأقترب من مقعدها ليحركه حتى وصل بها لجواره فجلس وقال بابتسامه هادئة:
_ خطوه كويسه جدا السفره منورة يا عايدة يلا يا حبيبتي ابدئي كلي..
أومـ.ـا.ت إليه وقالت لسارة:
_ عامله إيه يا سارة يا رب تكون الحياه معانا عجباكي ؟!..
لعبت معها من قبل وصدقتها بكل سذاجة أما تلك المرة فهي تعلم العداء بينهما بشكل جيد، رسمت على وجهها إبتسامة بـ.ـاردة وقالت:
_ ميرسي يا أبله عايدة على سؤالك وما تقلقيش عليا انا اقدر افوت في الحديد وأطلع سليمة، المهم حضرتك أخبـ.ـارك إيه من آخر مرة طلبتيني في جناحك ما شفتكيش مع اني توقعت ان احنا هنبقى أصحاب وقعدتنا مع بعض هتطول بس شكل حضرتك ما لكيش صاحب ما بت عـ.ـر.فيش تكوني علاقات..
إحتدت عين عايدة ونظرت لمحمود لتجده يتابع الحديث باهتمام وكأنه ينتظر منها إجابة مقنعة على كلمـ.ـا.ت ساره فقالت:
_ بس أنا ما طلبتكيش يوميها يا سارة، أنتِ اللي دخلتي غصب عني وغصب عن الخدامة، قولتي وقتها كلام أنا لو ست وحشه هطلب من جوزي انك تسيب البيت، بس أعمل إيه في طيبه قلبي خليتني اراعي ظروفك وفرق الخبرة وأقول معلش عيله صغيره وبتلعب في حاجه مش بتاعتها مش هعلق لها المشنقه يعني...
ضـ.ـر.بت ساره على الطاوله بعصبية وقامت من مكانها قائلة بغضب:
_ أنتِ ست كـ.ـد.ابة..
ساد الصمت بعدها ليلقي محمود الشوكة من يده وقام من فوق المقعد مقترباً من سارة جذبا إياها إليه قائلا بهدوء:
_ حسبي على كلامك وكفايه غلط لحد كدة يلا عشان أوصلك للكلية..
أخذها وخرج من الغرفه ومن القصر بأكمله لتقول عايده بغضب:
_ البنت دي لو قعدت ساعه كمان في البيت ده انا هسيبه وأمشي..
تعجب طارق ولكنه فضل الصمت وإكمال طعامه بهدوء أما حنان قالت قبل أن تخرج هي الأخري:
_ سارة مش هتمشي يا عايده لأنها بقت حقيقه فاهمه يعني إيه حقيقه يا ريت تتقبلي ده..
نظرت لجدتها قائلة بسخرية:
_ إيه حضرتك ما عندكيش كلمه عايزه تقوليها انتِ كمان..
أخذت ألفت نفس عميق وقالت بحكمة:
_ كلي يا بنتي وخليكي وسطينا ووسط إبنك ربنا يهديكي لنفسك ولينا كلنا..
_____ شيما سعيد ____
بالسيارة..
وضعها على المقعد رغماً عنها ثم أبتعد عنها قليلاً مردفاً بتحذير:
_ هقفل باب العربيه وهلف عشان اقعد جنبك لو فكرتي تفتحي وتجري هزعل منك ماشي يا بسبوسة...
اشاحت بوجهها بعيداً عنه ليرفع كفه ويقرب وجهها له مقبلا خدها بقوه قبل ان يبتعد عنها ويغلق الباب، ذهب ليفتح بابه جلس بجوارها، تحرك بالسيارة وتابعت هي الطريق أمامها بصمت فقال بحنان:
_ مش غلط لما تكلمي واحده أكبر منك بالاسلوب اللي اتكلمتي بيه جوه ده؟!..
_ لأ مش غلط لأن هي فعلا كـ.ـد.ابة وبتحاول ترسم صوره لنفسها مش حقيقية، أقول لك على حاجه أنتوا الأتنين لايقين على بعض جدا ما جمع إلا لما وفق..
كتم ابتسامته على شرستها وقال بجدية:
_ لتاني مرة أقول لك غلط تكلمي حد أكبر منك بالاسلوب ده، حتى لو كـ.ـد.ابه فانتِ ضيعتي حقك من طريقه ردك..
ماذا يريد منها هذا الرجل لا تعلم، لكنه يحاول بشتى الطرق إخراجها عن السيطرة لفت وجهها إليه وقالت بغضب:
_ وهو فين حقي ده أنت من الأول صدقتها هي ورميت عليا يمين الطـ.ـلا.ق مع انك عارف متاكد انها كـ.ـد.ابة، ولما هفك غرامك قولت أرجعها ما هي كده كده تحت رحمتي، انا مش مستنية حقي منك وهعرف اجيبه بأيدي منك ومنها..
أوقف السيارة على جانب الطريق بمكان خالي من زحام السيارات والأشخاص، أخذ نفس عميق وأخرجه بعد مده بتعب، جذب كفها ليضمه بين يديه ونظر إليها بحنان وقال بنبرة تائهة:
_ علاقتنا دي أكبر غلطة أنا وقعت فيها في حياتي أو عشان أكون صريح معاكي الغلطة الوحيدة اللي غلطتها في حياتي، طول عمري كبير العيلة اللي كلامي بيمشي على الكل حتى على اللي أكبر مني في السن، ما بغلطش أوقات كتير ببقى عايز أعمل حاجات ما بعملهاش عشان هي مش لايقة عليا، إنتِ الحاجة الوحيدة اللي كنت عارف انها غلط ومش لايقه عليا وهتهز صورتي وتدمرني ومع ذلك عملتها تفتكري ليه؟!..
اهتزت من نبرة صوته، رفعت عينيها لتنظر إليه وجدته يتطلع إليها بضياع، بداخله مشاعر كثيرة يعجز عن تفسيرها، مررت طرف لسانها على شفتيها بشكل دائري لتقلل من تـ.ـو.ترها وحاولت أخذ كفها من بين يديه الا انه تمسك بها أكثر مكملاً:
_ أنا حرقت البيت عشان ترجعي لي، هددتك بالحبس عشان ابقى الباب الوحيد اللي مفتوح لك، مستعد أعمل أي حاجة وكل حاجة تخليكي جنبي حتى لو غصب عنك، يمكن تقولي أناني، جبروت، مـ.ـجـ.ـنو.ن، شوفي حابة تقولي ايه وقولي بس ده مش هيغير حقيقية انك بتاعتي، حقي، تعويضي عن سنين عمري اللي راحت، مش هقبل اني اضحي تاني حاولي تتقبليني زي ما كنتي متقبلة العلاقة بينا الأول هنعيش إحنا الاتنين مرتاحين..
صممت على جذب يدها من بين يديه، هو بالفعل أناني لا يري سوي نفسه، نفت برأسها أكثر من مرة قبل أن تقول بغضب:
_ هو أنت عارف عملت معايا ايه ولا مش مستوعب؟!. أنت طلقتني بعد يومين بس من الجواز عشان خاطر المدام ولما حبيت ترجعني رجعتني عشان خاطر مزاجك، لما لقيت عندي شويه كرامة وبحاول الم اللي باقي منها فقررت تكسرني أكتر وتحرق البيت، حتى لو فكرت ارجع لاختي مش هتوافقي لان جنابك هتمنع عنها المعونه، ولما لقيت لسه فيا الروح قولت تضـ.ـر.بني الضـ.ـر.به اللي في مقـ.ـتـ.ـل وتهددني بالسجن، انا موجوده معاك وفي بيتك غصب عني اللي أخدته مني الأول بالرضا مش هتأخده تاني غير بالغصب ووقتها هتكره نفسك عشان كل ما هتبص لنفسك في المرايه هتشوف مغتصب لو أنت ترضاها على نفسك أنا ما عنديش مشكلة..
تعجبت من ابتسامته الهادئة، وكانت صدمتها الحقيقية بجملته التي قالها وهو يلف السيارة بالطريق المعاكس:
_ هيبقى بالرضا يا سارة وعشان أنا راجـ.ـل أفعال هوريكي ده بنفسك وحالا..
بعد أقل من عشر دقائق عادت سيارته لقصر علام مره أخرى، هبط من السيارة وفتح بابها ثم أشار اليها بالخروج، أرتجف جسدها وهي لا تعلم ما يفكر به أو ماذا سيفعل بها ليجذبها من ذراعها يقودها للداخل قائلاً:
_ متخافيش مش هعمل حاجة غصب عنك وده وعد مني ليكي..
صارت معه برعـ.ـب حقيقي وهي تتمنى لو تحدث معجزة حتى يبتعد وها هي حدثت اقترب منه معتز أمام الباب مردفاً:
_ فضلت مستني حضرتك كتير في المكتب وما جيتش...
زفر بضيق من نفسه منذ متي وهو ينسي كلمة قالها، أومأ لمعتز مردفاً:
_ أدخل أوضة المكتب وأنا جاي وراك..
ذهب معتز وعادت هي خطوة للخلف فقال بهدوء:
_ هتاخدي نفسك زي أي ست شاطرة وتطلعي اوضتك وتستني جوزك عشر دقايق بالظبط وهكون عندك لو حسيت واحنا مع بعض للحظه واحده أنك فعلا مش عايزاني هطلقك وهديكي اللي يعيشك العمر كله مرتاح وده وعد من محمود علام...
تركها قبل أن تنطق بحرف ودلف لغرفة المكتب وجد معتز ينتظره فجلس على مقعده وأشار للآخر حتي يجلس ثم قال بجدية:
_ قول اللي كنت عايزني فيه الأول قبل ما تحاسب معاك على اللي انا كنت عايزك فيه..
تـ.ـو.تر معتز بشكل ملحوظ ورفع يده ليحركها على عنقه حتى يخفف من تـ.ـو.تره فقال محمود بقوة:
_ أنا ابني راجـ.ـل ما بيخافش، قول اللي عندك يا معتز ولأخر مره أشوف نظرة الخوف والتـ.ـو.تر دي في عينك حتى لو كانت مني انا..
كلمـ.ـا.ت والده أعطت اليه الكثير من القوة حتى يقول ما يريده فقال:
_ أنا عارف إني لسه صغير على طلب زي ده ويمكن حضرتك ما تقبلش، بس انا كل اللي بطلبه من حضرتك انك تديني كلمه شرف مستعد استنى بعدها العمر كله..
_طلبك ايه ؟!..
_ أنا بحب سارة وعايز أتجوزها..
_____ شيما سعيد _____
أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️
التفاعل مهم جداً ♥️
اقتبــــاس لطيف من يمين طـ.ـلا.ق 👇🏻
أخذت وسادة وغطاء خفيف وألقت بهما على الأرض مشيرة إليه قائلة بنبرة ساخرة :
_ تقدر تعتبر ده السرير بتاعك طول فترة وجودي هنا..
ربما هي حمقاء أو أخذت أي حبة تعطي لها القليل من الشجاعة، خلع عنه الجلباب ثم أرسله على وجهها بكل قوته قبل أن يرد عليها بقوة :
_ لبس العزا ده مكنتش ناوي أحاسبك عليه، بس شكلك بتحبي العنف..
شهقت بعصبية وقامت من مكانها لتقف أمامه صارخة :
_ أنت فاكر نفسك مين فوق أنا هند الراوي..
_ طظ..
أتسعت عينيها وفتحت فمها إلا أنها وبكل أسف لم تجد كلمة مناسبة تسبه بها، ليبتسم عليها ساخرا قبل أن يجذبها لتكون تحت حصار ذراعيه :
_ عايزك تفوقي وتتلمي من غير ما اضطر أستخدم أيدي في التعامل معاكي..
وضعت كفها على صدره مردفة بنفس السخرية :
_ ولا تقدر، زي ما أنت بتعرف تستخدم أيدك أنا كمان بعرف أستخدمها ورجلي كمان لو اضطريت لده..
ربما لم يصل إليه حديثها من الأساس، كان كل تركيزه على ملامحها الرقيقة رغم شراستها، يعشق الشعر الأسود الثقيل وتلك العيون الغزلان الغاضبة وفوق كل هذا وذاك شفاه صاحبة جمال رباني تأخذ حجم مميز، وضع أحد أصابعه على خصلاتها مردفا :
_ حضري الحمام عايز أطلع فايق لك، دي الليلة فرحك يا عروسة..
بكل قوتها عضت أصبعه ثم أردفت بغيظ بعدما رأته لم يتأثر :
_ شكلك نسيت مهمتك يا عمدة، أنت مجرد محلل عشان أرجع لجوزي..
لما هذا الشعور؟!.. لما قدرت على إشعال النيران بداخله بكلمـ.ـا.ت ربما كان يتقبلها قبل أن يسكره عطرها؟!.. تحلى بالبرود مبتعدا عنها :
_ حـ.ـر.ام..
رفعت حاجبها مجيبة :
_ نعم؟!..
_ المحلل حـ.ـر.ام يا مدام هند، عشان ترجعي لجوزك لآزم جوازي بيكي يكمل بشكل طبيعي، بعدها بقى أقرر عايز أكمل أو لأ وبصراحة أنا ماليش مزاج لكدة...
↚
_طلبك ايه ؟!..
_ أنا بحب سارة وعايز أتجوزها..
تصلب جسده من الجملة، حرك شفتيه وسأله بنبرة صوت متحشرجة :
_ عيد طلبك تاني كدة يا معتز..
تـ.ـو.تر الآخر من تحول نظرات والده، يعلم فرق العمر بينهما ولكنه يشعر معها بأشياء تجبره على الاقتراب منها، بلل شفتيه الجافة بطرف لسانه ثم قال بالقليل من التردد :
_ عارف رد حضرتك على فرق السن وكمان لأني صغير، بس يا بابا سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام كان متجوز السيدة خديجة أكبر منه بكتير وحياتهم كانت حلوة، لو عشان لسة بدرس هعمل أي حاجة حضرتك تطلبها حتى لو هنزل الشغل في فترة الدراسة المهم أضمن جوازي من سارة..
يسمع فقط وتعبيرات وجهه تقول الكثير، بداخل صدره نيران مشتعلة ومع كل كلمة تخرج من معتز يزيد اللهيب أشتعالاً، الفكرة بمفردها جنونية ولده ينظر لزوجته، لحظة وهل معتز يعلم إنها زوجته من الأساس، ها هو يحصد أول زرعة من زواجه السري.
تغلب على غضبه كيف لا يعلم ولكنه قام من فوق المقعد وجلس على الاريكة الكبيرة مشيراً لمعتز بالاقتراب قائلا :
_ تعالي أقعد جانبي هنا..
نفذ الآخر طلبه وجلس فأكمل محمود حديثه بهدوء يحسد عليه :
_ أنت عندك كام سنة يا معتز؟!..
_ 17..
أوما إليه محمود بثبات ثم أخذ نفس عميق وكتمه بداخله لعدة لحظات وهو غارق ببحر التفكير بعدها أخرجه بتمهل مردفا :
_ يعني لسه في سن المراهقة مش كدة؟!..
_ حضرتك تقصد إيه يا بابا، يمكن أكون صغير لكن حضرتك بتقول عليا دايماً راجـ.ـل وسابق سني..
وضع محمود يده على فخذ الآخر وقال :
_ صح يا معتز أنت راجـ.ـل وسابق سنك، بس في حاجات يا حبيبي مينفعش نسبق فيها الزمن وأهمها الحب والجواز..
جاء ليتحدث الا أن محمود أشار إليه بالصمت وأكمل حديثه :
_عارف سن المراهقة ده مينفعش فيه جواز ليه يا معتز؟!..
_ عشان وقتها الشاب بيكون مش قد المسؤلية بس أنا مش كدة يا بابا..
_ صح يا ضهر أبوك أنت مش كدة، بس مش ده السبب اللي عشانه مينفعش الجواز في السن ده..
_ أمال إيه السبب؟!..
إبتسم إليه محمود وقال بجدية :
_ مشاعر سن المراهقة مشاعر مـ.ـجـ.ـنو.نة، يعني ممكن تحب واحدة انهاردة بعد شهر تحب غيرها وتسأل نفسك هو أنا حبيت دي إزاي، الجواز مش بحب مشاعر إعجاب بواحدة حلوة الجواز مودة ورحمة وسنين عمر بتعيشها مع انسان اختارته، تفتكر لو أنا قولتلك تمام موافق تقعد تقولي بعد سنة أو اتنين لما تدخل الجمعة وتقابل واحدة من سنة ودماغها زيك هتعمل إيه مع سارة غير انك تسيبها؟!.. بلاش دي نفترض إن بعد عشره سنين جواز حسيت فجأة إنك ضيعت مراهقة وشبابك في وقت طيش منك وعايز تصلح ده وقتها هتظلمها معاك ولو في أولاد هيروحوا في الرجلين، ركز في دراستك ومذاكرتك وبس ولما توصل لسن الجواز اللي بجد هتختار اللي تنفعك.. فهمتني؟!..
حرك رأسه برفض وقال :
_ طيب ما في بنات بتتجوز رجال أكبر منها بكتير ليه بتكمل ومش بييجي عليها وقت تنـ.ـد.م وتقول ضيعت عمري مع واحد مش من سني، ليه في بنات بتتجوز في سني ده عادي؟!..
_ البنت غير الولد، ربنا خلقها بطبيعة تخليها سابقة سنها لدرجة إنها تقدر تعيش مع راجـ.ـل أكبر منها وتبقى فاهمة دماغه وحابة الحياة معاه، ممكن تبقى عندها 17 سنة بس عقلها زي راجـ.ـل عنده 30 سنة ومشاعرها ثابتة أكتر منه، أنسى موضوع سارة هي في مقام أختك الكبيرة يا معتز مش أكتر..
ربما لم يدلف حديث أبيه بالكامل داخل عقله الا إنها تقبل القليل منه، أؤما إليه قبل أن يقوم من مكانه مردفا :
_ ماشي يا بابا هحاول أعمل كدة لكن لو مقدرتش خليها ليا..
_ سيب كل حاجة في وقتها يا معتز..
____شيما سعيد _____
بغرفة سارة..
وقفت أمام المرايا تحدق بنفسها بتشتت، خائفة من لحظة قدومه ثقته العمياء بأنها ستقبل قربه منها بترحاب صدر زرع الشك بداخلها، سقطت دمعة ساخنة من عينيها وهي تسأل نفسها بقلة حيلة :
_ هو ده ممكن يطلع بجد؟!.. ممكن أكون لعبة في أيده يعمل فيا أي حاجة هو عايزها بمزاجي؟!..
حركت رأسها برفض شـ.ـديد لتلك الفكرة، يستحيل أن تكون وصلت لتلك المرحلة، لم تخضع بحياتها لأحد ولن تفعلها الآن، رفعت كفها المرتجف وأزالت دمـ.ـو.ع عينيها بقوة هامسة :
_ مش أنا مستحيل أكون كدة، لو حابب يتأكد ولو دي الخطوة اللي ممكن أوصل بيها لحريتي فهيبقي هو الخسران..
ظلت تردد تلك الجملة أكثر من مرة حتى تعطي لنفسها أكبر قدر من الثقة، هو يحاول بخبرته اللعب برأسها يحاول رسم صورة غير حقيقية ويجبر قلبها وجسدها على تصديقها وفعلها وكأنها حقيقة ملموسة وهذا ما لن تسمح به..
ظلت بأنتظار قدومه لأكثر من عشر دقائق تعد نفسها كأنها بداخل لجنة إمتحان، زاد تـ.ـو.ترها فخرجت للشرفة لتأخذ بعض الهواء، نظرت للمكان حولها بتعجب من يرا هذا القصر من الخارج يحسد أصحابه، ليت أيامها مع والدها تعود على الأقل كانت تشعر بالأمان..
اهتز جسدها مع أغلق محمود لباب القصر بعنف، رأته يسير للخارج بخطوات غاضبة يأكل أي حارث يأتي بوجهه، أبتلعت لعوبها بخوف لتجده يفتح باب سيارته ويدلف بها ثواني وكانت تفعل صوت احتكاك قوي وغبـ.ـار من التراب خلفها، تابعته حتى ذهب مردفة بتعجب بعدما أخذت نفسها براحة أخيراً مع إختفاء سيارته عن نظرها :
_ ماله ده؟!.. الحمد لله انه مشي الواحد مش ناقص رعـ.ـب هو مفتري وهو عادي أمال لما يبقى عصبي بيعمل إيه؟!..
_____ شيما سعيد _____
بالحي التي تعيش به أروى..
أوقف على سيارته أمام العمارة، نزل بخطوات سريعة يتمنى أن تكون أتت لهنا بالفعل، أقترب من البواب لينظر إليه الآخر بخوف مردفا :
_ خير يا باشا؟!..
إبتسم إليه على بقوة ووضع يده على كتف البواب مردفا :
_ جدع وشكلك فاكرني مش كدة...
أؤما إليه الآخر سريعا :
_ ومين بس اللي يقدر ينسى جنابك يا باشا، أمرك..
_ مدام أروى في شقتها؟!..
_ أيوة يا باشا في الشقة..
أخرج على مبلغ من النقود وأعطى له ثم قال قبل أن يفتح المصعد :
_ خلي عينك مفتحة لحد ما أنزلك..
بعد أقل من نصف دقيقة كان يقف أمام باب منزلها، دقة والثانية وقبل ان يدق الثالث كانت تقف أمامه بثوب الصلاة، كم هي جميلة دون أن تتعب نفسها كم هي رائعة بوجهها الخالي من أي مسحوق للتجميل، دفعها للداخل ودلف مغلقا الباب خلفه، عادت للخلف مبتعدة عنه تتابع ما يفعله بصمت، رفع حاجبه مردفا :
_ إيه مش باين عليكي متفاجئة بوجودي...
حركت كتفها بهدوء قائلة :
_ وأعيش شعور المفاجأة ليه ما أنا عارفة ومتأكدة إنك كدة كدة جاي..
رسمت إبتسامة تلقائية على وجهه ليقترب منها خطوة عادت هي على أثرها ثلاث خطوات فقال :
_ كنتي عارفة إني جاي ودي بقى ثقة زيادة والا أمنية في خيالك كان نفسك تحققيها؟!..
فلتت من بين شفتيها ضحكة ساخرة قبل أن تقول :
_ لا ده ولا ده، كل الموضوع إنك عملت حاجات كتير عشان حاجة معينة ولحد دلوقتي موصلتش يبقى أكيد هتيجي..
ذكية وقوية وهذا ما يجعله يريدها أكثر وأكثر، جلس على مقعد السفرة الموضوعة بمنتصف الصالة وقال :
_ طيب كويس ما أنتِ شاطرة وزي الفل أهو، سبتي البيت وجيتي هنا ليه لما أنا ليا حق لسة ماخدوش؟!..
شهقت بطريقة كانت سوقية من وجهه نظره ووضعت يديها حول خصرها مردفة:
_ حق مين يا عينيا ده عند الحاجه أمك اللي لو كانت اخدت من وقتها تلات دقايق وربتك ما كنتش وقفت تتهزق قدامي الوقفه دي..
اتسعت عينيه بذهول من تحولها وقال:
_ إيه الأسلوب ده ؟!.. وبعدين ما أنا فعلاً دفعت كتير وليا حق عندك..
دفعته بقوة ليعود للخلف ثم قالت:
_ اللي دفعته الأول دفعته لواحد ندل واظن أنك أخدت حقك منه تالت ومتلت، أما حتة بقى انك كتبت الشقه دي بإسمي وطلقتني منه فده فعلا معروف ليك في رقبتي عشان كده رديته لك لما طلعت من بيتك وسبتك سليم بعد ما دخلت بيتي وحاولت تهجم عليا وتاخدني بالغصب، ده قصاد ده ونبقى خالصين ومش عايزة اشوف وشك تاني..
خرجت من بين شفتيه صوت إعتراضي معروف قبل أن يجذبها إليه بهمجية من ذراعها مردفاً:
_الكلام اللي أنتِ بتقوليه ده بقى عند الحاجه امك إنتِ، بصي يا حلوة أوعى يكون غرك الفيلا والبدله اللي انا لابسها دي انا اساسا عيل معفن وشوفت الفقر بكل أنواعه وأشكاله، فوقي لي كده وت عـ.ـر.في إن مش أنا اللي يتضحك عليا ولا أخد على قفايا..
أبعدته عنها بقوة ورفعت رأسها بغرور قائلة:
_ وماله يا عشوائي كده أحسن كتير عشان نعرف نتعامل مع بعض ويبقى البساط احمدي، قصر الطريق على نفسك وقولي كده عايز ايه تاني معلش أصل نسيت..
أومأ إليها بابتسامة بـ.ـاردة وقال بعيون ظاهر بها الرغبة مثل الشمس:
_ عايزك أنتِ..
ردت إليه إبتسامته بأخرى منتصرة وجلست على المقعد المقابل إليه واضعه ساق على الآخر قبل ان تقول:
_ وماله يا باشا طالما خبطت على بيتنا وطلبت الحلال يبقى أهلا وسهلاً بيك، عدتي تخلص وهات أهلك وتعالى أتقدم بشكل رسمي وانا اوعدك إني هسأل عليك، لو طلع ملفك حلو شبة وشك كده نقرأ الفاتحة ونكتب الكتاب يا سيدي كمان..
خرجت من بين شفتيه ضحكة رنانة، أستمر بالضحك لأكثر من دقيقة قبل أن يتملك نفسه مردفاً بسخرية:
_ لأ ده إنتِ عقلك اخدك لحته بعيده قوي، الحكايه اللي انتِ بتحكيها دي انا ما ليش فيها خالص تقدري تقولي كده ما ليش في اليمين..
رفعت حاجبها بطريقة مستفزة قبل ان تضـ.ـر.ب بيديها على الطاوله بقوه مردفة:
_ طالما عايزني يبقى سكتك معايا من هنا ورايح كلها يمين عقلك هيقول لك اني ممكن اكسر لبنت دي جناحاتها ما هي غلبانه وما لهاش حد تبقى سوحت نفسك على الآخر، ممكن أدب أيدي في بطنك أطلع مصارينك وأدخل فيك السجن بس ابقى رافعه رأسي غير كده ما عنديش، خد نفسك وأرجع فيلتك أقف في البلكونه شوية كدة تتفرج فيهم على الجنينة وأسرح مع نفسك حبه شوف الموضوع عايز يوصل معاك لفين وأنا معاك، يا يمين يا شمال وفي الحالتين مش فارق معايا يا باشا بس ممكن يفرق معاك أنت..
أنهت جملتها وإنتظرت مغادرته لبيتها، لكن كانت صدمتها الحقيقيه عنـ.ـد.ما جذب المقعد التي تجلس عليه ليكون أمامه بشكل مباشر وقال بنظره لم تفهمها:
_ وماله يا قلب الباشا أمشي مرة يمين لأجلك عيونك..
_____ شيما سعيد _____
بعد منتصف الليل..
بفيلا على ألقى محمود بجسده على الاريكة بقوة بعدما انتهت من مـ.ـا.تش الملاكمة مع على الذي جلس بجواره بجسد يصـ.ـر.خ من الألم، وضع محمود يده علي ظهر صديقه مردفا باعتذار :
_ معلش يا على اتغـ.ـبـ.ـيت عليك بس كان جوايا غل لأزم يخرج..
نظر إليه الآخر وهو يضغط على فكه لعله يخفف من ألمه قليلا ثم قال :
_ ربنا ينتقم منك يا جدع، تقدر تقولي هروح الشركة إزاي بكرا بشكلي ده، الموظفين هيقولوا إيه المدير بتاعهم قطار عدي عليه؟!...
نظر إليه محمود بقلة حيلة قبل أن يقول وهو يرتدي قميصه :
_ مهو كان لأزم اخرج اللي جوايا يا فيك يا في معتز وسارة..
_ وأنا بقى إبن البطة السودة، كنت خلص نفسك وقول للولد إنها مراتك بدل ما مشاعره ليها تزيد مع الوقت..
صرخ بجنون :
_ أنت بتقول إيه يا على عايزني أقوله إني متجوز على أمه في السر ومين سارة، عارف شكلي قدام إبني هيبقى عامل إزاي؟!...
زفر على بضيق وقال :
_ مهو كدة كدة هيعرف يا بني آدم يبقى يعرف دلوقتي أحسن ما يعرف بعدين وتبقى في نظره أخدت منه البنت اللي بيحبها وأنت عارف إنه بيحبها..
لم يتحمل محمود البقاء أكثر من ذلك، عاد بركان الغضب يغلي بداخله من جديد، أخذ جكيت بذلته وضعها على كتفه وذهب دون كلمة..
ظل طوال الطريق يقود السيارة شادراً، عينيه تحدق أمامه وعقله بعيدا عنه كل البعد، لأول مرة بحياته يشعر بالضعف، هي تود الطـ.ـلا.ق والعقل يقولها بكل صراحة الحل الأمثل لما يحدث الطـ.ـلا.ق والبعد، أَما القلب وآه من القلب لا يعلم منذ متى وقلبه يتحكم به أو يكون له رأي بحياته من الأساس، يرفض بعدها يقسم إليه إنه بدونها سيحترق بنيران الجحيم..
وقفت السيارة بعد طول عناء لقصر علام، هبط منها بخطوات ثقيلة كان تود قدميه الذهاب لغرفتها الا إنه وجدها تجلس بالحديقة، أقترب منها وسألها بصوت حاول إخراجه طبيعي :
_ سهرانة ليه لحد دلوقتي؟!..
_ مستنياك..
قالتها بثبات تعجب إليه ليعود ويسألها :
_ مستنياني ليه؟!..
حركت كتفها ببساطة ثم قالت :
_ كان في بنا إتفاق الصبح مشيت من غير ما ننفذه..
آه والف آه هذا ما كان ينقصه، اتفاقه معها، يعلم إنه قادر بخبرته على ذوبانها بين يدي وبتلك الطريقة ستكون خسرت الأتفاق، ولكن بداخله شعور يرفض خوض تلك التجربة، يرفض أن يشعرها بالخسارة حتى ولو كان هذا مصلحة كبيرة إليه، تنهد بتعب مردفا :
_ وإنتِ بقى سهرانة طول الليل عشان ننفذ الأتفاق؟!..
أوما إليه بكبرياء قائلة :
_ أيوة عايزة أخلص بقى..
تعجب من لهجتها الجديد عليه وعاد جملتها كأنه يعيد سماعها حتى يدخلها برأسه :
_ عايزة تخلصي بقى؟!..
_ أيوة..
رغم ما به الا إنها وبكل أسف أتت إليه بأكثر وقت يحتاجها به وسلمت نفسها بين يديه بكل ترحاب، جذبها من خصرها ليقربها منه هامسا :
_ ما أنتِ هتخسري ووقتها مش هتخلصي بالعكس هتتربطي بيا أكتر إحتمال مت عـ.ـر.فيش تفكي نفسك مني الباقي من عمرك..
فهمت لعبته وشبعت منها، يتحدث بثقة حتى تهتز ثقتها هي بنفسها، يود اللعب باعصابها حتى تسهل عليه خسارتها، رسمت على وجهها إبتسامة تثبت له قوتها وثقتها بكل كلمة تخرج منها :
_ والله أنا واثقة إني هكسب وأنت واثق إنك هتكسب، يبقى الأفضل لينا إحنا الاتنين ننفذ ونشوف منين الخسران..
أوما إليها وهو يضم كفها الصغير بين كفه الكبير ويقودها للداخل قائلا بوقاحة :
_ عندك حق السرير فوق كل واحد يثبت فيه قدراته..
_____ شيما سعيد _____
دلف بها لغرفة نومها ثم أغلق الباب خلفهما بالمفتاح، ألقت عليه نظرة ساخرة وصمتت، علم معنى نظرتها وفضل هو الأخر الصمت أقترب منها لتعود خطوة للخلف ليقترب أكثر وتعود أكثر حتى سقط جسدها على الفراش وسقط هو فوقها، انـ.ـد.مجت الأنفاس الساخنة وتقابلت دقات القلب المختلفة، قلبه يبدق بجنون منتظر الاستمتاع بحلاوة قربها وقلبها ينفض من بين ضلوعها خائف من تلك اللحظات الحاسمة..
رفعت يده ليمرر إياها على معالم وجهها بنعومة، خصلاتها، عينيها، انفها، شفتيها حتى وصل لمقدمة عنقها ووضع عليها عدة قبلات بطيئة يحاول بها ايثارها واللعب على أعصابها، خبير وتلك الخبرة تجعل أي امراة تخضع إليه وبكامل إرادتها..
دقيقة والثانية وسارة مغلقة العينين مستسلمة بجسد ساكن فاقد الروح، هنا لم بتحمل مع شعور ببرودها فابتعد عنها قائلا بغضب :
_ إية ده؟!..
أخذت نفسها أخيراً وكأن سقطت صخرة عملاقة من فوق روحها، أعتدلت بجلستها وتركت جسدها أمام دون أن ترفع كنزتها ثم قالت ببرود :
_ مش فاهمة في إيه؟!..
_ لأ أنتِ فاهمة كويس وبتحاولي تمثلي البرود بس أحب أقولك إن أي حاجة ممكن تكذب الا العيون..
قامت من مكانها بخطوات يفوح منها رائحة الدلال، وقفت أمامه ووضعت يد حول عنقه والأخرى على ذقنه الخشنة، رفعت أصابعها قليلا لتصل لشفتيه فمررت أصابعها عليهما ببطئ ناعم هامسة :
_ فعلاً كل حاجة ممكن تكذب الا العيون، تعرف ان عينك حلوة وحلوة أوي كمان..
بيدو إن السحر انقلب على الساحر، كان يوعدها بالذوبان بين يديه وها هو حاله الان هو الذأب، وهو من يشتاق للمزيد، أنحني ليضم شفتيها الا إنها ابتعدت عنه فجأة وقالت بهدوء :
_ الأتفاق خلص وزي ما أنت شايف أنا الكسبانة مش أنت، نفذ وعدك وطلقني..
صدم من ما حدث وصدمته الأكبر كانت بمشاعره، هو من وضع قواعد اللعبة وهو من أحترق بها، تزوج من عايدة بشكل طبيعي عامين وظل خمسة عشر عاما بعيدا عن كل النساء، ربما كان يراه البعض به عيب ولكنه رفض وجع عايدة والزوج عليها ورفض فعل شيء يغضب الله، وقعت بين يديه أجمل النساء وكان الرفض سيد الموقف معها وقعت كل حصونه، خان عايدة، وأصبح بهووس بالاقتراب منها، بعد ليلة طـ.ـلا.قه لها أصبحت رفيقة حلمه، يعيد لياليه معها كل ليلة وهو نائم مثل أي شاب مراهق..
رفعت وجهه إليها وجدها منتصرة فسألها بتردد :
_ موحشكيش حـ.ـضـ.ـني ولا حسيتي فيه بأي حاجة؟!..
_ من يوم ما وقعت تحت أيدك وأنا مش بحس غير بقلة الحيلة..
الإجابة كانت قاسية وشعوره ببرودها بين يديه كان أشـ.ـد قسوة، هل هو قادر الآن على تنفيذ وعده؟!.. هل قادر على رمي يمين الطـ.ـلا.ق عليها للمرة الثانية؟!.. كانت الإجابة واضحة وهي "لا"، جذبها ليضمها إليه ضمها بقوة ألمت جسدها وأخرجت منها آه خفيفة زادت الأمر سوء، أغلق يديه عليها لو بيده لوضعها بين ضلوعه حتى لو رغماً هنا، أهتز جسده مع وصول معنى مشاعره لعقله فأبتعد عنها هامسا :
_ عايزة تطلقي يا سارة؟!..
حاولت الابتعاد الا إنها يتحكم بها بأيد من حديد، زفرت بضيق قائلة :
_ أيوة نفذ كلامك وخلينا نخلص..
_ ت عـ.ـر.في ان عمري في حياتي ما رجعت في كلمة قولتها ولا فرضت نفسي على حد..
أتسعت ابتسامتها منتظرة حريتها فاكمل بما جعلها تحدق به بذهول :
_ بس معاكي زي العادة بعمل حاجات مش شبهي، أنا رجعت في كلامي ومش هطلقك يا سارة..
صرخت بقوة :
_ أنت بتعمل معايا كدة ليه بتلعب بمشاعري كل شوية ليه؟!..
_ لأني حالياً وقعت في مصبية أكبر من جوازي منك..
_ وهي إيه بقى..
_ إني حبيتك للأسف حبيتك..
_____ شيما سعيد ______
↚
_ حتي لو حبيتني زي ما بتقول الحب لواحده مش كفاية..
قالتها وهي تحدق به بقوة رغم إهتزازها الداخلي، بقلبها جزء بسيط يتمنى لو يكون صادق، تتمنى إثبات هذا الحب بفعل واحد يعيد إليها حتى ولو جزء بسيط من كرامتها، نظر اليها بعدم فهم قائلاً:
_ عايزة إيه أكتر من حبي يا سارة ؟!..
رسمت على وجهها إبتسامة ساخرة، هذا هو محمود علام يري نفسه الأول دائماً ومن بعده يأتي الطوفان، حركت شفتيها بقلة حيلة قبل أن تقول:
_ مين قال لك إني كنت عايزه حبك من البداية أصلا؟!.. أنا كل اللي كنت محتاجاه شوية أمان وأنت مع كل يوم مر بينا كنت بتحسسني بالخطر، حبك بالنسبه ليا مش مهم قصاد الحاجات اللي أخدتها مني..
صدم من رفضها الصريح لحبه لها، عاد خطوة للخلف بتوهان للحظة شعر بشئ يتحطم بداخله ولا يعلم ما هو أو ربما يعلم وكبريائه يمنعه من الإعتراف، مازالت هيبته ومكانته تسيطر عليه، سألها بقوة:
_ بحبي ليكي كل الحاجات دي هترجع لك وهتبقى أحسن من الأول بكتير..
حركت رأسها بنفي مردفة:
_ بطل تتكلم معايا كأن كل حاجه بتقولها أمر واقع وأنا لازم اتقبله، مش هقبل حاجه غصب عني تاني، لعبك بمشاعري في حد ذاته يثبت أنك بتحب نفسك بس وأنا على الهامش مش باينه قدامك، رجع الحاجات اللي بتقول إنها هتبقى أحسن من الأول وبعدين أبقى تعالى أتكلم على الحب..
ما بها تلك الصغيرة، منذ أيام كانت بين يديه بكامل إرادتها والآن ماذا تفعل ؟!.. تملك منه الغضب وجذبها ليقربها إليه قائلاً بجبروت:
_ الأفضل ليكي وليا انك تتقبلي حبي لأنك عمرك ما هتتخيلي واحد زيي وفي مكانتي لما يحب ممكن يعمل إيه، إدي لكلمه بحبك إللي لسه قايلها دي فرصه تعيشك في نعيم بدل وغلاوه حبي ليكي انا قادر اخلي اللي جاي كله جحيم، زي ما هتحرق بالنار هحرقك بيها...
خافت من نظراته وتهديده، تعلم إنه صادق وقادر على تدميرها بكلمة واحدة منه، حركت رأسها بقلة حيلة وهمست:
_ اللي حضرتك بتطلبه ده مش حب، طالما كده هكمل معاك وكده هكمل معاك يبقى بلاش تاخد رأيي أعمل اللي أنت شايفه صح وبيريحك...
رفع يديه ليضم وجهها بينهما وهمس إليها بحنان:
_ مش عايز أرتاح لوحدي أنا عايزك أنتِ كمان مرتاحة..
_ لو فعلا عايزني مرتاحة اديني حريتي أنا غلطت ودفعت تمن غلطتي، كفايه بقى لأني والله العظيم تعبت ... تعبت قوي كمان، مش محتاجة منك غير كلمه واحدة بس هتريحني.. .
يستحيل أن ينطق بتلك الكلمة، تأملها وهو يري بها أيامه الحلوة، روحه تعلقت بها وانتهي أمره، رأي ارتجاف شفتيها تدعوه بالتحرر وهذا ما زاد جنونه، سحبها بين أسنانه بقبلة كل ما كان يريد الشعور به الآن هو ضمانها..
تركته يفعل ما يريده، استسلمت إليه إستسلام بـ.ـارد، قدرت على إهانة رجولة محمود علام دون كلمه واحدة، للمرة الثانية يبتعد عنها وهو مهزوم غاضب فقالت:
_ في حاجات تقدر تملكها وتأخدها وحاجات لأ..
_ يبقى أنتِ اللي اخترتي وأنا هعرف أخد اللي انا عايزه أخده كله مش حاجات وحاجات..
_ بطل تهددني لأني بطلت أخاف..
أبتسم إليها بمكر قبل أن يقرص أنفها بخفة مردفاً:
_ وأنا مش عايزك تخافي طول ما انتِ جنبي ما تخافيش خافي لما تبعدي أو حتى تفكري تبعدي لأنك هتخسري وخسرتك هتبقى بشعة....
ردت إليه نفس الإبتسامة الخبيثة مردفة:
_ مش هخسر لوحدي ولو أنت هتخسر معايا فما عنديش مشكلة نخسر إحنا الاتنين..
ألقي عليها نظرة سريعة قبل أن يضع قبلة أعلي رأسها، شهقت بتـ.ـو.تر بعدما أصبحت بين يديه، وضعها على الفراش وتمدد بجسده بجوارها مردفاً :
_ يلا ننام..
_ أنت هتنام هنا ؟!..
_ ومشاعر المدام؟!..
_ المهم مشاعرنا إحنا دلوقتي نامي..
____ شيما سعيد ____
بصباح اليوم التالي..
دلفت سارة لغرفة جدتها النائمة بخطوات هادئة حتى لا تفزعها، جلست بجوارها على الفراش ووضعت كفها على ذراع ألفت مردفة بصوت هادي :
_ تيتا أصحى عايزة أتكلم مع حضرتك شوية قبل ما أي حد يصحى..
أستيقظت ألفت بقلق بعد عدة محاولات من سارة، اعتدلت على الفراش مردفة :
_ مالك يا حبيبتي فيكي ايه؟!..
عضت سارة على شفتيها بتـ.ـو.تر تحاول استجماع القليل من شجاعتها حتى تتحدث، ثم قالت :
_ عايزة أقول لحضرتك حاجة ممكن تنزلي من نظرك، بس مكنش عندي حلول تانية ودلوقتي محتاجة مساعدة..
ضمت ألفت يدها إليها وقالت بقلق :
_ قولي يا حبيبتي في إيه أنا بدأت أخاف عليكي..
نظرت للفراش بخجل من نفسها، لا تعلم كيف ستقول مصيبتها والا كيف ستراها الجدة بعد الآن ولكن ما باليد حيلة، تحدثت بصوت شبة معدوم :
_ أنا ومحمود متجوزين في السر...
ساد الصمت بعدها لدرجة أنها توقعت عدم سماع الأخرى لها، رفعت عينيها ببطئ لتجد ألفت تنظر إليها بنظرة بين التساؤل والعتاب، عادت تحدق بعيدا عنها فقربت ألفت كفها من ذقن سارة ورفعت وجهها إليها مردفة بنبرة مرتجفة :
_ ليه؟!..
لماذا؟!.. سؤال من كلمة واحدة باجابة يحملها كتاب كامل، سقطت دمـ.ـو.عها بقهر وهي ترى نفسها قليلة جدا بعين جدتها، اجابتها بتعب :
_ عشان أعيش كنت عايزة بس أعيش، عشان الفلوس..
شهقت ألفت بصدمة وعادت الكلمة مرة أخرى :
_ فلوس؟!.. فلوس ايه اللي تخلي بنت في جمالك وشبابك تضيع حقوقها بكلمة في السر، كنتي عايزة تعيشي وهو أنتِ كدة عايشة؟!.. أخد منك كل حاجة في الضلمة وتقولي عايشة؟!.. نفس غباء وتهور أبوكي وفي النهاية مـ.ـا.ت بحسرته بعد ما خسر كل حاجة..
_ تيتا أنا..
أشارت إليها ألفت بقوة بالصمت وقالت :
_ مش عايزة أسمع منك ولا كلمة زيادة دلوقتي اخرجي برة أخرجي..
نفذت أمر جدتها وخرجت بصمت يكفي ما سمعته وما شعرت به، أغلقت الباب خلفها بجسد مهزوم منهار، دارت بوجهها فوجدت خادمة عايدة تقول بهدوء :
_ مدام عايدة عايزة تشوفك قبل ما حدث يصحى، روحت اوضتك لقيت محمود بيه نايم هناك وعشان أنا بنت أصول مش هقول للهانم..
نظرت إليها سارة بأحتكار ثم جذبتها من خصلاتها بقوة مردفا :
_ طيب تعالي بقى نشوف الهانم بتاعتك عايزة إيه يا عين أمك..
شهقت الخادمة بألم مردفة :
_ نزلي إيدك إنتِ لسة مت عـ.ـر.فيش مدام عايدة ممكن تعمل إيه..
وصلت بها سارة لغرفة عايدة وفتحت الباب بيدها الأخرى وجذبتها معها للداخل مردفة :
_ هت عـ.ـر.في دلوقتي إنتِ والست عايدة أنا أقدر أعمل إيه..
قذفتها على الفراش تحت قدم سيدتها وقالت بغضب :
_ بصي يا طنط عشان شكل عقلك خانك وقالك البنت دي ضعيفة وممكن تدوسي عليها، جوزك في أوضتي خلي الجارية بتاعت تأخدك لحد عنه واتصرفي معاه أما أنا أحسن لك تطلعيني من دماغك بدل ما أفتحها لك..
صدمت عايدة من جرائتها وكانت صدمتها الأكبر بوجود محمود معها بنفس الغرفة، حاولت التحلي بالقوة وقالت :
_ جوزي راجـ.ـل محروم وشاف حتة لحمة عريانة قال يشبع منها يومين، لكن إنتِ أوعدك إنك هتقضي باقي عمرك في السجن عشان تحرمي تبصي لحاجة في أيد عايدة هانم علام..
أطلقت سارة ضحكة ساخرة قبل أن تقول بدلال :
_ ومين قالك ان جوزي حبيبي ممكن يشبع مني أو حتى يسيب حد قرب مني؟!.. نصيحة مني يا طنط بلاش تلعبي معايا هتطلعي خسرانة..
صرخت عايدة بجنون :
_ اليوم ده هيبقى أخر يوم ليكي هنا..
_ وماله شوفي هتقدرى تعملي إيه وأنا كلي حماس..
_____ شيما سعيد ______
بحي أروي..
وقفت بقلة حيلة مع أبو حسين جارها على عربة الكبدية خاصته، اضياق بها الحال ولم تجد مصدر للعيش إلا هذا الرجل الطيب وعربته أقترب منها وهي تعمل قائلا بابتسامه بشوشة:
_ تسلم ايدك يا أروى يا بنتي من ساعة ما وقفتي على العربية والناس كلها بقت تشتري حتى ريحتها بقت تجيب ناس من على أول الشارع..
ابتسمت إليه مردفة:
_ لو المفروض حد يشكر التاني هبقى أنا يا عم خميس على وقفتك جنبي وأنك فتحت لي أكل عيشك وخلتني اقسمك في رزقك..
أجابها الرجل بحنان:
_ رزق مين يا بنتي اللي بتقاسميني فيه؟!.. كل واحد فينا ربنا كاتب له رزقه ما حدش يقدر يقرب منه، أنا هروح أصلي الضحى وهقعد في الجامع لحد الضهر ما ياذن وبعد كده هاجي اخد مكانك لحد العصر خلينا نريح بعض..
أومأت إليه وهي تعطي كيس السندوتشات لاحدى الفتيات وقالت:
_ ماشي يا عم خميس ولو مش عايز تيجي أنا ممكن أشيل اليوم كله عادي الشغل مش تاعبني بالعكس منسيني البلاوي اللي انا فيها..
_ هروح اصلي الضهر وهرجع لك في كلام كتير عايز اسمعه منك يا اروى، انا سايبك كذا يوم عشان ترتاحي لكن مش معنى كده إني مش هفهم ايه اللي بيحصل..
ذهب الحاج خميس وظلت هي تتابع عملها وعلى بعد مسافه بسيطه منها توقفت سيارة علي نزل منها وازال نظارته الشمسيه ناظراً إليها بتعجب مردفاً:
_ دي بتشتغل على عربيه كبده بجد زي ما البواب قال لما أشوف اخرتها معاكي ايه يا أروى..
أقترب منها وقال بهدوء:
_ إتنين كبده وواحد سجق..
تركت ما بيدها ونظرت إليه ببرود قائلة:
_ جاي تهبب إيه هنا هو انا مش قولت لك مش عايزة أشوف وشك غير لما عدتي تخلص..
أشار إليها بهدوء وقال وهو يعود إلي سيارته:
_ هاتي الطلبات اللي طلبتها منك وتعالي ورايا..
جزت على أسنانها بغيظ، لولا خوفها من حديث الناس عليها بعد ما حدث بسببه وبسبب طليقها اللعين لكانت جعلت منه عبرة أمام الجميع، تحلت بالهدوء وأعدت إليه ما طلبه ثم اتجهت للسيارة، دقت على الزجاج ليشير إليها بالدوران من الباب الأخري، رفضت بحركة من رأسها ودقت على الزجاج مرة أخرى مردفة:
_ بقول لك ايه أنا على أخري أفتح خد طلباتك وأمشي من هنا..
فتح إليها الزجاج وقال بتساؤل:
_ أسمك أروى طاهر علام تقربي لمحمود علام حاجة والا مجرد تشابه أسماء ؟!..
اهتزت مع ذكره لاسم أخيها، تغيرت تعبيرات وجهها وهذا ظهر أمامه بوضوح، غابت الكلمـ.ـا.ت من بين شفتيها ليقول بشك:
_ أروى أنا بسألك ردي عليا تقربي لمحمود علام ولا لأ ؟!..
ماذا تقول ؟!.. حركت رأسها بنفي وقالت بنبرة صوت باهتة:
_ معرفش حد بالاسم ده حسابك 60 جنيه إدفعهم وأمشي خليني أرجع لأكل عيشي..
نبرتها وملامح وجهها زادت من شكه بها، رغم أن لغة العقل تقول يستحيل أن تكون شقيقه محمود، فهو صديق المقرب ويعلم أفراد عائلته جيداً، أخذ منها الكيس ودفع إليها 100 جنيه ثم قال قبل أن يقفل الزجاج :
_ حسابك اهو وخلي الباقي عشانك بكره من الساعه 8:00 الصبح تكوني عندي في الشركه مكان شغلك موجود..
تحرك بعيداً عنها لتجلس علي الرصيف أسفلها بتعب شـ.ـديد قائلة:
_ محمود يا ترى لو لجات لك هتقف جنبي وتساعدني والا هتقفل بابك في وشي يا أبن أبويا؟!..
بسيارة على..
رفع هاتفه وقام بالاتصال علي أحد رجـ.ـا.لة مردفاً:
_ ركز معايا يا عشري عايزك تقلب الدنيا كلها وتجيب لي المهندس اللي اسمه سيد اللي كان شغال في الشركه تشوفه راح فين بعد ما روقنا وتجيبه تاني في المخزن القديم ساعتين بالظبط ويكون عندي مفهوم؟!..
_ أنت تؤمرني يا باشا وأقل من ساعتين كمان..
أغلق هاتفه وشرد بالطريق أمامه قائلاً:
_ يا رب يطلع اللي في دماغي غلط يا صاحبي..
_____ شيما سعيد ______
عودة لغرفة سارة..
أستيقظ محمود من النوم ليجد نفسه على فراشها بمفرده، تنهد بكسل ونظر لهاتفه بتعجب منذ متى وهو يتأخر لتاسعة صباحاً؟!.. ظهرت على وجهه إبتسامة مشرقة وكانت إجابة سؤال بسيطة جدا " لأنه نام بجوار سارة" زادت ابتسامته إشراق وهو يراها تخرج من المرحاض بروب الاستحمام، ابتلع لعوبه بصعوبة من تأثير طلتها عليه، عض على شفتيه بخبث قال :
_ يا صباح الجمال يا بسبوسة..
نظرت إليه بحزن ظاهر على ملامحها وأكملت تجفيف خصلاتها، رفع حاجبه ثم قام من محله ليضمها من الخلف وينظر إليها بداخل المرايا مردفا :
_ الجميل صاحي زعلان ليه؟!..
_ يمكن عشان مش طايقك لا أنت ولا الحرباية مراتك..
تنهد بضيق من أسلوبها مردفا بتحذير واضح رغم نبرته الحنونة :
_ وبعدين معاكي يا سارة، طلعي عايدة من دماغك وركزي معايا صدقيني وقتها هترتاحي وأنا كمان هرتاح..
دارت وجهها إليه وقالت بغضب :
_ هي مين دي عشان أحطها في دماغي؟!.. هي اللي طلبتني تاني الخادمة بتاعها بتهددني لما دخلت لقتك في الأوضة فأخدها من شعرها ورحت للهانم بتاعتها بنفسي وقولتها إنك هنا..
تغيرت ملامحه بشكل كلي، عاد خطوتين للخلف بتعبيرات غاضبة، نظراته بمفردها كانت مرعـ.ـبة، ترجعت حتى اصطدم ظهرها بالتسريحة مردفة بتـ.ـو.تر :
_ زعلت إنها عرفت؟!..
لم تتغير نظراته جذبها من ذراعها وقال بغضب :
_ عايزة توصلي لأيه يا سارة إن الكل يعرف بجوازنا مش كدة؟!..
اومـ.ـا.ت إليه بقوة رغم خوفها الداخلي :
_ ايه مش من حقي والا أنت مش بتعرف تحب الا في الضلمة؟!..
خطوة مثل تلك خطر كبير عليه، ماذا سيقول لمعتز؟!.. عايدة التي ترسم عدم معرفتها إلى الآن؟!.. وفوق هذا وذاك كيف ستكون صورته أمام الإعلام؟! القدوة وكبير العائلة ماذا سيقول لطارق الذي يأخذه مثله الأعلى؟!.. الابشع من كل هذا عدم حبها إليه كيف سيقف أمام كل ما سيحدث وهي تنتظر فرصة واحدة حتى فر من بين يديه..
مسح على وجهه ثم قال بنبرة لا تقبل النقاش :
_ انسى الموضوع ده دلوقتي خلينا نفرح ببعض وبعدين نلعن في الوقت المناسب..
كسر جزء كبير بداخلها كسر ما تبقى من كبريائها، عضت على شفتيها بقوة تمنع نفسها من البكاء رغماً عنها ثم همست بنبرة متقطعة :
_ وأنا مش عايزة تعلن جوازنا بالعكس أنا عايزة أقفل الصفحة السودة دي خالص، مش دايبة فيك عشان أتحمل ولا العلاقة المؤذية دي تلزمني في حاجة أساساً..
زفر بضيق مع رؤيته لدمـ.ـو.عها المتعلقة، لا يستطيع على أخذ خطوة واحدة بعلاقته بها حتى يعود بعدها ألف إلى الوراء، جذبها أكثر ووضع قبلة حانة على رأسها قائلا :
_ بلاش الصراصير تلعب في دماغك وتفهمك حاجات مش صح، حطي نفسك مكاني دقيقة واحدة وهت عـ.ـر.في اني عندي حق..
دفعته بعيدا عنها وقالت :
_ مش عايزة أسمع كلمة زيادة أخرج برة أوضتي بدل قسما بالله أصوت وألم كل اللي جنابك خايف منهم ووقتها بقى أولع أنت وهما..
جاء ليقترب إلا انها أسرعت ناحية الباب وفتحته كانت مستعدة لصريخ، سبقها وأغلق الباب مردفا بغيرة :
_ أنتِ مـ.ـجـ.ـنو.نة بتفتحي الباب بروب الحمام أفرضي طارق والا معتز خارجين من اوضهم..
ردت عليه بقهرة :
_ مش فارق معايا ما انا لحمة رخيصة زي ما قالت مراتك..
اه من نظرة خيبة الأمل بعينها، نزل برأسه وقبل عينيها اليمين ثم اليسار مردفا بقوة :
_ أنتِ أغلى وانضف بنت في الدنيا، إياكي تقولي على نفسك كدة تاني واللي يقولك كدة اقلعي اللي في رجلك وعلى دماغه..
شعرت ببعض الحنان فقالت ببراءة طفلة صغيرة :
_ حتى لو كانت عايدة؟!..
أوما إليها مردفا بنبرة رجولية خشنة :
_ حتى لو أنا، في حاجات كتير أوعدك نتكلم فيها بس حاليا اتأخرت جدا على الشغل ماشي يا بسبوسة..
حركت رأسها بقلة حيلة وذهبت لتبدل ملابسها، فتنهد هو بثقل وذهب للمرحاض..
_____ شيما سعيد _____
بغرفة السفرة..
نزل قبلها ودلف ليجد العائلة بانتظاره إلا معتز الذي ذهب للمدرسة أقتربت منه حنان مردفة بقلق :
_ مالك يا حبيبي أتأخرت في النوم النهاردة ليه كنت تعبان؟!..
حرك رأسه نافيا بابتسامة حنونة قبل أن يقول وهو يتجه بعينيه لعايدة التي تنظر إليه بصمت :
_ بالعكس أنا كويس جداً، أتأخرت في النوم عشان نمت مرتاح...
سمعته سارة وهي علي باب الغرفة، جملة بسيطة قالها جعلتها تشعر بالانتصار للمرة الأولى، جلست بجوار ألفت التي قالت :
_ عايزكي بعد الفطار..
أومـ.ـا.ت إليها بحزن وفتحت فمها لتتحدث فأشارت إليها الأخرى قائلة بحزم :
_ بعد الفطار في أوضتي يا سارة..
جلس على مقعده علي رأس الطاولة، أخذ قطعة من الخبز ثم وضعه أمام سارة مع طبق مربة الفروله التي علم حبها إليها من كثرة أكلها لها على الفطار، نظرت إليه بتعجب ليقول :
_ كلي وخلصي طبقك كله عشان هوصلك الجامعة كفاية عليكي إجازة لحد كدة..
زاد الشك بقلب طارق فقال بمشاكسة لاخيه :
_ أتأخرت علي الشركة ولسة هتوصل سارة كمان، طيب واجتماع الألمان؟!..
نظر إليها بحدة ليبتلع الأخر ريقه فقال محمود :
_ مش هحضر الاجتماع ده أنت بقيت راجـ.ـل وتقدر تشيل لوحدك..
بلعت طعامها بصعوبة وقالت :
_ مفيش داعي أتعب حضرتك يا أبيه أنا متعودة أروح لوحدي..
ابتسم إليها وهو يضع بطبقها قطعة أخرى من الخبز مردفا :
_ يبقى أتعودي تروحي معايا كل يوم...
اخفت عينيها بعيدا عنه فنظر لعايدة قائلا باهتمام :
_ حاسة بأي تعب؟!..
نظرت إليه بحزن مردفة:
_ وأنت يهمك تعبي في إيه؟!.. بقى لك فتره مش مهتم ..
أنحني قليلا ثم قبل يدها مردفاً:
_ كنت مشغول بس متابع أخبـ.ـارك حتي لو مش معاكي طول الوقت..
ابتسمت إليه مردفة:
_ مش زعلانة يا حبيبي..
حدقت سارة بهما وقالت بهمس وصل إليه:
_ الاتنين عقارب زي بعض وعلاقتهم ريحتها معفنة..
مال عليها قليلاً وهمس بصوت لم يصل إلا إليها:
_ ها يا بسبوسة مش قولنا أكتر من مرة نحترم الكبير..
_ مهو لو الكبير أحترم سنه....
قطعتها نظرته الحادة فنظرت لطبقها بصمت، بعد عشر دقائق قام وجذبها لتقوم معه مردفاً:
_ يلا يا سارة مش باقي كتير على المحاضرة..
بعد دقائق كانت تجلس بجواره بالسيارة نظرت للطريق أمامها مردفة بتعب:
_ إحنا رايحين فين ده مش طريق الكلية..
نظر إليها نظرة خبيثة قائلاً:
_ رايحين المطار يا روحي..
_ وده ليه بقي إن شاء الله ؟!..
غمز إليها مردفاً:
_ ناوي ألبسك فستان فرح واعملك شهر عسل يا بسبوسة..
_____ شيما سعيد _____
↚
بالطائرة الخاصة بمحمود، اضطربت أنفاسها مع شعورها بأنها ستكون بين السماء والأرض بعد قليل ابتسم بحنان على تعبيرات وجهها المتـ.ـو.ترة ثم مال عليها قليلاً ليربط ليها حزام الأمان مردفاً:
_ أوعدك هتستمتعي بالرحلة وعشان تستمتعي لأزم تنسي خوفك وتعيشي كل لحظه حلوة هتمر علينا..
نظرت إليه بتردد وهمست:
_ ما فيش حاجه مخوفاني قد أن الرحلة هتبقى معاك..
لم تزول إبتسامته رغم قسوة حديثها تنهد تنهيده طويلة ومرر يده على خصلاتها ليضعها خلف أذنها هامساً بالقرب من عنقها الناعم:
_ لما دخلتي حياتي في الأول ده كان اختيارك ولما وافقت ده كان اختياري، كل المطلوب منك دلوقتي فرصة أثبت لك فيها اني بحبك وإني أستحق أخد قلبك ينفع تديني فرصة ؟!...
تأثرت بشكل ملحوظ من أنفاسه الساخنة على عنقها، كتمت أنفاسها لعدة لحظات وهو يتحدث وعنـ.ـد.ما انتهي حررت نفسها المكتوم مردفة:
_ ولو قولت لك ما ينفعش هتسيبني؟!.
حرك رأسه بنفي وقال:
_ هقول عليكي عيلة ما بتعرفش تختار الصح لنفسها وهعتبر نفسي أبوكي وهختار لك الصالح ليكي..
_ وايه بقي الصالح ليا يا بابا ؟!..
ضحك بخفة قبل أن يجذبها داخل أحضانه، لتضع رأسها محل قلبه بتـ.ـو.تر وأغلق هو ذراعه الأيسر حول ظهرها والايمن على رأسها، غلغل أصابعه بين خصلاتها قائلا:
_ أنك تفضلي في حـ.ـضـ.ـني علي طول..
أخذها الحديث معه بعيداً كل البعد عن تـ.ـو.ترها، تحركت الطائرة وهي تنام بكل أريحية على صدره ساكنة، قال إسمها بنبرة حنونة:
_ سارة..
همهمت بصوت يغلب عليه النعاس:
_ امممم..
_ نمتي ؟!..
أغلقت عينيها ولفت ذراعيها حول خصره قائلة:
_ تصبح على خير..
وضع قبلة حنونة على جبينها وقال:
_ وأنتِ من أهل الخير..
ظل يمرر يده على ظهرها بحنان حتي سيطر عليها شعورها بالدفء وذهبت بالنوم، أخذ نفس عميق وأخرجه بـ.ـارتياح شـ.ـديد، ربما لم تتقبله بشكل صريحة ولكنها لم تظهر رفضها، سيكتفي بهذا القدر الآن وهو يعد نفسه بحبها القريب إليه..
_____ شيما سعيد ____
بالقصر علام..
بالحديقة الخلفية كانت تجلس عايدة ويقف أمامها علاء زوج شقيقة سارة، حدقت به بسخرية وقالت:
_ لأ البنت عندها حق تعمل أي حاجة عشان متعش مع واحد زيك..
أبتسم إليها وقال ببرود:
_ والله يا ست هانم هي اللي عيله قليلة الأصل عاشت طول عمرها في خيري ولما حبت تطلع للعز طلعت لوحدها نقول ايه بقى يلا حسبنا الله ونعم الوكيل فيها..
أشارت إليه عايدة بكبرياء وقالت:
_ إسمها كنتوا عايشين أنتوا الأتنين في خير جوزي وهي طمعت فحبت تأخد كل حاجة وأكيد أنت كمان طماع وعايز ينوبك من الحب جانب، أنا جايباك هنا عشان أنفذ لك أحلامك بس أنت عارف يا علاء ان الدنيا دي ما فيهاش حاجه ببلاش صح ولا أنا غلطانه؟!..
أومأ إليها وعلامـ.ـا.ت الطمع ظاهرة على معالم وجهه مثل الشمس، وضع يده علي رقبته مردفاً:
_ عمرك ما تكوني غلطانة يا هانم وأنا رقبتي دي فداكي بس كله بتمنه شوفي تؤمري بأيه واحنا ننفذ..
اتسعت ابتسامتها وقالت بقوة:
_ برافو يا علاء اسمعني بقى عشان تنفذ..
مرت دقائق وهو يسمعها بتركيز، اما هي كانت تشعر براحة كبيرة مع قرب إنتهاء لعنة حياتها " سارة" سألته بهدوء:
_ تقدر وإلا نجيب غيرك ؟!..
أجابها سريعاً:
_ لأ طبعا يا ست هانم أقدر بس حضرتك عارفه موضوع زي ده هيحتاج فلوس كتير..
حركت رأسها بسخرية وقدمت له شيك مكتوب بداخله كل شئ إلا إسمها وقالت:
_ زي ما انت شايف قدامك شيك بمليون جنيه واقف على امضتي وقت ما تنفذ همضي..
جذبه من يدها فأشارت له بالرحيل، أغلقت عينيها عدة لحظات فأتت الخادمة مردفة:
_ تسجيل الكاميرا اتمسح يا هانم وبكده حضرتك لا شوفتيه ولا عمرك ت عـ.ـر.فيه..
فتحت عينيها وقالت:
_ كويس وصليني اوضتي محتاجة أخد العلاج..
_____ شيما سعيد ____
ببيروت هبطت الطائرة الحاملة لمحمود وسارة، همس بنبرة خشنة وهو يمرر شفتيه علي وجهها بعدة قبلات خفيفة:
_ يلا يا بسبوسة صحي النوم وصلنا..
فتحت عينيها بكسل ثم أغلقتها من جديد أبتسم بخبث قبل أن يميل علي مقدمة عنقها واضعاً عليه قبلة رطبة قائلاً:
_ شكل حـ.ـضـ.ـني عجبك ومش عايزة تخرجي منه يا بسبوسة..
توقع خجلها، صمتها، أي شيء إلا ما فعلته، رفعت وجهها قليلاً لتصل لذقنه وقبلتها بدلال مردفة:
_ أوي... أنت حـ.ـضـ.ـنك حلو أوي يا محمود..
ما هذا يا صغيرة؟!.. بقبلة خفيفة بريئة قدرت على ذوبانه معها للمرة التي لأ يعلم عددها، بلهفة زاد من ضمها إليه وقال:
_ بجد يا سارة ؟!..
أومـ.ـا.ت إليه بنعومة وبدأت يدها الصغيرة بالتسلسل لمقدمه صدره كأنها تلعب على أوتار قلبه هامسة:
_ بجد ، خليك كدة علي طول بلاش محمود الوحش يظهر تاني عشان بخاف وأنا مش عايزة أخاف منك يا محمود..
والله هو الخائف الآن وكبريائه يمنعه من إظهار هذا الخوف، وضع كفه علي يدها العابثة بصدره وقال:
_ متخافيش..
حركت رأسها بنعومة وقالت:
_ مش هخاف.. شيلني بقي مش قادرة أمشي..
رفع حاجبه بتعجب من حالتها ولكنه نفذ طلبها بصدر رحب، قام من مكانه ليجدها تمد ذراعيها إليه علي وضع الاستعداد، مال عليها قليلاً وحملها بين يديه لتقول بدلال:
_ هوبا يا محمود..
_ يا قلب محمود أنتِ حصلك إيه بس ما بين ما نمتي وصحيتي ؟!..
لفت يديها حول عنقه وقربت وجهها منه وهو يسير بها للخارج قائلة:
_ شوفت خير اللهم اجعله خير حلم حلو أوي، قال إيه أنا واقفة في مكان شيك جداً كله ورد وشجر ووسط كل ده لقيت الأرض مليانة شوك فضلت أعيط ومش عارفة همشي إزاي قوم إيه؟!...
انـ.ـد.مج معها بالحديث وسألها بعدما وضع قدمه على أرض بيروت:
_ إيه ؟!..
_ شاطر نجحت في الإختبـ.ـار وطلعت مركز معايا في الكلام، قوم إيه لقيت راجـ.ـل وسيم وهيبة كدة مشي على كل الشوك ده وجه لحد عندي وشالني وعدي بيا من فوق الشوك من غير ما يحصل ليا حاجة، عارف مين الراجـ.ـل ده ؟!..
_ مين ؟!..
_ أنت يا محمود، فوعدت نفسي اخليك تفضل شاليني كدة على طول، رأيك إيه بقي ؟!..
مع نهاية سردها لحلمها كان وصل بها للسيارة المنتظرة قدومه، أشار للسائق بفتح الباب الخلفي ووضعها على المقعد ثم جلس بجوارها مردفاً بقوة:
_ أشيلك وأحطك جوا قلبي كمان يا بسبوسة..
ابتسمت إليه وقالت:
_ شاطر يا جوز بسبوسة..
_____شيما سعيد ______
بمنزل علام..
دلفت ألفت لغرفة حنان وجدتها تنظر لصورة تجمعها مع طاهر بليلة زفافهما، زفرت ألفت بضيق وجلست بجوارها على الفراش وقالت:
_ مش هو إبني أهو بس ما يستاهلش دمعة واحدة من عينك يا حنان ولا يستاهل أنك تزعلي إنه مع واحده غيرك..
سقطت دمـ.ـو.ع حنان بقهر وعادت بنظرها للصورة مردفة:
_ عارفة يا ماما في الصورة دي كان بيقولي إيه؟!.. قبل ما المصور يلقطها قالي أنتِ دخلتي الجنه برجليكي وهتشوفي الحلو معايا كله يا حنان، فعلا عشت معاه اربع سنين في الجنه وبس، خرجت منها على النار ومن وقتها ما شفتهاش تاني، تفتكري العيب فيا والا فيه يا ماما؟!..
عضت الفت علي شفتيها تمنع نفسها من البكاء ولكنها لم تقدر، بكت مردفة برجاء:
_ العيب فيه وفي اللي ربوه يا بنتي حقك عليا ما عرفتش اربي وكانت دي نتيجه زوج فاشل وأب فاشل حتى إبنه سندنا كلنا طلع...
قطعتها حنان بحركة سريعة من رأسها تنفي ما يقال على كبيرها وقالت:
_ لأ يا ماما لأ محمود مش زي طاهر محمود إبني شاف كتير وشال كتير يمكن اتصرف غلط لأ هو أكيد أتصرف غلط بس هو مش وحش ده عمره راح على الفاضي يا ماما واهي جات سارة ووو...
تلك المره كانت الصدمة من نصيب ألفت التي قامت من فوق الفراش مردفة بتقطع:
_ سارة ؟!.. كنتي عارفة إن إبنك متجوزها في السر ؟!.. ضحكتوا كلهم على العيلة الصغيرة دي يا حنان ؟!..
ألقت حنان بصورة على الفراش وأقتربت من ألفت مردفة:
_ حضرتك عرفتي منين ؟!..
_ عرفت منين هو ده بس إللي فارق مع جنابك عرفت منين ؟!.. ما كنتوش كمان عايزين أعرف المصيبه اللي عملتها في حفيدتي، راحت ولا جات عيلة صغيرة ما تفهمش في الدنيا حاجة، لكن إنتِ وإبنك ايه يا حنان ؟!.. ساب كل الستات اللي في الدنيا وما لقاش الا ساره عشان يضحك عليها..
_ لأ يا ماما مش دي الحقيقه محمود بيحبها هو اتجوزها في السر عشان خاطر خايف ده يحصل حاجه لعايده، مش عايز يشيل ذنبها ولا يشوف في عينيها نظره كان بيشوفها في عينيا لابوه مش عايز معتز يكرهه، لكن هو مستحيل يضحك على ساره دي بقت نور عينه..
ضحكت ألفت بسخرية قبل أن تضـ.ـر.ب كف على كف بقهر صارخة:
_ مشاعر عايدة ومعتز؟!.. طيب وسارة إيه عادي يشوف في عينيها نظره كره؟!. أنا مش هقعد في البيت ده تاني وهاخد حفيدتي معايا، قولي لابنك ما يقربش من اي مكان انا فيه ويطـ.ـلقها من سكات عشان لو قال لأ هيبقى فتح الحرب معايا وهو لسه ما يعرفنيش شاف مني الحلو بس لكن الوحش هيشوفه قريب، خساره يا ألف خسارة عليكم حق حفيدتي هجيبه قولي لابنك كدة..
تركتها وخرجت من الغرفة بخطوات مهزومة فسقط جسده حنان بتعب على الفراش مردفة بقلة حيلة:
_ والله العظيم ما حد عايز يهج من البيت ده غيري..
_____ شيما سعيد ______
بأحد أكبر الفنادق داخل جناح محمود كانت تضع خبيرة التجميل العالمية لمساتها الأخيرة على وجه سارة، ظلت تتابع جمالها الذي زاد جمال بعينين حزينة، تذكرت حديث والدها إليها مرة عنـ.ـد.ما قال " هقعد حاطط رجل على رجل عشان أختار العريس اللي يليق بيكي ما هو مش أي راجـ.ـل في الدنيا ياخد سارة" يا ليتك على قيد الحياة يا أبي..
ابتسمت بحنين لتلك الأيام وخصوصاً جملته الشهيرة " ريحتك فيها راحة بالي وأيامي الحلوة يا سارة" " إللي هيأخدك مني لأزم يشوف نجوم الضهر عشان يوصلك يا غالية يا بنت الغالية"
إنتبهت على صوت خبيره للتجميل التي قالت بحنق:
_ هذا لأ يجوز، البكاء سيجعل كل ما فعلته بهباء الرياح..
هل كانت تبكي ؟!. حتي شعورها بنفسها انعدم جففت دمـ.ـو.عها بطرف أصابعها وقالت:
_ لا عليكِ الأمر مازال بين يدينا..
أومأت لها الأخري مردفة بإبتسامة مرحة:
_ حسناً، انتهينا من اللمسات الأخيرة والآن حان وقت ارتداء فستان الزفاف..
لا تعلم لما تحمست لرؤيه فستانها؟!.. حتى هذا حرمت من اختياره واختاره هو، أتت مساعدة خبيرة التجميل ومعها الفستان، حدقت به ساره بأعين متسعة، مبهورة من جماله.. تعالت دقات قلبها بمشاعر جميلة وقالت بنبرة مترددة:
_ هذا فستان زفافي ؟!..
_ أجل يا سيدتي..
عضت على شفتيها تمنع نفسها من العودة للبكاء وبدأت بـ.ـارتداء الفستان الذي برز جماله مع وضعه على جسد سارة..
أنتهي كل شيء ووقفت أمام المرايا عروس شـ.ـديد الجمال، أخذت نفسها بتـ.ـو.تر وتابعت انعاكس صورتها برضاء تام..

دقة والثانية آتي بعدها صوته الخشن من خلفها يقول بحماس:
_ لفي خليني أشوف حلاوة الدنيا بين عنيكي...
دارت إليه ليري بالفعل حلاوة الدنيا بين عينيها ، أصابته حالة من الذهول مع تأمل عينيه إليها، اهدته إبتسامة زادت من نعيمه ، أقترب منها بخطوات ثقيلة وكأن العالم توقف من حوله ولم يبقي به سواهما، مد يده لها لتعطي يدها إليه مردفة:
_ حلوة ؟!..
حرك رأسه بنفي وهمس:
_ مش حلوة ، الكلمة دي قليلة عليكي وفيها ظلم ليكي، مش عارف أوصفك لكن بصي في عيني هتشوفي فيها كل الكلام..
رفعت عينيها لعينيه ورأت نفسها متربعة بالداخل وكأن لم يخلق غيرها، إبتسمت برضاء يزيد من ثقتها بنفسها وقالت:
_ شايفة نفسي بس، ومع ذلك خايفة أصدق..
_ خايفة تصدقي إيه ؟!..
_ أصدق عينك إللي أنا فيها لوحدي وكأن مافيش في الدنيا غيري ، أصدقها إزاي وأنا عارفة إن نقطة صغيرة في بحر دنيتك الكبيرة..
تنهد بثقل وضم وجهها بين يديه قائلاً بصدق:
_ جوا دنيتي ناس كتير وجوا قلبي أنتِ وبس يا بسبوسة..
أشبع أنوثتها بلذة من الغرور، غمز بطرف عينه ثم أشار إليها بطريقة ملكية مردفاً:
_ يلا نبدأ فرحنا ؟!..
_ يلا...
_____ شيما سعيد _____
بقاعة فخمة دلفت ويدها متعلقة بذراعه على نغمـ.ـا.ت أغنيتها المفضلة " حلم سنين" للفنان تامر حسني، نظرت لمحمود مردفة بذهول:
_ أنت عرفت منين اني بحب الاغنيه دي؟!..
همس إليها وهو يدعمها لتسير معه أكثر:
_ مش مهم عرفت منين المهم اني عرفت، غمضي بقى عيونك الحلوين ولما اقول لك فتحي... فتحي اتفقنا؟!..
أومـ.ـا.ت إليه وأغلقت عينيها، سمعت تصفيق حار لا تعلم مصدره ولكنها سعيدة بتلك اللحظة التي تمنت أن تعيشها وها هي الآن أصبحت حقيقة ملموسة أمامها، وقف عن السير ووقفت هي فقال:
_ فتحي عيونك يا بسبوسة .
فتحت عينيها لتجد أمامها تامر حسني يكمل كلمـ.ـا.ت الأغنية ، تعالت دقات قلبها بجنون وهمست بعدم تصديق:
_ هو اللي بيحصل قدام عيني ده حقيقي... ده تامر حسني؟!..
أومأ إليها ووضع قبلة رطبة على جبينها وقال:
_ وهو هيغني في فرح مين أحسن منك؟!..
_ هو ينفع أروح أسلم عليه واتصور معاه؟!..
جذبها معه لساحة الرقص وضم خصرها له مردفاً بقوة:
_ لما ابقى اركبهم يا حياتي أبقي اعملي كدة ، انسيه وانسي كل الموجودين دول وركزي معايا أنا وبس..
هنا فقط عادت للواقع ونظرت حولها ، رفعت حاجبها بتعجب وهي تري أمامها أكثر من خمس رجال ونسائهم فقالت:
_ مين الناس دي هو أنت مأجر كمان معزيم للفرح ؟!..
ضحك من أعماق قلبه وحرك رأسه بنفي قائلاً:
_ أكيد لأ طبعا دول يا ستي أصحابي واللي معاهم مراتاتهم..
_ امممم ومش خايف الخبر يوصل لأي حد وصورتك تتهز في الوسط المرموق..
قبل أنفها مردفاً:
_ تؤ مش شايف ولا فاكر حاجة غير أنك دلوقتي في حـ.ـضـ.ـني وراضية عني.. تعالي في حـ.ـضـ.ـني أكتر بقي خليني أطمن قلبي بيكي..
ضمت نفسها أكثر إليه وأعطت له من الأمان ما يريح قلبه لسنوات، كانت تتمايل بين يديه مثل الفراشة الناعمة حتي انتهت الأغنية، أبتعد عنها قليلاً ثم أشار لمنظم الحفل ليعطي إليه الميكروفون فقالت بذهول:
_ أنت هتعمل ايه ؟!..
_ هغني لك..
قبل أن تستوعب ما يحدث كان بدأ صوت العذب بغناء أغنية " خليني في حـ.ـضـ.ـنك يا حبيبي"
خليني في حـ.ـضـ.ـنك يا حبيبي
ده في حـ.ـضـ.ـنك بهدا وبرتاح
أنا كل مشاعري معك راحوا
وكمان قلبي لقلبك راح
ولا بضحك وأفرح من قلبي
غير لو جنبي أنا كانوا عينيك
لو تبعد عني ولو ثانية
بتجنن يا حبيبي عليك
وبتحلى الدنيا في عيني
وأنا جنبك فما تبعدنيش
حُبك فعلاً بيخليني
أتمسك بالدنيا وأعيش
وفي قربك بيروح خوفي
وده وعد ومُلزم أنا بيه
مهما تكون يا حبيبي ظروفي
قلبك عمري ما هاجي عليه
أنا مكسب عمري إني قابلتك
غيرت في عيني الأيام
طمنتني ع الباقي في عمري
حققت لي كل الأحلام
أول ما عيونك دي بشوفها
مش بعرف أشوف غيرها خلاص
إنت هدية ربنا ليّ
إنت حبيبي وأغلى الناس
وبتحلى الدنيا في عيني
وأنا جنبك فما تبعدنيش
حُبك فعلاً بيخليني
أتمسك بالدنيا وأعيش
وفي قربك بيروح خوفي
وده وعد ومُلزم أنا بيه
مهما تكون يا حبيبي ظروفي
قلبك عمري ما هاجي عليه..
سقطت دمـ.ـو.عها مع كل كلمة تخرج منه، قدر على إختراق مشاعرها ببساطة، جذبها ليكمل الأغنية وهي بين أحضانه حتي أنتهي حفل الزفاف ، حملها أمام الجميع ليصفق أصدقائه الذي كان علي واحد منهم ، دفنت وجهها بعنقه مردفة بخجل:
_ أنت بتعمل إيه ؟!..
_ أنا بشيلك زي ما وعدتك الصبح أفضل شايلك على طول..
أخذها وذهب فضحك علي على صديقه مع صديقهم الأخري مردفاً:
_ إللي كان وقور فينا عمل في نفسه كدة ، ده صحيح الحب بهدلة يا عيال..
قال الأخري من بين ضحكاته:
_ كلنا وقعنا بس إبن علام تخطي كل الحدود أنت مش شايف المدام بتبص ليا إزاي، يا بختك يا علي مش متجوز..
وعلى ذكر الزواج رن هاتفه برقم أحد رجاله المكلف بمعرفة كل شيء عن أروي، أبتعد عن الأجواء وفتح الخط مردفاً بتـ.ـو.تر:
_ قولي وصلت لايه وإياك تقول معرفتش توصل لحاجة..
_ لأ يا باشا وصلت هي فعلاً أخت محمود باشا بس من أم تانية..
____ شيما سعيد _____
بجناح العروسين..
وضعها على الفراش مثل قطعة الألماس الثمينة ومال عليها يؤكد لنفسه بأنها معه وبين أحضانه ، يشعر وكأنه لأول مرة يتزوج لأول مرة يحب لأول مرة يقترب من إمرأة، سألها وهو يتمني إجابة مرضية لقلبه:
_ مبسوطة ؟!..
إجابته بحركة خفيفة من رأسها ليعيد عليها السؤال بهمس دافئ:
_ مبسوطة معايا يا سارة ؟!.. عايز أسمعها وأحس بيها..
رفعت يديها لتفك زراير قميصه واحد تلو الآخر مردفة بنعومة:
_ النهاردة مبسوطة واوي كمان ، المهم تفضل شاطر وتخليني مبسوطة على طول..
همهم بمتعة على أثر لمساتها ونزل لمستوي عنقها واضعاً قبلة عليه بشغف مردفاً:
_ هتشوفي الحلو كله..
_ وهتقول للكل إن مراتك ؟!..
ظهرت معالم الضيق على ملامحه ولكنه قال بهدوء:
_هيحصل بس مش دلوقتي..
رفعت عينيها وثبتتها على عينيه وقالت بسخرية:
_ ما المدام عارفة من زمان وعاملة نفسها هبلة ووالدتك كمان عرفت إيه خايف على زعل مين تاني ؟!..
أبتسم إليها ومرر طرف أحد أصابعه:
_ مش خايف من زعل حد ، أنا بس حابب أعيش المغامرة من غير ما حد يبص في حياتنا ولا يبقي عندنا ملل الحياة الزوجية ، عايز أفرح بيكي وأفرحك بيا يا حياتي..
رغم إنه كاذب وخائف على معتز من الحقيقة إلا إنه لم يقدر على قول هذا أمامها ، أما هي ردت على حديثه بقبلة ناعمة فوق ذقنه أعطت إليه إشارة صريحة بالاقتراب ، وهو أكثر من مرحب غاص بنعيمها ولأول مرة تترك نفسها للغوص ببحر رجولته..
↚
بمكان رائع فوق الجبل كان يضمها من ظهرها وهي تشاهد كل ما حولها بإنبهار، دفن وجهه بين خصلات شعرها الناعمة يأخذ أكبر قدر من عطرها المميز، تنهدت تنهيدة طويلة فسألها :
_ مالك يا حياتي؟!..
حياته؟!. هل هي بالفعل حياته؟!.. إبتسمت وقالت :
_ مكنتش متوقعة أشوف مكان بالجمال ده في حياتي، تعرف بعد ما بابا مـ.ـا.ت كان حلمي الوحيد أروح الملاهي بس مريم كانت بترفض بحجة إن علاء لو عرف هيضـ.ـر.بني..
عانت الصغيرة كثيراً وهو الأخر كان أحد أهم الأجزاء بمعانتها، بنـ.ـد.م شـ.ـديد وضع أكثر من قبلة على عنقها مردفا :
_ أنا أسف..
أهتزت على أثر لمسته، على أثر جملته الحنونة والغير متوقعة من رجل مثله، دارت بجسدها ليبقى وجهها أمام وجهه قائلة بتعجب :
_ بتعتذر على إيه، ده أنا المفروض أقولك كتر خيرك فضلت سنين تصرف عليا وعلى أختي وجوزها رغم إني ماليش حق والمال كله بتاعك..
مرر أطراف أصابعه على بشرتها بنعومة ثم قال بتعب :
_ ت عـ.ـر.في يا سارة عشان المال ده يفضل موجود أنا دفعت قصاده سنين عمري اللي راحت كلها، جدي قالي قبل ما يموت بلاش تبقى زي أبوك وعمك يا محمود اللي حركتهم رغبتهم وبس، من وقتها بقيت إنسان ألي معنديش أي نوع من المشاعر المهم اسم العيلة، ركنت مشاعري كراجـ.ـل على جنب عشان عايدة متحسش بالنقص مكنتش عايز معتز يبقى زيي لحد ما جيتي أنتِ..
كانت تسمعه بكل تركيز، تحاول كشف ما بداخله لعلها تعلم أين الحقيقة أو تحصل على خيط واحد لها، تـ.ـو.ترت مع ذكره لها، بللت شفتيها بطرف لسانها لتعطي لها بعض الرطوبة مردفة :
_ عملت لك إيه؟!..
ابتسم إليها وقال :
_ ضحكتي عليا ولعبتي بيا، أنتِ أول ست تصحى جوايا أحساس اني عايز ست رغم اني عارف انها مش عايزة مني غير شوية فلوس، كنت عارف ان في واحدة قدرت تنصب على محمود علام وكنت مبسوط وعايزها أكتر، حتى دلوقتي يا سارة فاهمك بس هضحك على نفسي عشان أفضل معاكي وفي حـ.ـضـ.ـنك..
ما هذا وكيف له أن يكون بتلك الطريقة؟!.. هـ.ـر.بت بعينيها بعيدا عنه، تشعر بضعفها بين يديه وهذا ما يزيد الأمر سوء، أقترب منها وهو بيقول بحب :
_ ريحتك حلوة أوي يا سارة عمري ما شمتها على ست قبلك..
تحمست من مدحه بعطرها فقالت :
_ دي برفان عملته على أيدي مخصوص ليا مش هتشمه على واحدة في الدنيا ابدا لا قبلي ولا بعدي....
رفع حاجبه ممثل الدهشة :
_ يا سلام على كدة بقى إنتِ بتحبي العطور وبت عـ.ـر.في تعمليها؟!..
أومـ.ـا.ت بنفس حماسها وقالت :
_ طبعا وكان عندي محل في القرية بتاعتنا قبل ما ننزل القاهرة بس راح زي ما حاجات كتير عملتها وتعبت فيها وراحت..
تحول نبرتها للحزن جعله يتألم، مسح على وجهها بحنان قائلا :
_ حصل إيه في المحل بتاعك؟!..
_ علاء كان عليه ديون لواحد فسرق كل العطور اللي في المحل وباعها لواحد عنده مصنع صغير وباع المحل، من بعدها بطلت أعمل أي أنواع جديدة الا نوع واحد بعمله لحد دلوقتي..
_ اللي هو إيه؟!..
ابتسمت إليه بنعومة وقربت جسدها منه أكثر، مال على عنقها وأخذ أكبر قدر من عطرها الرائع فقالت :
_ عطر سارة، نوع بعمله لنفسي من وأنا في إعدادي ومحدش بيحطه غيري..
بقوة قال :
_ هعملك مصنع بأسم عطر سارة اعملي فيه اللي نفسك فيه بس بشرطين..
تعالت دقات قلبها ما بين السعادة والخوف، انتظرته يكمل الا إنه حدق بها بصمت فقالت بتـ.ـو.تر :
_ إيه هما الشرطين؟!...
_ الأول المصنع هيبقى بأسمي عشان أضمن أنك تفضلي جانبي لحد ما أحس بحبك ليا ووجودك معايا حتي لو معاكي مال الدنيا وقتها هيبقى بأسمك حتى لو عايزة أملاكي كلها، الشرط التاني عايز عطر يبقى ليا على ذوقك محدش يحطه لا قبلي ولا بعدي..
لا تعلم شرطه الأول من حبه لها مثلما يقول ولا حتى يتمكن من السيطرة عليها كما يسيطر على الجميع، ومع ذلك أهدت إليه إبتسامة رائعة مع نبرة يتراقص منها الدلال :
_ وماله ده إحنا عنينا لمحمود بيه، هعملك أحلى برفان كل ما تحط منه تحبني أكتر...
____ شيما سعيد ____
بمنزل مريم وعلاء..
ضـ.ـر.بت على صدرها وهي تسمع حديث زوجها عن خطته مع زوجة محمود قائلة :
_يا ليله مش فايته أنت بتقول إيه يا علاء مهما حصل سارة هتفضل أختي..
خرج من حنجرته صوت همجي وقال:
_ أختك مين يا أم أختك دي عيلة وا.طـ.ـية فضلنا سنين شايلين قرفها وفي الاخر خلعت لوحدها يبقى من حقنا احنا كمان نلعب لوحدنا والا رأيك ايه؟!..
لا تعلم ماذا تقول، ما يريد فعله كارثة كبيرة إحتمال تأخذ روح شقيقتها، بلعت ريقها وقالت بخوف :
_ عندك حق هي عملت حركة وا.طـ.ـية كانت مفروض تسحبنا للعز معاها بس مش للدرجة دي يا علاء، الراجـ.ـل ده جبروت ولو حس إحساس بسيط إنها بتبص لغيره مش بس بتحب غيره هيطلع بروحها..
نظر إليها بحنق، يبدو أنها ستقف أمامه وهذا ما لا يريده، اقترب منها أكثر وقال بخبث :
_ قلبك الطيب ده هو اللي هيضيعك يا مريم، البت دي حاولت تقرب مني بدل المرة ألف من غير ما تعمل حساب اني جوز أختها وكنتي بتشوفي ده بعينك، ولما لقتني بحبك حرمتنا من العز وراحت سرقت الراجـ.ـل من مـ.ـر.اته، كل ده ولسة في قلبك رحمة ليها..
لو كان بداخلها القليل من تأنيب الضمير فانتهى بعد ما قاله، عضت على شفتيها بغل مردفة :
_ عندك حق البت دي طول عمرها رافعة مناخيرها لفوق لأجل إنها بنت البشوات وأنا أبويا على قد حاله تبقى تستاهل كل اللي يحصل لها..
ظهر معالم الارتياح على وجهه أخيراً وضمها لصدره هامسا :
_ شاطرة يا قلب جوزك انتِ كدة حبيبتي وت عـ.ـر.في مصلحتك فين، اسمعي بقى المطلوب منك ونفذي بالحرف...
أومـ.ـا.ت إليه وهي تضمه لها اكثر قائلة :
_أنا من إيدك دي لايدك دي..
____ شيما سعيد _____
بعد مرور يومين..
بشركة علي..
جلس بمكتبه ينتظر قدومها، اليوم هو اليوم الأول بالعمل لها وهو يود معرفة الكثير والكثير عنها، طرقت السكرتيرة على الباب ثم دلفت مردفة بهدوء :
_ مدام أروى وصلت يا فنـ.ـد.م أدخلها والا حضرتك مشغول؟!..
_ دخليها وممنوع أي حد يدخل طول ما هي جوا حتى لو أنتِ مفهوم..
_ مفهوم يا فنـ.ـد.م..
خرجت بخطوات سريعة وبعد ثواني كانت تدلف أروى وآه والف آه من أروى، وقفت أمامه كي تبهره مثلما تفعل دائماً ترتدي بذلة عمل نسائية من اللون الأزرق فوقها حجاب أبيض بسيط، وجهها خالي من مساحيق التجميل الا عينيها ترسمهم بكحل أسود أبرز جمال عينيها، بخطوات رشيقة أقتربت من مكتبه وقالت بابتسامة عملية :
_ أقدر أبدأ شغل من امتى يا فنـ.ـد.م؟!..
أين هو فهي تتحدث وهو يتأمل إبداع الخالق فقط، فاق على نبرتها الحادة وهي تقول :
_ علي بيه..
_ هاا.
_ ها ايه بقولك المفروض أبدأ شغل أمتي بس من الواضح ان حضرتك مشغول ممكن أجي في وقت تاني..
_ لما سألت تقربي إيه لمحمود علام كذبتي ليه يا أروى، مقولتيش أنه أخوكي ليه مع إن حاجة زي دي كانت هترحمك من تحت أيدي..
أهتزت مع معرفته الحقيقة، شعرت بأشياء كثيرة وأهمها الخذلان لا تعلم إذا عادت لمحمود كيف سيكون استقباله لها وهل سيقبلها بحياته من الأساس، ارتعاشها الداخلي ظهر على جسدها، ساقيها ثقلت، ترفض وضع شقيقها برحلة جديدة معها يكفي إنها خذلته أمام شخص مثل سيد، شعر بها فقام من محله وساعدها على الجلوس مردفا بقلق :
_ مالك يا أروى أنتِ كويسة؟!..
ظلت صامتة لعدة لحظات قبل أن تحرك رأسها بثقل مردفة :
_ كويسة، يهمك في إيه إذا كان أخويا والا لأ؟!.
تعجب من سؤالها مردفا :
_ يهمني طبعا ده صاحبي مش بس صاحبي ده أخويا ولو أنتِ أخته يبقى اللي بيحصل بنا ده غلط..
رفعت حاجبها بسخرية واضحة على وجهها قبل أن تقول :
_ وهو ايه اللي بيحصل بنا؟!... إنك طمعت فيا وأنا ست متجوزة؟!..
أغضبته نبرتها الساخرة ليقول بتحذير :
_ أروى..
قطعته بإشارة قوية من يدها وقالت :
_ المبدأ واحد يا أستاذ علي، إذا كنت أخت محمود أو لأ ده ميمنعش أنك انسان ناقص، اللي يستغل واحدة ست عشان مالهاش حد ويستقوي عليها يبقى ضعيف، خدها نصيحة مني بص لنفسك في المرايا وأبقى تعالي قولي شوفت فيها إيه..
تخطت كل الحدود بحديثها، ليكون صريح هي وضعته أمام نفسه بصورة بشعة، لم يشعر بحاله الا وهو يجذبها من فوق المقعد لتقف امامه مردفا بغضب :
_ لمى لسانك بدل ما أقطعه، جوزك هو اللي رخصك وعايزك تاخدي بالك كويس من وقت ما دخلت بيتك كنت قادر أخد اللي أنا عايزه منك بس لما لقيتك غالية رفضت اوسـ.ـخك، أنتِ سليمة لحد دلوقتي عشان أنا عايز كدة مش عشان أنتِ عايزة كدة..
لم تتغير نظرتها الساخرة بل أكملت عليه مردفة :
_ إيه اللي وصلك لهنا يا علي باباك كان بيخون مامتك والا ست الحبايب كانت بتحط سلك الكهربا تحت باطك مهو اكيد أنت مش وا.طـ.ـي كدة طبيعي..
يا ليتها صمتت الأمر الآن أصبح كارثي، رفع يده لينزل بها على وجهها الا إنها كانت الأسبق وعلمت على منطقة تحت الحزام جعلته يعود خطوتين للخلف من شـ.ـدة الألم ثم قالت بقوة :
_ خد بالك زمان قبل ما اتهف في عقلي وأتجوز نص الراجـ.ـل ده كان عندي جيم يعني لما تحاول تلعب معايا لأزم تلعب بذكاء، آه ونسيت أقولك هتجوزك حتى لو غصب عنك أنت خلاص بقيت شغلي الشاغل هعلمك الأدب من أول وجديد لحد ما تمشي في البلد عبـ.ـيـ.ـط... هروح أستلم الشغل على ما تقدر تقف على رجلك وتفوق..
تركته بحالة من الذهول وخرجت من مكتبه، جلس على المقعد بألم مردفا :
_ اه يا بت ***** بقى أنا يتعلم عليا ومن مين من البت دي؟!.. ماشي يا أروى أنا وأنتِ والزمن طويل..
أتت اليه رسالة صوتية ففتحها لتزيد صدمته من وقاحتها :
_ حسبت عدتي لقيتها هتخلص على يوم خميس كمان تلات شهور الجمعة الصبح هتكتب عليا..
ما هذا كيف تحولت فجأة وأصبحت تريده بهذا الشكل؟!.. أما على باب مكتبه أغلقت هاتفها وهي تتذكر أيامها بشقة محمود وحديثه المستمر مع صديقه الملقب بعلي، إذن هذا هو علي، يا الله من سخرية القدر كانت ترسم إليه صورة رائعة من مجرد كلمـ.ـا.ت وها هو هدم كل هذا بحقيقته المرة، حركت رأسها بتعب قائلة :
_ على رأي المثل قاله إدخل الزريبة هات كـ.ـلـ.ـب.... ماشي يا علي اعتبري من هنا ورايح عملك الأسود في الدنيا...
_______ شيما سعيد _____
ببيروت..
بمعرض أحد أهم مصممي الأزياء، خرجت سارة من الغرفة القياس بفستان رقيق من اللون الأبيض، وجدته بانتظارها كالعادة أقتربت منه مردفة بضجر:
_ ها يا رب حاجة تعجبك أنا تعبت بجد..
أشار إليها بيده لتدور رفضت بحركة مترددة ليقول :
_ سارة..
نفخت وجهها بضيق ودارت وهي تقول :
_ يا رب على الظالم..
أنتفض جسدها بفزع على آثر صوته الغاضب، أغلقت عينيها بقوة وهي تسمع صوت خطواته تقترب منها حاولت الفرار الا أن ذراعه كان الأسبق عنـ.ـد.ما قيد خصرها مردفا :
_ ت عـ.ـر.في لو كان في حد غيري في المكان حتى لو ست وشافتك بالشكل ده كنت عملت إيه فيكي وفيها؟!..
أبتلعت لعوبها بتـ.ـو.تر مردفة :
_ إيه؟!..
_ هي كانت هتبقى أخر مرة تشوف أما أنتِ كنت هعمل من جـ.ـسمك لوحة تتكسفي تعريها قدام أي حد..
كانت نبرته كفيلة ببث الرعـ.ـب بقلبها، أخذت عدة ثواني قبل أن تلبس ثوب الدلال وتعطي وجهها إليه مردفة بنعومة :
_ أهون عليك يا بيبي؟!..
أوما إليها بتأكيد مردفا :
_ في الحتة دي بذات تهوني يا بسبوسة، يلا أقلعي القرف ده وتعالي هختار على ذوقي..
لفت لسانها بغضب :
_ أنت عندك ذوق منين ده أنت مختار عايدة..
رفع حاجبه عدة لحظات بتعجب قبل أن تتحول نظراته لأخرى خبيثة وهو يمر بأطراف أصابعه على سلسلة عمودها الفقري مردفا :
_ ما أنا مختارك أنتِ كمان يا بسبوسة..
اتسعت ابتسامتها الخبيثة هي الأخرى وغمز إليه بشقاوة مردفة :
_ لأ معلش بقى أنا اللي مختارك، وأنت نفذت اللي أنا عايزاه بس يا باشا..
ضحك من أعماق قلبه على ثقتها وأخذ قبلة سريعة من شفتيها الناعمة قائلا :
_ بمزاجي يا قلب الباشا كله كان بمزاجي، قدامي بقى عشان أنا برضو اللي هختار الهدوم..
زفرت بضيق مردفة :
_ برضو مصمم؟!..
_ أممم مصمم والا تحبي نمشي؟!..
جذبته من يديه ليسير خلفها مردفة بلهفة :
_ لأ طبعاً نمشي إزاي هو في احلى في الدنيا دي من ذوقك..
ضحك بخفة وضـ.ـر.بها على مقدمة رأسها :
_ شاطرة وطعمة الاتنين مع بعض ده يا حظي الحلو في الدنيا...
بعد أكثر من ثلاث ساعات خرج معها من المكان والامن خلفهما يحمل الأكياس، نظرت إليه وجدته غاضب فقالت بتعجب :
_ مالك مش نفذنا اللي في دماغك وجبنا اللي أمرت بيه قالب وشك ليه؟!.
حدق بها بغيظ وقال :
_ مش عارفة ليه ؟!.مش عارف أعمل فيكي ايه عشان أرتاح..
شهقت بطريقة لذيذة تظهر بها برائتها المعدومة مردفة :
_ يااا ده أنت شايل مني أوي عملت لك إيه لكل ده؟!. ده أنا حتة مكسوره الجناح وأنت سي السيد..
_ كل الهدوم عليكي حلوة حتى المحترمة كدة مش هينفع يا سارة لأزم تبقى وحشة شوية عشان قلبي يرتاح، ده وأنتِ معايا قلقان آمال لما تخرجي لوحدك..
ضحكت بدلال :
_ حظك بقى أنا لو مكانك أفضل معايا طول الوقت عشان أثبت ملكية..
فهم معنى حديثها فجذبها ليضمها إليه بقوة كأنه يود أدخلها بين قفصه الصدري مردفا :
_ عندك حق لأزم أفضل ماشي لازق فيكي عشان الكل يعرف إنك بتاعتي أنا وبس..
أغلقت عينيها مستمتعة بهذا الشعور اللذيذ بسيطرتها الكاملة على محمود علام، سار بها ليلمح ابيه بطرف عيناه، تجمد لثواني قبل أن يفتح لها باب السيارة ويضعها بالداخل مردفا بقوة :
_ إياكي تفتحي الباب وتخرجي..
تعجبت من تغيره وكانت ستساله الا إن اقتراب طاهر منهما مع امرأة جميلة جعل محمود يغلق باب السيارة عليها سريعاً، سمعت ما يدور بالخارج وفهمت ما فعله جيدا، كتمت دمعتها بقوة وهي تقول لنفسها بسخرية :
_ كويس خليه يزرع عشان يبقى ضميري مرتاح..
بالخارج..
أقترب طاهر من محمود ومعه صديقته صوفيا، حدق به محمود بضيق حاول عدم إظهاره مردفا :
_ غريبة حضرتك جيت من لندن على بيروت كنت عدي على مصر بالمرة..
فهم ما يريد ولده قوله واجابه بهدوء :
_ كنت حابب أنزل لكن والدتك قالت إنها مش حابة تشوفني..
أوما إليه محمود قائلا :
_ الشركة محتاجة حضرتك تبقى موجود فيها الفترة دي..
نظر طاهر بنطرف عينه لباب السيارة المغلق ومحمود الواقف أمامه وكأنه يخشى رؤيته لما بداخله :
_ شكلك قررت تشوف نفسك أخيراً، كدة أحسن يا ابني بس المهم عايدة متعرفش دي وصية المرحوم أخويا فاهم طبعاً، عط براحتك بعيد عن مراتك وإبنك..
نظر محمود لصوفيا مردفا بسخرية :
_ متعرفش عربي شكلها أصلك واخد راحتك في الكلام على الآخر..
_ لأ صوفيا تعرف كل حاجة بس مفيش بنا اللي يخليني أخاف أتكلم قدمها، ما تطلع اللي معاك نتعرف..
ضغط محمود على باب السيارة وقال :
_ مش زي ما أنت فاهم يا بابا، أنا هنا في شغل ولازم أمشي دلوقتي...
دلف للسيارة سريعاً وأمر السائق بالذهاب، كانت تتابع الطريق أمامها بشرود وهو كان مثلها، لأول مرة بحياته يوضع بموقف مثل هذا، لو كان رآها والده كيف ستكون صورته؟!.. ماذا سيقول عن وجود ابنة عمه الصغيرة معه هنا؟!. وعلى ذكرها نظر إليها وجد معالم وجهها خالية من الحياة، وضع يده على فخذها لتنتفض مردفة :
_ لو سمحت أبعد عني دلوقتي..
_ سارة..
أكملت الحديث بدلا عنه بضيق :
_ أنا سمعت كل حاجة يا محمود ده عمو طاهر وأنت مش عايزني أظهر قدامه عشان لما يرجع مصر ويعرف أنا مين ميقولكش كانت معاك بتعمل إيه، حطتني في خانة واحدة سهلة بتقضي معاها يومين عشان تخلي كل حاجة في الضلمة زي ما بدأت، أنا مش زعلانة ومش هطلب منك تعلن جوزانا تاني لاني من الأول وفقت اتجوز في السر..
وضع يده على فمها يمنعها من تكملت الحديث وهو يقول بنفي :
_ الكلام ده مش صح، أنا حبيت لما اقوله تبقى بطريقة أحسن من دي مش أكتر من كدة.
أومـ.ـا.ت إليه بهدوء قائلة :
_ تمام هعمل نفسي مصدقة، بس ليا طلب ممكن تنفذه..
_ طبعا يا حبيبى..
_ عايزة أرجع مصر وجودي هنا بدأ يضغط على أعصابي بجد مش قادرة أقعد ساعة واحدة كمان..
_ ماشي يا سارة هنرجع بالليل..
قالها ونظر للطريق أمامه بصمت لم يجد كلمة إضافية تضاف لهذا الحوار، أما هي أغلقت عينيها بتعب أعصاب كل يوم يمر بها بتلك العلاقة تجعلها أكثر قهراً وضعفا علاقة سامة فتتت قلبها...
_____ شيما سعيد _____
بصباح اليوم التالي..
وقفت سيارة محمود أمام قصر علام، أسرعت بالنزول من السيارة دون أن تعطي إليه مجال للحديث معها، فقال بقوة بعدما خرج خلفها:
_ اقفي مكانك يا سارة..
أقترب منها بخطوات سريعة ليقف أمامها مردفاً:
_ من إمبـ.ـارح بتقولي مش زعلانة لكن كل تصرفاتك بتبين أنك زعلانة يا سارة بتحاولي تهربي مني ليه انا مش فهمتك الوضع وأنتِ تقبلتي ده؟!..
لم تتحمل أكثر وقالت بغضب:
_ تقبلت الوضع انا ما تقبلتش حاجه أنت اللي فرضت عليا الوضع ده، لو متقبلتهوش ورفضته تقدر تقولي هتعمل ايه هتنفذ اللي انا عايزاه ولا برضو هتعمل اللي انت عايزه واللي انت محتاجه بس..
جذب كفها مقبلاً بطنه بحنان مردفاً:
_ يا حبيبتي أنا مش محتاج حاجه من الدنيا الا وجودك وشويه صبر منك لحد ما يجي الوقت الصح ونقف قدام الكل ونعرفهم إننا متجوزين..
حركت رأسها بمعني لا فائدة وهمست بتعب:
_ اللي أنت شايفه صح أعمله ممكن بقى تسيبني أدخل لأني تعبانة ومحتاجة أرتاح..
أومأ إليها بهدوء لتذهب من أمامه سريعا، دلفت لغرفة المعيشة لتجد جدتها وحنان فقط، رسمت على وجهها إبتسامة باهتة وقالت:
_ صباح الخير..
ابتسمت حنان بتـ.ـو.تر وقالت ألفت بقوة:
_ صباح الخير دي تقوليها لنا لما تكوني نازله من اوضتك رايحه الكليه لكن لما تخرجي من تلات أيام عشان رايحه كليتك وما ترجعيش إلا دلوقتي يبقى ما اسمهاش صباح الخير اسمها كنتي فين يا ست هانم..
مسحت على خصلاتها بتعب شـ.ـديد قائلة:
_ كنت مع جوزي..
دلف محمود بتلك اللحظة ووجد ألفت تجلس ، زفر بغضب بعدما علم من معرفة ألفت وقال:
_ بيحصل إيه هنا ؟!..
قامت ألفت من مكانها بغضب قائلة:
_ بقى مش مكسوف من نفسك وأنت واقف قدامي كده وبتقول ايه اللي بيحصل هنا؟!.. أنا اللي المفروض أسألك ايه اللي بيحصل يا كبير بتضحك على العيلة اليتيمة ولابس ثوب الوقار والاحترام وأنت.... أقول فيك ايه.. .
تدخلت حنان بالحديث سريعاً:
_ أهدي يا ماما عشان صحتك محمود بيحب سارة وهيعلن جوازه منها..
نظر لسارة بعتاب ثم عاد بنظره لجدته مردفاً بهدوء:
_ قريب جداً هعلن جوازي منها ممكن تهدئ يا تيتا..
ردت عليه ألفت بسخرية:
_ بس هي مش عايزة تكمل سارة عايزة تطلق..
حرك رأسه برفض ونظر لسارة بحنان ورجاء مردفا:
_ سارة حبيبتي ردي عليها وقولي أننا متفقين على كل حاجة سوا ، قولي يا حياتي..
أرتجف جسدها على أثر كلمـ.ـا.ته ونظراته لها، رأت الحب واضح ولكنه نقطة بعيدة وسط عالمه الكبير، ها هي اللحظة المنتظرة بالنسبة لها لحظة شعورها بالنصر، رفعت رأسها بكبرياء قائلة:
_ بس إحنا مش متفقين على حاجة يا أبيه أنا فعلاً عايزة أطلق وأمشي من هنا زي ما تيتا قالت...
____ شيما سعيد _____
↚
تصلب جسده مع سماعه لحديثها، جذبها من كفها بقوة تأوهت بألم خفيف على أثرها مردفا بذهول :
_ إيه الكلام الفارغ اللي أنتِ بتقوليه ده؟!..
حدقت به بقوة جعلت صدمته بها تزيد ثم قالت :
_ بقول الحقيقة إحنا كدة حلوين أوي طلقني قبل ما باباك وإبنك يعرفوا أحسن ما صورتك تتشوه قدامهم بالجوازة اللي مش قد المقام دي.
الآن فقط فهمها هي ترد إليه ما حدث أمام والده، مسح على وجهه بنفاذ صبر قبل أن يقول بنبرة حنونة :
_ يا حبيبتي هو أنا مش فهمتك كان قصدي إيه وأنتِ فهمتي، بابا لأزم يتعرف عليكي بطريقة أحسن من دي بكتير..
يحاول بشتى التحكم بأعصابه وهي تقوده للجنون ، نفت بحركة مقهورة من رأسها وقالت هي تنظر لجدتها برجاء :
_ هتقفي جانبي يا تيتا صح؟!..
أقتربت منها ألفت وجذبتها من بين يده لتضعها خلف ظهرها بقوة مردفة :
_ هحاسبك بعدين لكن دلوقتي هاخد حقك ونمشي من هنا..
هنا فقط فهم ما يدور من حوله، تلك الصغيرة لعبت به طوال الأيام الماضية حتى تجد ما يقف معها أمامه، أوما برأسه عدة مرات قبل أن يضحك بسخرية، محمود علام قدرت هي عليه للمرة الذي لا يعلم عددها، كانت تضحك عليه وهو من حبه لها تخيل إنه دلف للجنة وذاق بداخلها النعيم.
توقف عن الضحك ونظر لجدته مردفا بهدوء :
_طلباتك إيه يا جدتي؟!..
_ تطلقها يا محمود..
_ هي مين دي؟!..
تعجبت ألفت من هدوءه وحديثه وقالت :
_ سارة هتكون مين يعني؟!..
أوما لها ودار حوله نفسه لعدة ثواني قبل أن يقول بنبرة بـ.ـاردة :
_ أصلي متجوز اتنين والاتنين أحفادك فكنت عايز أتأكد بس تقصدي مين فيهم، وطلعت سارة..
أبتلعت لعوبها الجاف برعـ.ـب حقيقي من طريقته ونظراته، تعلقت بملابس جدتها مثل الطفلة الصغيرة تحاول أن تشعر لو بقليل من القوة أمامه، ردت عليه ألفت بسخرية :
_ يا سلام ده على أساس أنك ممكن تطلق عايدة؟!..
_ كل حاجة في الدنيا دي بقت ممكن وخصوصاً معايا مبقاش عندي مستحيل..
تدخلت حنان بالحديث قائلة بقلق :
_ أنت بتقول إيه يا محمود عايز تطلق عايدة بعد كل السنين دي طيب ومعتز؟!.
صرخ بغضب وصل لعايدة التي كانت تجلس على مقعدها أعلى الدرج وخلفها خدمتها :
_ خلاص المولد ده خلص، ضاعت سنين عمري وأنا بقول عايدة ومعتز وأمي وأخويا والعيلة كلها، من هنا ورايح أنا وبس وإن شاء الله يولع القصر باللي فيه شبعت من دور الكبير المضحي خلاص وجبت أخرى، وأنتِ يا بت تعالي هنا بدل ما أجيبك بنفسي..
هل يقصدها هي؟!.. نعم هي نظراته بالكامل كانت موجهة إليها، أغلقت عينيها لتهرب من تلك النيران التي قربت ان تحرقها لتقول ألفت :
_ أنت لسة ليك عين تتكلم وتؤمر؟!.. واقف قدامي وأنت متجوز بنت عمك الصغيرة في السر زي بنات الشوارع وكمان بجح..
معالم وجهه كانت إجرامية تقدم منها خطوة للأمام لتصرخ وتجذب ألفت معها للخلف مردفة :
_ شايفة يا تيتا بيعمل معايا إيه؟!.. عشان كدة كنت خايفة أقول الحقيقة كان طول الوقت تهديد وتعذيب وقلة قيمة..
_ ما تقولي إني كنت بطفي السجاير تحت باطك بالمرة يا بت، عقلك الصغير ده قالك إنك ممكن تضحكي عليا أنا واسكت ؟!.. اللي انتِ واقفة بتتحامي فيها دي مش هتقدر تعملك حاجة..
صرخت ألفت بغضب :
_ أنت اتجننت احترم نفسك وأعرف إنك بتكلم جدتك، واقف تستقوي على البنت عيني عينك كدة.....
صرخت سارة برعـ.ـب عنـ.ـد.ما جذبها بكل ما بداخله من غضب من خلف ظهر ألفت وجعلها تقف أمامه مردفا :
_ قولي لجدتك اللي بدافع عنك مين أتقدم للتاني يا عروسة، قولي مين فضل يغري فيا وأنا راجـ.ـل محرم من الستات سنين تجي واحدة مش بس حلوة لا دي كمان بتبين حلاوتها ليا أكتر وتقولي أتجوزني مقابل شوية فلوس، الملاك اللي قدامك دي يا ألفت هانم هي بداية كل حاجة غلط حصلت من الأول..
شعرت بالهزيمة مع كل كلمة تخرج منه أكمل هو بنفس القوة صارخا :
_ رضيتي تبقى من الأول زوجة في السر وأنتِ اللي سعيتي لده بنفسك دلوقتي لما حبيتك بقى يا أقول للكل يا أما أطلقك، طبعا بتقوليها بثقة وإنتِ عارف كويس إني مش هقدر أعيش من غير مش كدة.
أتت لتتحدث الا أنه ضـ.ـر.بها ببعض القوة على شفتيها مردفا :
_ أخرسي كل كلمة بتخرج منك بتحرق قلبي أكتر.
ضمها إليه رغماً عنها وقال :
_ طـ.ـلا.ق مفيش طـ.ـلا.ق عايزين الموضوع يبقى فضايح أرفعي عليا قضية طـ.ـلا.ق يا جدتي..
كانت ألفت تتابع ما يحدث بذهول، بكت حنان على ما وصل إليه رجلها الوحيد وحاولت الحديث الا انها لم تقدر، الا ان ألفت قالت بجبروت :
_ أنت أي واحدة حلوة تغريك تتجوزها في السر؟!.. واه يا محمود هعملها فـ.ـضـ.ـيحة وهرفع عليك قضية طـ.ـلا.ق..
حمل سارة التي فقدت النطق أمام حقيقتها وقال بقسوة :
_ وماله أرفعي بس الحلوة دي مش هتخرج من هنا الا على قبرها، ولاني عارف إن لا حضرتك ولا هي معاكم حاجة غير فلوسي اتعاب المحامي هتبقى على حسابي..
فقط هنا انتهى الحديث خرج بها من الغرفة وترك جدته ووالدته بحالة من الصدمة والحسرة، أقتربت حنان من الفت قائلة :
_ قولتلك محمود بيحبها ومش هيسبها ابني خلاص بدأ يخسر كل حاجة عشانها وأنا مش هسمح بده..
جلست ألفت على أقرب مقعد بعدما شعرت بثقل جسدها، حتى ساقيها رفضوا تحمل الموقف، حدقت بها حنان بقلق وأقتربت منها قائلة :
_ ماما مالك؟!..
أشارت إليها بعدما الاقتراب مردفة :
_ أطلعي برة دلوقتي عايزة أبقى لوحدي..
_ بس..
_ قولت عايزة أبقى لوحدي يا حنان أخرجي..
بالخارج..
توجه محمود للدرج وهو مازال يحمل سارة، رأي باب غرفة عايدة وهو يغلق، سمعت ما دار ومثل عادتها فضلت الهروب عن المواجهة، توجه لغرفة نوم سارة وفتحها ثم دلف وأغلق الباب بساقه، ألقى بجسدها على الفراش وقال :
_ أفهم بقى اللى حصل تحت ده إسمه إيه عشان أنا ماسك نفسي عنك بالعافية..
خائفة هي بالفعل خائفة وجدا، سحبت جسدها لآخر الفراش مبتعدة عنه، صرخ بقوة لتنكمش على نفسها وهي تتمنى لو تحدث معجزة وينقذها أحد من بين يديه :
_ أنطقي قولي اللي حصل ده إسمه ايه يا عروسة؟!..
رفعت عينيها اليه بقهر قائلة :
_ أنت عارف كويس أوي اني مكملة معاك غصب عني، اللي حصل ده فرصة بالنسبة ليا عشان أهرب من حياة مغصوبة عليها مع راجـ.ـل عايش كل حاجة عافية وبالدراع..
رفع حاجبه بذهول، هل هي تراه هكذا؟!. هل كل ما فعله معها طوال الأيام الماضية لم يؤثر بها؟!.. هل مشاعر حبه لها لم تظهر إليها بشكل صحيح حتى تراه رجل لا يفكر الا بنفسه؟!.. أشار لنفسه مردفا :
_ عافية وبالدراع؟!.. ده كل اللي وصلتي له بعد الآيام اللي فاتت؟!..
صرخت به بقهر :
_ هي ايه الأيام اللي فاتت ؟!.. دي كلها كانت كذب في كذب، كنت بتضحك عليا بس بشكل شيك وأنا زي العبـ.ـيـ.ـطة صدقتك، عامل فرح في أخر الدنيا بعيد عن عيون أي حد يعرفك عازم أصحابك اللي بيغطوا عليك وأنت بتعط لك يومين من ورا العيلة والمدام، ولما جه وقت الجد خبتني في الغريبة زي اي واحدة مشقوطة، أنت كـ.ـد.اب يا محمود كـ.ـد.اب عملت كل ده عشان تاخد مني اللي أنت عايزه بمزاجي لكن عمرك ما كنت هتعلن جوازنا لو كنت ناوي تعلن كنت أجلت الفرح شوية عشان يبقى قصاد عين الكل، أنا سكتت قلة حيلة مش أكتر لكن دلوقتي معايا تيتا ومش ناوية أسكت تاني..
أهتز جسده مع سماعه لها، انهار قلبه وزاد الضغط على عقله أضعاف، سألها للمرة المليون :
_ أنتِ بتتكلمي بجد شايفني وحش أوي كدة؟!..
أومـ.ـا.ت بقوة مردفة :
_ أيوة دي الحقيقة إياك تحاول تضحك على عقلي تاني لأني مش هرجع في قراري وهفضحك قصاد عين الكل..
حرك رأسه وهو يسمعها بهدوء عجيب جعلها ترتعب بداخلها، سحب ساقيها من فوق الفراش وجذها لتقف أمامه مردفا :
_ قلبك جمد بالفت فاكرة إنها ممكن تعمل لك حاجة، طيب وماله انسى الكام يوم بتوع الكذب زي ما بتقولي وشوفي بنفسك محمود علام لما بيحب يفعص حد تحت رجليه ممكن يعمل إيه..
قالت بسخرية زادت من الأمر سوء :
_ مش هتعمل حاجة عشان مكانة محمود بيه تفضل مكانها، كفاية تهديد وكلام أنا بطلت أخاف..
ضحك ضحكة قاسية قبل أن يضغط على جسدها بين أصابعه مردفا :
_ من أول مرة شوفتك شوفت في عينك حتة غباء، النهاردة بس ظهرت بوضوح لكن لو ذكية هت عـ.ـر.في ان لآزم تخافي يا سارة..
دفعها بقوة لتسقط على الفراش وفتح باب الغرفة ينادي على الخادمة بصوت عالي، أتت إليه سريعاً مردفة بخوف :
_ أمرك يا باشا.
_ عايزة كل هدومي اللي في جناح مدام عايدة تيجي هنا في أوضة الآنسة سارة..
قالها بسخرية واضحة قبل أن يغلق الباب ويعود إليها مردفا :
_ من هنا ورايح هتفضلي في حـ.ـضـ.ـني ليل نهار أشبع منك لحد ما ألفت هانم تقدر تطلقك مني ومن هنا لحد اليوم ده مش عايز أسمع منك غير كلمة حاضر بس..
تركها تحدق بكل شيء حولها بضياع ودلف للمرحاض، أغلق الباب عليه بقوة لعله يقلل من نيران قلبه المشتعلة بداخله، لا يصدق ان ما عاشه معها من مشاعر كانت مجرد كذبة كبيرها صدقها بقلب عاشق، خلع ملابسه وفتح الماء البـ.ـاردة لتسقط على جسده الساخن يتمنى تطفي ولو جزء صغير من ما يشعر به، أغلق عينيه يتذكر كل لحظة مرت بينهما بالايام الماضية تذكر أول جملها قالتها إليه " أنا أيامك اللي جاية كلها يا محمود" نعم قالت ونفذت أصبحت محور حياته من بعدها، ليضحك بسخرية من حاله وهو يعيد آخر جملة " أنت كـ.ـد.اب يا محمود كـ.ـد.اب" نعم هي محقة كذب على حاله وعاش بوهم حبها المنتظر إليه..
أغلق الماء ووقف أمام المرايا ينظر لملامح وجهه الرجولية وهي تتساقط منها قطرات الماء هامسا :
_ مش هتحبك يا محمود سارة مش هتحبك لو عايزها في حياتك لأزم تعرف انها هتفضل موجودة بالغصب، إزاي قادر ترضى على نفسك إنك تنام في حـ.ـضـ.ـن واحدة غصب عنها؟!..
لم يتحمل ما وصلت أفكاره إليه ورفع يده ليضـ.ـر.ب المرايا بقوة، سقطت أمام عينيه على الأرض ومعها الكثير من دماء يده..
انكمشت على حالها أكثر وهي تسمع هذا الصوت، تحملت على ضعف جسدها وصعدت على الفراش جاذبة الغطاء تخفي به جسدها المرتجف.
أغلقت عينيها بقوة هامسة لنفسها بحسرة :
_ مني لله ده ميقدرش عليه غير ربنا مش تيتا خالص، كان عقلي فين لما حاولت اوقعه بس؟!..
خرج من المرحاض بعدما عقم يده ونام بجوارها على الفراش، جذب خصرها ليلصقها به وعنـ.ـد.ما فركت برفض همس بحدة :
_ أتخمدي بدل ما أقوم أعرفك يعني إيه واحد يأخد واحدة عافية وبالدراع...
حركت رأسها برفض لتلك الفكرة وأعلنت استسلامها دون أدنى مقاومة، مر عليه دقائق وهو غارق بالتفكير وعنـ.ـد.ما أتت إليه الرحمة من السماء واقترب من النوم همست إليه بتردد :
_ هو أنت مش خايف من تيتا ألفت خالص؟!..
_ تؤ.
_ طيب ناوي تعمل فيا إيه؟!...
تنهد بثقل وصل إليها ثم قال :
_ أنتِ اللي ناوية تعملي فيا إيه تاني يا سارة؟!.. كنتي عايزة الفلوس ولما وصلتي ليها طمعتي في الاكتر..
بللت شفتيها بطرف لسانها وقالت :
_ أنا كنت عايزة أحس ان ليا قيمة عقلي قالي ان الفلوس هي اللي بتعمل قيمة لأي بني آدم، لكن طلعت غلطانة رغم أني مراتك والمفروض معايا فلوس بس دايما قلقانة من اللحظة الجاية أنا مش عايشة في أمان معاك ولا مرتاحة يا محمود أرجوك أرحمني وطلقني..
صـــدمــها بسؤال هي نفسها لم تعلم إجابته :
_ وإيه اللي ممكن يحسسك بالأمان؟!..
أخذت تردده برأسها عدة مرات وهي لا تعلم الإجابة، كيف يمكنها أن تشعر بالأمان بعد بالانفصال عنه؟!.. ينتظرها الكثير بعد الطـ.ـلا.ق، عايدة، علاء، مريم، الفقر، ماذا ستفعل بكل هذا؟!.. وهنا جاء وقت السؤال الأصعب كيف ستكون حياتها بدونه؟!.. جائها الرد من نبرته الحنونة مردفا :
_ نامي يا سارة وخليكي عارفة إنك ماشية في طريق نهايته نار على الكل وأولهم أنا، وخليكي عارفة برضو اني بحاول بكل الطرق منوصلش للنهاية دي..
____ شيما سعيد ____
بصباح اليوم التالي..
ذهب محمود لعمله بعدما اعطي تعليمـ.ـا.ت للجميع بعدم فتح باب غرفة سارة أو حتى الاقتراب منها، ظلت باقي اليوم حبيسة جدران الغرفة ومعها ثلاجة بها كل أنواع الطعام، فتحت كيس المقبلات وأكلت أول قطعة بغيظ قائلة :
_ بقى أنا يتعمل فيا كدة؟!.. لأ بقى مستحيل أسكت..
أقتربت من باب الغرفة وضـ.ـر.بت عليه بكل قوتها صارخة :
_ أنتوا يا اللي برة حد يفتح ليا بدل ما أحدف نفسي من البلكونة..
تقريبا ما يحدث الآن من سوء الحظ، عاد معتز من مدرسته وهو يشعر بالضيق، رغم سماعه لحديث والده الا انه مازال قلبه يدق كلما رأها يود أن يتحدث معها طوال الوقت، تذكر حديثه مع عمه طارق الذي قال اليه بهدوء :
_ السن مش مقياس ما ناس كتير عايشين مع بعض وفي بينهم فرق سن، بص يا معتز طالما بعدت عنها فترة ولسة في قلبك مشاعر ليها يبقى فعلاً بتحبها، روح قولها ولو حسيت انها ممكن تحبك مع الوقت قول تاني لمحمود وأنا هبقي في ضهرك..
عاد من تذكره لحديث عمه على صوت صريخها وطلبها النجدة، أقترب من باب الغرفة وقال بقلق :
_ مالك يا سارة في إيه؟!..
_ خليهم يفتحوا الباب ده يا معتز أنا مـ.ـجـ.ـنو.نة وممكن أحدف نفسي من البلكونة عادي..
رد عليها بنبرة متلهفة :
_ أوعى تعملي كدة هروح أجيب المفتاح من مكتب بابا من غير ما حد يعرف وأجي أفهم منك في إيه بالظبط..
مرت دقائق وعاد إليها، فتح باب الغرفة ليجدها غارفة ببحر من أكياس الطعام تجلس بينهم ومن هذا لذاك لا ترحم شيء، فتح فمه بذهول قائلا :
_ ايه اللي أنتِ عاملاه ده يا سارة..
نظرت إليه بعينها البريئة بحزن قائلة :
_ أعمل إيه يا معتز ما أنا بخاف من القعدة لوحدي وأبوك حابسني هنا ومحدش قادر يقف قصاده قولت اسلي نفسي شوية على ما أشوف صرفة للمصيبة اللي أنا فيها دي..
رفع حاجبه بتعجب مردفا :
_ وبابا عمل معاكي كدة ليه؟!..
_ هااا..
قالتها وهي بالفعل لا تعلم ماذا تقول، حاولت قول أي شيء :
_ مهو أصل يعني عشان هو راجـ.ـل مفتري وضميره ميت وملوش كبير عمل كدة..
ضحك معتز وشعر ان هذه هي فرصته حتى يتحدث معها أكثر قبل عودة والده، أقترب منها ليجلس بجوارها على الأرض وأخذ قطعة من الشيبسي مردفا :
_ عندك حق هو بابا صعب شوية وبيحب كل حاجة بنظام بس والله بيعمل كدة عشان خايف علينا..
أومـ.ـا.ت إليه وكأنها وجدت شيء تتحدث معه عن غضبها من محمود بكل أريحية، أخذت قطعة من الشكولاته بين شفتيها وقالت بغيظ :
_ محدش بيغلط في البيت ده غيره أساساً دور أصل كل مصيبة في البيت كدة هيطلع في الآخر هو..
ضحك معتز من أعماق قلبه وقال :
_ حلوة ودمك خفيف ده هيبقى يا بخته اللي هتبقى من بخته...
ظهرت الحسرة على معالم وجهها وقالت :
_ لأ مهو أنا تقريبا بختي هيبقى شبه شعر أبوك...
حرك رأسه نافيا وقال بنبرة أدخلت الشك بداخلها :
_ لأ أنتِ هتأخدي واحد بيحبك جدا وهيعيش العمر كله عشان يسعدك..
بلعت ريقها بتـ.ـو.تر مردفة :
_ يعني إيه الكلام ده؟!..
_ أنا بحبك يا سارة..
لحظة كانت جنونية، صدمة سارة، انتظار معتز للرد، ودخول الرد مع محمود الذي وصل الان وسمع الجملة بكل وضوح..
↚
حدقت به بضياع، جملة واحدة قالها جعلتها ضائعة، أبتلعت لعوبها الجافة بصعوبة وقالت بتقطع واضح :
_ أنت بتقول إيه يا معتز؟!..
بهيام شـ.ـديد جذب كفها ليضمه بين يديه، يشعر معها بأشياء لذلذة تجعله يود الاقتراب منها أكثر، عاد جملته بابتسامة :
_ بحبك يا سارة، يمكن يكون في فرق سن بنا لكن ده مش هيعمل أي مشكلة، أوعدك مش هتحسي بيه طول ما أنتِ معايا..
حركت رأسها برفض عدة مرات، الفكرة نفسها جنونية، جذبت كفها منه وقالت :
_ لأ لأ يا معتز أنا وأنت مينفعش يكون في بنا كدة، حـ.ـر.ام يا معتز حـ.ـر.ام..
رفعت حاجبه بتعجب من حالتها وسألها بلهفة :
_ حـ.ـر.ام إيه هو من أمتا كان فرق السن حـ.ـر.ام؟!..
بنفس اللحظة فاق محمود من صدمته، ظل لأكثر من دقيقة يراقب ما يحدث بذهول، لم يتوقع بأبشع كوابيسه أن يعيش بموقف مثل هذا، دلف للغرفة بخطوات غاضبة وقال :
_ أطلع برة يا معتز..
انتفضت على أثر صوته، قامت من مكانها وهي تحاول إيجاد كلمة واحدة مناسبة لموقف مثل هذا، لم تجد فصمتت، أبتلع معتز ريقه بتـ.ـو.تر وقام هو الاخر مردفا بتبرير :
_ بابا أنا حاولت أعمل زي ما حضرتك قولت لي بس مقدرتش بابا أنا طلعت فعلا بحب سارة مش مجرد مشاعر مراهقة..
إشارة واحدة من محمود علقت باقي الحديث بين شفتيه، تـ.ـو.تر من معالم وجه والده الغير مفهومة بالمرة نظر لسارة ليجد حالتها أسوء من حالة والده، صرخ محمود بغضب :
_ روح أوضتك وإياك تخرج منها غير لما أجي لك بنفسي..
مع تلك التعبيرات الكارثة بوجه محمود الأفضل لمعتز الآن هو الانسحاب، وهذا ما حدث بالفعل بخطوات سريعة خرج من الغرفة، أغلق محمود بالباب خلفه بالمفتاح وجلس على الفراش واضعا رأسه بين يديه بتعب..
رغم اتساع العالم الا إنه ضيق عليه يختنق وهو على يقين من قرب خروج أنفاسه الأخيرة، هي ألم دلف لقلبه بلحظة ضعف وصعب عليه نزعه أو حتى تحمله، يخسر من أجلها الكثير وهنا آت السؤال الأصعب هل هو مستعد لخسارة معتز من أجلها؟!..
الإجابة مهما كانت ستكون بشعة مؤلمة، وصل إليه همسها من بعيد وكأنها بدولة أخرى :
_ محمود..
رفع وجهه إليها، رأت بعينيه ضعف لأول مرة تراه، أعتادت على قوته وما هو به الآن بالنسبة لها وهم، جلست بجواره على الفراش مردفة بخوف :
_ أنا من ساعة ما دخلت البيت ده بعتبر معتز أخويا، وبعد ما أتجوزتك بقى فعلاً أخويا والله العظيم ما عملت حاجة توصله للكلام اللي هو قاله ده..
حرك رأسه بتعب وجذبها إليه، توقعت صريخه، غضبه، حتى اتهامه مثلما فعل بمشكلة عايدة من قبل الا إنه وضع رأسه على صدرها مخرجاً من صدره تنهيدة طويلة ثم قال :
_ تعبت يا سارة تعبت، تفتكري حبي ليكي غلطة كبيرة أوي كدة عشان الكل يبقى بيحاسبني بالشكل ده، حتى أنتِ يا سارة بتحاسبيني على حبي ليكي، أنتِ عايزة ايه بالظبط يا سارة عايزانى والا عايزة الفلوس وبس؟!..
ما هذا بالفعل ما هذا؟!.. كيف له أن يتحدث بتلك الهزيمة، تألمت ولا تعلم ما هو السبب الرئيسي لهذا الألم، سألته بنبرة مرتجفة :
_ لو قولتلك عايزة الفلوس هتعمل إيه؟!..
إجابة خطأ بأكثر الأوقات خطأ، ما كان يتمنى أن يسمع منها هذا السؤال بل كان يريد إجابة تريح قلبه، أبتعد عنها وقال وهو ينظر بعيداً عنها :
_ هديكي الفلوس وتبعدي من هنا لكن طـ.ـلا.ق في الوقت ده مش هقدر، مش هقدر انطق الكلمة دي دلوقتي ابعدي شوية ولما أقدر هبعت لك ورقة طـ.ـلا.قك..
بللت شفتيها بطرف لسانها وسألته بترقب :
_ ولو عايزاك أنت حياتنا هيبقى شكلها عامل إزاي؟!..
ضياع كل ما يحدث الآن ضياع، قام من مكانه وأخذ يدور حول نفسه مغلقا العينين، ماذل يقول أو حتى كيف لا تعلم، بعد أعترف معتز أصبحت الحياة بينهما غريبة عجيبة، الأمر الأسوء إن علاقته بها حكم عليها بأن تظل بالظلام، إذا ظهر لها بصيص من النور سيخسر الكثير وأولهم معتز، مسح على وجهه بتعب شـ.ـديد وقال :
_ لعبة المتعة كبرت أوي يا سارة كبرت لدرجة اني مش عايز أخرج منها ولا ينفع أكمل فيها..
_ يعني إيه؟!..
_ يعني وجودك هنا خطر كبير، لأزم تمشي من هنا ولو فعلاً عايزة تكملي معايا زي ما بتقولي يبقى لأزم تختفي من البيت ده...
حركت رأسها مردفة :
_ عايز تقول إيه من غير ما تلف بالكلام كتير..
_ يعني جوازنا هيفضل في السر يا سارة على الاقل لحد ما معتز يعرف ان حبه ليكي وهم، مش هقدر أقف قدام ابني أقوله سارة مراتي مش هقدر..
ضحكت بوجع ثم أومـ.ـا.ت إليه بسخرية مردفة :
_ مش هتقدر تقف قدامه تقوله سارة مراتي لكن هتقدر تسمعه وهو بيقولك بحب سارة ونفسي فيها يا بابا، أنت متخيل أنا مرسومة إزاي في دماغ ابنك والا مش متخيل؟!..
_ بس بقى بس بس بس..
قالها بغضب يحرقه بألم كاد أن يأخذ روحه، ضـ.ـر.ب المقعد المقابل لرأس الفراش ليقع الف قطعة مع كل قطعة سقط جزء من روحه، وجذبها لتبقى بين يديه وقال :
_ عايزة توصلي معايا لايه عايزانى أحرق القصر باللي فيه عشان ترتاحي، الله يلعنك أنتِ نار من أول ما حطيت رجلي فيها وأنا بتحرق الله يلعنك..
هي بالفعل أصبحت مثل النيران، بالبداية كانت تحرق نفسها ومنذ رؤيته أحرقته معها، لأول مرة ترى نفسها بعينيه هو، بالفعل هي أنانية لعبت به وعنـ.ـد.ما شعرت بحبه أرادت المزيد، ما يحدث الان خطأ كبير، رفعت عينيها اليه كانت تتمنى ان تطلب الطـ.ـلا.ق ولكن لسانها رفض..
ألقت بنفسها بداخل احضانه مردفة بنبرة بها إحساس غريب :
_ عايزاك تقرب..
رفع عينيه إليها بتعجب، نظراتها كانت واضحة مثل الشمس، من البداية هو الراغب والان راي بعينيها الرغبة الذي كان يحلم أن يراها، نسي ما قاله وما يشعر به وما هو قادم وتذكر فقط إنها الان معه تطلبه وبين أحضانه..
بقلب مغرم حملها، وبصدر رحب نفذ طلبها، ضم شفتيها ليجدها تبادله الشغف بشغف أكبر تعطي له كل ما كان يرغب ان يعيشه معها دون أن يحثها عليه، زاد الأمر بينهما جنونا حتى سقط بهما الفراش ومع ذلك لم يشعروا به ما يعيشوا الآن جنة ربما تكون اللحظة الأخيرة لهما بها...
____ شيما سعيد _____
بغرفة عايدة دلف إليها معتز وعلامـ.ـا.ت الحزن ظاهرة على وجهه، ابتسمت وأشارت إليه حتى يقترب منها مردفة :
_ تعالي يا حبيبي قولي حصل إيه.
جلس بجوارها وهو يكتم بكائه بصعوبة، اذا رفضته ستكون على حق فأبيه يسيطر عليه وهو ليس له أي قيمة، ترقرقت الدمـ.ـو.ع بعينيه مردفا :
_حصل زي ما حضرتك قولتي يا ماما بابا رافض حتى يسمع مشاعري، قولتها كل اللي في قلبي لكن بابا دخل قل مني..
جذبته عايدة لينام على صدرها وقالت :
_ قولتك يا معتز محمود لسة شايفك العيل الصغير اللي لأزم تفضل باقي عمرك تحت كلمته ومش هيقبل يشوفك غير كدة، بس مش مهم يا حبيبي المهم إنها تحبك ووقتها أنا هكون في ضهرك حتي لو وقفت قدام محمود..
ابتسم معتز بحب وابتعد عنها قليلا مردفا :
_ حضرتك بتحبي بابا جداً وعمرك ما وقفتي قدامه لأي سبب..
مسحت على ظهره وقالت :
_ بس انت مش أي سبب انت إبني يا معتز أغلى من روحي وأي حاجة هتخليك مبسوط أنا هعملها لأزم تبقى فاهم ده كويس يا حبيبي..
قبل أعلى راسها وقال بحزن :
_ كنت زعلان من حضرتك لأنك دايما بعيد عني ورافضة أي حد يشوفك أو يتكلم معاكي غير بابا، عشت حياتي كلها زي يتيم الأم وحضرتك عايشة، لما قربتي مني الفترة دي أنا ردت فيا الروح، ربنا يخليكي ليا يا ماما..
شعرت بالقليل من تأنيب الضمير بعد حديث معتز، ربما هي الآن تلعب بمشاعره ولكن هذه هي طريقتها الوحيدة بالحافظ على بيتها وزوجها وأموال إبنها الوحيد، أخذت نفس عميق ثم قالت :
_ بعدت عشان محبتش تشوفني وأنا مريـ.ـضة وضعيفة، بس دلوقتي خلاص مش عايزة أبعد عنك حتى لو ده أخر يوم في عمري..
ضمها سريعاً وقطع حديثها بلهفة :
_ لأ يا ماما لأ أرجوكي بلاش السيرة دي..
أومـ.ـا.ت إليه بحب قائلة :
_ عايزك تعرف حاجة واحدة بس أنا بعمل كل ده عشانك عشان تبقى مبسوط في حياتك يا حبيبي..
لم يفهم ما تقصده الا أنه بأشـ.ـد الحاجة لهذا الشعور، أغلق عينيه بتعب مردفا :
_ ممكن أنام النهاردة في حـ.ـضـ.ـنك مكان بابا..
_ طبعا يا حبيبي نام كدة كدة بابا مش بينام هنا من شعور..
_ ليه؟!..
تنهدت وقالت بنبرة ساخرة لم يفهمها :
_ مشغول كتر خيره الشغل فوق رأسه كبير وهو يا عيني بقى بيحب شغله أكتر من نفسه..
_____ شيما سعيد _____
بعد منتصف الليل بفيلا علي..
أستسقظ من نومه على دقات خفيفة على الباب، زفر بضيق وهو يعلم إنها ضحى، قام من محله بغضب وفتح الباب ليجدها أمامه وقبل أن تنطق صرخ بغضب :
_ يا بنتي عيب كدة قولتلك ألف مرة متجيش بالليل بلاش تنزلي من صورتك قدامي..
أبتلعت مرارة الكلمة بحلقها وقالت :
_ أسفة على الإزعاج يا علي بيه بس محمود بيه هنا وشكله مش طبيعي..
تعجب علي وقال :
_ محمود هنا ليه هي الساعة كام؟!..
_ 2..
زاد تعجبه وخرج من الغرفة بخطوات سريعة مردفا :
_ ماشي يا ضحى ادخلي أنتِ نامي..
نزل ليجده يجلس بالحديقة، جلس بجواره وقال بقلق :
_ محمود مالك فيك إيه؟!..
ماذا به؟!.. ضحك بسخرية وسند برآسه على المقعد مردفا :
_ فيا إيه؟!. فيا كل حاجة ممكن تهد بني آدم وتجيب أجله، تعبت يا علي تعبت ومش عايز أكمل..
شعر علي بأن الأمر غير طبيعي فقال :
_ مش عايز تكمل في جوازك من سارة مش كدة؟!.. معقولة خلاص زهقت منها بالسرعة دي؟!.. مكنش ده كلامك من كام يوم..
ضحك محمود بسخرية من حاله ثم قال :
_ أزهق منها؟!.. طيب يا ريت دي أمنية مستحيلة بالنسبة ليا، سارة ريحتها بس قادرة تخليني مدمن عليها، ابتسامتها فيها فرحة أيامي كلها، تعرف رغم كل حاجة وحشة حصلت النهاردة بس أنا أول مرة أبقى مبسوط بالشكل ده..
_ وده ليه؟!..
_ شوفت في عنيها نظرها بعمري كله، شوفت جواها رضا على وجودها في حياتي، إني أحس بيها عايزانى ده كان حلم بعيد أوي عني النهاردة حسيته..
_ طيب ما كل ده كويس مالك بقى..
ثلقت أنفاسه وهو يقول :
_ معتز قالها إن هو بيحبها يا علي، وجود سارة معايا بقى نار هتحرق الكل وأولهم أنا، مش قادر أتخيل شكل ابني لما يعرف انها مراتي، مش قادر أرفع عيني في عين معتز أخاف أشوفها جوا عينه، خايف اسرح شوية أفكر هو بيشوفها إزاي وبيفكر فيها إزاي وهي مراتي، أنا في مصيبة يا علي مصيبة..
بالفعل مصيبة، والمصيبة الأكبر علاقته بأروي، تـ.ـو.تر كثيرا مع تذكر تلك العلاقة ولكنه قال :
_ محمود في مصيبة تانية أنا عملتها وهي تخصك مش عارف أقولك عليها إزاي بس أنت لأزم تعرفها أنا مش هقدر أفضل ساكت ومخبي عليك..
حرك محمود رأسه برفض مردفا :
_ لأ خبي عليا لأن معنديش مكان لمصبية تانية إياك تقولي ويا سيدي أنا راضي ومسامح بس كفاية دماغي هتنفجر..
_____ شيما سعيد _____
بصباح اليوم التالي..
دلفت أروي لشركة علي ومنها لغرفة مكتبه، أقتربت بهدوء من السكرتيرة وقالت :
_ لمى حاجتك أنتِ حالياً في قسم الحسابات..
نظرت إليها السكرتيرة بدهشة قبل أن تضحك بسخرية مردفة :
_ ومين بقى اللى نزل القرار ده؟!.. اللي أعرفه إن علي بيه مستحيل يستغنى عني..
ردت عليها أروى كبرياء :
_ قدر يستغنى خلاص واللي نزل القرار ده أنا يا حلوة..
_ أنتِ مين حتة موظفة متعينة من يومين، شكلك مـ.ـجـ.ـنو.نة وهطلب لك الأمن يرميكي على باب الشركة..
بتلك اللحظة حضور علي أنقذ الموقف، حدق بينهما بخوف من نظرات أروى وقال :
_ أنتوا واقفين كدة ليه؟!..
أقتربت منه السكرتيرة وقالت بدلال :
_ تعالي شوف الجنان بنفسك يا علي بيه، الموظفة الجديدة جاية لحد عندي تطلب مني أنزل قسم الحسابات، كنت هطلب لها الأمن بس حضرتك جيت تقدر تطردها بنفسك..
والأخرى فقط تشاهد ما يحدث أمامها بصمت شـ.ـديد، نظر إليها وجدها تنتظر ردت فعله وهو لم يخذلها فقال :
_ ده قرار مني خدي حاجتك ورحي على الحسابات من هنا ورايح أروى هتبقى مديرة مكتبي..
وفقط لم ينتظر رد الأخرى بل جذب أروى ودلف بها لغرفة المكتب مغلقا الباب خلفه، ثبت ظهرها على الباب وقال بهمس :
_ اممم وبعدين؟!..
حركت كتفها بهدوء قائلة :
_ وبعدين إيه؟!...
رفع حاجبه بسخرية قائلا :
_ يا عيني على البراءة يعني مش عارفة.
_ لأ قولي أنت لو تعرف..
_ ماشي أقولك أنا، فجأة بقيتي عايزة تتجوزيني حتى لو غصب عني وبعدين مشيتي السكرتيرة ها ناوية على إيه تاني؟!..
وضعت كفها على صدره ودفعته بعيداً عنها بعدة خطوات قبل أن تقول ببساطة :
_ ولا حاجة قعدت أفكر مع نفسي شوية لقيت إنك صاحب أخويا واللي اعرفه احسن من اللي معرفوش، ده غير إني فضلت أدور ورا الرجـ.ـا.لة شوية لقيتكم ما شاء الله مفيش واحد فيكم عدل يبقى أفرهد نفسي ليه مادام في واحد أقدر اربيه على أيدي ويبقى زي الفل..
نظراته كانت تعبر عن صدمته من حديثها وجرائتها، ما هذا يا فتاة؟!.. تود أن اللعب معها سيكون ممعتة لأقصى درجة، رفع حاجبه وقال :
_ يا سلام أفرضي بقى معرفتيش تربيني ولعبت بديلي..
بكل ثقة قالت :
_ هقطعه..
_ هو إيه؟!..
_ ديلك يا غالي..
أبتسم وقال :
_ طيب أنا عندي شغل في شرم تيجي معايا والا برضو بعد العدة؟!..
أقتربت منه خطوة ثم نظرت حولها لعدة ثواني قبل أن تقول :
_ بصراحة قبل العدة او بعد العدة أنت مش أهل للثقة بس أنا بمية راجـ.ـل أروح معاك الهند وأرجع سليمة المهم أنت تعرف ترجع أساساً..
تاه بحلاوة حديثها، هو الي الان متحمس لكل لحظة سيعيشها معها، اوما إليها ببراءة طفل صغير وقال :
_ هرجع ما أنا هبقي تحت حمايتك..
_ اذا كان كدة يبقى نبدأ شغل وخد بالك أنا هشتغل مهندسة أما موضوع السكرتيرة ده هيبقى فترة لحد ما أشوف لك سكرتير يعرف يتعامل معاك..
_ يتعامل معايا ليه ناوية تخلي السكرتير يعمل فيا ايه؟!..
قالها بنبرة مضحكة لتقول هي :
_ متخافش أنا لو شوفتك ماشي غلط هعمل بنفسي مش هجيب حد أتفضل على شغلك بقي..
_ حاضر...
_____ شيما سعيد _____
بقصر علام..
أنتهت سارة من ترتيب حقيبتها أغلقتها بتعب، بداخلها مشاعر غريبة تجبرها على البكاء، لم تتوقع أن تشعر بكل هذا الألم وهي تبتعد عنه، أخذت نفس عميق تكتم به وجعها ثم حملت حقيبتها وخرجت من غرفتها وجدت ألفت تنتظرها بالخارج فقالت :
_ خلصت يا تيتا يلا نمشي من هنا أنا مش حابة أفضل في المكان ده أكتر من كدة..
نطرت إليها ألفت بشفقة مردفة :
_ مرتاحة وأنتِ ماشية يا سارة؟!..
خفق قلبها تشعر به يود الخروج من بين ضلوعها، مررت لسانها على شفتيها وقالت :
_ مش فارقة يا تيتا أنا كدة كدة عمري ما كنت مرتاحة، هو ده الصح لازم أمشي من هنا وجودي هيوجـ.ـعني وهيوجـ.ـع محمود ومعتز...
هي محقة والأفضل الان وهو الرحيل، خرجت من جدتها من باب القصر لتجد الحارس يقول بأحترام :
_ مينفعش يا هانم..
سألته ألفت بغضب :
_ هو ايه اللي مينفعش يا خيري؟!..
_ حضرتك تقدري تخرجي لكن سارة هانم ممنوعة من الخروج..
_ وده من إيه إن شاء الله؟!..
قطع حديث سارة سيارة محمود الداخلة من البوابة، نظرت لجدتها بخوف لتقول الأخرى بقوة :
_ متخافيش أنا معاكي..
لا والله يا ألفت لو لديها القليل من الذكاء يجب عليها الخوف وخصوصاً الآن، فتح له السائق باب السيارة ليهبط منها بخطوات غاضبة وملامح وجه لا تبشر الا بكل شر، عادت خطوة للخلف وهمست :
_ تيتا يلا نجري على فوق..
_ بطلي جبن بقي هيعمل إيه يعني قولتك أنا معاكي..
جائتها الإجابة منه وهو يجذب سارة من خلف ظهرها ويقول بقوة :
_ اللي أنتِ خارجة بيها دي ليها راجـ.ـل لما أبقى أركبهم أبقى أخرجي بيها وأنا واقف..
صرخت ألفت بغضب :
_ هو إيه عافية البنت مش عايزاك وقالت لك كدة في وشك بدل المرة ألف..
نظر لتلك التي كانت تتابع ما يحدث بصمت وقال بقوة :
_ أعمل فيكي إيه عشان أرتاح أطلع بروحك في أيدي؟!.. اللي حصل إمبـ.ـارح كان برضو غصب عنك فقولتي تهربي الصبح...
نظرت بطرف عينيها للحارس ليذهب هو وباقي رجاله بإشارة من كف محمود، حرك حاجبه إليها بمعنى تحدثي فقالت بتعب :
_ مكنش غصب عني، بس الصح أننا نبعد اللي بنا كل يوم بيبقى أسوأ من الأول وبعد كلام معتز لو كانت نسبة وجودنا مع بعض 70٪ فهي دلوقتي صفر..
لعب بأخر كرت لديه آخر طوق للنجاة في تلك العلاقة، مرر يده على وجهها بحنان وهمس :
_ سارة أنا قررت أعمل حفلة في القصر وأعرفك على الناس على انك مراتي وووو..
حركت رأسها برفض عدة مرات وقالت :
_ لأ لأ أنا مش عايزة كدة أنا..
قطعها بصوت هز أركان البيت وهو يشعر بروحه تنسحب منه بشكل يـ.ـؤ.لمه :
_ أنتِ عايزة أي حاجة فيها وجع ليا أنتِ بتلعبي يا سارة لعب وبس كل ما أعملك حاجة تقولي لا عايزة كذا ولما أعمل كذا يبقى لا ت عـ.ـر.في أنا عمري ما نـ.ـد.مت على حاجة قد ما نـ.ـد.مت إني اتجوز واحدة زيك..
بلحظة انفعال سقط كل شيء فوق رأسه ظهر معتز من عدم وهو ينظر لوالده بعدم تصديق مردفا :
_ أتجوزتها يعني إيه أتجوزتها؟!...
_____ شيما سعيد _____
↚
_ أتجوزتها يعني إيه أتجوزتها؟!...
أغلقت عينيها بصدمة حقيقية، يبدو أنها قلبت حياته فوق رأسه، هو محق بكل كلمة قالها لها هي لعنة سقطت على حياته، فتحت عينيها بصدمة أكبر من حديث محمود :
_ أيوة يا معتز سارة مراتي من أول أسبوع ليها هنا..
قال الحقيقة يكفي لهنا الصمت لا يزيد الأمر الا سوء، نظرة معتز كانت كفيلة تجعله يقـ.ـتـ.ـل حاله قبل أن يرأها بعين ولده، نظرة ألم تفوح منها رائحة الحسرة مع الكثير من العتاب، والده كان دائماً وأبداً خير القدوه، حرك رأسه بنفي مردفا :
_ مستحيل يا بابا حضرتك مستحيل تعمل كدة، أنا أتعلمت العشق والوفاء منك، كنت بسأل نفسي هو في حب يخلي راجـ.ـل يعيش مع ست مريـ.ـضة سنين من غير ما يبص لغيرها، كل يوم كنت بشوفك حاجة كبيرة قلبك اللي بيحرك مش شهوتك، اللي بيحصل دلوقتي ده كذب مش أكتر من كذب..
بكى وأرتفعت شهقاته، جذبه محمود بقوة وضمه إليه، هو الآخر يود البكاء ولكنه وبكل أسف أعتاد على مساندة الكل دون أن يظهر ضعفه للحظة واحدة، أغلق ذراعيه حول معتز الذي ظل يبكي وهو يتمنى إن يكون ما يحدث كابوس بشع، فتح عينيه ليرأها تقف بجوار جدتها بأعين باكية، سألها بعينه لتهرب من الإجابة وتحدق بالأرض، أبتعد قليلاً عن محمود مردفا :
_ حضرتك معملتش كدة صح؟!..
حرك محمود رأسه بنفي ثم قال بتعب :
_ إيه الغلط في إني أتجوز يا معتز؟!.. أنت دلوقتي راجـ.ـل وفاهم يعني ايه راجـ.ـل من غير ست، أنا عفيت نفسي وده مش غلط..
صرخ معتز بقوة :
_ لأ غلط، لما تبقى دي العروسة يبقى غلط، لما قلبي يدق لواحدها تطلع مرات أبويا تبقى جريمة مش بس غلط، لما تنزل من نفسك وتتجوز واحدة من دور عيالك يبقى غلط، مشاعري ليها كانت بتزيد كل يوم وأنت كنت عارف كدة وبضحك عليا وفي أخر الليل تروح تنام في حـ.ـضـ.ـنها، كنت بتحس بأيه يا باشا في حـ.ـضـ.ـن واحدة عارف إن عين إبنك منها..
صرخت ألفت وحنان أما هي أتسعت عينيها بذهول وألقت بجسدها على الأرض، لم يتحمل محمود ما سمعه وسقط كفه بكل قوته على وجه معتز الذي عاد على أثر الصفعة عدة خطوات، الأمر زاد سوء أصبحت الحديقة عبـ.ـارة عن كارثة،وضع يده محل الصفعة ونظر بسخرية لمحمود الذي أغلق يده بصدمة، هل وصل الأمر لهنا؟!.. منذ متى وهو يرفع يده على معتز؟!.. قال معتز :
_ الكلام وجعك؟!.. أمال النار اللي جوايا وجوا أمي إيه؟!.. أمي اللي حياتها كلها متعلقة بيك رفضت تخلي أي حد يشوفها ضعيفة غيرك لأنها شايفك سترها لما تعرف إنك أتجوزت هيحصل فيها إيه، أمي اللي لما عرفت إني بحب سارة وقفت جانبي ووو.
كانت تعلم بحبه لسارة ووقفت بجواره؟!.. وضع محمود يده على رأسه بذهول وهو يقول :
_ هي مين دي اللي وقفت جانبك عشان تتجوز سارة عايدة؟!..
_ إيه مستكتر عليا حد يكون بيحبني بجد ويقف جانبي، لما هي مراتك مقولتش ليه وقت ما جيت وطلبتها للجواز منك على الاقل كنت هزعل يومين وبعدين أقول دي مرات أبويا، لأول مرة في حياتي أبقى شايفك مش أبويا اللي فضلت عمري كله فخور بيه ومسنود عليه..
أنهى حديثه وفر خارج القصر، ترك محمود بعالم أخر يشعر بخروج أنفاسه الأخيرة، أقتربت منه حنان مردفة بخوف :
_ محمود أنت كويس؟!..
دلف للداخل وهو يغلي من الغضب، أول شيء فعله دخوله لغرفة المكتب يراجع كاميرات غرفة عايدة أما بالخارج نزلت ألفت لمستوى سارة مردفة :
_ قومي يا سارة قومي يا حبيبتي..
حركت رأسها بضياع قائلة :
_ أنا خربت حياته كل حاجة وحشة حصلت كانت بسببي أنا اللي كنت طماعة وغـ.ـبـ.ـية كان بيحاول يهرب مني وأنا فضلت أضغط عليه من نقطة ضعفه كراجـ.ـل كل حاجة وحشة حصلت له بسببي يا تيتا، حتي لما رجعت في كلامي وقولت مش هكمل كان هو وقع وخلاص مش قادر يبعد أنا وحشة أوي وحشة أوي يا تيتا..
جذبتها ألفت لتقوم معها وقالت :
_ لازم تبقى قوية عشانه..
حركت رأسها بنفي وقالت :
_ مش هينفع وجودي في حياته بقى جريمة عار، مش هقدر أبص في وشه تاني..
أخذتها جدتها للداخل بخطوات ثقيلة، يبدو أن عقلها ذهب لعالم أخر فهي بعيدة كل البعد عن ما يحدث أمامها، تردد جمل غير مفهومة، دلفت ألفت لغرفة نومها ووضعتها على الفراش قائلة :
_ طيب نامي وبعدين نتكلم..
كأنها كانت تنتظر تلك الجملة، أغلقت عينيها ونامت، فرت من وجع أصاب قلبها وخذلان يكاد يأخذ روحها..
بغرفة المكتب كان يشاهد كل ما حدث من زوجته وهو صامت، عايدة واه من عايدة كيف لها أن تكون هكذا؟!.. أين صورتها المثالية الموضوعة لها برأسه، كان يرأها ملاك وهي نيران مشتعلة تأكله، صرخ بقوة :
_ عايدة تعمل كل ده طب ازاي، كانت بتقولي اتجوز وعيش أنت من حقك تعيش طلع كل ده ايه؟!.. كذب وهم، هي بقت شريرة كدة ازاي والا أنا اللي كنت غـ.ـبـ.ـي؟!..
كم الضغوطات الآن جعلته يشعر بانهيار كل شي من حوله، أخذ يحطم كل ما يراه أمامه لعله يرتاح ليزيد وجعه أضعاف، ذهب لغرفة عايدة بخطوات ثقيلة آخر ما كان يتمناه إن يقف أمامها بلحظة مثل تلك..
فتح باب الغرفة ليجدها تتحدث مع الخادمة الخاصة بها، نظر إليها بسخرية وقال :
_ لسة في خطة جديدة مع الجارية الوافية بتاعتك؟!..
نظرت إليه بخوف فأقترب من الخادمة وقذفها للخارج بقوة ثم أغلق الباب عليهما بأحكام قبل أن يجلس على المقعد المقابل لفراشها مردفا بهدوء مريب :
_ ازاي؟!..
أبتلعت لعوبها بتـ.ـو.تر ثم نظرت إليه بشك مردفة :
_ هو ايه اللي ازاي مالك يا حبيبي فيك إيه؟!..
رفع حاجبه بتعجب من تمثيلها وعاد سؤاله بذهول :
_ إزاي طلعت مغفل بالشكل ده؟!.. تفتكري أنا اللي حمار والا أنتِ اللي ممثلة شاطرة؟!..
زاد شكها وقالت بتردد :
_ محمود مالك كلامك كله ألغاز ومش مفهوم؟!..
قام من مكانه وهو بحالة من الجنون قبل أن يقرب وجهها منه مردفا :
_ كفاية كذب مش قادر أتخيلك كذابة وأنانية بالشكل ده، خدامتك قالتلك إن معتز عرف بجوازي من سارة وإن خطتك نجحت والا لسة..
حاولت تمثيل الذهول حاولت رفض المواجهة الا إنه أكمل بقسوة :
_ إياكي تقولي كلمة فيها كذب تاني، الورق بقى كله على المكشوف يا عايدة، عشان أريحك أكتر شايفة النقطة اللي في الحيطة دي كاميرا صوت وصورة كنت حاططها عشان أطمن عليكي أكتر بس من يوم ما أتجوزت وشوفتك وأنتِ بتلعبي على سارة عشان أطلقها بطلت أفتح التسجيل بتاعها عارفة ليه؟!..
ظلت صامتة خائفة لا تجد ما يمكن قوله فقال بسخرية رغم وجع قلبه :
_ مكنتش عايز أشوف حاجة تقللك من نظري كنت عايز تفضلي في عيني حبيبتي اللي المرض ضحك عليا وأخدها مني من قبل ما أفرح بيها، النهاردة كل ده وقع قصاد عيني على الأرض ابني بقى شايف أبوه شيطان وأمه ملاك متعرفش أي حاجة وبتحاول تقربه من حبيبته، وقتها قررت أفتح تسجيل الكاميرا وأشوف اللي فضلت أهرب منه، ليه وإزاي يطلع منك كل ده ازاي..
هنا تأكدت من انهيار عالمها، علمت إن هذه هي لحظة المواجهة وعليها الاعتراف وبعدها قبول سارة، يا ليتها كانت تعلم إنها لحظة النهاية، سقطت دمـ.ـو.عها بقهر مردفة :
_ عشان بحبك، زي ما المرض خطفني منك فهو كمان خطفك مني حرمني أكون في حـ.ـضـ.ـنك وأعيش معاك فضلنا سنين بنحلم بيها، فضلت 15 سنة مرعوبة من اللحظة اللي هتزهق فيها وتقرر تشوف حياتك، كنت بقولك كل يوم أتجوز عشان بس أسمع كلمة لأ مستحيل أعمل كدة أنا بحبك كانت بتريح قلبي، البنت دي أخدت مني كل حاجة كانت بتاعتي، حـ.ـضـ.ـنك ده حقي اشمعنا أنا أفضل وحيدة بين الأدوية والمرض وأنت وهي تعيشوا في سعادة ده مش عدل يا محمود سامع مش عدل..
كان يسمعها وقلبه مقسوم، مشفق عليها وعلى حاله، حرك رأسه برفض مردفا :
_ مش عدل وهو لما شاب يتجوز سنتين وحياته بعدها تتحول لمستشفى لحد ما عمره قرب يخلص كان هو ده العدل، لما فضلتك على نفسي ورجولتي كنت بسمع من الناس إني ماليش في الليلة عشان كدة رافض الجواز أصله بيداري نفسه تحت كلمة بيحبها ده لو راجـ.ـل جـ.ـا.مد مكنش قعد يومين كان فين العدل اللي بتتكلمي عليه، خليت إبني وحيد في الدنيا من غير أخ يسنده والا أخت تطبطب عليه وانتِ بدل ما تكوني قريبة من إبنك حتى لو فاضل ليكي يوم واحد في الدنيا عملتي إيه؟!.. هـ.ـر.بتي جوا أوضة حبستي نفسك فيها وحبستيني معاكي 15 سنة، أنتِ أنانية وعمرك ما حبتيني يا عايدة اللي بيحب حد بيعوز يشوفه مبسوطة وأنتِ كان كل همك إزاي تكوني مبسوطة، النهاردة بس أنا عرفت إني ضيعت عمري على مفيش..
حاولت التحرك الا إنها لم تقدر حاولت الاقتراب منه قائلة برعـ.ـب :
_ طلق البنت دي وخليها تغور في داهية معتز هيرجع يحبك وأنا كمان هنسي كل اللي حصل، لو عايز تتجوز أعملها بعد ما أموت يا محمود أنت كدة كدة مش بتحب الستات أوي..
تصلب جسده بذهول وكأنه للحظة أصبح إنسان ألي، حدقت بها وهو يرى بها أشياء لم يراها من قبل ولم يتخيل أن يراها، عاد جملتها ببطي :
_ مش بحب الستات أوي؟!.. أنتِ كنتي شايفة وفائي ليكي عجز مني يا عايدة؟!.. كنتي شايفة إن حناني عليكي في السنتين اللي قبل ما نقطع بعض خالص عجز؟!.. لأ يا عايدة ده كان حب وخوف كنت بنفذ كلام الدكتور لأنك مريـ.ـضة قلب ومش حمل حاجة خالص، بس ت عـ.ـر.في أنا كنت حمار وغـ.ـبـ.ـي وأستاهل كل اللي أنا فيه ده، أنتِ غلطة عمري يا عايدة الغلطة اللي دفعت تمنها حياتي، بس خلاص كفاية لحد كدة الست اللي تبقى عارفة ان جوزها متجوز واحدة وتخلي إبنه يحبها ومش بس كدة لا تروحي تتفقي مع جوز أختها يجيب حبيبها القديم عشان تخون جوزها معاه تبقى ست وا.طـ.ـية، كنتي عايزة تلعبي بشرفي بس أحب أقولك ان سارة مش خاينة يا عايدة ولا ممكن تكون، من اللحظة دي أنتِ برة حياتي..
لا لا هذا مستحيل، محمود يحبها محمود لم يفهمها أو يفهم حبها إليه، جرت نفسها حتى وصلت أمامه مردفة :
_ لأ لأ يا حبيبي حقك عليا أنا أسفة غيرت ومكنتش عارفة ولا حاسة بعمل إيه، أعمل أي حاجة نفسك فيها غير أنك تبعد عني أنا من غيرك أموت يا محمود..
نفض يدها من عليه وأبتعد عنها مردفا بنفور :
_ أنتِ طالق يا عايدة طالق بالتلاتة هتفضلي متحرم عليكي تشيلي اسمي ليوم الدين..
ألقى عليها نظرة أخيرة وخرج سمع صريخها رجائها إليه بالعودة، تردد ذكرها لاسمه برأسه ومع كل هذا لا يشعر بالوجع عليها مثل عادته بل شعر بالوجع والاشفاق على حاله، ظلت تصرخ حتى دلفت عليها الخادمة وجدت جسدها على الأرض فقالت بلهفة :
_ إيه إللي عمل فيكي كدة يا ست هانم..
حركت رأسها برفض لكل ما يحدث حولها مردفة :
_ محمود تعالي هنا أنا عايدة حبيبتك موجوعة وهموت يا محمود ارجع لي حـ.ـر.ام عليك هي السبب دخلت حياتنا وأخدت كل حاجة بتاعتي، محموووووود..
وفقط كانت صرخة أخيرة قبل أن تدلف إليها ممرضتها الخاصة وتعطي لها حقنة لتذهب لنوم عميق..
_____ شيما سعيد ____
بعد منتصف الليل..
أمام النيل..
جلس محمود على الكرنيش وهو يحاول أخذ أنفاسه بشكل منتظم، كل ما ظل يبني به سنوات طويل سقط اليوم فوق رأسه، كل ما عاش من أجله كان مجرد سراب ضاع به عمره، سقطت دمعة من عينيه رغماً عنه هو الآن بمفرده ومن حقه الانهيار مثلما يريد، هنا فقط سمح لنفسه بالبكاء بكى محمود علام للمرة الأولى بحياته، بنظرات مشوشة نظر للنيل وشريط حياته أمامه يسير..
عايدة وحبه لها، ليلة زفافهم وطلب الطبيبة الخاصة بها بأن يتعامل معها بأقل من العادي بكثير، يوم ولادة معتز خوفه عليها وعلى جنينه تذكر حديث الطبيب " إزاي تكون حالتها كدة وتتجوز وكمان تحمل وتوصل لمرحلة الولادة" مرت عليه ساعات مثل السنوات حتى سمع بكاء صغيره، حمله بكف مرتجف وقبل رأسه بأعين دامعة سأل عليها بلهفة ليسمع إجابة أقلقت قلبه وضغطت على ضميره" بين ايد ربنا أدعوا لها "..
زادت الذكريات حتي وصل لمرضها بالخبث الذي بدأ يسير بكل يوم يمر بجزء من جسدها، حديث طبيبتها الخاصة " محمود بيه مدام عايدة مش هينفع تعيش معاك أي علاقة زوجية بين أي لحظة والتانية ممكن روحها تطلع الأفضل ليها تتنقل المستشفى لحد ما نعرف نسيطر على الحالة " عام كامل بداخل المشفى ينام على الاريكة المقابلة للفراش زاد الأمر سوء فترجته بأنفاس ثقيلة " أرجوك يا محمود أنا عايزة أموت على سريري في حـ.ـضـ.ـنك خدني من هنا"..
صدرت منه شهقة عالية وملامح سارة الجميلة تأتي أمام عينيه على مياه النهر، كانت هي طوق نجاته أنقذته من الغرق وعادت له روحه، عاش معها أيام قليلة كانت بما مضى من عمره كله، هل هذه نهايته؟!.. هل هو يستحق نهاية مثل تلك؟!.. خسر معتز ولابد أن يخسر سارة واكتشف عايدة لو كان جبل لكان سقط على الأرض..
شعر بيد توضع على ظهره نظر بجواره ليجدها فقال بتوهان :
_ سارة؟!..
نظرت لعلي الذي آت بها لهنا وابتسمت فرد لها الإبتسامة وصعد بسيارته وذهب، دارت بوجهها لمحمود وقالت :
_ اممم سارة..
أبعد وجهه للجهة الأخرى أزال دمـ.ـو.عه سريعاً قبل أن يقول بنبرة متحشرجة :
_ جيتي هنا ليه؟!..
_ مش عارفة، يمكن لأني خوفت عليك ويمكن..
صرخ بها بقوة مردفا :
_ أنتِ لسة كل ما أسألك على حاجة تقولي مش عارفة؟!..
لم تخاف بل أقتربت منه أكثر ووضعت رأسها على كتفه مردفة بضياع :
_ خوفت عليك وطنط حنان كلمت علي كانت متأكدة إنه أكتر واحد عارف مكانك، جابني هنا عشان أكون جانبك اللي حصل النهاردة صعب..
_ صعب؟!.. لأ يا سارة مش صعب ده قلم أخدته عشان أفوق..
لفت يديها حول خصره ودفنت وجهها بعنقه، شعر بدمـ.ـو.عها الساخنة على بشرته وقبل أن يتحدث قالت بصوت طفلة ضائعة :
_ عشت سنين بنام خايفة أحسن علاء يدخل عليا الأوضة، كنت بخاف من كل حاجة حتى الحاجات التافهة، من يوم ما دخلت بيتك حسيت بالأمان حتى لما كنت بتهددني كان في جوايا حاجة بتقولي إنك مستحيل تعمل كدة، شوفت فيك حنان الأب ودلع الأخ وحب الزوج، بس كنت بحس بالنقص بحس اني عار عليك خايف حد يعرف بيا النهاردة فهمتك وحسيت بيك عرفت ان في حاجات لو طلعت للنور تموت ومن الحاجات دي جوازنا..
دمـ.ـو.عها زادت من وجعه، وجعها ضغطت على ما يـ.ـؤ.لمه وجعله يشعر بالعجز، مال برأسه على رأسها وقال :
_ عارفة يا سارة المشكلة الحقيقية في كل اللي بيحصل ده إيه؟!..
_ إيه؟!..
_ اني حبيتك يمكن لو كنتي فضلتي بالنسبة ليا جواز متعة كنا ارتحنا إحنا الاتنين..
أبتعدت عنه وسألته بخوف لا تعلم له سبب :
_ يعني إيه؟!..
نظر للماء أمامه وقال :
_ يعني أنا تعبان ومش مرتاح، كل القرارات اللي المفروض تحصل دلوقتي بشعة وكلها وجع، يا بختك يا سارة..
حدقت به بتعجب وقالت بتقطع :
_ يا بختي بإيه؟!..
ابتسم بألم وقال بكبرياء رجل محطم :
_ مبتحبنيش لما نسيب بعض هتقولي بركة يا جامع هم وراح، أقولك على سر أنتِ كان عندك حق لما قولتي عليا وحش، طلع مفيش حد بيحبني كل اللي حبيتهم واديت لهم من كل قلبي طلعت ولا حاجة بالنسبة لهم يبقى أنا أكيد وحش مهو مش معقول يكون الكل غلط وأنا بس اللي صح..
_ أنا كمان وحشة ووحشة أوي كمان، فكرت في نفسي ونسيت أفكر فيك وفي حياتك، محمود هو أحنا هنوصل لفين؟!..
سؤال هي على يقين من إجابته وهو الاخر على نفس اليقين، قال بمشاعر كثيرة :
_ ما أحنا وصلنا خلاص، زي ما أنتِ شايفة إحنا الاتنين قصاد حيطة سد لا هينفع نرجع بالزمن ولا قدامنا خطوة واحدة لقدام...
نعم هو محق انها النهاية، كانت تريدها وعنـ.ـد.ما وصلت إليها تود الفرار منها، بكت وأرتفعت شهقاتها نظر إليها بطرف عينه ليجدها تلقى بنفسها داخل إحضانه مردفة :
_ طالما ده الحـ.ـضـ.ـن الأخير خليني في حـ.ـضـ.ـنك شوية..
هذا العناق كان بأشـ.ـد الحاجة إليه، أغلق ذراعيه حولها بقوة لو بيده لكان أدخلها بين ضلوعه حتى يضمن بقائها، عناق دام لساعة كاملة بلا كلمة واحدة فقط صوت دقات قلبهما تصل لكلا منهما تشعره بالراحة، لذة غريبة من عناق بريئ خالي من أي رغبة فقط حب واحتاج للشعور بالاهتمام، أغلق عينيه ليعيش بهذا النعيم وجودها بين يديه لذة ما بعدها لذة رغم سحابة الألم المغلف بالفراق القادم...
همس بتمنى :
_ يا ريتني قبلتك في أول عمري..
سمعته وقالت بثقل :
_ يا ريتنا بدأنا صح مكنتش النهاية هتبقى كدة، لو كنت عشت في بيتك من غير خطط كنا برضو هنبقى لبعض بس مش بالشكل ده..
أبعدها عنه مرغما ووضع قبلة طويلة على رأسها، نظر لعينيها بوجع يتمنى لو تخرج روحه قبل أن ينطقها، خرج صوته بثقل كأنه لسانه يرفض ما يحثه عقله على قوله :
_ سارة أنتِ..
لم تسطيع أن تسمعها جذبت شفتيه بين أسنانها بقبلة تقول بها كل ما لم تقدر على قوله، حاول الثبات لعدة ثواني وهزمه قلبه ليضع كفه على خصلاتها من الخلف وبدأ يمسك زمام الأمر، مرت دقائق وربما ساعات ولكن النهاية واحدة، ابتعد عنها ووضع رأسه على رأسها سقطت دمعة من عينه ودمعة من عينها تلقت دمـ.ـو.عهما على أرض الكورنيش مع جملته الحاسمة :
_ أنتِ طالق يا سارة...
_____ شيما سعيد ______
↚
وقفت سيارته على باب القصر، طوال الطريق ينظر إليها يراها تحدق بشارع بشرود، أبتلع الغصة المؤلمة بحلقه وصمت، كان يتمنى أن يرى بعينيها نظرة واحدة تعبر عن حزنها ببعده، تمنى لو شعر برغبتها بالبقاء معه، تنهد بثقل وأنتظر نزولها من السيارة الا إنها ظلت بمحلها فقال بهدوء :
_ وصلنا أنزلي..
وصلنا؟!.. إلى أين؟!.. انتبهت للمكان حولها بنظرة ضائعة ثم قالت :
_ ده بيتك؟!.
أوما إليها بتعب وقال وهو يضغط على رأسه بقوة لعله يخفف من حدة ألم :
_ وبيتك أنتِ كمان يا سارة..
نفت بحركة سريعة من رأسها وقالت بنبرة صوت أرهقت قلبه :
_ أنا معنديش بيت، طول عمري عايشة عند الناس ويوم ما بقى عندي بيت أنت حرقته.
ماذا يقول لها أو ماذا يفعل بنفسه؟!.. وضع يده على كفها ويا ليته لم يفعل شعر بـ.ـارتجافها وهذا ما زاد من ضعفه، سحب يده سريعا وقال بنـ.ـد.م :
_ أنا أسف..
جملة بسيطة من كلمتين ولكن مقامها كبير لأول مرة تطلع من بين شفتيه والأسوء إنها لامرأة، وهي غير أي امرأة حركت شفتيها بتقطع مردفة :
_ على إيه بالظبط؟!..
_ على كل حاجة عملتها من أول يوم جواز لينا..
بأستسلام غريب أومـ.ـا.ت إليه وقالت :
_ محصلش حاجة أنا كمان أسفة وو..
صمتت ولم تجد ما تكمل به ليقول هو بوجع :
_ أول مرة في حياتي أعمل حاجة وتبقى غصب عني بس راحتك عني أهم..
_ وهى إيه؟!..
_ طـ.ـلا.قي ليكي أول حاجة أعملها وانا عارف إن موتى فيها، بس مش هقدر أغصبك تكملي معايا وأنا شايف الكره في عينك، عايزك من هنا ورايح تعملي اللي أنتِ عايزاه وتكوني دايما مرتاحة..
لم تتحمل الحديث معه أكثر، توقعت بالفعل شعورها بالراحة بعد الطـ.ـلا.ق ولكن هذا لم يحدث بل زاد ألم قلبها وأصبحت قدرتها على التنفس ثقيلة، خرجت من السيارة وبخطوات غير متزنة دلفت للقصر..
وجدت ألفت وحنان بانتظار قدومها ومعها محمود فأقتربت من جدتها والقت نفسها بين أحضانها وبكت، تركتها ألفت تخرج كل ما يـ.ـؤ.لمها حتى هدأت أنفاسها فقالت بحنان :
_ حاسة بأيه دلوقتي يا حبيبتي؟!..
_ بنار مش عارفة سببها..
سألتها حنان بلهفة :
_ محمود فين يا سارة مجاش معاكي ليه؟!..
نظرت إليها سارة بسخرية من حالها، الأم ستظل أم أهم ما عندها أولادها وهي بكل أسف عاشت بلا حنان الأم حتى والدتها على قيد الحياة، بطرف كمها مسحت أنفها وقالت بثقل :
_ محمود طلقني..
خرجت شهقة قوية من الأثنين وابتسامة خبيثة من خادمة عايده الواقفة بأحد الأركان لتسمع ما يحدث، ضـ.ـر.بت حنان على صدرها مردفة :
_ طلقك إزاي ده روحه فيكي؟!..
روحه بمن؟!.. بها هي؟!.. تعبت من تلك المشاعر ونظرت لجدتها الصامتة وقالت :
_ كدة أحسن بكرا يرجع لحياته القديمة عايدة ومعتز أنا وجودي بينهم غلط ولو فضلت مـ.ـر.اته هتبقى علاقته بمعتز إنتهت..
أومـ.ـا.ت إليها ألفت بحنان :
_ صح يا بنتي أنتِ لسة صغيرة والدنيا قدامك حلوة تستحقي جوازة أحسن..
قامت حنان من مكانها بحسرة وقالت :
_ جوازة أحسن ايه يا ماما؟!.. محمود بيحبها وخلاص الدنيا خربت والكل عرف إنها مـ.ـر.اته الأحسن لها ترجع جوزها بدل ما تخرب بيتها وهي لما تتطلق هتأخد إيه يعني مهو يا أرمل يا مطلق ومعاه أولاد يا متجوز وعايز يعيش له يومين بعيد عن قرف البيت..
كلمـ.ـا.ت قاسية قالتها حنان وهو تفكيرها بوجع إبنها، كلمـ.ـا.ت كانت مثل النيران سقطت على جسد سارة أحرقته، أغلقت عينيها بتعب شـ.ـديد ورفضت المواجهة يكفي ما خسرته الي الآن، ماذا ستقول لامرأة أحبتها وتخيل انها ستعوض معها حنان الأم، ما قالته حنان حقيقي هي بالفعل ضاع مستقبلها وضاعت أحلامها، صرخت ألفت بغضب :
_ دي حفيدة ألفت علام يا حنان يوم ما تشاور وتختار صح هتتجوز باشا مش محتاجة ترمي نفسها لحد دي هانم بنت عيلة كلها بشوات وهوانم..
حركت حنان رأسها بقلة حيلة وتركت المكان وصعدت غرفتها، أقتربت ألفت من سارة مردفة بقوة :
_ أفتحي عينك يا بنت وكفاية ضعف اللي جاي كله بتاعك أنتِ..
أومـ.ـا.ت إليها سارة عدة مرات وقالت :
_ عايزة انام يا تيتا خديني في حـ.ـضـ.ـنك لحد ما أنام..
_ تعالي يا حبيبتي اطلعي معايا أرتاحي..
مدت يدها لجدتها لتساعدها على القيام وتحركت معها للغرفة بخطوات ثقيلة وجدت الفراش مثل طوق النجاة لتلقي بجسدها عليه بأستسلام شـ.ـديد لعلها تحصل على القليل من السلام ..
______ شيما سعيد _____
بمنزل علي..
دلف للغرفة المخصصة بمحمود فهو جهزها من أجله كلما تضيق به الدنيا يأتي لهنا، وجده يقف أمام الشرفة شارد أقترب منه بتردد قائل :
_ محمود أنت غلطت لما طلقتها تعمل كدة ليه وأنت بتحبها؟!..
_ عشان ده الصح..
نظر اليه علي بغضب :
_ هو ايه اللي صح يا بني آدم دي تاني طلقة أنت مستوعب بتعمل إيه؟!.. دي صغيرة لسة الدنيا قدمها بالكتير كام شهر وتحب وتتحب وقتها هتتحمل تشوفها في حـ.ـضـ.ـن غيرك؟!..
ضـ.ـر.ب الزجاج بقوة ليسقط على الأرض، لم يهتم بنزيف يده وجذب خصلاته بقوة وهو يدور حول نفسه، لايفهمه أحد ولن يشعر بنيرانه أحد غيره، حاول علي الاقتراب منه إلا أن صرخ بجنون :
_ إياك تقرب..
_ محمود أنت وشك لونه بدأ يروح وأيدك بتنزف أهدى وبعدين نتكلم..
حرك رأسه بنفي وهي تكاد تنفجر من شـ.ـدة الوجع، بركان بداخله يجعله غير قادر على السيطرة بأي شيء حوله، تحدث بقهر :
_ اخليها على ذمتي إزاي وهي في أي فرصة كانت بتهرب مش بتقرب أكتر من مرة كان قدامها تختار تبقى في حـ.ـضـ.ـني وهي أختارت البعد، مش عايز أغصبها تاني مش هقدر أنام في حـ.ـضـ.ـنها وأنا متأكد إنها قرفانة ومغصوبة، مش قدر أقرب منها وابني بيفكر فيها كدة معتز بيتخيل في دماغه قربه من سارة هو قالي كدة بصراحة لو للحظة قربت منها أفتكرت كلامه ده هخلص عليها وعليه وعلى نفسي، أنت مش حاسس بيا مفيش حد فيكم قادر يحس بيا..
_ لأ يا محمود سارة بتحبك وأنت بنفسك متأكد من ده، مفيش ست بتسيب نفسها أكتر من مرة لراجـ.ـل بتكرهه حتي لو على موتها هيبقى الموت أهون عندها، ومعتز ده مراهق مش فاهم مشاعره كام يوم وهيحب تاني وكأن مفيش حاجة حصلت، فوق ورجع مراتك يا صاحبي كفاية اللي ضاع منك..
بالفعل يكفي لهنا، إلى متى سيظل وتد لا يهتز، شعر بثقل بأنفاسه وصعود الدماء برأسه، لحظة والثانية وكان يسقط خيط رفيع من الدماء من أنفه مع زيادة خـ.ـنـ.ـقه حاول فتح زر قميصه ولم يلحق، أختفت الأصوات من حوله الا جملتها الشهيرة فأغلق عينيها عليها " أنا أيامك اللي جاية كلها يا محمود"..
صدم علي وهو يرى ما يحدث أمامه أقترب منه بهلع مردفا :
_ محمود في إيه؟!.. محمود رد عليا أنا مش بحب أشوفك كدة فتح عنيك، فتح عنيك بقولك..
لم يجد أي ردت فعل الا زيادة الحالة خطر، صرخ بكل قوته :
_ ضحى اطلبي الإسعاف بسرعة، محمود قوم الله يبـ.ـارك لك قولي حاسس بأيه..
_____شيما سعيد _____
بغرفة عايدة..
_ أنتِ متأكدة انه طلقها؟!..
أومـ.ـا.ت إليها الخادمة سريعاً وقالت :
_ أيوة والله يا ست هانم سمعتها وهي بتقول للست ألفت والست حنان انه طلقها..
عاد لقلبها الحياة من جديد، شعور مبهر من السعادة جعل قلبها يرفرف، رفعت يديها للسماء مردفة :
_ الحمد لله يا رب الحمد لله ردني أو لأ هبقي راضية المهم ان البنت دي بعيد..
قالت الخادمة :
_ لأ طبعاً يا ست هانم لأزم يردك محمود بيه صاحب العز ده كله هنجيب العلاج إزاي..
نظرت للخادمة بغضب وقالت :
_ أنتِ بتقولي إيه يا غـ.ـبـ.ـية أنتِ محمود مش كدة حتى لو فضل مطلقني مش هيمنع عني الفلوس بس أنتِ عندك حق أنا لازم ارجع له ومحدش كمان يعرف انه طلقني..
جذبت هاتفها من على الطاولة المجاورة للفراش وقالت :
_ هو معتز اللي هيظبط ليا الدنيا غوري أنتِ من وشي بقى..
خرجت الخادمة وتركتها تتصل على معتز، كان الآخر بأحد الفنادق وعنـ.ـد.ما وجد رقم والدته شعر بالحياة، فتح عليها الخط وحاول التحدث بهدوء حتى لا تعلم الحقيقة ويؤثر هذا على صحتها :
_ عاملة إيه يا حبيبتي؟!..
_ بتحاول تخبي عليا إيه يا معتز أنا عرفت كل حاجة الهانم اللي اتجوزها أبوك عليا جات وحكت ليا كل حاجة، حقك عليا يا إبني مكنتش أعرف انها شيطانة حاولت أقربك منها وأحببك فيها على أنها ملاك في الأخر ضحكت عليك وعلى أبوك..
اه والف اه هل هو كان أحمق لتلك الدرجة؟!.. كيف كان يرى بعينيها البراءة وهي بهذا الشكل؟!.. وصلت اليه شهقات والدته ليقول بغضب :
_ بس يا ماما بلاش عـ.ـيا.ط حضرتك تعبانة ومفيش حاجة تستاهل دمـ.ـو.عك..
أرتفعت شهقات عايدة أكثر وقالت بحزن حقيقي :
_ محمود ضاع مني يا معتز جوزي البنت دي أخدته مني أنا حاسة بروحي هتطلع الحقني يا معتز عايزك تكون أخر حد أشوفه وأخر حد في حـ.ـضـ.ـني..
انتفض من محله برعـ.ـب وقال :
_ دقيقة وهكون عندك يا ماما أرجوكي أهدى عشاني وانا اوعدك أن كل حاجة هتتصلح والبنت دي مش هيكون ليها وجود في حياتنا بعد كدة..
_____ شيما سعيد _____
بالمشفى..
ظل علي يدور حول نفسه برعـ.ـب، لأول مرة يرى محمود بتلك الحالة هو دائماً سند الجميع، حائط لا يسقط يدعم كل من حوله، سقط جسده على أقرب مقعد وهو يشعر بالوقت لا يمر، دق هاتفه ويظهر على شاشته إسم أروى..
بكف مرتجف ضغط على خط القبول مردفا :
_ أروى أنا محتاجك جانبي..
أرتجف جسدها على أثر الكلمة، أبتلعت ريقها مردفة بتردد :
_ أنت فين؟!..
_ في المستشفى محمود تعبان حابة تكوني جانبه وجانبي والا ناوية تهربي زي العادة؟!..
شقيقها مريـ.ـض.. سقط قلبها أرضاً وأحتلت البرودة جسدها، همست بخوف :
_ قولي العنوان هاجي بسرعة..
عشر دقائق وكانت تقف أمام الغرفة بجسد مرتجف وقلب خائف، ترى بينها وبينه باب مغلق يفصل مشاعر مرت عليها سنوات، أقترب منها علي وهمس :
_ أول مرة أحس إني لوحدي وهو في الحالة دي محمود كان كل عيلتي يا أروى..
ابتسمت برجع ثم مررت كفها على باب الغرفة بعجز مردفة :
_ إحساس العيلة أنا عمري ما حسيت بيه، تعرف اني كنت بنت غير معترف بيها لطاهر علام، بس محمود لما عرف كتبني بــــاسمه طاهر وقعدني في بيت وكان بييجي ليا على طول، كملت تعليمي وقبلت سيد صدفة شوفت فيه العيلة اللي محرومة منها وقفت قصاد محمود وهـ.ـر.بت من البيت واتجوزته ت عـ.ـر.في إيه اللي وجعني في كل ده؟!..
سألها بحزن :
_ إيه؟!..
_ اني ضيعت أخويا من أيدي، بس الأسوء ان محمود ما صدق خلص مني حتى مفكرش يعرف مكاني ولا يسأل عليا، أنا مش قادرة أقف قدامه وأقوله خدني في حـ.ـضـ.ـنك أنا خايفة..
كان يتمنى لو أخذها هو بداخل أحضانه ولكنه يعلم رفضها لذلك، قبل أن يتحدث خرج الطبيب فأقترب منه الاثنين بلهفة وقال علي :
_ طمني يا دكتور هو عامل إيه؟!..
أبتسم إليه الطبيب قائلا :
_ أطمن يا علي بيه محمود باشا جبل، بس للأسف الضغط اترفع في الدم بشكل غير طبيعي كان ممكن يسبب جلطة لا قد الله لكن الحمد لله سيطرنا على الوضع هو حاليا نايم وهيفضل نايم للصبح كدة احسن له ومن هنا رايح يمشي على بـــرشـــام الضغط..
نظر علي للغرفة بضياع ودلف بخطوات سريعة، وجد عمود ظهره ينام على الفراش بأستسلام أوجع قلبه، جلس على أرضية الغرفة مردفا :
_ بقى كدة يا محمود تخليني أعيش المشاعر دي، مش من أول ما عرفتك أتفقنا تفضل تسند فيا لحد ما نوصل للقبر سوا، ليه توجع قلبك وقلبي يا صاحبي عجزتني يا محمود وأنا شايفك على الأرض ومش قادر أعملك حاجة، علمتني أمشي في ضلك عشان الشمس تبقى بعيدة عني ونسيت تعلمني ابعدها عنك يا صاحبي، لأ أنت مش صاحبي يا محمود أنت أبويا والله العظيم ما هقدر أشوفك كدة أفهم انا قوي بيك بطمن وبدخل في الدنيا بصدري عشان أنت جانبي، قوم وبطل شغل العيال ده وانا اوعدك هخليها جوا حـ.ـضـ.ـنك طول ما فيا نفس..
سقطت دمـ.ـو.عه بحرارة وهو يرى الأخر مصمم على الاستسلام، رفع عينيه ليراها تقف على باب الغرفة تبكي، أشار إليها مردفا :
_ تعالي قربي منه وقولي كل اللي في قلبك، متخافيش من اللي جاي هبقي فيه الراجـ.ـل اللي نفسك فيه..
أهتز جسدها على أثر حديثه وأقتربت من فراش شقيقها، لم تتحدث فقط ألقت بنفسها على صدره، يا الله ما هذا الشعور المميز بالأمان، كيف لها أن تترك عناق مثل هذا وتضيع عمرها بسراب؟!.. بكت وقالت :
_ وحـ.ـشـ.ـتني يا ريتك كنت عملت أي حاجة غير إنك سبتني أعمل اللي أنا عايزاه، محمود أنا خايفة أوي من غيرك..
أين محمود؟!.. كان بمكان أخر بعيدا عنهما بمنزل جميل أمام شاطي البحر خرج بملابس راضية وهو يبحث عنها ليجدها تجلس أمام البحر وتمرر يدها على بطنها المنتفخة وتتحدث :
_ بابي وحش يا طمطم ساب مامي لوحدها وهو عارف انها متقدرش تعيش من غيره..
شهقت برعـ.ـب عنـ.ـد.ما جلس بجوارها مردفا بغضب مصطنع :
_ بتشتكي للبنت إيه وهي في بطنك كدة هتطلع معقدة..
نظرت إليه بغضب وقالت :
_ يا سلام يا خويا خايف على بنتك ما أنت عقدتني في عيشتي، بقولك إيه شوف حتة اقعد فيها بعيد عني..
رفع حاجبه بخبث ثم جذبها لتجلس على ساقه مردفا :
_ يا بت بقى بذمتك أنتِ تقدري تعيشي من غيري يوم واحد..
حركت رأسها بدلال رافضة وقالت وهي تلعب بأصابعها على ذقنه :
_ تؤ مقدرش أعيش ثانية من غيرك، بس أنت تقدر كل شوية تبعد يا محمود لو مش عايز تفضل جانبي عشاني أرجع عشان فاطمة..
_ ومين فاطمة دي بقي يا بسبوسة؟!..
أخذت كفه ووضعت على بطنها ثم قالت :
_ في غيابك يا بيه كشفت وعرفت إنها بنت وقررت اسميها فاطمة..
_ اممم أوعدك هفضل جانبك عشانك أنتِ بس يا أم فاطمة..
أصوات مشوشة من حوله مع أختفاء صورتها جعلته ينطق إسمها بنومه :
_ سارة..
نظرت أروي لعلي مردفة بتعجب :
_ مين دي؟!..
_ طليقته يا أروي يلا أروح عشان ترتاحي..
مسكت يد محمود بقوة قائلة :
_ لأ يا علي أنا عايزة أفضل جانبه وأول ما يبدأ يفوق همشي..
_ ماشي..
_____ شيما سعيد _____
بصباح اليوم التالي..
فتح محمود عينيه بثقل شـ.ـديد أقترب منه على مردفا بلهفة :
_ محمود أخيراً يا راجـ.ـل فتحت عنيك..
وضع يده على رأسه وهو يشعر بالقليل من الصداع، نظر للغرفة حوله بتعجب ثم نظر لعلي مردفا :
_ هو في إيه بالظبط وأنا بعمل إيه هنا؟!..
ابتسم علي وقال ببعض المرح لعله يخفف من حدة الموقف :
_ ولا حاجة يا سيدي فضلنا قولنا عليك جبل لحد ما جه شوية ريح صغيرين وقعوك..
زفر محمود بضيق وقال :
_ علي قولي الحقيقة أنا الصداع هيفرتك رأسي..
_ ضغطك على شوية ومن هنا ورايح لأزم تهتم بصحتك يا محمود وتمشي على علاج الضغط..
إبتسم على حاله بسخرية مردفا وهو يقوم من مكانه :
_ جالي الضغط يلا هنقول ايه هي بداية الأربعينات كدة..
أقترب منه علي بقلق :
_ استنى قوم براحة، جبت لك هدوم من عندي هساعدك...
قطعه محمود بحركة بسيطة من يده قائلا :
_ هاتي الهدوم وأخرج يا علي..
_ أنت مكسوف مني يا محمود؟!..
أوما إليه محمود بسخرية :
_ أيوة أنا بقلع قدام الحريم بس..
_ قصدك سارة بس..
بنظرة حادة صمت علي وخرج من الغرفة دون كلمة إضافية، حرك محمود رأسه بتعب وهمس :
_ ما خلاص راحت سارة..
بعد نصف ساعةوقفت سيارته أمام قصر علام، أخذ نفس عميق قبل أن يهبط فهو سيضع كل شخص بمكانته الخاصة، فتح الباب ليقف محله وهو يرى معتز يسير ويحرك معه كرسي عايدة مردفا بصوت حاد لسارة التي كانت تقف بجوار جدتها صامته :
_ أنتِ لسة قاعدة هنا بتعملي إيه مش طلقك وخلصنا ارجعي للشارع اللي جيتي منه..
رغم تعبها ووجع قلبها الا إنها نظرت إليه بأعين حادة قائلة :
_ ومين قالك إني جيت من الشارع أنا بنت البيت ده وليا فيه زي ما ليك..
_ ليكي ايه يا حلوة كل ده مال أبويا اللي لعبتي بيه وأخدتيه من مـ.ـر.اته..
نظرة عايدة الشامتة كانت كفيلة لتجعله ترد بكل قوة، أقتربت من معتز خطوة وقالت :
_ وهي فين مـ.ـر.اته دي؟!.. اه قصدك امك دي ممثلة هايلة بجد عرفت تعيش دور الغلبانة وهي في الحقيقة تعبانة..
رفع معتز كفه بلحظة غضب وقبل ان يسقط على وجهها كانت يد محمود الأسبق، شهقت عايدة بخوف أما معتز قال :
_ ايه هتقف تدافع عنها وهي بتغلط في أمي..
أوما إليه محمود بهدوء وقال :
_ البيت ده بيتي أنا يا معتز وأنا بس اللي من حقي أعلى صوتي فيه، لو فاكر ان حبي ليك ممكن يكون نقطة ضعفي تبقى غلطان أنا ممكن أدوس على قلبي بالجزمة عادي..
_يعني إيه يا بابا هتخلي البنت دي معانا تحت سقف واحد؟!..
نظر إليه محمود بقوة وقال :
_ إسمها سارة مش بنت، ومش هتفضل هنا هيبقى ليها بيتها اللي هتعيش فيه معززة مكرمة..
قالت ألفت بهدوء :
_ أنا هروح أعيش مع سارة يا محمود..
ترك معتز ونظر لسارة مردفا :
_ عايز أتكلم معاكي لوحدنا الأول يا سارة..
تركت معه وهي مثل الطفلة الصغيرة الضائعة بعالم كبير عليها، أخذها حتى وصل بها لغرفة نومها فقالت :
_ نتكلم هنا أحسن..
_ خايفة تدخلي معايا أوضة النوم، متخافيش مش هغصب عليكي تنامي معايا أنتِ دلوقتي طليقتي..
نظرت إليه بذهول من وقاحته وقالت بتحدي :
_ ما قبل كدة كنت طليقتك وكنت بتفعص، قول اللي عايز تقوله هنا..
جز على أسنانه بغيظ منها، جذبها رغما عنها للداخل وأغلق الباب عليهما بقوة فقالت :
_ شوفت مصمم تعمل كل حاجة عافية..
مسح على رأسه بضيق قبل أن يخرج علبة من من جكيت بذله وقدمها إليها مردفا :
_ أدخلي أعملي الأختبـ.ـار ده يا سارة وبعدين نتكلم أنا تعبان ومش قادر اناهد فيكي..
نظر للعلبة بتـ.ـو.تر زاد مع قرائتها المكتوب عليها " أختبـ.ـار حمل منزلي" نظرت إليه برعـ.ـب مردفة :
_ إيه ده؟!..
_ زي ما أنتِ شايفة أختبـ.ـار حمل يلا ادخلي أعمليه..
_ مستحيل أنت كنت بتدي ليا حبوب ووو..
_ سارة ادخلي أعملي الأختبـ.ـار..
وجدها تحدق به بخوف فجذبها من كفها حتى باب المرحاض وقال :
_ متخافيش ريحي قلبي يلا..
أومـ.ـا.ت اليه بصمت ودلفت للمرحاض وهي تشعر ببرودة الجو من حولها أما هو تابعها بأعين لا تقل عنها خوف..
_____ شيما سعيد _____
↚
بعد أسبوع..
وقفت سيارة علي أمام أحد أكبر الفنادق بشرم الشيخ، نظرت أروي للمكان حولها بهدوء رغم تـ.ـو.ترها، بطرف عينيها ألقت نظرة سريعة عليه لتجده يتابعها بهيام واضح بعينيه، تنحنحت ليقول بابتسامة :
_ عاجبك المكان؟!..
حركت رأسها وقالت :
_ عادي إحنا في شغل مش في رحلة..
جز على أسنانه بغيظ من أسلوبها قبل أن يقول :
_ حد قالك إنك قليلة الذوق قبل كدة؟!..
نفت بحركة من شفتيها ليكمل هو بابتسامة بـ.ـاردة :
_ طيب كويس هكون أول واحد يقولك المعلومة دي..
أومـ.ـا.ت إليه وقالت :
_ طيب ما أنت قليل الأدب ومعندكش لا أخلاق ولا ضميري وأنا عمري ما فكرت أجرحك بالكلام..
أتسعت عينيه من وقاحتها، ما هذا يا فتاة كيف ليكِ أن تكوني هكذا، جذب كفها ليقربها منه وقال بغيظ :
_ مش خايفة أقلب عليكي؟!..
حركت كتفها بدلال وأبعدت يده عنها بقوة قائلة :
_ مكنتش بخاف منك وأنا ماليش ضهر هخاف منك وأخويا لو قولتله هيخلي كل حتة فيك في بلد؟!.. مش منطقي خالص..
رفع حاجبه بتعجب قبل أن ينفجر بالضحك، ضحكته أصابتها برجفة من أول قلبها حتى وصلت لعمودها الفقري، جميل جدا وجذاب جدا جدا وهنا فقط أعطت لنفسها فرصة تتأمله ترى به ما لم تراه من قبل، عينين رائعة برموش كثيفة ملامح ذكورية مثيرة لأي أمرأة، تأهت به ولم تشعر بتوقفه عن الضحك..
توقف ورأي أجمل أمرأة بالعالم تحدق به بنظرات ربما لم تفهم هي معناها ولكنه فهمها، أقترب منها وهمس :
_ حلو صح؟!..
أومـ.ـا.ت بلا وعي وهمست :
_ اممم أوي..
غمز لها وهو يحاول أستغلال حالتها تلك كما يريد، همس بنبرة متحشرجة :
_ طيب مادام حلو أوي ما تيجي في حـ.ـضـ.ـني شوية لحد ما العدة تخلص وأنا أوعدك هحـ.ـضـ.ـن بأدب مع شوية لمسات حنونة من غير قلة أدب..
ماذا؟!.. أنتفضت بعيداً عنه بعدما عادت لنفسها، تلون وجهها باللون الأحمر وعضت على شفتيها بخجل من نفسها، وضعت يدها على باب السيارة لتخرج الا انه جذب كفها الأخر مردفا :
_ ما أحنا كنا حلوين رايحة فين بس..
بنظرة واحدة منها أبتعد عنها دون أن تطلب، نزلت من السيارة ونزل خلفها فقالت بغضب :
_ هنبدأ شغل دلوقتي والا هنطلع نرتاح من السفر؟!..
_ هنرتاح مع بعض؟!..
_ ولا أحترم نفسك بدل ما أقل منك قدام الناس هو في إيه عشان سكتت مرة خالص هتعيش الدور..
حرك شفتيه بتقزز من طريقتها وتحرك أمامها مردفا :
_ والله أنا اللي سايبك تدلعي لحد دلوقتي ومش عايز أقل منك..
_ أعملها وشوف هعمل فيك ايه..
وصلوا لغرف النوم أعطى لها مفتاحها الخاص وقال بهدوء :
_ غوري أتخمدي لحد ما أرن عليكي وقت الإجتماع..
هذا كثير اذا صمتت أكثر سيحدث لها شيء، بحركة سريعة وضعت كفها خلف عنقه وحركت رأسه بقوة مردفة :
_ أحترم نفسك أحسن لك..
الي هنا وكفى يجب أن ترى الوجه الآخر لعلي الحسيني، فتح باب جناحه وجذبها معه للداخل ثم أغلق الباب عليهما بقوة مردفا بطريقة همجية :
_ جرا إيه يا بت هو عشان سكت مرة هتعيشي الدور شكلك عايزة تشوفي وشي التاني..
بلا مبالاة قالت :
_ وريني وشك التاني..
بلحظة غضب جذب خصلاتها من أسفل الحجاب بقوة لتصرخ بغضب قائلة :
_ سيبي شعري أحسن لك بدل ما أعلم عليك..
صرخ بها :
_ أتهدي بقى يا بت أنتِ أخرك كلام..
_ بقى كدة طيب يا زفت استنى عليا..
وبكل ما أتت لها من قوة برأس قدمها علمت على منطقة تحت الحزام، تركها بألم ونظر إليها بأعين حمراء لتقول بانتصار قبل أن تخرج من الغرفة :
_ تستاهل قولتلك لم نفسك لم نفسك لكن البعيد غـ.ـبـ.ـي..
_ استنى يا بت يخرب بيتك..
____ شيما سعيد _____
بفيلا سارة..
دلفت ومعها طبقين وضعتهما على السفرة وقالت بمرح لالفت التي تجلس بجوارها :
_ طبق بيض من أيدي إيه أخر حلاوة..
إبتسمت إليها ألفت وقالت :
_ تسلم أيدك يا حبيبتي يلا كلي بسرعة عشان وراكي كلية..
أومـ.ـا.ت إليها سارة بحماس وبدأ بأول لقمة مردفة :
_ النهاردة يوم مش عادي يا تيتا هنطلع مع الكلية مؤتمر فيه أكبر الاعلامين على الساحة، عايزة أثبت نفسي يمكن أخد خطوة في أي حاجة..
طبطبت ألفت على ظهرها وقالت :
_ أنتِ كويسة فعلا يا سارة والا بتكذبي على تيتا؟!..
تركت سارة الشوكة من يدها ثم ابتلعت لعابها ببعض الصعوبة وقالت :
_ مش كويسة لكن هعمل المستحيل عشان أبقى كويسة أنا أستحق أبقى كويسة ومبسوطة يا تيتا صح؟!..
بحنان اجابتها ألفت :
_ طبعا يا قلب تيتا أنتِ تستحقي الحلو اللي في الدنيا كله، بس أنا عايزة أطمن عليكي يا سارة من وقت ما محمود جابنا هنا وأنتِ بتضحكي كأن مفيش حاجه حصلت، أبوكي الله يرحمه كان كدة يفضل يضحك لحد ما ينفجر مرة واحدة بلاش تعملي في نفسك كدة يا حبيبتي..
جدتها محقة هي بالفعل نسخة من والدها عند غضبه وحزنه تخفي ما يـ.ـؤ.لمها تحت قناع ضحكاتها الرنانة، تنهدت بثقل وقالت :
_ الفترة اللي فاتت دي أنا كبرت فيها فوق عمري سنين، اتعلمت حاجات كتير واتوجعت من حاجات أكتر وخسرت كل حاجة حتى نفسي، أقولك على حاجة يا تيتا من غير ما تشوفيني وحشة..
أومـ.ـا.ت إليها ألفت بصمت تحثها على قول ما تريد أن تقوله دون أن تقطعها فقالت :
_ حاسة إن في جوايا حاجة ناقصة مش عارفة ايه هي، حاسة اني عايزة حاجة ومش قادرة أعرف هي ايه أو ممكن أخدها إزاي، أنا لأ لأ لأ مش هسيب نفسي لكدة هروح الكلية بقى سلام..
قامت من محلها سريعاً وأخذت حقيبتها قبل أن تقترب من جدتها مقبلة رأسها مردفة :
_ عايزة حاجة يا تيتا؟!..
ضمتها ألفت بحنان وقالت :
_ عايزة أشوفك مبسوطة وده كفاية عليا..
_ هحاول أبقى دايما مبسوطة عشانك كفاية إن حضرتك سبتي القصر وكل العيلة عشان تفضلي معايا..
_ محدش فيهم يستاهل اني أفضل معاه غيرك يا سارة..
ابتسمت لجدتها بحب وخرجت من الفيلا بخطوات سريعة، وجدت إحدى سيارات محمود وبها السائق الخاص، منذ أول يوم لها هنا وهو آت لها بخادمة وسيارة بسائق، حركت رأسها بسخرية ودلفت بالمقعد الخلفي مردفة :
_ يلا يا عم محمد على الكلية زي كل يوم..
ضحك لها الرجل بخفة وقال بقلة حيلة :
_ على عيني يا سارة يا بنتي أنا عندي أوامر لمكان تاني..
إبتلعت ريقها بتـ.ـو.تر مردفة :
_ مكان تاني فين؟!..
_ مقدرش أقولك دي أوامر محمود بيه بس متخافيش هو هناك مستنيكي..
لا والله أهو هكذا يحاول بث الاطمئنان بقلبها؟!.. تعالت دقات قلبها وأخرجت هاتفها لتتصل به اجابها بجملة واحدة قبل أن تفتح فمها للحديث :
_ بلاش صداع يا سارة تعالي مع محمد ولما توصلي أبقى صدعي دماغي براحتك..
أغلق الهاتف بوجهها لتفتح فمها من شـ.ـدة الصدمة، نظرت للهاتف لعدة لحظات وهمست لنفسها بغيظ :
_ شوفت ناس كتير زيه مفيش تقريبا كان أخر نسخة بعد أبو لهب..
سندت رأسها على ظهر المقعد وأغلقت عينيها بضيق منه حتى أخذها عقلها للحظة إختبـ.ـار الحمل..
فلاش باااك..
بجسد مرتجف أغلقت باب المرحاض عليها، ظلت لأكثر من دقيقتين تحدق بإختبـ.ـار الحمل بخوف، دقة والثانية جعلتها تنتفض من محلها مردفة بتقطع :
_ نعم..
_ بقى لك كتير أنتِ كويسة؟!..
حمحمت وحركت رأسها وكأنه يراها ليدق على الباب مرة أخرى فقالت :
_ أيوة كويسة لو سمحت أصبري ثواني وهطلع..
أخذت نفس عميق وعادت بنظرها لما بيدها، ماذا لو كانت بالفعل تحمل بداخلها طفله؟!.. ماذا سيفعل بها وكيف ستكون نهايتها؟!.. سقطت دمعة خائفة من عينيها لتعض على شفتيها بقوة تمنع خروج شهقتها، مرت دقيقة أخرى وهي صامتة، خائفة لا تفعل شيء سوا التفكير، انتفض جسدها مع صوته الغاضب :
_ ما تخلصي يا سارة هو أمتحان كمياء معاكي دقيقة كمان وهدخل أعملك الاختبـ.ـار ده بنفسي..
يفعلها لديه من الوقاحة ما يجعله يفعلها ويفعل الأسوء، أخرجت الأختبـ.ـار من العلبة وبدأت بتنفيذ المكتوب عليه وبعدها أنتهت خرجت له وبيدها الاختبـ.ـار، أقترب منها بخطوة متلهفة وقال :
_ ها طلع إيه حامل؟!..
نفت بحركة من رأسها وقدمته له مردفة :
_ مش عارفة مكتوب خطين ومفيش الا خط واحد أهو..
أخذه منها وحدق به، خاب أمله مع رؤيته للخط الواحد مثلما قالت، قدرت هي على التنفس براحة أخيراً وقالت :
_ كدة الحمد لله مفيش حامل ممكن أمشى من هنا بقى..
تحمد ربها لعدم ربطها به، شعر ببداية الصداع فضغط على رأسه بأحد أصابعه وقال لها بسخرية :
_ فعلا الحمد لله، هتمشي من هنا يا سارة زي ما أنتِ عايزة بس بشوية شروط..
نظرت إليه بغضب وقالت :
_ هو أنت لسة بعد كل ده بتحط شروط يا أخي حـ.ـر.ام عليك بقى..
زفر بضيق وجذبها من يديها حتى وصل بها للفراش، جلس وجعلها تجلس بجواره ثم قال بهدوء :
_ اسمعيني يا سارة، من يوم فرحنا اشتريت فيلا وكتبتها بــــاسمك وعريبة كمان، هتمشي من هنا على الفيلا مع تيتا ألفت هيبقى معاكي العربية بالسواق تروحي بيها مكان ما تحبي، عيشي حياتك زي ما كان نفسك، لحد ما أحضر لك ورق المصنع بتاعك هيبقى برضو بــــاسمك يا سارة مش بــــاسمي..
كانت تسمعه وهي مشوشة، لا تعلم ما يفكر به أو إلى أين يريد الوصول بها، ضائعة بعالم كبير جدا جدا عليها، رفعت عينيها تنظر إليه بتوهان وقالت :
_ هو مش كفاية لعب بيا بقى أنا تعبت والله العظيم تعبت عايز إيه تاني عشان تسبني في حالي؟!.. بترتاح لما بتشوفني مش قادرة اتنفس تحت أيدك؟!...
مسح على خصلاتها وقال بتعب :
_ المرة دي مفيش لعب، الحاجات دي حقك يا سارة مهرك ومؤخرك، صدقيني أنا مش عايز دلوقتي الا راحتك..
نظرة عينه كانت كفيلة تجعلها تصدق ما قاله، أومـ.ـا.ت إليه مثل الطفلة الصغيرة وقالت برجاء :
_ ماشي يا محمود هصدقك بس ممكن أطلب منك طلب واحد وتنفذه عشاني..
_ أطلبي روحي هطلعها من صدري وأحطها تحت رجلك..
_ بلاش تعشمني يعني لو ناوي تستخدم الحاجات دي بعد كدة وسيلة ضغط عليا أو عقاب ليا خدها من دلوقتي وبلاش غشم زيادة، مش عايزة حاجة تخليني أكرهك ولا تهز صورتك في عيني ممكن؟!..
بكى من قبل أمامها وبين أحضانها بلحظة ضعف والان يستحيل ان يفعلها مرة أخرى، رجائها جعله يشعر كم كان قاسي وبلا قلب، أوما إليها وقال بحنان :
_ متخافيش مش هعمل حاجة توجعك حتى لو راحتي فيها خليكي متأكدة من كدة..
أومـ.ـا.ت إليه ليقوم من مكانه مردفا :
_ يلا حضري هدومك عشان أوصلك لبيتك أنتِ والفت هانم..
انتهى الفلاش باااك..
وقفت السيارة أمام مبنى فخم بحي راقي، فقال العم محمد بابتسامة محبة :
_ يلا يا سارة يا بنتي وصلنا أنزلي..
حدقت بالمكان حولها بنظرات منبهرة ثم قالت :
_ هو ده المكان؟!..
_ أيوة يا بنتي هو انزلي أنتِ عارفة محمود بيه مش بيحب التأخير..
حركت رأسها بسخرية وقالت وهي تنزل من السيارة :
_ ولا بيحب حاجة خالص..
تابعت ذهاب سيارتها بحيرة لا تعلم أين تذهب، دارت عينيها بالمكان ولم تجده لتضع يدها على خصلاتها مردفة :
_ لو هموت هنا مش هتصل بيه بعد ما قفل السكة في وشي طالما عايزني يبقى ييجي بنفسه..
_ ما أنا هنا بنفسي أهو..
قالها من خلفها بابتسامة مشتاقة، أسبوع مر لم يراها به، سبع ليالي ينام دون أن يأخذ جسدها الناعم بين أحضانه، حرم حتى يتنفس رائحة عطرها وهذا أشـ.ـد عقاب إليه، وها هي الآن تقف أمامه بوجهها المشرق وملامحها المحببة لقلبه، اه لو يقدر على أخذها بصدره حتى لو عدة ثواني كان أرتاح قليلا، حمحمت بتـ.ـو.تر :
_ إحنا هنا بنعمل ايه؟!..
_ اممم عشان حشـ.ـتـ.ـيني و ..
_ نعم ؟!..
زفر بضيق قبل أن يقول مثل الطفل الصغير الذي يبرر لوالدته :
_ بصي ده المصنع بتاعك كان ممكن ابعتك مع أي حد تشوفيه حتى لو محمد السواق، لكن أنتِ حشـ.ـتـ.ـيني و أوي يا سارة فعملتها حجة وجيت أشوفك..
ماذا يريد منها هذا الرجل؟!.. شعرت للحظة إنها هي الأخرى اشتاقت لرؤيته، حركت رأسها سريعاً حتى تخرج منها من دائرة التفكير تلك وقالت بهدوء :
_ بلاش كدة أحسن..
رفع حاجبه بتعجب مردفا :
_ هو ايه اللي بلاش؟!..
_ اللي أنت بتحاول تعمله ده بلاش منه، الأفضل لينا أحنا الاتنين ننسى مش نعلق بعض أكتر، أنت ليك حياتك وناس بتحبهم لو أتحطوا في كافة وانا في التانية هما اللي هيطعلوا كسبانين يبقى الأفضل نقفل الطريق ده خالص..
أوما إليها بهدوء ثم أشار لها بالدخول قائلا :
_ طيب يلا ندخل عشان أوصلك المؤتمر..
توقفت عن السير ونظرت إليه بذهول قائلة :
_ أنت عرفت منين ان عندي مؤتمر النهاردة؟!..
حرك كتفه ببساطة وتقدم ليسير أمامها مردفا :
_ محمد اللي قالي أصله أستأذن باقي اليوم..
_ خلاص بلاش تتعب بنفسك هطلب أوبر حضرتك أكيد عندك شغل يا أبيه..
تلك المرة هو من توقف عن السير، دار بنصف جسده لها وقال بنبرة ساخرة :
_ أبيه؟!..
أومـ.ـا.ت له بابتسامة واسعة ثم قالت ببراءة :
_ طبعا ما حضرتك إبن عمي الكبير ولازم أحترم فرق السن اللي بنا..
جز على أسنانه من الغيظ، تلعب به هل لها نفس تلعب بحالتهم تلك؟!.. طالما بدأت بالوقاحة سيأخذ منها الزمام ويكمل باقي رحلة الوقاحة :
_ الاحترام ده بقى كان قبل ليالي بيروت والا بعدها يا بسبوسة؟!..
أتسعت عينيها من سؤاله وأخذت لحظات مسيطر عليها الخجل لا تعلم بماذا ترد، رفعت رأسها لها وقالت بتحدي :
_ أحترم نفسك لو سمحت يا أبيه المفروض إن اللي فات مـ.ـا.ت وإحنا ولاد النهاردة..
تركها وذهب للداخل لتركض هي خلفه وصل بها أمام مكتب كبير وبداخل سكرتيرة أقتربت منه بأحترام قائلة :
_ أهلاً بحضرتك يا محمود بيه..
_ أهلاً يا ضحى يا رب شغلك مع سارة يعجبك..
أبتسمت اليه وقالت :
_ مش عارفه أشكر حضرتك إزاي مكنتش أحلم بفرصة الشغل دي، وشكر كمان على الشقة أوعد حضرتك هدفع إيجارها في الميعاد..
_ براحتك يا ضحى اعملي اللي يريحك، أعرفك مدام سارة صاحبة المصنع وو..
قطعته سارة سريعاً مردفة :
_ أنسه سارة..
_ نعم..
_ أنسة سارة يا أبيه حضرتك اتلغبطت وقولت مدام..
رفع حاجبه بمعنى حقا، ظهرت إبتسامة على شفتيه اخفاها وقال :
_ ادخلي اتفرجي على مكتبك يا سارة هانم عشان أعرفك على باقي الموظفين ونخلص..
_____ شيما سعيد _____
بشرم الشيخ..
دقت أروى على باب غرفة علي عدة مرات بقلق فموعد الاجتماع متبقي عليه أقل من ساعة، رفعت هاتفها للمرة العاشرة وقامت بالاتصال عليه ولم يرد، تـ.ـو.ترت وقالت :
_ هو في إيه بالظبط معقولة يكون سابني ومشي بعد العلقة؟!.. لأ ده بـ.ـارد ميعملهاش..
عادت للدق حتى قررت النزول بالاستقبال تسأل عليه فقال لها الموظف :
_ من وقت ما طلع مع حضرتك منزلش يا هانم ثواني أرن لك عليه..
أومـ.ـا.ت إليه ثم بللت شفتيها بطرف لسانها عنـ.ـد.ما قال :
_ مش بيرد يا هانم..
_ طيب ممكن المفتاح أطلع أشوف في إيه بنفسي؟!..
_ مينفعش يا فنـ.ـد.م دي خصوصية..
صرخت بغضب وخوفها بدأ يتصاعد بقلبها :
_ هو ايه اللي مينفعش أفرض تعبان والا في خطر أنا السكرتيرة بتاعته ومن حقي أدخل أشوف ماله بدل ما أطلب البوليس..
أوما إليها الموظف بضيق من صوتها العالي وقال :
_ أتفضلي يا فنـ.ـد.م المفتاح بس يا ريت توطي صوت حضرتك في ناس مهمة في الفندق..
جذبت منه المفتاح وقالت قبل أن تذهب :
_ لو طلع فيه حاجة هقفلك الفندق اللي فرحان بيه ده..
فتحت باب الجناح بجسد مرتجف، أغلقت الباب خلفها بحذر وقالت :
_ علي بيه حضرتك كويس؟!.. طيب أنت هنا؟!..
فتحت باب الغرفة النوم لتجده مثلما تركته على الفراش، انتفض قلبها وأقتربت منه بسرعة وضعت كفها على رأسه وقالت :
_ يا لهوي ده مولع نار.. علي أنت سامعني أو حاسس بايه حاجة؟!..
لم يصدر منه أي رد فسقطت دمـ.ـو.عها بخوف وأخذت الهاتف الأرضية لتقول للاستقبال :
_ أطلبوا دكتور بسرعة علي بيه الحسيني تعبان جـ.ـا.مد..
_____ شيما سعيد _____
أمام قاعة المؤتمر وقفت سيارة محمود، أخذت نفس عميق ونظرت اليه مردفة :
_ شكرا يا أبيه تعبت حضرتك معايا.
اوما إليها بابتسامة بـ.ـاردة وأشار لها على الباب مردفا بغيظ :
_ العفو يا بسبوسة يلا انزلي ورايا شغل مهم..
مستفز ولديه من البرود ما يكفي مدينة كاملة، لكنها لن تعطي له فرصة حتى يلعب بأعصابها ردت له الإبتسامة بأخرى سمجة :
_ بلاش تتعب نفسك تاني عمي محمد موجود ولو أخد اجازة هطلب أوبر..
تركته وخرجت فقام بضـ.ـر.ب عجلة القيادة عدة مرات مردفا :
_ عملت كل ده ليه يا محمود وخليت محمد يمشي ليه؟!.. كنت عايز تشوفها اتفضل وجعت نفسك أكتر..
ظلت حدقت بالسيارة حتى أختفت عن المكان ثم زفرت بضيق ودلفت للقاعة بخطوات ثقيلة، زاد ضيقها وهي ترا انها أخر من أتت، دقيقة وبدأت رحلتها بالانبهار بالمكان حولها كل شيء مميز وراقي عالم جميل مختلف عنها كثيرا، نساء ورجال من طبقة محمود طبقة بعيدة عنها كل البعد..
وقفت مكانها وشعرت للحظة ان الأرض تدور من حولهاوهي ترى حلم مراهقتها أمام عينيها يقف ببذلة من اللون البني يلقى كلمته أمام الحضور، تعالت دقات قلبها وشعرت بـ.ـارتفاع الحرارة من حولها هامسة :
_ أحمد رسلان قدامي حقيقي..
تاهت وهي تحدق بها تشاهد ابتسامته وطريقته العفوية بالحديث، أنتهت كلمته وتعالت صقفات الحضور، أتسعت عينيها وهو يقترب من محل وقوفها نظرت خلفها لم تجد أحد ليشير إليها بأحد أصابعه، أبتلعت ريقها وأشارت عليها نفسها ليبتسم إليها بهدوء، ثانية وكان يقف أمامها ويمد يده ليسلم عليها مردفا :
_ أحمد رسلان.. نتعرف؟!..
مدت يدها لتسلم عليه وقالت بتـ.ـو.تر :
_ سارة أنا سارة علام...
_____ شيما سعيد ______
↚
_ سارة أنا سارة علام ومبسوطة أوي إني شوفت حضرتك اتكلمت معاك..
أعطى لها إبتسامة حلوة زادته روقي ثم قال :
_ وأنا مبسوط إن بنت جميلة زيك مبسوطة عشان شافتني..
أؤمـ.ـا.ت إليه بخجل شعر هو به ليقول :
_ قوليلي بقى يا سارة بتعملي إيه في المؤتمر؟!.
بحماس شـ.ـديد أجابت :
_ أنا طالبة في كلية إعلام والمؤتمر ده بالنسبة ليا زي التدريب كدة..
جميلة هذه الفتاة وفوق جمالها لديها درجة عالية من الجاذبية والحضور، رغم وجود كاميرات التصوير حوله بكل مكان الا إنه يود الحديث معها أكثر، أشار إليها على أحد المقاعد وقال :
_ لأ اذا كان كدة بقى يبقى الكلام بنا كتير تعالي نقعد على الترابيزة بتاعتي..
نظرت محل أشارته وقالت بتـ.ـو.تر :
_ هو عادي أقعد على نفس الترابيزة بتاعت حضرتك؟!..
أوما إليها وأخذها من كفها خلفه وهو يقول :
_ طبعا ينفع هو أنا أطول أقعد مع بنت زي القمر كدة على ترابيزة واحدة..
أبعد لها أحد المقاعد فجلست عليها وعلى وجهها إبتسامة مبهورة، كانت تضع صوره بغرفة نومها واليوم تجلس معه على نفس الطاولة؟!.. سمعت كثيرا عن أحلام العصر ولكنها لأول مرة تراها حقيقة أمام عينيها، سألها بأهتمام :
_ نفسك تشتغلي في الصحافة والا التلفزيون؟!..
سؤال بسيطة أشغل بداخلها حماس كبير، أجابت وهي تتخيل نفسها مثلما توصف :
_ عايزة ابقى أعلامية كبيرة، تبقى حواليا كاميرات تصوير وناس بتحبني من غير سبب لو خبتت على بيت حد فيهم يبقى بيتي وأهله أهلي، نفسي أبقى زيك..
ضحك بخفة وقال :
_ شكلك وقبولك بيقولوا انك هتبقى أحسن مني، تحبني تشربي إيه؟!..
حركت رأسها بحيرة ثم قالت بصوت منخفض :
_ مش بشرب الا مشروب واحد وأكيد مش هيبقى هنا..
_ ملكيش دعوة قولي هو إيه وهيبقي عندك في لحظتها..
_ شاي بلبن..
_____ شيما سعيد _____
بأحد المخازن التابعة لمحمود علام..
دلف وخلفه أحد رجاله، أشار إليه بحركة من يده ليخرج فقال الرجل بتـ.ـو.تر :
_ محمود باشا علي بيه طلب مني أفضل مع حضرتك..
_ لما أحتاج لحد يحضر ليا الرضعة هقولك حاضر..
قالها بنبرة ساخرة جعلت الرجل يبتلع ريقه بخوف مردفا :
_ لأ طبعاً يا باشا مش ده قصدي حضرتك..
قطعه محمود بنظرة من عينه ثم قال :
_ روح شوف وراك إيه وخلي عينك على مدام سارة أربعة وعشرين ساعة حتى في أحلامها لو حلمت حلم معرفتش تقوله ليا زعلي هيبقى وحش مفهوم..
أوما إليه سريعا وقال :
_ مفهوم..
خرج وتركه ليسير هو بخطوات واثقة حتى وصل لهذا الملقى على الأرض، أقترب منه حتى أصبح الآخر أسف قدميه فقال بهدوء :
_ نهاية اللعب معايا وحشة أوي يا علاء وأنت مش حاجة عليها القيمة عشان تفكر تقف قصادي مجرد تفكير مش أكتر..
رفع علاء عينيه بقهر فهو عاش أبشع أيام حياته خلال الأسبوع الماضي تحت سيطرة محمود علام، نظرات الكره كانت صريحة بمقلته ولكنه حاول الخضوع مردفا :
_ أنا عملت إيه يا باشا يستحق اللي أنا فيه ده طولي عمري خدامك ووو..
بحركة بسيطة من كف محمود أبتلع ريقه برعـ.ـب وابتلع معه باقي حديثه، جذبه محمود من ملابسه يجبره على الوقوف أمامه قائلا ببرود :
_ عارف اللي كنت عايز تلعب بشرفها دي مين؟!.. عارف مرات مين وعرض مين اللي كنت ناوي تمسح بيه الأرض، دي شرفي وعرضي أنا يا كـ.ـلـ.ـب مرات محمود علام..
حرك رأسه بألم وقال :
_ والله يا باشا ما لحقت أعمل حاجة أنا أتفقت مع مدام عايدة بس غير كدة محلصش..
_ أمال الواد الزبـ.ـا.لة اللي خليته يفضل قاعد تحت قصري مستني خروجها ده يبقى مين مش هو ده اللي كان هيبقى عشيقها، طيب على الأقل لما كنت تجيب لمراتي راجـ.ـل تخوني معاه خليه عدل يمكن كنت أصدق إنها خانت محمود علام عشانه..
_ يا باشا صدقني ده كله كان لعب لحد ما جنابك ترجع الشركة وأقولك كل حاجة أنا غلبان ومش قد مراتك..
قالها بنبرة مهزوزة لعله يخلص من هذا الكابوس، أوما إليه محمود مردفا :
_ سبتك أسبوع في أيد الرجـ.ـا.لة النهاردة بقى أنت بتاعي أنا هطلع عليك قرف الأسبوع اللي فات كله..
وبالفعل أخرج به كل ما بداخله من غضب، نيران مشتعلة بقلبه وأخيراً وجد ما يحترق بها..
______ شيما سعيد ______
بالفندق..
ظلت بجوار بعد ذهاب الطبيب تبكي وتضع إليه الكمادات، هي السبب الطبيب قال إن تم ضـ.ـر.ب المنطقة الحساسة بقوة، أزالت دمعتها بظهر كفها ومع تذكرها لحديث الطبيب :
_ من الواضح إن الخصيتين تعرضوا لضـ.ـر.به قوية منعت وصول الدم وكمان رفعت الحرارة، لما علي بيه يفوق لأزم يتعرض على دكتور يفهم منه أكتر..
خرجت منها شهقة وراء الأخرى وهي تنظر إليه وهو ينام بأمان وبراءة بعيدة عنه كل البعد، أزالت قطعة القماش ثم وضعها بالماء المثلج وعاد لوضعها عليه من جديد، مرت ساعة على هذا الحال حتى سمعت همهمت ثقيلة تصدر منه، أبتلعت ريقها بتـ.ـو.تر مردفة :
_ أنت سامعني كويس؟!.. لو كنت سامع قولي حاسس بأيه..
فتح عينيه بعد معاناة مع نفسه، دار بنظرة سريعة بمكان قبل أن يقول بتعب :
_ هو ايه اللي حصل بالظبط؟!..
هل فقد الذاكرة أيضا؟!.. سألت عقلها وجات الإجابة منه بنفس اللحظة عنـ.ـد.ما قالت بغضب :
_ أنتِ قوليلي أعمل فيكي إيه ضيعتي مستقبلي يا حـ.ـيو.انة..
أنتفضت على أثر صريخة وشعرت بالقليل من تأنيب الضمير، عضت على شفتيها وقالت بخجل :
_ كنت بدافع عن نفسي مش أكتر وبعدين إن شاء الله مستقبلك زي الفل بلاش الفال الوحش ده..
لا هذا كثيرا عليه حاول الاعتدال وهنا كانت الكارثة الكبرى، نيران جعلته يعجز عن الحركة، حدق بها لتقول بسرعة :
_ أهدى بلاش الحركة الدكتور حاطط شوية حاجات تخفف عنك..
كانت تود الضحك الا إن الموقف كان يستحق البكاء، ألقى برأسه على الفراش وقال بحسرة :
_ يا نهار مش فايت أنا ضعت ومستقبلي ضاع أعمل إيه دلوقتي بس يا ربي..
طبطبت على كتفه بشفقة وقالت :
_ بلاش تعمل في نفسك كدة إن شاء الله شـ.ـدة وتزول بس أنت خليك قوي..
ماذا يفعل بها حتى غير قادر على قسمها لنصفين، نظر إليها بغضب وقال :
_ ت عـ.ـر.في تخرسي أنا مش طايق لا أشوفك والا أسمع صوتك..
ابتسمت إليه قبل أن تقول :
_ تعرف يا علي من هنا ورايح أنا مش هعمل أي حاجة تزعلك، أنت دلوقتي حسيت بيا لما دخلت بيتي وحاولت تقرب مني كان نفس شعورك دلوقتي كدة وأنت قاعد يا عيني بتنبر بقلة حيلة على مستقبلك اللي راح مع انه مارحش أوي يعني لسة في أمل..
هل هذا بالفعل كان نفسي شعورها؟!.. لا والله هو الآن يمر بأسوء مشاعر على الإطـ.ـلا.ق، كان يود البكاء لولا مكانته فيكفي رؤيتها إليه بتلك الكارثة، جذب هاتفه وقام بالاتصال على محمود الذي رد سريعا مردفا :
_ أنت فين يا علي برن عليكي من ساعتين وأكتر..
_ في شرم تعالي خدني بسرعة يا محمود صاحبك بيضيع..
شعر بنبرة القلق بصوت محمود :
_ مالك يا علي في إيه؟!..
_ مستقبلي كراجـ.ـل ضاع أنا بقيت زي مش قادر اكمل..
_ طيب أقفل يا علي ساعة وهكون عندك..
صرخ علي بقوة :
_ لأ ساعة كتير الوقت مش في صالحي خالص..
أغلق معه الخط ونظر لها مردفا :
_ غوري من وشي أحضري الاجتماع مكاني..
_ طيب ومحمود لو شافني هناك..
_ ولا يفرق معايا يا ريت يشوفك ويقـ.ـتـ.ـلك يمكن أرتاح شوية..
قامت من جواره وقالت قبل أن تخرج من الغرفة :
_ خد بالك محمود لو عرف هيخلص عليك قبلي فلم نفسك شوية بقى واستغفر ربنا يمكن يتوب عليك..
خرجت وظل وهو بمفرده، ألقى نظره على جزء السفلى وقال بحسرة :
_ لأ مهو كدة أنا توبت فعلاً ...
_____ شيما سعيد ______
أمام المؤتمر..
ظل محمود أمام الباب نصف ساعة تابع خروج الجميع الا هنا، ضـ.ـر.بت قلبه قبضة قوية من القلق فأخرج هاتفه وقام بالاتصال على أحد رجاله مردفا :
_ أدخل شوف مدام سارة أتأخرت في المؤتمر ليه وكليتها كلها خرجت..
سمعت أنفاس الرجل المتـ.ـو.ترة ليقول بغضب :
_ في إيه أنطق..
_ مدام سارة دلوقتي في مطعم ***** مع المذيع أحمد رسلان..
وفقط ضـ.ـر.ب محمود الهاتف بأرض السيارة وهو يضغط على يده بقوة، عقله يردد نفس الجملة وكأنه يود إن يؤكد له ما فهمه، نظر الطريق أمامه بأعين حمراء بها لمعة تعلن عن بوارد كارثة، ضغط على الفرامل وبدأ بالقيادة بأعلى سرعة، مع رجل بمطعم ماذا تفعل؟!.. بعد أقل من سبع دقائق كانت السيارة تقف أمام باب المطعم..
بالداخل نظرت سارة حولها بتـ.ـو.تر مردفة :
_ مكنش في داعي للغدا..
حرك رأسه وقال بجدية :
_ ده اللي هو إزاي تبقى معايا في مؤتمر واحد اكتر من أربع ساعات من غير أكل وأوصلك بينك جعانة عيبة في حقي..
_ والله العظيم قعدتكم دي عيبة في حقي أنا.
قالها بعدما سحب مقعد من على أحد الطاولات وجلس بجوارها، نظر اليه أحمد بتعجب أما هي أنتفضت من محلها برعـ.ـب، رغم أنها لم تفعل شيء خطأ الا إن وجوده أمامها الان اخافها، حركت شفتيها بصعوبة قائلة :
_ أبيه..
بسخرية وجه حديثه لأحمد :
_ لأزم تقولي يا أبيه رغم إني قولتها ألف مرة مفيش ست بتقول لجوزها كدة بس نقول إيه متربية زيادة عن اللزوم..
ظهرت معالم خيبة الأمل على وجه أحمد وهذا وصل لمحمود واضح مثل وضوح الشمس، صدمت من كلمة زوجها وفتحت فمها لتنفي ما قاله ليكون محمود الأسبق بالضغط على فخذها من أسفل الطاولة مردفا :
_ أفتحي بوقك بحرف واحد لحد ما الواد ده يمشي وشوفي هعمل فيكي وفيه ايه..
صممت وعينيها تحدق به بحسرة، طريقته بمفردها تجعلها تشعر دائماً انها مجرد دمية بين يديه يحركها كما يشاء، تحدث أحمد بهدوء :
_ مكنتش أعرف ان بنت صغنونة كدة ممكن تكون متجوزة..
أوما محمود إليه ببساطة وقال :
_ إحنا عيلة بتشجع جواز القاصرات، المهم نتعرف معاك محمود علام جوز سارة..
فتح أحمد عينيه بذهول "محمود علام "إسمه بمفرده علامة، شعر أحمد بذهول بعدما تأكد من نظره، هو الآن يجلس مع محمود علام على طاولة واحدة، أعتدل بجلسته مردفا :
_ مش معقولة من وقت ما حضرتك قعدت وأنا بكذب نفسي، بس اللي أعرفه عن حضرتك ان مراتك أكبر من كدة وما شاء الله معاك شاب سارة ازاي تبقى المدام؟!..
يكفي هذا القدر، قام من محله وجذبها لتقف معه قائلا :
_ لأ دي العروسة الجديدة..
أخذها وخرج من المكان ألقت نظرة سريعة على نظرة أحمد المصدومة ثم أبعدت عينيها سريعا، بداخلها شعور مرعـ.ـب بالعار والخجل، فكرة إنها الزوجة الثانية لرجل متزوج فكرة قللت من أنوثتها وجعلتها تعلم المعنى الحقيقي للكلمة الشهيرة " مكسوفة من نفسي"..
وفقت على باب المطعم وحاولت سحب يدها منه مردفة :
_ إيه اللي أنت عملته جوا ده؟!..
_ عملت إيه يا بسبوسة؟!..
ترقرقت الدمـ.ـو.ع بداخل عينيها وقالت :
_ بجد مش عارف عملت إيه؟!.. قليت مني لما قولت للراجـ.ـل إني مراتك التانية ويا ريتك بتقول الحقيقة أنا طليقتك..
ثبت وجهها أمام بوضع أحد أصابعه تحت ذقنها وقال ببساطة :
_ طول ما أنتِ في عدتك تبقى مراتي والنفس اللي بيخرج من بين صدرك من حقي أعرف بيه قبل ما يخرج..
حركت رأسها بمعنى لا فائدة، سحبها للسيارة وصعد محل القيادة، بداخله بركان من الغضب لو خرج عليها الآن ستكون نهايتها عشر دقائق وهي تتابع الطريق بصمت لتجد إن الطريق مختلف عن طريق الفيلا فقالت :
_ أنت رايح بيا على فين دلوقتي؟!..
_ أخرسي..
كانت كلمة واحدة أشعلت الغضب بها، ما هذا وكيف يكون له هذا القدر من الوقاحة، ضـ.ـر.بت بيدها على ظهر مقعده وقالت بغضب :
_ هي مين دي اللي تخرس ما تحترم نفسك بقى أنا سكتت لك كتير لحد ما جبت أخرى خلاص، وقف الزفتة دي ونزلني..
ظلت عينيه على الطريق أمامه وقال :
_ لتاني مرة بقولك الأفضل تخرسي دلوقتي بدل ما اخرج ناري عليكي وقتها محدش هيتحرق غيرك..
_ هو بعد كل ده مكنتش خرجت نار عليا أنا أتحرقت من زمان وقف بدل ما افتح الباب واللي يحصل يحصل هي كدة كدة خربانة..
لم يكفل نفسه بالرد عليها، أكمل طريقه وهو يفكر بشي مرحبا واحد يجعله يقلل من غضبه، كانت مع رجل غيره ابتسمت بوجه الاخر وتحدثت معه، طلقها أسبوع واحد فقط لا غير وكان معها الجديد، عند تلك الفكرة ضـ.ـر.ب عجلة القيادة عدة مرات بكل قوته، قلبه يحرقه وعقله يحسه على أخذ روحها، لا يعلم من أين اتت له القوة حتى خرج بها من المطعم بكل سلام دون قـ.ـتـ.ـل أحد منهما..
كانت تتابع ما يحدث بأعين خائفة، توقف عقلها عن التفكير بلحظة وضعت يدها على باب السيارة لتشهق بفزع عنـ.ـد.ما ضغط على يدها بكف وبالاخر أوقف السيارة، صرخ بغضب :
_ بتعملي إيه يا غـ.ـبـ.ـية بتفتحي الباب والعربية شاغلة؟!..
أؤمـ.ـا.ت إليه عدة مرات مردفة بانهيار :
_ ما تبطل لعب بأعصابي بقى أنت عايز مني ايه بالظبط عايزني ادخل العبــــاسيه عشان ترتاح..
ضغط على كفها بغضب وقال:
_ أنتِ اللي ازاي كده ازاي قادرة ترمي كل حاجه ورا ضهرك في لحظه واحده، بالسرعة دي شوفتي شوفة جديدة وبتخططي ازاي توقعي الاريال الجديد..
حديثه آت بمنتصف صدرها، ماذا قال وكيف قال ؟!.. كيف فكر بها هكذا ؟!.. أرتجفت شفتيها لتضمها بين أسنانها عدة لحظات قبل أن تحررها مردفة بقهر:
_ أنت بتقول إيه ازاي تفكر فيا كده أو تتكلم معايا كده ؟!..انا مش هسمح لك تقلل مني تاني..
_ آمال تسمي ايه لما واحده مطلقه بقى لها أسبوع واحد قاعده مع واحد في مطعم كأنهم اتنين عشاق عقلك جابك انك تبقي شايلة إسم محمود علام وعينك تبص لغيره إزاي ؟!..
حركت رأسها بنفي وقالت بنبرة حادة:
_ أنا مش مراتك أفهم إحنا مطلقين مش من حقك تتكلم معايا كدة فاهم مش من حقك..
عينيه بمفردها كانت مرعـ.ـبة، كانت تعطي لها إشارات واضحة ببداية جحيم جديد لها معه، رفع يده لفها حول رقبتها البيضاء مردفاً بنبرة مخيفة:
_ لحد أخر يوم في عدتك هتفضلي شايلة اسمي لو حسيت أنك كنتي ت عـ.ـر.في الواد ده معرفة عابرة وأنتِ على ذمتي هخرج بروحك وهرمي جـ.ـسمك إللي فرحانة بيه ده للكلاب تشبع بيه..
انكمشت على حالها من حالته المرعـ.ـبة، رمقها بنظرات مشتعلة يخفي بداخلها ألف نظرة من الحسرة وعاد للقيادة من جديد..
_____ شيما سعيد _____
بشرم الشيخ..
وصلت سيارة محمود أمام باب الفندق لينزل بخطوات واثقة ثم أقترب من بابها وفتحه مشيراً لها بالخروج، نظرت حولها بخوف وقالت :
_ هو أنا هنا بعمل إيه؟!..
دارت عينيه حوله ثم سحبها للخارج وهو يزفر بضيق مردفا :
_ واحد صاحبي عنده مشكلة هنحلها ونرجع..
_ يعني إيه واحد صاحبك عنده مشكلة أنا مالي بالموضوع ده وبعمل إيه هنا؟!..
بضغطة خفيفة على كفها الصغير جعلها تصمت فقال :
_ مالكيش امان اسيب لوحدك ده أنا وصلتك للمؤتمر بنفسي ولعبتي بديلك آمال لما أسافر وتبقى لوحدك هتعملي ايه..
ضـ.ـر.بته على كفه الذي يخـ.ـنـ.ـق كفها وقالت :
_ بطل قلة ذوق بقى أنا مش وحشة زي ما أنت فاكر، كل ده ليه عشان خرجت مع واحد هشتغل معاه..
صرخت بفزع عنـ.ـد.ما صفق بيديه بقوة غير مهتم بمن حوله وقال بغضب :
_ يا حلاوة دي أحلوت أوي كمان ناوية تشتغلي معاه، نفسك في إيه تاني غير الفلوس عايزة الحلوف الجديد يعمله..
نظرت إليه بعتاب وصل له بوضوح الا ان نيرانه التي تأكل به أقوى بكثير من عتابها، وصل للاستقبال وسأل عن غرفة علي وبعد دقيقة كان يقف بجوار علي النائم على الفراش مردفا بقلق :
_ مالك إيه اللي عمل فيك كدة؟!..
أشار علي بعينه لسارة الجالس على أحد المقاعد بزاوية الغرفة وقال بغضب :
_ يا أخي منك لله بقى أقولك مستقبلي ضاع تيجي بعد ست ساعات ومعاك طليقتك..
حرك محمود رأسه بتعجب :
_ مستقبلك ضاع إزاي؟!..
_ يا عم ارحمني مش هقدر أقول اللي حصل لي قدمها ولا قدام أي حد أفهم بقى..
قالها وهو يشير اليه بعينه للمرة الثانية ولكن تلك المرة كانت لمنطقة تعبه، أتسعت عين محمود بصدمة قبل أن يقول :
_ حصل لك كدة إزاي ياض أنطق..
حرك علي رأسه بحسرة على حاله وقال :
_ واحدة مفيش في قلبها رحمة ولا في عقلها مخ هي اللي عملت فيا كدة ربنا ينتقم منها، سفرني برة يا محمود أعمل اي حاجة بدل ما انتحر ويبقى ذنبي في رقبتك..
كان محمود ينظر إليه بذهول وهو لا يعلم ماذا سيفعل، أما سارة شعرت بالشفقة على علي وقامت من محلها مردفة بنبرة حزينة :
_ ألف سلامة عليك يا أستاذ علي، هنطلب الدكتور وهتبقى كويس متخافش..
مسح محمود على خصلاته بتعب وللمرة المليون يجذبها من كفها أجلسها على مقعدها من جديد مردفا :
_ خليكي مكانك مالكيش دعوة بيه ان شاء الله لو مـ.ـا.ت تفضلي مكانك برضو..
لم تنظر إليه هذا ليس وقت مناسب للشجار معه، صرخ علي بغضب :
_ هو ده وقته يا عم عنتر شوفي ليا حل في المصيبة اللي انا فيها وبعدين خد عبلة وأمشوا من هنا.. وبعدين غيران عليها من إيه ما خلاص بقيت زيها..
نظر إليه محمود لعدة ثواني ووجد حاله وبكل أسف يضحك بقلة حيلة، أقترب من علي ووضع يده على فمه مردفا :
_ أخرسي بقى البنت صغيرة ومش فاهمة حاجة..
_ حـ.ـر.ام عليك أنا بضيع أرحمني..
_ هتصل بالدكتور أهدى كل حاجة هتبقى كويسة والموضوع هيعدي على خير بس يا ريت تتعلم لأني أتخـ.ـنـ.ـقت من مشيك ورا النسوان..
بعد نصف ساعة كانت سارة تقف على باب الجناح ومحمود مع علي بالداخل، انتهى الطبيب من الكشف ليقول محمود بهدوء :
_ طمني يا دكتور هو كويس صح؟!..
أومأ إليه الطيب باحترام ثم قال بجدية:
_ اطمن يا محمود بيه الموضوع مش كبير أوي، كل الموضوع ان الضـ.ـر.به كانت قويه جدا وده قلل من وصول الدم للمكان فيما بعص هيأثر تأثيرات بسيطه بس مش قويه ومع الوقت بالعلاج علي بيه هيرجع احسن من الأول بكتير..
حرك محمود رأسه بهدوء وقال:
_ طيب يا دكتور شكراً تقدر تتفضل معلش تعبناك معانا..
_ لأ طبعاً يا محمود باشا أنا تحت أمركم في اي وقت عن اذنك..
خرج الطبيب من الغرفه فاقترب محمود من علي النائم على الفراش مغلق العينين هو قال بمرح:
_ ما خلاص بقى الدكتور مشي وقال انك هتبقى كويس هتفضل مغمض كده زي اللي عليك تار..
فتح عينيه وعض على أسنانه بغيظ مردفا:
_ اسكت يا محمود تعرف تسكت أنت مش حاسس بالنار اللي جوايا اقف على رجلي بس وهاجيبها من شعرها وامسح فيها بلاط البلد كلها شبر شبر لحد ما اهدى..
ضحك محمود بخفة وضـ.ـر.به على كتفه وقال:
_ أيوة هو ده بقى السؤال مين اللي عملت فيك كده بصراحه بنت راجـ.ـل..
_هااا..
_ ها إيه بقولك مين البنت إللي عملت فيك كدة..
أغلق علي عينيه مره أخرى ليههرب من نظرات محمود وقال وهو يضع الوساده على وجهه:
_ أنا تعبان دلوقتي ومش قادر اتكلم..
_ ماشي يا سيدي أرتاح وانا هشوف البنت اللي سايبها بره بقى لي ساعه دي اكيد عملت مصيبة..
خرج محمود ليجدها تقف على الباب تنتظر قدومه، وقف أمامها مردفاً:
_ ما كنتش أعرف إن حالته وحشه قوي كده فهنضطر نبات النهارده هنا..
مسحت على وجهها عده مرات تحاول السيطره على ردت فعلها ثم قالت من بين أسنانها:
_ هو إيه اللي ما كنتش تعرف ونبات هنا بتاع إيه؟!.. هو أنت ليه مصمم تخليني مربوطه بيك ما تسيبني في حالي بقى يا اخي..
رفع يده وقرص أنفها مردفاً بقوة:
_ ساره يا حبيبتي حتى لو اتطلقنا أنتِ بنت عمي وتحت أيدي حاولي تاقلمي عقلك ان أي حاجه صغيرة أو كبيرة تخصك هتعدي عليا انا الأول..
"اهدئي سارة فالغضب سيزيد الأمر سوء وأنتِ بموضع ضعف" للمرة المليون تقع بداخل حصاره بمفردها ولا تستطيع فعل شيء ، أخذت نفس عميق وكتمته بداخل صدرها لعده ثواني ثم قالت:
_ خلاص أتصل بأي سواق من بتوعك واطلب منه يجي ياخدني..
حرك كتفه مردفاً:
_ كان على عيني والله بس لما محمد طلب إجازة أديت لهم كلهم مع بعض مهو ما فيش حد احسن من التاني..
_ والحل..
أقترب منها وقال ببساطة:
_ الحل يا ستي أننا ندخل نرتاح إحنا جايين من طريق سفر طويل والاحسن لنا دلوقتي الراحة..
_ طيب ماشي اتفضل روح احجز لنا اوضتين خلينا نرتاح..
_ حالتي الماديه ما تسمحش بأكتر من اوضه..
صاحت بغضب:
_ وانا هنام في الشارع ولا ايه..
_ لأ يا روحي هو أنا أقدر طبعاً في الاوضة معايا..
_ آه يا قليل الادب أنت ازاي تفكر كده عايز تنام معايا في أوضة واحده واحنا متطلقين..
أقترب منها أكثر فعادت خطوه للخلف بتـ.ـو.تر ليضع يده حول خصرها مثبتا جسدها بين يديه ثم همس بنبره دافئة:
_ اثبتي..
تعالت دقات قلبها من هذا القرب فإبتلعت ريقها بصعوبه وهمست بنبره بتقطع:
_ اثبت ايه؟!..
_ طـ.ـلا.قنا يا حياتي اثبتي إن أنا مطلقك..
______ شيما سعيد ____
↚
دلفت معه لغرفة النوم وهي شاردة لم يخرج منها حرف واحد بعد ما قال لها " اثبتي إن أنا مطلقك" كانت جملة كارثية وضعتها أمام حقيقة حاسمة، أكد لها بكلمـ.ـا.ت بسيطة بأنها مازالت تحت سيطرته، سمعت صوت خطواته تقترب منها بعدما أغلق باب الجناح فقالت:
_ تعرف إني بسببك كرهت نفسي..
أهتز من قوة كلمـ.ـا.تها، شعر وكأنها أتت بسكينة بـ.ـاردة وادخلتها محل قلبه ببطء شـ.ـديد، نظراته كانت تعبر عن قهر رجل يرفض الخضوع، سألها ببطء:
_ كرهتي نفسك بسببي؟!..
أومـ.ـا.ت إليه أكثر من مرة وقالت بغضب:
_ هي دي الحقيقه إني كرهت نفسي بسببك وكرهت كل خطوه بتقربها مني، كرهتك أنت شخصياً عشان كل ما بشوفك بحس بعجزي وقله حيلتي، أنت عايز توصل معايا لايه بالظبط؟!.. بتسلي نفسك بيا وكل ما تزهق ترجع اللعبه تاني، ما هو أنت مش خسران أي حاجة أهو بتفرفش نفسك بعيد عن المصايب بتاعتك شوية، صدقني لو شوفت نفسك في عيني عامل إزاي مش هتقف قدامي تاني..
ماذا تقول وكيف لا تري ضعفه أمامها ؟!.. لماذا لم يصل إليها شعوره بالاشتياق وعجزه عن البعد ؟!.. حرك رأسه بقوة ينفي ما قالته قائلا:
_ تبقى ما بتشوفيش يا سارة لو شايفك كل اللي أنا بحاول أعمله ده تسليه، عايزة تسمعي إيه أو تفهمي إيه عايزه ت عـ.ـر.في انا عايز منك ايه ؟!...عايزك كلك على بعضك عايزك تحبيني وتبقي معايا لأنك عايزه تبقي معايا، بتقولي لو شوفت نفسي في عينك مش هقدر أقف قدامك لكن انا بقول لك لو شوفتي نفسك في عيني هتتمني تعيشي العمر كله في حـ.ـضـ.ـني..
هل يحاول الكذب عليها أم على نفسه ؟!.. أشارت إليه للغرفة حولها وقالت بقهر:
_ أنت كذاب يا محمود بس السؤال هنا بقى بتحاول تكذب على مين بالظبط؟ عليا ولا على نفسك؟!.. عايزني أحبك إزاي قولي على حاجة واحده عملتها تخليني أحبك، أنت طول الوقت بتحاول تحسسني اني قليلة واني من غيرك ما اقدرش أعيش، بتعاملني زي العصفوره اللي حابسها في قفص من دهب وبتطلب منها تكون فرحانة ومبسوطة لأنها بس معاك، طلقتني بدل مره إتنين عشانك مش عشاني، المرة الأولى عشان المدام ما تزعلش ومشاعرها ما تتجرحش والمرة التانية عشان معتز مش هيقدر يشوفني مرات أبوه انا فين من كل ده حتى وأنت بتقرب دلوقتي بتقرب لأنك مش قادر تبعد مش عشان أنا عايزة أقرب، أنت فكرت في كل اللي حواليك وفكرت في نفسك ونسيت اني موجودة في الدنيا نسيت إني بني ادمة وعندي مشاعر ومن حقي أختار خد بالك يا محمود انا لو جات ليا قرصة واحدة للاختيار مش هختارك أنت..
رجل مثل محمود علام وحديث مثل هذا أمر به إهانة لرجولته وكبريائه، كان يسمعها وعقله يردد جملة واحدة " هذه الفتاة عقابك على الأرض يا إبن علام" برودة غريبة رغم إرتفاع حرار الجو سارت بأنحاء جسده، رفض قلبه تلك الكلمـ.ـا.ت رفض تلك المشاعر، أقترب منها وقال بغضب:
_ عشان كده مش هديكي فرصه الإختيار يا سارة ت عـ.ـر.في لو كنت حسيت أنك بتحبيني كنت بعت الدنيا كلها واشتريتك، لكن أنا من يوم ما عرفتك عايش في خوف، محمود علام اللي ما كانش بيخاف من حاجه الا ربنا بقى بيخاف كل ما تخرجي بره البيت او كل ما تتكلمي مع حد، بخاف يبقى معاكي أي سلاح تقدر تبعدي بيه عني، لو أنا حبسك في قفص زي ما بتقولي فأنا حبسك لأني مش ضامن لو فتحت لك الباب ممكن تعملي ايه..
حركت رأسها بمعني لا فائدة، مهما قالت ومهما فعلت سيظل كما هو حتي لو ألقت نفسها من شرفة الغرفة أمامه، رسمت على وجهها إبتسامة باهتة تحمل الكثير من السخرية وقالت:
_ طبعا دلوقتي هترجعني في السر وتاخدني تفسحني في شرم مع كام كلمه حلوة وأغنية لذيذة وأدوب انا في الغرام والرومانسيه عيله هبله بقى تقول إيه، يقوم الباشا مستغل الموقف وشايلني اوبح ويطلع على الجناح يعيش ليله بالف ليله وليله والليله تمر وراها ليله وهو دايب في العسل، بعدين يبص في ساعته يلاقي ان عنده إجتماع مهم فنبقى لأزم نرجع وهناك بقى استخبى في اوضتي ولما يبقى يجي نص الليل يعدي عليا اصله بيرتاح معايا مش دي الحقيقة ؟!.. بس يا ترى لو معتز ومدام عايدة عرفوا وطلقتني عشانهم للمره التالتة هتعمل ايه هتجوزني لواحد صاحبك عشان تعرف ترجع الجاريه ليك تاني ووو؟!.
ويكفي لهنا يا سارة، وصل محمود علام على يدك إلي حافة الهاوية، لو روحه بها لن يجعلها تقلل منه، أخر جملها قالتها قـ.ـتـ.ـلت بها آخر جزء به القليل من الرحمة والصبر بداخله، رغم ألمه وضع قلبه تحت قدمه وتحلي بالقوة مردفاً:
_ لأ مش هرجعك مش أنا اللي أعيش مع واحدة غصب عنها لو روحي فيها، هنرجع القاهره بكره الصبح ارتاحي الجناح بتاعك..
خرج من الجناح بخطوات ثقيلة رغم سرعته بالسير، ألقت بجسدها على الفراش مردفة:
_ وهو أنا من أمتي عرفت أرتاح؟!..
____ شيما سعيد ____
بصباح اليوم التالي..
دلفت أروي جناح علي لتجده نائم بعمق شـ.ـديد، فتحت الستار وأدخلت نور الشمس للغرفة ثم أقتربت منه، معالم الإرهاق الظاهرة على وجهه جعلتها تشعر بالقليل من الحزن عليه، ولتكون صادقة مع حالها لم تقصد ما فعلته به وللأسف هذا ما حدث، أخذت نفس عميق قبل أن تقول:
_ علي اصحى يلا وكفايه نوم لحد كده...
ات صوتها إليه من بعيد ليفتح عينيه ببعض التعب، راها بوجهها الجميل وبشرتها الصافية أمامه، يا الله ما هذا نظرة واحدة منها وإليها قادرة على سرق أنفاسه منه، رأي على شفتيها أجمل إبتسامة مع أكثر ألوان الحمرة إثارة إليه وهو اللون الأحمر الفاتح، همس بنبره دافئة:
_ معقولة اكون موتت ودخلت الجنه وشوفت نعيمها بعيني؟!..
عادت للخلف ونفت بحركة ساخرة من رأسها قبل أن تقول:
_ أكيد لأ طبعاً وأنت اللي زيك هيدخل الجنه ازاي؟!.. يلا فوق كده واسترجل خلينا نمشي من هنا..
هنا فقط تأكد إنه مستيقظ وإنها حقيقة أمامه فاعتدله بجلسته مردفا بغيظ:
_ لو بقى عندي نص بجاحتك يا شيخه هعيش ملك، ليكي عين تيجي لحد هنا تاني بعد اللي عملتيه فيا ؟!..
رفعت حاجبها بطريقة مستفزة قبل أن تقول:
_ هو إيه اللي حصل لك انا كده هبدأ اشك فيك وافكر في موضوع الجواز ده هو انا ايه يا اخويا هبله عشان اوقع نفسي واقعه زي دي ..
عادت إليه كامل صحته وعادت معها كامل وقحته بلحظه غدر سحبها من خصرها لتنام بجواره على الفراش واعتدل ليصبح فوقها وبينهم مسافه قليله ثم غمز اليها مردفاً:
_ والله الموضوع ده متوقف على التجربه نجرب وبعد كده نشوف هنتجوز ولا بلاش نفرهد بعض على الفاضي..
وضعت كفها على صدره لتبعده عنها أكثر ثم نظرت إليه بتحذير واضح قائلة:
_ أبعد عني وإياك تفكر تقرب مني بالطريقه دي تاني لأن آخر مرة ما حدش نـ.ـد.م الا انت..
نفي بحركة من شفتيه وقال:
_ وقتها خدتيني غدر لكن انا دلوقتي عينيا مفتحه لك واي حركه مش هتعجبني هتشوفي مني حركات مش هتعجبك فنتلم ونتعامل بأدب اتفقنا يا شاطره...
دفعته بكل قوتها ليسقط على الطرف الآخر من الفراش ثم أخذت نفسها براحة شـ.ـديدة وقامت من مكانها مردفة بقوة:
_ وأنت بتسمي إللي عملته من شويه ده أدب؟!.. علي لآخر مرة هقول لك انا ما بحبش الطريقه دي في التعامل وحتى لو كنا هنتجوز فلازم تعرف ان انا في عدتي ومش حلال ليك لحد ما اتكتب على اسمك..
توقعت وقاحه المعتاده والقليل من سخريته ولكنها تفأجات به ينظر إليها نظرة فخر، نظرة بها الكثير والكثير من الاحترام ثم أوما اليها وقال بجدية:
_ إيه رأيك نبدأ مع بعض صفحه جديده؟!..
تعجبت من طلبه وقالت:
_ يعني إيه ؟!.
_ يعني ننسى كل اللي فات ننسى تعرفنا على بعض إزاي أو بدأنا من أي حته نبدا كل حاجه من اول وجديد، اشوفك بصورتك الحقيقيه وتشوفيني بصورتي الحقيقية، ت عـ.ـر.في يا أروى إيه هي أمنيه حياتي من أول لحظه دخلتي عليا المكتب فيها؟!..
سألته بحركة بسيطة من رأسها:
_ إيه ؟!..
أبتسم إليها إبتسامة رجولية سحرت قلبها جعلتها تشعر بأشياء كانت ترفض الشعور بها اهتز بداخلها جزء حاولت كثيراً الحفاظ عليه، فاكمل عليها بنبرته الحنونة:
_ أنك تكوني ام ولادي شوفت فيكي الست اللي انا عايزها من غير ما أدور عليها حسيت انك جيتي لي برجليكي لحد عندي عشان تبقي بتاعتي وحقي من الدنيا، أقول لك على حاجه يا اروى انا راجـ.ـل الناس ساعات بتخاف تتنفس قدامه خليتك تعملي كل اللي نفسك فيه عشان بس احسسك بقوتك وانك مش ضعيفه لوحدك، فرحان بيك يا اروى فرحان انك قادره تعيشي في وسط زحمه الدنيا دي وانتِ زي ايه انتِ تقبلي تكوني ام اولادي يا أروي ؟!...
قال لها ما تتمني أي انثي مهما كانت وقتها سماعه، جعلها تعيش لحظة حلوة وحلوة جداً، تشعر برجفة لذيذة بها الكثير من التشويش، قلبها يود خوض التجربة وعقلها يحذرها من مرارة الفشل، تنهدت تنهيدة طويلة وقالت:
_ خلينا نبدأ كل حاجه من الأول زي ما قولت يا علي، يمكن وقتها أقدر أجاوبك على السؤال ده وأنا عارفه ان الاجابه هتريحني لكن دلوقتي مهما قولت مش هرتاح..
بحنان قال:
_ دي لوحدها إجابة كفاية عليا وراضي بيها جدا..
ابتسمت وبنفس اللحظة دق باب غرفة علي ومع الدقة صوت محمود القائل:
_ علي..
حدقت به برعـ.ـب وضـ.ـر.بت على صدرها مردفة:
_ يا لهوي محمود على الباب أنت عارف لو دخل وشافني معاك في الاوضه اللي ممكن يحصل؟!..
_ علي أنت كويس أنا هفتح الباب..
كان علي عاجز ينظر لها وللباب بعجز، يعيش بتلك اللحظة أقسي مشاعر مرت عليه بحياته، يفضل أن يموت قبل أن يخسر محمود..
طال الصمت وعيناه متعلقة بباب الغرفة رأي تحرك يد الباب فأغلق عينيه مستسلم لبشاعة ما سيحدث الان، فتح محمود الباب ورفع حاجبه بتعجب وهو يري علي يقف مغلق العينين، أقترب منه بقلق مردفاً:
_ مالك يا ابني واقف عامل كده ليه أنت حاسس بحاجه أطلب لك الدكتور تاني؟!..
ماذا هل يسأل عليه ؟!.. فتح عين والاخري ظلت مغلقة وجدت نفسه يقف مع محمود بمفرده بالغرفة، فتح عينه الأخري وهو مذهول اين ذهبت وكيف إختفت هل كان يتخيلها ؟!.. فاق على نبرة محمود الحادة:
_ ما تفوق ياض وتقولي مالك في ايه؟!..
هنا فاق، وضع يده على رأسه وقال:
_ ما فيش حاجه أنا كويس يمكن بس لما قومت عشان افتح لك الباب دوخت شوية..
أخذه من يده وجعله يجلس على الفراش مردفاً:
_ طيب تعالي ارتاح شويه..
ضـ.ـر.ب علي بنظره على باب المرحاض ليجده مغلق وأسفله ظل خفيف أخذ نفسه بغضب من حاله وصمت، موقفه الآن يشعره بالحقارة مع صديق عمره، نظر لمحمود وقال:
_ شكلك مش مظبوط هو في حاجه مزعلاك مالك يا محمود؟!..
_ ومن غيرها ممكن يقدر يزعلني سارة ت عـ.ـر.في يا علي انها وجعي الوحيد..
_ محمود الطريقه اللي أنت تتعامل بيها دي غلط واخد كل حاجه عافيه ولوي دراع، أنت صورتك في عينيها بايظه وبدل ما تصلحها كل شويه بتبوظها بزيادة طـ.ـلا.قك منها كان اكبر غلط، كان المفروض تتمسك بيها أكتر من كده وتثبت لها ان مهما مين عرف هتفضل تحبها وهتفضل متمسك بيها لكن انت عملت ايه طلقتها قدام الكل ورجع تجري وراها تاني في الضلمة، مستني منها تتعامل معاك ازاي او تحبك حتى ازاي؟!..
هو مكتفي بما سمعه منها ولا يريد المزيد، قام من مكانه بغضب ثم سحب خصلاته بكل قوته ليخفف من ألم راسه وقال:
_ سيبك مني ومن الكلام ده كله انا هرجع القاهره وخليت السكرتيره بتاعتي تحجز لك امتى وساره والسكرتيره بتاعتك على طياره بالليل توصلها بنفسك لحد الفيلا بتاعتها يا علي مفهوم..
حرك على رأسه بقلة حيلة وقال:
_ ماشي..
خرج محمود من الغرفة وبنفس اللحظة خرجت أروي، كانت لأول مرة بحياتها تشعر بالخجل فقال لها علي:
_ ارفعي رأسك أنتِ مش عاملة حاجه تنزلي راسك عليها، اول ما نرجع القاهره هعرف محمود أنك السكرتيره بتاعتي وهصلح العلاقه بينكم واطلبك منه..
اقتربت من الفراش وجلست عليه بجسد فاقد السيطره على التحكم بنفسه وقالت بخوف وهي تحاول ان تستمد قوتها منه:
_ تفتكر محمود هيتقبلني في حياته تاني بسهولة ؟!..
طبطب على كفها وقال:
_ محمود مفيش أطيب منه وحتى لو حصل العكس انا مش محتاج حد يتقبلك في حياته انا عايزك في حياتي انا بس، ولو هقوله فانا هقوله عشان تبقي مراتي قدام عين الكل واقولهم هو فهمتي؟!..
_ امممم فهمت..
_____ شيما سعيد _____
استيقظت سارة على صوت هاتفها بشعور كبير مخلوط بين المها النفسي والمها الجسدي، مررت أصابعها بين خصلاتها وشعورها بالاختناق يزيد، دق هاتفها من جديد حدقت للشاشه ورسم على وجهها تلقائيا ابتسامه ساخرة مغلفة بالمرار، هل تذكرتها مريم الآن ؟!.. فتحت الخط وقبل أن تنطق بحرف صرخت بها مريم بحقد:
_ هو أنتِ إيه عشان ربنا خلاص اداكي قرشين هتدوسي بيهم على الخلق وتنسي نفسك انا وجوزي ياما عملنا لك يا ساره وفتحنا لك بيتنا سنين..
قطعتها سارة بتعب:
_ مريم أنا والله العظيم ما ناقصه اسمع كلمه زياده قولي اللي انتِ عايزه تقوليه من غير مقدمـ.ـا.ت بدل ما امسح بيكي الارض واعرفك مين اللي كان عايش في خير مين...
_ ماشي خلي البيه اللي انتِ بتتحمي فيه يرجع ليا جوزي يا سارة، أنا مليش في الدنيا دي كلها غير علاء ومش مستعدة أخسره عشان واحده قليله الاصل زيك نسيت كل اللي ليها وجريت ورا الفلوس..
زفرت سارة بضيق وقالت:
_ تقصدي مين محمود ؟!..
_ ايوه اعملي فيها هبله امال اقصد مين يا اختي غيره..
_ وهو محمود هيعوز ايه من جوزك عشان ياخده ولا جوزك عمل له ايه؟!.. ما هو أكيد مش هياخدوا زي ما انت بتقولي عشان لقاه على سجاده الصلاه..
تـ.ـو.ترت مريم بوضوح وهذا ما وصل للاخرى لتحرك رأسها بتعب وقله حيله قبل ان تقول:
_ اقفلي يا مريم وروحي طلعي جوزك بعيد عني انا مليش كلمة على محمود ولو كنت أقدر أعمل حاجة كنت عملت لنفسي..
_____ شيما سعيد ______
بعد مرور أسبوع أخر..
بمكتب محمود..
أخذ يتابع أحد أهم المشاريع لشركته مع سيدة الأعمال الصغيرة سمية عمران، سند بظهره على المقعد وقال بإبتسامة:
_ ما شاء الله خالد بيه عرف يربي، بجد مبسوط جدا بالشغل معاكي يا انسه سميه ومبسوط أكتر ان بنت صغيرة في سنك فاهمه في شغلنا وعارفه تتعامل بالاحتراف ده..
سمية عمران الابنة الوحيدة لرجل الأعمال خالد عمران بأول عام بعقدها الثالث، فتاة تتميز بالجمال الهادي والملامح الشرقية المميزة، متوسطة الطول وخصلات شعر سمراء مموجة، رغم بساطة الملامح إلا إنها بالفعل جميلة وجدا، وضعت ساق على الآخر وقالت بثقة:
_ انا عرفت من الناس قريبين مني إن حضرتك كنت رافض تقابلني عشان عندي 20 سنه وبعد وفاه بابا مش هقدر اعمل اي حاجه لوحدي، اتمنى انك تكون غيرت الفكره دي وان المشروع نستلمه احنا الاتنين مع بعض وأوعدك انه هيبقى شغل كويس جدا ويرضي حضرتك...
أومأ إليها بهدوء وقال:
_ بصي يا آنسه سمية حكايتنا شبه بعض شويه أنا بدات في سنك واصغر منك كمان بس طبيعه شغلي والمكانة اللي وصلت لها خلتني أفكر 1000 مره قبل ما اخطي أي خطوه، ان شاء الله المشروع ده هيبقى بتاعنا احنا الاتنين وأنا متاكد أنك هتعملي شغل حلو جدا..
بلحظه واحدة انقلبت الأحوال وتحولت الغرفه الهادئه لساحة معركة كبيرة، ضـ.ـر.بت سارة الباب بقوه ودلفت خلفها السكرتيرة التي قالت بحدة:
_ يا فنـ.ـد.م ما ينفعش كده، قولت لك عنده مجتماع شغل مهم ولما يخلص كنت هدخلك، انا اسفه يا محمود بيه والله..
قام محمود من محله بقلق ولهفة ظهرت على معالم وجهه، أقترب منها ووضع وجهها بين يديه مردفة:
_ في إيه أنتِ كويسة ؟!..
_ هبقى كويسه إزاي وأنت عامل زي اللعنه في حياتي بتبوظ كل حاجة ، تقدر تقولي أنت بتنام على المخدة إزاي ولا أصلا بيجي لك نوم إزاي وأنت مدمر حياه كل اللي حواليك..
نظر للسكرتيرة ولسمية ثم عاد بنظره إليها مردفاً بتحذير:
_ أقعدي لحد ما اخلص الاجتماع ونبقى نتكلم..
حركت رأسها بنفي والقت نظرة سريعة على سمية، لا تعلم لما زاد غضبها مع رؤيتها لسمية وجمال سمية، صرخت:
_ أنا مش هقعد ولا هسكت بعد كده سامع مش هسكت، ولا أنت هتقدر تسيطر عليا تاني وتجبرني على السكوت..
الأمر أصبح صعب فقامت سمية من مكانها مردفة بهدوء:
_ هبقى احدد ميعاد تاني مع السكرتيره وقابل حضرتك يا محمود بيه..
أومأ إليها وظل صامت حتي تأكد من خروجها وهي والسكرتيرة من الغرفة، نظر لسارة بعتاب وقال:
_ عملت إيه مضايقك أوي كده لدرجه انك تيجي تعملي فـ.ـضـ.ـيحة في الشركه، متهيا لي ان من يوم كلامنا في شرم انا ما شفتكيش..
عضت على شفتيها بعدم تصديق لكم البراءة التي يتحدث بها ثم اطلقت لضحكاتها العنان ظلت تضحك وتضحك حتي توقفت فجاه وقالت:
_ وتسمي بايه اللي حصل للمذيع أحمد رسلان الراجـ.ـل بقى له اكتر من 10 سنين في قناة بيجيب لها اعلى اعلانات وبرنامجه الوطن العربي كله بيتفرج عليه، فجاه البرنامج يقف وهو يتحول للتحقيق لموضوع مش مفهوم كل ده حصل صدفة؟!.. بلاش دي تقدر تقولي علاء جوز أختي فين لحد دلوقتي؟! أنت ليه مصمم تقفل الدايره عليا ليه مصمم تفضل في حياتي بالاجبـ.ـار افهمك ازاي إني مش عايزاك..
لديها تصميم كبير على إهانته مصممة على ضـ.ـر.بة بكل قوتها، أشار لنفسه مردفاً بذهول:
_ إنتِ واقفة قدامي بعد اسبوع غياب تتكلمي عن أحمد رسلان وعلاء جوز اختك هو ده اللي جابك هنا؟!.. تصدقي أنا طلعت حمار والله العظيم حمار أول ما شوفتك داخله عليا قولت هتقولي وحـ.ـشـ.ـتني ازاي قدرت تبعد عني أسبوع، عقلي رسم احلام وصدقتها بس إنتِ كتر خيرك عرفتي ازاي تخلي الأحلام دي كوابيس..
هي بالفعل اشتاقت وربما يكون هذا سبب وجودها الحقيقي ولكن كيف تقولها أو حتى تعترف لنفسها بها ؟!.. أبتلعت ريقها قائلة:
_ اللي بيني وبينك خلص من يوم ما رميت عليا أول يمين طـ.ـلا.ق، أنا واقفه قدامك دلوقتي لاني متاكده انك السبب في اللي حصل لاحمد..
ضـ.ـر.ب صدرها بقوة لتعود عدة خطوات للخلف حتي التصق ظهرها بالحائط، أقترب منها وصرخ:
_ وده يفرق معاكي في ايه وعرفتي اساسا المعلومـ.ـا.ت دي منين لسه بتقابليه انطقي؟!..
_ يعني أنت عايز تفهمني ان الرجاله بتاعتك اللي انت مشيهم ورايا في كل حته يعدوا عليا عدد انفاسي ما يعرفوش ان انا ما شفتوش غير اليوم اللي انت اخدتني فيه من المكان ، عملت معاه كده ليه ؟!..عشان قعد معايا خمس دقايق وهو ما يعرفش انا مين ولا يعرف ان في اي حاجه بينا، تفتكر هو هيستحق كده انت ما فيش في قلبك ذره رحمه لاي بني ادم..
نفي بحركة سريعة من رأسه وقال بجبروت:
_ لأ ما فيش وأي حد هيفكر ياذيكي مش هيبقى في قلبي له ذره رحمه حطي الكلام ده في دماغ كويس.
صرخت بذهول:
_ هصدقك واقول ان علاء جوز أختي اذاني هو طول عمره بياذيني عادي مش دي المشكله لكن البني ادم اللي قعدت معاه خمس دقايق ده ممكن يكون اذاني في ايه؟!.. انت ضيعت مستقبله وحياته ولا مش واخد بالك..
أبتعد عنها وألقي بجسده على أقرب مقعد، بدأ يرتفع ضغطه هو يشعر بذلك، وضع يده على رأسه وضغط عليها بقوة:
_ أمشي دلوقتي يا سارة..
رأت بعينيه تعب، عتاب والكثير من الحب، يا الله من حب تراه وعن الجد لا تجد منه شئ، أغلقت عينيها ثواني ثم فتحتها وقالت برجاء:
_ محمود أنا من ساعة ما شوفت خبر وقف البرنامج إمبـ.ـارح وأنا مش عارفه انام ارجوك صلح اللي انت عملته ده ضميري مش..
شهقت برعـ.ـب أبتلعت به باقي حديثها، قام من فوق المقعد وضـ.ـر.به بكل قوته ليسقط على الأرض بكل مكان قطعة ، وضعت كفها على وجهها متخيلة أي شئ منه بتلك اللحظة فعينيه الحمراء تثبت ما يخيفها، صرخ:
_ هو انتِ ايه ما فيش عندك دم خالص طيب ماشي يا ساره اللي انا عملته ده كان قرصة دون بس اوعدك ان البرنامج ده مش هيرجع يشتغل تاني عشان تفضل تتعذبي، انا من هنا ورايح هعيش بس عشان اعذبك واحرق قلبك زي ما انتِ حارقه قلبي..
نظرت إليه نظرة كره واضحة وقالت:
_ مهما عملت ومهما حاولت تعمل هفضل اكرهك انا بكرهك يا محمود وانت بني ادم ما ينفعش تتحب لأزم تفضل عايش طول عمرك مكروه لانك اناني..
صمتت فجأة وهي تراه يسقط على أرضية المكتب أمام عينيها مستسلم استسلام تام للظلام من حوله، سقط جسدها معه وضعت كفها اسفل راسه صارخه بخوف:
_ محموووود...
______ شيما سعيد ______
↚
بغرفة الكشف..
ظلت يدها تضم يده والطبيب يقوم بالكشف عليه، عينيها تراقب ما يحدث بمشاعر بدأت تفهمها، عضت على شفتيها المرتجفة وهي تبكي، خائفة من فقدانه رأته يقع أمامها ويقع معه جبروته وصورته القاسية المرسومة بداخلها، وجدت نفسها تنزل إلي كفه تضع عليه عدة قبلات..
عاد إليها مشاعر اليتم، للحظة ضمته لصدرها وتخيل حياتها بدونه لتري ضياع، خوف، وجع، فقدان للأمان، ما هذه المشاعر وكيف تعيشها مع محمود ؟!.. أنتهي الطبيب ليفتح الباب لعلي المنتظر بالخارج وقال بهدوء:
_ اللي بيحصل ده غلط يا علي بيه انا حذرت حضرتك المره اللي فاتت وقولت لك ان اي ضغط هيدخلنا في مشاكل احنا مش عايزين نوصل لها محمود بيه بالشكل ده بينتحر..
قالت بنبرة خائفة:
_ هو كويس مش كدة ؟!..
نفي الطبيب وقال:
_ لأ مش كويس يا فنـ.ـد.م الضغط بيترفع بشكل فظيع وده ممكن يسبب في اي وقت لا قدر الله جلطة دماغية، انا قولت الكلام ده لعلي بيه المره اللي فاتت وطلعنا علاج الضغط وقولنا هنمشي عليه لكن بالشكل اللي بيحصل ده مش هنعرف كل مره نسيطر على الموقف خصوصا ان ما بين المرتين أيام..
أرتجف جسدها وحركت رأسها برفض لتلك الفكرة، نظرت لعلي برجاء وقالت:
_ ضغط وهو عنده الضغط، قولي أي حاجة الله يخليك..
أغمض علي عينيه لعدة لحظات ثم قال بتعب:
_ هي دي الحقيقه يا مدام سارة محمود اغمى عليه يوم ما طلقك ولما جبته هنا اكتشفنا ان عنده الضغط، انا ما اعرفش ايه اللي وصله للحاله دي تاني لكن اللي متاكد منه ان أنتِ السبب، من البداية كنت واقف في صفك لأني متأكد أنك مظلومة لكن لو صاحبي هيفضل بالشكل ده يبقى احسن لك تختفي من حياته طالما وجودك بيوجـ.ـعه ..
بخطوات سريعة عادت لتجلس على أرضية الغرفة بجواره تأخذ يده على صدرها، أرتفعت شهقاتها بخوف وهمست إليه:
_ محمود فتح عينك أنا خايفة..
تحدث الطبيب بجدية:
_ هو حاليا هيفضل نايم لحد الصبح وده أحسن له اتمنى اللي حصل ده ما يتكررش تاني هخرج دلوقتي وكل ساعه هرجع اشوفه...
خرج فنظر إليها على وشعر بالشفقة عليها، فتاة صغيرة وحيدة متعلقة بيد طوق نجاها الوحيد، مسح على خصلاته بقلة حيلة من تلك العلاقة السامة للطرفين، أقترب منها لتضع رأسها على كف محمود كأنها تحتمي به فأخذ نفس عميق ثم أخرجه مردفاً:
_ ما تخافيش أنتِ أمانة محمود يعني لو روحك قصاد روحي هختارك عشان لما يرجع يلاقيكي، اللي بيحصل ده غلط يا سارة أنا عارف أنك صغيرة وشوفتي في الدنيا حاجات وحشه كتير مخلياكي مشوشة ومش عارفة أنتِ عايزة إيه بالظبط، ناس كتير في حياتك كانوا قريبين منك غدروا بيكي عشان كده إنتِ مستنية الغدر من أي حد ومش قادره تحسي بالامان..
صمت لثواني ليري تأثير حديثه عليها، وجدها تحدق به بضياع تنتظر منه أي كلمة يصف بها ما هي عليه، فأكمل بقوة:
_ كل ده انا ممكن أتقبله بس ده ما يمنعش انك ذكيه وواعية، كنتي عارفة بتعملي إيه كويس لما قربتي من محمود، قربتي من راجـ.ـل متجوز وقبلتي تتجوزيه في السر رغم وجود مـ.ـر.اته وابنه وشكله الاجتماع قدام الناس، محمود لو كان اعلن جوازه منك قدام الناس في سنك ده تبقى فضيحه كنتي هتسمعي كل نفسك فيه من السوشيال ميديا، طلقك عشان ترتاحي وتحسي انك حره وتقدري تختاري صح، دلوقتي هو نايم لا حول له ولا قوه والقرار في ايدك إنتِ يا يصحى من النوم يلاقيكي قدامه يا تمشي قبل ما يصحى حالة محمود مش ناقصة أي كلمة زيادة منك..
انهى حديثه وتركها معه بمفردها تركها تنظر اليه بضياع، تتمنى لو تقدر على اخذ اي قرار يريح قلبها، نعم هو محق هي من دلفت بقدميها للنار وبكل صراحة تعترف أنها من اخترتها واقتربت منها، الان فقط تشعر بعدم قدرتها على الخروج من بين اسوار قلب محمود علام، أبتلعت ريقها ورفع وجهها تتأمل ملامحه الشاحبة ويسير أمام عينيها شريط يذكرها بكل لحظه مره بينهما لتقول بتعب:
_ طيب أعمل إيه دلوقتي ما انت اللي طلقتني تاني؟!.. ارجع لك تاني في السر واحس قد ايه في كل لحظه بتمر بينا إني رخيصة ولا أبعد عنك؟!.. بس انا مش قادرة أبعد عنك لما وقعت في ايدي حسيت إني يتيمة يا محمود، فتح عينك وقرر وأنا هقبل بأي حاجة أنت تختارها، انت مش هتظلمني صح هتختار لي الصح؟!.. قول صح مش انت بتحبني يا محمود واللي بيحب حد مش بياذيه، خلاص انا مش هعمل حاجه من هنا ورايح وهعمل كل اللي انت تقول عليه...
أومأت لنفسها بتلك الكلمـ.ـا.ت ثم رفعت جسدها لتضع رأسها على صدره وتهرب معه بالنوم مثلما هو قرر الهروب ستفعل مثله لعلها ترتاح..
_____ شيما سعيد _____
بصباح يوم جديد..
_ ايه الجنان اللي بيحصل ده يا ساره من امتى واحده بتبات مع طليقها؟!..
قالتها الفت بغضب عبر الهاتف فنظرت سارة لمحمود النائم وخرجت من الغرفه حتى لا تزعجه ثم قالت:
_ ممكن تهدي شويه يا تيتا محمود كان تعبان وانا بنت عمه معقوله هسيبه بالشكل ده وامشي دي حتى مش اصول..
_ وهو من الاصول انك تباتي بره بيتك حتى من غير ما تستاذني؟؟.. وبعدين لما هو تعبان ما جبتيهوش هنا ليه ما هو حفيدي وانا اولى بيه..
عضت على شفتيها بخجل وقالت:
_ حضرتك فاهمه غلط يا تيتا إحنا في المستشفى مش في البيت..
أنتفضت ألفت من محلها برعـ.ـب على حفيدها الغالي وقالت:
_ مستشفى؟!.. مستشفى إيه اديني العنوان بسرعه؟!..
أعطتها العنوان واغلقت الهاتف دلفت للغرفة وقالت بغيظ:
_ ما تصحى بقى أنت كمان، وإلا لازم توجع قلبي وأنت صاحي وأنت نايم..
_ محدش في الدنيا دي كلها قدر يوجـ.ـع قلبي غيرك...
قالها بنبره ثقيله وهو مازال يغلق عينه، اقتربت منه بلهفه وجلست على الفراش امامه مردفة:
_ محمود فتح عينك وريح قلبي بقى..
نفذ طلبها بصدر رحب وفتح عينيه، ما هذا الجمال يا الله تشعر وكأنها ملكت العالم مع رؤيتها لضوء عينيه الرجولية، لذة غريبة دلفت لقلبه وهو يري لهفتها عليه متعة ما بعدها متعة وهي تضم يده بين يدها بكامل إرادتها همس بتعب:
_ بتعملي إيه هنا ؟!..
_ والمفروض أكون فين ؟!..
تنهد بتعب وقال:
_ تبقي مكان ما انتِ عايزة بعيد عني، بعيد عن الشرير اللي بتكرهيه وبسببه بقيتي بتكرهي نفسك..
خرجت من بين شفتيها شهقة باكية ورفضت بحركة سريعة من رأسها مردفة:
_ لأ يا محمود أنا كـ.ـد.ابة..
رفع حاجبه بسخرية وقال:
_ والله..
أومـ.ـا.ت عدة مرات ببراءة طفلة صغيرة وقالت:
_ امممم كـ.ـد.ابة وقليلة الذوق ومش بفهم ومعنديش عقل..
بذهول سألها:
_ كل ده ؟!..
_ مين عاقلة يحبها واحدة زيك وتقوله بكرهك ؟!. يا أما عبـ.ـيـ.ـطة أو مش وش نعمة، تفتكر أنا مين فيهم يا حودة ؟!..
إين حودة ؟!.. فقط يحدق بها وكأنها حلم بعيد المنال، شعر للحظة أنه مازال نائم وما يسمعه عبـ.ـارة عن حلم جميل يهرب به من واقعه معها..
ضحك بسخرية وقال:
_ الأتنين يا سارة؟!.. لما شوفتيني واقع في الأرض حسيتي بالشفقه عليا فقولتي تعملي الفيلم الهندي الجديد ده...
نفت بحركة سريعة وقالت:
_ تؤ الموضوع بالنسبه ليا مش شفقة لو جيت للحقيقة المفروض كنت اشمت فيك بعد كل اللي حصل بينا، بس حصل العكس حسيت ان يتيمة يا محمود وأنا بكره الاحساس ده أوي..
دائماً كانت تساله سؤال واضح وصريح ماذا يريد منها، ورغم بساطه السؤال الا انه كان عاجز عن الاجابه وها هو يسألها نفس السؤال ويتمنى سماع اجابه تريحه:
_ انتِ عايزة مني إيه بالظبط يا سارة ؟!..
_ عايزة أحبك يا محمود، تعرف تخليني أحبك واحس ان بكره كله بتاعنا من غير ما أخاف ؟!.. حسسني اني مهمه عندك واني مش على الهامش، خليني واثقة في نفسي وواثقة ان لو جه يوم واتحطيت في اختيار هكون اول اختياراتك مش بره حياتك عايزه احبك وبس..
هو الآخر يريد هذا الحب، يريد تلك الحياة الناعمة بين يديها، أعتدل بجلسته وقام بجذبها ليبقي بينه وبينها أنفاسهم فقط، أغلقت عينيها تستمتع برائحته تستمتع بقربه ودفي أنفاسه، دقيقة كاملة مرت به وهو يشعر بالنعيم وبعدها قال بقوة:
_ مش هردك ليا تاني يا سارة..
صدمت من رده عليها وأبتعدت عنه قائلة بحزن:
_ يعني إيه يعني كدة خلاص ؟!..
قربها منه من جديد ومرر ظهر أصابعه على بشرتها الناعمة هامسا بنبرة خشنة:
_ لأ مش خلاص، أنتِ عايزة تحبيني يبقي لأزم أخليكي تحبيني قبل ما أرجعك دي فرصتنا الأخيرة...
ابتسمت إليه بنعومة وقالت:
_ امممم ويا ترا بقي محمود باشا علام هيعمل إيه عشان أحبه ؟!..
أخذ خصلة من شعرها وقربها من أنفه ثم سحب نفس عميق منها وقال:
_ كل إللي بعمله مش بيعجب سارة هانم، ممكن مثلا تتعطفي عليا وتقوليلي ايه اللي بيعجبك وأنا اعمله لك؟!
حدقت به بذهول، هل بالفعل يسألها ؟!.. جزت على أسنانها بغيظ ثم سحبت خلصتها من بين أصابعه مردفة بغضب:
_ أنت بتهزر يا محمود عايزني اقول لك تعمل ايه عشان تخليني أحبك؟!.. لا والله امال محمود باشا راح محمود باشا جه وعامل فيها الواد اللي ما فيش منه اتنين وفي الاخر ما عندكش ب 2 جنيه رومانسية..
ضحك من أعماق قلبه، طوال حياته يعلم ان الله يخلق أشخاص ليكونوا مصدر للجراح وأشخاص أخرى عليهم الدواء ولكنه لاول مره يرى شخصية واحدة قادرة على فعل الأثنين، نسي ما عاشه معها أمس أو ليكون صادق قرر النسيان والاستمتاع بحلاوة قربها، حرك عينيه بالمكان مفكراً ثم قال بجدية:
_ والله انا عندي افكار كتير جدا رومانسية بالنسبه ليا لكن ما اعرفش بالنسبه لك هتبقى عامله ازاي، تسيبيني اتصرف بدماغي ولا عندك حاجه معينه في دماغك..
أومـ.ـا.ت إليه بحماس شـ.ـديد قائلة:
_ اتصرف بدماغك وانا عليا اتفرج وبس..
أومأ إليها ثم قام من فوق الفراش ودار حول الفراش حتى وصل محل جلوسها وجذبها لتقف أمامه مردفاً:
_ عايز اخطفك ينفع ؟!..
نفت بحركة من رأسها وقالت بقوة:
_ لأ عمرك شوفت حد بيخـ.ـطـ.ـف بنت عمه ماينفعش طبعاً..
_ ينفع بس أنتِ اللي وش فقر يا بت وافقي ومش هتنـ.ـد.مي..
حركت كتفها بدلال اذاب قلبه أذاب قلبه همست بنعومة:
_ أتجوزي الأول وأنا هبقي من أيدك دي لايدك دي لكن من غير جواز مستحيل بنات الناس مش لعبة يا باشا...
غمز إليها بوقاحة وبلحظة جنونية كان سيأخذ منها قبلة حتي لو رغماً عنها، كفي عليه هذا القدر من العذاب من حقه قبل صغيرة تصبره على ما مضى وعلى ما هو آت، سقطت أحلام أرضاً مع دخول ألفت..
أتت إليه تسابق الرياح محمود حفيدها الأول ، منذ أول لحظة له بالدنيا كان مصدر سعادتها ومع كل يوم يكبر به كان أمانها ظهرها الذي لم ينحني أبدا ، رأته أمامها يقف مبتسم لتقدر على التنفس أخيرا، سقطت دمـ.ـو.عها والقت بنفسها داخل أحضانه مردفة:
_ بتعمل ايه هنا يا محمود ؟!.. المكان ده مش ليك يا سندي بتوجع قلبي عليك ليه وأنت عارف إني ماليش غيرك ؟!..
أغلق ذراعيه حولها لتزيد من ضمه وبكائها فوضع عدة قبلات معتذرة على رأسها مردفاً بحنان:
_ اهدي يا ست الكل وا عـ.ـر.في ان ما فيش حاجه في الدنيا دي كلها تستحق دمـ.ـو.عك..
_ أنت تستحقها يا محمود وتستحق كل حاجه حلوه في الدنيا، أنا كنت قاسيه عليك الايام اللي فاتت حقك عليا بس ده من زعلي منك وخوفي على سارة، كنت شايفاك دايما ما بتغلطش فاول ما غلطت غلطت غلطه كبيره أوي بس خلاص كل حاجه تصلحها وانا مسامحاك...
مرر يده على ظهرها بحنان وقال:
_ أنا مش زعلان منك يا تيتا بالعكس فرحت انك وقفتي جنب سارة هي ما لهاش حد الا احنا وخصوصا أنتِ وبعدين انا زي الفل مش عايزك تقلقي..
ابتعدت عنه قليلا وقالت بحزن:
_ ولما انت زي الفل بتعمل ايه هنا؟!...
هنا انتبهت لما راته بأول دخولها الغرفة، تقريبا كانت ساره بين احضان لفت وجهها سريعا وقالت بغضب لسارة:
_ هي العيانين اللي من دول بيقعدوا يفعصوا في بعض يا بنت ؟!..
حركت سارة رأسها بخوف مردفة:
_ لأ والله يا تيتا مش انا ده هو، حضرتك عارفاني مش بقدر أقوله لأ دايما بيفرض سيطرته عليا وبيعمل كل حاجه عايزها غصب عني...
اتسعت عينيه بذهول وقال:
_ أنتِ بتقولي ايه انتِ لسه فيكي حيل تكذبي؟!...
أبتلعت ريقها بتـ.ـو.تر من نظراته ثم قالت برجاء واضح بنبرة صوتها:
_ يا أخي حـ.ـر.ام عليك وكفايه ظلم فيا بقى لحد امتى تعمل العمله وتقول ان انا اللي غرغرت بيك؟!.. خد بالك احنا في ايام مفترجه وانا ممكن ادعي عليك عادي...
بسخرية قال:
_ هيحصل فيا ايه اكتر من اللي بيحصل ليا بسببك.. بس اقول لك على حاجه انا مستعد أصلح غلطتي..
نظرت إليه ألفت وقالت بغيظ:
_ كفايه هزار أنت وهي لحد كده، احنا مش كنا قفلنا الموضوع ده يا محمود بتقرب منها تاني ليه؟!.. ساره صغيره ومش عارفه مشاعرها واللي انت بتعمله ده بيضغط عليها...
بدأ يفقد أعصابه وقال بغضب:
_ هو في ايه كل ما اكلم بني ادم يقولي سارة صغيرة حد قال لكم ان هي بترضع دي عدت سن الرشـ.ـد يعني عارفه هي بتعمل ايه كويس، ده أنا إللي مش فاهم حاجة جانبها دي حرباية..
شهقت بقوة، لا فائدة بالفعل لأ فائدة بمحمود علام، صرخت به بغضب:
_ بتقول إيه أنت بتقول إيه ؟!..
_ اقول اللي اقوله بقى انا جبت اخري بقول لك ايه يا بنت انتِ اللي هيفكر يقرب منك ولا هياخدك مني هطلع بروحه مين ما كان هو مين اظن الكلام وصل لك يا الفت..
أشارت ألفت لنفسها بذهول مردفة:
_ انت بتهددني يا محمود؟!..
_ اه وبهدد أي بني ادم يفكر يعدي من جنبها هو في ايه كلكم بصين ليا فيها ليه؟!..
______ شيما سعيد _____
بالمساء بفيلا سارة..
جلست بجوار جدتها قائلة ببراءة:
_ ما خلاص بقى يا تيتا أنا مش بحبك تكوني زعلانه مني وحضرتك شوفتي بنفسك قد ايه هو كان تعبان..
نظرت إليها ألفت بغضب ثم قالت بسخرية:
_ لأ يا شيخة بيتحرش بيكي وتقوليلي كان تعبان امال وهو بصحته بيعمل ايه وانا مش موجودة..
_ مش بيعمل حاجه صدقيني يا تيتا بس بقى يعني أنتِ هتزعلي مني والدنيا كلها تزعل مني هو ما فيش حد بيحبني خالص..
تنهدت ألفت بتعب ثم جذبت كف سارة وقالت بخوف:
_ انا فاهمه كويس اللي بيحصل يا سارة وعارفه انك عايزه ترجعي لمحمود بس ده انا مش هسمح ان هو يحصل، لا أنتِ ولا محمود تنفعوا تعيشوا مع بعض، يا بنتي فرق السن بينكم كبير ده غير معتز شايفك بطريقه مش صح لو فضلتي موجودة مع محمود علاقته بمعتز هتدمر وأنتِ كمان مع الوقت هتبقي مش مبسوطه وعايزه حد من سنك الاحسن لك تبعدي من دلوقتي بدل ما محمود يتعلق بيكي اكتر من كدة ويتعب، انتِ هتقدري تبداي من جديد لكن هو مش هيقدر..
محقة ألفت بحديثها، بينها وبين محمود الف سور واليوم لم تفعل حساب لهم كل ما كان يهمها قربه دون التفكير في العواقب، تنهدت بضيق وقالت:
_ كل الحاجات دي مع الوقت ممكن تتحل معتز هيعرف ان هو مش بيحبني ولا حاجه وانا هفضل عايشه بعيد عنه، صدقيني اللي حسيته النهارده وهو تعبان أكدلي إني مستحيل أبقى عايزة ابعد عنه في يوم، أنا مش صغيرة يا تيتا لدرجه اني ما بقاش عارفه مشاعري..
صمتت ألفت ودق باب المنزل فقامت سارة لفتح الباب، أتسعت عينيها وهي تراه يقف أمامها بكامل وسامته ومعه باقة من الورود الحمراء، لفت وجهها لتجد ألفت تحدق بها لنظرت إليه مردفة بخوف:
_ محمود انت ايه اللي جابك هنا وانت لسه تعبان؟!..
_ جاي أطلب أيدك..
_ هاااا..
_ ها إيه يا حياتي بقولك جاي أطلب أيدك، وسعي يلا عشان أدخل..
سعيدة لا تنكر وهذا ظاهر على معالم وجهها بوضوح ولكنها خائفة وهذا أيضا ظاهر على وجهها، عضت على شفتيها بتـ.ـو.تر وقالت:
_ تيتا قالت لك في المستشفي تبعد عني وكمان دلوقتي قالت ليا كدة، أمشي دلوقتي أحسن ما يحصل مشاكل وأنت تعبان..
كل ما قالته لا يهمه بشئ، قلبه وعقله لم يصل إليهما إلا جملة واحدة " أنت تعبان" تقلق عليه ؟!.. اه والله تقلق عليه ، رسمت على شفتيه إبتسامة واسعة وقال:
_ خايفة عليا أتعب ؟!..
نظرت للأرض بخجل فرفع وجهها بوضع أحد أصابعه على ذقنها وقال:
_ خايفة عليا يا سارة ؟!.
_ هتصدقني لو قولتلك ماليش في الدنيا غيرك أخاف عليه ؟!..
نعم سيصدقها بكل صدر رحب، أومأ إليها وقال:
_ هصدقك..
ابتسمت بدلال وقالت:
_ يبقي بلاش توجع قلبي عليك تاني..
_ سلامة قلبك يا روح قلبي.
انتفض جسدها على صوت ألفت:
_ مين إللي على الباب يا سارة..
أبتلعت ريقها بتـ.ـو.تر فالقي لها قبلة بالهواء وقال:
_ أطلعي البسي فستان يليق بمناسبة زي دي وتعالي..
_ بس تيتا..
_ متخافيش أنا موجود..
شعرت بالامان وذهبت فدلف خلفها وقال بهدوء:
_ هو ايه اللي مين على الباب يا الفت حد يعرف مكانكم ولا هيعبركم غيري..
_ وأنت بقي جاي تعمل إيه ؟!.. لحقنا نوحشك في الكام ساعة دول..
نفي بحركة سريعة من رأسه وقال بكل إحترام وهو يجلس على أحد المقاعد ووضع باقة الورد على الطاولة أمامه:
_ جاي أطلب حفيدة حضرتك مدام سارة وإلا أقولك خليها أنسة إلا موضوع مدام ده بيزعلها وأنا ما يهونش عليا زعلها...
_____ شيما سعيد _____
بقصر علام..
دلف معتز لغرفة والدته قائلا بحزن:
_ لسه برضو حزينة يا ماما صدقيني هو ما يستحقش الحزن ده لو كان بيحبك ما كانش ضحى بيكي بالسهولة دي عشان حته عيله صغيرة، ده حتى ما طلعش بيحب ابنه وفضلها علينا كلنا...
ابتسمت عايدة بسعادة وقالت:
_ ما تقولش كده على بابا يا معتز، محمود البنت دي كانت مسيطرة عليه مظلوم يا حبيبي سنين بعيد عن الستات وبنت حلوه لحمها رخيص عرضت نفسها عليه ففرح له يومين لكن دلوقتي طلقها ورجع لمـ.ـر.اته وقريب قوي هيرجع البيت، بس انا عايزك تفضل زعلان منه يا معتز عشان يعمل حساب لزعلك بعد كده ويعرف من اللي عمله حاجه كبيره مش قليله يتسامح عليها فاهم يا حبيبي..
جلس معتز بجوارها وقال بلهفة:
_ هو بابا رجعك يا ماما؟!..
أومـ.ـا.ت إليه بإبتسامة سعيدة وقالت:
_ اتصل بيا من شويه وقالي ان هو رجعني وكان غلطان لما طلقني بس مش هيقدر يرجع البيت اليومين دول مش قادر يبص في وشك يا معتز..
نظر معتز أمامه بحزن شـ.ـديد وقال:
_ أنا بحبه أوي يا ماما كان طول عمره بالنسبه ليا كل حاجه بس كسرني حسسني اني ولا حاجه بالنسبه له، مشكلتي الاكبر ان جوايا مشاعر ليها مش فاهمها عايز ادمر حياتها زي ما هي دمرت حياتي واخدت ابويا وقلبي مني...
حركت كفها على ظهره وهي تعلم ما يشعر به ، كلما تحدث معها يحرقها ضميرها لكنها لا تفعل شيء من أجلها فقط وهو الآخر سيربح ، قالت بقوة:
_ أكتر حاجة هدمرها إن محمود يرميها برة حياته، كـ.ـلـ.ـبة بتدور على الفلوس ولما الفلوس تروح منها هتموت مقهورة زي ما قهرتني وقهرتك ولعبت بيك..
والدته محقة هي تستحق كل شئ بشع بالحياة ، كيف كان يراها بريئة لا يعلم ربما كانت مرايا الحب عمياء مثلما يقول الجميع، تنهد بتعب وقال:
_ بابا وحشني..
_ أوعي تروح له يا معتز لو صالحك هيرجع لها ووقتها والله هموت فيها..
_ خلاص يا ماما مش رايح أهدي..
_____ شيما سعيد ______
بفيلا سارة..
نزلت تركض على الدرج وهي تسمع أرتفع صوته وصوت ألفت، أقتربت لتقف بالمنتصف مردفة بخوف:
_ هو في إيه بس يا جماعة اهدوا مش كدة ؟...
جذبها لتقف خلفه وقال ألفت بعينين يتطاير منهما الغضب:
_ الحاجة بتقول معندهاش بنات للجواز فاكرة اني جايه اخد رأيها انا اللي جاي هنا بس عشان افرحك واعيشك حلاوه البدايات غير كده ما حدش له حاجه عندي..
ردت عليه ألفت بنفس الغضب:
_ وانا هرجع تاني واقول لك يا محمود ما عنديش بنات للجواز بنت ابني مش لعبه عشان تلعب بيها كل شويه روح شوف لك واحده من سنك تنفعك..
رفع حاجبه بسخرية وسحب سارة ليضعها تحت ذراعه وقال بجبروت:
_ بنت إبنك مفيش راجـ.ـل قرب ولا هيقرب منها غيري بتاعتي مكتوب على كل حته فيها محمود علام، فأهدي على نفسك كده وعدي يومك يا الفت وخلينا نفرح كلنا مع بعض بدل ما اخدها وافرح لوحدي..
جذبت سارة منه بقوة وقالت بنفس الجبروت:
_ الكلام ده تهدد بيه الهبلة اللي واقفه جنبتي دي، لكن انا ألفت علام يا محمود ولا عشره زيك يقدروا يعملوا حاجه غصب عني..
جن جنونه وبلحظة كان يخـ.ـطـ.ـفها من بين يد جدته ويحملها على ظهره قائلاً بوقاحة قبل أن يغادر بها من المكان:
_ ماشي يبقى انتِ اللي اخترتي واعملي حسابك مش هنرجع غير وهي في بطنها عيل يقولي يابا الحاج..
_____ شيما سعيد _____
↚
فتح محمود باب شقة راقية وأخيراً قرر انزال ساره من فوق كتفه، حركت ظهرها وعنقها بتعب ودارت عينيها بالمكان، شقة واسعة بأثاث عصري عكس القصر وأثاثه الكلاسيكي، عادت لتنظر لمحمود وقالت بشك:
_ الشقة دي كان استخدامها إيه ؟!..
للحظة لم يفهمها قبل أن ينفجر بالضحك مردفا:
_ ماليش في الحـ.ـر.ام يا سارة، عمري ما لمست في حياتي غير اتنين ستات والاتنين بالحلال..
هل غارت عليه الآن ؟!. نعم وبكل أسف غارت وبشـ.ـدة مع تخيل عقلها الأحمق لامرأة أخري بين يديه، هـ.ـر.بت بعينيها منه وذهبت لتكمل رحلتها بالتعرف على الشقة، شعر بها فسحبها من خصرها لتصبح بين يديه ثم قال بحنان وهو يرفع وجهها بأحد أصابعه:
_ العيون الحلوة دي مليانة دمـ.ـو.ع ليه ؟!..
طفلة صغيرة بريئة رغم كل مصائبها، نظرت إليه بقهر وقالت:
_ جوايا إحساس وحش أوي يا محمود احساس مخليني عايزة اولع الدنيا كلها بس مش قادرة أعمل حاجه غير إني اعيط..
مسح على بشرتها ثم وضع قبلتين على كل عين قبلة قائلا:
_ قولي الإحساس وأنا أشيله عندك..
بأنفاس متقطعة أشارت لقلبها بعجز وقالت:
_ اتوجعت لما اتخيلت انك كنت مع غيري زي ما بتبقى معايا، الخيال لوحده بيوجـ.ـع مع اني متاكدة ان الحقيقه أبشع بكتير، عارفه اني ما ليش حق أزعل انا اساسا دخلت حياتكم غصب عنكم واخدت حتة فيها ما كانتش من حقي بس مقهوره والله العظيم، أنت كنت بتحبها يا محمود لمستها بحب مش شهوة زيي..
انفجرت باكية وكأنها الآن فقط علمت بزواجه من عايدة،جذبها لصدره وهو مصدوم فقط مصدوم، أخيرا رأي نظرة الغيرة بعينيها عليه، رأي نيران قلبها المشتعلة من أجله، وضع على خصلاتها بحر من القبلات وذراعيه تضغط على جسدها الناعم يشبع روحه من متعة تلك اللحظة، أرتفعت شهقاتها أكثر ليقول :
_ أهدى يا مـ.ـجـ.ـنو.نة دمـ.ـو.عك أغلى عندي من روحي..
مرت دقيقة ورأها الأخرى حتى قدرت على السيطرة على دمـ.ـو.عها، أبعدها عنه قليلاً وضم وجهها بين كفيه مردفا :
_ سبتك تخرجي كل اللي في قلبك وخلصت أرتاحتي لو سمعتك بتقولي الجنان ده تاني هزعل منك يا سارة، حطي في دماغك حاجة مهمة انك حتة مني بنتي الصغيرة ولعبتي الناعمة اللي مهووس بيها، وبعدين إزاي تشوفيني وحش أوي كدة زعلت منك بجد..
ببراءة رمشت بعينيها عدة مرات ثم رفعت يديها لتزيل باقي دمـ.ـو.عها المتعلقة على وجهها وقالت بحزن :
_ زعلان مني ليه؟!..
_ لما أبقى راجـ.ـل لفت عليا كل أنواع الستات وفضلت أرفض 15 سنة لحد ما جات جنية صغنونة قربت مني بكل شقاوة وفتحت ليا باب أشوف بيه حلاوة الدنيا، لقيت نفسي زي العيل الصغير بعمل اي حاجة وكل حاجة عشان لعبتي الحلوة تبقى في حـ.ـضـ.ـني تفتكري بقى يا ست هانم ده ممكن يبقى شهوة..
مثل المغيبة حركت رأسها بنفي ليبتسم إليها مردفا :
_ أمال يبقى إيه يا بسبوسة.؟..
للمرة الثانية تحرك رأسها بقلة حيلة لا تعلم إجابة، لا تعلم الإجابة ولكنها تريد أن تسمعها بنبرته الرجولية وهو كان أكثر من مرحب عنـ.ـد.ما قال :
_ يبقي عشق وهوس يا بسبوسة..
ابتسمت إليه برضا تام على حديث الذي اعطي إليها شعور رائع بالكمال، قربت وجهها بدعوة صريحة منها حتى يقترب وابن علام كان على أحر من الجمر حتى يلبى تلك الدعوة المحببة لقلبه، مال عليها وجسده متحمس جدا لهذا القرب..
لحظة، لحظة انها طليقته، أبتعدت عنه بغضب صارخة :
_ أياك تقرب يا قليل الأدب يا سـ.ـا.فل..
أتسعت عينيه بصدمة وأشار على نفسه قائلا :
_ أنا قليل الأدب وسـ.ـا.فل؟!.. ما تلمي نفسك يا بت والا هي الحالة حضرت والا ايه؟!.
_ حالة إيه ما تلم نفسك أنت هو أنا مـ.ـجـ.ـنو.نة...
مسح على خصلاته بعصبية قبل أن يقول :
_ أنتِ مش كنتي دايبة فيا من دقيقتين فجأة بقيت قليل الادب وسـ.ـا.فل، عايزة مني إيه يا سارة عايزانى أمشي في الشارع مـ.ـجـ.ـنو.ن بسببك عشان ترتاحي؟!.
حركت رأسها ببراءة ونظرت للأرض بحزن قائلة :
_ مهو أنا مش مراتك عشان تبوسني يا أبيه عيب..
هنا عاد لأرض الواقع بجملة بسيطة " أنا مش مراتك" عض على شفتيه من الغيظ بحياته لم يكن أحمق ومتسرع الا معها، فرصتهما الأخير معا متعلقة بين شفتيه ومع ذلك قال :
_ عايزانى اردك يا سارة؟!..
بكل جبروت قالت :
_ لأ..
_ نعم ؟!..
_ هو إيه اللي نعم بقولك لأ، مش البية كل ما الدنيا تضيق بيه يقولي أنتِ طالق يا سارة، مش هرجع بقى الا بمزاجي تصبح على خير يا أبيه هدخل أنام..
تركته ودلفت لأكبر غرفة بداخل الشقة ثم أغلقت عليها الباب بالمفتاح، فاق وذهب خلفها بلهفة طفل صغير ثم دقت يده على الباب بضياع مردفا :
_ أفتحي الباب يا سارة عيب كدة..
لم يجد منها رد ليقول بحنق :
_ منك لله يا شيحة روحي ربنا يعمل فيكي اللي بتعمليه فيا...
خلف باب الغرفة كانت تقف الجميلة وهي تكتم ضحكتها السعيدة، ثواني وقالت ببعض الحدة :
_ روح نام بدل ما أدعي عليك ربنا يعمل فيك أنت كل اللي عملته فيا ووقتها هتمشي في الشارع عبـ.ـيـ.ـط...
أبتعد عن باب الغرفة وقال بتعجب وبراءة جديدة عليه :
_ أمشي في الشارع عبـ.ـيـ.ـط ليه هو أنا كنت عملت فيها إيه الظالمة دي؟!..
_____ شيما سعيد _____
بصباح اليوم التالي..
فتح محمود عينيه بكسل على رنين هاتفه المزعج، فرك عينه بظهر يده وألقى نظرة سعيدة على سارة النائمة على الفراش المقابل للاريكة النائم عليها، زفر بضيق مع رؤيته لرقم الفت على الشاشة، أخذ الهاتف وقام بفتح الخط مردفا :
_ هو في إيه نازلة زن زن مش عارف أنام..
_ البنت فين يا محمود هاتي تعالي بدل ما أرفع عليك قضية خطف..
رفع حاجبه بسخرية وقال :
_ خطف مرة واحدة وده ازاي؟!.. دي مراتي يا ألفت اصحي من النوم كدة وركزي معايا..
جزت على أسنانها من شـ.ـدة الغضب وقالت :
_ طليقتك مش مراتك شكل أنت اللي محتاج تفوق..
مسح على خصلاته بكسل وقال وهو يقوم من فوق الاريكة متجه للفراش النائم عليه جميلته :
_ أثبتي..
_ أنت بتقول إيه يا إبن طاهر؟!..
_ بقولك أثبتي إني مطلقها لو معاكي قسيمة قدميها للبوليس في قضية الخطف..
_ أنت بتلعب بالبنت يا محمود عشان مالهاش ضهر ولا حد يقف قدامك؟!..
وضع قبلة حنونة على خصلاتها المهلكة لقلبه، ابتسم على رمشة عينيها حبيبته مستيقظة فيكفي على الفت إلى هنا، قال بقوة :
_ أنا ضهرها وأبوها وأمها كمان لو حبت أطلعي منها أنتِ وكفاية عليكي كدة بقى عشان طبق البسبوسة بتاعي فتح عينه..
أغلق الهاتف بوجه جدته بوقاحة جديدة عليه، يبدو انه عاد معها لسن المراهقة الذي لم يعيش به، فتحت عينيها سريعاً على أثر لمسة أصابعه على طول ذراعها الأبيض الظاهر أمامه بوضوح رفع حرارته للمليون، اعتدلت على الفراش بسرعة ثم قالت بحدة :
_ أنت دخلت هنا إزاي أنا مش قافلة الباب بالمفتاح؟!..
_ مهو ده مفتاح أوضة نومي أكيد معايا نسخة تانية، بصي يا قلبي لما تحبي تقفلي الباب بالمفتاح وتضمني اني مدخلش خلي المفتاح في الباب زي ما هو..
حركت رأسها بضجر وقالت :
_ اللي أنت بتعمله ده غلط خد بالك وحـ.ـر.ام وهيخليني أزعل منك يا محمود أنت ترضى ازعلك منك؟!..
قالتها بدلال شـ.ـديد جعله مثل المغيب، نفي بحركة سريعة من رأسه وقال :
_ أنا معملتش حاجة فتحت الباب ونمت على الكنبة بكل أدب..
رفعت حاجبها بسخرية من برائته الكارثة التي يحاول رسمها من أمس وقالت :
_ يا سلام والشقة دي كلها مفيش فيها أوضة تنام فيها إلا دي..
_ لأ طبعاً يا حياتي فيها كتير بس أقولك على سر محدش يعرفه غيرك..
قادها الفضول فأومـ.ـا.ت إليه فقال :
_ أحلفي الأول السر يفضل بنا..
_ والله هيفضل بنا قول بقى يا محمود..
_ من وأنا صغير بخاف انام لوحدي..
أتسعت عينيها بذهول، هل محمود علام الذي يخشى منه الجميع يخاف النوم بمفرده؟!.. شعرت بالشفقة الشـ.ـديدة عليه وكانت على وشك البكاء ولكن، لحظة واحدة كيف ذلك وهو نام بمفرده مئات المرات؟!.. رفعت وجهها إليه تدقق بتعبيرات وجهه لتجده يتقن الكذب فقالت بشك :
_ محمود أنت كـ.ـد.اب صح؟!..
_ طبعاً صح يا عبـ.ـيـ.ـطة اتنيلي قومي عايزين نبدأ اليوم من أوله..
_ ليه هنعمل إيه؟!..
قرص انفها بحنان وقال :
_ سيبي نفسك ليا وهتعيشي في الجنة..
ذهب من أمامها فأبتلعت ريقها بتـ.ـو.تر مردفة :
_ هو أنا روحت في داهية الا لما سبت نفسي ليك، ربنا يستر..
_ سامعك يا حرباية أخلصي ألبسي من الكيس اللي جانب السرير...
______ شيما سعيد _______
بشركة علي..
دلف للشركة والحماس ظاهر على معالم وجهه وحركته السريعة، يود لو يطير حتى يصل اليها سريعاً، أخيراً راها تجلس على مكتبها وأمامها بعض الملفات تضع كل تركيزها عليهم فأقترب منها وسحبها لداخل مكتبه مغلقا الباب عليهما بالمفتاح هامسا بشوق :
_ وحـ.ـشـ.ـتني في الكام ساعة اللي بعدتي عني عنهم دولي انا كمان وحشتك صح؟!..
دفعته بقوة ليعود للخلف ورفعت أصبعها بتحذير قائلة :
_ علشان نبقى حلوين مع بعض من هنا لحد ما نتجوز ممنوع اللمس وممنوع الكلام الخارج اتفقنا يا علي بيه؟!..
خائف منها؟!.. نعم خائف فهي يدها تسبق عقلها بكل شيء، جز على أسنانه من الغيظ وقال :
_ بقى بذمتك مش عيب لما يبقى واحد في طولي وعضلاتي واقف قدامك خايف؟!..
حركت كتفها وقالت بابتسامة جميلة على شفتيها :
_ هو عيب بس الخوف حلو بيخلي الواحد يفكر قبل ما يغلط ألف مرة، ها أقولك جدولك النهاردة إيه؟!..
ظالمة تلك الفتاة ظالمة وهو قلبه العاشق يرفض رد الظلم بالظلم، زفر بضيق وقال :
_ طيب مفيش أي حاجة حلوة تحت الحساب لحد ما نتجوز أنا مش هقدر أتحمل الشهور دي كلها صدقيني..
أخذت نفس عميق قبل أن تجلس على أحد المقاعد مردفة بهدوء :
_ أنا عارفة كويس أوي أنك مش هتقدر تعيش من غير ست خصوصاً إنك كنت على طول كدة بس ده حـ.ـر.ام يا علي، الدنيا دي قصيرة ومتعتها مهما طالت هتخلص يبقى الأحسن لينا نفكر في الحياة اللي دايما لينا بخيرها أو شرها..
طفل صغير يتعلم أول قواعد حياته ودينه على يده والدته، جلس على المقعد المقابل لها وقال بأهتمام :
_ وايه هي الحياة الدايما لينا؟!..
ابتسمت وشعرت بالراحة يبدو أن علي بداخله جزء صغير من النور ستذهب خلفه حتى تصل به لبر الأمان، أكملت حديثها ببساطة :
_ الآخرة يا علي مهما هربنا في الدنيا هنموت وهنقف قدام ربنا، كل حاجة بتعملها في السر عشان شكلك الاجتماعي قدام الناس قدام عينه، يعني خايف من كلام الناس ومن شكلك قدامهم ومش خايف من رب الناس؟!..
اجابها بنبرة منفعلة :
_ لأ طبعاً..
_ يبقى المفروض تعمل كل حاجة كويسة قدامه يا علي عشان ربنا الأهم مش احنا..
محقة، كل ما يفعله في الخفاء يراه الله، محمود قاله له هذا أكثر من مرة ولكن هذه مرته الأولى التي يشعر بما فعله طوال حياته، حدق بها بعجز مردفا:
_ بس انا مش بقدر أبعد عن الستات يا أروى وكمان مش بقدر اقعد مع ست كتير بزهق بسرعه وبحس بالملل، خدي بالك انا بتجوز إنتِ الوحيدة اللي حتي مبادئ البسيطة عشان أوصل لها رميتها في الارض كان كل تفكير ازاي بس اقرب منك سامحيني يا أروي..
_ مهو إللي أنت بتقوله ده مصيبة..
_ ليه بس؟!..
مسحت على وجهها بعصبية وقامت من فوق المقعد مردفة:
_ يا علي أنا ست مطلقه وما ليش حد في الدنيا غير اخويا اللي مش عارفه اصالحه ازاي، انت بالنسبه ليا هتبقى زي طوق النجاة اللي همسك فيه عشان اطلع لبر الامان، تقوم تقولي بزهق بسرعة معنى كده يا اما هتطلقني يا اما هتخوني وفي الحالتين انا مش هقبل أكمل، يبقى الاحسن لنا من دلوقتي ان احنا نبعد عن بعض...
قام هو الآخر وضم كفها إليه بلهفة مردفاً:
_ لأ يا أروى مش هيحصل مش هزهق منك ولا هفكر ابعد عنك، أنا بحكي لك عن حياتي القديمه عشان تساعديني مش عشان تبعدي عني.
أخذت يدها من بين يديه وقالت:
_ صوم يا علي..
_ نعم ؟!..
_ نعم الله عليك يا اخويا، حالتك دي مش هينفع معاها الا الصيام صوم وقرب من ربنا يا علي وهو هيديك كل حاجه انت عايزه، أنا محتاجة في الفترة دي احس بالامان وانا جنبك عشان أنت الخطوه الوحيدة اللي مش عايزة أنـ.ـد.م عليها اتفقنا..
أومأ إليها بحماس مردفا:
_ اتفقنا واوعدك انك مش هتنـ.ـد.مي ابدا..
فتحت أحد الأوراق من جوارها وقالت:
_ طيب يلا يا شاطر اقعد بقى عشان اقول لك جدولك إيه النهاردة ونشوف شغلنا..
_____ شيما سعيد _____
_ هو اللي انا شايفاه ده بجد انت جايبني الملاهي؟!..
سعادتها عنده بالدنيا وما فيها، يشعر بالفخر كونها سعيدة مبتسمة بين احضانه، نظرة الانبهار بعينيها جعلته يعلم كم هي صغيرة وبريئة، أومأ اليها بابتسامه حنونة وقال:
_ طلبات حبيبتي كلها أوامر شوفي نفسك تعملي ايه النهارده وانا تحت امرك..
ألقت نظرة سريعة على المكان حولها ثم قالت بغضب:
_ هو أنت ليه مصمم تخليني أزعل في كل لحظه بينا ليه مصمم تثبت ليا في كل لحظه بتمر إني لأزم افضل في السر مهما كانت درجه حبك ليا؟!..
تعجب من غضبها وقال:
_ في ايه بس ما إنتِ كنتي مبسوطة ايه اللي حصل لك فجاه؟!..
اختنقت الدمـ.ـو.ع بعينيها وقالت:
_ الملاهي اللي الناس مش بتعرف تمشي فيها من الزحمه فاضيه !! وده طبعا عشان حضرتك ما حدش يشوفك معايا وووو..
وضع يده على كفها يمنعها من الحديث وقال بغضب:
_ ايه الجنان اللي أنتِ بتقوليه ده؟!.. اسكتي يا ساره ت عـ.ـر.في تسكتي شايفاني مركب قرنين عشان أجيب مراتي تتنطط وتتمرجح قدام اللي يسوى هو اللي ما يسواش؟!..
كان الشك واضح بعينيها مثل الشمس عنـ.ـد.ما قالت:
_ أنت بتتكلم بجد ولا بتضحك عليا؟!..
زفر بضيق يبدو ان الطريق بينه وبين ساره مازال طويل، ثقتها به صفر وربما تكون لا تشعر بالامان بجواره، جذبها ورفع هاتفه ليأخذ لهما صورة مميزة ثم نشرها بنفس اللحظه على صفحته الخاصة بالانستقرام كاتباً أسفلها " نصفي الآخر والأجمل على الإطـ.ـلا.ق" أبتعد عنها مردفاً:
_ ممكن بقى نتنيل نستمتع باليوم ولا لسه حضرتك شايفه إني عايز اخبيكي وانك عار عليا لازم اهرب منه؟!..
بدلال تمارسه عليه عنـ.ـد.ما لا تجد لنفسها مفر آخر ضمت كفها بين يده وقالت بحماس:
_ عايزه أركب كل المراجيح دي وتصورني فيديوهات وأنا بتمرجح عايزه نعمل ذكريات حلوه أوي مع بعض يا محمود.
_ وماله يا باشا نعمل كل إللي نفسك فيه..
بدأت أجمل لحظات حياتها معه، عادت طفلة صغيرة في السابعة من عمرها تركض هنا وهناك وهو يصورها مثلما طلبت، ساعة جرت الأخرى حتى قال بهدوء :
_ كده ستوب وقت اللعب خلص نتغدى ونرتاح وترجعي تعملي اللي انتِ عايزاه..
رمشت بعينيها عدة مرات لعلها تسيطر عليه وقالت :
_ لأ الله يبـ.ـارك لك انا مش جعانه سيبني العب شويه كمان...
سحبها من خلف رأسها وقال بلهجة لا تقبل النقاش :
_ سارة الكلام اللي بقوله يتنفذ عشان ابقى اجيبك بعد كده يلا قدامي..
زمت شفتيها بضيق وسارت معه رغماً عنها، وصل بها لطاولة عليها ما لذ وطاب ثم سحب لها مقعدها وقال :
_ اتفضلي يا بسبوسة..
ظلت حزينة كما هي، فقرص مقدمة أنفها وقال بحنان :
_ لأ الا التكشيرة دي إنتِ عارفه اني ضعيف قدامها، تاكلي وكملي لعب غير كده مش هرجع في كلامي يا ساره إتفقنا...
مطت شفتيها بحزن مردفة :
_ يا محمود حـ.ـر.ام عليك من وانا صغيرة نفسي اروح الملاهي، بعدين أنا أكلت في حياتي كتير قبل كده في ايه يعني لو لعبت يوم واحد ولما نروح نبقى ناكل براحتنا...
أمامه الآن طفلة صغيرة لا تتعدى الخمس سنوات، لم يتوقع أن يراها بهذا الشكل ابدأ، طفلة يتيمة بدل من أن يعوض حرمانها أستغلها هو الآخر، حرك رأسه بتعب مردفا :
_ دي مش آخر مرة نيجي فيها هنا يا سارة منين ما تحبي تيجي قوليلي وانا هجيب، ممكن بقى حبيبتي الحلوه تفتح بقها عشان اكلها بنفسي...
أقتنعت بحديثه وفتحت فمها بسعادة تستقبل دلاله لها بكل صدر رحب، لقمة وراءة الأخرى حتى مسحت على شفتيها مردفة :
_ الحمد لله شبعت يلا بقى نكمل لعب..
أخذها من كفها وعاد بها مكان اللعب ليجد بيت الرعـ.ـب أمامه فقال بخبث :
_ إيه رأيك ندخل بيت الرعـ.ـب مع بعض..
_ لأ أنا أخاف..
_ أخص عليكي يا سارة تخافي وأنتِ معايا..
نفت بحركة بطيئة من رأسها فقال :
_ طيب يلا..
دلفت وهي تقدم ساق وتأخر الأخرى، لحظات وبدأت صراخاتها ترن بالمكان، هذا ما كان يريده فتح ذراعيه لتلقي بنفسها داخل أحضانه بكامل رغبتها، أغلق ذراعيه عليها وقال :
_ أهدى يا حياتي أنا معاكي..
ما هذه الروعة ما هذا العناق الأكثر من رائع، نسيت كل ما يحدث حولها وتذكره هو فقط، رفعت عينيها عليه مردفة :
_ هو أنا قولتلك أنك حلو قبل كدة يا محمود؟!..
نفي بحركة من راسه وهمس :
_ تؤ..
_ أنت حلو أوي يا محمود أحلى راجـ.ـل في الدنيا..
تعالت أنفاسه الساخنة فقال :
_ سارة أنا عايز أردك..
_ ردني..
_ وعدت نفسي ما اعملهاش الا وانا واثق من حبك ليا..
برجاء شـ.ـديد قالت :
_ عمرك ما هتعمل حاجة توجعني تاني؟!..
_ مستحيل..
_ بحبك يا محمود..
قالتها هل بالفعل قالتها بعد كل تلك المعاناة؟!.. نعم سمعها وخرجت من بين شفتيها الناعمة، اليوم يوم موالده من هنا الى ممـ.ـا.ته سيكون هذا يوم ميلاده، رفع وجهها إليه وقال وهو ينظر داخل عينيها :
_ رديتك لعصمتي يا سارة..
_____ شيما سعيد _____
بعد منتصف الليل إنتهت رحلتها الممتعة بالملاهي، دلفت معه لغرفة النوم ليغلق الباب بساقه، حدقت به بتعجب وقبل أن تفهم ما حدث آت إليها بالمفاجأة الكبرى، أتسعت عينيها بذهول وهو يخلع ملابسه قطعة وراء الأخرى فقالت :
_ هو في إيه مالك؟!..
_ خلاص وقت الدلع خلص أنا جبت أخرى من العلاقة المتقطعة دي، عايز أخلف بنت منك يا سارة..
حالته كانت صعبة فأبتلعت ريقها وأشارت اليه بالهدوء قائلة :
_ طيب أهدى يا حبيبي مفيش حاجة تستحق تفرهد فيها صحتك..
_ أنتِ تستحقي يا بسبوسة أفرهد كل صحتي عليكي..
ما هذا؟!.. ما هذا فعلا؟!.. محمود بدأ يخرج عن السيطرة بشكل مرعـ.ـب فقالت :
_ إيه رأيك نتعشى سوا الأول يا حبيبي..
حبيبي يا الله على حلاوة تلك الكلمة وتأثيرها عليه، متعة ما بعدما متعة سارت بجميع أنحاء جسده مع يسمعها منها ويعيدها برأسه، خلع بنطلونة وقال :
_ بعد الكلمة دي مش هينفع نتعشى، تعالي يا حياتي وبعدين هأكلك بأيدي زي الغدا..
لا والله لن تأتي وهو هكذا ابدأ، شهقت وظهرها يلتصق بالحائط فجذبها لتبقى بين أحضانه همسا بعتاب :
_ في حد يهرب من حبيبه كدة برضو؟!..
بللت شفتيها بطرف لسانها من شـ.ـدة تـ.ـو.ترها فأكمل عليها مردفا :
_ بسبوسة بت عـ.ـر.في ترقصي يا حياتي؟!..
_ هااا..
_ هااا إيه بس مش أنا الصبح بقيت طفل معاكي في الملاهي؟!..
أومـ.ـا.ت إليه ببراءة وقالت :
_ أيوة..
_ خلاص يبقى اتفقنا..
_ أتفقنا على إيه؟!..
_ أعمل معاكي عيل بالنهار وتعملي معايا ****** بالليل..
شهقت بذهول من واقع الكلمة عليها وقالت :
_ اه يا قليل الأدب يا سـ.ـا.فل أنت إزاي نتكلم معايا كدة أو تقول ليا كلمة زي دي؟!..
رفع حاجبه بضيق ثم قال :
_ في إيه هو انا بكلم واحد من الشارع أنتِ مراتي يا بت يلا روحي البسي عدة الشغل..
لا يبدو أنه غير طبيعي، ارتفعت دقات قلبها بتـ.ـو.تر وقالت :
_ محمود هو أنت أكلت أو شربت أي حاجة غير الآيس كريم اللي اكلنا منها سوا؟!..
_ لأ أنا النهاردة دماغي عليا كدة لوحدي، يلا يا حبيبة قلب محمود فرحي قلبي..
أخرجت أخر سلاح لها بتلك المعركة وقالت :
_ بس أنا مش بعرف أرقص..
_ مش مشكلة أي حاجة منك حلوة..
مهي يطلبه الان أمر واقع يجب عليها تنفيذه بعد دقائق كانت تقف أمامه عباءة رقص من اللون الأسود بكم من الشيفون مفتوحة من أول الساق الي أعلى الركبة بقليل أشار إليها بحماس :
_ يلا متخافيش يا بسبوسة هشجعك..
يقول اشياء عجيبة ولكنها لتكون صريحة سعيدة وجدا بما تعيشه معه، أتسعت عينيها وهي ترى محمود علام يحمل طبلة ويدق عليها بكل مهارة، بالفعل شجعها وبدأت تتمايل مع طبلته، الصغيرة محترمة رقص وهو لا يعلم الان اكتشف معها النعيم الحقيقي..
يكفي لهنا محمود قدرتك على التحمل انتهت، ألقى بالطبلة أرضا وجذبها هي مردفا :
_ منحرفة بس محتاجة اللي يوجهك..
_ وجهني يا باشا..
حملها بصدر رحب وعاش معها لحظات مميزة غاص كلنا منهما بنعيم الآخر، مر عليهما الوقت ولم يشعر أحدا منهما، شقشقت طيور الصباح مع رنين هاتف محمود، أخذها بين أحضانه مردفا بحنق :
_ نسيت أقفل الزفت ده..
_ يا أخي الله يسترك رد..
قالتها فضحك ضحكة اختفت مع رؤيته لرقم معتز، أخذ نفس عميق وفتح الخط قائلا :
_ خير..
_ ماما في المستشفى يا بابا ونفسها تشوفك ممكن تيجي تشوفها والا حضرتك مش فاضي لحد فينا؟!..
_____ شيما سعيد _____
↚
_ والدتك فين يا معتز ؟!..
قالها محمود بعد وصوله أمام غرفة عايدة بالمشفي، وجد ولده يجلس على الأرضية يضم ساقيه لصدره ويبكي بخوف، نزل محمود لمستواه وقال بقلق:
_ معتز رد عليا يا حبيبي..
رد ويا ليته لم يفعل، بصوت مقهور قال:
_ هي ليه عاشت عمرها كله تحبك أنت بس ليه عمرها ما شافت حد غيرك رغم ان الكل كان بيحبها؟!..
عقد محمود حاجبه بتعجب وقال:
_ هي مين دي ؟!..
بكي معتز مثل الطفل الصغير وصوت بكائه بدأ يعلو ويعلو، لم يقدر محمود الصمود أكثر وجذبه لصدره مردفاً:
_ اهدي يا قلب أبوك قولي فيك إيه يا معتز ؟!..
_ ماما بتحبك أنت بس ومش شايفه في الدنيا كلها غيرك، طول الفتره اللي فاتت بحاول أقرب منها عشان أحس بحنانها لكن مش بحس غير بحب ليك، فرحت قوي لما انت رجعتها اكتر ما فرحت بوجودي جنبها وامبـ.ـارح لما نزلت صورتك مع الهانم التانية متحملتش وقعت قدام عيني وما قدرتش اعمل لها حاجه كنت بتفرج عليها وانا عاجز، هي ليه بتحبك أوي كده وليه حضرتك مش شايف غير عيله الصغيره دي؟؟..
معتز بحالة نفسية تحت الصفر، مع رحلة بحثه عن الحب خسر صغيره وأصابه بعقدة نفسية سيكون من الصعب التغلب عليها، لحظة هل قالت عايدة إنه ردها ؟!.. مازالت مصممة على التخطيط والكذب، ماذا سيقول لمعتز الآن وكيف سينفي عودته إليها ؟!.. جذب معتز ليقف وقال بقوة:
_ اقف على رجلك واياك توطي رأسك انا مخلف راجـ.ـل وامك هتخف وتقوم وبتحبك يا عبـ.ـيـ.ـط حبها ليك مش زي حبها ليا يا معتز، خليك عارف كويس أوي ان مهما حصل بيني وبين عايده انت فوق كل ده..
نفي معتز بتعب وقال:
_ بلاش تكذب عليا يا بابا هي بتحبك ومش شايفه غيرك وانت بتحب ساره ومش شايف غيرها وانا لا موجود في حياتك ولا في حياتها، يمكن كنت موجود في حياه حضرتك قبل ما سارة تيجي لكن دلوقتي أنا فين؟!.. تقدر تقولي لما ضـ.ـر.بتني بالقلم عشان خاطرها طيب بخاطري ولا لأ، جيت تعرف ايه اللي حصل بعد ما عرفت الحقيقه حضرتك رديتها زي ما رديت ماما مش كده؟!..
لأول مرة يري نفسه بالفعل صغير أمام أحد، لأول مرة لا يعلم ماذا يفعل أو يقول، لأول مرة يتمني الفرار من المواجهة وخصوصاً لو أمام معتز، هو محق ماذا فعل من أجله حتي لم يطمئن عليه بعد ما حدث، هنيئا لك يا محمود حصلت على إتخاذ لقب أب فاشل عن جداره..
ضم وجه معتز بين يديه وقال:
_ أنا أسف..
بماذا يفيد هذا الاعتذار ؟!.. حرك معتز رأسه بتعب وقال برجاء:
_ لو فعلا انا فارق معاك بلاش ترد سارة ، أول على الأقل بلاش أعرف أنا وماما أكذب علينا المره دي كمان وانا هكون راضي بالكذب بس بلاش تقول حاجه توجعنا..
أنقذه خروج الطبيب من غرفة الكشف، أقترب منه مردفاً بهدوء:
_ خير يا دكتور..
بملامح كلها أسف قال الطبيب:
_ للاسف يا محمود بيه الاحوال اللي قدامي مش خير خالص مدام عايدة القلب عندها بقى شبه متدمر ده غير طبعا الكيماوي اللي اثر على كل أجهزتها، كل المطلوب منكم انكم تدعوا لها لان اللي بايدينا فضلنا نعمله سنين وما جابش أي نتيجه دلوقتي بين ايدين ربنا..
بين أيادي الله، يبدو أن تلك المرة عايدة تنتهي بالفعل، أخذ نفس عميق وقال:
_ هبعت أجيب لها كل الدكاتره بتاعتها من المانيا وامريكا ولو المستشفى هنا مش هتقدر تقدم لها حاجه نسفرها هناك..
_ حضرتك عارف كويس قوي ان دي أكبر مستشفى في مصر كلها واللي بيقدمه بره مش أكتر من اللي احنا بنقدمه هنا، صدقني يا فنـ.ـد.م مدام عايده مش محتاجه غير الدعاء..
يكفي لهنا انتهت قدرة معتز على التحمل وسقط بين يديه والده فاقد الوعي ليقول محمود برعـ.ـب:
_ معتز إبني...
ما يحدث معه الآن أقسي ما يمكن أن يعيشه إنسان ، سقوط معتز اسقط روحه معه، ضمه إليه بخوف فقال الطبيب:
_ أهدي يا باشا ده من ضغط الموقف عليه..
_ فتح عينك يا معتز وأنا هرمي نفسي في النار عشانك...
____ شيما سعيد _____
بمصنع سارة..
كانت تدور حول نفسها مثل المـ.ـجـ.ـنو.نة، إتصال مجهول جعله يتحول 180 درجة، أوصلها على باب المصنع وذهب دون كلمة، هذا كثير للمرة المئة تتصل به والنتيجة واحدة تنتهي المكالمة بلا رد..
دلفت لها ضحي بإبتسامة بسيطة وقالت:
_ في ملف لأزم يتراجع وناخد توقيع حضرتك عليه..
نظرت إليها سارة بضياع وقالت:
_ بس أنا ما اعرفش أي حاجة في الشغل هنا..
_ ما تقلقيش يا فنـ.ـد.م من وقت افتتاح المصنع ومحمود بيه متابع كل حاجه وانا هكون مع حضرتك خطوه خطوه..
محمود بيه أين محمود بيه، زفرت بضيق وجلست مع ضحي تفهم منها المطلب، جسدها بمكان وعقلها مع زوجها، فقالت ضحي بقلق:
_ حضرتك في حاجه تعباكي انا حاسه انك مش مركزه معايا خالص..
_ شكلك ت عـ.ـر.في محمود من زمان يا ضحى مش كده؟!..
أومـ.ـا.ت إليها ضحي وقالت بخجل:
_ من زمان أوي بجد يا مدام ساره حضرتك معاكي احسن راجـ.ـل في الدنيا، لولا ان هو واقف جنبي ما كنتش هعرف هعمل ايه ولا هوصل لايه..
غارت وبشـ.ـدة وهذا كان واضح بملامح وجها دون أي كلمة فقالت ضحي سريعا:
_ بلاش البصه دي الموضوع ما يستحقش كده انا قصتي وحشه قوي واخاف أقولها أنزل من نظر حضرتك..
قامت سارة من مكانها وقالت بتعب:
_ أكيد هسمعها يا ضحى وقت ما تحبي تتكلمي انا موجودة، بس الله يبـ.ـارك لك انا مش فاهمه اي حاجه في الشغل ده دلوقتي لما محمود يجي هبقى اتصرف..
تفهمت الأخري موقفها وأخذت الأوراق وخرجت من المكتب، رفعت هاتفها وقامت بالاتصال به من جديد فتح تلك المرة فقالت بلهفة:
_ إيه اللي حصل يا محمود خلاك تمشي بالشكل ده وأنت فين دلوقتي مش بترد عليا ليه أنا هموت من قلقي عليك..
هل هو غاضب أم مرهق ؟!.. نبرة صوته كانت غريبة عليها وحديثه كان أغرب:
_ ركزي في شغلك يا سارة ما ترنيش عليا تاني لما اروح بالليل هحكي لك كل حاجة..
_ يعني إيه لما تروح بالليل هتحكي لي كل حاجه؟!.. هفضل قاعده على نار كده لحد ما تروح محمود انا خايفه عليك المفروض تطمني مش تزود قلقي..
ماذا يقول لها وماذا تطلب منه؟!.. تريد ان يريح قلبها وهو بقلب نيران مشتعله لا يعلم كيف يقلل من التهامها إليه، ألقي نظرة على معتز النائم بدنيا أخري وقال بغضب:
_ هو في ايه هو أنا مطلوب مني أقول لجنابك كل خطوه بعملها قولت لك مش فاضي..
هذا هو محمود علام الحقيقي أما الآخر لا يظهر إلا وقت حاجته إليها، أبتلعت غصتها بوجع:
_ لأ مش تحقيق ولا حاجه انا اسفه..
زفر بضيق من نفسه، ما ذنبها ليخرج خوفه بها ؟!.. مسح على خصلاته بتعب وقال:
_ لأ يا حبيبتي ما تعتذريش انا اللي المفروض اعتذر حقك عليا، ساره انا دلوقتي تعبان أوي استحمليني معلش وانا اوعدك هقول لك كل حاجه لما أروح..
بصوت مختنق وصل إليه وجعله يسب حاله قالت:
_ حصل خير وتاني مره أنا أسفه فضلت ارن كتير وانت لو كنت محتاجني او حتى عايز ترد عليا كنت رديت من اول مرة، هقفل دلوقتي وروح شوف ايه المهم عندك..
صوتها يقول إنها على وشك البكاء، رائع فهو دائما قادر على احزان اقرب الناس إليه، خرج من الغرفة الموضوع بها معتز وقال بحنان:
_ لو على مين مهم عندي يبقي هسيب الدنيا كلها وهاجي اخدك في حـ.ـضـ.ـني..
_ يا سلام..
_ طبعا مش عايز يكون عندك شك 1% انك مش اغلى الناس عندي، يلا قوليلي بحبك يا محمود عشان أقدر الم المصايب اللي ورايا دي وأنا مطمن انك جنبي يا سارة..
حركت كتفها بدلال وكأنه يراها والغريب إن دلالها وصل إليه وجعله يتنهد بتعب لتزيد عليه مردفة:
_ تؤ مخاصماك وهفضل مخاصماك لحد ما ترجع وتحكيلي اللي عندك بالتفاصيل ووقتها أحدد إذا كان يستحق اصالحك ولا لأ..
_ ماشي يا بسبوسة أقسي عليا براحتك..
كانت ستغلق الخط ويا ليتها فعلت، الا ان من سوء حظها دلفت ضحى وقالت بهدوء:
_ مدام ساره المذيع احمد رسلان طالب يقابل حضرتك..
من ؟!.. هذا ما كان ينقصه، صرخ بغضب أرعـ.ـبها:
_ إياكي تقفلي الخط افتحي الاسبيكر وخليه يدخل..
نفذت أوامره بصمت، سيطر عليها شعور قوي بالخوف من ما هو قادم، جلست على مكتبها ووضعت الهاتف فوقه فدلف أحمد وعلى وجهه ابتسامة راقية ثم مد يده إليها مردفاً:
_ من يوم المطعم وانتِ ما سالتيش قولت اسال انا..
مدت يدها إليه وقالت بتـ.ـو.تر:
_ ما حصلتش مناسبة اتفضل تحب تشرب ايه..
_ قهوة مظبوط قوليلي بقى احنا مش كان في بيننا اتفاق على شغل اختفيتي فجاه ليه؟!..
يا الله ما هذا الرعـ.ـب الذي تعيش بداخله، مسحت حبات العرق من على جبينها وقالت:
_ المصنع لسه مفتوح جديد وانا تحت التدريب الموضوع طبعا صعب عليا ووو..
قطع حديثها بابتسامة هادئة وقال:
_ ساره أنتِ بتحاولي تلفي وتدوري وتهربي من وجود محمود علامي يوم المطعم وانه قال انك مـ.ـر.اته، انا جاي هنا عشان اسمعك وافهم الحكايه بالضبط من غير ما احكم عليكي بأي كلام يبوظ صورتك في عيني..
أتسعت عينيها وقالت بذهول:
_ وايه اللي هيشوه صورتي او يخليني مكسوفه من حاجه زي دي هو انا اول واحده تتجوز؟!..
_ مش أول واحده تتجوزي بس كلنا عارفين ان محمود علام رجل أعمال كبير ومتجوز بقى له اكتر من 18 سنه وعنده شاب في سن المراهقة، لما بنت صغيره زيك تبقى مـ.ـر.اته من غير ما حد يعرف يبقى ملهاش غير معنى واحد بس يا سارة وانا مش عايز اقوله..
وصل اليها انفاس محمود المرتفعة عبر الهاتف، شعرت بطعنة قويه دلفت الى اعماقها بعدما فهمت حديث أحمد جيداً، اغلقت الهاتف بوجه محمود باصابع مرتجفه ثم نظرت لاحمد قائلة:
_ ولو اللي حضرتك بتقوله حقيقي يفرق معاك في ايه؟!..
_ المفروض ان احنا كنا اصحاب حتى لو لدقايق وكان في بنا اتفاقات على شغل رسمت لك صوره حلوه في عيني وجيت النهارده عشان افهم الحقيقة..
قامت من مكانها وقالت بغضب:
_ اللي بيني وبين حضرتك كانت مجرد معرفة سطحية ودي حياتي الشخصيه ومش من حق حد يتكلم فيها، عموما ايوه محمود جوزي ومش في السر زي ما بتحاول تلمح كل عيلتنا عارفه بس هرجع واقول لحضرتك ان دي حياتنا الشخصيه واحنا مش حابين نصدرها للاعلام..
قام أحمد من مكانه وقال بهدوء:
_ طيب طالما دي حياتكم الشخصيه كان الاولى ان جوزك يقعدك في البيت ويمنعك من الشغل معايا بدل ما يوقف البرنامج بتاعي شهرين، سارة أنا حاسة ان في حاجه غلط في العلاقه دي وعايز اساعدك..
صممت فأخذ نفس عميق ثم أخرج كارته الخاص وقدمه لها مردفا:
_ ماشي على راحتك طالما مش حابة تتكلمي بس ده الرقم بتاعي وقت ما تحسي انك محتاجاني رني عليا وهكون جنبك ومبروك المصنع الجديد..
أغلق باب المكتب خلفه فألقت بجسدها على المقعد بوجع، مهما حاولت الفرار ستصل لنفس النقطة " إنها مجرد زوجة سرية لمحمود علام" مسحت على وجهها وقالت بغضب:
_ إياكي تعيطي سامعة مش هتقضي باقي عمرك كله نواح فوقي لنفسك بقى وا عـ.ـر.في انتِ عايزه ايه بالظبط، محمود بيحبك وأنتِ بتحبيه وكل العيلة بقت عارفه فاضل بس باقي الناس تعرف وهو هيعمل كده قريب، حتى إمبـ.ـارح نزل صورنا مع بعض يعني محمود ما عندوش مشكله إن الناس كلها تعرف بجوازنا، فياريت بقى تبطلي تضغطي على نفسك وتوجعي نفسك على الفاضي..
حاولت بتلك الكلمـ.ـا.ت السيطرة على أعصاب فدق الباب دلف محمد السائق بنفس اللحظة سمعت رنين هاتفها، أرتفعت دقات قلبها مع إسم محمود المزين للشاشة ومع ذلك فتحت مردفة بنبرة متـ.ـو.ترة:
_ الو.
_ لمي حاجتك وانزلي مع محمد 10 دقايق وتكوني في البيت يا سارة..
بلعت ريقها برعـ.ـب قائلة:
_ ليه انا لسه ورايا شغل كتير وانت كمان شكلك مشغول النهارده ووو.
_ عشر دقايق فات منهم دقيقة وده مش في صالحك يا سارة..
أغلق الخط بوجهها لتنظر للهاتف مردفة:
_ يا لهوي يا لهوي ده قالي يا سارة مش بسبوسة كدة تبقي مصيبة رسمي..
قال محمد بهدوء:
_ يلا يا بنتي نمشي محمود باشا متعصب والاحسن ننفذ اللي هو عايزه بدل ما يقلب علينا..
_ يلا يا عم محمد أنت راجـ.ـل غلبان حـ.ـر.ام أكون سبب في فرمك تحت ايده كفاية أنا...
____ شيما سعيد _____
بمنزل محمود..
دلفت سارة وهي تقدم ساق وتأخر الأخري، تتمني لو تلك الرائحة التي تغرق المكان تكون مجرد وهم منها، للأسف ليس كل ما يتمناه المرء يحدث، وجدته يجلس على أحد المقاعد بالصالة يضع ساق على الآخر وجكيت بذلته ملقي على الارض وبين أصابعه سيجار يخرج بها نيرانه..
أبتلعت ريقها ثم أقتربت منه مردفة بتـ.ـو.تر:
_ حبيبي ايه اللي معرفك كده مش كنت مشغول النهارده؟!..
أنتفضت وعادت للخلف خطوتين على أثر صوته الحاد:
_ وانا عارف الف ضهري للهانم وهي حياتها كلها معجبين..
_ ممكن كده شويه يا محمود وبلاش تقول كلام نزعل منه احنا الاتنين..
من أين يأتي إليه الهدوء وهي أغلقت الهاتف بوجهه حتى لا يسمع باقي حديثها مع الاحمق ؟!.. قام من مكانه وألقي بالسيجار على الارض بإهمال مردفاً:
_ قفلتي السكه ليه وانتِ بتكلمي مع الحـ.ـيو.ان ده قال لك ايه وقولتي له ايه ما كنتيش عايزاني اسمعه يا سارة..
أتسعت عينيها بغضب من معني حديثه مردفة:
_ هو انت مستوعب انت بتقول ايه بالظبط ولا معنى كلامك مش واصل لك؟!..
_ أنتِ اللي مستوعبه ازاي قفلتي السكه في وش جوزك وانتِ بتتكلمي مع راجـ.ـل غريب؟!..
لابد من أن تتحلي بالهدوء حتي لا يزيد الأمر سوء، تنهدت بتعب ثم قالت:
_ كل اللي حصل اني سمعت منه كلام يوجـ.ـعني عشان كده قفلت السكة..
ذهب غضبه مع رؤيته لضعفها، جذبها لتبقي بين أحضانه ثم قال بحنان:
_ أنتِ أغلى وأجمل ست انا شوفتها في الدنيا سارة النهاردة شوفت يوم بشع حسيت فين روحي بتطلع مني كل اللي مطلوب منك شويه صبر وأنا اوعدك انك مش هتنـ.ـد.مي على صبرك ده..
لمست وجعه وهذا جعلها تهدأ من غضبها، وضعت رأسها على صدره سمعت دقات قلبه وشعرت بحرق روحه، مررت كفها على صدره وهمست:
_ قولي ايه اللي وجع أوي كده يمكن أقدر اساعدك؟!..
ماذا يقول ؟!.. سارة صغيرة ويصعب عليها فهمه صمت بتعب شـ.ـديد، معتز قطعة من روحه سقط أمام عينيه ورغم قوته وماله لم يقدر على فعل شئ له، أخرج تنهيده طويله اخرج بها وجعه ثم قال بهدوء:
_ هقول لك على كل حاجه بس انتِ تقوليلي الاول الحـ.ـيو.ان ده كان عايز منك ايه بالظبط ..
إبتعدت عنه وقالت برجاء:
_ محمود الراجـ.ـل ده ما فيش بيني وبينه اي حاجه تخليك تعمل معاه كده، اللي انت وقفته ده مصدر رزقه هو ما كانش يعرف إني مراتك كل اللي عمله إنه حاول يساعدني وشايفني موهوبه يبقى ليه يبقى جزاته كده..
رفع حاجبه بسخرية وقال:
_ شايفك موهوبه ازاي لا مؤاخذه ده حتى ما اخدتش من وقته تلات دقايق عشان يعرف انتِ عندك موهبه ولا لأ، شافك مزه حلوه مش اكتر، أحمدي ربنا اني ما خلعتلوش عينه الاتنين اللي بصلك بيهم واكتفيت بقرصه الودن دي، وده عشان ما كانش يعرف انك مراتي لكن النهارده بقى كان عارف انك مراتي وتجرا وجالك تاني..
رأي بها إمرأة جميلة لأ أكثر ؟!.. أصابتها تلك الكلمة بمقـ.ـتـ.ـل، لماذا دائما يكون جمالها مصدر اذى اليها؟!.. بللت شفتيها وقالت بحزن:
_ محمود هو انا مفيش فيا اي حاجه مميزه غير اني ست حلوه؟!..
مسح على خصلاتها وقال بحنان:
_ إنتِ كلك مميزات يا حياتي بس رجاله كده اول حاجه بتشوفها في الست شكلها بعد كده بقى بنشوف باقي المميزات، دلوقتي هتدخلي تنامي لحد ما اشوف يومي هيخلص على إيه وارجع لك...
أومـ.ـا.ت إليه بهدوء وذهبت معه لغرفة النوم ساعدها بتبديل ملابسها ثم أنام بجوارها على الفراش مردفاً:
_ نامي..
_ وأنت ؟!..
_ هفضل جانبك لحد ما تنامي وبعدين همشي..
_____ شيما سعيد ______
عاد للمشفي وحمد ربه ان معتز مازال تحت تأثير المهدئ، اقترب من غرفه عايدة وظل متردد لعده ثواني قبل ان يمد يده ويفتح الباب الفاصل بينهما، دلف بخطوات هادئه ليجدها تجلس على الفراش بتعب اقترب منها وقال:
_ حمد لله على سلامتك يا عايدة..
نزلت إليه بضعف وقالت:
_ وهي سلامتي تفرق معاك في ايه زمانك دلوقتي بتقول بركه يا جامع ارتحت منها..
_ بلاش الكلام ده ما بقاش بياكل معايا طول عمرك فارقه معايا وأنتِ عارفه ده كويس يا عايده، لكن اللي احنا وصلنا له ده كان بسببك أنتِ طول عمري بديكي من غير ما تطلبي كان المفروض اليوم اللي اطلب فيه حاجه واحده تفرحني تبقي واقفه في ضهري مش تبقي عدوه ليا، جاية دلوقتي تقولي لمعتز اني رديتك بتلعبي على ايه وعايزة توصلي لايه ما تعبتيش مش خايفه من ربنا وانتِ بتعملي كل ده وبينك وبين الموت خطوه واحده..
حاولت أخذ أنفاسها بصعوبة أصبح بينهما وبين الموت أقل من خطوة، حاولت مد يدها لتلمس يده إلا أنه عاد خطوة للخلف فقالت:
_ ياه للدرجة دي لمسيتي بقت بالنسبه لك مؤذيه؟!. ايوه يا محمود انا قولت لمعتز انك ردتني روح قوله اني كذابه وانك ما عملتش كده ورحت رديت البنت التانيه قوله ان كل تفكيرك كان في نفسك بس وفي مراهقتك المتاخره ونسيت انك راجـ.ـل مراتك تعبانه وابنك شاب محتاجك تبقى جنبه، روح قوله ابوك القدوه ما ينفعش حتى يبقى قدوه لنفسه..
بلحظة نسي إنها على فراش الموت، غضب منها تعدي كل الحدود، إمرأة بشعة ضاع عمره معها، كيف كان أحمق لتلك الدرجة لا يعلم، ضغط على عنقها بقوة وقال:
_ مشكلتك انك شوفتي مني الحلو بس وعمرك ما شوفتي الوحش من النهارده مش هتشوفي غيره يا عايده لحد ما تدخلي قبرك مش هتشوفي مني غير كل حاجه وحشة، تعرفك قد ايه انا كنت بعد عنك شخصيتي الزباله لحد اخر لحظه بينا كنت عامل حساب انك بنت عمي اللي ربيتها على ايدي وام ابني، لكن إنتِ ما تستحقيش كل ده عايزة تبقي قدام معتز مراتي وماله خليكي قدامه كده لكن انا طلقتك يا عايده وعلى ايد ماذون طـ.ـلا.ق بلا رجعه ولو انطبقه السماء على الارض مش هتبقي مراتي تاني، انا دلوقتي متجوز ست واحده بس ومش هتشيل اسمي غيرها لحد ما اموت...
أختنقت وعاد هو أخيراً لوعيه، أبتعد عنها سريعاً مستغفراً ربه فوضعت كفها على عنقها مردفة:
_ أنا عايدة يا محمود أنا حب عمرك..
_ أنتِ غلطة عمري..
خرج وتركها بكت وهي تري نهايتها معه، نظر لباب الغرفة المغلق أمامه بحسرة على نفسه ثم ذهب لغرفة معتز، وجدته نائم فجلس بجواره وسمع همسه تحت تأثير نومه:
_ بابا بيكرهني بابا اخد مني كل حاجه في الاول اخد حب امي ما كانتش شايفه غيره واخد البنت الوحيده اللي قلبي دق لها حتى هو ما حبنيش بابا بيكرهني..
هل يراه هكذا ؟!.. هل هو بنظر ولده مثلما يقول بنومه؟!.. أقترب من وجهه وطبع قبله حانة معها دمعة رجل مقهورة وقال:
_ بكرهك ايه يا عبـ.ـيـ.ـط ده انا ما حبيتيش في الدنيا دي كلها قدك.. سامحيني يا معتز مكنتش الأب إللي بتحلم بيه..
_____ شيما سعيد ____
بالمساء..
استيقظت ساره بكسل ثم مسحت على عينيها لتزيل اثر النوم عنها، قامت بخطوات بطيئة ودلفت للمرحاض غسلت وجهها وسحبت منشفة تجفف بها بشرتها، لمحت بعينيها شئ خاص بالنساء وهنا أتسعت عينيها بذهول، منذ عودتها الأولي لمحمود ولم تأتي إليها عادتها الشهرية، تذكرت إختبـ.ـار الحمل فقالت بتـ.ـو.تر:
_ اكيد ما فيش حمل ما انا عملته قبل كده وما طلعش حاجة..
ثلاث أشهر غياب وتقول لا يوجد حمل إذن ماذا يوجد ؟!.. أخذت نفسها بتـ.ـو.تر وخرجت من المرحاض أفضل حل قطع الشك، رفعت هاتفها وبحثت عن أقرب صيدلية بالمكان وبعدما قامت بالاتصال عليها وطلبت الإختبـ.ـار..
بعد مرور ربع ساعة كانت تحدق به بدقات قلب متسرعة، خطين من اللون الأحمر هي الآن تحمل بداخلها طفل من محمود، سقطت دمـ.ـو.عها وقالت:
_ حامل معقولة أكون فعلاً حامل ؟!..
لحظات ممتعة كانت أكثر من مميزة، من قال فاقد الشئ لا يعطيه فهي عاشت بلا حنان أم حتي والدتها على قيد الحياة والآن تضع يدها على بطنها مردفة بسعادة:
_ أوعدك اني هكون أحسن أم في الدنيا عشان خاطرك يا حبيبي..
أهتز هاتفها برقم ألفت ففتحت الخط وقالت بسعادة:
_ تيتا أنا حامل يا تيتا هبقي ماما حلوة اوي صح ؟!..
_ حامل من محمود ؟!.. إزاي تعملي في نفسك كدة دي مصيبة..
_ مصيبة ليه ؟!..
_ يمكن لأنه رد عايدة ومعاها في المستشفي من الصبح أو يمكن عشان جنابك لسة مـ.ـر.اته في السر لحد دلوقتي..
____ شيما سعيد _____
↚
بالمشفي..
خرج معتز من غرفة والدته والدمـ.ـو.ع متعلقة بعينيه، كان محمود ينتظره بالخارج أقترب معتز منه بخطوات مهزوزة وقال:
_ مش عايزة تشوف غيرك يا بابا ادخل لها..
من أي أنواع البشر هي وكيف كان لا يراها من قبل بصورتها الحقيقية ؟!.. وضع يده على رأس معتز وقال بقوة:
_ عايزك تبطل عـ.ـيا.ط وتبقي راجـ.ـل أنت مش عيل صغير عشان تعيط..
حدق به معتز بضياع وقال:
_ مش عايزاها تموت دلوقتي نفسي أشبع منها شوية..
_ عايدة هتبقي كويسة وهتشبع منها هسفرها برة لو هنا مش نافع هعمل اي حاجة عشانك يا معتز بس خليك كويس خليك واقف قدام عيني..
أومأ إليه معتز وجلس على أقرب مقعد مردفاً:
_ أرجوك يا بابا خليك جانبها الأيام دي، أمي قالتلي أنك مش بتحبها زي الأول وهي نفسها تموت في حـ.ـضـ.ـنك أرجوك..
تلعب منه لعبة حقيرة وتعلم أنها الفائزة، دلف إليها وجدها تنظر للباب منتظرة قدومه، وقف أمامها وقال:
_ عايزة توصلي لايه بالظبط يا عايدة ؟!..
تحبه يا ليته يعلم إنها لا ترغب سوا حبه، عضت على شفتيها بتعب وقالت:
_ عايزاك أنت لو هموت عايزة أموت في حـ.ـضـ.ـنك، عارفة إني عملت حاجة وحشة في سارة وأنت بتحبها بس ده حقي يا محمود أنت جوزي وهي أخدتك مني، صح كنت عايش معايا زي الأخوات بس كنت راضي اشمعنا لها جات نسيت عايدة وحبك ليها، قولي يا محمود مش فاكر أي حاجة حلوة كانت بنا في يوم تشفع ليا ؟!..
أكيد يتذكر بينهما الكثير، طفلة مراهقة شباب كل تلك المراحل عاشها مع عايدة، تنهد بتعب وقال:
_ في ألف حاجة تشفع لك يا عايدة، كل حاجة حصلت منك مع سارة كنت مسامحك فيها وبقول من حقها غيرانه إلا حاجتين لعبك في دماغك معتز لدرجة أنك خلتيه يبص لمرات أبوه واتفاقك مع جوز أختها، طلعتي برة حدود غيرة الستات يا عايدة وهان عليكي إبنك وشرف جوزك، وقفتي معاكي دلوقتي عشان الذكريات إللي بتقولي عليها وعشان أنتِ أم معتز..
خسرته مهما حاولت لن يعود لها، وكيف سيعود لمرأة على فراش الموت ويترك فتاة جميلة بعز شبابها؟!.. حركت رأسها تقبل أخيرا للنهاية مردفة:
_ ماشي وانا راضية بالحتة الصغيرة إللي عطفت عليا وخلتها عشاني في قلبك، بس وحياة سارة عندك يا محمود عايزة أموت جوا حـ.ـضـ.ـنك...
ماذا تقولي يا عايدة ؟!.. حديثها الضعيف جعله يعود بذكرياته لطفلة صغيرة تبكي فوق أحد أشجار الحديقة فسألها بلهفة:
_ بتعيطي ليه يا عايدة مالك ؟!..
_ طلعت أجيب تفاحة ومش عارفه أنزل يا محمود..
حملها ووضعها على ساقه بحنان وقال:
_ بس خلاص أقعدي هنا لحد ما أجيب لك التفاحة..
عاد لها بعد لحظات ومعه أكثر من تفاحة قامت من مكانها بحماس مردفة:
_ أنت بطلي يا محمود..
" أنت بطلي يا محمود" من هنا اليوم إلي يوم طـ.ـلا.قه لها ظل يفعل المستحيل حتي يظل بطلها، أقترب منها ثم قبل رأسها بحنان مردفاً:
_ سارة مخدتش مكانك يا عايدة يا ريتك كنتي فهمتي ده من الأول، مكانك في قلبي طول عمره ليكي ولحد ما أموت هيفضل ليكي..
قال هذا لعله يخفف من شعوره بالذنب ولكن وبكل أسف القدر دائما يقف بينه وبين سارة، فهي أتت حتي تتأكد من حديث جدتها وجدت معتز بطريقها فقالت بتـ.ـو.تر:
_ محمود فين ؟!..
حدق بها بغضب شـ.ـديد ثم قال بصوت منخفض حتي لا يصل لغرفة والدته:
_ أنتِ إيه إللي جابك هنا ؟!.. مش كفاية إللي حصل لها بسببك قولتي تيجي تشمتي فيها، أحب أقولك إن جوزها معاها جوا وابنها قدامك أهو أنتِ مالكيش مكان وسطينا بعد ما أبويا أخد غرضه منك زيك زي أي***** وطلقك..
اهانها بطريقة بشعة، حركت رأسها برفض لما قاله ثم أقتربت من باب الغرفة قائلة:
_ إحتراما مني لابوك مش هرد عليك وسع من قدامي..
ألقي نظرة سريعة على والده ووالدته من النافذة الزجاجية وقال ببرود:
_ أهو قدامك شوفي بعينك بدل ما تقطعي عليه اللحظة..
انتبهت لما أشار رأته وهو ينحني يقبل رأس عايدة، رأت عالمها بالكامل يسقط أمام عينيها، فتحت باب الغرفة بكف مرتجف وسمعت ما قاله ، علمت مكانتها عنده هي مثلما قال ولده " عاهرة" لم تقدر على الوقوف أكثر وفرت من أمام أعين معتز الشامتة...
نزلت لتجد السائق بانتظارها يقول:
_ مالك يا سارة يا بنتي بتعيطي ليه ؟!..
حركت رأسها بنفي وذهبت بعيداً عنه، ركض خلفها بقلق وقال:
_ أنتِ رايحة فين اركبي يا بنتي روحي بيتك ارتاحي..
حدقت به بنظرات طفلة صغيرة ضائعة وقالت:
_ أنا ماليش بيت ولا ليا حد..
_ لأ ليكي ألفت هانم ومحمود بيه ووو..
تركته وركضت بكل قوتها تحاول الهروب والابتعاد لأكثر مكان ممكن، لم يقدر العجوز على الركض خلفها أكثر فرفع هاتفه وقام بالاتصال على محمود..
بغرفة عايدة قالت بسعادة:
_ بجد يا محمود لسة بتحبني؟!..
_ طبعاً يا عايدة أنتِ بنتي الكبيرة وبنت عمي وأم إبني بيني وبينك سنين مكانك مش زي مكان سارة زي ما عقلك قالك، سارة مخدتش مكانك هي بنت لنفسها بيت جوايا وعاشت فيه لوحدها بعيد عن الكل ووو..
قطعه رنين الهاتف مع رؤيته لرقم محمد دلف القلق بقلبه، أبتعد عنها وفتح الخط مردفاً:
_ في إيه يا محمد سارة كويس ؟!..
_ مدام طلبت أوصلها مستشفي تزور فيها حد وبعد أقل من خمس دقايق نزلت منهارة ورفضت تركب العريبة وأخدت نفسها وطلعت تجري حولت أجري وراها بس صحتي مكملتش..
مستشفي ؟!.. تزور أحد ؟!.. تعالت دقات قلبه بخوف وقال:
_ إيه إسم المستشفى يا محمد..
_ مستشفي*****..
______ شيما سعيد _____
بفيلا سارة..
دلف محمود بخطوات مرعـ.ـبة وكانت ألفت تجلس على أحد المقاعد بالصالة منتظرة قدومه، أقترب منها وقال بغضب:
_ سارة فين ؟!..
_ عندك مش اخدها من هنا بنفسك ؟!..
ما هذا الجنون ؟!.. بدأت أعصابه تخرج عن السيطرة خصوصاً عنـ.ـد.ما ذهب لشقته ولم يجدها، قال:
_ الفت أنا على أخري مش وقت انك تلعبي باعصابي ناديها لي من فوق..
قامت وقفت أمامه وقالت بقلق:
_ أنت بتقول إيه بقولك عندك..
هذا مستحيل هي تضحك عليه، تركها وصعد إلى الأعلى بحث عنها بكل مكان حتي أسفل الفراش وبداخل الخزانة، وقف بمنتصف الفيلا بضياع يبدو إنها بالفعل غير موجودة إذن أين هي ؟!.. اه وألف اه منكِ يا سارة، أقتربت من ألفت وقالت برعـ.ـب:
_ البنت فين يا محمود أخدتها عملت بيها ايه بالظبط؟!..
أنفجر محمود بغضب:
_ هكون عملت فيها ايه يعني؟!.. وبعدين مالك بتقويها عليا وواقفه قصادي دلوقتي ما هي بقي لها اكتر من 20 سنه بنت ابنك وما فكرتيش تشوفيها ولا تدوري عليها، كانت عايشه مع جوز اختها واختها مش لاقيه تاكل وانا اللي كنت بصرف وما فكرتيش تطلعي جنيه من جيبك وتقولي لبنت ابني دلوقتي واقفه قدامي تقوليلي عملت فيها ايه..
صـــدمــها بحقيقة قاسية، بالفعل هو محق كانت أين هي طوال السنوات الماضية من عمر حفيدتها ؟!.. سقطت دمـ.ـو.عها وقالت:
_ كنت بعيدة لأنها بنت الست إللي أخدت إبني مني، بس كنت مطمنة عليها طول ما هي تحت عينيك...
_ ودلوقتي واقفة قدامي ليه ؟!..
قالها بنفاذ صبر كلا من حوله يقوده للجنون، فقالت ألفت:
_ لأنها طلبت مساعدتي طلبت اني اقف جنبها لانك رخصتها ولسة بترخص فيها رجعت لمراتك وقاعد معها في المستشفى وهي الله اعلم بتعمل فيها ايه واذا كنت رديتها ولا لا انا مش هسيبها لعبه في ايدك يا محمود...
أقترب من عايدة بخوف مردفاً:
_ أنتِ قولتي لسارة الكلام ده قولتي لها ان انا رديت عايده انتِ اللي اديتي ليها عنوان المستشفى مش كده..
_ ايوه لان هي هبله وعبـ.ـيـ.ـطه لما بتضحك عليها بتصدقك، كان لأزم تشوف الحقيقه بعنيها وتعرف انت بتعمل ايه كويس اوي وتفوق بقى من الغيبوبه دي بدل ما عمرها يتسرق..
لم يتحمل أكثر ضـ.ـر.ب المقاعد المقابل إليه ورائه الطاولة، الفازة، الأريكة، جعل المكان عبـ.ـارة عن رماد أشياء ثم نظر لالفت مردفاً بحسرة:
_ لحد من يومين إتنين كنت فاكر ان كل اللي بتعمليه ده تعمليه عشان تحس ان حد في ضهرها، قولت يا واد معلش استحمل خليها تستقوى بجدتك، بس لحد هنا خلاص من النهارده انا هعتبرك عدو ليا ودي حاجه كبيره قوي يا جدتي، خليكي عارفه كويس اوي ان لو جرى لها حاجه هيبقى ذنبها في رقبتك أنتِ وحقها هاخده منك قبل أي حد...
_____ شيما سعيد _____
بمنزل أحمد رسلان..
بالحديقة..
وضع أمامها كوب من عصير الليمون وقال بهدوء:
_ من وقت ما اتصلتي بيا وجيت اخدتك وانتِ ساكته حتى ما قلتيش حصل لك ايه، لو مش حابه تتكلمي مش هضغط عليكي اكتر بس انا قلقان عليكي..
كانت شاردة تحدق بالفراغ أمامها بصمت، عنـ.ـد.ما قررت ترك عالم محمود وجدت نفسها بلا مأوى، ابتسمت على حالها بسخرية ثم قالت:
_ انا حابه اشكرك لانك سبت كل اللي وراك وجيت عشاني لو ما كنتش جيت انا كنت هنام في الشارع..
اتسعت عينيه بذهول وقال:
_ تنامي في الشارع؟!.. بنت عيلة علام تنام في الشارع إيه حكايتك بالظبط يا ساره حاسس ان وراكي قصة طويلة..
إبنة عائلة علام مع وقف التنفيذ، أزالت بقايا دمـ.ـو.عها وقالت بسخرية:
_ انا بنت عيله علام من بعيد لبعيد وعشان افضل بنتهم يبقى لازم احط حاجه مقابل حاجة، هو انا ينفع ابات هنا لحد الصبح؟!..
تعجب من طلبها وزاد فضوله حول ما يحدث معها، تنحنح بهدوء حتى لا يضغط عليها اكثر ثم قال:
_ طبعاً اعتبري البيت بيتك، أدخلي ارتاحي وانا هخرج..
رفعت عينيها إليه بتردد وقالت:
_ هو مفيش في البيت ده غيرك ؟!..
فهمها فابتسم إليها بجدية وقال:
_ في الحقيقه أنا فعلا عايش في البيت دلوقتي بس ما تخافيش انا راجـ.ـل وافهم في الاصول كويس وعمري عيني ما تتحط على حرمه غيري، إنتِ هتنامي هنا وانا هروح في أي فندق..
أومأت إليه بخجل وذهبت خلفه حتي وصل بها أمام غرفة نوم وقال:
_ يلا ادخلي ارتاحي ووقت ما تحبي تتكلمي هسمعك..
قبل أن يخطو خطوة واحدة قالت بضياع:
_ هي العيون ممكن تكذب؟!..
توقف مكانه وظل صامت لعدة لحظات قبل أن يقول:
_ كلنا بنكذب يا سارة في تصرفاتنا وفي كلامنا واوقات كتير بنكذب في مشاعرنا بس كل الكذب ده بيبقى باللسان، العين ما تعرفش تكذب بتفضح صاحبها عشان كده دايما اللي بيكذب بيهرب بعيونه..
كيف كان قادر على الكذب بعينه ؟!.. هل قرأتها خطأ ؟!.. بحثها عن الحب والأمان جعلها تري الحب بأعين رجل يرأها " مزاج" فقط بالنسبة له ؟!.. بخطوات ثقيلة دلفت لغرفة النوم وأغلقت الباب عليها المفتاح، سقطت دمعة ساخنة من عينيها عنـ.ـد.ما تذكرت حديثه " مهو ده مفتاح أوضة نومي أكيد معايا نسخة تانية، بصي يا قلبي لما تحبي تقفلي الباب بالمفتاح وتضمني اني مدخلش خلي المفتاح في الباب زي ما هو.." نفذت ما قاله وتركت المفتاح بالباب، جلست على الفراش وزفت عينيها الدمـ.ـو.ع مرددة:
_ لية كدة لية الكذب يا ريتني ما حبيتك..
عادت للحظة طـ.ـلا.قه لها تذكرت حديثه الشهير:
_ عارفة يا سارة المشكلة الحقيقية في كل اللي بيحصل ده إيه؟!..
_ إيه؟!..
_ اني حبيتك يمكن لو كنتي فضلتي بالنسبة ليا جواز متعة كنا ارتحنا إحنا الاتنين..
حركت رأسها بذهول هل كان هذا الكم من المشاعر كذب ؟!.. وضعت كفها على بطنها وهمست بتعب:
_ كان نفسي فيك أوي بس مش هينفع تعيش..
أخرجت هاتفها من الحقيبة وقررت فتحه، رأت فوق الألف إتصال منه ومن جدتها، حدقت بالهاتف لثواني قبل أن تضغط على زر الإتصال بعد أقل من ثانية آت إليها صوت الغاضب:
_ انتِ فين بالظبط يا سارة ؟!..
أبتلعت غصتها بحلقها وقالت:
_ وانا افرق معاك في ايه ما اللي فارقين معاك موجودين جنبك ومكانهم وما فيش حد في الدنيا يقدر يقرب منه..
لو كان جبل لكان سقط أرضاً، ما يحدث كثير وكثير جدا، وصل إليها صوته المرعـ.ـب لتغلق عينيها ببعض الخوف:
_ مش وقت تخلف خالص، قولي أنتِ فين خليني اجي اخدك وبعدين نبقى نتحاسب على الجنان اللي انتِ معيشاني فيه من الصبح ده....
_ بطل تعلي صوتك عليا انا مش هسمح لك تقل مني تاني، ايه مصمم تاخدوهم بالصوت؟!.. روح لمراتك حبيبتك اللي كنت بتبوس فيها ومش قادر تعيش من غيرها اللي مكانها في حياتك ما بيتغيرش مهما شوفت ستات ولا انت لسه ما شبعتش من ******* اللي كنت كل ما يجيلك مزاج تاخد غطس معاها..
أتسعت عينيه من وقاحة لفظها، ضـ.ـر.ب عجلة القيادة عدة مرات وقال بجنون:
_ ده أنا هطلع ميتين أهلك، أنتِ فين يا بت؟!..
صوته كان كافي حتي ترتعب وإلا أن صورته وهو يقبل عايدة كانت أقوي بكثير فقالت:
_ احترم نفسك ومش هقول لك انا فين واقعد لف حوالين نفسك ومش هتعرف توصلي، انا اتصلت بك عشان اقول لك خبر واحد بس لو ما طلقتنيش بالذوق هرفع عليك قضيه خلع ونخليها فضايح بقى..
لا والله القطة الصغيرة خرجت عن السيطرة، أخذ نفس عميق قبل أن يقول بجبروت:
_ خدي بالك انا لحد دلوقتي عامل حساب انك حته البسبوسه بتاعتي غير كده كنت وريتك كل انواع الوساخه اللي ما شفتهاش في حياتك، عايزه ترفعي عليا انا قضيه خلع يا بت وماله اعملي اللي في مزاجك.. وأنا كمان هعمل إللي في مزاجي..
بكت لم تقدر على تمثيل القوة أكثر وبكت، وصل إليه شهقاتها ليرق لها قلبه مثل العاده مردفا بحنان:
_ بس يا بسبوسه كله دمـ.ـو.عك قوليلي انتِ فين وانا هاجي لحد عندك نتفاهم ونتكلم، اسمعيني يمكن لما تسمعيني ت عـ.ـر.في ان مفيش في قلبي غيرك وان كل اللي جوه عقلك ده جنان...
أغلقت الهاتف بوجهه ليلقي بهاتفه على أرضية السيارة صارخا:
_ ماشي يا سارة هجيبك وربي ما هتنامي الليلة إلا في حـ.ـضـ.ـني ووقتها هعمل منك صوابع كفتة..
مرت ساعة وراء الأخري وهي تضم بطنها إليها بحنان وتبكي، أخيراً حن عليها سلطان النوم وأغلقت عينيها، نامت أقل من ثواني وشعرت بحركة ناعمة على فخذها من الاعلي، أنتفضت من محلها برعـ.ـب وعقلها لم يتخيل إلا صاحب المنزل، قبل أن تصرخ وضع يده على فمها يكتم به أنفاسها ويده الأخري تخلع عنها آخر قطعة بملابسها العلوية، قاومت بكل قوتها لكنه وبكل أسف كان الاقوي بالسيطرة على جسدها، وصل إليها همسه وهو يقول:
_ إياكي يطلع صوتك عايزك تخرسي..
____ شيما سعيد _____
↚
قبل ساعة..
أغلق محمود الهاتف معها وألقي به على أرضية السيارة بغضب مردفاً:
_ أعمل فيها ايه بس يا ربي اربطها في السرير عشان اضمن لما ارجع الاقيها مكانها..
سمع رنين هاتفه فأخذه من أسفل السيارة وفتح الخط سريعاً مع رؤيته لرقم أحد رجاله القائم بمراقبة أحمد رسلان:
_ قول إللي عندك..
_ سارة هانم يا باشا هنا عند احمد وهو خرج وهي لسه في الفيلا اروح يا باشا وراه ولا افضل واقف مستني الهانم لما تخرج..
اللعنه عليكِ سارة، لو خرج بروحها الآن سيكون معه كل الحق، ضـ.ـر.ب عجلة القيادة عدة مرات بقوة ثم قال:
_ خليك مكانك واياك عينك تغفل عنها البنت الخدامه اللي انت مصاحبها عند احمد موجوده النهارده وإلا لأ..
_ كانت موجوده يا باشا بس خلاص يومها خلص..
معها بمفردها؟!.. حسنا يا زوجتي العزيزة، قال:
_ اتصل بيها هي اكيد معاها مفتاح بتدخل بيه خليها تيجي عندك حالا واستناني لحد ما اجي لك..
_ أمرك يا باشا..
مر الوقت عليه مثل الدهر وصل أمام فيلا رسلان وكان بانتظاره أحد رجاله والخادمة أقترب منهما وقال:
_ معاكي مفتاح ندخل مش كده؟!..
بلعت ريقها برعـ.ـب قائلة:
_ مش هينفع يا باشا دي أمانه واحمد بيه لو عرف باللي عملته مش بعيد يبلغ عني ساعتها هروح ورا الشمس..
رد بقوة:
_ اللي مع محمود علام ما تخافش، اذا كان على شغلك هنا فهيبقى لك شغل في مكان تاني، ولو على الحبس اطمني مش هيقرب منك، اخلصي بقى عشان انا بتخانق بسرعه ولو اتخـ.ـنـ.ـقت هحبسك في مكان ما يطلعلكيش في نور تاني..
حركت رأسها بخوف وذهبت أمام فأشار للرجل بقوة قائلا:
_ مش عايز مخلوق يدخل الفيلا طول ما انا جوا حتى لو كان احمد رسلان نفسه مفهوم؟!..
_ أمرك يا باشا..
دلف معها فقالت بتـ.ـو.تر:
_ دي أوضة أحمد بيه والوحيده اللي في الفيلا كلها ينفع حد ينام فيها..
أقترب من الغرفة بقلب يغلي وضع يده على الباب ليجده مغلق من الداخل فقال:
_ في مفتاح لاوضة دي ولا في اي اوضه تانيه بلكوناتها بتدخل على الاوضه دي..
_ والله يا باشا انا ما اعرفش مكان المفاتيح بس الاوضه اللي جنبها بالظبط البلكونه بتاعتها مفتوحه على التانية..
أومأ إليها بهدوء وقال:
_ انزلي انتِ استني مع محروس دورك خلاص انتهى..
كأنها أخذت حكم بالبراءة فرت من أمامه بسرعة البرق، دلف أخيراً لمحل نومها وجدها غارفة ببحر الأحلام بكل أمان، كيف لها إن تشعر بالامان بمكان غريب عليها ؟!.. بمنزل رجل هي على يقين من إعجابه بها ؟!.. انقض عليها بكل ما بداخله من غضب يريها كيف ستكون حالتها إذا قرر أحمد رسلان الإقتراب منها.. صرخ بها بعنف:
_ اياكي يطلع صوتك عايزك تخرسي..
مع سماعها لصوته هدأ جسدها وكفت عن المقاومة، أبتعد عنها ووضع يده على زر الضوء بالغرفة ويا ليته لم يفعل، أرتعبت من تعبيرات وجهه الغاضبة وعينيه النارية، رفعت الغطاء على جسدها وقالت بتقطع:
_ أنت أنت..
_ إيه القطة أكلت لسانك يا حلوة ؟!.. سبتي بيتك وجيتي تعملي إيه هنا انطقي..
كتمت شهقاتها التي تهددها بالنزول وقالت:
_ بس انا مليش بيت ده بيتك أنت..
طفح كيله منها، يتعامل مع طفلة صغيرة مدللة طوال الوقت وكان متقبل لذلك إلا تلك المرة، شهقت برعـ.ـب عندها جذبها من رأسها لتقف أمامه مردفاً بغضب:
_ يعني بيت جوزك... لما ست محترمه تسيب جوزها وتنام في بيت راجـ.ـل غريب ت عـ.ـر.في دي يبقى اسمها ايه..
وضعت يدها فوق يده لتحاول من تخفيف قبضته عليها وقالت:
_ شيل أيدك أنت بتوجعني يا محمود..
لم يشفق عليها أو يرق قلبه لها مثل عادته، كل ما يراه أمامه زوجته بملابس نوم وغرفة نوم رجل غيره، ضغط عليها أكثر وقال:
_ بتوجعك هو أنتِ لسه شوفتي وجع ده انا هوريكي كل ألوانه واشكاله بتعملي ايه في بيت الكـ.ـلـ.ـب ده انطقي...
سقطت دمـ.ـو.عها برعـ.ـب وقالت:
_ هكون بعمل ايه يعني مليش مكان اروحه وهو الوحيد اللي قبل يساعدني..
_ ملكيش ايه يا روح امك ؟!.. مكان تروحيه مرات محمود علام مش لاقيه مكان تروحوا تسيبي بيتك ليه اصلا؟!..
هنا تذكرت ما حدث، أبتعدت عنه بكل قوتها وصرخت:
_ بس انا مليش بيت لتاني مره اقولك ده بيتك انت، سبته عشان خاطر انا مليش مكان فيه عايده هانم رجعت والهبلة اللي كنت بتفرح نفسك معاها يومين شبعت منها خلاص، تفضل قاعده في بيتك ليه؟!..
كانت منتظرة تسمع منه كلمة واحدة تريح قلبها، كلمة تجعلها تتأكد من ثبات مكانتها عنده، أومأ إليها بقوة وقال:
_ لما لقيتي الزبون القديم شبع تروحي ترمي شباكك على زبون جديد..
أتسعت عينيها بصدمة أهتز جسدها بالكامل على أثرها، لم تشعر بنفسها فنيران ما قاله أقوي بكثير من قدرتها رفعت كفها وقبل أن يسقط على وجهه كان تحت قبضة يده فصرخت:
_ أنت إنسان قليل الأدب وزبـ.ـا.لة..
_ وأنتِ إيه ؟!..
_ أنا غـ.ـبـ.ـية عشان كل مرة أسلم نفسي ليك، أنت عندك حق أنا رخيصة لأني خليت واحد زيك معدوم الرحمة يلعب بيا كل ما يحب وأنا بكل غباء أصدقه..
بالفعل هي حمقاء، حرك رأسه بسخرية وقال:
_ من ناحيه غـ.ـبـ.ـيه فانتِ غـ.ـبـ.ـيه اسمي اللي دوستي عليه برجلك وانتِ شايلاه هقطع لك رجلك إللي دوستي بيها عليه.. قدامي..
خافت وعادت عدة خطوات للخلف، حركت رأسها برفض أكثر من مرة وقالت بجنون:
_ مستحيل أمشي معاك أنت عايز تعمل فيا إيه تاني حـ.ـر.ام عليك..
بقهر رجل مخفي تحت جبروته قال:
_ تفتكري لما راجـ.ـل يجيب مـ.ـر.اته من سرير راجـ.ـل تاني ممكن يكون عايز يعمل فيها ايه غير انه ياخد روحها بايده ويرميها لكلاب السكك يسدوا بيها جوعهم..
سقطت دمـ.ـو.عها برعـ.ـب، رأت بعينيه انعدام رحمة شعرت إنه بالفعل سيفعل بها ذلك أرتفعت شهقاتها وصرخت بكل قوتها:
_ أحمد الحقني أرجوك..
تجمد محله وهو يسمعها تتطلب النجدة من رجل غيره، إلي هنا وكفى فإذا وقف أمامها ثانية واحدة سيأخذ روحها مثلها هددها، أقترب منها لتركض بعيداً عنه مردفة:
_ معملتش حاجة والله العظيم حـ.ـر.ام عليك بقي أبعد عني أنا تعبت..
كانت خيبة الأمل واضحة على وجهه مثل الشمس، بلحظة جذبها من ساقها وقبل أن تنطق بحرف كان يحملها ويرجع بها مردفاً بقوة:
_ الأحسن ليكي دلوقتي تخرسي..
_____ شيما سعيد _____
بفيلا سارة..
ألقي بها أمام جدتها لتضمها ألفت برعـ.ـب، أخيرا شعرت بالامان وهي بين أحضان ألفت أغلقت عينيها وهمست بتعب:
_ أنا خايفة يا تيتا..
ساعدتها ألفت بالجلوس ثم وقفت أمام محمود وقالت بقلق:
_ أنت عملت في البنت ايه مخليها مرعوبه بالشكل ده؟!..
أشار لسارة وقال:
_ قولي لجدتك انا جبتك منين وبعد كده تبقى تسأل أنا عملت فيكي ايه..
صمتت ولم تجيب فصرخ بغضب:
_ ما تنطقي ولا دلوقتي بس اتخرستي اقول لك انا يا الفت هانم حفيدتك ومراتي انا جايبها من فيلا احمد رسلان كانت بايته عنده..
شهقت ألفت بقوة وقالت:
_ ايه اللي انت بتقوله ده احترم نفسك ساره مستحيل تعمل حاجه زي دي..
بصوت مختنق تحدثت سارة وقالت:
_ أنا ما عملتش حاجه يا تيتا واحمد اللي هو بيتكلم عنه ده ما كانش في الفيلا..
ضـ.ـر.ب محمود أحد الانتيكات الموضوعه امامه على الطاوله وقال بجنون:
_ هو أنتِ مشكلتك إنه ما كانتش في الفيلا لكن انك تروحي له وتباتي عنده ده بالنسبه لك عادي..
رأت ألفت ارتعاش جسدها فقالت بغضب:
_ ممكن تهدى شويه البنت صغيره مش متحمله اللي انت بتعمله ده انت خلاص بقيت مـ.ـجـ.ـنو.ن..
_ آمال أنا مطلوب مني اتحمل كل حاجه ليه؟!.. اللي حفيدتك عملته ده مصيبه ولو لاني عارف انها فعلا عيله صغيره وهبله كنت دفنتها..
أرتفعت شهقاتها فأقترب منها وجذبها لتقوم تقف أمامه مردفاً:
_ انتِ عارفه لما صحيتي بتصرخي وفاكره انه بيحاول يقرب منك ده نقطه في بحر اللي كان ممكن اي راجـ.ـل زباله يعمله فيكي مادام جيتي لحد عنده وطلبتي انك تنامي في بيته، انا عايز افهم عقلك ده في ايه بتفكري ازاي؟!.. أنتِ كده على طول ولا دلعي الزياده فيكي هو اللي فسدك؟!..
عن أي دلال يتحدث ؟!.. رفعت وجهها اليه وقالت بقهر:
_ دلع ايه اللي انت بتتكلم عنه ؟!.. انت عمرك ما عملتني كويس غير لما بتبقى عايز تدلع كفايه كذب وتمثيل بقى ارجع لمراتك وابنك وحياتك وسيبني في حالي وارحمني..
صدمته بحديثها، صدمته من فكرتها عنه ومن تفسيرها كل ما عاشه معها وعاشته بين يديه، أبتعد عنها لتسقط على الأريكة وهو يحدق بها بذهول عاجز عن قول أي كلمة، قالت ألفت:
_ قولت لك من الاول ان العلاقه دي غلط وما رضيتش تصدقني انت مش بتحبها وهي مش بتحبك، كل اللي جواكم مشاعر متلخبطه هتفضلوا توجعوا بعض لحد ما واحد فيكم يروح، ابعد عنها وارجع لحياتك ولو عايز تتجوز اتجوز واحده تشبهك وملكش دعوه بيها، سيبها تشوف حياتها هي كمان حياتها انا مش هقف اتفرج وانا بخسر احفادي الاتنين..
أشار إليها محمود بقسوة وقال:
_ أنا عايزك تسكتي خالص لان ما فيش حد بيلعب في دماغها غيرك، رسمتي لها وهم وهي صدقته كل الحب اللي انا حبيته لها ما كانش باين لا قدامك ولا قدامها، خايفه على حفيدتك اوي مني؟!.. اتفضلي هي قدامك اهي اشبعي بيها..
_ هتطلقني؟!..
قالتها سارة وهي تتمني أن يتمسك بها فقال بقوة:
_ لأ يا حلوة مش هطلقك أنا عايزك تطلعي الفيلم الهندي ده من دماغك، الكلمه دي مش هتسمعيها مني لحد ما تدخلي قبرك، مش أنتِ عايزه تبعدي عني؟!.. خليكي جنب جدتك لكن هتفضلي شايلة اسمي لحد ما تموتي بس على الورق يا ساره لان النهارده مش هعتبرك مراتي كفايه عليكي كده ..
ذهب ولم تشعر به، لم تشعر بأي شي حولها فقط تأكدت من أنها كانت لعبة بين يد خبيرة حركها كما يشاء، جلست بجوارها ألفت وقالت بخوف:
_ سارة يا حبيبتي أنتِ كويسة ؟!..
أومأت إليها وقالت بشرود:
_ مش كويسه بس اوعدك اني من النهاردة هبقى كويسه، ما فيش حد يستاهل إني عشانه أكون مش كويسة وخصوصا حفيدك، ت عـ.ـر.في يا تيتا كنت بقول دايما قد ايه محمود ده شخص وفي قد ايه راجـ.ـل ما فيش منه في الدنيا عشان يعيش مع ست 15 سنه من غير ما يبص لغيرها ، كنت غـ.ـبـ.ـيه محمود عمل كده لانه مش شايف غير عايده وهييفضل مش شايف غيرها حتى لو كانت شويه عضم في قفة، انا اللي ضحكت على نفسي وهمتني بحاجات مش صح، عينه كدبت عليا وفهمتني ان هو بيحبني بس ماشي ما حدش بيتعلم ببلاش...
طبطبت ألفت على ظهرها بحنان وقالت:
_ أنتِ غلطتي يا سارة ما اقصدش في جوازك من محمود اقصد لما روحتي لاحمد رسلان ونمتي جوه بيته، ازاي يا بنتي توثقي في واحد ما ت عـ.ـر.فيهوش؟!.. افرضي كان وحش وفعلا عمل فيكي حاجه وحشه من غير ما نعرف مكانك او حتى نحاول نساعدك ؟!.. ليه دايما بتعرضي نفسك للخطر من غير ما تفكري؟!.. لما اتجوزتي محمود قولت عشان انا وقتها كنت بعيد عنك وما فيش حد يعرفك الصح من الغلط، دلوقتي انا سبت الدنيا كلها وقاعده معاكي ازاي تعملي حاجه زي دي من غير ما تقوليلي من غير ما ت عـ.ـر.في عواقبها؟!..
جدتها محقة، حركت رأسها وقالت بنـ.ـد.م:
_ عندك حق يا تيتا انا اتصرفت بغباء ومن غير تفكير اسفه سامحيني..
أخذتها ألفت لتنام على صدرها وقالت بحنان:
_ نامي يا حبيبتي أنتِ تعبانه وكل حاجه هتبقى كويسه..
_____ شيما سعيد _____
امام قصر علام وقفت سيارة علي، نظر لأروي المرتعبة بجواره وزفر بضيق، رؤيته لها بهذا الضعف يشعره بالعجز، أخذ نفس عميق قبل أن يقول بهدوء:
_ ت عـ.ـر.في لما واحده تبقى مرعوبة بالشكل ده وجنبها الراجـ.ـل المفروض هيبقى جوزها وابو عيالها ده معناه ايه؟!..
بللت شفتيها بطرف لسانها وقالت بتـ.ـو.تر:
_ إيه ؟!..
_ إن هو مش راجـ.ـل وخوفها وهو قاعد جنبها معناه إنه مش هيقدر يحميها، أنتِ شايفاني مش راجـ.ـل ومش هقدر احميكي يا اروى؟!..
نفت بحركة سريعة من رأسها وصممت، بداخلها الكثير ولكنها اعتادت على التحمل بمفردها، كيف تقول له إنها إبنة غير معترف بها بتلك العائلة ؟!.. كيف تقول أن والدها هددها بالقـ.ـتـ.ـل إذا أقتربت من بوابة هذا القصر العريق ؟!.. سقطت دمـ.ـو.عها وسمحت لنفسها بالضعف أمام مردفة:
_ المشكله مش فيك يا علي المشكله فيا أنا، أنا اللي جبانة ومش هقدر ادخل قصر علام الكبير ، اتحرمت عمري كله من اني حتى أعدي من جنبه عندي اخين عايشين في العز والخير طول عمرهم وانا بس باخد اللي محمود يقبل يديه ليا، أنت تعرف ان محمود الوحيد اللي اعترف بيا في العيله دي هو الوحيد اللي قابلني بس وقتها ما قدرش يعملي اي حاجه غير ان هو يكملي تعليمي ويجيب ليا بيت ويديني فلوس، ما قدرش يدخلني قصر علام، لان طاهر باشا مش معترف ان انا بنته قالي لو فكرتي تعدي بس من جنب البوابه هقـ.ـتـ.ـلك هيكون اخر يوم في عمرك ولما محمود بقى معاه كل حاجه ويقدر يدخلني القصر بغبائي مشيت ورا واحد زي سيد وضيعت اخويا من أيدي، انا مش هقدر ادخل هنا يا علي صدقني مش هقدر..
طفلة صغيرة ضائعة ذاقت كل أنواع الحرمان تخفي نفسها تحت قناع القسوة لعلها تقدر على إخفاء ضعفها وقلة حيلتها، ابتسم إليها وقال بحنان:
_ هو الخسران إللي يبقى عنده بنت زيك ويخسرها يبقى غـ.ـبـ.ـي، أروي قولت لك تعالي نروح لمحمود قولتي خايفه منه ودلوقتي مش موافقه تدخل القصر، مش هينفع تعيشي الباقي من عمرك هربانه ومخفية، صدقيني محمود ممكن يكون قاسي من بره لكن مافيش في حنانه اول ما هيشوفك هينسى كل حاجه حتى لو في الاول زعق شويه هبقى جنبك يا ستي لو رافع ايده هنضـ.ـر.ب مكانك مع إن ايده مرزبه بس لازم ناخد خطوه يا اروى..
قدر بقليل من المرح رسم إبتسامة خفيفة على وجهها فقال:
_ ايوه كده اضحكي خلي الشمس تدخل، وبعدين انا متعود عليكي مفتريه بصراحه مش قادر اعتبرك طيبة..
حدقت به بغيظ وقالت:
_ يا سلام يا سي علي مفتريه؟!. على فكره بقى انا عمري ما كنت مفتريه لكن امثالك ما يستحقوش الا انا كده..
ضحك وقال:
_ عندك حق انا فعلا انسان زباله ولو ما كنتش اتعاملتي معايا كده كان حالي عملت حاجات كتير جدا هموت واعملها روحي منك لله يا شيخة..
_ أحترم نفسك بقى شكل العلقه اللي اكلتها في شرم ما علمتكش حاجه خالص..
لماذا تذكره بفعلتها الكارثية عض على شفتيه ونظر إليها نظرة وقحة واضحة ثم قال بوعد:
_ دي بالذات مش هقدر انساها وهعلم عليكي زي ما علمتي عليا بس مش دلوقتي مسيرنا يتقفل علينا باب واحد وهيبقى البقاء للاقوى..
رفعت رأسها بكبرياء قائلة:
_ يبقي زي العادة أنا إللي هطلع منها سليمة، خاف على نفسك بقي لتخسر شويه الفاضلين من صحتك..
رسم على وجهه ابتسامة ساخرة وقال:
_ تصدقي دمك خفيف يا بت اخلصي هندخل ولا هنقابل محمود الاول؟!..
_ مش عارفة يا علي تفتكر ايه الصح؟!..
_ نقابل محمود الأول يا أروي هو ده الصح لازم تتصافوا قبل ما ندخل المعركه الكبيره مع طاهر بيه..
_ ماشي يا علي إللي أنت شايفه صح هعمله...
____ شيما سعيد ____
بصباح اليوم التالي..
دلفت ألفت لغرفة سارة لتطمئن عليها وجدها تقف أمام المرايا تلقي على نفسها نظرة راضية بعدما تحلت بثوب سيدة الأعمال الراقية، رفعت حاجبها بتعجب مردفة:
_ سارة يا حبيبتي ايه اللي أنتِ بتعمليه ده انتِ تعبانه ومحتاجه ترتاحي؟!..
ابتسمت سارة وقالت:
_ اطمني عليا يا تيتا انا مش تعبانه ولا حاجه وبعدين أنتِ ناسيه انا عندي كليه وعندي المصنع بتاعي ده كان حلم عمري يا تيتا ولازم اشتغل عليه..
_ طيب ومحمود هتعملي معاه ايه؟!..
حركت كتفها بهدوء وقالت:
_ هعمل معاه ايه يعني ولا اي حاجه محمود جوزي وهيبقى ابو ابني وعايده ومعتز مـ.ـر.اته وابنه من قبلي فانا ما عنديش مشكله إنه ردها..
صرخت ألفت:
_ أنتِ بتقولي ايه؟!.. يعني ايه ما عندكيش مشكله هتقبلي على نفسك انك تعيشي على ضرة تبقي اتجننتي يا ساره وكل ده عشان خاطر ايه؟!..
أخذت نفس عميق وقالت:
_ حضرتك ليه واخدة الموضوع بعصبيه كده عايده مش ضرتي محمود بقى له 15 سنه ما قربش من ست غيري يعني وجودها في حياتنا هيبقى زي عدم وجودها بالظبط، يبقى ما فيش داعي أخرب بيتي واعيش ابني الحياه اللي انا عشتها عشان خاطر حاجه مش موجودة..
بها شئ غير طبيعي هذه امرأة أخري غير سارة، كانت أمس تموت قهراً والان تقف أمامها بكل بساطة متقبلة ما حدث ؟!.. قالت ألفت بذهول:
_ اكيد في حاجه غلط انتِ مين لاعب في دماغك كده هو كلمك تاني سلمت له دماغك برضو ؟!..
أقترب منها سارة وقبلت رأسها قائلة:
_ يا تيتا يا حبيبتي انا مش في الحضانه عشان حد يلعب في دماغي وعلى فكره حتى البنات اللي في الحضانه دلوقتي ما حدش يقدر يلعب في دماغهم، عايزاكي تطمني عليا كل كلمه قولتها دلوقتي واعيه لها كويسه اوي وفاهمها ومتقبلاها وعلى فكره محمود ما كلمنيش من امبـ.ـارح، بالعكس ده انا اللي هروح له النهارده المستشفى اعتذر له واعتذر لعايده ومعتز كمان مهما كانت دي ست يا حـ.ـر.ام اتاخد منها جوزها في غمضت عين من حقها تتقهر وتعمل كل اللي عملته...
تركت جدتها بحالة ذهولها والقت لها قبلة بالهواء ثم ذهبت لتقول الفت برعـ.ـب:
_ هي ناوية على إيه المـ.ـجـ.ـنو.نة دي ؟!..
_____ شيما سعيد _____
بالمشفي..
جلس معتز بجوار والدته على الفراش وقال بحنان وهو ينظر لوالده:
_ طبعا عايده هانم صحتها رجعت لها وبقت زي الفل مدام محمود بيه قاعد معاها ليل نهار..
ابتسمت عايدة بتـ.ـو.تر وقالت:
_ انا ما عنديش في الدنيا دي كلها اغلى منك انت وباباك يا معتز ولما محمود ردني رجعت فيا الروح تاني..
كاذبة وهو يعمل وهي تعمل أنه يعمل ومع ذلك يسمعها بصمت، رسم على وجهه ابتسامة ساخرة عنـ.ـد.ما قال معتز:
_ معنديش أغلي من محمود بيه..
_ وأنا ليا مين غيره ؟!..
هنا لم يتحمل الصمت وقال بقوة:
_ ليكي معتز يا عايده سندك وضهرك وهيبقى سندي وضهري انا كمان..
أومأت إليه سريعاً وقالت:
_ معتز ده حتة منك يعني حتة من روحي..
هل لو قـ.ـتـ.ـلها سيحمل ذنب ؟!.. ريما لأ لأنها تستحق القـ.ـتـ.ـل عن جدارة، أخذ نفس عميق قبل أن يقول بهدوء:
_ روح هات لماما الفطار بتاع يا معتز وهات لي معاك فنجان قهوه..
_ حاضر..
ظل صامت حتي خرج معتز من الغرفة ثم أقترب منها بغضب شـ.ـديد قائلا:
_ ايه اللي أنتِ بتعمليه ده لسه مصممه على الكذب وانا مش قادر اتكلم عشان ما اعقدش ابني اكتر ما هو معقد، ارحمي نفسك بقى شويه واهتمي بابنك اليومين اللي فاضلين لك الولد خلاص بقى مـ.ـجـ.ـنو.ن من كتر ما هو شايف امه بتفكرش في حد غير ابوه حتى مش قادره تشوف ابنها..
بحزن قالت:
_ ما هو انت اللي عودتني على كده يا محمود، ومن واحنا عيال صغيره وانا ما ليش غيرك، ليه دلوقتي ما بقيتيش متحمل اني بقى ما ليش غيرك؟!.. البنت دي اخدت مكاني يا محمود ربنا يخدها.
_ إن شاءالله أنتِ يا عايدة..
قالتها سارة بكل براءة بعدما أغلقت باب الغرفة خلفها، صوتها بمفرده جعله يشعر بالاشتياق لها دار وجهها ليراها في كامل جمالها، فقال بذهول:
_ سارة ؟!..
أومـ.ـا.ت إليه بدلال وقالت:
_ تؤ بسبوسة يا روح بسبوسة..
صرخت عايدة:
_ أنتِ ايه اللي جابك هنا جايه تشمتي فيا يا بنت أنتِ ؟!..
نفت بهدوء ووقفت بجوار محمود ثم وضعت يدها حول خصره بنعومة قائلة:
_ اخص عليكي يا أبله عايدة وانا وحشه برضو عشان اشمت في المرض لا بصراحه انا جاية اخد جوزي، امبـ.ـارح كان ليكي والنهارده ليا مش ده حق ربنا برضو يا بيبي؟!..
بيبي ؟!.. معقولة تكون اتجهت لشرب مخدرات؟!.. فما تقوله بين قوسين ( دماغ متكلفة) أومأ إليها من بين أسنانه فقالت عايدة:
_ ده اللي هو ازاي ان شاء الله انت رديت البنت دي تاني يا محمود؟!..
ردت بدلاً منه حتي لا تتعب فمه بالحديث وقالت ببراءة:
_ وهو يعني هيردك ومش هيردني طب دي تيجي ازاي ؟!.. ده انا الدلع كله والحلويات كلها تقدري تقولي عني كده حته البسبوسه اللي بتظبط مستوى السكر عنده..
لقد أرتفع مستوي السكر لدي عايدة بشكل مخيف أو ربما قل الأكسجين لديها، أشارت لمحمود بتعب:
_ اطلب الدكتور بسرعه يا محمود هموت مش قادر اخد نفسي..
جذب سارة معه للخارج إلا أنها قالت:
_ لأ روح أنت انا هاهتم بيها لحد ما ترجع بالدكتور افرض خرجنا احنا الاتنين جات لها ساكته قلبيه مـ.ـا.تت، تموت من غير ما اشوفها بتموت حـ.ـر.ام يا بيبي..
بالفعل بدأت عايدة تختنق بنفس لحظة دخول معتز فنظرت إليه مردفة:
_ الحقني يا معتز هموت..
بأسف شـ.ـديد نظرت لها سارة وقالت:
_ الحقها يا معتز ..
____ شيما سعيد _____
↚
بمكتب ضحي سكرتيرة سارة.
دلف محمود بخطوات تدل على اقتراب كارثة، قامت ضحي من محلها وقالت بإبتسامة متـ.ـو.ترة:
_ إزاي حضرتك يا محمود بيه الشركه نورت والله ثواني هدي المدام ساره خبر..
نظر إليها نظرة حادة فقالت بخوف:
_ والله يا فنـ.ـد.م انا ما ليش دعوه مدام سارة هي اللي قالتلي لما محمود بيوصل ما يدخلش غير لما انا اؤمر بكده...
حقا ؟!.. حسنا يا صغيرة، أشار لضحي على مقعدها وقال بقوة:
_ اقعدي على الكرسي بتاعك وما حدش يدخل علينا حتى لو كان في ضـ.ـر.ب نار جوه مفهوم؟!..
أومـ.ـا.ت إليه وألقت بجسدها على المقعد برعـ.ـب، فتح باب المكتب بقوة ثم أغلقه فإبتلعت ريقها بصعوبه وهمست:
_ إيه الحظ ده يا ربي بقى انا أفلت من تحت ايد علي اجي اشتغل عند محمود صحيح هفضل طول عمري غـ.ـبـ.ـية..
بالداخل.
قابلته بابتسامة هادئة، كانت تعلم قدومه خلفها وكانت تعلم طريقة دخوله بعد حديثه مع ضحي، وضعت ساق على الآخر وسندت على ظهر المقعد لتجلس براحة أكثر ثم قالت:
_ أخبـ.ـار أبلة عايدة إيه يا أبيه بجد قلقت عليها جدا..
أومأ إليها بهدوء ما يسبق العاصفة، ثم عاد للباب وأغلقه بالمفتاح عدة مرات ووضع المفتاح بجيب بذلته، أقترب منها بخطوات بطيئة وخلع جكيته وألقي به على أحد المقاعد بعدها رفع أكمام قميصه إلي منتصف ذراعه وقال:
_ بتلعبي مش كدة ؟!..
ببراءة نفت بحركة بسيطة من رأسها وقالت:
_ العب وانا مين عشان اقدر العب قدامك كل الموضوع اني عرفت قيمتي بالظبط وزي اي ست اصيله رضيت بنصيبي وبحاول الم بيتي ما هو الخراب وحش برضو يا ابيه..
_ والله دلوقتي بقيت أبيه وقدام عايده كنت بيبي...
أومأت إليه بخجل أخرجه عن السيطرة وأكملت عليه بحديثها الناعم:
_ طبعاً لأزم تبقى قدامها بيبي ما ينفعش اسرار خلافاتنا تخرج لحد بره، بديك برستيجك قدام الناس كده ابقى غلطت يعني؟!..
يكفي دلال، جذبها من فوق المقعد وصرخ بغضب:
_ ايه القرف اللي انتِ عملتيه النهارده؟!..
تخلت هي الأخري عن برودها وقالت بنفس غضبه:
_ قرف ايه اللي انا عملته النهارده ؟!.. عشان عايده هانم زعلت ما انا من يوم ما عرفتكم زعلانه، كل الموضوع ان جيت زرتها وفهمتها إني راضية بوجودها في حياتنا غلطت في ايه انا بقى؟!.. حاولت اطمنها وافهمها ان هي مكانتها ما حدش يقدر يقرب منها في قلبك مين ما كان، اكدت لها على كلامك مش اكتر..
هي تتحدث بموضوع وهو عينه على موضوع أخر، يرن بعقله بسؤال واحد هل رآها أحد غيره بهذا الثوب؟!.. هل مرت بجمالها هذا من أمام رجل غيره؟!.. بل رجال رآها رجال يا إبن علام، ضـ.ـر.ب على المكتب بقوة ليدق قلبها بخوف لم تظهره وقال:
_ عايده مين وزفت مين ما تولع، أنتِ مش شايفه نفسك لابسه ايه لفه البلد كلها بقميص نوم ليه جوزك مركب قرنين؟!. ده أنا لحد دلوقتي ما شفتكيش بقميص نوم..
حركت كتفها بدلال وقالت:
_ ده فستان أنت بس إللي موضة قديمة..
رفع حاجبه بمعني حقا ثم جذبها من مقدمة ملابسها لتبقي بين يديه وقال بغيرة قاسية:
_ انا لحم مراتي مش رخيص ده أنتِ شيلة إسم كبير عيلة علام، بس طالما مش بتتكسفي تمشي بنص جـ.ـسمك عريان اكيد مش هتتكسفي تقفي عريانه قدام جوزك..
قبل أن تأخذ أي ردت فعل أو تفهم ما ينوي عليه كان شق فستانها نصفين لتبقي امامه بملابسها الداخلية المصبوغة باللون الأحمر..
ماذا فعلت يا محمود ؟!.. قالها لنفسه وهو يلعن غضبه، هذه الفتاة تقوده للجنون، رأي بعينيها قوة غريبة قبل أن تزيل عنها باقي الفستان وتعود لتجلس محلها واضعة ساق على الآخر مردفة:
_ فداك 100 فستان المهم انت دلوقتي مرتاح وحاسس انك اعصابك اهدى ولا محتاج تقلعني الباقي؟!..
حدق بها بذهول وقال:
_ أنتِ بتقولي إيه؟!..
_ بقول ايه بس انا عارفه ان حضرتك متعصب جدا وما قدرتش طبعا تطلع عصبيتك دي على عايدة التعبانة ولا معتز العيل اللي بيرضع فقررت تطلعه على ساره الشريره وانا سبتك تطلع اللي انت عايزه تؤمرني بحاجه تانيه يا سيدي..
يبدو إنها بالفعل اتجهت لشرب المخدرات، تقوده للجنون وليكون صادق وصلت به الي حافته، أقترب من هاتف المكتب وضغط على أحد الأرقام لياتي إليه صوت ضحي بتـ.ـو.تر:
_ والله يا مدام ساره انا حاولت ما ادخلهوش زي ما حضرتك طلبتي بس هو اللي صمم حقك عليا..
_ اخرسي يا ضحى معاكي ربع ساعه وتجيبي لي فستان مقفول على مقاس سارة..
_ أمرك يا باشا، بس الله يبـ.ـارك لك فيها يا باشا الفستان الاولاني اخده انا من ساعه ما شوفتها بيه الصبح وعيني بتطلع قلوب..
أغلق الهاتف وهو يسمع رأي امرأة بجمالها إذن ما رأي الرجال ؟!.. عاد بنظره لها وجدها زادت جمال وفتنة فصرخ:
_ الله ياخدني يا شيخة عشان ترتاحي..
رفع حاجبها بتعجب مردفة:
_ هو انت دايما ظالمني كده، لما انت تموت انا هحرق دم مين ؟!.. حياتي مش هتبقى مسلية خالص ربنا يديك طوله العمر يا محمود..
بتعب جلس على أقرب مقعد، خافت عليه ومع ذلك ظلت بمكانها تتابعه من بعيد، ظل على هذا الحال لعدة ثواني قبل أن يسألها بتعب:
_ مش بتثقي فيا ليه يا سارة ؟!..
أهتزت من سؤاله ومن طريقته، حركت رأسها بتعب وقالت:
_ مين قال لك كده ده أنا وثقت فيك بدل المره 1000 وكل مره كنت بتخذلني، ردت عايدة ليه يا محمود ؟!.. مخبي أنك ردتني ليه ؟!.. ليه كل ما تتحط في اختيار تختار اي حد ان شاء الله البواب وانا لأ ؟!..
سألها برجاء:
_ لو قولت لك ما ردتهاش هتصدقيني؟!..
_ لو كنت قولتها قدامها كنت هصدقك لو كنت قولتها قدام معتز كنت هصدقك انت دايما قدام الناس بتبقى حاجه ومعايا بتبقى حاجه تانيه بتعيشني في احلام وبعد ثواني بالظبط بتفرج عليك من بعيد معاهم بعرف اني عبـ.ـيـ.ـطه وعايشه في مجرد وهم، لو انت فعلا ما رديتهاش قولها قدام الكل، قولهم ان انا دلوقتي مراتك وردتني..
نظر إليها بعجز، صبرت معه كثيرا والان من حقها البسيط معرفة الكل بزواجه منها، التوقيت يسحبه لحافة الهاوية، سألها برجاء :
_ لو قولتلك أصبري عليا شوية كمان هتثقي فيا وتصبري يا سارة؟!..
بحديثه الناعم دائماً يفوز بقلبها، والآن لا يكفي لهنا خضوع، ابتسمت بسخرية قائلة :
_ وده ليه لحد ما عايدة تموت خايف عليها؟!
_ الأعمار بأيد ربنا عايدة مريـ.ـضة بقى لها أكتر من 17 سنة ولسة عايشة، لكن معتز مراهق وحزين محتاج شوية وقت أكسب إبني وبعدين أفهمه الصح من الغلط عايز أصلح لعب عايدة في دماغه ولو قولت إنك مراتي هي هتستغل ده وهخسر معتز للأبد..
ببساطة شـ.ـديد جعلته يشعر بالخوف أومـ.ـا.ت اليه وقالت :
_ خد وقتك براحتك بس يا ريت الفترة دي تبقي بعيد عني بلاش تحسسني إني في السر لمزاجك خليني بنت عمك وبس لحد ما تحس انك قادر تقول للكل إني مراتك..
ربما أرادت تعجزه ربما أرادت أن يرفض طلبها ويقربها منه أكثر حتى لو رغما عنها، أوما إليها بهدوء فدق باب المكتب قام بفتحه أخذ من ضحى الملابس ثم أغلق الباب، أقترب منها ووضع الكيس أمامها مردفا :
_ البسي هدومك بدل ما تتعبي، ولو عايزة تبعدي عني في فترة وجعي لحد ما أحل مشاكلي ماشي يا سارة هعمل اللي يريحك..
_____ شيما سعيد____
بفيلا سارة..
دلفت الخادمة لغرفة ألفت وجدتها تجلس على الفراش وتقرأ بكتاب الله فقالت بهدوء :
_ مدام ألفت مدام حنان تحت محتاجة تقابل حضرتك..
بعد دقائق كانت تقف ألفت أمام حنان، حدقت بها بصمت لتقف الأخرى أمامها بأعين غارقة بالدمـ.ـو.ع ثم قالت بقهر :
_ حشـ.ـتـ.ـيني و أوي يا ماما..
بقلة حيلة وحزن فتحت ألفت ذراعيها لها، حنان مهما فعلت ستظل ابنتها التي تربت على يدها، ألقت نفسها بأحضان زوجة عمها وأم زوجها وبكت حتى شعرت بالتعب من كثرة البكاء، ساعدتها ألفت بالجلوس مردفة :
_ مالك يا حنان ايه اللي عامل فيكي كدة؟!..
_ محمود سابني لوحدي وإنتِ كمان مشيتي مع سارة، والله العظيم يا ماما أنا بحبها زي بنتي وخوفت عليها من خراب بيتها..
طبطبت ألفت على ظهر حنان وقالت بهدوء :
_ مش دايما الخراب بيبقى وحش يا حنان يمكن لو سمعتي كلامي زمان وطلبتي الطـ.ـلا.ق من طاهر مكنش هيبقى ده حالك، ابني لما حس إنك دايما موجودة مهما يعمل ساق فيها، جوزك بقى له أربع شهور وأكتر صـ.ـا.يع من ست لست وانتِ عارفة كدة كويسة لو كنتي بتحبي سارة فعلا مكنتيش تتمنى ليها حياة زي دي..
حركت رأسها بنفي وقالت :
_ عشان بحبها عايزاها تفضل مع محمود، محمود مش طاهر يا ماما لو كان زي طاهر مكنش صبر على عايدة كل السنين اللي فاتت دي..
زفرت ألفت بضيق وقالت :
_ بقى زيه يا حنان، محمود مش شايف وجع سارة شايف وجعه هو بس لو فضلت معاه هتعيش عمرها كله تحت رجل معتز، طاهر ابني الله يسامحه عقد محمود ومحمود مش عايز معتز يحس نفسه احساسه وفي المقابل سارة بس اللي هتطلع خسرانة..
فهمتها حنان وحزنت على ما وصل له ولدها، ربما لو كانت أخذت موقف بالماضي كانت قدر على إنقاذ أولادها محمود الذي يحمل الكثير وطارق التأه ببحر اللامبالاة، ولكن سارة طوق نجاة محمود الوحيد اذا ابتعدت تعلم انه لم يتحمل فقالت :
_ عندك حق بس محمود كمان حفيدك ووجعه يهمك..
_ ده حتة مني يا حنان مش بس حفيدي عشان كدة الأحسن له يبدأ مع واحدة تانية مش واحدة ابنه كان عينه منها وهيفضل طول العمر يكرها..
_ طيب ارجعي معايا البيت من وقت دخول عايدة المستشفى وأنا خايفة لوحدي..
ابتسمت ألفت بحنان قائلة :
_خليكي معايا أنا وسارة هنا بس الأول تعالي نزور عايدة مهما عملت هتفضل حفيدتي..
_ ماشي...
______ شيما سعيد _______
بعد أكثر من ساعتين بشركة علي..
زفر محمود بضيق من صمت صديقه، طلب منه أن يأتي سريعاً وعنـ.ـد.ما آت تحلى الأخر بالصمت، ضـ.ـر.ب على كتف علي بقوة وقال بنفاذ صبر :
_ ما تنطق يا ابني في إيه أنا ورايا مصايب الدنيا هفضل قاعد كدة كتير..
تنحنح علي بتـ.ـو.تر وقال :
_ مهو أنا ساكت عشان أنت عندك مصايب الدنيا ومش عايز ازود همك وفي نفس الوقت الموضوع بوخ أوي ومش هقدر أسكت أكتر من كدة..
حدق به محمود بقلق وقال :
_ قول في ايه يا علي مش هيبقى أكتر من اللي أنا فيه..
أوما إليه علي وقام من محله بخطوات مترددة، أقترب من باب غرفة الاجتماعات وفتحه ثم أشار إليها بالاقتراب، نفت بخوف فأخذ نفس عميق وجذبها إليه بصبر هامسا :
_ أنا جانبك متخافيش واللي احنا بنعمله ده الصح...
تحركت معه ليأخذ من يدها حتى وصل بها أمام محمود، ظل لعدة لحظات يحدق بها بصمت يحاول استيعاب رؤية شقيقته أمامه بعد سنوات من الغياب، قام من محله بتوهان وقال وهو يمرر يده على وجهها :
_ أروى؟!..
قالها بحنين قالها برجاء ان تكون بالفعل أروى، أومـ.ـا.ت اليه بتـ.ـو.تر باشتياق بخوف، فتح يديه لها بنداء يحمل الكثير من الحنين، ألقت نفسها على صدره وبكت بكل قوتها بكت وهي أخيراً تعيش شعور الأمان الذي افتقدته، أغلق يديه عليها وأغلق عيناه، وجودها معه الان وشعوره بها كان شي بعيد.
بعد فترة أبتعد عنها فقالت بقهر :
_ حقك عليا يا محمود سيد طلع زبـ.ـا.لة أنت طلعت صح مكنش عايز غير الفلوس، أنا أتكسرت بعيد عنك بس كنت خايفة أجي أقولك اللي حصل ليا وأنت مش موجود..
ربما قسوته جعلتها تتقبل ما عاشته بعيدا عنه، سقطت دمعة من عينيه وقال :
_ حقك عليا لو قسيت عليكي بس والله العظيم أنا كنت خايف عليكي يا أروى، فضلت أدور عليكي لحد ما عرفت انك أتجوزتي الكـ.ـلـ.ـب ده لو كنت روحت لك وقتها كنت خرجت بروحك في أيدي..
تدخل علي بالحديث وقال بقلق على صديقه :
_ محمود بلاش أنفعال أنت ضغطك مش مظبوط.
علي!! هنا فقط تذكره، ماذا تفعل شقيقته بشركة علي؟!.. رفع حاجبه بتعجب مردفا :
_ أنت تعرف أروى منين؟!..
_ أروى تبقى السكرتيرة بتاعتي من فترة ولما شوفت إسمها سألتها عنك قالت مجرد تشابه أسماء، بعد فترة لما عرفت إننا أصحاب قالت إنها أختك وبنكم مشكلة فأنا طلبت منها تواجهك الهروب مش حل ووو..
بقوة قال محمود :
_ وايه قوة العلاقة اللي بين سكرتيرة ومديرها عشان تحكي له مشاكل شخصية بالشكل ده؟!..
نظر إليها علي لعله يأخذ منها العون حتى يكمل كذبته وبالفعل تدخلت قائلة :
_ علي طلب أيدي للجواز يا محمود وكان لأزم أقول له الحقيقة وقتها..
بعيون مثل الصقر ظل نظره على صديقه وقال :
_ الكلام ده بجد يا علي؟!
_ أيوة أروى طول فترة شغلها معايا وهي ست محترمة مش هلاقي ست أحسن منها تشيل أسمى وتبقى أم أولادي..
نظر إليها محمود وقال :
_ فين الزفت اللي أنتِ متجوزاه؟!..
نظرت لعلي تلك المرة تطلب منه العون فقال بسرعة :
_ أتطلقت منه من شهرين وشوية، قبل ما تيجي تشتغل في الشركة عندي...
يوجد بتلك الحكاية حلقة مفقودة، أوما لهما بهدوء ثم جذب أروى إليه مردفا :
_ هاتي حاجتك ويلا بينا على بيتك تلمي هدومك وتيجي تعيشي عندي..
بلهفة تعلقت بيده مثل الطفلة الصغيرة وقالت برجاء :
_ أنت سامحتني يا محمود صح؟!..
_ في بيتنا نتكلم يا أروى..
_ بس أنا مينفعش أدخل قصر علام أنت عارف بابا ووو.
صمتت بإشارة من يده وقال :
_ في بيتنا نتكلم يا أروى..
صمتت وقبل أن تخطو خطوة معه قال علي بلهفة :
_ محمود استنى أنت موافق بجوازي منها صح؟!..
اه منك يا علي، لماذا سأله عن قبوله فهو الآن غير قادر على المناقشة، نفي بهدوء وتحرك فذهب علي خلفه مردفا بذهول :
_ معنى كدة إيه أنت موافق يا محمود قولي موافق يا علي عشان أرتاح..
_ لأ يا علي مش موافق ولو أنت أخر راجـ.ـل في الدنيا كلها مش هسلمك أختي بأيدي..
تركه بذهوله وأخذها وهي الأخرى بحالة من عدم الاستيعاب وذهب، ألقى علي بحسده على أقرب مقعد مردفا :
_ ده رفضني!!!
_____ شيما سعيد _____
بفيلا سارة..
عادت بعد إنتهاء عملها، دلفت لغرفة المعيشة وجدت جدتها تجلس مع حنان ويبدو عليها الحزن، رفعت نظرت إليها بقلق وقالت :
_ مالك يا تيتا شكلك حزين كدة ليه؟!..
_ عايدة تعبانة أوي يا سارة لما روحت لقيت الدكاترة مانعين الزيارة..
لتكون صادقة ليس بداخلها ولو جزء صغير من الشفقة على عايدة، فقالت بهدوء :
_ مفيش داعي تقلقي جوزها وابنها جانبها وهتبقى بخير..
بخجل نظرت إليها حنان قائلة :
_ مش هتسلمى عليا يا سارة؟!..
تحمل بداخلها القليل من الحزن منها ولكن تعلم انها مثل أي أم لا ترى سوا ولدها، ابتسمت إليها بهدوء وقالت :
_ لأ إزاي يا طنط البيت نور..
_ ينفع أقعد في بيتك يا سارة يومين أصلي بصراحة بخاف أنام لوحدي؟!..
ما هذا كيف أن تكون بهذا الانكسار، بحنان طفلة صغيرة ضمتها سارة سريعاً مردفة بعتاب :
_ إيه اللي حضرتك بتقوليه ده؟!.. ده بيتك زي ما هو بيتي وأكتر كمان ايه رايك بقى انك هتنامي جانبي كمان..
ضمتها حنان بمحبة فدلفت الخادمة وقالت :
_ محمود بيه برة قالي استأذن من مدام سارة عشان يدخل..
تعجبت حنان والفت فأبتسمت سارة بسخرية مردفة :
_ قوليله يدخل وأعملي قهوة..
دلف بعد ثواني ومعه أروي، صدم من وجود والدته ونظر لاروي الصامتة ثم زفر بضيق مردفا :
_بتعملي إيه هنا يا ماما؟!..
قالت ألفت :
_ هتعيش معانا هنا يا محمود.
هذا ما كان ينقصه، ألف مصيبة فوق رأسه ومطلوب منه حلهم، أشار لشقيقته ثم قال عينيه على والدته :
_ أروى طاهر علام..
توقع صريخ والدته رفض ما قاله الا إنها ظلت صامته فقالت ألفت بغضب :
_ أنت بتقول ايه بالظبط يا محمود ومين البنت دي؟!..
بهدوء ساعد أروي بالجلوس ثم قال:
_ الله يخليكي مش وقت صـــدمــه بلاش تحسسيني إبن إبنك طول الوقت كان قاعد على سجاده الصلاة، كلكم عارفينه بيعمل ايه بالظبط وكلامي واضح أروى تبقى اختي ومكانها هنا في بيتي..
كانت سارة تتابع الحديث بصمت، وضعت يدها على بطنها وكأنها تري القادم من بعيد، أقترب محمود من والدته وقال بحنان:
_ أنا متاكد انك دلوقتي موجوعة بس أروى ملهاش أي ذنب في اللي حصل غير ان هي كانت نتيجه غلط جوزك وانا مش هخليها تدفع التمن اكتر من كده..
أومـ.ـا.ت إليه حنان بتعب:
_ وانا ما طلبتش منك تخليها تدفع التمن، ده بيتها وبيت اخوها، مش هقدر اقولها إني هبقى امها بس كمان مش هكون عدوتها عن اذنكم هطلع ارتاح شوية..
خرجت من الغرفة فقالت أروي بتـ.ـو.تر:
_ محمود أنا مكنتش عايزة اقلب حياتك بالشكل ده انا عندي بيت ممكن ارجع اعيش فيه عادي..
تنهد بتعب وقال:
_ قولت للخدامه تحضر لك اوضه اطلعي ارتاحي يا اروى عشان لسه في بيننا كلام كتير ما تقالش..
نفذت طلبه فهي بأشـ.ـد الحاجة للقليل من الراحة، فقالت ألفت:
_ ايه الحكايه يا محمود البنت شكلها كبيرة وبعدين طاهر يعرف بيها ولا لا؟!
أنفجر محمود بغضب:
_ وهو من امتى ابنك كان بيهتم بحد ولا فارق معاه ايه اللي بيحصل ولا ايه اللي ما بيحصلش؟!. طول عمره اناني اهم حاجه عنده نفسه، ايوه عارف بيها ومن سنين ورفض حتى يكتبها بــــاسمه انا كتبتها بــــاسمه غصب عنه، لو عايزه تعاتبي حد او تتكلمي مع حد يبقى ابنك مش انا لاني خلاص جبت اخري ومش قادر اتحمل اكتر من كده، انتوا فاكريني إيه جبل؟!.. انا بني ادم..
جذب سارة بغضب وصعد بها لغرفة نومها، أغلق الباب عليهما وقال:
_ ناويه تاخديني في حـ.ـضـ.ـنك وتخليني انام ولا دي كمان ممنوع لحد ما الكل يعرف..
لو بيدها لأخذته بأحضانها وحملت عنه وجع العالم، لكن بكل أسف هو من بني هذا السور بينهما، حركت رأسها مردفة:
_ محمود أنت تعبان واي كلمه انا هقولها دلوقتي هتزود تعبك، لو محتاج ترتاح السرير اهو اتفضل نام عليه وارتاح لكن انا مش هكون المخده اللي تنام عليها..
أومأ إليها بتعب ثم أقترب من خزانة الملابس وسحب منها أحد ملابسها ثم ألقي بجسده على الفراش ووضع منامتها على وجهه مردفاً:
_ اطلعي وأقفلي الباب وراكي..
خرجت من غرفتها وهي تضغط على شفتيها تحاول منع دمـ.ـو.عها، دلفت للغرفة المجاورة ووقفت أمام المرايا ويدها تحاوط بطنها:
_ كل يوم بيعدي بيخليني اتاكد انك ما ينفعش تيجي الدنيا انا وأنت مهما حاولنا هنفضل على هامش حياة محمود، وممكن في يوم من الايام تبقى زي اخته كده مش معترف بيك أصلا، اللي هعمله غلط والاكيد انه حـ.ـر.ام بس ما فيش بأيدي حاجة تانيه اقدر اعملها انا مش عايزاك تطلع زيي تفضل عيش عمرك كله منبوذ، صدقني يا قلب ماما أمك حتي مش قادرة تدافع عن نفسها هدافع عنك أنت ازاي ؟!.. سامحني يا حبيبي وادعي لربنا يسامحني..
رفعت هاتفها وقامت بإرسال رسالة للخادمة ثم أغلقت الهاتف وانهارت بالبكاء...
____ شيما سعيد ______
بصباح اليوم التالي..
في السادسة صباحاً..
صعدت سارة بأحد سيارات الأجرة ومعها الخادمة، حدقت بها بخوف مردفة:
_ أنتِ متأكدة ان الدكتوره دي كويسه يا حليمة؟!..
أومـ.ـا.ت حليمة وقالت:
_ والله الدكتوره حلوه أوي والحارة عندنا كلها بتشكر فيها، ما وافقتش تعمل العمليه دي غير عشان خاطري بس فكري تاني يا ست هانم خطوه زي دي كبيره ومحمود بيه..
أشارت إليها سارة بالصمت وقالت:
_ مش عايزة كلمة زيادة لحد ما نوصل..
نفذت حليمة طلبها أما هي وضعت يدها على بطنها وبكت بهزيمة، بداخلها شعور قوي بالرفض، تتمني لو تتركه يكبر بداخلها وتأخذه بعيدا عن الجميع..
وقفت السيارة أمام عيادة الطبيبة فنزلت سارة بجسد مرتجف فقالت حليمة:
_ ست ساره لو خايفه وحاسه انك مش قادرة يلا نروح..
ضغطت سارة على كف حليمة وقالت:
_ هبقي كويسة كدة أحسن كتير..
على بعد عدة أمتار كان يقف أحد رجال محمود، تابعها وهي تصعد لهذا المبني فأقترب من احدي السيدات مردفاً:
_ الا قوليلي يا حاجه البيت ده بتاع مين؟!..
نظرت للمراه الى محل اشارته وقالت:
_ دي دكتوره نسا يا ابني بس مش اي دكتوره شغلها كله شمال من تسقيط لعمليات تانيه كده أستغفر الله العظيم..
أبتعد سريعاً وقال بالاتصال على محمود مرة والثانية والثالثة حتي وصل إليه صوت محمود النائم:
_ في ايه يا بني ادم هو في حد يرن على حد الساعه 6:30 الصبح عايز ايه؟!..
_ اسف يا باشا بس الموضوع ما ينفعش يتأجل مدام ساره حاليا في شقه غريبة، سالت واحده من الجيران قالتلي ان دي عياده دكتورة نساء بتعمل عمليات مشبوهه زي الترقيع والاجهاض...
انتفض جسده من فوق الفراش وعقله يردد جملة واحدة " سارة تقطع آخر خيط بينه وبينها " متي خرج من المنزل ومتي وصل لسيارته لا يعلم، صرخ برعـ.ـب:
_ قولي العنوان بسرعة..
_ العنوان*****
_ ادخل جوا وقف إللي بيحصل لحد ما أوصل لك..
أغلق الهاتف وقال بتوهان:
_ ليه يا سارة ليه ؟!..
بعد عشر دقائق وصل أسفل العقار، صعد وهو يأخذ أكثر من ثلاث سلالم معانا، دلف للداخل ليجدها نائمة بعدما المخدر، صرخت الخادمة برعـ.ـب:
_ والله العظيم يا باشا ما حصل لها حاجه هي بس نايمه والدكتوره ما قربتش منها ولا من ابنك..
_ إبني ؟!..
_____ شيما سعيد _____
↚
بالمساء بعروس البحر المتوسط..
بشالية خاص بعائلة علام..
فتحت سارة عينيها بصداع، وضعت يديها حول رأسها تحاول تذكر ما حدث معها، الخادمة، الطبيبة، جنينها، وضعت يدها على بطنها بهلع لتسمع صوته الساخر بجوارها :
_ مـ.ـا.ت ربنا يجعلها أخر الأحزان..
انتفضت، رفضت، بكت، نـ.ـد.مت، مشاعر كثيرة ضـ.ـر.بتها دفعة واحدة من مفعول جملته، رفعت عينيها إليه لا تعلم لما أرادت سماع إن جنينها بخير رغم ما فعلته، كان يجلس على المقعد المقابل لها واضعا ساق على الآخر ثم قال :
_ أكيد دي دمـ.ـو.ع الفرح مهو اللي كان بيربط بينك وبين محمود الوحش مـ.ـا.ت..
رأي بعينيها نظرة عتاب وكأنها ترمي عليه اللوم وهذا ما قالته بنحيب :
_ أنت السبب في موت إبني أنت السبب في كل حاجة لأنك ضعيف زي أبوك بالظبط ويمكن أبشع منه..
ماذا قالت؟!.. وكيف قدر لسانها على هدم أخر ما بينهما؟!.. حدق بها بذهول ثم أشار على صدره مردفا :
_ أنا السبب؟!.. ليه قولتلك خبي عليا حملك وروحي أمشى ورا خدامة الله أعلم معاكي والا عليكي، أنا اللي قولتك أقـ.ـتـ.ـلي روح مالهاش ذنب في أي حاجة غير ان واحدة غـ.ـبـ.ـية زيك أمها؟!..
نظرت إليه بأعين غارقة بالدمـ.ـو.ع ثم قالت :
_ كنت عايزني اسيبه يعيش مع اب رافض يقول للناس إنه متجوز أمه؟!.. كنت عايزني أجيب طفل الدنيا عشان يعيش منبوذ زي أروى أختك..
_ أخرسي يا غـ.ـبـ.ـية أنتِ مراتي على سنة الله ورسوله مش محتاجة اي أثبات عشان أعترف بابني، وبعدين هو أنتِ شايفني زبـ.ـا.لة لدرجة اني معترفش بحتة مني؟!..
حركت رأسها بضياع وقالت :
_ أنت مش شايف غير معتز وعايدة عارفة كدة وبتضغط عليك بيه وأنت بتعمل أي حاجة وكل حاجة عشانه، أنا مش في حساباتك حتى لو بتحبني زي ما بتقول الحب محتاج قوة تحميه وأنت رغم كل قوتك دي ضعيف وعاجز..
قالتها للمرة الثانية وكأنها تود إثباتها عليه، كان حقاً مذهول يراها لأول مرة ويري نفسه بعينيها للمرة الأولى، أوما إليها بقوة مردفا :
_ لو كنت راجـ.ـل ضعيف كان أقل رد مني على كلامك وافعالك علقة موت تقعدك في المستشفى شهرين تلاتة، بس أنا عشان راجـ.ـل مش هعمل كدة، معتز ده ابني حتة مني مش جايبه من الشارع عشان تبقى مشاعره ولا حاجة بالنسبة ليا، كنت فاكرك هتقفي جانبي لحد ما نعدي الصعب سوا وتكوني واثقة في حبي، بس أنتِ اللي عيلة صغيرة معندهاش لا خبرة ولا مخ بتتصرفي بغباء ومش شايفة غير نفسك..
صرخت به مردفة :
_ أنت مستخسر فيا أشوف نفسي؟!.. ده حقي طالما على هامش حياة الكل ومحدش مهتم بيا ولا بوجعي يبقى من حقي أخاف على نفسي..
ضـ.ـر.ب كفيه ببعض بقوة ثم أقترب منها مردفا بسخرية :
_ من حقك تخافي على نفسك برافو، وكان مين اللي هيدفع التمن إبني اللي لسة مشافش للدنيا نور.
_ تقدر تقولي مشاكلك كانت هتتحل امتي لما بطني تبقي قدامي مترين والكل يقولي منين، وطبعا البيه هيبقى خايف على مشاعر معتز الأحسن ليا اتحمل الفـ.ـضـ.ـيحة لوحدي لحد ما معتز أعصابه تهدي..
يكفي لهنا أي كلمة ستقال ستبني بينهما حائط جديد ربما يستحيل هدمه، أخذ جكيت بذلته وقال :
_ ظلم بظلم أنتِ ممنوعة تخرجي من هنا لحد ما تولدي، معاكي عزيزة هتبقى تحت أمرك والحرس على الباب حدودك الشالية أي خطوة برة ممنوعة، موبايلك في ايدك اعملي بيه اللي أنتِ عايزاه بس نصيحه مني يا سارة لو سألتك جدتك او أي حد أنتِ فين فانتِ بتصيفي خلينا حلوين مع بعض للآخر وا عـ.ـر.في كويس ان أنتِ اللي وصلتينا هنا، لان اللي زيك لا يؤتمن يبقى حر المرة دي لحقته يا عالم المرة الجاية ممكن تعملي إيه؟!..
_____ شيما سعيد _____
بعد يوم طويل مرهق عاد محمود لقصر علام وهو يعلم انه خالي من أفراد العائلة، وجد علي يجلس بانتظاره فزفر بضيق مردفا:
_ وبعدين في اليوم اللي مش عايز يخلص ده؟!.
جلس على الأريكة المقابلة لمقعد علي وقال:
_ جاي ليه بالليل كدة ؟!..
أجابه الآخر بغضب:
_ أنا هنا من 8:00 الصبح بس أنت اللي مكنتش موجود..
_ وسايب شغلك واللي وراك وقاعد هنا من 8:00 الصبح لوحدك تعمل ايه يا علي؟!..
_ ما تبطل برود يا جدع انت، أنت عارف انا هنا ليه يا محمود رفضت جوازي من أروي ليه ؟!.. شايفني مش قد المقام ولا ما ينفعش اناسب محمود باشا علام؟!..
تنهد محمود بضيق ثم قال بقوة:
_ بلاش تخريف يا علي وبلاش كلام خلينا نخسر بعض، أنت عارف كويس قوي انا مش موافق على الجوازه ليه..
حرك رأسه بنفي وقال:
_ لأ يا محمود مش عارف أنت مش موافق ليه؟!.. انا كنت فاكر انك هتبقى مبسوط بس طلعت بالنسبه لك ولا حاجه لدرجه انك مش عايز تحط ايدك في ايدي..
نظر إليه محمود بحدة وقال:
_ هو انا مش قولت لك بلاش كلام يخلينا نخسر بعض، عايز تعرف انا مش موافق ليه؟!.. لانك بتغير الستات زي الشرابات أنت ما تقدرش تعيش مع ست أكتر من اسبوع واللي انت جاي تطلبها دي اختي اللي شافت هم الدنيا كله والمفروض اني اعوضها مش اديها لك عشان تكمل عليها، تحطها في البيت زي الاباجوره وتطلع تتصرمح أنت براحتك، علي خلي اللي بينا اقوى من النسب والحاجات اللي ممكن تخسرنا بعض...
محمود محق هو صاحب ماضي أسود يجعل الجميع يخشي خوض التجربة معه، قام من مكانه وقال بقوة:
_ عندك حق تخاف وتشك بس انا بحبها يا محمود، أنت أكتر واحد عارف الحب بيغير البني ادم ازاي مش هسيبها وهفضل العمر كله مستنيها لو ده هيثبت لك اني بحبها، انا همشي دلوقتي لكن عايزك تفهم حاجه واحده بس ان أروى هتبقى مراتي وام ولادي حتى لو اتجوزتها واحنا عندنا 100 سنه..
ذهب علي فأخذ محمود نفسه بتعب وأخرج هاتفه وقام بالاتصال على جدته، قبل أن ينطق بحرف وصل إليه صوتها الغاضب:
_ سارة فين يا محمود ؟!..
أجابها بقوة:
_ امتحاناتها خلصت من أسبوع فسافرت تغير جو..
_ يا سلام أنت فاكرني يا عبـ.ـيـ.ـطة عشان اصدق الكلام الاهبل اللي أنت بتقوله ده، عملت ايه في البنت يا محمود؟!..
حرك عنقه يميناً ويساراً بإرهاق وقال:
_ رني عليها لو قالت لك غير اللي انا قولته ابقي حاسبيني يا الفت هانم وسلام دلوقتي عشان أنا تعبان..
أغلق الهاتف بوجهها ثم قام بخطوات ثقيلة لغرفة مكتبه، فتح اللاب توب الخاص به ليجدها عبر الكاميرات تنام على فراشها وتضم وسادتها إليها فقال بحزن:
_ حقك عليا يا حبيبتي بس أنا خايف منك ومش عارف لو اديتك ضهري في وسط الزحمه اللي انا فيها دي كلها ممكن تعملي في نفسك ايه ولا في ابني ايه.. اخلص من القرف اللي حواليا ده كله عشان اقدر يبقى كل تركيزي عليكي بس وهرجعك لحـ.ـضـ.ـني تاني..
حمل اللاب توب ونام على الأريكة الموضوعة بغرفه المكتب ثم وضع اللاب توب على بطنه وظل يشاهدها حتى ذهب هو الاخر بالنوم..
_____ شيما سعيد _____
بعد يومين..
بلندن..
دق باب منزل طاهر كان يعلم هوية الطارق فقام بخطوات سريعة حتى وصل للباب فتحه ووجد ولده الكبير يقف أمامه بملامح يفوح منها التعب والإرهاق، افسح له مساحة يستطيع الدخول منها، دلف محمود واغلق الباب خلفه ثم القى بجسده على اقرب مقعد فقال طاهر بقلق:
_ قولي مالك يا محمود من وقت ما اتصلت بيا عشان تعرف مكاني وانا مش مطمن، أنت فيك ايه بالظبط شكلك بيقول انك تعبان حنان حصل لها حاجه؟!..
نظر اليه محمود بسخريه ثم قال:
_ وانا وحنان نفرق معاك في ايه يا بابا؟!.. مراتك بقى لك اكتر من خمس شهور ما شفتهاش، حملك وحمل عيلتك كله حطه على دماغي، جاي دلوقتي تقولي شكلك تعبان ما انا لازم اتعب عشان انا بني ادم مش جبل..
جلس طاهر بجواره، ولأول مرة يشعر بأن محمود تعب من دور الكبير، يعلم من البداية إنه أب وزوج فاشل ولكنه أعتاد على وجود محمود محله، أبتلع ريقه مردفاً:
_ أول مرة تشتكي من وقوفك في ضهري يا محمود، اول مره اشوف في عينك نظره عتاب او احس اني قليل قدامك..
ضغط محمود على رأسه بتعب ثم قال:
_ عشان انا مش واقف في ضهرك يا بابا انا واقف مكانك، بص مش جاي لا الومك ولا اعاتبك ولا اتكلم معاك في اي حاجة، أنت كبير كفايه انك تعرف الصح من الغلط، كل اللي بطلبه منك أنك تبقي جانبي الأيام دي محتاج لك، محتاج لحد يقف في ضهري واحس اني مش لوحدي، هترجع وتقف جنبي ولا مش هتقدر؟!....
كان سؤال مغلف برجاء كبير، شعر به طاهر ففتح ذراعيه لولده الذي كان ينتظر هذا العناق بلهفة، القى بنفسه على صدر والده وأغلق عينيه بالقليل من الراحة فقال طاهر:
_ تعالي أدخل ارتح يا محمود وبعدين ننزل مصر..
بشعور طفل صغير بالأمان أومأ إليه وسار معه للداخل مردفاً بطاعة:
_ ماشي..
_____ شيما سعيد ______
بدأت تمر الأيام ومحمود يتابع سارة يوما بعد يوم عبر الكاميرات ويذهب إليها كل يومين تفتح إليه الخادمة لينام على الأريكة المقابلة لفراشها ويرحل قبل أن تستيقظ، بمرة من المرات رآها بالكاميرة تسأل عزيزة بشك:
_ أنا عايزة أفهم حاجه ريحه البرفان اللي بصحى كل يوم الاقيه مليان الاوضه ده جاي منين بالظبط واياكي تكدبي عزيزه..
إجابتها الأخري بتـ.ـو.تر:
_ ريحه ايه بس يا ست هانم وانا اعرف منين؟!.
_ يعني محمود مش بيجي هنا؟!..
_ وهو يعني هيلبس طاقيه الاخفاء يا ست هانم ما هو لو بيجي هتشوفيه وتسمعي صوته..
زفرت بضيق وقالت:
_ ماشي روحي اعملي ليا قهوة..
تحركت عزيزه للخارج فضـ.ـر.بت سارة على رأسها مردفة:
_ لا بيجي لك ولا عايز يشوفك ولا بيفكر فيكي أصلا بطلي اوهام بقى وتخيلات وخلي عندك دم..
بالخارج ردت عزيزة على اتصاله بتـ.ـو.تر فقال:
_ ما تتكلميش عشان ما تحسش ان انا اللي بكلمك، بلاش تعملي قهوه المشروبات الوحيدة المسموح للهانم تشربها هما اللبن والعصيرات غير كده هحاسبك أنتِ مفهوم؟!..
_ أمرك يا باشا..
دقائق ودلفت لها باللبن فنظرت إليها سارة بغضب مردفة:
_ إيه ده ؟!..
بسرعة البرق قالت الأخري:
_ ده لبن يا حبيبتي مفيد ليكي وللبيبي القهوة غلط على البيبي..
_ بجد غلط ؟!..
_ أيوة طبعاً..
_ طيب خلاص هاتي اللبن..
بمساء نفس اليوم قررت تلبيت نداء قلبه وقلبها وذهب اليها وجدها تجلس بالحديقه فاقترب منها مردفا :
_ قاعدة هنا ليه الجو ساقعة في الوقت ده؟!..
لفت وجهها إليه ليعلم إنه أشتاق بجنون لرؤية عينيها، كان يبتعد عنها حتي لا يزيد الأمر سوء بينهما، حرم نفسه من جمال عينيها والآن رأي نعيمه، كانت ذابله بها الكثير من العتاب، فقال:
_ ما تبصليش كده يا سارة اللي أنا عملته ده عشان خايف عليكي ومش عارف ممكن تعملي إيه في غيابي..
_ اللي أنت عملته ده عشان خايف على نفسك مش عليا ويا ريت ما تجيش هنا تاني لأني مش طايقاك ومش عايزه اشوفك..
جذبها بغضب مردفاً:
_ أنتِ اللي مش طايقاني ومش عايزه تشوفيني؟!.. هو أنتِ مش واخدة بالك انك كنتي ناويه تموتي ابني؟!.. انا بحاول انسى المصيبه دي وبقول أنك عيلة صغيرة وخايفه ومش فاهمه لو اتعاملت معاكي على انك عاقله وكبيره كنا هننتهي يا سارة...
نظرت داخل عينيه بقوة قائلة:
_ وأنا بقولها لك اهو أنا كبيرة وفاهمه وواعية، وكنت عايزه اخلص من آخر حاجة ممكن تربطني بيك ومش عايزه أشوفك تاني خلي عندك دم بقى..
بالفعل ذهب ومن بعدها ظل يتابعها من بعيد حتى آت موعد متابعتها مع الطبيبة، ذهب إليها رآها تجلس على الأريكة ومعها كتاب تقرأه بتركيز فقال بجمود:
_ قومي البسي عشان اطمن على البيبي..
أصبحت تراه فقط مرة واحدة بالشهر حتي يطمئن معها على صغيرته، يأخذها بصمت ويعود بها بنفس الصمت..
لتمر خمسة أشهر يتابعها عبرة الكاميرات ويهتم بتفاصيلها بمساعدة الخادمة وبنفس الوقت يتابع تحضيرات عملية عايدة ....
_____ شيماء سعيد _____
نهاية الفلاش باك..
بغرفة سارة..
طردت عزيزة، وبعد أقل من ساعة بدأت تشعر بأشياء غريبة، ألم يأتي لعدة لحظات وبعدها يختفي، لتمر ساعة أخري وتصبح حركتها تؤلمها أكثر همست بتعب:
_ كان لازم يعني اقول لعزيزه تمشي مش قادرة أقوم من مكاني طيب أتصل على تيتا، لأ لأ مش هتقدر تعمل ليا حاجة..
حاولت التحرك حتي لو حركة خفيفة حتى تصل لهاتفها الموضوع على الطاولة المجاورة للفراش، خرجت منها تنهيدة تكتم بها صرختها المتألمة، سحبت الهاتف سريعاً وقامت بالاتصال عليه ثلاث مرات ففتح أخيراً الهاتف مردفا بغضب:
_ في إيه طالما مش برد أبقى قاعد مع العيلة بترني ليه..
_ مهو أنا كمان من العيلة دي وبنت عمك يا أبية وإلا نسيت..
تنفس محمود بغضب قبل أن يمسح على خصلاته مردفا:
_ أكيد مش رانة عشان الكلام الفاضي ده اخلصي..
أرتفعت شهقاتها وهي تلعن نفسها على زواجها منه، ما هذا الحب الأعمى الذي جعل منها أداة للتسلية مع رجل متزوج ولديه فتى أصغر منها بعدة سنوات، لم تتحمل أكثر وهي ترى مائها يتساقط من بين ساقيها مردفة:
_ الحقني أرجوك أنا بولد..
_ إيه..
قالها بخوف شـ.ـديد عليها فأكملت هي حديثها:
: أنا خايفة وأنا لوحدي يا محمود أرجوك تعالى قبل ما إبني يحصل له حاجة..
توقف به الزمن لعدة لحظات وهو ينظر لعايدة التي تستعد لدخول غرفة العمليات، وبين حبيبته التي تبكي له برجاء حتى لا يتركها بمفردها وبين هذه وتلك هو يقف عاجزا، وصلت إليه صرخة سارة القوية أسقطت قلبه أرضا فقال بلهفة :
_ سارة إنتِ قوية وأنا جانبك أتحملي نص ساعة وهتصرف..
ارتفعت شهقاتها أكثر وعضت على أسنانها من الوجع، قدرتها على التحمل انتهت فأغلقت عينيها بــــاستسلام كبير هامسة بنبرة بدأت تختفي شيئا فشيئا:
_ لو موتت هيبقى ذنبي في رقبتك ولو قومت منها حسابنا مع بعض هيبقى طويل يا أبيه..
تود أن يتحدث أن يقول أي كلمة تبرر موقفه، أتى صوت والده الغاضب :
_ سيب الموبايل ده وشوف مراتك عايزة تكلمك قبل ما تدخل العمليات..
أغلق الهاتف معها ورأسه تكاد تنفجر، نظر الي والده مردفا :
_ بابا اتصل بالمستشفى بتاعتنا في اسكندرية وخليهم يروحوا الشاليه اللي هناك فورا مع دكتورة نسا وتوليد..
رفع والده حاجبه بتعجب مردفا :
_ مين اللي في الشالية يا محمود..
_ محمووود..
صرخة قوية من عايدة جعلته يفقد المتبقي من أعصابه، سارة الآن وحيدة وقلبه معها، لو حدث لها شيء.... لا لا يستحيل أن يحدث، قال لوالده بنبرة حادة قبل أن يدلف للأخرى :
_ سارة اللي موجودة في الشاليه واللي جوا بطنها إبني..
حدق به طاهر بذهول، سارة ابنة أخيه تحمل بأحشائها طفل من ولده؟!.. كيف هذا وأين كان هو؟!.. أقترب معتز من محمود الواقف على باب الغرفة مردفا :
_ هو حضرتك هتفضل واقف كدة ماما منهارة وعايزة تشوفك..
الله يلعنها، عاد بنظره لوالده وقال بغضب :
_ أتصرف يا بابا..
أوما إليه طاهر بتوهان أما هو دلف لغرفة عايدة بمفرده، وقف أمامها وجدها تحدق به وتبكي فقال :
_ أدخلي العمليات يا عايدة وكفاية دلع..
_ أنا خايفة يا محمود ومش برتاح الا أنت جانبي..
خائفة ومعها الجميع ما حال سارة وكيف تتحمل وجعها، يحترق العالم بما فيه ليبقى بجوارها، خرج من الغرفة وهو يركض للخارج بكل قوته لو بيده لسبق الرياح، يسمع صراخات عايدة نداء معتز حتى رنين اسمه من والده، ترك الجميع خلفه واتجه للمطار، رفع هاتفه ليتم تحضير طائرة خاصة تذهب به لأرض الإسكندرية الآن وبعدها قام بالاتصال على أروى التي قالت بقلق :
_ هنسافر إسكندرية نعمل إيه يا محمود؟!..
_ مش وقت كلام يا أروى سارة هتروح مني..
عندك سارة..
ألمها بدأ يخف يأتي دقائق ويذهب دقائق أخرى حتى مائها تنزل على مراحل، حاولت أخذ نفسها وشعرت بالقليل من الأمان مع عودة الخادمة، أقتربت منها بلهفة مردفة :
_ لما حضرتك تعبانة ليه حلفتي أسيبك لوحدك محمود بيه أتصل بيا وهيقطع عيشي..
حدقت بها بضياع تتمنى لو تقدر على أغلاق عينيها ولكن كيف سيكون حال صغيرتها لو فعلت ذلك.؟.. حركت شفتيها بتعب مردفة :
_ الحقيني يا عزيزة أنا تعبانة أوي..
ابتسمت إليها الأخرى مردفة :
_ ده أنتِ زي الفل والبكرية بتأخد وقت طويل أهدى وخدي نفسك طالما الوجع لسة بيروح وييجي يبقى لسة بدري ومتخافيش الإسعاف على وصول..
لم تنتهي من الجملة ووصل لهما صوت سيارة الإسعاف لحظات معدودة وكانت سارة بداخلها متجهة لمشفى علام..
وضعت بغرفة مجهزة على أعلى مستوى بجوارها عزيزة التي قالت :
_ مش قولتلك البكرية بتأخد وقت..
يا الله لا يكفي نفيه لها كعقاب أعطي لها تلك الكارثة على شكل خادمة، أغلقت عينيها بتعب مردفة :
_ أبعدي عني يا عزيزة أنا تعبانة..
بعد مرور نصف ساعة..
دلف إليها وخلفه أروى، أهتز جسده وهو يراها ضعيفة خائفة متألمة، رأته أمامها وبلحظة سمحت لنفسها بالبكاء، طفلة صغيرة تاهت بشوارع غريبة عنها وأخيراً رأت والدها لتشعر إنها وصلت لبر الأمان هذا كان حالها، جلس على أرضية الغرفة بجوارها وقال بحنان :
_حبيبتى..
رفضت بحركة سريعة من رأسها، حرمها من حنانه أشهر والآن يضحك عليها، أشاحت بوجهها بعيدا عنه فأشار لأروي وعزيزة بالخروج، بأحد أصابعه حرك وجهها إليه مردفا :
_ حقك عليا..
يا ليت العتاب والاعتذار يغير ما مرت من مشاعر، عاد وجعها لتصرخ بقوة انتفض جسده على أثرها، فقال بهلع :
_ حاسة بأيه يا حبيبتي استنى اجيب الدكتوره ..
ضغط على زر بجوار الفراش وقام جلس بجوارها على الفراش، ضم جسدها لصدره وهو يشعر بأرتجافها بين يديه، دلفت الطبيبة ومعها ثلاثة ممرضات فبكت سارة أكثر مردفة برجاء :
_ خليها تطلع برة يا محمود دي بتوجعني أكتر..
وضع قبلة حنونة على خصلاتها المتعرقة وقال :
_ متخافيش أنا جانبك..
وجد الممرضة تقترب منها وتحاول فتح ساقيها فقال بغضب :
_ أبعدي عنها مين سمح لك تقربي منها بالشكل ده؟!..
نفذت أمره بخوف فقالت الطبيبة :
_ أهدى يا باشا ده كشف لعنق الرحم هو بيبقى صعب شوية بس لأزم..
حركت رأسها برفض ثم أغلقت يديها حول عنقه هامسة :
_ عشان خاطري بلاش أنا خايفة أنت مش عارف هما عملوا فيا إيه وأنت مش موجود..
كلمـ.ـا.ت بسيطة ذكرته إنها كانت بمفردها بأكثر أوقاتها احتياجا له، مرر بيده على وجهها بحنان وقال :
_ المرة دي هبقي جانبك ومحدش هيقرب منك غيري..
رفع نظره لطبيبة مردفا بقوة :
_ طلعي اللي معاكي برة أنا هساعدك بدل ما أنتوا عاملين ليها رعـ.ـب كدة..
_ يا باشا محدش عمل لها حاجة الكشف ده فعلا صعب ولازم حد يتحكم فيها..
بنظرة واحده من عينيه أشارت للممرضات بالخروج، فأبتعد عنها قليلا ومازالت يده تضم يدها مردفا :
_ أعملي اللي الدكتورة تقولك عليه ولو حسيتي بوجع عضي على أيدي..
مع زيادة ألم عليها قبل أن تقترب منها الطبيب أومـ.ـا.ت إليه بضعف، أطلقت صرخة قوية مع كشف الطبيبة عليها ليقبل رأسها عدة مرات بأعتذار، بعد دقيقة من العذاب قالت الطبيبة :
_ لسة شوية كمان حاولي تقومي يا مدام تمشى شوية..
زادت دمـ.ـو.عها وقالت :
_ مش قادرة ومش عايزة، عايزة أولد قيصري..
نظرت إليه الطبيبة ونفت الفكرة فأشار إليها بالخروج، مسح على وجهها عدة مرات وقال :
_ تعالي اتسندي عليا نمشي سوا.
_مش قادرة هو محدش حاسس بيا ليه، وبعدين لولا إن ماليش غيرك هنا ولو مشيت هتبقى لوحدي مكنتش خليتك معايا أنا مش طايقاك..
أوما إليها بصبر ومد لها يده مردفا :
_ اعملي فيا كل اللي نفسك فيه بس دلوقتي لأزم أساعدك عشان تيجي فاطمة مش أنتِ بتحبيها ونفسك تاخديها في حـ.ـضـ.ـنك؟!..
نعم تحبها وترغب بضمها، تنتظر رفيقة دربها على أحر من الجمر، وضعت كفيها برجفة بين يديه فقام بمساعدة حتى وضعت ساقيها على الأرض خرجت من شفتيها اه متألمة فقال :
_ معلش أنتِ قدها يلا خطي..
ما أبشع أول خطوة بهذا الثقل المغلف بنيران من الوجع، خطت معه أول خطوة وبكت أكثر ليمسح دمـ.ـو.عها بقبلاته وبدأ يتحرك معها، أرتفعت شهقاتها فقال بحنان :
_ عمرك سمعتي قرآن بصوتي؟!..
لعبة على فضولها ونجح، حركت رأسها بنفي فقال وهو يحثها على أكمال حركتها حتى خرج بها من الغرفة :
_ طيب يلا عشان تبقى أخر حاجة سمعتها حبيبة قلب أبوها في بطن مامتها صوت باباها بيقرأ قرآن..
وضعت رأسها على كتفه بتعب وأخذت نفسها بتقطع ومع تسمع آية الكرسي بصوته العذب.
" بسْم اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ "
دلف بقلبها راحة نفسية جعلتها تنسي ما يحدث بها لعدة لحظات، همس بنبره دافئة:
_ صوتي حلو صح ؟!..
أومـ.ـا.ت إليه بتعب ثم ضغطت على يده بقوة تعجب لها، سألها بقلق:
_ في إيه ؟!.. حاسة بأيه ؟!..
سقطت دمـ.ـو.عها بقوة وحاولت العض على شفتيها لعلها تتحمل إلا إنها شعرت برأس صغيرها تبدأ بطريقها للخارج فصرخت بفزع:
_ بولد أنا حاسة بيها بتطلع مني..
حملها بين يديه فرأته أروي وأخبرت الطبيبة، دقائق وكانت بالداخل وهو معها يده بيدها، نظرت إليه وقالت بأنفاس متقطعة:
_ أنا خايفة..
_ أنا جانبك...
جملة بسيطة بثت بداخلها الامان، مر الوقت عليهما بثقل شـ.ـديد هي تتنفس بصعوبة وتتألم وهو يمسح على وجهها المتصبب عرقا ويدعو لها..
وأخيراً انتهت صرخاتها وات موعد بكاء " فاطمة محمود علام" لتعلن عن قدومها، سلمتها الطبيبة له فحملها برجفة لذيذة وبكي من حلاوتها لا يصدق إنه يحمل نسخة صغيرة من سارة تحمل دمه ولقبه، أخذتها منه الطبيبة ووضعتها على صدر والدتها لتطمئن بسماعها دقات قلبها فقالت سارة بتعب:
_ دي بنتي يا محمود ؟!..
كانت مذهولة فابتسم لها وقبل رأسها ورأس الصغيرة مردفاً:
_ بنتنا يا بسبوسة...
أعطها للطبيبة حتي تعدها للخروج وبعد ثواني كان يحملها فنظر لسارة بخوف مردفاً:
_ هي غمضت عينها ليه ؟!..
_ ما تقلقش يا محمود بيه هي بس واخده مخدر في المحلول عشان نقدر نكمل شغلنا من غير ما تحس بوجع.. خد البرنسيسة الصغيرة واتفضل أخرج..
بخطوات ثقيلة تركها بالداخل وخرج، وجد أروي تنتظره بالخارج ومعالم وجهها غير مفهومة فقال بقلق:
_ مالك يا أروي في إيه ؟!..
_ مش عارفه اقولك ايه يا محمود وبصراحه ما كنتش حابه ان انا اللي هقول لك الخبر ده وخصوصا وأنت فرحان كده ووو ..
_ اخلصي يا أروي في ايه؟!.. مش بكره في حياتي قد المقدمـ.ـا.ت ؟!..
_ عايدة تعيش أنت..
____ شيما سعيد _____
↚
_ مالك يا أروي في إيه ؟!..
_ مش عارفه اقولك ايه يا محمود وبصراحه ما كنتش حابه ان انا اللي هقول لك الخبر ده وخصوصا وأنت فرحان كده ووو ..
_ اخلصي يا أروي في ايه؟!.. مش بكره في حياتي قد المقدمـ.ـا.ت ؟!..
_ عايدة تعيش أنت..
ماذا؟!.. رحلت عايدة عن عالمه؟!.. أخذت معها طفولته وشبابه أخذت معها سنوات عمره، ذكرياته، أقتربت منه أروي وأخذت فاطمة من بين يديه سمحت له بالجلوس على أقرب مقعد، رأي منها الكثير قلة مكانتها بقلبه وربما يكون تمنى موتها بلحظة من اللحظات، ما يشعر به الآن صعب لم يتخيل ذهابها دون وداع لم يتخيل ذهابها من الأساس..
ظل صامت يحدق بزاوية فارغة أمامه وعقله يعيد جملة " عايدة تعيش أنت"، يعيش هو؟!.. خرجت الطبيبة وخلفها فراش سارة فاق وذهب ليراها وجدها نائمة بإرهاق، قاد فراشها بنفسه حتى وصل بها لغرفتها المخصصة، حملها بين يديه ووضعها على الفراش الآخر مردفا :
_ هي هتفضل نايمة لأمتي؟!..
اجابته الطبيبة بهدوء :
_ بالكتير ساعتين تلاتة..
نظر للطبيبة وقال بقوة :
_ عايزها تفضل نايمة لحد بكرا..
_ نعم ؟!..
_ اللي سمعتيه..
صاحب المشفى وحديثه أمر فوق رأسها، أومـ.ـا.ت اليه بهدوء ثم خرجت من الغرفة، دلفت أروي لينظر إليها بخوف مردفا :
_ فاطمة راحت فين؟!..
_ متخافش عليها دخلت شوية الحضانة ساعة أو إتنين وهتبقى معانا.
وضع قبلة حنونة فوق رأس سارة ثم قام من مكانه مردفا :
_ أروي سارة مش هتفوق الا الصبح خليكي جانبها لحد ما أدفن عايدة وأرجع...
_ البقاء لله يا محمود..
حرك رأسه بصمت وخرج من الغرفة، يشعر بثقل يحتل صدره، أخذ نفسه بصعوبة ثم أخرج هاتفه وقام بالاتصال على علي الذي قال :
_ خير مع اني عارف إن مش بييجي من وراك خير..
_ خد أول طيارة رايحة إسكندرية لما توصل إتصل على أروي هتقولك عنوان المستشفى اللي موجودة فيها هي وسارة خليك جانبهم لحد ما أدفن عايدة يا علي..
لم ينتظر سماع رأيه وأغلق الخط، بخطوات سريعة وصل للحضانة ليري ابنته من وراء الزجاج مردفا :
_ شوية صغيرة وهرجع لك أنتِ وأمك يا حبيبة بابا.....
______ شيما سعيد ______
مر الوقت سريعاً ليقف يراها تخرج أمامه من ثلاجة الموتى وهو مهزوز، بلحظة واحدة تذكر يوم ولادتها، أول مرة حملها، أول مرة نطقت إسمه، أول مرة سندت على يده لتخطي خطواتها الأولى، أول كلمة أحبك، أول عناق، أول عتاب، أول غضب، مدللة عائلة علام الآن جثة بداخل ثلاجة قرب يده ومررها على وجهها مردفا بعدما سقطت من عينيه دمعة حزينة :
_ ليه كدة يا عايدة؟!.. مكنتش عايز تبقى دي النهاية، كان نفسي تموتي في حـ.ـضـ.ـني زي ما وعدتك زمان، كان نفسي يفضل بنا الحب القديم والذكريات الحلوة، سامحيني يا عايدة لو قصرت معاكي وأنا والله العظيم مسامحك، هفتكر الحلو بس يا أم معتز والوحش اللي حصل في الاخر هعتبر إنه وهم مني، كنت بحبك يا عايدة أوعدك يفضل ليكي مكانة في قلبي مكانة تليق ببنت عمي وتربية أيدي وأم إبني..
ظل يتأمل ملامحها وهو غير مصدق، هل هذا إلقاء الأخير؟!.. هي قصتها إنتهت هنا؟!.. رغم كل ما فعلته كان يعطي لها بدل العذر ألف كان يرغب ان تعود عايدة القديمة كان يتمنى نهاية أجمل..
كيف مر العمر بتلك السرعة؟!.. كيف سيتركها بمكان بمفرها ويذهب وهو يعلم إنها تخاف الحياة بدونه، بكى وقال :
_ أنا أسف يا عايدة أسف سامحيني لو كنت وجعتك بس أنا والله العظيم قفلت على نفسي سنين عشان موجعكيش كنت مستني وقوفك جانبي كنت عايز أحس إن حياتي مهمة عندك زي ما كانت حياتك مهمة عندي، الله يسامحك يا بنت عمي ويسامحني..
بخطوات ثقيلة مترددة تركها بالداخل وخرج، وجد الجميع بالخارج حتى جدته المنهارة على المقعد، أقترب من ولده وفتح يديه له ألقى معتز جسده بداخل أحضانه وبكي، بكى بقهر على شعور ذهب قبل أن يشعر به عن أم رحلت قبل أن يصدق حبها إليه، أغرقت دمـ.ـو.عه قميص محمود ليغلق يديه حوله أكثر مردفا :
_ هي في مكان أحسن المرض عذبها سنين ودلوقتي هي مرتاحة يا معتز مش أنت عايزها تبقى مرتاحة يا حبيبي؟!.
_ كان نفسي تحبني، كان نفسي أعيش في حـ.ـضـ.ـنها شوية كمان.. بس هي راحت من غير حتى ما تقولي بحبك من قلبها..
أبعده محمود عنه قليلا وقال بحنان :
_ أنت ابننا يا معتز حبنا ليك شعور ربنا خلقه جوانا حتى من قبل ما نشيلك بين أيدنا، عايدة كانت تعبانة وتعبها مخليها مش عايزة تعلق حد بيها عشان محدش يتوجع لما تمشي لكن كانت بتحبك أكتر من نفسها صدقني يا معتز محدش بيحبك في الدنيا دي كلها قدي وقدها..
_ خليك جانبي يا بابا..
جذبه من جديد بين أحضانه مرددا :
_ أنا جانبك وهفضل جانبك لحد أخر نفس فيا..
_____ شيما سعيد ______
بالمشفى..
جذب علي أروي خارج غرفة سارة فنظرت إليه بتعجب مردفة :
_ في إيه يا علي مالك؟!..
ما به؟!.. هل بالفعل لا تعلم ما به؟!.. فهو أشتاق وأحرقته نيران الإشتياق، أشهر طويلة مرت وهو غير قادر على الحديث معها، تركت العمل وأصبحت تعمل بمصنع سارة، يرفض محمود رؤيته إليها أو الحديث معها وكل هذا وتسأل الحمقاء ما به، جذب جسدها ووضعه أمام الحائط ثم قال :
_ وحـ.ـشـ.ـتني يا بت..
هي الأخرى لتكون صريحة أشتاقت، ببعده عنها شعرت بفقدان روحها، رفعت حاجبها مردفة :
_ بلاش تبقى استغلالي يا علي هو عشان خاطر محمود مش هنا هتقل أدبك؟!..
رد عليها بسخرية :
_ يا سلام دلوقتي بقي محمود كل حاجة عندك؟!.. تصدقي أنا إبن كـ.ـلـ.ـب عشان قربتك منه ما كنتي بتاعتي وبين ايدي فيها إيه يعني لو كنت اتجوزتك وبعدين عرفته..
ابتسمت بسعادة، أصبح أخيراً لها أشخاص تحبها بصدق وفوق هذا وكذا أصبح إليها شقيق يسندها ويقف أمامها يحجب عنها عواصف الرياح، حركت كتفها بهدوء مردفة :
_ مهو كله بسبب سمعتك اللي زي الزفت، عايز محمود يأمن لك ازاي وتاريخك الأسود كله معاه؟!..
أقترب منها اكثر مردفا ببراءة :
_ ده كان زمان يا أروي ما أنتِ عارفة بعد حادثة شرم يا دوب أنفعك أنتِ وبالعافية كمان.
ضحكت من أعماق قلبها ثم قالت :
_ أنت كمان وحـ.ـشـ.ـتني بصراحة..
أتسعت عينيه بذهول من حلاوة ما سمعه، ضم يدها إليه مردفا :
_ بجد يا أروي وحشتك؟!..
أخذت يدها منه وقالت :
_ أممم وحـ.ـشـ.ـتني ومستنية أشوفك هتعمل إيه عشان تتجوزني..
فهمها من نظرة عين، أبتسم إليها بحنان ثم قال :
_ هعمل أي حاجة محمود عايزها عشان يقبل أتجوزك، هعملك فرح العالم كله يتكلم عنه لسنين قدام، أروي في حاجة عايز أسألك عنها بس لو مش حابة تجاوبي عادي..
تـ.ـو.ترت ولا تعلم لما الا إنها بالفعل تـ.ـو.ترت، أومـ.ـا.ت إليه قائلة :
_ قول..
_ فضلتي كام سنة متجوزة الكـ.ـلـ.ـب ده ليه مفيش بينكم أولاد كنتوا مأجلين والا في مشكلة؟!..
كان يرغب بسماع إجابة تريح قلبه، عاش حياته وحيد ومنذ ان رأها أصبحت امنيته الوحيدة إنجاب طفلاً منها يحمل صفاتها واسمه، تفاجأ من ردها البـ.ـارد :
_لو قولتك لأني مش بخلف هيبقى عندك مشكلة؟!..
قالتها وانتظرت رده، حدق بها لثواني وهو مذهول ثم جذبها لصدره بقوة، يحاول يطمن قلبها يحاول إثبات عشقه لها، يحاول تخفف شعوره بالوجع بعد حديثها، همس بحنان :
_ مش مشكلة يا حبيبتي انسى كل الكلام اللي أنا قولته..
أبتعدت عنه ثم قالت بهدوء :
_ يبقى كويس يا علي لو فعلا بتحبني أعتبر اني مش بخلف وعيش معايا على الأساس ده..
يعتبر؟!.. يعيش على هذا الأساس؟!.. هي تكذب عليه سألها بذهول :
_ يعني إيه الكلام ده أنتِ بتخلفي والا عندك مشكلة؟!...
مشكلتها كبيرة، هي فقدت بحياتها مشاعر كثيرة حتى شعورها بالأمان كان صعب ولم يأتي إليها الا بعد عودتها بين يدي محمود، أخذت نفس عميق ثم قالت بجدية :
_ علي أنا مش عايزة أبقى أم ولا شايفة نفسي ينفع يبقى عندي أولاد، لو حابب تكمل معايا كدة تمام لو مش حابب مش هقدر أزعل منك لأن ده حقك..
المكان لا يسمح له بالحديث والزمان يقيده من أخذ أي ردت فعل، أبتعد عنها قليلا ثم قال :
_ بعد أربعين عايدة هتقدم لك مش هقدر أعيش من غيرك أكتر من كدة..
_ يعني موافق؟!...
_ يعني بحبك وده أهم حاجة بالنسبة ليا دلوقتي، ها تحبي تأكلي إيه؟!...
_حواوشي بيقول بتاع إسكندرية حلو..
_____ شيما سعيد _____
بصباح اليوم التالي..
فتحت سارة عينيها بثقل، بدأت تنظر حولها لتجد أروي تجلس على المقعد المقابل للفراش، بحثت عنه وهي تسأل حالها أين هو؟!.. خرج صوتها المتعب :
_ بنتي..
أنتبهت إليها أروي فقالت بابتسامة سعيدة :
_ حمد الله على السلامة يا سارة، فاطمة في الحضانة دقايق وتبقى في حـ.ـضـ.ـنك..
كحت بتعب لتحاول الاعتدال مع زيادة شعورها بالعطش، قامت أروي بلهفة مردفة :
_ بلاش تتعبي نفسك قوليلي عايزة تعملي إيه وأنا أعمله لك..
_ عايزة أقعد مرتاحة أكتر وكمان ريقي ناشف عايزة أشرب..
ساعدتها بالجلوس ثم صبت لها كوب به القليل من العصير مردفة :
_ خدي أشربي ده الأول عشان المية مش مسموح بيها دلوقتي..
أخذته منها وشربته على عدة مراحل ثم نظرت للباب مردفة :
_ هو محمود مع فاطمة؟!..
ماذا تقول؟!.. تخشي أن تنطق بحرف تشعل به النيران بين شقيقها وزوجته، ابتسمت إليها بتـ.ـو.تر وقالت :
_ مهو أصل يعني زمانه جاي..
_ زمانه جاي ليه هو راح فين؟!..
_ روحت أجيب فاطمة هانم لحـ.ـضـ.ـن مامتها..
جاء صوته مثل طوق النجاة، قامت أروي من فوق المقعد مردفة بتـ.ـو.تر :
_ هروح أفطر أنا بقى سلام..
خرجت فنظرت إليه سارة بهدوء ثم مدت يديها إليه قائلة :
_ هات بنتي عايزة أشيلها..
ابتسم إليها بتعب ثم أعطى لها الصغيرة مردفا :
_ أنتِ كويسة مش كدة؟!..
بعينيه نظرة غريبة جعلتها تجيب عليه بهدوء :
_ الحمد لله، أنت اللي شكلك مش مبسوط خير في حاجة؟!..
جلس على الفراش بالمقابل لها، مد يده بحنان وقام بفتح أول زرين من منامتها لتضع يدها فوق يده بتـ.ـو.تر مردفة :
_ أنت بتعمل إيه؟!..
_ بساعدك عشان ترضعي فاطمة، الدكتورة وهي بتديها ليا قالت خلي أمها ترضعها عشان تتعود عليها وينزل لبنها..
تركته يساعدها، هي بالفعل لا تعلم ما عليها فعله، كانت تتابع ما يفعله وتفعل مثله، شعرت برجفة لذيذة مع لمس شفتين صغيرتها لها، ابتسم بالقليل من الراحة ربما وصلت ابنته بهذا الوقت لتخفف عنه، رفعت سارة عينيها إليه مردفة بسعادة :
_ دي أكلت بجد ونامت..
_ شبعت وحست بحـ.ـضـ.ـنك فنامت مرتاحة، هاتيها هحطها على سريرها جانبك..
أعطت إليه الصغيرة فوضعها بحذر على الفراش الصغير المجاور لسارة ثم عاد لسارة مردفا بقلق :
_ أنتِ كويسة صح؟!..
_ كويسة، أنت شكلك مش كويس اللي يشوفك يقول إنك مش مبسوط بالبيبي..
تنهد بتعب، سيتحدث معها بصدق، يكفي لهنا أسرار سند ظهره بتعب على ظهر الفراش ثم أخذ نفس مرهق مردفا :
_ عايدة مـ.ـا.تت إمبـ.ـارح يا سارة..
أهتزت من سماع الخبر، ربما لأنها لم تتوقعه، رأته يتألم ولأول مرة تقرأ مشاعره بشكل صحيح بعيدا كل العبد عن غيرتها، وجدت نفسها تضع يدها على يده مردفة :
_ البقاء لله، أنت هنا بتعمل إيه لأزم تبقى في القاهرة معاها ومع معتز..
نظر إليها بمعنى حقا؟!.. فأومـ.ـا.ت إليه مردفة :
_ تعرف يا محمود لما شيلت فاطمة بين أيدي بقيت مسامحة الدنيا كلها ومش عايزة حاجة غير أنها تفضل في حـ.ـضـ.ـني، وقتها فهمت حبك لمعتز وخوفك على مشاعره، روح له يا محمود هو أولى بيك دلوقتي وانا معايا أروي..
أصبحت أكثر نضج بعد ساعات قليلة من شعورها بالامومة، حرك رأسه بتعب :
_ إمبـ.ـارح الدكتورة قالت إن الأحسن ليكي بعد الإرهاق ده كله النوم لما نمتي أنا سفرت دفنتها وعملت لها العزا وجيب عشان أكون معاكي..
شعرت برضاء غريب لأنه يختارها للمرة الأولى، لأول مرة يصل إليها اهتمامه بها وبوجودها معه، فقالت :
_ أنا كويسة ولو ينفع ممكن أسافر معاك أبقى جنب تيتا لكن لو مش حابب مش هقولك حاجة الظروف دلوقتي مينفعش فيها أي كلام..
اه منكِ يا صغيرة، أقترب منها ووضعت رأسه على صدرها، الان يود ان يدعمه أحد أن يرمي ما بقلبه على أحد يفهمه ويخفف عنه همس إليها بتعب :
_ مـ.ـا.تت وأحنا بنا كل حاجة وحشة، وعدتها تموت في حـ.ـضـ.ـني بس مقدرتش أنفذ الوعد ده، مش قادر أستوعب أن بنت عمي اللي كنت بشيلها وبعلمها المشي دفنتها تحت التراب بأيدي يا سارة دفنتها وأنا عارف انها بتخاف تقعد في مكان أنا مش فيه، حتى الوداع معرفتش أودعها، عملت فيا حاجات وحشة بس...
وضعت يدها على فمه تمنعه من أكمال حديثه ثم قالت :
_ مينفعش تقول أي حاجة وحشة هي عملتها، عايدة دلوقتي محتاجة مننا نفتكر لها الحلو بس، بلاش تحمل نفسك ذنب هي مـ.ـا.تت لما عمرها خلص تعرف يا محمود والله العظيم أنا كنت راضية بوجودها وعمري ما فكرت أخليك تبعد عنها الله يرحمها أرتاحت من التعب ومعتز دلوقتي محتاجك جانبه..
أخذ أكبر قدر من رائحة عطرها كأنه يستمد منها القوة ثم قال :
_ هتبقى المرة دي جانبي ولا زي كل مرة يا سارة؟!..
_ هبقي جانبك المهم أنك تقدر وجودي جانبك
أبتعد عنها قليلا وقال
_ أنا بحبك يا سارة بس أنتِ اللي دايما بتهربي من غير حتى ما تحطي نفسك مكاني..
ابتسمت إليه مردفة :
_ يلا ننزل القاهرة؟!..
_ هتقدرى؟!..
_ شيلني وأنا أقدر..
_____ شيما سعيد _____
بعد ساعات بقصر علام..
دلف محمود وبيده سارة أمام الجميع، وبجواره شقيقته تحمل طفلته، هبت ألفت من مكانها بلهفة ثم نظرت للنساء من حولها فجميع سيدات المجتمع الراقي هنا لتقديم واجب العزاء، أقتربت ألفت من سارة مردفة بلهفة :
_ حشـ.ـتـ.ـيني و يا نور عيني..
ابتسمت إليها سارة ثم قالت :
_ البقاء لله يا تيتا..
ضمتها ألفت إليها وبكت منذ دفن عايدة وهي تشعر وكأنها دفنت ولدها الغالي من جديد، تربت على يديها وأمس غسلتها أيضا بيدها مررت سارة يدها على ظهر جدتها بحنان مردفة :
_ خليكي قوية عشان معتز يا تيتا مهو حتة منها..
تدخل محمود بالحديث مردفا :
_ تيتا سارة لسة ولدة مش هينفع تفضل واقفة كدة..
أبتعدت عنها ألفت بذهول، كيف لم تأخذ بالها من بطنها؟!.. سندها محمود حتى وصل بها أمام والدته وقال للجميع :
_ مدام سارة تبقى مراتي متجوزين من سنة وشوية مكنتش موجودة إمبـ.ـارح لأنها كانت بتولد، عن اذنكم لأزم تطلع ترتاح..
وبلحظة حملها بين يديه وصعد بها لغرفة نومها القديمة، وضعها على الفراش ثم سألها :
_ أنتِ كويسة والا حاسة بأي تعب نطلب الدكتورة؟!..
أخذت ابنتها من أروي ثم قالت بهدوء :
_ انزل وأنا معايا أروي لو حسيت بحاجة هتصل بيك..
ظل لثواني ينظر إليها حتى أومـ.ـا.ت له برأسها فأخذ نفس عميق وخرج من الغرفة..
نزل للحديقة فوجد علي يجلس بجوار معتز جلس بجوارهما وقال لعلي :
_ عايزك تبدأ في تصريح بناء مستشفى لعلاج الأورام مجاني صدقة جارية على روح عايدة الله يرحمها..
أوما إليه علي ثم أشار له بعينه على معتز قبل أن يقوم من محله مردفا :
_ أعتبره حصل..
نظر لمعتز ثم قال :
_ حاسس بايه دلوقتي؟!..
_ هي سارة بقت مكان أمي رسمي لدرجة انها تدخل بيتها تاني يوم موتها؟!..
أخذ نفس عميق ووضع يده على فخذ معتز ثم قال :
_ البيت ده بيتي يا معتز وبيت أهلي وسارة مراتي وأم بنتي يعني من أهل البيت ده..
أنتفض معتز من محله مردفا بذهول :
_ أم بنتك؟!..
_ أيوة أم بنتي، الفتره اللي فاتت مش مكنتش حابب اتكلم معاك في الموضوع ولا مع عايدة خصوصا في حالتها الصحية دي، لكن سارة خلاص ولدت ومش بنت محمود علام اللي تفضل موجودة في الضلمة يا معتز، أنت ترضى على أختك حاجه زي دي؟!.
حرك رأسه بنفي ثم قال بتعب:
_ لأ ما رضاش يا بابا تنور بيتها هي وأمها مطلوب مني حاجه تانية؟!..
_ مطلوب منك تحط نفسك مكاني وتحس بيا أنت خلاص بقيت راجـ.ـل لأزم تتحمل المسؤوليه وتعرف كويس أوي الدنيا ماشية ازاي من حواليك، مش هسيبك تدفن نفسك في الاحزان لحد ما تضيع مني عايزك من أول الأسبوع الجاي تكون عندي في الشركة..
حدق به معتز بتعجب:
_ حضرتك عارف اني لسه بدرس هعمل ايه في الشركه أيام الدراسة؟!..
ابتسم إليه محمود بتعب شـ.ـديد ثم قال:
_ هتساعدني يا معتز هعلمك كل حاجه ومش هتحتاج شهادات عشان تتعلمها، من هنا لحد ما تطلع نتيجتك وتشوف هتدخل أي كلية هتفضل جنبي وفي ضهري اتفقنا؟!..
_ ماشي يا بابا إللي تشوفه...
______ شيما سعيد _____
بالمساء..
دلف محمود بعد يوم طويل لغرفته مع سارة، وجد معها ألفت وحنان التي نظرت إليه بعتاب صامت، تنهد بضيق وقال:
_ في إيه ؟!..
صرخت به ألفت بغضب:
_ بقى مش عارف في ايه ما انت صحيح بجح، حبست البنت الغلبانة خمس شهور لوحدها في عز حملها وهي يا عيني مش عارفه تعمل إيه، وجاي تقولي في ايه؟!.. ايه الجبروت اللي انت فيه ده..
رحمته سارة بمحنته وأغلقت على الموضوع دون عتاب فأتت الفت لتفتحه من جديد مسح على شعره بتعب وقال:
_ ما أنا كنت سايبها معاكي فضلتي تلعبي في دماغها لحد ما كانت هتموت روح، كنتي عايزاني أعمل ايه وانا مقسوم نصين ما بين ابني اللي في المستشفى مع امه وبينها اللي كل ما ابعد عيني عنها خمس دقايق الاقيها بتعمل مصيبة، جدتي أقفلي على الموضوع ده أنا وسارة بقينا كويسين مش محتاجين حد يتدخل في حياتنا..
نظرت إليها جدتها فقالت:
_ متخافيش عليا يا تيتا محمود علمني الدرس كويس أوي وبقيت بعرف إزاي اتعامل مع الامور لوحدي..
قالتها بنبرة هادئة جعلته يتـ.ـو.تر للحظة ثم أقترب منها مقبلاً رأسها بحنان مردفاً:
_ ربنا يبـ.ـاركلي فيكي يا أم فاطمة..
حركت ألفت رأسها بمعني لا فائدة وخرجت ومعها حنان، أبتعدت سارة عن محمود مردفة:
_ أنت أكيد تعبان ومحتاج ترتاح ادخل خد لك شاور سريع وتعالي نام..
نفذ حديثها فهو بالفعل مرهق ولا يرغب سوا بعناق به رائحتها اللذيذة، بعد دقائق خرج من المرحاض ليقف محدقا بها بتعجب وهي تنام وبجوارها فاطمة، أقترب منها هامسا:
_ سارة حبيبتي..
_ امممم..
_ حطي فاطمة في سريرها عشان نعرف ننام براحتنا..
فتحت إليه نصف عين وقالت:
_ فاطمة لسه بيبي صغيرة وما تعرفش تنام بعيد عني روح نام أنت على الكنبة..
ماذا ؟!.. كيف هذا ؟!.. هل بعد أشهر الحرمان سينام بعيداً عنها ؟!.. مستحيل فهو يريد القليل من الاطمئنان بين يديها همس برجاء:
_ يا حبيبتي مهو السرير بتاعها جنبنا أهو وهتبقى قريبه مننا..
زفرت بضيق ثم أشارت إليه بالصمت مردفة:
_ وطي صوتك البنت تصحى وبعدين ما انت بقى لك خمس شهور بتنام لوحدك روح نام على الكنبه يا محمود ولو مش حابب روح نام في اوضتك القديمة..
أعلنت عليه حرب بـ.ـاردة وللأسف ليس بيده إلا تقبل حربها، نظر إليها مثل الطفل الحزين:
_ ده أخر كلام عندك.
_ أيوة هتعمل ايه بقي ؟!..
_ هنام على الكنبة هعمل إيه يعني، تصبحي على خير يا بسبوسة..
عادت لتغلق عينيها براحة مردفة:
_ وأنت من أهله..
_____ شيما سعيد ______
بعد مرور أسبوع..
بشركة محمود..
بداخل مكتبه..
دلف إليه علي فرفع محمود رأسه إليه بضيق مردفاً:
_ سايب شركتك وجاي تعمل ايه هنا يا علي؟!..
أخرج على هاتفه وقال:
_ شوف المصيبة دي بنفسك..
أخذ منه الهاتف فظهر أمامه صورة تجمعه بسارة مكتوب أسفلها " سبب موت الزوجة الأولي لرجل الأعمال محمود علام" خبر أخر بصورة لسارة بمفردها " ظهور نادر للزوجة السرية لرجل الأعمال محمود علام" " فتاة صغيرة أخذت أحد أكبر رجل الأعمال من زوجته حتي تسببت بوفاتها "..
أنتفض محمود من فوق مقعده مردفاً بغضب:
_ مين إللي نزل الأخبـ.ـار دي ؟!..
_ لسة مش عارفين لحد دلوقتي لكن توقيت النزول ده خطر على المناقصة الجديدة يا محمود..
ألقي بالهاتف على المكتب مردفاً:
_ مناقصة إيه وزفت إيه يا علي، أنت عارف سارة لو شافت خبر زي ده ممكن يحصل لها إيه؟!.. انا بقى لي اسبوع بتعامل معاها كأنها مديرتي في الشغل عشان اراضيها، بخبر زي ده حياتنا كلها هتتهد..
_ أهدى يا محمود كل حاجه هتتحل نعرف بس مين الكـ.ـلـ.ـب اللي عامل كده وانا بنفسي هنزل لك تكذيب في الجرايد.
نفي محمود بحركة سريعة من رأسه وقال:
_ عايز مؤتمر صحفي يتحضر خلال ساعتين بالكتير، أرجع كرامة مراتي الأول وبعد كده هحاسب الكـ.ـلـ.ـب اللي عملها بنفسي..
أما على باب الشركة..
دلف معتز بخطوات واثقة جعلته يشبه محمود لدرجة كبيرة، يشعر إن المكان هذا مكانه ولابد من أن يحافظ عليه، خلع نظارته الشمسية وحدق بفتاة ترتدي فستان من اللون الوردي عينيها على هاتفها وبيدها كوب من القهوة، حاول الإبتعاد عن طريقها أو أعطاء أي إشارة لها لكنها كانت بالفعل سلمت عليه سلامها الأول وجعلت من بذلته فنجان قهوة..
شهقت بفزع ثم رفعت عينيها إليه بتـ.ـو.تر مردفة:
_ سوري بجد مخدش بالي..
جميلة وتستحق العفو عنها، رفع يده إليها مردفاً:
_ معتز محمود علام..
إبتسمت إليه برقي ومدت يدها على الأخري قائلة:
_ وأنا سمية عمران...
____ شيما سعيد _____
↚
بغرفة سارة..
كانت تحمل فاطمة بين يديها وتغني لها بصوات هامس حتى تساعدها على النوم، دلفت إليها حنان وعلى وجهها علامـ.ـا.ت التـ.ـو.تر، حركت رأسها بتسأول لتقول حنان :
_ معلش يا سارة ممكن الموبايل بتاعك أعمل منه مكالمة مش عارفة بتاعي راح فين...
أبتسمت إليها سارة ثم أشارت لها على الطاولة المجاورة لها مردفة :
_ من غير ما تطلبي يا طنط اتفضلي هناك أهو..
_ أنتِ فتحتيه من الصبح؟!..
سؤال عجيب ومع ذلك قالت سارة بمرح وهي تنظر لفاطمة بحسرة :
_ وهي اللي عندها بنت قمورة ونكدية زي أبوها كدة هتعرف تمسك فون برضو؟!.. أكيد لأ...
ضحكت حنان براحة ثم سحبت الهاتف وخرجت من الغرفة، أغلقت الباب خلفها ووضعت يدها على قلبها مردفة :
_ الحمد لله تمت المهمة زي ما محمود طلب بسلام..
ارتجف جسدها وهي تسمع صوته خلفها، منذ أن عاد وهي تفر هنا وهناك بعيدا عنه وها هو الآن يقف خلفها وينطق اسمها، يا الله كم كانت تحبه وكم كانت تعشق حروف إسمها من بين شفتيه، زوجها الحبيب تحول بعد أشهر قليلة لرجل خائن، أصبح الحب رماد ومشاعرها بلا معنى مجرد امرأة راضية بالخيانة وتعيش على هامش حياة زوجها، امرأة معقدة بلا شخصية، عاد ندائه بــــاسمها فأخذت نفس عميق ودارت اليه مردفة :
_ خير يا طاهر؟!.
تشتت من قوتها، دائماً يذهب مهما يذهب وعنـ.ـد.ما يعود يجدها مثلما تركها، لأول مرة تفر منه لأول مرة ترفض لقائه، سألها بتعجب :
_مش كفاية دلع لحد كدة؟!..
دلال؟!.. هل يرى ردها البسيطة على أفعاله مجرد دلال؟!. رفعت حاجبها بتعجب مردفة :
_ دلع؟!.. وأنا من امتي شوفتك عشان أدلع عليك ما أنت طول عمرك من ست لست، كنت الأول بترمي حملك على عمي الله يرحمه ولما مـ.ـا.ت شيلت محمود الليلة، بس بصراحة أنا مستغربة جدا بقى لك أكتر من خمس شهور هنا ايه مفيش واحدة جديدة دخلت مزاجك والا العضمة كبرت؟!..
كان يقف أمامها مذهول وهو يراها بثوبها الجديد، فقال :
_ لما أنا طول عمري كدة زي ما بتقولي وأنتِ فضلتي معايا سنين على الحال ده وكنتي راضية إيه الجديد بقى اللى يخليكي كدة؟!..
_ الجديد اني قرفت، فوقت من القرف اللي كنت عايشة فيه وراضية بيه، عيلة صغيرة في عمر سارة قالت لأ للظلم وأنا زي العبـ.ـيـ.ـطة فضلت فيه سنين لحد ما ضيعت ولادي من أيدي، محمود ضيع عمره على الفاضي والتاني طلع زيك من ست لست ومن بلد لبلد.
تغيرت حنان تغيير مخيف، سأله بقلق :
_ يعني إيه الكلام ده يا حنان..
تنهدت بتعب ثم قال بهدوء :
_ احنا مش صغيرين عشان أقولك طلقني يا طاهر أنت قدري وأنا راضية بيه، ده قدام الكل لكن بيني وبينك أنا بنت عمك وأم أولادك وبس غير كدة لأ، روح كمل طريقك اللي كله حـ.ـر.ام في حـ.ـر.ام بعيد عني.. اه نسيت أقولك البنت اللي أنت سألت تبقى مين تبقى أروي بنتك اللي رفضت تعترف بيها كتر خيرك من كتر الستات والسنين نسيت شكلها..
ذهبت من أمامه بخطوات سريعة وهي لأول مرة تشعر بالراحة، تشعر بالفخر من حالها وهي أخيرا تمد يدها وتأخذ حقها لتبقى عزيزة النفس، رفعت هاتفها وقامت بالإتصال على محمود الذي كان ينتظر هذا الإتصال رد عليها بلهفة :
_ ها يا ماما سارة شافت حاجة؟!..
_ لأ يا حبيبي أطمن الآنسة فاطمة واخدة وقت مامتها كله، دخلت أخدت منها الموبايل وهو معايا أهو..
سمعته يردد براحة :
_ الحمد لله الحمد لله...
ابتسمت بحنان ثم قالت :
_ لدرجة دي بتحبها وخايفة عليها؟!..
_ أكتر من روحي دي عوضي اللي فضلت سنين مستنيه مكافأة ربنا ليا على صبري يا أمي..
_ ربنا يبـ.ـاركلك فيها يا حبيبي، بس اني أخد الموبايل ده مش حل ما أكيد هرجعه تاني وهي هتشوف الأخبـ.ـار لو مش النهاردة هيبقى بكرا..
أخذ نفس عميق ثم قال :
_عارف بس وقتها هيبقى المؤتمر الصحفي عدي وحقها رجع والناس هتبقى عارفة الحقيقة، هتشوف الاخبـ.ـار الوحشة ومعها الحلوة يا ست الكل..
_ فهمتك يا حبيبي، محمود أنا عملت حاجة في ساعة غضب وخايفة تزعل مني..
بقلق سألها :
_ في إيه يا ماما؟!..
_ قولت لطاهر على أروي..
تنهد بهدوء :
_ مفيش مشكلة وهو كدة كدة كان هيعرف ومش هتفرق كتير يا ماما، يلا خدي بالك من سارة وطمطم لحد ما أرجع..
_ في عنيا يا حبيبي..
_____ شيما سعيد _____
بعد مرور ساعة..
كان يجلس محمود بغرفة الاجتماعات الخاصة به وامامه عدد كبير من كاميرات التصوير، جلس بجواره معتز وعلى فأشار محمود لمعتز بعينه حتى يبدأ الحديث، رسم معتز إبتسامة جادة على معالم وجهه وقال :
_ أهلا بيكم كلكم في شركة علام، أول حاجة أنا استأذنت من بابا أتكلم الأول لأن الموضوع ده بالنسبة ليا مهم زي ما هو مهم لبابا بالظبط، مدام سارة تبقى مرات بابا من أكتر من سنة وماما هي اللي طلبتها بنفسها وكانت الله يرحمها متقبلة ومبسوطة جدا خصوصا إنها عارفة سارة كويس وعارفة انها أكتر واحدة هتحافظ على بابا بعد موتها، ماما كانت تعبانة من 15 سنة وأكتر بس للأسف في الشهور الأخيرة الحالة بقت صعبة وسارة كانت طول الفترة دي جانبها لأنها مش بس مرات بابا لا هي كمان بنت عم ماما ومتربية على ايدها..
صمت بعد ما قال ما حفظه من محمود علام، أخذ محمود نفسه براحة شـ.ـديدة ثم ابتسم لمعتز أمام أعين الجميع مردفا :
_ وفقت معتز يبدأ الكلام لأني عارف إنه هيجيب حق أم أخته، اللي نزل الصبح ده كلام في عرضي وده غير مسموح بيه، أنا رجل أعمال مش ممثل ولا مغني عشان حياتي الشخصية يبقى سهل الكلام فيها بالشكل ده، سارة تبقى بنت عمي ومراتى وأم بنتي كل واحد أتكلم في حقها حتى لو بينه وبين نفسه هيتحاسب...
كان حديثه تهديد صريح وصل لكلا من يسمع اللقاء عبرة الشاشات، كان على وشك الإنتهاء من المؤتمر الا أن علي قرر استغلال الفرصة لصالحه وقال بابتسامة سعيدة :
_ وبالمناسبة السعيدة دي حابب أنا ومحمود نعلن عن خطوبتي من أروي طاهر علام أخت محمود الصغيرة..
كان أعلان ناري، تجمد محمود بعده لعدة لحظات قبل أن يبتسم بهدوء مردفا :
_ شرفتونا يا شباب..
____ شيما سعيد _____
بعد نصف ساعة..
بمكتب أروي بمصنع سارة، كانت مصدومة بعد سماعها للحوار الصحفي الخاص بشقيقها والكارثة الكبرى التي فعلها علي، تعيد الفيديو مرة والثانية والعاشرة بمشاعر مختلطة سعيدة باعترافه بها سعيدة بكونه يريدها أمام الجميع، سقطت دمعة مرتجفة من عينيها ثم مررت أصابعها على وجهه عبرة الهاتف هامسة :
_ أنت الوحيد اللي عايزني في حياتك يا علي أنت بس اللي معترف بيا في الدنيا دي كلها..
دلف عليها بنفس اللحظات، رفعت عينيها وجدته أمامها يقف بأنفاس متقطعة وكأنه كان بداخل حرب، أزالت دمعتها سريعاً ثم قامت مكانها مقتربة منه بتعجب مردفة :
_ في إيه يا علي هو أنت كنت بتجري؟!..
أغلق عليهما باب المكتب سريعاً ووقف خلفه مردفا برعـ.ـب :
_ محمود بيدور عليا..
أتسعت عينيها برعـ.ـب ثم أبتعدت عنه عدة خطوات مردفة :
_ منك لله يا شيخ ولما هو بيدور عليك جاي عندي ليه؟!.. سايب الدنيا كلها وجاي ليا أنا..
_ جاي اتحامي فيكي مش عندك عضلات وليكي في الشغل ده؟!..
أقتربت من باب المكتب وفتحته مردفة بخوف :
_ أمشي من هنا أقبل ما محمود يعرف مكانك أنا لسة في عز شبابي وأنت مش عارف ايد محمود تقيلة إزاي..
نسي خوفه ونسي ما آت من أجله وتذكر فقط جملتها الأخيرة فقال بغضب :
_ وأنتِ عرفتي إن ايده تقيلة منين هو مد أيده عليكي قبل كدة..
رأي بعينيها نظرة حزن لذكرى كانت بشعة، اومـ.ـا.ت برأسها ثم قالت :
_ لما صممت على الجواز من سيد ضـ.ـر.بني بالقلم..
معه حق لو كان بمحله لكان فصل كل جزء منها بمكان بعيدا عن الاخر، ومع ذلك صرخ بغضب :
_ مهي عملتي مش من حقه يرفع أيده عليكي ده أنا هقطع أيده اللي أترفعت عليكي دي..
_هتقطع أيد مين يا زفت أنت؟!.
انتفض جسد أروي مع وصول صوت محمود إليها، أبتعد عن الباب برعـ.ـب ووقفت بعيدا عن علي مردفة :
_ والله يا محمود هو اللي جه..
نظر إليها علي بضيق :
_ في ايه يا بت في لحظة بعتيني؟!..
دلف محمود للداخل ثم سحب أروي للخارج وأغلق الباب عليه هو علي بالمفتاح من الداخل، ابتعد علي مردفا بحذر :
_ أنت ناوي على إيه بالظبط؟!..
_ ناوي أعلمك الأدب، بقى بتحطني قدام الأمر الواقع يا حـ.ـيو.ان؟!..
أشار اليه علي بالقليل من الهدوء ثم قال :
_ مش بحطك قدام الأمر الواقع والا حاجة بس أروي هتبقى مراتي لو مش دلوقتي هيبقى بعدين لأزم الناس تعرف بوجودها يا محمود هي هتفضل مش من العيلة الكريمة كتير؟!..
صمت محمود وقليلا وهو يعلم أن علي معه حق، أوما اليه وقال :
_ والناس عرفتها أنت حشرت نفسك في جوازه منها ليه علي أروي مش ليك ريح نفسك بقى..
قالها وخرج من الغرفة وجدها تقف بالخارج ومعها ضحى فابتسم بسخرية ثم نظر إلي صديقه بمعنى " لو علمت بقصة ضحي وما فعلته بها ستكون نهايتك"
تـ.ـو.ترت علي خصوصا عنـ.ـد.ما قالت أروي بتعجب :
_ ضحى أنت بتعملي إيه هنا؟!..
ابتسمت ضحى بهدوء مردفة :
_ أنا بشتغل هنا وأنتِ..
جذبها محمود بين أحضانه مردفا :
_ دي أروي أختي يا ضحى أنتوا تعرفوا بعض منين؟!..
نظرت ضحى لعلي بذهول وهي تسأل نفسها كيف فعل بصديقه ما فعله كيف مد يده على حرمة بيت صديقه؟!.. أشارت لاروي مردفة :
_ ده اللي هو ازاى طيب واللي حصل..
ضغط أروي على يدها تمنعها من الحديث نظر إليها محمود بتعجب مردفا :
_ هو إيه اللي حصل..
حركت رأسها وقالت :
_ أقصد يعني أنا وأروى أصحاب من فترة ومكنتش أعرف إنها أخت حضرتك..
كان على يقف بعيدا بحالة من الذهول، علم الان فقط ان عالمه سيسقط فوق رأسه بأي لحظة، ترك المكان وذهب وعقله يردد :
_ مهما حاولت تهرب يا علي هيفضل الماضي وراك..
_____ شيما سعيد _____
بقصر علام أعلنت فاطمة هانم علام أخيراً وقت راحة والدتها ونامت، وضعت سارة قبلة رقيقة فوق جبينها ثم أخذت نفس عميق مردفة :
_ زي أبوكي بالظبط مزعجة ومغرورة وقمر ودمك خفيف كله في وقت واحد محمود علام رقم اتنين..
دلف للغرفة بنفس اللحظة وسمعها فأبتسم قائلا :
_ وماله محمود علام بقى يا ست بسبوسة..
صوته يريح قلبها، أشتاقت لتفاصيل كثيرة بينهما وأولها حـ.ـضـ.ـنه المريح جدا لها، بعينيه نظرات حنين جعلتها تشعر بما يشعر به، أقترب منها مردفا :
_ عقابي هيخلص أمتي يا بسبوسة حشـ.ـتـ.ـيني و ؟!..
عقابه؟!.. نعم نعم تذكرت أفعاله، أخذت نفس عميق قبل أن تشير إليه الإبتعاد مردفة :
_ وهو فين العقاب ده يا محمود؟!.. ما أنا عايشة معاك أهو..
عايشة معه بجسد إنسان آلي خالي من الروح، أين روحها أين دلالها؟!.. جذبها ليبتعد بها عن الصغيرة ثم أخذها لغرفة أخرى بداخل الجناح مردفا :
_ عايشة ازاي؟!.. يا سارة حـ.ـر.ام عليكي حشـ.ـتـ.ـيني و ..
أشارت لنفسها ببعض الحزن ثم قالت بتعجب :
_ وحشتك وأنا عايشة معاك في أوضة واحدة أمال الخمس شهور اللي فاتوا دول مروا عليك ازاي؟!..
أعترف مثل الطفل الصغير المنتظر كلمة سماح من والدته :
_ مهو أنا بصراحة كنت حاطط كاميرات في كل مكان في الشالية وكنت بشوفك طول الوقت..
يا ليته صمت كان موقفه سيبقى أفضل بكثير، أنتفضت بعيدا عنه بذهول، للحظة شعرت كم كانت لعبة بيده يحركها كما يشاء، كان يراها تعاني بدونه وهو يشاهد بمتعة، حاول الاقتراب منها فوضعت يدها حاجز بينهما مردفة :
_ خليك مكانك متقربش مني..
_ حبيتي أنا..
انفجرت به مردفة :
_ أنا مش حبيبتك لو كنت كدة كنت على الاقل هصعب عليك وأنا بموت لوحدي، يا سلام على جبروتك وقلبك كنت بتتفرج عليا وشايف بعينك عايشة إزاي ومكمل في حبسي زي الكـ.ـلـ.ـبة عادي، أنت بشع يا محمود بشع..
حرك رأسه بنفي، كل ما قالته فوق طاقته، جذب يدها وقبلها عدة قبلات مردفا بلهفة :
_ لأ يا قلبي لأ، كنت موجوع أكتر منك بس مكنش عندي حلول تانية..
أومـ.ـا.ت إليه بصمت، تركته يضمها وهي تتذكر المقولة الشهيرة " العتاب من باب المحبة" عاتبته كثيرا والآن وبكل أسف انغلق أمامها باب المحبة، أبتعدت عنه وقالت :
_ مش مشكلة حصل خير، هروح أشوف فاطمة أحسن تصحى وانا مش معاها تخاف..
هذا كثيرا عليه هذا فوق طاقته، وضع يديه حول خصرها يمنعها من الحركة مردفا :
_ يعني إيه الكلام ده مش هتقولي حاجة تانية؟!.
نفت بحركة بسيطة من رأسها مردفة :
_ لأ معنديش كلام أقوله عن أذنك..
_ لأ استنى في حاجة لأزم تشوفيها الأول..
قال هذا بتـ.ـو.تر نظرت إليه بتعجب دون كلمة، أخرج هاتفه ثم فتح لها على تطبيق الفيسبوك ووضعه بين يديها :
_عايزك تشوفي الاخبـ.ـار دي بس من غير زعل..
رأت ما أراد أن تراه، صورها وحديث الناس عنها، بين كلمـ.ـا.ت قاسية وكلمـ.ـا.ت أخرى ترفض التدخل بحياة الناس دون معرفة الحقيقة كاملة، رأت عنوان عريضة مكتوب عليه " شابة صغيرة تسرق رجل من زوجته مستغلة جمالها من أجل المال" ابتسمت وأعطت إليه الهاتف مردفة :
_ في حاجة تانية والا أروح أشوف بنتي..
صرخ بها بغضب :
_ إيه السلبية دي مالك فيكي ايه مفيش ردت فعل على الكلام ده..
_ تؤ مفيش ما دي فعلا الحقيقية يا محمود بنت حلوة عايزة فلوس وراجـ.ـل معاه فلوس عايز ست، فين المشكلة في كلامهم؟!..
أتسعت عينيه بذهول مردفا :
_ سارة أنتِ بتقولي إيه؟!..
_ الحقيقة..
عن أي حقيقة تتحدث؟!.. كيف أصبحت بهذا الاستسلام؟!.. هل هذا صنع يده؟!.. نعم يا إبن علام هذا بالفعل صنع يدك هذا ما كنت تريدها أن تتعلمه، سألها بذهول :
_ حقيقة إيه يا حبيبتي أنتِ روحي يا سارة روحي، إزاي تقولي كدة؟!..
بــــاستسلام شـ.ـديد قالت :
_ ماشي أنا روحك.
صرخ بغضب أنتفضت على أثره :
_ في إيه؟!..
_ مفيش غير اني عايزة أعيش مع بنتي من غير عقاب يا محمود، مش عايزة أعمل حاجة تزعلك ترجعني تعاقبني تاني وأنا مش عايزة أبعد عن فاطمة..
أنهت جملتها ثم أعطت ظهرها إليه بابتسامة لذيذة وعادت للفراش بجوار ابنتها هامسة :
_ هو أنت لسة شوفت مني حاجة صبرك عليا..
_____ شيما سعيد _____
بعد ساعتين..
بأحد المخازن الموجود بها علاء، دلف إليه محمود وجدته مثلما تركه أخر مرة ملقي على الأرض مقيد، أخذ نفس عميق قبل أن يشير لاحد رجاله مردفا :
_ فكوه..
نفذ أمر ليقول محمود بقوة :
_ ساعده يقوم..
ساعده ليقف أمامه فظل محمود يتابعه بصمت حتى قال علاء :
_ أرحمني يا باشا وانا والله العظيم هسيب البلد كلها وأهج..
أقترب منه محمود بخطوات واثقة ثم وقف أمامه ووضع يده على قميصه يعدل مردفا ببرود :
_ شطور يا علاء أنا من زمان بقول عليك زي وعارف مصلحتك كويس، هتطلع من هنا تلم هدومك وتغور أنت ومراتك في ستين داهية، لو شوفتك بعد اللحظة دي صدفة هزعلك..
شعر علاء بعودة روحه له بعد رحلة من المعاناة، فأوما لمحمود عدة مرات بسعادة :
_ امرك يا باشا وبنت الكـ.ـلـ.ـب دي من هنا ورايح مش مراتي أنا مش عايز أي حاجة تفكرني باللي شوفته ابدا..
ابتعد عنه محمود بلامبالاة وقال :
_ مش هتفرق أنتوا الاتنين زبـ.ـا.لة زي بعد ويمكن تكون أوسـ.ـخ منك..
بعد نصف ساعة أخرى كان علاء يدق على باب منزله بكف مرتجفة، لحظة والثانية وكانت مريم تفتح إليه الباب، أول ما وقعت عينيها عليه ألقت بنفسها داخل أحضانه مردفة بذهول :
_ علاء حبيبي أخيرا رجعت دورت عليك في كل حتة حتى حوجت لنفسي لقليلة الأصل اللي اسمها سارة ورفضت تساعدني بقت عاملة نفسها هانم الرخيصة اللي باعت نفسها بشوية فلوس..
صممت عنـ.ـد.ما شعرت بجموده وعدم لمسه لها، عادت خطوة للخلف وحدقت به بتعجب مردفة :
_ أنت مين اللي عمل فيك كدة يا حبيبي؟!...
جذبها من خصلاتها بجبروت والقى بها على باب المنزل مردفا :
_ أنتِ طالق طالق طالق ومش عايزة أشوف وشك ولا وش اختك تاني يا عيلة فقر..
تألمت من وقعها وقبل ان ترفع رأسها سمعت طـ.ـلا.قها، تجمد جسدها ورفعت رأسها إليه مردفة :
_ علاء أنا بحبك قولي عايزني أعمل إيه عشان تبقى معايا وانا هعمل..
_ عايزك تغوري من وشي..
قالها وأغلق باب المنزل بوجهها، تركها تذوق نيران الفراق للمرة الأولى تركها تعاني بمفردها حتى يخلص نفسه ويفر عن محمود علام بعيدا..
_____ شيما سعيد ______
بشركة محمود..
بمكتب سمية..
كانت تجلس وأمامها أحد الملفات الخاصة بالمشروع، وضعت القلم بين خصلاتها لتعطي لنفسها مساحة أكثر بالتفكير، شعرت للحظة بالعجز فوضعت يدها على وجهها مردفة :
_ وبعدين بقى يا سمية ما تشغلي مخك شوية وكفاية غباء..
وصلت إليها ضحكة رجولية رنانة جعلتها ترفع رأسها، أحمر وجهها بخجل يدلف إليها للمرة الأولى أمام رجل، أقترب منها معتز بخطوات هادئة وقال :
_ عاملة خناقة مع الملف؟!..
حركت رأسها بالقليل من التـ.ـو.تر مردفة :
_ لأ أنا بس بحب أتكلم وأنا بشتغل عشان أفضل مركزة..
ابتسم إليها إبتسامة جذابة ثم سند جسده على سطح المكتب وقام بمد يده ليزيل القلم عن خصلاتها فسقطت خصلة على وجهها مردفا :
_ ويا ترا بقى خلصتي شغلك والا لسة؟!...
ما هذا؟!.. كيف لها أن تشعر بتلك الدقات أمام شاب تراه للمرة الأولى، أبتعدت بالمقعد للخلف قليلا ثم قالت :
_ لسة شوية..
_ بس احنا في بريك الغدا مينفعش تشتغلي قومي معايا نتغدا سوا..
نفت بحركة بسيطة من رأسها مردفة :
_ لأ اتفضل أنت يا أستاذ معتز وأنا لما أجوع هبقي أجيب أي حاجة.
وهل إبن محمود علام شاب عادي؟!.. لا والله فهو يحمل وسامة ابيه وقوة شخصيته مع الكثير من خبث والدته وهذا اعطي إليه مزيج مبهر، قام من محله مردفا :
_ مفيش عندنا الكلام ده اتفضلي يا أستاذة قدامي ومن غير أي اعتذار عشان مش هقبل..
بعد أقل من عشر دقائق كانت تجلس على المقعد المقابل إليه بأحد المطاعم الفخمة، قدم لها المنيو مردفا :
_ تحبي تأكلي إيه؟!..
_ أي حاجة مش مشكلة..
أبتسم إليها ثم قال بمرح :
_ في الأول البنت تبقى مكسوفة وبعد كدة تأكلي أيد الراجـ.ـل عادي..
حدقت به بذهول ثم ضحكت على أثر ضحكته مردفة :
_ تعرف إن دي أول مرة أخرج فيها مع حد معرفوش..
بغمزة واثقة قال :
_ مهو أنا مش أي حد أنا معتز علام، بس مش غريبة بنت صغيرة كدة تكون صاحبة شركة كبيرة زي شركة عمران؟!..
تنهدت بحزن وقالت :
_ دي شركة بابي الله يرحمه ومن سنين كنت شاغلة معاه من أولى ثانوي لما اتوفى بقى لأزم أشيل الشغل خصوصا اني وحيدة..
وحيدة ؟!.. هذا رائع، أخذ نفسه براحة ثم قال :
_ أنتِ عندك كام سنة؟!..
_20
_ وأنا 18..
للحظة أهتزت من سماع سنه وقالت :
_ أنتِ أصغر مني..
_ مش مهم المهم اني حطيتك في دماغي...
_____ شيما سعيد ______
بعد أسبوع أخر..
بعد منتصف الليل دلف محمود للجناح ومثل العادة الأخيرة سارة تنام وبين أحضانها فاطمة أما هو يكفى عليه الاريكة، زفر بضيق ثم ألقى بجسده على الاريكة مردفا بغيظ :
_ وبعدين بقى في العيشة القرف ده أخطف البنت دي وأرميها على باب جامع يمكن يكون ليا مكان على السرير..
ظل عدة لحظات يفكر بالفكرة حتى قام من محله بهدوء ثم قام بحمل فاطمة من بين يدي سارة بحذر شـ.ـديد وضمها اليه، بخطوات بطيئة خرج بها من الجناح ووقف أمام جناح والدته حدق بها ثم ابتسم بحنان على حلاوة ملامحها هامسا :
_ حقك عليا يا قلب بابا بس طول ما انتِ في الاوضة مش هعرف اعمل حاجة أمك بتستقوي بيكي..
دق على باب غرفة والدته وبعد عدة ثواني فتحت اليه حنان ومعالم النوم ظاهرة عليها، نظرت إليه بقلق ثم نظرت لفاطمة مردفة بلهفة :
_ مالها يا محمود البنت فيها إيه؟!..
قدمها إليها على طبق من ذهب ثم قال بابتسامة :
_ حفيدتك الغالية هتنام في حـ.ـضـ.ـنك النهاردة وبكرا كمان لأني مش هرجع الا بعد يومين، خدي بالك منها يا ماما ماشي يلا بالاذن انا بقى..
تركها تحمل الصغيرة وذهب لسارة بخطوات سريعة، فتح عليها الباب بهدوء وحملها بين يديه بغطاء الفراش وخرج بها من قصر علام، وضعها بالمقعد الخلفي للسيارة وهمس بتعجب :
_ مالها دي كل ده وهي نايمة؟!..
مر عشر دقائق ووصل بها لفيلاتها، وضعها على الفراش ثم أقترب من باب الغرفة وأغلقه بكل ما أتت إليه من قوة، أنتفضت من نومها برعـ.ـب على أثر الصوت فوجدته يزيل عنه ملابسه بهمجية اعتدلت ووقفت فوق الفراش مردفة :
_ هو في إيه بالظبط يا محمود؟!..
_ في اني خلاص جبت أخرى شغل الدلع بتوع الأسبوعين اللي فاتوا انتهوا من دلوقتي في معاملة جديد..
أتسعت عينيها مردفة :
_هتعمل إيه يعني؟!..
_ هعاقبك لحد ما تتعلمي الأدب..
_ ناوي تحبسني لوحدي سنة المرة دي..
_ أنتِ اللي قولتي المدة بلسانك يا بسبوسة بس المرة دي هنتحبس مع بعض..
_____ شيما سعيد _____
↚
بغرفة سارة..
كانت تحمل فاطمة بين يديها وتغني لها بصوات هامس حتى تساعدها على النوم، دلفت إليها حنان وعلى وجهها علامـ.ـا.ت التـ.ـو.تر، حركت رأسها بتسأول لتقول حنان :
_ معلش يا سارة ممكن الموبايل بتاعك أعمل منه مكالمة مش عارفة بتاعي راح فين...
أبتسمت إليها سارة ثم أشارت لها على الطاولة المجاورة لها مردفة :
_ من غير ما تطلبي يا طنط اتفضلي هناك أهو..
_ أنتِ فتحتيه من الصبح؟!..
سؤال عجيب ومع ذلك قالت سارة بمرح وهي تنظر لفاطمة بحسرة :
_ وهي اللي عندها بنت قمورة ونكدية زي أبوها كدة هتعرف تمسك فون برضو؟!.. أكيد لأ...
ضحكت حنان براحة ثم سحبت الهاتف وخرجت من الغرفة، أغلقت الباب خلفها ووضعت يدها على قلبها مردفة :
_ الحمد لله تمت المهمة زي ما محمود طلب بسلام..
ارتجف جسدها وهي تسمع صوته خلفها، منذ أن عاد وهي تفر هنا وهناك بعيدا عنه وها هو الآن يقف خلفها وينطق اسمها، يا الله كم كانت تحبه وكم كانت تعشق حروف إسمها من بين شفتيه، زوجها الحبيب تحول بعد أشهر قليلة لرجل خائن، أصبح الحب رماد ومشاعرها بلا معنى مجرد امرأة راضية بالخيانة وتعيش على هامش حياة زوجها، امرأة معقدة بلا شخصية، عاد ندائه بــــاسمها فأخذت نفس عميق ودارت اليه مردفة :
_ خير يا طاهر؟!.
تشتت من قوتها، دائماً يذهب مهما يذهب وعنـ.ـد.ما يعود يجدها مثلما تركها، لأول مرة تفر منه لأول مرة ترفض لقائه، سألها بتعجب :
_مش كفاية دلع لحد كدة؟!..
دلال؟!.. هل يرى ردها البسيطة على أفعاله مجرد دلال؟!. رفعت حاجبها بتعجب مردفة :
_ دلع؟!.. وأنا من امتي شوفتك عشان أدلع عليك ما أنت طول عمرك من ست لست، كنت الأول بترمي حملك على عمي الله يرحمه ولما مـ.ـا.ت شيلت محمود الليلة، بس بصراحة أنا مستغربة جدا بقى لك أكتر من خمس شهور هنا ايه مفيش واحدة جديدة دخلت مزاجك والا العضمة كبرت؟!..
كان يقف أمامها مذهول وهو يراها بثوبها الجديد، فقال :
_ لما أنا طول عمري كدة زي ما بتقولي وأنتِ فضلتي معايا سنين على الحال ده وكنتي راضية إيه الجديد بقى اللى يخليكي كدة؟!..
_ الجديد اني قرفت، فوقت من القرف اللي كنت عايشة فيه وراضية بيه، عيلة صغيرة في عمر سارة قالت لأ للظلم وأنا زي العبـ.ـيـ.ـطة فضلت فيه سنين لحد ما ضيعت ولادي من أيدي، محمود ضيع عمره على الفاضي والتاني طلع زيك من ست لست ومن بلد لبلد.
تغيرت حنان تغيير مخيف، سأله بقلق :
_ يعني إيه الكلام ده يا حنان..
تنهدت بتعب ثم قال بهدوء :
_ احنا مش صغيرين عشان أقولك طلقني يا طاهر أنت قدري وأنا راضية بيه، ده قدام الكل لكن بيني وبينك أنا بنت عمك وأم أولادك وبس غير كدة لأ، روح كمل طريقك اللي كله حـ.ـر.ام في حـ.ـر.ام بعيد عني.. اه نسيت أقولك البنت اللي أنت سألت تبقى مين تبقى أروي بنتك اللي رفضت تعترف بيها كتر خيرك من كتر الستات والسنين نسيت شكلها..
ذهبت من أمامه بخطوات سريعة وهي لأول مرة تشعر بالراحة، تشعر بالفخر من حالها وهي أخيرا تمد يدها وتأخذ حقها لتبقى عزيزة النفس، رفعت هاتفها وقامت بالإتصال على محمود الذي كان ينتظر هذا الإتصال رد عليها بلهفة :
_ ها يا ماما سارة شافت حاجة؟!..
_ لأ يا حبيبي أطمن الآنسة فاطمة واخدة وقت مامتها كله، دخلت أخدت منها الموبايل وهو معايا أهو..
سمعته يردد براحة :
_ الحمد لله الحمد لله...
ابتسمت بحنان ثم قالت :
_ لدرجة دي بتحبها وخايفة عليها؟!..
_ أكتر من روحي دي عوضي اللي فضلت سنين مستنيه مكافأة ربنا ليا على صبري يا أمي..
_ ربنا يبـ.ـاركلك فيها يا حبيبي، بس اني أخد الموبايل ده مش حل ما أكيد هرجعه تاني وهي هتشوف الأخبـ.ـار لو مش النهاردة هيبقى بكرا..
أخذ نفس عميق ثم قال :
_عارف بس وقتها هيبقى المؤتمر الصحفي عدي وحقها رجع والناس هتبقى عارفة الحقيقة، هتشوف الاخبـ.ـار الوحشة ومعها الحلوة يا ست الكل..
_ فهمتك يا حبيبي، محمود أنا عملت حاجة في ساعة غضب وخايفة تزعل مني..
بقلق سألها :
_ في إيه يا ماما؟!..
_ قولت لطاهر على أروي..
تنهد بهدوء :
_ مفيش مشكلة وهو كدة كدة كان هيعرف ومش هتفرق كتير يا ماما، يلا خدي بالك من سارة وطمطم لحد ما أرجع..
_ في عنيا يا حبيبي..
_____ شيما سعيد _____
بعد مرور ساعة..
كان يجلس محمود بغرفة الاجتماعات الخاصة به وامامه عدد كبير من كاميرات التصوير، جلس بجواره معتز وعلى فأشار محمود لمعتز بعينه حتى يبدأ الحديث، رسم معتز إبتسامة جادة على معالم وجهه وقال :
_ أهلا بيكم كلكم في شركة علام، أول حاجة أنا استأذنت من بابا أتكلم الأول لأن الموضوع ده بالنسبة ليا مهم زي ما هو مهم لبابا بالظبط، مدام سارة تبقى مرات بابا من أكتر من سنة وماما هي اللي طلبتها بنفسها وكانت الله يرحمها متقبلة ومبسوطة جدا خصوصا إنها عارفة سارة كويس وعارفة انها أكتر واحدة هتحافظ على بابا بعد موتها، ماما كانت تعبانة من 15 سنة وأكتر بس للأسف في الشهور الأخيرة الحالة بقت صعبة وسارة كانت طول الفترة دي جانبها لأنها مش بس مرات بابا لا هي كمان بنت عم ماما ومتربية على ايدها..
صمت بعد ما قال ما حفظه من محمود علام، أخذ محمود نفسه براحة شـ.ـديدة ثم ابتسم لمعتز أمام أعين الجميع مردفا :
_ وفقت معتز يبدأ الكلام لأني عارف إنه هيجيب حق أم أخته، اللي نزل الصبح ده كلام في عرضي وده غير مسموح بيه، أنا رجل أعمال مش ممثل ولا مغني عشان حياتي الشخصية يبقى سهل الكلام فيها بالشكل ده، سارة تبقى بنت عمي ومراتى وأم بنتي كل واحد أتكلم في حقها حتى لو بينه وبين نفسه هيتحاسب...
كان حديثه تهديد صريح وصل لكلا من يسمع اللقاء عبرة الشاشات، كان على وشك الإنتهاء من المؤتمر الا أن علي قرر استغلال الفرصة لصالحه وقال بابتسامة سعيدة :
_ وبالمناسبة السعيدة دي حابب أنا ومحمود نعلن عن خطوبتي من أروي طاهر علام أخت محمود الصغيرة..
كان أعلان ناري، تجمد محمود بعده لعدة لحظات قبل أن يبتسم بهدوء مردفا :
_ شرفتونا يا شباب..
____ شيما سعيد _____
بعد نصف ساعة..
بمكتب أروي بمصنع سارة، كانت مصدومة بعد سماعها للحوار الصحفي الخاص بشقيقها والكارثة الكبرى التي فعلها علي، تعيد الفيديو مرة والثانية والعاشرة بمشاعر مختلطة سعيدة باعترافه بها سعيدة بكونه يريدها أمام الجميع، سقطت دمعة مرتجفة من عينيها ثم مررت أصابعها على وجهه عبرة الهاتف هامسة :
_ أنت الوحيد اللي عايزني في حياتك يا علي أنت بس اللي معترف بيا في الدنيا دي كلها..
دلف عليها بنفس اللحظات، رفعت عينيها وجدته أمامها يقف بأنفاس متقطعة وكأنه كان بداخل حرب، أزالت دمعتها سريعاً ثم قامت مكانها مقتربة منه بتعجب مردفة :
_ في إيه يا علي هو أنت كنت بتجري؟!..
أغلق عليهما باب المكتب سريعاً ووقف خلفه مردفا برعـ.ـب :
_ محمود بيدور عليا..
أتسعت عينيها برعـ.ـب ثم أبتعدت عنه عدة خطوات مردفة :
_ منك لله يا شيخ ولما هو بيدور عليك جاي عندي ليه؟!.. سايب الدنيا كلها وجاي ليا أنا..
_ جاي اتحامي فيكي مش عندك عضلات وليكي في الشغل ده؟!..
أقتربت من باب المكتب وفتحته مردفة بخوف :
_ أمشي من هنا أقبل ما محمود يعرف مكانك أنا لسة في عز شبابي وأنت مش عارف ايد محمود تقيلة إزاي..
نسي خوفه ونسي ما آت من أجله وتذكر فقط جملتها الأخيرة فقال بغضب :
_ وأنتِ عرفتي إن ايده تقيلة منين هو مد أيده عليكي قبل كدة..
رأي بعينيها نظرة حزن لذكرى كانت بشعة، اومـ.ـا.ت برأسها ثم قالت :
_ لما صممت على الجواز من سيد ضـ.ـر.بني بالقلم..
معه حق لو كان بمحله لكان فصل كل جزء منها بمكان بعيدا عن الاخر، ومع ذلك صرخ بغضب :
_ مهي عملتي مش من حقه يرفع أيده عليكي ده أنا هقطع أيده اللي أترفعت عليكي دي..
_هتقطع أيد مين يا زفت أنت؟!.
انتفض جسد أروي مع وصول صوت محمود إليها، أبتعد عن الباب برعـ.ـب ووقفت بعيدا عن علي مردفة :
_ والله يا محمود هو اللي جه..
نظر إليها علي بضيق :
_ في ايه يا بت في لحظة بعتيني؟!..
دلف محمود للداخل ثم سحب أروي للخارج وأغلق الباب عليه هو علي بالمفتاح من الداخل، ابتعد علي مردفا بحذر :
_ أنت ناوي على إيه بالظبط؟!..
_ ناوي أعلمك الأدب، بقى بتحطني قدام الأمر الواقع يا حـ.ـيو.ان؟!..
أشار اليه علي بالقليل من الهدوء ثم قال :
_ مش بحطك قدام الأمر الواقع والا حاجة بس أروي هتبقى مراتي لو مش دلوقتي هيبقى بعدين لأزم الناس تعرف بوجودها يا محمود هي هتفضل مش من العيلة الكريمة كتير؟!..
صمت محمود وقليلا وهو يعلم أن علي معه حق، أوما اليه وقال :
_ والناس عرفتها أنت حشرت نفسك في جوازه منها ليه علي أروي مش ليك ريح نفسك بقى..
قالها وخرج من الغرفة وجدها تقف بالخارج ومعها ضحى فابتسم بسخرية ثم نظر إلي صديقه بمعنى " لو علمت بقصة ضحي وما فعلته بها ستكون نهايتك"
تـ.ـو.ترت علي خصوصا عنـ.ـد.ما قالت أروي بتعجب :
_ ضحى أنت بتعملي إيه هنا؟!..
ابتسمت ضحى بهدوء مردفة :
_ أنا بشتغل هنا وأنتِ..
جذبها محمود بين أحضانه مردفا :
_ دي أروي أختي يا ضحى أنتوا تعرفوا بعض منين؟!..
نظرت ضحى لعلي بذهول وهي تسأل نفسها كيف فعل بصديقه ما فعله كيف مد يده على حرمة بيت صديقه؟!.. أشارت لاروي مردفة :
_ ده اللي هو ازاى طيب واللي حصل..
ضغط أروي على يدها تمنعها من الحديث نظر إليها محمود بتعجب مردفا :
_ هو إيه اللي حصل..
حركت رأسها وقالت :
_ أقصد يعني أنا وأروى أصحاب من فترة ومكنتش أعرف إنها أخت حضرتك..
كان على يقف بعيدا بحالة من الذهول، علم الان فقط ان عالمه سيسقط فوق رأسه بأي لحظة، ترك المكان وذهب وعقله يردد :
_ مهما حاولت تهرب يا علي هيفضل الماضي وراك..
_____ شيما سعيد _____
بقصر علام أعلنت فاطمة هانم علام أخيراً وقت راحة والدتها ونامت، وضعت سارة قبلة رقيقة فوق جبينها ثم أخذت نفس عميق مردفة :
_ زي أبوكي بالظبط مزعجة ومغرورة وقمر ودمك خفيف كله في وقت واحد محمود علام رقم اتنين..
دلف للغرفة بنفس اللحظة وسمعها فأبتسم قائلا :
_ وماله محمود علام بقى يا ست بسبوسة..
صوته يريح قلبها، أشتاقت لتفاصيل كثيرة بينهما وأولها حـ.ـضـ.ـنه المريح جدا لها، بعينيه نظرات حنين جعلتها تشعر بما يشعر به، أقترب منها مردفا :
_ عقابي هيخلص أمتي يا بسبوسة حشـ.ـتـ.ـيني و ؟!..
عقابه؟!.. نعم نعم تذكرت أفعاله، أخذت نفس عميق قبل أن تشير إليه الإبتعاد مردفة :
_ وهو فين العقاب ده يا محمود؟!.. ما أنا عايشة معاك أهو..
عايشة معه بجسد إنسان آلي خالي من الروح، أين روحها أين دلالها؟!.. جذبها ليبتعد بها عن الصغيرة ثم أخذها لغرفة أخرى بداخل الجناح مردفا :
_ عايشة ازاي؟!.. يا سارة حـ.ـر.ام عليكي حشـ.ـتـ.ـيني و ..
أشارت لنفسها ببعض الحزن ثم قالت بتعجب :
_ وحشتك وأنا عايشة معاك في أوضة واحدة أمال الخمس شهور اللي فاتوا دول مروا عليك ازاي؟!..
أعترف مثل الطفل الصغير المنتظر كلمة سماح من والدته :
_ مهو أنا بصراحة كنت حاطط كاميرات في كل مكان في الشالية وكنت بشوفك طول الوقت..
يا ليته صمت كان موقفه سيبقى أفضل بكثير، أنتفضت بعيدا عنه بذهول، للحظة شعرت كم كانت لعبة بيده يحركها كما يشاء، كان يراها تعاني بدونه وهو يشاهد بمتعة، حاول الاقتراب منها فوضعت يدها حاجز بينهما مردفة :
_ خليك مكانك متقربش مني..
_ حبيتي أنا..
انفجرت به مردفة :
_ أنا مش حبيبتك لو كنت كدة كنت على الاقل هصعب عليك وأنا بموت لوحدي، يا سلام على جبروتك وقلبك كنت بتتفرج عليا وشايف بعينك عايشة إزاي ومكمل في حبسي زي الكـ.ـلـ.ـبة عادي، أنت بشع يا محمود بشع..
حرك رأسه بنفي، كل ما قالته فوق طاقته، جذب يدها وقبلها عدة قبلات مردفا بلهفة :
_ لأ يا قلبي لأ، كنت موجوع أكتر منك بس مكنش عندي حلول تانية..
أومـ.ـا.ت إليه بصمت، تركته يضمها وهي تتذكر المقولة الشهيرة " العتاب من باب المحبة" عاتبته كثيرا والآن وبكل أسف انغلق أمامها باب المحبة، أبتعدت عنه وقالت :
_ مش مشكلة حصل خير، هروح أشوف فاطمة أحسن تصحى وانا مش معاها تخاف..
هذا كثيرا عليه هذا فوق طاقته، وضع يديه حول خصرها يمنعها من الحركة مردفا :
_ يعني إيه الكلام ده مش هتقولي حاجة تانية؟!.
نفت بحركة بسيطة من رأسها مردفة :
_ لأ معنديش كلام أقوله عن أذنك..
_ لأ استنى في حاجة لأزم تشوفيها الأول..
قال هذا بتـ.ـو.تر نظرت إليه بتعجب دون كلمة، أخرج هاتفه ثم فتح لها على تطبيق الفيسبوك ووضعه بين يديها :
_عايزك تشوفي الاخبـ.ـار دي بس من غير زعل..
رأت ما أراد أن تراه، صورها وحديث الناس عنها، بين كلمـ.ـا.ت قاسية وكلمـ.ـا.ت أخرى ترفض التدخل بحياة الناس دون معرفة الحقيقة كاملة، رأت عنوان عريضة مكتوب عليه " شابة صغيرة تسرق رجل من زوجته مستغلة جمالها من أجل المال" ابتسمت وأعطت إليه الهاتف مردفة :
_ في حاجة تانية والا أروح أشوف بنتي..
صرخ بها بغضب :
_ إيه السلبية دي مالك فيكي ايه مفيش ردت فعل على الكلام ده..
_ تؤ مفيش ما دي فعلا الحقيقية يا محمود بنت حلوة عايزة فلوس وراجـ.ـل معاه فلوس عايز ست، فين المشكلة في كلامهم؟!..
أتسعت عينيه بذهول مردفا :
_ سارة أنتِ بتقولي إيه؟!..
_ الحقيقة..
عن أي حقيقة تتحدث؟!.. كيف أصبحت بهذا الاستسلام؟!.. هل هذا صنع يده؟!.. نعم يا إبن علام هذا بالفعل صنع يدك هذا ما كنت تريدها أن تتعلمه، سألها بذهول :
_ حقيقة إيه يا حبيبتي أنتِ روحي يا سارة روحي، إزاي تقولي كدة؟!..
بــــاستسلام شـ.ـديد قالت :
_ ماشي أنا روحك.
صرخ بغضب أنتفضت على أثره :
_ في إيه؟!..
_ مفيش غير اني عايزة أعيش مع بنتي من غير عقاب يا محمود، مش عايزة أعمل حاجة تزعلك ترجعني تعاقبني تاني وأنا مش عايزة أبعد عن فاطمة..
أنهت جملتها ثم أعطت ظهرها إليه بابتسامة لذيذة وعادت للفراش بجوار ابنتها هامسة :
_ هو أنت لسة شوفت مني حاجة صبرك عليا..
_____ شيما سعيد _____
بعد ساعتين..
بأحد المخازن الموجود بها علاء، دلف إليه محمود وجدته مثلما تركه أخر مرة ملقي على الأرض مقيد، أخذ نفس عميق قبل أن يشير لاحد رجاله مردفا :
_ فكوه..
نفذ أمر ليقول محمود بقوة :
_ ساعده يقوم..
ساعده ليقف أمامه فظل محمود يتابعه بصمت حتى قال علاء :
_ أرحمني يا باشا وانا والله العظيم هسيب البلد كلها وأهج..
أقترب منه محمود بخطوات واثقة ثم وقف أمامه ووضع يده على قميصه يعدل مردفا ببرود :
_ شطور يا علاء أنا من زمان بقول عليك زي وعارف مصلحتك كويس، هتطلع من هنا تلم هدومك وتغور أنت ومراتك في ستين داهية، لو شوفتك بعد اللحظة دي صدفة هزعلك..
شعر علاء بعودة روحه له بعد رحلة من المعاناة، فأوما لمحمود عدة مرات بسعادة :
_ امرك يا باشا وبنت الكـ.ـلـ.ـب دي من هنا ورايح مش مراتي أنا مش عايز أي حاجة تفكرني باللي شوفته ابدا..
ابتعد عنه محمود بلامبالاة وقال :
_ مش هتفرق أنتوا الاتنين زبـ.ـا.لة زي بعد ويمكن تكون أوسـ.ـخ منك..
بعد نصف ساعة أخرى كان علاء يدق على باب منزله بكف مرتجفة، لحظة والثانية وكانت مريم تفتح إليه الباب، أول ما وقعت عينيها عليه ألقت بنفسها داخل أحضانه مردفة بذهول :
_ علاء حبيبي أخيرا رجعت دورت عليك في كل حتة حتى حوجت لنفسي لقليلة الأصل اللي اسمها سارة ورفضت تساعدني بقت عاملة نفسها هانم الرخيصة اللي باعت نفسها بشوية فلوس..
صممت عنـ.ـد.ما شعرت بجموده وعدم لمسه لها، عادت خطوة للخلف وحدقت به بتعجب مردفة :
_ أنت مين اللي عمل فيك كدة يا حبيبي؟!...
جذبها من خصلاتها بجبروت والقى بها على باب المنزل مردفا :
_ أنتِ طالق طالق طالق ومش عايزة أشوف وشك ولا وش اختك تاني يا عيلة فقر..
تألمت من وقعها وقبل ان ترفع رأسها سمعت طـ.ـلا.قها، تجمد جسدها ورفعت رأسها إليه مردفة :
_ علاء أنا بحبك قولي عايزني أعمل إيه عشان تبقى معايا وانا هعمل..
_ عايزك تغوري من وشي..
قالها وأغلق باب المنزل بوجهها، تركها تذوق نيران الفراق للمرة الأولى تركها تعاني بمفردها حتى يخلص نفسه ويفر عن محمود علام بعيدا..
_____ شيما سعيد ______
بشركة محمود..
بمكتب سمية..
كانت تجلس وأمامها أحد الملفات الخاصة بالمشروع، وضعت القلم بين خصلاتها لتعطي لنفسها مساحة أكثر بالتفكير، شعرت للحظة بالعجز فوضعت يدها على وجهها مردفة :
_ وبعدين بقى يا سمية ما تشغلي مخك شوية وكفاية غباء..
وصلت إليها ضحكة رجولية رنانة جعلتها ترفع رأسها، أحمر وجهها بخجل يدلف إليها للمرة الأولى أمام رجل، أقترب منها معتز بخطوات هادئة وقال :
_ عاملة خناقة مع الملف؟!..
حركت رأسها بالقليل من التـ.ـو.تر مردفة :
_ لأ أنا بس بحب أتكلم وأنا بشتغل عشان أفضل مركزة..
ابتسم إليها إبتسامة جذابة ثم سند جسده على سطح المكتب وقام بمد يده ليزيل القلم عن خصلاتها فسقطت خصلة على وجهها مردفا :
_ ويا ترا بقى خلصتي شغلك والا لسة؟!...
ما هذا؟!.. كيف لها أن تشعر بتلك الدقات أمام شاب تراه للمرة الأولى، أبتعدت بالمقعد للخلف قليلا ثم قالت :
_ لسة شوية..
_ بس احنا في بريك الغدا مينفعش تشتغلي قومي معايا نتغدا سوا..
نفت بحركة بسيطة من رأسها مردفة :
_ لأ اتفضل أنت يا أستاذ معتز وأنا لما أجوع هبقي أجيب أي حاجة.
وهل إبن محمود علام شاب عادي؟!.. لا والله فهو يحمل وسامة ابيه وقوة شخصيته مع الكثير من خبث والدته وهذا اعطي إليه مزيج مبهر، قام من محله مردفا :
_ مفيش عندنا الكلام ده اتفضلي يا أستاذة قدامي ومن غير أي اعتذار عشان مش هقبل..
بعد أقل من عشر دقائق كانت تجلس على المقعد المقابل إليه بأحد المطاعم الفخمة، قدم لها المنيو مردفا :
_ تحبي تأكلي إيه؟!..
_ أي حاجة مش مشكلة..
أبتسم إليها ثم قال بمرح :
_ في الأول البنت تبقى مكسوفة وبعد كدة تأكلي أيد الراجـ.ـل عادي..
حدقت به بذهول ثم ضحكت على أثر ضحكته مردفة :
_ تعرف إن دي أول مرة أخرج فيها مع حد معرفوش..
بغمزة واثقة قال :
_ مهو أنا مش أي حد أنا معتز علام، بس مش غريبة بنت صغيرة كدة تكون صاحبة شركة كبيرة زي شركة عمران؟!..
تنهدت بحزن وقالت :
_ دي شركة بابي الله يرحمه ومن سنين كنت شاغلة معاه من أولى ثانوي لما اتوفى بقى لأزم أشيل الشغل خصوصا اني وحيدة..
وحيدة ؟!.. هذا رائع، أخذ نفسه براحة ثم قال :
_ أنتِ عندك كام سنة؟!..
_20
_ وأنا 18..
للحظة أهتزت من سماع سنه وقالت :
_ أنتِ أصغر مني..
_ مش مهم المهم اني حطيتك في دماغي...
_____ شيما سعيد ______
بعد أسبوع أخر..
بعد منتصف الليل دلف محمود للجناح ومثل العادة الأخيرة سارة تنام وبين أحضانها فاطمة أما هو يكفى عليه الاريكة، زفر بضيق ثم ألقى بجسده على الاريكة مردفا بغيظ :
_ وبعدين بقى في العيشة القرف ده أخطف البنت دي وأرميها على باب جامع يمكن يكون ليا مكان على السرير..
ظل عدة لحظات يفكر بالفكرة حتى قام من محله بهدوء ثم قام بحمل فاطمة من بين يدي سارة بحذر شـ.ـديد وضمها اليه، بخطوات بطيئة خرج بها من الجناح ووقف أمام جناح والدته حدق بها ثم ابتسم بحنان على حلاوة ملامحها هامسا :
_ حقك عليا يا قلب بابا بس طول ما انتِ في الاوضة مش هعرف اعمل حاجة أمك بتستقوي بيكي..
دق على باب غرفة والدته وبعد عدة ثواني فتحت اليه حنان ومعالم النوم ظاهرة عليها، نظرت إليه بقلق ثم نظرت لفاطمة مردفة بلهفة :
_ مالها يا محمود البنت فيها إيه؟!..
قدمها إليها على طبق من ذهب ثم قال بابتسامة :
_ حفيدتك الغالية هتنام في حـ.ـضـ.ـنك النهاردة وبكرا كمان لأني مش هرجع الا بعد يومين، خدي بالك منها يا ماما ماشي يلا بالاذن انا بقى..
تركها تحمل الصغيرة وذهب لسارة بخطوات سريعة، فتح عليها الباب بهدوء وحملها بين يديه بغطاء الفراش وخرج بها من قصر علام، وضعها بالمقعد الخلفي للسيارة وهمس بتعجب :
_ مالها دي كل ده وهي نايمة؟!..
مر عشر دقائق ووصل بها لفيلاتها، وضعها على الفراش ثم أقترب من باب الغرفة وأغلقه بكل ما أتت إليه من قوة، أنتفضت من نومها برعـ.ـب على أثر الصوت فوجدته يزيل عنه ملابسه بهمجية اعتدلت ووقفت فوق الفراش مردفة :
_ هو في إيه بالظبط يا محمود؟!..
_ في اني خلاص جبت أخرى شغل الدلع بتوع الأسبوعين اللي فاتوا انتهوا من دلوقتي في معاملة جديد..
أتسعت عينيها مردفة :
_هتعمل إيه يعني؟!..
_ هعاقبك لحد ما تتعلمي الأدب..
_ ناوي تحبسني لوحدي سنة المرة دي..
_ أنتِ اللي قولتي المدة بلسانك يا بسبوسة بس المرة دي هنتحبس مع بعض..
_____ شيما سعيد _____
↚
بعد مرور شهرين..
بأحد المطاعم الراقية..
مد معتز يده لسمية بكوب من القهوة، كانت تحدق بها وهي تائهة تعيش مشاعر جديدة عليها وهذا يزيد قلقها، بكف مرتجف أخذت منه الكوب ليجلس أمامها مبتسماً، ثم قال:
_ مالك شكلك متـ.ـو.ترة من وقت ما قعدنا وأنتِ ساكتة؟!..
أخذت رشفة بها كم كبير من القهوة، ثم وضعت الكوب أمامها على الطاولة، تفعل أشياء عجيبة لتهرب بها من تأثير قربه عليها، ظل يتابعها وهو يبتسم بفخر على صنع يده، رفع عاجبه إليها ليحثها على الحديث فقالت بتعب:
_ إللي بيحصل ده غلط يا معتز..
سألها ببراءة:
_ وهو إيه إللي بيحصل يا سمية ؟!..
يدور بالحديث هي لديها القدر الكافي من الذكاء حتي تفهم ذلك، أخذت نفس عميق ثم سندت ظهرها على ظهر المقعد لتعطي لنفسها قدر من الوقار والجدية:
_ إللي إحنا فيه يا معتز..
_ وايه إللي إحنا فيه بقي ؟!.
أخذ أخر ما لديها من الهدوء فقالت بغضب:
_ بطل تلف وتدور بالكلام يا معتز بقي، أنا مش مرتاحة في العلاقة دي حاسة إني بعمل حاجة غلط والمفروض اتكسف منها..
كانت يسمعها بصدر رحب، تركها تقول ما تريد أن تقوله وهو فقط يسمع ويهتم، انهت حديثها وعينيها بهما الكثير من الدمـ.ـو.ع تحاول بكل ما لديها من قوة السيطرة عليها، سحب مقعده حتي جلس بجوارها فمد يده ليضم يدها وقال بحنان:
_ هو من أنت كان الحب حاجة غلط أو حاجة تتكسفي منها ؟!..
جملة بسيطة جعلتها تهتز، لا تعلم أهذا أعتراف منها بحبها أم وهم تتمني أن تسمعه، أبتلعت ريقها بذهول ورددت:
_ حب ؟!..
أومأ إليها مردفاً بإبتسامة رائعة:
_ بحبك يا سمية..
يحبها؟!.. قالها ؟!.. نعم قالها، رنت بداخل قلبها وعقلها بلحظة واحدة، رجفة لذيذة تغلغلت بجسدها للحظة، لحظة من السعادة والشعور بجنون مشاعر الحب، لحظة انتهت سريعاً لتبعد يدها عنه برفض لما يحاول يوصل بها إليه، تعجب من تحولها فقال:
_ مش هتقولي أي حاجة ؟!.
ما يحدث الآن جنون لابد أن ينتهي، قامت من مكانها مردفة بغضب:
_ هقول إيه ؟!. أنت أكيد مـ.ـجـ.ـنو.ن حب إيه وكلام فاضي إيه ؟!.. أنت أصغر مني يا معتز بالنسبة ليا عيل لسة في سن المراهقه إزاي تفكر فيا كده أو تتكلم معايا بالاسلوب ده؟!..
تغيرت معالم وجهه، إختفت ابتسامه وحل محلها غضب وشعور جنوني من فكرة رفضه للمرة الثانية، رد عليها بصوت مرعـ.ـب:
_ أقعدي مكانك بدل ما أقوم لأني لو قومت مش هخلي فيكي حتة سليمة ووقتها هت عـ.ـر.في مين فيا الصغير..
نبرته بمفردها جعلتها تجلس مثلما أمر فأكمل بنبرة خشنة حاول بث بها القليل من الحنان:
_ مين المـ.ـجـ.ـنو.ن إللي قالك إن الراجـ.ـل سن ؟!.. الراجـ.ـل اللي راجـ.ـل بجد بيتولد راجـ.ـل يا سمية وأنا مش أي راجـ.ـل أنا معتز علام..
تري به رجل كامل الرجولة، تعجز عن أي ردة فعل أمامه، تضعف وهي تنظر لعينه وتشعر إنه رجلها الوحيد، حركت رأسها بتعب ترفض ما يسير قلبها إليه مردفة:
_ معتز أرجوك خلينا نبعد عن بعض ونطلع الكلام الفارغ ده من دماغنا، إحنا لسة صغيرين أنا كمان في سن المراهقه مش أنت بس، حتي لو جوانا أي مشاعر هتموت مع الوقت يبقي الأحسن نحافظ على الشغل إللي بنا..
أخر ما كان يريد سماعه رفضها، بعد مرور شهرين فعل بهما كل ما لم يفعله رجل حتي يصل لقلبها سمع عدم تقبلها، رفض بحركة سريعة من رأسه مردفاً:
_ إحنا مش مراهقين زي ما بتحاولي تقولي، سمية أنا بحبك ومش ناوي أتنازل عن الحب ده ولا هدي ليكي فرصة صغيرة عشان تهربي مني، خديها نصيحة مني أقبلي علاقتنا لأنها مكملة معاكي لآخر عمرك..
رفعت حاجبها بغضب من غروره بالحديث قائلة:
_ حاسب على كلامك يا معتز من سمية عمران إللي حد يتكلم معاها بالشكل ده مهما كان مين الحد ده، وخد بالك كلمة زيادة هكلم محمود بيه وأقفل معاه المشروع كله..
_ بلح..
_ أفنـ.ـد.م ؟!..
قالتها بذهول ليزيد من ذهولها عنـ.ـد.ما جذب مقعدها لتلتصق به بالمعني الحرفي ثم قال بقوة:
_ بقولك بلح، مش فارق معايا حاجة ولا حد غيرك خليكي حلوة وقولي بحبك بدل ما أطلع***** أمك..
بلحظة كان دفع الحساب وتركها بمفردها فقالت برعـ.ـب:
_ ده مـ.ـجـ.ـنو.ن ده وإلا إيه ؟!..
____ شيما سعيد ____
بمصنع سارة مكتب أروي..
دلف علي دون السماع للسكرتيرة، راها تجلس على مكتبها وعينيها متعلقة بأحد الملفات، أغلق الباب خلفه بقوة جعلتها تنتبه إليه وصل إليها رائحة عطره ومع صوت الباب تأكدت من وجوده، غمضت عينيها لعدة لحظات حتى تأخذ أكبر قدر من الثبات ثم أخذت نفس عميق ورفعت رأسها إليه..
كان يقف أمامها بأعين غاضبة، شهرين من العذاب مروا عليه أحرقته نيران الاشتياق، ضـ.ـر.ب على المكتب بقوة مردفاً:
_ ممكن افهم إيه الجنان إللي بيحصل ده مش كفاية عليا أخوكي؟!.. أنتِ كمان بتهربي مني كأني مرض معدي..
أشارت إليه بهدوء على أحد المقاعد ثم قالت بتعب:
_ كنت بهرب عشان مش حابة أتكلم مش عايزة أخسرك يا علي..
جلس بذهول، نبرتها تقول كم هي تعاني ويـ.ـؤ.لمها البعد، صمت منتظر منها باقي الحديث، يريد فهم ما يحدث معها لكنها ظلت صامتة ترفض تجربة الحديث، فقال:
_ وايه إللي ممكن يخلينا نخسر بعض يا أروي ؟!. قولي كل إللي في قلبك وأنا هسمعك متخافيش..
خرجت منها تنهيدة طويلة وقالت بتعب:
_ أنت كنت متجوز ضحي فعلاً ؟!..
اهتز للحظة من مفاجأة السؤال وبعدها قال بهدوء:
_ أيوة..
لا ينكر ضيقه من معرفتها ولكن هذا جيد جداً حتي يغلق تلك الصفحة من حياته للأبد، أنتفض قلبها من بين ضلوعها بعدها ابتسمت بمرارة مردفة:
_ ليه ؟!..
عقد ما بين حاجبيه وقال:
_ ليه إيه ؟!..
_ ليه تعمل كدة في عيلة صغيرة؟!.. ليه تلعب بيها وتستغل أنها مالهاش غيرك وفي الآخر تخلع بالشكل ده ؟!.. إزاي طول الفترة إللي فاتت دي كنت قادر تنام على مخدتك مرتاح وفي واحدة مستقبلها ضاع بسببك ويا عالم هي واحدة بس وإلا لسة في كتير ؟!..
استمع إليها بصمت ثم قام من مكانه بهدوء وفتح باب المكتب، أشار للسكرتيرة قائلا:
_ روحي هاتي ضحي سكرتيرة سارة هانم واياكي تعرف إني هنا فاهمة..
أومـ.ـا.ت إليه بأحترام وذهبت لتنفيذ ما طلبه، عاد للداخل فقالت أروي بقلق:
_ علي ضحي بنت غلبانة أنت ناوي تعمل فيها إيه بالظبط ؟!..
خلع جكيت بذلته وألقي به عليها ثم جلس على المقعد المقابل لها ووضع ساق على الآخر بظهر مسنود على المقعد براحة مردفاً ببرود:
_ خليكي ساكتة لحد ما تيجي وتخرج بعدها قولي كل إللي نفسك فيه..
صمتت وبعد دقيقة أتت ضحي، أرتعبت من وجوده وقبل أن تعود خطوة واحدة للخلف قال بهدوء:
_ على فين يا دودو تعالي هنا...
حدقت بأروي تأخذ منها العون وبكل أسف كان حال أروي أصعب منها، تقدمت وجلست محل ما أشار إليها ثم قالت بتـ.ـو.تر:
_ حضرتك طلبتيني يا مدام أروي..
أجاب علي:
_ أنا إللي طلبتك يا دودو..
حدقت به بخوف شـ.ـديد قائلة:
_ ليه ؟!..
بإبتسامة رائعة قال:
_ حشـ.ـتـ.ـيني و ده إحنا كنا عشرة برضو..
علمت بمعرفته بحديثها فأخذت نفس عميق تتغلب به على خوفها وقالت:
_ أنا معملتش حاجة غلط لما قولتها إللي حصل، محمود بيه له فضل عليا كبير وهي كمان كويسة جدا معايا وحقها تعرف إنها فترة في حياة راجـ.ـل معندوش مشاعر كل تفكيره في السرير وبس..
صرخت بهلع عنـ.ـد.ما جذبها من ذراعها فجأة لتقف أمامه ثم صرخ:
_ وحياة أمك يا بت، تصدقي أنا أبن ستين كـ.ـلـ.ـب عشان وقفت معاكي إللي زيك كانت تتجوز إللي عنده 80 سنة تخدمي فيه لحد ما يموت وبعدين تترمي في الشارع..
قامت أروي سريعاً وجذبت ضحي بعيداً عنه مردفة:
_ إيه الهمجية دي يا علي ده مش أسلوب؟!.. أخرجي برة يا ضحي اخرجي..
صرخ بغضب:
_ لأ قولي الأول كنت متجوزك رسمي وإلا عـ.ـر.في واتجوزتك ليه أساسا بعدين أبقي غوري في داهية..
بصوت مرتجف قالت:
_ رسمي عشان تحميني من أهلي، بس كمان ضحكت عليا لحد ما شبعت وفي الآخر طلقتني وشغلتني خدامة عندك..
قبل أن يسحبها إليه اخرجتها أروي من المكتب، عاد لعلي لتجده يقف أمامها بغضب، فقالت:
_ ده مش أسلوب كلام..
أشار إليها بالصمت وقال:
_ اخرسي خالص أنا جبت أخري منك ومن دلعك، بقي ليا شهرين بلف وراكي زي المـ.ـجـ.ـنو.ن وفي الآخر يطلع السبب هايف..
قطعته بذهول:
_ أنت بتسمي كل ده سبب هايف ؟!..
_ أيوة هايف من حقك تزعلي لما نبقي متقابلين على سجاده الصلاة ومش في أوضة نومك فوقي يا بت..
فتحت عينيها بذهول وقالت:
_ هااا..
_ هاا إيه بصي فرحي عليكي بكرا غصب عنك وعن أخوكي يا عيلة مالهاش كبير..
_____ شيما سعيد _____
مساءاً
بقصر علام..
جلست سارة بجوار حنان، عضت على شفتيها بشفقة على حال الأخري منذ سفر زوجها، ابتسمت بالقليل من المرح وقدمت إليها فاطمة مردفة:
_ خدي حبيبة قلب جدتها أنا خالص زهقت من البنت دي ومش عايزة أشوف وش امها تاني..
أخذتها حنان من بين يديها بحزن ووضعت قبلة ناعمة على رأس حفيدتها مردفة:
_ مالها يا بنت دي طيبة خالص أهي وبتسمع الكلام..
ردت عليها سارة بسخرية:
_ هي مين دي اللي طيبه يا حاجه ؟!.. فاطمة؟!.. دي عقربه زي ابوها لا تطاق مش عارفه كان ليا فين الوقعه السودة دي والله..
أغلقت عينيها برعـ.ـب وهي تسمعه يرد من خلفها:
_ مالها الواقعة يا بنت ده انتِ كنتي هتموتي عشان ابص لك بس ..
وقعت بشر أعمالها، قامت من مكانها بإبتسامة متـ.ـو.ترة ثم دارت بوجهها إليه مردفة:
_ حبيبي حمد لله على السلامه هو أنت جيت امتى؟!..
أقترب من والدته بهدوء ثم وضع قبلة فوق رأسها ورأس فاطمة مردفاً:
_ عاملة إيه النهاردة يا ست الكل ؟!..
تجاهلها ؟!.. هل بالفعل ما رأته حقيقي وقام بتجاهل وجودها ؟!.. نظرت إليه وجدته يتحدث معه والدته بكل هدوء، هذا هدوء ما قبل العاصفة هي تشعر بذلك، انسحبت من المكان بسرعة البرق لغرفة نومها..
اصطدم جسدها بمعتز على الدرج فأبتعدت عنه بالقليل من التـ.ـو.تر، لأول مرة تقف أمامه بمفردها منذ عودتها، أبتسم إليها فحدقت به بتعجب فأكمل عليها قائلاً:
_ ازيك يا سارة عاملة إيه ؟!..
_ هااا..
قالتها بذهول، لا تصدق أن معتز يقف أمامها بهذا الهدوء ويسأل عن حالها، ضحك بمرح قائلا:
_ ها إيه بس بقولك عاملة إيه..
_ الحمدلله بخير..
تشعر بشيء غريب، قلبها أعطي لها صفيرة إنذار واضحة، أومأ إليها بهدوء مردفاً:
_ أنا عارف إني علاقتي بيكي باظت خالص في الفترة إللي فاتت، وعشان أكون صريح معاكي أنا لحد دلوقتي مش قادر اتقبل وجودك بس أنتِ حالياً أم أختي ومهمة جداً في حياة بابا فالافضل ان يبقي بنا علاقة كويسة رأيك إيه ؟!.
قال هذا ومد يده إليها كبداية سلام، تعالت دقات قلبها وكأن أصبح بينهما وبين الخطر خطوة واحدة، بيد مرتجفة سلمت عليها وهي تقول لنفسها " هذا أفضل من العداء فإنه إبن محمود" ابتسمت إليه وقالت:
_ عندك حق وصدقني أنا عمري ما أتمنيت نوصل لكل ده بس المكتوب مفيش منه هروب..
بصمت ذهب وبنفس اللحظة صعد محمود، نظر إليها بتساؤل فقالت:
_ معتز كان حابب يفتح معايا صفحة جديدة يا محمود..
سحبها من كفها الصغير وتحرك بها بخطوات سريعة لغرفة نومهما، دلف بها وأغلق الباب عليهما ثم تركها وخلع جكيت بذلته وألقي به على الفراش وجلس هو الآخر على طرف الفراش، للحظة شعرت بالخوف من تصرفاته ومع ذلك أقتربت منه مردفة:
_ حبيبي..
_ هو أنا فعلاً حبيبك يا سارة ؟!..
قالها بشك حقيقي وبداخله يتمني سماع كل كلمة منها تريح قلبه، تعجبت وقالت:
_ محمود أنا كنت بهزر مع طنط تحت عشان تنسي سفر عمو مش أكتر ليه بتقول كدة ؟!..
_ عشان خايف..
جملة بسيطة من كلمتين وصفت حالته كاملة، هو خائف بالفعل خائف، سحبها لتجلس على ساقه ودفن رأسه بصدرها الناعم مكملاً:
_ خايف تبعدي، وخايف أكون في حياتك أمر واقع مش قادرة تهربي منه، سارة أنا مريـ.ـض بيكي ومش عارف اتعالج..
أغلقت ذراعيها حوله بمحاولة بريئة منها لتشعره الأمان، عناق حنون به رسالة صريحة بالعشق، وضعت قبلة ناعمة على رأسه وهمست بدفئ:
_ مين يبقي معاها راجـ.ـل زيك ومتحبوش يا محمود أنت مش أي راجـ.ـل أنت سيد الرجـ.ـا.لة..
بأمل طفل صغير قال:
_ أنتِ كمان مش أي ست يا سارة، عايزك تحبيني وحياة فاطمة عندك حبيني من قلبك حتي لو حبة صغيرين يا ستي أنا راضي..
أبعد وجهه عنها قليلاً ووضعت أحد أصابعها على شعر ذقنه مردفة بدلال:
_ تؤ أنت تأخد الحب كله الشوية الصغيرين دول مش ليك يا حبيبي..
أصبحت بالنسبة له إدمان لا يشعر بالارتياح إلا بعد أخذ جرعته، أقترب من شفتيها وضمها بين شفتيه بشغف مستمتع بحلاوة قربها..
دقات متتالية على باب الغرفة جعلتها تدفعه بعيداً عنها، نظر إليها بغضب يرفض بعده عن متعته فقالت بإبتسامة:
_ معلش يا حبيبي ممكن حد من الخدم جايب فاطمة أفتح الباب...
زفر بضيق وقام ليفتح الباب رأي أمامه إحدى الخادمـ.ـا.ت فقال بغضب:
_ طالما محدش فتح من مرة بتخبطي تاني ليه ؟!..
عادت خطوة للخلف بخوف وقالت:
_ ماليش دعوة والله يا باشا دي أخت الست هانم تحت وشكلها غريبة فحنان هانم طلبت مني أجيب سارة هانم بسرعة..
بجبروت قال:
_ خلي الأمن يرميها في الشارع..
أنتفضت سارة من مكانها وقالت:
_ لأ طبعاً أنا نازلة أشوفها..
أشار للخادمة بالذهاب واغلق باب الغرفة ثم دار إليها مردفاً:
_ نازله تشوفي مين؟!..
_ مريم يا محمود.
ضحك بسخرية وقال:
_ مريم يا محمود؟!.. أنتِ بتتكلمي بجد ولا عقلك في ايه بالضبط؟!. واحدة عاشت عمرك كله بتستغلك ووقعتي في بدل المصيبه 10 ما فكرتش تسأل عليكي ودلوقتي بتقوليلي نازله تشوفيها؟!.. مش هتنزلي يا ساره والامن هيرميها بره قدام عينك..
وقفت أمامه قبل أن يقوم بالاتصال على الأمن وجذبت الهاتف من يده مردفة:
_ بلاش تعمل كده ما فيش حاجه تستحق أننا نعمل كل ده، هنزل أشوفها عايزة إيه وخلاص أنت ليه مصمم تحول الموضوع لمشكلة؟!..
أبتعد عن طريقها وقال بقوة:
_ براحتك يا ساره انزلي واعملي اللي أنتِ عايزاه بس ا عـ.ـر.في كويس قوي اني قولتلك بلاش..
_ بلاش ليه مش فاهمة؟!.. عملت معايا حاجات كتير وحشه ده حقيقي بس في نفس الوقت دي أختي زي ما عايده الله يرحمها عملت حاجات كتير وحشه وكانت بالنسبه لك مراتك اللي ما بتغلطش وزي ما معتز عمل حاجات كتير وحشه وبرضو بالنسبه لك ابنك اللي بتسامحه، فين المشكله لما اشوف اختي عايزه ايه....
نظرة واحدة منه جعلتها تصمت، وجدته يتجه للمرحاض بخطوات غاضبة فزفرت بضيق ونزلت للأسف..
وقفت أمام شقيقتها بصدمة، حالة مريم كانت حالة بشعة، ملابس قديمة تبدو لامرأة أكبر منها سنن وجسداً، أعين حمراء منتفخة، ووجه به جروح متفرقة هنا وهناك، أقتربت منها بخطوات مترددة وقالت:
_ مريم إيه إللي عمل فيكي كدة ؟!..
_ جوزك..
قالتها بقهر، بغل، بكره، بمشاعر كثيرة وصلت لسارة بالكامل، رددت بعدم تصديق:
_ محمود إللي عمل فيكي كدة ؟!. طيب ليه ؟!..
صرخت مريم بغضب:
_ ما تبطلي تمثيل بقى، يعني عايزة تفهميني انك مش عارفه كل حاجه ونازله مخصوص عشان تشمتي فيا؟!.. الاول خطف جوزي وبهدل فيه شهور لما خلاه أتجنن وطلقني، وفي الاخر خلاني ماشيه في الشارع زي المـ.ـجـ.ـنو.نه لا حد راضي يشغلني ولا يقعدني في بيته، بتبصلي كده ليه كأنك مصدومة مش اوامرك، أنتِ ازاي زباله كده ازاي تعملي في اختك كده..
كانت حقا مصدومة، لا تعلم لما فعل هذا أو متي فعل، تألمت لرؤية شقيقتها صديقة طفولتها بهذا الشكل، أقتربت منها وقالت:
_ صدقيني انا ما اعرفش اي حاجه عن الكلام اللي أنتِ بتقوليه ده يا مريم ومهما كان اللي بيني وبينك مش هيوصل بيا اؤذيكي بالشكل ده على الاقل عشان عضم التربه اللي بينا..
زاد التعب على مريم فسقطت بين يدي سارة فاقده للوعي، سقوطها جعل الاخرى تسقط معها قائلة برعـ.ـب لحنان:
_ اطلبي الدكتور حالا يا طنط..
بعد دقيقتين كانت تقف أمامه مردفة بغضب شـ.ـديد:
_ إيه اللي انت عملته ده للدرجه دي ما فيش فيها قلبك رحمة..
رد عليها بهدوء:
_ أنا عملت الصح وضميري مرتاح جدا واحمدي ربنا اني سايبها لحد دلوقتي نايمه في بيتي وطالب ليها الدكتور ولو عملت ده فعملته عشانك..
ضحكت بسخرية:
_ لأ بجد كتر خيرك مش عارفه اشكرك ازاي؟!.. وصلتها انها بقت ماشيه في الشوارع زي الشحاتين وفي الاخر تقول عملت عشاني، انا ما طلبتش منك لا تاذيها ولا تاذي جوزها يا محمود انت عملت كده عشان غرورك..
أشار على نفسه بذهول وقال:
_ عشان غروري ؟!.. بجد كتر خيرك يا بنت الاصول اختك اللي نايمه جوه على سريرك دي كانت متفقه مع جوزها تجيب لك راجـ.ـل غريب وتنيمه معاكي وتصورك عشان اطلقك وارميكي في الشارع، عايزك بقى تاخديها في حـ.ـضـ.ـنك وتطبطبي عليها لحد ما ربنا يرد لها صحتها وأول حاجة تعملها تدوس عليكي بالجزمه وصدقيني وقتها مش هدافع عنك...
ترك لها الغرفة وخرج فسقط جسدها على أقرب مقعد، تعلم ما كان يريد فعله زوج شقيقتها تعلم كم كان يرغبها ويود عودتها تحت قدمه، لكن كيف وصل الحال بمريم لهنا كيف هانت عليها أيام طفولتهم معاً؟!.. سمعت صوت رحيل سيارته فهمست بضعف:
_ ما تسيبنيش لوحدي أنا ببقى خايفة وضعيفة أوي وأنت مش موجود..
_____ شيما سعيد ____
بعد منتصف الليل بسيارة معتز..
صرخت سمية بغضب:
_ بقى بذمتك دي تصرفات ؟!. تتصل بيا تقولي أنك تعبان وفي الاخر تطلع بتهزر ده مش أسلوب يا معتز بتاع بني ادمين كبـ.ـار..
ضحك بمرح وأخرج علبتين من العصير أخذ واحد وقدم الآخر إليها مردفاً:
_ معلش يا ستي ما لقيتش حد افضفض معاه شويه قولت بما اني انا وسميه هانم واصحابي اخليها تيجي نتكلم مع بعض..
حركت رأسها برفض وقالت:
_ يا سلام وأحلامك دي ما كلنتش تنفع الصبح في الشركه ونتكلم براحتك زي ما جنابك عايز، أنت عارف الساعه كام دلوقتي يا ابني احنا داخلين على الساعه 1:00..
أبتسم إليها بلا مبالاة وقدم إليها العصير للمرة الثانية مردفاً:
_ ما خلاص بقى يا سميه خلي قلبك ابيض خدي اشربي خلينا ندردش شوية..
_ انا هنزل يا معتز ولاخر مره هقول لك اللي بتفكر فيه ده غلط ومش هيحصل، اتفضل بقى روح شوفلك اي مكان تاني تفضفض فيه...
أغلق عينيه لعدة ثواني حتي يأخذ أكبر قدر من الصبر ثم رسمت على وجهه ابتسامة مرحة مردفاً:
_ والله العظيم ما يحصل مش هتنزلي من هنا إلا ما تشربي العصير معايا بعد كده يا ستي روحي مطرح ما تحبي..
أخذت منه العصير لتخلص من تصميمه الرهيب وتفر من شعورها بالرغبة بالبقاء بجواره أمامه ابتسامته، ظل يتابعها وهي تأخذ من العصير رشفة وراها الأخري حتي وضعت يدها على رأسها بتعب مردفة:
_ هو في ايه في العصير ده ؟!.
_ مخدر يا حياتي..
قالها ببساطة لتغلق بعدها عينيها بــــاستسلام شـ.ـديد لما يحدث حولها...
بصباح اليوم التالي..
فتحت سمية عينيها بصداع مؤلم يكاد يقسم رأسها، رأت أشياء غريبة حولها، معتز عاري بجوارها لتنقل نظرها لنفسها وجدت جسدها مستور بشرشف فراش صغير، حركت رأسها برفض لهذا الكابوس المرعـ.ـب، يستحيل أن يكون هذا حقيقي، يستحيل أن يكون فعل معتز بها ما وصل لعقلها، أطلقت صرخة قوية لعلها تستيقظ وتجد نفسها على فراشها بمنزلها، صرختها كانت منبة معتز ففتح عينيه مردفاً بإبتسامة سعيدة:
_ صباحية مبـ.ـاركة يا سوسو..
____ شيما سعيد _____
↚
بشركة محمود علام..
رفع عينيه عن الأوراق الموضوعة أمامه عند وصول رائحة عطرها إليه، راها تقف على باب المكتب بمعالم وجه حزينة، للحظة كان سيسير خلف قلبه ويأخذها بين أحضانه ليتحكم به عقله ويعود بنظره لعمله، ضمت شفتيها بحزن وأغلقت الباب خلفها ثم أقتربت منه بخطوات بطيئة حتى وصلت بجواره، جلست على ظهر المكتب مردفة بدلالها المحبب إليه:
_ وحـ.ـشـ.ـتني..
لم يجيب فزادت من الجرعة هامسة:
_ بحبك..
تعالت دقاته من نبرتها المهلكة لكل حصونه، ضغط على القلم بين يديه حتى يظل على ثباته، رفعت يدها مررت أحد أصابعها على مقدمة عنقه وبدأت بالغناء بنعومة:
_ حقك عليا،، حقك عليا سامحني، ده أنا جرحي ليك إللي جارحني..
يا الله ما تلك الحلاوة، لأول مرة يعيش معها هذا الشعور، هو يتدلل وهي تزيد من دلاله بصدر رحب، أبعد رأسه عنها وهو مستمتع يود أن يكتشف معها المزيد، لتميل برأسها عليه مردفة:
_ مش لما أنا ببقي زعلانة بسيب لك نفسي عشان تصالحني.. دلوقتي بقي مطلوب من محمود باشا علام يسيب نفسه ليا على الآخر لحد ما أصالحه..
أخيراً تحدث رغم نبرته الجافة ولكنها شعرت ببريق أمل يقترب منها:
_ مش هت عـ.ـر.في..
ردت عليه بحماس:
_ لأ طبعاً هعرف بتقول كدة ليه ؟!..
_ لأنك بت عـ.ـر.في تجرحي بس يا سارة مت عـ.ـر.فيش تداوي جروح..
رفضت بحركة بسيطة من رأسها وقالت:
_ جرب مش هتخسر..
قالتها وقامت من مكانها ثم مدت يدها إليه منتظرة منه إن يعطي يده لها، تنهد بتعب ورفع عينيه بها وجدها تنظر إليه برجاء تتمني منه عدم خذلانها، وقد كان نفذ طلب عينيها دون أن تقوله وضم يدها بيده فقالت بإبتسامة مشرقة:
_ أمشي معايا وسيب ليا نفسك خالص لأخر اليوم..
_____ شيما سعيد ____
بشقة معتز..
خرج من المرحاض وهو يستر جسده بمنشفة حول خصره، زفر بضيق عنـ.ـد.ما راها مثلما تركها تضم الشرشف حول جسدها وتحدق بنقطة مجهولة الهوية، شعر بثقل يحتل قلبه وهو يراها ضائعة، تائهة تبحث عن شئ تعلم أنه ذهب ولم يعد..
أقترب منها وبيده منشفة أخري يجفف بها خصلاته وقال:
_ من كفاية نواح بقي ؟!..
هي بعالم أخر لا تسمعه ولا تراه، بعالم بعيداً عنه كل البعد تتذكر فقط ليلة وفاة والدها ووعدها إليه " أرتاح يا حبيبي أنا وحيدة اه بس أوعدك أرفع رأسك واسمك طول ما أنا عايشة"..
اليوم أصبحت رأس والدها الغائب أسفل التراب، اليوم سقط إسمها ومعه إسم خالد عمران، والدها كان رجل به كل صفات الرجال رحل وتركها تكمل مسيرته وابن علام بلحظة جنون أنهي كل شيء..
صورها بأوضاع بشعة، يريد منها ما هو ابشع، رنين كلمـ.ـا.ته تضـ.ـر.ب برأسها " عايزك تقربي من أبويا بأي شكل لحد ما يروح سريرك إزاي معرفش وبعدها مالكيش دعوة هو من نفسه هيصلح الغلطة دي ويتجوزك، وقتها أنا همسح الصور وأنتِ كمان هتنقذي سمعتك"..
بعدها دلف للمرحاض وتركها بحالة من الصمت المريب، فاقت على صوته الغاضب يقول:
_ هتفضلي عاملة نفسك ميتة كدة كتير ؟!..
سألته:
_ أنت إزاي طلعت وسـ.ـخ كدة ؟!.. وأنا إزاي طلعت غـ.ـبـ.ـية بالشكل ده عشان عيل زيك يخليني أحبه ويضحك عليا ؟!..
" يخليني أحبه" جملة بسيطة من كلمتين جعلت شئ بداخله يتحرك، شئ يطلب منها أخذها لأقرب مأذون حتي تصبح ملكه، أهتز وقلبه بداخله يصـ.ـر.خ مردفاً " لا أريد غيرها"..
تذكر أخر حديث له مع والدته الحبيب تذكر رجائها الباكي قبل خروج روحها:
_ عايزة حقي يا معتز، حقي من واحدة حرمتني أموت في حـ.ـضـ.ـن جوزي، أوعدني تخليها تشرب من نفس الكأس إللي شربت منه، أوعدني تموت بحسرتها زي ما أنا هموت دلوقتي..
كان تائه وعاجز، يراها تبكي وتصرخ وتطلب منه الأخذ بثأرها قبل أن ترحل وجد حاله يقول:
_ أوعدك يا أمي..
قالها لتفتح ذراعيها إليه ضمها وأغلقت عينيها بعدها، مـ.ـا.تت بين يديه مقهورة على زوجها، مع تذكره هذا ذهبت الرحمة من قلبه وقال ببرود:
_ أنا مش غصبك على حاجه لو مش عايزه تنفذي أنتِ حرة، وقتها أنا كمان هبقي حر وانزل الصور براحتي خالص..
جلس بجوارها على الفراش ورفع يديه للاعلي مردفاً:
_ نكتب إيه بقي على العنوان؟!.. سمية عمران بأحضان رجل مجهول وإلا إبنه الراحل خالد عمران بفراش عشيقها ؟!..
حدقت به بمعالم كره واضحة وقالت:
_ حـ.ـيو.ان..
_____ شيما سعيد _____
بفيلا سارة..
دلف خلفها لغرفة النوم حتى جعلته يجلس على الفراش ثم عادت لباب الغرفة وأغلقته عليهما، كان يتابعها بفضول يود إن يعلم ما يمكنها فعله حتي تنول رضاه، رفع حاجبه بذهول وهي تخلع ملابسها عنها قطعة وراء الأخري ببطء يشغله فأبتلع ريقه مردفاً:
_ أنتِ بتعملي إيه ؟!..
كانت ترتدي أسفل فستانها قميص عبـ.ـارة عن خيوط حمراء زادها روعة وجمال، جسد أبيض ناعم يليق به اللون الأحمر بشكل مبهر، تعلم تأثيرها عليه وتعلم كم يحب دلالها فقامت بــــاستعمال أكبر قدر لديها من الدلال، أقتربت منها ثم رفعت ذقنه بأحد أصابعها مردفة بنبرة ناعمة:
_ مش اتفقنا قبل كدة نبقي عيال بالنهار و ***** بالليل ؟!..
أومأ إليها وهو مغيب فحركت كتفها مردفة:
_ دلوقتي هنفذ الإتفاق بس مع تغيير المواعيد هيبقي إللي أنت عايزه بالنهار وبالليل توديني سينما..
ما هذا يا صغيرة قلبه لا يتحمل هذا القدر، كانت لا تفعل شيء ويقع بها كيف سيبقي على موقفه والآن وهي تفعل كل شئ، همس بنبرة متحشرجة:
_ وكلامك إمبـ.ـارح راح فين ؟!..
_ في داهية..
_ نعم ؟!..
_ أي حاجة ممكن تبعدني عنك تبقي في داهية يا محمود..
قامت من فوق ساقه فحاول أخذ نفسه وقبل أن يأخذ شهيق كانت فتحت أغنية شهيرة " الجو هادي" وبدأت تتمايل معها..
أرتفعت دقات واتسعت عينيه بذهول، فعلتها من قبل بطلب منه وتحت خجلها الآن الأمر مختلف بشكل مهلك لقلبه، قطعة البسبوسة خاصته تفعل أشياء عجيبة تقوده للجنون، قررت تكمل عليه فأقتربت من أريكة كبيرة موضوعة بالغرفة وأخذت من خلفها آخر شيء ممكن أن يأتي بتفكيره " شيشة" وضعتها أسفل ساقه وهسمت:
_ شـ.ـد يا معلم..
_ هااا..
_ شـ.ـد..
قالتها بنعومة نفذ أمرها بعدها بكل صدر رحب، أخذ منها أول نفس لتعود هي تكمل عملها المحبب لقلبه، حلاوة لحظات جعلته يعيش بداخلها، أجواء تمني أن تعيشها ولكن لم تكتب إليه وقتها وكتبت له على يديها..
ترك ما بيده وقام ليحملها بين يديه هامسا:
_ لحد كدة كتر ألف خيرك أشوف شغلي أنا بقي..
_ شوف يا حودة براحتك خالص..
أخذ منها التصريح بأخذ راحته وأخذها بالفعل، مر بينهما وقت طويل غير محسوب فقط يبث كلا منهما للآخر طريقته بالشوق..
ضمها لتنام على صدره فهمست:
_ سامحتني صح ؟!
خرجت منه تنهيدة طويلة وضم جسدها إليه أكثر حتى يشعر بنعومته تحت يديه ثم قال:
_ مش زعلان منك يا ساره لاني عارف ومتأكد انك اوقات كتيرة جدا بتقولي كلام من غير ما تفكري فيه، وعارف كمان اني محدش حقك من معتز ولا عايدة ودي بالنسبه لك حاجه كبيره، بس عايدة كانت مريـ.ـضة يا سارة ومرضها كان اكبر عقاب ليها، اما بقى بالنسبه لمعتز فأنا هسالك سؤال واحد ولو جاوبتي عليه هعمل في معتز كل اللي انتِ عايزاه عشان اريح قلبك..
رفعت رأسها الي باهتمام شـ.ـديد منتظرة سؤاله فقال:
_ لو فرضت معاكي ان أنا مش أبو فاطمة وهي ليها أب تاني والبنت من غيرتها اذتني ووقعت بنا وحاولت تشوه صورتي هتقدري تاذيها؟!..
كان سؤال مرعـ.ـب بالنسبة لها، وضعت نفسها محله وعجز عقلها عن التفكير، فاطمة قطعة من قلبها كيف لها أن تؤذيها او تفضل احد عليها، علمت الآن ما يعيشه محمود بسببها علمت ما يمر به معتز ولما يكرهها، ترقرقت بعينيها الدمـ.ـو.ع وقالت:
_ أنا آسفة..
_ على إيه يا بسبوسة ؟!..
_ على غبائي، حطيت نفسي مكانك وللحظة حسيت ان لو وجودك هيضايق بنتي هدوس على قلبي واطلعك بره حياتي عشان بنتي تفضل عايشه مبسوطة، والله العظيم انا مش بكره معتز بس دايما بحس انك بتحبه أكتر مني بحس انك لو اتحطيت في اختيار بيني وبينه مش هتتردد لحظه في انك تختاره هو، وده حصل كتير قبل كده يمكن الستات تفكيرها مختلف عن الرجاله شويه وقلبها اللي بيحركها بشكل كبير، يمكن انا عاطفيه زيادة عن اللزوم وشايفة ان المفروض ابقى رقم واحد في حياتك، بس لما فكرت شويه صغيرين عرفت ان في قبل ناس تانية اولى انه يبقوا رقم واحد...
وضع أصبعيه أمامها شفتيها وقال:
_ أنتِ رقم واحد في مكانك وما فيش حد في الدنيا اولى منك بيه وهو رقم واحد في مكانه، عايزك تنسي الدنيا كلها وتفكري في حاجة واحدة بس..
إبتسمت بحب قائلة:
_ إيه هي بقي ؟!..
سحب يده من أسفلها لتسقط على الفراش ثم رفع جسده قليلاً ليبقي فوقها وبينهما مسافة صغيرة، وضع قبلة رقيقة على وجهها وقال بحنان:
_ إني بحبك وأي حاجة عملتها أو هعملها هتبقى في مصلحتنا احنا الاتنين مش في مصلحتي لوحدي، مش هعمل حاجه توجعك ولا تاذيكي انا بعمل كل حاجه عشان افرحك لو فهمتي ده هنرتاح ومفيش قوة ممكن تبعدنا..
لفت ذراعيها حول عنقه مردفة:
_ بحبك ومش عارفة اعملك إيه أكتر من كدة ؟!..
_ مش عايز الاكتر حبيني وبس..
رنين هاتفه أخرجه من لحظته الممتعة مع بسبوسته، زفر بضيق مبتعدا عنها ونظر لشاشة الهاتف وجد إسم على ففتح الخط مردفاً:
_ خير يا وش السعد؟!
_ بص بقى يا ابن علام انا بقى لي اكتر من تمن شهور بتحايل عليك عشان اتجوز البنت وانت ولا انت هنا واختك كمان سايقه الجنان فانا جبت اخري معاكم وكتر ألف خيري، اختك خطفتها وفرحنا بالليل هبعت لك عنوان الفندق تيجي عشان تبقى وكلها مش ناوي تيجي هخلي عم حسن البواب يبقى الوكيل مكانك..
أغلق الهاتف بوجهه دون أن يسمع ما يمكن لمحمود قوله، ظل محمود يحدق بالهاتف بذهول فتـ.ـو.ترت سارة واقتربت منه مردفة بقلق:
_ مالك يا حبيبي مين اللي كان بيكلمك وقال لك ايه خلاك بالشكل ده؟!..
جز على أسنانه من الغضب وألقي بالهاتف على الأرض مردفاً:
_ قومي غيري هدومك خلينا نغور في داهيه من هنا، لما اشوف ابن 60 *** ده راح فين..
_ انت بتتكلم عن مين ؟!..
_ عن الكـ.ـلـ.ـب إللي إسمه على راح خطف البنت وبيقولي فرحه عليها الليلة..
أبتلعت ريقها بتـ.ـو.تر وصممت فنظر إليها مردفاً بشك:
_ انتِ كنتي ت عـ.ـر.في ولا ايه؟!..
نفت بحركة سريعة من رأسها وفتحت هاتفها على موقع الفيسبوك وقالت:
_ لا والله العظيم أنا ما اعرفش أي حاجه غير الاخبـ.ـار اللي على فيسبوك دي وكنت فاكرة انك تعرفها..
جذب منها الهاتف ورأي عنوان معظم المواقع " حفل زفاف أسطوري لشقيقة رجل الأعمال محمود علام على راجـ.ـل الأعمال علي الحسيني "
_ اه يا**** ده أنا هشرب من دمه النهاردة..
وضعت سارة يدها على يده مردفة:
_ ممكن تهدأ شوية يا محمود طول الشهور اللي فاتت دي أكدت ان علي بيحب اروى فعلا ومستحيل يبص لغيرها، سيبهم بقى يفرحوا ويعيشوا حياتهم أروي بعد كل اللي شافته ده مع راجـ.ـل يحبها بجد..
صرخ بغضب:
_ بس مش بالطريقه دي مش أنا اللي اختي تتاخد مني بالطريقه دي..
_ عندك حق يا حبيبي هو أسلوبه زي الزفت، عدي النهارده على خير واقول لك على حاجة ناخدها معانا واحنا مروحين وذل فيه زي ما أنت عايز لحد ما ترتاح بس فرحها النهاردة عشان خاطري..
_____ شيما سعيد ____
بالمساء بالفندق..
دلف علي للجناح المجهز للعروس، أخذ نفس عميق قبل أن يقترب منها وهي تجلس على أحد المقاعد ترفض اقتراب خبيرة التجميل منها، جلس على المقعد المقابل إليها وقال بهدوء:
_ مش موافقة تخلي الميكب ارتست تقرب منك ليه مش باقي على الفرح الا ساعة ؟!..
نظرت إليه بغضب مردفة:
_ أنت بتهزر يا علي ولا فاكرني واحدة من الشارع عشان تتعامل معايا بالشكل ده؟!..
ضغط على يده ليتحكم بردود أفعاله وقال:
_ وأنا عملت ايه يبين انك من الشارع؟!..
أنتفضت من فوق المقعد بغضب وصرخت:
_ أنت بتسالني بجد؟!.. حابسني هنا من امبـ.ـارح وعاملي فرح ومعزيم من غير ما تاخد رأيي ولا رأي اخويا وجاي تقولي عملت إيه؟!.. أنا مش موافقه على اللي بيحصل ده يا علي والجوازه دي حتى لو تمت هتبقى بالغصب وباطل...
يكفي لهنا حنان يبدو إنها تحتاج للوجه الآخر لعلي الحسيني حتي تعلم أمام من تقف، وقف أمامها وقال بقوة:
_ لو مش عايزة الجوازة دي تتم ما عنديش مشكله همشي بس وقتها الفضيحه هتبقى من نصيبك أنتِ واخوكي يا أروى هانم، لما كل المواقع تتكلم عن العريس اللي ساب عروسته يوم الفرح، هتدخل له دلوقتي الميك اب ارتست يا تبقي زي أي ست محترمه وسيبيها تشوف شغلها يا تقولي لها تمشي وقتها هعرف ردك وامشي أنا كمان...
صدم من حديثه ومن طريقته بالحديث، شعرت للحظة إنه سيظل كما هو دون تغيير، غصة مريرة أصابت قلبها وظهر هذا على معالم وجهها، نظرة واحدة من عينيها جعلته يعود عن طريقته، جذبها من خصرها ووضع قبلة حنونة على رأسها مردفاً:
_ حقك عليا أنا قليل الادب ودبش في الكلام بس ده من لهفتي عليكي يا أروي..
ظلت صامتة فقط تعاتبه بنظرات عينيها فهمس:
_ لأ الله يبـ.ـارك لك انا مش قد نظره من العيون الحلوين دي.. أنتِ بجد مش عايزة تكوني مراتي يا أروي..
حركت رأسها بحزن طفلة صغيرة ضائعة وقالت:
_ عايزة بس في نفس الوقت مش عايزة أخسر محمود أنا ما صدقت يكون ليا أهل وضهر يا علي..
مسح على رأسها بحنان مردفاً:
_ ومين قال لك انك هتخسري محمود يا مـ.ـجـ.ـنو.نة؟! محمود هيجي وهيبـ.ـارك لك وهيسلمك ليا بايده، هو كان خايف عليكي مش أكتر وكان بيعذبني شويه لكن هو ما عندوش أغلى مني ولا منك، مبسوط بجوازنا أكتر ما احنا الاتنين مبسوطين فكيها بقى وخلينا نفرح..
بسعادة قالت:
_ بجد ؟!..
_ بجد يا حياتي قولي موافقة بقي..
_ موافقة..
____ شيما سعيد ____
دلف محمود لحفل الزفاف ومعه باقي أفراد عائلة علام حتى حنان صممت على الحضور معاهم، كانت سارة تتعلق بذراعه ومعتز بجواره ومعه طارق، همس طارق لمعتز بذهول:
_ هو في إيه الواحد لسة راجع من السفر الصبح بالليل يطلع عنده أخت وفرحها النهاردة ؟!..
إجابه معتز بنفس الهمس:
_ أسكت عشان محمود باشا حالف يعمل منك عبرة قدام العيلة كلها فعدي يومك وبعدين نشوف هنهربك من تحت أيد الأسد إزاي..
أبتلع طارق ريقه وصمت، مررت سارة يدها على يد محمود وقالت:
_ حبيبي أفرد وشك الناس كلها بتبص عليك..
_ أنا وشي شكله كدة لو مش عاجبك اطربق الفرح ده على دماغك الحلوف صاحبه..
ضغطت على يده بسرعة تمنعه من الحركة مردفة:
_ لأ لأ لأ أنت كدة زي القمر وتعجب الباشا.. ممكن أروح لأروي عشان تحس إن في حد جانبها اليوم ده..
أومأ إليها فذهبت أقتربت منها حنان وقالت بتـ.ـو.تر:
_ استني يا سارة هطلع لها معاكي..
إبتسمت إليها سارة وجذبتها مردفة:
_ من ساعة ما عرفتك وأنتِ طيبه مع الكل يا طنط الا انا..
قالتها بمرح فقالت حنان:
_ يا بنت اتلمي بدل ما أتحول حما شريرة وانيم الواد عندي..
_ لأ لأ كله إلا حودة خدي فاطمة عندك..
صعدت لغرفة العروس لتنبهر من جمالها، قالت سارة بذهول:
_ ما شاء الله قمر يا رورو..
نظرت إليها أروي بتـ.ـو.تر وقالت:
_ بجد يا سارة شكلي حلو وأنا عروسة ؟!..
ضمتها إليها بحنان:
_ ومفيش عروسة في جمالك..
رفعت أروي رأسها لحنان بتـ.ـو.تر، منذ دخولها لقصر علام تحاول عدم إزعاج حنان، رأت حنان بعينيها شعور بالحنين لعناق أم ففتحت ذراعيها إليها دون حديث، ألقت أروي بنفسها داخل أحضانها فهمست حنان:
_ إياكي تعيطي أنتِ النهاردة عروسة واليوم ده يومك..
_ شكرا انك جيتي..
ضـ.ـر.بتها حنان بخفة مردفة:
_ شكرا في عينك هو في بنت بتقول لأمها شكرا انها حضرت فرحها؟!..
أبتعدت عنها قليلاً وهمست بذهول:
_ أمها ؟!..
_ طبعاً أمها أنتِ من النهاردة زيك زي محمود وطارق عندي بالضبط..
وعلى سيرة محمود دق على الباب ودلف، أبتسم إليها وبداخله شعور غريب، كأنه أب وهذا زفاف أبنته، أدمعت عينيه وسحبها لحـ.ـضـ.ـنه مردفاً:
_ فضلت اطفش فيه طول الشهور اللي فاتت عشان أشبع منك على قد ما اقدر لا هو رضا يطفش ولا انا قادر اشبع منك..
سألته بحزن:
_ ما تزعلش مني يا محمود أنا ما كنتش عايزة أعمل أي حاجة المرة دي غصب عنك بس والله العظيم علي هو...
وضع يده أمام شفتيها قائلا:
_ اششش مش عايز اسمع اي حاجة احنا دلوقتي هنفرح وبس..
_____ شيما سعيد _____
بالاسفل كان يقف علي أسفل الدرج لتنزل هي متعلقة بيد محمود من طرف وطارق بطرف الآخر، كانت رائعة الجمال بفستان زفافها الراقي وحجابها البسيط، قلبها أخذ يرفرف بين صدرها تشعر وكأنها تملك العالم بما فيه، بين يدي أخواتها وامامها ما اختاره الله لها ماذا تريد أكثر..
وصلت لعلي الذي قام بالسلام على طارق ثم أقترب من محمود وضمه مردفاً:
_ حقك عليا بس بحبها وأنت أكتر واحد عارف الحب بيعمل في صاحبه إيه..
أومأ إليه محمود مردفاً:
_ عارف يا علي عارف..
_ قولي مبروك من قلبك يا محمود عشان فرحتي تكمل..
أبتسم إليه محمود بحب وقال:
_ ألف مبروك يا صاحبي، لو كنت لفيت الدنيا كلها مكنتش هلقي حد اطمن على اختي معاه غيرك..
زاد على من ضمه وبعدها أقترب من حلمه وقبل رأسها مردفاً:
_ أخيراً بقيتي بين أيدي يا بنت علام..
على بعد مسافة أقترب معتز من سمية التي أتت للحفل بأمر منه قائلا:
_ شاطرة أنك جيتي..
حدقت به بغل مردفة:
_ عايز إيه مني تاني يا حـ.ـيو.ان أنت..
ببرود قال:
_ تنفذي المطلوب يا حلوة وإلا تحبي صورك الجـ.ـا.مدة في وسط الفرح..
ردت عليه بغضب:
_ أنت إزاي كدة أنا لو نفذت كلامك واتجوزت أبوك زي ما بتقولي هيبقي باطل وزنا محارم..
سحبها من خصرها وعقله يرفض فكرة اقتراب والده منها، ضغط عليها بقوة جعلها تشهق وقال:
_ لو لمس شعرة واحدة منك هطلع بروحك في أيدي، ودلوقتي تنفذي المطلوب منك بس..
أنتهي عقد قرآن علي وأروي وبدأت رقصة العروسين، أقترب معتز من سارة مردفاً:
_ ممكن اتكلم معاكي شوية سارة ؟!..
أومـ.ـا.ت إليه بهدوء وذهبت منه بنفس اللحظة أقتربت سمية من محمود بخطوات مرتجفة وهي تحمل بيديها كوبين من العصير مردفة:
_ حبيت أشرب معاك ده لو مافيش مشكلة عندك طبعاً..
أخذه منها محمود وأخذ أول رشفة مردفاً:
_ أكيد مفيش مشكلة يا سمية أقعدي شوية وهتيجي سارة تقدروا تقعدوا مع بعض..
أبتسمت إليه بتـ.ـو.تر وأخذت هي الأخري رشفة، حديث وراء الأخر وبعدها وضعت يدها على رأسها بتعب وقالت:
_ اه مش قادرة..
نظر إليها محمود بقلق:
_ مالك فيكي إيه ؟!..
_ مش قادرة من الواضح إن سكري علي ولازم أروح أخد العلاج..
ساعدها محمود بالقيام مردفاً:
_ أنتِ عندك سكر ؟!.
_ أيوة، ممكن توصلي البيت مش هقدر أسوق..
نظر حوله يبحث عن معتز أو طارق ولم يجد أحد فسندها مردفاً:
_ تعالي أوصلك لحد العربية وهخلي السواق يوصلك البيت..
وصل بها لسيارتها وجدها تغلق عينيها بــــاستسلام، وضع بالسيارة وصعد محل السائق مردفاً:
_ سمية أفتحي عينك لحد المستشفي متخافيش..
حركت رأسها برفض مردفة:
_ لأ أنا عارفة حالتي مش محتاجة مستشفي أروح البيت وهأخد العلاج هبقي بعده كويسة أرجوك..
مر عشر دقائق ووصل بها لمنزلها، فتح لها باب السيارة وساعدها على النزول سارت معه حتى وصل بها لغرفة نومها، وضعها على الفراش فقالت:
_ العلاج في الحمام..
دلف المرحاض وبدأ يبحث فوضع يده على خصلاته هامسا:
_ هو فين الزفت ده سارة لو حست إني مش موجود هتولع فيا..
زفر بضيق وشعر بثقل برأسه فخرج إليها مردفاً:
_ فين العلا...
لم يكمل كلمته فقد بدأ مفعول المنوم بعد ربع ساعة من أخذه، سقط بجسده على أرضية الغرفة..
بعد عدة ساعات فتح عينيه وجد نفسه عاري وهي بجواره تخفي جسدها بالكامل أسفل الغطاء وتبكي فسألها برعـ.ـب:
_ في إيه هو حصل بنا حاجة ؟!..
لم تجيب فقط تبكي فصرخ بها:
_ انطقي أنا لمستك قربت منك ؟!..
بحسرة أومـ.ـا.ت برأسها وهمست:
_ أيوة..
مستحيل هذا مستحيل ردد برفض:
_ سارة لأ سارة..
↚
قبل ساعات..
بعد إنتهاء حفل الزفاف..
حمل على أروي بين يديه مثل الكنز الثمين، ها هي أتت اللحظة الذي حلم بها لمدة عام، أروي زوجته وحلاله، تضم عنقه بذراعيها بكامل رغبتها، فتح باب الجناح بيد والاخري يغلقها عليها، دلف بها وأغلق الباب عليهما ثم وضعها على الفراش وجلس بجوارها بصمت، طال صمته فقالت بتـ.ـو.تر:
_ مالك يا علي في إيه ؟!..
هي معه بالفعل ؟!... نعم معه.. ما يحدث الآن حقيقي، مرر يده على وجهها هامسا:
_ أروي..
إبتسمت إليه بحب وقالت:
_ يا روح أروي..
يا الله على حلاوة الجملة، سألها بخوف:
_ أنتِ بقيتي مراتي صح ؟!..
أومـ.ـا.ت إليه بحركة بطيئة من رأسها وقالت:
_ امممم بقيت مراتك والنهاردة فرحنا ..
نعم اليوم كان حفل زفافه عليها، اليوم أخذها أمام الجميع وأعلن ملكيته لها، سحبها من خصرها لتلتصق به، شعر بأنفاسها المتـ.ـو.ترة فقال:
_ ت عـ.ـر.في أنا كام مرة حلمت باللحظة دي ؟!..
همست بنعومة:
_ كام ؟!..
رفع يده وبدأ يزيل عنها حجابها، رأي تغير ملامحها، رأي تـ.ـو.ترها وأرتفع وهبوط صدرها من أرتفع دقات قلبها، لأول مرة يشعر بالمتعة مع امرأة من مجرد لمسة، ألقي بالطرحة أرضاً وضمها إليه، أغلقت عينيها وهي تشعر بيده على ظهرها يفك زراير الفستان، هذه ليست مرتها الأول ولكن ما تشعر به عكس ذلك، خائفة يأكلها الخجل تشعر بالذوبان من حركت أصابعه على عمودها الفقري فقالت برجفة:
_ علي..
_ يا قلب علي..
جملة كانت حاسمة بعدها تمادي علي إلي إلا حدود، غرق بها ومعها أخذها لمشاعر كانت بالفعل جديدة عليها، رجل خبير مع امرأة تائهة لا تعلم ما يحدث ولكنها فقط مستمتعة..
أنتهي ليضع قبلة ممتنة يشكرها بها على ما عاشه مردفاً بنبرة صوت متحشرجة:
_ شكراً..
بأعين مغلقة همست:
_ على إيه ؟!..
_ على إنك بتاعي، على تصديقك ليا بعد ما كانت بدايتنا وحشة أوي، أي واحدة غيرك كانت هتهرب من راجـ.ـل زيي..
أخذت نفس بها أكبر قدر من رائحته المحببة لقلبها وقالت:
_ لو حد المفروض يشكر التاني هبقى انا، كان ممكن تعمل فيا كل اللي أنت عايزه من اول يوم دخلت بيتك، مش هنكذب على بعض يا علي لو كنت مصمم تاخدني بالشكل ده انا ما كنتش وقتها هقدر اقف قصادك، وقفت جنبي واتحملت كل ردود فعلي ورجعتني لاخويا واخدتني منه مرفوعه الراس، انت نعم ربنا عوضني بيها عن الوحش كله، أنت راجـ.ـل ما ينفعش غير انك تتحب من اي ست تشوفك...
_ مش مهم أي ست عندي المهم أنتِ..
_ ما أنا بحبك..
كلمة بها لذة الدنيا وما فيها، جذبها إليه بقوة مغلقا عليها ذراعيه مردفاً:
_ اه يا بت علام وقفتي قلبي..
_____ شيما سعيد _____
بصباح اليوم التالي بشركة علام..
ألقي محمود بجسده على الأريكة الكبيرة، عقله يحاول استيعاب ما وصل إليه، خطأ واحد فقط فعله عنـ.ـد.ما تزوج سارة سرا والآن يتحمل ذنبها ويحصد النتيجة، رأسه يألمه يرفض كل هذا..
دلف معتز عليه مبتسما بعلامة نصر كبيرة إختفت مع رؤيته لحالة والده، للحظة دلف لقلبه النـ.ـد.م، ما ذنب محمود بانتقامه من سارة ؟!.. ما ذنب سمية ؟!.. هزيمة عجيبة جعلته يجلس بجوار والده مردفاً:
_ حضرتك بلبس الفرح ليه ؟!..
يعلم الإجابة يعلم بشاعة ما فعله ولكنه وبكل أسف فعل، بجمود رد عليه محمود:
_ فرحي على سمية عمران الأسبوع الجاي..
كان يعلم هذا من البداية، رتب كل شئ حتى يصل لتلك النهاية وعنـ.ـد.ما سمعها سمع صوت انكسار قلبه بنفس اللحظة، هل أحب سمية ؟!.. هل أبيه يستحق هذا ؟!.. حرك رأسه برفض وقبل أن ينطق بحرف ات إليه صوت عايدة المقهور " حقي يا معتز" بنبرة مهزوزة قال:
_ يعني إيه يا بابا أنت ناوي تتجوز تاني ليه ؟!..
رفض محمود النظر بعينه وقال:
_ عايزك ترتب كل حاجة بنفسك عايزه يبقي أكبر فرح في مصر كلها..
_ حضرتك عارف بتقول ايه بالظبط هتتجوزها عشان خاطر ايه وهتعمل ايه مع سارة ؟!..
قالها وهو يتمني خبر طـ.ـلا.قه من سارة، يتمني رؤية الهزيمة والانكسار بداخل عينيها، صرخ محمود بغضب:
_ نفذ اللي طلبته منك وبس يا معتز وملكش دعوه باي حاجه تانية.. تحضر كل حاجة بنفسك لو حصل غلطة واحدة هتتحاسب عليها يا معتز..
_ حاضر يا بابا..
_____ شيما سعيد ____
بعد يومين..
جذبها بحنان لتجلس على المقعد المقابل له ، نظرت إليه متعجبة منذ أن عاد من الشركة وهو صامت، دارت بعينيها لجدتها لتجدها تنكس رأسها للأرض بقهر ، إبتلعت ريقها قائلة بتـ.ـو.تر:
_ هو في إيه يا محمود من وقت ما رجعت وأنت ساكت ، حتي فاطمة مفكرتش تسأل عليها هو أنت مضيق من حاجة ؟!..
لأول مرة ينظر لجدته ووالدته يطلب منهما العون ، وبكل أسف الاثنتين لم يجد منهما شئ ، مسح على ذقنه ثم قام من فوق مقعده وانحني أمامها على الأرض جذباً يديها إلي شفتيه مقبلاً إياهم عدة قبلات معتذرة ثم همس:
_ ت عـ.ـر.في إن أنتِ الست الوحيدة إللي أنا حبيتها صح ؟!.. واثقة في حبي ليكي يا سارة إحنا عدينا بحاجات كتير تثبت حبنا وكنا قدها مش كدة يا حبيبتي ؟!..
سقط قلبها بين ساقيها من حالة التـ.ـو.تر التي غاصت بداخلها ، إجابته بنبرة خائفة:
_ محمود لو سمحت قول في إيه أنا بدأت أخاف ، كل ما تحط مقدمـ.ـا.ت يبقي فيه مصيبة..
أخذ نفس عميق وهو لا يعلم ما يقول ولا كيف سيكون رد فعلها ، فتح فمه وقبل أن ينطق كلمة جائها صوت معتز الساخر:
_ أبويا فرحه بعد أسبوعين يا مرات أبويا على سمية عمران ، كان نفسي أزعل عليكي بس ده نفس الكأس إللي شربت منه أمي وجه الدور عليكي فيه..
حديث كان ناري، سقط على قلبها أحرقه، وهم ما وصل إلي أذنها الآن مجرد وهم، نظرت لمحمود بضياع وحركت رأسها بنفي مردفة:
_ هو بيقول إيه يا محمود أنا مش فاهمة..
ألقي على معتز نظرة غاضبة وبأقل من لحظة كان يحملها بين يديه لغرفة نومهما، صرخت، بكت فعلت الكثير أمام أعين الجميع فهمس إليها:
_ أهدي بقي..
_ نزلني يا محمود نزلني وقولي إن إبنك كـ.ـد.اب قدام عينه..
وصل بها على باب الجناح ووصل معهم صوت معتز القائل:
_ مش بكدب يا سارة دي الحقيقة..
أغلق الباب عليهما بساقه ووضعها على الفراش ، راها تبكي بقهر بكاء خارج من أعماق قلبها، حاول إيجاد كلمة واحدة يستطيع قولها ولم يجد، ألقت برأسها على صدره وبكت أكثر فهمس:
_ إيه لأزمة الدمـ.ـو.ع دي كلها أنتِ مش واثقة فيا يا بسبوسة قلبي ؟!..
تثق به ولكن ما تعيشه الآن شعور مرعـ.ـب، أرتجف جسدها بين يديه فأغلق عينيه بقوة ومرر يده على ظهرها مردفاً:
_ نامي في حـ.ـضـ.ـني يا سارة أنا جانبك..
نفذت ما قاله وكأنها كانت تنتظره، أغلقت عينيها بهروب ونامت، أخذ نفس عميق بعدما تأكد من انتظام أنفاسها ثم وضع قبلتين على خصلاتها ووضع جسدها على الفراش، دثرها بشرشف خفيف وقال:
_ مـ.ـجـ.ـنو.نة يا بسبوسة..
ألقي عليها نظرة أخيرة قبل أن يعود لمحل وجود باقي العائلة كان معتز اختفي من الجلسة وألفت صامتة أما حنان سألته:
_ ناوي تعمل إيه يا إبني ريح قلبي ؟!..
يا ليته يعلم أين طريق راحة القلب حتي يركض إليه، ألقي بجسده على أقرب مقعد وهو يشعر ببداية صداع رأسه مردفاً بتعب:
_ مفيش راحة تاني يا أمي.. المهم حضروا نفسكم للفرح عايز كل حاجة تبقي على أكمل وجه ده مش فرح أي حد..
____ شيما سعيد _____
بصباح حفل الزفاف.
بمنزل أحد أصدقاء معتز..
كان يبكي أمام صديقه بحرقة قلب، سقط إلي حافة الهاوية وخسر ما لم يستطيع خسارته، جلس عدي بجواره يحاول أن يخفف عنه مردفاً:
_ أنا مش فاهم منك حاجه خالص يا معتز من ساعه ما جيت وأنت بتقول كلام مش مفهوم، يعني ايه باباك هيتجوز تاني ويعني ايه البنت اللي هيتجوزها أنت بتحبها هي الحكايه ايه بالظبط يا صاحبي؟!..
زادت شهقات معتز وأخرج ما يـ.ـؤ.لم قلبه أمام صديقه، كان يستمع إليه وهو مصدوم لا يصدق كم الحقد الساكن بقلب صديقه، أبتعد عنه مردفاً بجنون:
_ انت بتقول إيه إزاي يطلع كل القرف ده منك فاهم أنت عملت ايه ولا عقلك مش مستوعب ابوك لو اتجوز البنت دي هيبقى زنا..
ضـ.ـر.ب على رأسه بقهر صارخاً:
_ مش هيقرب منها أنا متأكد ان هو مش هيوافق يقرب منها، سارة معاها كل عقله ومش هيقدر يبص لست غيرها، انا قولت لسمية لو قرب منك هقـ.ـتـ.ـلك، انا بس عايز اوجعها واكسرها واخد حق امي واخليها تشرب من نفس الكاس اللي امي شربت منه..
ضحك عدي بسخرية وقال:
_ ومين قال لك ان ما تحصلش غلطه ويقرب، وقتها ما حدش هيشيل ذنب الليلة دي كلها الا أنت، وبعدين منين بتحبها ومنين عملت فيها حاجه زي دي؟!.. هي لو عملت حاجه واحده بس غلط هتبقى ان هي وثقت في عيل زيك، متدلع وكل حاجه عايزها بتكون تحت أمرك لحد ما نسيت ربنا ونسيت كل حاجة، وبعدين أمك مين اللي لها حق لو حد له حق يبقى الراجـ.ـل اللي ضحى بعمره 15 سنه مع ست شبة ميتة ست أنانية كانت واخداه هو وبس ورافضه حتى تشوف أبنها او تقرب منه أنت لازم توقف والمهزله دي وتفوق..
كان حديث صديقه صفعة قوية سقطت عليه، تخيل للحظة لو أقترب محمود من سمية وقتها ستكون الكارثة، تخيل وجع قلبه وهو يلقي بها بعيداً عنه إلي الأبد، باقي ساعات قليلة وسوف تحمل لقب محمود علام وتحرم عليه حتي الموت، اختناق غريب جعله يقوم من محله مردفاً بقوة:
_ الجوازة دي لازم تقف حتى لو فيها موتي..
ركض من بيت صديقه وهو ينوي الذهاب لمحمود، على يقين من أن تلك الخطوة بها نهايته ولكن هذا أفضل من زواج أبيه من سمية، أقترب من باب سيارته وقبل أن يفتحها أخذ ضـ.ـر.بة قوية على رأسه أفقدته الوعي..
____ شيما سعيد ____
بقصر علام جناح محمود وسارة..
وضع الطعام أمامها على الفراش بتعب، ترفض الحديث معه أو الجلوس معه على طاولة واحدة ترفض حتي الخروج من باب الجناح، لا تفتح فمها بكلمة واحدة مع أحد فقط تعيش حياتها كلها تحت محور " فاطمة"، حاول فهما أو فهم ما يدور بداخلها وفشل فقرر اطعامها أمامه رغماً عن أنفها، دارت بوجهها بعيداً عنه فقال بعتاب:
_ هو ده اتفقنا يا سارة ؟!
أغلقت عينيها بتعب شـ.ـديد، يا ليته يفهم ما تشعر به، ألم بشع يحرقها، مد أحد أصابعه ورفع وجهها إليه مردفاً:
_ ردي عليا اللي بتعملي ده احنا اتفقنا عليه؟!..
أخيرا سمع نعومة صوتها بعد أيام من الحرمان، ردت عليه بقهر:
_ واحنا كنا اتفقنا على إيه ؟!.
رفع حاجبه بذهول وقال:
_ اتفقنا انك تستحمليني المره دي كمان وتثقي فيا الاسبوع ده وانا مش هخليكي تنـ.ـد.مي على ثقتك، وقتها وعدتيني انك هتبقي في ضهري ممكن افهم بقى من وقت ما عرفتي ميعاد الفرح وأنتِ عاملة في نفسك كده ليه؟!...
لا تعلم بالفعل لا تعلم، قلبها مقبوض يسير بداخلها خوف يحطم بها، قولونها العصبي يضغط على معدتها بألم مهلك، رفعت عينيها إليه وقالت:
_ أنا خايفة يا محمود..
جملة لو تعلم كم تؤلمه وتقلل منه ما قالتها، أخذ نفس عميق ثم أقترب منها أكثر ماسحا على شعرها بحنان قائلا:
_ طول ما أنا جنبك ما اسمعش الكلمه دي ابدا لو روحي كانت قصاد روحي هضحي بنفسي عشانك..
سقطت من عينيها دمعة وقالت:
_ بعد الشر عليك انا ما اقدرش اعيش من غيرك، بس أنت مش حاسس بيا يا محمود أنا حاسه اني بتخـ.ـنـ.ـق كل ما معاد الفرح ده يقرب ببقى مش مستوعبة..
رغم حاجته شـ.ـديدة لمن يخفف عنه الا انه ابتسم اليها بحنان وقرص على انفها مردفاً:
_ بتتكلمي وكأن الفرح فرحي ما أنا قايلك كل حاجه يا بسبوسه عشان قلبك..
ببراءة طفلة صغيرة سألته:
_ أفرض حصلت حاجه واتدبست أنت فعلا وقتها أنا هعمل إيه والله أموت لك نفسي..
سحبها لتضع رأسها على صدره ومرر يده على رأسها مردفاً:
_ مش هيحصل حاجة يا مـ.ـجـ.ـنو.نة ومهما حصل أنا مش هينفع ادبس فيها، دلوقتي حبيبتي لأزم تأكل وتأخد شاور عشان ريحتك طلعت عليا بقى وانا جبت اخري بصراحة..
قالها بمرح وهو على يقين من جنونها، أبتعدت عنه بغضب وقالت:
_ مالها ريحتي بقى ان شاء الله يا استاذ ده أنت تقريبا بقيت مدمن ريحتي..
أومأ إليها بشغف وهو يدفن رأسه بعنقها ليأخذ أكبر جرعة من إدمانه هامساً:
_ عندك حق أنا فعلا بقيت مدمن لكل حاجة فيكي وحالتي بقت صعبه ومش عايز اتعالج..
أخيرا أخذ منها إبتسامة رضاء، فابتسم إليها بحب وبأقل من ثانية كان يحملها فوق كتفه مردفاً:
_ استعنا على الشقه بالله..
_ أنت بتعمل إيه يا مـ.ـجـ.ـنو.ن.
_ هحميكي يا بسبوسة..
____ شيما سعيد _____
بالمساء..
أنتهي من وضع أخر لمسة من يده على خصلاتها، كانت جميلة مبهرة مثل عادتها فقال بغيرة:
_ أعمل فيكي إيه حتي وأنتِ زعلانة زي القمر..
ظلت صامتة تاركة نفسها اليه يفعل بها ما يحلو له، أختار فستانها بنفسه حتى المكياج والشعور ظل تحت يد خبيرة التجميل للنهاية وبعدها قرر البــــاسها المجوهرات بنفسه، وقف خلفها وحدق بها عبرة المرايا مردفاً:
_ أخدت حظي من الدنيا كله فيكي يا سارة..
أبتسمت مردفة بنبرتها الرقيقة المعتادة:
_ شكراً..
وضع قبلة حانة على مقدمة عنقها ثم سحب كفها بين يده مردفاً:
_ العفو يلا بقى عشان نستقبل المعازيم بنفسنا..
ضغطت على يده وقالت:
: محمود أنا خايفة وحاسة ان في حاجة وحشه هتحصل، خليني هنا مع فاطمه انا متاكدة انك هتقدر تحل الموضوع ده لوحدك.. .
نظر إليها بعتاب صريح وقال:
_ سارة أنا جوا مصيبة وعايز أحس ان في حد جنبي أقدر أتسند عليه هتكوني الحد ده ولا لأ ؟!..
طلب منها العون بشكل صريح، تعلقت بذراعه وأخذت خطوة للأمام قائلة بنبرة متـ.ـو.ترة:
_ هبقى معاك وأنا اللي هستقوى بيك..
رفع كفها لشفتيه ووضع عليه قبلة عميقة ثم تحرك معها مردفا:
_ استنيني في العربية هشوف ماما وجاي..
أومـ.ـا.ت إليه بهدوء وذهبت فدلف هو للجناح المجاور لجناحه، وجد حنان تجلس على مقعد هزاز وبين يديها كتاب الله تقرأ به، رأت فقالت:
_ صدق الله العظيم تعالي يا محمود لسه ما مشيتيش لحد دلوقتي ليه؟!..
ألقي بجسده على أرضية الغرفة أسفل ساقيها، وضع جسده على فخذيها وقال:
_ جيت عشان أشوفك قبل ما امشي، لما ببقى في حـ.ـضـ.ـنك ببقى مطمن وحاسس اني ملكت الدنيا كلها، الخطوة اللي انا باخدها دي اول خطوه اخدها صح من اول ما معتز اتولد، لحد دلوقتي مش قادر اصدق ان ابني اللي اول خطوه له كانت على ايدي يعمل حاجه زي دي، تعبان يا امي تعبان أوي ومش لاقي أيد واحدة تتمد تسندني..
بكت حنان قهرا على ما وصل إليه صغير قلبها، لو كان أحد أساس ما حدث بالكامل ستكون هي، مسحت على ظهره مردفة بنـ.ـد.م:
_ حقك عليا يا محمود، شايلتك الحمل من صغرك وخليتك دايما شايل هم الكل لحد ما بقيت خايف على ابنك يطلع زيك، حاولت تعمل كل حاجه عشان ما يبقاش زيك لانك عبـ.ـيـ.ـط يا واد ده لو كان طلع زيك كان هيبقى سيد الرجال، لسه عندك فرصه تخليه سيد الرجال أنا متأكدة من كدة، معتز معدنه حلو حتى لو في حته ضلمة هيفضل فيه منك زي ما في من عايدة..
تنهد بثقل وقام من مكانه مقبلاً رأسها بهدوء قائلاً:
_ ادعي لي يا أمي..
_____ شيما سعيد _____
بداخل حفل الزفاف..
جلس على بجوار أروي وقال بحنق:
_ اللي بيحصل ده ظلم في عريس يأخد أسبوع عسل وينزل غصب عنه؟!.. هو أخوكي ده مش راضي يسيبني في حالي ليه وبعدين ايه اللي هو مهببه ده انا مش فاهم حاجة..
هي نفسها لا تعلم ما يدور حولها، حركت كتفها بهدوء وقالت:
_ ما اعرفش في ايه بالظبط خلينا نعدي اليوم ده كده هنسافر مكان ما أنت عايز..
سحب مقعدها ليلتصق بالمقعد الخاص به وهمس بوقاحة:
_ بقول لك إيه مادام احنا في فندق والحفلة لسه ما بداتش وكده ما تيجي نرتاح فوق شوية ونسيبهم إن شاء الله يولعوا كلهم..
خجلت وسعيدة جداً بهذا الخجل وتلك المشاعر التي تتجول بداخلها، جسدها يرتجف من لمسة بسيطة منه من همسة يقول بها كم هي امرأة جميلة، ابتسمت بدلال وقالت:
_ خلينا نتفرج وبعدين وعدتك هروح معاك مكان ما أنت عايز..
قال بحماس طفل صغير:
_ موافق بس عندي شرط..
_ يا ترى ايه بقى هو شرط على باشا عشان يقعد شوية صغننين؟!..
_ الأسبوع اللي فات ده مش محسوب وهنعيد شهر عسلنا من أول وجديد من غير ما نكلم حد ولا حد يعرف مكاننا ولا حد يعرف ان احنا عايشين في الدنيا أصلا، يبقى انا وأنتِ وقله ادبنا وبس..
ضحكت بقلة حيلة، علي منذ أول ليلة لهما معا وهو ينتقم منها عن أيام البعد، ضـ.ـر.بته على يده مردفة:
_ أحترم نفسك بقي..
نظر إليها بغيظ وقال:
_ نفسي تخرجي روح الملاكم اللي جواكي ده وتبقي اروى السكر إللي بيدوب في أيدي على طول..
نفذت طلبه بلحظة وأتت قطعة السكر خاصته مردفة بدلال:
_ مهو كل وقت له أدان يا لولي..
لولي ؟!.. لابد أن يذهب من هنا الآن، جذب كفها مردفا بسرعة:
_ يلا بينا من هنا..
_ اقعد الله يهديك الموضوع شكله كبير ومحمود على وصول..
زفر بضيق وعاد محله مردفاً:
_ ماشي، ربنا ينتقم منكم عيلة..
____ شيما سعيد _____
بعد نصف ساعة دلف محمود علام وتتعلق بيده سارة علام لحفل الزفاف تحت أنظار الجميع وكاميرات التصوير، شعر برجفتها فقال بهدوء:
_ في إيه مالك ؟!..
كطفلة صغيرة تعلقت به أكثر من أعين الناس وقالت:
_ أول مرة أبقي معاك في مكان مليان ناس بالشكل ده..
مل عليها قليلا وهمس:
_ ومش هتبقى آخر مره عشان كده عايزك تتعودي..
سألته بتـ.ـو.تر:
_ أهلها إزاي وافقوا من غير ما العريس يتقدم ؟!..
_ لما يحطوا أيديهم في أيد محمود علام ده كفايه أوي جوزك مش أي حد يا بت..
همهمت بغيظ من حبه الشـ.ـديد لنفسه:
_ مغرور وهيفضل طول عمره مغرور..
_ بس بحبك يا بسبوسة..
نال الرضا بكلمـ.ـا.ت بسيطة، دلف لمقر وجود المأذون وأشار لطارق بطرف عينه فأوما الآخر بهدوء، بعدها سحب زوجته معه لغرفة العروس، وقفت سارة على الباب بتردد فقال:
_ يلا يا قلبي..
دلفت معه لتري سمية، تقابلت معها من قبل كانت جميلة والان أيضا جميلة، جمال باهت حزين، أقتربت منها وقالت:
_ مبروك..
نظرت إليها سمية بضياع وقالت:
_ على إيه دي جنازة مش فرح..
جذبها محمود لتقف أمامه ومسح على وجهها حتى يزيل دمـ.ـو.عها وقال بحنان:
_ دمـ.ـو.عك غالية يا سمية أوعدك اني هجيب لك حقك بالطريقه اللي ترضيكي بس نعدي اليوم ده الاول وتبقي مـ.ـر.اته..
سقطت دمـ.ـو.عها بقهر وقالت:
_ انا مش عارفه اشكرك ازاي عشان وقفت جنبي..
أبتسم مردفاً:
_ أنتِ مـ.ـجـ.ـنو.نة يا بنتي؟!.. أنا اللي المفروض أشكرك عشان جيتي لحد عندي وحكيتي لي عن خطه إبني لما ربيته على ايدي، عرفتيني إني ضيعت عمري على الفاضي لو كنتي مشيتي وراه كنا ضاعنا كلنا، بعدين أنتِ ما ت عـ.ـر.فيش غلاوه والدك الله يرحمه عندي لو كنت اقدر ارجع بالزمن وخلي اللي حصل ده ما يحصلش ما كنتش هتردد لحظة..
بكت قهر على سيرة والدها، فجذبها لحـ.ـضـ.ـنه حتى تفرغ وجعها وتذكر يوم قولها لخطة معتز..
فلاش باك..
بمكتب محمود..
_ مالك يا سمية بقى لك أكتر من خمس دقايق قاعده من غير ولا كلمة وعينيكي مليانه دمـ.ـو.ع في ايه؟!..
بجسد مرتجف وقلب غارف ببحر الحزن قصت عليه ما حدث، كان يسمعها برعـ.ـب يحاول أن يستوعب ما وصل لعقله، هل معتز فعل ذلك ؟!.. هل وصل به الحقد بتدمير فتاة ليس لديها شي بداخل اللعبة ؟!... عن من تتحدث هي يستحيل أن يكون صغيره، قال بنبرة عاجزة:
_ معتز مستحيل يعمل أو يفكر كدة..
للحظة دلف إليها شعور كبير بخيبة الأمل، أخرجت هاتفها وقامت بالاتصال على معتز وفتحت الاسبيكر، دقة والثانية ورنت نبرة صوته البـ.ـاردة بداخل المكتب:
_ خير أتمنى تكوني بطلتي نواح وفكرتي في مصلحتك كويس، لأن ما حدش هيطلع خسران غيرك وسمعة خالد باشا عمران خسارة تضيع في الارض وعلى ايد مين بنته الوحيدة!!..
نعم هذا صوت معتز، بكف مرتجف أشار إليها تتحدث فقالت بقهر:
_ ضحكت عليا وأنا اللي فكرتك بني آدم ودلوقتي بتطلب مني كارثة أكبر، اللي انت تطلبه ده هيبقى زنا فاهم يعني إيه زنا ولا انت ما تعرفش ربنا أصلا؟!..
اهتز من نبرتها، أحترق من معني حديثها فقال بجبروت:
_ إياكي يمسك أيدك إياكي يقرب منك، كل المطلوب منك أنك تبقي مـ.ـر.اته قدام كل الناس وهي تقف تتحسر غير كده ملكيش دور، وهتبقي كمان انقذتي سمعتك من الفـ.ـضـ.ـيحة ومعاكي قسيمة طـ.ـلا.ق..
حدقت لمحمود بضياع فكتب لها على ورقة " قولي موافقة وأقفلي السكة" أخذت نفسها المسلوب وقالت:
_ موافقة..
بعد أغلقت الخط وسألت محمود بذهول:
_ حضرتك ناوي على إيه بالظبط؟!..
_ ناوي أكمل اللي بداه إبني وانفذ اللي هو رسمه بالظبط..
أنتهي الفلاش باك..
نظرة واحدة من عين سارة جعلته يبتلع ريقه ويبعدها عنه مردفاً:
_ يلا ظبطي وشك عشان المأذون تحت والصحافه والتلفزيون يعني أنتِ النهارده تحت الاضواء ولأزم تباني مبسوطة..
همست برعـ.ـب:
_ أنا خايفة أفرض حضرتك إنه رفض يتجوزني قدام الكل وقتها هتبقى فـ.ـضـ.ـيحة فعلاً..
جذب سارة تحت ذراعه وقال:
_ طول ما معاكي محمود علام أ عـ.ـر.في إنك في أمان يا بنت عمران..
____ شيما سعيد ____
بالاسفل..
كان يقف معتز بجوار عمه طارق أسفل الدرج، كان بكامل أناقته كعريس بليلة زفافه، أخر ما يتذكره خبطة رأسه أمام باب السيارة بعد أستيقظ على يد طارق الذي أمره بـ.ـارتداء بذلة شيك وبعدها أخذه لهنا..
بدأت الخيوط تتجمع أمام عينيه، أبيه علم الحقيقة من أحد غيره، هذا حفل زفافه على سمية، بداخله رعـ.ـب من القادم ولكنه لحد كبير مطمئن بكونها ستصبح ملكه...
رآها تنزل بيد خالها وبيد الآخر تتعلق بمحمود، بأعماقه جزء سعيد جزء منتصر جزء مرتاح، رفع عينيه لوالده وجده ينظر بعيدا عنه، تألم يحب محمود رغم كل ما حدث، لأول مرة يشعر إنه عاجز حتي عن فهم مشاعره..
تقدم بخطوات ثقيلة وأخذها لمكان المأذون، كانت لمسته ثقيلة على قلبها تكره قربه وترفض ربط إسم والدها الغالي بإسم حقير مثله، لحظات مرت مثل الجحيم حتى سألها المأذون بإبتسامة:
_ موافقة يا بنتي ؟!..
رفعت عينيها لمحمود بضياع فأوما إليها، أخذت منه القليل من القوة وخرج صوتها بضعف:
_ موافقة..
تقدمت الاوراق أمامها أخذت تضع اسمها على واحدة وراء الاخر فسمعت الجملة الشهيرة:
_ بـ.ـارك الله لكما وبـ.ـارك عليكما وجمع بينكما في خير زواج مبـ.ـارك إن شاء الله..
جذبها لساحة الرقص كانت تسير معه مثل الدمية بلا روح حدق بها بنـ.ـد.م هامسا:
_ سامحيني..
رأي بعينيها الكره قبل أن ينطق لسانها به:
_ بكرهك..
_____ شيما سعيد _____
بقصر علام..
سحبه محمود من جوارها وقال لسارة بهدوء:
_ خدي سمية الاوضة إللي جانب جناح ماما يا سارة خليها ترتاح..
أومـ.ـا.ت إليه بخوف، لا تريد تركه بمفرده أمام الآخر، تخشي غضبه تخشي إرتفاع ضغطه، قالت بحذر:
_ أهدي ووو..
_ سارة..
نطق إسمها بتحذير واضح فنفذت أمره وذهبت مع سمية تعرفها على غرفة نومها..
أشار لمعتز بالسير خلفه، دلف لغرفة المكتب ووقف على الباب متنظر دخول معتز، دخل الآخر بخطوات مترددة فاغلق محمود الباب عليهما بهدوء..
هدوء جعل معتز يشعر ببوادر حرب، جلس محمود على مقعده ثم فتح الخزانة وأخذ منها فلاشة ألقي بها أمام معتز وقال:
_ حطها في اللاب توب وخلينيا نتفرج عليها احنا الأتنين..
رفع معتز حاجبه بتعجب وقال:
_ بابا...
_ حطها في اللاب توب..
بكف مرتجف أخذها معتز منه، وضعها باللاب توب ثم قام بتشغيلها، كانت عبـ.ـارة عن فيديوهات من غرفة عايدة، رآها وسمعها وهي تقول للخادمة:
_ ابعتي لي معتز عايزة أشوفه..
_ هو حضرتك من امتى بتدخلي حد هنا غير محمود بيه وانا يا ست هانم؟!..
_ عشان محمود يرجع يدخل الاوضه دي تاني لأزم معتز يبقى تحت ايدي، هخليه يحب البنت اللي إسمها سارة دي ووقتها محمود مش هيرضى على نفسه انه ينام مع ست إبنه نفسه فيها وهيطـ.ـلقها ويرجع لي..
شهقت الخادمة بذهول:
_ يا لهوي يا ست هانم ما ينفعش يحب مرات أبوه، وبعدين الاستاذ معتز لسه صغير موضوع زي ده ممكن يقهره..
بجبروت قالت:
_ أنتِ مالك؟!.. أنتِ حتة خدامه تنفذي اللي أنا بطلبه منك وبس هتخافي على ابني اكتر مني، معتز لسه صغير هيحبها يومين وبعد كده هيحب غيرها المهم ان جوزي يرجع لي..
فتح فيديو أخر وسمعها تقول ما قهره:
_ معتز لأزم يقرب مني اكتر ويحبني اكتر من محمود عشان يبقى تحت ايدي وينفذ اللي انا عايزاه..
حديث آخر:
_ الأستاذ معتز قلبه اتكسر يا ست هانم قولت لك من الاول بلاش..
_ بكره ينسى المهم ان محمود طلقها، انا عارفة ان معتز زعلان جدا دلوقتي لكن لما البنت دي تغور وتبقى كل حاجه ليا انا وهو هنعيش كلنا مرتاحين..
رأي فيديو طـ.ـلا.ق أبيه منها، رأي فيديو ضغطها على محمود به حتى يقول إنه ردها، رأي كل شئ أغلق محمود اللاب توب قال بصوت يحمل الكثير من الخذلان:
_ لما مـ.ـا.تت عايدة كنت شايف كرهك لسارة واختك ومع ذلك فضلت محتفظ بالحاجات دي بعيد عن عينك، كنت عايزك تترحم عليها وتفتكر لها الحلو بس، كنت عايزك تحس أنك غالي علينا عشان ما تطلعش بني ادم معقد، لكن أنا بعترف قدامك دلوقتي يا معتز اني اول مرة في حياتي ابقى غـ.ـبـ.ـي قدام عيل زيك...
بكي معتز بقهر، للمرة المليون والدته تضعه بخانه الخذلان، كان مجرد لعبة تحركها كما تشاء حتى بعد ما أبتلع التراب جسدها، كره والده من أجلها، رفض الإقتراب من شقيقته، دمر حياة الفتاة الوحيدة التي نالت قلبه ودق من أجلها، أنهار قلبه وحياته أصبحت رماد بعدما قررت حرقه بيدها يوماً بعد يوم، تحدث بضياع:
_ يعني إيه؟!.. يعني انا كنت عند امي كوبري؟!.. عاشت حياتها كلها بعيد عني ويوم ما قربت زرعت جوايا الكره، خلتني بني ادم زبـ.ـا.لة بضـ.ـر.ب أبويا في ضهره، انا اللي أعلنت خبر جوازك من سارة بالطريقة القذرة اللي نزل بيها للناس، أنا كسرت البنت الوحيدة اللي حبيتها!!!.. كسرت قلبي بايدي عشان هي تنام مرتاحه في تربتها، لما بدأت ألعب على سمية قولت هي دي فرصه العمر، بنت راجـ.ـل أعمال يعني مصيبه زي دي هتخلي ابوك يتجوزها ما هي مش غلبانة هتأخد قرشين وتسكت، علقتها بيا عشان تطمن وانا موجود وانا بعلقها بيا عشقتها كذبت على نفسي بدل المره 1000، قولت ده مجرد وهم أنا ضيعتها أنا ضيعت ضعت يا بابا ضعت..
لأول مرة يكون محمود قاسي على معتز، لأول مرة يتركه ينهار دون أن يفتح يديه إليه ويأخذه داخل أحضانه، ترقرقت الدمـ.ـو.ع بعينه وقال بحسرة:
_ من هنا ورايح أنت مش ابني، أنا ابني راجـ.ـل لما تبقى راجـ.ـل ابقى تعالي هنا قولي انا ابنك، الاوضه اللي جنب أوضة الجنايني هتبقى بتاعتك، من بكره هتنزل زيك زي اي عامل في المصنع اللي زيك ما يستحقش يقعد على كرسي مجلس إدارة، القصر ده متحرم عليك دخوله وسميه لو حسيت للحظه انك قريب منها هنسى اخر حاجه ممكن تربطني بيك وهقـ.ـتـ.ـلك يا معتز..
بخطوات سريعة خرج من الغرفة يخشي أن يضعف أمامه نظرة رجاء منه، أمام دمعة أخري تسقط من عينه، يخشي الهزيمة أمام حبه له، سمع صرخت معتز القوية وهو يقول:
_ ما قربتش من سميه يا بابا ما قدرتش اقرب منها انا ما كنتش عايز ااذيها أنا بحبها..
دلف محمود لغرفة نومه مع سارة وجدها تجلس على المقعد المجاور للباب منتظرة قدمه، بلا كلمة ألقي بجسده داخل أحضانها، أخذته مثل الطفل الصغير حتى وصلت به للفراش، همست بحنان:
_ حبيبي..
أغلق عينيه مردفاً:
_ خليني أنام في حـ.ـضـ.ـنك يا سارة أنا محتاج حـ.ـضـ.ـنك..
_ نام يا حبيبي..
كأنه كان ينتظر تلك الكلمة، اطمئن أنها بجواره وذهب بالنوم ويده متعلق بملابسها كأنه يخشي الفقدان..
_____ شيما سعيد _____
تمت بحمدلله
لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇