رواية ابواب الريح كاملة جميع الفصول

رواية ابواب الريح هي رواية رومانسية والرواية من تأليف ورد في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية ابواب الريح لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية ابواب الريح هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية ابواب الريح تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة

رواية ابواب الريح كاملة جميع الفصول

رواية ابواب الريح من الفصل الاول للاخير بقلم ورد

"عشان تموّت وجع جواك احكي عنه، الفضفضة بمثابة طرد ليه من أراضي قلبك"
جملة كل مرة كان الدكتور بيبدأ بيها، جلسة العلاج النفسي الجماعية، وكل مرة حد فيهم بيموت وجعه، بس أنا كنت دايماً ساكته، بتفرج وأسمع من غير كلام، معرفش ليه ما شاركتش؟
هل لإني ماكنتش شجاعة كفاية إني أواجه وجعي وأموته؟ممكن عشان كنت بطبعي خجولة، أو يمكن عشان الطفلة الجبانة المكسورة، كانت عايشة جوايا وآسرة روحي، ولا لإني أصلاً مش عاوزاه يموت؟! أيوه ممكن ماكونتش مش عاوزاه يموت؛ عشان هو الذكرى الوحيدة إللي بقيالي، بس أعتقد أهم سبب؛ عشان كنت عاوزة قلبي يفضل قاسي، مايفكرش لحظة يميل أو يثق في حد، الثقة جوايا كانت مقرونة بالموت!

بس أنا قررت انهاردة أحكي حكايتي لا عشان أطرد الوجع ولا حتى عشان أموته لإن عمري ما كنت مؤمنة بإن الفضفضة بتموت الوجع، يمكن هحكي لإني اكتشفت إن عمري ما هنسى، ولإني لا بقيت الخجولة ولا الضعيفة ولا الجبانة المكسورة، بقيت واحدة تانية، دلوقتي مستعدة تواجه الوجع...

من ٢٠ سنة كنت عايشة أجمل فترة في حياتي كلها، وسط أمي وأبويا وأختي الكبيرة، كنا بنتين بس "أزهار وورد"، أزهار أكبر مني ب٥ سنين، حكتلي قبل كده إنهم كانوا عايشين في القاهرة، بس بابا ساب شغله ورجع للصعيد وبعدها أنا اتولدت، قالتلي كمان إن هي إللي اختارت اسمي عشان بتحب الورد، أنا طلعت شبه أبويا وأهله، سمار وملامح صعيدية أصيلة، أما أزهار فخدت كل جمال أمي، عاملة زي الأجانب، كان الكل بيستغرب ازاي إحنا إخوات! وازاي هي من الصعيد أصلاً! وكل إللي في البلد بيحسدوا بابا على جمالها ويقولوا لما تكبر العرسان هتقف على بابنا طوابير. كنا عايشين حياة سعيدة أوي، صوت الضحك مابيسكتش في بيتنا، ولا ريحة الحلويات من إيد أمي.

لحد ما انطفى أول نور في بيتنا بموت أمي، وقتها كان عندي ٦ سنين، أول مرة أدوق طعم الوجع، الكل بيصـ.ـر.خ ويلطم وأنا وأزهار ساكتين، بنبص للفراغ بعيون جعانة بتدور على الضي، كنت حاسه بوجع في قلبي، لا أنا كنت حاسه إن قلبي مش موجود، حاسه بفراغ وتوهه وفزع، يومها أزهار خدتني في حـ.ـضـ.ـنها وعيونها كانت بتوعدني إنها هتفضل جنبي.

أبويا كان بيحب أمي أوي بس بعد ٤٠ يوم، أبوه غصبه وجوزه بنت عمه بحجة إننا بنات صغيرين ومحتاجين لست في البيت، ولإنه مايكنش بيقدر يكسر لجدي كلمة وافق، مراة أبويا في الأول كانت حنينة علينا، بس الحنية دي دامت لسنة واحدة بس، لحد ما جابت أول أخ لينا، بعدها اتحولت لحد تاني خالص، كانت دايماً تضـ.ـر.بني وتعاملني بقسوة أنا وأختي، لحد ما في مرة أزهار وقفتلها واشتكت لأبويا، وقالتلها ملكيش دعوة بيها تاني أنا هشيل همها اعتبريني أمها، أزهار كانت كل حاجة في حياتي مش مجرد أخت، كل حاجة في الحياة اتعلمتها منها، كانت طموحة أوي، وكل حلمها تكمل دراستها وتدخل الجامعة في القاهرة وتاخدني ونعيش هناك، حتى ماكنتش بتتكلم صعيدي ودايماً تعلمني أتكلم زي القاهروية، عشان لما نسيب الصعيد ونعيش هناك، كانت شاطرة اوي في المدرسة، وبقيت أنا كمان شاطرة عشان هي دايماً تذاكرلي، بتفكرني بأمي، شكلها وريحتها وحنيتها، وكل مانكبر تبقى شبهها أكتر.
أبويا من بعد ماخلف إخواتي الولاد اتحول، كإنه نسي أمي ونسي من الأساس إنه مخلف بنات!
بقى مشغول مع جدي واعمامي ومابنشفهوس كتير في البيت ولا يعرف عننا حاجة، بقينا أنا وأختي ملناش غير بعض في الدنيا، لولا وجودها كان زماني عايشة مقهورة بسبب مراة أبويا وعمايلها.
أزهار من لما تمت ١١ سنة والعرسان بتخبط على بيتنا، كنت خايفة أوي تتجوز وتسيبني، بس كانت شخصيتها قوية من صغرها، عشان كده محدش قدر يغصبها على حاجة، ماكنتش عاوزة تتجوز حد من الصعيد عشان مش مستعدة تتنازل عن حلمها، اتمسكت بأحلامها وقالت لأبويا إنها مش هتتجوز غير لما تخلص تعليمها، عشنا سوا بنعد الأيام والسنين، مستنين اللحظة إللي هتاخدني فيها ونمشي من الصعيد، كانت كل يوم العصر تاخدني ونروح نقعد في أرضنا، نفتكر سوا ذكرياتنا مع أمي، وتقرالي شعر وروايات من الكتب إللي كانت بتشتريها بمصروفها، السنين كانت بطيئة بس بحنيتنا على بعض قدرنا نعدي منها، لحد ما خلاص بقى كلها سنة وأزهار تدخل الجامعة وتحقيق حلمنا يقرب.
وفي يوم روحنا نحضر فرح بنت العمدة، هي وأختها كانوا أصحاب أزهار، يومها أزهار كانت جميلة اوي رغم إنها لبست فستان قديم وبسيط، وادتني فستان جديد لسه مالبستهوش قبل كده، فاكرة أول ما شافتني بيه ابتسمت أوي وكنت حاسه إن أمي واقفه قدامي، بــــاست راسي وقالتلي "عقبال ما يجي اليوم إللي اسلمك فيه لعريسك يا وردي"، اترميت في حـ.ـضـ.ـنها وكنا فرحانين أوي، روحنا ومكناش عارفين إن في الليلة دي هتبدأ اللعنة.....
#يُتبع
روحنا الفرح، أنا كنت فرحانة عشان الفستان الجديد وأزهار كانت فرحانة عشان فتحية أخت العروسة، وعدتها إنها هتخليها تقابل في الفرح حد بيدرس في جامعة القاهرة، وهيساعدها عشان تدرس هناك، في بلدنا كانوا البنات بيلبسوا عبايات فوق فساتينهم لحد ما يوصلوا لمكان الفرح إللي فيه الحريم ويقلعوها، أزهار ماكنتش بترضى تلبسها أبداً، بتلبس الفستان والحجاب على راسها وهناك تقلع حجابها، وده كان مضايقهم في بيت جدي ويفضلوا يقوِّموا أبويا على أزهار، كان بيزعقلها من غير ما يبص في عيونها، ومابيقدرش يمد إيديه عليها، كإنه خايف يشوف أمي في عيونها عشان مـ.ـا.تصحيش ضميره إللي مـ.ـا.ت بموتها!
يوم الفرح أزهار خدتني ولفينا من شارع ورا البيت؛ عشان مانعديش على بيت جدي وحد يشوفنا وكمان عشان ممدوح ابن عمي إللي هيموت على أزهار، وكل ما يشوفها بره البيت يعاملها كإنها مـ.ـر.اته وله كلمة عليها، رغم إنها صدته كتير وفهمته إن عمرها ماهتكون ليه بس مفيش فايدة غاوي يتعب قلبه، لما قربنا من بيت العمدة لمحنا حد واقف في الضلمة، مفيش حاجة باينه منه غير نور السيجارة إللي في إيديه، أزهار مسكت إيدي ومشينا بعيد لحد ما وصلنا للباب الخلفي لبيت العمدة، حاولت تفتحه بس الباب قديم وعشان محدش بيفتحه كتير كان جـ.ـا.مد، واحنا بنحاول نفتحه قرب مننا إللي كان واقف في الضلمة وقال "محتاجين مساعدة؟" اتفزعت من صوته بس أزهار لأ، إللي لفت انتباهها لهجته، قرب مننا أكتر ووشه ظهر في النور، كان شاب وسيم أوي ولابس لبس الناس إللي عايشة في القاهرة، قال "ثواني وهفتحهلكم"، ماكنش باصصلنا لحد ما لمح أزهار وهو بيحاول يفتح الباب، كان بيبصلها بانبهار وواقف ساكت، حتى إيديه إللي كانت بتحاول ارتخت، بصيت لأزهار لقيتها هي كمان بتبصله، كإن في حوار بيدور بين عيونهم، خفت حد يجي ويشوفنا فقلت "هتفتحلنا الباب ولا لا يا أستاذ؟" قطعت حديث عيونهم فانتبهلي واعتذر بعدين فتحلنا، دخلنا وبعد خطوتين لقيت أزهار بتلف وتبصله وهو واقف بيتأملها ومبتسم بثقة كإنه كان متأكد إنها هتلف وتبصله!
سحبتها من إيديها وأنا بقول "يلا يا أزهار لحسن حد يشوفنا"، دخلنا المكان إللي فيه البنات، وطول الوقت أزهار قاعدة سرحانة وعينيها ع الباب، كإن صابها سحر!
بعد ما فتحية خلصت رقص جت وهمستلها "أني لسه عند وعدي، ابن خالي بيدرس في جامعة القاهرة شوية كده لما الرجل تخف هاخدك تشوفيه ورا البيت وتسأليه في إللي إنتِ عوزاه"
ابتسمتلها أزهار وهزت راسها من غير كلام، قربت منها وهمست "إنت كويسة؟" طبطبت على كتفي وقالت وهي مبتسمة "زي الورد"، شوية وشاورتلنا فتحية ومن غير ما حد يحس بينا قمنا وراها، روحنا ورا البيت، كان واقف مستني في نفس المكان، ابتسمت أزهار أول ما شافته وهو كمان ابتسملها وقال "لو أعرف إن هي إللي كلمتيني عنها كان زماني طلعتلكم من أول الفرح" استغربت فتحية وسألت "وه، انتوا تعرفوا بعض؟" ولإن أزهار واقفة ساكته رديت أنا وقولتلها إنه فتحلنا الباب لما وصلنا.
أزهار أخيراً نطقت وسألته عن الجامعة، كان مستغرب لهجتها، فضل يشرحلها بالتفصيل، ده حكالها عن تاريخ الجامعة من أوله، كإنه ماكنش عاوز الكلام يخلص، وأزهار بتسمعه باهتمام والابتسامة مافارقتهاش، لحد ما فتحية حست بحد جاي فأخدتنا ودخلنا البيت بسرعة، لما رجعنا للبنات أزهار كانت غريبة، عمرها ماقامت ترقص في فرح، لقيتها قايمة ترقص مع البنات، كانت مبسوطة أوي، كنت فرحانة للفرحة إللي باينة في عيونها بس كان منغص عليا الفرح إحساس خوف جوايا معرفش سببه!
بعد ما روحنا كنت حاسه بأزهار صاحية طول الليل جنبي، ماكنتش فاهمة إللي جرالها ولا عارفة أفسر الإحساس إللي يخليها مبسوطة وكلها حيوية ونشاط كده، كانت بتمشي في الدار طول النهار تغني، وكل ما مراة أبويا تضايقها مش زي العادة مابتردش!
وبعد ليلة الفرح بيومين بعتتلنا فتحية نقعد معاها ساعة العصاري في أرضهم، روحنا واتفاجئنا هناك بابن خالها، استقبل أزهار بفرحة زي الفرحة إللي اترسمت على وشها أول ماشافته، قعدنا وهو كان معانا بحجة إنه مالحقش يكمل كلامه يوم الفرح، كنت مستغربة وجوده، عمرنا ماقعدنا ومعانا راجـ.ـل غريب! كمل كلام عن الجامعة والقاهرة، كنت حاسه بملل من حكاويه ومستغربة الاهتمام والسعادة إللي بتسمعه بيهم أزهار!
شوية ولقيت فتحية بتقولي أروح معاها البيت تجيب حاجة، رفضت أسيب أزهار معاه لوحدها لكن لقيتها هي إللي بتقولي روحي معاها وما تتأخروش، قمت ومع كل خطوة التفت وأبصلهم، كنت خايفة حد يشوفها، فضلت استعجل فتحية لحد مارجعنالهم، كنت سامعة ضحكتها، الضحكة دي أزهار ماضحكتهاش من يوم ما أمي مـ.ـا.تت، غصب عني لما سمعتها ابتسمت، بعدين فضلت أزن عليها عشان نروح، عينيها كانت بتتحايل عليا نستنى بس صممت من خوفي حد يشوفنا.

روّحنا وكنت براقبها وساكته لحد ما جينا ننام بالليل، مقدرتش أسكت أكتر، خرجت عن صمتي وسألتها عن إللي شقلب حالها كده، ابتسمت وعيونها لمعت وهي بتقول " معرفش يا وردي، بس أنا ببقى حاسه إني عاوزة أشوفه طول الوقت، ولما بشوفه بحس إني مبسوطة أوي ومطمنة" اتعدلت من نومتها وكملت" عارفة يا ورد، اللي تموت أمه ولا أبوه بيبقى زي اللي اتبتر عضو من جـ.ـسمه ولا بقى عنده عاهه، أنا حاسه بكده من يوم ما أمي مـ.ـا.تت لحد ما شفته واتحول إحساسي لفرحة المبتور ده لما يركبوله عضو صناعي، صحيح عمره ما هيعوضه عن العضو إللي راح، بس هيساعده يكمل باقي حياته وهو حاسس إنه زي باقي البشر الطبيعين، بت يا ورد"
رديت بهدوء" نعم؟ " زادت لمعة عيونها ولون الورد في خدودها وهي بتقول" شكله كده هو ده الحب ".

وكإنها بجملتها دي ادت التصريح للقصة عشان تبدأ، قصة حب
" أزهار وعزت"، محدش عرف غيري أنا وفتحية، كنا شاهدين على قصتهم، لما يجي الصعيد، قعدة العصاري إللي كنا بنقعدها سوا في أرضنا بقت بتقعدها معاه في أرض العمدة بعيد عن عيون الناس وأنا فتحية بنراقب المكان من بعيد، ولما يرجع القاهرة يبعتلها جوابات فيها من عطره، وفتحية بتيجي توصّلها وتاخد جواب من أزهار ليه متعطر بريحة الورد البلدي إللي كانت بتحب تحطها، كانت بتستنى جواباته زي مابنستنى العيد، ولما تقرا حروفه عيونها بتلمع أوي، وخدودها تبقى لون الورد، وتضحك ضحكة من القلب، وتفضل طول الليل نايمة وفي حـ.ـضـ.ـنها الجواب، أزهار انشغلت عني شوية بس أنا ماكنتش زعلانة، ماصدقت أشوفها بتضحك من تاني فكنت ببقى مبسوطة وفرحانة أوي عشانها.
آخر جواب عزت بعتهولها، قالها فيه إن الجواب الجاي هيتأخر وكمان مش هيقدر يجي الصعيد فترة عشان امتحاناته هتبدأ وكمان امتحاناتها ولازم يركزوا في مذاكرتهم عشان تنجح وتدخل الجامعة وتبقى طول الوقت جنبه وهو يقدر يتخرج ويتجوزها.
أزهار طول عمرها شاطرة وبتحب تذاكر بس السنة دي غير كل سنة، ماكانتش بتقوم من على الكتاب لحظة، حتى على الأكل كتابها في إيديها وبتذاكر، حبها لعزت خلّاها تتمسك بدراستها وحلمها أكتر من الأول، خلصِت الامتحانات وأزهار مستنية بلهفة، كل يوم بيمر في غيابه وغياب حروفه بيزود لهفتها وحنينها...

وفي ليلة مش فاكرة كانت الساعة كام بس إللي فكراه إني كنت رايحة في النوم وفقت على خبط على شباك أوضتنا، أزهار كانت صاحية كالعادة، حسيت بيها وهي قايمة تفتح الشباك ، سمعت شهقة لهفتها فابتسمت وغمضت عيوني، فتحتها وماكنتش واعية أوي بس فاكرة إني لمحت أزهار وهي بتحط الطرحة على راسها وخارجة تتسحب من الأوضة، بعدها روحت في النوم، صحيت الصبح واتعدلت من نومتي مخضوضة لما مالقتهاش جنبي، قمت أدور عليها في البيت وأنا خايفة تكون مارجعتش من بالليل، قابلتني مراة أبويا وسألتني بأسلوبها الفظ "هتتنيلي تفطري ولا هتروحي ع الأرض ورا السنيورة؟" سألت "هي أزهار في الأرض؟" قالتلي "أه طلعت من صبحية ربّنا و" ما استنتهاش تكمل وطلعت جري ع الأرض عشان أطمن عينيا إنها موجودة، ماهديتش غير لما لمحتها، كانت قاعدة شاردة لوحدها، قربت منها وندهتلها بس ماردتش، هزتها فبصتلي بعيون غريبة متحجر فيها الدمع، قعدت جنبها وسألت" مالك يا حبيبتي؟ " ماردتش فابتسمت وقلت" دنا قلت هلاقيكِ بترقصي من الفرحة بعد ما شفتي حبيب القلب امبـ.ـارح" لمحت الصدمة فعيونها فقلت بقلق "هو مش جه امبـ.ـارح ولا أنا كنت بحلم بالليل؟؟" ماردتش بس اترمت في حـ.ـضـ.ـني وهمست "احـ.ـضـ.ـنيني بكل قوتك يا وردي" فضلت حـ.ـضـ.ـناها وكل ما اسأل" مالك؟ " تستخبى في حـ.ـضـ.ـني أكتر...

من اليوم ده أزهار اتبدلت، أو دبلت، لا بقت بتضحك ولا حتى تبتسم، بقت على طول قاعدة في الأوضة لوحدها، لا عايزة تشوف حد ولا حد يشوفها، حتى الأكل مابقاش بيقعد في معدتها، كل يوم أعيط جنبها واتحايل عليها تقولي على إللي صابها فترد عليا بالسكوت ونظرات التيه والخوف، رحت لفتحية واتأكدت منها إن عزت فعلاً كان في الصعيد ومشي على طول، سألتها يمكن قال لأزهار حاجة وجعتها ولا يمكن سابها وقالها إنه هيتجوز غيرها، قالتلي مـ.ـا.تعرفش أي حاجة وجت معايا البيت تطمن على أزهار وتفهم إيه إللي حصل، أزهار أول ماشافتها انهارت وفضلت تصرخ بحرقة، أنا حمدت ربنا إن مراة أبويا يومها كانت عند أهلها؛ عشان مـ.ـا.تشوفش أزهار وهي في الحالة دي، فتحية قالتلي أروح أراقب الشارع لحد مـ.ـا.تتكلم معاها وتهدِّيها، فضلت قاعدة قدام الباب قلقانة لحد ما خرجت فتحية ووراها أزهار ، نظرات فتحية قلقتني أكتر، سألت رايحين فين؟ فقالتلي أفضل في البيت ولو حد سأل أقول إن أزهار عندها.
فضلت مستنية في الشارع، ساعة والتانية والتالتة ،وعقرب الساعة كإنه عقرب سارح ينهش في قلبي مع كل خطوة، ساعة كمان وكنت هتجنن، لمحت أزهار ماشية بوهن لوحدها، جريت عليها وسندتها قبل ما تقع، دخلت أوضتها، ومن غير كلام نامت بوضع الجنين ع السرير، طول عمري بستمد منها القوة، أول مرة أشوفها بالضعف ده!
جـ.ـسمها كان بيتنفض وبتهمس بكلام مش مفهوم، لما قربت منها أوي سمعتها بتنده على أمي، بكيت بحرقة وحـ.ـضـ.ـنتها وأنا لا عارفة مالها ولا عارفة اتصرف إزاي!
ولا حد في البيت دريان بينا، ومراة أبويا بتفسر حالتها الأيام إللي فاتت بإنها ماحلتش في الامتحانات وهتسقط، بس أنا قلبي كان بيقولي إن حالتها سببها الليلة إللي طلعت فيها، هزيتها وسألت " هعيد عليكِ السؤال تاني يا أزهار ومش هسكت ولا هسيبك غير لما تقوليلي مالك قوليلي إيه إللي حصل؟" فضلت ساكته فصرخت في وشها "كفاية حـ.ـر.ام عليكِ انطقي فيكِ إيه؟؟"
بصتلي وكإنها كانت في غيبوبة وفاقت، قعدت ع السرير وأخيراً نطقت وياريتها مانطقت، قالتلي "عاوزة ت عـ.ـر.في فيا إيه؟" هزيت راسي وأنا بقولها" أبوس إيديك طمني قلبي " ضحكت بسخرية وقالت" بس أنا بعد ما أقول مش هيتطمن هيتفزع أكتر"
لساني ماقدرش يسألها مرة تانية وقلبي من قبل مـ.ـا.تقول بدأ يتفزع فعلاً، عينيها كانت مليانة رعـ.ـب وهي بتقولي بحروف مكسورة "أ أنا ح أنا حامل يا ورد "!!
مالحقتش أستوعب الصدمة لإني سمعت صرخة مراة أبويا وهي واقفة عند باب الأوضة......
#يُتبع
عينيها كانت مليانة رعـ.ـب وهي بتقولي بحروف مكسورة "أ أنا ح أنا حامل يا ورد "، مالحقتش أستوعب الصدمة لإني سمعت صرخة مراة أبويا وهي واقفة عند باب الأوضة.
بعدها كل حاجة حصلت في ثواني، اتهجمت على أختي، وأزهار قاعدة ثابته لابتنطق ولا تتحرك ولا حتى تعابير وشها اتغيرت، حجِّزت بينهم لحد ماسمعنا صوت أبويا في الصالة بيسأل" فيه إيه؟ صوتكم واصل لآخر الشارع؟ ادخل يا صالح" أبويا جاي ومعاه عمى، مراة أبويا بصت لأختي بغل، وطيت على إيديها بوستها وأنا بقول بصوت وا.طـ.ـي "أبوس إيديك استريها ومـ.ـا.تقوليش لأبويا" عينيها كانت مليانة جبروت وقسوة، استعطفتها أكتر وقلت " اعتبريها بنتك ولو مرة واحدة في حياتك دي يتيمة" ردت بحدة" بحمد ربنا إني ماجبتش بت عشان مـ.ـا.تجبليش العار" قالت جملتها وطلعت بره فجريت وراها، أبويا سأل تاني في إيه؟ عيونها كانت مليانة قسوة وعيوني كانت بتترجاها ترحم أزهار، كان عندي أمل حتى تستنى لما عمي يمشي، بس للأسف خيبت آمالي وهي بترمي لأبويا الصدمة بلا رحمة، ماقدرش يقف، قعد ع الأرض، لقيت عمي جاي جري ع الأوضة فسبقته وحاولت أقفل الباب وأنا بقولها "نطي من الشباك بسرعة يا أزهار، اتحركي أبوس إيديك"، كانت قاعدة ثابتة في مكانها وباصة للفراغ، فضلت سانده الباب بآخر قوتي وآخر أمل باقيلي، بس جـ.ـسمي الهزيل ماستحملش قصاد قوة غضب عمي، جـ.ـسمي اتخبط في الحيط واتفتح الباب، شفته وهو بيضـ.ـر.بها بكل قوته، تحاملت على نفسي وقمت أقف بينهم، كانت بتضِّرب وهي ساكته كإنها جسد لا ليه روح ولا قوة!
حـ.ـضـ.ـنتها واتلقيت في ضهري الضـ.ـر.ب عنها، عمي كان الغضب عاميه، لحد ما مراة أبويا شـ.ـدته بعيد عنها وقالت "كفاية يا صالح بلاش فضايح"، سحبِته بره الأوضة وبمجرد ما خرجوا جريت قفلت الباب بالمفتاح، حـ.ـضـ.ـنت أزهار وبكيت بحرقة، كان نفسي ألومها واسأل "ليه؟" بس كانت صعبانة عليا ومش ناقصة السؤال ده دلوقتي، فضلت حـ.ـضـ.ـناها لحد ما الليل حضر، عيني غفلت وهي في حـ.ـضـ.ـني، فقت على خبط ع الباب، قلبي ارتجف من الخوف، الخبط بيزيد ومن قوته الباب هيتخلع، بصتلها بفزع مش عارفة أعمل إيه، فهمسِت بــــاستسلام "افتحيلهم الباب، بس مهما حصل مـ.ـا.تدّخليش ولو قـ.ـتـ.ـلوني قدامك يا ورد مـ.ـا.تنطقيش اسمه"، قمت وبإيدين مترددة فتحت الباب، لقيت أعمامي كلهم واقفين، قالولي أطلع بره رفضت، واحد منهم زقني وقفل الباب، شفت أبويا قاعد في الصالة ساكت وشارد في الفراغ، كان عندي أمل ينجدها بس كإنه في عالم تاني، الهم والقهرة كانوا آسرين ملامحة، سمعت أول صفعة على وش أزهار واتخلع قلبي، سمعاهم وهم بيضـ.ـر.بوا فيها ويسألوها غلطت مع مين وهي ساكتة لا بتنطق ولا حتى بتتوجع، فضلت أخبط ع الباب وأترجاهم يرحموها، معرفش فات أد إيه وأنا بعيط وأخبط ع الباب، مابقتش حاسة بإيدي لحد ما فتحوا الباب، خرجوا واتنين منهم ساندين أزهار ملبسينها عباية سودا ومغطيين وشها بحجاب، ماكانتش قادرة تمشي فجرُّوها، جريت وراهم فمسكتني مراة أبويا ومنعتني من الخروج، قفلت الباب وراهم وبعدين ضـ.ـر.بتني والمرة دي ماكنتش أزهار موجودة تدافع عني، حبستني في الأوضة، كنت قاعدة هموت من القلق عليها، كنت ببكي بحرقة وانده على أمي، أزهار كانت بتقولي إنها سمعانا، فضلت أصرخ وانده لحد ما صوتي راح، أعتقد نعست لإني صحيت الصبح ولقيت نفسي نايمة مكاني ع الأرض، قمت بوهن وفتحت الباب، لقيت مراة أبويا حاطه الفطار وبتاكل هي وإخواتي زي كل يوم ولا كإن فيه حاجة حصلت، حطيت حجابي على راسي وقبل ما أخرج من باب البيت قالتلي ببرود "مش هتلاقيها في بيت جدك، هم حابسينها في الزريبة مع البهايم"، كان نفسي في اللحظة دي أخـ.ـنـ.ـقها بس ماردتش عليها وكملت طريقي، ولما رحت بيت جدي، مراة عمي أكدتلي كلام مراة أبويا، جريت بسرعة على هناك، دي أزهار كانت بتقرف تعدي من جنبها ازاي حابسينها جواها!
حاولت افتح الباب بس كانوا قافلينه بأقفال كبيرة، خبطت عليه ماسمعتش صوت، فقلت" أنا ورد يا أزهار" أول ماقلت اسمي سمعت صوتها بتقرب من الباب بوهن وقالت "حد معاكِ يا ورد؟" قلت "لا" فقالتلي "روحي لفتحية وقوليلها تكلم عزت وتقوله ع إللي حصل أنا واثقة إنه هيتصرف ومش هيتخلّى عني، بس إياكِ تقولي اسمه قصاد حد من أعمامك ولا مراة أبوكِ حتى لو هددوكِ إنهم هيقـ.ـتـ.ـلوني، مـ.ـا.تخفيش مش هيقدروا، عزت هيلحقني، يلا بسرعة يا ورد"، جريت أنفذ طلبها ولما رحت بيت العمدة لمحت فتحية في شباك أوضتها وأول ما شافتني دخلت، ولما سألت عنها في البيت الخدم قالولي إنها مش موجودة، جريت على أوضتها وهم بيجروا ورايا، اتفاجئِت بيا فقالتلهم ينزلوا ويسيبوني، قولتلها
" مش عاوزة تقابليني ليه يا فتحية، بتتخلي عن أزهار إللي كانت أكتر من أختك؟!" ماقدرتش تبص في عينيا وقالت "بقولك يا ورد طلعوني من مشاكلكم أنا ماليش صالح بإللي حصل" قولتلها "كتر خيرك يا بنت الأصول، عموماً أنا مش عاوزة منك حاجة غير إنك تكلمي ابن خالك وتحكيله إللي حصل وتقوليله إن أعمامي حابسين أزهار وهيقـ.ـتـ.ـلوها، قوليله يجي يلحقها" اترددت قبل مـ.ـا.تقولي "بقولك يا ورد طلعوا عزت من الحكاية أنا أصلاً قولتله إنها حامل بس ماظنش هيقدر يعمل حاجة، عوزاه ياجي يعني عشان يقـ.ـتـ.ـلوه!! " صرخت بقهرة" أمال يقـ.ـتـ.ـلوا أختي؟؟!! " ردت بحدة" وهو كان يعني ضـ.ـر.بها على يدها؟ إللي بيشيل قربة مخرومة بتخر على راسه!! "
ماكنتش مستحملة أسمع كلمة زيادة منها، خرجت من عندها مصدومة، مش عارفة هقول لأزهار إيه؟ إللي حبيتيه ووثقتي فيه وسلمتيله نفسك باعك!! هي ناقصة قهرة! جتلي فكرة فجريت على أرض عمي، كنت عارفة إني هلاقيه هناك، كان قاعد مهموم وملامحه أكدتلي إنه عرف، قربت منه وهمست" إزيك يا ممدوح؟" بصلي بعيون مكسورة وقال "عاوزة إيه يا ورد؟"
لقيت دمـ.ـو.ع الرجا سابقة حروفي، هو آخر أمل قولتله " عوزاك تنجد أزهار يا ممدوح، إنت مش بتحبها؟"
همس "كنت" سألت بخوف"كنت إزاي يعني؟! مش دي أزهار إللي كنت هتموت عليها وفي الروحة والجاية تقولها إنتِ بتاعتي وهتكوني ليا؟" بصلي بغضب وقال "ده لما كانت شريفة وعفيفة إما إللي زيها زي البهايم وأقل دي، باعت شرفها وحطت راسنا في الطين دي ماعرفهاش ولا تلزمني، دي تستحق الموت"

قـ.ـتـ.ـل آخر أمل جوايا وسابني ومشي، مابقاش في إيديا حاجة أعملها، اتحرمت من حـ.ـضـ.ـنها، بقيت كل يوم بالليل أروحلها وأقعد جنب الباب، نفضل نحكي ذكرياتنا زي ماكنا بنحكيها في الأرض ساعة العصاري، وكل مـ.ـا.تسأل عن عزت أغير الموضوع، كدبت عليها وقولتلها إن فتحية كلمته وقالها إنه هيلحقها، أنا فعلاً رحت لفتحية أكتر مرة واتحايلت عليها بس ماكنش عندها غير نفس الرد، حاولت أهرّب أزهار بس ماعرفتش، كنت بقدر بس أهربلها أكل عشان مـ.ـا.تموتش من الجوع، ماكنوش بيطلعوها من هناك، كل يوم يروح عمي يضـ.ـر.بها عشان تنطق وتقول اسمه، بس اتحملت الضـ.ـر.ب والعذاب عشان تحميه، مر أسبوع وفي الليلة الأخيرة قبل صدور الحكم، رحت أقعد معاها جنب الباب زي كل ليلة، اترجيتها تقولهم اسمه يمكن يرحموها ورفضت، قولتلها الحقيقة إللي قالتهالي فتحية وداريتها عنها، بس ما اتصـ.ـد.متش بالعكس ضحكت وقالتلي بثقة " فتحية بتكدب، عزت مستحيل يعرف ويتخلّى عني يا ورد، عزت بيحبني بجد" قلت
" جدك هيقول حكمه بكره وممكن يحكم عليكِ بالموت يا أزهار" قالتلي " وأنا مش خايفة من الموت يا وردي، أنا غلطت واستحق كل إللي يجرالي، ماغلطتش إني حبيت لكن عبرت عن حبي غلط واتحججت بإن ده الحب، أنا استحق يا وردي أستحق، اوعديني لو مت بحاجتين، الأولى إنك مش هتجيبي سيرة عزت والتانية إنك هتحققي حلمنا وتمشي من هنا " سكت فقالت "اوعديني دلوقتي يا ورد" قلت بصوت مكسور" هتعيشي يا أزهار هتعيشي " سكت شوية وبعدين قلت" حـ.ـضـ.ـنك وحشني أوي، أنا نفسي أترمي في حـ.ـضـ.ـنك"
بعدها سكتنا، بس نحيب بكانا شق سكون الليل لحد الفجر.
تاني يوم جدي جمع أعمامي في المندرة، وأبويا كان قاعد وسطهم بنفس الحالة، من يوم ما عرف وهو مابينطقش ولا بيتدخل، كإنها مش بنته!
استخبيت ورا الشباك عشان أسمع حكمهم، دقات قلبي كانت طبول صوتها عالي مخليني مش قادرة أسمع أي حاجة حوليا، كنت بطبطب على قلبي بهدوء عشان يسكت ويهدا، لمحت ممدوح داخل المندرة فندهتله، بصلي، ماقدرتش أنطق بس عيوني كانت بتترجاه يرحمني ويرحمها من الموت، فضل باصصلي بنظرات مش مفهومة وبعدين سابني ودخل، فضلت سمعاهم من ورا الشباك، كلهم بيقولوا تستحق القـ.ـتـ.ـل، حسيت رجليا مش شيلاني، كنت مستنية أسمع صوت ممدوح، وفجأة سمعت واحد من عمامي بيقول لجدي إنه عنده حل ....
#يُتبع
كنت مستنية أسمع صوت ممدوح، وفجأة سمعت واحد من عمامي بيقول لجدي إنه عنده حل، فرحت والفرحة مـ.ـا.تمت، كنت فكراه هيرحمها من الموت لقيته بيقترح على جدي طريقة لموتها من غير ماحد يعرف إن ليهم يد ولا إنها اتقـ.ـتـ.ـلت عشان يغسلوا عارهم؛ لحسن لو حد عرف كده سوق بنات العيلة كلهم هيقف، كنت حاسه بالقرف منهم كلهم ومنه هو تحديداً وهو بيقترح يحرقهوها حية ويقولوا نار الفرن مسكت فيها وهي بتخبز، هو ازاي ده أب بيضم بناته لحـ.ـضـ.ـنه ازاي؟ ، طيب أبويا ازاي قدر يستحمل يخططوا لقـ.ـتـ.ـل بنته بالشاعة دي!
قررت في اللحظة دي اتدخل بعد مالقيتهم كلهم موافقينه، اقتحمت عليهم الجلسة وقلت "اتقوا الله فيها دي بنتكم يا جدي" زعقلي عشان دخلت واتكلمت في وجود الرجـ.ـا.لة، بصيت لممدوح ولقيته بيهرب من نظراتي فقلت "ممدوح ممكن يتجوزها هو بيحبها وهيسترها"، ممدوح اتفاجيء بس مانطقش لكن عمي هو إللي اتكلم، قال "وولدي ذنبه إيه تلبسوه مصيبتكم! مفيش حاجة اسمها بيحبها ولدي هيتجوز بت شريفة برقبتها" بعدين نده لمـ.ـر.اته تاخدني بره، كانت بتسحبني وأنا متبته في المكان بصرخ وكإنهم صمٌ بكمٌ عمي! آخر حاجة صرخت بيها" احنا وصية أمي ليك يا أبا مـ.ـا.تفرطش في لحمك مـ.ـا.تفرطش في بنتك يابا "
خلاص انتهت كل الحلول، رحت لأزهار وأنا ببكي بحرقة وأقولها تساعدني اتصرف ازاي، ورغم إللي هي فيه قالت بحنان" دمـ.ـو.عك بتقطع قلبي يا وردي مـ.ـا.تبكيش" انتبهت للهجتها فقلت "من امته بتتكلمي صعيدي!"، ضحكت وقالتلي "هتكلم بلهجة الأرض إللي هندفن فيها "، جملتها بكّتني فقولت" مش هسمح بكده يا أزهار، هنهرب سوا ونمشي من البلد دي، هنحقق حلمنا سوا، مش هسمحلهم يمسوا شعرة منك"
قالت بهدوء" خلاص يا وردي المكتوب ع الجبين شيفاه عيني، أنا عارفة إنهم هيقـ.ـتـ.ـلوني وأنا خلاص راضية، مـ.ـا.تعمليش حاجة تاني، خليكي جنبي نلحق نشبع من بعض قبل ما أروح لأمي"
قولتلها" عشان خاطري مـ.ـا.تقوليش كده، إنتِ مش وعدتيني يوم ما مـ.ـا.تت أمي هتكونيلي أم، هتسيبيني ازاي لوحدي يا أزهار! " أول مرة أسمعها بتبكي من يوم إللي حصل، قالتلي" حقك عليا يا ورد أنا إللي عملت فينا كده، على عيني إني أسيبك لوحدك، ماكنتش أعرف إن ده إللي هيحصل، إوعي بعد ما أموت تسمحيلهم يتحكموا في مصيرك زي ما عملوا فيا"سكتت شوية وبعدين كملت" واوعي تثقي في راجـ.ـل يا ورد، اوعي تسمحي لقلبك يحب، الحب ضعف ومهانة اوعي تلوثي قلبك الجميل بيه" قلت" عشان خاطري مـ.ـا.تبكيش، مش هسيبهم يقربوا منك، خلاص أنا عرفت الحل فين، خدي بالك من روحك لحد ما أجيلك" مشيت خطوتين وسمعتها بتنده رجعتلها فقالت "أنا بحبك أوي وردي، كان نفسي أعيش وأشوفك بتكبري قدام عينيا ونشيب سوا، خدي بالك من نفسك عشاني، حتى لو قـ.ـتـ.ـلوني أنا هفضل عايشة جواكِ يا وردي، كلميني دايماً واشكيلي همك أنا هسمعك"، وداني رافضة تسمع الوداع إللي في صوتها، سبتها وجريت ع المركز، مابقاش عندي حل غير ده، هبلغ عنهم وأول ما الحكومة تنجدها هنهرب سوا، كنت سرحانة في أحلامي وأنا في الطريق، شاورت لعم منسي بتاع الخضار وركبت معاه العربية الكرو عشان المركز بعيد أوي ولو رحت مشي هتأخر.
أول ما وصلت دخلت للظابط إللي في المركز، كنت بحكي بحروف ملغبطة وأنفاس مكتومة، طلب مني أهدي وجابلي كوباية ماية، حاولت أهدى وطلبت منه يجي يلحق أختي بس أصر أحكيله الأول الحكاية كلها، حكيتله كل حاجة وطلبت منه يجي معايا يلحقها، مـ.ـا.ترددش لحظة، ركبت معاه العربية، واحنا في الطريق حاول يشغلني عن الخوف فحكالي إنه لسه جديد في الخدمة، بقاله أسبوع، ماكنش هاممني أسمع حاجة عنه كل همي نلحق أزهار وبس، وصفتله الطريق بالتفصيل وأول ما دخلنا شارعنا لاحظت إن الناس بتجري ناحية بيتنا تحديداً ناحية الحوش إللي مراة أبويا بتخبز فيه.
عقلي كان بيقولي نفذوا خطتهم وقلبي كان رافض يسمع، مسكين كان لسه عنده أمل!
العربية كانت ماشية، ماحستش بنفسي لمّا لمحت لسان النار والدخان، فتحت الباب ونزلت، وقعت ع الأرض، ماحستش بألم وقفت تاني وجريت، كنت بقع كل خطوتين، الصدمة مصممة تتقل رجليا ورجليا لسه بتعاند، الناس كانوا واقفين بيحاولوا يطفوا النار، سمعت الستات إللي واقفه بتتفرج بيتهامسوا بالكدبة إللي كدبوها أعمامي "أزهار كانت بتخبز والنار بقالها ساعة ماسكة فيها"، جريت على جوه، مسكني الظابط ومنعني أدخل، قولتله "ماخلاص قـ.ـتـ.ـلوها، سبني ألحق إللي فاضل منها سبني حتى أودعها"، جت مراة أبويا مكملة في التمثيلية بدمـ.ـو.ع التماسيح، لسه هتحـ.ـضـ.ـني زقتها بعيد عني وقلت "إنتِ السبب، ذنبها هيفضل متعلق في رقبتك ومش هتشوفي يوم هنا في حياتك "، محدش قدر عليا، دخلت وسط النار إللي بدأت محاولاتهم تنجح ويهدُّوها، لمحتها وماقدرتش اتحرك خطوة، صورتها مش قادرة أنساها، جـ.ـسمي كان تقيل أوي، قلعت عبايتي بالعافية وجريت عليها أحـ.ـضـ.ـنها بيها بس أنا اتأخرت أوي، صبغت النار جـ.ـسمها بالسواد، ماكنش باين منها غير عيونها الزرق، كان لسه فيها النفس، حطتها في حـ.ـضـ.ـني ومش عارفة أحـ.ـضـ.ـنها، جلدها كان بيقع، كانت بتشاورلي أحـ.ـضـ.ـنها وكنت خايفة تتوجع أكتر، مسكت إيديها بالراحة، لا حاسة باللهيب إللي في جـ.ـسمها ولا حاسة بألم، أصعب حاجة لما حد بتحبه يبقى بيتألم وإنت بتتفرج عليه وروحه بتطلع ومش عارف تعمل حاجة، ماكنتش قادرة غير إني أحـ.ـضـ.ـنها وألبي طلبها الأخير، حـ.ـضـ.ـنتها ولفظت أنفاسها الأخير في حـ.ـضـ.ـني، آخر حاجة نطقتها "أنا آسفة يا أزهار" بعدها ما قدرتش أنطق تاني ولا فاكرة حاجة من إللي حصلت بعد كده غير ومضات بفتكرها بصعوبة، فاكرة وأنا في المستشفى ومعلقينلي محاليل، فاكرة إني اتخرست، فاكرة كمان إني لما رجعوني البيت حاولت انتحر مرتين، مرة كنت هشنق نفسي بحبل ومرة كنت هولع في نفسي، زمان كنت بقول لأزهار إني بخاف من المقابر وخصوصاً بالليل بس التراب إللي كنت خايفة منه بقى حاضن أماني الوحيد في الحياة، أنا مابقتش بعرف أنام غير جنب تربة أمي وأختي!

فضلت ع الحال ٦ شهور، ٦ شهور مروا من غير أزهار!
معرفش ازاي كنت لسه عايشة! البلد كلها كانت بتحكي عن نهاية جمالها المأساوية بسبب نار الفرن، كنت بشوف مراة أبويا ومرتات اعمامي وهم بيحكوا بدمـ.ـو.ع التماسيح وينصحوا الستات مايحطوش قش جنب الفرن!
وطبعاً الظابط ماقدرتش يعمل حاجة، ولاقدر يثبت حاجة من كلامي، حتى شهادتي مابقاش ليها لازمة وأنا خرسا!

بدأوا كلهم يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي إلا أنا، كل يوم بيمر كنت بموت فيه ألف مرة، كل ما أحاول أغمض عيني أشوف أزهار وهي مولعة، طول الوقت قلبي مفزوع، ماكفاهمش إللي عملوه في أزهار قرروا يموِّتوني بالحيا!
رجعت من المقابر في يوم لقيت فستان أبيض في أوضتي، قرروا يجوزوني صغيرة عشان ماجيبلهمش العار زي أختي، هيجوزوني لواحد ضِعف عمري ومتجوز!
محدش سألني عن رأيي، في عيلتنا البنت لا ليها رأي ولا كلمة ولا معتبرينها فرد عايش وسطهم من الأساس!
كنت مسلوبة الإرادة، مابقاش فيا نفس أعافر، لبسوني الكفن ومسكوا إيدي يمضوا بيها على قسيمة جواز طفلة!
زفوني لبيته، وأنا ولا سامعة ولا شايفة، جـ.ـسم ماشي بروح مدفونة تحت التراب، كنت سامعة في وداني صوت أزهار وهي بتقولي "إوعي بعد ما أموت تسمحيلهم يتحكموا في مصيرك زي ما عملوا فيا"، هي قالتلي قبل كده إن إللي يموتله غالي كإنه عايش مبتور بعاهة، بموتها أنا مابقتش بعاهة أنا بقيت ميتة، طاب هو فيه ميت بيعافر أو يتحكم في مصيره!!!!
#يُتبع
كنت ماشية معاهم في زفتي مسلوبة الإرادة، عايشة مع نفسي عالم تاني لا شيفاهم فيه ولا سمعاهم، مافقتش غير لما سمعت خبطة باب بيتقفل، بصيت حوليا مذهولة بحاول أستوعب أنا فين!
أوضة غريبة حسيت حيطانها بتطبق على نفسي، قفل الباب ولقيته بيقرب مني بابتسامة صفرا، أطرافي بردت وجـ.ـسمي بدأ يرتجف، وكل ما يقرب خطوة أرجع عشرة، ضحك وقال "خلصينا مش ناقصة دلال أهلك مستنين المنديل"، سمعت الجملة دي وزاد رعـ.ـبي، عيني كانت بتطوف في الأوضة بهلع بتدور على أي حاجة تنقذني، لمحت طبق فاكهة حاطينه جنب العشا وفيه سكينة، وعشان حجمي صغير بالنسبة ليه وطيت من تحت إيديه وجريت ع السكينة، ماكنتش عارفة أنطق، مسكتها على رقبتي وعيني بتهدده إني هموِّت نفسي لو قربلي، لقيته مش هامه وبيقربلي فوجهتها ناحيته بإيدين مترددة وخايفة وهددته، كنت فاكره إنها كفاية وهتقدر تحميني، بس جـ.ـسمي الهزيل خانني تحت تأثير الهلع، هجم عليا وقدر ياخد السكينة مني، رفعني ورماني على السرير، كنت بصرخ وبضـ.ـر.به بإيديا ورجليا بكل قوتي ، ضـ.ـر.بة منهم جت جـ.ـا.مدة فاتحول لوحش، شتمني وفضل يضـ.ـر.بني على وشي لحد ما بقيت شبه فاقده للوعي، ورغم كده ماوقفتش مقاومة، جـ.ـسمي كان بينتفض كإني عصفور مدبوح بينازع.
لمحت الفستان جنبي، فبدأت مقاومتي تزيد، صفعة كمان كانت كفيلة تسرق وعيي، كنت شبه شايفة وواعية، بس حاسه بكل حاجة، مابقتش قادرة على المقاومة، حاسه بطعم الدم في شفايفي، وإيديه أشواك بتنتهك جـ.ـسمي، بدأ عقلي الباطن ياخدني لدنيا تانية، معالم الأوضة اختفت من حوليا، شايفه نفسي قاعدة في صالة بيتنا في حِجر أمي وأزهار قاعدة جنبها وسانده راسها على كتفها، سامعة ضحكهم في وداني، شايفة نفسي طفلة بضفاير بتجري وسط الأرض ورا الفراشات، فجأة حسيت بألم فوق طاقة احتمالي، صرخت باللي باقي من قوتي ولقيت عقدة لساني بتتفك، كنت بصرخ وأقول "إل إلحقيني يا أزهااااار"، دي آخر حاجة فكراها، أعتقد فقدت الوعي من شـ.ـدة الألم والخوف، فقت على ضـ.ـر.بات خفيفة على وشي، كان عندي أمل لما أفتح عيوني اكتشف إن ده كله كان كابوس لقيتني في نفس الأوضة، كانت واقفة جنب السرير وبتفوقني واحدة معرفهاش، أول مافتحت عيوني كانت بصالي بخوف حقيقي باين في عينيها، قالتلي "اسم الله عليكِ، قومي أما أساعدك تغسلي جـ.ـسمك"، ماكنتش قادرة أتحرك، الوجع في كل حتة في جـ.ـسمي، أول ما رفعت الغطا شهقت وقالت "يا حبة عيني ده إنتي سايحة في دمك، قومي يا حبيبتي اتعكزي عليا" اتعدلت بالعافية، ماكنتش قادرة أدوس برجلي ع الأرض، سترتني وتقريباً كانت شيلاني لحد الحمام، قعدتني وكانت بتصب على راسي الماية بهدوء، الأرض اتلوثت بدمي، عضيت على شفايفي من الوجع فاتوجعت أكتر، صعبت عليا نفسي فانهرت، طبطبت عليا وبــــاست راسي، ماكنتش طايقة جـ.ـسمي، لسه حاسه بإيديه وشامه أنفاسه الكريهة، خلصت ولبستني فهمست "شكراً" اتفاجئت وقالتلي "وه، أمال بيقولوا عليكِ خرسا ليه!!"، ماعلقتش وهي كمان ماضغطتش عليا في الكلام، قعدتني على كرسي لحد ما نضفت المكان وساعدتني أنام، قالتلي "ريحي شوية، وهبقى آجي أصحيكِ عشان تاكلي وترمي عضمك" ماردتش، غمضت عيوني فغطتني وخرجت.
معرفش نمت أد إيه، هي قالتلي إني كنت نايمة بقالي كتير أوي رغم إني لما فتحت عيوني كنت حاسة إنهم دقايق! صمِّمت وأكلتني، وفهمتني ازاي أتعامل مع إللي عندي، كنت مرعوبة فطمنتني ووعدتني إنها مش هتخليه يقرب ناحية أوضتي لحد ما أخف واسترد صحتي، كنت ممتنة للطفها معايا جداً، بقالي كتير محدش عاملني برحمة، بعد ما أكِّلتني عملتلي كوباية أعشاب تهدي المغص إللي عندي وقعدت جنبي، كل شوية تمسح على شعري بحنان أم صادق، سألتها "هو إنتِ مين؟" ابتسمت وقالت "أني فاطمة المفروض إني ضرتك"، ضحكت لما شافت الصدمة في عيوني وقالت "ربك والحق أني كنت ناوية اعتبرك عدوتي لحد ماشفتك ولقيتك من دور عيالي، دنا بتي الكبيرة أصغر منك يجي ب ٤ سنين، كمان يعني صعبتي عليا من الرمية إللي رموهالك أهلك دي، وإنتِ زينة البنات كان هيجيلك أحسن عدل الله يسامحهم! "
ظهرت الكسرة في عيوني فطبطبت على كتفي، كانت مترددة بعدين قالت بصوت حزين" بت خالتي متجوزة نواحيكم وحكتلي على إللي حُصل لاختك ربنا يرحمها ويصبر قلبك يا حبيبتي "، أول ما سمعت جملتها نفسي ضاق، أخدت من إيديا الكوباية وهي مخضوضة وبتردد" اسم الله عليكِ، بسم الله الرحمن الرحيم، خدي نفسك خدي نفسك على مهلك" فضلت جنبي لحد ما هديت، بعدين قالتلي إن العيلة كلها متجمعة تحت لو حبيت أنزل أقعد معاهم، فرفضت وشكرتها؛ لإني ماكنتش عاوزة أشوف حد، كنت لسه حاسة إني عاوزة أنام، فضلت ع الحال ده ٣ أيام، نايمة وفاطمة بتقومني بس للأكل، بدأت استرد صحتي بس كنت عاملة نفسي لسه تعبانة عشان مايقربليش تاني، كنت كل ما بلمحه ولا أسمع صوته جـ.ـسمي يرتجف وقلبي يتفزع، بعد أسبوع أخدت دوري في الخدمة، أمه وكل إخواته كانوا قاسيين أوي، فكروني ببيت جدي، محدش كان حنين عليا غير فاطمة، كانت بتعاملني بحنان الأمومة، وكل يوم بتعلم منها حاجة جديدة في الحياة، أهمها إني بدأت اهزم ضعفي وخوفي، مع الوقت بدل ما كنت بعيط لو حد من أهل البيت ضايقني بقيت برد وآخد حقي، كنت لسه من كام شهر طفلة بس إللي حصلي كبرني فوق عمري أضعاف، خلصت كل حججي وأعذاري وبقى الراجـ.ـل إللي بيقولوا إنه جوزي عاوزني أعيش معاه حياة طبيعية، طيب ازاي وأنا بترعـ.ـب منه! كنت خايفة أحمل، لا عاوزة أبقى أم لولاد منه ولا عاوزة أبقى أم من الأساس!
عشان كده حوشت ورحت من وراهم لصيدلية واشتريت بـــرشـــام منع الحمل، خبيته وبقيت آخد منه، الوحيدة إللي كشفت مكانه هي فاطمة ولما عرفت حفظت سري، زي ما حفظت سر أزهار لما حكيتلها عنه، قلبها اتوجع عليها وشايفة زيي إنهم ظلموها وظلموني.

أيامي بقت شبه بعضها، وكل يوم بيمر ببقى أقوى، شخصيتي بتتحول من غير ما أحس، ماكنتش بعرف أنام طول الليل بسبب الكوابيس، كل ليلة أصرخ وأقوم مفزوعة، ممتنة للكوابيس دي عشان بسببها مابقاش بينام جنبي؛ عشان بفزعه بصراخي بالليل.
ماكنتش بروح أي زيارات لأهلي ولا هم بيجوا، كإنهم ماصدقوا رموني! ماروحتش غير مرة ومعايا فاطمة، لميت كل حاجتي وحاجة أزهار في صندوق وأخدتهم على بيتي من غير ما أكلم حد ولا أحتك بيهم وهم تجنبوني كإنهم خايفين أنفجر في وشهم!
كنت بعتبر أهلي هم أمي وأختي وفاطمة بس، أمي وأختي كنت دايماً بزور قبرهم وفاطمة بقت هي إللي مهونة عليا مرارة أيامي.
مرت سنة وكل يوم النار كانت بتزيد جوه قلبي، خصوصاً بعد ما قريت لأول مرة جوابات عزت لأزهار وافتكرت فرحتها بيهم والأحلام إللي بنتها، وبدأ حلم السفر يراودني تاني، بس المرة دي مش عشان أحقق حلم أزهار وأنفذ وصيتها، المرة دي عاوزة أسافر عشان أنتقم، بس قررت قبلها أنفذ انتقامي من كل إللي أذوها هنا، كنت طول الليل بقعد أفكر وأخطط ومش عارفة هنفذ ازاي!
لحد ما جتلي أول لحظة انتقام على طبق من دهب، وجبة الانتقام تؤكل بـ.ـاردة وأعتقد جه وقتها...
#يُتبع
وجبة الانتقام تؤكل بـ.ـاردة وأعتقد جه وقتها، كنت واقفة في شباكي ولمحت عمي صالح، وكإن النار قادت في قلبي، كنت فكراه جاي عشاني واستغربت، ونويت أطرده لو جايلي، وأنا واقفة ع السلم لمحته داخل الأوضة إللي جوزي بيستقبل فيها أي حد جاي للشغل مش مندرة الضيوف!
ماكنتش فاهمة إيه علاقة الشغل إللي بتربط بين عمي وفرّاج، فسألت فاطمة وقالتلي إن عمي بيشتغل مع فرّاج بقاله كام سنة وهو أصلاً السبب في جوازتي دي، بس مـ.ـا.تعرفش نوع الشغل إللي بينهم؛ لا هو اتكلم عن الموضوع قبل كده ولا هي بتسأل، بس إللي حسته من أسلوب جوزها إنه شغل مهم جداً، ده غير إن مستواهم المادي اتحسن أكتر من الأول من بعد مابدأ الشغل ده.
استنيت في مرة وكل البيت نايم ونزلت أوضة الشغل بتاعة فرّاج، ماكنش حد من أهل البيت بيدخلها، فعشان كده متطمن وبيسيبها مفتوحة، دخلت بهدوء، لقيت فيها مكتب وكنبتين ودولاب كبير، فتشت المكتب بالراحة من غير ما حد يحس بيا، لقيت أوراق عادية تخص الأراضي والمزارع مافهمتش منها حاجة، مالقتش أي حاجة مشبوهة، فتحت الدولاب وبرده مالقتش فيه حاجة، كان باقيلي الدرفة إللي فوق، جبت كرسي ومخده طلعت عليهم وأول ما فتحتها اتصـ.ـد.مت!
لقيت أكتر من سلاح أشكالهم تخض، أسلحة مش طبيعي إن واحد يحتفظ بيها في بيته عشان حراسة ولا حماية أهل البيت!
افتكرت إني مرة زمان في ليلة كنت قايمة أشرب وسمعت مراة أبويا بتلومه عشان مابيشتغلش مع أخوه صالح فقالها إنه مش هيأكل عياله من مال حـ.ـر.ام، يومها ماكنتش فاهمة عمي بيشتغل إيه! بس لما حكيت لأزهار قالتلي إنها شاكه يكون عمي بيتاجر في السلاح؛ عشان شافت مرة مع ممدوح سلاح كان بيتباهى بيه قدامها، وقالها إن عندهم منه كتير، نسيت الموقف ده ومـ.ـا.توقعتش إني هحتاج أفتكره في يوم، كده بقيت شبه متأكدة إن عمي تاجر سلاح وفرّاج مشاركه، رجّعت كل حاجة زي ما كانت ورجعت بالراحة لأوضتي، فضلت طول الليل أفكر في الموضوع، كنت متأكدة إن فيه أكتر من كده مش مجرد كام سلاح متشالين في دولاب، حددت هدفي طول الفترة الجاية إني أجمع معلومـ.ـا.ت أكتر وأعرف السلاح متشال فين، بقيت مركزة مع فرّاج وبراقبه، وفاطمة بتغطي في البيت على غيابي من غير ما تسألني بروح فين ولا بعمل إيه، قالتلي مرة بعد ما شافتني في الليلة إللي دخلت فيها الأوضة "مش هسألك بتعملي إيه ولا بتروحي فين كل يوم عشان عارفة إنك في الآخر هتقوليلي فأنا مستنياكِ يا ورد، بس أمنتك أمانة كله إلا فرّاج، أني بحبه وده راجـ.ـلي وأبو عيالي مش هتحمل أذيته" ابتسمتلها وطمنتها وكنت ممتنة لمساعدتها ليا إللي لولاها ماكنتش هعرف أعمل أي حاجة، أنا تقريباً بقيت عارفة خط سير فرّاج طول الأسبوع، كان شغله في المزارع والأراضي طبيعي بالنهار، ماكنش بيخرج بالليل ولا حتى بيقابل عمي، كنت حاسة إن كل خطتي بتفشل وفرحتي مـ.ـا.تمتش لحد ما شفت في نص الليل فرّاج طالع من البيت، بسرعة لبست العباية والحجاب على راسي وغطيت وشي بطرفه ومشيت وراه، ماحسش بيا لحد ما وصل مخزن من مخازن العلف بتاعتهم، أول ما شفت عمي مستنيه اتأكدت إنهم شايلين السلاح في المخزن ده، دخلوا فجريت أدور على أي شباك أشوف منه إللي بيحصل جوه، طلعت على صندوق خشب قديم، شفتهم وهم مخبين السلاح في شولة العلف، استغربت في الأول ازاي سايبين المخزن من غير غفر بس فهمت إنهم عملوا كده عشان مايلفتوش الانتباه للمكان، سمعت عمي بيقول لفرّاج إن المرة دي أهم مرة، والسلاح ده لناس تقيلة، قاله إن العملية دي حط فيها تحويشة عمره ومستني ترجعله الفلوس أضعاف، ابتسمت عشان أنا عارفة إن إللي هيقهره الفلوس، رجعت البيت قبل فرّاج، طلّعت الفلوس إللي محوشاها، أخدت جزء منها وقررت ابدأ في تنفيذ خطتي من الصبح، أول ما الشمس طلعت طلعت معاها من البيت اشتري كل إللي محتاجاه، وفي نص الليل بدأت التنفيذ، محدش حس بيا وأنا بخرج من البيت للمخزن، اتأكدت إن مفيش مخلوق في المكان، كنت شايلة الحاجة وماشية بيها بطلوع الروح، أول ما وصلت قعدت شوية آخد نفسي، سمعت صوت من جوايا بيقولي لا يا ورد مـ.ـا.تعمليش كده، مش إنتِ دي، لمع التحدي في عيوني، كتمت الصوت ده وهمست "هم إللي اختاروا كده، هم إللي قضوا عليا يبقوا يستحقوا كل إللي هيجرالهم"، كسرت الشباك بالمرزبة والفاس وهو كان شباك قديم ماحتجش مني مجهود كبير، دخلت المخزن و فتشت الشولة ولقيت فيها السلاح، غرقتها بالجاز والبنزين، لمحت القش في المخزن فابتسمت وأنا بهمس بسخرية "مش كنت تسمع كلام مراتك وتبعد عن القش إللي ولع في أختي يا عمي!"، خرجت من الشباك بعد ما غرقت المخزن، ولّعت في ورقة ورمتها، ماكنتش شايفه قدامي غير أزهار والنار قايده فيها، مامشيتش غير لما اتأكدت إن المخزن باقيله ثواني وهينفجر.
مارجعتش ع البيت، رحت عند قبر أزهار، حسيت طيفها بيبتسملي، بكيت وأنا بشكيلها أد إيه مشتاقة لحـ.ـضـ.ـنها، ماكنتش مصدقة إن ورد الجبانة إللي طول عمرها ماشية في ضل أختها وبتتحامى فيها تخطط وتنفذ حاجة زي دي!
كنت مرعوبة من التحول إللي وصلتله، حاسه ببرد، حاسه إن ضهري محني، حـ.ـضـ.ـنت التراب ونمت جنب القبر زي ما كنت بعمل من يوم ما مـ.ـا.تت، صحيت على نور الشمس، قمت نفضت هدومي و رحت أراقب إللي بيحصل عند المخزن من بعيد، الناس ملمومة وكان خلاص النار كلت المخزن باللي فيه، شفت عمي وهو قاعد ع الأرض وحاطط التراب على راسه وبيبكي بحسرة فضحكت من قلبي وهمست " ولو إن حرقة قلبك دلوقتي مـ.ـا.تجيش حاجة جنب حرقتي بس اهه تدوق شوية منها، ودوركم جاي واحد واحد".

رجعت البيت ولقيت فيه هرج وكلهم خايفين وبيحكوا عن صوت الانفجار اللي حسوا بيه بالليل، نظرات فاطمة كلها شك، كنت بتجنبها، وأول ماطلعت الأوضة طلعت ورايا قالتلي "لما سألوا عنك قلت إنك في الترب " ابتسمت وقولتلها وأنا بقلع عبايتي" مانا فعلاً كنت هناك"، خدت العباية من إيديا وشمتها بعدين قالت "كنت عارفة إن ليكِ يد في الحريقة دي يا ورد"، قولتلها وأنا بقعد على طرف السرير "أنا وعدتك مش هأذي جوزك بالعكس لو عرفتِ أنا نجيته من إيه هتشكريني"، قعدت جنبي، طبطبت عليا بحنان بعدين قالت " الانتقام ما بيأذيش غير صاحبه يا ورد، فكرك هتأذيهم هم بس؟ لا ده إنتِ هتحرقي روحك إنتِ "، ضحكت بسخرية وقلت" لا ما هو أنا أصلاً خلاص روحي اتحرقت مع أزهار، إللي قصادك دي مجرد ميت محسوب ع الأحياء، عموماً خلاص باقيلي خطوة هنا وبعدها هحتاج مساعدتك في آخر حاجة هبقى أقولك إيه هي في وقتها المناسب"

في وسط انشغال فرّاج بإللي حصل للمخزن سرقت السلاح إللي في الدولاب، كنت مخبياه في حاجتي تحت السرير ومستنيه الوقت المناسب لتنفيذ الخطة التانية، شفت فراج وهو بيدور عليه وقالب البيت ومش قادر يقولهم بيدور على إيه وطبيعي ميجيش على باله إن العيلة الصغيرة إللي اتجوزها هي إللي ورا كل ده!

طلبت من فاطمة تساعدني أتطلق من فرّاج، اتفقنا سوا على خطة ونفذناها، بقينا نفتعل مشاكل قدامه، ووصلِتله ولأهل البيت إني ملبوسة من كتر روحتي للمقابر ونومتي فيها، وأنا كنت بعمل تصرفات تخوفهم مني، زي إني أصرخ فجأة بدون مقدمـ.ـا.ت وأفضل أكسر في أي حاجة حوليا، أتكلم بلغة غريبة وأتكلم مع الحيط، بقوا في البيت بيخافوا مني وطول ما فرّاج قصادي ببرقله وأبصله بنظرات مرعـ.ـبة، مابقاش بيقرب من أوضتي، وفي ليلة صحي لقاني واقفه مبرقة فوق راسه هو فاطمة بسكينة، بعد الليلة دي قرر يتقي شري ومايخلنيش على ذمته لحظة زيادة، لميت حاجتي وخبيت وسطهم السلاح، فاطمة ودعتني بالبكا، حـ.ـضـ.ـنتها وأنا عارفة إنه آخر حـ.ـضـ.ـن حنين هيضمني لإني مش هشوفها تاني، شكرتها على كل لحظة ساندتني فيها ومشيت.

عجبتني تمثيلية إني ملبوسة وقررت أستمر فيها، فبقت مراة أبويا بتتجنبني عشان تتقي شري، وأبويا مابيقدرش يبص في عينيا، وكل ما يجيبولي شيخ يقرا عليا أمشيه من بيتنا خايف وهربان من تصرفاتي والسكينة إللي في إيدي، اكتشفت في الفترة دي إني ممثلة شاطرة أوي، بعدين بدأت أهدّي اللعب شوية عشان استعد للخطة التانية، إللي كنت مستنية وقتها المناسب.
عمي مالحقش يفوق من شقا عمره إللي راح، انتهزت فرصة إن كل إللي في البيت راحوا يحضروا فرح بنت من بنات عمي، سرقت من أبويا مفتاح بيت جدي عشان كل اعمامي كانوا عايشين سوا في نفس البيت، أخدت شنطة السفر إللي شايلة فيها السلاح وروحت هناك، دخلت أوضة ممدوح خبيته فيها، وتاني يوم بلغت عنه والحكومة فتشت البيت وقبضت عليه بعد ما لقت السلاح إللي حطيته وأسلحة تانية مش مترخصة في البيت.
كنت بتفرج عليهم بابتسامة سخرية وهم مقهورين عليه ومستقبله بيضيع قبل فرحه بشهر ، شايفة طيف أزهار واقف وسطنا بيتفرج عليهم وأنا بنتقملها منهم..

ماكنتش عاوزة أضيع وقت، عشان كده بدأت على طول في الخطة التالتة، كنت أنا وأزهار الله يرحمها إللي نعرف سر فتحية، كانت بتحب ابن عمها رغم إنه متجوز، حاولت تلفت انتباهه ليها وفعلاً قدرت تخليه يخون مـ.ـر.اته ويعيشوا قصة حب في السر، أنا كنت عارفة كويس أوي بيتقابلوا فين وياما خدتني معاها أراقبلهم الطريق، عرفت إنه راجع من السفر وكنت متأكدة إنهم هيتقابلوا، عشان كده راقبت فتحية لحد ما اتأكدت وشفتها معاه، كان عندنا ٣ ستات أي حد عاوز ينشر حاجة في البلد كلها والبلاد إللي حولينا يعرّفهم، جبتهم المكان واديت واحدة منهم فلوس تعمل فـ.ـضـ.ـيحة، وفي نفس اليوم كانت سيرتها على كل لسان وفضيحتها في كل حتة.

كنت سايبة مراة أبويا للآخر عشان تستحق انتقام يليق بيها بس أنا مالحقتش أخطط لحاجة؛ انتقام ربنا كان أشـ.ـد، أكتر واحد من عيالها متعلقة بيه جاله مرض نادر، اكتشفوه متأخر وبقت بتموت في اليوم ألف مرة وهي شيفاه قدام عينيها بيموت ومش عارفة تعمله حاجة، بالظبط زي ماكنت بتفرج على أزهار وهم بيحكموا عليها بالموت ومش عارفة أعمل حاجة، كنت بنتقم بكل فرصة تجيلي، هم إللي حولوني من طفلة بريئة لكتلة نار ماشية تحرق فيهم، هم إللي قـ.ـتـ.ـلوا البراءة جوايا فاستحقوا يدوقوا انتقامي، عيونهم كانت بتتهمني إني السبب في كل إللي بيحصلهم بس مش قادرين ينطقوا، كانوا عاوزين يخلصوا مني بأي شكل، عشان كده واحد من أعمامي أول ما خلصت العدة جابلي عريس خليجي من عمر جدي، استنيت أعرف ردودهم، بس الظاهر إنهم مش هيتغيروا رغم كل إللي بيحصلهم، لسه فيهم نفس يظلموني ويقهروني، المرة دي وقفت في وشهم ورفضت، فضـ.ـر.بوني ولما حاولت أمشي من البيت حبسوني في بيت جدي
قولتلهم إني موافقة، ومثلت إني بجهز للفرح بس الحقيقة كنت بجهز لانتقام جديد.
دلوقتي مش باقيلي غير انتقامي الأخير، لميت كل حاجة مهمة تخصني وتخص أزهار، وكل الفلوس إللي حوشتها مع مبلغ ادتهولي فاطمة أخليه معايا، كنت مجهزة الحاجة إللي هحتاجها لآخر خطة في الزريبة إللي كانوا حابسين فيها أزهار، رحت هناك في نص الليل فكيت البهايم وطلقتها، بعدين ولّعت في الزريبة وفي بيت جدي وبيت أبويا، كنت بتفرج على لسان النار وهو بيعلا مع صوت صراخهم وهم قايمين مفزوعين ع النار، رحت المقابر، ودّعت أمي وأزهار ومليت في ازازة تراب من قبرهم ومشيت، طلعت ع الطريق أدور على أي عربية تاخدني في طريقها للقاهرة، شاورت لأكتر من عربية محدش وقفلي، قعدت على جنب أرتاح من الوقفة، بصيت حوليا، الدنيا ضلمة أوي، ورد بتاعة زمان كانت مستحيل تبقى في المكان ده دلوقتي ، افتكرت ازاي كنت بخاف من الضلمة وماستحملش أذي نملة! الظلم والقهرة قدروا يغيروني، قلبي بقى زي الحجر، أخدني من شرودي عربية قربت مني ونزل منها واحد أول ما شفته افتكرته، كان نفس الظابط إللي لجأتله يوم موت أزهار، هو كمان افتكرني أول ما شافني وسألني بعمل إيه في وقت متأخر لوحدي ع الطريق، قولتله إني عاوزة أروح القاهرة، فقالي إنه مسافر أجازة لأهله هناك دلوقتي ولو حابه ممكن يوصلني، حسيته نجده من السما لإني كنت عاوزة أمشي من الصعيد في أسرع وقت، ركبت معاه وبدأِت أول خطوة في حياتي الجديدة....
حسيته نجدة من السما؛ لإني كنت عاوزة أمشي من الصعيد في أسرع وقت، شنطتي كانت صغيرة فحطها في شنطة العربية وسط شُنطه، فتحت الباب إللي ورا، لقيت شنط وكراتين وفيه مكان صغير يدوب يكفِّيني وقبل ما أركب قالي "لا من فضلك اركبي قدام، عشان الحاجة إللي محطوطة ورا مـ.ـا.تضايقكيش"، قفلت الباب وركبت قدام، لقاني قاعدة منكمشة في الكرسي فقالي "اقعدي براحتك المكان واسع"، هزيت راسي بس فضلت زي ما أنا لسه متـ.ـو.ترة وخايفة.

ساد الصمت دقايق بينّا بعدين حب يشغلني عن التـ.ـو.تر فقال "سبحان الله إنتِ أول حد اتعاملت معاه من أهل الصعيد لمّا جيتِ وإنتِ دلوقتي آخر حد" ماردتش فشاور على الحاجة إللي ورا وقال "خلاص لميت كل حاجتي، ده كان آخر يوم ليّا هنا"، ابتسمت مجاملة وهمست "ربنا يوفقك"، رجعنا تاني للصمت بعدين سأل "هو إنتِ عندك كام سنة؟"، اتـ.ـو.ترت وهمست" ٢٠" ضحك بعدين قال"والحقيقي؟"، بصيتله وسكتت فقالي" أولاً مستحيل تكوني ٢٠ شكلك صغير جداً وبعدين أنا لحد دلوقتي مانستش أي تفصيلة حصلت في اليوم إللي قابلتك فيه، أنا فاكر كويس أوي إني سألتك يومها عن سنك وقلتِ إنك ١٣ سنة يعني دلوقتي ممكن تكوني ١٥ أو ١٦ سنة بالكتير مش كده؟ "، هزيت راسي وهمست بهدوء "١٦"، قال "كده تمام، أنا فاكر اسمك ورد مش كده؟، هزيت راسي فقال "بالمناسبة أنا علي"، رديت" أهلاً بيك"، لاحظ إني مركزة مع واحدة في صورة متعلقة في العربية، فقالي وهو مبتسم "دي علا"، سألت "مراتك؟"، رد "هتبقى مراتي إن شاء الله، احنا مخطوبين، باباها مصمم مفيش جواز غير لما تتخرج باقيلنا سنتين وتنور بيتي"، الحب كان باين أوي في نبرة صوته ولمعة عيونه وابتسامته، ابتسمت وقولتله "ربنا يكملكم على خير، هي في كلية تجارة؟"، قالي "لا، في اقتصاد وعلوم سياسية، بس اشمعنه يعني قلتِ تجارة تحديداً؟ "، لقتني ببتسم ابتسامة صافية وتلقائية وأنا بقول" أصل أزهار عاوزة تدخل تجارة"، للحظة نسيت إنها مـ.ـا.تت، اختفت ابتسامتي فجأة، وهمست بحروف مكسورة "قصدي كانت عاوزة تدخلها، الله يرحمها"، همس بحزن" الله يرحمها"،

بعدين حب يغير الموضوع بعد ما حس بحزني فقال" وناوية تروحي فين بقى وتعملي إيه في القاهرة؟"، جاوبت "لسه معرفش"، اتردد قبل ما يسأل" هو إنتِ هربانة من أهلك ليه؟"، قلت بدهشة "بس أنا ماقولتش إني هربانة! "، فقال" مش محتاجة ذكاء يعني يا ورد، إيه إللي هيخلي واحدة في سنك تسافر لوحدها في نص الليل! ماظنش التصرف ده بعلم أهلك "، سكتّ شوية بعدين قلت" كانوا عاوزين يجوزوني غصب عني لراجـ.ـل من سن جدي"، انفعل وقالي" امته الناس هتفهم إن الجواز بالذات ماينفعش بالغصب ثم إنك صغيرة"، ابتسمت بسخرية وقلت" الصغيرة دي متطلقة! "، ماكنش لاقي حاجة يقولها فسكت بعدين قال" طيب ليه مافكرتيش تروحي القسم تبلّغي؟"، ضحكت بسخرية وبعدين قلت بغضب " وكنتوا عملتولي إيه يوم ما لجأتلكم تحموا أزهار؟؟"، ظهر الضيق على وشه ففضل ساكت ومركز في الطريق وأنا كمان فضلت ساكته براقب الطريق لحد ما نعست.

أول ما العربية وقفت صحيت، كان النهار بدأ يطلع، بصيت حوليا لقيت صحرا، فسألت بدهشة" هي دي القاهرة؟!"، ضحك وقالي "لا لسه ماوصلناش بس وقفت عند استراحة نفطر وأرتاح من السواقة شوية"، أول ما قال نفطر أصوات بطني طلعت تنبهني إني ماكلتش بقالي يومين تقريباً، نزلنا الاستراحة وكنت محرجة أختار الأكل فسيبت المهمة دي ليه، وأول ما الأكل جه كنت مكسوفة في الأول، حس بيا وشاف نظراتي للأكل، حب يرفع عني الحرج فقال "أعذريني لو لقيتيني باكل بنهم بس حقيقي جعان جداً، فخدي راحتك إنتِ كمان ولو احتجتِ أي حاجة غير إللي طلبتها قولي"، هزيت راسي واتشجعت لمّا لقيته بدأ ياكل، كنت باكل كإني أول مرة أشوف الأكل!
أكلت لمّا شبعت، بقالي كتير ماوصلتش لإحساس الشبع ده!

ركبنا العربية وكان طول الباقي من الطريقي بيحكي عن خطيبته، اللمعة إللي في عينيه واللهفة إللي في صوته فكّروني بأزهار وهي بتحكي عن عزت، كان بيحكي وأنا مش سامعة، الذكريات سرقتني لعالم تاني، حس إني مش مركزة معاه، بصِّلي فشاف دمـ.ـو.عي، سألني بقلق "بتعيطي ليه؟"، اتفاجئت إني بعيط من غير ما أحس، دمـ.ـو.عي نزلت بلا استئذان! مسحتها وسكتت، فهم إن كلامه فكرني بوجع فسكت هو كمان لحد ما وصلنا القاهرة، قالي بابتسامة "هي دي بقى يا ستي القاهرة"، انتبهت من شرودي وفتحت الشباك بلهفة، غمضت عيوني واستسلمت لنسمة الهوا تصافح خدودي، ابتسمت وأنا بفتكر وصف أزهار للقاهرة، جميلة زي ما وصفتها، وقفنا في زحمة مرور فسمعت في وداني صوتها وهي بتقولي "بس أوحش حاجة فيها زحمتها"، ابتسمت وأنا بهمس" ماكنتش متخيلة الزحمة كده يا أزهار"، افتكر إني بكلمه فسألني "بتقولي حاجة؟" همست ب "لا"، فسألني "أوصلك فين؟"، قولتله على عنوان بيتنا القديم إللي كانت أزهار قيلالي عليه، وصّلني وسألني لو محتاجة حاجة بعدين سابلي رقم بيته عشان لو احتجت أي حاجة أو معرفتش أتصرف لوحدي في القاهرة، شكرته وودّعته.

وبعد ما العربية مشيت اتفرجت على المكان بابتسامة حنين كإني عشت هنا رغم إني أول مرة آجي! أنا عشت هنا من حكايات أزهار وتفاصيلها، المكان كان مختلف شوية عن حكاويها بس لقيت تفاصيل لسه زي ما حكيتها، بصيت للعمارة إللي كانوا ساكنين فيها، زي ما وصفتها أزهار بالظبط، اتخيلتها وهي بتلعب مع ولاد الجيران قدام بوابة العمارة، اتخيلتها وهي بتشتري من كشك عم عصام، بصيت ناحية مكان الكشك اللي وصفته ومالقتهوش، كإن عدم وجوده بيفكّرني إن مفيش حاجة من التفاصيل دي خلاص موجودة، بيفكرني إن أزهار راحت، قرّب منّي بواب العمارة إللي كنت واقفة عندها وسأل "بتدوري على حاجة يا شاطرة؟" قولتله "معرفش!" استغرب إجابتي بعدين سأل "جايه هنا ليه يعني؟ بتدوري على شغل؟"، مش ده إللي كنت بفكر فيه بس قولتله "أيوه".

ودّاني مكتب تشغيل كان قريب من المنطقة، في الأول لما عرفت إني هشتغل في البيوت عزة نفسي ماقبلتش، بس لما فكرت ولقيت نفسي لازم الليلة ألاقي مكان أبات فيه والفلوس إللي معايا مش هتكفّي، كمان لازم ألاقي شغل عشان استقر وأقدر أحقق الهدف إللي جيت عشانه القاهرة وافقت، ودُّوني شقة اتنين متجوزين وعندهم بنت من سنّي وولدين تاني أصغر، أخدت ع الشغل عندهم بسرعة وكمان أخدت ع العيشة في القاهرة كإني عايشة فيها من سنين!
والشقة إللي بشتغل فيها كانت جميلة أوي، بيوت القاهرة شبه البيوت إللي كنت بشوفها في المسلسلات والأفلام، جوز الست إللي بشتغل عندها مسافر، كانت بتعاملني بلطف وحنّيّة، وتخليني آكل معاها هي وعيالها على السفرة، وبتديني لبس من بنتها، فكرتني بفاطمة وحنيّتها عليا، كمان بنتها كانت لطيفة، نفسها يبقالها أخت وماصدقت لقتني، كانت مهتمة بالشعر زي أزهار، ورتها الكتب بتاعتها وقريتلها الأشعار زي ما كانت أزهار بتقرهالي، كنا بنقرا سوا بالليل قصص وروايات وأشعار، والست مبسوطة إن بنتها لقت ونيس.

البيت كان فيه تليفون فاستأذنت من صاحبته وكلمت فاطمة مرة اتطمن عليها، كان مبسوطة أوي إنها سمعت صوتي وبكت من كتر ما أنا وحشاها وبكّتني معاها، طمّنتها إني استقريت في القاهرة خلاص وعايشة مبسوطة، حكتلي عن الضنك إللي عايشينه أهلي من بعد ما مشيت وهم بيحاولوا يلملموا إللي باقيلهم ونجي من الحريق، لمّا جابت سيرتهم قلبي اتقبض وماكنتش قادرة اتكلم فقفلت بعد ما وعدتها إني هكلمها تاني، عشت حياة سعيدة ومستقرة ٤ شهور لحد ما رجع جوز الست إللي بشتغل عندها، من أول ما شفته مارتحتلهوش؛ نظراته ماكنتش نظرات أب عنده بنت من سني أبداً، فأخدت حذري وبقيت أحاول اتجنبه واتعامل معاه في أضيق الحدود، كل يوم نظراته بتزيد جرأة وتجردني من هدومي رغم إني لابسه محتشم وبقى حجابي على راسي من يوم ما رجع، بينتهز فرصة انشغال مـ.ـر.اته بأي حاجة ويدخل يتكلم معايا في أي مواضيع ملهاش لازمه، شوية وبدأ يتحرش بيا ويعمل من غير قصده، بقيت لما بشوفه جـ.ـسمي يقشعر وقلبي يتقبض، بس كنت بصبّر نفسي إنه كلها شهر وهيسافر تاني وأرتاح منه، لحد ما في يوم راحوا كلهم زيارة لأهل مـ.ـر.اته، بنتهم طلبت مني أروح معاهم بس اعتذرت، ماكنتش بحب اجتمع معاه في أي مكان فكوني ألاقي الفرصة إللي ارتاح فيها من نظراته الجعانة طبيعي ما أضيعهاش، فضلت في البيت لوحدي، خلّصت إللي ورايا وقريت في رواية لحد ما نعست، كنت بحلم حلم جميل أوي، حلم جمعني بأزهار وأمي، فجأة حسيت بإيد بتحاول تنتهك جـ.ـسمي فتحت عيوني بفزع ولقيته قدامي بنظرات كلها جوع وشر....
فجأة حسيت بإيد بتحاول تنتهك جـ.ـسمي فتحت عيوني بفزع ولقيته قدامي بنظرات كلها جوع وشر، المفاجأة ربطت لساني، شفت قصادي فرّاج، حسيت بنفس الوهن والضعف إللي حسيته يومها رغم إني مابقتش ضعيفة زي ورد إللي راحت، جـ.ـسمي كان بيتنفض وحاولت أقاوم بكل القوة إللي حيلتي، غمضت عيوني عن المشهد عشان استجمع قوتي، قاومت الخرس إللي رجع يسيطر على لساني وبدأت أصرخ وابعده عني وهو زي حـ.ـيو.ان مُنقض على فريسة، وفجأة ارتخت حركته وسكنت، فتحت عيوني ولقيت مـ.ـر.اته واقفه وفي إيديها زهرية متلوثة بدمه، دفعت جـ.ـسمه بعيد عني وقمت أستر نفسي وجـ.ـسمي كله بيترعش، رمت الزهرية وقربت مني، فرجعت لورا بخوف، بكيت وقولتلها "والله ماعملت حاجة، أنا كنت نايمة و" ماكملتش جملتي ولقيتها بتشـ.ـدني لحـ.ـضـ.ـنها، سكنت رعشة جـ.ـسمي، استخبيت في حـ.ـضـ.ـنها وبكيت بحرقة، كانت بتضمني بقوة وتردد وهي بتبكي "أنا آسفة، أنا آسفة"، فضلت حـ.ـضـ.ـناني لحد ما هديت، قعدتني على كرسي وسألت "إنتِ كويسة دلوقتي؟"، ماقدرتش أنطق باكتفيت بإيماءة، بصيت عليه وسألت برعـ.ـب"هـ هو مـ.ـا.ت؟"، قربت منه، اتأكِّدت من النبض وهمست بلا مبالاة "لا، لسه عايش"، اتصلت بالإسعاف ورجعت قعدت جنب الكرسي بتاعي ع الأرض، نزلت وقعدت جنبها، أخدتني في حـ.ـضـ.ـنها وقالت :
_ عارفة يا ورد، أنا تعبت منه أوي، مفيش واحدة بتيجي تشتغل هنا وبتعمّر بسببه، بس آخر حاجة كنت أتوقعها إنه حقير لدرجة إنه يبص لواحدة من سن بنته! طيب عملها ازاي؟ ماشافش بنته فيكِ؟ لما لاحظت نظراته ليكِ وتصرفاته كنت بكدِّب نفسي لا هو مش معقول يوصل للدرجة دي، ولمّا روحنا عند أهلي لقيته بيقولنا هروح مشوار وراجع، أنا كنت واثقة إنه جايلك عشان كده جيت وراه، أنا حبيتك أوي يا ورد وكنت بعتبرك بنتي وبسببك بنتي نفسيتها اتحسنت وبقت على طول مبسوطة ومُقبلة على الحياة، كان نفسي تعيشي معانا أكتر بس هو لمّا يفوق هيتفنن في إنه يأذيكِ خصوصاً بعد ما أطلب منه الطـ.ـلا.ق، أنا خلاص مش مستعدة أكمل، أنا كده أخاف على بنتي، قومي يا ورد يلا لمي حاجتك وامشي من هنا قبل ما يفوق، يلا اتحركي

قمت بسرعة، لميت شنطتي وغيرت هدومي، وقبل ما أخرج ادتني ظرف فيه مرتب شهرين أدبر بيه نفسي ونصحتني ما اشتغلش في البيوت تاني، ودّعتها بحـ.ـضـ.ـن ووصتها تسلملي على بنتها ومشيت، كنت بجري في الشارع كإني بهرب من حد بيجري ورايا!
وقفت أخد نفسي، سألت على فندق أبات فيه الليلة ولقيته غالي أوي وكمان لازم يكون معايا بطاقة، فضلت ألف في الشوارع وكل ما أشوف راجـ.ـل جـ.ـسمي يرتجف وأبعد عنه برعـ.ـب، قعدت ع الرصيف مش عارفة أروح فين ولا أتصرف ازاي!
جه على بالي علي، دورت على الورقة إللي فيها رقمه ورحت لأقرب كشك فيه تليفون، اترددت قبل ما اتصل، بس مفيش قدامي غيره فحسمت أمري واتصلت، ردت عليا واحدة عرفت بعدين إنها الشغالة لمّا قالت" ثواني هنده لحضرتك علي بيه "، لمّا غاب والخط مفتوح قلت يبقى مش فاكرني، وقبل ما أفقد الأمل وأقفل لقيته بيقول "ورد، أخيراً، ده أنا دورت عليكِ كتير في المنطقة إللي نزلتك فيها عشان اتطمن عليكِ بس مالقتكيش وكنت منتظر تكلميني في أي لحظة، إنتِ كويسة؟"
أول ما سأل السؤال ده لقيت صمودي بينهار وفضلت أبكي بحرقة، اتخض وسأل "إنتِ فين دلوقتي طيب قوليلي وحالاً وهكون عندك"، ماكنتش عارفة اتكلم من شهقة البكا، كنت بقول بالعافية" م معرفش معرفش"، قالي أدي السماعة لصاحب الكشك، ادتهاله فضل يتكلم معاه ويوصفله المكان وبعدين الراجـ.ـل قفل الخط وقالي "بيقولك مـ.ـا.تتحركيش من هنا هو جايلك"، دفعتله حق المكالمة وقعدت على الرصيف أستنّى علي، وصل بعد ساعة، خوفه عليا كان باين في عينيه، أول ما شفته كإني غرقان لقى قشة واتعلّق فيها، وبعد ما كنت هادية ومستنياه شوفته بكتني تاني، هو الوحيد إللي أعرفه هنا فعيوني كانت بتشكيله من لحظة الرعـ.ـب إللي عيشتها، ما سألنيش مالك، أخد شنطتي وفتحلي باب العربية، وساق في صمت، كنت لسه مكملة بكا، ماحاولش يهدّيني، سابني أطلع كل حزني وغضبي في دمـ.ـو.عي،. كان بيلف بالعربية في الشوارع لحد ما هديت شوية، وقف في مكان ع النيل، قالي "انزلي استنيني هنا ثواني وجايلك وأتمنى أرجع ألاقيكِ خلصتِ كل البكا إللي جواكِ".
قعدت استناه، وكل ما افتكر إللي حصلي من كام ساعة أبكي بحرقة، بكيت لحد ما دمـ.ـو.عي نشفت، مـ.ـا.تبقاليش منها غير الشهقة، بصيت للنيل وافتكرت أزهار لما حكتلي إن أبويا كان بياخدها هي وأمي ويقعدوا ع النيل، كانت بتحبه أوي، ابتسمت واتخيلتها قاعدة جنبي، فضلت أشكيلها واتكلم معاها وأرغي لحد ما علي جه، كان معاه أكل، قعد جنبي وحط الأكل بينّا وقال "يلا يا ورد"، همست "مليش نفس"، فقال بغضب مصطنع "لاااا مفيش حاجة اسمها مليش نفس، يلا حالاً أنا جعان ومابعرفش آكل لوحدي، يلا سمّي الله دي ساندوتشات كبدة لا تُقاوم، يلا بقى مـ.ـا.تكسفيش إيدي"، أخدت منه الساندوتش، ومع أول قطمة اكتشفت إني جعانة أوي، التهمته وأكلت اتنين كمان بعده وشربت عصير، بصّلي وابتسم فاتكسفت، ضحك وقال" مش قولتلك كبدة لا تُقاوم، صحة وهنا "، شكرته بعدين قال " مش عاوز أعرف تفاصيل إلا لو حبيتِ تتكلمي بس هو حد اتعرضلك؟ "، سؤاله وتّرني بس حاولت أداري تـ.ـو.تري وقلت "ل لا لا، أنا بس كنت هتسرق وأول مرة يحصلّي كده فخفت"، قال "طيب الحمدلله إن ماحصلش حاجة، كنتِ فين بقى الأربع شهور إللي فاتوا اختفيتِ فين؟"، حكيتله كل حاجة حصلت من اللحظة إللي نزلت فيها من عربيته لحد ما اتصلت بيه وطبعاً ألفت حكاية غير إللي حصلت واخترعت تفاصيل سرقة عشان ماكنش ينفع يعرف حاجة؛ كنت خايفة الست إللي عطفت عليا ولحقتني تتأذي بسببي، سألني ناوية أروح فين وأعمل إيه؟ فقولتله " معرفش، أنا آسفة زهقتك بس أنا معرفش غيرك هنا"، قالي "عيب يا ورد مـ.ـا.تقوليش كده، أنا حقيقي حاسس بمسئولية ناحيتك كإنك أختي الصغيرة وفعلاً كنت قلقان عليكِ طول الفترة إللي فاتت ومستني تتواصلي معايا وتطمنيني، عموماً يلا دلوقتي قبل ما الوقت يتأخر نروح مكان تباتي فيه"، ركبت معاه من غير ما اسأل رايحين فين، مفيش قدامي غير إني أثق فيه، كنت ساكته طول الطريق، حاسه إني مُنهكة، لحد ما وقفنا قدام ڨيلا، كنت ببصلها بانبهار، أول مرة أشوف على أرض الواقع بيت بالجمال ده همست لنفسي" هو كده من بره أمال من جوه شكله عامل ازاي!"، بصتله وسألت "هو ده بيتك؟"، جاوب "لا، ده بيت جدي وجدتي، ثواني وراجعلك"، دخل البيت وغاب جوه نص ساعة تقريباً بعدين خرج وقالي "أنا استأذنت منهم تقعدي معاهم لحد ما أقدر أدبرلك مكان، أنا آسف إني ما أخدتكيش بيت أهلي لإن والدتي ووالدي مسافرين بكره الصبح وأنا هبقى في البيت لوحدي، مـ.ـا.تقلقيش جدي وجدتي لُطاف جداً وهتحبيهم"، قلت بيني وبين نفسي "أنا ماقابلتش في حياتي أجداد لُطاف، بس حتى لو مش لُطاف هستحمل هو أنا عندي حرية الاختيار!! ".

نزلت معاه ودخلنا البيت، من جوه كان أروع بكتير من بره، كانوا قاعدين في أوضة في الدور الأرضي قدام التليفزيون، وقبل ما ندخلهم همس" على فكرة أنا ماحكتلهمش حاجة أنا قلت إنك قريبة واحد من أصحابي إللي في الصعيد "، ابتسمتله بامتنان ودخلنا الاوضة، مقابلة جدّه كانت فاترة وفيها حذر، أمّا جدته فاستقبلتني بود وحفاوة كإنها تعرفني من سنين، قعدنا شوية معاهم بعدين جدته قامت توريني أوضتي بنفسها، فعلي استأذن ومشي بعد ما وصّى جدته عليا، أوضتي كانت حلوة أوي ومريحة، شكرتها وقلت "كتر خيرك يا ست هانم وأنا إن شاء الله مش هتقل عليكم يومين بس ألاقي شغل ومكان وهمشي"، ضحكت بعدين قالتلي "ست هانم إيه بس يا حبيبتي، قوليلي يا تيته زي علي وولاد ولادي أنا عندي أحفاد من سنك، وبعدين مـ.ـا.تقوليش كده إنتِ ضيفة علي يعني نشيلك على راسنا من فوق"، شكرتها، سمعنا جوزها بيندهلها فهمستلي"ومـ.ـا.تزعليش من أسلوب جدو أصله كان شغال في المخابرات ومن ساعة ما طلع معاش وهو بيشك في أي حد يقابله "، ضحكِت فضحكتلها، بعدين قالتلي أرتاح دلوقتي ونبقى نقعد مع بعض الصبح.

أول ما خرجت، اخدت جولة في الأوضة، لقيت فيها حمام فحمدت ربنا عشان كنت مكسوفة أطلع بره، بسرعة دخلت، فتحت الدش على جـ.ـسمي بهدومي، قعدت تحته أبكي ومشاهد من إللي عمله فيا فرّاج وإلّلي حصلّي في اليوم لسه مش عاوزة تروح من بالي...
في الليلة دي ماعرفتش أنام، روحي كانت جعانة أوي، نفسها في حـ.ـضـ.ـن وطبطبة، نفسها في حد يطمنها، أنا بقيت لوحدي في الدنيا، وكل إللي تجيله فرصة ينهش فيا مابيترددش لحظة، أذِّن الفجر وأنا لسه نايمة بوضع الجنين في السرير وبعيط بحرقة، حسيت بحركة جنب الباب فكتمت أنفاسي وبعد شوية سمعت حد بيخبط بهدوء ع الباب، مسحت دمـ.ـو.عي وحاولت أخرّج حروفي واضحة وأنا بقول "اتفضل"، دخلت جدة علي وسألتني "إنتِ كويسة يا حبيبتي؟ أصل عصمت كان معدي من جنب أوضتك وسمع صوت عـ.ـيا.ط فقالي آجي اتطمن عليكِ"،همست "كتر خيركم، مـ.ـا.تقلقوش أنا بخير الحمدلله واهه هقوم أصلي الفجر وأنام"، هـ.ـر.بت من أسئلة عيونها ع الحمام، اتوضيت وفضلت فيه لحد ما سمعتها بتخرج من الأوضة.

والصبح علي فطر معانا واتطمن عليا بعدين راح شغله، نظرات الحذر وأسلوب جده كانوا محسسني بتـ.ـو.تر، عشان كده لمّا خرج من البيت أخدت راحتي أكتر، قعدت معايا جدة علي أو "تيتة شريفة" زي ما طلبت مني أناديها، حكتلي عن نفسها زمان وعن قصة جوازها وولادها، في الأول كنت مستغربة طريقتها الودودة زيادة عن اللزوم معايا بس لمّا حكتلي فهمت السبب، كان عندها بنت وحيدة ومـ.ـا.تت وهي تقريباً في سنّي أو أكبر مني بسنة، صعبت عليا أوي لمّا شفت الكسرة في عيونها، أنا حاسه بيها وبكسرة نفسها، وبتلقائية لقيتني بحـ.ـضـ.ـنها، غلبتنا دمـ.ـو.عنا فبكينا، كل واحدة فينا بتبكي على روحها إللي اتدفنت مع إللي ليها، دخل جوزها وأول ما شافنا كده فضل يزعق، كنت خايفة منه، جريت على أوضتي، شوية وجت ورايا تيتة شريفة، طبطبت عليا وقالتلي "مـ.ـا.تزعليش منه يا حبيبتي أصله كان متعلق ببنته أوي، كان روحه فيها، يوم ما ولدتها حس إنه أول مرة يخلف رغم إنه كان عنده غيرها ٣ ولاد، وبعد موتها كانت حالته النفسية وحشه أوي واستمرت سنين ع الحال ده، لدرجة إني فكرت أخلف تاني على كبر عشان أجيبله بنت تعوضنا، كنت فاكرة وقتها إن ده الحل يعني"، ضحكت بخفة وقالت" ده أنا كنت نكتة العيلة كلها عشان وقتها حملت مع مراة ابني، مامة علي لمّا كانت حامل فيه، وبرده إللي خلفته جه ولد، ولحد دلوقتي الموضوع ده حسّاس أوي بالنسبة ليه عشان كده لما شافنا بنعيط فهم ليه واتعصب"، ابتسمت وقولتلها" أنا عذراه ومش زعلانة"

اليومين إللي كنت هقعدهم معاهم بقوا أسبوع والأسبوع بقى شهر والشهر بقى اتنين، كانوا حاسين بالونس في وجودي وأنا كمان، كنت حبّاهم أوي، وبدأت أفهم جدو عصمت وأفسر تصرفاته، نظراته كانت كلها لهفة وحب كإنه شايف فيا بنته، كان بيحب يتفرج عليا وأنا بتكلم وبيسمعني بإهتمام حتى ولو كان بيبيّن العكس، كنت بعمل نفسي مش واخده بالي عشان لما ببصله بيكشر، وأوقات نكون بنضحك أنا وتيته شريفة وألمحه بيضحك معانا وأول ما يلمحني يكشر ويبص الناحية التانية، الكلام بينّا كان قليل جداً، لحد ما في يوم دخلت أوضة مكتبه لمّا عرفت من تيته شريفه إن فيها مكتبة مليانه كتب وروايات، أذنتلي أدخل وهو مش موجود، كنت منبهرة بالمكتبة.

سحبت "أوراق الورد" كنت بحبه أوي، في البداية عشان فيه اسمي بعدين حبيته أكتر لما أزهار قريتلي إللي فيه، فتحته وقريت بعينيا وصوت أزهار بيرن في وداني بحروف الكتاب، حسيت بنسمة هوا من العصاري في أرضنا بتصافح خدودي، وفجأة سرقني من شرودي صوته بيزعق "إنتِ بتعملي إيه هنا؟ "، من الخضة الكتاب وقع من إيدي، جبته من ع الأرض ورجعته مكانه وأنا بعتذر وأجري بره وقبل ما أخرج قالي "تعالي أقعدي يا ورد"، اندهشت أول ماندهلي بــــاسمي، قعدت فقالي "أولاً كنت عاوز أشكرك عشان شريفة من يوم ما جيتي البيت والضحكة رجعتلها من تاني، البيت كله بقى فيه ونس وروح وبهجة فحقيقي شكراً ليكِ"، كنت فرحانة أوي، ولإني لاحظته من النوع إللي مابيحبش يبين مشاعره فطبيعي أتوقع إنه بسرعة يتنقل لموضوع تاني، سألني إذا كنت بعرف اقرا، فحكيتله عن الكتب إللي كنا بنقراها أنا وأزهار واتناقش معايا فيها، بعدين سألني مادمت مثقفة كده ليه ماكملتش تعليمي، شاف كسرة نفسي في عيوني فماضغطش عليا بالأسئلة وقالي "على فكرة لسه فيه وقت، تقدري تكملي دراستك"، ماكنتش مصدقة إن فيه فرصة أحقق حلم من أحلام أزهار إللي اتمنته ليها وليا.

وفي عز فرحتي وصل علي وقالنا إنه خلاص لقالي شغل مناسب وسكن، مالحقتش أفرح!
سبتهم ورحت لميت هدومي، أنا كنت حابه البيت ده وحابه تيته شريفة وجدو عصمت، كنت متونسه بيهم أوي ومونساهم، أول مرة أعيش في حياتي مرتاحة من غير هم وشقا، أول مرة أعيش وأنا متطمنة، ودّعت كل ركن في الأوضة وطلعت، لقيتهم قاعدين في الصالون، تيته شريفة أول ما شافتني بشنطتي عيطت، طبطبت عليها ووعدتها إني هاجي أزورها وعلي كمان وعدها إنه هيجيبني ليها كل فترة، واتفاجئنا بجدو عصمت بيقول "بس هي مش محتاجة تجيبهالها؛ عشان ورد مش هتتحرك من هنا"، بصِّيناله بصدمة فقال "أيوه من انهاردة ورد هتعيش معانا وهنعتبرها بنتنا"
#يُتبع
اتفاجئنا بجدو عصمت بيقول "بس هي مش محتاجة تجيبهالها عشان ورد مش هتتحرك من هنا"، كلنا بصِّيناله بصدمة فقال "أيوه من انهاردة ورد هتعيش معانا وهنعتبرها بنتنا".

ماقدرش أوصف فرحتي في اللحظة دي، ماما شريفة حـ.ـضـ.ـنتني يومها وبكت بس المرة دي من الفرحة، أيوه من يومها بقيت بقولهم ماما وبابا دي أقل حاجة ممكن أقدمها عشانهم، كانوا بيعاملوني كإني بنتهم بالظبط، بدأوا يغيرولي كل حياتي، ماما شريفة أخدتني محلات راقية اشترينا منها لبس جديد وكتير أوي ليا، وبابا عصمت قدملي في الثانوية العامة، ورجعت المدرسة أخيراً، وبدأت أحقق حلم أزهار، كنا عايشين في بيت كله سعادة وبهجة، بروح المدرسة وأرجع أذاكر وآخد بالي منهم وأونسهم وأسليهم، ماما شريفة كانت بتحتاج تلاقي إللي يسمعها فكنت بقعد أسمع حكاياتها بصبر وإهتمام وبابا عصمت كان بيحتاج إللي يسلّيه ويونسه ويسمع أصوات غير التليفزيون، فكنت بقعد معاه في المكتب اقراله الجرايد وكتب وروايات ونتناقش فيها، علّمني الشطرنج لحد ما بقيت بغلبه فيه، حتى أولادهم وأحفادهم لما بيجوا البيت بيتعاملوا على إنّي واحدة من أهل البيت، وخصوصاً علي اعتبرني حقيقي أخته الصغيرة، كنت بهزر معاه وأقوله "المفروض تقولي يا عمتي على فكرة"، حتى خطيبته عرفني عليها وبقينا أصحاب، اتعرفت على كل العيلة بعد ما ماما شريفة عملت حفلة جمعتهم فيها عشان تعرفهم عليا، ماعدا واحد من ولادها، كانت كل ما تيجي سيرته وهي بتحكيلي تعيط وتوصفلي أد إيه مشتقاله ونفسها يستقر وسطهم في مصر، كانت دايماً بتحكيلي عنه وعن حنيته عليهم وحب العيلة كلها ليه، لحد ما سافر يدرس برّه وحب واحدة هناك واتجوزها رغم رفض بابا عصمت ليها، ومن هنا بدأت الخلافات بينهم، وبعد ما مـ.ـر.اته ولدت بنتهم جابها زيارة لمصر وبابا عصمت طردهم، ومن ساعتها مابقاش بيجي مصر، بيتواصل مع ماما شريفة وعلي بس من العيلة، من ورا بابا عصمت، والباقيين كلهم مقاطعينه عشان خاطر بابا،لمّا حاولت أفتح سيرته قبل كده قدام بابا عصمت اتعصّب وطلب مني ماجيبش سيرته مرة تانية فاحترمت رغبته ومابقتش بتكلم في الموضوع.
كان كل إللي شاغلني مذاكرتي ودراستي، مابعرفش أنام غير وأنا حاضنه ازازة التراب إللي جبتها معايا، وكل ما يفزعني كابوس أحـ.ـضـ.ـنها أوي عشان اتطمن، بابا أكتر من مرة يصحى هو وماما شريفة على صرختي، وفي مرة أصر يعرف السبب الحقيقي إللي خلّاني أسيب البلد وإللي متأكد إنه السبب في كوابيسي، حكتلهم عن موت أزهار وأمي من غير ما أحكي أزهار مـ.ـا.تت ازاي وليه، وحكيت إنهم جوزوني بالعافية لراجـ.ـل متجوز واتطلقت، وقلت سبب هروبي إنهم عاوزين يغصبوني على الجواز تاني، نفس السبب إللي قلته لعلي، تاني يوم قالي تعالي معانا مشوار، لقيتهم بياخدوني عند دكتور نفسي، قلت :
_ بس أنا مش مـ.ـجـ.ـنو.نة يا بابا
ابتسملي بحنان وقالي:
_ أنا ماقولتش إنك مـ.ـجـ.ـنو.نة، وهو يعني أنا وشريفة مجانين؟ إحنا الاتنين روحنا لدكتور نفسي قبل كده، إنتِ زي الفل بس يمكن محتاجة حد يوجهك عشان تتخطي إللي حصلك وتتخلصي من كوابيسك

دخلت معاه للدكتور، كنت برفض اتكلم تماماً لحد ما خلّاني أحضر جلسات علاج نفسي جماعية، كنت بفضل قاعدة ساكته أتفرج عليهم وأسمع حكاياتهم، ولمّا يجي دوري بسكت، معرفش ليه بس أنا حاولت كتير أتكلم وماقدرتش!

خلّصت الثانوية العامة بمجموع عالي، بابا نصحني ادخل إعلام بس أنا صدمته برغبتي في كلية تجارة، قالي إن مجموعي حلو أوي ويدخلني أي كلية عوزاها، بس أنا مش عاوزة حاجة غير إني أحقق لأزهار حلمها.
خلصِت الأجازة بسرعة وبدأت أجهز للجامعة، علا جت معايا أشتري كل إللي هحتاجه وكان معاها أختها منى، هي في نفس سنّي بس في سنة تالته في كلية إقتصاد وعلوم سياسية، اتعرّفنا على بعض، كانت ودودة أوي وده خلّانا نبقى أصحاب بسرعة.
أول يوم في الجامعة بابا وصّلني، كنت مبسوطة أوي، أول ما دخلنا من البوابة قلبي كان بيدق بسرعة، افتكرت كلام أزهار عن الجامعة والحماسه إللي كانت جوّاها لليوم ده، بابا عصمت مشي لما قابلنا منى واتطمن عليا معاها، ليها أصحاب كتير في تجارة عشان كده عارفة مباني كليتي كويس جداً، عرّفتني على الكلية وأماكن المحاضرات، وفهّمتني كل حاجة بعدين راحت كليتها واتفقنا نتقابل لمّا نخلص.
كنت منبهرة بكل حاجة شيفاها وبالناس، كنت بشوفهم بعيون أزهار، حاسه إن روحها جوايا بتتفرج على الجامعة ومبسوطة، أنا حتى لبست نفس اللون إللي كانت بتحلم تلبسه في أول يوم ليها في الجامعة، لون أزرق زي لون عينيها..

في مرة كنت بدور على حاجة في أوضتي ولقيت الصندوق إللي فيه حاجتها، مافتحتهوش من يوم ما سيبت الصعيد، فتحته وطلّعت جواباتها، شميت ريحتها فيهم فهيّجت ريحة الورد دمـ.ـو.عي، قريت الجوابات إللي كتبتها لعزت ومالحقتش تبعتها واشتعل من تاني الغضب جوايا، كنت ناوية استنّى لحد ما أخلص الجامعة عشان انتقم منه بس قررت ابدأ أدوّر عليه من دلوقتي، ماكنش بيكتب أي عنوان في جواباته، قريتهم كلهم يمكن أقدر أستنبط مكانه بس مفيش فايده، فكرت أطلب من بابا عصمت بما إن له معارف كتير، بس خفت يسألني مين ده وأضطر أحكيله، بعدين فكرت في علي، وشيلت الفكرة من دماغي، عشان علي عارف الحكاية كلها وكده هيعرف بسأل عنه ليه، ثم إني مش معايا غير اسمه بس وفيه مليون واحد ممكن يكون بنفس الاسم في القاهرة، بعدين هو كان قايل لأزهار إن هدفه يتجوزها ويسافروا ما يمكن عمل كده، دماغي وجعتني من كثر التفكير، قفلت الموضوع من تاني لكن مـ.ـا.تنساش، وفي مرة كنا بنتعشّى ومشغلين التليفزيون، كنت بحكيلهم عن مغامرات اليوم في الجامعة مع منى، فجأة سمعت اسمه في التليفزيون، الأكل وقف في حلقي، ماكنتش قادرة أتنفس، بابا حاول يسعفني وأنا كل همّي أجري ع التليفزيون اتأكد، كانوا مستغربين تصرفي، أول ما هديت علّيت الصوت، شكله زي ما هو مـ.ـا.تغيرش كتير حتى صوته، كانوا مستضفينه في برنامج بيستضيف رجال الأعمال الناجحين، جبت ورقة وقلم بسرعة ودونت كل المعلومـ.ـا.ت إللي اتقالت عنه، بابا كان بيبصلي بنظرات شك وعيونه فيها مليون سؤال، ماكنتش عارفة هقوله إيه عشان كده اتظاهرت بإني تعبانة وطلعت أوضتي، نار الغضب كانت بتكوي قلبي، عايش حياته وناجح فيها على أنقاض جثتها المحروقة، بصيت لاسمه في الورقة وقلت "دورك جه يا عزّت، وهخلي حياتك جحيم".....
#يُتبع
نار الغضب كانت بتكوي قلبي، عايش حياته وناجح فيها على أنقاض جثتها المحروقة، بصيت لاسمه في الورقة وقلت "دورك جه، وهخلي حياتك جحيم".....

قريت الورقة إللي فيها معلومـ.ـا.ته وبدأت أرتب أفكاري، فكرت في مليون طريقة للانتقام، مثلاً أسرق سلاح بابا عصمت وأروح شركته وأقـ.ـتـ.ـله، فكرت أولع في بيته وشركته، فكرت أقـ.ـتـ.ـله بسكينه، حطيت كل الخطط إللي وصلها تفكيري، بعدين أخدت بالي من معلومة مهمة، إنه بيدرّس مادة اقتصاد في الجامعة، حسيت إن بداية انتقامي هتبقى من المعلومة دي، وتاني يوم أول ما قابلت منى في الجامعة سألتها:
_ ت عـ.ـر.في دكتور إقتصاد هنا اسمه عزّت الشوادفي؟
بانت الدهشة في عيونها وقالت :
_ وهو مين في الجامعة كلها هنا مايعرفش أعظم دكتور فيها!
همست بسخرية:
_أه عظيم جداً !
قالت:
_ أه والله جداً، اسألي أي حد عنه كده في اقتصاد ولا تجارة هيقولك فيه أبيات شعر، دكتور محترم وبيقدر الطلبة ورحيم بيهم، حقيقي محبوب جداً، ده غير إنه جان الجامعة كلها
قالت آخر جملتها وهي بتضحك، لاحظِت الغضب إللي ظهر على وشي بعد كلامها فقالت :
_ مالك يا ورد؟ وبعدين بتسألي عنه ليه؟ ااااه شكلك بتطمني على مادة الإقتصاد، هو في الغالب هيديكِ السنة الجاية

سألت :
_ مكتبه فين؟
سألت بقلق:
_ إنتِ هتقلقيني ليه هو فيه حاجة؟!

قلت :
_ لأ أصل ليا واحدة قريبتي من الصعيد تعرفه وطلبت مني أديله أمانة

قالت :
_ ااااه قولي كده بقى، طيب تمام، تعالي هوديكِ مكتبه قبل ما أروح محاضرتي

وصّلتني للمبنى إللي فيه المكتب وقالتلي على مكان مكتبه فسألت:
_ إنتِ متأكدة إني هلاقيه موجود دلوقتي؟

بصت حوليها وبعدين قالت:
_ أها عربيته موجودة، يبقى أكيد لسه في الجامعة

أنا ماكنتش حاطه خطة محددة بس لمّا قالت "عربيته" حسيت إني مسكت أول خيط، سألتها:
_ هي فين عربيته؟؟

شاورتلي عليها بعدين بصت في ساعتها وقالتلي إنها هتروح تلحق المحاضرة ونتقابل بعد ما نخلّص، وقفت عند عربيته، لونها أزرق، افتكرت لمّا سمعته في مرة من إللي كانوا بيتقابلوا فيها وهو بيقولها إنه حب اللون الأزرق بسبب عينيها، طلّعت ورقة من شنطتي وكتبت فيها الجملة إللي قالها في اليوم ده"من غير ما أحس لقتني بعشق اللون الأزرق من بعد ماعشقت عينيكِ"،
وورقتين تانيين كتبت فيهم جمل غزل من إللي كان بيقولهالها وبيت شعر كتبه عشانها وكان بيختم بيه كل جواب، وحطيت الورق على مسّاحات العربية، في اليوم ده ماحضرتش محاضراتي، استخبيت وفضلت أراقب المكان عشان أشوف رد فعله أول ما يقرا الورق، فضلت مستنية ساعة لحد ما ظهر، أول ما شفته حسيت إني عاوزة أجري عليه أخـ.ـنـ.ـقه لحد ما روحه تطلع، ركب عربيته وأول ما لمح الورق نزل تاني وأخده، شفت الصدمة في ملامحه ورعشة إيديه وهو بيقرا كل ورقة كتبتها، فضل يبص حوليه بتـ.ـو.تر مالقاش حد، بان عليه الارتباك، فضل واقف شوية مش عارف يتصرف وبيعيد قراية الورق أكتر من مرة بعدين ركب عربيته ومشي.
عجبتني الفكرة فقررت أضـ.ـر.ب ع الحديد وهو سخن، مش هخليه ياخد نفسه، عرفت جدوله، كان عنده محاضرة في كلية تجارة لدفعة رابعة، لقيت عربيته مركونة في نفس المكان، فحطيت ورقة، ورحت مبنى تجاره دخلت المدرج قبله، أول ما وصل كان شكله متضايق ومتـ.ـو.تر فابتسمت عشان توقعت إنه قرأ الورقة الجديدة إللي سبتها على مسّاحة العربية، كتبت فيها تاريخ الليلة إلّلي أزهار خرجت تقابله فيها آخر مرة، كتبته باليوم والساعة، حط حاجته ع المكتب وقبل ما يبدأ المحاضرة أو حتى يبدأ يفوق من صدمة الورقة إللي فاتت لقى ظرف جواب قدّامه، رجفة جـ.ـسمه كانت باينه أوي أول ما شاف خط أزهار ع الظرف، بص للطلبة وهو بيزعق بعصبية، أول مرة يشوفوه عصبي كده، سألهم مين إللي حط الظرف ده هنا، وطبعاً محدش شاف حاجة ولا حد رد، كان بيبص في كل الوشوش إللي حوليه، كإنه بيدور عليها فيهم، ومن غير ما يستأذن أو ينطق أخد حاجته وخرج من المدرج بسرعة، خرجت وراه، شفته قاعد في عربيته، فضل يبص للظرف برعـ.ـب حقيقي باين في عينيه، فك أول زرارين في قميصه وحاول يتنفِّس، كان مصدوم ومتلغبط، بعدين ساق عربيته ومشي، تخيلت لو كان لسه عنده ضمير، مدى العذاب إللي هيعيش فيه لما يقرا جوابها، كتبتهوله تحكيله فيه عن شكّها إنها حامل ولازم يجي يلحقها وإنّها خايفه أوي ومحتجاله.

فضلت ع الحال ده شهر، معيشاه في عذاب بالورق إللي سيباه في كل حته موجود فيها، آخر ورقة بعتهاله مكتبه، حكيت فيها لحظة موت أزهار بالتفصيل، الورقة اتلوثت بدمـ.ـو.عي، يومها خرج من المكتب والغضب عاميه، نده على الساعي وسأله مين إداله الورقة دي، والراجـ.ـل من تـ.ـو.تره ماعرفش يوصفني، أول مرة يشوف دكتور عزت بالعصبية دي، صوته كان مسمّع في المبنى كله، نزلت عند عربيته، وبعد ما اتأكدت إن مفيش حد في المكان، مسكت مفتاحي وفضلت أكتب عليها في كل حته "قـ.ـا.تل"، كنت بطلّع غضبي وحسرتي وقهرتي في كل كلمة بكتبها، إيدي اتجرحت من العصبية إللي بكتب بيها فكتبت بدمي ع الإزاز "مجرم، قـ.ـا.تل"، استخبيت وشفيت شوية من غليلي وأنا شيفاه بيبكي، كنت مستلذة بلحظات انهياره، ساب العربية مركونة وروّح بتاكسي، غاب عن الكلية أسبوعين، ماكنتش عوزاه يغيب، لسه عاوزة أنتقم وأشفي غليلي.

كنت مخـ.ـنـ.ـوقة أوي في الفترة دي خصوصاً إني كنت قاعدة في البيت لوحدي بعد سفر بابا وماما لابنهم عشان عمل حادثة هو ومـ.ـر.اته وبقوا بين الحياة والموت، كنت زعلانة جداً عشانهم، وكان نفسي أسافر معاهم عشان أقدر أواسيهم وأكون جنبهم بس السفر جه فجأة وأوراقي مش جاهزة، قررت أنتهز فرصة غياب بابا عصمت عن مصر عشان انفذ خطتي الجديدة، بعد رجوع عزّت للجامعة بيوم، أخدت الجوابات إللي كان باعتها لأزهار، قطعت منها التاريخ، ورحت للعميد قولتله إن الدكتور بيحاول يتقربلي وبيبعتلي كلام مايصحش يبعته لطالبة عنده، وريتله الجوابات وقولتله يقدر يتأكد من خطه، كان بيقرا بصدمة ومش مصدق إن التصرفات دي تصدر من دكتور عزّت مثال الالتزام والاحترام في الجامعة، كنت بمثل إني منهارة وخايفة ولو العميد ماجابليش حقي هروح القسم، حاول يهدّيني واتصل بعزّت طلب منه يجي مكتبه حالاً، ماكنتش متخيلة لحظة المواجهة هتبقى بالصعوبة دي!
أول ما دخل المكتب مثلت إني منهارة، شكله كان متغير، الإكتئاب باين على وشه، سأل الدكتور بهدوء على سبب الاستدعاء وهو بيبصلي بلا إهتمام، له حق ما خلاص ورد إللي كانت ملامحها كلها براءة مـ.ـا.تت، وحلّت محلها ورد دبلان ومعجون بنار الانتقام، العميد طلب منه يقعد واداله الجوابات وهو بيسأله هل هو إللي كتبهم ولا لأ، أول ما شاف الجواب الأول كإن عقرب لسعه، وقف من مكانه وبص في كل الجوابات بعدين سأل بصدمة "حضرتك جبت الجوابات دي منين؟؟"، وقبل ما يرد وقفت وقولتله وعيوني كلها تحدّي "منّي أنا يا دكتور يا محترم، مش دي الجوابات إللي باعتهالي؟"، دقق النظر في ملامحي بعدين سأل بصدمة "و ورد!!!! مش ممكن"، بصيت للعميد وقولتله "شفت حضرتك أهه يعرفني، طبعاً هينكر دلوقتي ويكدّبني بس أنا مش هسكت وهجيب حقّي"، بص للعميد وابتسم بهدوء مستفز بعدين صدمني بردُّه "لا يا فنـ.ـد.م مش هنكر إني أعرفها ولا هنكر إني كتبت الجوابات دي، بس الجوابات دي ماكنتش ليها، دي لحبيبتي وإللي في نفس الوقت تبقى أختها"، صرخت في وشه" مـ.ـا.تقولش حبيبتي "، طلب من العميد يتكلموا بره لحظة، معرفش قاله إيه بس دخلوا بعد ١٠ دقايق ولقيت العميد بيقولي "كنت أتمنى تحلّوا سوا الأمور العائلية بشكل ودّي مش بالاسلوب ده يا بنتي، عموماً اتفضلي مع دكتور عزّت على مكتبه تقدروا تحلّوا مشاكلكم، وأتمنى التصرفات دي ما تصدرش منك مرة تانية"

دمّي كان بيغلي وماكنتش عارفة ألحق الموقف ازاي ولا هو أقنعه وقاله إيه، لقيت عزّت بيبتسملي بهدوء ويقول "تعالي نتكلم في مكتبي أفضل يا ورد"، خرج فخرجت وراه، وبمجرد ما دخلنا المكتب صفعته، فضل واقف ثابت لا نطق ولا بيّن أي رد فعل، صفعته مرة تانية بعدها مريت بهستيريا، بقيت بضـ.ـر.ب فيه وانا ببكي وبتمتم بكلام مش مفهوم، بضـ.ـر.ب وأنا شايفه قدّامي أزهار والنار ماسكه فيها، بضرّب وأنا حاسّه باللهيب إللي حسيته وأنا حاضنه جثتها المتفحمة، وهو ساكت وواقف ثابت بيتلقّى الصفعات واللكمـ.ـا.ت لحد ما إيدي وجعتني وبدأت أهدا، قعدت ع الأرض فقالي "قومي، كمّلي ضـ.ـر.ب، كملي لحد مـ.ـا.تحسّي إنك شفيتِ غليلك"، قلت "مش هشفي غليلي ومش هيكفّيني فيك الحرق"، قال:
_ بلاش تخلي نار الانتقام تحرقك إنتِ يا ورد، عاوزة تفضحيني، تمام أوي اعملي كده، بس آخر الموضوع هتفصل من الجامعة مثلاً؟ عادي فيه مليون جامعة بره تتمناني أدرِّس فيها، كام شهر ولّا سنة الموضوع هيتنسي بس الضحية هتكون سُمعتك إنتِ، انتقمي مني بأي شكل تاني بس ما تأذيش نفسك، ت عـ.ـر.في، ماجاش في بالي إن إنتِ إللي بتلعبي باعصابي كده، لحد ما شفت الجواب وقلت مستحيل يكون حد غيرك، عشان كده سافرت رغم إني كنت حالف رجلي ما تخطّي أرض الصعيد تاني، وعرفت إنك اختفيتِ من الصعيد من كام سنة وبكده اتأكدت إن إنتِ، أنا بس عاوز أفهم حاجة، إللي كتبتيه ده صحيح ولا دي محاولة منك عشان تلعبي بأعصابي؟؟

كنت ساكته وببصله بغضب فسأل :
_ يعني فعلاً أزهار كانت حامل؟ فعلاً أهلك هم إللي حرقوها لمّا عرفوا؟؟

قلت بــــاستخفاف:
_ لا ما هو الشويتين إللي ضحكت بيهم على أزهار مش هتعرف تضحك بيهم عليا أنا، بطّل تمثيل عشان دور البريء المظلوم مش لايق عليك، فتحية قالت إنها كلمتك وحكتلك، كل ما أروح اتحايل عليها تكلمك تيجي تلحق أزهار كانت بتقولي إنها قالتلك كل حاجة

قعد ع الأرض جنبي ولقيته بيبكي، بكاه ماكنش تمثيل، كان بيبكي بحرقة وقهرة ويخبط على راسه بكل قوته، بالعافيه قدرت أفسّر كلامه،قال:
_ والله والله ما أعرف غير منك، أنا عارف إننا ضعفنا وغلطنا في الليلة دي، عشان كده جيت هنا وأقنعت أهلي بيها، كنت جاي طاير من الفرحة عشان أقولها إني أخيراً أقنعتهم وهنيجي نطلبها، وصدمتني فتحية بالخبر، قالتلي إنها كانت بتخبز والنار مسكت فيها ومحدش لحقها، ماقالتش أكتر من كده، والله ما قالت غير كده، أنا مرة نمت عند قبرها، وكنت عاوز أشوفك عشان كنتِ أحب إنسانة ليها وفتحية قالتلي إن أهلك جوّزوكِ في بلد جنبهم

طلّع سلسلة لابسها ومداريها تحت قميصه، كانت فيها دلّاية على شكل قلب أزاز فيها رمل، قالي :
_ أنا أخدت رمل من قبرها ومابقلعش السلسلة دي من يوم ما لبستها، إنتِ مش متخيلة إللي مرّيت بيه، أنا لحد دلوقتي مش عارف أعيش بشكل طبيعي، أنا دخلت مصحة نفسية لمجرد إني عرفت بموتها ما بالك إنها مـ.ـا.تت بسببي وحامل في جنين منّي، ازاي، ازاي كل ده يحصل ومعرفش، تعاني كل ده وهي لوحدها، ازاي المجرمين أهلك يعملوا كده فهميني ازاااااي!!!

قلت وأنا ببكي:
_ لمّا اتأكِّدت إنهم هيقـ.ـتـ.ـلوها وصّتني ماقولش على اسمك لحد عشان ما تتأذيش، وصتني ماحبش ولا أفتح قلبي أو أثق في راجـ.ـل عشان مايغدرش بيا زي ما غدرت بيها

وقف وكان بيصـ.ـر.خ، فضل يخبط راسه في الحيط، شكله كان مرعـ.ـب، خرجت استنجد بأي حد، جت الأسعاف خدته سايح في دمه وفاقد الوعي، للحظة حسيت إنه صادق وصعبان عليّا بس رجعت قسّيت قلبي عشان مهما كان بريء ومايعرفش حاجة، في النهاية هو السبب في كل إللي حصل، وأهه هو إللي هيحققلي انتقامي منه بنفسه، رجعت البيت في اليوم ده حـ.ـضـ.ـنت ازازة التراب ونمت، حلمت بأزهار، كانت وخداني في حـ.ـضـ.ـنها، بتمسح على شعري بحنان وتغنّيلي.

مرت الأيام وعزّت اختفى من الجامعة، معرفش حصلّه إيه، مابقتش مهتمة أعرف، قررت أرمي الماضي ورا ضهري وأحاول أركز في مستقبلي، عدّت فترة الامتحانات بسلام، بابا وماما وحشوني جداً، كانوا بيتطمنوا عليا من وقت للتاني ومش قادرين يرجعوا لحد ما يتطمنوا على ابنهم ومـ.ـر.اته، وفي يوم كنت نايمة بالليل وصحيت مفزوعة على صوت الشغّالة بتقولي إن بابا عاوزني ع التليفون، قمت بسرعة رديت عليه، صدمني بخبر موت مراة ابنه، وإن ابنه بين الحياة والموت، قالي إنه محتاجني معاهم هناك عشان حالة ماما شريفة بقت صعبة جداً وهو خايف عليها ومش عارف يتصرف لوحده، وكان بيبلغني إنه طلب من علي يخلصلي إجراءات السفر وبابا هيكون في انتظاري في المطار، وبالفعل بعد يومين كنت في المطار، علي قرر يسافر معايا عشان يتطمن عليا وعليهم ويكون جنب أقرب صديق ليه مش مجرد عم، فرحت إن علي جاي معايا عشان كنت حاملة هم ركوب الطيارة، سافرت وماكنتش أعرف إن السفر ده هيكون نقطة تحوّل جديدة في حياتي.....

#يُتبع
وصلنا المطار، الرحلة بالنسبة ليا كانت ممتعة جداً على عكس علي، بابا لمّا عرف إن علي جاي معايا، انتظرنا في المستشفى، أول ما وصلنا وشفت ماما بكيت في حـ.ـضـ.ـنها، كنت هتجنن عليها هي وبابا، الحزن كان آسر ملامحهم، علي سأل عن حالة عمه عشان يتطمن، بس للأسف كلامهم مايطمنش، الدكتور قال إن حالته خطر وأمل نجاته ضعيف، بابا كان متماسك جداً كعادته، ماما هي إللي كانت منهارة، قعدت جنبها وحاولت أذكّرها بكل كلمـ.ـا.ت الصبر إللي حفظاها، وبالليل بابا قالي أروح معاه البيت عشان المربية خلاص هتمشي وهو مش هيعرف يتصرف مع البنت لوحده ولا هينفع يجيبها المستشفى، روحت معاه، البنت كانت بتصرخ؛ عاوزة مامتها والمربية مش عارفة تتصرف ولا تسكتها، المربية أو ما شافتنا طلبت الحساب وبلغتنا إنها مش جاية تاني، البنت كانت بتصرخ وتكسر في أي حاجة في البيت، طلعِت الدور إللي فوق وهي بتنده على مامتها وبابا بيبصلها بعجز وقلة حيلة، ابتسمتله وقولتله " مـ.ـا.تحملش هم أنا هتصرف"، طلعت وراها وأنا مش عارفة هتصرف ازاي! أنا ما اتعاملتش مع أطفال قبل كده ولا بحبهم، بس البنت حقيقي صعبانة عليا وبكاها واجعلي قلبي، دخلت الأوضة ولقتها لسه على حالها، قربت منها بهدوء وقلت بالإنجليزي "مارية حبيبتي، توقفي عن البكاء ودعينا نتحدث" فحدفتني بلعبة من لعبها، كنت واثقة إنها محتاجة حـ.ـضـ.ـن، محتاجة تحس بالأمان، حاسه بيها عشان فقدت أمي وأنا صغيرة زيّها، يومها غاب الأمان وكنت بدوّر على حـ.ـضـ.ـنها.

قرّبت أكتر وحـ.ـضـ.ـنتها غصب عنها، في الأول فضلت تضـ.ـر.بني وتحاول تهرب منّي بس استحملت وخبيتها جوه حـ.ـضـ.ـني فاستكانت وبدأت تهدا، فضلت أمسح على شعرها بحنان، حسيت في اللحظة دي إن حبّها اتزرع في قلبي، سألتني بالانجليزي عن أمها، ماكنتش عارفة أقولها إيه، افتكرت يوم ما مـ.ـا.تت أمي وماكنتش فاهمة يعني إيه موت، وسألت ازهار نفس السؤال، ابتسمت وأنا شايفه طيف أزهار وهي وخداني في حـ.ـضـ.ـنها وقاعدة بيا فوق السطح وبتقولي "بصّي للسما كده، ماما هناك اهه" سألت بلهفة "فين؟"، قالتلي "النجمة إللي هناك دي، إللي بيموت بيروح عند ربنا وبيتحول لنجمة في السما، عشان يقولنا إنه دايماً معانا، وماما بقت نجمة، شيفانا طول الوقت وسمعانا، كل ما توحشك بصي للسما واتكلمي معاها وادعيلها"، سالت دمـ.ـو.عي ولقيتني بقولها كلام أزهار بالحرف، وهي عملت نفس رد الفعل إللي عملته يومها، فضلت تتكلم مع النجمة إللي شاورتلها عليها، والغريب إنها طلبت مني نفس الطلب إللي طلبته من أزهار، قولتلها وأنا صغيرة إني عاوزة أنام وانا شايفه السما، فأخدت بطانية ومخدات ونيمتني في حـ.ـضـ.ـنها فوق السطح، مارية فضلت باصة للسما وبتكلم مامتها بعدين طلبت مني تنام وهي شايفة السما، أخدت بطانية ونيمتها في حـ.ـضـ.ـني في البلكونة، حسيت دلوقتي بإحساس أزهار ناحيتي لمّا أمي مـ.ـا.تت، لقتني بشـ.ـد ضمّتي عليها وأوعدها نفس الوعد "أعدكِ أنني سأظل جانبك، ويدي لن تفلت يدكِ أبداً"، راحت في النوم أخيراً، حسيت بحركة ورايا لقيت بابا واقف مبتسم فسألت "حضرتك هنا من امته يا حبيبي؟"، رد "من ساعة الوعد"، قولتله "ثواني هنيمها وأحضرلك العشا"، قالي مالهوش نفس وطلب مني أفضل جنب مارية وآخد بالي منها.
قررت إني أعمل المستحيل عشان أوفي بوعدي لمارية وأتحمل مسئوليتها، بقى تركيزي ويومي كله بقضيه معاها، عملت جدول أنشطة مليت يومها بيه عشان ما أديلهاش فرصة تفكر لحظة، وكل ما تسأل عن باباها أتحجج بأي حجة وأشغلها عن السؤال ده بمليون حاجة.
علي سافر وبقى بيجيلنا زيارات كل فترة، فضلنا ع الحال ده شهر، مارية اتعلقت بيا جداً ومابقتش بتعرف تنام غير في حـ.ـضـ.ـني، وماما كل يوم بتدبل وأنا وبابا بنحاول نخرّجها من حالتها، لحد ما برحمة ربنا ولطفه رجعلها ضناها من الموت بعد ما كنّا فقدنا الأمل، ماما حكتلي إنه أول ما فاق سأل عن مـ.ـر.اته وماقدروش يقولوله الحقيقة، قالوا إنها في غيبوبة، كان مصمم يروحلها بس الدكتور رفض ومنعه من الحركة لحد ما يجيبوا دكتور نفسي يوصلّه الخبر بالطريقة المناسبة، أول ما عرفت إنّه فاق وحالته بتتحسن، فرّحت مارية، حكتلها عن الحادثة إللي حصلت بشكل مبسط وفهمتها كل حاجة، وكانت مُصرّة تشوف باباها، عشان كده أخدتها بالليل وروحنا المستشفى، دي كانت تاني مرة أروح المستشفى من يوم ما جيت، دخلنا الأوضة، لأول مرة بشوفه، كان قاعد على السرير وماما ماسكة إيديه وبابا قاعد جنبها هو وعلي، كنت اسمع إن كل واحد فينا له نصيب من اسمه، أعتقد هو أكتر واحد تنطبق عليه المقولة دي، اسمه "وسيم" وهو أكتر راجـ.ـل وسيم قابلته في حياتي، ملامحه على الطبيعة غير الصور، يمكن لإني ماكنتش بركز في الصور زي ما أنا دلوقتي مركزة معاه بشكل لا إرادي، في حاجة في ملامحه شـ.ـدّاني ومخلّياني مش قادرة أبعد عيوني عنه، كنت مستغربة نفسي أوي!
أول ما شاف مارية ابتسم، بابتسامته زادت وسامته، جريت عليه، حـ.ـضـ.ـنها فعبرتله عن اشتياقها لي بعدين قالت "خشيتُ أن تذهب إلى الله وتصبح نجمة مثل أمي، لكن ورد أخبرتني أنك ستعود وستكون بخير وكان معها حق، سعيدة برؤيتكِ بخيرٍ يا أبي"، ماركزش في ولا كلمة قالتها بعد "تذهب إلى الله وتصبح نجمة مثل أمي"، الصدمة أسرت ملامحه وسأل بتردد إللي اتأكد من الإجابة وخايف يسمع الرد! "ف فين ساندرا؟؟"، بصيت لبابا وهمست" هو لسه ماعرفش! "، همس ب" لا"، كنت خايفة من رد فعله على البنت، عشان كده قربت منه عشان آخدها برّه، اتفاجئت بيه بيبعد إيدي عنها بعصبية ويبصلي بنظرات غضب، خفت من نظراته وبعدت، قال بهدوء غريب "لو سمحتم، اتفضلوا كلكم ارجعوا البيت، محتاج أكون لوحدي وسيبوا مارية معايا، ولو سمحتم مش عاوز أي جدال ولا أي كلمة مواساة من حد، أنا كويس وهبقى كويس أكتر لو سيبتوني لوحدي"، ولإنهم عارفينه عنيد لما بيصمم على حاجة نفِّذوا طلبه، خرجوا كلهم وأنا آخرهم وقبل ما أخرج اتفاجئت بمارية بتندهلي" ورد لا تتركيني "، حاولت ابتسم وقولتلها" سآتي إلى هنا في الصباح"، نزلت من حـ.ـضـ.ـن باباها وجريت عليا مسكت إيديا وسحبتني للأوضة، فبابا قال" خلّيكِ معاها يا ورد مش هيعرف يتحمل مسئوليتها لوحده وهو تعبان".
وسيم كان بيبصلي وهو مستغرب تعلُّق بنته بيّا! وأنا كنت مستغربة الهدوء إللي بيتعامل بيه، كنت حسّاه بيحاول يتماسك عشان بنته، طلبِت مني أقعد على الكرسي إللي جنب السرير، نامت في حـ.ـضـ.ـن باباها وهي ماسكه إيديا كإنها خايفة إني أهرب، فضل يمسح على شعرها لحد ما نامت، كنت قاعدة ساكتة ومتـ.ـو.ترة، لمّا اتأكد إنها نامت قالي :
_ ماما لمّا حكتلي عن إهتمامك بمارية وتعلقها بيكِ ماكنتش مصدق لإن بنتي من الصعب تاخد على حد، حقيقي متشكر جداً إنك قدرتِ تخليها تثق فيكِ وساعدتيها تعدّي من الموقف ده، وآسف عشان انفعلت عليكِ من شوية حقيقي ماكنتش أقصد.

ابتسمت وهمست بصوت طلع بالعافية:
_ لا شكر على واحب، ربنا يرحم مراتك ويصبّر قلبك

ماردّش عليّا بس ملامحه بان الوجع فيها، حاولت آخد مارية تنام في حـ.ـضـ.ـني عشان مـ.ـا.تتعبهوش بس قال "لا من فضلك سيبيها، حقيقي محتاج لحـ.ـضـ.ـنها أوي الليلة بالذات"، سبتها ورجعت مكاني، كان نفسي يبكي، عشان الدمـ.ـو.ع فضفضة، والكتمان مرض هيتعبه ويزيد حزنه، فضل باصص للسقف وهو حاضن بنته، بعدين غمّض عينيه، كإنه بيمنع دمـ.ـو.عه من النزول!

كنت بختلس النظرات لحد ما غمّض عيونه ولقتني بتأمله وحاسّة إنه صعبان عليا أوي، نفسي أقوله ابكي وهترتاح أو أعمل أي حاجة تخرّجه من إللي هو فيه.

فضل في المستشفى أسبوعين، ماما وبابا وعلي بيقعدوا معاه بالنهار وبالليل بناءاً على طلبه بتبات في حـ.ـضـ.ـنه مارية، وطبعاً أنا معاها، كانت أجمل فقرة في يومي كله إني أفضل بصّاله وهو نايم، فيه وشوش لمّا نبصلها بنحس براحة وهدوء وسكينة، أهه ده إللي كنت بحسه لمّا أبصله، ماكنش فيه أي حوار بيدور بينّا، كنت بفرح لما يطلب مني أي طلب بسيط ولا يسألني عن حاجة، بفرح لمّا يوجّهلي الكلام.
ماكنتش فاهمة ليه بحس بكده؟ ليه بفرح لمّا أشوفه وأحس بالأنس؟ وليه بفرح لمّا أسمع اسمي منه؟ ولا ليه كل ما أشوفه قلبي يدق بسرعة وأحس برجفة في جـ.ـسمي! اتصـ.ـد.مت لمّا سألت نفسي كل الأسئلة دي وما لقتش جوايا غير إجابة واحدة خوّفتني " يبدو إن دي أعراض الحب!!!"
ماكنتش فاهمة ليه بحس بكده؟ ليه بفرح لمّا أشوفه وأحس بالأنس؟ وليه بفرح لمّا أسمع اسمي منه؟ ولا ليه كل ما أشوفه قلبي يدق بسرعة وأحس برجفة في جـ.ـسمي! اتصـ.ـد.مت لمّا سألت نفسي كل الأسئلة دي وما لقتش جوايا غير إجابة واحدة خوّفتني " يبدو إن دي أعراض الحب!!!"
أول ماوصل قلبي للإجابة دي عقلي اعترض واتفاعلِت معاه كل حواسي، وقفت وقلت "لأ، مستحيل مش هيحصل أبداً"، ويبدو كده إن صوتي كان عالي شوية، لا هو شويتين عشان وسيم صحي على صوتي وسألني "خير يا ورد فيه حاجة؟؟!"، رديت بحروف متـ.ـو.ترة"أ أنا لا لا مفيش حاجة أنا هطلع أتمشّى شوية"، سأل بدهشة "تتمشي فين دلوقتي! هي الساعة كام؟"، بصيت لقيتها ٢ فقلت" أ أنا قصدي، هنام هنام مش هتمشّى، تصبح على خير"، هـ.ـر.بت منه ومن أفكاري إللي بقيت خايفة منها.
ماعرفتش أنام، اختلست النظر ليه ولقيته نايم وواخد مارية في حـ.ـضـ.ـنه، ابتسمت وافتكرت كل حكاوي ماما شريفة عنه، كنت الأول بسمعها عشان هي عاوزة تتكلم وبعد ما تخلّص في الغالب بنسى كل إللي قالته، لقيتني بسترجع كل كلمة وافتكر كل حاجة حكتها عنّه، مابقتش فاهمة إيه إللي بيحصلّي! أول مرة أحس بكده ناحية حد ومش عارفة أوقّف نفسي عن التصرفات دي.

وسيم طلب يخرج من المستشفى، كنت فرحانة عشان بيتعافى وهيخرج بس في غصة في قلبي إن الفرصة في إنّي أشوفه عن قرب خلاص خلصت، في البيت كان على طول في أوضته وفيه ممرضين ودكاترة بيتابعوا حالته، مـ.ـا.تقابلناش كتير، رغم إنه جاب لمارية مربية جديدة بس مارية كانت طول النهار قاعدة معايا مابتسبنيش لحظة، ووقت النوم بتنام في حـ.ـضـ.ـن أبوها، بالعافية قدرت أقنعها إن ماينفعش أنام معاهم زي ماكنا في المستشفى، فضلنا عند وسيم لحد ما تعافى وبقى إلى حدٍ ما بيقدر يمارس حياته بشكل طبيعي، بابا وماما قالوله يرجع مصر يعيش وسطهم والبنت تتربّى وسط أهلها، كنت فرحانة جداً باقتراحهم، لكنّه أحبطني برفضه، احتد النقاش بينه هو وبابا وفتحوا سيرة الماضي وانتهى النقاش بخناق بينهم وقرار بابا إننا هنسافر حالاً، حجزلنا في أول طيّارة راجعة مصر، حاولت أهدّيه واثنيه عن قراره لكن فشلِت كل محاولاتي أنا وماما، جهزنا الشنط وجت لحظة الوداع، بابا ما سلّمش عليه، وماما خدته في حـ.ـضـ.ـنها وهي بتبكي، أمّا عن مارية فكانت ماسكه في حـ.ـضـ.ـني ورافضة تسيبني تماماً وبتفكّرني بوعدي ليها، كنت ببكي وأردد "غصب عني يا حبيبتي" شـ.ـديت ضمّتي عليها، كإنّي أم بياخدوا بنتها من حـ.ـضـ.ـنها، وسيم مش مستحمل يشوفها بتبكي، شـ.ـدّها من حـ.ـضـ.ـني وطلب من المربية تاخدها أوضتها، أخدتها بالعافية، وقفت قصاده بمنع كلامي من الخروج، العربية جت وبابا ندهلي، مشيت خطوتين بعدين رجعت، وقفت قصاده وقولتله:
_ على فكرة أهلك ليهم حق عليك، كفاية بعد، كفاية؛ هم عانوا كتير بسببك وفي بعدك، وهو بابا عمل كل إللي عمله زمان ده ليه؟ مش عشان مصلحتك، مش عشان يشوفك عايش حياة طبيعية سعيدة في وسطهم؟ ماما هانت عليك؟ ماصعبتش عليك دمـ.ـو.عها؟ دمـ.ـو.ع بابا إللي ماسكها بالعافية ما وجعتش قلبك؟ ليه كسرت فرحتهم بإنك رجعت تنور حياتهم من تاني؟ حط نفسك مكانهم واتخيّل مارية إللي مش قادر تنام غير وهي في حـ.ـضـ.ـنك بتحرمك منها، هتبقى مستحمل ساعتها؟؟!

كان مصدوم من كلامي، لمعت عيونه وفضل ساكت، ماقدرش يبص في عيوني أكتر ولا يسمع كلامي، عشان مش عاوز يقف في مواجهة مع الحقيقة، مشي وسابني، سمعت بابا بينده مرة تانية فلملمت خيبة الأمل إللي حاسّة بيها وخرجت..

من يوم ما وصلنا البيت في مصر والكآبة مسيطرة علينا كلنا، بابا وماما نفسهم يتطمّنوا على ابنهم وسطهم وأنا حاسة إني بقيت زي مدمن بيعاني أعراض الانسحاب، مش قادرة أمنع نفسي من التفكير فيه، جريت على جوابات أزهار، قريتها كلها، كنت عاوزة أخلّي قلبي يفتكر تحذيرها ليا من الحب والثقة في الرجـ.ـا.لة بس اتفاجئت إن الجوابات زادت نار قلبي، فضلت أردد جملتها وأحذر نفسي بس مفيش فايدة، فيه صراع بيدور جوايا مش قادرة أوقفه، كان نفسي ازهار تكون موجودة، واثقة إنها كانت هتحس بيا من غير ما اتكلم، كانت هتفهمني وتقولي اتصرف ازاي.

قررت أوقّف نفسي عند حدّها وكل ما أفكر فيه أشغل نفسي بأي حاجة، خرجت اتطمن على بابا وماما، لقيتهم قدام التليفزيون، مشغّلينه وشاردين، كل واحد فيهم في وادي تاني، قفلت التليفزيون واقترحت عليهم نلعب كوتشينة، بابا وافق على مضض وماما قالت ملهاش نفس، صممت لحد ما وافقِت، حاولت أساعدهم وأساعد نفسي إننا ننشغل عن التفكير في نفس الشخص إللي مغلّبنا كلنا! ماسبتهمش غير وهم بيضحكوا.

الدراسة رجعت والحياة بدأت ترجع لطبيعتها من تاني، مر شهر ورا التاني وبدأت أتناسى، كنت لازم كل يوم أكلم مارية اتطمن عليها، بعد ما حالتها النفسية اتدهورت وباباها بقى متابع مع دكتور نفسي عشانها، قلبي كان بيرتجف لمّا أكون بكلمها واسمع صوته جنبها، كنت بسألها عنه عشان ماما موصياني وبتطمن عليه مني، من يوم ما رجعنا وهي زعلانة منه ومابقتش لا بتكلمه ولا تتواصل معاه، محدش بيكلمه غير علي، كل ما يجي يتكلم عنه قدام بابا وماما يقولوا مـ.ـا.تجيبش سيرته رغم اللهفة إللي في عيونهم عشان يسمعوا عنه وقلبهم يتطمن عليه.

علي حدد يوم فرحه وكنت طول الفترة إللي قبل الفرح مشغولة أنا ومنى مع علا في الترتيبات الأخيرة، في مرة كنت معاها بتختار الفستان، لمّا رجعت البيت أول ما فتحت الباب شميت ريحة عطر وسيم، كنت فاكرة نفسي خلاص بقيت مـ.ـجـ.ـنو.نة وبيتهيألي!
لحد ما سمعت مارية بتنده اسمي بفرحة وتجري عليا، أخدتها في حـ.ـضـ.ـني وبكيت من الفرحة، ماكنتش مصدقة إنّي شيفاها قدامي ومخبياها في حـ.ـضـ.ـني، عبّرتلي عن اشتياقها ليّا بعدين قالت جملة غريبة "سأخبركِ سرّاً، لقد وعدني أبي أنكِ لن تفترقي عنّي مرة أخرى، ستعيشين معنا للأبد"، كنت بحاول أفهم قصدها، خمّنت إنه أخيراً قرر يستقر في مصر، كنت شايله مارية وداخلة الصالون ووقفت فجأة مصدمة وأنا سامعة بابا بيقول :
"أنا هقولها، ولو بنتي وافقت تتجوزك فأول شرط عندي إنك تعيش معانا في مصر، بنتي مش هتبعد عننا "
كنت شايله مارية وداخلة الصالون ووقفت فجأة مصدومة وأنا سامعة بابا بيقول:
"أنا هقولها، ولو بنتي وافقت تتجوزك فأول شرط عندي إنك تعيش معانا في مصر، بنتي مش هتبعد عننا "

جـ.ـسمي ارتجف وأطرافي بردت، أعصابي كلها سابت، فنزِّلت مارية على الأرض قبل ما تقع، مالحقتش استوعب إني شيفاه قدامي وسامعة صوته هقدر استوعب إللي فهمته من جملة بابا؟!
ماما لمحتني واقفة ع الباب، ندهتلي أدخل، ملامحها كلها كانت فرحانة، دخلت بملامح مصدومه، بابا ابتسملي وقالي أقعد جنبه، وبعد ما قعدت قال:
_ أنا كنت ناوي أقولك على الموضوع لمّا ترتاحي من المشوار بس بما إنك سمعتي كلامنا فمش هستنى، وسيم طلب إيديك منّي يا ورد هسيبك دلوقتي تقعدي معاه تتكلموا شوية وتسأليه فأي حاجة عوزاها ولو عاوزة تقعدي تاني وتالت معنديش أي مانع وبعد أسبوع إن شاء الله أسمع قرارك النهائي، وأياً كان القرار، إللي إنتِ عوزاه بس هو إللي هيتم.

كان مستنّي أي تعقيب على كلامه بس أنا ماقدرتش أنطق، ابتسملي ابتسامة تشجيع بعدين طلب من ماما تقعد معاه بره هي ومارية، خرجوا كلهم وسابونا لوحدنا، فضلت قاعدة ساكته ومتـ.ـو.ترة، وأعتقد هو كان ساكت بيرتب كلامه، أخيراً نطق، قال:
_ ورد، إنتِ حقيقي إنسانة جميلة جداً وتتحبّي، بس أنا قلبي اتدفن مع مراتي، ماكنتش ناوي أدخل أي واحدة تاني في حياتي، خصوصاً لو فرق السن بينّا كبير كده لكن أنا مضطر عشان مارية، البنت متعلقة بيكِ جداً وغيابك أثر فيها، الدكتور إللي بتعالجها قالت لازم تكون جنبك عشان هي حاسه إنك أمانها بعد مافقدت الأمان بموت أمها، كان ممكن ماقولكيش كل ده بس مش هقدر أخدعك أو أوهمك إننا هنعيش حياة زوجية طبيعية، لازم أقولك الحقيقة عشان تكونلك حرية الاختيار كاملة.

قلبي وجعني من كلامه واتوأدت فرحتي بمجرد ما اتولدت!
حاولت مابينش، مش هقدر أستحمل وجع الحب من طرف واحد، وهو بعيد كنت قادرة أتحمل واشغل نفسي بأي حاجة لكن ده هيبقى طول الوقت قصادي، ازاي بس هتحمل العذاب ده!
فكرت في مارية وفي بابا وماما،افتكرت ازاي البنت متعلقة بيا وبتعتبرني أمها، افتكرت الفرحة إللي شفتها في عيون ماما، والأمل إللي بدأ يطل من عيون بابا، الناس دي ليها فضل عليا ولولاهم كان زماني نكرة وعايشة في الشارع، أعتقد جه الوقت إني اردلهم جزء من إللي عملوه عشاني، قلت بهدوء :
_ موافقة بس عندي شرط

اندهش وقال:
_موافق

قلت :
_مش لمّا تسمع شرطي الأول

قال بلهفة:
_ موافق عليه أياً كان، إنتِ مش متخيلة بموافقتك دي هتحلّي مشاكل حياتي ازاي

قلت:
_ تستقر في مصر وتعيش هنا وسط أهلك ومـ.ـا.تفكرش ترجع تاني أو تبعد عنهم

سكت شوية بعدين قال :
_ موافق

فقلت بملامح ناسيه ازاي تبتسم :
_ يبقى أنا كمان موافقة وهبلّغ بابا دلوقتي
+

سيبته مندهش من السهولة إللي تم بيها الأمر وخرجت، لقيت بابا وماما بيبُصّولي بترقب، حاولت ابتسم وقلت:
_ أنا موافقة يا بابا

ماما زغردت من الفرحة فبابا سكّتها وقال:
_ موافقة ده إيه! لسه عندك أسبوع تفكري فيه

قلت:
_ مش محتاجة أفكر يا حبيبي أنا كان عندي شرط واحد إنه يستقر هنا في مصر مش هقدر ابعد عنكم ووافق عليه وبالتالي انا كمان موافقة

سأل بلهفة:
_ وافق يعني وافق؟ يعني هيستقر هنا؟؟!

ابتسمت وجاوبت بإيماءة فقامت ماما حـ.ـضـ.ـنتني وهي بتشكرني وتبـ.ـاركلي، بابا دخل مكتبه وهو بيقول "تعالي ورايا يا ورد"، دخلت وبعدين قفلت الباب وقعدت زي ما طلب مني، سأل :
_ وافقتِ ليه؟
سكتت بفكر في رد مناسب، رد ما يعرّفهوش حقيقة مشاعري ولا سبب موافقتي، قال:
_ بتفكري في رد مناسب مش كده؟ أصل مش منطقي توافقي بالسرعة دي على واحد يعتبر مـ.ـا.ت عـ.ـر.فيهوش بشكل كافي، أكبر منك ب ١٢ سنة تقريباً إلّا لسبب من اتنين يا إمّا عشانّا لإن بموافقتك هيعيش جنبنا أو عشان مارية.. أمممم أو لسبب تالت بحاول استبعده

بصتله بنظرات متـ.ـو.ترة فقال "ويبدو إن نظراتك دلوقتي بتأكدلي السبب التالت ده!"، رديت بسرعة قبل ما يسترسل في الكلام عن السبب التالت " السبب الأول مارية يا بابا والسبب التاني إني فعلاً مش هقدر أبعد عنكم عشان كده طلبت منه نقعد هنا"
اتردد قبل ما يقول :
"بس هتستحملي وجود واحدة تانية في قلبه؟ "، قلبي انقبض لمّا سمعت السؤال ده بس تماسكت وقلت "وأنا مش محتاجة قلبه في حاجة، المهم قلب مارية أنا حقيقي حاسه ناحيتها بالأمومة وهعمل أي حاجة عشانها"
سكت شوية بعدين سأل" يعني ده آخر كلام عندك؟ " حاولت ابتسم وهمست "أيوه".

بعد كده كل حاجة جت بسرعة، اتخطبنا وسافر يصفّي كل شغله عشان ينفذ شرطي ويستقر في مصر، ساب معايا مارية، كان بيتصل كل يوم يتطمن عليها، رغم إنه ولا مرة في اتصالاته سأل عني بس كان بيكفيني إني بسمع صوته، أول ما رجع عيني كانت فاضحة لهفتي، وجوده بيربكني وبيأكدلي إن الطريق إللي اخترته متعب وهيبقى كله معاناة.
كنّا متفقين نعمل كتب كتاب عادي في البيت بس بابا فجأة غيّر رأيه وصمم ألبس فستان ويعملّي فرح، كانوا ناويين يخلوا الفرح مع علي وعلا بس أنا رفضت، علا مستنية فرحها من بدري وبتخططله، ماحبتش أخرب أي حاجة من خططها أو أشاركها فرحتها بيوم خاص ومميز زي ده، اقترحت على بابا نعمل الفرح في جنينة الفيلا، وبعد ما وافق منى وعلا تولّوا أمر الترتيبات، علي كان مستغرب القرار المفاجيء ده بس مبسوط عشانّا، اخترت فستان بسيط جداً وواحد شبهه لمارية، وبابا جاب عمّال غيروا في ديكور الدور التاني كله عشان نعيش فيه، كنت شايفه كل المظاهر دي ملهاش لازمه وقلبي مش قادر يحس بفرحة وبمثل إني مبسوطة.

لحد ما جه يوم الفرح، ماما لبستني الفستان والطرحة، من يوم ما عرفتها أول مرة أشوفها مبسوطة بالشكل ده، بعد ما خرجوا كلهم، بصيت على إزازة التراب، قعدت ع السرير غمضت عيوني وحـ.ـضـ.ـنتها، حسيت بحـ.ـضـ.ـن أزهار وسمعتها بتقولي "عقبال ما يجي اليوم إللي أسلمك فيه لعريسك يا وردي"، اتخيلتها معايا انهارده هي وأمي، كان نفسي فرحتي باليوم ده تعوّضني عن وجع الفقد بس للأسف أنا مش قادره أحس بفرحة، حاسة إني هعيش غربة جنب إللي اتمنيته وطني، ابتسمت بسخرية وقلت لنفسي "جرا إيه يا ورد وهو جديد عليكِ الشقا! "، خبّطوا ع الباب، مارية رافضه أي حد غيري يلبّسها، ابتسمت وأخدتها في حـ.ـضـ.ـني بعدين لبّستها الفستان، كانت مبسوطة أوي وقالتلي إن شكلي حلو أوي، انتبهت لإني تقريباً مابصتش على شكلي في المراية ولا حتى اهتميت أعرف طالع حلو ولا لأ!
بصيت للمراية واترسم شبح ابتسامة على شفايفي، شميت عطره فعرفت إنه جاي، بعد ثانيتين تقريباً لقيته واقف عند الباب، شكله وسيم بالبدلة، حاولت مابصلهوش عشان عيوني مـ.ـا.تفضحنيش.

الحفلة كانت عائلية، حاولت أمثل إن كل حاجة طبيعية، لحد ما جت فقرة رقصة سلو، حاولت أتهرّب والسبب الظاهري إني مكسوفة بس قلبي كان له أسباب أخرى!
فجأة مسك إيدي وسحبني لحـ.ـضـ.ـنه، اختفى صوت الأغاني و التصفير والتصقيف إللي كانوا حولينا، اختفت كل الأصوات ماعدا دقات قلبه إللي سمعاها في اللحظة دي، كإنها سحر بمجرد ما يدخل وداني يغمر كل خلية في جـ.ـسمي بالأمان والسّكينة، نسيت التمثيل، جـ.ـسمي ارتخى واستسلمت للإحساس ده، لحد ما فوّقني منه ونزّلني على أرض الواقع وهو بيهمس في ودني "أنا آسف جداً على التصرف ده بس مش عاوز حد يحس إننا مش طبيعين أو يعرف حاجة عن إللي اتفقنا عليه"، بتلقائية جـ.ـسمي رجع انكمش وبعدت عن صدره، ماقدرتش أنطق، اكتفيت بإيماءة وبدأت أوزع ابتسامـ.ـا.ت وسلامـ.ـا.ت عشان ألهي قلبي عن المشاعر لحد ماخلصت الرقصة وفي قول آخر فقرة التعذيب!
بابا وماما كانوا مركزين مع تعبيرات وشي عشان كده حاولت أتقن دوري في التمثيل في اليوم ده كويس أوي.
وأخيراً خلصت الحفلة، مارية كانت نعسانة فماما أخدتها تنام معاها في أوضتها على أساس إننا عرسان ومحتاجين نبقى لوحدنا، طبعاً ما هي مـ.ـا.تعرفش حاجة عن اتفاقنا!

طلعنا جناحنا في الدور التاني، بعد ما قفلنا الباب قالي اختاري الأوضه إللي تعجبك، اخترت أوضة مارية عشان كانت أوضتي قبل التعديل وكمان عشان أتعود إني بعد كده هنام أنا ومارية سوا، سيبتله هو أوضة النوم الكبيرة، كل واحد فينا دخل أوضته، غيّرت هدومي وحاولت أنام ماقدرتش، دورت في الأوضة على ازازة التراب مالقتهاش، توقّعت إنّهم حطوها في أوضة النوم؛ على أساس إني هنام هناك، قمت لبست الروب وروحت الأوضه بهدوء، خبّطت ع الباب بس مفيش رد، توقعت إنه نام ففتحت الباب بالراحة لقيته فعلاً نايم، فتحت لمبة نورها هادي وبدأت أدور على الإزازة على النور الخافت إلّلي طالع منها، لحد ما أخيراً لقيتها، ولسه بلف عشان أخرج خبطت فيه، الإزازة وقعت من إيدي وفضلت أصرخ من الفزع، كتم صوتي وهو بيقول "بس بس، مـ.ـا.تخافيش"، بدأت أهدا، فرفع إيديه وفتح النور، رفعت الإزازة من ع الأرض وحـ.ـضـ.ـنتها فسأل "إنتِ قلبك ضعيف أوي كده ليه؟! "، رديت بعصبية:
_ مش قلبي إللي ضعيف، إنت إللي مش طبيعي تقف لحد في الضلمة كده

قال:
_ والمش طبيعي أكتر إنك تبقي في أوضتي دلوقتي!

رديت بتحدي
_ لا لو سمحت، دي مش أوضتك لوحدك ثم أنا سيبتها بمزاجي ولو حبيت ارجع فهرجع براحتي

ابتسم بعدين قال :
_ أهااا يبدو إنك عنيدة، بس إيه التراب إللي في إيديك ده

سكت شوية بعدين همست بحزن:
_ ده تراب من قبر ماما وأختي

لمّا شاف الحزن في ملامحي حب يغير الموضوع وياريته ما حاول يغيره، ابتسم وغمز بعينيه وهو بيقولي :
_ بس حلو الميكي ماوس ده هياكل من عليكِ حته

سألت بعدم فهم :
_ميكي ماوس إ

مالحقتش أكمل سؤالي لمّا استوعبت إنه يقصد البيجامه إللي لبساها بعد ما إيدي سابت الروب فظهرت، صبغ الخجل خدودي ومالقتش حاجة ارد بيها، قفلت الروب بتـ.ـو.تر فابتسم بخبث وقال:
_ بس مش بيتهيألي كبرتِ ع البيجامـ.ـا.ت دي؟

عقد الخجل لساني فأخدت بعضي وجريت على أوضتي وأنا سمعاه بيضحك عليا، قفلت الباب وقعدت ع السرير، بصيت ع الميكي ماوس وافتكرت تعليقه فضحكت بعدين قلت لنفسي"البني آدم ده شكله ناوي يجنني"، أخدت التراب في حـ.ـضـ.ـني وفضلت أحلم بوسيم أحلام يقظة لحد ما روحت في النوم...

حلمت بوسيم بيصحّيني بهدوء وينده اسمي فابتسمت
وقولتله "حاضر يا حبيبي هقوم بس سيبني أنام شوية كمان"، ضحك ففقت واستوعبت إنه ماكنش حلم، قمت مفزوعة وقعدت ع السرير وانا بقول بتـ.ـو.تر "ك كنت بحلم، قصدي" بعدين سيطر الغضب على حروفي وقلت"إنت بتعمل إيه هنا؟"، قعد على حرف السرير وقال :
_ ماما خبّطت علينا عشان الفطار وانا مارضتش أفتح عشان مـ.ـا.تكتشفش إن كل واحد فينا نايم في أوضة، ده أولاً أما عن ثانياً فليه بتتعاملي معايا بحذر؟ إيه رأيك لو نتعامل كأصحاب على الأقل ده هيسهل علينا التعامل قدامهم.

همست" إن شاء الله "، بصّلي وضحك فسألت "خير بتضحك ليه؟"، قال"ولا حاجة، هستناكِ في أوضتي عشان ننزل سوا"
خرج وفي طريقي للحمام وقفت مصدومة، بصيت لنفسي في المراية واتمنيت الأرض تنشق وتبلعني، همست بصدمة "يا نهار مش فايت، له حق يضحك، أنا كنت بتكهرب وأنا نايمة ولا إيه شعري واقف كده ليييييه"
غيرت هدومي ونزلت معاه، اتفاجئت بإيديه بتحـ.ـضـ.ـن إيدي واحنا نازلين، ارتجفت فضغط عليها ضغطة خفيفة وشاور بعينيه عليهم وابتسم، رسمت ابتسامة كنت بقنع نفسي إنها مصطنعة، بس الحقيقة كانت ابتسامة صافية، ابتسامة بتظهر لمّا يغمرنا إحساس الأمان والسّكينة...

بابا كان عاوزنا نسافر شهر عسل فوسيم اتحجج بإنه متفق مع علي نسافر كلنا سوا، يومي كان كله ما بين الجامعة ومارية ومحاولات إنشغالي عن التفكير في وسيم، كان بيتعامل معايا كأصحاب أو قرايب بس، ماكنتش عارفة اتعامل معاه بشكل طبيعي، بس كنت بحاول على قد ما أقدر، مرة كنت سهرانة في الجنينة أنا ومارية، ماكانتش راضية تنام فنزلنا ونمنا ع الأرض في الجنينة عشان نكون شايفين السما والنجوم، بعد ما نامت حطيتها في سريرها ورجعت كملت السهرة مع نفسي، كنت نايمة ع الأرض وبتأمل السما، عايشة في عالم الأحلام وفجأة سمعت وسيم بيقول "شكله جميل القمر انهاردة" بعدين نام جنبي ع الأرض، وقبل ما اتعدل حط إيديه على كتفي وقالي "خليكِ زي ما إنتِ مش كل مرة هضيع عليكِ لحظاتك السعيدة" ، قلت في سري "مـ.ـا.تعرفش إن لحظاتي السعيدة بتبقى في وجودك"، قالي "محتاج اتكلم وبما إننا اتفقنا نبقى صحاب فمحتاج أحكي معاك يا صاحبي، مخـ.ـنـ.ـوق وعاوز أطلع إللي جوايا"، اتعدلت وقولتله "احكي، كلي آذانٌ صاغية"، اتعدل وبدأ يحكيلي، اتفاجئت بمعلومة أول مرة أعرفها، قالي إن هو ومـ.ـر.اته كانوا متفقين على الطـ.ـلا.ق قبل ما تموت، الحياة بينهم بقت مستحيلة بعد ما دخلت مجال البيزنس وبقى كل إهتمامها بيه وأهملته هو ومارية، رغم إنه كان بيحبها بس قرروا يتطلقوا عشان حياتهم بقت تعيسة وكلها مشاكل وخناق، لقوا إن الطـ.ـلا.ق هيبقى من مصلحتهم، عشان كده انفصلوا لحد ما يخلّصوا إجراءات الطـ.ـلا.ق.
في يوم الحادثة مـ.ـر.اته إللي كانت سايقه، كان بيتخانق معاها عشان نسيت تجيب البنت من المدرسة وفضلت لوحدها خايفة لحد ما اتصلوا بيه راح أخدها، احتد النقاش بينهم، اتفاجئن بالعربية إللي جاية في وشهم وفي غمضة عين حصلت الحادثة، حاسس بالذنب، وإنه السبب في إللي حصل، حاسس إنها وحشاه وزعلان منها أوي، طلّع كل البكا إللي كان كاتمه جوّاه من يوم ما عرف بخبر موتها، كان بيبكي بحرقة، قلبي ماقدرش يستحمل ولقيتني بتلقائية بحـ.ـضـ.ـنه، رغم إن جـ.ـسمي أضعف من جـ.ـسمه بس حـ.ـضـ.ـني ساعه واحتواه!
فضلت أمسح على شعره بحنان وأقوله إنه ملهوش ذنب في إللي حصل، فضل في حـ.ـضـ.ـني لحد ما هِدي، رفع راسه وابتسملي بامتنان بعدين قال "شكراً يا صديقي الصدوق"، ابتسمت فقال "كنت بستغرب مارية لمّا بتنام في حـ.ـضـ.ـنك بسرعة، بس دلوقتي عرفت السبب، ت عـ.ـر.في إن حـ.ـضـ.ـنك دافي؟"، بان التـ.ـو.تر والخجل عليّا فقال "أقصد إنه مريح، يووووه قصدي يعني جميل، وو بصي أنا حسيت إني عاوز أنام رغم إني بقالي فترة مابعرفش أنام أصلاً!!"، ابتسمت ع اللغبطة إللي هو فيها وقلت" فاهمة قصدك، تصبح على خير "، طلعت وأنا حاسه إني طايرة، فيه إحساس بالفرحة غمر قلبي.

من بعد اليوم ده بقينا فعلاً صحاب، بتعامل عادي، بقينا مقربين لبعض جداً، مرة اشتقت لأزهار، ففتشت في ذكرياتها وجواباتها، ولمّا نمت رجعلي الكابوس إللي كان بيفزعني كل ليلة تاني، ماحستش بنفسي وأنا بصرخ، مارية صحيت مفزوعة وكمان وسيم، جه على أوضتنا وفضل يقولي "اهدي يا ورد، ده كابوس"، كنت لسه بصرخ لحد ما شـ.ـدّني لحـ.ـضـ.ـنه، صوت دقات قلبه فوّقني وحسسني بالأمان، استخبيت في حـ.ـضـ.ـنه وبكيت، فقوّمني وسندني لأوضته، راح لمارية طمّنها ونيّمها بعدين رجعلي، قالي "حابه تتكلمي دلوقتي وتحكيلي شفتِ إيه؟"، همست "مش قادره اتكلم"، قال "طيب اعملي حسابك بعد كده هتنامي هنا"....

#يُتبع
قالي "حابه تتكلمي دلوقتي وتحكيلي شفتِ إيه؟"، همست "مش قادره اتكلم"، فقال بحزم "طيب اعملي حسابك بعد كده هتنامي هنا"، بصتله بدهشة فبرر القرار ده بإنه خايف على مارية، الفزع إللي شافه في عينيها من شويه قلقه عليها، وكمان عشان ماما شكت فينا لإن مارية دايماً تحكي إنها كانت نايمة في حـ.ـضـ.ـني، أمممم يعني في النهاية قراره ده مش عشاني، قلت بغضب طفولي:
_ بس أنا مش بعرف أنام وحد جنبي

_ يا سلام ومارية بتعمل إيه!
قلت :
_بتنام في حـ.ـضـ.ـني

غمزلي وقال :
_ خلاص مش هنام جنبك هنام في حـ.ـضـ.ـنك

رجعت لغضبي بداري بيه خجلي وقلت:
_ وسيييييم! إيه إللي بتقوله ده؟!

قال:
_خلاااص بهزر، مـ.ـا.تقلقيش أنا مؤدب هنام بعيد عنك بمسافة أصلاً وهتشوفي بنفسك

مدد في مكانه واداني ضهره، فضلت بصّاله دقايق بحاول استجمع الشجاعة إلّلي تخلّيني أنام جنبه والمسافة بينّا قريبة أوي كده! مددت جنبه بهدوء، لمجرد إني سامعة صوت أنفاسه غمرني إحساس الأمان، نمت حاسه بالاطمئنان لحد الصبح، حسيت إن جـ.ـسمي متحاوط بقوة ومش قادره أتنفس بحرية، فتحت عيوني بهدوء وقمت مفزوعة، وقفت جنب السرير فصحي على حركتي وسأل "فيه إيه!!!" قلت بعصبية "إنت بتسأل فيه إيه؟!! هو ده إللي مؤدب وهنام بعيد عنك بمسافة، أنا في حـ.ـضـ.ـنك بعمل إيه يا أستاذ!!"
رد بهدوء مستفز "وأنا مالي، واحد نايم في أمان الله لقى واحدة بتدخل حـ.ـضـ.ـنه يعترض؟!"
استفزني ردُّه فقلت "إنت إنسان مستفز وأنا مش هنام جنبك تاني"
حط المخدة على راسه وكمل نوم ولا كإنه سمعني، فحدفته بالمخدة التانية وخرجت اتطمن على مارية، فهّمتها سبب الحالة إللي حصلتلي امبـ.ـارح بعدين نزلنا نفطر.

اتفاجئت بوسيم بيقول إنه هيوصّلني للجامعة في طريقه للشغل، أول مرة يوصّلني رغم إننا كل يوم بنخرج في نفس الميعاد تقريباً ومافكرش مرة يعرض عليّا يوصّلني، كنّا ساكتين طول الطريق لحد ما سأل "نمتِ كويس امبـ.ـارح؟"، افتكرت وقت ما صحيت ولقيتني في حـ.ـضـ.ـنه فاتورّدت خدودي وهمست "أيوه، بس أنا هنام انهارده جنب مارية هكون مرتاحة أكتر"، ماعلّقش على جملتي، وصّلني قدّام المبنى، كان فيه مجموعة من زميلاتي واقفين وشافونا، كانوا بيبصوله بجرأة أشعلت نار الغيرة جوّايا، ماكنتش مركزة في أي حاجة غير نظراتهم وإني عوزاه يمشي من هنا في أسرع وقت، وقفت جمبهم فواحدة قالت" ده مين الشاب الوسيم ده يا ورد؟"، علّقت واحدة تانية"ده وسيم بشكل، مش تعرّفينا؟"، قالت التالته وهي مبتسمة "هاي أهلاً وسهلاً" التفت في الاتجاه إللي باصّة فيه ولقيته واقف، قلت بضيق كان واضح في حروفي "إنت لسه هنا! فيه إيه؟؟"، بصّلي وهو مستغرب طريقتي بعدين بصّلهم ففهم سبب ضيقي، لقيته بيبتسم وهو بيدّني الشنطة ويقول" نسيتِ شنطتك يا حبيبتي"، كلمة "حبيبتي" خدتني لعالم تانية، حسيتها برّدت ناري، غمزلي ومشي وهو مبتسم، ابتسامته وكلمة حبيبتي خلّوني التفتلهم وأقول بثقة" ده جوزي يا بنات"، جملتي سكّتتهم فسيبتهم ودخلت المبنى وأنا حاسه إني مبسوطة،الكلمة بصوته فضلت ترن في ودني طول اليوم، رجعت البيت وأنا لسه مبتسمة من الصبح، عيوني بتدوّر عليه في البيت، ماما لاحظت فضحكت وقالتلي "رجع من بدري بس راح يقف مع العمال في شقة علي عشان علي عنده شغل"، رديت وأنا متـ.ـو.ترة "ب بس أنا ما سألتش عليه يا ماما أنا أصلاً كنت بدوّر على مارية"، هـ.ـر.بت منها ودخلت لبابا لقيته بيذاكر لمارية، قالّها تاخد بريك وسألني عن أحوالي مع وسيم وعن نفسيتي، طمّنته إني مبسوطة وكل حاجة تمام، بعدين هـ.ـر.بت من أسئلته هو كمان، وقفت عند باب أوضته ثواني بعدين دخلت أوضة مارية، غيرت هدومي وفضلت قاعدة فيها، قررت أبقى حازمة في قراري، عشان مع كل يوم بيفوت في وجوده قلبي بيتعلق بيه أكتر وانا مش حِمل العذاب ده، نزلت اتغديت وذاكرت لمارية وغصب عنّي كل شوية أبص في الساعة، حاسّه إنه واحشني أوي، الليل جه وهو لسه ماجاش، قعدت قدام التليفزيون مع بابا وماما شوية لحد ما جه ميعاد نومهم ونوم مارية، كنت عاوزه أفضل قاعدة لحد ما يرجع بس طلعت أنيّم مارية، وأول ما سمعت صوت عربيته نيّمتها بهدوء ع السرير ومن لهفتي جريت على تحت، عملت نفسي بتفرج ع التليفزيون، استقبلني بابتسامة، ابتسمت بعدين رجعت أكشّر عشان أقدر آخد موقف، قولتله "أحضرلك العشا؟"، قال"ياريت، أنا واقع من الجوع"، حطيتله الأكل فطلب منّي أقعد معاه، ماما قالتلي قبل كده عن العادة دي، مابيعرفش يقعد ياكل لوحده حتى لو حد يقعد جنبه وخلاص من غير ما يشاركه الأكل، عشان كده المرة دي سيبت العِند على جنب وقعدت، سألني عن يومي في الجامعة، افتكرت جملته فتصنّعت الغضب وقلت" وبعدين إنت ازاي تقوّلي حبيبتي قدام زميلاتي!!"، ضحك وقال "مش عارف حسيتك غيرانه من نظراتهم فقلت أديلك بريستيجك يعني قصادهم"، رديت بحدة "نعممممم، غيرانه ده إيه! لأ طبعاً وهغير ليه!! بعدين أصلاً أنا، أنا طالعة أنام تصبح على خير"، كالعادة هـ.ـر.بت، أخدت مارية في حـ.ـضـ.ـني وحاولت أنام، بعد شوية حسيت باب الأوضة بيتفتح فعملت نفسي نايمة، هزّني بهدوء وندهلي، ماردتش فقال:
_" على فكرة مالحقتيش تنامي، أعتقد اتفقنا هتنامي جوه"، فتّحت عيوني وقولتله:
_" وأعتقد قولتلك مرتاحة هنا أكتر"، قال:
_" طيب إنتِ إللي اخترتِ"
نام جنب مارية ودفعها ناحيتي فوقعت ع الأرض، قمت وقولتله:
_ "إنت هتهزر! قوم لو سمحت السرير صغير ومش هيكفّينا"
قال بهدوء مستفز:
_ أنا عاوز أنام جنب بنتي لو مش عاجبك وحاسّه الدنيا ضيقة روحي نامي في الأوضة التانية

ضـ.ـر.بت الأرض برجلي بغيظ وروحت الأوضه التانية، أول مادخلتها، ريحته فيها خلّت إحساس الراحة يغمرني، اتمددت ع السرير، غمّضت عيوني وحـ.ـضـ.ـنت المخدة إللي كان نايم عليها، معرفش امته فتح الباب ودخل، ماحستش تماماً غير لمّا سمعته بيقول "ولمّا تحـ.ـضـ.ـني مخدتي أنا أنام على إيه؟"، قمت مفزوعة وقلت بحروف ملغبطة "إنت إنت هنا ليه؟ وأصلاً أنا كنت متاكدة تعرف كنت متأكدة إنك هتعمل كده عشان كده حطيتها عشان تبقى حاجز بينّا و و وأنا أصلاً هقوم أنام هناك"، مسك إيديّا فاختل توازني وقبل ما أقع لحقني، كنت عاوزة الزمن يقف عند اللحظة دي وأفضل بالقرب ده منّه، نظرة عينيه كانت غريبة المرة دي! خفت أقنع نفسي بإللي شيفاه فيها أعشّم قلبي!

بعدت عنّه فقال" تعالي خلاص هنحط المخدة زي ما إنتِ عاوزه، بس خلّيكِ هنا"، سألت"ليه؟؟"،سكت شوية بعدين قال "صراحة عاوز ابدأ أعود مارية على النوم لوحدها، هي خلاص بتكبر ماينفعش تعتمد عليكِ في إنك تنيّميها كل ليلة"، والمرة دي كمان السبب ماكانش عشاني بس سببه منطقي، رجعت اتمددت في مكاني بهدوء واديتله ضهري، كان نفسي أصحى الصبح ألاقي نفسي في حـ.ـضـ.ـنه تاني بس مالقتهوش هو شخصياً جنبي، معرفش ليه قمت مخضوضه بدوّر عليه! فكرة عدم وجوده بقت مخيفة..

مرة عملت نفسي نايمة عشان كنت بحب اتأمله وهو نايم، اتفاجئت بيه بيشيل المخدة وياخدني في حـ.ـضـ.ـنه، ابتسمت واتنهدت براحة، والصبح لقيت المخدة زي ما هي ومالقتهوش جنبي زي كل يوم، اتكرر الموضوع ده،وفي يوم صحيت قبله فلقيته حاضنّي ولمّا حسيت إنه هيصحى عملت نفسي نايمة، حط المخدة مكانها وقام يستعد للشغل، فهمت إنه كل يوم بيضمّني ويقوم قبل ما أصحى عشان ما اتخانقش معاه ولا أسيبه وأنام برّه، مش قادره أفسّر تصرفاته، هو بيعمل معايا كده ليه؟! وعاوز يوصل لإيه! واللهفة إللي بقيت بشوفها في عيونه لمّا يشوفني ونظراته ليّا وابتسامته لمّا يسمعني بتكلم هل كل ده بجد ولّا بوهم نفسي! كلّها أسئلة بلا إجابات، الوحيد القادر ع الإجابة وسيم، بس أنا عمري ما هسأل الأسئلة دي وبالتالي هتفضل جوّايا علامـ.ـا.ت الاستفهام!!

مرة قمت مفزوعة من كابوس، شفت فيه كل إللي حصل لأزهار من تاني، وسيم أخدني في حـ.ـضـ.ـنه لحد ما هديت، كالعادة سأل نفس السؤال "حابه تتكلّمي؟" والمرة دي قلت "أيوه" أنا محتاجة أحكي، محتاجة أعترف قدام حد بإللي عملته، محتاجة أموّت إللي جوّايا بالفضفضة لحد واثقة فيه، أنا كنت واثقة في وسيم ومرتاحة في الكلام معاه، عشان كده من غير ما أفكر لحظة ولا أحسبها لقيتني بحكيله كل حاجة حصلت من لحظة موت أمي لحد هروبي من شقة الناس إللي كنت شغالة عندهم ودخولي بيت أهله، حكيتله حتى عن تفاصيل انتقامي، كان بيسمعني باهتمام وصبر، يبتسم لمّا أحكي لحظة حلوة مع أزهار ويحزن لمّا أحكي عن لحظة وجعتني، ودمـ.ـو.عه تنزل مع دمـ.ـو.عي وأنا بحكي، اهتمامه شجّعني أطلّع كل إللي جوّايا، الغريب إنه بعدها ما قالش ولا كلمة ولا حتى علّق على كلامي أو قالي إني مُذنبه، فسألته "إنت مش هتقول حاجة؟"، فابتسم وقال "أعتقد إنتِ ماكنتيش بتحكي عشان أقول حاجة، كنت بس محتاجة حد يسمع فضفضتك والأسرار إللي تاعبه قلبك وده إللي عملته، تصبحي على خير" بصّتله بــــاستغراب بعدين اتمددت جنبه فسحبني لحـ.ـضـ.ـنه وهمس "مـ.ـا.تخافيش، كل إللي مخوّفك انتهى، حاولي تتجاوزي إللي حصل عشان تقدري تتخلّصي من كوابيسك"....

أنا فعلاً من بعد الليلة دي مابقتش بشوف كوابيس، ووسيم مافتحش الموضوع تاني ولا حتّى لمّحله، بالعكس كان بيتعامل عادي جداً ولا كإنه عرف حاجة من أسراري! وده خلّاني أحس إني مرتاحة ويوم مافكرت أفضفض وأطلّع سرّي اخترت الشخص الصح...
.
.
.
وأخيراً بعد تأجيلات وطول انتظار جه يوم فرح علي وعلا، فصّلت أنا ومارية نفس الفستان، كان فستان هادي أوي ورقيق، طلبت من البنت إللي عملتلي الميك أب يوم فرحي تعملّي نفسه، المرة دي بصيت على نفسي في المراية وكنت شايفاها حلوة، أول ما وسيم دخل الأوضه وشافني، لمحت نظرة إعجاب في عيونه، مستحيل المرة دي يكون بيتهيألي أو بوهم نفسي، فجأة كشّر وقالي :
_ خففي الميك أب ده لو سمحتِ مش هتروحي كده

داريت ابتسامتي وقلت:
_ ليه يعني وهو وحش؟

قال :
_ لا، امسحي حالاً بدون نقاش

حاولت استفزه فقلت :
_يبقى شكله وحش فعلاً

رد بعصبيية :
_ يا ستي حلوة وزي القمر عشان كده هتمسحيه خالص إيه رأيك بقى

وده إللي كنت عوزاه، إني أسمع رأيه، إني أسمع إني حلوة منه هو تحديداً بعدها خلاص مش عاوزه أكون حلوة في عيون حد تاني، دخلت غسلت وشّي وخرجت، عملت نفسي متضايقه وسألته "تمام كده ولّا أغسل وشي تاني عشان حضرتك تكون مبسوط!"، ابتسم وقال "على فكرة والله شكلك كده أحلى، بحب البراءة إللي في ملامحك"، جملته قضت على الباقي من ثباتي الانفعالي فخرجت بسرعة بحجة إني هشوف ماما لو عاوزة حاجة قبل ما نمشي....

طول الفرح عينه مـ.ـا.تشالتش من عليّا، وكل ما أبصله، بسرعة يعمل نفسه مركز في حته تانية، كنّا عايشين لحظات الإعجاب إللي بيسبق الحب، اختلاس نظرات وتصرفات وحجج مراهقين لسه بيتعرّفوا على معنى الحب، بس لحظة، معنى كده إن إللي فهمته من نظرات وسيم صحيح!!! معقوله وسيم بدأ يحبّني؟!
ماكنتش عاوزه الفرح يخلص، كنت مبسوطة باختلاس النظرات إللي كان بينّا، ماكنتش أعرف إن إللي منتظرني مفاجآت أجمل!

أول ما رجعنا، غيّرت لمارية عشان كانت نعسانه، نيّمتها وروحت الأوضة عشان أغيّر، لقيت وسيم قاعد ع السرير، أخدت هدومي وقبل ما أدخل الحمام قال "على فكرة إنتِ جميلة أوي"، مش هقدر أسكت أكتر من كده، التفتله وسألت :
_ إنت عاوز إيه بالظبط يا وسيم؟ قولتلي قلبك مشغول بحد تاني ومش هتقدر تعيش حياة طبيعية معايا، بعدها رجعت تقولي نبقى صحاب، ودلوقتي تصرفاتك مش تصرفات صحاب، إنت عاوز إيه بالظبط؟!

قرّب منّي فرجعت خطوة لورا، قرّب أكتر فرجعت أكتر لحد ما بقى الحيط في ضهري وهو قدّامي بالظبط، بص في عيوني و قال :
_ أنا كمان سألت نفسي السؤال ده، بس مالقتش إجابة منطقية، من يوم ما كُنّا سهرانين وحـ.ـضـ.ـنتيني في لحظة ضعفي كإنك عملتِ حاجة في قلبي شقلبت كيانه!
عارفة لمّا طفل لأول مرة يدوّقوه حاجة حلوه فيبقى عاوز تاني وتالت مش مجرد بس إنه يدوق؟ ده إللي حسيته، كنت محتاج حـ.ـضـ.ـنك أكتر، لقيتني غصب عني بركز في تفاصيلك، تصرفاتك الطفولية أسراني، ضحكتك المبهجة بتخليني غصب عنّي أضحك، شكلك وإنتِ متعصّبه، وإنتِ بتعانديني، كل تفاصيلك سحرتني، بقيت مش عارف أنام كل يوم غير وإنتِ في حـ.ـضـ.ـني، عارفة؟ أنا كدبت واتحججت بحجج كتيرة بعيده عن السبب الحقيقي لنومك معايا هنا، أنا كنت مصمم عشان حبيت إحساس الأنس والونس بوجودك، من الآخر أنا شكلي كده حبيتك يا وردي، فهمتِ الإجابة؟

ماكنتش قادره أنطق، كلامه زلزل قلبي، كإن فيه غشاوه على عينيا ودماغي، همست "ل لأ م مافهمتش"، ضحك بعدين يبدو إنه لقى طريقة تانية يفهّمني بيها، طريقة سكتت فيها شهرزاد عن الكلام المباح......

كنت فاكرة بعد إللي شوفته في حياتي إن قصتي عمرها ما هتنتهي نهاية حلوة زي باقي الحكايات، بس أهه في الآخر انتهت نفس النهاية بجملة "وعاشوا في تبات ونبات وخلّفوا صبيان وبنات...."
تمت بحمدلله

لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇

تعليقات