رواية عزلاء امام سطوة ماله عثمان وسمر كاملة جميع الفصول

رواية عزلاء امام سطوة ماله هي رواية رومانسية تقع احداثها بين عثمان وسمر والرواية من تأليف مريم غريب في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية عزلاء امام سطوة ماله لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية عزلاء امام سطوة ماله هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية عزلاء امام سطوة ماله تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة

رواية عزلاء امام سطوة ماله عثمان وسمر كاملة جميع الفصول

رواية عزلاء امام سطوة ماله من الفصل الاول للاخير بقلم مريم غريب

الشخصيات :

بطلا الرواية ( عثمان البحيري / سمر حفظي )
" يحيى البحيري " والد "عثمان"
" فريال المهدي " والدة "عثمان"
" صفية البحيري ( صافي ) " شقيقة "عثمان"
" رفعت البحيري " شقيق " يحيى "
" صالح البحيري " إبن " رفعت "
" هالة البحيري " إبنة " رفعت "
" فادي حفظي " شقيق "سمر"
" ملك حفظي " شقيقة "سمر"

و البقية لاحقا ...

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

( 1 ) :

_ زفاف أسود ! _

جليم / الأسكندرية , في الواحد و الثلاثون من تشرين الأول ..

إكتظت الساحة الضخمة المصممة ببراعة و حرفية علي الطراز الإيطالي ، بالمصوريين و الصحفيين من جهة ، و المدعوين من جهة أخري

جميعهم جاءووا لحضور حفل الزفاف الأضخم علي الإطـ.ـلا.ق هذا الموسم ، لنجل عين أعيان مدينة الأسكندرية ، و أحد أكبر الشخصيات التجارية و الإستثمارية بالبلد كلها "يحيى البحيري" ..

في زفاف أكثر من أسطوري ، يتزوج الإبن و الوريث الأكبر لعائلة "البحيري" داخل قصرهم الفخم الذي يتألف من 322 غرفة ، و ثمانية وجهات خارجية بحدائقها الشاسعة ، من "چيچي الحداد" إبنة السياسي المعروف "رشاد الحداد" ..

و بعد إتمام إحتفالات الزواج الأولية التي إستمرت لثلاثة أيام ، أقيمت الليلة مآدبة عشاء ضخمة ، ضمت أكثر من 700 شخص ، و قد وصلت تكلفة الزفاف بالمجمل إلي أكثر من عشرة ملايين جنيهاً

جري الزفاف وسط حراسة أمنية مشـ.ـددة سهرت علي حماية المدعوين من رجـ.ـال أعمال و شخصيات دبلوماسية و سياسية ، كما شارك في إحياء السهرة العديد من الفنانين و المطربين المشهورين ..

علي الجانب الأخر .. إستطاعت السيدة "فريال المهدي" التملص من حشود الضيوف ، و ذهبت لتحث إبنها في عجلة لبدء عقد القران
إستجاب لها بفتور ، و قاد عروسه إلي منتصف الساحة حيث يجلس المآذون في إنتظار قدومهما ، و حالما جلس الجميع ، أرخي المآذون محرما أبيض علي يدي والد العروس و خطيبها المتعاقدتين علي القران ، و علي مرآي و مسمع الحضور ، مضي العقد عبر مكبرات الصوت المنتشرة بكل مكان ..

طقس تقليدي معتاد ، شمل تعهدات واهية راح يرددها العريس وراء المآذون ، و إبتسامـ.ـا.ت العروس المصطنعة التي راحت توزعها هنا و هناك ، و بعض الأفواه المزمومة من حولهم ، لا تعرف كيف تصنفها ، حقد أم غيرة أم لامبالاه !!!

-بـ.ـارك الله لكما ، و عليكما ، و چمع بينكما في خير.

عند نطق المآذون بها ، صدحت صفارات و صيحات صاخبة ، و قام القعود من مجالسهم مهنئين في خضم التصفيق الحار ، و إتجه الرجـ.ـال نحو العريس بالمصافحة و الأحضان

لتأتي أمه الرائعة من بعدهم ، و بكفيها الناعمين تكوب وجهه المشعر بلحيته الكستنائية الكثيفة ، تأملها هو بإعجاب خالص ، فكعادتها لا زالت تفاجئ الجميع بجمالها الذي لا يذبل أبدا ، و بطلتها التي تخـ.ـطـ.ـف الأنفاس
و خاصة الليلة ، بإرتدائها فستانا طويلا بلون النيود من مجموعة ريزورت شانيل بدا منسجما مع لون بشرتها الناصعة المشربة بالحمرة ، و أكملت إطلالتها الساحرة مع حذاء بكعب عالٍ باللون الأسود من العلامة التجارية الإيطالية Le Silla ، و بعض المجوهرات القليلة البسيطة التي وضعتها ..

-مبروك يا حبيبي.

قالتها "فريال" برقة و همس في آذنه و هي تعانقه بسعادة ، لينحني هو و يقبل يدها أمام عيون الكاميرات المصوبة نحوهما ، فبدورها تمسح علي خصلات شعره الطويلة بحنان

حضر والده في اللحظة التالية ، و أمسكه من رسغه بحزم و هو يخطو به بعيدا قليلا ، ثم يقول له بصوت خافت لا يسمعه إلا هو :

-خالي بالك .. مش عايزين مشاكل ، إتصرف بعقل ، سامعني ؟

هكذا حذره بصرامة و هو يرمقه بنظرات حادة كزيادة تأكيد ، لاحظت "فريال" ما يدور بين الأب و الإبن ، فأحست بجو من التـ.ـو.تر بدأ يخيم فجأة

إقتربت منهما ، و تساءلت بقلق :

-يحيى ! في حاجة و لا إيه ؟؟

إلتفت "يحيى" إلي زوجته ، و قال بلهجة هادئة و كأن شيئا لم يكن :

-مافيش حاجة يا حبيبتي اطمني .. بالعكس كل حاجة كويسة و الليلة مشيت زي ما احنا عايزين بالظبط .. ثم أدار وجهه إلي إينه ، و أكمل بنفس الهدوء و الثقة :

-انا بس كنت ببـ.ـارك لعثمان و بستعجله ، كفاية كده بقي السهرة طولت ، و رشاد الحداد بيقول شاليه العرسان جاهز و كله تمام .. لازم يمشوا دلوقتي !

إستطاع "يحيى" بكلمـ.ـا.ت بسيطة أن يخدع زوجته التي إبتسمت الآن و هي تسند رأسها علي صدره ، و لكن لم يستطع خداع إبنه ، ليس بعد أن علم بكل شيء !!

أخيرا إنتهت ليلة العرس التي وصفت بأنها أشبه بحفل ألف ليلة و ليلة ، و غادر العريس مع عروسه في سيارة ڤيراري مكشوفة إلي إحدي الشاليهات الفارهة بضواحي المدينة الراقية ..

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

كانت أضواء الشموع الحمراء العطرة ، تتراقص ظلالها علي جدار غرفة النوم الرومانسية و المفروشة كلها بالأبيض و الوردي

عنـ.ـد.ما دخل "عثمان البحيري" حاملا زوجته علي ذراعيه المفتولتين ، و برقة شـ.ـديدة و ضعها فوق الفراش الناعم العريض

تصنعت "چيچي" الخجل أمامه و هي تسدل أهدابها المطلية بالمسكارا الداكنة ، و ترفع خصلات شعرها المتهدلة عن عينها

و لكنها سرعان ما تخطت حاجز الحياء المصطنع هذا ، و رفعت بصرها إليه في بطء

لتجده يطالعها بنظرات فاترة من خلال عينيه الناعستين دائما بصورة جذابة ..

-في إيه يا عثمان ؟ .. تساءلت "چيچي" بإستغراب :

-بتبصلي كده ليه ؟

إبتسم "عثمان" بخفة ، ثم قال و هو يدنو منها :

-مافيش حاجة يا حبيبتي .. أنا بس بتآمل جمالك ، إنتي أصلك جميلة أوي يا چيچي ، خصوصا إنهاردة .. كنتي زي القمر.

أدارت وجهها عنه واضعة كفها علي فمها و هي تقهقه برقة ، ثم عادت تنظر إليه من جديد ، و قالت :

-إنت كمان كنت حلو أوي .. كنت Prince يا حبيبي ، أصلا فرحنا يعتبر فرح الموسم ، و هيفضل حديث الناس كلها لسنين قدام.

وافقها بضحكة قصيرة قائلا بغموض :

-من ناحية هيبقي حديث الناس كلها لسنين قدام فأطمني .. أنا واثق من ده يا حبيبتي.

و بدا و كأنه يقاوم ضحكة أخري ، فأحست "چيچي" بثمة شيء غير طبيعي يحدث معه

لتسأله بقلق :

-مالك يا عثمان ؟ أنت كويس .. و واصلت بشك :

-لا تكون واخد حاجة كده و لا كده !

ضحك بقوة ، ثم أجاب :

-يا حبيبتي مـ.ـا.تقلقيش أنا تمام ، كل الحكاية إني مبسوط شوية.

و صعد بناظريه شيئا فشئ علي شعرها المصبوغ حديثا

-ت عـ.ـر.في أن الشعر الأصفر لايق عليكي أوي .. قالها و هو يداعب شعرها بأنامله

ثم إقترب منها أكثر إلي حد الإلتصاق ، و طبع قبلة مطولة تحت رقبتها ، أطلقت "چيچي" إثرها تنهيدة حارة متقطعة ، و تمتمت :

-طيب .. مش نغير هدومنا الأول ؟

و لكنه لم يتراجع قيد أنملة ، بل واصل عمله مقربا وجهه إلي وجهها ..

فإلتقت شفتاه بشفتاها ، و ببطء أدار نفسه حتي أصبح يعتليها

أمسك وجهها بين يديه و رفعه لأعلي كي يصبح سهلا لفمه لعق رقبتها

كان صوت تنفسها عاليا إلي حد الأحراج ، لكنها لم تخجل لم تهتم ، فقط كانت مستمتعة بمداعبته اللطيفة لها ، و كان قلبها يدق بشـ.ـدة و يدوي دقه بصخب في آذنيها
إلا أن هذا الصخب لم يمنعها من سماع ضحكات "عثمان" اللئيمة الخافتة ، فتحت عينيها علي وسعهما و قد دهشت لسماعه يضحك في وضع كهذا !

بينما نهض عنها بالتزامن مع تصاعد موجات ضحكاته الغريبة

-إيه رأيك نشوف فيلم مع بعض ؟ .. سألها بلهجة مرحة ، لترفع نفسها ، و تسند ظهرها إلي الوسادة مرددة بغرابة :

-نشوف فيلم ؟ دلوقتي ؟

أومأ ببراءة :

-آه .. و لا مش عايزة ؟

-لـل لأ .. خلاص ، زي ما أنت عايز ، نشوف فيلم.

إلتوي ثغره بإبتسامة خبيثة شاهدتها عليه قبل أن ينهض من أمامها ، فإزداد شعورها بالريبة و التوجس ، لكنها حاولت أن تسترخي مقنعة نفسها بأن هذه هي طبيعته أصلا
ماكر ، خبيث ، داهية ، مراوغ ، لا أحد يتوقع تصرافاته ..

عاد إليها سريعا و هو يحمل بين يديه حاسوبه المحمول ، جلس بجوارها ، و راح يلامس محرك السهم حتي وصل إلي ملف معين و فتحه ..

بدأت الشاشة المتوسطة بعرض فيلما تسجيليا

في البداية شعرت "چيچي" بالفتور و الملل ، إلي أن رأت نفسها في أول ظهور كبطلة لهذا الفيلم ، و ما لبثت أن شاهدت حبيبها السابق يشاركها البطولة في عدة لقطات حميمية راحت تمر أمام عينيها اللقطة تلو الأخري ..

ضـ.ـر.بتها الصدmة في مقــ,تــل و هي تزيح بصرها المتجمد عن الشاشة لتنظر إليه .. سألته بلسان ثقيل :

-أنت .. أنت إزاي ، إزاي صورت الحاجات دي ؟

ظهرت أسنانه الناصعة من خلف شفته حين إبتسم بشيطانية قائلا :

-أنا في كل مكان يا بيبي ، في أي حتة تخصني من قريب أو من بعيد ليا عين.

ثم فاجأها و قبض علي شعرها بعنف و هو يقول بغضب شـ.ـديد :

-و يا جبروتك يا شيخة ، رايحة تقابلي حبيب القلب قبل فرحك بإسبوع ! كنتي فاكرة أنك تقدري تستغفليني ؟ فاكراني مغفل و لا بريالة يا بت ؟ ده أنا عثمان البحيري ، محدش يقدر يلعب عليا من ورا ضهري ، محدش يقدر يأكلني الأوانطة سامعة ؟

صرخت من إشتداد قبضته علي شعرها ، فرجته ببكاء :

-خلاص يا عثمان سيبني ، سيبني هنتفاهم علي اللي أنت عايزه ، لو عايز تطلقني طلقتي.

قهقه عاليا ، ثم قال بسخرية :

-نعم يا روحي ؟ أطلقك ! ما أنا فعلا هطلقك .. بس مش بالسهولة دي ، ده أنا دافع فيكي كتير أوي ، يرضيكي أخسر ؟

ردت و هي تحاول التنصل منه :

-أنا مش عايزة منك حاجة ، هتنازلك عن كل حاجة ، هبريك يا عثمان بس Please سيبني !

و تآوهت بوهن ، ليزم شفتيه في آسف مصطنع ، و يقول :

-يا بيبي إنتي كده كده هتبريني غـ.ـصـ.ـب عنك ، مش هي دي المشكلة خالص بالنسبة لي.

صرخت بنفاذ صبر :

" أومال عايز إيه ؟

-هقولك يا قلبي.

قالها و قام من جانبها في هدوء شـ.ـديد ، بينما تنفست الصعداء عنـ.ـد.ما أطلق سراحها و حرر خصلات شعرها من عقال قبضته الفولاذية ..

دلكت فروة رأسها بأصابعها
ليحضر هو و يجاورها ثانيةً ، ثم يقول بإسلوبه البـ.ـارد المشهور به :

-خدي يا بيبي .. إمضي علي الورق ده.

نظرت "چيچي" إلي مجموعة الأوراق بين يديه ، و سألته بصوت متحشرج :

-ايه الورق ده ؟

-ده يا حبيبتي تنازل عن حصتك في الشركة اللي اسهها لينا ابويا و ابوكي كهدية بمناسبة جوازنا ، و معاهم كمان ورق تنازل عن كل حقوقك في الجوازة دي رغم إني صرفت علي الفرح الملوكي بتاعنا ده ملايين .. بس مش مشكلة ، ربنا يعوض عليا ، خيرها في غيرها.

-إيه اللي بتقوله ده ؟ .. هتفت بإستنكار ، و أكملت :

-مستحيل أعمل إللي بتقول عليه ده ، إنت إتجننت ؟ أنا هتنازلك عن حقوقي بس ، لكن حصتي في الشركة No Way طبعا ، مش هسمحلك تقرب منها.

عثمان بضحك ساخر :

-مش بمزاجك يا قطة ، غـ.ـصـ.ـب عنك هتتفذي كل إللي أنا عايزه.

ردت بتهكم :

-طب لو مانفذتش كل إللي أنت عايزه يعني .. هتعمل إيه ؟

أجابها ببساطة :

-ولا حاجة .. هاخد بس الفيلم الجميل ده و هنشره في كل حتة ، و بدل ما تفضل موهبتك الفذة دي مدفونة كده ، هطلعها أنا للناس ينبهروا بيها ، و أوعدك .. بكره الصبح ، هتكوني أشهر من سكارليت چوهانسون.

و عاد للضحك من جديد ، لترمقه بنظرات محتقنة و تقول :

-إنت فاكر إنك بكده بتلوي دراعي ؟ بابي مش هيسيبك يا عثمان.

إبتسم و أفحمها بشتيمة قذرة جحظت لها عيناها من الصدmة ، ثم عاد لسلوكه الأرعن ، و قال بحدة و هو يلقي بالأوراق في وجهها :

-يلا ياختي إمضي ، مابحبش أعيد كلامي مرتين.

نظرت إليه بحقد شـ.ـديد ، و إنصاعت لأمره مرغمة
أخذت الأوراق من يده ، و ناولها قلم بدوره ..

و بعد دقيقة واحدة ، كانت قد إنتهت ، فإسترد أوراقه منها ، و بادلها نظرة البغض المنبعثة من عينيها بإبتسامة مستفزة ..

ثم إنتصب بقامته الفارعة أمامها ، و قال بنعومة :

-دلوقتي بس يا بيبي اقدر أقولك إنتي طالق ، طالق ، طالـــق !

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

منذ فترة طويلة لم تعد "سمر" بحاجة لساعة التنبيه التي إعتادت أن تقوم بمهمة إيقاظها في كل صباح ، إذ إن صراخ "ملك" شقيقتها الصغيرة ذات العشرة أشهر كان بمثابة تنبيه ذا تآثير أقوي ..

و ها هي تنتفض من غفوتها العميقة عنـ.ـد.ما بدأت الصغيرة بالبكاء ، قامت من سريرها و هي تفرك عينيها بقبضتها ، و هرولت إلي شقيقتها و هي تتخبط في كل قطعة أثاث تقابلها

إنحنت صوب سريرها الصغير لتسكتها بسرعة لئلا يعلو صراخها أكثر و تزعج الجيران ، كانت تعاني منذ شهران و حتي الآن آلام و تقلصات في معدتها لا تستطيع التعبير عنعا إلا بالصراخ و خاصة في الليل

حملت "سمر" الطفلة ، و راحت تهدهدها و تؤرجحها و تغني لها بعذوبة ، و تدريجيا هدأت "ملك" و عادت إلي النوم بين ذراعيّ أختها الكبيرة
وضعتها "سمر" في فراشها ثانيةً ، و بحرص شـ.ـديد بسطت فوق جـ.ـسمها الصغير غطائها الناعم

مسحت علي شعرها البندقي الأملس بحنو ، ثم إستدارت خارجا متجهة إلي دورة المياه ..

أدت روتينها اليومي ، غسلت وجهها و نظفت أسنانها ، ثم صنعت فنجانا من الشاي و عادت به إلي غرفتها
جلست علي الكرسي أمام الطاولة ، و راحت تقوم بحسابات
المصاريف المتوجبة عليها لهذا الإسبوع و خرجت بـ.ـنتيجة صعبة جدا

إذ أن عليها تخفيف مصاريفها إلي أدني درجة لتتمكن من دفع أجرة الشقة التي تآويها هي و شقيقها الشاب و شقيقتها الصغيرة ..

و لكن ماذا عن الطعام و الشراب ؟ ألن يآكلوا لأجل تـ.ـو.فير المال ؟
إن "ملك" بمفردها يوميا تحتاج إلي ميزانية خاصة ، النقود كلها تكاد تكفي اللبن المجفف و الحفاضات و الآدوية الخاصة بها .. من أين ستسد باقي الحاجيات ؟

أحست "سمر" بقنوط و يأس شـ.ـديد ، و فجأة تذكرت والديها .. فقط لو كانا هنا معها الآن ، لما كانت غارقة حتي أذنيها بمستنقع الهموم هذا

و لكن شاء القدر أن يمـ.ـو.تا معا في حادث سيارة قبل ثمانية أسابيع و هما في طريقهما لعيادة طبيب الأطفال المشرف علي علاج "ملك" التي ولدت بداء الصفراء ، و لحسن حظ الصغيرة ، كانت هي الناجية الوحيدة من بين جميع ركاب الحافلة ، إذ لم يصيبها خدش واحد !

لم تسنح لـ "سمر" أو لشقيقها فرصة الحداد و الحـ.ـز.ن علي والديهما ، فقد كانت "ملك" بحاجة للإهتمام في كل لحظة ..

أفاقت "سمر" من شرودها علي صوت أنين "ملك" الذي ينذر بنوبة صراخ حادة ، فأسرعت "سمر" إليها ، و أخذتها بين ذراعيها مرة أخري و ظلت تمشي و تجوب بها أرجاء الشقة كلها حتي نامت مجددا ..
سمعت طرقا علي باب الشقة ، فذهبت لتفتح

أمام العتبة ، وقف صاحب البناية محتقن الوجه ..

فتلعثمت "سمر" و قالت في حيرة و إرتباك :

-عم صابر ! أهلا آاا ..

قاطعها الأخير بغلظة :

-لا أهلا و لا سهلا يا ست سمر ، أنا جاي أقولك بالود و المعروف كده قدامك يومين مافيش غيرهم تلمي عزالك و تاخدي إخواتك و تدورولكوا علي سكن تاني.

سمر بجزع :

-ليه بس كده يا عم صابر ؟ إحنا مش مقصرين معاك انت بالذات و بندفعلك الإيجار أول بأول !

-يا ستي الله الغني عن الكام ملطوش اللي بيطلعولي منكوا ، و إن كان علي آجرة الشهر ده أنا مسامح فيها الله الغني بس تمشوا من هنا.

تقلص وجه "سمر" و هي تتسائل بإنكسار :

-طب بس نمشي نروح فين ؟ ده بيتنا طول عمرنا ، ماطلعناش منه أبدا و مانعرفش مطرح تاني نروحله.

-و الله مش مشكلتي يا أنسة ، دبروا حالكوا ، أنا السكان إبتدوا يطفشوا من البيت بسببكوا ، ديك النهار البشمهندس علاء اللي جمبكوا جه رمالي مفتاح الشقة و مشي ، الراجـ.ـل ماكنش عارف ينام من صوت الأمورة اللي علي ايدك دي ، كل يوم بتصحيه من احلاها نومة.

سمر بقلة حيلة :
-طب بس هعملها ايه يا عم صابر ؟ ما أنت عارف إنها عيانة من يوم ما إتولدت و مش بإيدي إللي هي فيه.

أجابها "صابر" بإسلوبه الفظ :

-يا ستي ربنا يشفيها و يعافيها بس بعيد عن هنا ، شوفي أنا عملت بأصلي و جيت نبهتك بالإخلا ، في ساكن جديد هيجي يشوف الشقة بعد بكره ، يا ريت تكونوا سيبتوا المطرح قبل ما أجيبه عشان في يوميها لو الراجـ.ـل جه و إنتوا لسا هنا هلم صبياني و هرميلكوا عفشكوا في الشارع.

-إنت إزاي بتكلمها كده يا راجـ.ـل إنت ؟؟؟

هتف بها "فادي" لدي وصوله أمام باب الشقة ، و أردف بغضب :

-و بعدين أنا مش نبهت عليك قبل كده مـ.ـا.تهوبش ناحية الشقة و أنا مش موجود ؟ إيه إللي جابك ؟ أول الشهر لسا بكره و كنت هاجيلك أنا و أديلك الإيجار زي كل مرة.

صاح "صابر" للحال :

-لا يا سيدي مش عايز منكوا حاجة و الله ما عايز ، أنا عايزكوا تحلوا عني بس و تشوفلكوا مطرح تاني بعيد عني أنا و السكان.

نطق "فادي" بعدائية مفرطة و هو يحاول ضبط نفسه قدر الإمكان حتي لا يضـ.ـر.به :

-و إنت مابتعرفش تتكلم بآدب يا راجـ.ـل يا مهزأ إنت ؟

-الله يسامحك يا أستاذ فادي ، و أنا عشان راجـ.ـل محترم مش هرد عليك .. ثم أعلن بصوت قاطع :

-بس من بكره بقي هعلق ورقة علي باب البيت من تحت و هعرض الشقة للإيجار ، و أول زبون هيجي هسلمه المفتاح.

أحمرّ وجه "فادي" بصورة خطرة ، و كاد يهجم عليه ، إلا أن "سمر" سارعت بإيقافه و هي تقول ممسكة بساعِده :

-خلاص يا فادي خلاص .. و حولت نظرها إلي "صابر" مكملة بجمود :

-ماشي يا عم صابر ، إعمل إللي أنت عايزه ، إحنا هنلم حاجاتنا و هنسيبلك الشقة بكره.

إبتسم "صابر" ببرود ، و أدار ظهره و ولي تاركا الأشقاء الثلاثة دون صوت ..

نظرت "سمر" في إمعان و حنان إلي وجه شقيقتها البرئ ، فأغرورقت عيناها بالدmـ.ـو.ع ، ليلمحها شقيقها و يصيح بعصبية :

-إنتي بتعيطي ليه دلوقتي ؟ مـ.ـا.تعيطيش ، تحبي أنزل أفرجلك عليه الشارع كله دلوقتي ؟

سمر و هي تمسح دmـ.ـو.عها بظهر يدها بسرعة :
-لأ طبعا إنت إتجننت ؟ خلاص ، يلا إدخل جوا.

و شـ.ـدته معها إلي الداخل ، ثم سألته لتذهب به عن النقاش حول المشادة الفائتة :

-قولي عملت إيه في الجامعة ؟

أجابها عابسا :

-و لا حاجة .. قالولي مش هينفع تستلم الكتب إلا بعد دفع المصاريف.

سمر بملامح حزينة و هي تربت علي كتف شقيقها :
-معلش .. ليها حل إن شاء الله مـ.ـا.تقلقش.

فادي بعصبية :
-ليها حل إزاي يعني ؟ هنضـ.ـر.ب الأرض تطلع فلوس ؟ إحنا بالشكل ده هنتشرد يا سمر و ملك هتمـ.ـو.ت مننا ، مافيش قدامنا حلول ، مافيش إلا هو حل واحد بس و إنتي ماعرفتيش تتصرفي.

سمر بوهن :
-يعني كنت عايزني أعمل إيه ؟ أنا فضلت وراهم طول الشهور إللي فاتت و ماطلعتش بأي نتيجة ، مش هيرضوا يصرفولنا المكافأة يا فادي.

-ليه يعني ؟ هو مش بابا كان زيه زي أي موظف في الشركة الهباب دي ؟ طب خليهم يعملوها كده و الله لأرفع عليهم قضية و أوديهم في ستين داهية.

إبتسمت بمرارة ، و قالت :

-إحنا هنروح فين جمب الناس الكبـ.ـار دول يا فادي ؟ مش هنعرف نعمل معاهم حاجة.

-لأ بقي أنا هعرف ، و أديني نازل رايحلهم دلوقتي أهو و يا أنا يا هما.

و إبتعد خطوتين ، لتلحق به "سمر" صائحة :

-إستني يا فادي .. إستني !

و قبضت علي كفه ، و غمغمت بخفوت :

-خلاص أنا هروح تاني.

أدار عينيه قائلا بضيق :

-هتروحي فين بس ؟ إنتي بترجعي زي ما بتروحي ، مابت عـ.ـر.فيش تتصرفي.

جادلته بتصميم :

-هروح .. هروح و مش هرجع إلا بـ.ـنتيجة !

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

في قصر آل " بحيري " ..

يضـ.ـر.ب "يحيى البحيري" الطاولة بيده الغليظة و هو يصيح بغضب شـ.ـديد :

-الكـ.ـلـ.ـب مابيردش عليا ، طب بس لما أشوفك يا عثمان .. الحيوااااان !

و لفظ كلمته الأخيرة و هو يصـ.ـر.خ بضراوة في هاتفهه ، فتبادل أفراد الأسرة نظرات متـ.ـو.ترة ، بينما تحركت "فريال" صوب زوجها و هي تقول بلطف علها تهدئه :

-إهدا يا يحيى ، مش كده يا حبيبي كفاية صحتك ، إهدا عشان خاطري.

يحيى بصياح أشـ.ـد :
-مـ.ـا.تقوليش إهدا دي ، أهدا إزاااي ؟ أهدا إزاي بعد ما ورطنا الباشا إبنك مع رشاد الحداد ؟ ده راجـ.ـل لو حب هيقعدنا كلنا في البيت ده إذا عاد لينا بيت بعد عملته السودا.

-إنت بتبالغ أوي علي فكرة .. قالت "فريال" بضيق ، ثم أكملت مدافعة عن إبنها :

-و بعدين إنت كنت عايزه يعمل إيه ؟ بعد إللي إنت حكيتهولي ليلة إمبـ.ـارح بنفسك أنا مش شايفة إنه غلطان ، بالعكس دي أقل حاجة عملها.

يحيى بإنفعال :
-إنتي عايزه تجننيني إنتي كمان ؟ هتعومي علي عومه ؟

و هنا تدخل "رفعت" بهدوء :

-عثمان غلط يا فريال ، ماكنش لازم يتصرف بإندفاع كده .. دلوقتي الجرايد و المجلات مالهمش سيرة غيرنا ، و رشاد الحداد فعلا مش هيسكت ، الفـ.ـضـ.ـيحة مسته أكتر بكتير مننا و إنتي عارفة أنه سياسي معروف و عضو مجلس شعب .. مركزه حساس.

-قولها !

هتف "يحيى" بعنف من شـ.ـدة حنقه ، لتنضم إليهم "صفية" في اللحظة التالية ، حيث ولجت إلي الصالون الضخم حاملة بين ذراعيها جريدة و هذا الأسد الشبل الذي ترعاه ريثما يشفي من مرضه :

-صباح الخير يا جماعة !

لم يرد أحد تحيتها إلا عمها و إبنه "صالح" فقط ، فتساءلت بهدوء و هي تلوح بالجريدة :

-هو صحيح إللي مكتوب في الجرايد ده ؟

تطوع "صالح" بالإجابة عليها عنـ.ـد.ما لاحظ إشتداد التـ.ـو.تر بالأجواء أكثر عقب سؤالها :

-أيوه يا صافي ، صحيح.

شهقت بصدmة :

-طب ليه ؟ إيه إللي حصل ؟

يحيى و قد عاود الصراخ بعصبية مجددا :
-أنا مش عايز أسمع رغي كتير ، إخرسوا كلكوا الساعة دي.

أدارت "صفية" عينيها في لامبالاه ، و قالت :

-طيب .. عن إذنكوا.

و إنسحبت مغادرة .. فإنتظر "صالح" لدقيقة قبل أن يتنحنح و يقول :

-طيب أنا هروح أدور علي عثمان ، هشوف يمكن راح علي مكتبه.

و إنصرف مسرعا ليلحق بـ"صفية" ..

بينما تكلم "رفعت" مخاطبا شقيقه بلهجة خفيضة :

-معلش يا يحيى ، أنا مضطر أطلع علي بـ.ـاريس الليلة ، مقدرش أسيب هالة لوحدها هناك أكتر من كده و آاا ..

قاطعه "يحيى" بعدm إهتمام :

-سافر يا رفعت .. سافر.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

داخل كراچ القصر الذي حوى مجموعة سيارات خرافية ..

همت "صفية" بركوب سياراتها ، و لكن أوقفها صوت "صالح" و هو يركض نحوها :

-صافي .. صافي إستني !

تأففت بضيق و وقفت بمكانها إنما لم تلتفت نحوه ، فإضطر هو أن يدور حول السيارة ليصبح في مواجهتها :

-إيه يا صافي ، علي فين من بدري كده ؟ .. سألها بإهتمام ، بينما نظرت للجهة الأخري و هي تجيبه بجفاف :

-رايحة أودي عنتر للتطعيم.

نظر "صالح" إلي ذاك الشبل الذي توسد صدر "صفية" بوداعة تتناقض مع طبيعته ، و قال بجزع :

-أنا بجد مش عارف إيه سر حبك للحـ.ـيو.انات المفترسة ، أوكيه عارف إنك دكتورة و بتهتمي بالحـ.ـيو.انات كلها ، بس لسا مش قادر أفهم إشمعنا الأسود تحديدا إللي بتحبيهم أوي كده ! بتحبيهم أوي كده ليه يا صافي ؟

أجابته بإسلوب صارم :

-بحبهم عشان بيحموني من إللي زيك.

-إيه ده إيه ده إيه ده ! .. إنتي بتكلميني كده ليه ؟ إنتي زعلانة مني ؟

ردت بحدة :

-حل عني يا صالح و أوعي من سكتي.

تغيرت ملامح وجهه المنفرجة و هو يقول بجدية :

-لأ ده إنتي زعلانة مني بجد بقي .. في إيه يا صافي ؟؟

قالت ماطة الأحرف بتهكم :

-مش عارف في إيه ! روح إسأل البنات إللي كنت بترقص معاهم إمبـ.ـارح و هما يقولولك ، أو روح لفريدة بـ.ـنت طنط زيزي أحسن دي كانت لازقالك طول الفرح و ماسبتكش إلا علي الأخر.

إبتسم "صالح" بفهم ، و قال و هو يغمز لها :

-إنتي بتغيري يا حبيبتي ، مـ.ـا.تغيريش يا قلبي ده إنتي ستهم كلهم.

-أنا أغير ! لأ يا حبيبي سبتلك إنت الغيرة.

قهقه بخفة ، و قال :

-يا صافي يا حبيبتي اطمني ، و لا واحدة منهم تقدر تملي عيني ، بدليل إني سيبتهم كلهم و إختارتك إنتي ، الكل عارف إنك خطيبتي.

-و إنت عملت حساب لخطيبتك ؟ ده إنت مسحت بكرامتي الأرض.

هز رأسه نفيا ، و هم بملامسة وجهها بكفه ، لتصيح بغلظة :

-شيل إيدك ياض.

جحظت عيناه من الصدmة ، و قال :

-ياض ! إيه ياض دي ؟ إتعلمتيها فين يا بـ.ـنت البحيري ؟

-إوعي من قدامي يا صالح أحسنلك !

هتفت بصرامة ، فإستند بمرفقه إلي سيارتها و قال متسليا :

-و لو ماوعتش يعني هتعملي إيه ؟

-هتوعي من قدامي و لا أسيب عليك عنتر ؟

و رفعت الشبل ذا الفراء الذهبي أمام عينيه ، لينتفض مرتدا إلي الخلف من فوره و هو يقول بسرعة :

-لا لا لا خلاص .. خلاص ياستي مع السلامة إنتي و عنتر.

نظرت إليه بتكبر ، و وضعت الشبل في المقعد الخلفي من السيارة ، ثم إستقلت بدورها أمام المقود ، و إنطلقت بها مخلفة غبـ.ـارا طار كله في وجه "صالح" ...

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

في صبيحة ليلة عرسه ..

يدخل "عثمان البحيري" شركة عائلته ، و تبدأ همسات الموظفين عليه و بخاصة الموظفات ..

فواحدة تقول :
-شايفين جاي رايق إزاي ؟ و لا كأنه طلق عروسته إمبـ.ـارح !

فردت عليها الأخري :
-يا تري طلقها ليه ؟ و في ليلة الد.خـ.ـلة كمان !

وبختها الثالثة :
-و دي محتاجة فقاقة يا ذكية ؟ أكيد فيها حاجة ، أومال هيكون عمل كده ليه ؟

تمتمت رابعة :
-خلاص بقي يا بنات الله أعلم الحقيقة فين ، ربنا يستر علينا كلنا.

إلتقط "عثمان" حوارهن كله أثناء مروره من جانبهن ، ليزداد شعوره بالسرور ، فها هي خطته قد أثمرت و أصبحت القصة كالعلكة في أفواه الجميع و هذا ما أراده ، أن يفـ.ـضـ.ـح زوجته السابقة هي و والدها ليعـ.ـا.قبها علي خيانتها و يرد كرامته أيضا ..

دخل "عثمان" إلي مكتبه ، و طلب سكيرتيرته الخاصة ، و أمرها بتجميع حاجياته كلها ، و بفرز الملفات المهمة بالنسبة له ، ثم كلفها بعد ذلك بإرسال كل هذا إلي مقر شركته الجديدة مع أفراد الأمن و الحراسة ..

إنصرفت السكيرتيرة بعد تلقي الآوامر ، بينما رن هاتف "عثمان" ليتأفف بضجر ، إذ إنه يعلم جيدا من المتصل

و رغم هذا ضفط زر الإجابة ، و رد :

-ألو !

أتاه صوت والده الحانق :

-إنت فين يا باشا ؟ و مابتردش عليا ليه ؟ دي عاملة تعملها يا غـ.ـبـ.ـي ؟!

عثمان ببرود:
-إهدا بس يا بابا ، مافيش حاجة حصلت ، و بالعكس أنا نفذت كل إللي إتفقنا عليه.

"يحيى" بإستنكار :
-تبعت البت لأبوها في إنصاص الليالي بفستان الفرح ، و تكون مصلت الصحافة عليها يستنوها عند بيت أبوها و تقولي عملت إللي إتفقنا عليه ؟ إنت فضحتنااا.

تخيل "عثمان" الصورة التي رسمها والده بمخيلته ، لينفجر ضاحكا ، و يقول بغبطة:
-بس إيه رأيك ؟ بذمتك مش ضـ.ـر.بة قاضية ؟ رشاد الحداد هيلبس طرحة تداريه في مجلس الشعب من هنا و رايح.

و تابع ضحكه ، ليصيح والده بغـ.ـيظ :

-إنت يا غـ.ـبـ.ـي مش مقدر حجم الكارثة إللي وقعتنا فيها ، إنت ودتنا في داهية.

أهمل "عثمان" حديث والده ، و عبس فجأة حين وصل إلي سمعه أصوات عراك في الخارج
أنهي مكالمته سريعا ، ثم مشي بغضب صوب الباب ، و جذب المقبض بقوة صائحا :

-إيه الدوشة إللي هنا دي ؟؟؟
_ عرض ! _ :

توهجت عيناه و هو ينظر إلي سكرتيرته في غضب مطالبا إياها بتفسير ذلك الضجيج الغريب ، لتتلعثم الأخيرة و هي تجيبه بإرتباك :

-مستر عثمان ! الأنسة دي دخلت عليا فجأة ، و مصممة أنها تدخل تقابل حضرتك قولتلها ماينفعش لازم تاخدي ميعاد الأول بردو مـُصرة و مش راضية تفهم.

إنتقل "عثمان" ببصره إلي تلك الضئيلة التي تقف بجانب السكرتيرة بوجه محتقن و أعين حمراء
شملها بنظرة فاحصة ، حيث عاينها من أعلي إلي أسفل بمنتهي الدقة و الجرأة ..

إستفزته لأقصي درجة ، فقد إجتذبه شكل وجهها الصافي المستدير ، و ملامحها الرقيقة التي تشي بالبراءة رغم تآججها ، لكنه لم يستطع رؤية المزيد منها ، بسبب ذلك الوشاح الداكن الذي إرتدته فوق رأسها كحجاب يحظر علي الناظر إليها رؤية شعرها ، و أيضا تلك الثياب الطويلة الفضفاضة التي منعته من تبين قوامها ..

أثارت فضوله و غضبه معا ، فزم شفتيه في شيء من الحنق ، ثم توجه إليها بصوته الخشن :

-إنتي مين يا شاطرة ؟؟

تفاجأت كثيرا من رعونته الواضحة للعيّان دون خجل ، إسلوب لا يتناسب البتة مع مظهره الراقي ..

لكنها تغاضت عنه ، و أجابت بثبات :

-أنا سمر حفظي ، بـ.ـنت الأستاذ شريف حفظي ، والدي الله يرحمه كان موظف عندكوا هنا.

-أهلا وسهلا .. رد بفظاظة ، و أكمل :
-إنتي بقي جاية عايزة إيه ؟

سمر بحدة :
-جاية عايزة أقابل المسؤول عن الشركة دي .. و تحولت بحديثها إلي السكرتيرة :

-من فضلك تبلغي أي حد مسؤول هنا إني طالبة مقابلة مستعجلة.

عثمان رافعا حاجبيه بدهشة :
-و أنا مش مالي عينك و لا إيه ؟

سمر و هي تعود لترمقه بإزدراء :
-إنت مين ؟!

و هنا تدخلت السكرتيرة بسرعة قائلة بحرج :

-مستر عثمان البحيري مدير الشركة و كمان يبقي واحد من أصحابها.

-أهلا وسهلا .. قالتها "سمر" منتهجة نفس إسلوبه السابق معها

حدجها بنظرات نارية ، فأدركت أنها نجحت في إغضابه ، سرها هذا ، لكنها قالت بنبرة رسمية حازمة :

-حضرتك أنا بقالي حوالي شهرين باجي هنا و بحاول أوصل لأي مسؤول أكلمه في حاجة ضرورية تخص شغل بابا بس للأسف كل مرة برجع زي ما باجي ، مابطلعش بـ.ـنتيجة ، فلو أمكن يعني تساعدني إنت يبقي كتر ألف خيرك.

رمقها بنظرة خاوية مطولة ، ثم قال بإقتضاب :

-إتفضلي.

و أشار لها بالدخول إلي مكتبه ..

سبقها إلي الداخل ، لتلج هي من بعده و تسمع صوت إغلاق الباب من خلفها بواسطة السكرتيرة

تبعته و هي تعاين الغرفة المستديرة الحواف في فضول و إنبهار شـ.ـديد ، جدرانها خشبية ، و الأرض رخامية ، و هناك في مكان قاصي قليلا ركن أشبه بالمطبخ الصغير ، وضعت به ثلاجة صغيرة و آدوات صنع الشاي و القهوة

-إتفضلي أقعدي .. قالها بعد جلوسه أمامها خلف مكتبه الضخم ، فإمتثلت لطلبه و جلست من جهة اليسار في المقعدين المقابلين له

عثمان متسائلا بهدوء :
-خير بقي ؟ أقدر أساعدك إزاي يا أنسة ؟

سمر بهدوء مماثل متناسية موقفها العدائي تجاهه :
-زي ما قلت لحضرتك أنا كان بقالي شهرين باجي هنا بسبب مشكلة تخص شغل بابا الله يرحمه عندكوا.

-و إيه هي المشكلة بالظبط ؟

شرحت له "سمر" تفاصيل المشكلة ..

عثمان بجدية :

-بس والدك علي حسب كلامك كان فني مصاعد مش مهندس أساسي هنا في الشركة.

-مش فاهمة إيه الفرق يعني ؟!

تنهد "عثمان" تنهيدة طويلة ، و قال :

-الفرق إن والدك عامل بالأجرة ، لو كان في عطل بيحصل في المصاعد هنا كان بيجي يصلحه و خلاص ، يعني هو و كتير من زمايله إللي هنا في نفس شغلته أسمائهم مش في سجلات التوظيف عندنا لأن ببساطة إحنا مجموعتنا إستثمارية و تجارية و مش بنحتاج كتير للنوع ده من العمال ، إحنا بنطلبهم بس بالأجرة زي ما قلتلك.

سمر بصدmة :

-يعني إيه ؟!!

مط شفتيه بأسف ، و قال ببرود و هو ينقر بقلمه فوق سطح المكتب :

-يعني للأسف والدك مالوش مكافأة نهاية خدmة عندنا لأنه مش موظف أصلا ، ممكن يكون له مستحقات ، تقدري و إنتي خارجة تسألي تحت في شئون العاملين إذا كان في باقي حساب يخصه و لا حاجة !

أصيبت "سمر" بخيبة أمل أطاحت بصوابها ، فلم تعد تسمعه و هو يكمل باقي كلمـ.ـا.ته ، بل راحت تستمع إلي سيل جارف من التساؤلات تفجر فجأة بعقلها ..

كيف ستدبر حالها ؟ كيف ستواصل حياتها من دون مال ؟ و أخويها .. ماذا ستفعل بشأنهما ؟ إنهما بحاجة إلي أشياء عديدة تمثل بقاء كلا منهما ، فـ"ملك" لن تعيش إذا عجزت "سمر" عن تـ.ـو.فير الطعام و العلاج لها ، و "فادي" سيضيع مستقبله إذا ترك دراسته ، من أين تأتي بكل هذا ؟ الأمل الوحيد الذي إتكأت عليه وضح إنه كاذب .. لا مفر من المصير البائس ، ليس لها وحدها ، و لشقيقيها أيضا

بصورة تدريجية إنتصبت "سمر" واقفة دون أن تشعر رغم إرتخاء مفاصلها ، ثم راحت تردد باكية :

-هعمل إيه دلوقتي ؟ هتصرف إزاي ؟ .. إخواتي هيروحوا مني .. مش هقدر أعملهم حاجة ، ملك هتمـ.ـو.ت ، و أنا .. أنا السبب .. أنا السبب.

-إنتي كويسة يا أنسة ؟ .. تسائل "عثمان" بشيء من القلق ، إلا أنه لم يلق إجابة

كانت الرؤية تنعدm من أمام "سمر" شيئا فشيئا ، إلي أن تلاشت تماما ..

لم تعد قدmاها تقدران علي حملها ، فسقطت مغشيا عليها ..

وثب "عثمان" من مقعده ، و مشي ناحيتها بسرعة
إنحني صوبها ، و مد يده و هزها بلطف هاتفا :

-يا أنسة ! .. إنتي يا أنسة ..

تململ "عثمان" بمكانه و هو يرمقها في حيرة :

-أعملها إيه دي بقي ؟ .. غمغم لنفسه بخفوت ، ثم قام و توجه إلي مكتبه

ضغط زر الديكتافون المتصل بمكتب سكرتيرته ، و قال بصوت ثابت مسموع :

-شيري .. إطلبيلي دكتور الشركة فورا و تعاليلي بسرعة.

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في مكان أخر .. حيث يستند إلي مكتبه رجل في العقد الخامس من عمره ، شعره الأبيض تتخلله بعض الشعيرات السوداء ، و يبدو عليه الهيبة و الوقار ..

يستدير فجأة إلي إبـ.ـنته ، و يهوي بكفه الغليظ علي صدغها ، لتصرخ متألمة ، و بسرعة تتلقاها أحضان شقيقتها الصغري ..

-فضحتيني يا سـ.ـا.فلة .. قالها "رشاد الحداد" بصراخ ، و تابع :

-سيرتنا بقت علي كل لسان ، جوزك طلقك يوم فرحك و الأسباب مش محتاجين نشرحها للناس ، مستقبلي و مستقبل أختك قضيتي عليه يا ------ ، هخسر في الإنتخابات و هخسر كل حاجة بسببك يا -------- إسمي بعد ما كان في السما خلتيه في الأرض.

تعالي صوت نحيبها ، بينما حاولت شقيقتها تهدئة "رشاد" بقولها :

-خلاص يا بابي Please , چيچي عارفة إنها غلطت ، و إنت عارف كمان إن عثمان غدر بيها ، ماكنتش عارفة إنه هيبعت وراها صحافيين.

رشاد بغضب :

-إخرسي إنتي مالكيش دعوة ، أنا ليا حساب مع الكـ.ـلـ.ـب ده كمان بس مش قبل ما أخلص بإيدي علي الـ----- دي .

چيچي ببكاء و هي لا زالت تحتمي بحـ.ـضـ.ـن شقيقتها :

-إنت إللي غـ.ـصـ.ـبتني علي الجوازة دي ، أنا قولتلك مش بحبه و مش عايزاه .. ثم أكملت في تردد :
-إنت السبب يا بابي !

رفع "رشاد" ذراعه ، و إجتذبها من شعرها صائحا :

-أنا السبب فعلا ، أنا إللي سيبتلك السايب في السايب لحد ما فاجرتي ، و أخرتها سلمتي رقبتي لإبن يحيى البحيري.

تأوهت "چيچي" بألم ، و قالت بصوت مهزوز إمتزج بدmـ.ـو.عها :

-أنا ماكنتش أعرف إنه هيصورني ، و ماخدتش بالي من أي حاجة إلا يوم الفرح ، هو فاجئني.

رشاد بخشونة :

-مضتيله علي التنازل ليه ؟

-هددني إنه هينشر الڤيديو.

صاح بإنفعال :

-إنتي غـ.ـبـ.ـية ، ماكنش هيقدر يعمل أي حاجة كنت هتصرف أنا معاه و لا كنا إتفضحنا زي دلوقتي كده.

ثم أفلتها فجأة ، و إلتفت محدقا في الفراغ و هو يتمتم بشراسة :

-ماشي يا إبن يحيى .. و الله لأكون جايبك الأرض ، مش هرحمك لا أنت و لا عيلتك !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

إستيقظت "ملك" من نومها منذ حوالي ربع ساعة ، قضت هذا الوقت كله مستلقية وحدها دون حراك ، حتي ملت من و حدتها ..

فهمت بالصراخ عاليا بقدر يجذب إليها أحد أخويها ، هكذا تعلمت و حفظت الطريقة التي تستقطب بها إنتباههما وفقا لعقليتها الصغيرة
و بالفعل ، لبي "فادي" ندائها ، و حضر إليها فورا ..

سكتت "ملك" بمجرد رؤيته ، ليبتسم لها و يقول بلطف :

-إيه يا ست ملوكة ؟ يا تري جعانة و لا صحيتي لاقيتي نفسك فاضية و قولتي أما أقرف فادي شوية ؟ هه ؟ .. ما تقوليلي ، إتكلمي ..

و راح يقوم بحركات بوجهه و هو يخاطبها ، فأخذت الطفلة تضحك له و هي ترفع ذراعيها الصغيرتين نحوه و تصدر أصواتا تختلط بضحكاتها
ضحك "فادي" معها ، ثم حملها و أخذ يلاعبها و يلاطفها ..

كانت "ملك" تحمل ملامح مشتركة بين كلا من والدتها و أختها "سمر" .. فمثلا ورثت لون بشرتها الناصعة و لون شعرها البندقي عن والدتها

أما خضرة عينيها الواسعتين ، فأخذتهما عن شقيقتها الكبيرة التي تمتاز هي الأخري بنوع خاص من الجمال يتمثل في شعرها الطويل الفاحم ، و بشرتها التي هي بلون الشوكولاتة الفاتحة ، و قوامها المتناسق الذي يحسدونها عليه جارتها و صديقاتها كلما يزورنها في بيتها ..

جلس "فادي" بالصالة و أجلس "ملك" علي قدmه ، ثم راح يهزها حتي لا تعود للبكاء ، بينما يشاهد هو إحدي المبـ.ـارايات علي شاشة التلفاز الصغير ..

لفتت نظره "سمر" و هي تفتح باب الشقة بمفتاحها و تدخل ، فأغلق التلفاز ، و حمل "ملك" علي ذراعه و ذهب ناحيتها ..

فادي بتلهف :
-ها يا سمر ! عملتي إيه ؟

رفعت "سمر" وجهها و هي تجيبه بتعب واضح :

-فادي هبقي أحكيلك بعدين ، أنا جاية تعبانة و مش شايفة قدامي ، محتاجة أريح شوية و بلّيل هبقي أقولك علي كل حاجة.

عبس بقلق ، و سألها بلهجة هادئة :

-مالك يا سمر ؟ إنتي كويسة ؟

أومأت رأسها إيجابا ، ثم قالت :

-خلي بالك بس من ملك علي ما أصحي و لو جاعت أنت بتعرف تأكلها ، ممكن تصحيني بس علي ميعاد الدوا بتعها أنا أبقي أقوم أديهولها.

و تركته متجهة إلي غرفتها ..

و أخيرا إختلت بنفسها ، أغلقت باب الغرفة ، و للحال نزعت حجابها و هي تتنفس بعمق ثم تحرر شعرها من مشبك الرأس ، لينسدل بنعومة و إنسيابيه علي طول ظهرها

ألقت بنفسها فوق السرير ، و حدقت بالسقف ، لتعود لها ذكري نصف اللقاء الفائت ...

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

وجدته واقفا أمامها عنـ.ـد.ما فتحت عيناها ، كان يخاطب رجلا قصير القامة في منتصف عمره ، بدا شيء لا يذكر بجانبه ..

لم تسنح لها الفرصة لإستكشاف الكثير من الأمور ، إذ هبت من مكانها كقطة مذعورة و هي تقول بلهجة ناعسة متداخلة الأحرف :

-أنا فين ؟ إيه إللي حصلي ؟

طمئنها "عثمان" بإبتسامة :

-إطمني يا أنسة إنتي بخير ، مـ.ـا.تقلقيش جت سليمة أغم عليكي بس و دكتور حسين فوقك.

الدكتور حسين بلطف و لباقة :
-حمدلله علي سلامتك يا أنسة ، عايزك مـ.ـا.تقلقيش إنتي كويسة خالص ، بس ناقصة تغذية ، إنتي ضعيفة أوي و محتاجة تاخدي بالك من أكلك و شربك أكتر عشان مـ.ـا.تحصلكيش إغماءة تانية.

كانت "شيري" سكرتيرة المكتب واقفة بجوارها ، فإنحنت صوبها لتعطيها كأس عصير ، قبلته "سمر" بإمتنان و هي تشعر برأسها يلف
بينما إنصرف الطبيب "حسين" بعد أن جمـّع آدواته داخل حقيبته ، و بدوره أصرف "عثمان" سكرتيرته لتباشر عملها في الخارج ..

سمر و هي تحاول القيام :

-أنا مش عارفة أشكر حضرتك إزاي علي إللي عملته معايا !

عثمان بجدية :

-خليكي مكانك يا أنسة ، إنتي لسا دايخة ، مـ.ـا.تقوميش دلوقتي.

-لازم أمشي .. إتأخرت علي إخواتي.

-طب بس أصبري ، أنا عايزك في موضوع.

سمر بإستغراب :

-موضوع ! موضوع إيه يافنـ.ـد.م ؟؟

سحب "عثمان" مقعد قريب ، و جلس فوقه مادا جسده نحوها ، ثم قال بهدوء :

-أنا حاسس إنك واقعة في مشكلة .. ممكن تقوليلي لو تحبي ، أنا أقدر أساعدك.

سمر بشك :

-تساعدني إزاي يعني ؟!

هز كتفيه مجيبا :

-أساعدك يعني أساعدك .. قوليلي بس إيه مشكلتك ؟

سمر بصمت و قد إنعقد لسانها ، لا تعرف بما تجيبه !

-فلوس ؟ .. قالها بتساؤل ، و تابع :
-إنتي خريجة أيه يا أنسة ؟

سمر مجيبة بلسان ثقيل :

-تسويق و تجارة إلكترونية.

عثمان بإعجاب :

-حلو .. حلو أوي .. ثم أردف بحماسة زائفة :

-شوفي أنا هفتتح شركة جديدة خاصة بيا كمان كام يوم ، إخترت الموظفين خلاص بس لسا ماخترتش سكرتيرة .. تحبي تتقدmي للوظيفة دي ؟

حملقت فيه بعدm تصديق ، و سألته ببلاهة :

-بجد ؟!!

عثمان بضحك :

-أه طبعا بجد .. ثم سألها مبتسما :

-إنتي عندك كام سنة ؟ قصدي يعني بقالك كام سنة متخرجة ؟

سمر بتـ.ـو.تر طفيف :

-أنا عندي 24 سنة و بقالي سنتين و نص متخرجة.

-هممم .. لأ مدة مش بعيدة ، طب قولتي إيه ! موافقة تشتغلي عندي ؟؟

سمر بدون تردد :

-طبعا موافقة .. لكنها تراجعت :

-بس أنا ماعرفش حاجة عن شغلة السكرتاريا.

عثمان بثقة :

-مـ.ـا.تقلقيش هتتعلمي .. دي شغلانة بسيطة خالص.

أشرق وجهها بإبتسامة رقيقة ، بينما مد يده إلي جيب بنطاله ، و أخرج جزدانه
سحب بعض الأوراق النقدية ، ثم مد يده لها قائلا :

-إتفضلي يا أنسة سمر.

نظرت ليده الممدودة بالنقود ، ثم له ،و سألته متجهمة :

-إيه ده حضرتك ؟؟

أجابها بإبتسامة :

-أنا عارف إنك محتاجة فلوس ، من فضلك خديهم.

سمر برفض مهذب :

- لحضرتك .. أنا معايا الحمدلله.

عثمان بإصرار و لطف :

-خديهم بس يا أنسة سمر ، أعتبريهم سلفة و إبقي رديهم من أول مرتب.

تخضبت وجنتاها بحمرة قانية ، و كم وجدت صعوبة في ذلك ، لكنها مدت يدها و أخذت منه النقود ..

سمر و هي تقف علي قدmيها و تختبر درجة ثباتها :

-إستأذن أنا بقي.

نهض هو الأخر ، و قال لها :

-تمام ، و إنتي خارجة إبقي سيبي إسمك و عنوانك و رقم تليفونك لشيري ، و مـ.ـا.تنسيش بعد بكره ، هخلي شيري تتصل بيكي و تديكي كل المعلومـ.ـا.ت عن الشركة.

أومأت "سمر" دون أن تنظر في عينيه ، ثم غادرت مكتبه في هدوء ...

°°°°°°°°°°°°°°°°

خرجت "سمر" من الذكري و هي تشعر بضيق شـ.ـديد ، فمنذ خروجها من هذه الشركة لم تكف عن توبيخ نفسها لأنها أخذت منه النقود

و مرات عدة و هي في طريقها إلي البيت فكرت أن تعود و ترجع إليه ماله ، لكنها تذكرت "ملك" و "فادي" .. فإستسلمت لحكم الواقع و أكملت طريقها بفم مطبق ..

أرهقها التفكير لهذا الحد ، فأوقفت كل شيء ، و إستسلمت للنوم الذي بدأ يداعب أجفانها ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في ليل الإسكندرية الساحر ، يقود "صالح البحيري" سيارته الفارهة مارا بالكورنيش المطل علي الساحل ، و المضاء بالأعمدة التي تعكس نورها علي ماء البحر الحالك ، فيبدو و كأنه اللؤلؤ الأسود في ندرته ..

يصل "صالح" إلي ذلك الملهي الشهير ، و يدخل باحثا بعينيه عن إبن عمه
ليجده هناك ، جالسا عند بنش البـ.ـار ، تحاوطه المنكرات من كل صوب و هو يتجاوب معها بفتوره المعتاد ..

-إيه يابني فينك ؟ قال "صالح" و هو يجلس بجانبه أمام البـ.ـار ، و أكمل :

-لازم أتحايل عليك يعني عشان ترضي تقولي إنت فين ؟ أبوك قالب عليك الدنيا.

عثمان بضيق :

-عارف.

-طب مارجعتش البيت ليه لحد دلوقتي ؟؟

-مش مستعد لإستجواب يحيى بيه ، و مش ناقص قرف.

صالح بصراحة :

-إنت طينت الدنيا الصراحة ، أنا أعرف أنك شيطان يابن عمي بس مـ.ـا.تخيلتش تفكيرك يوصل لكده أبدا !

عثمان ضاحكا و هو يتناول بعض المقبلات :

-يمكن عشان مابتعرفش تفكر يا صالح.

-لأ بجد ، أنت إبليس ذات نفسه يصقفلك علي عملتك دي.

عثمان بتفاخر :

-يابني أنا مش أي حد ، أنا عثمان البحيري ، يعني الفهلوة و الجبروت كله ، و متنساش إني إسكندراني كمان.

-لأ من ناحية الجبروت فأنا متأكد من دي أكتر .. ثم سأله بإستذكار :

-صحيح عملت إيه في حوار شركتك ؟ خلاص كلها بقت بتاعتك.

شرب "عثمان" ما تبقي من كأسه ، و أجابه و قد بدأت الثمالة تنطقه بما لا يريد نطقه :

-إسكت مـ.ـا.تفكرنيش بالشغل خالص .. إنهاردة وقعت مع حتة بت كانت هتخرجني عن شعوري ، تصور إستهزأت بيا أنا ؟!

صالح بضحكة مرحة :

-يا خبر ! دي كده لعبت في عداد عمرها.

عثمان بوعيد :

-إنت بتقول فيها ؟ .. و حياة أمي لأسود عيشتها !!!!!
_ حادث مدبر ! _ :

صباح يوم جديد ..

إستيقظت "سمر" من نومها عندما شعرت بشعاع حار يضرب في وجهها و يلسع جلدها الرقيق لسعات متواصلة بلا توقف ، فتحت عيناها بتثاقل و إنزعاج ، لتكتشف إنها الشمس تسللت خيوطها الذهبية عبر شباك غرفتها الموارب لتوقظها ، و عندما لم تستجيب لسعتها بآشعتها الحارقة لتعاقبها ..

تثاءبت "سمر" بكسل و هي تتحرك في الفراش بعيدا عن آشعة الشمس ، و عقدت حاجبيها فجأة بإستغراب ، لقد نبهت "فادي" البارحة أن يأتي و يوقظها في المساء لكي تعطي "ملك" بنفسها جرعة دوائها .. لماذا لم يفعل ؟ لماذا تركها نائمة كل هذا الوقت ؟ لا يمكن أن يكون قد نسي !!

قامت "سمر" من فراشها ، و إتجهت للخارج بخطوات غير متزنة نسبيا

وجدت "فادي" بالصالة ، يقف هناك حاملا "ملك" التي كانت تبكي و تصرخ بشدة ، و يحاول أن يجعلها تهدأ ..

-في إيه يا فادي ؟ .. قالتها "سمر" بتساؤل و هي تمد ذراعيها لتأخذ منه "ملك" ..

أجاب "فادي" حائرا و هو يناولها الطفلة :

-مش عارف مالها ، أنا صحيت من شوية علي عياطها قلت جعانة فأكلتها ، دلوقتي بقي لاقيتها عيطت تاني ، شكلها لسا جعانة .. ثم أكمل بغضب :

-بس أكلها خلص.

سمر بإستغراب :

-إنت مش بتقول أكلتها ؟ يعني شبعت !

فادي بضيق :

-لأ .. علبة اللبن بتاعتها ماكنش فيها كتير.

زمت شفتيها بتفهم ، ثم قالت :

-طب إستني.

و ذهبت بالصغيرة نحو غرفتها ، لتعود بعد لحظات و هي تمد يدها له ببعض النقود قائلة :

-خد ، إنزل هاتلها علبتين لبن و شوف لو الدوا بتاعها ناقص هاتلها غيره و كمان لو مافيش بامبرز هات.

نظر "فادي" إلي النقود ، ثم لأخته و هو يقول بدهشة :

-جبتي الفلوس دي منين يا سمر ؟ .. و أردف بإبتسامة واسعة :

-معقول صرفولك فلوس بابا إمبارح ؟؟

سمر بفتور :

-لأ طبعا.

فادي بتعجب :

-أومال إيه دول كلهم ؟ جبتيهم منين ؟!

سمر بكدر :

-ما أنا قلتلك إمبارح إبقي صحيني بليل عشان أحكيلك علي إللي حصل إنت إللي سيبتني لحد دلوقتي.

-علي فكرة جيت أصحيكي مرتين إمبارح ، مرة عشان تدي ملك الدوا زي ما قولتيلي و مرة عشان نتعشي سوا ، بس إنتي إللي مارضتيش تقومي ، قلت جايز تعبانة فسبيتك تنامي براحتك و خدت ملك تنام معايا .. ثم سألها بإهتمام :

-قوليلي بقي إيه إللي حصل ؟؟؟

تنفست "سمر" بعمق ، ثم حكت له ما حدث بإيجاز شديد ..

-إيه ده ؟ إزاي يعني ؟ .. قال "فادي" بعدم فهم ، و تابع :

-يعني المدير و لا صاحب الشركة إللي قابلتيه ده قالك مالكوش عندنا حاجة و بعدين قالك هشغلك عندي سكرتيرة ؟!!

سمر شارحة له :

-لأ يابني ما قالش مالكوش عندنا حاجة ، قال إن بابا كان عامل مش موظف و عامل بالآجرة كمان ، أه كان بيعمل صيانة علي المصاعد كل شهر و كان بياخد مرتب بس إسمه مش في سجلات التوظيف يعني مالوش أولويات الموظفيين الفعليين إللي بيشتغلوا هناك ، فهمت ؟

عبس "فادي" قائلا :

-فهمت .. و إنتي ناوية تقبلي الشغلانة دي يعني ؟؟

سمر بتأكيد :

-أيوه طبعا ، إحنا محتاجين فلوس عشان نعرف نعيش أنا و إنت و ملك ، و الراجل كتر خيره حب يساعدني بطريقة كويسة جدا ، هشتغل و أجيب فلوس بجهدي ، إيه إللي يخليني أرفض مساعدته بقي ؟ .. ثم صاحت بإستذكار :

-و أه كنت هنسي أقولك .. إحنا مش هنسيب البيت ، أنا إمبارح عديت علي الست زينب مرات عم صابر و أشتكتلها منه ، و هي قالتلي هتتصرف معاه و مش هتخليه يجي يضايقنا تاني.

صمت "فادي" قليلا ، ثم قال بعدم إرتياح :

-أنا مش مطمن يا سمر .. مش عارف ، في حاجة مش مريحاني في حكاية شغلك دي !

سمر بإبتسامة مطمئنة و هي تربت علي كتفه :

-ماتقلقش يا فادي .. و اطمن ، كل حاجة هتبقي كويسة بإذن الله.

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل "بحيري" .. داخل حجرة الطعام الفاخرة

يجلس "يحيى البحيري" علي رأس المائدة ، تجاوره "فريال" من جهة اليمين ، أما في الجهة الأخري ، جلس جنبا إلي جنب كلا من "صالح" و "صفية"

تناولوا فطورهم جميعا من دون شهية و في إقتضاب شديد جدا ، و "صالح" الذي يأس من مراضاة "صفية" ترك الطعام نهائيا و سكب لنفسه قدحا من القهوة راح يحتسيه و هو يهز قدمه الغير مرئية في عصبية مفرطة ..

لاحظت "فريال" توقف زوجها عن تناول الطعام ، فسألته بقلق :

-إيه يا يحيى مالك ؟ بطلت تاكل ليه ؟؟

يحيى بضيق :

-ماليش نفس يا فريال.

فريال بحزن :

-ليه بس ؟ طب تحب أعملك بإيدي أي حاجة تانية ؟؟

-لأ مش عايز.

فريال بإنزعاج :

-في إيه بس يا يحيى ؟ كل حاجة بقيت تقول عليها لأ مش عايز !!

يحيى بإنفعال و هو يضرب بيده علي المائدة :

-هو إبنك خلاني عايز أي حاجة ؟ عمل كل إللي في نفسه و مش عايز يوريني وشه لحد دلوقتي ، البيه كأنه بيقولي مالكش لازمةربالنسبة لي.

فريال بلهجة هادئة وهي تهز رأسها سلبا :

-مايقدرش يا يحيى ، إنت أبوه ، عثمان بيحترمك و الله ، هو بس آا ..

يحيى مقاطعا بإزدراء لاذع :

-بلا بيحترمني بلا نيلة بقي ، أنا ماعرفتش أربيه أصلا ، طالع سافل و قليل الأدب محدش بيهمه .. ثم أكمل بوعيد :

-بس و الله لأفرجه ، يرجع البيت بس و هتشوفي هعملك فيه إيه !

-علي فكرة يا عمي عثمان هنا من إمبارح .. قالها "صالح" ببرود و هو يرفع فنجان قهوته إلي فمه

ليلتفت له "يحيى" متسائلا بصوته الخشن :

-عرفت إزاي ؟ إنت شوفته و هو راجع ؟

-أنا كنت سهران معاه إمبارح و رجعنا سوا بليل متأخر.

حدجه "يحيى" بغضب و عضلات فمه ترتجف بقوة و كأنه يحاول مقاومة شرا مؤذيا ، لكنه فشل في ضبط نفسه ، فوثب من مجلسه ، و مشي بخطوات واسعة في إتجاه غرفة إبنه ..

لحقت به "فريال" بسرعة ، بينما قالت "صفية" و هي ترمق "صالح" بنظرات محتقنة :

-إيه إللي إنت عملته ده ؟؟؟

صالح ببراءة مصطنعة :

-عملت إيه ؟!

°°°°°°°°°°°°°°°°°

في الطابق الثالث من القصر ، و الذي تقع به غرفة "عثمان" حيث إختارها بعيدا عن أنظار و آذان الجميع هنا ..

تركض "فريال" وراء "يحيى" و تترجاه بصوت خائف :

-عشان خاطري يا يحيى ، بالراحة عليه ، إنت عارف إنه ماعملش حاجة غلط ، أي راجل مكانه كان هيعمل أكتر من كده.

توقف "يحيى" بمنتصف الردهة الطويلة ، و إستدار لزوجته ، و صاح بها :

-إمشي يا فريال ، إنزلي تحت دلوقتي.

"فريال" برفض :

-لأ .. مش هسيبكوا مع بعض و إنت في الحالة دي.

"يحيى" بعصبية :

-يعني هعمل فيه إيه ؟ هضربه بالنار ؟ ماتقلقيش عليه يا حبيبتي و بعدين هو للأسف إبني أنا كمان .. ثم زفر بحنق ، و قال بشيء من الهدوء :

-إطمني يا ستي ، مش هعمله حاجة .. مابقاش عيّل صغير عشان أعاقبه يعني ، أنا هتكلم معاه بس.

نظرت إليه في تردد ، لكنها أذعنت لرغبته في الأخير ، و ولت تاركة إياه يذهب لغرفة "عثمان" بمفرده ..

فتح "يحيى" باب غرفة إبنه ، ليجدها غارقة في الظلام

إبتسم بسخرية ، ثم إتجه نحو الشرفة العريضة ، و أزاح الستائر عنها ، ليخترق ضوء النهار الزجاج المغلق ، و يزعج "عثمان" المستلقي علي وجهه فوق سريره الضخم ..

تململ "عثمان" مطقطقا عضلات ظهره العاري ، ثم فتح عيناه بروية كي يتمكن من رؤية الشخص الذي إقتحم عليه غرفته دون إستئذان

فوجد والده يقف أمام السرير أحمر الوجه غاضبا

تآفف "عثمان" بضجر و هو يقوم ليجلس نصف جلسة ، سقط الغطاء حتي وسطه عندما إستوي جالسا ، فظهرت عضلات بطنه السداسية الصلبة ..

-صباح الخير يا بابا .. قالها "عثمان" بلهجة ناعسة و هو يفرك وجهه بكفيه

ليرد "يحيى" بغلظة :

-صباح الزفت علي دماغك.

عثمان بإبتسامة هادئة و هو يومئ برأسه :

-ماشي يا بابا .. إتفضل حضرتك قول دلوقتي كل إللي إنت عايزه ، أنا جاهز لكلامك.

يحيى ببغض :

-يا بجاحتك يا أخي .. نفسي أعرف جايب البرود ده كله منين ؟!

عثمان بسخرية :

-و عايزني أتكدر ليه ؟ أنا عامل حاجة لا سمح الله ؟!

يحيى بلهجة حانقة :

-بعد كل إللي عملته ده و بتسأل ؟ أنا يا غبي مش إتفقت معاك و قلتلك كفاية تمضيها علي التنازل بس و بعدين تبقي تطلقها بعد فترة صغيرة ؟ إيه إللي خلاك تتصرف من دماغك ؟؟

عثمان و قد إنتابه الغضب :

-كنت عايزني أبقي ---- ؟ كنت عايزني ماخدش حقي و أرد كرامتي ؟ مش أنا إللي تيجي بت ----- زي دي و تعلم عليا ، أحمد ربنا إني إلتزمت بنص إتفاقنا و ماشربتش من دمها ، و الله لولا جيتلي إنت قبل ما أخدها و إمشي بعد الفرح و نبهت عليا لكنت دبحتها بإيدي و ماكنتش هاخد فيها يوم.

-و تضيع و توسخ إيدك ليه أصلا ؟ ماتستهلش.

عثمان و هو ينتفض بعصبية :

-لأ تستاهل .. لما تبقي مخطوبة لعثمان البحيري و تفتكر إنها إستغفلته و تروح تتـ---- علي كيفها تبقي تستاهل الدبح و الحرق كمان.

صمت "يحيى" بعد إفراغ "عثمان" شحنة غضبه الحبيسة ، و قد إلتمس له العذر الآن فقط ، إذ أدرك أن إبنه مجروح في صميم كرامته و كبريائه ، فلم يعد ليجادله مجددا ..

يحيى بهدوء :

-طيب يا عثمان .. و أديك خلاص عملت إللي إنت عايزه و إرتحت ، يا ريت بقي ماتتهورش تاني و كفاية كده.

عثمان و هو يلوي ثغره بسخرية :

-أنا عايزك تعرف بس إنها و لا حاجة بالنسبة لي ، أنا وافقت علي الجوازة بس عشانك إنت ، قولتلي نفوذ أبوها و بتاع ، و أهو دلوقتي أبوها بقي لا عنده نفوذ و لا نيلة بعد الفضيحة .. يعني مابقناش محتاجينه.

أومأ له "يحيى" ثم قال :

-ماشي .. قوم بقي خدلك حمام و ألبس هدومك و إنزل عشان نفطر سوا ، أنا لسا مافطرتش.

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في منزل "رشاد الحداد" .. يجلس أمامه في المكتب هذا الشاب المذعور ، الذي يرتجف خوفا بين الحين و الأخر

يشمله "رشاد" بنظره تقييم مشمئزة ، ثم ينطق بصوت غليظ :

-إنت غلطت غلطة عمرك لما فكرت تقرب من بنتي.

إزدرد الشاب ريقه بتوتر ، و قال بإرتباك و هو يتردد في النظر إلي عينيه الحادتين :

-و الله يا رشاد باشا أنا .. آا أنا بـ بحب چيچي ، بحبها بجد و عمري ما فكرت آذيها و آ ..

-إخرس .. قاطعه "رشاد" بغضب ، و أردف بحدة :

-إسمع ياض .. إنت هتتجوزها.

أومأ الشاب بسرعة :

-أتجوزها يا باشا.

رشاد بتهكم مرير :

-لحسن حظك إني عايز ألم الموضوع و أغطي عالفضيحة .. إنما في أي حالة تانية إنت ماكنتش هتبقي بالنسبة لي أكتر من كلب أقل واحد من إللي شاغلين عندي يضربك برصاصة واحدة في قلبك.

أقشعر بدن الأخير ، ببنما أكمل "رشاد" بلهجة أمر :

-تجيلي بكره الساعة 8 بالظبط عشان نتمم الموضوع و نعمل خطوبة.

-أنا تحت أمرك يا باشا.

رشاد بتوعد :

-عارف لو ماجتش !

الشاب و هو يقسم بإضطراب :

-هـ هاجي و رحمة أمي هاجي.

-إوعي يعني عقلك يوزك تخلع أو تهرب .. هتلاقيني جايبك من قفاك حتي لو طلعت سابع سما ، بس ساعتها بقي يا ويلك مني.

الشاب مؤكدا :

-ماتقلقش يا باشا ، أنا هاجي بكره في الميعاد.

رشاد بصرامة :

-أنا مش قلقان يا حبيبي .. إنت إللي لازم تقلق.

و هنا سمع طرق علي باب مكتبه ، فآذن بالدخول

ليدخل رجل ضخم الجثة يرتدي حلة سوداء ، و تبدو علي وجهه ملامح الإجرام ..

أصرف "رشاد" الشاب زوج إبنته المستقبلي و حبيبها السابق الذي تسبب في طلاقها ليلة زفافها ..

-اهلا عباس .. ها طمني ! عملت إيه ؟

عباس بصوته العميق :

-كله تمام يا باشا .. زي ما قلت لسيادتك كل حاجة بتمشي بالفلوس.

-يعني عملتها بنفسك ؟؟

-عملتها بإيديا الأتنين ، ماتقلقش.

رشاد بإبتسامة واسعة :

-يعني إنهاردة هسمع أخبار كويسة ؟!

-إن شاء الله .. إطمن حضرتك.

تنهد "رشاد" تنهيدة طويلة و هو يسترخي فوق مقعده و يتمتم لنفسه : " إن شاالله أجي أعزيك بنفسي بكره يا يحيى ، أومال إيه ؟ مش كنا نسايب ! "

و رفع رأسه مطلقا ضحكة مجلجلة ..

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في غرفة "صالح" .. كان يخاطب والده عبر الهاتف ، عندما تلقي إنذار بمكالمة جديدة ..

أبعد الهاتف عن أذنه ، و وضعه أمام عينيه ، ليري أسمها يضيء الشاشة

إنتفض من الفرحة ، و أستأذن من والده و أغلق معه سريعا ، ثم أجاب إتصالها ..

صالح بسعادة :

-صافي ! مش مصدق نفسي و الله ، هتشل من الفرحة ، إنتي بتكلميني فعلا ؟

صفية بفتور :

-صالح ..

-عيون صالح .. قالها بغزل ، لترد بحدة :

-هتتكلم عدل و لا أقفل في وشك ؟

قال بسرعة :

-لا لا لا خلاص خلاص ده أنا ما صدقت .. ثم سألها بإستغراب :

-بس إنتي بتكلميني بالموبايل ليه ؟ ما إحنا في نفس البيت يا حبيبتي ما تيجي ، و لا أجيلك أنا.

قال أخر كلماته بخبث حاول إخفاؤه ، لتقول هي :

-لأ ياخويا لا تجيلي و لا أجيلك ، أنا بس كنت عايزة منك خدمة هتعملها مش هتعملها بردو .

صالح بإهتمام :

-خدمة إيه يا صافي ؟ أنا أعملك كل إللي إنتي عايزاه طبعا ، قوليلي عايزه إيه ؟؟

-كنت عايزاك تروح المستشفي تجيبلي عنتر من هناك ، خلاص هو خلص تطعيم و المفروض يرجع بس أنا حاسة إني داخلة علي دور برد و مش قادرة أتحرك من السرير ، فـ Please تروح إنت ؟

صالح و قد تقهقر عن موقفه الشهم :

-عنتر ؟ .. عايزاني أنا أروح أجيبلك عنتر ؟ ماتقوليها أسهل يا صافي ، قولي إنك عايزه تخلصي مني ، أخرتها هتخلي حتة شبل يستفرض بيا و أكون العشا بتاع جنابه الليلة دي !

-ما تسترجل شوية يا صالح ، أديك قولتها بنفسك ، حتة شبل هيعملك إيه ؟ ده لسا بيبي أولا ، ثانيا هما في المستشفي هيسلموهلك بالقفص بتاعه يعني ماتقلقش مش هيتعشي بيك الليلة دي.

صالح بتردد :

-مش عارف .. مش مطمنلك يا صافي !

صفية بتآفف :

-أنت جبان أووي يا صالح.

أثارته بنعتها له بـ" الجبان" فقال :

-جبان ؟ .. طيـــب ، أنا هوريكي الجبان ده ، هاتي العنوان.

أخذ منها عنوان المشفي ، ثم إندفع للخارج قاصدا غرفة "عثمان"

إلا إنه قابله أعلي الدرج ، كان "عثمان" سينزل عندما إستوقفه صوت "صالح"
إلتفت له ، فقال الأخير و هو يقترب منه :

-عثمان .. إديني مفتاح عربيتك ؟

عثمان بإستغراب :

-مفتاح عربيتي ! إشمعنا ؟

-إنت ناسي إننا جينا مع بعض إمبارح بعربيتك.

-طيب .. أيه يعني !!

-هو إيه إللي يعني ؟ عربيتي سايبها هناك من إمبارح.

عثمان و هو يهز كتفاه بعدم إكتراث :

-أعملك إيه يعني ؟!

صالح بصبر :

-محتاج عربيتك نص ساعة ، هروح بيها مشوار و هرجع علطول.

-طب ما تروح بتاكسي يابني !

-يرضيك يعني صالح البحيري يركب تاكسي.

-أه و فيها إيه عادي ، بتحصل في أحسن العائلات.

صالح بضحكة صفراء :

-خفة .. إنجز يا عثمان ، بقولك عندي مشوار مهم.

عثمان بجدية :

-ماينفعش يا صالح أنا خارج دلوقتي.

صالح بفضول :

-رايح فين ؟؟

-مالكش دعوة.

-طب هات المفتاح بقي ، خليك جدع ، مش هتأخر و الله هي نص ساعة.

تنهد "عثمان" ثم قال بضيق :

-نص ساعة ، عارف لو إتأخرت ؟

-يا سيدي ماتخافش هي نص ساعة.

أعطاه "عثمان" مفتاح سيارته و هو يسأله :

-هتروح فين بقي ؟؟

صالح مستعملا نفس جملته السابقة :

-مالكش دعوة.

و هبط الدرج مسرعا ، بينما صاح "عثمان" بإبتسامة فاترة :

-مااااشي .. ليك يوم يابن عمي.

°°°°°°°°°°°°°°°°°

ينزل "صالح" إلي الكراچ ، و يعثر علي سيارة "عثمان" بسهولة ..

إذ تعد سيارته من أحدث و أغلي السيارات التي تم إنتاجها لهذا العام ، و هي لامبورچيني بسرعة 350 ميل/س ، و هي أيضا بمثابة طلقة نارية تشق الأجواء لدي الإنطلاق بها ..

إستقل "صالح" في كرسي القيادة ، شغل السيارة ، ثم تحرك بها بروية حتي خرج من الكراچ

أطلق بوقا تلو الأخر لتنفتح له بوابة القصر الضخمة التي تعمل إلكترونيا

و في الطريق ، مشي علي الوصفة التي أعطته إياها "صفية" إلا أنه نسي نصف العنوان تقريبا

فقلل من سرعة السيارة ريثما يخرج هاتفهه و يحدثها ، و لكن السيارة لم تستجب له ، بل إزادت من سرعتها

حاول "صالح" مرة ثانية ، و ثالثة ، و رابعة .. دون جدوي ..

لتصدر الإطارات صريخ إحتكاكها بالأسفلت ، عندما إنحرف "صالح" يمينا ليتفادي سيارة أخري ، بينما يدخل هو في الإتجاه المعاكس ، و بصورة سريعة يحدث الإصطدام بينه و بين تلك السيارة التي ظهرت أمامه فجأه !!!!!

يتبـــع ... —
_ صدفة ! _

في الثامنة صباحا بتوقيت "بـ.ـاريس" .. تجلس فتاة في الثانية و العشرين من عمرها داخل غرفتها

كانت تتصفح أخبـ.ـار الموضة و المجتمع عبر حاسوبها الخاص ، عنـ.ـد.ما دلف والدها حاملا صنية الفطور ..

"رفعت " بإبتسامة هادئة و هو يقترب من سريرها :

-لولا حبيبتي .. يلا سيبي إللي في إيدك ده و تعالي نفطر سوا.

إعتدلت "هالة" في جلستها ، ثم قالت و هي تبادله الإبتسامة :

-إيه ده يا بابي ! أنت إللي عامل الفطار بنفسك كمان ؟ أنا كنت فكراك نايم ، طب ليه ماقولتليش كنت حضرته بدال حضرتك !

-يعني أنا سيبتك لوحدك إسبوع بحاله محتاسة ، قلت أعوضك بقي بالفطار الملوكي ده .. و أعطاها كأس العصير مكملا :

-بس مـ.ـا.تاخديش علي كده ماشي ؟

هالة ضاحكة بسرور :
-ماشي يا بابي .. ربنا يخليك ليا يا حبيبي.

-ها بقي .. قوليلي عملتي إيه في غيابي ؟؟

هزت كتفيها بخفة قائلة :

-و لا حاجة ، كنت بروح الجامعة كل يوم الصبح ، و كنت برجع أطبخ و أكل و أنام .. بس ، علي كده طول الإسبوع إللي سيبتني فيه.

-مش عارف بس مارضتيش تيجي معايا ليه ؟ رغم كل المصايب إللي حصلت ، بس كنتي هتغيري جو.

هالة و قد عاودها السرور بشـ.ـدة ، فسألته بحماسة :

-قولي يا بابي .. هو صحيح عثمان طلق چيچي خلاص ، يعني طلقها بجد ؟!

-أيوه يا بـ.ـنتي طلقها ، بقولك كانت فـ.ـضـ.ـيحة ، إنتي ماشفتيش الأخبـ.ـار علي البتاع إللي في إيدك ده ؟ .. و أشار إلي حاسوبها ، لتجيبه بفرح :

-لأ شفت .. شفتها كلها يا بابي.

رفعت بنظرة شك :
-إنتي مالك مبسوطة كده ليه يا هالة ؟ .. لا تكوني لسا حاطة عثمان في دmاغك.

رمقته في صمت و لم ترد ، ليتابع هو بصرامة :

-عموما لو كنتي بتفكري فيه فأنا بقي بقولك لأ مش هينفع ، بعد كل إللي عمله ده مستحيل أوافقك.

هالة بإنفعال مدافعة :
-ليه بس يا بابي ؟ هو كان عمل إيه يعني ؟ عثمان ماغلطش في حاجة ، رد فعله كان طبيعي جدا.

رفعت بحدة :
-عثمان إتجبّـر يا هالة .. شم نفسه و مابقاش يهمه حد ، إوعي تكوني لسا فكراه إبن عمك الطيب الظريف ، لأ ، ده إتغير و بطريقة بشعة .. صدقيني ، عثمان ماينفعكيش و لا ينفع أي واحدة غيرك كمان.

-بس أنا بحبه يا بابي .. قالتها بشرود دون وعي منها ، فزم "رفعت" شفتيه في أسف ، و قال :

-و هو ماعندوش إستعداد يحبك زي ما تحبيه .. مانتي كنتي قدامه يا حبيبتي .. و توقف فجأة عنـ.ـد.ما لمح بوادر دmـ.ـو.عها ..

كوب وجهها بكفيه ، ثم قال بحنان أبوي :

-إنتي تستاهلي أحسن منه يا هالة !

و مسح علي شعرها برفق ، ثم تنهد بعمق قائلا :

-يلا بقي كملي فطارك و أنا هروح أشتغل في مكتبي شوية.

أومأت له و هي تعض علي شفتها السفلي بقوة لتكبت دmـ.ـو.عها ، لكنه حالما خرج من الغرفة أطلقت لنفسها العنان و راحت تنتحب بمرارة في صمت ..

حتي رأت من وسط غيمة الدmـ.ـو.ع التي غشيت عيناها صورة أخيها تظهر فجأة علي الحاسوب

كانت صورة عادية ، إلتقطت له بإحدي المناسبات و هو يضحك بعفويته المعهودة ، لكنها إعتصرت جفناها بقوة لتري بوضوح الخبر الذي نـُشر علي صفحة المجتمع المصرية ..

" أحد أبناء عائلة البحيري يتعرض أمس لحادث سير عنيف جدا أثناء قيادته لسيارة فائقة السرعة إنحرف بها في الإتجاه المعاكس من الطريق السريع ، ترى هل الحادث مدبر ؟ أم أنه قضاء و قدر ؟ "

لم تعط لنفسها فرصة لتُصدm ، و صرخت بأعلي صوتها :

-صــــــــــاااااااااااااا ااااالح !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

عودة للأسكندرية ... كان "عثمان" يجلس هناك علي بعد أمتار من غرفة العمليات

وجهه واجما ، مبهم التعابير ، لطالما كان بـ.ـارعا في إخفاء مشاعره و إنفعالاته ، تلك ميزة يحسده عليها كل من عرفه و تعامل معه طوال حياته ..

كان يفكر في الحادث الذي تعرض له "صالح" و هو يقود سيارته الخاصة .. تساءل في نفسه .. تري من فعلها ؟ الإجابة لم تأخذ منه تفكيرا طويلا ، إذ أن المسألة واضحة تمام الوضوح ، ليس هناك غيره .. "رشاد الحداد" يريد أن ينتقم منه ..

كز علي أسنانه في غضب جم ، و تمتم لنفسه :

-بتحرجم علي إيه يا رشاد يا حداد ؟ .. لسا في كارت في إيدي ، أقسم بالله لأنـ.ـد.مك .. بس أعرف الأول مين إللي دخل بيتي و فكلي الفرامل.

إنتبه "عثمان" لصوت جلبة بأخر الممر ، فأدار رأسه ليري والديه و شقيقته يهرعون نحوه و الفزع باديا علي وجوههم ..

قام من مكانه ، و تحضر لإستقبالهم بفتوره المعتاد

-في إيه عثمان ؟ ماله إبن عمك ؟ .. قالها "يحيى" بتساؤل ، و أردف :

-إحنا لسا شايفين الخبر في الجرايد ، و الصحافيين واقفين برا أد كده ، إنت إزاي مـ.ـا.تقولناش حاجة زي دي ؟ إزاي نعرف من الغرب ؟؟؟

نطق أخر كلمـ.ـا.ته بغضب ، ليرد "عثمان" بهدوء شـ.ـديد لا يتناسب إطـ.ـلا.قا مع الموقف :

-ماحبتش أخضكوا ، عموما مـ.ـا.تقلقوش حالته مستقرة لحد دلوقتي.

-إيه يا أخي البرود إللي إنت فيه ده ؟ .. صرخت فيه "صفيه" و أكملت ببكاء :

-فين صالح ؟ رد عليا هو فين ؟ أنا السبب في إللي حصله .. لو ماكنتش طلبت منه يروح بدالي المستشفي إمبـ.ـارح !

و إنهارت أكثر ، لتحاول "فريال" أن تهدئها

ضمتها إلي صدرها ، و أخذت تمسد علي شعرها و ظهرها بحنو ، بينما أخذ "يحيى" إبنه من يده و وقفا بعيدا ليتحدثا بسرية ..

يحيى بلهجة خافتة :

-عمل الحادثة بعربيتك .. إنت المقصود مش هو !

عثمان بنظرات غامضة :

-عارف .. و عارف كمان مين إللي وز عليا ، بس مش هسكت.

أحمـّر الأخير غضبا و هو يغمغم بإنفعال مكبوت :

-إنت مش هتعمل أي حاجة ، إحنا مش ناقصين ، كفايانا فضايح.

عثمان بغلظة و قد علا صوته :

-يعني إيه ؟ عايزني أطرمخ عالموضوع ؟ عايزني أسيب حقنا كلنا ؟ بلاش إحنا .. حق صالح المرمي جوا ده !

يحيى و هو يرمقه بنظرات محتقنة :

-أنا ماقلتش هنسيب حقه .. في حاجة إسمها قانون و إحنا مش قليلين في البلد.

أطلق "عثمان" زفرات حانقة و هو يشيح بوجهه عن أبيه ، بينما وضع "يحيى" يده علي كتف إبنه ، و ضغط بخفة و هو يقول بحزم :

-عايزك تهدا شوية و مـ.ـا.تتهورش ، نطمن بس علي إبن عمك و بعدين هنتصرف.

-أستاذ يحيى البحيري ؟!

إلتفت "يحيى" وراءه ليرد علي محدثه :

-أيوه أنا !

كان شرطيا وقف أمامه و خاطبه بلهجة رسمية مهذبة :

-أسف يافنـ.ـد.م عارف إن مش وقته بس معلش لازم نفتح محضر بالحادثة دلوقتي .. و وزع نظراته بينه و بين "عثمان" مكملا :

-هما شوية أسئلة لحضرتك و لعثمان بيه.

أومأ "يحيى" بتفهم و قال :

-إحنا تحت أمرك يا حضرة الظابط.

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في منزل "سمر" ... إنه اليوم المنشود ..

منذ بزوغ النهار ، كانت في إنتظار مكالمة العمل التي وعدها بها "عثمان البحيري"

إستيقظت مبكرا قبل أخويها لأجل هذا ، و لكن كم هي محبطة الآن .. لم يدق جرس هاتفهها أبدا ، لم تصلها رسالة حتي ..

ماذا يعني هذا ؟ ألن يفي السيد "عثمان" بوعده لها ؟ ألن يعطها المنصب الذي أشار إليه ؟ هل كان يقول ذلك عبثا ؟ كان يتسلي ؟

حتما كان يتسلي .. إبتسمت "سمر" بسخرية ، و حدثت نفسها بخفوت : " كنتي فاكرة إيه يعني يا غـ.ـبـ.ـية ؟ معقول هيقبل يشغلك عنده في وظيفة زي دي ؟ .. كان بيضحك عليكي يا هبلة ، هو إتجنن يوظف سكرتيرة مش مدربة و معهاش شهادة خبرة ؟ كان بيقولك كده و خلاص .. إكتفي بإنه ساعدك بالمبلغ إللي خدتيه منه ، قال يحسن عليكي يعني ، عمره ما كان هيعمل أكتر من كده طبعا .. فوووقي ! "

عادت "سمر" لأرض الواقع عنـ.ـد.ما دق جرس هاتفهها ، إنتفضت في مكانها غير مصدقة ، و بيد مرتعشة إلتقطت الهاتف من فوق الطاولة أمامها

لكنها أصيبت بخيبة أمل كالعادة ، إذ كان المتصل ليس سوا شقيقها ..

-ألو يا فادي ! .. أجابت بلهجة فاترة متعبة ، ليأتيها صوت "فادي" من وسط ضجيج زحام و عدة أصوات متداخلة :

-أيووه يا سمر ! هاا طمنيني .. الناس بتوع الشركة دول كلموكي ؟

سمر و هي تحاول سماعه بوضوح :

-الناس بتوع الشركة ؟ .. لأ لسا محدش كلمني ، إيه يا فادي الدوشة دي ؟ إنت فين يابني ؟؟؟

أجابها بصعوبة :

-أنا دلوقتي داخل أستلم الكتب.

-داخل تستلم الكتب ؟ و هي الكتب عليها الإقبال شـ.ـديد أوي كده ؟!

فادي متهكما :

-إقبال ؟ إقبال إيه يا حبيبتي ، ده في عركة هنا .. ثم قال بجدية :

-المهم قوليلي لسا محدش كلمك يعني ؟؟

سمر بحـ.ـز.ن :

-قولتلك لسا !

-خلاص يا بـ.ـنتي مـ.ـا.تزعليش ، أصلا الحمدلله كويس إنهم مـ.ـا.تصالوش أنا ماكنتش مرتاح للموضوع ده ، بكره أنا هدور علي شغل و مش هنحتاج لحد إن شاء الله.

-إن شاء الله.

-ملوكة عاملة إيه ؟

-كويسة أهيه نايمة في أوضتي.

-طيب مش عايزين حاجة أجيبها و أنا راجع ؟!

-لأ يا حبيبي ترجع .. و تبادلا السلام ، ثم أغلقا معا ..

تنهدت "سمر" تنهيدة مطولة مثقلة بالحـ.ـز.ن و العجز اللذين تشعر بهما منذ وقت طويل ، و أخذت تفكر في سبيل جديد تسعي إليه لسداد إحتياجات كلا من "ملك" و "فادي"

حيث أنهما أغلي ما تملك في الحياة ، و من أجلهما هي علي أتم الإستعداد بأن تلقي بنفسها في نار السعير ، لم تعد تفكر في حالها كما في السابق قبل أن يتوفا والديها

لقد زهدت حياتها و أوهبتها كلها لرعاية شقيقيها ، لم تعد تفكر في الإرتباط أو الزواج ، ببساطة لأن إمكانياتها محدودة إن لم تكن معدومة !

لتوفر المال لأخيها و أختها .. هما بحاجة إليه أكثر منها ، لتضحي لأجل سعادتهما ، حتما ستحصد نتائج مرضية بالنهاية و لن تنـ.ـد.م ..

هذا كان تفكيرها في البادئ و ما رتبت عليه مخططاتها المستقبلية أيضا ، "ملك" و "فادي" أولا ، ثم نفسها ، و لكن حتي نفسها تأخذ منها بحدود معينة و لا تجور يوما علي حقوق أخويها ..

صدح فجأة صراخ "ملك" مدويا بالأجواء ، فقامت "سمر" و هرعت إليها بسرعة

كانت الطفلة تبكي بصراخ متألم و هي تتلوي في سريرها الصغير ، بينما إنحنت "سمر" فوقها لتري ما بها

مسحت علي شعرها القصير الأملس في لطف ، و تمتمت بعذوبة :

-إيه يا لوكا .. مالك يا حبيبتي ؟ بتعيطي جـ.ـا.مد كده ليه ؟ .. إنتي جعانة ؟ ها ! أحضرلك أكلك ؟

أزادت "ملك" من وتيرة بكائها ، لتعبس "سمر" بضيق و هي تمسح لها دmـ.ـو.عها ، ثم تحملها بين ذراعيها

راحت تهدئها و تؤرجحها و هي تقبل وجنتها الحمراء المكتنرة بخفة .. فإنتبهت بذعر لدرجة حرارتها المرتفعة عنـ.ـد.ما لامست بشرتها الملتهبة بشفتيها ..

أمسكتها بإحكام و هي تضعها بين صدرها و ذراعها الملتف حولها ، ثم رفعت ذراعها الأخر و تحسست وجهها الصغير بكفها ..

-يا خبر ! .. همست "سمر" في هلع ، و تابعت :

-حرارتك عليت كده إزاي و ليه ؟ فيكي إيه بس يا ملك ؟ كل شوية بتتعبي !

و عادت بها إلي الصالة حيث تركت هاتفهها هناك ، أجرت الإتصال بـ"فادي" مرة ، إثنان ، ثلاث .. لكنه لم يرد ..

فلم تجد أمامها حلا أخر ، إرتدت ملابسها بسرعة ، و أخذت شقيقتها و نزلت من البيت متجهة إلي المشفي ..

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

-يعني إيه عنده حصانة و محدش يقدر يقرب منه ؟ .. قالها "عثمان" بعصبية و هو يجادل الشرطي الواقف أمامه

ليرد الأخير بهدوء :

-عثمان بيه إنت سيد العارفين .. رشاد الحداد عضو مجلس شعب و عليه حماية مش من السهل يتوجهله إتهامـ.ـا.ت.

عثمان و هو يصيح بغضب شـ.ـديد :

-يعني إيه ؟ بقولك هو السبب في الحادثة ، هو إللي بعت كلابه يفكولي فرامل عربيتي و لو كنت ركبتها قبل صالح كان زماني مكانه دلوقتي !

-حضرتك عندك دليل علي كلامك ده ؟

عثمان بإنفعال :

-واحد عضو مجلس شعب زي ما بتقول بيني و بينه عداوة عشان فضحته هو و بـ.ـنته و طلقتها ليلة الد.خـ.ـلة ، في أدلة أكتر من كده ؟ في أسباب أقوي من دي تخليه عايز يقــ,تــلني ؟؟؟

آتي "يحيى" الذي كان يتحدث في هاتفهه بعيدا ، تدخل مهدئا إبنه و هو يقول :

-خلاص يا عثمان ، إهدا هنشوف حل .. ثم توجه إلي الشرطي بصوته الخشن :

-طب إحنا دلوقتي مابـ.ـنتهمش حد غيره يا حضرة الظابط ، إيه العمل بقي ؟ هتقفلوا القضية عشان عنده حصانة و عليه حماية ؟؟؟

هز الشرطي كتفيه قائلا في حيرة :

-في الحالة دي الموضوع أكبر مني أنا .. الباشا رئيس النيابة ممكن يتدخل و يطلع أمر رسمي بإحضاره للإستجواب ، لكن أنا أو بقية زمايلي محدش فينا يقدر يهوب ناحيته.

يحيى بإقتضاب :

-طيب .. يا حضرة الظابط ، أقفل المحضر بتاعك بقي علي كده و أنا بنفسي هطلع بكره علي النيابة.

و بعد ذهاب الشرطي ، وقف "يحيى" أمام "عثمان" الثائر الملامح و قال له :

-عمك عرف !

عثمان هو يسأله بإهتمام :

-و قالك إيه ؟؟

-حجز علي أول طيارة طبعا و زمانه جاي هو و هالة .. كان بيكلمني و هو حالته صعبة أوي و قالي ننقل صالح لمستشفي خصوصي.

عثمان بتأفف :

- مش لما يفوق الأول ! هننقله دلوقتي إزاي ؟ هو أي كلام و خلاص !

-يابني مش أي كلام و لا حاجة ، هو أب و خايف علي إبنه.

رمقه "عثمان" بنظرة عابثة ، ثم تجاوزه و مضي بطريقه ..

-رايح فين ؟ .. صاح "يحيى"متسائلا ، ليجيبه بجمود دون أن يلتفت :

-رايح أشم شوية هوا لو حصل حاجة إبقي كلمني.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°

أخذ "عثمان" المصعد و هبط إلي الطابق الأول ، مر علي قسم الطوارئ ، و كاد يخرج

لكن صوت شخص ما إستوقفه ..

-يعني إيه ماعندكوش مكان ليها ؟ أنا داخلة مستشفي حكومية مش خاصة ! بقولك أختي حرارتها عالية لو فضلت كده هتمـ.ـو.ت.

-الصوت ده أنا عارفه ! .. قالها "عثمان" لنفسه ، ثم إلتفت ليتأكد مش شكوكه ..

حملق فيها بدهشة و في هذه الطفلة الباكية التي إحتضنتها بقوة ، و راقب كيف هددت عاملة الإستقبال بنفس الحدة التي إستعملتها معه من قبل :

-إنتي لو مادخلتنيش أنا و هي دلوقتي حالا أنا هوديكي في ستين داهية و مش إنتي لوحدك ، إنتي و كل المسؤولين عن الهبابة دي.

-أنسة سمر ؟!

يتبـــع ..
_ الوجه الأخر للثعبان ! _

إلتفتت "سمر" وراءها بوجه عاصف لتري الشخص الذي نادي بإسمها

لتتسمر بمكانها فجأة و تتبدل ملامحها الثائرة إلي أخري ذاهلة ..

-أسـ أستاذ عـ عثمان ! .. قالتها بشيء من الإضطراب و قد أربكها ظهوره المفاجئ أمامها ، ثم أردفت بإستغراب :

-حضرتك إيه إللي جابك هنا ؟

عثمان و هو يجيبها بإسلوبه اللبق الذي نادرا ما يستخدmه في تعاملاته مع الآخرين :

-إبن عمي عامل حادثة و كل العيلة هنا .. إنتي بقي إيه إللي جابك هنا ؟؟!

إنتبهت "سمر" إثر سؤاله للسبب الرئيسي الذي جاءت من أجله إلي هنا ، فشـ.ـددت ذراعيها الملتفين حول شقيقتها و أجابته :

-أختي حرارتها عليت فجأة ماعرفش ليه ! فخدتها و جريت بيها علي هنا .. ثم أطرقت رأسها في تخاذل ، و أكملت :

-بس بيقولولي مالهاش مكان !

عثمان عاقدا حاجبيه في إستنكار :

-مين إللي قالولك ؟؟؟

-الأنسة دي .. و أشارت له برأسها نحو موظفة الإستقبال

ليتجاوزها "عثمان" و يتوجه إلي الموظفة بصوته الغليظ :

-لو سمحتي يا أنسة ، معانا طفلة هنا حرارتها عالية ، محتاجين دكتور ، يا ريت تطلبيلنا حد دلوقتي حالا.

الموظفة بهدوء مستفز :

-أسفة يافنـ.ـد.م ، الأماكن هنا كلها مشغولة و الدكاترة كمان مشغولين.

عثمان و هو يتبجح برعونة مستهجنة :

-يعني إيه حضرتك ؟ بقولك البـ.ـنت حرارتها عالية و إنتي ملزومة تدخلينا و تستدعيلنا دكتور يشوفها كمان.

الموظفة ببرود :

-و الله أنا ليا في إللي في شايفاه قدامي ، مافيش أماكن فاضية و مافيش دكاترة متوفرين حاليا ، أديك حضرتك شايف قسم الطوارئ و المستشفي كلها زاحمة إزاي !

إرتعشت شفتيه المزمومتين من الغضب ، ليستدير في اللحظة التالية نحو "سمر" قائلا بإقتضاب آمر :

-إتفضلي معايا يا أنسة سمر ، هنروح مستشفي تانية .. ثم عاد ينظر إلي الموظفة ثانيةً ، و قال بحدة شـ.ـديدة :

-إحنا ماشيين يا أنسة ، بس أوعدك الموقف ده مش هيعدي علي خير أبدا ، و بالذات عليكي إنتي.

و غادر "عثمان" المشفي كلها بخطواته المتغطرسة مصطحبا في إثره "سمر" و أختها الصغيرة ..

بينما أتت موظفة الإستقبال الثانية ، و سألت زميلتها :

-في إيه يا بـ.ـنتي ؟ كنتي بتتخانقي مع مين ؟؟

الموظفة الأولي بعدm إهتمام :

-ماكنتش بتخانق و لا حاجة .. أهو ناس زي إللي بنشوفهم كل يوم سايبين العيادات و مستخسرين ڤزيتة الدكتور و جايينلنا إحنا هنا يقرفونا عشان مستشفي زفت حكومية.

الموظقة الثانية و هي تشهق بصدmة :

-ناس زي إللي بنشوفهم كل يوم إيه يا مـ.ـجـ.ـنو.نة ؟ إللي إنتي وقفتي تقاوحي فيه ده عثمان البحيري إبن يحيى بيه البحيري الشاب إللي عمل الحادثة و جالنا إمبـ.ـارح يبقي واحد من عيلتهم.

الموظفة الأولي بإستخفاف :

-مين الناس دول يعني ؟ صحاب المستشفي مثلا ؟!

الموظفة الثانية بإستنكار :

-مـ.ـا.ت عـ.ـر.فيش عيلة البحيري ؟ و بتتريقي كمان ؟ دول يشتروكي و يشتروا المستشفي باللي فيها ، محدش في إسكندرية مايعرفهمش و إللي برا إسكندرية كمان ، ناس كبـ.ـار و إيديهم طايلة و أقدm عيلة هنا.

هزت الأخيرة كتفاها بلا إكتراث قائلة :

-كبـ.ـار و إيديهم طايلة علي نفسهم .. و علي كل حال الدنيا مش سايبة.

-إدعي ربنا بس مايحطكيش في دmاغه و ينسي إللي حصل ، عثمان البحيري ده مش سهل أبدا ، أكتر واحد شراني في عيلته و محدش بيهمه لسا مطلق مـ.ـر.اته بـ.ـنت رشاد الحداد نايب الأنفوشي يوم فرحهم و ماهمتوش الفضايح.

-شراني علي نفسه بردو ، و يلا بقي علي شغلك و سيبيني أشوف شغلي أنا كمان .. قالت الفتاة في لامبالاة ، إلا أنها لم تنكر القلق الذي أخذ يتسرب بأعماقها ..

-ربنا يستر .. تمتمت لنفسها ، ثم عادت إلي العمل مجددا ..

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في مطار القاهرة ... تصل الرحلة القادmة من مطار "بـ.ـاريس" و تهبط الطائرة تدريجيا علي الأراضي المصرية الموّقرة ..

تنفتح البوابة ، لينزل منها "رفعت البحيري" و معه إبـ.ـنته "هالة" التي لم تكف عن البكاء منذ علمت بخبر الحادث الذي وقع لأخيها

يقطعا تذكرتان إلي الأسكندرية ، و فورا يكونا علي متن رحلة أخري ، ليصلا في زمن قياسي جدا ..

بعد نصف ساعة فقط ، كانا خارج ساحة مطار الأسكندرية ، ركبا سيارة فخمة شيعت مخصوصا بسائقها لأجل إستقبالهما بأمر من "يحيى البحيري"

وصل بهما السائق أمام بوابة المشفي في غضون خمسة عشر دقيقة ، صعدا إلي الطابق الثالث حيث "صالح" هناك بغرفة العمليات ..

كان "يحيى" واقفا بمنتصف الردهة جـ.ـا.مد الوجه ، متـ.ـو.تر الجسد عنـ.ـد.ما هرول نحوه "رفعت" هاتفا بلهجة مختلجة :

-إبني ماله يا يحيى ؟ صالح جراله إيه ؟؟؟

إعتدل "يحيى" في وقفته و إستعد لمواجهة شقيقه ..

-إبني فين يا يحيى .. تساءل "رفعت" بحدة ، ليرد الأخير بهدوء حذر :

-إهدا يا رفعت .. مـ.ـا.تقلقش صالح بخير.

رفعت بإنفعال :

-بخير ! بخير إزاي و هو بقاله 12 ساعة في العمليات ؟ إنت شايفني عبـ.ـيـ.ـط قدامك ؟!!

يحيى و هو يجيبه بسرعة :

- لأ لأ خلاص هيخرج دلوقتي الدكتور لسا مطمنـ آا ..

-إسمع يا يحيى .. صاح "رفعت" مقاطعا ، ثم تابع بعنف شـ.ـديد :

-إبني لو حصله حاجة مش هسامحك ، إبني لو ماخرجش من هنا علي رجليه لا إنت أخويا و لا أعرفك.

عبس "يحيى" في حـ.ـز.ن ، و قال :

-مـ.ـا.تخافش يا رفعت .. إبنك هيخرج من هنا إن شاء الله !

و هنا ، فـُتح باب غرفة العمليات ، ليخرج الطبيب أولا ، ثم "صالح" خلفه ملقي فوق التورللي ، ملفوفا بالشاش و الجبس في معظم أجزاء جسده ..

ركضت نساء العائلة صوبه في الحال ، بينما توجه كلا من "رفعت" و "يحيى" نحو الطبيب ..

-طمني يا دكتور أرجوك .. قالها "رفعت" برجاء ، و أردف :

-إبني عامل إيه ؟ بقي كويس صح ؟؟؟

الطبيب بأرق و هو يخلع الكمامة المعقمة عن وجهه :

-إطمن يافنـ.ـد.م .. إبن حضرتك بخير ، أنا خرجت من شوية و طمنت يحيى بيه .. هو بلغ حضرتك باللي قولتهوله ؟!

نظر "رفعت" بريبة إلي شقيقه الذي تلعثم قليلا هو يقول بإرتباك :

-آا ي دكتور أنا بـ برجح إن حضرتك تشرحله بنفسك أحسن !

تنفس الطبيب بعمق ، ثم قال بلهجته العـ.ـذ.بة المنمقة :

-طيب .. شوف يافنـ.ـد.م ، هي معجزة إننا قدرنا ننقذه ، إبن حضرتك إنكتبله عمر جديد بفضل الله ، طبعا مافيش شك إن الحادثة كانت قاسية جدا .. عشان كده للأسف حصلتله شوية مضاعفات !

تجمدت ملامح "رفعت" و جف حلقه فجأة ، فإزدرد ريقه بصعوبة ، ثم سأله بصعوبة بصوت مبحوح :

-مضاعفات ؟ .. مش فاهم يا دكتور !!

عض الطبيب علي شفته ، و إستغرق منه الأمر لحظات قبل أن يجد طريقة ملائمة ليخبره بما حل بإبنه ..

الطبيب بتمهل و لطف :

-شوف حضرتك .. بصراحة إبنك إتعرض لشرخ بسيط في عموده الفقري ، الشرخ ده هسيببله إعاقة لفترة معينة !

بـُهت "رفعت" و قد ألجمت الصدmة لسانه .. لكنه نطق بثقل :

-يعني إيه يا دكتور ؟ .. تقصد إنه .. إتشل ؟؟؟

-مش بالظبط كده .. قال الطبيب بحيرة ، ثم تنهد و أكمل :

-هو فعلا مش هيعرف يمشي في الأول بس في علاج طبيعي هنتابعه لما يقوم .

-و العلاج ده هيجيب نتيجة ؟؟

-أه طبعا هيجيب .. بس !

يحيى بوهن :

-بس إيه ؟

أجاب الطبيب و هو يتهرب من النظر في عينيه :

-جايز الفترة تطول .. كله بأمر ربنا ! .. ثم إستأذن بسرعة ليذهب :

-عن إذنكوا هروح أشوف المريـ.ـض.

ظل "رفعت" واقفا بمكانه كما هو ، تماما كالصنم ، حتي توجه "يحيى" إليه بالقول :

-رفعت .. إطمن ، و الله هيبقي كويس.

أدار "رفعت" رأسه و أخذ يرمقه بنظرات حاقدة ، ليجفل "يحيى" بتـ.ـو.تر و يزم شفتيه في ضيق ، لكنه عاد يقول و هو يحتضنه بأخوّة :

-إن شاء الله هيبقي كويس.

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في إحدي العيادات الخاصة ، و المتخصصة لعلاج الأطفال ..

فرغ الطبيب المسن من الكشف علي "ملك" ثم نزع سماعته الطبية و هو يداعب ذقنها بلطف قائلا :

-سلامتك يا جميلة ، إنتي زي الفل ، إضحكي بقي و مـ.ـا.تكشريش تاني خالص.

إستجابت الصغيرة لمداعبته التحببية ، و راحت تكرر بصوتها الطفولي الرنان ، لتبتسم "سمر" و هي تعدل لها ملابسها ، بينما يقف "عثمان" وسطهم يراقب ما يحدث بإبتسامته الفاترة الدائمة ..

جلس الطبيب الوقور خلف مكتبه ، لتحمل"سمر" أختها ، و تعود ثانيةً لتجلس أمامه ، و تسمعه و هو يقول بجدية :

-شوفي حضرتك .. مبدئيا الأعراض إللي عند أختك عادية جدا بالنسبة للأطفال إللي في سنها ، التقلصات المعوية حاجة شائعة جدا في الفترة دي بالنسبة لها ، لكن السخونة و الكحة إللي بتشتكي منهم دول حاجات محتاجين نعمل عليهم تحاليل ، و علي حسب بقي لو قالت التحاليل هتخف بالعلاج يبقي خير و بركة ، إنما لو حاجة تانية لا قدر الله هنشوف ساعتها ممكن نعالجها إزاي !

سمر بصدmة :

-قصدك إيه يا دكتور ؟ هي ممكن يكون عندها إيه ؟!

-أنا مش عايزك تتخضي .. بصي هي بوادر إلتهاب رئوي بس هنحاول نعالجها قبل ما الموضوع يتطور أكتر .. ثم شرع في كتابة روشتة و هو يتابع :

-أنا هكتبلها علي أدوية مهمة و هكتبلك إنتي مواعيد كل دوا ، و هاخد منها عينة دm دلوقتي و إن شاء الله أشوفها الأسبوع الجاي زي إنهاردة.

إنتهت جلسة الكشف بعد أن أخذ الطبيب عينة من دm "ملك" لتخرج "سمر" من البناية الراقية برفقة "عثمان" و هي تحمل شقيقتها غير قادرة علي محو علامـ.ـا.ت الوجوم المرتسمة علي وجهها ..

أعادها صوت "عثمان" إلي أرض الواقع حين سألها بلطف :

-أنسة سمر ! .. إنتي كويسة ؟!

إنتبهت إليه قائلة :

-هه ! أه .. شـ أوي يا عثمان بيه ، بجد أنا مش عارفة أشكرك إزاي علي كل إللي عملته معايا أنا بقيت مديونالك بكتير أوي.

عثمان بعتاب مصطنع :

-عيب كده يا أنسة سمر ، أنا ماعملتش أي حاجة ، و بعدين دي حاجات بسيطة جدا.

سمر بإبتسامة رقيقة :

-حاجات بسيطة إيه بس ؟ دي الڤزيتا لوحدها بتاعة الدكتور ده أكتر من المبلغ إللي أخدته من حضرتك قبل كده ، أنا بإذن الله هردلك كل ده قريب بس عمري ما هقدر أردلك لطفك و كرمك معايا.

عثمان و هو يعبس بضيق :

-بجد هزعل منك يا أنسة سمر ، أختك زي أختي بالظبط أنا قمت بواجب طبيعي .. ثم قال بخبث :

-و لو إن الدكتور فوق إفتكرها بـ.ـنتي .. أنا ماحبتش أصلحله الغلط لإني بجد حبيت ملوكة أوووي و من هنا و رايح خلاص هعتبرها فعلا زي بـ.ـنتي.

و مد يده و ربت علي خد الصغيرة بلطف ، لتحمـّر "سمر" خجلا و هي تقول :

-حضرتك كل شوية بتكسفني بكرم أخلاقك أكتر .. مش عارفة أقولك إيه !!

عثمان بإبتسامته الجذابة :

-مـ.ـا.تقوليش حاجة .. أنا إتبسطت لما شوفت ملك إنهاردة ، و إن شاء الله في معاد الإستشارة الجاية هاجي معاكوا تاني.

سمر ضاحكة بخفة :

-لأ إستشارة جاية إيه ! مافيش الكلام ده ، كفاية أوي كده علي حضرتك ، أنا هبقي أخدها أوديها لدكتور تاني تكون الفزيتا بتاعته أقل شوية.

-كلام إيه ده يا أنسة سمر ! ماينفعش تسيبي دكتور خلاص شخـَّص حالة أختك و تروحي لواحد غيره لسا هيشخص من أول و جديد ، ماينفعش.

-بس آا ..

-مافيش بس .. قاطعها بصرامة ، و أكمل :

-الأسبوع الجاي زي إنهاردة هجيبكوا بنفسي لحد هنا و هحضر الإستشارة كمان.

إبتسمت "سمر" و قالت بإستسلام :

-خلاص .. إللي تشوفه حضرتك !

رد لها الإبتسامة و هو يقول :

-أيوه كده .. و يا ريت مـ.ـا.تنسيش معاد شغلك من بكره ، و بعتذرلك تاني بالنيابة عن شيري ، إحنا كنا ملخومين في إبن عمي زي ماقلتلك و كل حاجة عندنا واقفة من إمبـ.ـارح.

-لا أبدا مافيش حاجة ربنا يقومه .

-أمين .. طيب ، يلا بقي عشان أوصلكوا.

سمر بحرج :

-يا خبر .. كمان !

عثمان بإصرار :

-أيوه .. إنتي ساكنة فين ؟؟؟

-عند محطة الرمل كده !

أومأ مرارا و هو يقول مبتسما :

-تمام ، إتفضلي بقي .. و أشار لها لتتقدmه نحو سيارته المصفوفة أمامهم

ففعلت ذلك علي إستحياء ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

-ما أنا مشغل معايا شوية أغـ.ـبـ.ـية ! .. قالها "رشاد الحداد" بصياح غاضب دوي عاليا بأرجاء حجرة مكتبه ، ليرد عليه أحد رجـ.ـاله بحذر شـ.ـديد :

-طب و إحنا ذنبنا إيه بس يا رشاد باشا ؟ مافيش حاجة بتخفي عن الصحافة ، و بعدين كل المعلومـ.ـا.ت إللي إتنشرت دي خدوها من المستشفي.

رشاد بإنفعال :

-ما إنتوا لو رجـ.ـا.لة عدلين ماكنتوش سمحتوا لشوية كلاب تعلي صوتها علينا .. ثم إلتفت إلي المدعو "عباس" الذي كلفه بمهمة إغتيال "عثمان" بدلا من "صالح" :

-و إنت يا عباس بيه .. فين نتايج خطتك إللي مـ.ـا.تخرش المايه ؟ بجد خيبت أملي فيك !

عباس عاقدا حاجبيه في إنزعاج :

-أنا ماليش ذنب يا باشا ، أنا عملت المطلوب و لو ماكتش إبن عمه هو إللي طلع بالعربية كنت هتسمع خبره زي أمرت.

رشاد بتهكم :

-طيب و ليه ماسمعتش خبر إبن عمه لحد دلوقتي يا مستر عباس ؟ ده كمان في ناس كلموني و قالوا إنه خرج من العمليات و بقي زي الفل.

بـُهت "عباس" و ما عاد للكلام جدوي أمام تصريحات "رشاد" الأكيدة ..

-إخفوا من قدامي .. هتف "رشاد" بحدة ، و تابع :

-مش عايز أشوف واحد فيكوا لحد ما الموضوع ده ينتهي ، أنا أسف إني إعتمدت عليكوا.

أطرقوا رؤوسهم جميعا و هم ينسحبون الواحد تلو الأخر من مكتبه ، بينما إستدار هو بعنف ، و ضـ.ـر.ب الطاولة بقبضته المضمومة و هو يتمتم من بين أسنانه :

-فلت من إيدي المرة دي يابن يحيى .. بس و الله ما هسيبك !
_ تهديد ! _

وصلت "سمر" إلي بيتها أخيرا بعد أن أطمئنت علي "ملك" و تعرفت علي أسباب علتها ..

أمسكت "ملك" بيد ، و باليد الأخري أدارت المفتاح في القفل ، ثم دفعت الباب و دخلت و هي تتنفس بصورة غير منتظمة بسبب درجات السلم الكثيرة التي صعدتها ..

أغلقت الباب بروية ، و أستدارت لتنظر في عمق الصالة

بالطبع .. كان "فادي" هناك ، واقفا في محاذاة الحائط قبالتها ، في الظل وراء باب النافذة المفتوحة ..

كان ينظر إليها صامتا ، وجهه جـ.ـا.مد قاسٍ و جسده متـ.ـو.تر

لم يصعب عليها كثيرا فهم أنه شاهدها من خلال النافذة و هي تترجل من سيارة "عثمان" هذا بدا واضحا جدا من نظرات العنف و الإتهام المنطلقة كالأسهم من عينيه ..

إنقبضت في إنتظار السيل الجارف من اللوم و الإهانات

لكنه لم يأت بحرف ، بقي متفرسا في وجهها ، توقعت أنه لا يقو علي الكلام من شـ.ـدة الغضب ، فباشرت هي بتبرير ما قامت به ..

سمر و هي تقول بإبتسامة مرتبكة :

-فادي ! .. إنت رجعت يا حبيبي ؟ أنا إتصلت بيك كذا مرة قبل ما أنزل عشان أقولك إن ملك سخنت فجأة بس إنت ماكنتش بترد ، فإضطريت أخدها أنا علي المستشفي .. و ألقت نظرة نحو الطاولة في الوسط حيث نسيت هاتفهها ، و تابعت :

-بس نسيت الموبايل هنا .. أسفة ، أكيد إنت إتصلت بيا كتير !

سمعت صدي حشرجة في حنجرته ، لكن بقيت ملامحه علي حالها ، إلي أن تحرك أخيرا و قال بهدوء شـ.ـديد يختبئ ورائه غضب عظيم :

-سمر .. يا ريت من فضلك تشرحيلي دلوقتي حالا مين الشخص إللي جابك لحد البيت بعربيته ده ؟ و إيه هي علاقتك بيه بالظبط ؟؟؟

أخذت تتنفس بسرعة ، بينما إتسعت عيناه و كانتا بـ.ـاردتان و قاسيتان جدا ..

-علاقة إيه و زفت أيه ؟ .. صاحت بصوت عالٍ ، و أردفت بغضب :

-هو أنا لاقية آكل و لا آكلوكوا لما هروح أعمل علاقات ؟ إنت إتجننت ؟؟!

فادي بعصبية و هو يقترب منها :

-أومال تفسري إللي لسا شايفه بعنيا ده بإيه ؟ تفسري بإيه ركوبك عربية زي دي مع واحد زي ده ؟ و بعدين مين ده أصلا ؟ عرفتيه منين ؟؟؟

-ده يبقي صاحب الشغل يا مـ.ـجـ.ـنو.ن .. أجابت بصراخ ثائر :

-ده يبقي عثمان بيه إللي حكيت لسيادتك عنه ، ده يبقي الإنسان الوحيد إللي وقف جمبنا و ساعدنا بعد ما كل الناس جم علينا و ظلمونا ، و شوف كمان .. و رفعت كيس الآدوية التي أوصي بها الطبيب لشقيقتها ، و أكملت :

-أصر إنه يشتري الدوا لملك رغم إنه دفع حق الكشف عند أكبر دكتور أطفال هنا في إسكندرية !

فادي متسائلا بحدة :

-و هو إيه إللي يخليه يعمل معانا كل كده أساسا ؟ عاشقنا في الضلمة !! .. نطق جملته الأخيرة بتهكم لاذع ، ثم قطب بإستغراب مكملا :

-و بعدين تعالي هنا ؟ إنتوا إتقابلتوا إزاي ؟ لما هو ماكلمكيش عشان تروحي تستلمي الوظيفة إللي قالك عليها ! شوفتيه إزاي ؟؟!!

تنهدت "سمر" بضيق ، لكنها حكت له كل ما حدث ، بدءاً من عراكه مع موظفة الإستقبال بالمشفي ، و حتي عودتها إلي هنا بعد أن قام بتوصيلها ..

-أنا بردو مش مقتنع ! .. قالها "فادي" بعدm إقتناع ، و أردف بشك :

-بيعمل معاكي إنتي بالذات كده ليه ؟ .. إشمعنا إنتي يعني ما المحتاجين كتير !!

سمر بسخرية :

-و إنت إيش عرفك إنه مش بيعمل كده مع ناس كتير ؟ عمرك ما شفت حد بيعمل خير مع ناس كتير ؟!!

لم يرد و ظل ينظر إليها في عدm إقتناع ..

فأدارت عيناها بضيق و هي تطلق زفرة حانقة ، ثم إختفت من أمامه بسرعة متجهة إلي غرفتها ، و أخذت "ملك" معها ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في مستشفي الأسكندرية العام ..

يعود "عثمان" إلي هناك و يصعد للطابق الثالث ، ليخبره المسؤول عن الدور بأنه تم نقل "صالح" إلي غرفة عادية لإستكمال العناية به ..

ذهب "عثمان" إلي غرفة رقم (407) حيث أرشـ.ـده المسؤول ، ليجد أنها ليست غرفة بالمعني الحرفي ، و إنما هي مجرد عنبر كبير إكتظ بالمرضي بمختلف أنواعهم

رجـ.ـال ، نساء ، و أطفال ..

وقف مشـ.ـدوها للحظات يحدق في كمية الإهمال و المناظر المريعة الممتدة أمام ناظريه ، لكنه ما لبث أن راح يبحث بعيناه عن أفراد عائلته وسط هذا الكم الهائل من الناس

وجدهم بصعوبة .. هناك ، جمعيهم يقفون بركن قاصي من العنبر ملتفين حول سرير معين .. لابد أنه السرير الذي يرقد عليه "صالح" ..

-مساء الخير يا جماعة ! .. قالها "عثمان" و هو يقترب بخطوات واسعة ثم يقف بجوار والده الذي ما أن رآه حتي صاح به :

-إنت كنت فين يا بني آدm من الصبح ؟ و بكلمك قافل تليفونك ليه ؟ إزاي تسيبنا في موقف زي ده ؟؟؟

عثمان بفتوره المعتاد :

-كان ورايا مشوار مهم خلصته و رجعت علطول أهو .. ثم توجه بالنظر نحو عمه و "هالة" و قال :

-حمدلله علي السلامة يا عمي ، حمدلله علي السلامة يا هالة.

تجاهله "رفعت" متعمدا و أدار وجهه للجهة الأخري ، لكن "هالة" لم تفعل ..

هالة بصوتها الرقيق و المغلف بالحـ.ـز.ن :

-الله يسلمك يا عثمان .. إزيك ؟

-تمام الحمدلله .. قالها بإبتسامة قصيرة ، ثم عاد إلي والده و قال و هو يصوب نظره نحو "صالح" الموارى تحت طبقات من الجبس و الشاش :

-إنتوا إزاي لسا مستنين هنا ؟ إزاي ما طلبتوش نقله لمستشفي خاصة ؟؟!

"يحيى" بنظرة عابثة :

-و إحنا كنا مستنين رأيك مثلا ؟ عملنا كده يا حبيبي ، حجزناله أوضة في أحسن مستشفي و خلاص عربية الإسعاف علي وصول.

أومأ "عثمان" متجاوزا رنة الإستهزاء في نبرة والده ، ثم إستأذن منهم لدقيقة و خرج أمام العنبر ليجري مكالمة خاصة ..

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في منزل "رشاد الحداد" .. داخل حجرة الطعام

يترأس المائدة كعادته بوقاره و هيبته الطاغية ، إبـ.ـنتيه تجلسان معه ، الكبيرة علي يمينه ، و الصغيرة علي شماله ..

يتم الغداء في جو صامت متـ.ـو.تر ، لا يُسمع خلاله سوي أصوات الملعاق و بقية آدوات الطعام و هي تحتك بالصحون و الأطباق ..

يرن هاتفهه فجأة ، فيخرجه من جيب سترته و ينظر إلي إسم المتصل ... "عثمان البحيري" !!!

تصلبت عيناه عند رؤيته للإسم ، و لاحظت إبـ.ـنتيه جمود تعابير وجهه

لكنه أعطي أمر بالتحفز لجميع حواسه ، و أجاب بنبرة تحدٍ :

-أهلا بالغالي !

صمت قصير علي الطرف الأخر ، ثم جاء صوت "عثمان" الناعم كجلد الأفعي :

-إزيك يا رشاد بيه .. إنشالله تكون كويس !

-كويس جدااا يا عثمان.

إنتفضت "چيچي" إثر سماع إسمه ، و مضغت الطعام بصورة خاطئة مما تسبب لها في نوبة سعال حادة ..

جاءتها أختها بكأس من الماء ، بينما تابع "رشاد" مكالمته :

-فيك الخير و الله يا عثمان .. بتتصل عشان تسأل ؟ بجد العيش و الملح مابيهونوش.

عثمان بضحكة مجلجلة سمعتها "چيچي" جيدا منبعثة من سماعة الهاتف :

-هو أنا أه ممكن أتصل أسأل عليك بس المرة دي أنا إتصلت عشان حاجة تانية.

-خير يا عثمان ؟؟ .. تساءل "رشاد" ببرود ، ليرد "عثمان" و قد تحولت نبرته تماما من اللين إلي الغضب الشـ.ـديد :

-إسمعني كويس يا رشاد يا حداد .. إبن عمي في المستشفي دلوقتي بسببك ، أنا عارف إنك كنت قاصدني أنا ، بس خليني أقولك لو صالح ماقمش زي ما كان ، أنا همحيك إنت و بناتك من علي وش الأرض ده طبعا بعد ما أنشر الفـ.ـضـ.ـيحة التانية إللي لسا شايلهالك عندي.

رشاد بخشونة :

-فـ.ـضـ.ـيحة إيه ؟؟؟

-الفيلم الساخن بتاع بـ.ـنتك المصونة .. قالها "عثمان" بصوته الخبيث ، و إستطاع "رشاد" أن يري الإبتسامة الشيطانية التي إرتسمت علي شفتيه الآن دون أن يراه ..

تابع "عثمان" بإسلوبه المنحرف الماكر :

-أنا لسا محتفظ بيه .. بصراحة لو تشوفوا هتفتخر ببـ.ـنتك أوي ، ما شاء الله يعني مخلف ------- محترفة ، عارف لو كنت إتجوزتها أكيد كنت هتبسط معاها أوووي ، چيچي في نظري كانت أنسب بـ.ـنت ، جميلة و بـ.ـنت .. بـ.ـنت عيلة ، بس نقول إيه بقي هي إللي إستعجلت و مشيت شمال ، و علي رأي المثل .. يا خسارة الجمال لما يمشي شمال .. ثم تنهد بخفة و قال :

-يلا بقي أنا مضطر أقفل دلوقتي ، بس يا ريت متنساش كلامي هه ! إفتكر كويس إني حذرتك يا رشاد بيه ، قبل ما تفكر تعمل أي حاجة تمسني أو تمس حد يخصني إفتكر الفـ.ـضـ.ـيحة بتاعة المرة الجاية و قدر حجمها كده هيكون أد إيه ... سلام يا باشا ، و إبقي سلملي علي چيچي ، قولها عثمان باعتلك سلام خصوصي أووووي.

و أغلق "عثمان" الخط و هو يضحك بشـ.ـدة ، بينما جرش "رشاد" بأسنانه و إزدادت حمرة وجهه الغليظ ..

دوي فجأة صوت إنفجار علبة الصودا المغلقة التي كانت بين أصابعه ، فإنتشر السائل في كل مكان و بلل كلا من "چيچي" و أختها ..

لم تجرؤ واحدة منهما علي سؤال "رشاد" ماذا قال له "عثمان" ؟!

فآثرتا الصمت ، بينما غمغم "رشاد" و هو يشتعل غضبا و غـ.ـيظا :

-بتعجزني يابن الـ--- .. ماشي ، ماشي يا عثمان !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في منزل "سمر" ... كانت بغرفتها

تغير لـ"ملك" ملابسها ، عنـ.ـد.ما ولج "فادي" في هدوء ممسكا في كلتا يداه كوبان من الشاي الأحمر ..

إقترب ببطء من السرير ، ثم مد يده إلي "سمر" قائلا :

-إتفضلي يا ستي ، عملتلك معايا كوباية شاي إنما إيه هتروقك عالأخر.

تطلعت "سمر" إليه في شك ، و لكنه بدا طبيعيا للغاية ، و كأن لم يحدث شجارا بينهما اليوم ..

أخذت منه كوب الشاي و لم تستطع إخفاء تعجبها ، فضحك بخفة و هو يسألها :

-إيه يا بـ.ـنتي مالك ؟ مذبهلة كده ليه ؟!

سمر و هي تضع "ملك" في حجرها :

-أصل إللي يشوفك دلوقتي مايشوفكش لما كنت بتزعق و عصبي من شوية !

فادي بإبتسامة :

-و أنا يعني إتعصبت و زعقت ليه ؟ أكيد إنتي عارفة إني خايف عليكي .. صح ؟

سمر و هي ترد له الإبتسامة :

-طبعا عارفة يا حبيبي .. بس لازم يكون عندك ثقة شوية في أختك الكبيرة ، أنا دلوقتي يا فادي بقيت مكان ماما و بابا بالظبط ، إنت و ملك مسؤولين مني و واخدين كل وقتي ، يعني إطمن .. مافيش حاجة ممكن تشغلني عنكوا لا راجـ.ـل و لا غيره ، أنا ماعدتش بفكر في مواضيع الإرتباط دي أساسا.

-طب أولا إنتي غلطانة .. لأن إنتي و ملك إللي مسؤولين مني أنا ، أنا هنا راجـ.ـل البيت .. قالها بإسلوب مسرحي أضحكه و أضحكها معه ، و أكمل :

-ثانيا أنا واثق فيكي جدا جدا كمان ، لكن مش واثق في إللي حواليكي يا سمر ، ثالثا بقي و ده الأهم ليه يا حبيبتي مش بتفكري في الإرتباط ؟ لا تكوني عايزة تقعدي في أرابيزي ! لأ يا ماما ده أنا هزقك بدري بدري عشان أفوق لملوكة عمري أنا دي.

و راح يداعب أخته الصغيرة و يدغدغها من بطنها و أسفل إبطها فيجعلها تضحك بهستريا محببة لديه ..

-يا سيدي قول يا باسط .. قالتها "سمر" بإبتسامة باهتة ، ليرد "فادي" بحسه الفكاهي :

-يا باسط ياستي ، عايزاني أقول حاجة تاني ؟ ده إنتي قمر يا بت و بكره العرسان هيبقوا طوابير مش هلاحق عليهم يروح واحد يجوا عشرة لحد ما ألاقيلك الزوج إللي هو ، إللي عليه العين و النية.

ضحكت "سمر" من قلبها ، و قالت :

-يخرب عقلك يا فادي .. ضحكتني ، عرسان إيه إللي هيبقوا بالطوابير دول ؟ هيجوا علي إيه يا حسرة !!

-شوفي يا سمر يا حبيبتي ، إحنا مش أه معانا فلوس ، بس الحمدلله ربنا معوضنا بحاجات تانية.

سمر و هي تسأله بدهشة :

-ربنا معوضنا بإيه يا فادي ؟؟

أجابها و هو يأخذ منها "ملك" و يجلسها علي حـ.ـضـ.ـنه :

-أقولك ياستي .. مثلا ملك ، معوضها بينا إحنا الإتنين لما بابا و ماما مـ.ـا.توا أنا و إنتي بقينا مكانهم بالنسبة لها يعني مش هتحس باليتم ، و أنا .. أنا بدرس الحمدلله و باقيلي السنة دي و هتخرج و هبقي مهندس زي ما كنت طول عمري بحلم باللقب ده .. و إنتي يا سمر ، إنتي أغني مني أنا و ملك.

سمر بفم مفتوح :

-هه ! غنية ؟ .. إزاي ؟!!

-ربنا مديكي وش جميل ، إنتي جميلة يا سمر ، و رأس مالك في جمالك .. أي راجـ.ـل غني و معاه فلوس يتمناكي .. و رفع إصبعه السبابة مكملا بشرط :

-بس تعززي نفسك .. إوعي تحسسي إللي قدامك بحاجتك للفلوس ، مـ.ـا.تخليش حد يعرف نقطة ضعفك ، ده إللي أنا طول الوقت بحاول أوصلهولك ، لازم تستقوي شوية و مـ.ـا.تبقيش سهلة أبدا ، الكل بيحوم حواليكي و أنا علي أد ما بقدر بوقفهم عند حدهم ، لكن خـ.ـو.في بقي من الناس إللي بتتعاملي معاهم برا .. مش عارف هتتصرفي إزاي لوحدك !

سمر بعد صمت طويل حاولت خلاله إحتواء حديث "فادي" كله داخل عقلها :

-إنت خيالك واسع أوي يا فادي .. أنا مش جميلة الجميلات علي فكرة ، و بعدين أنا مابشوفش حد بيحوم حواليا !

فادي مشـ.ـددا علي كلامه بصرامة :

-عشان أنا موقف الكل عند حده زي ما قلتلك .. محدش هنا يقدر يهوب ناحيتك و أنا موجود.

رمقته بنظرات ساهمة و قد حلت علي ذاكرتها جميع المواقف ذات الدلالة علي كلامه

مثلا تذكرت مجيئ عم "صابر" مالك الشقة إلي هنا منذ أيام ، تذكرت كيف إرتبك عنـ.ـد.ما وجد "فادي" بوجهه و كيف أنه حاول إخفاء إرتباكه بكلمـ.ـا.ته اللاذعة

و تذكرت أيضا "كرم" شقيق الجارة "عطيات" التي تسكن فوقها ، كثيرا ما يدق بابها أثناء غياب "فادي" بحجة أشياء قام بإسقاطها رغما عنه من الشرفة بالأعلي فتدخل هي بحسن نية و تجلب إليه أشياؤه بإبتسامة رقيقة

و "مصطفي" الشاب الذي يملك محل كوي الثياب الرجـ.ـالي ، هو الأخر يأتي بطلب ملابس "فادي" و لكن في غيابه طبعا ، و غيره و غيره ..

فهمت "سمر" معني كلام أخيها الآن عنـ.ـد.ما تجلت أمامها الأمور ، أحست و كأنها أخذت صفعة علي وجهها ، و لكن الصفعة مفيدة و جاءت بوقتها ، فقد أفاقت و أزداد وعيها بما يدور من حولها ..

-إيييه ياينتي ! روحتي فين ؟ .. قال "فادي" بتساؤل عنـ.ـد.ما أطالت في شرودها

بينما إنتبهت إليه "سمر" و قالت :

-أنا معاك أهو !

تمطي "فادي" بكسل و هو يقول :

-لا معايا إيه ، أنا هستأذنك بقي و هروح أنام مش قادر .. خدي الأميرة الصغيرة دي و نايميها هي كمان شكلها نعسانة.

و ناولها "ملك" ثم قام و مشي في إتجاه الباب ..

و لكن صوتها إستوقفه قبل أن يخرج :

-فادي !

فادي و هو يلتفت ثانيةً :

-في حاجة يا سمر ؟!

-أه .. كنت عايزة أقولك إني هبدأ الشغل من بكره.

-من بكره ؟ .. قال بدهشة ، و أردف بضيق :

-و عثمان بيه هو إللي قالك كده ؟

-أيوه.

زم شفتيه في إستسلام ، ثم قال :

-طيب يا سمر .. بس ملك مين هياخد باله منها ؟؟!

سمر و هي تطمئنه بثقة :

-مـ.ـا.تقلقش أنا إتفقت مع الحاجة زينب مرات عم صابر هسيبهلها الكام ساعة بتوع الشغل و هي هتاخد بالها منها ، مـ.ـا.تخافش يا فادي .. الحاجة زينب بتحب ملك و بتحب الأطفال عموما عشان إتحرمت منهم.

أومأ "فادي" بتفهم و قال :

-ماشي .. بس أوعديني ، خلي بالك من نفسك.

سمر بإبتسامة :

-مـ.ـا.تقلقش يا حبيبي .. أنا هبقي كويسة إن شاء الله !
_ أول يوم عمل ! _

صباح يوم جديد ... تستيقظ "سمر" كالعادة علي صوت زقزقة العصافير و أيضا علي صوت بكاء "ملك" الذي ينذر بإستيقاظها ..

تترك "سمر" فراشها بسرعة تسد أي ثغرة ينفذ منها شعور النعاس و العودة للنوم ، تذهب نحو سرير أختها ، تحملها و تؤرجحها بين ذراعيها قليلا ثم تعد لها وجبة سريعة _ اللبن المجفف خاصتها _

يستيقظ "فادي" في هذه الأثناء ، لتسلمه "سمر" الطفلة ، ثم تتجه هي نحو الحمام

أدت روتينها اليومي و أغتسلت ، ثم عادت إلي غرفتها

فتحت خزانتها تستعرض الثياب المعلقة بها ، كلها قديمة و رثة ، لكن لا يهم ، هي لم تهتم يوما بالمظاهر ، و بما أنها ذاهبة للعمل فهذا الهدف سيكون أهم من أي شيء تتطلع إليه

يجب أن تكد و تعمل بجهد حتي تثبت لـ"عثمان" أنه لم يخطئ حين أختارها لهذه الوظيفة ، يجب أن تثبت إليه أنها تستطيع القيام بهذا العمل الذي ستمارسه لأول مرة

و ليس هكذا فقط ، ينبغي أن تجعله ينبهر بقدراتها أيضا و بالنتائج التي ستحصدها ، لما لا ؟ .. فهي ذكية و تملك عقل نبيه و ستتعلم بسرعة ..

إختارت "سمر" ثوب طويل باللون الأزرق إرتدت عليه حجاب أبيض اللون أبرز سمرة وجهها الناعمة الجذابة و عزز لون عيناها الممزوجتان بالأخضر و العسلي

إنتعلت حذائها البالي في الأخير ، ثم أخذت حقيبتها الصغيرة و خرجت إلي الصالة ، حيث "فادي" هناك يمشي طولا و عرضا بـ"ملك" التي لا تكف عن الصراخ كعادتها ..

توقف "فادي" عن الحركة لحظة ظهور "سمر" ثم قال و هو يشملها من بعيد بنظرة فاحصة :

-إيه ! خلاص ماشية يا سمر ؟

سمر بإبتسامة هادئة :

-أيوه يا فادي .. قبل مـ.ـا.تروح إنت بقي علي كليتك مـ.ـا.تنساش تلم حاجات ملك و تديهم كلهم للحاجة زينب و إن شاء الله مش هتأخر.

-هتروحي نفس الشركة ؟!

-لأ .. ما أنا قلتلك ، هو أسس شركة جديدة لنفسه قرر يشتغل لوحده يعني و لغي حفلة الإفتتاح عشان إللي حصل لإبن عمه ، فالشغل هيبدأ عادي من إنهاردة منغير أي حاجة.

فادي و هو يهز رأسه بتفهم :

-ماشي يا سمر .. ثم أوصاها مؤكدا :

-سمر .. خلي بالك من نفسك !

تنهدت بشئ من الضيق و قالت :

-حاضر .. حاضر يا فادي دي المرة المليون تقولي نفس الكلمة من إمبـ.ـارح ، و الله هاخد باللي من نفسي مـ.ـا.تقلقش.

حدجها بنظرات مترددة ، لكنها إستأذنته بسرعة قبل أن يفه بكلمة أخري :

-يلا بقي أنا لازم أمشي دلوقتي عشان مـ.ـا.تأخرش مش معقول أتأخر من أول يوم كده .. يلا باي !

و هرولت إلي خارج المنزل تاركة إياه في حالة عدm رضا و عجز عن الرفض في آن ، فهم بحاجة إلي المال قبل كل شيء ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••

في قصر آل "بحيري" ... يصحو "عثمان" من نومه إثر رنين جرس التنبيه المنبعث من هاتفهه

مد يده و أخذ الهاتف و أسكت ذلك الدوي المزعج ، ثم فرك عينه و هو يزفر بكسل ..

قام من سريره الوثير علي مضض ، ثم دلف إلي حمامه الفخم

أخذ دوشا ساخنا ليرخي عضلات جسده و يتخلص من رواسب اليوم الفائت ..

فرغ من إستحمامه بعد ثلث ساعة تقريبا ، ثم خرج و هو يلف المنشفة حول وسطه

توجه مبتل الخطي نحو غرفة الثياب الفاخرة الملحقة بغرفته

إنتقي بذلة سوداء اللون عصرية و بدون ربطة عنق من العلامة التجارية (چي كرو ) و أرفق معها ساعة يد مصنوعة من البلاتين الخالص ، ثم إختار حذاء أسود لامع علي جوارب بنفس اللون

إرتدي ملابسه كلها، ثم وقف أمام المرآة الضخمة ، قام بتمشيط خصيلات شعره الكستنائية الطويلة ، و مشط لحيته الكثيفة بعناية أيضا ..

نثر عطره الثقيل الجذاب علي وجهه و حول عنقه ، و أخيرا إنتهي ..

ألقي علي نفسه نظرة مغترة واثقة ، و عدل من هندامه للمرة الأخيرة ، ثم أخذ مفاتيحه و هاتفهه و غادر غرفته ..

إصطدm بـ"هالة" أثناء هبوطه الدرج ، فوقف و قال بإبتسامة إعتذار :

-هالة ! معلش خبطك ، ماخدتش بالي.

هالة بإبتسامة متيمة :

-و لا يهمك يا عثمان .. محصلش حاجة.

عثمان و قد لاحظ طريقتها الناعمة التي يعرفها جيدا :

-هو مافيش حد في البيت و لا إيه ؟؟

-لأ كلهم راحوا من شوية لصالح ، أصل إمبـ.ـارح صافي أصرت تبات معاه في المستشفي و قالت مش هتروح إلا أما يجي حد يقعد معاه بدالها.

-أه .. طب و إنتي ماروحتيش معاهم ليه ؟

-بابي قالي خليكي دلوقتي عشان أستريح من السفر يعني ، و بعدين هيبقي يبعتلي السواق يوديني علي بليل كده .. ثم قالت بإبتسامة خجل :

-إنت رايح الشغل صح ؟ تحب أحضرلك الفطار طيب ؟؟

عثمان بعذوبة :

- يا هالة ، إنتي عارفة أنا فطاري فنجان قهوة مافيش غيره و ده هاخده في الشركة.

عبست بضيق قائلة :

-فنجان قهوة بس ؟ إنت لسا بردو متمسك بالعادة دي ؟ و الله هتقع من طولك يا عثمان و أبقي قول هالة قالت.

عثمان ضاحكا بخفة :

-مـ.ـا.تقلقيش يا لولا يا حبيبتي ، إبن عمك جاامد أوي .. و غمز لها بعينه ، فأغرمت أكثر بتفاصيله الساحرة ..

بينما إنحني "عثمان" قليلا و طبع قبلة سطحية بريئة علي شعرها من جهة أذنها ، و قال :

-يلا بقي أنا ماشي ، عايزة حاجة ؟

هالة بأنفاس متلاحقة :

-لا !

تجاوزها و يلوي ثغره بإبتسامة جانبية ، فيما هي لا زالت علي حالها ، ساكنة بمكانها ، مأخوذة ، مسرورة ، تتنفس بقية ذرات الهواء المعبقة بعطره ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في المستشفي الخصوصي التي نقل إليها "صالح" مساء أمس ..

داخل هذا الجناح الواسع النظيف و المزود بأحدث الأجهزة الطبية ، يرقد "صالح" فوق ذلك السرير الأبيض

بينما "صفية" غافية علي كرسي بجواره ، ملقية برأسها علي كتفه السليمة ..

فتح "صالح" عيناه بتثاقل ، و أطلق تآوها متألما إنتفضت "صفية" علي إثره مستيقظة ..

-صالح ! .. قالتها "صفية" بتلهف و هي تعتدل في جلستها بسرعة ، و تابعت :

-إنت كويس يا حبيبي ؟ حاسس بإيه ؟ أندهلك الدكتور ؟؟؟

حرك "صالح" رأسه للجهتين و هو يعصر جفناه من الألم ، ثم قال بصعوبة :

-تعبآاان .. مش قآاادر .. جـ.ـسمي كله قايد نار .. آاااه.

صفية بعينان دامعتان :

-معلش يا صالح .. هتبقي كويس إن شاء الله ، هتقوم يا حبيبي .. ثم أرتمت علي صدره المضمد و هي تجهش بالبكاء و تقول من بين دmـ.ـو.عها :

-أنا أسفة .. سامحني أنا السبب ، أنا إللي طلبت منك تنزل يومها ، لو ماكنتش نزلت ماكنش كل ده حصل .. سامحني يا صالح .. سامحني !

-صآا في ! .. قالها بخفوت شـ.ـديد لعدm مقدرته علي الكلام ، و أكمل بوهن :

-صفـ ية . من فضلك .. خلاص . كفاية . إنتي كده بتتعبيني زيادة.

إبتعدت عنه و هي تمسح دmـ.ـو.عها بسرعة ، ثم قالت :

-خلاص .. مش هتعبك ، أنا سكت أهو.

إبتسم بجهد ، و كم أراد أن يرفع يده ليربت علي شعرها ، لكن جسده خانه ، رافض كل أمر منه بالحركة ، فقط الآلم هو المسيطر الآن

حريق مستعر لا نهائي ، يمضي زاحفا بأصابع من لهب علي كافة أنحاء جسده و خاصة عظامه ..

-هو إيه إللي حصل بالظبط ؟ .. سألها بصوت متحشرج

-إنت مش فاكر أي حاجة ؟!

صالح بإستذكار :

-أنا كل إللي فاكره . إني كنت سايق بسرعة .. و فجأة نسيت عنوان المستشفي إللي خدته منك . قلت أتصل بيكي أخده منك تاني و قللت السرعة .. بس .. بس السرعة ماقلتش . زادت .. زادت أوي ، و كنت هخبط في عربية ، فدخلت في الطريق المعاكس .. و فجأة طلعت عربية تانية في وشي .. و مش فاكر أيه إللي حصل بعد كده !

أمسكت بيده و ضغطت برفق و هي تقول :

-حبيبي إنت كويس إطمن .. إن شاء الله مش هطول هنا.

-الدكتور قال إيه ؟

صفية و قد إنتابها التـ.ـو.تر :

-الدكتور ! .. الدكتور قال إنك كويس ، بس لازم تتعالج هنا فترة الأول.

عبس بغرابة ، بينما خشت أن يستفسر أكثر ، فقالت بشئ من الإرتباك :

-بقولك إيه إنت مش جعان ؟ أخليهم يجبولك إيه ؟؟!

صالح برفض :

-لأ مش عايز.

صفية بحـ.ـز.ن :

-ليه بس يا صالح ؟ إنت بقالك يومين فاقد الوعي و عايش علي المحاليل .. إيه ماجعتش ؟!!

-لأ .. قالها بكدر و هو يشيح بوجهه عنها ، فعضت علي شفتها بإستياء

لكنها عادت تقول بدلال و هي تمد يدها و تدير وجهه إليها ثانيةً :

-عشان خاطري يا صلَّوحي .. Please .. وحياتي !

صالح و هو يبتسم رغما عنه :

-إنتي عارفة إني بضعف قدام السهوكة بتاعتك دي .. ماهي مش بالساهل ، طول عمرك مطلعة عيني و منشفة ريقي.

ضحكت بغنج ، ثم قالت بمزاح :

-و إنت طول عمرك بـ.ـارد و رخم و مابتنزليش من زور .. مش عارفة هتجوزك إزاي !!!

-بقي كده ؟ مااشي ، خليكي بقي فاكرة كلامك ده و لما أخرجلك من هنا.

-هتعملي إيه يعني ؟ .. إستوضحت بحدة مصطنعة ، ليرد متقهقرا :

-مش هعمل حاجة يا حبيبتي .. هو أنا مـ.ـجـ.ـنو.ن ، ده إنتي تسيبي عليا عنتر فيها.

-أيوه كده إتعدل.

في هذه اللحظة فـُتح باب الغرفة ، ليدخل "رفعت البحيري" و معه كلا من "يحيى" و "فريال" ..

وجدوا أن "صالح" قد أفاق من غيبويته ، فهرع إليه والده و جثي علي ركبتيه بجوار سريره و أخذ يبكي و يعانقه و يقول :

-يا حبيبي .. حمدلله علي سلامتك يا حبيبي ، الحمدلله .. إنت كويس يابني ؟؟؟

أجابه "صالح" بإبتسامة بسيطة تطمئنه :

-أنا كويس يا بابا الحمدلله .. مـ.ـا.تقلقش.

جال "رفعت" بنظره علي إبنه يتأكد بنفسه ، ثم إقترب منه أكثر و راح يقبل كتفيه و يتشممه متمتما بعاطفة أبوية :

-ألف حمدلله علي سلامتك يا صالح .. ألف حمدلله علي سلامتك.

-حمدلله علي السلامة يا صالح .. قالها "يحيى" بإبتسامة ، ليرد "صالح" إبتسامته قائلا :

-الله يسلمك يا عمو.

فريال بإبتسامة رقيقة هي الأخري :

-حمدلله علي سلامتك يا صالح.

-الله يسلمك يا طنط فريال.

-شـ.ـد حيلك بقي عشان تقوم و ترجع البيت معانا.

إبتسم "صالح" و هو يهز رأسه قائلا :

-إن شاء الله .. ثم تساءل بإهتمام :

-أومال فين عثمان صحيح ؟؟

أجاب يحيى :

-عثمان يا سيدي في شركته الجديدة .. راح يفتتحها ، بس قال إنه هيخلص و هيجي علي هنا علطول.

صالح بتفهم :

-ربنا يعينه !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

أمام مؤسسة ( البحيري للتسويق و التجارة ) .. تترجل "سمر" من سيارة الآجرة

و أخيرا وصلت بعد معاناة في الطريق ، حيث الإزدحام سائد و العثور علي أي وسيلة مواصلات صعب ..

توجهت إلي الداخل و هي تري المناظر البديعة ممتدة علي طول بصرها و تشم الروائح الطيبة منتشرة في كل المكان

تلك إمارات الثراء .. قالت في نفسها ، ثم إتجهت نحو الإستقبال ، حيث هناك تجمهر بسيط و فتاة في مقتبل العمر تقف و تتكلم عبر ( المايك) المكبر للصوت :

-من فضلكوا يا أساتذة . الكل يلزم مكانه ، دقايق بالظبط و مستر عثمان البحيري هيكون معانا ، هيقول كلمته و يسمعكم تعليمـ.ـا.ته و بعدين الكل هايروح علي شغله .. من فضلكوا نلتزم الصمت و ناخد أماكنا بهدوء !

يتبــــع ...
_ مدير صارم ! _

طالت مدة الإنتظار ، و مضت عدة دقائق طويلة و "سمر" تقف ككل الموظفين ، في إنتظار طلة المدير البهية ..

و أخير آتي .. لمحته من علي بـُعد ، و هو يأخذ مكان موظفة الإستقبال و يتناول (المايك) ثم يضعه في مستوي فمه و يبدأ ..

عثمان بصوت أجش و هو يرسم علي وجهه ملامح الصرامة المطلقة :

-صباح الخير .. رد الجميع تحيته ، ليتابع بسرعة :

-أهلا بيكوا في مؤسسة البحيري للتسويق و التجارة ، طبعا كلكوا أكيد عارفين إن الشركة دي منفصلة عن بقية مجموعات عيلتي ، بمعني أدق يعني عارفين إنها تخصني أنا لوحدي .. مش هخوض في تفاصيل كتير عشان مانضيعش الوقت و إحنا لسا في أول يوم بس هقول كلمة ، كلمة واحدة و ملهاش تاني ..

أنا ماعنديش هزار في الشغل .. إللي هيشتغل بجد في الشركة دي أهلا و سهلا هيشوف كل خير . أما إللي مش عايز يشتغل مع السلامة و الباب يفوت جمل ، الشركات المنافسة كلها ماشية بنظام قديم . نظام تقليدي و عقيم . ماشية بالبركة يعني . لكن شركتي مستحيل تبقي في المستوي ده ، عشان كده كل موظف هنا مكانه مهدد بالسحب . يعني كل 3 شهور هنصفي موظفين . هنشوف مين إللي كفاءاته عالية هنخليه . أما إللي هنشوفه مش بيضيفلنا حاجة هنقوله مع السلامة ..

اليوم هنا 8 ساعات .. في إستراحة طبعا لكن باقي الوقت شغل يعني شغل ، مش عايز أسمع مشاكل ، مش عايز أشوف تدني في مستوي العمل ، مش عايز كسل في الشغل ، و الأهم من ده كله مش عايز نفر يتأخر عن معاد شغله ، كلكوا تبقوا هنا قبلي ، و طبعا في جزي للي ممكن يتأخر و ممكن توصل للرفد !

صمت "عثمان" قليلا ، يمرر نظره علي وجوه الموظفين التي شحبت تدريجيا إثر كلامه الشـ.ـديد الحازم ، ثم أكمل بلهجة فاترة :

-زي ما في شـ.ـدة و حزم في الشغل في كمان ترفيهات و حاجات كتير كويسة ، أنا عمري ما ببخل أبدا علي موظفيني . و أظن معظمكوا عارف كده .. أشوف بس التقدm بعيني ، ساعتها المرتبات هتزيد و العلاوات و الحوافز هتبقي الضِعف.

دوي التصفيق الحار فجأة بعد أن أنهي جملته ، ليهز رأسه بإبتسامة رزينة يشكرهم ، ثم عاد و قال :

-يلا بقي كل واحد علي شغله من فضلكوا !

تفرق الحشـ.ـد من أمامه شيئا فشيء ، لتقع عيناه عليها و يلتقطها من بين الجميع ..

كانت مرتبكة ، متـ.ـو.ترة .. واقفة لا تعرف ماذا تفعل أو أين تذهب ، فنادي هو عليها دون أن يستخدm (المايك) :

-أنسة سمر !

نظرت إليه فورا ، بينما أشار لها بيده لتأتي له

فعلت ذلك في الحال و مضت إليه مهرولة ..

-صباح الخير يا أنسة سمر .. قالها بإبتسامته الجذابة و قد تخلي عن جديته السابقة تماما ، لترد بصوت مبحوح :

- يا عثمان بيه !

-جاهزة للشغل ؟

سمر و هي تهز رأسها بشيء من التـ.ـو.تر :

-جاهزة حضرتك.

-طيب إتفضلي .. قال و هو يمد لها يده بحقيبته الخاصة

أخذتها منه في إضطراب ، لكنها تساءلت :

-أعمل بيها حضرتك ؟

عثمان و قد عاد لجديته ثانيةً :

-إنتي مش بقيتي سكرتيرتي ؟

أومأت بالإيجاب ، ليرد :

-يبقي كل حاجة تخصني من إنهاردة تحت مسؤوليتك .. ثم قال بلهجة آمرة :

-إتفضلي هاتي الشنطة و تعالي ورايا.

تبعته "سمر" و هي تكاد تتعثر من وسع خطواته ، إلي أن إستقلا المصعد

أخيرا إلتقطت أنفاسها .. أُغلق الباب علي كليهما و ضغط "عثمان" زر الطابق الثالث

لم يحاول أن ينظر لها إطـ.ـلا.قا خلال تلك الثوان القصيرة ، بل أظهر برودا بالغا في تصرفاته و بقي متحفظا في شخصيته الواثقة و المغرورة في آن ..

وصل المصعد إلي الطابق المنشود ، ليخطي "عثمان" إلي الخارج أولا و يتجه إلي غرفة مكتبه مباشرةً دون أن يلتفت خلفه

لحقته "سمر" و هي تلهث قليلا ، بينما ينزع هو سترته و يستدير و يعطيها إليها قائلا :

-خدي الچاكيتة دي علقيها هناك .. و أشار إلي المشجب المستقيم علي بعد مترين من جهة يمين المكتب

أخذتها منه بإضطراب أشـ.ـد و فعلت ما قاله ثم عادت إليه مرة أخري ..

كان قد جلس مسترخيا وراء مكتبه ، أخذ يحدق فيها لوقت من الزمن ، نظراته فارغة غير مقروؤة ، فعبست "سمر" متساءلة :

-في حاجة حضرتك ؟

لم يجيبها في الحال ، صمت لبرهة ، ثم قال :

-و لا حاجة يا سمر .. ببصلك بس ، ت عـ.ـر.في إن شكلك حلو أوي !

توردت خجلا إثر جملته الأخيرة ، و أطرقت رأسها بسرعة و هي تعض علي شفتها السفلي بقوة ..

-إنتي إتكسفتي مني و لا إيه ؟ .. قالها بتساؤل ، و أردف :

-الجمال مابيكسفش صاحبه بالعكس . لازم تتباهي بيه !

سمر بتلعثم و هي لا زالت مخفضة رأسها :

-حـ حضرتك .. أنا . مش متعودة حد . يقولي كده !

عثمان ببراءة متكلفة :

-إتضايقتي يعني ؟ .. عموما أنا ماقصدتش أضايقك ، كل الحكاية إن هي دي طريقتي في التعبير ، طول عمري متعود أقول رأيي بصراحة .. ثم أضاف بحـ.ـز.ن مصطنع و هو يشيح بوجهه للجهة الأخري :

-أنا آسف لو ضايقتك.

سمر و هي ترفع رأسها بسرعة :

-لا أبدا .. أنا مش مضايقة ، بس . زي ما قلت لحضرتك .. مش متعودة حد يقولي كلام زي ده.

-مش متعودة حد يقولك إنك حلوة ؟

أومأت له ، فضحك بخفة و قال :

-إزاي إللي حواليكي مش مقدرين جمالك ؟ أكيد ناس عندهم مشاكل ! .. ثم أكمل و هو ينظر بفضول إلي ذلك الوشاح الذي يحجب عنه رؤية شعرها :

-بس هتبقي أحلي أكيد لو شيلتي الإشارب ده !

سمر بحدة و هي تضع يدها علي رأسها :

-إيه ؟ لأ طبعا . مستحيل في يوم أقلع الحجاب . مستحيل !

عثمان بإبتسامة مرتبكة :

-إيه إيه مالك بس ؟ إهدي أنا ماقولتلكيش إقلعيه . إنتي حرة طبعا . ده كان مجرد رأي مش أكتر.

عكفت حاجبيها بشيء من الضيق ، بينما قال "عثمان" بجدية و هو يهم بمباشرة أعماله :

-طيب .. إتفضلي إنتي علي مكتبك دلوقتي و يا ريت تبدأي شغلك فورا . إتأخرنا في الإفتتاح و بالتالي شغلنا إتأخر . شوفي شغلك بقي و أي رسايل مبعوتة من برا إطبعيلي منها نسخة و هاتيهالي علطول.

سمر بلهجة رسمية :

-حاضر يافنـ.ـد.م.

و خرجت مسرعة ، لتتوقف حركة "عثمان" لحظة أغلاق الباب ، ثم يطـ.ـلق زفرة حارة و هو يتمتم لنفسه :

-إنتي هتتعبيني و لا إيه ؟؟؟ و لو أنا حاطتك في دmاغي خلاص !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في المستشفي .. أمام غرفة "صالح

وقف الطبيب المسؤول عن حالته ، يتحدث إلي أفراد العائلة و يناقشهم بخصوص خطة العلاج ..

الطبيب بنبرة هادئة :

-يا جماعة آجلا أم عاجلا لازم هيعرف . بس مش لازم نتأخر إحنا في العلاج بالذات العلاج الطبيعي . في أجزاء في جـ.ـسمه لازم نتعامل معاها بسرعة . ماينفعش الكسور إللي ضهره تلحم علي بعضها كده خطر !

رفعت بصوت واهن :

-أنا أكيد مش معارض يا دكتور .. أنا بس خايف عليه من الصدmة.

الطبيب بإبتسامة :

-مـ.ـا.تخافش حضرتك أنا بنفسي هقعد معاه و هشرحله وضعه و كل حاجة بخصوص حالته و هو أكيد هيفهم و هيساعدني كمان.

و هنا تدخلت "صفية" :

-طيب يا دكتور بعد أذنك .. بلاش نكلمه في حاجة إنهاردة ، هو لسا فايق . بلاش عشان مايتصدmش زي ما قال عمي . ينفع بكره مثلا ؟!

زم الطبيب شفتيه بتفكير ، ثم قال :

-ماشي يا أنسة ، حل معقول بردو .. خلاص . يبقي بكره الصبح إن شاء الله هاجيله و أشرحله كل حاجة عشان نبدأ في العلاج بأسرع وقت.

و تركهم بعد أن إتفقوا علي هذا الحل ..

بينما مال "رفعت" علي الحائط و هو يردد محزونا :

-بدري عليك يا صالح .. و الله بدري عليك العجز يابني !

يحيى صائحا بإنزعاج :

-في إيه يا رفعت ؟ هتعدد زي الستات و لا إيه ؟!

رفعت و هو يحدجه بعدائية :

-إنت مـ.ـا.تتكلمش معايا خالص .. ليك عين تتكلم و إنت السبب في إللي حصل لأبني !

يحيى بحدة :

-إنت إتجننت صح ؟ أنا السبب أزاي يعني ؟ شكل زعلك علي إبنك لسا مأثر عليك.

-إنت السبب ! .. هتف "رفعت" بإنفعال ، و تابع :

-إنت و إبنك السبب في إللي حصل لأبني . إنتوا الإتنين السبب في رمـ.ـيـ.ـته دي . بس و رحمة أبوك و أمك ياخويا ، لو إبني ماقمش و وقف علي رجليه من تاني هـ آا ..

-هتعمل إيه ؟ .. قاطعه "يحيى" بغضب و قد إتقدت عيناه بلهب مستعر :

-هتعمل إيه يا رفعت ؟ قول .. و شرع في الإقتراب منه ، لتقف "فريال" بوجهه و تقبض علي ذراعه قائلة :

-يحيى ! .. من فضلك خلاص .. ثم إلتفتت إلي "رفعت" و قالت :

-و إنت يا رفعت .. إهدا ، صالح هيبقي كويس مـ.ـا.تقلقش.

و أضافت "صفية" بسأم ممزوج بالدهشة :

-يعني بجد مش وقتكوا خالص .. صالح جوا تعبان و إنتوا واقفين هنا بتتخانقوا ؟ بجد مش مصدقاكوا !!

و تآففت بضيق و هي تتجه إلي غرفة "صالح"

بينما وقفا الأخوين يحدقان ببعضهما في غضبٍ و تحد ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في مكان أخر .. تحديدا في ( كاڤيتريا ) الجامعة

يجلس "فادي" مع رفاقه علي طاولة في الوسط ، كان شارد منذ جلوسه معهم ، إلي أن أنتشله صوت أحدهم :

-إييييه ياعم فاادي ؟ فينك من الصبح !!

إنتبه "فادي" لصديقه ، و أدار وجهه قائلا :

-إيه يا كيمو .. أنا معاكوا أهو يا معلم ، كنتوا بتقولوا إيه ؟؟؟

صديق ثانٍ :

-معانا إيه يابني ! إنت من ساعة ما جيت و إنت سرحان ، مالك يا فادي إنت كويس ؟

رد عليه الأول :

-ياعم ما هو قدامك زي الفل أهو .. تلاقي بس في حب جديد و لا حاجة !

فادي بضيق :

-حب إيه ياخويا إنت كمان . أنا فاضي أهرش في راسي ؟!

-أومال مالك طيب ؟؟!

فادي و هو يفرك عينه بأرق :

-مافيش بس حاسس إني مرهق شوية .. يمكن من السهر و المذاكرة .. ثم قام فجأة ، ليسألونه رفاقه :

-رايح فين ؟؟؟

فادي و هو يخرج هاتفهه من جيب بنطاله الخلفي :

-هعمل مكالمة بس.

صديقه المشاكس :

-أيوه ياعم . و عملنا فيها برئ.

فادي بتهكم :

-أنا هتصل أطمن علي أختي يا ذكي زمانك.

-أختك ؟ ماااشي .. إبقي سلملي عليها بقي.

فادي بحدة :

-إنت هتستعـ.ـبـ.ـط ياض ؟!

ضحك الأخير بإرتباك و قال :

-ياعم بهزر إيه !

رماه "فادي" بنظرة غاضبة ، ثم إستدار مبتعدا ليجري مكالمته ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

عند "صالح" و "صفية" ..

-بردو مش عايزة تقوليلي في إيه ؟ .. قالها بتساؤل و إلحاح ، لترد "صفية" بشيء من الضيق :

-قولتلك مافيش حاجة يا صالح . لو في حاجة أكيد هقولك هخبي عليك ليه يعني ؟!

صالح و هو يرمقها بشك :

-أنا كنت سامع بابا عمو يحيى زي ما يكونوا بيتخانقوا .. قوليلي يا صافي حصل إيه ؟ عثمان عمل حاجة تاني ؟؟!

تنهدت "صفية" تنهيدة طويلة ، ثم أمسكت بيده و ضغطت بحنان قائلة :

-صالح . حبيبي .. إطمن ، مافيش حاجة حصلت . كله تمام صدقني.

صالح متسائلا بحيرة :

-طيب كانوا بيزعقوا ليه ؟؟؟

-ما إنت عارفهم ساعات بيشـ.ـدوا مع بعض لأسباب تافهة . الإتنين عصبيين ، مش أول مرة يتعصبوا علي بعض يعني.

رمقها بعدm إقتناع و كاد يتكلم مجددا ، فسبقته قائلة بإبتسامة رقيقة :

-قولتلك إطمن .. مافيش حاجة تقلق ، صدقني !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في مؤسسة ( البحيري للتسويق و التجارة ) .. إستلمت "سمر" مكتبها مرفق بمكتب "عثمان" مباشرةً و لكن من الخارج

كانت منخرطة في إستكشاف تفاصيل عملها الجديد و التعرف علي كل صغيرة و كبيرة ، و إنهمكت أيضا في إعداد الرسائل التي طلبها "عثمان" و طباعة بعض الأخر المرسل منها ..

سمعت رنين هاتفهها ، فتناولته و نظرت لأسم المتصل

إبتسمت بخفة ، ثم أجابت :

-ألو يا حبيبي !

رد "فادي" :

-إيه يا سمر . مش قلتلك إبقي إتصلي طمنيني عليكي ؟!

-كنت هخلص الشغل إللي في إيدي ده و كنت هكلمك و الله.

-إيه الشغل لحق يرف فوق دmاغك ؟!!

ضحكت "سمر" بمرح ، و قالت :

-الله أكبر في عينك ياخويا هتحسدني !

فادي بحدة :

-وطي صوت ضحكتك دي . فاكرة نفسك في البيت و لا إيه ؟!

-حاضر ياسيدي مش هضحك خالص أهو . ممكن تقفل دلوقتي بقي عشان ألحق أخلص الحاجات إللي في إيدي ؟ مديري عايزهم بسرعة.

فادي بضيق :

-طيب هترجعي إمتي ؟

-علي الساعة 4 أو 5 بالكتير.

-ماشي .. خلي بالك من نفسك.

سمر بحب :

-ماشي يا حبيبي .. يلا باي !

و أغلقت معه

و ما كادت تعود لمتابعة عملها ، إلا آتاها هذا الصوت الرجولي الجذاب :

-لو سمحتي يا أنسة !
_ مفاجآت ! _

رفعت "سمر" رأسها بسرعة لتنظر إلي محدثها

كان شابا في مقتبل عمره ، ملامحه نبيلة و جذابة ، يرنو إليها بعينان بنيتان تتسمان بالجرآة و الثقة ، و علي فمه إرتسمت إبتسامة خفيفة جدا ..

-نعم حضرتك ! .. قالتها "سمر" بإستفهام :

-أقدر أساعدك في حاجة ؟!

تحدث الأخير بإتزان ممزوج بالهدوء :

-أنا جاي أقابل المدير.

-في معاد سابق طيب ؟؟

-لأ .. قوليله بس مراد أبو المجد.

أومأت "سمر" بينما أرسلت يدها إلي موضع الهاتف الذي يصل بين مكتبها و مكتب مديرها

رفعت السماعة ، ليأتيها صوته بعد ثوان :

-في إيه يا سمر ؟

سمر بصوت ثابت و رقيق :

-آسفة يافنـ.ـد.م . بس في واحد عندي هنا طالب يقابل حضرتك . بيقول إسمه مراد أبو المجد !

عثمان بسرعة :

-دخليه حاالا !

-حاضر يافنـ.ـد.م.

و وضعت السماعة ، ثم نظرت إليه و قالت بإبتسامة :

-إتفضل حضرتك .. عثمان بيه منتظرك جوا.

و أشارت نحو مكتب المدير

شملها "مراد" بنظرة فاحصة سريعة ، ثم حيد عنها و توجه صوب غرفة المكتب ..

ولج بإبتسامة واسعة و هو يهتف :

-أنا قلت أعملهالك مفاجأة و أطب عليك يوم الإفتتاح علي غفلة منها أخضك و منها أبـ.ـاركلك !

قهقه "عثمان" بمرح كبير و هو ينهض من خلف مكتبه و يتجه نحو صديقه المقرب قائلا :

-مش أنا إللي أتخض ياض يا --- ده أن أخض عشرة زيك و أنا واقف هنا مكاني.

و فتح ذراعاه ليحتضنه بقوة

إحتضنه "مراد" هو الأخر و ربت بقوة علي كتفه و هو يقول :

-واحشني يا عثمان.

عثمان بغبطة :

-و إنت كمان ياض .. عامل إيه ؟

و تباعدا ، ليجيبه "مراد" :

-تمام الحمدلله . إنت إيه أخبـ.ـارك ؟

عثمان و هو يلوح بيده في حركة دائرية :

-أهو زي ما إنت شايف . مطحون في الشغل الجديد .. تعالي نقعد.

و جلسا في الجهة الأخري من الغرفة فوق آريكة عصرية الشكل ..

-قولي بقي يا سيدي . جاي في إيه ؟ .. قالها "عثمان" بتساؤل و هو يرمق صديقه بنظرات فرحة

بينما قال "مراد" :

-مش في حاجة . أنا نويت بس إستقر هنا.

عثمان بغرابة :

-لا و الله ! ليه كده يابني ؟ أوام زهقت من أوروبا و من بنات أوروبا ؟؟؟

نطق جملته الأخيرة مبتسما بخبث ، ليرد الأخير ضاحكا :

-يابني أنا راجـ.ـل صحتي علي أدي مش أد الحاجات دي ، ده أنا ماشي بالبركة.

عثمان بغمزة :

-علي بابا يالا ؟ .. إطلع منهم ده أنا عاجنك و خابزك.

-طب يا عم أنا لسا في ليڤل المبتدئين إنما إنت دكتور في الموضوع.

عثمان ببراءة مصطنعة :

-ده أنا ؟ أستغفر الله العظيم !

مراد رافعا أحد حاجبيه :

- لا يا راجـ.ـل ؟ إسم الله عليك قال يعني قلبت شيخ جامع في 7 شهور ! ده إنت حرمجي أد الدنيا.

-آه يابن الـ---- !

-ده إنت إللي فسدت أخلاقي ، ملفاتك السودا كلها معايا.

-طب أسطر عليا.

و إنفجرا في الضحك معا ، ليكمل "مراد" :

-نسيت عملت إيه في العجمي الصيف إللي فات ؟ إنت يا صاحبي مابتعرفش حريم لأ . ده إنت بتفطر و بتتغدي و بتتعشي حريم.

-خلااااص الله يخربيتك هتجبني الأرض بعين أمك دي . يا صديق السوء .. ثم إبتسم و قال :

-و الله يابني بقالي كتير مانزلتش الملعب .. زهقت ، تصدق محتاج أجدد نشاطي ! محتاج أعمل Refresh.

و هنا صاح "مراد" بإستذكار :

-آاااه صحيح كنت هتنسيني .. إنت إيه إللي هببته مع چيچي ده ؟ إنت كنت في وعيك لما عملت ده كله ؟؟؟!!

عثمان و قد تجهم وجهه فجأة علي إثر سيرة زوجته السابقة ..

عثمان بإقتضاب :

-إفتكرلي حاجة حلوة ونبي .. مـ.ـا.تعكرش مزاجي في يوم زي ده.

مراد بحذر :

-إيه إللي حصل بس يا عثمان ؟ ده إنتوا إتجوزتوا !!!

ما زال علي صمته ، فتنهد "مراد" بثقل و حاول مرة أخري ..

مراد بلهجة هادئة :

-عثمان .. إحكيلي يا صاحبي . طول عمرنا بنحكي لبعض .. قولي بس ليه طلقتها ليلة جوازكوا ؟ شفت عليها حاجة ؟!

-خـ.ـا.ينة ! .. قالها "عثمان" بغضب شـ.ـديد ، ليرتد "مراد" متمتما :

-خـ.ـا.ينة ؟ .. إنت . إنت إتأكدت كويس طيب ؟ مش يمكن تكون بريئة ؟ مش يمكن إنت ماخدتش بالك من حاجة !

عثمان و هو يقول بإستهجان :

-هو أنا تلميذ و لا إيه ؟ .. ثم أردف بعدm إهتمام :

-و بعدين أنا مالمستهاش أصلا.

مراد بدهشة :

-الله ! طب بناءاً علي إيه بتقول خـ.ـا.ينة ؟؟!!

نظر إليه "عثمان" في صمت لبعض الوقت ، ثم بدأ يسرد عليه كافة التفاصيل ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل "بحيري" ... يصلا كلا من "يحيى" و "فريال" إلي المنزل أخيرا ، و بمفردهما

يعبرا البوابة الضخمة بتلك السيارة الفارهة ، يصفها "يحيى" بإهمال وسط الساحة الداخلية ، ليأتي البستاني و يأخذ مكانه ليدخلها إلي الكراچ ..

تتجه "فريال" في هذه الأثناء إلي الدرج المؤدي لباب المنزل ، يلحق بها "يحيى" مسرعا ، ثم يمسك بذراعها و يديرها إليه مغمغما بغلظة :

-إنتي كده بتزويدها أوي يا فريال .. مش شايفة إنك مكبرة الموضوع ؟؟؟

فريال بجفاء و هي تحاول أن تخلص ذراعها من قبضته :

-الموضوع كبير يا يحيى . إنت فعلا مش مهتم بإللي حصل لإبن أخوك و فوق كده رايح تشـ.ـد معاه في المستشفي إنهاردة.

يحيى بعصبية :

-عايزاني أعمل يعني ؟ ما أنا علي إيدك روحت قابلت رئيس النيابة عشان أقدm بلاغ في رشاد بس قالي طالما مافيش دليل يبقي ماينفعش يتوجهله إتهام عشان عضو زفت مجلس شعب.

-بردو إنت مش عايز تتعب نفسك في الموضوع . و مش مقدر إن صالح فدا إبننا يعني لو ماكنش هو إللي أخد العربية و طلع بيها في الليلة دي كان عثمان هو إللي ركبها و كان زمانه مكانه دلوقتي .. الله لا يقدر طبعا !

يحيى متآففا بضيق :

-أنا مابقتش عارف أرضي مين و لا مين في البيت ده . مهما بعمل محدش فيكوا بيحس . بفضل أصلح في غلط كل واحد و في الأخر كلكوا بتضغطوا علي أعصابي بطريقة مستفزة !

و كاد يتجازوها إلي الداخل ، فأمسكت بيده قائلة :

-خلاص .. خلاص يا يحيى . أنا آسفة.

أغمض عيناه لبرهة و هو يتنفس بعمق ، ثم إستدار إليها و قال بهدوء :

-أنا مش فرحان في إللي حصل لإبن أخويا يا فريال . صالح ده إبني . زيه زي عثمان و صفية بالظبط .. رفعت بس إللي طول عمره واخد مني موقف و لا مرة قدرت أفهمه !

إبتسمت "فريال" بخفة ، ثم وضعت كفها علي وجهه و قالت :

-أنا عارفة إن مافيش في الدنيا قلب أطيب من قلبك .. عشان كده حبيتك يا يحيى . مـ.ـا.تزعلش مني.

يحيى مبتسما بحب :

-أنا مش ممكن أزعل منك يا فريال .. إنتي حبيبتي . و أنا إللي مقدرش أزعلك أبدا.

و أرسل نظرات عاشقة إلي عيناها الملونتين ، ثم أخذ كفها الذي إحتضن وجهه ، و رفعه إلي فمه ليطبع قبلة عميقة مطولة في باطنه

إتسعت بسمتها أكثر ، و ألقت برأسها خجلة علي كتفه ، ليلف ذراعه حول خصرها و يكملا معا طريقهما إلي الداخل ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

-يانهار أزرق ! .. قالها "مراد" بصيحة ذاهلة ، و تابع :

-عملت كده قبل فرحكوا بإسبوع ؟ جالها قلب تعملها إزاي بـ.ـنت الـ--- دي ؟! .. ثم تساءل بإهتمام :

-طيب و إنت عرفت إزاي الحوار ده ؟؟؟

عثمان و هو يشعل سيكارة بحاجبين معكوفين :

-أبدا .. في الفترة الأخيرة لاقيت أحوالها معايا مش متظبطة . مابتقابلنيش كتير . مابتتصلش بيا ، و الكبيرة بقي !

مراد بإصغاء :

-إيه ؟؟؟

عثمان و هو ينفث الدخان من فمه بترو ، ثم قال :

-كنا بـ.ـنتعشا مع بعض برا .. و إحنا بـ.ـنتكلم . فجأة إتلغبطت و قالت إسمه بدل إسمي.

مراد بتركيز :

-ها و بعدين ؟!

-و لا حاجة بقي .. عملت فيها عبـ.ـيـ.ـط و فوتها . بس تاني يوم كنت مكلف واحد يراقبهالي 24 ساعة . هما يومين . و كان جايبلي الڤيديو الجميل بتاعها .. قال جملته الأخيرة بتهكم مرير ، و أكمل :

-ماخلتهاش تحس بأي حاجة .. بالعكس . إتصرفت عااادي جدا . و زودت إهتمامي بيها كمان . مثلت كويس يعني .. لحد ليلة الفرح.

-أه .. أكيد إدتها العلقة التمام.

عثمان بسخرية مرحة :

-إنت تعرف عني كده ؟ يابني أنا مابحبش العنف . كل حاجة بتيجي معايا بالحب.

ضحك "مراد" من قلبه ، ثم قال :

-ماشي يا حكيم عصرك .. طب عملت إيه قولي ؟؟

عثمان و هو يتأمل وهج السيكارة بين إصبعيه :

-ماعملتش حاجة .. مضيتها بس علي تنازل.

-تنازل عن إيه ؟!

-عن حقوقها و عن حصتها في الشركة دي ، ما أنت عارف . أبوها دخلها شريكة معايا .. بس أهو . أديها ماطلتش قشاية . و أنا خرجت منها كسبان و عوضت فلوس الفرح إللي عملتهولها.

مراد بإعجاب :

-معلم يا صاحبي .. معلم و منك نتعلم . شيطان بجد !

عثمان بضحك :

-جري إيه ياعم ! كلكوا ماعندكوش إلا الكلمة دي ؟ حتي صالح ماسكلي فيها.

-آاااه صاالح ! كنت هتنسيني تاني .. هو عامل إيه دلوقتي ؟ أنا قريت الخبر من يومين !

عثمان بجدية :

-أهو كويس الحمدلله . إتصلت بأبويا من شوية و قالي إنه فاق إنهاردة الصبح .. إن شاء الله هخلص شغل و هروح المستشفي أشوفه.

-طيب هروح معاك بقي . لازم أزوره و أطمن عليه.

-أووك .. شوية كده و هنقوم نروحله سوا .. ثم سأله :

-إنت لسا جاي إنهاردة صح ؟

-أنا جاي من عالمطار عليك علطول.

-طيب أكيد جعان بقي و أنا كمان مافطرطش أصلا .. دلوقتي معاد الـBreak يجي و هخلي سمر تطلبنا غدا.

مراد بإستفسار و هو يشير بإصبعه نحو الباب :

-سمر دي السكرتيرة إللي قاعدة برا ؟!

عثمان عابسا بإستغراب :

-آه .. بتسأل ليه ؟!

-أصلي بصراحة أول ما شوفتها إتصدmت !

-إتصدmت ؟ .. ليه ؟؟!

-مش تيبك يعني . جايبلي بـ.ـنت محجبة و لبسها واسع و مقعدها برا . حسيت إني داخل محل عبايات في التوحيد و النور .. و ضحك إثر جملته الأخيرة

بينما رد عثمان في لامبالاه :

-هنا مكان شغل يا مراد .. مش Night Club هاجيب نسوان حلوة ليه ؟ أنا جاي أشتغل مش جاي أعمل حاجة تانية.

مراد بجدية :

-لأ يا عثمان بصراحة البت حلوة أوووي و Babyface كده . أومال أنا ليه قلت مش تيبك ؟ إنت متعود عالبجحين . إنما دي شكلها غير . رغم إنها كانت نازلة حب في التليفون برا مع واحد بس شكلها بردو آا ..

-نازلة حب مع واحد ! .. قاطعه "عثمان" بتساؤل ، ليرد :

-أه . و أنا داخل عليها سمعتها بتكلم واحد و نازلة فيه حب . شكله خطيبها !

عثمان بوجوم :

-لأ . مش مخطوبة.

-و إنت إيش عرفك ؟؟

عثمان . بعد صمت قصير :

-مافيش دبلة في إيديها .. ثم تنفس بعمق ، و قال مغيرا مجري الحديث :

-المهم .. ماقولتليش أمك و أبوك عاملين إيه ؟؟

مراد و هو يهز كتفاه بخفة :

-كويسين .. مارضيوش يجوا معايا ، قالوا قاعدين هناك !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

إنتهي الدوام أخيرا .. و عادت "سمر" إلي بيتها

لم يكن يومها شاق ، ربما لأنه أول يوم ..

دخلت "سمر" إلي البيت ، و بدأت في صعود الدرج ، لتسمع صوت جلبة آتية من الطابق الثاني حيث يقطن العم "صابر" و زوجته السيدة "زينب" ..

صعدت "سمر" الدرجات المتبقية بسرعة ، حتي وصلت إلي الطابق المنشود

توجهت صوب هذه الشقة المفتوحة ، لتري أخيها واقفا هناك في الداخل

عرفته من ظهره و .. من صوته العال ..

-لو سمحتي يا حجة زينب دي حاجة تخصني أنا ، أنا مش موافق . أنا حر .. قالها "فادي" بهتاف حاد و قد كان يحمل "ملك" علي ذراعه ..

إقتربت "سمر" في اللحظة التالية و تساءلت بقلق :

-في إيه يا جماعة ؟ في إيه يا فادي بتزعق كده ليه ؟؟؟

إلتفت إليها و قال بغضب :

-إطلعي إنتي فوق دلوقتي !

سمر بإستغراب :

-حصل إيه طيـ ..

و ما كادت تكمل جملتها ، ليصـ.ـر.خ بوجهها :

-قولتلك إطلعي فوق . و خدي ملك معاكي.

و ناولها الصغيرة و عيناه تشعان نارا ..

أخذت "سمر" أختها و صعدت إلي شقتها حين أدركت أنه لا مناص من إطاعة "فادي"

تركت الباب مفتوح ، و جلست بالصالون المقابل في إنتظار مجيئ أخيها ..

لم يغيب طويلا ، حضر "فادي" بعد دقيقة تقريبا

كانت "ملك" مستيقظة و لكنها هادئة ، فتركتها "سمر" علي الآريكة ، ثم مشت نحو شقيقها ..

-إيه إللي حصل ؟ .. تساءلت "سمر" متجهمة :

-كنت بتزعق للحاجة زينب ليه ؟؟؟

فادي بغضب مضاعف و قد أحمـّر وجهه أكثر :

-جايبالك عريس !!!

يتبـــع ...
_ كبرياء ! _

أجفلت في إستغراب ممزوج بالتـ.ـو.تر ، و رددت :

-جايبالي عريس ! .. ثم إنتفضت بعد برهة و هي تكمل بإستنكار حاد :

-بس بردو ده مش مبرر يخليك تزعق للست كده . دي في مقام ماما الله يرحمها و يعتبر مربيانا !

فادي بغضب :

-في مقام ماما و مربيانا علي عيني و راسي . لكن تفتكر نفسها واصية علينا لأ.

-إنت شوفتها جابت بندقية و هددتك بيها يا توافق يا تقــ,تــلك ؟ الست عرضت عليك الموضوع و إنت رفضت خلاص خلصنا.

فادي بعصبية مفرطة :

-لأ ماخلصناش . لازم الكل هنا يلزم حدوده و محدش يفكر يتدخل فينا.

سمر بغضب :

-عايز تعمل إيه ؟ هه ؟ هتروح تتخانق معاها تاني ؟ بقت دي أخلاقك دلوقتي ؟!

ضغط "فادي" علي فكيه بحنق شـ.ـديد و هو يشيح بوجهه عنها ، بينما تابعت "سمر" متسائلة :

-ثم تعالي هنا قولي ! .. إنت عصبي كده ليه ؟ فيها إيه لو جالي عريس ؟ ده إنت أكتر واحد متحمس للفكرة و إمبـ.ـارح بس كنت بتشجعني عليها .. إيه إللي حصل بقي ؟!!

فادي و قد عاوده الغضب الشـ.ـديد مرة أخري :

-إللي حصل إن الست إللي في مقام ماما و مربيانا زي ما بتقولي كانت عايزة تجوزك خميس إبن المعلم رجب الجزار !

ذهلت "سمر" في البادئ و هي تتخيل كلامه !

إذن له الحق .. نعم له ملء الحق ليغضب ، إذ أن هذه العائلة كلها أرباب سجون و محبي للمشاكل ، صيتهم ذائع في كل مكان بأنهم أشـ.ـد شرا عن غيرهم داخل منطقتهم أو خارجها ..

-طيب .. قالتها بهدوء غامض ، ليستوضحها "فادي" بحدة :

-طيب إيه ؟؟!!

-طيب خلاص الموضوع إنتهي .. و لو إني شايفة إننا خسرنا.

فادي بإستهجان :

-نعم ياختي !!

سمر ضاحكة بمزاح :

-أه و الله خسرنا . علي الأقل كنا هناكل لحمة ببلاش.

و إستمرت في الضحك ، ليتحول عبوس "فادي" إلي تعبيرات منفرجة ، ثم يقول مقاوما الإبتسام :

-إنتي بتهرجي صح ؟ .. طيب إسكتي بقي عشان مـ.ـا.تعصبش عليكي !

و إنفجر ضاحكا هو الأخر ..

تشاركا معا الضحك للحظات قبل أن يصيح "فادي" بإستذكار :

-أه صحيح .. قوليلي عملتي إيه في الشغل ؟ أول يوم كان كويس و لا إيه ؟!!

سمر و هي تهز كتفاها بخفة :

-الحمدلله .. كان كويس أه.

-محدش ضايقك يعني ؟؟

سمر بضحك :

-مين إللي هيضايقني بس يابني ؟ ده مكان شغل . حد هناك فاضي للكلام ده بردو ؟!

فادي بشيء من الحدة :

-أه فاضيين . و خدي بالك كويس بالذات من مديرك ده . أنا مش مرتاحله أصلا.

-يابني إنت كنت شوفته قبل كده !!

فادي بعدm إرتياح :

-مش مرتاحله و خلاص . خدي بالك منه و لو حاول يعمل معاكي أي حاجة تسيبي الشغل فورا سامعة ؟؟

أدارت عيناها معبرة عن ضيقها و هي تقول :

-اففف .. حاضر يا فادي . لو صدر منه ليا أي حاجة مخلة للآداب هسيبله الشغل علطول.

فادي بغـ.ـيظ :

-بتتريقي ؟؟؟!

ضحكت "سمر" بخفة ، ثم إقتربت منه و ربتت علي كتفه قائلة :

-بس لو تبطل الوساوس بتاعتك دي يا فادي ! إطمن يا حبيبي . أنا هبقي كويسة . كلنا هنبقي كويسين إن شاء الله و قريب مش هنحتاج لأي حد.

و هنا برز صوت نشيج "ملك" المتقطع ، لتبتسم "سمر" و تستدير ماشية صوب الآريكة حيث تجلس أختها ، ثم تقول :

-حاضر يا حبيبتي . عارفة . عارفة إنك جوعتي . هحضرلك أحلي أكل دلوقتي !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في المشفي الخاصة بإستقبال النزلاء الأثرياء فقط ..

يصعد كلا من "عثمان" و "مراد" إلي الطابق الرابع حيث جناح "صالح" المترف يقع هناك

ينقر "عثمان" علي الباب نقرتين متتاليتن ، ثم يدير المقبض و يدفعه

كانت "هالة" تجلس بجوار شقيقها عنـ.ـد.ما دخل إبن عمها و صديقه و قد إتخذت مكان "صفية" التي ذهبت إلي المنزل لتنول لتقسطا من الراحة ..

-أهلا عثمان . إزيك .. قالتها "هالة" بإبتسامة خاصة لـ"عثمان" وحده ، ليرد عليها بإبتسامة عادية :

-أهلا يا هالة .. الحمدلله كويس . إزيك إنتي ؟

-كويسة.

-أهلا أهلا بإبن عمي الندل . لسا فاكر تيجي تطمن عليا ؟ .. قالها "صالح" مبتسما بصعوبة

فضحك "عثمان" و هو يقترب ليجلس في كرسي أخر مجاور لسريره ، ثم قال بلطافة :

-عامل إيه يا واد ؟ تمام و لا خلاص بركت زي الجمل ؟!

-بتتريق يا خويا ! ما أنا لو بركت زي الجمل هتبقي إنت السبب مش كنت سايق عربيتك ؟ .. ثم نظر إلي "مراد" و صاح :

-و مراااد كمان هنا ! لا لا ده كتير عليا و الله.

مراد بإبتسامة :

-إزيك يا صالح ؟ ألف سلامة عليك.

-الله يسلمك يا سيدي . تعالي أقعد .. ثم طلب من "هالة" :

-لو سمحتي يا هالة قومي خلي مراد يقعد.

مراد يرفض :

-لأ تقوم إزاي ! خليكي يا هالة أنا مستريح كده.

هالة بإبتسامتها الرقيقة :

-تعالي يا مراد أقعد مكاني . أنا أصلا تعبت من القعدة . هروح أجيب قهوة من البوفيه تحت و هجيب كرسي كمان و أنا جاية .. تحبوا أجيبلكوا قهوة معايا ؟؟

عثمان / مراد :

-أه يا ريت !

رمقتهم بإبتسامة أخيرة ، ثم خرجت ..

-إيه يا عم مراد . جاي إقامة و لا زيارة ؟ .. قال "صالح" بتساؤل ، ليجيب "مراد" :

-جاي إقامة يا صاحبي . نويت إستقر هنا خلاص . بس و الله ما كنت مخطط أرجع اليومين دول أصلا أنا نزلت بسرعة عشانك . لما قريت الخبر حجزت تذكرة تاني يوم علطول.

-فيك الخير .. طمرت فيك العشرة ياض.

و هنا تدخل "عثمان" ..

عثمان بجدية :

-المهم قولي .. إنت كويس ؟ حاسس إنك تمام يعني ؟؟؟

صالح بوساطة :

-يعني ! .. مش قادر أتحرك خالص و جـ.ـسمي كله بيوجـ.ـعني خصوصا ضهري . بس تمام . أكيد كل ده هيتعالج بسرعة إن شاء الله.

عثمان و هو يربت بلطف علي كتفه :

-إن شاء الله .. ثم قال بصوته العميق :

-رشاد الحداد كان قاصدني أنا . بس جت فيك . للآسف ماعرفتش أثبت عليه حاجة . بس قولي يا صالح .. إنت حاطط الموضوع في دmاغك ؟ لو شايلها في نفسك قولي و أنا أساويهولك بالأرض . مش هيهمني حد و إنت عارف.

تنهد "صالح" تنهيدة طويلة ، ثم قال :

-خلاص يا عثمان .. سيبه . إحنا مش ناقصين مشاكل تاني . و أنا قريب هقوم علي رجلي بإذن الله.

عثمان بإلحاح ممزوج بالغضب :

-مش إحنا إللي عملنا المشاكل . و كمان أنا مش عايز أسيب حقك . يعني أنا لو كنت مكانك كنت هتقف ساكت ؟؟؟

صالح بدون تردد :

-لأ طبعا ! .. ثم أكمل و هو ينظر إلي "مراد" :

-بس أنا بقول طالما بقيت كويس يبقي مافيش داعي نشوشر علي نفسنا . و لا إنت إيه رأيك يا مراد ؟!

مراد موافقا :

-صالح بيتكلم صح يا عثمان . أي حاجة ممكن تعملها ممكن تتقلب ضدك و كمان مافيش حاجة هترجع إللي فات . تقدر تقولي لو إتعرضتله بالآذي هتستفيد إيه ؟!

عثمان بشراسة :

-هبقي رديت إعتبـ.ـاري و إعتبـ.ـار عيلتي كلها و فهمته كويس أنا مين عشان يفكر ألف مرة بعد كده قبل ما يحاول يآذيني.

-هو خلاص هيحرم يتعرض لأي واحد فيكوا تاتي . متنساش رقبته تحت رجلك و لسا الڤيديو بتاع بـ.ـنته معاك .. المهم مـ.ـا.تتهورش و عديها المرة دي علي خير !

عادت "هالة" في هذه اللحظة حاملة طقم القهوة بين يديها ، لينقطع حديثهم الحاد ، و يتطوع "مراد" بالإبتسام عن صديقيه الصامتين الواجمين ..

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

صباح يوم جديد ... تستيقظ "سمر" باكرا و تهم من فراشها بنشاط

إستغلت إستغراق "ملك" في النوم و ذهبت لتؤدي بعض الواجبات المنزلية ..

نظفت الشقة سريعا ، أحضرت الفطور ، إيقظت "فادي" كي لا يتأخر علي جامعته ، ثم إتجهت إلي الحمام

إغتسلت و توضأت ، ثم خرجت و أدت سنة الضحى ..

إنتهت من صلاتها و قامت لتبدل ملابسها

كانت تثبت ربطة حجابها عنـ.ـد.ما إستيقظت "ملك" في هذه الأثناء و كالعادة باكية ، هرولت "سمر" إليها و حملتها من سريرها الصغير

ضمتها إلي صدرها بحنان و هي تتمتم مغنية بعذوبة في أذنها ..

هدأت "ملك" نسبيا ، بينما أخذتها "سمر" إلي "فادي" حيث كان يجلس هناك بالصالة و يتناول فطوره

أقبلت عليه "سمر" و هي تتحسس جبين أختها و تقول بقلق :

-فادي ! .. شكل ملك تعبت تاني و لا إيه ؟!

ترك "فادي" طعامه في الحال ، و مد يده و إحتوي وجهها الصغير بكفه الكبير ..

فادي بإبتسامة هادئة :

-لأ .. مافيهاش حاجة.

-أومال أنا حاسة إن حرارتها عليت ليه ؟؟

-إنتي بتقلقي عليها دايما يا سمر .. إطمني مافيهاش حاجة.

سمر و هي تحتضنها بقوة :

-يا رب .. ربنا يشفيكي يا حبيبتي !

ثم طبعت قبلة عميقة علي وجنتها المكتنزة

بينما قام "فادي" و هو يلتقط حقيبة ظهره من فوق الطاولة ، و قال :

-يلا بقي أنا لازم أمشي دلوقتي عشان ورايا إمتحان بعد ربع ساعة . يدوب يعني مسافة سكة .. ثم سألها بإهتمام :

-إنتي هتعملي إيه دلوقتي ؟؟؟

-و لا حاجة . هخلي ملك عند الحاجة زينب زي إمبـ.ـارح و بعدين هروح علي شغلي.

فادي بضيق :

-تاني الحاجة زينب !

سمر بلوم :

-إسكت بقي مش كفاية إللي عملته إمبـ.ـارح . يا رب بس مـ.ـا.تكونش زعلت منك أوي .. ثم قالت مقترحة :

-بقولك إيه ! .. مـ.ـا.تنزل معايا و إعتذرلها.

فادي برعونة خفيفة :

-نعم يا ماما ؟ أنا مابعتذرش لحد . و إنتي كمان إياكي تفتحي الموضوع سامعة ؟ .. يلا أنا ماشي.

و غادر "فادي" بينما جمعت "سمر" أغراض "ملك" ثم أخذتها و هبطت إلي شقة السيدة "زينب"

طرقت بابها و إنتظرت لثوان ، فتحت لها السيدة و رحبت بها ..

"زينب" ببشاشة :

-أهلا أهلا ببناتي الحلوين . إزيك سمر ؟ إزيك يا ملوووكة ؟

و مدت ذراعيها لتتلقي "ملك" ..

فناولتها "سمر" الصغيرة و هي تقول بإبتسامة :

-الحمدلله يا ماما زينب كويسة . إنتي إزي حضرتك ؟

-في نعمة يابـ.ـنتي . نشكر ربنا . تعالي إدخلي واقفة عالباب ليه ؟!

ولجت "سمر" و تبعت السيدة إلي حجرة الجلوس

جلست قبالتها و هي تبحث عن الكلمـ.ـا.ت المناسبة لتبدأ بها حديثها ..

سمر بإرتباك و حيرة :

-ماما زينب أنآاا . إحم . أنا كنت عايزة .. كنت عايزة أقول يعني آاا ..

زينب بضحك :

-في إيه بس يابـ.ـنتي ؟ علي مهلك عايزة تقولي إيه ؟!

سمر بشجاعة :

-كنت عايزة أقولك يعني مـ.ـا.تزعليش من فادي . هو مايقصدش يزعلك و الله . ده حتي كان عايز ينزل معايا يعتذرلك بس إتكسف منك !

-سمر يا حبيبتي .. إنتي أكيد عارفة غلاوتكوا عندي . أنا ست طول عمري عايشة مع جوزي لوحدي . ربنا مارزقنيش بالولاد . بس رزقني بيكوا أنا ربيتكوا مع أمكوا الله يرحمها .. ثم قالت و هي تداعب "ملك" بتحبب :

-و إن شاء الله ربنا يديني العمر و أربي الصغننة دي كمان.

سمر بإبتسامة :

-يا رب . ربنا يديكي الصحة.

-أنا عمري ما أزعل منكوا .. و ماكنش قصدي أضايق أخوكي . و الله يابـ.ـنتي فكرت الموضوع ممكن يكون لمصلحتك . خميس إبن المعلم رجب كسيب و حياته حلوه و مبسوط.

-أيوه يا ماما زينب بس إنتي عارفة سمعته و سمعة عيلته كلها عاملة إزاي !

-و الله يابـ.ـنتي أنا ما إتكلمت إلا عشان مصلحتك . و علي رأي المثل الراجـ.ـل مايعبوش إلا جيبه و الجدع باينه شاريكي هو إللي إتكلم عليكي بنفسه.

تنفست "سمر" بعمق ، ثم قالت :

-يلا . مافيش نصيب يا ماما زينب . ربنا يوفقه مع واحدة أحسن .. ثم أكملت و تقوم عن المقعد :

-أنا همشي بقي عشان مـ.ـا.تأخرش علي الشغل .. عايزة مني حاجة قبل ما أمشي ؟

-مـ.ـا.تحرمش يا حبيبتي . طريق السلامة !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل "بحيري" .. علي مائدة الفطور إجتمع الجميع

تنهي "صفية" طعامها بسرعة ، لتنتبه إليها "فريال" و تسألها بإستغراب :

-في إيه صافي ؟ بتاكلي بسرعة كده ليه ؟ علي مهلك !

صفية بصوت شبه واضح بسبب كمية الطعام التي تملأ فمها :

-عايزة أخلص بسرعة يا مامي . عشان مـ.ـا.تأخرش علي صالح.

ثم ران صمت قصير بعد ذلك ، قطعته "هالة" بسؤال متـ.ـو.تر :

-هو . هو عثمان لسا نايم و لا إيه ؟!

أجابتها "فريال" مبتسمة و هي تعلم تماما ماهية سؤالها :

-لأ يا حبيبتي . عثمان صحي من بدري و راح علي شركته لسا ماشي من ساعة تقريبا.

-ياااه . مشي بدري أوي.

-أه . ما إنتي عارفة بقي شركته لسا جديدة و لازم يظبط كل حاجة بنفسه في الأيام الأولي.

أومأت "هالة" بتفهم ، بينما تحدث "يحيى" إلي "رفعت" ..

يحيى بنبرة هادئة :

-رفعت ! كمان شوية هروح أبص علي المجموعة . تيجي معايا ؟ بقالك كتير ماروحتش.

لم يرفع "رفعت" إليه بصرا ، ما زال غاضبا منه

لكنه قال ببساطة :

-مرة تانية أبقي أروح . مش معقول هسيب إبني و أروح أبص علي الشغل . إبني أهم.

إزدرد "يحيى" برودة أخيه معه ، و قال بلطف :

-إحنا مش هنطول هناك . هنروح بسرعة و بعد كده نبقي نطلع أنا و إنت علي المستشفي .. إيه رأيك ؟؟

رفعت بعد تفكير :

-ماشي .. قالها بإقتضاب

لينظر "يحيى" نحو زوجته ، وجدها تبتسم له برضا ، بدالها بإبتسامة حب ، و من دون أن يراه أحد أرسل إليها قبلة في الهواء

توردت "فريال" خجلا ، و خفضت رأسها بسرعة و هي تزم شفتيها مقاومة تلك البسمة الواسعة ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في مؤسسة ( البحيري للتسويق و التجارة ) ... تجلس "سمر" في المكان المخصص لها

تقوم بطباعة بعض الرسائل المرسلة إلي الشركة من الخارج ، ثم تجمعها كلها و تضعها بملف خاص لتسلمها الآن لمديرها كما طلب منذ قليل ..

كادت تنهض ، لولا رنين هاتفهها الذي أعادها لتجلس ثانيةً

كانت "السيدة زينب" هي من تتصل بها ، عبست "سمر" بقلق ، لكنها ردت :

-آلو ! .. أيوه يا ماما زينب . في حاجة ؟ .. ثم صاحات بهلع :

-بتقولي إييييييه ؟؟!!!!!
_ شجار حاد ! _

كان "عثمان" جالسا بمكتبه ، يتحدث في هاتفهه إلي صديقه "مراد" ..

قضي أكثر من نصف ساعة هو يحاول إقناعه بالمكوث في قصر عائلته الخرافي ..

-إسمع بقي عشان إنت صدعتني و قرفتني .. قالها "عثمان" بنفاذ صبر ، و أكمل بحسم :

-إنت هتسيب الآوتيل إللي قاعد فيه ده إنهاردة و هتيجي تنقل عندنا في البيت . مش عايز إعتراض خلاص إنتهي.

رد الأخير بحيرة :

-يا عثمان إنت بتضغط عليا كده . أنا مش عايز أضايكوا . خليني زي ما أنا يا أخي بالله عليك !

-تضايقنا إيه و بتاع إيه ياض ؟ هو إحنا قاعدين في عشة ؟ ده قصر البحيري . أكبر قصر فيكي يا إسكندرية و مش بس في إسكندرية في مصر كلها .. شوف إنت هتسمع كلامي غـ.ـصـ.ـب عنك . هتسيب الآوتيل زي ما قولتلك و هتيجي تقعد عندنا من إنهاردة ساامع ؟؟؟

تنهد "مراد" و قال بإستسلام :

-ماشي ياسيدي . كمان شوية هبقي هنزل أعمل Check Out و هكون عندكوا علي بليل كده !

و ما كاد "عثمان" يرد ، إلا و شاهد باب مكتبه ينفتح بقوة يليه دخول "سمر" السريع

كانت حالتها مزرية للغاية و الدmـ.ـو.ع تهطل من عينيها كالشلال ..

إندفعت صوب "عثمان" و هي تهتف بصوت مرتعش :

-عثمآاان بيه !

وثب "عثمان" عن مقعده فورا و هو يقول بذعر :

-في إيه يا سمر ؟ المبني بيولع ؟؟!!

هزت رأسها نفيا مع أنين خافت سمعه "عثمان" صادرا عنها ..

-طيب إيه إللي حصل .. سألها بشيء من العصبية ، لترد بصعوبة غير قادرة علي إيقاف سيل دmـ.ـو.عها :

-أخـ أختي مـ لـك . تـ عبانة أو ي . مش قـ ادرة تتـ نفس.

عثمان بلهجة هادئة و هو يستدير حول مكتبه ليقف أمامها :

-إيه ! طيب إنتي عرفتي إزاي ؟

-جارتـ نا إ إتصـ لت بيا و وقا لتـ لي .. آ نا لازم إمشي د دلوقتي حا لا يـ يافنـ دm !

-هتعملي إيه طيب ؟؟؟

-هاوديها للد كتور طـ بعا.

عثمان و هو يلتفت و يأخذ هاتفهه و مفاتيحه من فوق سطح المكتب :

-طيب خلاص أهدي . أنا هاجي معاكي.

سمر برفض و هي تمسح دmـ.ـو.عها بظهر يدها :

-لأ .. مـ.ـا.تتعـ ـبش نفـ سك أنا هـ آاا ..

-و لا كلمة ! .. قاطعها بحزم ، و أردف بصرامة :

-أنا جاي معاكي . و يلا قدامي بسرعة عشان منتأخرش علي البـ.ـنت.

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��••••••••••••••••

في المستشفي ... داخل جناح "صالح"

تقف "صفية" أمام سريره مطرقة الرأس ، بينما هو كالصنم .. لا يتحرك و لا يتكلم

فقط ينظر إلي الفراغ في وجوم و صمت لا يطاق ، حتي ملت "صفية" و قالت و هي ترفع رأسها فجأة :

-هتفضل ساكت كده ؟ بتعـ.ـا.قب مين دلوقتي ؟ أنا و لا إنت ؟ .. رررررد عليآاا !

صمت قصير .. ثم تكلم "صالح أخيرا :

-عايزاني أقول إيه ؟ .. تساءل بصوت بـ.ـارد قاس ، ثم تابع و هو يحول إليها بصره الحاد :

-ألومك عشان طلبتي مني أنزل ساعتها ؟ و لا ألوم نفسي عشان سمعت كلامك و كنت بحاول أرضيكي ؟ و لا ألوم أخوكي إللي خد حظي و المفروض هو إللي كان يحصله كل ده ؟ هه ! ألوم مين بالظبط ؟ ما تردي إنتي بقي ؟؟!

صفية و هي تنتفض منزعجة :

-إللي بتقوله ده ماينفعش علي فكرة . أولا أنا ماقصدتش آذيك بأي طريقة و أكيد لو كنت أعرف إن حاجة زي دي ممكن تحصلك ماكنتش طلبت منك تنزل ساعتها . ثانيا أنا عمري ما طلبت منك ترضيني و لو كنت رفضت طلبي ماكنتش هزعل . ثالثا بقي و الأهم أخويا مالوش ذنب في إللي حصلك . ده قدر و آا ..

-قدر ! .. قاطعها بحدة شـ.ـديدة و قد إتسعت عيناه غضبا ، ثم صاح مكملا :

-دي عربية أخوكي يا هانم . هو إللي كان هيطلع بيها لو ماكنش عايز يدهالي كان هو إللي طلع بيها و عمل الحادثة بدالي.

-قصدك إيه ؟ .. تساءلت بغضب

-عايز تقول يعني إنه كان علي علم بإللي هيحصلك ؟!

لم يجب و ظل علي حالته الحادة ، فإنفجرت "صفية" بغضب مضاعف :

-إنت أكييد إتجننت . أكيد الحادثة آثرت علي دmاغك . إنت مابقتش طبيعي . مابقتش بتفكر !

صالح و هو يهز رأسه موافقا بهدوء شـ.ـديد :

-صح . إنتي عندك حق . أنا مابقتش طبيعي .. عشان كده . خدي يا صفية !

و رفع يده اليمنى و إنتزع منها خاتم خطبته ..

قام بوضعه علي الطاولة القريبة من سريره ، بينما تابعت "صفية" ما يفعله في صمت ذاهل حتي إنتهي ..

فسألته :

-إيه إللي إنت عملته ده ؟!

صالح ببساطة :

-فسخت خطوبتنا . إنتي لسا قايلة إني مابقتش طبيعي . كلامك صح . أنا دلوقتي بقيت إنسان عاجز . مش هعرف أمشي علي رجليا تاني . خلاص . مسألة إرتباطنا إنتهت !

دخلت كلمـ.ـا.ته إلي رأسها و إستقرت الواحدة بعد الأخري ، فضاق صدرها و تقطعت أنفاسها

في تلك اللحظة بالذات ، شعرت "صفية" بعمق مكانة "صالح" في حياتها و بصعوبة إقــ,تــلاعه من حياتها ..

فتحت فمها و أغلقته ثانيةً ، ثم قالت بصدmة :

-صالح ! .. إنت بتقول إيه ؟؟؟!

كانت الكلمـ.ـا.ت تختنق في حنجرتها ، بينما رد بجفاء و هو يشيح بوجهه عنها :

-إللي سمعتيه.

صفية بصوت مرتجف :

-إنت كده بتنهي كل إللي بينا !

صالح و قد عاد ينظر إليها مجددا ..

-بالظبط كده ! .. قالها بتحد و ثقة ، ثم أكمل بطريقة ساخرة لا تخلو من العتب و الإهانة :

-أنا أصلا عمري ما حسيت إنك بتحبيني . دايما بتحسسيني إنك إتنازلتي أوي لما وافقتي نتجوز . ليه ؟ كنتي تقدري ترفضيني عادي جدا و كنا بقينا ولاد عم و إخوات بدل ما تحاولي تقبلي فكرة إني خطيبك و كمان كام شهر و هبقي جوزك . أنا ماقبلش إتجوز واحدة مابتحبنيش.

-أنا بحبك يا صالح ! .. تمتمت ، و شعرت بالرعـ.ـب يخـ.ـنـ.ـقها و بركبتيها ترتجفان و تهددان بإسقاطها

- .. قالها ببرود و حيّد عنها مجددا ، بينما سعت إليه و هي تقول برجاء :

-رجع دبلتك زي ما كانت . أنا بحبك . و الله بحبك و مافيش حاجة من إللي قولتها صح . جايز بس أنا ماعرفتش أعبرلك عن مشاعري بالطريقة إللي إنت عاوزها . لكن صدقني أنا بحبك . بجد بحبك يا صالح !

تنهد "صالح"بفتور ، ثم قال بمرارة :

-حتي لو بتحبيني بجد .. خلاص ماعادش ينفع.

-هو إيه ده إللي ماعادش ينفع ؟ .. و صرخت بصوت أعلي :

-إنت مش من حقك تقرر في حاجة زي دي من نفسك . أنا شريكتك في القرار.

صالح بصياح منفعل :

-و إنتي مش عايزة تفهمي ليه ؟ أنا خلاص إنتهيت . مابقتش نافع لا ليكي و لا لغيرك . هفضل عاجز كده طول عمري.

-مين قالك كده ؟ إنت ماسمعتش الدكتور كويس و لا إيه ؟ إنت لسا هتتعالج و بعد فترة قصيرة هترجع زي ما كنت و أحسن.

صالح بإنفعال أشـ.ـد :

-مش عايز أتعالج . مش عايز أرجع أحسن من الأول . سيبيني يا صفية . سيبيني و إمشي أنا مابقتش عايزك . خلاص مش عايزك في حياتي تاني . أخرجي برا . إمشيييي !

إرتدت "صفية" للخلف و هي تعض علي شفتها السفلي بقوة و ترمقه بعدm تصديق

ترقرقت الدmـ.ـو.ع بعيناها ، و لكنها حبستها ..

إلي أن خرجت فعلا من غرفته

و هنا فقط ، أطلقت لنفسها العنان و راحت تبكي بنشيج مكتوم و هي تركض مجتازة الردهة الطويلة

بينما أعين جميع من في الطابق مصوبة نحوها ، تشملها بنظرات التعجب و الإستفهام حتي إختفت ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

أمام بيت "سمر" ... تقف سيارة "عثمان" الضخمة الفارهة

لتترجل "سمر" بسرعة و هي تقول :

-خليك زي ما إنت يا عثمان بيه . أنا هدخل أجيب ملك و هاجي بسرعة.

أومأ "عثمان" بالموافقة ، بينما إندفعت "سمر" راكضة إلي الداخل

وصلت إلي شقة السيدة "زينب" و ضـ.ـر.بت الجرس بتواصل و إلحاح ، فتحت الأخيرة بعد لحظات و هي تحمل علي ذراعها "ملك" المسكينة ..

كانت الصغيرة في حالة صعبة للغاية ، حيث كانت متهدلة و هامدة بصورة مخيفة و بدت و كأنها تنازع لتأخذ أنفاسها ، بخلاف حشرجة صدرها و عيناها الملبدتان بالدmـ.ـو.ع ..

-إيه إللي حصل ؟ .. تساءلت "سمر" برعـ.ـب و هي تمد ذراعيها لتأخذ أختها ..

ناولتها "زينب" الطفلة ، ثم أجابت و صوتها لا يخلو من القلق و الخـ.ـو.ف :

-يابـ.ـنتي و الله كانت كويسة بعد مامشيتي حتي جاعت و أكلتها و كله حاجة كانت ماشية تمام . بس فجأة لاقيت وشها أصفّر و شفايفها إزرّقت و إبتدت تاخد نفسها بالعافـ.ـية . ساعتها لما غلبت قلت مابدهاش بقي و إتصلت بيكي طـّوالي.

سمر و هي تحتضن الطفلة بشـ.ـدة :

-طيب أنا هاخدها للدكتور دلوقتي . لو فادي رجع قبل ما أجي إبقي قوليله يتصل بيا يا ماما زينب.

-حاضر يابـ.ـنتي . علي مهلك و إنتي ماشية . و لا إستني هلبس و أجي معاكي !

سمر و هي تهبط درجات السلم بخفة و حذر :

-لأ خليكي يا ماما زينب . إن شاء الله مش هنطول . هنرجع علطول.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

قبل دقيقتين ..

أمام محل الجزارة المقابل لبيت "سمر" .. وقف شاب في مستهل عمره ، يباشر تقطيع شرائح اللحم الطازج فوق الأورمة " قطعة خشب يتم وضع اللحوم فوقها من أجل تقطيعها " ..

شاهد سيارة سوداء إصدار أحدث طراز للعام ، تدخل ببطء و روية في الشارع الضيق نسبيا

و من خلال نظراته الفضولية المتفحصة ، لمح "سمر" تجلس في المقعد المجاور لمقعد السائق الذي بدا له رجلا ثريا من هيئته و ملابسه و أيضا من سيارته التي يقودها

تابع النظر إليهم حتي توقفت السيارة و نزلت منها "سمر" ..

رآها تقول لمرافقها شيئا وجيزا ثم تستدر و تتجه إلي داخل البيت مسرعة

لم ينصرف صاحب السيارة الثمينة و بقي منتظرا كما هو ، فشعر الشاب بالغضب ينتابه و هو يحدج هذا النبيل بنظرات نارية حتما ستحرقه لو كانت فعلية

و فقط السؤال الذي أخذ يلح عليه أثناء هذه اللحظات هو ؛ . من هذا يا تري ؟ و ما علاقته بـ "سمر" ؟

عادت "سمر" و إستقلت السيارة ثانيةً ، و لكنها لم تكن بمفردها هذه المرة ، كانت شقيقتها الصغري معها ..

شاهد الشاب سائق السيارة يبذل جهدا بالغا في إخراج سيارته من هذا الشارع ، و بعد عدة محاولات ، نجح أخيرا و إنطلق بها للطريق الرئيسي

بينما ذهب الشاب ليكلم والده داخل المحل ..

-شفت يابا ! .. قالها الشاب بحدة ممزوجة بالغـ.ـيظ ، ليسأله والده الجالس يجري بعض الحسابات خلف مكتبه المبهرج :

-في إيه يابني ؟ حصل إيه ؟؟

-لسا شايف سمر راجعة مع واحد شكله إبن ذوات و في عربية أبهة خالص . مش هاممها حد يشوفها و مشيت معاه تاني هي و أختها الصغيرة.

الوالد بنبرته الطبيعية الغليظة :

-راجعة مع واحد شكله إبن ذوات و في عربية أبهة ؟ .. لونها إسود العربية دي ؟؟

الشاب بتقطيبة مستغربة :

-أيوه !

-و إللي سايقها ده شكله نضيف كده و مستحمي ؟؟

-أيوه يابا إنت تعرفه و لا إيه ؟!

-لأ ماعرفوش . بس شفته من قيمة يومين كده كان بيوصل الصنيورة بتاعتك بنفس العربية بردو !

الشاب مضيقا عينيه بغضب :

-يا تري مين ده ؟ تكونش رفضتني عشانه يابا ؟؟؟

-وارد يابني . بس و لا يهمك سيبك منها . أصلا لا أنا و لا أمك كنا موافقين عليها . ماكنتش هتشيلها لوحدها . إخواتها الإتنين كانوا هيبقوا فوق البيعة.

الشاب بغضب أشـ.ـد :

-بس مـ.ـا.تجيش منها .. لسا مـ.ـا.تخلقتش إللي ترفض المعلم خميس.

-يابني إحنا مش ناقصين عوأ . ورانا شغل أد كده . سيبك منها و أنا هجوزك ست ستها . حسب و نسب و أحلي منها كمان.

إبتسم "خميس" بسخرية ، ثم إنصرف ليتابع عمله مجددا و هو لا ينوي خيرا أبدا ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •

في العيادة الخاصة ، حيث الطبيب الذي فحص "ملك" منذ أيام قليلة يعاود فحصها مرة أخري .. و لكن مع إختلاف الوضع هذه المرة

إذ أن "ملك" وحدها داخل غرفة الفحص ، بينما تقف "سمر" في الخارج مع "عثمان" الذي عمل علي تهدئتها منذ وصولهم :

-إهدي شوية يا سمر . مـ.ـا.تقلقيش هتبقي كويسة.

سمر و هي تتضرع بخشوع :

-يااارب .. يا رب تبقي كويسة !

و صدح فجأة رنين هاتفهها ، لتخرجه من جيب سروالها الواسع و ترد دون الحاجة لرؤية إسم المتصل :

-فادي .. مـ.ـا.تخافش يا حبيبي .. أيوه إحنا عند الدكتور .. طيب .. طيب خد العنوان !

و فيما راحت "سمر" تلقن أخيها عنوان العيادة ، ذهب فكر "عثمان" للبعيد و هو يرمقها بنظرات ذات مغزي

ثم أخذ يتساءل في نفسه ..

"مين فادي ده ؟ يمكن هو ده إللي مراد قال عليه كانت نازله فيه حب ؟ يعني هو خطيبها ؟ بس إزاي ؟ مافيش في إيديها دبلة ! و كمان دي بتقوله يا حبيبي . الله علي براءتك يا سمر . كنت بدأت أصدق !! "

و قطع تفكيره خروج الطبيب من غرفة الكشف ..

هررلت "سمر" في إتجاهه هاتفة :

-دكتور ! لو سمحت طمني . أختي فيها إيه ؟؟؟

الطبيب و هو يزم شفتيه بأسف :

-للآسف شكي كان في محله .. إلتهاب رئوي حاد و للآسف أكتر حالتها إتأخرت !

سمر و قد إرتعشت ساقيها من الصدmة إلتوتا من تحتها ، ليسندها "عثمان" بسرعة قبل أن تقع ..

بينما سارع الطبيب بالقول :

-إهدي إهدي مـ.ـا.تقلقيش . في علاج إن شاء الله . هي عمرها لسا 10 شهور يعني سهل تدخل حضـّانة ، هنعملها جلسات أكسچين من إنهاردة و مش هتخرج من هنا قبل إسبوع أو إسبوعين حسب إستجابتها للعلاج.

سمر بوهن :

-إعمل أي حاجة يا دكتور . إعمل أي حاجة بس ملك تبقي كويسة !

الطبيب بأدب :

-تمام يا أنسة . أنا هخلي المساعدين هنا يجهزوا كل حاجة و هننلقها للحضـّانة علطول . بس معلش يعني هتحطي خمستلاف جنية برا تحت الحساب.

جحظت عيناها و هي تتمتم بذهول :

-خمستلاف جنية تحت الحساب ؟ طيب هما من أصل كام ؟؟؟

-من أصل عشرتلاف حضرتك اليوم في الحضـّانة بالمبلغ ده . طبعا بالآدوية و العقاقير و خلافه.

بـُهتت "سمر" و عجزت عن الكلام ، ليأتيها صوت "عثمان" قائلا بهدوء :

-مـ.ـا.تقلقيش . مـ.ـا.تشيليش هم حاجة يا سمر . أنا هدفع الحساب كله !

إلتفتت "سمر" إليه في هذه اللحظة ، لتكتشف أنه لا زال يسندها

ما كادت تبتعد عنه و تستقيم في وقفتها ، إلا و سمعت صوت أخيها الغاضب آتيا من الخلف ينادي بإسمها :

-سمــــر !

يتبــــع ...
_ مليونير مغرور ! _

إنتفضت "سمر" تلقائيا إثر سماع صوت أخيها .. فتخلصت بسرعة من أيدي "عثمان" اللتان تسندانها و إعتدلت في وقفتها ، ثم إلتفتت لتواجه "فادي" ..

كان وجهه قاتم الحمرة و قد أظلمت عيناه السودوان أكثر من شـ.ـدة الغضب ، رأته يقترب منهما بخمسة خطوات واسعة ، ثم يقف في مقابلتها هي مباشرةً ..

-إيه إللي بيحصل هنا ؟ .. قالها "فادي" بتساؤل حاد ، و أكمل بعصبية :

-إيه إللي أنا شفته بعنيا ده ؟؟؟

سمر بإرتباك شـ.ـديد :

-فـ فادي ! مافيش حاجة يا حبيبي . إحنا كنا بنكلم الدكتور بس .. و أشارت إلي الطبيب الذي يقف ورائها ، و لكنها إكتشفت أنه ذهب !

ربما لم تفطن لذلك أثناء صدmتها بالمبلغ الذي يتحتم عليها دفعه من أجل رسوم علاج أختها ..

إنتبهت مرة أخري علي صوت أخيها و هو يسألها بحدة :

-ميــــــن ده ؟!

نطق و هو يغرز نظراته المشتعلة بـ"عثمان" ..

فأجابت "سمر" بشيء من الإضطراب و هي توزع نظراتها بينهما :

-ده عثمان بيه يا فادي . مديري في الشغل ! .. ثم توجهت إلي "عثمان" مكملة التعارف :

-عثمان بيه . ده فادي أخويا !

عثمان في نفسه : " ده طلع أخووها ! " .. لكنه لم يظهر أمامهما هذه الدهشة التي أحدثها تصريح "سمر"

بل قال بإبتسامة رزينة :

-أهلا و سهلا . إتشرفت بيك !

و مد يده للمصافحة ، إلا أن "فادي" رفضها و قال بتهكم واضح :

-أهلا . بس هو حضرتك بتعمل إيه هنا يعني مش فاهم ؟!!

-فاادي ! .. تمتمت "سمر" و هي تزجره بغضب ، ثم قالت بإبتسامة لتغطي علي وقاحة أخيها :

-عثمان بيه كتر خيره ماسبنيش و لا ساب ملك . أصر يجي معايا و هو إللي جابنا لحد هنا . تصور كمان إنه إتكفل بمصاريف علاج ملك طول ما هي هنا ؟ الدكتور قال إحتمال يقعدها إسبوع أو إسبوعين في الحضـّانة و اليوم الواحد بس بعشرتلاف جنيه !

فادي و هو يرفع حاجبيه بسخرية :

-و الله ! لا فعلا كتر خيره . بتقولي بقي اليوم بعشرتلاف ؟ و إحتمال تقعد إسبوع أو إسبوعين صح ؟ يعني فرضا لو قعدت إسبوع الباشا هيدفع سبعين ألف و لو قعدت إسبوعين هيدفع مية و أربعين ألف ! .. يااااه . بجد ده لطف و كرم كبير أوووي من حضرتك .. ثم سأله بحدة :

-لكن بمناسبة إيه هتعمل معانا كل ده ؟ أنا كان نفسي أشوفك من أول مرة سمعت عنك فيها عشان أسألك السؤال ده بس . بمناسبة إيه بتعمل معانا كل ده ؟ إيه إللي هيعود عليك من ورا ده كله ؟؟؟

كادت "سمر" تتحدث ثانيةً لتوقفه عن معاداة الرجل الذي بيده مصير أختها ، لكن "عثمان" سبقها و أجاب بهدوء مع إبتسامة واثقة :

-أولا أنا دلوقتي بساعد ملك لوحدها . و أكيد أي حد مكاني مش هيشوف طفلة صغيرة بين الحيا و المـ.ـو.ت و مايساعدهاش . ثانيا أنا مش مستني حاجة من ورا إللي بعمله . أنا طبيعي بحب أساعد الناس بدون مقابل.

فادي متسائلا برعونة :

-بتحب تساعد الناس بالآلافات ؟!

عثمان بغرور ممزوج بالتعالِ :

-الفلوس مـ.ـا.تهمنيش . عندي منها كتير أوي.

فادي بعدائية شـ.ـديدة :

-أومال إيه إللي يهم سيادتك ؟؟؟

و هنا تدخلت "سمر" بصرامة حادة :

-خلاااص يا فآاادي ! إنت بتحقق معاه بدل ما تشكره . هو مش مجبر يساعدنا و لا يهدر فلوسه علينا علي فكرة .. ثم خاطبت "عثمان" بتهذيب :

-أنا آسفة حضرتك بالنيابة عن أخويا . هو مايقصدش و الله . كل الحكاية إنه مستغرب بس من كرمك الزايد . و بصراحة هي حاجة غريبة فعلا إنك تدفع كل المبلغ ده عشان أختي !

إبتسم "عثمان" و هو يرد بإسلوبه الفاتر علي الدوام :

-قولتلك قبل كده يا سمر إني إعتبرت ملك زي بـ.ـنتي . أنا حاببها و حابب أساعدها . أما بالنسبة لمسألة الفلوس فالمبلغ ده بسيط جدااا بالنسبة لي . مش هيأثر معايا أبدا إطمني.

سمر بإبتسامة خفيفة :

-ربنا يزيد حضرتك . و بجد أنا مش عارفة أشكرك إزاي و لا أوفي جمايلك إزاي !!

-عيب يا سمر . هتزعليني لو قولتي كده تاني !

-لأ خلاص . أنا مقدرش أزعل حضرتك طبعا.

-أنا ماعملتش حاجة . ده شيء طبيعي جدا أي حد مكاني كان لازم يتصرف كده.

سمر بإمتنان صادق :

-بردو يا عثمان .. علي وقفتك جمبي أنا و أختي . علي معاملتك الطيبة و أخلاقك العليا معايا.

أومأ "عثمان" بإبتسامة رقيقة و هو يضحك و يسخر منها في قرارة نفسه " أخلاقي العليا ! فريال هانم كانت هتفرح أوي بالكلمة دي " ..

-العفو يا سمر . ده واجبي .. قالها "عثمان" و هو يشمل "فادي" بنظرة خاطفة

كان الأخير يرمقه بنظرات عنيفة ، و لكنه آثر الصمت لإدراكه أن شقيقته محقة ، إنهم بحاجة إليه بالفعل ، أو بالأحري بحاجة إلي أمواله

لذا أطبق "فادي" فمه و لم يعد يفه بكلمة أخري من شأنها أن تسيئ إليه ، فقط ظل يحدجه بتجهم ممزوج بالحدة

بينما يتظاهر "عثمان" بعدm ملاحظته و هو يتصرف بغرور متعمد ناجم عن نشآته الثرية المتغطرسة ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل "بحيري" ... تلج "صفية" إلي غرفتها و هي في حالة صعبة للغاية

منذ أن تركته و غادرت المشفي كلها لم تستطع منع دmـ.ـو.عها من الهطول ، حاولت ضبط نفسها لكنها فشلت لدرجة أنها أخذت سيارة آجرة لتصل إلي هنا و تركت سيارتها مصفوفة هناك بالكراچ

خشت أن تقود و هي بهذه الحالة فيقع لها حادث كما صار معه ..

ألقت بثقلها فوق سريرها الكبير و قد أخذ منها التعب خلال الساعة الماضية كل مأخذ

جلست صامتة و المرارة ترشح من تقاسيم وجهها المتقلصة ، واصلت البكاء دون توقف

لينفتح باب الغرفة فجأة و تدخل "فريال" دون إستئذان ..

لم تحاول "صفية" إخفاء محنتها عن أمها ، بل أنها مدت إحدي يديها بإتجاهها ، تمط أصابعها و كأنها تتمني لو أنها طويلة بما يكفي لتجتاز المسافة بينهما ، فكم هي بأمس الحاجة لحـ.ـضـ.ـنها الآن و بصورة شـ.ـديدة اليأس ..

رمقتها "فريال" بصدmة و هرولت نحوها بسرعة ، أمسكت بكتفيها و ضمتها إلي صدرها هاتفة :

-صافي ! مالك يا حبيبتي ؟ في إيه ؟ أنا شفتك و إنتي راجعة بتاكسي و كنتي بتعيطي و إنتي داخلة البيت . إيه إللي حصل يا صافي ؟؟؟

-صالح يا مامي ! .. نطقت "صفية" بصعوبة و هي تشعر بالغصة تكاد تخـ.ـنـ.ـقها

لتستوضحها "فريال" بتوجس :

-ماله صالح ؟؟؟

صفية بنشيج متقطع :

-قـ قـ ـلـ ع د دبلـ ـته . فسـ خ خـ خـ ـطو بتـ ـنا !

-فسخ خطوبتكوا ؟! .. تمتمت "فريال" بذهول ، ثم سألتها بحدة :

-و عمل كده ليه ؟؟؟

صفية و هي تعتصر عيناها من الدmـ.ـو.ع بشـ.ـدة :

-الدكتور صارحه بكل حاجة إنهاردة . شرحله حالته . أول ما عرف إتحول .. مابقاش صالح إللي أنا أعرفه . قال كلام كتير . و شكك في عثمان إنه كان علي علم بإللي هيحصله . و لما إتضايقت و شـ.ـديت معاه شوية لاقيته بيقلع الدبلة و .. و بيقولي مش عايزك !

و راحت تجهش بالبكاء أكثر علي صدر أمها ، بينما إنزعجت "فريال" لاسيما من الجزئية التي تخص إبنها ..

لكنها تمالكت غضبها سريعا ، و أخذت تمسد علي ظهر "صفية" و هي تقول بصوتها الرقيق اللطيف :

-طيب خلاص . خلاص إهدي يا حبيبتي . هو أكيد مصدوم و في حالة عصبية من ساعة ما عرف .. سيبيه شوية بس و هو لما يهدا أكيد هينـ.ـد.م علي كل إللي قاله و هيطلبك عشان يعتذرلك كمان.

-أنا بحبه يا مامي ! .. قالتها "صفية" بلوعة و عـ.ـذ.اب ، و أكملت :

-عمري ما قلتله بحبك . بس أنا بحبه و الله .. مش عايزاه يسيبني حتي لو ماقامش علي رجليه . هفضل معاه.

تنهدت "فريال" و ربتت علي كتفها بحنان قائلة :

-إن شاء الله هيقوم علي رجليه . و مش هتسيبوا بعض !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

عودة للمركز الطبي الخاص ... غادر "عثمان" منذ قليل ، لينفرد "فادي" بأخته أخيرا

لكنه لم يتكلم معها في الحال ، بل إنتظر حتي إطمئنا علي "ملك" و شاهداها داخل سرير الحضـّانة الصغير تأخذ أول جلسة علاج ضد الإلتهاب الرئوي الحاد الذي أصابها مؤخرا

كانت نائمة كالملاك ، فيما سحب "فادي" أخته من ذراعها إلي الخارج ليحدثها ..

-فهميني بقي من فضلك . إيه إللي حصل بالظبط ؟ .. تساءل "فادي" بعصبية خفيفة

لتجيبه "سمر" بهدوء و تعقل :

-ماحصلش حاجة يا فادي . زي ما قولتلك بس عثمان بيه لما عرف إن ملك تعبت أوي أصر يجي معايا و يودينا بنفسه للدكتور.

فادي بغضب :

-و هو ماله ؟ و إنتي بتحشريه فينا ليه ؟ كنتي إتصلي بيا أنا أولي . ماكنتش هعرف أتصرف يعني ؟!

سمر بغضب مماثل :

-كنت هتصل بيك و إنت في الإمتحان ؟ كنت هتسيب إمتحانك و هتجيلنا ؟

-أه . قولتلك قبل كده خدي بالك من الراجـ.ـل و مـ.ـا.تخليهوش يتعود عليكي . بس إنتي بتفوتي كلامي و بتمشي إللي في دmاغك !

-كفاية بقي يا فادي . دmاغك بتقفل علي حاجات مش منطقية و كل شوية بتعيب في الراجـ.ـل و كلمته بإسلوب وحش لما كان هنا . ده جزاؤه إنه حب يساعدنا ؟ هي دي إللي المفروض نقولهاله ؟؟؟

فادي بإنفعال شـ.ـديد :

-معقولة واحد غني زيه يساعد ناس زينا بالطريقة دي ؟ بالمبلغ ده ؟ حتي لو عادي . هنرد عليه بإيه في المقابل ؟ إيه قيمة الحاجة إللي هنقدmهاله بالظبط عشان نوفي الدين إللي علقه في رقبتنا ؟ تقدري تقوليلي إيه أغلي حاجة عندنا ممكن نقدmهاله ؟؟؟!!

شخصت إليه ببصرها محاولة فهم ما قصده !

حدق بها هو الأخر بتحد منتظر إجابتها ، بينما شعرت بالغثيان حين أدركت فجأة ما رمي إليه

تطلب الوقت بضع دقائق قبل أن تتمكن من الكلام ..

-إنت . إنت قصدك إيه ؟! ..تساءلت بتقطيبة عميقة

ليرد "فادي" لاويا شفتاه بإبتسامة تهكمية :

-قصدي إللي فهمتيه بالظبط يا سمر.

إتسعت عيناها و جحظتا من الغضب ، فصاحت و الكلمـ.ـا.ت تخرج كالقنابل من فمها :

-إنت مجنوون ! فعلا مـ.ـجـ.ـنو.ن . إزاي بتفكر كده ؟ إزاي عقلك صورلك الحاجات دي ؟ إنت متخيل إني ممكن أبيع نفسي بالرخيص كده ؟؟؟

فادي بصلابة :

-ده شئ بديهي يا سمر . أي بني آدm عادي هيفكر ليه واحد زي ده مهتم أوي كده بعقد حياتك و بيستغلها.

-بيستغل إيه يا مـ.ـجـ.ـنو.ن إنت ! و هيعوز يستغلني ليه أصلا ؟ ده راجـ.ـل مش محتاج واحده زيي يستغلها . في آلاف غيري بيترموا تحت رجليه كل يوم في مستواه و أحلي مني كمان . هيبص لواحدة فقيرة و عادية زيي أنا ليه ؟ ما ترد ؟!!

-ما هو الممنوع أحيانا كتير بيبقي مرغوب يا سمر . و الصندوق المقفول دايما بيثير الفضول و واحد زي ده أكيد طول الوقت بيدور علي حاجة جديدة تسليه.

سمر و هي تهز رأسها بعدm تصديق :

-إنت أكيد جرى لعقلك حاجة . مش عايز تفهم . مقتنع بس بأفكارك الموسوسة . عارف لو تـ آا .. و قطعت عبـ.ـارتها فجأة ، ثم أدارت عينها معبرة عن ضيقها و هي تقول :

-أنا بكلم مين ؟ الكلام معاك بقي ممنوش فايدة أصلا !

" مـ.ـجـ.ـنو.ن ! " تمتمت لنفسها ، ثم ولت تاركة إياه واقفا بمفرده ، و ذهبت لتتفقد "ملك" و تطمئن عليها ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

مع هبوط الظلام .. يتسرب ضوء القمر عبر الغيوم و أغصان الشجيرات الكثيفة

بينما تشق سيارة "مراد" طريقها في الممر المرصوف بالأحجار الملونة و المؤدي إلي باحة أفخم قصر بمدينة الأسكندرية ..

أخذ "مراد" حقيبة ظهره الكبيرة التي يحمل بداخلها ملابسه و أغراضه ثم ترك سيارته للبستاني يصفها بالكراچ ، و إتجه إلي باب البيت ..

إستقبلته إحدي الخادmـ.ـا.ت بالداخل ، ليقول لها بإسلوبه الخفيف :

-معلش يا قمر . ممكن بس توصليني لأوضة عثمان بيه ! أصلي من زمان و أنا بتوه جوا البيت ده.

ضحكت الفتاة الحسناء برقة ، ثم قالت بإبتسامة :

-طبعا تحت أمر حضرتك . إتفضل معايا.

تبعها "مراد" متبخترا برشاقة في خطواته ، إتخذا المصعد المغلف بالخشب المصقول الأنيق ، ليصلا في غضون ثوان إلي الطابق الثالث ..

خرجت الخادmة أولا و راحت تؤشر له نحو غرفة "عثمان" و هي تقول :

-بص حضرتك . أوضة عثمان بيه إللي في الوش علطول دي . مافيش حد ساكن في الدور ده غيره أصلا.

مراد و يهز رأسه بتفهم :

-تمام فهمت .. ثم قال بإبتسامة مداعبة :

- يا قمر.

ضحكت الفتاة ثانيةً و لكن ضحكتها هذه المرة كانت أكثر خجلا ، فإستدارت و إنصرفت من أمامه مسرعة ..

تنهد "مراد" بحيوية ، ثم توجه صوب غرفة صديقه ..

بعد طرقة واحدة ، أدار المقبض و دفع الباب و دلف و هو يصيح بمرح :

-صاحبي يا صاااحبي . صديق السوء جالك يا حبيبي !

دوت ضحكة "عثمان" المجلجلة من داخل قاعة المرحاض ، ليتتبعها "مراد" و يذهب إليه و هو يبتسم بشـ.ـدة

بينما يقول "عثمان" :

-أهلا يا صاحبي . و أنا أقول إشعاع الأفكار القذرة ده جالي منين . أتاريه من طلتك البهية.

في هذه اللحظة وصل "مراد" عند عتبة باب المرحاض ، ليقف هناك يقول بسخرية :

-إشعاع أفكار قذرة ؟ و مين ده إللي بتفكر فيه بقذارة يا صاحبي ؟!

كان "عثمان" يقف عاري الصدر أمام مرآة عريضة معلقة فوق الحوض الرخامي الصغير ، يلف منشفة بيضاء حول وسطه ، و كان يباشر تسوية شعيرات لحيته البنية متوسطة الطول ..

فيما أدار وجهه قليلا نحو صديقه ليجيب بنبرة خبيثة تشتعل حماسة :

-ســــــــمـر !!!
_ حالة عصبية ! _

أدار وجهه قليلا نحو صديقه ليجيب بنبرة خبيثة تشتعل حماسة :

-سمر.

مراد عاقدا حاجبيه في إستغراب :

-سمرا ! سمر مين ؟ .. قصدك سمر إللي بتشتغل عندك ؟!

أومأ "عثمان" دون أن يتكلم ، ليرمقه الأخير بدهشة قائلا :

-إنت بتهزر ! صح ؟؟؟

-بهزر إيه ياض إنت ؟ إنت تعرفني بهزر في حاجات زي دي ؟؟

-لا ما بصراحة أنا مش مصدقك يعني . فهمني لو سمحت عشان أنا توهت منك عالأخر .. إنت قصدك إيه بالظبط ؟؟؟!!

أشاح "عثمان" عنه و شرع بغسيل وجهه بقطرات المياه الدافئة

أغلق الصنبور بإحكام حالما إنتهي ، ثم تناول منشفة صغيرة من إحدي الرفوف الجانبية

أخذ يجفف وجهه بها و هو يمشي عائدا إلي غرفته متجاوزا "مراد" الذي لم يتوقف عن النظر إليه بذهول ..

-إنت يا عم إنت ! .. صاح "مراد" و هو يتبعه إلي الداخل

-إستني هنا . رد عليا مش بكلمك !!

عثمان بضيق :

-عايز إيه يا عم ؟

-فهمني قصدك إيه ؟!

تنهد "عثمان" و هو يلقي بالمنشفة علي كرسي محاذي لسريره ، ثم قال و هو يتجه صوب غرفة الملابس خاصته :

-قصدي كل خير يا مراد . البت غلبانة و أنا حابب أعطف عليها.

مراد بسخرية و هو يجلس علي طرف السرير في إنتظاره عودته :

-لا يا شيخ ! بقي حابب تعطف عليها بردو ؟؟!!

عثمان بضحك من الداخل و هو يرفع نبرة صوته قليلا :

-يابني و الله زي ما بقولك كده . هي محتاجة فلوس عشانها و عشان إخواتها . فأنا قلت واجب عليا أساعدها.

-إخواتها ؟ أنا فاكر إنك قولتلي عندها أخت صغيرة بس !

-لأ ما أنا نسيت أقولك بقي.

مراد بفضول :

-نسيت تقولي إيه ؟؟؟

عاد "عثمان" في هذه اللحظة و قد إرتدي فقط سروال منزلي مصنوع من القطن الكحلي ..

-فاكر الواد إللي جيت قولتلي عليه كانت نازلة في حب ؟ .. قالها "عثمان" بتساؤل و هو يقترب ليجلس بجانبه

ليجيب "مراد" بعد برهة :

-أه فاكر . ماله ده يعني ؟!

عثمان بإبتسامة مرحة :

-طلع لا خطيبها و لا حبيبها.

-يا راجـ.ـل ؟ أومال طلع إيه خالتها !!

عثمان بضحكة صفراء :

-هيهيه ظريف أووي .. ثم أردف بإنزعاج :

-تصدق ياض ؟ فصلتني . مش حاكيلك حاجة !

مراد و هو يعتذر منه بسرعة :

-لا لا خلاص معلش حقك عليا . كنت بهزر يا أخي . يلا بقي إحكي عشان خاطري.

عثمان متآففا بضيق :

-و ربنا هقطع علاقتي بيك قريب . ما علينا .. و راح يحكي له كل ما حدث اليوم ، إجمالا و تفصيلا ، بدايةً من ذهابه مع "سمر" و أختها إلي المركز الطبي و حتي مجيئ أخيها و الحوار الحاد الذي دار بينهما

-لا بجد ؟ يعني طلع أخوها ؟! .. تساءل "مراد" بشئ من الدهشة ، ليرد "عثمان" ببساطة :

-أيوه يا سيدي . طلع أخوها.

-بس علي حسب كلامك شكله شـ.ـديد و مقفل عليها . هتوقعها إزاي دي ؟؟؟

-قولتلك أمرها سهل . الفلوس أهم حاجة بالنسبة لها و أنا معايا فلوس . هتلين في إيدي بسرعة مـ.ـا.تقلقش.

مراد بوجوم :

-بس شكلها مش من النوع ده يا عثمان . أنا شوفتها !

عثمان بسخرية :

-هي مين دي يا حبيبي إللي مش النوع ده ؟ إوعي يكون غرك شكلها و قناع البراءة إللي هي لبساه ده . لو صدقتها تبقي عبـ.ـيـ.ـط . زيها زي أي واحدة من بنات جنسها . كلهم بيحبوا الفلوس و بيحلموا بيها . و بالذات الفقرا إللي زيها . الواحدة منهم تعيش طول عمرها بتتمني تقع علي الراجـ.ـل إللي جيوبه مليانة و لو خلصت عليه تشوفلها واحد غيره.

مراد بجدية :

-يابني مش كلهم بردو . أنا حاسس إن دي غير.

-و لا غير و لا حاجة . إسمع مني بس و هتشوف.

رمقه "مراد" بعدm إقتناع

فزم "عثمان" شفتاه كاتما إنفعاله غضبه بداخله ، ثم قال بتحد :

-طيب تراهن ؟

-أراهن علي إيه ؟!

-خلال يومين بالكتير . سمر هتبقي ملكي.

مراد ضاحكا بخفة :

-يا جاااامد . واثق من نفسك أوووي يا صاحبي .. ثم قال قابلا التحد :

-أووك . أراهنك يا عثمان .. بس لو خسرت الرهان يا حلو ؟!

عثمان بإبتسامة مستخفة :

-عثمان البحيري عمره ما خسر . حط الرهان إللي إنت عايزه.

-ماااشي يا إبن البحيري . لو خسرت ليا عندك عربية أخت إللي صالح عمل بيها الحادثة بالظبط.

عثمان بدون تفكير :

-موافق .. ثم أكمل بإسلوبه الماكر :

-بس لو كسبت ! يبقي ليا عندك إنت إيه ؟!

-يا عم هي فزوره ؟ إنجز و قول إللي إنت عايزه.

عثمان بإبتسامة هادئة :

-مش عايز حاجة . أنا عندي كل حاجة يا مراد . سمر دي زي صفقة كده بالنسبة لي .. و لو فشلت معاها هدفعلك الشرط الجزائي . الـ Black Velvet Ferrari !

مراد بحماسة :

-Deal ?

عثمان بثقة :

-Deal !

و تصاحفا علي هذا الإتفاق

ليقول "مراد" بعدها مشاكسا إياه :

-بس مـ.ـا.تبقاش بقي ترجع في كلامك زي العيال الصغيرة لما تخسر.

ضحك "عثمان" ملء حنجرته ، ثم قال و هو يقوم من جانبه :

-هروح أشوف الخدامين جهزولك أوضتك و لا لسا !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••

في الحي الإسكندراني العتيق ... تمشي "سمر" مع أخيها في إتجاه المنزل

ليقفز أمامهما فجأة ذاك الذي يدعي "خميس" نجل أكبر تاجر لحوم بالمدينة كلها ..

-مسا الخير يا أستاذ فادي ! .. قالها "خميس" بنبرته الغير لبقة علي الإطـ.ـلا.ق

بينما وقفا الشقيقان بصورة تلقائية ، ليرد "فادي" بإقتضاب ممزوج بالحدة الخفيفة :

-مساء النور يا معلم خميس . خير في حاجة ؟!

خميس و هو يشمل "سمر" بنظرة خاطفة :

-خير إن شاء الله . بس كنت عايزك خمسة كده في موضوع مهم.

فادي عابسا في ضيق :

-و الموضوع المهم ده ماينفعش يتأجل لبكره الصبح يا معلم خميس ؟

-يا أستاذنا مـ.ـا.تخفش مش هعطلك . هما خمس دقايق عبال ما تشرب الحاجة الساقعة أكون قولتلك إللي عندي.

تنهد "فادي" ثم نظر نحو أخته و قال بأمر :

-روحي إنتي عالبيت . شوية كده و هحصلك.

أطاعته "سمر" في صمت ، و توجهت بمفردها صوب المنزل

بينما إلتفت "فادي" إلي "خميس" متسائلا بفتور :

-خير يا معلم خميس ؟!

خميس بإبتسامة :

-خير يا أستاذ فادي . إتفضل معايا جوا في المحل عشان نبقي براحتنا . بدل ما نتكلم في موضوعنا علي الواقف كده !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

كانت قلقة جدا حيال الوضع برمته ... و كم أرادت ألا تترك شقيقها وحده مع هذا الشخص الخطير

و لكنها أبت أن تزعجه ، فهي تعلم جيدا أنه يشعر بالغضب من قلقها الزائد عليه ، و يتهمها في كثير من الأحيان بتوجيه الإهانة له ما إذا قامت بتحذيره من أي شئ أو أي شخص

دائما يعتبر نصائحها الطيبة جـ.ـر.حا لكرامته و رجولته

لذا آثرت "سمر" الصمت و تركته ليفعل ما يشاء ..

طرقت "سمر" باب السيدة "زينب" قبل أن تصعد إلي شقتها ، لتفتح لها السيدة بعد لحظات ..

-سمــر ! .. صاحت "زينب" ما أن رأتها ، و تابعت :

-إتأخرتوا كده ليه يابـ.ـنتي شغلتوني عليكوا . و فين ملك مش شايفاها معاكي ليه ؟؟؟!!

سمر بإبتسامة منهكة :

-ملك سبناها عند الدكتور يا ماما زينب.

زينب بقلق حقيقي :

-ليه يابـ.ـنتي ؟ هي فيها حاجة كبيرة و لا إيه ؟!

-إلتهاب رئوي يا ماما زينب . عندها إلتهاب رئوي.

زينب بذعر و هي تضـ.ـر.ب صدرها بكفها :

-يا لهوي ! عيلة في سنها تستحمل إزاي حاجة زي دي ؟؟

سمر بحـ.ـز.ن :

-و الله يا ماما زينب الدكتور بيقول إنه مرض شائع بين الأطفال إللي في سنها . بس هي إللي حالتها ساءت أكتر من الإهمال .. ثم أكملت بسخرية مريرة :

-أنا أهملتها يا ماما زينب !

-لا يابـ.ـنتي مـ.ـا.تقوليش كده . ده إنتي مش بس شايلة أختك جوا عنيكي . و أخوكي كمان . مـ.ـا.تجيش علي نفسك يا سمر إنتي قايمة معاهم بدور الأم و الأب . و مش كتير يقدروا يعملوا إللي بتعمليه.

سمر مبتسمة بخفة :

-ربنا يخليكي يا ماما زينب .. يلا بقي أسيبك . تصبحي علي خير . أنا قلت بس قبل ما أطلع أعدي أطمنك.

-و الله يا سمر كنت قاعدة علي أعصابي .. يلا ربنا ستار بردو.

-أيوه و الله عندك حق . إن شاء الله هفوت عليكي بكره الصبح و أنا نازلة.

-ماشي يا حبيبتي .. قالت "زينب" بإبتسامة ودودة ، ثم سألتها بسرعة قبل أن تذهب :

-هو فين فادي صحيح ؟ سبتيه بايت مع ملك عند الدكتور ؟؟

-لأ ده واقف تحت مع آاا ... و ما كادت "سمر" تكمل جملتها ، إلا و سمعت صوت جلبة شـ.ـديدة آتية من الخارج

-يا ساتر يا رب .. قالتها "زينب" بخـ.ـو.ف ، و أردفت :

-إيه الأصوات دي ؟ خناقة دي و لا إيه ؟؟!!

سمر بتوجس :

-ماعرفش يا ماما زينب . تعالي نشوف !

و دخلتا معا إلي شقة ، ثم إلي الشرفة المطلة علي الشارع ..

خفق قلب "سمر" بقوة و جحظت عيناها برعـ.ـب و هي تري من مكانها عراك مشتعل قد نشب بين أخيها و بين "خميس" أمام محل الجزارة ..

-و رحمة أمي و أبويا لأدفعك تمن كل كلمة قولتها يا زبـ.ـا.لة يا إبن الـ--- .. قالها "فادي" مزمجرا بشراسة و هو يشـ.ـد "خميس" من تلابيبه القذرة الملوثة بالدmاء

بينما رد "خميس" بغضب شـ.ـديد و هو يحاول الفكاك منه :

-إنت بتمد أيدك عليا ياض ؟ وديني لأكون فاتح كرشك الليلة دي.

و هنا دوي صوت السيدة "زينب" بصراخ حاد :

-ولاآاا يا خمييييس . سيييبه يا وآاااااد . ما تلحقوا يا خلق حد يحوشهم عن بعض !

و أثناء صراخها ، كانت "سمر" قد إندفعت كالسهم خارج المنزل كله ..

وصلت إلي أرض العراك و أسرعت إلي "فادي"

أمسكت بكتفه و هي تصرخ به :

-بس يا فادي . كفاية سيبه . بقولك سيبه !

و أخيرا أفلته "فادي" لكنه إلتفت إلي "سمر" و هو يصيح بإنفعال :

-إنتي إيــه إللي نزلك ؟ إطلعي فووق.

سمر برفض قاطع :

-لأ مش طالعة . مش همشي من هنا إلا بيك فاهــم ؟!

فادي بغضب شـ.ـديد :

-قلت إطلعي . إطلعي دلوقتي و إلا مش هيحصلك طيب.

-ده إنت إللي مش هيحصلك طيب يا روح أمك .. قالها "خميس" و هو يعود من داخل المحل بسكين ضخم حاد النصل

كانت ملامحه تنطق بالشر المطلق و هو يتجه نحو "فادي" مشهرا السلاح بوجهه ..

-إن ما خلصت عليك . مابقاش أنا خميس إبن المعلم رجب !

و هم بتسديد أول طعنة عنيفةً له ..

إلا أن "فادي" كان حاضر الذهن و لم يـُذل أمامه لثانية واحدة ، بل أنه تفادي طعنته بمهارة متناولا يده من الهواء ، ثم لوي معصمه في محاولة لدرأ الخطر بأقل خسائر ممكنة ..

و في وسط كل هذا أخذت "سمر" تصرخ بهلع و قد إنتابتها حالة عصبية قوية

بينما تحرك المشاهدين أخيرا و تدخل كبير المنطقة حائلا بين الشابين بحزم :

-بـــــــــس . بس يآاااض إنت و هو كفاياكوا بقي . إيه مش عاملين إحترام لحد ؟! .. ثم إلتفت إلي الحشـ.ـد الغفير مكملا بحدة :

-و إنتوا ياللي واقفين بتتفرجوا يلا مع السلامة إنفضوا من هنا . كل واحد يروح لحاله يلااا.

إنفض التجمع شيئا فشئ ، ليلتفت الرجل المسن نحو "خميس" قائلا بصلابة :

-خلاص يا خميس . آسر الشر و رجع السكينة دي مكانها أحسن و الله هيبقالي كلام تاني مع أبوك .. ثم توجه إلي "فادي" أيضا :

-و إنت يا فادي . يلا خد أختك و إتكل علي الله من هنا . إنت يابني عمرك ما كنت بتاع مشاكل . هنعتبرها ساعة شيطان بس مش عايز حاجة زي دي تتكرر تاني و الكلام ليكوا إنتوا الإتنين.

ضغط "فادي" علي فكيه و هو يرمق "خميس" بنظرات عنيفة للغاية ، لكنه أشاح عنه بالنهاية و إستدار قابضا علي يد أخته ..

أخذها و دخلا إلي المنزل دون أن يلتفت ورائهكان في مزاج سيئ جدا ، حيث أنه تجاهل عمدا نداء السيدة "زينب" و تساؤلاتها و أكمل سيره بأخته حتي وصلا إلي الشقة ..

أغلق الباب بهدوء ، ثم إلتفت إليها ..

-إرتاحتي إنتي دلوقتي ؟ .. تساءل "فادي" بغضب دفين ، لترد "سمر" و هي لا زالت ترتجف من هول ما حدث بالأسفل :

-مش فاهمة ! .. قـ صدك إ يه ؟؟

تنهد "فادي" بإنهاك ، ثم قال ببغض متخليا عن عصبيته تماما :

-أنا خلاص هبطل أتكلم معاكي تاني في الموضوع ده . إنتي كبيرة كفاية و عارفة مصلحتك . بس خليكي عارفة إن سمعة أبوكي الله يرحمه لو بقت في الأرض بعد عمره ده كله إللي قضاه هنا هتبقي إنتي السبب يا سمر !

و حدجها بخبية أمل شـ.ـديدة ، ثم إنصرف من أمامها و دخل إلي حجرته

بينما إرتمت "سمر" علي أقرب كرسي محاولة تهدئة أعصابها الثائرة متناسية حديث أخيها الفائت كله ..

لم تفكر حتي ما كان الذي يقصده بالضبط ، فقط واصلت العمل علي الإسترخاء التام

فما حدث منذ قليل لم يكن هينا بالنسبة لها أبدا ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

صباح يوم جديد ... في قصر آل "بحيري"

ينزل "عثمان" من غرفته ، ليقابل أمه الجميلة أثناء هبوط الدرج ..

-فريال هانم ! .. قالها "عثمان" بلهجة مهذبة مفعمة إعجابا بجمال أمه المتزايد

فريال بإبتسامة رقيقة و هي تقترب منه :

-حبيبي . صباح الخير يا قلبي.

- .. و تناول يدها بكفيه و إنحني ليقبلها

-إيه علي فين كده ؟

-علي الشركة جلالتك .. قالها بمرح هادئ و إنحني ثانيةً ليقبل يدها مرةً أخري

فريال ضاحكة بخفة :

-آه منك يا بكاش إنت . دايما واكل بعقلي حلاوة.

عثمان بإطراء :

-مافيش حلويات في البيت ده كله غيرك يا فريال هانم.

-و الله بكاش .. لكن ما علينا . إنت مبدر أوي كده ليه ؟ ده الساعة ستة و نص !

-ورايا شوية شغل كده و كام حاجة مهمة . هروح أخلصهم بدري.

-طيب مش تفطر الأول ؟؟؟

-هاخد أي حاجة في الشركة مـ.ـا.تقلقيش . يلا باي.

-باي يا حبيبي .. و طبع "عثمان" قبلة خفيفة علي وجنتها ، ثم أكمل هبوط الدرج

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

وصل "عثمان" إلي مقر شركته بسهولة هذا الصباح بسبب ذهابه في وقت مبكر علي غير العادة ..

لم يكن هناك سوي أفراد الأمن و موظفين الإستقبال و عمال الطوابق

و لم يخطر بباله أبدا أن يجدها تجلس علي مكتبها في هذا الوقت ..

-سمر ! .. تمتم "عثمان" بإستغراب

بينما لم تتحرك الأخيرة إنشا واحدا ، حيث ظلت عاكفة كما هي فوق دفاتر مكتبها و قد بدا عليها التعب بصورة واضحة

إقترب "عثمان" بحذر و هو يهتف بلهجة متوسطة :

-سمر .. سمــر !

إنتفضت "سمر" لسماع صوته و تطلعت إليه فورا ..

حملق "عثمان" بدهشة في وجهها الذابل المرهق و عيناها الحمراوان ، ثم سألها بلطف :

-مالك يا سمر ؟ في حاجة ؟ إنتي تعبانة ؟؟

إبتسمت "سمر" بجهد و أجابته :

-أنا كويسة يافنـ.ـد.م . مافيش حاجة . علي سؤالك.

-إيه إللي جابك بدري كده ؟!

-أنا مانمتش طول الليل أصلا حضرتك . كنت مشغولة علي ملك فإستنيت أول ما الفجر طلع و روحت أطمنت عليها . و بعدين خدت بعضي و جيت علي هنا.

-أه . فهمت .. ثم قال بإبتسامة :

-أنا مش عايزك تقلقي عليها أوي كده . صدقيني قريب أوي هتبقي كويسة و هترجع أحسن من الأول.

أومأت "سمر" بهدوء ، ليتنفس "عثمان" بعمق ، ثم يقول :

-طيب .. بما إن الفراش لسا مجاش و البوفيه لسا قافل . ممكن تيجي علي مكتبي تعمليلي فنجان قهوة لو سمحتي ؟

سمر برحابة :

-طبعا ممكن.

رمقها بإبتسامة ، بينما قامت من خلف مكتبها و إتجهت إليه

أخذت من يده حقيبة العمل الصغيرة و تبعته إلي داخل المكتب ..
_ أعزب فاسق ! _

تصرفت "سمر" بآلية شـ.ـديدة داخل مكتب مديرها .. عنـ.ـد.ما توجهت نحو هذا البنش المتوسط الذي إحتل ركن قاصي من الغرفة الواسعة

كانت متعبة و منهكة بصورة ممـ.ـيـ.ـته ، بالكاد كانت تري أمامها ..

لكنها إستطاعت تجميع آدوات صنع القهوة ، كما عثرت بسهولة علي فنجان كبير أضافت له بعض القهوة و القليل من السكر

ثم شغلت وعاء التسخين المصنوع من معدن الكروم حيث إستطاعت أن تري صورة وجهها الشاحب بوضوح و تلك الهالات الزرقاء المحيطة بزوايا عيناها

لا تدري ماذا أصابها بالضبط !

لا يمكن أن تكون همومها ، فهي معتادة علي نوبات الضيق و الحـ.ـز.ن منذ فترة طويلة ، ليس هناك ثمة مشكلة في هذا إطـ.ـلا.قا ..

لعله حديث "فادي" الذي لا تتذكر منه شئ الآن !

أو لعله عراك ليلة أمس الذي أنشبه إبن الجزار !

أو .. لعلها "ملك" الطفلة المسكينة التي يهددها المـ.ـو.ت بسبب إفتقار أسرتها للمال !!

لم تشاء "سمر" الإسترسال في التفكير أكثر لئلا تزداد حالتها سوءاً ، فهزت رأسها بخفة و هي تركز نظرها المرهق علي شريط مقياس الحرارة المرفق بوعاء التسخين ..

و بعد دقيقة واحدة ، أطلقت الآلة رنين قصير معلنة إنتهاء الغليان

لتصب "سمر" السائل الساخن في الفنجان ، ثم تضعه فوق طبق نحاسي مسطح و تحمله تذهب لتقدmه إلي "عثمان" ..

-إتفضل يافنـ.ـد.م ! .. قالتها "سمر" بخفوت و هي تنحني قليلا لتضع الفنجان فوق المكتب

بينما شكرها "عثمان" بإبتسامة و هو يتظاهر بتصفح هاتفهه :

- يا سمر . و آسف لو تعبتك.

سمر مبتسمة بصعوبة :

-العفو يافنـ.ـد.م . مافيش تعب أبدا . دي حاجة بسيطة .. ثم سألته بتهذيب :

-تؤمرني بحاجة تانية ؟

عثمان بجدية :

-أه . كنت عايزك في موضوع . أقعدي يا سمر لو سمحتي .. ثم ترك هاتفهه جانبا ، و أكمل و هو يقوم من مكانه :

-تعالي نقعد هناك أحسن عشان نعرف نتكلم كويس.

و أشار لها إلي مقعدين مقابلين في الوسط

تبعته "سمر" بفم مطبق و كأنها بلا إرادة . بلا روح ..

جلس "عثمان" واضعا ساقا فوق ساق ، لتجلس هي الأخري راسمة تعبيرات هادئة جدا علي وجهها

-خير يافنـ.ـد.م ؟ .. قالت "سمر" بتساؤل :

-إيه الموضوع إللي حضرتك عاوزني فيه ؟!

نظر لها "عثمان" محاولا تقدير التبدلات التي مرت بها منذ أخر لقاء لهما البـ.ـارحة و حتي هذه اللحظة ..

-شكلك مش مظبوط خالص يا سمر ! .. تمتم "عثمان" و هو يحدجها بتركيز

بينما قطبت "سمر" قائلة :

-مش مظبوط إزاي حضرتك ؟!

-يعني . وشك مرهق خالص . و زي ما تكوني واقعة في مشاكل كبيرة . ماكنتيش كده لما سيبتك إمبـ.ـارح ! .. لم تجب "سمر" فأضاف :

-أعتقد إن في مشكلة تانية بتواجهك ؟

سمر بإبتسامة خفيفة :

-لأ أبدا حضرتك . مافيش و لا مشكلة بتواجهني حاليا الحمدلله . بس آا ..

و أوشكت أن تحكي له عن أحداث الليلة الماضية ؛

كيف تعارك شقيقها مع أحد الشبان الأشرار بمنطقتهم ، و كيف حاولت التدخل لتحول بينهما ، و كيف نجي "فادي" من الوضع بشكل لم تتخيله ، و كيف كانت ستمـ.ـو.ت هي من الرعـ.ـب !

و لكنها توقفت

لأنها أدركت أنه قد يفهمها خطأ ، يكفي ما فعله من أجلها حتي الآن ، لا يجب أن تزيد عليه و تبالغ في شكواها ..

-أنا بس قلقانة علي ملك .. هكذا أكملت عبـ.ـارتها السابقة ببساطة و هي تبتسم له بلطافة زائدة

عثمان بإبتسامة مماثلة :

-إنتي بتبالغي أوي في قلقك عليها . قولتلك أختك هتبقي كويسة خالص .. صدقيني.

سمر و هي تدعي من قلبها :

-يا رب . يا رب يافنـ.ـد.م .. إنت أصلك مـ.ـا.تعرفش ملك دي بالنسبة لي إيه . دي بـ.ـنتي مش بس أختي . أنا إللي إهتمـ.ـيـ.ـت بيها من يوم ما مـ.ـا.توا بابا و ماما.

-والدك و الدتك إتوفوا مع بعض ؟!

سمر بحـ.ـز.ن :

-أيوه . مـ.ـا.توا في حادثة عربية . لسا ماكملوش سنة.

عثمان بتعاطف زائف :

-الله يرحمهم.

سمر بإبتسامة حزينة :

-أمين .. ثم نظرت إليه قائلة بإستحياء :

-حضرتك صاحب فضل كبير أوي عليا أنا و أخواتي . بجد نفسي في يوم أقدر أردلك جزء من جمايلك علينا.

عثمان بضيق :

-يا سمر قولتلك قبل كده مابحبش الكلام ده !

-خلاص خلاص . أوعدك مش هضايق حضرتك تاني.

-و بلاش حضرتك دي كمان.

سمر و قد توردت وجنتاها :

-ماينفعش حضرتك.

عثمان بحدة :

-تاني حضرتك ؟

-أومال هقول إيه بس ؟ .. تساءلت بحيرة ، ليجيبها ببساطة :

-قوليلي عثمان عادي جدا.

سمر بخجل شـ.ـديد و هي تخفض رأسها بسرعة :

-يا خبر ! لأ .. أعذرني مقدرش.

تنهد "عثمان" و هو يهز رأسه بيأس منها ، ثم قال بهدوء :

-إنتي ت عـ.ـر.في إني كنت متجوز قبل كده ؟

و هنا تطلعت "سمر" إليه ..

-حضرتك كنت متجوز ؟ .. تمتمت "سمر" و أكملت بإستغراب :

-غريبة !

-هي إيه دي إللي غريبة ؟!

سمر بتلعثم :

-لأ مش قصدي حاجة . أصل حضرتك قلت كنت متجوز ! معناها إنك طلقت.

-أيوه !

سمر بإبتسامة مرتبكة :

-أنا بس إستغربت مين دي إللي ممكن تتجوزك و تبقي حابة تنفصل بعد كده . حضرتك إنسان كويس جدا يعني.

عثمان و هو يلوي ثغره بإبتسامة ساخرة :

-بس هي بقي ماكانتش كويسة أبدا.

عقدت "سمر" حاجبيها إثر هذا و لم تعلق ، ليكمل هو بنبرة لامبالية :

-طلقتها ليلة الفرح.

سمر بذهول و قد عجزت عن الصمت :

-يا نهار أبيض !

إبتسم "عثمان" و هو يسألها :

-إيه مالك ؟ مستغربة أوي كده ليه ؟ إنتي ماقرتيش الخبر في الجرايد و لا إيه ؟ الموضوع مافتش عليه كتير !

-لأ حضرتك . أنا مش فاضية للحاجات دي .. ثم سارعت لتصلح الجملة :

-أقصد يعني مشاكلي أحيانا كتير بتشغلني عن كل إللي بيدور حواليا !

أومأ "عثمان" بتفهم و قال :

-أنا أصلا ماكنتش بحبها .. الجوازة كانت مجرد جوازة مصلحة عشان نربط عليتها بعيلتي .. ثم أردف و هو يرمقها بنظرات ذات مغزي :

-إنتي عمرك حبيتي يا سمر ؟

أجفلت "سمر" من سؤاله ، و ردت بعد برهة :

-حب ! لأ يافنـ.ـد.م . بصراحة عمري ما جربت الحكاية دي.

-ليه ؟ مـ.ـا.تقنعنيش إن محدش عرض عليكي و لا مرة !

سمر بإبتسامة خجلة :

-مش بالظبط و الله .. بس أنا بحب أبقي في حالي . و كمان ماحبش أتخدع أبدا . كفاية مشاكلي عليا . بمعني أدق يعني أنا مش ناقصة و سايبة الحب ده علي جنب . زائد إن الحب أساسا أنواع.

-يعني إيه ؟!

-يعني في حب مش طاهر . مش قايم علي الإحترام و لا المبادئ .. وضحت أكثر و هي تشعر بقليل من الخجل :

-حب زي ده مايبقاش حب و لا يبقي حاجة شريفة أصلا . و أنا مش ممكن أفرط في شرفي أو أسـّوأ سمعتي !

عثمان بلهجة متنمرة :

-طيب . ممكن يبقي إيه ردك لو واحد زيي مثلا عرض عليكي الحب يا سمر ؟!

سمر و هي تضحك علي نكتته الساخرة :

-يا خبر ! واحد زي حضرتك ؟ إنت مافيش واحدة تفكر في عروضك أصلا . عروضك كلها مقبولة مقدmا .. و تابعت ضحكها الهادئ

ليبتسم "عثمان" ثم يعلن بصراحة :

-طيب يا سمر .. أنا بعرض عليكي الحب دلوقتي !

صمت مفاجئ .. ثم إنفرجت شفتا "سمر" عن دهشة و قد عاد الشحوب إلي وجهها ثانيةً ..

بإرتداد سريع و لا شعوري تقريبا تحركت بعيدا عنه بقدر ما سمح لها به مسند الكرسي

لكنه لم يأت بأي حركة نحوها ، و قال بإتزان تام :

-أنا دلوقتي راجـ.ـل عازب . و من حقي أرتبط بأي واحدة تعجبني .. و أنا إختارتك إنتي يا سمر.

سمر بتـ.ـو.تر واضح :

-حـ حضرتك أ كيد بتـ ـهزر !

عثمان و قد إتسمت ملامحه و نبرة صوته بالجدية الشـ.ـديدة :

-لأ خالص . أنا مابهزرش و عارف أنا بقول إيه كويس أوي .. إنتي بقالك مدة شغلاني و إكتشفت أخيرا إني عايزك .. ثم أكمل بشرط :

-بس لعلمك أنا مش بتاع جواز . هي كانت مرة و خلاص .. شطبت.

في هذه اللحظة هبت "سمر" من مكانها و فورا بحثت عن الباب

تريد أن تخرج ، بل تريد أن تهرب خاصة بعد سماع هذا ..

ليقف بوجهها ذاك الأعزب الفاسق راسما علي شفتيه إبتسامة شيطانية ..

-عديني حضرتك لو سمحت ! .. قالتها بلهجة مرتجفة و هي علي وشك أن تبكي

بينما هز رأسه بالرفض و هو يقول بعتاب :

-و بعدين معاكي . إحنا مش قولنا نبقي كويسين مع بعض و بلاش كلمة حضرتك دي ؟ .. ثم تابع بهدوء نموذجي :

-إسمعيني كويس . كل واحد فينا عايز حاجة من التاني . أنا عن نفسي هديكي كل إللي أنتي عايزاه .. بس لازم بردو أخد منك كل إللي أنا عايزه.

و شـ.ـدها إليه دون سابق إنذرا ، لتكتم شهقتها المرتعبة قبل أن تتجاوز حنجرتها ، و يتابع هو بهمس قرب أذنها :

-أنا حبيتك علي فكرة . و عارف إنك إنتي كمان ممكن تكوني بتحبيني مختلفناش .. قولتيلي مش ممكن تفرطي في شرفك . تمام .. أنا مش هآذيكي . أوعدك إنك كل مرة هتخرجي من هنا صاغ سليم . مـ.ـا.تخافيش بقي .. طاوعيني و مش هتنـ.ـد.مي !

إنهمرت الدmـ.ـو.ع من عينيها بالفعل و هي تحاول الفكاك منه ، لكنه لف ذراعيه حولها بإحكام ، ثم قال :

-مـ.ـا.تبقيش عنيدة . فكري في مصلحتك . أنا هنفعك أكتر ما هضرك بصرف النظر عن إن إللي أنا عايزه مافهوش ضرر أصلا . بالعكس . أنا هاخد بالي منك و بضمنلك إنك هتكوني مبسوطة معايا.

إستمرت "سمر" في التملص منه و هي تصرخ :

-إوووعي . سيبنيييي . أنا مش عايزة منك حاجة !

و هنا أفلتها "عثمان" و يقول ضاحكا :

-بتهزري يا سمر . إنتي محتاجالي . و مافيش قدامك حل تاني .. إقبلي عرضي دلوقتي أحسن بدل ما تيجي تطلبيه مني بعدين.

عند ذلك لم تشعر "سمر" إلا و هي ترفع كفها عاليا ، لكن "عثمان" تناوله من الهواء بحركة سريعة قبل أن تبلغ المسافة و تصفعه ..

لوي ذراعها خلف ظهرها بقوة ، ثم شـ.ـدها إليه بعنف بحيث أصبح جسدها ملتصقا بجسده فأحست عندئذ بعضلاته النافره تحت ثيابه ..

بينما قال بصوت أجش :

-هدي أعصابك بقي و حاولي تفهمي .. مافيش قدامك إلا الحل ده . أنا الوحيد إللي في إيدي أخلصك من كل مشاكلك . بس طبعا بالمقابل إللي قولتلك عليه !

كادت تنفجر بوجهه ثانيةً ، لكنه سارع مكملا بصرامة لاذعة :

-أومال إنتي فاكرة أنا جبتك تشتغلي عندي هنا ليه ؟ إنتي و لا ت عـ.ـر.في أي حاجة عن الشغل إللي إنتي فيه . أنا جبتك هنا بس عشان تفضلي تحت عنيا .. عشان وقت ما أعوزك ألاقيكي !

سرت موجة من القرف و الخـ.ـو.ف في أوصالها و تقلصت أحشاءها بألم

بدأت تصارع بهياج ، لكنه لم يقم بأي جهد ليحتجزها ثانية أخري ..

و بلحظة تلوت و حررت نفسها ، لتفر هاربة منه للحال

ركضت و هي لا تري أمامها بسبب كمية الدmـ.ـو.ع التي ملأت عيناها ، واصلت الركض بأقصي سرعة لديها حتي إبتعدت عن أرضه تماما

حينها فقط ، سمحت لساقيها بالتداعي و سقطت باكية تحت ظلال شجرة ضخمة ...
_ الرهان ! _

في الثانية بعد الظهر .. يستيقظ "فادي" علي مهل و يقوم من سريره بتكاسل منافي لطبيعته

كان غير عابئا بعامل الوقت أيضا ..

فاليوم هو عطلة ما بين الإمتحانات و قد أعطي لنفسه فترة راحة مفتوحة طيلة النهار لكي يعوض مخزون نشاطه المستهلك علي مدي الثلاثة أيام الفائتة

بعد تأدية روتينه الصباحي ..

قام بتحضير وجبة فطور خفيفة تناولها و هو يحتسي فنجانا القهوة ، ثم ذهب بعدها ليدرس قليلا داخل الشرفة الظليلة المعبقة برائحة الزهور التي قامت "سمر" بزراعتها بنفسها ..

-سمر ! .. تمتم "فادي" لنفسه حين جاء علي ذكر أخته

يعرف أنه بالغ في ردة فعله تجاهها البـ.ـارحة ، و أفرط في إلقاء اللوم عليها ، فأولا و أخيرا هي ليست مذنبة و لم تفعل شيئا خاطئا ..

كانت ضعيفة و بمفردها و أرادت أن تنقذ "ملك" .. بالتأكيد أن التفكير لم يتسني لها وقتئذ ، بالتأكيد أنها لم تنظر للوضع من منظور الناس و الجيران من حولهم

أو بالأحري من منظور إبن الجزار تحديدا ..

الخـ.ـو.ف سد حواسها و ما إستطاعت التمييز ، نعم هو كذلك
"سمر" فتاة جيدة

بشهادة الجميع ..

"سمر" كريمة الأخلاق و مثالا يحتذي به في الآدب و حسن السلوك

بعمرها لم تفعل الخطأ و لن تفعله

هو واثق من ذلك ثقة عمياء مجردة .. أخته جيدة

رغم أنف الجميع

و من الآن فصاعدا لن يعير إهتمامه لأحاديث الناس ، و سوف يصم آذانه عن إدعاءاتهم الباطلة التي ما هي إلا حيلة تستهدف تشويه سمعتهم و تخريب علاقته الطيبة بشقيقته ..

يكفي أنه يعرفها و يثق بها ، لن يهمه شئ أخر بعد الآن

تنهد "فادي" براحة و هو يعتزم مراضاة "سمر" حالما تصل ، نعم .. يجب أن يعتذر منها و ينهي هذا الخلاف السخيف ..

و لكنه ما لبث أن سمع أصوات هرج و مرج منبعثة من أسفل الشرفة ، ليقفز من مكانه حين ميـّـزت آذنه إسم شقيقته يُردد وسط كل هذه الجلبة ..

-إيه ده مش دي البت سمر ؟!
-أيوه هي ياختي.
-خير يا رب . يا تري فيها إيه ؟؟؟!
-العلم عند الله !

-بالراحة يا خميس . خد بالك يابني . علي مهلك .. هو إيه إللي حصل بالظبط ؟!
-ماعرفش و الله ياعم صابر . أنا كنت قاعد جوا المحل فجأة شفتها بتقع من طولها و هي في أخر الشارع !

جحظت عيناه برعـ.ـب عنـ.ـد.ما شاهد أخته هامدة تماما كالجثة و محمولة علي ذراعي "خميس" بينما يتجه هو بها إلي داخل المنزل و خلفه جماعة من الجيران ..

في غضون لمحه كان "فادي" أمام باب الشقة

هبط الدرج كالمـ.ـجـ.ـنو.ن حتي قابلهم عند طابق السيدة "زينب" ..

غمغم بغضب و هو يتناول "سمر" من بين ذراعي "خميس" ليطمئنه الأخير بلطف :

-مـ.ـا.تخافش يا أستاذ فادي . سليمة إن شاء الله . أنا بعت للصيدلي يجي يشوف الأنسة سمر و زمانه علي وصول.

فادي و قد أحمـّر وجهه من الإنفعال :

-خلاص ياجماعة متشكرين كتر خيركوا لحد هنا . يلا بقي كل واحد يشوف حاله و أنا هعرف أخد بالي من أختي لوحدي.

ثم تركهم وصعد بأخته ، لتتجاهل السيدة "زينب" كلمته و تصعد خلفه لتتطمئن علي "سمر" بنفسها ..

بينما رحل الباقون بناءً علي رغبة "فادي" و من بينهم "خميس" الذي إبتسم بحبور شـ.ـديد و هو يشعر بأن ما حدث للتو قد أحرز نقطة في صالحه

و حاليا لا يفكر سوي في كيف سيستغل الوضع برمته ؟؟؟

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••

في قصر آل "بحيري" .. تحديدا في الطابق الثاني حيث توجد الغرف

يخرج "رفعت البحيري" من غرفته و هو يكمل إرتداء سترته و يتحدث في الهاتف بنفس الوقت ..

رفعت بعصبية مفرطة :

-يعني إيه معاند و مش عايز يبتدي العلاج ؟ الكلام ده أنا ماعرفوش . لأ مابقولش حضرتك تكتفه و تعالجه غـ.ـصـ.ـب عنه .. طب إديهولي يا دكتور لو سمحت !

و هنا إنفتحت أبواب الغرف كلها و خرج باقي أفراد العائلة بثياب النوم و قد إجتذبهم صوت "رفعت" المجلجل ..

-في إيه رفعت ؟ .. قالها "يحيى البحيري" بتساؤل و هو يتقدm صوب أخيه بتباطؤ

بينما أهمله "رفعت" ليصيح بإبنه في نفس اللحظة :

-إنت يا متـ.ـخـ.ـلف . عامل مشاكل ليه ؟ .. يعني إيه مش عايز تتعالج ؟ إنت إتجننت .. يعني إيه إنت حر ؟ .. أقسم بالله يا صالح لو ما إتعدلت لهعرف شغلي معاك . تخرج ؟ طب إبقي وريني كده هتخرج إزاي . وديني لأربيك من أول و جديد !

و أغلق الخط بوجهه و هو يسب كل شئ بغضب شـ.ـديد ، ليعاود "يحيى" سؤاله مجددا و قد صار علي مقربة منه :

-في إيه يا رفعت ؟ إيه إللي حصل ماله صالح ؟!

رفعت بعصبية :

-البيه قال مش عايز يتعالج . محدش في المستشفي عارف يلمسه و الدكتور بيقولي أنا خليت مسؤوليتي !

في هذه اللحظة برز صوت بكاء "صفية" التي لم تحتمل سماع المزيد ، فهـ.ـر.بت إلي غرفتها مسرعة ..

بينما زم "يحيى" شفتاه بأسف ، ثم قال :

-طيب هتعمل معاه إيه ؟ لازم نعقله بسرعة الولد ده مش هينفع كده !

رفعت بضيق :

-أنا رايحله دلوقتي و هشوف هعمل إيه معاه.

-خدني معاك يا بابي .. قالتها "هالة" بتلهف و هي تركض نحو والدها ، ليرد "رفعت" بقسوة :

-أنا مش فاضي أجر و أسحب ورايا . خليكي هنا لحد ما أشوفلي صرفة معاه !

أنهي عبـ.ـارته بصرامة لا تقبل الجدل ، ثم رحل

ليلتفت "يحيى" إلي "هالة" التي راحت تبكي في صمت ..

ضمها إلي صدره و هو يمسح علي شعرها بحنان قائلا :

-بس يا حبيبتي . إهدي . مـ.ـا.تقلقيش أخوكي هيبقي كويس إن شاء الله . هو بس حالته النفسية مش مظبوطة و مش فاهم وضعه أوي .. ثم تنهد تنهيدة طويلة ، و أردف :

-بصي إحنا هننزل نفطر دلوقتي و بعدين هاخدك و نروح علي المستشفي سوا . ماشي ؟

أومأت "هالة" و رأسها لا يزال علي صدره ، بينما إبتسم "يحيى" و هو يربت علي كتفها ثم يقبل شعرها بعاطفة أبوية ..

و من علي بعد كانت أعين "فريال" تراقب هذا المنظر المبهج بسعادة

لتلتقي عيناها فجأة بعيني زوجها الذي أخذ يرمقها بنظرات ولهة لا تنتهي أبدا و لا يقل منها الشغف مهما نهل و شبع من حبها ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في منزل "سمر" .. كانت راقدة بإستسلام في فراشها

عنـ.ـد.ما فتحت عيناها بتثاقل و هي تتمتم أشياءً غير مفهومة ، ليسرع "فادي" إليها و هو يقول بلهفة :

-سمر ! سلامتك يا حبيبتي . ألف سلامة عليكي . مـ.ـا.تخافيش إنتي كويسة مافكيش حاجة.

سمر بنبرة خاملة متداخلة الأحرف :

-فـ فـ ـا دي ! .. إ إ يـ ـه إ للـ ـي حـ حصـ ـل ؟!

-ماحصلش حاجة يا حبيبتي . ضغطك وطي شوية و أغم عليكي . بس دكتور حسين الصيدلي جه شافك و قال إنك كويسة أوي لكن ناقصة غذا .. ثم أردف بنبرة معـ.ـذ.بة :

-أنا السبب . أنا السبب في كل حاجة بتحصلنا . و لو ماكنتش ضايقتك إمبـ.ـارح بكلامي ماكنش جرالك كده .. أنا آسف يا سمر . حقك عليا.

سمر و هي تهز رأسها للجانبين :

-إنت مالكش ذنب يا فادي . إنت ماعملتش حاجة يا حبيبي مـ.ـا.تتآسفش .. و حتي لو عملت إيه . أنا مسمحاك.

فادي بإبتسامة حزينة :

-أنا بحبك يا سمر . إنتي أختي و أنا بحبك و بخاف عليكي . ماقصدش أزعلك و الله.

سمر بإبتسامة مماثلة :

-و أنا كمان بحبك و بخاف عليك يا حبيبي . و بحب ملك و بخاف عليها بردو و مستعدة أرمي نفسي في النار عشانكوا إنتوا الإتنين.

-مـ.ـا.تقوليش كده .. إحنا هنبقي كويسين و قريب أوي مش هنحتاج لحد . مش ده كلامك و لا إيه ؟

سمر بمرارة :

-أيوه .. إن شاء الله !

لاحظ "فادي" تقلص قسمـ.ـا.ت وجهها ، فتساءل بقلق :

-مالك يا سمر ؟ إنتي كويسة ؟!

كانت ذاكرتها قد إستعادت أحداث صباح اليوم ، و رغم الآلم الجسيم الذي شعرت به في هذه اللحظة ، إبتسمت و هي تجيبه :

-أنا كويسة يا حبيبي . إطمن . حاسة بشوية دوخة بس !

-و لا يهمك ياستي . ماما زينب كانت هنا من شوية و أصرت تنزل تعملك غدا بنفسها . شوية كده و هتطلع تآكلك بإيديها كمان.

سمر بضيق :

-طب ليه يا فادي ؟ ليه تتعبها ؟ كنت خد فلوس من شنطتي و أنزل إنت هات أكل . ليه تخليها تعمل كده ؟!

-و الله فكرت في كده و إتحايلت عليها كمان بس هي إللي أصرت . ماعرفتش أقنعها و الله صدقيني !

تنهدت "سمر" بسأم ، ثم قالت :

-خلاص .. إللي حصل حصل . و كتر خيرها بردو .. بس ماقولتليش أنا وصلت لهنا إزاي ؟!

فادي بغضب دفين :

-خميس هو إللي جابك . شافك و إنتي بتقعي من طولك في أخر الشارع فجري و عليكي و جابك علي هنا.

لم تعلق "سمر" بعد هذا و آثرت الصمت حتي لا يزداد غضب أخيها

ليسألها "فادي" بإهتمام :

-صحيح إنتي إيه إللي رجعك بدري إنهاردة ؟؟!

سمر و هي تجيب بشئ من الإرتباك :

-و لا حاجة . أنا بس حسيت إني تعبت فجأة و مابقتش مش مركزة في الشغل . فإستأذنت و رجعت بدري !

أومأ "فادي" بتفهم ، ثم قال ملقيا اللوم علي نفسه ثانيةً :

-هرجع و أقول أنا السبب بردو . يعني لو كان أغم عليكي في مكان تاني كان إيه إللي ممكن يحصلك ؟!

-خلاص بقي يا فادي .. بطل تعاتب نفسك . و صدقني أنا بقيت كويسة دلوقتي.

و أمسكت بيده و هي تضغط بقوة لتبرهن له كلامها ..

إبتسم "فادي" و هو يقول بلطف :

-طيب . بما إنك فوقتي و بقيتي كويسة ، أنزل أنا بقي أجبلك شوية فاكهة و عصير . لازم تتغذي كويس زي ما دكتور حسين قال.

و إنحني ليقبل جبينها ، ثم قال :

-مش هتأخر عليكي !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في المشفي عند "صالح" ... يقف "رفعت" أمام سرير إبنه و نظرات الغضب تتقافز من عينيه ، بينما ينظر "صالح" للجهة الأخري غير آبه بكلمة واحدة مما تفوه بها سواء الطبيب أو والده

-يعني إنت مش همك ؟ .. قالها "رفعت" و هو يضغط علي أسنانه بقوة ، ليجيب "صالح" ببرود و دون أن يغير من وضعيته :

-أه.

رفعت بعصبية :

-جاك هوا يا قليل الآدب . طب إيه رأيك هتتعالج غـ.ـصـ.ـب عنك !

هنا نظر "صالح" إلي والده و قال بهدوء :

-مش هتعالج يا بابا . أنا حر .. ثم أكمل و هو يرمق الطبيب بنظرات ذات مغزي :

-و إللي هيحاول يلمسني أو يجي جمبي تاني إزاز نضارته هيدخل في عينه المرة الجاية.

زم الطبيب الشاب شفتاه بحنق و هو يرفع يده و يتحسس بأنامله تلك الكدmة الزرقاء أسفل عينه اليسري ، ما زالت حديثة و ما زالت تؤلمه أيضا منذ الصباح

و كل هذا لأنه حاول بدء أولي جلسات العلاج مع "صالح" .. الأثرياء ، يا لهم من همج !!

-يابني إنت بالطريقة بتعاند نفسك مش حد تاني ! .. قالها "رفعت" رافعا إصبعه السبابة في حركة إنذارية

-صدقني هتنـ.ـد.م.

صالح بإبتسامة باهتة :

-لا مـ.ـا.تقلقش يا بابا .. أنا خدت القرار ده و أنا متأكد إني مش هنـ.ـد.م عليه أبدا . أرجوك بقي مـ.ـا.تتعبش نفسك و تتعبني معاك في الموضوع ده أكتر من كده.

قطب "رفعت" بيأس و هو يتبادل النظرات مع الطبيب في صمت ..

يبدو أن لا جدوي من الكلام

فقد قام "صالح" بحسم أمره و إنتهي ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••

في قصر آل "بحيري" ... و مع غروب الشمس

يعود "عثمان" و يترجل من سيارته الفارهة بعد أن سلم المفتاح للبستاني لينزلها بالكراچ ..

يدخل إلي المنزل .. الهدوء سائد كالعادة إلا من حركة الخدm الخفيفة

يسأل عن أفراد عائلته ، ثم يسأل عن صديقه

ليتجه إليه مباشرةً بعد أن علم أنه لم يبـ.ـارح غرفته منذ الليلة الماضية ..

-إدخل !

يدفع "عثمان" باب الغرفة بعد سماع هذا الأذن و يلج

ليري "مراد" جالسا في صالون الغرفة الصغير و قد وضع حاسوبه علي قدmيه يتصفحه بتركيز ، حتي إنتبه لـ"عثمان ..

-أخيرا جيت .. هتف "مراد" بتهكم ، و تابع :

-من الصبح و أنا قاعد هنا لوحدي . حاسس إني خللت يا جدع !

عثمان و هو يجلس في كرسي قبالته :

-هو أنا سايبك مع أهل الكهف ؟ و بعدين حد يبقي قاعد في قصر البحيري و يضايق ؟ إنت عبـ.ـيـ.ـط ياض ؟!

-جنة منغير ناس مـ.ـا.تنداس يا صاحبي.

-و إنت شايف البيت مهجور ؟ كنت بتعمل إيه طول النهار ؟ مانزلتش من أوضتك ليه ؟ قالولي تحت إنك فطرت و إتغديت هنا !

-يا عم كويس إني ماطلعتش من الأوضة . ده أنا صحيت علي أصوات فظيعة . و الله يا أخي قطعت الخلف.

عثمان عابسا بإستغراب :

-أصوات إيه إللي صحيت عليها ؟!

-يا سيدي كنت نايم لا بيا و لا عليا . فجأة صحيت علي صوت راجـ.ـل بيزعق بس مش أبوك أنا عارف صوت أبوك.

-يبقي عمي . كان بيزعق ليه بقي ؟؟

-ماعرفش و الله . أنا ماركزتش كنت لسا صاحي و بقول هادي.

أومأ "عثمان" بتفهم ، ليباغته "مراد" بإبتسامة خبيثة :

-تعالالي بس الأول و مـ.ـا.توهنيش . إيه أخبـ.ـار الرهان يا حلو ؟

بادله "عثمان" نفس الإبتسامة و هو يقول :

-إتك عالصبر يا صاحبي.

مراد بضحكة ساخرة :

-و الله يا صاحبي شكلك هتطلع بؤ في الأخر و هتخسر لأول مرة.

-ليه يا بابا لسا فاضل يوم . و بعدين قولتلك عثمان البحيري عمره ما خسر.

مراد بإبتسامة مستفزة :

-بس شكلك هتخسر المرة دي . أصل البت مش النوع إللي سيادتك متعود عليه . مش عارف ليه مش عايز تقتنع !

زم "عثمان" شفتاه بغضب شـ.ـديد ، و سرعان ما صدح هاتفهه برنينه الصاخب ، ليخرجه من جيب سترته بحركة عصبية ثم ينظر إلي إسم المتصل ..

في ثانية إنفرجت ملامحه ، فأدار وجهه إلي صديقه و هو يبتسم بإنتصار ..

-إيه في إيه ؟ .. تساءل "مراد" بغرابة

ليرفع "عثمان" هاتفهه في مستوي ناظري "مراد" حتي يستطيع رؤية إسم "سمر" الذي راح يضيئ شاشة الهاتف بلا توقف ...
_ زائر ! _

كانت علي شفا النعاس .. بعد مجهود شاق بذلته لتصفي ذهنها من كل فكرة و هاجس أسود يهددها

ليأتي "فادي" فجأة و يفسد كل شئ ..

-سمر ! .. قالها "فادي" بهتاف متوسط و هو يلج إلي الغرفة دون إستئذان

-إنتي نمتي يا حبيبتي ؟! .. تساءل ببراءة ، لتبتسم "سمر" بخفة و هي تقول :

-لأ يا حبيبي . لسا . إيه كنت عايز حاجة ؟

فادي و هو يمشي ناحيتها :

-لأ يا حبيبتي سلامتك مش عايز حاجة . أنا بس كنت جاي أرجعلك الموبايل . خلاص عملت المكالمة .. ثم أعطاها الهاتف مكملا بإبتسامة :

-.

-العفو يا فادي .. ثم أردفت علي سبيل المزاح :

-كنت بتكلم مين بقي ؟ الحج عبد الموجود ؟!

و ضحكت بمرح ، ليرد "فادي" بجدية :

-لأ كنت بكلم مديرك . عثمان بيه !

إرتعدت "سمر" بقوة و قد أبيـّض وجهها من الصدmة

-إيه !! .. تمتمت بفم مفتوح ، ثم صاحت فيه بغضب :

-ليــــه ؟ ليه كلمته ؟؟؟

أجفل "فادي" و هو يجيب بشئ من التـ.ـو.تر :

-كلمته عشان أخدلك إجازة يومين من الشغل . لاقيتك مـ.ـا.تصلتيش بيه إنتي فإتصلت أنا عشان مايفهمش غيابك غلط !

زمت "سمر" شفتيها و هي تقطب في ضيق شـ.ـديد

ليرمقها "فادي" بنظرات حملت طابع التشكيك ، ثم يقول :

-في إيه سمر ؟ مالك إتعصبتي كده ليه لما عرفتي إني كلمته ؟!

همهمت "سمر" بإنزعاج و قالت :

-لأ مـ.ـا.تعصبتش و لا حاجة . بس ماكنش في داعي يعني تكلمه في وقت زي ده و تزعجه .. أنا كنت هكلمه بكره الصبح.

فادي بنبرة موضوعية :

-بصراحة الراجـ.ـل كان ذوق أوي و ماقالش حاجة . بالعكس قال سلامتها و تبقي تيجي علي مهلها مافيش مشكلة.

أومأت "سمر" قائلة بإقتضاب :

-طيب كتر خيره.

فادي بتعجب :

-إيه طيب كتر خيره دي ؟!

-عايزني أقول إيه يعني ؟ .. تساءلت بعصبية واضحة

ثم أخدت نفس عميق و أطلقته علي زفرات متتالية ، و قالت بإيجاز :

-بكره الصبح هبقي أتصل أشكره بنفسي.

عبس "فادي" و هو يرمقها بنظرات حائرة ، ليسألها بإلحاح :

-سمر .. مالك ؟ في حاجة حصلت ؟؟؟

سمر بتآفف :

-قولتلك مافيش حاجة يا فادي . أنا تعبانة بس و مش مستحملة الكلام الكتير ده . عايزة أنام.

فادي بلطف :

-طيب طيب . خلاص أنا خارج أهو .. تصبحي علي خير يا حبيبتي.

سمر بهدوء مرهق :

-و إنت من أهله !

تنهد "فادي" و هو يهز رأسه بعدm إرتياح ، لكنه تركها و خرج بالنهاية ..

ليطير النعاس من عينيها فورا و تظل واعية تفكر في بالموقف المخزي الذي وضعها فيه أخيها بدون قصد

ماذا سيقول الآن ؟ هل سيعتبر ذلك تصريحا بالموافقة منها ؟ هل سيفهم مما حدث أنها أعطته الضوء الأخضر و أعلنت إستسلامها لعرضه ؟

-لأ .. غمغمت "سمر" بغضب ، و أردفت :

-يفهم إللي يفهمه . الحـ.ـيو.ان ده . أنا مش هاوريله وشي تاني . يروح في ستين داهية . فادي كان عنده حق !

و هنا دخلت "سمر" في صراع مع نفسها ..

نفسها :

-طب و مشاكلك ؟ ده هو الوحيد إللي في إيده الحل لكل المشاكل إللي إنتي فيها !

سمر بغضب :

-يغور في داهية هو و حلوله . أنا مش ممكن أركعله أبدا . ده مش بني آدm.

نفسها :

-إنتي مش كنتي بتشكري فيه ؟ و كمان كنتي بتدافعي عنه !!

سمر :

-أه ده كان قبل ما يظهر علي حقيقته . و بعدين أنا إللي كنت غـ.ـبـ.ـية . صدقت أنه كان بيعمل معايا كل ده لوجه الله .. بس فادي كان صح . لما كان بيقولي مش مرتاحله و هو أصلا عمره ما شافه !

نفسها :

-كل ده مايغيرش إنك محتجاله يا سمر.

سمر بعصبية :

-لأ مش محتجاله . ده أخر إنسان في الدنيا ممكن أحتاجله.

نفسها :

-متأكده ؟

سمر بثقة :

-طبعا.

نفسها :

-طيب بالنسبة لملك ! .. هتقدري توفرلها مصاريف المستشفي و العلاج يا سمر ؟ معاكي المبلغ الضخم ده عشان تقدري تعالجي أختك بيه ؟!

سمر و قد صعقت من هذه الفكرة :

-هو ممكن يبطل يدفع المصاريف ؟؟؟

نفسها :

-أكيـــد . إنتي لسا قايلاها بلسانك . هو ماكنش بيعمل معاكي كل ده لوجه الله .. المقابل الحقيقي لكل إللي عمله ده هو إنتي يا سمر.

سمر بوهن ممزوج بالقهر :

-بس أنا مش ممكن أوافق علي كده . مش ممكن أوافق علي إللي هو عايزه ده . أبيعله نفسي ؟ لأ . مستحيييل.

نفسها :

-يبقي حياة أختك هتكون التمن !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

عند "عثمان" ... يخرج عابس الوجه من الشرفة الملحقة بغرفة "مراد"

ينهي سريعا بعض الأشياء بهاتفهه ، ثم يرجعه إلي جيبه مجددا ..

ليستقبله صديقه فورا بتساؤل و فضول :

-إيه يا عم ! إيه إللي حصل ؟ كانت عايزة منك إيه ؟؟؟

تنفس "عثمان" بعمق ، ثم أجابه بفتور :

-و لا حاجة . ماكانتش عايزة حاجة.

مراد بإستهجان :

-نعم ياخويا ؟ ماكانتش عايزة حاجة إزاي ؟ أومال إتصلت بيك ليه ؟!

عثمان ببرود :

-مالكش فيه يا مراد.

-بقي كده ؟

-أه . إنت ليك نتيجة الرهان إللي بينا لو حصل هبقي كسبت لو ماحصلش مفتاح العربية كده كده جاهز.

-ماااشي يا عثمان . و علي رأي المثل . خلينا ورا الكـ.ـد.اب.

عثمان بإبتسامة متهكمة :

-طيب يلا ياخويا . يلا عشان ننزل نتعشي تحت.

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في منزل المعلم "رجب" الجزار ... يجلس "خميس" بالصالون المذهب الرخيص قبالة والده

مضت ساعة حتي الآن و هو يحاول إقناعه بما يريد ..

خميس بلطف :

-يابا عشان خاطري !

المعلم رجب بصوته الغليظ :

-أنا قلت لأ يعني لأ.

خميس مواصلا إلحاحه :

-يابا صدقني المرة دي مش هيرفضوا . طاوعني المرة دي بس.

وضع المعلم "رجب" مبسم النارجلية بفمه و راح يسحب من خلاله نفسا عميق زفره بشكل عموديفي وجه إبنه و هو يقول بسخرية :

-و إنت إيه إللي مخليك متوكد أوي كده ؟ بقي بعد ما ست الحسن رفضتك من أول مرة هتيجي توافق عليك في التانية ؟ إنت أهبل ياض ؟؟!!

-أنا مش حكيتلك إللي حصل إنهاردة ؟

-و هو يعني عشان جنابك عملتلي فيها فريد شوقي وحش الشاشة و جريت علي الصنيورة و شيلتها لحد البيت ده كده بقي إعلان خطوبة مثلا !

خميس و قد إنتابه الغضب :

-أنا ماقولتش كده يابا . بس هي و إخواتها كل يوم الحال بيسوء بيهم أكتر و إللي حصلها إنهاردة علامة بتبين إنهم خلاص جابوا أخرهم . و المثل بيقول أضـ.ـر.ب الحديد و هو سخن و إحنا لو روحنا نتكلم معاهم هايوافقوا و الله هايوافقوا.

-بس أنا بقي مش موافقة ! .. قالت هذه الجملة سيدة في منتصف العمر ، آتت حين سمعت نقاش زوجها و إبنها الذي طال بغير لزمة من وجهة نظرها

-و مش موافقة ليه ياما إنتي كمان ؟ .. تساءل "خميس" بضيق شـ.ـديد ، لترد الأم بلهجة سوقية للغاية :

-دي واحدة طمعانة فيك و في فلوس أبوك يا حبيبي و أنا لو إنطبقت السما علي الأرض مش هوافق تخش عيلتنا.

خميس بإنفعال :

-هي مين دي إللي طمعانة فيا و في فلوس أبويا ؟ إنتي شايفاها رامية نفسها عليا ؟؟؟

الأم و هي تقسم بحرارة :

-و المرسي أبو العباس ماهتجوزها يا خميس و حياة أبوك إللي قاعد ده يانا يا الجوازة دي.

المعلم رجب و هو يزيد من غلظة صوته :

-خلاص بقي يا ولية . إنتي بتتحشري ليه أصلا و أنا بتكلم مع الواد ؟ مالكيش دعوة إنتي بالمواضيع دي.

-ماليش دعوة إزاي ؟ هو مش إبني أنا كمان ؟!

المعلم رجب بحدة :

-لما أكون أنا بتكلم إنتي تخرسي خالص.

الأم و هي تضـ.ـر.ب فمها بكفها :

-حاضر ياخويا . أهو . إنخرست خالص أهو.

حدجها زوجها بملل شـ.ـديد ، ثم أشاح عنها و عاد لحديثه مع إبنه ..

المعلم رجب بإيجاز :

-شوف يابني أنا مش موافق علي البت دي . النسب مش لادد عليا خالص الصراحة . سيبك منها و أنا أوعدك هجوزك أحلي بت في إسكندرية كلها.

خميس بغضب :

-أنا مش عايز أحلي بت في إسكندرية كلها . أنا عايز سمر يابا .. أنا بحبها !

المعلم رجب بإنفعال :

-بتحبها إيه و زفت إيه يا عبـ.ـيـ.ـط أنت ؟ ياض إفهم بقي و خلي عندك كرامة . البت مش عايزاك و أخوها لسا كان ماسك في خناقك إمبـ.ـارح . إيه كل ده مش حاطه في إعتبـ.ـارك ؟ ماعندكش دm خالص ؟!

رمقه "خميس" بنظرات محتقنة إثر هذا ..

لكنه تمالك نفسه و سأله بهدو للمرة الأخيرة :

-يعني مش هتروح تخطبهالي يابا ؟

-لأ .. قالها المعلم "رجب" بقرار قطعي يختتم النقاش إلي هنا أخيرا

ليقوم "خميس" من مكانه بعنف ، ثم يلتفت و يغادر المنزل كله و هو في فورة غضبه و عصبيته ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل "بحيري" ... بداخل حجرة الطعام

يدخل كلا من "عثمان" و "مراد"

و بعد تبادل التحيات القصيرة ، يسحب "مراد" كرسي لنفسه و يجلس بجانب "هالة"

بينما يتجه "عثمان" نحو أمه الجذابة و المتبرجة بالكامل ..

يتناول يدها الناعمة برفق ، ثم ينحني ليقبلها برقي شـ.ـديد

إبتسمت "فريال" بحب و هي تمسح علي شعره بحنان ، ليرفع وجهه إليها في اللحظة التالية و يقول بجاملة مهذبة ليدخل علي قلبها السرور :

-مساء الجمال يا فريال هانم . أنا كنت نازل و أنا حاسس إني مـ.ـيـ.ـت من الجوع . شفتك بس حسيت إني واكل و شارب و شبعان علي الأخر . مابقتش محتاج حاجة من الدنيا خلاص.

قهقهت "فريال" برقة ، ثم قالت و هي تداعب لحيته البنية :

-آه منك و من بكشك إللي مش بيخلص ده . بس بمـ.ـو.ت فيك بردو أعمل إيه !

و قربت وجهه منها لتقبله من وجنته ..

-و أنا قرطاس لب قاعد وسطكوا !! .. قالها "يحيى" بغـ.ـيظ ، لتلتفت "فريال" نحوه و تمسك بيده قائلة :

-ده إنت حبيبي الأول و الأخير . بس ده مايمنعش إن عثمان حاجة تانية بالنسبة لي.

يحيى بتهكم ممزوج بالغـ.ـيظ :

-ربنا يخليهولك.

فريال بضحك :

-أمين ياااا رب.

لوي "عثمان" فمه بإبتسامة جانبية ، ثم تساءل عنـ.ـد.ما لمح الكرسي الذي تجلس عليه "صفية" فارغ :

-هي فين صافي يا ماما ؟ بقالي كام يوم ماشوفتهاش !

تنهدت "فريال" و قالت بحـ.ـز.ن :

-صافي فوق في أوضتها . مش راضية تنزل تتعشي معانا.

-ليه ؟!

فريال و هي ترمقه بنظرة ذات مغزي :

-مش عارفة . لو قادر أطلع هاتها إنت كلنا هنا غلبنا معاها.

أومأ "عثمان" برأسه ، ثم إتجه إلي غرفة شقيقته ..

بينما شغل "يحيى" الأجواء بفتح حديث جديد مع "مراد" :

-و إنت عامل إيه يا مراد ؟

مراد بإبتسامة :

-الحمدلله يا أنكل كويس.

-و أبوك أخبـ.ـاره إيه ؟ مش ناوي ينزل هو كمان ؟!

-لا هو ماما مبسوطين أوي هناك . أنا إللي زهقت و قررت أرجع و هما ماعترضوش .. سابوني براحتي !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في غرفة "صفية" ... يدق "عثمان" الباب ، ثم يدخل ليجدها جالسة فوق سريرها تشاهد التلفاز بشرود

-ممكن أدخل ! .. قالها "عثمان" بلهجة إنسيابية ، لترد "صفية" بتكلف :

-إنت دخلت خلاص.

ضحك "عثمان" بخفة و تقدm صوبها و هو يقول :

-أنا قلت أجي أبص عليكي . بقالي يومين ماشوفتكيش.

صفية بسخرية :

-علي أساس إن حد بيشوفك إنت ؟ ما إنت مختفي علطول.

جلس "عثمان" بجوارها ، ثم سألها بجدية :

-مالك يا صافي ؟ شكلك عامل كده ليه ؟!

-شكلي ماله مش فاهمة ؟!

-يعني .. خاسة . قاعدة في أوضتك دايما . مش بتنزلي تاكلي معانا تحت !

صفية و هي تبتسم بكآبة :

-أنا كويسة يا عثمان مـ.ـا.تقلقش عليا . بس حبيت أقعد مع نفسي شوية.

-قصدك حبيتي تحبسي نفسك ! .. بتعملي كده ليه ؟ في مشكلة ؟ إحكيلي يا صافي لو عندك مشكلة مهما كانت حجمها هحلهالك.

تنهدت "صفية" و قالت :

-صدقني يا عثمان . مافيش حاجة . أنا و صالح زعلانين مع بعض شوية .. بس أكيد هنتصالح بسرعة.

عثمان بإهتمام :

-طيب ممكن أعرف زعلانين من بعض ليه ؟!

صفية بإختصار :

-هو مضايق من حالته و بقي عصبي . بس أنا مقدره إللي هو فيه عشان كده سايباه براحته لحد ما يتكلم من نفسه.

همهم "عثمان" بتفهم ، ثم قال و هو يقف علي قدmاه :

-طيب ياستي . سيبك من كل ده دلوقتي و يلا معايا علي تحت عشان تتعشي معانا.

صفية بضيق :

-لأ يا عثمآاان . بجد مش في المود خالص.

-هو إيه إللي مش في المود ! أنا بقولك تعالي أفسحك ؟ يلا يا بت مابحبش الرغي الكتير.

و شـ.ـدها من يدها لتقف بسهولة ..

-يا عثمآااان ! .. تمتمت بضيق أشـ.ـد ، ليقول بصرامة و هو يجرها خلفه :

-يلآاااا . أنا راجـ.ـل شقيان و جعان يا حبيبتي و مش فاضي خالص لدلع البنات ده !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

صباح يوم جديد ... تستيقظ "سمر" من النوم باكرا ، ثم تقوم و تذهب لغرفة "فادي"

لديه إمتحان اليوم و لا تريد أن يتأخر فليس هناك من يوقظه غيرها ..

و لكنه لم تجده

يبدو أنه إستيقظ من نفسه لأول مرة و ذهب لجامعته

تنهدت "سمر" تنهيدة مطولة ، ثم إلتفتت حتي تعود إلي غرفتها

لكنها ما لبثت أن سمعت صوت جرس الباب يرن بتواصل ..

-أكيد فادي نسي حاجة .. تمتمت لنفسها ، ثم ذهبت لتفتح الباب

و كانت رؤية ذاك الزائر الآن أبعد ما تكون عن خيالها

نظرت إليه بصدmة و قد شلتها المفاجأة عن الكلام و الحركة ، بينما شملها بنظرات متفحصة و هو يبتسم بخبث شـ.ـديد و عيناه تلتمعان بوميضه الشيطاني !!!
_ منومة مغناطيسيا ! _

لحسن حظها أنها كانت تضع الحچاب علي رأسها تحسبا لجميع الإحتمالات ... لكنها وجدت نفسها تصفع الباب بعنف في وجهه ثم تستند إليه بظهرها و هي تلهث بشـ.ـدة

-إيه إللي جابه هنا الحـ.ـيو.ان ده ؟ .. تمتمت "سمر" لنفسها و جسدها ينتفض بقوة ، و أكملت بحيرة :

-عايز إيه ؟ .. طيب أفتحله و لا لأ ؟!

أخذت نفسا عميق و زفرته ببطء ، ثم تشجعت و إستعدت لمواجهته و هي تقول ببأس و قوة :

-مـ.ـا.تخافيش يا سمر . إنتي في بيتك و وسط جيرانك مش هيقدر يعمل حاجة . شوفيه جاي ليه و خليكي شجاعة إوعي تباني ضعيفة قدامه !

ثم إلتفتت ... و مدت يدها إلي مقبض الباب لتفتحه ثانيةً ..

كان "عثمان" لا يزال واقفا بمكانه ، لم يتحرك قيد أنملة ، حتي إبتسامته اللعوبة لم تفارق ثغره الدقيق

حدجها بنظرات مبهمة و هو يقول بنعومة :

-إيه يا سمر ! ينفع كده تقفلي الباب وشي ؟ ده أنا ضيفك بردو !

سمر بحدة :

-أفنـ.ـد.م يا عثمان بيه ؟ خير إيه سبب زيارة حضرتك إللي علي غفلة دي ؟!

عثمان و هو يبتسم بجاذبية :

-طيب مش تقوليلي إتفضل الأول ؟ و لا إنتوا هنا متعودين تكلموا ضيوفكوا علي الباب ؟!

تنهدت "سمر" بنفاذ صبر ، و لكنها لم تجد حلا أخر

تنحت جانبا مفسحة له الطريق ، ليتقدm هو بخطواته المختالة المغرورة ..

إجتاز المدخل القصير و هو يعاين الشقة بنظراته الفاترة

كانت بسيطة جدا و مرتبة و نظيفة ، إنما من وجهة نظره هو كانت حقيرة جدا و أشبه بجحر الفئران

لكن بخلاف كل هذه الأمور أي بيت عادي مثل هذا يساوي لا شئ بالمقارنة بقصر آل "بحيري" الذي نشأ و ترعرع فيه حتي بلغ الثلاثين من عمره ..

-بيتك حلو أوي يا سمر .. قالها "عثمان" بمجاملة زائفة ، لترد "سمر" التي وقفت بجانب باب الشقة المفتوح :

- . ده من ذوقك.

إلتفت "عثمان" نحوها و هو يقول بدهشة :

-إنتي واقفة كده ليه ؟ ما تقفلي الباب ده و تعالي عشان نتكلم !

سمر بصلابة :

-أنا كده كويسة . و حضرتك تقدر تقول كل إللي إنت عايزه عادي . أنا سمعاك.

رمقها "عثمان" و هو يرمقها بنصف إبتسامة ، ثم تقدm صوبها و أمسك بمسند الباب قائلا بهدوء :

-سمر .. متخافيش أنا مش هاكلك . أنا جاي أتكلم معاكي و بس.

سمر و هي تنظر إليه بجرأة واهية :

-أنا مش خايفة !

عثمان بإبتسامة :

-طيب إثبتي .. تعالي نقعد لو سمحتي . أنا مش هطول عليكي . هقولك إللي عندي و همشي علطول .. ثم قال و هو يحاول سحب الباب من يدها :

-بعد أذنك !

نظرت له بتردد للحظات ... ثم تنهدت و أنزلت يدها

ليغلق الباب بروية ، ثم يدير وجهه إليها متسائلا :

-هنقعد فين ؟

-إتفضل .. قالتها بخفوت و هي تشير إلي الصالة الصغيرة ذات الأثاث الرث

جلسا قبالة بعضهما و لكنهما كانا متباعدين

إذ كانت تفصل بينهما طاولة متوسطة تحدها آريكة وقع علي جانبيها مقعدها و مقعده ..

-إتفضل . أنا سمعاك ! .. تمتمت "سمر" بإقتضاب متجنبة النظر إليه حتي لا يُـتلف غشاء الثقة الليـّن الذي صنعته لتحتمي من نظراته الثاقبة

-أولا أنا آسف إني جيت منغير ميعاد .. قالها "عثمان" بلباقة لا تليق به أبدا ، و تابع :

-بس لما أخوكي كلمني و قالي إنك تعبانة صممت أجي أطمن عليكي بنفسي.

سمر بسخرية :

-كتر خير حضرتك !

تذرع "عثمان" بالصبر جراء معاملتها الجافة ، ليقول بخبث مهذب :

-و لو إني مش عارف إنتي تعبتي فجأة ليه ؟ حوارنا الأخير ماكنش جـ.ـا.مد أوي عشان تتعبي بعده علطول كده !

و هنا نظرت إليه "سمر" و قالت بغضب :

-عثمان بيه . يا ريت من فضلك تقول إللي جيت عشانه و تتفضل تمشي بسرعة . أنا مش هقدر أستقبلك كتير و أخويا مش موجود.

إبتسم "عثمان" و هو يومئ بتفهم ..

-طيب يا سمر .. ندخل في الموضوع علطول .. و حملق فيها بتركيز ، ثم قال :

-أنا جيت لحد عندك المرة دي عشان أجدد عرضي.

و قاطعها بسرعة و حزم حين حاولت الرد :

-مش عايزك تردي منغير ما تفكري . فكري كويس قبل ما تقولي أه أو لأ .. ثم أكمل بجدية :

-قرارك مش متعلق بيكي لوحدك . إخواتك شركا معاكي .. يعني لو وافقتي هتحلي مشاكلك و مشاكلهم . مش هتلاقي نفسك محتاجة لحاجة . أنا هتكفل بيكي و بيهم.

هزت "سمر" رأسها و هي تنظر إليه غير مصدقة ، ثم قالت بإنفعال و قد خرجت عن شعورها :

-إنت مـ.ـجـ.ـنو.ن صح ؟ أي شرع أو أي قانون بيقول كده ؟ قانونك إنت ؟ إزاي متخيل إني ممكن أقبل بحاجة زي دي ؟ إللي يسمعك بتقول كده يفتكر إن نواياك شريفة و إنك مش عايزني في الحـ.ـر.ام . جايز إنت متعود علي الحاجات دي و الشرف مش بيفرق معاك بس أحب أعرفك إن شرفي غالي أوي عليا و أنا مش ممكن أفرط فيه عشان واحد إنتهازي و إستغلالي زيك !

-أنا إنتهازي و إستغلالي ؟! .. قالها "عثمان" بتساؤل رافعا أحد حاجبيه بغضب ، لترد "سمر" بتأكيد :

-طبعا . أومال تسمي تصرفاتك بإيه ؟ إنت شفت وضعي الصعب و أد إيه أنا كنت محتاجة للفلوس عشان أختي مش عشاني . عشان أعالجها و ماسبهاش تمـ.ـو.ت . بس إنت إستغليت النقط دي كويس و قلت تضغط عليا في الوقت المناسب .. ثم أكملت بإشمئزاز مرير :

-كنت فكراك إنسان كويس و كنت بشكر فيك و بدعيلك . حسستني إن الدنيا لسا بخير .. لكن طلعت عكس ما توقعت . ورتني أبشع صورة ليك و هي صورتك الحقيقية . خلتني أصدق كلام الناس . إن مافيش حد بيساعد حد دلوقتي لوجه الله !

حدجها "عثمان" ببرود و لم يؤثر كلامها فيه قيد شعرة

بل تنهد بسأم ، ثم قال :

-بصي يا سمر . سيبك كل الكلام إللي قولتيه دلوقتي ده و ركزي معايا أحسنلك . أنا مابتآثرش بالكلام ده.

سمر بعصبية :

-و أنا ماطلبتش منك تتآثر.

-طيب إهدي شوية و إسمعيني . خليني أحطهالك علي شكل صفقة . طبعا مافيش شك إنها صفقة كبيرة و إنتي عارفة كده كويس .. و عارفة كمان إنك أكتر طرف هيستفاد منها . بصرف النظر عن إني ممكن أرتبط بمليون واحدة زيك . بس أنا عايزك إنتي حتي لو إنتي مش حاسة بأي إنجذاب ناحيتي . شوفي الوضع زي ما أنا شايفه .. علي طريقة البزنس مثلا .. إنتي محتاجة فلوس أيا كان السبب بقي . و المبلغ إللي إنتي محتاجاه مش قليل . و أنا محتاج العلاقة دي في حياتي . أنا لسا خارج من علاقة فاشلة و عايز حد يساعدني أتخطا خيبة الأمل دي . مالاقتش غيرك قدامي .. إنتي أنسب واحدة يا سمر.

-أنسب واحدة منغير جواز ؟ .. تساءلت بتهكم ، و أردفت بغضب :

-إنت بتحاول تقنعني بإيه ؟ المسألة واضحة جدا .. إنت عايزني عشيقة . عايز تتمتع في الحـ.ـر.ام و هي فترة و هترميني في الزبـ.ـا.لة زيي زي أي واحدة رخيصة من إللي بيقفوا في الشوارع أخر الليل . أنصحك تروح تدور علي واحدة من دول . علي الأقل دول فنانين في مجالاتهم و هيعرفوا يتعاملوا معاك كويس و ينسوك خيبة أملك . أنا مش هنفع للمهمة دي يا عثمان بيه !

أغمض عيناه بشـ.ـدة معبرا عن ضيقه ، لكنه عاود النظر إليها مجددا و قال بصبر :

-أنا عايزك إنتي يا سمر . إنتي مش حد غيرك .. و صدقيني لو وافقتي حياتك هتتغير و للأحسن . أي حاجة كنتي بتحلمي بيها أنا هحققهالك . و أختك . مصاريف علاجها و كل إحتياجاتها عليا . حتي لو في يوم سيبنا بعض زي ما بتقولي أنا هضمنلكوا مستقبل كويس و مش هتضطري تشتغلي تاني أبدا . هتعيشي مرتاحة طول عمرك .. أنا بوعدك !

جلست "سمر" صامتة و هي تنصت بإنتباه مرعـ.ـب و مركز إلي كلمـ.ـا.ته ، و لم تلاحظه و يقف من مكانه فجأة ..

إذ كانت كالمنومة مغناطيسيا ، ليس بفعل صوته ، بل بفعل الرؤى التي أثارتها كلمـ.ـا.ته التي وصفت حياتها كما ستكون عليه لو قبلت عرضه ، و علي غير هدي راح شيطانها يعيد لها حديثه المغر بإلحاح شـ.ـديد ..

-قولتي إيه يا سمر ؟ .. تساءل "عثمان" بعذوبة ، لتعود "سمر" إلي أرض الواقع في هذه اللحظة و تتطلع إليه بوجوم

بينما شـ.ـدها "عثمان" لتقف علي قدmيها و هو يتابع :

-عمرك ما هتنـ.ـد.مي . صدقيني !

لم تقاوم ... كان فعل صوته عليها كالسحر ، و إنشغل ذهنها بهذا المستقبل الرائع المريح

ليطغي اليأس عليها و تفكر .. لو تكلمت فستقول نعم أقبل عرضك ، و لكن ثمة شئ داخلها يرفض هذا الضعف و يمنعها بقوة

وضع "عثمان" ذراعه حولها بلطف و جذبها نحوه ، بينما لم تحاول أن تقاوم حتي الآن و تركزت عيناها شبه المنومتين علي عينيه ..

عنـ.ـد.ما طوقها بذراعيه كان كما لو أنه يحميها و يوفر لها ملجأ و ينتشلها من حافة فقر قـ.ـا.تل و يرسلها إلي عالم الأشياء المرغوبة المحببة

و علي مدي دقيقة ، وقف الثري الخبيث و العذراء الضعيفة وجها لوجه و تلاقت عيونهما و تلامس جسديهما ..

ليحكم "عثمان" قبضته عليها و يشـ.ـدها نحوه بقوة أكبر

فأفسد التعويذة و الرؤي التي أبقتها عاجزة عن مقاوته ، رؤى الفقر المدقع و الفرار منه تلاشت فجأة و صدmها ما كان يحدث لها ..

فأخذت تتلوي لتتحرر منه ، لكنه كالمرة السابقة لم يحاول إجبـ.ـارها

أفلتها بسهولة ، لتسقط علي مقعدها شاحبة و مرتجفة

نظرت إليه بعينين مزجتا بين الخـ.ـو.ف و المقت ، بينما وقف ينظر إليها و علي شفتيه إبتسامة نصر هادئة ..

-مستحيل .. تمتمت "سمر" بأنفاس مخـ.ـطـ.ـوفة

-مش هابعيلك نفسي أبدا . حتي لو المقابل كنوز الدنيا كلها !

تجاهل "عثمان" أقوالها و قال و هو ينظر بساعة يده :

-أنا إتأخرت أوي علي الشغل . الساعة بقت 9 و إنتي عارفة إني ببقي هناك من 8 أو قبل 8 كمان .. و أضاف بإثارة :

-هستناكي بكره . مـ.ـا.تتأخريش.

صرخت بوجهه :

-مش هاجي.

أومأ و هو يقول بثقة شـ.ـديدة :

-هتيجي يا سمر . بكره هتجيلي برجليكي و إنتي موافقة علي إتفاقنا و بدون أي ضغط مني .. ثم أكمل بإبتسامة خبيثة :

-أصل أنا مش بحب الغـ.ـصـ.ـب خاالص . بالعكس . ده أنا حنين أوي .. و رقيق أووي !

نظرت له بعدائية و حقد شـ.ـديدين ، بينما رماها بإبتسامة أخيرة ، ثم إلتفت و غادر أخيرا

لكنه ترك عبير عطره الرجولي الخشن يعبق الجو من حولها ، ظل ينفذ بقوة داخل أنفها و رئتيها حتي كاد يخـ.ـنـ.ـقها

فقفزت من موضعها و ركضت نحو الشباك ، فتحته لتستنشق الهواء النظيف ، و لتراه يستقل سيارته ، ثم ينطلق بها شيئا فشئ حتي أختفي عن ناظريها تماما ...
_ شيطان ! _

كانت تعد له حقيبة السفر و قلبها يتعـ.ـذ.ب ... لا تريده أن يذهب و يتركها ، خاصةً أنه سيغيب لمدة شهر

كيف ستتحمل كل هذه المدة بدونه ؟ .. بالطبع لن تتحمل !

و لكن علي حد قوله هذه الرحلة مهمة جدا بالنسبة لأعماله و يجب أن يذهب ، للآسف ليس أمامه خيارا أخر ...

-فريال ! إنتي لسا بتعيطي بردو ؟ .. قالها "يحيى" عابسا بضيق ، لترد "فريال" التي إنتهت من إعداد الحقيبة و شرعت في إقفالها :

-لأ يا يحيى .. مش بعيط !

نطقت بصوت متحشرج ، ثم أسرعت بمسح دmـ.ـو.عها قبل أن يراها ، و أردفت :

-خلاص شنطتك بقت جاهزة.

تنهد "يحيى" بسأم ، ثم ترك أغراضه من يده و مشي ناحيتها ..

أمسك بكتفيها و حملق فيها بحب و هو يقول :

-حبيبتي . أنا مش سايبك بمزاجي . إنتي عارفة كويس إني مابقدرش أستغني عنك و باخدك معايا في كل في سفرية .. بس المرة دي مش هقدر أخدك معايا . البلد إللي أنا رايحها برد أوي عليكي و أنا عارف إنك مش هتقدري تتحملي البرودة إللي هناك و لو خدتك هتتعبي أوي !

فريال و هي تنظر إلي عيناه بحـ.ـز.ن :

-خلاص يا حبيبي . روح إنت و أنا هستناك .. بس خلي بالك من نفسك.

يحيى بإبتسامة عشق :

-حاضر . و أوعدك هحاول أخلص شغلي هناك قبل شهر عشان أرجعلك بسرعة.

-يا ريت تعمل كده.

نظر لها "يحيى" بهيام ملتهب ، ثم ضمها بقوة و هو يتمتم و قد غمر شعرها الحريري وجهه :

-فريال هانم .. يا بـ.ـنت سليمان باشا المهدي . يا حبيبتي و مراتي و أم ولادي .. بحـــــــــــــــبك . و هتوحشيني أوووي.

إبتسمت "فريال" بشـ.ـدة ، حتي تحولت بسمتها إلي ضحكة جميلة و هي ترد عليه :

-و أنا كمان بعشقك . يا دونچوان جليم و إسكندرية كلها.

ضحك "يحيى" هو الأخر ، ثم عاود النظر إليها و قال :

-إنتي لسا فاكرة ؟ ياااه ده كان زمان يا حبيبتي.

فريال برقة و هي تضبط له ربط عنقه :

-و لحد دلوقتي يا حبيبي و الله . كل الستات بيحسدوني عليك لحد إنهاردة . و كلهم بيتمنوا يشوفوك بس.

يحيى و هو يقرص ذقنها بلطف :

-بس أنا بقي مش شايف وسطهم حد غيرك . إنتي لوحدك إللي عايشة في قلبي.

فريال بإبتسامة :

-عارفة يا حبيبي . و واثقة من كده جدا ... ثم قالت و هي تبتعد عنه قليلا :

-يلا بقي . يلا عشان مـ.ـا.تتأخرش علي طيارتك.

يحيى بنصف عين :

-ممم شكلك زهقتي مني و عايزة تزحلقيني.

فريال بضحك :

-أنا ! الله يسامحك . طب تصدق أنا غلطانة . خلاص خليك و بلاش سفر يا يحيى.

-لا لا لا إنتي صدقتي و لا إيه ؟ كده يتخرب بيتنا يا حبيبتي.

-ما إنت بتفهمني غلط . مش لسا هتروح القاهرة عشان تاخد الطيارة من هناك ؟ كل ده مش هياخد وقت ؟!

-هياخد طبعا يا حبيبتي .. ثم أكمل و هو يمسك بيدها :

-طيب يلا . يلا عشان تودعيني تحت.

فريال و هي تسحب يدها من يده بقوة :

-لأ . مابحبش الوداع .. أنا خلاص سلمت عليك !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في منزل "سمر" ... زاد شعورها بالإعياء خاصةً عقب ذهابه

فلازمت فراشها مستسلمة لأفكارها و هواجسها ، و لكنه هو .. كان أكبر هاجس يطاردها ..

إنتفضت حين رن هاتفهها فجأة

لكنها أسرعت بالإجابة عنـ.ـد.ما لمحت إسم الطبيب المشرف علي علاج "ملك" ..

-ألو !

ردت بصوت مهزوز من القلق ، ليأتي صوت الطرف الأخر :

-ألو أنسة سمر معايا ؟!

-أيوه يا دكتور أنا معاك ! خير في حاجة ؟ ملك حصلها حاجة ؟؟؟

-لأ إطمني حضرتك هي بخير مافيهاش حاجة.

سمر و هي تزفر بإرتياح :

-الحمدلله ! طيب خير ؟ حضرتك عاوز مني حاجة ؟!

-في الحقيقة أه يا أنسة . كنت بتصل عشان أستفسر عن حاجة مهمة.

-إتفضل يا دكتور !

-مصاريف العلاج يا أنسة سمر . بقالها يومين محدش جه دفعهم . لعل المانع خير !

سمر بصدmة كبيرة :

-المصاريف بقالها يومين .. محدش دفعهم ؟!

-أيوه يا أنسة . أنا لما فات أول يوم و محدش جه قلت جايز حصلت ظروف . بس إمبـ.ـارح لا حد جه و لا حد إتصل فإضطريت أكلم حضرتك دلوقتي.

سمر بمرارة شـ.ـديدة :

-أيوه يا دكتور !

-حضرتك عارفة إن المبلغ مش قليل . و لو الفلوس ماجتش إنهاردة هيبقي تالت يوم و كده أنا آسف هضطر أخرج أختك من الحضـَّانة و لازم حضرتك تيجي تاخديها بعد شوية إلا إذا جيتي و جبتي الفلوس معاكي و دفعتي الـتلاتيام مع بعض.

تقلص وجهها بألم شـ.ـديد ، لتهطل من عيناها الدmـ.ـو.ع ..

لقد فعلها .. لقد تعمد فعل ذلك ليثبت لها أنها بحاجة له

توقف عن دفع رسوم العلاج ... يا له من شيطان ..

ماذا ستفعل الآن ؟ .. و هي لا تملك فلسا !

أيعقل ؟ ... أيعقل أن تتحقق مشيئته و .. و تذهب له ؟!

و قبل الميعاد أيضا !!!!!

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••

في قصر آل"بحيري" ... تحديدا بالأسفل داخل الكراچ

تدخل "هالة" هي و السائق المسن و يمشيا في إتجاه صف السيارات الخاصة بالعائلة ..

-إنت عارف شركة عثمان بيه صح يا عم جابر ؟!

جابر ببشاشة تليق بسنه :

-عارفها يا ست هالة و هوديكي علي عيني.

هالة بإبتسامتها رقيقة :

-تسلم عنيك يا عم جابر .. طب يلا بقي شوف هتوديني بعربية مين !

-هوديكي بعربية يحيى باشا القديمة . أنا لما حد هنا بيعوزني أوصله في حتة بطلع بيه بعربية يحيى باشا القديمة . دي أوامره.

أومأت "هالة" بعفوية و هي تقول :

-أووك يا عم جابر . يلا بينا بقي.

-صباح الخير ! .. قالها "مراد" الذي آتي فجأة من خلف "هالة" ، لتلفت له و ترد بإبتسامة :

- . إزيك يا مراد !

-الحمدلله تمام يا هالة . إيه إنتي رايحة لعثمان و لا إيه ؟

هالة و هي ترفع خصلة نزلت علي عينها :

-أه فعلا . رايحاله !

أحس أنها شعرت ببعض التـ.ـو.تر ، فقال بتهذيب :

-أنا آسف بس أنا كنت هنا و سمعتك غـ.ـصـ.ـب عني و إنتي بتقولي رايحاله.

هالة بإبتسامة مرتبكة :

-و لا يهمك هو مش سر يعني.

-طيب عموما أنا رايحله بردو . ممكن أخدك معايا لو تحبي !

هالة و قد تلاشت إبتسامتها الخفيفة :

-مش عايزة أتعبك.

-مافيش تعب يا هالة بقولك رايحله.

لم تجد حجة تفلت بها منه ..

فإلتفتت للسائق و تمتمت بخفوت :

-خلاص يا عم جابر . مراد هايوديني !

جابر بإبتسامة :

-ماشي يا ست هالة . و أنا هاجي وراكوا عشان أبقي أرجع حضرتك.

و هنا تدخل "مراد" قائلا بصرامة هادئة :

-مافيش داعي يا عم جابر خليك مستريح . أنا هبقي أرجع هالة هانم بنفسي !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

ترددت كثيرا و هي تفكر هذا ... و لكنه أخر أمل بالنسبة لها ما إذا أرادت الحفاظ علي شرفها ، ما إذا أرادت العيش بكرامة

أخذت "سمر" نفسا عميق و زفرته علي مهل ، ثم حسمت أمرها و توجهت بخطوات واسعة مضطربة نحو محل الجزارة المقابل لبيتها

تخطت عتبة المحل ، لتتفاجأ برؤية السيدة "نعيمة" زوجة المعلم "رجب" و والدة "خميس ..

-صباح الخير يا طنط ! .. حيتها "سمر" بشئ من الإرتباك ، بينما رفعت "نعيمة" بصرها عن بعض الدفاتر الحسابية و ردت و هي تنظر لـ"سمر" من أعلي إلي أسفل :

-أهلا ! إ يا سمر . خير عايزه حاجة ؟

سمر بوجه شاحب :

-كنت . كنت عايزة خميس في موضوع كده . هو مش موجود ؟!

تنهدت "نعيمة" و هي ترمقها بغـ.ـيظ ، ثم سألتها :

-و إنتي عايزة خميس في إيه ؟ قصدي يعني إيه الموضوع ده إللي عايزاه فيه ؟؟

سمر بإبتسامة مُحرجة :

-و لا حاجة . مش حاجة مهمة يعني . خلاص أنا هبقي أجيله وقت تاني.

و كادت تخرج ، لتستوقفها "نعيمة" بحدة :

-إستني يا سمر !

تجمدت "سمر" بمكانها ، بينما قامت "نعيمة" من خلف المكتب البالي و مشت صوبها ..

وقفت أمامها مباشرةً ، ثم بدأت بالكلام :

-إسمعيني كويس يا سمر . إنتي زي بـ.ـنتي و يعلم ربنا إني بعزك إنتي و إخواتك . بكلمك جد مش بهزر.

سمر بإبتسامة لطيفة :

- يا طنط نعيمة . تسلمي يا رب . و إحنا كمان بنحبك أوي و الله.

-بس لحد خميس إبني و مافيش بعده . و محدش هيجي عندي أغلي منه.

سمر و قد تـ.ـو.ترت من نبرتها التي تحولت فجأة :

-ربنا يخليهولك !

-أمين . بس عشان إنتي زي بـ.ـنتي زي ما قولتلك فهنصحك .. ثم أكملت و هي تنظر لها بحدة شـ.ـديدة :

-إبعدي عن خميس . أحسنلك . مش هتنفعوا مع بعض . أديكي شوفتي بعينك خناقته مع أخوكي و أنا يا حبيبتي مش مستغنية عن إبني.

أومأت "سمر" و هي تقول بصعوبة بسبب الدmـ.ـو.ع المتحجرة بعيناها ترفض الخضوع :

-فهمت . مـ.ـا.تقلقيش يا طنط .. أنا مش عايزة أي حاجة من خميس . إنتي فهمتيني غلط.

نعيمة و هي تبتسم بسخرية :

-يا ريت أكون فهمت غلط.

إزدردت "سمر" ريقها الجاف أصلا و تمتمت :

-عن أذنك !

ثم مشت بسرعة من أمامها قبل حتي أن تسمع الرد ..

لتذهب بعد ذلك قرب الشاطئ حيث لا يوجد غيرها ، لتستسلم للإنهيار و البكاء هناك دون أن يراها أحد ..

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في مؤسسة ( البحيري للتسويق و التجارة) التابعة لـ"عثمان البحيري" ... تدخل "هالة" برفقة "مراد" و يصعدا معا لمكتب "عثمان"

تقف السكيرتيرة لدي ظهورهما ، و تلقي التحية برقة و بلباقة :

-صباح الخير يافنـ.ـد.م . أي خدmة أقدر أقدmهالكوا !

مراد و هو يقطب بإستغراب :

-الله ! مش ده مكتب سمر بردو ؟!

السكرتيرة بإبتسامة :

-أيوه حضرتك بالظبط ده مكتب سمر.

-أومال هي فين طيب ؟

-سمر في إجازة مرضية بقالها يومين يافنـ.ـد.م . لما ترجع إن شاء الله هتستلم مكانها تاني و أنا هبقي أرجع لمكاني.

أومأ "مراد" بتفهم ، ثم قال :

-طيب . من فضلك بقي بلغي عثمان بيه إننا عاوزين نقابله.

-طيب معلش بس ممكن تقولي إسم حضرتك ؟!

مراد بفتور :

-مراد . مراد أبو المجد و هالة البحيري.

أومأت السكرتيرة رأسها ، ثم رفعت سماعة الهاتف و إنتظرت لثوان ..

-ألو مستر عثمان ! .. في واحد قدامي هنا طالب يقابل حضرتك و معاه أنسة .. مراد أبو المجد و هالة البحيري .. حاضر . حاضر يافنـ.ـد.م !

و أقفلت الخط ، ثم عاودت النظر إليهما قائلة :

-إتفضلوا مستر عثمان منتظركوا جوا.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°

كان "عثمان" يجلس منهمكا في عمله ، و كان يرتدي نظارته الطبية التي يتخذها فقط حين يشعر بالتعب أو الصداع ..

عنـ.ـد.ما دخل "مراد" و معه "هالة" ... قام ليستقبلهما ..

-أهلا أهلا . و أنا أقول الشركة نورت ليه ؟

مراد بغبطة ساخرة :

-يا لهوي يا صاحبي أول مرة تستقبلني بحرارة كده !

عثمان بنظرة جانبية :

-مش ليك ياخويا . الإستقبال الخصوصي ده لبـ.ـنت عمي الجميلة .. و إقترب من "هالة" و صافحها و قبلها من وجنتيها ، ثم تساءل :

-يا تري بقي إيه سبب زيارتك ليا و لأول مرة في شركتي يا بـ.ـنت عمي ؟

هالة و هي ترمقه بحب شـ.ـديد :

-أولا وحـ.ـشـ.ـتني فقلت أجي أشوفك !

ضحك "عثمان" بخفة ، ثم طوق خصرها بذراعه و قال و هو يأخذها بإتجاه الصالون الأنيق بالمنتصف :

-يا حبيبتي و إنتي كمان حشـ.ـتـ.ـيني و  و الله . طيب و ثانيا ؟

هالة و هي تجلس معه فوق الآريكة :

-ثانيا بقي في موضوع مهم كنت عايزة أتكلم معاك فيه.

عثمان رافعا حاجبيه بدهشة :

-موضوع مهم عايزة تكلميني فيه و جايبة معاكي مراد ! ده إللي هو إزاي ده ؟!

مراد و قد تلاشت إبتسامته :

-يا أخي حسن أخلاقك بقي . طب إنصفني قدام بـ.ـنت عمك حتي !

عثمان بسأم :

-بس ياض.

-يا عثمان خليك معايا .. قالتها "هالة" و هي تدير وجهه بيدها ، ليرد "عثمان" بتركيز :

-معاكي أهو يا حبيبتي . خير ! إيه هو الموضوع ؟؟

هالة و قد جذبتها نظارته التي زادته وسامة :

-حلوة أوي النضارة دي عليك !

عثمان بإبتسامة و هو ينزع النظارة عن عينيه :

- يا حبيبتي . دي بلبسها في حالات معينة مـ.ـا.تقلقيش يعني نظري سليم لسا ماضعفش.

و ضحكا قليلا ..

لتتكلم "هالة" أخيرا :

-صالح يا عثمان.

عثمان بإستغراب :

-ماله صالح يا هالة !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

في الخارج ... تجلس السكرتيرة علي مكتب "سمر" تعمل بجهد متواصل ، و لكنها تشعر بالملل

فقد إشتاقت لممارسة وظيفتها الأساسية و تلك الوظيفة سخيفة جدا من وجهة نظرها ، خاصةً و أن المدير متقلب المزاج بصورة مقيتة ..

-صباح الخير !

إنتبهت السكرتيرة للصوت ، فرفعت وجهها ..

لتبتسم بقوة و هي تصيح متفاجئة :

-سمر !
_ تسوية ! _

صامتة ، شاردة ، شاحبة ، مكتئبة ... هكذا أصبحت "صفية" منذ واقعة إنفصالها عن "صالح"

فقدت شهيتها تدريجيا و جهلت بعد ذلك معني الحياة ..

إذ إكتشفت أنه كان يمثل لها هذا المعني بالضبط ، هو وحده لا أحد غيره ، و لكنها هي من تغافلت عن تلك الحقيقة و لطالما عاملته ببرود

لم تكن تدر أن حالتها ستسوء بهذا الشكل إذا تفارقا ذات يوم ، بل لم تكن تدر أنها تحمل له كل هذا الحب بداخلها .. لم يخطر ببالها أبدا !!

-يا تري ممكن أدخل ! .. قالها "يحيى" و هو يقف علي عتبة باب غرفتها من الخارج ، بينما عادت "صفية" إلي أرض الواقع و إنتبهت لوالدها

-بابي ! .. تمتمت بشئ من التـ.ـو.تر ، ثم قالت بإبتسامة :

-أه طبعا إتفضل . إدخل يا بابي من فضلك.

إبتسم "يحيى" هو يلج بخطواته الوقورة المتزنة ، ثم قال و هو يجلس علي طرف الفراش بجانبها :

-أنا هسافر إنهاردة . طيارتي بعد 3 ساعات . قلت أجي أشوفك و أطمن عليكي قبل ما أمشي.

-حبيبي ربنا يخليك ليا و ترجعلنا يا رب.

إستشف "يحيى" الكآبة في نبرة صوتها رغم محاولاتها لإخفاء ذلك .. ضيق عينيه و هو ينظر لها بتركيز ، ثم قال بهدوء :

-صافي .. مالك يا حبيبتي ؟ إيه إللي مضايقك ؟!

صفية بإبتسامة مرتبكة :

-مافيش حاجة يا بابي . مافيش حاجة مضايقاني . مش عارفة ليه كلكوا فاكرين إني مضايقة اليومين دول . أنا كويسة و الله !

-شكلك مش بيقول كده يا حبيبتي . قوليلي لو في حاجة . أنا أبوكي و أكتر واحد في الدنيا يهمه أمرك . أصلا ماعنديش في الدنيا أغلي منك.

صفية و هي تميل برأسها علي صدره و تلف ذراعيها حول وسطه :

-يا حبيبي يا بابي .. أنا عارفة ده طبعا . و صدقني مافيش حاجة . لو كان فيه أنا ليا مين غيرك يعني ألجأ له ؟

يحيى بحيرة :

-أومال مالك بس ؟ أحوالك مش عجباني . و أمك شكلها عارفة حاجة و مش عايزة تقولي !

-يا بابي صدقني مافيش حاجة .. إطمن.

يحيى بإلحاح :

-أنا مش عايز أسافر و أنا حاسس إن في مشاكل بتحصل من ورا ضهري . ماينفعش تخبوا عني يا صافي.

-يا حبيبي محدش يقدر يعمل حاجة من ورا ضهرك و إحنا مانقدرش نخبي عنك أي حاجة.

تنهد "يحيى" مستسلما ، لكنه ألقي بأخر كارت كمحاولة يائسة لإستمالتها :

-طيب . مافيش مشكلة بينك و بين صالح مثلا ؟!

صفية و قد فشلت في إجلاء الحـ.ـز.ن عن صوتها :

-ليه بتقول كده ؟

هز "يحيى" كتفيه و قال :

-يعني . مجرد تخمين .. و بعدين إنتي بقالك فترة مش بتروحيله المستشفي ! حصل حاجة بينكوا ؟

صفية بشئ من التردد :

-في مشكلة صغيرة . بس حضرتك عارف إحنا مش بنقدر نبعد عن بعض كتير .. و دايما هو إللي بيبدأ و بيصالحني.

-عملك إيه طيب ؟؟؟ .. تساءل "يحيى" بحدة ، لتجيبه "صفية" بسرعة و لطف :

-لأ يا بابي صالح ماعملش حاجة خالص .. هو بس مضايق من إللي حصله . حالته النفسية مدmرة و أنا مقدرة وضعه و زعلانة عشانه أووي . يمكن هو ده إللي مضايقني بالشكل ده.

تنفس "يحيى" بعمق ، ثم قال بصلابة :

-عموما أنا عايزك ت عـ.ـر.في إنك إنتي بس إلي تهميني وسط كل إللي بيحصل ده . و أنا مش عايزك تيجي علي نفسك و يبقي حالك كده . نفسيته مدmرة علي عينا و راسنا بس مايسوقش فيها و يحسسنا إن إحنا إللي وزينا عليه و فرحانين بإللي حصله .. ثم أكمل بتحذير :

-إسمعي يا صفية . إنتي مش مضطرة خالص تستحملي من صالح إللي بستحمله أنا و أخوكي من عمك . و إذا كان إللي إنتي فيه ده بسببه يبقي نفضها سيرة من دلوقتي أحسن و كل واحد يروح لحاله.

-لأ .. صاحت "صفية" بهلع ، ثم إبتعدت عنه و أردفت :

-أنا ماشتكتش و مش عايزة و لا بفكر أسيب صالح يا بابي . أنا بحبه و بعدين لازم إستحمله . هو بيمر بأزمه مش سهلة.

يحيى بضيق :

-أنا مستحمل من يوم الحادثة عشانك . عشان أحافظ علي علاقتكوا . بس لو هو مش هامه حاجة زي دي يبقي مايستهلش تسألي فيه أصلا .. فوقي يا بـ.ـنتي . ده إنتي بـ.ـنت يحيى البحيري . يعني كل رجـ.ـا.لة البلد و أنضفهم يتمنوا التراب إللي بتمشي عليه.

صفية بإصرار غاضب :

-بس أنا بحب صالح . و مش عايزة غيره.

يحيى بسأم :

-براحتك . بس يكون في علمك لو رجعت و لاقيتك لسا في الحالة دي أنا بنفسي إللي هفسخ خطوبتكوا و لو إنطبقت السما عالأرض مش هوافق ترجعوا أبدا .. ثم رسم إبتسامة بسيطة علي ثغره و قد تخلص من مزاجه السيئ بمهارة ورثها عنه إبنه

ربت علي وجنتها بخفة ، ثم قال بهدوء :

-يلا يا حبيبتي . أشوف وشك بخير .. مش عايزة حاجة أجبهالك معايا و أنا جاي ؟

صفية و تبادله نفس الإبتسامة :

-عايزاك ترجعلنا يا بابي .. و عانقته بقوة متمتمة :

-هتوحشني أوووي .. بليز مـ.ـا.تتأخرش !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

-سمر ! .. هكذا صاحت السكرتيرة متفاجئة ، ثم قامت و مشت ناحية "سمر" مكملة :

-إيه يا بـ.ـنتي المفاجأة الحلوة دي ؟ حمدلله علي السلامة.

سمر بإبتسامة خالية من الروح :

-الله يسلمك يا نجلاء . إنتي عاملة إيه ؟

-سيبك مني أنا . إنتي صحتك بقت كويسة و لا لأ ؟؟؟

سمر بمرارة خفية :

-لو ماكنتش كويسة ماكنتش جيت.

نجلاء بإبتسامة :

-طيب الحمدلله . و كويس يا أختي إنك جيتي ربنا عالم بيا أنا و عثمان بيه مش متفاهمين خآااالص.

سمر بضحكة متكلفة :

-ليه كده بس ؟

نجلاء بطيش و هي تلوح بيدها في الهواء :

-يا شيخة ده بني آدm مـ.ـجـ.ـنو.ن مختل عقليا أقسم بالله.

-يخرب عقلك وطي صوتك أحسن يسمعك.

-هو في إيه و لا في إيه يا حبيبتي . عنده ناس جوا مشغول.

عبست "سمر" متسائلة :

-هيطول ؟

-مش عارفة بصراحة بس هما بقالهم كتير معاه جوا . إنتي عايزة تدخليله و لا إيه ؟

سمر بوجوم :

-أيوه.

نجلاء و هي تجذبها من ذراعها :

-طيب يا حبيبتي تعالي ده مكتبك أصلا . تعالي كلميه و لو في حاجة مهمة يعني قوليله لو سمحت يافنـ.ـد.م عايزاك دقيقتين.

-لـل لأ .. تمتمت "سمر" بإباء ، ثم قالت :

-كلميه إنتي من فضلك يا نجلاء . قوليله إني عايزة أقابله !

نجلاء بدهشة :

-الله ! طيب ما تكلميه إنتي يابـ.ـنتي . إنتي ناسيه إنك سكيرتيرته أصلا ؟!

سمر بضيق :

-معلش يا نجلاء . إسمعي كلامي من فضلك !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

في المكتب عند "عثمان" ... أخيرا ينهي نقاشه مع "هالة" الذي إستغرق وقتا طويلا

عثمان بصرامة ممزوجة باللطف :

-خلاص يا هالة . أنا هاروحله إن شاء الله و هتكلم معاه.

هالة برجاء :

-بليز يا عثمان إبقي إستحمله لو قال كلمة كده و لا كده . إنت عارف هو مش هيكون قاصد أي حاجة.

عثمان بثقة :

-مـ.ـا.تقلقيش . ده صالح يعني . أنا هعرف أتصرف معاه .. ثم نظر نحو "مراد" و قال :

-مراد لو سمحت وصل هالة للبيت دلوقتي و بعدين إرجعلي عشان نروح المستشفي سوا.

مراد برحابة شـ.ـديدة :

-حاضر . و أساسا منغير ما تقول أنا إللي جيبتها لهنا و إللي هاوصلها للبيت.

-ماشي ياخويا !

و هنا دق هاتف المكتب ، ليقوم "عثمان" و يرد بفتوره المعتاد :

-في إيه يا نجلاء ؟ .. مــــــــــــــــين ؟ .. صاح بدهشة حقيقية ... ثم أردف بجدية :

-طيب . طيب الضيوف إللي عندي خارجين دلوقتي . دخليها بعدهم علطول .. و أقفل الخط و هو يبتسم بشـ.ـدة و يتمتم لنفسه :

-مـ.ـا.تأخرتيش يا سمر . أخيرا جيتيلي برجليكي ! .. ثم إلتفت إلي صديقه و إبنة عمه قائلا :

-طيب يلا بقي عشان تلحق توصلها يا مراد و ترجعلي زي ما قولتلك !

مراد و هو يقوم من مكانه :

-تمام . يلا يا هالة ؟!

-أوك .. قالت "هالة" و هي تأخذ حقيبتها و تنهض

مشت صوب "عثمان" ... إقتربت منه و قبلته من وجنتيه و هي تقول بهيام شـ.ـديد :

-باي يا عثمان . أبقي أشوفك في البيت بقي.

تظاهر "عثمان" بعدm فهم إسلوبها ، و تعامل معها بأخوية ..

حيث طبع قبلة سطحية علي جبهتها ، ثم قال بإبتسامة :

-مع السلامة يا حبيبتي . نورتيني إنهاردة و الله !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

في الخارج ... أخذت "سمر" تستعد للمواجهة

شحنت نفسها بالجرآة و القوة ..

لا تريد أن تــُذل أمامه أبدا .. كي تكون النتائج في صالحها ، ليس هو وحده من يملك عقل مدبر ، ستراوغه هي أيضا ..

-إيه ده مش ممكن ! .. سمر ؟!! .. قالها "مراد" بصياح ذاهل ، لتنتبه إليه "سمر" و تقطب بإستغراب .. فهي لا تتذكره

توجه "مراد" إليها و هو يقول مبتسما :

-حمدلله علي سلامتك . و ألف سلامة عليكي . أنا لسا عارف إنهارده و الله أول ما جيت و ماشوفتكيش سألت عليكي علطول.

سمر و تطرف بتـ.ـو.تر :

-شـ !

-إيه يا سمر إنتي مش فاكراني و لا إيه ؟؟

سمر و هي تهز كتفاها ببطء :

-بصراحة لأ !

مراد بإبتسامة :

-ليكي حق تنسيني إنتي ماشوفتنيش غير مرة واحدة بس .. ثم قال و هو يلتفت نحو "هالة" :

-عموما هاشوفك . أنا باجي هنا كتير .. يلا سلام مؤقت.

و ذهب برفقة "هالة" ... لتعبس "سمر" بغرابة ممزوجة بالمقت ، لكنها تخطت الأمر و وجهت ناظريها نحو باب المكتب المفتوح هناك ..

أخذت نفسا عميق و حبسته قليلا برئتيها

ثم أطلقته علي زفرات متتالية و سارت بخطي ثابتة إلي .. إلي المجهول ... الذي سيحدد مصيرها و مصير أختها المسكينة !!!

يتـــبع ...
_ عقد زواج ! _

تدخل "سمر" إلي غرفة مكتبه بوجه صارم متصلب ... صحيح أنها شكلت لنفسها درع حماية من الخارج ، لكنها كانت تعلم جيدا أنها أضعف المخلوقات من الداخل

جدار الثقة الذي شيدته واهيا ، بإمكانه أن ينهار بأي لحظة ، بينما هو القوي الذي يملك كل شيء ، و لا يتأثر بأي شيء

كان واقفا في إستقبالها و قد بدا مسترخيا إلي أبعد حد ، علي عكسها تماما ..

-أهلا أهلا . أهلا بيكي يا سمر ! .. هتف "عثمان" مرحبا ، ثم قال و هو يبتسم بشـ.ـدة :

-تعالي . تعالي أقعدي معايا هنا.

و أشار إلي مقعد شاغر في الصالون الأنيق

لتمشي "سمر" ناحيته محاولة السير علي نهج إسلوبه البـ.ـارد ..

مد لها يده بالمصافحة فرفضتها ، ليهز رأسه قائلا ببساطة :

-ماشي .. إتفضلي أقعدي طيب.

جلست "سمر" دون أن تنطق بحرف ، ليجلس "عثمان" هو الأخر قبالتها واضعا ساقا فوق ساق كعادته ..

إنتظر حتي تبدأ هي الحديث ، يريد أن يستمتع بإنتصاره كاملا عنـ.ـد.ما تتكلم هي أولا و تطلب منه بنفسها ما سبق و عرضه عليها !

و لكن ظل الصمت مخيم لأكثر من خمس دقائق ... و قد بدأ "عثمان" يشعر بالضجر من صمتها و يتآفف بضيق ظاهر ، بينما لم تستعجل نفسها إطـ.ـلا.قا و هي ترفع وجهها إليه .. ثم تقول أخيرا :

-ماكنتش فاكرة إنك شيطان للدرجة دي !

نطقت بغل ممزوج بالنـ.ـد.م ، غل لشـ.ـدة حقدها عليه ... و نـ.ـد.م لأنها تحامقت و صدقت طيبته الزائفة ..

-نعم ! قصدك إيه ؟ قالها "عثمان" بتساؤل رافعا حاجبيه .. ثم أكمل بحدة :

-إنتي جاية تهزأيني يا سمر ؟!

سمر بإبتسامة مريرة :

-العفو يا عثمان بيه . هو أنا أقدر ؟ ده حضرتك خيرك عليا أنا و أخواتي !

رمقها "عثمان" بنظرات مستغربة ، فتابعت "سمر" متجاهلة تعابير الإستفهام علي وجهه :

-مقدرش أزعلك . مقدرش أبدا .. أحسن تغضب عليا و تمنع العلاج عن أختي . دي حياتها في إيدك يبقي أزعلك إزاي بس ؟!

و هنا فهم "عثمان" ما ترمي إليه ..

فتنفس بعمق و هو يشيح بوجهه عنها ، ثم قال ببرود :

-إنتي إللي إضطريني أعمل كده.

سمر بغضب ممزوج بالإنفعال :

-إنت إللي مش بني آدm . إنت .. ماعندكش قلب ماعندكش رحـــــــــــمة . دي طفلة . مجرد طفلة مسكينة صغيرة لا حول ليها و لا قوة . ذنبها إيه ؟ عملتلك إيه عشان تمنع عنها العلاج ؟ عملتلك إيــــــــه ؟؟؟

نظر لها عثمان و قال بنفس البرود :

-بإيدك كل حاجة يا سمر . بإيدك تنقذي نفسك و تنقذي أختك و تضمنلها حياتها الجاية كمان . لو قبلتي عرضي هتكسبي مش هتخسري أبدا .. إنتي بس إللي مغمية عينك و مش عايزة تشوفي مصلحتك فين.

سمر بسخرية :

-و مصلحتي بقي معاك إنت ؟!

عثمان بثقة :

-طبعا . عندك شك في كده و لا إيه ؟ و لا مش مقدرة إمكانياتي كويس ؟

سمر بإبتسامة تهكمية :

-لأ طبعا إزاي .. ده كل الناس عارفين إمكانيات حضرتك كويس أوي . مافيش حاجة ممكن تقف قصادك . ده إنت عثمان بيه البحيري !

إشتدت عضلات فكيه و هو يداري ملامحه الغاضبة قبل أن تظهر علي وجهه ..

-يا ريت تبطلي الإسلوب ده في كلامك معايا .. قالها محذرا ، ثم أردف بإقتضاب و هو يشيح بوجهه ثانيةً :

-و دلوقتي أنا عايز أعرف قرارك النهائي . إتكلمي بسرعة من فضلك عشان أنا مش فاضيلك لسا ورايا حاجات أهم.

نظرت له بغضب و قد أحست بالإهانة ، فقامت فجأة دون أن تفه بكلمة و إستدارت لتغادر

لكنها وجدته يعترض طريقها فجأه ..

عثمان بحدة :

-إنتي رايحة فين ؟

سمر بغضب :

-إوعي من قدامي لو سمحت.

قبض "عثمان" علي رسغها بقوة و قال :

-طيب تعالي . تعالي أقعدي و هنتكلم بهدوء.

سمر و هي تحاول سحب يدها من قبضته الفولاذية :

-مافيش كلام بيني و بينك . إنت مش مستقوي بفلوسك و بتدوس عليا أنا و أختي إللي ملهاش ذنب في حاجة ؟ أنا نـ.ـد.مانة إني صدقتك . و إبقي عبـ.ـيـ.ـطة لو كررتها تاني .. سيبــــــني بــــــقي !

عثمان بصبر :

-طيب معلش . تعالي . تعالي نتفاهم . هنوصل لإتفاق مـ.ـا.تقلقيش .. تعالي بقي و لو مـ.ـا.تفقناش هسيبك تمشي . وعد.

رمقته بعدائية شـ.ـديدة ، ثم قالت بحدة :

-سيب إيدي.

إمتثل "عثمان" لطلبها و ترك يدها و لكنه بقي متأهبا لأي ردة فعل قد تصدر عنها ..

بينما عادت "سمر" و جلست بمكانها علي مضض و هي تتحاشي النظر إليه

-تمام . ممكن بقي أسمع طلباتك ؟ لو كان ليكي طلبات ! .. قالها "عثمان" و هو يجلس قبالتها مرة أخري

-أنا ماليش طلبات .. ردت "سمر" بإقتضاب ، فإنفعل رغما عنه و قال :

-أومال إنتي جاية ليه ؟؟؟

نظرت له بصدmة ، فزم شفتاه بنفاذ صبر و قال :

-سمر . أنا واضح معاكي . من فضلك خليكي واضحة معايا إنتي كمان.

سمر ... بعد صمت :

-طيب . هكون واضحة .. أنا مش هعمل حاجة في الحـ.ـر.ام.

عثمان بحدة :

-و أنا قولتلك أنا مش بتاع جواز . أنا جربت الجواز مرة و مش ناوي أعيد التجربة تاني علي الأقل دلوقتي.

سمر بإصرار :

-و أنا مستحيل أسلمك نفسي منغير جواز . لو همـ.ـو.ت أنا و أختي .. مش هغضب ربنا و أخسر نفسي عشانك أو عشان فلوسك.

و كادت تقوم من أمامه مرة أخري ، ليمد يده بسرعة و يمسك بيدها يجمدها بمكانها ..

-أقعدي مكانك ! .. هتف بغضب ، ثم قال علي مضض :

-خلاص ... هتجوزك  عـ.ـر.في.

-إنت بتقول إيـ آاا ..

-هو ده إللي عندي .. قاطعها بحزم ، ثم قال بصرامة :

-إنتي عايزة جواز . تمام . بس هو ده الجواز إللي أنا أعرفه حاليا و مش هتكوني بتعملي حاجة في الحـ.ـر.ام كمان . أظن كده أنا قدmت تنازلات جـ.ـا.مدة .. الدور عليكي.

ضمت حاجبيها بتفكير ، تشعر بالحيرة ..

هل هذا يسمي زواجا ؟ هل ستكون آثمة إذا قبلت الزواج منه بهذه الطريقة ؟؟؟؟

إذا رفضت ستكون الخسائر جسيمة أيضا ، و أكبر الخسائر "ملك" .. لن تتحمل خسارتها أبدا

ربما تتحمل خسارة نفسها ، و لكن "ملك" ... مستحيل !!!

-ها قولتي إيه ؟؟؟ .. إنتبهت علي صوته ، لتتظر إليه بصمت

تململ "عثمان" بعصبية خفيفة و هو ينتظر ردها ، بينما حدقت فيه بتركيز ... ثم قالت :

-موافقة !

برقت في عيناه نظرة إنتصار خبأها بسرعة و قال برصانة :

-حلو .. كده نبقي متفقين . و أخيرا وصلنا لإتفاق .. ثم أكمل بجدية و هو يخرج هاتفهه من جيبه :

-أنا هكلم المحامي بتاعي دلوقتي عشان يجهزلنا العقد.

سمر و هي تزدرد ريقها بتـ.ـو.تر :

-دلوقتي ؟ قصدك الموضوع هيتم دلوقتي ؟!

-أه طبعا . هنتجوز إنهاردة.

-بسرعة أوي كده ؟ .. تمتمت "سمر" بخفوت ، إلا أنه سمعها و قال و هو يقلب بالهاتف :

-و إيه إللي يخلينا نستنا ؟ طالما إتفقنا و كله تمام . مافيش داعي للتأخير . أنا إستنيت بما فيه الكفاية.

و لم يتسني لها الكلام مجددا ..

إذ وضع الهاتف علي أذنه و إنتظر للحظات ، ثم بدأ بمكالمته ..

إستغرق بضعة دقائق ، تحدث خلالهم برسمية مع المحامي الخاص به

إتفقا علي كل شئ ، و أعطاه "عثمان" ميعادا بعد نصف ساعة ..

أقفل الخط ، ثم نظر إلي "سمر" و قال بحماسة :

-نص ساعة و المحامي هيكون هنا . يعني ممكن نقول كمان ساعة بالظبط و هتبقي مراتي.

إبتسمت "سمر" بسخرية من جملته الأخيرة و أشاحت عنه بوجهها ..

-إيه إنتي مش مبسوطة و لا إيه ؟! ..قالها "عثمان" بتساؤل ، لتقابله "سمر" بالصمت

-عموما سيبيها عليا . أنا هعرف أبسطك كويس أوي .. ثم أكمل بإبتسامة خبيثة :

-هنقضي أول ليلة سوا علي اليخت بتاعي . هلففك إسكندرية كلها إنهاردة.

و هنا نظرت "سمر" إليه و صاحت :

-إنهاردة ؟ لأ . لأ مش هاروح معاك لأي مكان إنهاردة !

عثمان بحدة :

-و ده ليه بقي ؟!

-إنت فاكر إني ممكن أقابلك بسهولة ؟ و أضافت بمقت :

-أنا ليا حدود في كل حاجة بعملها . و كمان عندي بيت و أخ مسؤولة عنه و مسؤول عني.

تنهد "عثمان" ثم قال بفتور :

-خلاص .. يبقي بكره . هستناكي بكره يا سمر !!!
_ جنون ! _

في السادسة مساءً ... تعود "سمر" إلي بيتها أخيرا

تفتح باب شقتها و تدخل ، لتري "فادي" يجوب الصالة ذهابا و إيابا

بدا أنه كان ينتظرها منذ وقت طويل ، و كعادته كان ثائر و قلق إلي أقصي حد ..

-كنتي فين يا سمر ؟ .. صاح "فادي" بتساؤل حين لمحها و هي تدخل من باب الشقة

بينما أغلقت "سمر" الباب و هي تتحاشي النظر إلي عيناه ، تخشي أن يعرف ما حدث لو طل في وجهها فقط

و لكن لا مفر ، يجب أن تواجهه ..

إستعادت رباطة جأشها و إلتفتت إليه ، ثم أجابت بإبتسامة بسيطة :

-إيه يا حبيبي مالك ؟ عصبي كده ليه بس ؟!

فادي بعصبية ممزوجة بالدهشة :

-بتسأليني عصبي كده ليه ؟ يعني أنا سايبك تعبانة و في السرير أجي ألاقيكي مش موجودة و بتصل بيكي مابترديش . عايزاني أبقي عامل إزاي !!!

سمر بلطف :

-طيب إهدا . ماحصلش حاجة و أنا كويسة قدامك أهو . كل الحكاية بس إني حسيت بخـ.ـنـ.ـقة فقلت أنزل إتمشي علي البحر شوية.

فادي بخشونة :

-و ماكنتيش بتردي علي موبايلك ليه ؟ إتصلت بيكي مـ.ـيـ.ـت مرة.

سمر ببراءة و هي تخرج هاتفهها من الحقيبة :

-ماسمعتوش و الله ! ما انت عارف الدوشة علي الكورنيش بتبقي عاملة إزاي.

و تظاهرت بتفحص الهاتف ، ثم قالت بأسف :

-آااه صحيح ! ده إنت إتصلت كتير أوي .. معلش يا حبيبي حقك عليا . بعد كده قبل ما أخرج أو أروح في أي حتة هبقي أتصل أقولك علطول.

أشاح "فادي" عنها و نظر في الجهة الأخري معبرا عن ضيقه ..

لتسرع هي و تقوم بالتمويه عن النقاش قائلة :

-بالمناسبة بقي و قبل ما أنسي .. أنا بكره هاروح أبات مع ملك في العيادة.

عاود "فادي" النظر إليها في الحال و قال بخـ.ـو.ف :

-ليه ؟ هي مالها ؟ حصلها حاجة ؟؟؟

-لأ يا حبيبي إطمن هي كويسة . بس وحـ.ـشـ.ـتني أوي . مش متعودة تبعد عن حـ.ـضـ.ـني المدة دي كلها !

إبتسم "فادي" بحنان ، ثم إقترب من أخته و ربت علي كتفها برفق قائلا :

-إن شاء الله هتخف و هترجعلنا . أنا كمان وحـ.ـشـ.ـتني أوووي . لولا الإمتحانات بس كان زماني أنا إللي معاها كل يوم و لا كنت سيبتها أبدا.

سمر بإبتسامة حزينة :

-خلاص . هانت فاضل إسبوع . ربنا يعديه علي خير .. ثم قالت بإسلوبها الدبلوماسي :

-خلاص بقي أديك عرفت أهو أنا هبقي فين بكره . و مـ.ـا.تقلقش يا سيدي قبل ما أمشي هكون محضرالك غداك و عشاك و بإذن الله تاني يوم الصبح هتلاقيني رجعت.

فادي بإستغراب :

-طيب و شغلك ؟ هتبطلي تروحي و لا إيه ؟!

-لأ طبعا يا فادي هاروح . أنا كلمت عثمان بيه و إتفقنا هرجع كمان يومين كده.

أومأ "فادي" بتفهم ، ثم قال بإبتسامة :

-ماشي يا سمر . إبقي بوسيلي لوكا جـ.ـا.مد بقي و إبقي إتصلي بيا كمان عشان تطمنيني عليكي و عليها.

سمر بإبتسامة مماثلة :

-حاضر يا حبيبي . و إنت كمان إبقي إتصل بيا لو إتزنقت في أي حاجة هنا . لو عوزت تعمل حاجة معينة يعني .. إبقي كلمني.

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في سيارة "عثمان" ... يفتتح "مراد" حديثا معه أثناء القيادة

مراد بإبتسامة تهكمية :

-يعني عدوا اليومين بتوع الرهان يا خويا و محدش عارفلك حاجة ! ماقولتليش يعني عملت إيه ؟!

إلتوي ثغر "عثمان" بإبتسامة خبيثة و هو يجيبه و في نفس الوقت يركز علي الطريق أمامه :

-و الله شكلها زي ما قلت يا صاحبي.

مراد و قد تلاشت إبتسامته :

-مش فاهم قصدك إيه ؟ فشلت معاها يعني ؟!

عثمان بغموض :

-يعني .. تقريبا !

-يعني إيه تقريبا ؟ .. تساءل "مراد" بشئ من الإنفعال ، و تابع :

-قولي إيه إللي حصل.

عثمان بفتور :

-ماحصلش حاجة يا مراد . ماوصلناش لحاجة مع بعض لسا.

مراد بفضول :

-يعني كلمتها و لا لأ ؟!

تأفف "عثمان" بضيق و قال :

-يا أخي زهقتني . لو كان حصل حاجة كنت قولتلك إخرس بقي.

تنهد مراد بسرور حقيقي ، ثم قال :

-ماعندكش فكرة أنا فرحان فيك إزاي يا صاحبي . أول مرة تخسر رهان.

تجاهل"عثمان" عبـ.ـارته تماما و إكتفي فقط برسم إبتسامة شيطانية غير مرئية علي فمه ..

-حقيقي فرحان فيك .. قالها "مراد" بمرح و هو يبتسم بشـ.ـدة ، ليرد "عثمان" بسخرية :

-إفرح ياخويا .. مرة من نفسك !

و مرت بضعة دقائق أخري ... حتي وصلا إلي المشفي

صعدا سويا إلي جناح "صالح" ليطرق "عثمان" الباب و يلج أولا ..

كانت الممرضة بالداخل تعطي لـ"صالح" جرعة دوائه ، بينما هو يتمنع و يظهر لها إسلوبا عدائيا ، لكنها تعاملت معه بحزم حتي نجحت في مهمتها ..

-بــــــس . شفت حضرتك خلصنا بسرعة إزاي ؟ لازم تتعبني كل مرة و خلاص يعني ؟! .. قالت الممرضة بعتاب ، ليأتي "عثمان" من خلفها و هو يقول :

-إيه يا صلَّوحي ! لازم تتعب الـNurse معاك كل مرة ؟ مايصحش كده يا أخي عيب .. ثم أكمل مخاطبا الفتاة :

-إحنا آسفين أوي يا أنسة . بس هو صالح كده متعود علي الدلع من و هو صغير . إستحمليه معلش و سايسيه بالراحة هتلاقيه بقي علي أد إيدك زي البيبي بالظبط.

كانت لهجته مرحة ساخرة ، فحدجته الممرضة بإبتسامة صفراء قائلة :

-إممم لأ مـ.ـا.تقلقش يافنـ.ـد.م . إحنا هنا موجودين عشان ندلع النزلا طبعا مش عشان نعالجهم .. ثم تجهمت فجأة و أردفت بصرامة :

-عن أذنكوا ورايا عيانين.

إشتدت عضلات فك "مراد" و هو يداري إبتسامة و يقاوم ضحكة كبيرة في نفس الوقت ، إلي أن خرجت الفتاة ..

إنفجر ضاحكا و هو يقول :

-يخرب عقلك يا عثمان . سحلت البت بكلمتين . آاااخ وحـ.ـشـ.ـتني أيام الشقاوة دي !

ضحك "عثمان" بخفة ، ثم إلتفت إلي "صالح" و قال :

-إيه يابن عمي ! أخبـ.ـارك إيه ؟؟

-إيه إللي جابك يا عثمان ؟ .. قالها "صالح" بجفاء و هو ينظر أمامه مباشرةً متجنبا النظر نحو ضيفيه

تظاهر " عثمان" بعدm ملاحظة إسلوبه ، و قال بدهشة :

-إيه المقابلة البطالة دي ؟ المستشفي دي بهتت عليك و لا إيه ؟ ده بدل ما تقولي إتفضل ليك وشحة يابن عمي !

صمت "صالح" و لم يرد ..

فسحب "عثمان" كرسي و جلس بجواره ، ثم قال :

-إيه يابني .. مالك ؟

صمت أخر ، ليزفر "عثمان" بضجر قائلا :

-مش عايز تتعالج ليه يا صالح ؟ .. رد عليا ؟ مش عايز تتعالج ليه ؟ إيه إللي إنت عايز تثبته بالظبط ... ثم صرخ فيه :

-رددد عليــــــــــــــا !

-عايزني أقولك إيه ؟ .. صاح "صالح" بعصبية ، و تابع :

-عايزني أقولك إنك إنت السبب في إللي حصلي ؟ عايزني أقولك إني مش هعرف أقف علي رجليا تاني بسببك ؟ عايزني أقولك إن حياتي شبه إنتهت و حياتك إنت مكملة عادي ؟ .. ده إنت يا أخي ما سألتش فيا من يوم دخلت الهبابة دي . حتي زيارتك إللي فاتت . عملتها تقضية واجب و مشيت و من ساعتها ماشوفتكش . كأنك بتقولي إنت مش مهم أنا أهم منك . و صحيح عندك حق . ما حظك إنك إبن يحيى البحيري الوريث الكبير للعيلة و إللي بيتحكم في كل حاجة حتي في أخوه و ولاده . سافر يا رفعت . يسافر رفعت . خد هالة معاك و سيب صالح يا رفعت . ياخد هالة معاه و يسيب صالح . صالح ماينفعش لصفية دول ولاد عم و بس و بعد فيييين و فين يتكرم يحيى باشا و يوافق علي الخطوبة . بس أنا بقي إللي مابقتش عايز . أنا إللي فسخت الخطوبة قبل ما يعملها هو و لما هخرج من هنا مش هستني أبويا يشوف صرفة مع أخوه . أنا إللي هقفلكوا كلكوا . بس مش علي رجلي يابن عمي.

كان "عثمان" يستمع إليه بصدmة كبيرة ... حتي إنتهي ..

هب من مكانه فجأة و هو يقول بصرامة شـ.ـديدة :

-أنا مقدر الحالة إللي إنت فيها . و رغم إنك زودتها شوية بس هعذرك .. إنت يعتبر مش في وعيك . عشان كده أنا هسيبك دلوقتي . و بعدين هبقي أجي أشوفك .. يكون عقلك إتردلك ساعتها.

ثم إستدار و غادر بخطوات ثابتة دون أن يضيف حرفا أخر

ليتبعه "مراد" الذي صـُدm بدوره من أقوال "صالح" و بدون أن يفه بكلمة هو أيضا ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل "بحيري" ... يقوم "رفعت" بجولة روتينية مارا بالطوابق و ما بينها

ليري زوجة أخيه تجلس بالشرفة الواسعة فوق الأرجوحة الساكنة ، بدت و كأنها شاردة في صفحة الليل الحالكة المرصعة بالنجوم المتلآلئة ..

إبتسم "رفعت" و مشي ناحيتها بحذر ، ثم جاء من خلفها و بدأ يدفع بالأرجوحة بصورة مفاجئة

شهقت "فريال" بذعر في بادئ الأمر ، لكنها نظرت ورائها و إكتشفت من الفاعل ..

-رفعت ! .. هتفت "فريال" و هي تبتسم برقتها المعهودة ، ليرد الأخير :

-مساء الخير يا فريال.

-مساء النور يا رفعت . إيه إنت خارج و لا إيه ؟!

رفعت و هو يعاين جمالها بإعجاب ظاهر :

-لا أبدا مش خارج . أنا كنت بتمشي في البيت بس . عادي .. ثم سألها :

-يحيى ماكلمكيش ؟

-كلمني من شوية.

-وصل يعني ؟!

-أه الحمدلله . و وصل للأوتيل كمان.

-كويس !

و أخذ يرمقها بنظرات مطولة غامضة ..

تـ.ـو.ترت "فريال" حين لاحظت هذا ، فقامت و هي تقول بإرتباك :

-طيب آا أنا هـ هطلع علي الأوضة . عن أذنك.

و تعثرت رغما عنها و هي تخطو بمحاذته ..

ليسرع هو و يسندها بذراعيه صائحا :

-حسبي يا فريال.

-آه . أنا آسفة ! .. قالتها "فريال" بحرج شـ.ـديد و هي تحاول أن تتوازن بلا جدوي

بينما ضحك "رفعت" و قد كان يمسكها بإحكام ..

-طيب إصبري هسندك . إنتي كده إللي بتوقعي نفسك و هتوقعيني معاكي.

فريال بتـ.ـو.تر :

-آسفة يا رفعت.

و بعد لحظة كانت تقف معتدلة تماما ، بينما لا يزال يطوقها "رفعت" بذراعيه و يرفض إطـ.ـلا.ق سراحها ..

حاولت "فريال" التصرف بشكل متحضر ، فإبتسمت بتكلف و هي تقول :

-رفعت ! فـ في حاجة ؟ .. يعني لو تمسح تعديني بس .. و لا إيه !!

غامت عيناه من شـ.ـدة تحديقه فيها بتركيز قوي ، لكنه تكلم أخيرا ..

رفعت و هو يشـ.ـدد قبضته حولها :

-فريال .. أنا بحبــــــــــــــــــك !

توسعت عيناها و جحظتا من الصدmة ..

لتتصرف بعنف بعد هذا فورا و تدفعه عنها بمنتهي القوة و هي تصيح :

-إنت بتقول إيـــــــه ؟ إنت مجنووووووون !!!

رفعت و هو يرمقها بغضب شـ.ـديد :

-لأ أنا مش مـ.ـجـ.ـنو.ن . أنا أخيرا بقولك الحقيقة . أنا بحبك يا فريال . بحبك و من زمان أوي من قبل ما تقابلي أخويا و تتجوزيه . هو . هو إللي خدك مني زي ما طول عمره بياخد مني كل حاجة . إنتي المفروض تكوني مراتي أنا . إنتي من حقي أنا . أنا يا فريال لازم ت عـ.ـر.في ده كويس.

غطت فمها المفتوح بكفها ، و لم تنتظر لتسمع المزيد ..

ركضت من أمامه فورا و هـ.ـر.بت إلي غرفتها

أقفلت الباب بالمفتاح و هي تشعر بقلبها يكاد يقفز من بين ضلوعها من شـ.ـدة خفقانه ، ثم تداعت فوق أقرب آريكة و هي تلهث بقوة

و كم تمنت لو كان ذلك مجرد حلم .. و لكن لا ، كان حقيقي و كلمـ.ـا.ته ما زالت تدوي بأذنيها بصخب و إلحاح شـ.ـديد

بحق الله ، أي شيطان دفعه لقول هذا ؟؟؟

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

صباح يوم جديد ... إستيقظت "سمر" من نوم متقطع مليئ بالكوابيس و الأحلام المزعجة

أولا إنتهت من إعداد طعام اليوم كله لـ"فادي" ثم تناولت هي وجبة خفيفة ، و ليتها أكلت جيدا ..

شهيتها مفقودة تجاه كل شئ ، لا تفكر سوي في موعدها معه بعد قليل

ذهبت "سمر" لتغتسل ، ثم عادت إلي غرفتها و إرتدت ملابسها ..

لم تهتم بإختيار ثوب معين ، و لكنها حرصت ألا يكون مميز أو ملفت

لا تريده أن يغتر بنفسه و يعتقد أنها مسرورة بما حدث البـ.ـارحة أو بما سيحدث اليوم ، يجب أن يدرك أنها مرغمة علي فعل هذا و أن الخيار لو كان متاحا لها لما رضخت لإرادته أبدا ..

إنتهت "سمر" من تجهيز نفسها ، و أخر شئ

فتحت حقيبتها و تأكدت من وجود ورقة الزواج الخاصة بها و التي مضت عليها بنفسها .. بكامل إرادتها و بدون أي ضغط منه تماما كما قال

إبتسمت بسخرية مريرة و هي تطوي الورقة بكفها ، لكنها عادت و دستها بمكانها مرة أخري

ثم أخذت نفسا عميقا و إستعدت للرحيل !!!!!
_ قصر عائم ! _

تحت نهار شتوي ساطع ... تخرج "سمر" من بيتها ، يداهمها خـ.ـو.ف غريب من مواجهة الجمهور

تشعر أن كل من سينظر لها و هي تسير سيعرف بالحقيقة .. إلي أين هي ذاهبة ؟ ماذا فعلت ؟ و ماذا ستفعل ؟ .. الجميع سيدري بالجريمة التي إرتكبتها !!!

ضمت ياقتي ردائها الصوفي حول عنقها و هي تشعر بإرتجافة في جسدها بسبب التـ.ـو.تر لا البرد الذي يغلف الأجواء

و بينما هي تمر من أمام محل الجزارة ، سمعته ينادي بإسمها ..

-أنسة سمر !

إلتفتت "سمر" إلي الصوت المألوف ، لتجده "خميس" يبتسم و هو يهرول صوبها بسرعة ..

-إصباح الخير يا أنسة سمر .. قالها "خميس" بنيرة تزخر باللهفة و السرور

لترد "سمر" بصرامة ممزوجة بالجفاء :

-صباح الخير يا خميس . نعم عايز حاجة ؟؟

أجفل "خميس" و هو يجيبها بإرتباك واضح :

-آا لأ مـ مش عايز . أنا بس كنت حابب أتأسف علي إللي حصل بيني و بين الأستاذ فادي . أنا ماكنش قصدي أتعارك معاه و الله بـ آاا ..

-حصل خير يا خميس .. قاطعته "سمر" بجمود ، ثم قالت بإقتضاب :

-أنا لازم أمشي دلوقتي . عن إذنك.

خميس و هو يرمقها بحـ.ـز.ن :

-إتفضلي !

مشت من أمامه مسرعة ، بينما وقف بمكانه يتابعها بعيناه في تخاذل حتي توارت تماما ..

-بردو مش هزهق يا سمر .. تمتم "خميس" لنفسه ، و أكمل بإصرار :

-أنا بحبك . طول عمري بحبك و محدش هيقدر ياخدك مني أبدا !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••

في قصر آل"بحيري" ... يستيقظ "مراد" من نومه و ينزل للأسفل فلا يجد أحد من أهل البيت و مائدة الفطور فارغة بصورة غير إعتيادية

يهز كتفاه بعدm إكتراث ، ثم يتجه إلي غرفة "عثمان" و يدخل دون أذن كعادته

ليجده في غرفة الثياب خاصته يقوم بإعداد حقيبة صغيرة بعد أن إنتهي من إرتداء ملابس عصرية جدا مؤلفة من كـِـنزة صوفية بيضاء ، و سروال من الچينز القاتم ، و حذاء جلدي ذو رقبة أسود اللون من العلامة التجارية Geox ..

أطلق "مراد" صفيرا عاليا و هو يقترب منه و يقول بدعابة :

-إيه الشياكة إللي علي الصبح دي يا جدعان ! أكيد مش ممكن تكون رايح الشركة باللبس الشبابي ده يا چان عصرك . أومال فين البدلة يا عم ؟ و إيه الشنطة دي ؟!

حدجه "عثمان" بنظرة جانبية و هو يقول :

-من الذوق و الأدب إنك تستآذن قبل ما تدخل علي حد أوضته . يا قليل الأدب.

مراد بسخرية :

-يابني أنا الأدب ده معداش من جمبي أصلا ! .. ثم سأله بفضول :

-المهم قولي . رايح فين كده و واخد معاك شنطة هدومك ؟!

عثمان بفتور :

-و إنت مالك يا مراد ؟ إنت مالك أنا رايح فين ! .. ثم أبعده من أمامه بيده و توجه نحو ركن الزينة الخاص به

-لا ياخويا مانا زنان و مش هاسيبك إلا أما تقولي علي فين العزم كده ؟

تآفف "عثمان" بضجر و هو يختار نظارة من مجموعة نظاراته الشمسية الفاخرة ، ثم قال بضيق شـ.ـديد :

-طيب يا زنان هقولك بس بمزاجي .. هغيب يومين كده و راجع تاني إن شاء الله.

-مسافر يعني ؟!

عثمان و هو ينتقل لقسم العطور الثمينة :

-لأ مش مسافر . و كفاية عليك كده . مـ.ـا.تسألش تاني خلاص.

مراد بشك :

-شكلك رايح تعمل مصـ يـ بـةما يعلم بيها إلا ربنا.

ضحك "عثمان" و هو يأخذ من درج العطور قنينة الـJimmy Choo ، ثم قال و هو يرش منها بغزارة :

-بذمتك يا شيخ . ده شكل واحد رايح يعمل مصـ يـ بـة؟

-ما هي بتبدأ كده.

-و بعدين !

-و بعدين بضلم بعيد عنك.

إنفجر "عثمان" في الضحك أكثر و قال :

-لأ مـ.ـا.تقلقش ياخويا . مش هضلم . مش هضلم خآاالص .. ثم سأله بجدية :

-صحيح إنت كنت جاي عايز إيه ؟ في حاجة ؟ مش عوايدك تصحي بدري !

مراد بجدية مماثلة :

-أبدا كنت جاي أشوفك عامل إيه ! مانا سايبك إمبـ.ـارح و إنت في حالة مش حلوة خالص . كلام صالح يضايق أنا عارف . و أنا شخصيا إتفاجئت بيه زيك بالظبط.

تنهد "عثمان" ثم إستدار ليواجهه و هو يقول بعدm إهتمام :

-أنا مش زعلان منه . هو معذور بردو إللي حصله مش قليل . و عموما أنا عارف إنه مايقصدش و هي فترة صعبة عليه و هتمر و في الأخر هيوافق يتعالج.

ثم إتجه نحو حقيبته الصغيرة قبل أن يفتتح "مراد" حديثا أخر و يؤخره عن ميعاده ..

حملها علي كتفه ، ثم قال بإبتسامة مفعمة بالحماسة الملتهبة :

-أوووك يا صاحبي ! بــــــــاي بقي و إلي اللقآااااااء.

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في المركز الطبي الخاص حيث تتلقي "ملك" العلاج هناك ... تصل "سمر" و تمر علي مكتب الطبيب أولا

-أنا آسفة جدا علي التأخير .. قالتها "سمر" بإعتذار ، ثم سلمته مظروف ضخم و هي تكمل :

-إتفضل حضرتك . ده حساب الأيام إللي فاتت و معاه باقي حساب الأسبوع إللي فاضل.

الطبيب مبتسما بنفاق :

-أنا إللي آسف إذا تعبتك أو أزعجتك يا أنسة سمر . بس أكيد حضرتك عارفة دي حاجة غـ.ـصـ.ـب عني . الإمكانيات هنا مكلفة أووي و كل يوم ببعت أطلب من برا معدات جديدة و آدوية كمان.

سمر بإبتسامة مصطنعة :

-و لا يهمك يا دكتور . أنا فاهمة . و في الأخر ده حقك و لازم تاخده .. ثم إنتقلت للحديث عن أختها :

-و ملك عاملة إيه دلوقتي ؟ حالتها إزيها ؟!

-لا حضرتك الحمدلله . حالتها مستقرة أوي لحد دلوقتي و أحرزنا تقدm كبير معاها . بس أكيد علي أخر الإسبوع لما تنتهي جلسات العلاج هتتحسن أكتر و أكتر و يمكن تروح معاكي كمان.

تنهدت "سمر" براحة شـ.ـديدة و قالت :

-الحمدلله . ربنا يكمل شفاها علي خير .. ثم أردفت بتساؤل :

-طيب أنا ممكن أشوفها ؟

الطبيب برحابة :

-أه طبعا ممكن . إتفضلي معايا .. و واكبها لغرفة الحضــَّانات المليئة بالعديد من الأطفال الذين يعانون مما تعاني منه "ملك"

دخلت "سمر" خلف الطبيب و راحت تبحث عن أختها

وجدتها أخيرا في المنتصف ، كانت راقدة في سريرها الصغير المغطي بغلاف زجاجي شفاف موصل ببعض الأنابيب البلاستيكية ..

-هي نايمة علطول ؟ .. تساءلت "سمر" و الدmـ.ـو.ع تترقرق بعينيها ، ليجيب الطبيب بنبرته الهادئة :

-لأ طبعا . بتصحي و بتاكل و بتشرب عادي جدا . بس الممرضة لسا مأكلاها و منضفاها عشان كده نامت.

نظرت "سمر" إلي وجه شقيقتها المستدير ، و تأملت بفرحة خديها البـ.ـارزين المخضبين بالحمرة ..

و كم أرادت أن تحملها في هذه اللحظة و تضمها بقوة إلي صدرها ثم تبكي بعد ذلك ، و لكنها تماسكت و طردت شعور الوهن قبل أن يطغي عليها كليا و يجعلها تنهار

ليأتي صوت الطبيب في اللحظة المناسبة تماما :

-علي فكرة طلعلها سنتين من فوق . تعبتنا أوي الأيام إللي فاتت و ماكنتش بتنيم حد خااالص.

نظرت "سمر" له و هي تقول بإبتسامة حزينة :

-بجد ؟ .. أكيد نفسي أشوفهم . حبيبتي وحـ.ـشـ.ـتني أووي !

و هنا دق هاتفهها ..

لتتجهم فجأة و كأنه ناقوس المـ.ـو.ت هو الذي يدق معلنا عن حلول موعد إعدامها ، أو بالأحري موعد إعدام براءتها ، شرفها ، مبادئها ، أخلاقها !!!

-ألو ! .. هكذا ردت "سمر" بصلابة شـ.ـديدة ، ليأتيها صوته الكريه فورا :

-إيه يا بيبي ! فينك ؟ أنا واقف مستنيكي في المكان إللي إتفقنا عليه . إتأخرتي ليه ؟؟؟

سمر بإقتضاب :

-أنا جاية.

الأخير بضيق :

-قدامك أد إيه ؟

-عشر دقايق و هكون عندك.

-أوك . مستنيكي !

أغلقت "سمر" الخط و هي تشعر بالحريق ينشب في كل إنش من جسدها ..

ألقت نظرة أخيرة علي "ملك" و تمتمت بصوت منخفض للغاية لا يسمعه إلا هي :

-أنا بعمل كل ده عشانك . إنتي بالنسبة لي أهم حاجة في الدنيا . و مستعدة أفديكي بروحي يا حبيبتي !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

بعد بضعة دقائق تجاوزت العشرة التي وعدته بهم ... كانت تستقل سيارة آجرة ، سارت بها في شوارع الإسكندرية الحية المضيئة

حتي توقفت عند إحدي الميادين الشهيرة بحسب تعليمـ.ـا.تها ..

نظر إليها السائق من خلال المرآة الأمامية و هو يقول بصوته الخشن :

-وصلنا يا آنسة !

زمت "سمر" شفتيها بشئ من العصبية ، ثم فتحت حقيبتها و أخرجت الآجرة و أعطتها له

نزلت من السيارة و هي تتلفت حولها باحثة عنه ..

كانت تريد أن تعثر عليه بسرعة لتقي نفسها من نظرات المارة ، إذ خيل إليها أن الجميع يترصدها جيدا في إنتظار اللحظة الموعودة ليتم ضبطتها و هي ترتكب الجُرم المشهود !!!

و أخيرا لمحته ..

كان يجلس بسيارته المصفوفة علي جانب الطريق ، ما أن تأكد أنها رأته أخذ يلـوَّح لها بيده و هو يبتسم تلك الإبتسامة الشيطانية

مشت ناحيته و هي تقدm ساق و تؤخر الأخري ... جاهدت لتحظي ببعض الثقة ، و لكنها معدومة ..

الثقة معدومة في هذا الموقف الذي وضعت نفسها به ، لا يحق لها التصرف بكبرياء ، لا يحق لها إدعاء العفة أو الشرف ، لا يحق لها التمنع ، حتي لا يحق لها التراجع

لقد سارت بدرب لا عودة منه ..

مسار واحد فقط ، محفوف بالأشواك و الألغام .. إنها الآن تمشي علي الجمر و تدوس في الوحل بنفس الوقت

اليوم ستمـ.ـو.ت "سمر" البريئة العفيفة ، و ستولد أخري آثمة مهما فعلت ، لن تستطع محو خطاياها ..

-أخيرا وصلتي ! .. قالها "عثمان" عنـ.ـد.ما إستقلت "سمر" بجانبه في السيارة المكشوفة التي لا تتسع سوي لفردين

-إيه العربية إللي جايبها دي ؟ .. غمغمت "سمر" بحنق شـ.ـديد و أكملت :

-فين عربيتك ؟ إزاي تيجي بعربية زي دي ؟ إنت متعمد تعمل كده يعني ؟!

عثمان بدهشة :

-إيه إيه إيه ! إهدي شوية . مالك بس ؟ إيه إللي مش عاجبك في العربية ؟؟؟

سمر بغضب :

-مكشوفة حضرتك . مكشوفة . إفرض حد شافني معاك ؟ هقول إيه ساعتها ؟!

إبتسم "عثمان" بخفة ، لتظهر أسنانه البيضاء ، ثم قال بعذوبة :

-سمر يا حبيبتي . Take it easy . مـ.ـا.تخافيش . أولا المكان ده بعيد جدا عن بيتك و عن منطقتك كلها . ثانيا دي مش أول مرة تركبي معايا في عربيتي . و فرضا لو صادف و حد من معارفك شافنا تقدري ساعتها تطلعي مليون حجة مش حكاية هي يعني . و يا ستي لو مضايقك أوي موضوع إنها مكشوفة و لا يهمك . هقفلهالك دلوقتي حاضر.

وضغط علي أحد الآزرار باللوحة المثبتة علي يمين عجلة القيادة ، لينطلق سقف السيارة تدريجيا و يحجب عنهما ضوء النهار ..

رمقته "سمر" ببغض شـ.ـديد ، ثم أشاحت عنه بسرعة ، بينما إبتسم بإتساع أكبر و هو يشعر بالمرح حيال الوضع برمته

تنهد "عثمان" تنهيدة مطولة ، ثم شغل محرك السيارة و إنطلق عبر الحشود الكثيفة ..

إلي أن بدأ عدد السيارات و الناس يقل ، و بدا أنهما يقتربا من الحافة الغربية للمدينة بإتجاه البحر

أوقف "عثمان" السيارة عند مرسى المراكب و إلتفت إليها قائلا بأمر :

-إنزلي.

إنصاعت له دون أن تفه بحرف ، لينزل هو الأخر و يمشي ناحيتها

قبض علي معصمها برفق ، ثم سار بها علي إمتداد صف طويل من اليخوت البيضاء الراسية في ماء البحر الذي جعله النهار أزرق شفاف كالجواهر المشعشعة ..

توقف "عثمان" عند يخت معين ، بدا أكبر و أكثر جلالا من البقية ..

تركها جانبا و تقدm بضعة خطوات بعيدا عنها

نزع نظارته الشمسية و أخذ ينادي علي سائس اليخت ، ليظهر شاب هزيل في اللحظة التالية ، إبتسم تلقائيا حينما رأي "عثمان" و نزل من اليخت بسرعة و قفز أمامه برشاقة ..

ليصافحه "عثمان" بود قائلا :

-إزيك يا ناجي ؟ أخبـ.ـارك إيه ؟

ناجي بإبتسامة واسعة :

-تمام يا عثمان باشا . أنا بخير بفضل سيادتك عليا .. ثم قال مفتخرا بنفسه :

-أنا جهزت كل حاجة و عملت كل إللي حضرتك أمرتني بيه إن شاء الله هتتبسط مني.

ربت "عثمان" علي كتفه بلطف و هو يقول :

-متشكر يا ناجي . أنا علطول مبسوط منك .. ثم أخرج بعض النقود من چزدانه و طواهم بيد "ناجي" مكملا :

-خد دول و مع السلامة إنت بقي . لما أرجع هبقي أكلمك تيجي تستلم مني.

إبتسم "ناجي" و هو يضع النقود بجيبه و يقول :

-ماشي يا باشا . أنا تحت أمرك في أي وقت.

و غادر ..

لينظر "عثمان" نحو "سمر" و يشير لها برأسه لتأتي

تقدmت صوبه ، فأمسك بيدها و ساعدها علي صعود درجات اليخت ، ثم ذهب ليحل عقدة الحبل الضخم عن رصيف المرسى و لحق بها بسرعة ..

يتكون اليخت من أربعة طوابق هرمية الشكل ... أول طابق به مصعد للتنقل و ثلاث حجرات للضيوف و حمام و قاعة داخلية تتضمن بنشات و مقاعد طولية مصنوعة من خشب السنديان المصقول

الطابق الثاني به حوض سباحة و صالة رياضية و غرفة بخار و بـ.ـار كبير مزود بكافة و أفخر أنواع الخمور

و الطابق الثالث به جناح المالك مجهز بالكامل ، و غرفة للجلوس و قاعة خارجية تحتوي علي مشمسة كبيرة و شاشة تلفاز بلازما ، و يتميز هذا الطابق بنظام صوتي بصري يتحكم بالإضاءة و الستائر و المكيفات

أما الطابق الرابع فيتضمن المقصورة و غرف طاقم اليخت ..

صعدا معا إلي الطابق الرابع ، ليتركها "عثمان" و يتجه إلي غرفة التحكم

كانت تراقبه صامته فيما كان يجهز اليخت من أجل الرحيل ، لم تكن تري منه إلا ظهره العريض من خلال الشرفة المفتوحة ..

ليستدير إليها بعد قليل و يقول بإبتسامته الجذابة :

-يلا يا سمر . قاعدة عندك كده ليه ؟ إنزلي الدور إللي تحت ده علطول هتلاقي أوضة و كل إللي إنتي عايزاه . إتصرفي علي راحتك خالص و أنا هظبط شوية حاجات هنا وجايلك.

إبتلعت ريقها بصعوبة ، و غام كل شيء من حولها بسبب عنف صوت نبضات قلبها في أذنيها ، و لكنها و بشئ من الخـ.ـو.ف و التردد إستمعت له و هبطت إلي الطابق الثالث ..

لم تكن مأخوذة أو مبهورة بجمال هذا المكان المذهل ، لو لم تكن في وضع كهذا حتما كانت ستسعد برؤية هكذا مناظر ..

و لكن لا .. هي مرتعبة ، فقط مرتعبة ، عقلها لا يعمل

الخـ.ـو.ف وحده هو الشئ الوحيد الذي عرفته خلال تلك اللحظات ... و أخيرا وجدت صعوبة في التحرك من مكانها ، فظلت واقفة بلا حراك ، حتي آتي هو ..

-إيه ده إنتي لسا واقفة عندك ؟ .. قالها "عثمان" بدهشة كبيرة و هو يتجه نحوها

بينما ثبتت علي وضعها متحاشية النظر إليه ..

-إيه مالك ؟ .. تساءل بغرابة ، لترد بإرتباك :

-مـ مافيش . بس .. بتفرج علي المكان.

إبتسم عثمان و هو يقول بتفاخر :

-المكان فعلا عظيم . المهم يكون عجبك !

سمر بنفس الإرتباك :

-عجبني.

-ماعندكيش فكرة أنا عرفت أشتري اليخت ده إزاي . كنت في إطاليا السنة إللي فاتت و شفت صورته في كتالوج هناك كان غالي أوي بس عجبني و قررت لازم أشتريه . دفعت كتير جدا عشان أشحنه لحد هنا كمان . بس هو يستاهل بصراحة.

أومأت بشئ من العصبية لتجاري حديثه الكريه مثله تماما ، بينما تنهد و قال و هو يشير بسبابته إلي غرفة النوم :

-أوضة النوم إللي هناك دي يا سمر . إدخلي غيري هدوك إعملي أي حاجة عشان نلحق نتغدا سوا قبل ما الشمس تغيب . لسا في حاجات كتير هنعملها سوا.

عقدت حاجبيها و هي تقول بتـ.ـو.تر :

-هدوم إيه إللي هغيرها ؟ أنا ماجبتش معايا هدوم.

عثمان بضيق شـ.ـديد :

-إنتي بتقولي إيه بس يا سمر ؟ إزاي مـ.ـا.تجبيش معاكي هدوم ؟ يعني هتفضلي كده طول اليوم ؟ إزااي ؟؟؟!!

-زي الناس ! .. قالتها "سمر" بإستهجان ، ليرفع حاجبه بدهشة

بينما تململت بضيق و هي تحاول أن تصوغ عبـ.ـارتها الفائتة :

-مش مشكلة . أنا مش هكون مضايقة .. عادي.

صمت قصير .. ثم قال "عثمان" بغموض :

-طيب .. إذا كده بقي أنا إللي هغير هدومي . و خليكي إنتي هنا لحد ما أرجعلك . و لا تحبي تيجي معايا ؟

سمر بنفي قاطع :

-لأ ماحبش . إتفضل إنت . أنا هستناك هنا.

أومأ "عثمان" دون أن يتكلم ، ثم أخذ حقيبته متوجها صوب غرفة النوم ..

لكنه غافلها أثناء مروره البـ.ـارد بمحاذاتها ، و إستدار فجأة قابضا علي خصرها

و بحركة سريعة من يده الماهرة ، حل عقدة حچابها عن رأسها

ليتحرر شعرها الحريري من عقاله ، و ينسدل كشلال أسود حول وجهها و علي طول ظهرها ..

- ! ده شعرك بجد ؟ .. قالها "عثمان" بإنبهار شـ.ـديد و هو يعبث بخصلاتها و يشبكهم بين أصابعه

لتصرخ "سمر" بقوة حين شـ.ـدد قبضته علي شعرها من فرط حماسته ، بينما ضحك بقذارة ، ثم قال :

-أحب أوي العمليات الإستكشافية دي .. يا تري الدور علي إيه بعد كده ؟ هستكشف فيكي إيه تاني الليلة دي يا بيبي !

رمقته بتقزز و في نفس الوقت إنكمشت خائفة من إلتماع البريق الشيطاني بعينيه !!!
_ القرصان ! _

علي متن اليخت الذي لم يقلع بعد ... تجلس "سمر" في غرفة النوم الفاخرة متيبسة ، لا تعرف كيف تتصرف

مع أنه ترك لها الغرفة منذ نصف ساعة لتحظي ببعض الخصوصية و تجهز نفسها علي الأقل بما إنها لم تأت بثياب إضافية لتبدل فيها طوال اليوم ..

لكنها مشلولة ، هذا أنسب تعبير لوصف حالتها الآن

عنـ.ـد.ما يتعلق الأمر به تجد نفسها عاجزة تماما .. عزلاء ، لا تملك ما تدافع به عن نفسها ، لا تستطيع التصرف أو التفكير

فقط كلمته هي التي تطغي علي كل شئ حتي تتحق مشيئته بالنهاية ، فهو يمسكها من اليد التي تؤلمها ..

-طيب و بعدين ؟ هعمل إيه دلوقتي ؟ .. تمتمت "سمر" لنفسها بحيرة شـ.ـديدة ، ثم قامت من مكانها و أخذت تجوب المكان بنظرها بلا هدف معين

لتقع عيناها علي باب الحمام الموارب ..

مضت إليه بسرعة ... نظرت إلي الخارج عبر النوافذ الدائرية ، لكنها لم تري سوي البحر و السماء

قضي الأمر ، لقد أصبحت تحت رحمته و لا مفر منه أبدا ..

-مين ! .. صاحت "سمر" بذعر حين سمعت طرق علي باب الغرفة ، ليأتيها الرد ساخرا :

-مين إيه يا سمر ؟ هيكون مين يعني ! أنا عثمان.

سمر بتـ.ـو.تر :

-عايز إيه ؟

عثمان بضيق :

-خلصتي و لا لسا ؟ أنا قاعد لوحدي بقالي كتير و زهقت.

-أنا جاية !

تنهد "عثمان" بنفاذ صبر و قال :

-طيب . ما تتأخريش أنا مستنيكي.

و إختفي صوته

لتندفع موجة من الحرارة في جلدها من جديد ..

تنفست بعمق لمرتين ، ثم إتجهت نحو المرايا المتوضعة فوق الرف الطويل

بدا منظرها فوضوي للغاية ، إذ كان شعرها أشعث بسبب يده و أصابعه التي راحت تعبث فيه عنـ.ـد.ما كانت معه بالخارج ..

وجدت فرشاة الشعر أمامها ، فأمسكتها و أقحمتها بعنف بين لفائف شعرها و أخذت تسرحه حتي صار مرتبا و ناعما كعادته

غسلت وجهها الملتهب بالماء البـ.ـارد ، فشعرت بإرتياح شـ.ـديد يغمرها لتلقي المياه علي مؤخرة عنقها أيضا ..

إنتهت من هذا الغسل الجزئي ، ثم عادت إلي الغرفة مجددا

تناولت حچابها من فوق الفراش و لفته حول وجهها .. ثبتته جيدا ، ثم عدلت ثيابها المجعدة

و أخيرا إستعدت للخروج ...

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

ضاقت ذرعا بهذا ... طفح كيلها ، لقد تركته لأيام طويلة علي أمل أن يعود لصوابه و يعتذر منها و يطلبها للإتيان ليُصلح ما أفسده في فورة غضب

و لكنه لم يغعل ، حتي الآن لم يفعل .. و كأن حبه لها لا يعني شيئا ، و كأنه كان مجرد كذبه باتت طي النسيان !

و لكنها لن تقبل و لن تسمح بذلك أبدا ، فهذا ليس قراره وحده هي شريكته و نده في كل شئ مرتبط بهذه العلاقة ..

حسمت "صفية" أمرها و إستفاقت باكرا و ذهبت إلي المشفي ، عقدت العزم و بقوة علي إنهاء تلك المهزلة مهما كلف الأمر

لن ترحل من هنا إلا و هي مهزومة أو منتصرة ، إنما لن تنسحب أبدا ..

فتحت باب غرفته فجأة و دخلت دون أذن ، لينتفض "صالح" و هو يدير رأسه ليري من الذي إقتحم جناحه بهذا الشكل !!

-صفية ! .. هتف "صالح" ذاهلا

و لكن سرعان ما عاد التجهم إلي وجهه و هو يكمل بصلابة :

-إنتي إيه إللي جابك ؟ أنا مش قلت مـ.ـا.تجيش هنا تاني . مش قلت مش عايز أشوفك ؟!

وقفت "صفية" أمام سريره ، ثم قالت بجدية ممزوجة بالصرامة :

-لازم نتكلم يا صالح.

صالح واجما :

-مافيش كلام بينا يا صفية . كل حاجة إنتهت و إنتي عارفة كده كويس.

صفية بإنفعال :

-لأ ده بالنسبة لك كل حاجة إنتهت لكن بالنسبة لي لأ . لأ يا صالح . إنت مش من حقك تقرر مصير علاقتنا لوحدك أنا شريكتك في القرار و لما قرارك مايعجبنيش يبقي مش هيتنفذ سامع ؟؟؟

أشاح بوجهه عنها و هو يقول ببرود :

-أنا مابقتش عايزك يا صفية . إحنا فعلا ماننفعش لبعض زي ما أبوكي قال . هو رأيه كان صح . و أعتقد إنه إتأكد من كده أكتر بعد إللي حصلي.

-يعني ده كمان بقي رأيك يا صالح ؟ .. تساءلت "صفية" بوهن شـ.ـديد ، و تابعت :

-إنت بجد عايز تسيبني ؟ .. عايز تسيبني بعد كل ده ؟ بعد كل السنين إللي عشناها سوا بنحب بعض ؟ عايز تسيبني بعد ما إرتبطنا رسمي و قدام الناس كلها ؟؟!!

عاود "صالح" النظر إليها ، ثم قال بسخرية :

-بس مـ.ـا.تقوليش بنحب بعض بس . أنا إللي كنت بحبك يا صفية و كنت عارف إنك مابتحبنيش . إنتي عمرك ما حسستيني إني موجود في حياتك أصلا . أنا بالنسبة لك كنت مجرد تحصيل حاصل كأنك كنتي بتقولي لنفسك إللي أعرفه أحسن من إللي ماعرفوش لحد ما يجي الشخص المناسب . كنت متأكد دايما إن هيجي عليكي يوم و هترميني بس أنا بقي فوقت قبل ما تعلميها و سبقتك يا صفية . كنت مغفل .. بس خلاص صحيت من غفلتي.

صفية بصدmة كبيرة :

-هي دي كانت فكرتك عني ؟ . إنت كنت فاكرني وخداك للمنظرة .. ثم صرخت بغضب :

-كنت فاكرني ممكن أبص لحد غيرك و أنا خطيبتك ؟؟؟

صالح بغضب مماثل :

-دي حقيقة مفروغ منها بالنسبة لي . لو ماكنش ده تفكيرك إنتي فأنا متأكد إنه تفكير أبوكي . عمره ما أخد موضوعنا بجدية و دايما بيتعامل معاه بعدm إهتمام كأنه واثق إننا مش هنكمل مع بعض و بردو كنت دايما بحاول أقنع نفسي بالعكس بس دلوقتي خلاص . إللي أنا بقيت فيه خلاني أستخدm عقلي و أشوف الحقيقة زي ما هي منغير كدب و لا تزويق.

-يعني ده أخر كلام عندك ؟ .. تساءلت "صفية" بغموض ، ليرد "صالح" بثبات :

-أيوه يا صفية . أنا سيبتك و إحنا دلوقتي مش أكتر من ولاد عم . ده أخر كلام عندي.

أومأت "صفية" رأسها ، ثم إستدارت و مشت بمنتهي الهدوء نحو النافذة الزجاجية ..

-رايحة فين يا صفية ؟ .. سألها "صالح" بقلق ، لتكمل هي سيرها غير مبالية به

-صفية رايحة فيـــن ؟؟ .. كرر "صالح" سؤاله ثانيةً ، فأجابته ببرود و هي تمد يديها و تفتح النافذة علي مصراعيها :

-إنت بتقول إن كل حاجة بينا إنتهت . و إني إنتهيت بالنسبة لك .. يبقي لازم إنتهي فعلا يا صالح !

و صعدت علي الكرسي لتعتلي السور الرخامي ..

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

في الخارج ... يجلس "عثمان" في إنتظار "سمر" و هو يشعر بالملل الشـ.ـديد

كان ممسكا بكأس من الڤودكا الممتزجة بعصير الفواكه ، أخذ يتجرعه بفتور و عيناه مثبتتان علي باب الغرفة ..

-أخيـــــرا خرجتي يا بيبي ! .. قالها "عثمان" لحظة خروج "سمر" من الغرفة ، ثم قام و إتجه صوبها و هو يكمل :

-طولتي أووي . كنتي بتعملي إيه كل ده ؟

سمر بإرتباك و هي تتجنب النظر إليه :

-كنت بغسل وشي.

عثمان بدهشة :

-كل ده و كنتي بتغسلي وشك بس ؟ ده أن إفتكرتك بتاخدي شاور ! .. و لفت نظره أنها وضعت الحچاب مرة أخري ، ليقول بدهشة أكبر :

-الله ! لبستي الإيشارب تاني ليه ؟!

سمر بشئ من الإرتباك :

-أنا مش متعودة أقلع الحجاب قدام حد غريب.

عثمان و هو يبتسم بخبث :

-بس أنا مابقتش غريب بالنسبة لك يا سمر . أنا جوزك و إنتي مراتي . و لا ناسية ؟

لم ترد

لتزداد إبتسامته إتساعا و هو يقوم بنزع حچابها مرة أخري ..

-أيووه كده .. تمتم "عثمان" و هو يتأمل شعرها الفاحم الطويل بإعجاب ، ثم تابع :

-شعرك جميل أوي يا سمر . إنتي جميلة .. جميلة أووي .. و جاء ليقبلها ، فأبعدت وجهها بسرعة و هي تقول بإرتباك شـ.ـديد :

-أنا . أنا لسا . لسا مش مستعدة !

عثمان و هو يرفع حاجبه بسخرية :

-مش مستعدة لإيه ؟ هو أنا هديكي حقنة يا بيبي ؟ ده أنا هبوسك.

سمر بأعصاب تالفة :

-معلش . مش دلوقتي.

تنهد "عثمان" و قال :

-أووك . عشان خاطرك . نصبر شوية كمان .. ثم أكمل بنبرته الخبيثة :

-لسا قدامنا الليلة بحالها !

أجفلت "سمر" خائفة ، ليمسك هو برسغها و يشـ.ـدها خلفه قائلا :

-طيب تعالي نطلع فوق عشان نتغدا سوا . تحبي تاكلي الأول و لا نطلع باليخت الأول ؟؟

سمر بخفوت :

-إللي إنت شايفه !

-يبقي نطلع باليخت الأول . الأكل في وسط البحر بيبقي أمتع.

و أخذها علي سطع اليخت ..

أجلسها علي طاولة كبيرة مستديرة الحواف ، و ذهب هو إلي غرفة القيادة

و بعد قليل سمعت "سمر" صوت هدير المحركات و شعرت باليخت و هو يتحرك في الماء ..

فيما أظهر "عثمان" مهارة واضحة في القيادة ، حيث أقلع بروية و حرفية شـ.ـديدة في آن حتي تجاوز مياه المرسي ..

مضي مسرعا إلي الأمام ، و كان اليخت يندفع عبر الأمواج بينما إزداد شعور الخـ.ـو.ف لدي "سمر" و لكنه كان خـ.ـو.ف مختلف عن سابقه

فقد كانت تخشي السرعة التي يبحر بها و كانت تشعر بقليل من الدوار ، لكنها تماسكت و حاولت أن تركز علي أشياء أخري

نادها "عثمان" عنـ.ـد.ما إنطلق شرقا في البحر الواسع ، فقامت و ذهبت إليه ..

-تعالي يا سمر . تعالي بصي ! .. قالها "عثمان" بإبتسامة عريضة و هو يمسك بخصرها و يقربها منه ، لتضغط علي أسنانها بقوة و هي تحاول ألا تلتصق به قد إستطاعتها

-عمرك شوفتي كوبري ستانلي من تحت ؟ .. سألها "عثمان" و هو يشير لجسر الإسكندرية المشهور ، لتهز "سمر" رأسها نفيا و تقول :

-أنا عارفة الأماكن هنا و شوفتها من بعيد . بس عمري ما إتفسحت فيها.

عثمان بإستغراب :

-ليه كده ؟

سمر بإقتضاب :

-بابا الله يرحمه كان دايما مشغول و ماما طول عمرها بتخاف عليا و ماكنتش بخرج لوحدي . و هما الإتنين مالهمش في جو الفسح ده.

عثمان بتفهم :

-إممم فهمت . عموما و لا يهمك يا حبيبتي . أنا هاعوضك و هحققلك كل أحلامك .. ثم ألصق فمه بخدها يلثمه بعمق ، لتظهر علامـ.ـا.ت الأشمئزاز علي وجهها فورا و تجاهد و هي تحاول أن تداريها قبل أن يلاحظها

لكنه لاحظ شيئا أخر و قال بضيق شـ.ـديد :

-بردو لابسة الإيشارب ؟ لبستيه تاني ليـــــه ؟؟؟

سمر بنبرة مستهجنة :

-ألبسه طبعا . إحنا مش لوحدنا دلوقتي و أي حد حوالينا ممكن يشوفني.

عثمان بنفاذ صبر :

-ماشي يا سمر . علي راحتك.

مضي بعض الوقت و هو يتجول بها في إنحاء المدينة كلها ، و قد مرا علي مناطق عديدة كلها يفوح فيها عبق التاريخ

كـخليج أبي قير و سيدي جابر و قصر المنتزه الذي كان في القديم أحد القصور الملكية الفاخرة

وصولا إلي الأحياء الراقية بصورة عالية جدا ، و منها حي زيزينا الساحر ، و حي جليم الذي نشأ و كبر فيه ..

-شوفي يا سمر .. صاح "عثمان" و هو يشير لها بسبابته نحو قصر ضخم يعد تحفة فنية فريدة ، ثم أكمل بتفاخر :

-ده قصر البحيري . ده بيتي.

و نظر لها ليري ردة فعلها ، لتبتسم "سمر" بخفة و هي تسخر منه بشـ.ـدة في قرارة نفسها ..

مرت بضعة دقائق أخري ، راحت أنوار المدينة و البنايات الضخمة تتلاشي قليلا عنـ.ـد.ما أخذ "عثمان" يبتعد حتي توقف في منطقة بعيدة

و فجأة بات كل شئ هادئ و ساكن حولهما ، فقط أصوات الأمواج و حركة اليخت الخفيفة ..

-خلصنا لف ! .. قالها "عثمان" بإبتسامة ، و أردف :

-إيه رأيك ناكل بقي ؟ أنا موصي علي غدا هيعجبك أوي . هو أكيد برد بس لو حابة تسخنيه أنا ممكن أساعدك ماعنديش مانع.

سمر بتـ.ـو.تر :

-لأ . مش مهم . عادي أنا أصلا مش جعانة أوي.

-لا لا لا مافيش الكلام ده يا بيبي . هتاكلي معايا . يلآااا .. و جرها خلفه للخارج ، ليجلسا قبالة بعضهما علي الطاولة

و في الهواء الطلق ، أخذ "عثمان" يكشف عن الصحون المغطاة بالآواني الزجاجية

لتظهر أطباق كبيرة الحجم بها مختلف المأكولات البحرية بكافة أنواعها ..

-يلا كلي بقي .. قالها "عثمان" بضيق ، و أكمل :

-مابحبش آكل لوحدي !

أومأت برأسها موافقة

و أمسكت بالملعقة و كادت تقرب لها صحنا ، ليدق هاتفهها في هذه اللحظة ، فتخرجه من جيب ردائها الصوفي و تنظر لإسم المتصل ..

-مين بيتصل يا سمر ؟ .. سألها "عثمان" بفضول حين رآي علامـ.ـا.ت الذعر ترتسم علي وجهها

بينما وثبت من مكانها في الحال و ضغط زر الإجابة ، و ردت :

-أيوه يا فادي !

فادي بلطف :

-إيه يا حبيبتي . فينك دلوقتي ؟ وصلتي المستشفي ؟

سمر بإرتباك خفيف :

-أه يا حبيبي وصلت من بدري .. أومال أنت فين كده ؟!

-أنا في الجامعة . لسا الإمتحان فاضله ربع ساعة قاعد بقي براجع مع صحابي.

-ربنا يوفقك يا حبيبي و يجعلك الصعب سهل . إبقي طمني بقي لما تخرج.

فادي بحب :

-حاضر يا حبيبتي . إدعيلي إنتي بس و بوسيلي البت لوكا بوسة جـ.ـا.مدة أوي عشان وحشاني.

-ماشي يا حبيبي .. ماشي .. يلا .. مع السلامة.

و حالما أغلقت الخط ، تطلعت إلي "عثمان" و صاحت :

-نزلني !

عثمان بإستنكار :

-نعم ؟ قولتي إيه ؟!

سمر بجدية :

-قلت نزلني . أنا عايزة أرجع دلوقتي رجعني حالا.

عثمان بحدة :

-أرجعك إيه هو لعب عيال ! إهدي كده يا سمر و أقعدي مكانك . أنا مش فاهم إنتي جرالك إيه فجأة !!

صرخت فيه :

-نزلنــــي !

قام "عثمان" من مكانه و هو يقول بغضب شـ.ـديد :

-إهدي و وطي صوتك ده . في إيه ؟ حصل إيه لكل ده ؟؟؟

صرخت بقوة أكبر :

-نزلنـــــــــــــــــــــ ــي !

عثمان منفعلا :

-إنتي مـ.ـجـ.ـنو.نة أنزلك إزآاااي ! هو إحنا ماشيين عالكورنيش ؟ إحنا في عرض البحر !!

سمر بتهديد :

-لو مانزلتنيش هرمي نفسي في البحر.

عثمان بذهول :

-لأ إنتي إتجننتي فعلا .. ثم تحول فجأة و غمغم بحدة شـ.ـديدة :

-أو بتلاعبيني . بس مانصحكيش . إنتي مش أدي يا سمر !

نظرت له بخـ.ـو.ف ، لكنها قالت بتصميم :

-أنا عايزة أرجع . نبقي نتقابل مرة تانية بلاش إنهارد آا ..

-مافيش رجووع .. قاطعها بصرامة شـ.ـديدة ، و تابع بغضب :

-إنتي عايزة ترجعي في كلامك ؟

سمر بتردد :

-لـ لأ . بس ..

-بس إيه ؟ أنا قولتلك إني مابحبش الغـ.ـصـ.ـب . و عمري ما هجبرك علي حاجة .. ثم أكمل بمكر :

-بس لو رجعتي في كلامك أنا هزعل . و زعلي وحش أووي يا سمر .. مش عايزك تجربيه.

صمتت "سمر" أمام تهديده الصريح ..

هو محق ، بإستطاعته فعل الكثير .. إذا لم يؤذيها هي فربما يفعلها مع أخيها أو أختها ، و هي لن تتحمل ذلك

لن تتحمل ذلك أبدا !!

-قولتي إيه ؟ .. تساءل "عثمان" بنبرة هادئة للغاية ..

-لسا عايزة ترجعي ؟ أنا تحت أمرك.

أغمضت عيناها بشـ.ـدة و خرجت الإجابة من فمها تزخر بالقهر الشـ.ـديد :

-لأ .. مش عايزة أرجع !
_ غادر ! _

تصرفت بجنون مطلق ... عنـ.ـد.ما وقفت علي السور الزلق بحذائها ذي الكعب العالٍٍ غير آبهة بنداء "صالح" المتواصل ، فقد وجدت متعة شـ.ـديدة في ترويعه و إخافته

و كأنها ترد له ما فعله بها و لكن بطريقة أكثر قسوة ..

-إنزلــــــــــي يا مجنوووونة ! .. صاح "صالح" بعصبية للمرة العاشرة حتي الآن ، لتبتسم "صفية" بإستفزاز قائلة :

-مش هنزل يا صالح . إنت إللي حكمت عليا بكده . يبقي بتلومني و عايز تمنعني ليه ؟!

صالح و هو يزدرد ريقه بقلق :

-صافي من فضلك إنزلي . ماينفعش تهزري في حاجات زي دي . إنتي عارفة إحنا في الدور الكام ؟

أومأت "صفية" و هي تجيبه ببرود :

-أيوه عارفة . في الدور الـ20 !

صالح بإنفعال :

-يبقي بطلي جنان و إنزلي . إنزلي حالا . دلوقتي يا صافي.

صفية بعناد :

-لأ يا صالح . مش هنــــزل ريح نفسك . أنا قررت مصيري زي ما إنت قررت مصير علاقتنا بالظبط !

صالح بعصبية مفرطة :

-صفيـــــــــة بقولك إنزلــــي . إنزلــي دلوقتي مـ.ـا.تجننيش.

صفية بإبتسامة بـ.ـاردة :

-باي يا صالح !

و مدت ساقها للأمام ، ليصـ.ـر.خ "صالح" بقوة و هو يحاول النهوض من السرير :

-لأااااااااااااااااااا !

و بكل ما فيه من غضب و كره للعجز الذي أصابه ، تحرك بعنف

ليسقط من فوق السرير و هو يتآوه بآلم شـ.ـديد ..

-صالــــــــــح ! .. صرخت "صفية" بهلع و هي تنزل عن السور و تركض ناحيته

ركعت علي ركبيتيها بجواره و رفعت رأسه عن الأرض قائلة بخـ.ـو.ف :

-صالح حبيبي .. إنت كويس ؟ إنت كويس يا حبيبي ؟ رد عليا !

و إختنق صوتها فجأة حين ذرفت عيناها الدmـ.ـو.ع ، ليرد "صالح" بصوت متألم :

-إنتي مـ.ـجـ.ـنو.نة آااه . إيه إللي كنتي عايزة تعمليه ده ؟ حرآاام عليكي كنتي هتمـ.ـو.تيني.

صفية بإبتسامة ممزوجة بدmـ.ـو.عها :

-خفت عليا يا صلَّوحي ؟!

صالح بضيق :

-صلَّوحك إيه و هباب إيه بقي ؟ .. أنا كنت ناقص يا صفية ؟ جيتي تكملي عليا !

صفية بحـ.ـز.ن شـ.ـديد :

-أنا ماقدرتش أبعد عنك أكتر من كده . و كنت كل يوم بستناك تكلمني تقولي حشـ.ـتـ.ـيني و  تعالي أنا آسف .. بس ماكنتش بتتصل يا صالح . فصممت أجي و أوضع حد للسخافات بتاعتك دي.

صالح بحدة :

-تقومي تعرضي نفسك للخطر ؟ إنتي إتهبلتي ؟!

صفية بغضب :

-كنت عايزني أعملك إيه يعني ؟ كنت عايزني أثبتلك إزاي إني بحبك بجد ؟ إنت ظلمتني و رفضت تسمعني . أول مرة أشوفك قاسي بالشكل ده !

صالح بسخرية :

-بتتكلمي عن القسوة ؟ و إللي إنتي كنتي فيه معايا ده كان إسمه إيه ؟ ده إنتي عمرك ما بليتي ريقي بكلمة حلوة.

صفية بتبرير يشوبه بعض الإرتباك :

-آا إنت . إنت عارف . عارف إن أنا بتكسف و آا ..

-بتتكسفي ! .. هتف بدهشة و تابع :

-ليه أنا كنت بقولك كلام أبيح ؟ ده أنا طول عمري كنت حريص في التعامل معاكي و إنتي دايما كان إسلوبك واحد . النشفـــــــــان . عمرك ما قولتيلي كلمة حلوة يا صفية.

صفية بإنزعاج :

-خلاص بقي يا صالح . إنسي . إنسي عشان خاطري . و أنا أوعدك إني هتغير و هاهتم بيك أكتر بكتير من الأول.

صالح بجدية :

-الإهتمام مابيطلبش يا صافي . الإهتمام لازم يكون نابع من جواكي و لازم تكوني حباني عشان تقدري تاخدي بالك كويس و إنتي بتتعاملي معايا . ت عـ.ـر.في إيه إللي يجـ.ـر.حني و إيه يزعلني منك بجد.

صفية بصدق و نبرة حزينة :

-أنا بحبك.

تنهد "صالح" بثقل ، و قال :

-و للآسف أنا كمان لسا بحبك !

-للآسف ! .. غمغمت "صفية" و هي تضـ.ـر.به بخفة علي صدره ، ليبتسم نصف إبتسامة و هو يقول :

-أه للآسف . بجد كان نفسي أكرهك أوي و أبطل أحبك .. بس إكتشفت إن الحكاية مش بالسهولة دي أبدا يا صافي.

إبتسمت "صفية" بسعادة شـ.ـديدة ، ثم قالت و وجنتها تتوردان خجلا :

-و أنا إكتشفت إني مش بس بحبك . ده أنا طلعت بمـ.ـو.ت فيك و أنا مش واخدة بالي . كنت هتجنن بجد كنت هتجنن طول الأيام إللي إتخاصمنا فيها . لا كنت عارفة آكل و لا أشرب . حتي عنتر أهملته جدا و مابقتش أسأل فيه زي الأول.

صالح بضيق شـ.ـديد :

-ياااادي عنتر و سنين عنتر . أقسم بالله حاسس إن نهايتي هتكون علي إيده في يوم.

صفية و هي تضحك برقة :

-بعد الشر عنك يا قلبي . ده أنا أضـ.ـر.به بالنار لو بس حاول يخربشك.

صالح بعدm تصديق :

-بجد ؟ بجد يا صافي ؟ ممكن تضحي بعنتر عشاني.

-أيوه يا حبييي . حد قالك إن عنتر ده يبقي عمرو إبن أختي ؟ ده مجرد حـ.ـيو.ان بعطف عليه .. ثم قالت بجدية :

-المهم إن إنت سامحتني . مش كده يا صالح ؟!

صمت قصير ... ثم قال "صالح" بإبتسامة :

-مابعرفش أزعل منك أبدا.

صفية بإبتسامة حب :

-حبيبي يموووت فيك و الله . كده بقي أقدر أرجع أزورك كل يوم و إبقي معاك و إنت في جلسات العلاج.

تجهم "صالح" فجأة عنـ.ـد.ما جاءت علي ذكر العلاج ، لتكمل "صفية" بجدية ممزوجة باللطف :

-إنت أخدت وقت كتير أوي يا صالح . لازم تبدأ . عشان خاطري . بلاش تعاند . أنا واثقة و متأكدة إن ربنا هياخد بإيدك و هتتحسن و هترجع أحسن من الأول كمان.

-أنا مش عايز أتعلق بأي أمل يا صفية ! .. قالها "صالح" بلهجة حزينة للغاية ، و تابع :

-مش عايز أحلم بحاجة و أصحي في الأخر علي كابوس . أنا كده كويس.

صفية بإستنكار :

-إيه إللي إنت بتقوله ده ؟ كلامك ده ماينفعش علي فكرة و مش منطقي . ده إسمه إستسلام يا صالح و أنا مش هسمحلك تعمل كده .. ثم قالت بصرامة :

-إسمع . إنت هتتعالج و هتبقي كويس . و غـ.ـصـ.ـب عنك هكون فوق راسك ليل و نهار لحد ما تقف علي رجليك فاهم ؟

صالح بإبتسامة :

-فاهم.

و هنا دخل الطبيب ، ليجدهم علي هذا الوضع الغريب ..

-إيه ده يا صالح بيه ! حضرتك وصلت للأرض إزاي ؟؟؟؟

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في يخت "عثمان البحيري" ... تحديدا عند بنش البـار في الطابق الثاني

يدق هاتف "سمر" و هي تجلس مع "عثمان" في هذا المكان علي مضض ..

بينما يتآفف الأخير بضجر قائلا :

-و بعدين بقي في موبايلك ده ! من الصبح مابطلش رن !!

تجاهلته "سمر" و ردت بصوت هادئ :

-ألو يا فادي .. كويسة يا حبيبي .. أيوه . أيوه إتعشيت .. إنت أكلت و لا لسا ؟ .. هتلاقي الغدا في التلاجة عندك . في تاني رف علطول .. بالهنا و الشفا يا حبيبي .. إن شاء الله علي بكره الصبح .. لأ مش هتأخر .. هنفطر سوا بإذن الله .. ماشي يا حبيبي .. يلا تصبح علي خير.

-لازم تدي لأخوكي تقرير مفصل كل ساعة يعني ؟ .. تساءل "عثمان" بسخرية ، ثم شرب ما تبقي في كأسه دفعة واحدة

لتجيبه "سمر" و هي تشعر بالملل و الضيق الشـ.ـديد من رفقته المنفرة :

-أخويا و بيطمن عليا . حاجة ماضايقنيش.

عثمان بحدة :

-بس تضايقني أنا . أنا مش عارفة أتكلم معاكي كلمتين علي بعض من ساعة ما جينا . إقفلي الموبايل ده من فضلك.

سمر بإستنكار :

-مش هينفع لو فادي إتصل و لاقاه مقفول هيقلق و ممكن يعمل أي حاجة.

عثمان بغـ.ـيظ شـ.ـديد :

-يعني هنفضل كده طول الليل ؟ كل عشر دقايق ألاقي موبايلك بيرن ! بالشكل ده اليوم كله هيروح علي مافيش.

سمر بتـ.ـو.تر :

-هـ هو خلاص مش . مش هيتكلم تاني . لازم ينام بدري عشان عنده إمتحان الصبح.

تنهد "عثمان" و قال :

-يا مسهل . أما نشوف ! .. ثم أردف و هو يصب لها كأسا :

-يلا بقي إشربي معايا بقالي كتير بتحايل عليكي . إشربي مـ.ـا.تخافيش مش هيحصلك حاجة.

سمر بحدة :

-قولتلك مش هشرب خمرة . مستحيل أدوقها حتي.

عثمان و هو يحاول إقناعها :

-يا بيبي مـ.ـا.تبقيش خوافة كده . و بعدين الكاس مليان عصير و أنا يدوب حطيتلك شوية ڤودكا صغيرين . يلا بقي إشربي . صدقيني طعمه هيعجبك أوي.

سمر برفض قاطع :

-لأاااااا.

عثمان بضيق :

-طيب بلاش ده . هحطلك ليكور . ده مشروب خفيف و مناسب ليكي أوي مش هتسكري و الله مـ.ـا.تخافيش.

و هم ليصب لها من هذا المشروب ، لتصيح بحدة شـ.ـديدة :

-قلت مش هشرب خمـرة . مش هشـــــــــــــرب.

عثمان بنفاذ صبر :

-أووك .. براحتك يا سمر.

و أخذ الزجاجة ليملأ كأسه الفارغ و يشرب هو من دونها

لكنه لم يفرط في الشراب كثيرا حتي لا يثمل و تنتهي الليلة التي خطط لها قبل أن تبدأ ..

-أنا قولتلك قبل كده إني كنت متجوز صح ؟ .. قالها "عثمان" بتساؤل ، لترد "سمر" بإقتضاب :

-أيوه قولتلي.

عثمان و هو يلهو بكأسه :

-ممم .. بس لسا ماقولتلكيش أنا طلقتها ليه !

سمر و هي تهز كتفاها بعدm إكتراث :

-عادي . أنا مش مهتمة أعرف.

عثمان بإبتسامة خفيفة :

-بس أنا عايز أحكيلك.

صمتت "سمر" و لم ترد ..

ليبدأ "عثمان" روايته :

-چيچي .. چيچي الحداد . بـ.ـنت الحسب و النسب . أبويا هو إللي إخترهالي . قالي أبوها عنده نفوذ و جوازي منها هيضيف لعيلتنا كتيــــــر .. سمعت كلامه و خطبتها . 6 شهور و أنا معاها . ماحستش إني بحبها و لا إن في قابلية إني ممكن أحبها حتي . هي حلوة و كل حاجة . لكن أنا كنت قافل منها مش عارف ليه . بس برغم كده كملت معاها و قلت مش مهم الحب و خليني راجـ.ـل عملي أحسن .. بس إتفاجئت قبل فرحنا بإسبوع واحد إنها بتخوني . شوفتي جرأتها ؟ نامت في حـ.ـضـ.ـن عشيقها قبل فرحها بسبعتيام و كانت عايزة تنام في حـ.ـضـ.ـني أنا و هي فاكرة إنها إستغفلتني .. ثم قهقه فجأة ، و أكمل بإسلوبه الشيطاني :

-المشكلة إني إبن أبلسة أصلا و أنا عارف كده كويس عشان كده ماعرفتش تضحك عليا .. عارفة عملت فيها إيه يا سمر ؟

رمقته "سمر" بوجوم تام و قد إزداد رعـ.ـبها إزاءه ، ليكمل هو بإبتسامته الشريرة عنـ.ـد.ما أطالت في صمتها :

-صورتها و هي في حـ.ـضـ.ـن حبيب القلب . عندي ليها حتة cd يساوي مبلغ و قدره لو حبيت أستندل معاها أوي و أبيعه لأي منافس من منافسين أبوها هيجبلي ثروة في ساعة زمن مافيش غيرها.

-و إنت بجد ممكن تعمل حاجة زي دي ؟ .. تساءلت "سمر" بذهول شـ.ـديد

بينما زم "عثمان" شفتاه ، ثم قال بمكر :

-و الله كل شئ وارد . ممكن بنسبة 90% الـcd ده يطلع في يوم من الأيام !

سمر بعدm تصديق :

-بس دي كانت مراتك . و غير كده دي بـ.ـنت .. معقول هتآذيها بالطريقة دي ؟؟؟

عثمان بسخرية :

-دي واحدة خـ.ـا.ينة . تستاهل المـ.ـو.ت . آذيتي ليها بحاجة زي دي هتبقي أقل واجب ممكن أعمله معاها .. ثم غير مجري الحديث و قال مبتسما بخبث :

-خلاص بقي كفايانا كلام لحد كده . تعالي نطلع أوضتنا . عايزك ت عـ.ـر.في إنك أول واحدة تحط رجليها في اليخت ده .. هو عزيز جدا عليا . عشان كده مش أي حد ممكن يدخله !

و قبض علي يدها بقوة ، لتنتفض و هي تنظر له بخـ.ـو.ف ..

-إيه يا سمر ! خايفة ؟ .. سألها "عثمان" بمكر ، لترد بشئ التـ.ـو.تر :

-لأ . مش . مش خايفة !

-طب يلا . تعالي معايا.

و شـ.ـدها خلفه إلي غرفة النوم في الطابق العلوي

أغلق الباب و إلتفت إليها ..

بينما وقفت "سمر" مسلفة إليه ظهرها .. أعصابها مشـ.ـدودة تكاد تكون علي حافة الإنهيار ، و الغرفة شـ.ـديدة الدفء بعكس الجو العاصف بالبرودة في الخارج

لم تسمعه و هو يقترب منها ، لكنها شعرت بيداه و هما تحطان علي وسطها ..

فأحست أن كل عصب في جسدها صار مثل سلك كهربائي حي

إرتجفت بقوة ، ليطوقها هو بذراعيه و يلصق ظهرها بصدره قائلا بصوت متمهل :

-سمر .. مـ.ـا.تخافيش يا حبيبتي .. إنتي في إيد أمينة !

و مست شفتاه رقبتها ، تحت أذنها تماما ..

دغدغت أنفاسه الحارة عنقها ، فتململت قليلا محاولة الفكاك منه ، ليتركها هو بحركة مفاجئة و هو يقول بصوته العميق :

-يلا بقي .. إقلعــــــــي !

ضـ.ـر.بها الرعـ.ـب عند نطقه بها ، فإبتلعت ريقها بصوت مرتفع و هي تنظر له بذعر شـ.ـديد ..

-إيه مستنية إيه ؟

سمر بإرتباك و قد تسارع وجيب قلبها بسرعة ممـ.ـيـ.ـتة :

-آا أنا . أنا .. لأ . لأ مش . مش هقدر !

و راحت تهز رأسها سلبا بلا توقف ، ليقترب منها بخطوة و يمسك بوجهها قائلا بهدو :

-إهدي . إهدي يا حبيبتي . أنا معاكي أهو واحدة واحدة .. مش مستعجل.

و أمسك بسحاب ردائها و أنزله ، ثم قال بخفوت :

-يلا . كملي إنتي بقي.

حاولت "سمر" بصعوبة ... و لكنها لم تستطع !!!

-لأ .. صرخت برفض

ليتنهد "عثمان" بصبر ، ثم يقول بإقتراح :

-طيب .. عندي فكرة . أنا هطفي النور . تمام . و مش هفتحه خاااالص .. و إنتي خدي راحتك علي الأخر . بس ما طوليش أوك ؟ عشان أنا بمل و أنا لوحدي . إتفقنا ؟!

أومأت "سمر" ببطء

فذهب هو و أطفأ نور الغرفة ... ليسألها بعد خمسة دقائق بالضبط :

-ها .. خلصتي خلاص ؟

سمر بنبرة مهزوزة :

-لـ لـ. آ. ـ..ـسا لسـ.ا !

و بعد ثلاث دقائق إضافية :

-هاااااه ! .. لم يصدر عنها صوت

فإلتوي ثغره بإبتسامته الشيطانية ، ليغدرها و يضئ النور فجأة ، فينكشف له كل شئ ..

و هنا صرخت "سمر" ملء حنجرتها و هي تقول :

-يا كدااااااااااااااااااب . يا حيوااااااااان كدبت علياااااا كدبت عليااااااااااااااااا.

و أصابها الجنون و هي تحاول أن تستر ما ظهر منها دون فائدة ، فحاولت أن تشـ.ـد ملاءة السرير ، لكنه قبض علي ذراعيها و هو يقول بنعومة خبيثة :

-تؤ تؤ تؤ .. إوعي يا بيبي . إوعي تستخبي مني . إوووعـــــي !

ثم شـ.ـدها برفق و حزم في آن نحو الفراش الأكثر عمقا !!!!!
_ آثمة ! _

كانت الشمس حارة علي جلد ظهرها المكشوف فإيقظتها عند الصباح ... بل لعله قبل الظهر بقليل ، ليست متأكدة !

لكنها كانت متأكدة تماما من أشياء أخري ، مثلا كانت تعرف تماما أين هي ..

تلك الغرفة المتألقة بسريرها العريض الوثير مع شلال من ضوء الشمس اللامع يدخل من النافذة المفتوحة

لم تستطع أن تفتح عينها ..

فقد كانت تعيسة و مكـ.ـسورة فلم ترغب في زيادة الأمر .. ما كانت تسمع أي صوت غير صوت الأمواج في الخارج ، و صوت تنفسه الثقيل ، و صوت قلبها

بعد قليل وجدت أن التظاهر بالنوم ليس حلا جيدا للهروب من الواقع

يجب أن تستيقظ لترحل من هنا بسرعة ، لتعود إلي بيتها مجددا و تبتعد عنه ..

فتحت عيناها بتثاقل فكان أول ما شاهدته وجهه المشعر بلحيته الكستنائية

أطلقت شهقة مكتومة و هي تنظر له ، فرغم أنه كان نائم و قد بدا شكله مسالما تماما كالأطفال ، لكن مجرد رؤيته علي أي وضع أمر يبث الذعر فيها بقوة و خاصة بعد الليلة الماضية ..

إنزلقت بحذر من السرير ، لتجد قميصها القطني ملقي تحت رجليها تماما

أخذته و قامت بإرتدائه بسرعة ، ثم هـ.ـر.بت إلي المرحاض الملحق بالغرفة ..

وقفت تحت رذاذ المياه الساخنة لتستحم و تزيل آثاره الكريهة من عليها

و لكنها كانت تعلم جيدا أنها لن تستطيع محو أي شئ فعله هو أو فعلته هي من داخلها مهما حاولت ..

إنتهت من حمامها ، و راحت تنظر إلي جسدها في المرآة الكبيرة

بالطبع كانت الهالات السوداء تحيط بعيناها ، و بخلاف هذا كانت شفتاها متورمتين قليلا ، و كانت المنطقة بين رقبتها و صدرها مزينة ببقع من اللون الأحمر و البنفسجي ..

-يانهارد إسود ! .. تمتمت "سمر" بخـ.ـو.ف ممزوج بالتـ.ـو.تر الشـ.ـديد و هي تتلمس تلك البقع بأناملها

ماذا لو شاهدها "فادي" ! .. ماذا ستقول له ؟ .. كيف ستبرر ظهور علامـ.ـا.ت كهذه ؟؟؟

هو ليس غـ.ـبـ.ـي بالتأكيد ، و إذا لمح شيئا كهذا لن تنطلي عليه أي كذبة تختلقها و سيعرف فورا السبب و ينكشف كل شئ

تنهدت "سمر" بضيق و هي تشـ.ـد علي قبضتيها بقوة و تدعو في سرها ألا تزداد مصائبها أكثر من ذلك ، فإذا حدث شيئا أخر و لو صغيرا لن تتحمل أبدا .. ستنهار ..

إرتدت قميصها القطني مجددا و عادت إلي الغرفة

لتجده قد إستيقظ و يجلس مسترخيا في السرير يدخن سيكارته بفتور شـ.ـديد

إرتعشت و هي ترمقه بنظرة جانبية و بحركة غريزية أحاطت كتفيها العاريين بذراعيها ، ثم إنطلقت لتنقب عن بقية ملابسها وسط كومة الثياب المتناثرة فوق الأرض ..

-صباح الخير يا سمر ! .. قالها "عثمان" بصوت ناعم ، لترد "سمر" بإقتضاب :

-صباح الخير.

كان صوتها متحشرجا بعض الشئ ، فسألها بقلق مصطنع :

-مالك يا حبيبتي ؟ إنتي تعبانة و لا إيه ؟ إوعي تكوني أخدتي برد !

حمحمت "سمر" لتنظف حنجرتها ، ثم قالت :

-أنا كويسة.

و باشرت بإرتداء ملابسها علي عجالة ، بينما أطفأ "عثمان" السيكارة ، ثم قام بتكاسل و توجه صوبها ببطء

لتدير له ظهرها بسرعة و هي تغمض عيناها بشـ.ـدة متمنية ألا يضع يده عليها الآن

لا تريده أن يلمسها مجددا ..

لكن أملها قد خاب ، لأنه لمسها فعلا

أمسك بكتفيها ، و أقحم وجهه في شعرها المبتل الذي تفوح منه رائحة الصابون الفاخر ممتزجة برائحتها الطبيعية الطيبة ..

تنشق خليط العبير هذا بقوة ، ليشعر بالإنتشاء و يهمس في أذنها بعذوبة :

-ماعندكيش فكرة أنا إتبسطت أد إيه إمبـ.ـارح ! .. إنتي تجنني يا سمر . بجد عمري ما حسيت كده مع أي واحدة قبلك .. إطلبي مني إللي إنتي عايزاه . أي حاجة نفسك فيها هعملهالك . إحلمي.

سمر بإزدراء :

-ليه ده كله ؟!

عثمان و هو يسير بكفاه صعودا و هبوطا علي كتفيها بهدوء و رقة :

-إنتي إدتيني متعة ماكنتش أحلم بيها و نستيني الدنيا بحالها . نسيت معاكي حاجات كتيييير أوي . إنتي بقيتي حاجة Especially بالنسبة لي خلاص و أنا عايز أكافئك.

سمر و هي تذكره بجمود :

-علي فكرة أنا ماعملتش أي حاجة . إنت إللي عملت كل حاجة.

ضحك "عثمان" بخفة ، ثم قال بخبث:

-أيوه عارف . بس ده مايمنعش إنك جـ.ـا.مدة أووي بردو و تتاكلي من أي حتــــــــــة !

تنشجت "سمر" بعصبية و إلتفتت له و هي تقول بغضب شـ.ـديد :

-بقولك إيه ! مـ.ـا.تكلمنيش بالإسلوب ده تاني سامع ؟ أنا مابحبش كده و مابحبش أسمع كلام زي ده . إوعي تقولي كده تاني.

عثمان بإبتسامة مرحة :

-إيه يا بيبي حصل إيه بس ؟ هو أنا قلت حاجة وحشة ؟ ده أنا بمدحك !

سمر بإنفعال :

-مش عايزاك تمدحني.

عثمان بضحك :

-طيب طيب . خلاص مـ.ـا.تضيقيش هبقي أخد بالي من كلامي بعد كده .. ثم قال بجدية :

-يلا بقي معايا علي المطبخ عشان نعمل الفطار سوا أحسن أنا ميـــــــت من الجوووع.

و أمسك بيدها ليخرجا معا ، لكنها شـ.ـدتها منه بقوة و هي تقول :

-لأ مش هينفع . أنا لازم أرجع دلوقتي حالا . قلت لفادي إني هرجع بدري و هفطر معاه.

عثمان بإستنكار :

-ترجعي إيه ! إنتي فاكرة إننا هنرجع إنهاردة أصلا ؟ أنا عامل حسابي علي يومين !!

سمر بحدة :

-بس أنا مش عاملة حسابي و لازم أرجع بسرعة و إلا كل حاجة ممكن تتكشف.

عثمان بضيق :

-اففف بقي . كده ماينفعش خــــالص علي فكرة شوفي حل في قيودك دي أنا مابعرفش أصبر كتير.

لم ترد عليه ... فإستطرد بحنق :

-أوك هنرجع . بس إعملي حسابك المرة الجاية هتقضي معايا كام يوم مش بس يومين فاهمة ؟

حدجته بمقت شـ.ـديد ، ثم إبتعدت عنه و أخذت تكمل إرتداء ملابسها

بينما زفر هو بنفاذ صبر و ذهب ليرتدي ملابسه هو الأخر علي مضض ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل"بحيري" ... أخذ "مراد" يختبر شاحن هاتفهه المرة تلو المرة دون فائدة ، فقد إنتهي عمره الإفتراضي و أصبح تالفا

يتآفف بضيق ، ثم لا يجد بديل سوي "عثمان" ..

حتما لديه شاحن مثل هذا و لا مشكلة إذا إستعاره حتي يشتري واحد جديد

خرج "مراد" من الغرفة المخصصة له ، ثم ذهب إلي غرفة "عثمان"

فتح الباب ليجد "هالة" بالداخل ..

كانت متكئة علي سرير إبن عمها و ممسكة بقميصه تحتضنه بحب و تتشمه بهيام

إنتفضت حين إقتحم "مراد" الغرفة فجأة و بسرعة رمت القميص من يدها و قامت و هي لا تعرف كيف تبرر وضعها !!!

-هالة ! .. هتف "مراد" بدهشة ، و تابع :

-إنتي بتعملي إيه هنا ؟

هالة بإرتباك شـ.ـديد :

-آاا آا أنـ أنا كـ كنت بـ بدور علي عثمان . كنت عـ عايزاه في حاجة مهمة !

مراد بنبرة تشكك :

-عثمان مش هنا من إمبـ.ـارح.

كانت تعلم هذا ، لكنها لا تجهل سبب غيابه ، فتساءلت :

-أومال هو فين طيب ؟

مراد و هو يهز كتفاه بخفة :

-ماعرفش . مارضيش يقولي بس قالي راجع بعد يومين.

أومأت "هالة" بتفهم ، ثم قالت بإبتسامة متـ.ـو.ترة :

-أوك . أنا . أنا هروح علي أوضتي دلوقتي بقي و لما يرجع هبقي أشوفه !

و خرجت مسرعة ..

ليقطب "مراد" بإستغراب و يفكر بصوتٍ عالٍ :

-هو إيه إللي بيحصل ؟ .. هالة تيجي ليه لحد أوضة عثمان ؟ .. مـ.ـا.تكلموش في التليفون ليه مثلا ؟ و إتخضت ليه لما شافتني !!

ثم مط شفتاه بعدm إهتمام و مضي يبحث عما جاء من أجله ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••

علي رصيف المرسى ... يقف "عثمان" و يسلم مفاتيح اليخت للسائس "ناجي" ثم يأخذ "سمر" و يذهبا إلي حيث ترك سيارته

إستقلا بجانب بعضهما ، ليقلع "عثمان" بروية في بادئ الأمر ، ثم يزيد السرعة لتبلغ الحد الغير مسموح به قانونيا ..

-ممكن تهدي السرعة شوية من فضلك ! .. غمغمت "سمر" و هي تنظر بهلع إلي الطريق و السيارات التي تجري من جانبهم في إتجاه معاكس

بينما رد "عثمان" بإبتسامة عريضة :

-بتخافي من السرعة يا سمر ؟ دي أمتع حاجة في الدنيا و بتدي ثقة في النفس أوي.

سمر بنبرة مرتعشة :

-لو سمحت هدي السرعة !

كان الهواء يصفق وجهها بمدي سرعة السيارة و كانت عيناها تحترقان ، لكن رغم ذلك أبقتهما متسعتين

بينما ضحك "عثمان" منها ، ثم إمتثل لرغبتها في الأخير و قلل من سرعة السيارة إلي حد مناسب جدا ..

-هاه ! . كده معقول ؟ .. سألها بنبرة ودية ، لتومئ دون كلام و هي تتنفس الصعداء

بعد ذلك راقبت الطريق جيدا و لما إقترب "عثمان" من المنطقة التي تسكن بها ، صاحت :

-بـــس .. نزلني هنا.

عثمان بإستغراب :

-بس لسا شوية علي بيتك !

-ماينفعش حد يشوفنا مع بعض .. ثم قالت بتهكم مرير :

-الناس منغير حاجة بتتكلم.

تنهد "عثمان" و قال بإستسلام :

-أووك . إللي تشوفيه.

و ركن علي جانب الطريق ..

مدت "سمر" يدها لتفتح باب السيارة ، ليستوقفها "عثمان" فجأة :

-إستني يا سمر !

إلتفتت له متسائلة :

-إيه ؟

أخرج بعض النقود من چزدانه و مد لها يده قائلا :

-خدي دول.

نظرت للنقود بيده ثم له و قالت :

-إيه دول ؟!

عثمان بسخرية :

-إنتي شايفة إيه ؟ فلوس يا حبيبتي هيكونوا إيه يعني !!

-بمناسبة إيه الفلوس دي ؟؟

-منغير مناسبة . و بعدين أكيد هتحتاجيهم.

سمر بإبتسامة إستخفاف :

-وفر فلوسك . أنا مش محتاجاهم . بس لو إخواتي إحتاجوا حاجة أكيد هطلب منك.

زم "عثمان" شفتاه ، ثم قال بنفاذ صبر :

-إزاي مش محتاجة فلوس ؟ إنتي مابتبصيش في المراية و لا إيه ؟ بقي ده منظر بـ.ـنت ؟ خدي الفلوس و إنزلي إشتري هدوم لنفسك علي الأقل.

إبتلعت الإهانة بمرارة كبيرة ، لكنها نظرت له بغضب و قالت :

-أنا راضية عن منظري جدا و مش مضايقة و لازم تعرف كويس إني ماوطتش راسي ليك و وافقت أبيعلك نفسي غير عشان مصلحة إخواتي .. و أكملت بتحد :

-و عموما لو مش عاجبك إبعد عني أنا كده و هفضل طول عمري كده مش هتغير.

ثم نزلت من السيارة بسرعة تاركة إياه في حالة من الذهول و الغـ.ـيظ الشـ.ـديد ..

-مااااشي يا سمر .. غمغم من بين أسنانه المطبقة ، و أردف :

-و حياة أمي لأربيكي عشان تبقي تتحديني كويس بعد كده !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

مشت "سمر" في الشوارع مطأطأة رأسها ... كانت لديها رغبة شـ.ـديدة في البكاء ، لكنها قاومت و تماسكت بإعجوبة

لا يكفيه أنه ذلها و كـ.ـسرها و إستغل فقرها لرغباته القذرة ، إهانها قبل قليل أيضا و لم يهتم بمشاعرها ..

ليس عليه حرج كل حال .. هي المذنبة الأولي و الوحيدة في حق نفسها !

فتحت "سمر" باب شقتها ، لتجد "فادي" يرص أخر صحن من صحون الإفطار ..

-حبيبتي جيتي ؟ .. قالها "فادي" بإبتسامة ، لترد "سمر" بنفس الإبتسامة :

-أه جيت يا حبيبي .. ثم نظرت للطاولة و قالت بدهشة ممزوجة بالإعجاب :

-إيه ده مش معقول ! إنت إللي عملت الفطار ده و لا إيه ؟؟

أومأ "فادي" و هو يقول بحركة مسرحية :

-الشيف فادي تحت أمرك يا هانم . إتفضلي لو سمحتي.

سمر بضحك :

-أه يا مـ.ـجـ.ـنو.ن . أول مرة تعملها وريني إللي حضرته !

و ذهبت عنده لتري الأصناف التي قام بإعدادها ..

-بطاطس و جبنة بالطماطم و جبنة منغير طماطم .. و إيه ده ؟؟؟

فادي بحذاقة :

-ده يا ستي إختراع جبته من علي النت . بيتزا بتتعمل من البيض.

سمر بإستنكار :

-إيه ياخويا ؟!!

أجفل "فادي" و هو يرد :

-في إيه يا سمر أنا نقلتها بالنص . بيقولك نفس تحضيرات البيتزا بس بدل العجينة بيض.

-بيض !!

-أه بس مـ.ـا.تقلقيش أنا إتوصيت أوي في البيض و كـ.ـسرت يجي عشر بيضات مع بعض.

سمر و هي تنظر له بجزع :

-طيب ربنا يستر يا فادي . أنا هاكل معاك بس إدخل هتلنا من علي النت رقم الإسعاف بقي.

تلاشت إبتسامته ، ليقول بضيق :

-ده إنتي بجد بقيتي فصيلة . مافيش أي تشجيع خآاالص . ماكنش العشم و ربنا يا ريتني ما كنت تعبت نفسي.

سمر و هي تضحك بمرح :

-خلاص يا حبيبي . خلاص مـ.ـا.تزعلش و تسلم إيدك من قبل ما أدوق . أنا هدخل أغير هدومي أهو و هاجي أمسح الأطباق دي كلها مسح.

فادي بإبتسامة باهتة :

-ماشي ياختي سجديني بكلمتين .. ثم قال بجدية :

-قوليلي صحيح ملوكة عاملة إيه ؟ مابقتش كويسة ؟

سمر بشئ من التـ.ـو.تر :

-لأ يا حبيبي طبعا بقت كويسة الحمدلله عن الأول !

فادي بسرور :

-الحمدلله .. طيب الدكتور ماقالكيش ممكن تخرج إمتي ؟؟؟

-لسا قال هيشوف علي أخر الإسبوع .. ثم تهـ.ـر.بت من أسئلته بسرعة غير ملحوظة :

-أكلك ريحته طالعة و أنا جعانة أووي.

فادي بغرور مصطنع :

-أومال إيه يابـ.ـنتي إحنا بنلعب و لا إيه ؟ و لسا كمان لما تدوقي هتشكري فيا للصبح.

سمر و هي تضـ.ـر.به علي كتفه بخفة :

-ماشي ياخويا هنشوف . هدخل أغير هدومي بسرعة و راجعة.

و فرت إلي غرفتها متحججة بتبديل ملابسها .. علي الأقل ستختلي بنفسها عدة دقائق لتهدئ أعصابها تماما

لا يجب أن يلاحظ "فادي" أي شيء !!!!!!

يتبــــع ...
_ تودد ! _

في منزل "سمر" ... يجلس "فادي" علي طاولة الطعام في إنتظارها ، بينما تقف هي بالمطبخ تقوم بإعداد وجبة العشاء

-يلا بقي يا سيدي كُل و نضف معدتك من العك إللي عملتهولنا الصبح ! .. قالتها "سمر" و هي تضع علي الطاولة طبق المعجبنات اللذيذة

ليرد "فادي" بغـ.ـيظ و هو يتنشق الرائحة الشهية المنبعثة من الأطباق :

-و لما العك إللي عملته ماعجبكيش ياختي كلتي معايا ليه ؟!

سمر بإبتسامة ساخرة :

-كلت عشان مـ.ـا.تزعلش يا حبيبي لكن ربنا يستر و أعرف أنام إنهاردة . حاسة إن هايجيلي تلبك معوي !

فادي بإبتسامة صفراء :

-بقيتي ظريفة أوووي يا حبيبتي .. ثم أعترف علي مضض :

-هو الأكل كان في شوية عك و فعلا تعبني شخصيا . بس أنا حاسس العشا ده في الشفاء العاجل بإذن الله.

سمر بضحك :

-قليت شيخ يا واد و لا إيه . كُل طيب . كُل قبل ما الأكل يبرد.

و جلسا الشقيقين قبالة بعضهما يتناولان الطعام بشهية كبيرة ..

-ماقولتليش عملت إيه في إمتحانك إنهاردة ؟ .. تساءلت "سمر" وسط الطعام ، ليجيب "فادي" من خلال مضغه المستمر :

-الحمدلله . كان كويس . صحيح في تكات بس ماشي حاله.

سمر بقلق :

-يعني هتعدي من المادة دي و لا إيه ؟!

فادي بثقة :

-مـ.ـا.تقلقيش يا سمر أنا كنت مذاكر كويس و طبيعي تيجي أسئلة غير مباشرة يعني.

-طيب حليت الأسئلة دي ؟؟؟

-طبعا يابـ.ـنتي هو أنا مـ.ـجـ.ـنو.ن هسيب حاجة ! .. ثم قطب بإستغراب و هو يسألها :

-سمر .. إنتي من الصبح لابسة الطرحة ليه ؟ من ساعة ما جيتي ماقلعتيهاش !!

سمر بشئ من الإرتباك :

-عادي . مش عشان حاجة يا فادي بس . حاسة إني ممكن أدخل علي دور برد فبلحق نفسي . مـ.ـا.تنساش إني نمت برا البيت إمبـ.ـارح و أنا مش متعودة و كمان الدنيا برد أوي اليومين دول !

أومأ "فادي" بتفهم ، ثم قال بجدية :

-طيب يا حبيبتي خلي بالك من نفسك بقي و إبقي إقفلي شباك أوضتك كويس و إنتي نايمة . و لو عاوزة دوا أنزل أجبلك.

-لا لا يا حبيبي مافيش داعي أنا كويسة . أقعد إنت إستريح شوية بعد العشا عشان تعرف تذاكر بتركيز ساعتين كده و لا حاجة و بعدين تدخل تنام و إن شاء الله هبقي أصحيك الصبح بدري.

فادي مبتسما بسخرية :

-تصحيني الصبح بدري ؟ خلاص يا حبيبتي أنا بطلت أصحي بدري . إنهاردة كان أخر يوم في الإمتحانات !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل "بحيري" ... يشعر "عثمان" ببعض الخمول و الرغبة في الراحة بعد قضاء يوم شاق و ممتع في نفس الوقت بالنسبة له

يطلب إحضار وجبة العشاء إلي جناحه ، ثم يلج إلي حمامه الفاخر

ينزع ثيابه ، ثم ينزل في المغطس الساخن ( الچاكوزي ) و يجلس في إسترخاء و هدوء لمدة نصف ساعة

بعد ذلك يأخذ دوشا سريعا ، ثم يخرج و هو يرتدي ثوب الإستحمام السميك ..

-إيه ده ! إنت إيه إللي جابك هنا الساعة دي ؟ .. قالها "عثمان" بتساؤل و هو ينظر إلي "مراد" المدد علي السرير بأريحية شـ.ـديدة

-أعملك إيه ياخويا ؟ .. تمتم "مراد" بصوت متمهل ، و أكمل :

-أحوالك مش متظبطة اليومين دول و بقيت غامض أوي . ده أنا مش عارف أتلم عليك خالص يا راجـ.ـل !

عثمان بفتور وهو يجفف فورة رأسه بالمنشفة :

-غامض إيه و بتاع إيه بس ؟ بيتهئلك . بيتهئلك يا مراد.

-كنت فين إمبـ.ـارح يا عثمان ؟ .. سأله "مراد" مباشرةً ، ليرد "عثمان" ببرود :

-حاجة مـ.ـا.تخصكش يا مراد و قولتلك قبل كده.

قام "مراد" من مكانه و مشي ناحيته و هو يقول بعدm إرتياح :

-أنا مش مطمنلك يا عثمان . حاسس إنك بدبر حاجة مش كويسة أبدا !

عثمان بنفس البرود :

-بردو حاجة مـ.ـا.تخصكش يا مراد . أنا حر يا أخي إنت من إمتي كنت واصي عليا ؟!

مراد بجدية :

-أنا صاحبك و طبيعي تهمني مصلحتك.

عثمان بضيق ممزوج بالحدة :

-أنا عارف مصلحتي كويس مش مستني حد يعرفني.

مراد ببطء و هو يضيق عينيه بتركيز :

-عثمان .. إنت . كنت مع سمر ؟!

تفاجأ من تخمينه الدقيق ، لكنه تظاهر بالبلاهة و هو يصيح بإستنكار :

-إيه ؟ بتقول إيه ؟ و أنا هشوف سمر فين برا الشركة ؟؟؟

-إنت حاططها في دmاغك . مـ.ـا.تنكرش.

عثمان بضيق شـ.ـديد :

-طيب مش بنكر . بس أنا ماكنتش معاها . قولتلك ماكلمتهاش في حاجة أساسا.

-خالص ؟

عثمان بنفاذ صبر :

-خالص يا مراد زهقتني يابني في إيه ؟ و مهتم أووي بالموضوع ده كده ليه أفهم يعني ؟؟؟

مراد بإبتسامة نصر :

-مهتم عشان قولتلك البت دي كويسة و ماشية عدل و إنك مش هتعرف تميلها .. و أكمل بخبث :

-و كمان مهتم عشان الرهان يا حلو . و لا إنت نسيت وعدك ؟

عثمان بإبتسامته الشيطانية :

-لأ مش ناسي . حتة عربية مش هتآثر معايا يا مراد .. بكره الصبح لما تنزل الجراچ عم جابر السايس هيسلمك المفتاح .. ثم قال و هو يدير عيناه معبرا عن ضيقه :

-و يلا بقي هويني عايز أتعشا و أنام ورايا شغل الصبح !

مراد بحـ.ـز.ن مصطنع :

-بتطردني ؟ بتطردني يا صاحبي ؟ بقي دي أخرتها ؟!

-أه دي أخرتها و يلا بقي حل عنـــــــــي . كان يوم إسود يوم ما عزمت عليك تيجي تقعد هنا.

و أخذ يدفعه إلي الخارج وسط قهقهات "مراد" المرحة ..

-يا ساتر ! .. غمغم "عثمان" بإنزعاج شـ.ـديد و هو يغلق الباب ، و لكن سرعان ما تبدل مزاجه ليقول بإبتسامة ماكرة :

-قال ماشية عدل قال ؟ هههههههه و قال مش هعرف أميلها ! هههههههههههههههههههه !!

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

كانت تقف في ركن مظلم بالرواق الطويل ... تنتظر بصبر نافذ لحظة خروج "مراد" من عنده

و بعد أكثر من نصف ساعة ، خرج أخيرا ..

إختبأت "هالة" جيدا حين مر إزاءها و حبست أنفاسها لزيادة الأمان

و لما تأكدت أنه ذهب إلي غرفته ، إنسلت بحذر من مكانها ثم مشت علي أطراف أصابعها متوجهة إلي غرفة "عثمان" ..

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

كاد يضع أول لقمة بفمه ، حين سمع طرق خافت علي باب غرفته ..

عثمان و قد تحول ضيقه إلي حنق شـ.ـديد :

-و بعدين بقي في الليلة إللي مش فايتة دي ؟ مش مكتوبلي أتعشا يعني !!

و قام بغضب ، ثم ذهب ليفتح الباب ..

-هالة ! .. هتف بدهشة ، و تساءل :

-في حاجة يا هالة ؟

هالة بتـ.ـو.تر و نبرة خفيضة :

-ممكن أدخل ؟!

أجفل "عثمان" بإستغراب ، لكنه قال :

-إتفضلي !

و أفسح لها مجالا للدخول ، ثم أغلق الباب من خلفها ..

-خير يا هالة ؟ كنتي عايزة حاجة ؟؟

أخذت "هالة" نفسا عميق ، ثم إلتفتت له و رفعت عيناها ببطء حتي إلتقت بعينيه ..

-أنا بحبك ! .. رغما عنها ، خرجت منها هذه الكلمة بصدق و تلقائية شـ.ـديدة

هو يعرف ذلك منذ فترة طويلة جدا ، و لكنه لا ينكر الصدmة و الإرتباك الذي إنتابه لحظة نطقها بهذا ..

حمحم "عثمان" ثم قال بثبات ممزوج باللطف :

-حبيبتي و أنا كمان بحبك . إنتي عارفة كده كويس.

هالة و قد إلتمعت عيناها بحب :

-بجد ؟ بجد يا عثمان بتحبني ؟؟؟

عثمان بإبتسامة خفيفة :

-أيوه طبعا . إنتي بـ.ـنت عمي و بعدين زيك زي صافي بالظبط.

-صافي ! .. تمتمت "هالة" و قد تلاشت إبتسامتها تماما

عثمان بشئ من الإرتباك :

-أه يا حبيبتي . إنتي أصغر بنوتة في العيلة و أنا من زمان بعتبرك أختي الصغيرة . إنتي غالية عليا أووي يا هالة !

هالة بدmـ.ـو.ع :

-عثمان بقولك أنا بحبك . بحبك مش حب الاخوات لبعضهم . بحبك .. إنت حبيبي . عايزاك حبيبي مش أخويـ آا..

-هالة من فضلك .. قاطعها "عثمان" بحزم ، و أردف بجدية :

-أنا مقدر مشاعرك و صدقيني كنت أتمني لو ينفع . بس للآسف أنا مش مناسب ليكي خالص.

هالة بإندفاع :

-مين قالك كده ؟!

-إنتي عارفة أنا أكبر منك بأد إيه ؟ إنتي 19 سنة و أنا 30 .. الفرق بينا مش قليل . إنتي أختي الصغيرة زي ما قولتلك و بجد تستاهلي واحد أحسن مني.

هالة بآسي :

-بس أنا مش عايزة غيرك.

و سالت الدmـ.ـو.ع من عينيها بغزارة

ليعبس "عثمان" بضيق و يحاول إحتواء الموقف ..

إقترب منها و أمسك بكتفيها قائلا بهدوء :

-يا حبيبتي . Please مـ.ـا.تعيطيش . أنا ماحبش أزعلك طبعا بس الوضع فعلا صعب .. هالة صدقيني أنا مانفعكيـ ...

قاطعته بقبلة مفاجئة علي شفتاه ..

أبعدها "عثمان" و هو يقول بصدmة :

-إيه إللي عملتيه ده ؟ إنتي إتجننتي ؟!

هالة ببكاء حار :

-عثمان أنا بحبك .. بحبك أوووي . عشان خاطري إوعي تقولي ماينفعش إووعي ..

رمقها "عثمان" بتأثر ممزوج بالحيرة و قال :

-هالة لو سمحتي مـ.ـا.تصعبيش الوضع أكتر . مش هينفـ ..

قاطعته بقبلة أخري ..

بدأ يضعف أمامها و يتجاوب معها ، فهي "هالة" أولا و أخيرا ، الفتاة الجميلة الرقيقة و التي تملك سحرا خاص بها وحدها

لكنه بعد لحظات ، أبعدها عنه بعنف و قال بحدة :

-ماينفعـــــــــش . ماينفعش إللي بتعمليه ده . إنتي بـ.ـنت عمي ماقدرش أعمل معاكي كده !

هالة و هي تزيد في البكاء :

-أنا عايزاك . مش هقدر أعيش منغيرك أنا سيبت هنا و سافرت مع بابي لما خطبت چيچي . ماكنتش قادرة أتقبل فكرة إنك تبقي لغيري . بس لو سيبتك المرة دي همـ.ـو.ت . هموووت بجد يا عثمان .. إنت مش حاسس بيا ليه ؟ لو طلبت تتجوزني بابي مش هيقول حاجة صدقني هيوافق علطول . و أنا مش فارقة معايا حكاية السن دي . أنا هفضل طول عمري أحبك بنفس الدرجة و أكتر.

أعطاها "عثمان" ظهره و قال بصرامة شـ.ـديدة :

-إطلعي برا يا هالة . من فضلك إطلعي برا و مش عايز أشوفك هنا تاني.

نظرت له بقهر و عيناها لا تكفان عن ذرف الدmـ.ـو.ع ، ثم توجهت نحو الباب و خرجت بسرعة من غرفته و هي لا ترى أمامها ..

بينما نظر "عثمان" إلي عشاؤه الذي بهت من الإنتظار ، ثم قال بحنق شـ.ـديد :

-كأنهم حالفين إني مـ.ـا.تعشاش الليلة دي .. طب و ربنا ما أنا واكل !

و ذهب إلي فراشه لينام و يضع حدا لتلك الليلة العجيبة ...

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

في غرفة "فريال" ... تتحدث مع زوجها في الهاتف منذ وقت طويل ، لا تريد أن تغلق معه أبدا و كلما ينتهي حديث تفتح أخر

مما أثار إستغراب "يحيى" و قلقه في نفس الوقت ..

-فريال ! في حاجة يا حبيبتي ؟ في مشكلة عندك .. قالها "يحيى" بتساؤل مرتاب ، لترد "فريال" بنبرة شبه ثابتة :

-مافيش حاجة يا يحيى . إنت بس وحـ.ـشـ.ـتني أووي.

يحيى بحب :

-و إنتي كمان حشـ.ـتـ.ـيني و  جدا جدا جدا .. ثم قال بقلق :

-بس مش عارف حاسك مضايقة ليه ؟ لو حصل حاجة قوليلي !

تنهدت "فريال" بحرارة و حارت ماذا تقول له ؟!!

هل تقول له عما فعله أخيه ؟ هل تقول له أن حاول إنتهاك حرمة منزله ؟ هل تقول له أنه حاول خيانته أثناء غيبته ؟

لا بالطبع لن تقول ذلك أبدا ..

-حبيبي صدقني مافيش حاجة و الله ! .. تمتمت "فريال" بشئ من الضيق ، و أكملت :

-إنت وحـ.ـشـ.ـتني بس . أول مرة تبعد عني المدة دي كلها.

يحيى بضحك :

-مدة إيه يا فريال هو أنا لحقت ؟ دول كلهم كام يوم إللي سيبت فيهم البيت.

-إرجع بسرعة و خلاص . أنا مابعرفش أعيش من غيرك.

يحيى بحب شـ.ـديد :

-حاضر يا عمري . أوعدك هعمل المستحيل و هقصر المدة عشان خاطر عيونك !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

صباح يوم جديد ... تعود "سمر" إلي مؤسسة ( البحيري للتسوية و التجارة ) رغم شعورها ببعض التعب و أنها في حاجة لفترة راحة إضافية

لكنها لم ترغب أن يلاحظ "فادي" أي شئ خاطئ فيها ، ففضلت الإتيان إلي هنا علي أن تبقي معه في المنزل طوال النهار و الليل بعد إنتهت إمتحاناته ..

يرن جرس مكتبها ، فتأخذ الملفات التي طلبها "عثمان" و تقوم و تذهب إلي مكتبه

تطرق الباب مرتين ، ثم تدخل و تمشي ناحيته بخطوات ثابتة ..

-إتفضل ! .. قالتها "سمر" و هي تضع الملفات أمامه علي سطح المكتب ، ليرفع "عثمان" حاجبيه بدهشة و يقول :

-بجد مش فاهمك ! .. قولتلك طول ما إحنا لوحدنا مـ.ـا.تعملنيش برسمية . خدي راحتك.

سمر بإزدراء و هي تتحاشي النظر إليه :

-هو أنا قلت حاجة غلط يعني ؟ إتفضل بقت كلمة وحشة و أنا ماعرفش ؟!

ضحك "عثمان" بخفة و رد :

-لأ يا سمر . إتفضل مابقتش كلمة وحشة و لا حاجة.

ثم فتح الملفات و أخذ بعض العقود منها ، لتتحول ملامحه إلي جدية و هو يقول :

-العقود دي متأخرة ليه ؟ ماجتليش قبل كده ليه ؟؟

سمر بجدية مماثلة :

-حضرتك ماكنتش فاضي الفترة إللي فاتت . كنت مشغول في الصفقة الألمانية و بعدين .. بترت عبـ.ـارتها فجأة ، ثم تنفست بعمق و أكملت :

-و بعدين أنا خدت أجازة كام يوم و نجلاء مسكت مكاني و حضرتك كمان خدت من أول إمبـ.ـارح أجازة . عشان كده العقود وصلتلك متأخر.

أومأ "عثمان" بتفهم ، ثم قال بصرامة :

-طيب بعد كده يا سمر أي عقود تطبعيها ترجعيهالي فورا مـ.ـا.تخليهاش عندك . أنا مابحبش شغلي يتأخر.

-حاضر.

أمسك "عثمان" بقلمه و نقش إمضته الأنيقة علي العقود ، ثم أغلق الملف عليهم ثانيةً و قال و هو يرجعه إلي "سمر" :

-تبعتي منهم نسخة للطرف التاني و تقوليلهم إننا جاهزين و تتابعي معاهم بنفسك لحد ما يتحدد ميعاد وصول البضاعة.

-حاجة تاني .. تساءلت "سمر" بلهجة فاترة ، ليومئ "عثمان" قائلا :

-أيوه . لحظة بس !

و فتح أحد أدراج المكتب و أخرج زجاجة تحوي كبسولات علاجية ..

-خدي ! .. قالها "عثمان" و هو يمد لها يده بالزجاجة ، لتقطب متسائلة بإستغراب :

-إيه دي ؟

عثمان بجدية :

-دي حبوب منع الحمل نسيت أديهملك و إحنا في اليخت . هتبتدي تاخديهم من المرة الجاية . خلي بالك بقي و إوعي تنسي مالكيش حجة أهو . لو جيتي في يوم تقوليلي أنا حامل هقولك و لا أعرفك.

شعرت "سمر" بغصة مريرة بحلقها ، فإبتلعت ريقها بصعوبة لترد عليه بسرعة ..

سمر بإنفعال ممزوج بالغضب :

-و إنت فاكرني همـ.ـو.ت و أخلف منك ؟ إنت مش حاسس إني ضاغطة علي نفسي عشان أقدر أستمر في القرف ده معاك !

صر "عثمان" علي أسنانه بغضب شـ.ـديد ، و قال ضاغطا علي الأحرف :

-منغير قلة أدب يا سمر . إحنا كده متفقين يبقي تاخدي مني من سكات و حسك عينك صوتك ده يعلا عليا تاني .. فاهمة ؟

رمقته بنظرات عنيفة جدا ، ثم إلتفتت و غادرت مكتبه دون أن تأخذ منه تلك العقاقير التي تكمل خطته الدقيقة ..

بل خطته القذرة التي أقحمت فيها نفسها بنفسها !!!

يتبـــــــع ...
_ غضب ! _

يمر إسبوع ... لم يطرأ فيه أي تغيير يذكر لدي أي فرد

حتي جاء يوم العلاج الأول ..

كانت لديه قوة كافية تجعله قادرا علي الإستلقاء هناك ، من غير حراك ، قادرا علي أن يستلقي حتي يتحمل هذا العـ.ـذ.اب كله .. لحظة واحدة و جاء التغير الوحيد فجأة

بشكل غير معقول .. تضاعف الآلم

شبت النار فجأة في النصف الأسفل من جسده ، النصف الذي كان مـ.ـيـ.ـتا منذ الحادث

أحس عظاما مكـ.ـسورة تتخبط تحت أصابع اللهب الكاوية و التي ما كانت سوي يدي طبيب العلاج الطبيعي المتمرس و الماهر في تخصصه ..

-آاااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااه . آاااااااااااااااااااااااا ه .. هكذا كان صراخ "صالح" يدوي عاليا ليتردد صداه عبر أركان المشفي بأكملها من أعلاها إلي أسفلها

بينما تأذت مشاعر "صفية" كثيرا لرؤيته يعاني بهذا القدر ، فإقتربت من السرير الذي كان يستلقي فوقه علي وجهه و تحدثت إلي الطبيب ..

صفية بنبرة مهزوزة :

-يا دكتور ! .. من فضلك بالراحة عليه . هو إيه إللي بيجراله بالظبط ؟؟؟

الطبيب و هو يستمر في عمله غير عابئ بصراخ "صالح" المتواصل :

-في أجزاء لسا حيوية في جـ.ـسمه عشان كده بيتألم لحد ما المنطقة دي تتعالج صح و الكسور تلحم إن شاء الله الآلم ده هيقل تدريجيا.

-صآااااااااااافي ! .. إنتفضت "صفية" حين نادي عليها ، و ردت بسرعة :

-نعم . نعم يا حبيبي ؟

صالح بأنين حاد :

-إممممم خلي الزفت ده يبعد عني . مش قآاااادر كفآاااية كدآااااااااا.

صفية بدmـ.ـو.ع و هي تمسد علي شعره بحنان :

-معلش يا حبيبي . معلش إستحمل شوية كمان عشان خاطري.

ثم نظرت إلي الطبيب بإستعطاف ليخفف الآلم عن "صالح" قليلا

و لكن الحريق المستعر راح يمضي بلا نهاية بفضل إصرار الطبيب علي إتمام الجلسة كاملة مكتملة رغم أنف مريـ.ـضه العدواني ..

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في منزل "سمر" ... تعيش الأسرة الصغيرة حالة فرح و بهجة شـ.ـديدة

فاليوم أخيرا عادت الصغيرة "ملك" معافاة و صحيحة تماما ..

-فادي ! إوعي هاتها . قولتلك 100 مرة مـ.ـا.تبوسهاش من بؤها .. قالتها "سمر" موبخة أخيها و هي تحاول إنتزاع "ملك" من بين ذراعيه

بينما ضحك "فادي" و هو يتمسك بالطفلة أكتر ، ثم قال :

-في إيه يا سمر ؟ دي أختي الصغيرة و غايبة عني بقالها كتير . وحـ.ـشـ.ـتني !

سمر بغضب :

-وحشتك ماشي بس مـ.ـا.تبوسهاش من بؤها مـ.ـا.تبوسهاش أصلا. الدكتور منبه علي كده إحنا مش ناقصين تتعب تاني.

فادي بضيق :

-هو أنا مرض يعني يا سمر ؟

تنهدت "سمر" و قالت بلطف :

-لأ يا حبيبي مش مرض . بس هي عندها المناعة ضعيفة و بتتأثر بأي حاجة ما إنت عارف.

-ماشي ياستي . مش هبوسها من بؤها تاني مش هبوسها خالص عشان خاطرك . حلو كده ؟

سمر بإبتسامة :

-حلو . إيوه إنت كده شطوور .. هاتها بقي !

-أمرك يا حبيبتي . إتفضليها أهيه .. و قبل أن يضع الصغيرة بين ذراعيها سرق من وجنتها المكتنزة قبلة عميقة ليغـ.ـيظ شقيقته الكبري

و بالفعل إستشاطت "سمر" غضبا و هي تضـ.ـر.به علي كتفه بقوة :

-قولتلك مـ.ـا.تبوسهاش . مـ.ـا.تبوسهآااش مابتفهمش !!

قهقه "فادي" بمرح و هو يقول :

-أنا هنزل أجيبلها الدوا و اللبن بتاعها و بالمرة هشتري قالب كيك عشان نحتفل باليوم السعيد ده.

و ذهب "فادي" ..

لتنفرد "سمر" بشقيقتها أخيرا

لم تستطع رفع عيناها عنها .. فقد إفتقدتها كثيرا ، و قد كانت رائعة ، في أحسن صحة

كان جلدها الأبيض الرقيق يتوهج كأن فيه نورا ، و كان لون خديها ورديا علي خلفية ذلك النور

كان طول جسدها قد زاد قليلا ، و صارت أنحف بقليل ، أما خصلات شعرها فصارت أطول بميليمترات قليلة ..

لم تصدق "سمر" حتي الآن أنها شفيت و عادت إليها ، لقد كانت قاب قوسين أو أدني من المـ.ـو.ت ، و لكن من يراها الآن لا يصدق ما كانت عليه قبل ثلاث أسابيع

كان التحسن واضح جدا ..

و لكن .. هذا كله بفضل من ؟؟؟

-أنا آسفة يا حبيبتي .. تمتمت "سمر" بحـ.ـز.ن شـ.ـديد و هي تضم أختها برفق ، و أكملت :

-ماكنش نفسي أعالجك بفلوسه . ماكنتش أتمني و لا حاجة من دي تحصل .. الظروف كلها كانت ضدي و الأبواب إتقفلت في وشي قبل حتي ما أدق عليها . بس أنا عملت كل ده عشانك . إنتي أغلي مني بالنسبة لي . إنتي بـ.ـنتي مش أختي !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل"بحيري" ... لم يري "رفعت" إبـ.ـنته منذ عدة أيام و كلما سأل عنها يقولون بغرفتها ، حتي لم تعد تشاركهم وجبات الطعام

يقرر "رفعت" التحقق من الأمر بنفسه ، فيصعد إلي غرفتها ، لكنه يقابل زوجة أخيه في منتصف الدرج ..

-فريال إستني لو سمحتي ! .. قالها "يحيى" بسرعة حين إستدارت "فريال" لتهرب لما رأته

توقفت "فريال" بمكانها ، بينما إقترب منها و هو يقول بهدوء :

-إنتي بتتهربي مني ليه يا فريال ؟ بقالك إسبوع علي كده و حابسة نفسك في أوضـ آا ..

-رفعت ! .. صاحت "فريال" بحدة ، و تابعت :

-من فضلك تخلي بالك من كلامك . أنا مش بتهرب منك هتهرب منك ليه ؟ هو حصل حاجة بينا لا سمح الله ؟!

رفعت بخجل :

-أنا مش عارف أنا قلتلك الكلام ده إزاي ! بجد مش عارف . أنا آسف يا فريال.

إلتفتت له و قالت بجدية ممزوجة بالصرامة :

-أنا مش زعلانة منك يا رفعت . أنا عارفة طبعا إنك ماكنتش قاصد تقول كده و إلا ماكنتش سكت و كان زمان يحيى عنده خبر !

حمحم "رفعت" بتـ.ـو.تر ، لتكمل "فريال" بنفس الإسلوب :

-إنت أخو جوزي . يعني في مقام أخويا . و يحيى بيثق فيك ثقة مالهاش حدود عشان كده سايبلك كل حاجة و مسافر و هو مطمن .. بيته . شغله . ولاده . مراتــــــــه !

و شـ.ـددت علي الكلمة الأخيرة ..

-طبعا . طبعا يا فريال .. تمتم "رفعت" بإرتباك ، و أردف :

-أنا هنا مكان أخويا فعلا . و كل إللي يخصه في رقبتي لحد ما يرجع إن شاء الله .. ثم قال بإقتضاب :

-عن أذنك . طالع أشوف هالة.

و فر من أمامها بسرعة حتي قبل أن يسمع الرد ..

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°

في غرفة "هالة" ... كانت مستيقظة حين سمعت الطرق علي باب غرفتها

لكنها تظاهرت بالنوم و شـ.ـدت الغطاء عليها أكثر ..

ليدخل "رفعت" عنـ.ـد.ما لا يسمع أذنا .. يجد الغرفة غارقة في ظلام دامس ، فيتجه صوب الشرفة العريضة

يزيح الستائر ، ليتسلل الضوء الذهبي و يملأ الغرفة

أغمضت "هالة" عيناها بإنزعاج ، و بعد لحظات شعرت بوالدها يجلس علي طرف السرير بجانبها ..

-هالة ! .. حبيبتي . هالة .. إيه النوم ده كله يابـ.ـنتي . هآاالة .. أخذ "رفعت" يحاول إيقاظها و هو لا يعلم أنها مستيقظة بالفعل

بينما تململت "هالة" في فراشها و تمتمت أخيرا و هي تتصنع نبرة النوم :

-بابي !

رفعت بإبتسامة و هو يمسح علي شعرها:

-حبيبة بابي . إيه يا قمر . كل ده نوم ؟ و بعدين بقالي أد ماشوفتكيش ؟ غطسانة في أوضتك ليل و نهار ليه ؟؟؟

هالة بوجوم :

-هعمل إيه يعني ؟ مافيش حاجة أخرجلها.

رفعت بإستغراب :

-إيه النغمة الجديدة دي ؟ معقول هالة إللي بتتكلم ؟ ده مافيش حد أدك بيحب الفسح و الخروج !!

هالة بسخرية :

-كان زمان.

رفعت بدهشة :

-كان زمان ! إيه يابـ.ـنتي مالك ؟ في حاجة حصلت ؟ حد هنا ضايقك ؟ حد عملك حاجة ؟؟؟

هالة بإبتسامة خالية من الروح :

-إطمن يا بابي . مافيش حاجة . أنا كويسة.

رفعت بشك :

-مش مصدقك ! .. و بعدين إنتي شكلك بقي عامل كده ليه ؟ و خسيتي أووي كده ليه ؟؟؟

هالة بضيق :

-قولتلك مافيش حاجة يا بابي . Please ماضايقنيش.

رفعت بعدm إقتناع :

-أوك . خلاص مش هضغط عليكي يا حبيبتي .. ثم تنهد و قال :

-طيب قومي . قومي و تعالي نخرج سوا . تعالي نروح نشوف صالح أو لو عايزة أفسحك !

هالة بكآبة :

-لأ مش عايزة . مرة تانية يا بابي . مش قادرة أخرج إنهاردة.

رفعت بنفاذ صبر :

-طيب قومي إنزلي إفطري إعملي أي حاجة بس إخرجي من أوضتك دي.

هالة بخفوت :

-حاضر.

تنفس "رفعت" بعمق و هو يرمقها بنظرات حائرة ، ثم قام و مشي صوب الباب .. لتستوقفه إبـ.ـنته فجأة :

-بابي !

إلتفت لها "رفعت" متسائلا :

-نعم يا هالة ؟

صمت قصير .. ثم قالت "هالة" بثبات :

-هو أنا وحشة يا بابي ؟!

رفعت بدهشة :

-وحشة ؟ .. لأ طبعا . مين إللي قالك كده ؟؟؟

إزدردت ريقها بتـ.ـو.تر و قالت :

-محدش . بس . بس بسألك !

رفعت بجدية :

-إنتي أجمل بنوتة في الدنيا كلها يا حبيبتي .. ثم سألها للمرة الأخيرة :

-هالة .. إنتي كويسة ؟

هالة بإبتسامة شاحبة :

-كويسة يا بابي.

-Sure ?

-Sure !

ما زال غير مقتنع بأقوالها ، لكنه إستسلم و تركها و خرج في الأخير ..

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

إنتهت "سمر" من تحضير الغداء لشقيقها ، كما قامت بإعداد وجبات طعام لـ"ملك" تكفيها طوال اليوم

بدلت ملابسها ، ثم خرجت و سلمت أختها إلي "فادي" و هي تقول :

-أمسك يا فادي . أنا همشي بقي . خلي بالك من ملك لحد ما أجي.

فادي و هو يركز إهتمامه علي المبـ.ـاراة التي يتابعها علي التلفاز :

-ماشية متأخر إنهاردة يعني يا سمر !

سمر و هي تضبط الحچاب فوق رأسها :

-مش روحت أجيب ملك من المركز و عملت كذا حاجة مع بعض ! .. ثم قالت بعدm إهتمام :

-و بعدين عادي أنا واخدة إذن.

-طيب مـ.ـا.تتأخريش بقي عشان الإحتفال بتاع بليل . لو إتأخرتي هبدأ أنا و لوكا منغيرك.

ضحكت "سمر" بخفة و قالت :

-ماشي ياسيدي مش هتأخر هخلص شغلي بسرعة و هرجع .. ثم أكملت بتحذير :

-و إوعي تستغفلني و أنا مش موجودة و تقعد تبوس في ملك . هعرف !

أومأ "فادي" دون كلام و عيناه مصوبتان علي شاشة التلفاز ، لتنحني "سمر" و تطبع قبلة خفيفة علي شعر "ملك" ثم تأخذ حقيبتها و تغادر المنزل ..

تستقل سيارة آجرة من مقدmة الشارع الرئيسي .. تصل إلي مقر عملها خلال وقت قصير ، ثم تصعد إلي مكتبها المرفق بمكتب المدير ..

-إنتي فييييييييين يا سمر ؟ .. قالتها "نجلاء" و هي تهرول صوبها ، و أكملت بخـ.ـو.ف :

-إتأخرتي كده ليه يابـ.ـنتي ؟ مستر عثمان قالب عليكي الدنيا !

سمر ببراءة :

-أنا كنت مشغولة أوي إنهاردة يا نجلاء . نسيت أقوله إني هتأخر إنهاردة.

-ما هو إتصل بيكي و أنا كمان حاولت بس ماكنتيش بتردي.

تفقدت "سمر" هاتفهها الذي تعمدت ضبطه علي وضع الصامت ..

-آاااه فعلا ! .. هتفت "سمر" بدهشة مصطنعة ، و أردفت :

-ده الموبايل كان صامت و ماسمعتوش . و لو إن مش فاكرة إني كنت عملاه صامت !!

نجلاء بتـ.ـو.تر :

-طيب إدخليله . إدخليله دلوقتي حالا أحسن ده شايط عالأخر . أقسم بالله كنت خايفة يرفدني إنهاردة من كتر عصبيته.

إبتسمت "سمر" و هي تقول ببرود :

-حاضر . حاضر يا نجلاء .. هدخل !
_ ﺗﺮﺍﺟﻊ ! _
ﺗﺪﺧﻞ " ﺳﻤﺮ " ﺇﻟﻲ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ... ﺗﻘﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﺑﺮﻭﺩﺓ ﺃﻋﺼﺎﺏ ، ﺗﺘﻘﺼﺪ ﺍﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺃﻣﺎﻣﻪ
ﻓﻘﺪ ﺗﻤﺖ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻘﺪﺍﻫﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺎ ، ﻭ ﻫﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺒﺎﻟﻲ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻵﻥ ..
- ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻳﺎﻓﻨﺪﻡ ! .. ﺣﻴﺘﻪ " ﺳﻤﺮ " ﺑﻔﺘﻮﺭ ، ﻭ ﺗﺎﺑﻌﺖ :
- ﻧﺠﻼﺀ ﻗﺎﻟﺖ ﺇﻧﻚ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻠﻴﺎ ﻛﺘﻴﺮ . ﺃﻧﺎ ﺁﺳﻔﺔ ﺇﻧﻲ ﺇﺗﺄﺧﺮﺕ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﺓ ﺑﺲ ﻛﻨﺖ ﻣﻀﻄﺮﺓ . ﺍﻟﺼﺒﺢ ﺭﻭﺣﺖ ﺃﺟﻴﺐ ﺃﺧﺘﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ .
ﺯﻣﺠﺮ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " .. ﺃﻃﻠﻖ ﺻﻮﺗﺎ ﻣﻔﺎﺟﺌﺎ ﻣﺮﻋﺒﺎ .. ﻭ ﺗﺠﻤﻊ ﻏﻀﺐ ﺃﺳﻮﺩ ﻭﺟﻬﻪ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﺴﺤﺐ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ..
- ﺇﻧﺘﻲ ﻋﺎﺭﻓﺔ ﺃﻧﺎ ﻛﻠﻤﺘﻚ ﻛﺎﻡ ﻣﺮﺓ ﻣﻦ ﺇﻣﺒﺎﺭﺡ ﻟﻠﻨﻬﺎﺭﺩﺓ ؟ .. ﺳﺄﻟﻬﺎ ﺑﻨﺒﺮﺓ ﻫﺎﺩﺋﺔ ﺗﺸﻲ ﺑﺤﻠﻮﻝ ﻏﻀﺒﻪ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ
ﺳﻤﺮ ﺑﺒﺮﺍﺀﺓ :
- ﻛﺎﻥ silent ﻭ ﻣﺎﺳﻤﻌﺘﻮﺵ !
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺈﺳﺘﻬﺠﺎﻥ :
- ﻭ ﺍﻟﻠﻪ ! ﻭ ﺩﻩ ﻣﻦ ﺇﻣﺘﻲ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ؟ ﻣﻦ ﺇﻣﺘﻲ ﺑﺘﺼﻞ ﺑﻴﻜﻲ ﻭ ﻣﺎﺑﺘﺴﻤﻌﻴﺶ ؟ !
ﺳﻤﺮ ﺑﺒﺮﻭﺩ :
- ﺃﻫﻮ ﺇﻟﻠﻲ ﺣﺼﻞ ﻳﺎﻓﻨﺪﻡ . ﺃﻋﻤﻞ ﺇﻳﻪ ﻳﻌﻨﻲ ؟
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻭﺛﺐ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻭ ﻣﺸﻲ ﻧﺎﺣﻴﺘﻬﺎ ﻭ ﺍﻟﺸﺮﺭ ﻳﺘﻄﺎﻳﺮ ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻴﻪ ..
- ﺇﻧﺘﻲ ﺑﻘﺎﻟﻚ ﺇﺳﺒﻮﻉ ﺳﺎﻳﻘﺔ ﺍﻟﻌﻮﺝ ! .. ﻗﺎﻟﻬﺎ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﺤﻨﻖ ﺷﺪﻳﺪ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻘﺒﺾ ﻋﻠﻲ ﺫﺭﺍﻋﻬﺎ ﻭ ﻳﻠﻮﻳﻪ ﺑﻘﻮﺓ ﺧﻠﻒ ﻇﻬﺮﻫﺎ
ﺳﻤﺮ ﺑﺄﻟﻢ :
- ﺁﺍﺍﻩ ﺁﻩ ﺁﺍﻩ . ﺇﻳﻪ ﺇﻟﻠﻲ ﺑﺘﻌﻤﻠﻪ ﺩﻩ ؟ ﺃﻧﺎ ﻋﻤﻠﺘﻠﻚ ﺇﻳﻪ ﺳﻴﺐ ﺇﻳﺪﻱ !
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻐﻀﺐ :
- ﺇﻧﺘﻲ ﺑﺘﻠﻌﺒﻲ ﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ . ﻭ ﺇﻭﻋﻲ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻓﺎﻛﺮﺍﻧﻲ ﻣﺶ ﻭﺍﺧﺪ ﺑﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﻭﺵ ﺍﻟﺒﺮﻭﺩ ﺇﻟﻠﻲ ﺑﺘﺮﺳﻤﻴﻪ ﻗﺪﺍﻣﻲ ﺩﻩ ﺑﻘﺎﻟﻚ ﻛﺎﻡ ﻳﻮﻡ . ﺃﻧﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﻛﻮﻳﺲ ﺇﻧﺘﻲ ﺑﺘﻔﻜﺮﻱ ﻓﻲ ﺇﻳﻪ ؟ ﺑﺲ ﺃﻧﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﺶ ﻫﺎﺳﻴﺒﻚ ﺑﺎﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﺩﻱ . ﺇﻟﻠﻲ ﺑﻴﻨﺎ ﻣﺶ ﻟﻌﺒﺔ ﺗﻘﺪﺭﻱ ﺗﻨﺴﺤﺒﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻗﺖ ﻣﺎ ﺗﺤﺒﻲ . ﻷ . ﻓﻲ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭ ﺃﻧﺎ ﺑﺲ ﺇﻟﻠﻲ ﺃﻗﻮﻝ ﺇﻣﺘﻲ ﺗﻨﺴﺤﺒﻲ ﺃﻭ ﺇﻣﺘﻲ ﺗﺨﻠﺺ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ .
ﺳﻤﺮ ﻣﺘﺼﻨﻌﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻔﻬﻢ :
- ﺃﻧﺎ ﻣﺶ ﻓﺎﻫﻤﺔ ﺇﻧﺖ ﺑﺘﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﺇﻳﻪ ! ﻭ ﺃﻧﺎ ﺃﺻﻼ ﻣﺎﺑﻔﻜﺮﺵ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺃﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﻛﻨﺖ ﻣﺸﻐﻮﻟﺔ ﺃﻭﻱ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﺓ ﻭ ﺗﻠﻴﻔﻮﻧﺎﺗﻚ ﻏﺼﺐ ﻋﻨﻲ ﻣﺎ ﺭﺩﺗﺶ ﻋﻠﻴﻬﺎ .. ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ ﺑﺄﻟﻢ ﺃﺷﺪ :
- ﺳﻴﺐ ﺇﻳﺪﻱ ﺑﻘﻲ !
ﺗﺮﻛﻬﺎ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﺤﺮﻛﺔ ﻏﺎﺿﺒﺔ ، ﻟﺘﺘﺂﻭﻩ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺪﻟﻚ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﺻﺎﺑﻌﻪ ﺍﻟﻐﻠﻴﻈﺔ ﻋﻠﻲ ﺟﻠﺪ ﻣﻌﺼﻤﻬﺎ ..
- ﻛﻨﺘﻲ ﺑﺘﻌﻤﻠﻲ ﺇﻳﻪ ﻃﻮﻝ ﺍﻹﺳﺒﻮﻉ ﺇﻟﻠﻲ ﻓﺎﺕ ؟ .. ﺗﺴﺎﺀﻝ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﺨﺸﻮﻧﺔ ، ﻟﺘﺮﺩ " ﺳﻤﺮ " ﺑﻨﺒﺮﺓ ﻣﻬﺰﻭﺯﺓ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ ﺃﻋﺼﺎﺑﻬﺎ :
- ﻣﺎﻛﻨﺘﺶ ﺑﻌﻤﻞ ﺣﺎﺟﺔ . ﻛﻨﺖ ﺑﺸﺘﻐﻞ ﻣﺎ ﺇﻧﺖ ﻋﺎﺭﻑ .
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻠﻬﺠﺔ ﺻﺎﺭﻣﺔ :
- ﺑﺮﺍ ﺍﻟﺸﻐﻞ . ﻛﻨﺘﻲ ﺑﺘﻌﻤﻠﻲ ﺇﻳﻪ ﺑﺮﺍ ﺍﻟﺸﻐﻞ ؟
ﺳﻤﺮ ﺑﺤﻴﺮﺓ ﻣﻤﺰﻭﺟﺔ ﺑﺈﻹﺭﺗﺒﺎﻙ :
- ﻣﺎﻛﻨﺘﺶ ﺑﻌﻤﻞ ﺣﺎﺟﺔ !
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺤﺪﺓ :
- ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻛﺪﻩ . ﻛﻨﺘﻲ ﺑﺘﺘﻬﺮﺑﻲ ﻣﻨﻲ ﻟﻴﻪ ؟؟؟
ﺳﻤﺮ ﺑﻀﻴﻖ :
- ﻣﺎﻛﻨﺘﺶ ﺑﺘﻬﺮﺏ . ﻓﺎﺩﻱ ﺧﻠﺺ ﺇﻣﺘﺤﺎﻧﺎﺗﻪ ﻭ ﻗﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ . ﻣﻘﺪﺭﺵ ﺃﻋﻤﻞ ﺃﻱ ﺣﺎﺟﺔ ﺗﻠﻔﺖ ﻧﻈﺮﻩ .
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺈﻧﻔﻌﺎﻝ :
- ﺃﻧﺎ ﻣﺎﻟﻴﺶ ﺩﻋﻮﺓ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺩﻩ . ﺃﻧﺎ ﻭﻗﺖ ﻣﺎ ﺃﻋﻮﺯﻙ ﻻﺯﻡ ﺃﻻﻗﻴﻜﻲ . ﻣﺸﺎﻛﻠﻚ ﻣﻊ ﺃﺧﻮﻛﻲ ﺗﺸﻮﻓﻠﻬﺎ ﺣﻞ ﻣﻨﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺗﺰﻋﺠﻴﻨﻲ ﺃﻧﺎ .
ﺳﻤﺮ ﻭ ﻗﺪ ﺗﻤﻠﻚ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺃﺧﻴﺮﺍ :
- ﺇﻧﺖ ﻣﺶ ﻣﻦ ﺣﻘﻚ ﺗﺆﻣﺮﻧﻲ ﻭ ﺗﻜﻠﻤﻨﻲ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺩﻱ . ﺃﻧﺎ ﻣﺶ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻋﻨﺪﻙ ﻳﺎ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻴﻪ . ﺃﻧﺎ ﺣﺮﻩ ﻭ ﻣﺶ ﻣﻀﻄﺮﺓ ﺃﻗﻮﻟﻚ ﺃﻣﻴﻦ ﻋﻠﻲ ﺃﻱ ﺣﺎﺟﺔ ﺗﻄﻠﺒﻬﺎ ﻣﻨﻲ .
ﺿﺤﻚ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭ ﻗﺎﻝ :
- ﻣﺶ ﺗﺘﺄﻛﺪﻱ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻚ ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟﻴﻪ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ ؟ ﺇﻧﺘﻲ ﻣﺮﺍﺗﻲ . ﺗﺒﻘﻲ ﺣﺮﻩ ﺇﺯﺍﻱ ؟ ﺇﻧﺘﻲ ﻧﺴﻴﺘﻲ ﺍﻟﻮﺭﻗﺘﻴﻦ ﺇﻟﻠﻲ ﻛﺘﺒﻨﺎﻫﻢ ﺳﻮﺍ ؟
ﺳﻤﺮ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺮﻣﻘﻪ ﺑﻤﻘﺖ :
- ﻷ ﻣﺶ ﻧﺎﺳﻴﺔ . ﺇﻧﺴﻲ ﺇﺯﺍﻱ ﺍﻟﻜﺎﺑﻮﺱ ﺇﻟﻠﻲ ﻣﺎﺑﻴﻔﺎﺭﻗﺶ ﺃﺣﻼﻣﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ؟ !!
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻨﻔﺎﺫﺓ ﺻﺒﺮ ﻣﻤﺰﻭﺝ ﺑﺎﻟﺤﺪﺓ :
- ﺃﻧﺎ ﻋﺎﻳﺰﻙ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﺓ . ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﺇﺳﺘﻨﻴﻨﻲ ﺑﺮﺍ ﻣﺎﺗﻤﺸﻴﺶ .
- ﻷ ﻣﺶ ﻫﻴﻨﻔﻊ ! .. ﻗﺎﻟﺘﻬﺎ " ﺳﻤﺮ " ﺑﺮﻓﺾ ﻗﺎﻃﻊ ، ﻟﻴﺮﺩ ﺑﻐﻀﺐ :
- ﻟﻴـــــﻪ ؟ ﻣﺶ ﻫﻴﻨﻔﻊ ﻟﻴﻪ ؟ ﺇﻧﺘﻲ ﺑﻘﺎﻟﻚ ﺇﺳﺒﻮﻉ ﺑﺘﻘﻮﻟﻴﻠﻲ ﻣﺶ ﻫﻴﻨﻔﻊ .
ﺳﻤﺮ ﺑﺸﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ :
- ﻗﻮﻟﺘﻠﻚ ﻓﺎﺩﻱ ﻗﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ . ﻣﻘﺪﺭﺵ ﺃﺷﻮﻓﻚ ﻭ ﻻ ﺃﻗﺎﺑﻠﻚ ﺑﺮﺍ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﻣﻤﻜﻦ ﻳﺤﺲ ﺑﺤﺎﺟﺔ .
ﺃﻣﺴﻚ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﻜﺘﻔﻴﻬﺎ ﻭ ﺣﻨﻲ ﺭﺃﺳﻪ ﺇﻟﻲ ﺍﻷﻣﺎﻡ ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﺼﺮﺍﻣﺔ ﺗﺎﻣﺔ :
- ﺑﻜﺮﻩ . ﺑﻜﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﻫﺘﻴﺠﻲ ﻣﻌﺎﻳﺎ . ﺗﻘﻮﻟﻴﻠﻲ ﺑﻘﻲ ﺃﺧﻮﻛﻲ ﺟﻦ ﺃﺯﺭﻕ ﻣﺶ ﻫﻴﻬﻤﻨﻲ . ﺇﺗﺼﺮﻓﻲ ﻭ ﺣﻠﻲ ﻣﺸﺎﻛﻠﻚ ﻛﻠﻬﺎ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﺓ ﻋﺸﺎﻥ ﺑﻜﺮﻩ ﻣﺶ ﻫﻘﻒ ﺃﺗﻨﺎﻗﺶ ﻣﻌﺎﻛﻲ ﻛﺪﻩ . ﺑﻜﺮﻩ ﻫﺘﺴﻤﻌﻲ ﻛﻼﻣﻲ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺳﻜﺎﺕ .. ﻓﺎﻫﻤﺔ ﻳﺎ ﺑﻴﺒﻲ ؟ !
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
ﻋﻨﺪ " ﺻﺎﻟﺢ " ﻭ " ﺻﻔﻴﺔ " ... ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ، ﻳﺘﻢ ﻧﻘﻞ " ﺻﺎﻟﺢ " ﺇﻟﻲ ﺟﻨﺎﺣﻪ ﻣﺠﺪﺩﺍ
ﻳﺤﻤﻠﻮﻩ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺘﻤﺮﻳﺾ ﻭ ﻳﻀﻌﻮﻧﻪ ﻋﻠﻲ ﺳﺮﻳﺮﻩ ﺑﺤﺮﺹ ، ﺛﻢ ﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺷﻜﺮﺗﻬﻢ " ﺻﻔﻴﺔ " ..
- ﺁﺍﺍﺍﺍﺍﻩ ﺁﺍﺍﺍﺍﺍﻩ .. ﻫﻜﺬﺍ ﺭﺍﺡ " ﺻﺎﻟﺢ " ﻳﺘﺂﻭﻩ ﺑﺨﻔﻮﺕ ، ﻟﺘﺠﻠﺲ " ﺻﻔﻴﺔ " ﺑﺠﻮﺍﺭﻩ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﺮﻳﺮ ، ﻭ ﺗﺮﺑﺖ ﻋﻠﻲ ﺷﻌﺮﻩ ﻗﺎﺋﻠﺔ :
- ﺳﻼﻣﺘﻚ . ﺳﻼﻣﺘﻚ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ !
ﺻﺎﻟﺢ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻌﺾ ﻋﻠﻲ ﺷﻔﺘﻪ ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ ﺑﻘﻮﺓ :
- ﻷ . ﻷ ﻳﺎ ﺻﺎﻓﻲ ﺃﻧﺎ ﺯﻋﻼﻥ ﻣﻨﻚ .
ﺻﻔﻴﺔ ﺑﺪﻫﺸﺔ :
- ﻟﻴﻪ ﺑﺲ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ ؟ ﺃﻧﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﺇﻳﻪ ؟ !
- ﻓﻀﻠﺖ ﺃﺗﺮﺟﺎﻛﻲ ﻭ ﺃﻗﻮﻟﻚ ﺇﺑﻌﺪﻱ ﻋﻨﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺇﺑﻦ ﺍﻟـ ---- ﺩﻩ ﻭ ﻻ ﺳﺄﻟﺘﻲ ﻓﻴﺎ .
ﺻﻔﻴﺔ ﺑﺮﻗﺔ :
- ﻳﺎ ﻗﻠﺒﻲ ﻋﻠﻲ ﻣﺎ ﻗﺪﺭﺕ ﺧﻠﻴﺘﻪ ﻳﺨﻔﻒ ﻋﻨﻚ . ﻫﻮ ﻛﺎﻥ ﻻﺯﻡ ﻳﻨﻬﻲ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻳﺎ ﺻﺎﻟﺢ ﻋﺸﺎﻥ ﺗﺨﻒ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ .
ﺻﺎﻟﺢ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻬﺎ ﺑﻀﻴﻖ :
- ﺃﻧﺎ ﺯﻫﻘﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻲ ﻳﺎ ﺻﺎﻓﻲ . ﻋﺸﺎﻥ ﺧﺎﻃﺮﻱ ﺇﺳﺄﻟﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﺩﻩ ﻟﻮ ﻳﻨﻔﻊ ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ !
ﺻﻔﻴﺔ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﺣﺎﺿﺮ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ . ﻫﺴﺄﻟﻪ .
ﺻﺎﻟﺢ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻬﺰ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﺨﻴﺒﺔ :
- ﻭ ﺭﺑﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﺇﺗﺤﺴﺪﺕ .
ﺿﺤﻜﺖ " ﺻﻔﻴﺔ " ﻭ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﺑﺈﺳﺘﻐﺮﺍﺏ :
- ﻭ ﻣﻴﻦ ﻳﻌﻨﻲ ﺇﻟﻠﻲ ﻫﻴﺤﺴﺪﻙ ﻳﺎ ﺻﺎﻟﺢ ؟
ﺻﺎﻟﺢ ﺑﺘﺒﺮﻡ :
- ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ . ﺃﻧﺘﻲ ﻣﺴﺘﻘﻠﻴﺔ ﺑﺨﻄﻴﺒﻚ ﻭ ﻻ ﺇﻳﻪ ؟ ﺩﻩ ﺃﻧﺎ ﺻﺎﻟﺢ . ﻳﻌﻨﻲ ﻣﺎﺗﻜﻮﻧﻴﺶ ﻓﺎﻛﺮﺓ ﺇﻥ ﺃﺧﻮﻛﻲ ﻟﻮﺣﺪﻩ ﻳﺒﻘﻲ ﺩﻭﻧﭽﻮﺍﻥ .. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﺨﺒﺚ ﻟﻴﻐﻴﻈﻬﺎ :
- ﺩﻩ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﺑﺘﺠﺮﻱ ﻭﺭﺍﻳﺎ ﻟﺤﺪ ﺩﻟﻮﻗﺘﻲ ﻭ ﺃﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﻭﺿﻌﻲ ﻭ ﻣﺶ ﻋﺎﺭﻑ ﺃﺗﺤﺮﻙ .
ﺻﻔﻴﺔ ﺑﺴﺨﺮﻳﺔ :
- ﻻ ﻳﺎ ﺭﺍﺟﻞ !
ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻐﺮﻭﺭ :
- ﺃﻭﻣﺎﻝ ﺇﻳﻪ ﻳﺎ ﺑﻨﺘﻲ . ﺩﻩ ﺃﻧﺎ ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟـ Chatting ﻋﻨﺪﻱ ﺑﻼﻗﻲ ﺍﻟـInbox ﻫﻴﻨﻔﺠﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﺎﻳﻞ . ﺇﻟﻠﻲ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﺳﻼﻣﺘﻚ ﻳﺎ ﺻﺎﻟﺢ ﻭ ﺇﻟﻠﻲ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﻭﺣﺸﺘﻴﻨﻲ ﻳﺎ ﺻﺎﻟﺢ ﻭ ﺇﻟﻠﻲ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﻫﻤﻮﺕ ﻭ ﺃﺷﻮﻓﻚ ﻳﺎ ﺻﺎﻟﺢ .
ﺻﻔﻴﺔ ﺑﻐﻴﻆ ﻭ ﻫﻲ ﺗﻠﻜﻤﻪ ﻋﻠﻲ ﻛﺘﻔﻪ :
- ﻃﺐ ﻣﺎ ﺗﺘﻠﻢ ﺑﻘﻲ ﻳﺎ ﺻﺎﻟﺢ . ﺑﺪﻝ ﻣﺎ ﺃﻟﻤﻚ !
ﺿﺤﻚ " ﺻﺎﻟﺢ " ﺑﺨﻔﺔ ﻭ ﻏﻤﺰ ﻟﻬﺎ ﻗﺎﺋﻼ :
- ﺇﻧﺘﻲ ﺑﺘﻐﻴﺮﻱ ﻳﺎ ﺻﻔﺼﻒ ؟
ﺻﻔﻴﺔ ﺑﺼﺪﻣﺔ :
- ﺻﻔﺼﻒ ! ﺇﻳﻪ ﺻﻔﺼﻒ ﺩﻱ ؟
- ﺑﺪﻟﻌﻚ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ .
ﺻﻔﻴﺔ ﺑﻐﻀﺐ :
- ﻷ ﻣﺎﺩﻟﻌﻨﻴﺶ ﻛﺪﻩ . ﺃﻧﺎ ﺻﻔﻴﺔ ﺃﻭ ﺻﺎﻓﻲ ﻟﻜﻦ ﻣﺶ ﺻﻔﺼﻒ !
ﺻﺎﻟﺢ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻣﺮﺣﺔ :
- ﺃﻭﻙ ﻳﺎ ﻋﻤﺮﻱ . ﺇﻧﺘﻲ ﺃﺻﻼ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﺣﻠﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﺑﻨﺎﺕ ﺇﻳﻪ ﺩﻭﻝ ﺇﻟﻠﻲ ﻫﺒﺼﻠﻬﻢ ﻭ ﺇﻧﺘﻲ ﺟﻤﺒﻲ ؟ !
ﺇﺑﺘﺴﻤﺖ " ﺻﻔﻴﺔ " ﺑﺨﺠﻞ ﻭ ﻗﺎﻟﺖ :
- ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻳﺎ ﺻﻠَّﻮﺣﻲ . ﺭﺑﻨﺎ ﻳﺨﻠﻴﻚ ﻭ ﻳﻘﻮﻣﻚ ﻟﻴﺎ ﺑﺎﻟﺴﻼﻣﺔ ﻳﺎ ﺭﺏ .
ﺻﺎﻟﺢ ﺑﺤﺐ :
- ﻭ ﻳﺨﻠﻴﻜﻲ ﻟﻴﺎ ﻳﺎ ﻗﻠﺐ ﺻﻠَّﻮﺣﻚ .
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﺧﺮ ... ﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﺑﻤﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ‏( ﻟﻨﺪﻥ ‏)
ﻳﻘﻒ " ﻳﺤﻴﻰ ﺍﻟﺒﺤﻴﺮﻱ " ﺃﻣﺎﻡ ﺷﺒﺎﻙ ﺧﺘﻢ ﺑﻄﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻔﺮ ، ﻓﻴﺄﺗﻲ ﺷﺨﺺ ﻭ ﻳﻀﻊ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻲ ﻛﺘﻔﻪ ..
ﻳﻠﺘﻔﺖ " ﻳﺤﻴﻰ " ﻟﻴﻜﺘﺸﻒ ﻫﻮﻳﺘﻪ ، ﻟﻴﺠﺪﻩ " ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻤﺠﺪ " ﻭﺍﻟﺪ " ﻣﺮﺍﺩ " ﻭ ﺃﺣﺪ ﺃﺻﺪﻗﺎﺅﻩ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻲ
ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻪ " ﻳﺤﻴﻰ " ﻭ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺴﺮﻭﺭ :
- ﻣﺶ ﻣﻤﻜﻦ . ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻤﺠﺪ ﺑﺤﺎﻟﻪ . ﺇﺯﻳﻚ ﻳﺎ ﺭﺍﺍﺟﻞ ﻋﺎﻣﻞ ﺇﻳﻪ ؟
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺼﺎﻓﺤﻪ ﺑﺤﺮﺍﺭﺓ :
- ﺇﺯﻳﻚ ﺇﻧﺖ ﻳﺎ ﻳﺤﻴﻰ ! ﺃﺧﺒﺎﺭﻙ ﺇﻳﻪ ؟ ﻭ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻌﻴﻠﺔ ﺇﺯﻳﻬﺎ ؟
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﻛﻠﻨﺎ ﻛﻮﻳﺴﻴﻦ ﺍﻟﺤﻤﺪﻟﻠﻪ .. ﺛﻢ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﺑﻄﺖ ﺫﺭﺍﻉ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻭ ﺗﻘﻒ ﻣﺴﺘﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﻫﺪﻭﺀ ، ﻭ ﻗﺎﻝ :
- ﺇﺯﻳﻚ ﻳﺎ ﻣﺪﺍﻡ ﺭﺑﺎﺏ ؟
ﺭﺑﺎﺏ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺭﻗﻴﻘﺔ :
- ﺍﻟﺤﻤﺪﻟﻠﻪ ﻛﻮﻳﺴﺔ . ﺃﻧﺎ ﻛﻨﺖ ﺑﻘﻮﻝ ﻟﻤﺤﻤﻮﺩ ﺇﻧﻨﺎ ﻻﺯﻡ ﻧﻜﻠﻤﻚ ﻣﻦ ﻣﺪﺓ ﻋﺸﺎﻥ ﻧﺸﻜﺮﻙ .
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﺈﺳﺘﻐﺮﺍﺏ :
- ﺍﻟﻌﻔﻮ . ﺑﺲ ﺗﺸﻜﺮﻭﻧﻲ ﻋﻠﻲ ﺇﻳﻪ ؟ !
- ﻋﻠﻲ ﺇﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻚ ﻟﻤﺮﺍﺩ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻚ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻧﺰﻝ ﻟﺤﺪ ﺩﻟﻮﻗﺘﻲ . ﻫﻮ ﻛﻠﻤﻨﺎ ﻭ ﻗﺎﻟﻨﺎ ﺇﻧﻜﻮﺍ ﺑﺘﺮﺍﻋﻮﻩ ﻭ ﺑﺘﻌﺎﻣﻠﻮﻩ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ . ﺑﺠﺪ ﺇﺣﻨﺎ ﻣﺘﺸﻜﺮﻳﻦ ﺃﻭﻭﻱ ﻳﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻴﻪ .
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﻻ ﺷﻜﺮ ﻋﻠﻲ ﻭﺍﺟﺐ ﻳﺎ ﻣﺪﺍﻡ ﺭﺑﺎﺏ ﻭ ﺑﻌﺪﻳﻦ ﻣﺎﻓﻴﺶ ﺑﻴﻨﺎ ﺷﻜﺮ . ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻭﻻﺩﻧﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ .
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﺈﻣﺘﻨﺎﻥ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺮﺑﺖ ﻋﻠﻲ ﻛﺘﻔﻪ :
- ﻃﺒﻌﺎ . ﻃﺒﻌﺎ ﻳﺎ ﻳﺤﻴﻰ . ﺭﺑﻨﺎ ﻳﺪﻳﻢ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ .
- ﺃﻣﻴﻦ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ .. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﺘﺨﻤﻴﻦ :
- ﺇﻧﺘﻮﺍ ﺷﻜﻠﻜﻮﺍ ﻗﺮﺭﺗﻮﺍ ﺗﻨﺰﻭﻟﻮﺍ ﺃﺧﻴﺮﺍ . ﺻﺢ ﻭ ﻻ ﺇﻳﻪ ؟
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﻣﺶ ﺑﺎﻟﻈﺒﻂ . ﺇﺣﻨﺎ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻧﻨﺰﻝ ﻧﺸﻮﻑ ﻣﺮﺍﺩ ﻋﺸﺎﻥ ﻭﺣﺸﻨﺎ ﺃﻭﻱ ﻭ ﺑﺎﻟﻤﺮﺓ ﻧﺰﻭﺭ ﻣﺼﺮ . ﺑﺲ ﻫﻨﺮﺟﻊ ﺗﺎﻧﻲ .. ﺇﻧﺖ ﺇﻟﻠﻲ ﻛﻨﺖ ﺑﺘﻌﻤﻞ ﺇﻳﻪ ﻫﻨﺎ ﻭ ﻣﺎﺟﺘﺶ ﺗﺰﻭﺭﻧﺎ ﻟﻴﻪ ؟
- ﺃﻧﺎ ﻣﺎﻛﻨﺘﺶ ﻓﺎﺿﻲ ﻭ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻱ ﺷﻐﻞ ﻣﻬﻢ ﺃﻭﻱ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﺴﺎ ﻣﺨﻠﺼﻪ ﻭ ﺭﻭﺣﺖ ﻗﺎﻃﻊ ﺍﻟﺘﺬﻛﺮﺓ ﻋﻠﻄﻮﻝ ﺣﺘﻲ ﻣﺶ ﻗﺎﻳﻞ ﻟﺤﺪ ﺇﻧﻲ ﺭﺍﺟﻊ ﻋﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻔﺎﺟﺄﺓ .
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﺤﻤﺎﺳﺔ :
- ﺇﺣﻨﺎ ﻛﻤﺎﻥ ﻣﺶ ﻗﺎﻳﻠﻴﻦ ﻟﻤﺮﺍﺩ ﺇﻧﻨﺎ ﺭﺍﺟﻌﻴﻦ . ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻜﺮﺓ ﺭﺑﺎﺏ ﻗﺎﻟﺘﻠﻲ ﻳﺘﻔﺎﺟﺊ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﺣﺴﻦ .
- ﻃﻴﺐ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻛﺪﻩ ﺑﻘﻲ ﻳﺒﻘﻲ ﻫﻨﺴﺎﻓﺮ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻭ ﻫﺘﻴﺠﻮﺍ ﻣﻌﺎﻳﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻫﺘﺒﻘﻮﺍ ﻓﻲ ﺿﻴﺎﻓﺘﻲ ﻟﺤﺪ ﻣﺎ ﺗﻘﺮﺭﻭﺍ ﺗﺮﺟﻌﻮﺍ ﺗﺎﻧﻲ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﺸﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺠﻞ :
- ﺇﺣﻨﺎ ﻣﺶ ﻋﺎﻳﺰﻳﻦ ﻧﺘﻘﻞ ﻋﻠﻴﻜﻮﺍ ﻳﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺇﺑﻨﻨﺎ ﻟﺤﺪ ﺩﻟﻮﻗﺘﻲ . ﺇﺣﻨﺎ ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻨﺰﻝ ﻓﻲ ﺃﻭﺗﻴﻞ ﺃﻭ ﻧﺄﺟﺮ ﺷﻘﺔ ﺃﻭ ﺣﺘﻲ ﭬﻴﻼ ﺟﻤﺒﻜﻮﺍ .
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﺈﺳﺘﻴﺎﺀ :
- ﻣﺶ ﻋﻴﺐ ﺗﻘﻮﻝ ﻛﺪﻩ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﻮﺩ ؟ ﺃﻭﺗﻴﻞ ﺇﻳﻪ ﺇﻟﻠﻲ ﺗﻨﺰﻝ ﻓﻴﻪ ﻭ ﻻ ﺑﻴﺖ ﺇﻳﻪ ﺇﻟﻠﻲ ﺗﺄﺟﺮﻩ ؟ ﻣﺎﺗﺰﻋﻠﻨﻴﺶ ﻣﻨﻚ ﻟﻮ ﺳﻤﺤﺖ ﻭ ﺇﻭﻋﻲ ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺩﻩ ﺗﺎﻧﻲ .
- ﺑﺲ ﺁﺍ ..
- ﻣﺎﺑﺴﺶ .. ﻗﺎﻃﻌﻪ " ﻳﺤﻴﻰ " ﺑﺼﺮﺍﻣﺔ ، ﻭ ﺃﺭﺩﻑ :
- ﻫﺘﻘﻌﺪﻭﺍ ﻣﻌﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻃﻮﻝ ﻣﺪﺓ ﺳﻔﺎﺭﻛﻮﺍ . ﺧﻼﺹ ﺇﻧﺘﻬﻲ !
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻝ " ﺳﻤﺮ " ... ﺗﻔﺘﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺸﻘﺔ ﻋﻨﺪ ﺩﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ ﻣﺴﺎﺀً
ﻛﺎﻧﺖ " ﻣﻠﻚ " ﻣﺴﺘﻴﻘﻈﺔ ، ﺭﺃﺗﻬﺎ ﺟﺎﻟﺴﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭ ﻣﻌﻬﺎ " ﻓﺎﺩﻱ " ..
ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻌﺐ ﺑﻜﻮﻣﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻜﻌﺒﺎﺕ ﺧﺎﺻﺘﻬﺎ ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﺕ ﺃﺧﺘﻬﺎ ﻗﺬﻓﺖ ﺑﺎﻟﻤﻜﻌﺒﺎﺕ ﻓﺄﺣﺪﺙ ﻗﺮﻗﻌﺔ ﺧﺎﻓﺘﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺭﺽ ، ﺛﻢ ﺃﺷﺎﺭﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﺇﺳﺘﺤﻮﺍﺫﻳﺔ ﺁﻣﺮﺓ
ﻻﺣﻆ " ﻓﺎﺩﻱ " ﻭﺻﻮﻝ ﺃﺧﺘﻪ ﻫﻮ ﺍﻷﺧﺮ ، ﻓﻮﺛﺐ ﻋﻠﻲ ﻗﺪﻣﻴﻪ ﻟﻠﺤﺎﻝ ﻭ ﻫﺮﻭﻝ ﺻﻮﺑﻬﺎ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ :
- ﺑﺎﺭﻛﻴﻠﻲ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ ﺑﺎﺭﻛﻴﻠﻲ !
ﺳﻤﺮ ﻭ ﻗﺪ ﺇﻧﻔﺮﺟﺖ ﺃﺳﺎﺭﻳﺮﻫﺎ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ :
- ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ . ﺇﻳﻪ ﺇﻟﻠﻲ ﺣﺼﻞ ؟؟؟
ﻓﺎﺩﻱ ﺑﻔﺮﺣﺔ ﻏﺎﻣﺮﺓ :
- ﺃﻧﺎ ﻧﺠﺤــــــــﺖ . ﻧﺠﺤﺖ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ .
ﺻﺮﺧﺖ " ﺳﻤﺮ " ﻣﻦ ﻓﺮﻁ ﺳﻌﺎﺩﺗﻬﺎ ﻭ ﻗﻔﺰﺕ ﻣﺤﺘﻀﻨﺔ ﺃﺧﻴﻬﺎ ﺑﺸﺪﺓ ﻭ ﻫﻲ ﺗﻘﻮﻝ :
- ﻣﺒﺮﻭﻭﻭﻭﻭﻭﻭﻭﻙ . ﻣﺒﺮﻭﻭﻙ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ ﺃﻟﻒ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ .. ﺛﻢ ﻧﻈﺮﺕ ﻟﻪ ﻭ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﺑﺈﻫﺘﻤﺎﻡ :
- ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺩﺭﺟﺎﺗﻚ ﻭ ﻻ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺇﻳﻪ ؟؟؟
ﻓﺎﺩﻱ ﺑﻀﺤﻚ :
- ﺇﻃﻤﻨﻲ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ﻛﻮﻳﺴﺔ ﻭ ﺇﺣﻨﺎ ﻟﺴﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺗﺮﻡ ﺃﺧﺮ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻫﺘﺸﻮﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺇﻟﻠﻲ ﻫﻴﻌﺠﺒﻚ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺳﻤﺮ ﺑﺴﻌﺎﺩﺓ ﺷﺪﻳﺪﺓ :
- ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ .
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻭﺻﻠﺖ " ﻣﻠﻚ " ﻋﻨﺪ ﻗﺪﻣﻲ ﺷﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺤﺒﻮ ﻋﻠﻲ ﻗﻮﺍﺋﻤﻬﺎ ، ﻓﺈﻧﺤﻨﺖ " ﺳﻤﺮ " ﻭ ﺭﻓﻌﺘﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺴﺮﻋﺔ ..
ﺗﺒﺎﺩﻟﺖ ﻣﻌﻬﺎ ﺇﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ، ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ ﻭ ﻫﻲ ﺗﻘﺮﺹ ﻭﺟﻨﺘﻬﺎ ﺑﻤﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻠﻄﻒ :
- ﻣﺶ ﺗﻘﻮﻟﻲ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻷﺑﻴﻪ ﻓﺎﺩﻱ ﻳﺎ ﻟﻮﻛﺎ . ﻫﺎ ؟ ﻗﻮﻟﻴﻠﻪ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ .
- ﺳﻤﺮ ﻛﻨﺖ ﻋﺎﻳﺰ ﺃﻗﻮﻟﻚ ﺣﺎﺟﺔ ﻛﻤﺎﻥ ! .. ﻗﺎﻟﻬﺎ " ﻓﺎﺩﻱ " ﺑﺠﺪﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻭ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺍﻟﺒﺴﻤﺔ ﺗﺰﻳﻦ ﺛﻐﺮﻩ
ﺇﻟﺘﻔﺘﺖ ﻟﻪ " ﺳﻤﺮ " ﻣﺘﺴﺎﺋﻠﺔ :
- ﺧﻴﺮ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ ؟
- ﺇﻟﻠﻲ ﺟﺎﺑﻠﻲ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻳﺒﻘﻲ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭ ﻛﻤﺎﻥ ﻳﺒﻘﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﺷﺮﻛﺔ ﺑﺘﺮﻭﻝ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺃﻭﻱ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺇﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ .
ﺳﻤﺮ ﺑﻌﺪﻡ ﻓﻬﻢ :
- ﻃﻴﺐ !
ﺗﻨﻔﺲ " ﻓﺎﺩﻱ " ﺑﻌﻤﻖ ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ :
- ﻫﻮ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﺓ ﻋﺮﺽ ﻋﻠﻴﺎ ﺷﻐﻞ ﻋﻨﺪﻩ .
ﺳﻤﺮ ﺑﺠﺪﻳﺔ :
- ﺷﻐﻞ ﺇﺯﺍﻱ ﺑﺲ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ ؟ ﻫﺘﻌﺮﻑ ﺗﻮﻓﻖ ﺑﻴﻦ ﺷﻐﻠﻚ ﺩﺭﺍﺳﺘﻚ ﺇﺯﺍﻱ ؟ !
- ﻫﻮ ﺭﺍﺟﻞ ﻛﻮﻳﺲ ﺟﺪﺍ ﻭ ﺑﻴﻌﺰﻧﻲ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ . ﻓﺎﻫﻢ ﻭﺿﻌﻲ ﻭ ﻗﺎﻟﻲ ﻃﻮﻝ ﺍﻷﺟﺎﺯﺓ ﺩﻱ ﻫﺸﺘﻐﻞ ﻭ ﻟﻤﺎ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺗﺒﺪﺃ ﻫﻘﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﻭ ﺑﻌﺪﻳﻦ ﺩﻱ ﺃﺧﺮ ﺳﻨﺔ ﻟﻴﺎ ﻭ ﻓﺎﺿﻞ ﻛﺎﻡ ﺷﻬﺮ ﻭ ﻫﺘﻔﺮﻍ ﻟﻠﺸﻐﻞ ﻋﻠﻄﻮﻝ .
ﺳﻤﺮ ﺑﺘﻔﻜﻴﺮ :
- ﻃﻴﺐ . ﻫﻮ ﻋﺮﺽ ﻛﻮﻳﺲ ﺑﺼﺮﺍﺣﺔ .. ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﺇﻋﻤﻞ ﺇﻟﻠﻲ ﻳﺮﻳﺤﻚ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ . ﺃﻧﺎ ﻭﺍﺛﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭﺍﺗﻚ .
ﻓﺎﺩﻱ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺮﺩ ﺍﻹﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﺭﺑﻨﺎ ﻳﺨﻠﻴﻜﻲ ﻟﻴﺎ ﺳﻤﺴﻤﺔ ﺇﻧﺘﻲ ﻭ ﻟﻮﻛﺎ . ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺮﻳﺐ ﻭﺿﻌﻨﺎ ﻫﻴﺘﺤﺴﻦ ﺃﻭﻱ ﻭ ﻣﺶ ﻫﺨﻠﻴﻜﻮﺍ ﺗﺤﺘﺎﺟﻮﺍ ﻟﺤﺎﺟﺔ .. ﺛﻢ ﺻﺎﺡ ﻣﺴﺘﺬﻛﺮﺍ :
- ﺻﺤﻴﺢ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ ﻧﺴﻴﺖ ﺃﻗﻮﻟﻚ ﻛﻤﺎﻥ . ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺩﻩ ﻫﻴﺠﻲ ﻳﺰﻭﺭﻧﺎ ﺑﻜﺮﻩ . ﺃﻧﺎ ﻋﺰﻣﺘﻮ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻐﺪﺍ . ﻻﺯﻡ ﺑﻘﻲ ﺗﺎﺧﺪﻱ ﺃﺟﺎﺯﺓ ﻣﻦ ﺷﻐﻠﻚ ﻋﺸﺎﻥ ﺗﻄﺒﺨﻲ . ﻣﻌﻠﺶ ﻟﻮ ﺑﺘﻘﻞ ﻋﻠﻴﻜﻲ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ .
ﺳﻤﺮ ﺑﻠﻄﻒ :
- ﻻ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻭ ﻻ ﻳﻬﻤﻚ . ﻫﻮ ﺃﻧﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﺃﻏﻠﻲ ﻣﻨﻚ ﻳﻌﻨﻲ !
ﻭ ﻓﺠﺄﺓ ﺑﺮﺯﺕ ﺻﻮﺭﺗﻪ ﻓﻲ ﺫﻫﻨﻬﺎ ..
ﻳﺎ ﻟﻠﻜﺎﺭﺛﺔ .. ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﺤﻞ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﺬﻫﺐ ﻏﺪﺍ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ !!!
ﻳﺘﺒـــــﻊ
_ ﺍﻟﻀﻴﻒ ! _
ﻓﻲ ﻫﺪﺃﺓ ﺍﻟﻠﻴﻞ ... ﺗﺠﻠﺲ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﺑﻐﺮﻓﺘﻬﺎ ﻧﺼﻒ ﻏﺎﻓﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﻬﺰﺍﺯ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺇﻗﺘﺤﻤﺖ ﻭﺻﻴﻔﺘﻬﺎ ﺟﻨﺎﺣﻬﺎ ﻓﺠﺄﺓ ﻭ ﻫﻲ ﺗﻬﺪﻝ ﺑﺼﺨﺐ :
- ﻓﺮﻳﺂﺍﺍﻝ ﻫﺂﺍﺍﻧﻢ . ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻴﻪ ﻭﺻﻞ . ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻴﻪ ﻭﺻﻞ !
ﺇﻧﺘﻔﻀﺖ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﻣﻦ ﻏﻔﻮﺗﻬﺎ ﺍﻟﻨﺼﻔﻴﺔ ﻭ ﻭﺛﺒﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﻟﻤﺢ ﺍﻟﺒﺼﺮ ..
- ﺑﺘﻘﻮﻟﻲ ﺇﻳﻪ ﻳﺎ ﺳﻌﺎﺩ ؟ ﻳﺤﻴﻰ . ﻳﺤﻴﻰ ﺟﻪ ﺑﺠﺪ ؟؟؟
ﻛﺎﻧﺖ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻹﺿﻄﺮﺍﺏ ﻭ ﺍﻹﻧﻔﻌﺎﻝ ، ﻛﺎﻥ ﺻﻮﺗﻬﺎ ﻣﻬﺰﻭﺯﺍ ﻓﻴﻪ ﻗﺪﺭ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﻮﻝ ﻭ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭ ﺍﻟﺸﻚ ... ﻓﻤﺎﺯﺍﻝ ﺑﺎﻛﺮﺍ ﻋﻠﻲ ﻣﻮﻋﺪ ﻋﻮﺩﺓ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻔﺮ ..
ﺃﻛﺪﺕ ﺍﻟﻮﺻﻴﻔﺔ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ :
- ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻴﻪ ﻟﺴﺎ ﻭﺍﺻﻞ ﺣﺎﻻ ﻳﺎ ﻫﺎﻧﻢ ﺃﻧﺎ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﺷﻮﻓﺘﻪ ﺗﺤﺖ ﺟﺮﻳﺖ ﻋﻠﻲ ﺣﻀﺮﺗﻚ ﻋﻠﻄﻮﻝ ﻋﺸﺎﻥ ﺃﺑﺸﺮﻙ .
ﻓﺮﻳﺎﻝ ﺑﺴﻌﺎﺩﺓ ﻣﻔﺮﻃﺔ ﻭ ﻫﻲ ﺗﻐﻄﻲ ﻓﻤﻬﺎ ﺑﻜﻔﻴﻬﺎ :
- ﻣﻴﺮﺳﻲ ﻳﺎ ﺳﻌﺎﺩ . ﺇﻧﺘﻲ ﺑﺠﺪ ﺗﺴﺘﺎﻫﻠﻲ ﻣﻜﺎﻓﺄﺓ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺩﻩ . ﻟﻴﻜﻲ ﻋﻨﺪﻱ ﻫﺪﻳﺔ .
ﻭ ﺃﺳﺮﻋﺖ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺸﺠﺐ ﺍﻟﺨﺸﺒﻲ ﺣﻴﺚ ﺑﻌﺾ ﺛﻴﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﻫﻨﺎﻙ ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ " ﺳﻌﺎﺩ " ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺧﺠﻠﺔ :
- ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻳﺎ ﻫﺎﻧﻢ . ﺃﻧﺎ ﻣﺎﻋﻤﻠﺘﺶ ﺣﺎﺟﺔ .
ﺇﻟﺘﻘﻄﺖ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﺭﻭﺏ ﻣﺤﺘﺸﻢ ﻣﻨﺴﻮﺟﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ ﻭ ﺇﺭﺗﺪﺗﻪ ﻓﻮﻕ ﻗﻤﻴﺺ ﻧﻮﻣﻬﺎ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻣﺤﺘﺸﻢ ﻭ ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺃﺧﺮﻱ
ﻃﺎﺭﺕ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﻭ ﻫﺒﻄﺖ ﺇﻟﻲ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ..
- ﻳﺤﻴـــــــــــــــــــــــ� �ــــﻰ ! .. ﻫﺘﻔﺖ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﻋﺎﻟﻴﺎ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺮﻛﺾ ﺻﻮﺏ ﺯﻭﺟﻬﺎ ، ﻟﻴﻠﺘﻔﺖ ﻟﻬﺎ " ﻳﺤﻴﻰ " ﻣﺒﺘﺴﻤﺎ ﻭ ﻳﻔﺘﺢ ﺫﺭﺍﻋﺎﻩ ﺑﺤﺮﻛﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺔ
ﺇﺭﺗﻤﺖ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﺑﻘﻮﺓ ﻓﻲ ﺣﻀﻨﻪ
ﺗﻜﻮﺭﺕ ﻓﻲ ﺻﺪﺭﻩ ﻭ ﺩﺳﺖ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺇﺑﻄﻪ ، ﺛﻢ ﻫﻤﺴﺖ ﺑﻌﺎﻃﻔﺔ ﻣﻠﺘﻬﺒﺔ :
- ﺣﺒﻴﺒــــﻲ .. ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻭﺣﺸﺘﻨﻲ ﺃﻭﻭﻱ ﺃﻭﻭﻭﻭﻱ . ﻳﺂﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍ
ﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍﺍﻩ . ﺩﻩ ﺣﻀﻨﻚ ﻭﺍﺣﺸﻨﻲ ﺑﺸﻜﻞ !
- ﺇﻧﺘﻲ ﻛﻤﺎﻥ ﻭﺍﺣﺸﺎﻧﻲ ﺟﺪﺍ ﺟﺪﺍ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ .. ﺗﻤﺘﻢ " ﻳﺤﻴﻰ " ﺑﺨﻔﻮﺕ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺤﺘﻀﻨﻬﺎ ﺑﺸﺪﺓ ، ﻟﺘﺴﺘﻌﺮ ﺍﻟﻠﻬﻔﺔ ﻓﻲ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﻭ ﺗﺰﻳﺪ ﺇﻟﺘﺼﺎﻗﺎ ﺑﻪ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺘﻨﻬﺪ ﺑﺤﺮﺍﺭﺓ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﺎﻝ " ﻳﺤﻴﻰ " ﻣﺒﺘﻌﺪﺍ ﻋﻦ ﻋﻨﺎﻗﻬﺎ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺤﻤﺤﻢ ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻨﺒﺮﺓ ﺭﺯﻳﻨﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﺇﻟﻲ ﺣﺪ ﻣﻨﺎﺳﺐ :
- ﻣﺶ ﻫﺘﺴﻠﻤﻲ ﻋﻠﻲ ﺿﻴﻮﻓﻨﺎ ﻭ ﻻ ﺇﻳﻪ ﻳﺎ ﻓﺮﻳﺎﻝ ﻫﺎﻧﻢ ؟
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺇﻧﻘﺸﻌﺖ ﺍﻟﻐﻤﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﺭﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﻠﻔﺖ ﺣﻮﺍﺱ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ..
ﻟﻘﺪ ﻧﺴﺖ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻭﺣﺪﻫﻤﺎ ، ﺛﻢ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻥ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺇﻟﺘﺤﺎﻣﻬﺎ ﺑﺰﻭﺟﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻠﻮﻛﺎ ﻣﻬﺬﺑﺎ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ
ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺎﻹﺣﺮﺍﺝ ، ﻓﺈﺑﺘﻌﺪﺕ ﻧﺼﻒ ﺧﻄﻮﺓ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺠﻮﺱ ﺑﻨﻈﺮﻫﺎ ﻋﻠﻲ ﻭﺟﻬﻲ " ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻤﺠﺪ " ﻭ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺍﻷﻧﻴﻘﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ " ﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﻲ " ..
- ﺁﺍﺍ ﺃﻫﻼ ﻭ ﺳﻬﻼ ! .. ﻗﺎﻟﺘﻬﺎ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﺑﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺗﺮ ، ﻟﻴﺮﺩ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﻭﺍﺣﺪ ﻭ ﺍﻟﺒﺴﻤﺔ ﺗﻌﻠﻮ ﺷﻔﺎﻫﻬﻤﺎ :
- ﺃﻫﻼ ﺑﻴﻜﻲ ﻳﺎ ﻓﺮﻳﺎﻝ ﻫﺎﻧﻢ .
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°
ﺑﻌﺪ ﻭﻗﺖ ﻗﺼﻴﺮ ... ﻳﺼﻌﺪ " ﻳﺤﻴﻰ " ﻣﻊ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ
ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﻞ ﺣﻘﻴﺒﺔ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﺇﻟﻲ ﻫﻨﺎ ، ﻟﺘﻨﻔﺮﺩ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﺃﺧﻴﺮﺍ ﺑﺰﻭﺟﻬﺎ ..
- ﺇﻧﺖ ﺇﺯﺍﻱ ﻣﺎﺗﻘﻮﻟﻴﺶ ﺇﻧﻚ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﺓ .. ﻗﺎﻟﺘﻬﺎ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﺑﻐﻨﺞ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺴﻨﺪ ﻳﺪﻳﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺻﺪﺭ " ﻳﺤﻴﻰ "
ﻟﻴﺮﺩ ﺍﻷﺧﺮ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺪﺍﻋﺐ ﺧﺼﻼﺕ ﺷﻌﺮﻫﺎ ﺍﻟﻠﻮﻟﺒﻴﺔ :
- ﺣﺒﻴﺖ ﺃﻋﻤﻠﻬﺎﻟﻚ ﻣﻔﺎﺟﺄﺓ . ﺇﻳﻪ ! ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺎﺟﺄﺓ ﻭﺣﺸﺔ ﻳﻌﻨﻲ ؟ !
ﻓﺮﻳﺎﻝ ﺑﺮﻗﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ :
- ﺩﻱ ﺃﺣﻠﻲ ﻣﻔﺎﺟﺄﺓ ﻳﺎ ﻗﻠﺒﻲ .
ﻭ ﻃﻮﻗﺖ ﺭﻗﺒﺘﻪ ﺑﺬﺭﺍﻋﻴﻬﺎ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺒﺘﺴﻢ ﺑﺤﺐ ، ﺛﻢ ﺻﺎﺣﺖ ﻓﺠﺄﺓ :
- ﻭ ﺻﺤﻴﺢ ﺇﻳﻪ ﺇﻟﻠﻲ ﺟﺎﺏ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻭ ﺭﺑﺎﺏ ﻣﻌﺎﻙ ؟ ﻭ ﺟﺒﺘﻬﻢ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﻪ ؟ !
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﺼﻮﺗﻪ ﺍﻟﻤﺨﻤﻠﻲ ﺍﻟﺠﺬﺍﺏ :
- ﻗﺎﺑﻠﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ ﻭ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺲ ﻃﻴﺎﺭﺗﻲ ﻓﺈﻗﺘﺮﺣﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻳﻘﻌﺪﻭﺍ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﻃﻮﻝ ﻣﺪﺓ ﺳﻔﺮﻫﻢ ﺯﻱ ﻣﺮﺍﺩ ﺇﺑﻨﻬﻢ ﻛﺪﻩ .
ﻋﺒﺴﺖ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﻗﺎﺋﻠﺔ :
- ﻫﻮ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﺑﻘﻲ ﺁﻭﺗﻴﻞ ﻳﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻫﺐ ﻭ ﺩﺏ ﻫﻴﺠﻲ ﻳﻘﻌﺪ ﻋﻨﺪﻧﺎ .
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻀﺤﻚ :
- ﺇﻳﻪ ﺩﻩ ﻳﺎ ﻓﺮﻳﺎﻝ ﻫﺎﻧﻢ ! ﺇﻳﻪ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺩﻱ . ﺩﻩ ﺇﻧﺘﻲ ﻃﻮﻝ ﻋﻤﺮﻙ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﺇﻳﻪ ﺇﻟﻠﻲ ﺣﺼﻞ .
ﻓﺮﻳﺎﻝ ﻭ ﻫﻲ ﺗﻤﻂ ﺷﻔﺘﺎﻫﺎ ﻭ ﺗﻌﻜﻒ ﺣﺎﺟﺒﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻴﻖ :
- ﻣﺎﻗﻮﻟﺘﺶ ﺣﺎﺟﺔ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ . ﺃﻧﺎ ﻗﺼﺪﻱ ﺑﺲ ﺇﻥ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻭ ﻻﺯﻡ ﻳﺒﻘﺎﻟﻪ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ . ﻭﺟﻮﺩ ﻧﺎﺱ ﺃﻏﺮﺍﺏ ﻣﻌﺎﻧﺎ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺶ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﺃﻭﻱ ﻭ ﻻ ﺇﻧﺖ ﺇﻳﻪ ﺭﺃﻳﻚ ؟
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﺘﻔﻜﻴﺮ :
- ﺑﺲ ﻫﻤﺎ ﻣﺶ ﺃﻏﺮﺍﺏ ﻋﻨﻨﺎ ﻳﺎ ﻓﺮﻳﺎﻝ . ﺇﺣﻨﺎ ﻧﻌﺮﻓﻬﻢ . ﻣﺎﺗﻨﺴﻴﺶ ﺇﻥ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﻣﻦ ﺯﻣﺎﻥ ﺃﻭﻱ ! .. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﺠﺪﻳﺔ :
- ﻭ ﺑﻌﺪﻳﻦ ﺇﺑﻨﻬﻢ ﻗﺎﻋﺪ ﻣﻌﺎﻧﺎ ﺑﻘﺎﻟﻪ ﺃﻛﺘﺮ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﺷﻮﻓﻨﺎﺵ ﻣﻨﻪ ﺣﺎﺟﺔ ﻭ ﻣﺎﻓﻴﺶ ﺳﺮ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﻃﻠﻊ ﺑﺮﺍ .. ﻋﻠﻲ ﻣﺎ ﺃﻋﺘﻘﺪ .
ﺗﻨﻬﺪﺕ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﻭ ﻗﺎﻟﺖ ﺑﺈﺳﺘﺴﻼﻡ :
- ﺧﻼﺹ ﻳﺎ ﻳﺤﻴﻰ . ﺇﻟﻠﻲ ﺗﺸﻮﻓﻪ !
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻨﻌﻮﻣﺔ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺄﻧﺎﻣﻠﻪ ﺑﺒﻂﺀ ﻋﻠﻲ ﺧﺪﻫﺎ :
- ﻷ ﻣﺶ ﺇﻟﻠﻲ ﺃﺷﻮﻓﻪ . ﺇﻟﻠﻲ ﻧﺸﻮﻓﻪ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ . ﻟﻮ ﺣﺎﺳﺔ ﺑﻘﻠﻖ ﻧﺎﺣﻴﺘﻬﻢ ﺧﻼﺹ . ﺃﻧﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﺃﻋﺘﺬﺭﻟﻬﻢ ﻭ ﺃﺧﻠﻴﻬﻢ ﻳﻤﺸﻮﺍ ﺑﻜﺮﻩ ﺍﻟﺼﺒﺢ .
ﻓﺮﻳﺎﻝ ﺑﺈﺳﺘﻨﻜﺎﺭ ﻣﻤﺰﻭﺝ ﺑﺎﻟﺤﺮﺝ :
- ﻳﺎ ﺧﺒﺮ ! ﻷ . ﻷ ﻳﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﻣﺎﻳﻨﻔﻌﺶ ﻃﺒﻌﺎ . ﻛﺪﻩ ﻳﺒﻘﻲ ﺑﻨﻄﺮﺩﻫﻢ ﻣﺎﻳﺼﺤﺶ ﻷ .. ﺛﻢ ﺃﺭﺩﻓﺖ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻣﺘﻜﻠﻔﺔ :
- ﺧﻼﺹ . ﺃﻧﺎ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﻳﻘﻌﺪﻭﺍ ﻣﻌﺎﻧﺎ . ﺃﻣﺮ ﻟﻠﻪ ﺑﻘﻲ !
ﺇﺑﺘﺴﻢ " ﻳﺤﻴﻰ " ﺑﺤﺐ ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ :
- ﻗﻠﺒﻚ ﺃﺑﻴﺾ ﻃﻮﻝ ﻋﻤﺮﻙ ﻳﺎ ﺣﻴﺎﺗﻲ .
ﻓﺮﻳﺎﻝ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺮﺩ ﻟﻪ ﺍﻹﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﻭ ﺇﻧﺖ ﻃﻮﻝ ﻋﻤﺮﻙ ﻗﻠﺒﻲ ﻳﺎ ﻳﺤﻴﻰ .. ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ ﺑﺘﺤﺬﻳﺮ :
- ﺑﺲ ﺑﻌﺪ ﻛﺪﻩ ﻣﺎﺗﺒﻘﺎﺵ ﺗﺘﺼﺮﻑ ﻣﻦ ﺩﻣﺎﻏﻚ ﻭ ﺗﻌﺰﻡ ﺃﻱ ﺣﺪ ﺯﻱ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﺓ . ﻻﺯﻡ ﺗﺎﺧﺪ ﺭﺃﻳﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺯﻱ ﺩﻱ ﺍﻷﻭﻝ .
ﻳﺤﻴﻰ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﻣﺴﺮﺣﻲ :
- ﺳﻤﻌﺎ ﻭ ﻃﺎﻋﺔ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ .
ﺿﺤﻜﺖ " ﻓﺮﻳﺎﻝ " ﺑﺪﻻﻝ ، ﻭ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺇﺯﺩﺍﺩﺕ ﺇﻗﺘﺮﺍﺑﺎ ﻣﻨﻪ ﻟﻴﻠﺘﺤﻤﺎ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻱ
ﻭ ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﻗﻠﻖ ﺃﻭ ﺧﺠﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻫﻢ ﺃﺣﺪ ..
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺑﺎﻟﺠﻬﺔ ﺍﻷﺧﺮﻱ ... ﻳﺴﻤﻊ " ﻣﺮﺍﺩ " ﺑﺨﺒﺮ ﻣﺠﻴﺊ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ
ﻳﺘﻔﺎﺟﺄ ﺑﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎ ، ﻓﻴﻨﺰﻝ ﻣﻦ ﻏﺮﻓﺘﻪ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻟﻴﺘﺄﻛﺪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ..
- ﺑﺎﺑﺎ . ﻣﺎﻣﺎ !! .. ﻫﺘﻒ " ﻣﺮﺍﺩ " ﻣﺒﺘﺴﻤﺎ ﺑﺪﻫﺸﺔ ، ﺛﻢ ﺃﺳﺮﻉ ﺇﻟﻲ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺃﺑﻮﻳﻪ ﻭ ﺿﻤﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻜﻤﻞ ﺑﻌﺪﻡ ﺗﺼﺪﻳﻖ :
- ﺇﻧﺘﻮﺍ ﺟﻴﺘﻮﺍ ﺇﺯﺍﻱ ؟ ﻟﻴﻪ ﻣﺎﻗﻠﺘﻮﺵ ؟ .. ﻭﺣﺸﺘﻮﻧﻲ ﺃﻭﻭﻱ .
ﺭﺑﺘﺖ " ﺭﺑﺎﺏ " ﻋﻠﻲ ﺷﻌﺮ ﺇﺑﻨﻬﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ :
- ﺣﺒﻴﺒﻲ ﻳﺎﺑﻨﻲ . ﺇﻧﺖ ﻭﺣﺸﺘﻨﺎ ﺃﻛﺘﺮ .
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﺇﺣﻨﺎ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻧﻌﻤﻠﻬﺎﻟﻚ ﻣﻔﺎﺟﺄﺓ ﻭ ﻧﻄﺐ ﻋﻠﻴﻚ ﻋﻠﻲ ﻏﻔﻠﺔ .
ﻧﻈﺮ " ﻣﺮﺍﺩ " ﺇﻟﻲ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻭ ﻗﺎﻝ ﺑﺤﺒﻮﺭ ﺷﺪﻳﺪ :
- ﻭ ﺃﻧﺎ ﻓﻌﻼ ﺇﺗﻔﺎﺟﺌﺖ . ﻣﺎﺗﺘﺼﻮﺭﻭﺵ ﺇﻧﺘﻮﺍ ﻛﻨﺘﻮﺍ ﻭﺍﺣﺸﻨﻲ ﺇﺯﺍﻱ .. ﺛﻢ ﺗﺴﺎﺀﻝ ﺑﺈﻫﺘﻤﺎﻡ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻤﺢ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﺐ ﺑﺠﺎﻧﺒﻬﻢ :
- ﺑﺲ ﺇﻳﻪ ﺍﻟﺸﻨﻂ ﺩﻱ ؟ ﺇﻧﺘﻮﺍ ﻟﺴﺎ ﻣﺎﺣﺠﺰﺗﻮﺵ ﻓﻲ ﺁﻭﺗﻴﻞ ﻭ ﻻ ﺇﻳﻪ ؟ !
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﺠﺪﻳﺔ :
- ﻷ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ . ﻳﺤﻴﻰ ﺃﺻﺮ ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻨﺰﻝ ﻋﻨﺪﻩ ﻫﻨﺎ ﻟﺤﺪ ﻣﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺭﺣﻠﺘﻨﺎ ﻭ ﻧﺮﺟﻊ ﺗﺎﻧﻲ .
ﻣﺮﺍﺩ ﺑﺈﺳﺘﻐﺮﺍﺏ :
- ﺃﻧﻜﻞ ﻳﺤﻴﻰ ! ﻫﻮ ﻭﺻﻞ ؟
- ﺃﻳﻮﻩ . ﻗﺎﺑﻠﻨﺎﻩ ﺻﺪﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﻭ ﺟﻴﻨﺎ ﺳﻮﺍ .
ﺃﻭﻣﺄ " ﻣﺮﺍﺩ " ﺑﺘﻔﻬﻢ ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﺘﺮﺩﺩ :
- ﺑﺲ ﺇﻧﺘﻮﺍ ﻫﺘﺴﺘﺮﻳﺤﻮﺍ ﻫﻨﺎ ؟ ﻣﺶ ﻫﺘﺒﻘﻮﺍ ﻣﻀﺎﻳﻘﻴﻦ ﻳﻌﻨﻲ ؟
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﺪﻫﺸﺔ :
- ﻭ ﺇﻳﻪ ﺇﻟﻠﻲ ﻫﺎﻳﻀﺎﻳﻘﻨﺎ ﻳﺎﺑﻨﻲ ؟ !
ﻣﺮﺍﺩ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻬﺰ ﻛﺘﻔﺎﻩ ﺑﺨﻔﺔ :
- ﻳﻌﻨﻲ . ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﺶ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﻭ ﻣﻤﻜﻦ ﺁﺍ .. ﻭ ﺻﻤﺖ ﻓﺠﺄﺓ ، ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﺼﻮﻍ ﻋﺒﺎﺭﺗﻪ
ﻟﺘﻨﺪﻓﻊ ﺃﻣﻪ ﻭ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﻨﺰﻕ ﻣﻤﺰﻭﺝ ﺑﺎﻟﺤﺪﺓ :
- ﺇﻧﺖ ﺑﺘﻘﻮﻝ ﻛﺪﻩ ﻟﻴﻪ ؟ ﻫﻮ ﺣﺪ ﻫﻨﺎ ﺿﺎﻳﻘﻚ ﻳﻌﻨﻲ ؟ ﺣﺪ ﻋﻤﻠﻚ ﺣﺎﺟﺔ ؟ ﻣﺎ ﺗﺮﺩ ﺁﺍ ..
- ﺇﺳﺘﻨﻲ ﺷﻮﻳﺔ ﻳﺎ ﺭﺑﺎﺏ . ﻗﺎﻃﻊ " ﻣﺤﻤﻮﺩ " ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺑﺼﺮﺍﻣﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﻴﺪ ﺑﻨﻈﺮﻩ ﻋﻦ ﺇﺑﻨﻪ ، ﻭ ﺗﺎﺑﻊ :
- ﺇﺳﻤﻊ ﻳﺎ ﻣﺮﺍﺩ . ﺯﻱ ﻣﺎ ﻗﻮﻟﺘﻠﻚ ﻳﺤﻴﻰ ﻫﻮ ﺇﻟﻠﻲ ﺃﺻـــــﺮ ﻭ ﺃﻟــــــﺢ ﻛﻤﺎﻥ ﺇﻧﻨﺎ ﻧﻴﺠﻲ ﻫﻨﺎ .. ﺇﺣﻨﺎ ﺗﻤﺎﻡ ﻫﻨﻘﻌﺪ ﺑﺲ ﻟﻮ ﺣﺴﻴﻨﺎ ﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﺶ ﻣﺮﺗﺎﺣﻴﻦ ﺃﻭ ﺣﺴﻴﻨﺎ ﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﺶ ﻣﺮﺗﺎﺡ ﻟﻮﺟﻮﺩﻧﺎ ﻫﻨﺎﺧﺪ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻭ ﻫﻨﻤﺸﻲ ﻓﻮﺭﺍ . ﺧﻄﺘﻨﺎ ﻣﺎﻛﺎﻧﺘﺶ ﺍﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﺮ ﺍﻟﺒﺤﻴﺮﻱ . ﺇﺣﻨﺎ ﻛﻨﺎ ﻋﺎﻣﻠﻴﻦ ﺣﺴﺎﺑﻨﺎ ﻧﻨﺰﻝ ﻓﻲ ﺁﻭﺗﻴﻞ ﻭ ﺑﻌﺪﻳﻦ ﻛﻨﺎ ﻫﻨﺄﺟﺮ ﺑﻴﺖ ﺃﻭ ﺷﻘﺔ ﻧﻘﻌﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺇﻟﻠﻲ ﻫﻨﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻨﺎ . ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻣﺎﻓﻴﺶ ﻣﺸﻜﻠﺔ .. ﻓﻬﻤﺖ ؟
ﻣﺮﺍﺩ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﻓﻬﻤﺖ ﻳﺎ ﺑﺎﺑﺎ . ﻭ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﺣﻤﺪﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ .
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
ﺻﺒﺎﺡ ﻳﻮﻡ ﺟﺪﻳﺪ ... ﺗﺴﺘﻴﻘﻆ " ﺳﻤﺮ " ﻋﻠﻲ ﺻﻮﺕ ﺯﻗﺰﻗﺔ ﺍﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ
ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ، ﻓﺘﺠﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺻﺒﺎﺣﺎ
ﺗﺰﻓﺮ ﺑﻀﻴﻖ ﻭ ﺗﺘﻤﺘﻢ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ : " ﻫﻴﻌﻤﻞ ﻓﻴﺎ ﺇﻳﻪ ﺩﻩ ﻟﻮ ﻣﺎﺭﻭﺣﺘﺶ ؟ ﻳﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﺼﻴﺒﺔ ! "
ﻭ ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﺷﻬﺎ ﻭ ﺍﻟﻜﺪﺭ ﻳﻐﻴﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻠﻴﺎ ..
ﺗﻘﺎﺑﻞ " ﻓﺎﺩﻱ " ﺑﺎﻟﺼﺎﻟﺔ ، ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻤﻞ " ﻣﻠﻚ " ﺍﻟﺘﻲ ﺇﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺑﺎﻛﺮ ﻛﻌﺎﺩﺗﻬﺎ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﻴﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺑﺮﺃﺳﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﻛﺘﻔﻪ ﺑﻼ ﺣﺮﺍﻙ ، ﺗﺮﺍﻭﻍ ﻏﻔﻮﺓ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﺜﻘﻞ ﺃﻫﺪﺍﺑﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻴﻦ ﻭ ﺍﻷﺧﺮ ..
- ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ ! .. ﻗﺎﻟﺘﻬﺎ " ﺳﻤﺮ " ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺘﺤﺸﺮﺝ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻨﻮﻡ
ﺇﺑﺘﺴﻢ " ﻓﺎﺩﻱ " ﻭ ﻫﻮ ﻳﺮﺩ :
- ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻳﺎ ﺳﻤﺴﻤﺔ . ﺇﻳﻪ ! ﺟﺎﻫﺰﺓ ؟
ﺳﻤﺮ ﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎﻝٍ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺗﻌﺒﻴﺮ :
- ﺃﻳﻮﻩ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ . ﻫﻐﺴﻞ ﻭﺷﻲ ﻭ ﻫﺤﻀﺮﻟﻜﻮﺍ ﺍﻟﻔﻄﺎﺭ ﻭ ﺑﻌﺪﻳﻦ ﻫﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺪﺍ .
ﻓﺎﺩﻱ ﺑﺈﻣﺘﻨﺎﻥ :
- ﺭﺑﻨﺎ ﻳﺨﻠﻴﻜﻲ ﻟﻴﺎ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ . ﻣﻌﻠﺶ ﻟﻮ ﻫﺘﻌﺒﻚ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﺓ ﻭ ﺃﺳﻒ ﺇﻧﻲ ﻋﻄﻠﺘﻚ ﻋﻦ ﺷﻐﻠﻚ .
ﺳﻤﺮ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺑﺎﻫﺘﺔ :
- ﻭ ﻻ ﻳﻬﻤﻚ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ .. ﻭ ﺃﻛﻤﻠﺖ ﺑﺘﺴﺎﺅﻝ :
- ﺑﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺑﺘﺎﻋﻚ ﺩﻩ ﺟﺎﻱ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻛﺎﻡ ؟
- ﺟﺎﻱ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ 4 ﻛﺪﻩ .
ﺃﻭﻣﺄﺕ " ﺳﻤﺮ " ﻗﺎﺋﻠﺔ :
- ﻃﻴﺐ . ﻳﺪﻭﺏ ﺑﻘﻲ .. ﺷﻮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻔﻄﺎﺭ ﻳﺒﻘﻲ ﺟﺎﻫﺰ !
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°
ﺗﻤﺮ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـ " ﺳﻤﺮ " ... ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺈﻧﺠﺎﺯ ﻛﺒﻴﺮ ، ﺣﻴﺚ ﺃﻋﺪﺕ ﻃﻌﺎﻡ ﺍﻟﻐﺪﺍﺀ ﺍﻟﻔﺎﺧﺮ ﻛﻠﻪ
ﻃﺒﺨﺖ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻭ ﺷﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﻗﻴﺎﺳﻲ ، ﺛﻢ ﺗﻨﻔﺴﺖ ﺍﻟﺼﻌﺪﺍﺀ ﺃﺧﻴﺮﺍ ﻭ ﻭﻟﺠﺖ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﺎﺽ ..
ﺃﺧﺬﺕ ﺣﻤﺎﻣﺎ ﺳﺮﻳﻌﺎ ، ﺛﻢ ﺫﻫﺒﺖ ﺇﻟﻲ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ
ﺇﺭﺗﺪﺕ ﻣﻼﺑﺲ ﻧﻈﻴﻔﺔ ﻭ ﺃﻧﻴﻘﺔ ﺗﻼﺋﻢ ﺇﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻀﻴﻒ ، ﻭ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻫﺎﺗﻔﻬﻬﺎ .. ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﺇﻻ ﺍﻟﺜﻠﺚ ﻋﺼﺮﺍ
ﻭ ﻟﻜﻦ ﻏﺮﻳﺐ .. ﺇﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺼﻞ ﻭ ﻻ ﻣﺮﺓ ﺣﺘﻲ ﺍﻵﻥ !!
- ﺳﻤﺮ ! ﻳﻼ ﺗﻌﺎﻟﻲ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﺃﺩﻫﻢ ﻗﺪﺍﻣﻪ ﻋﺸﺮ ﺩﻗﺎﻳﻖ ﻭ ﻳﻮﺻﻞ .
ﻭ ﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻛﺎﻧﺖ " ﺳﻤﺮ " ﺗﻘﻒ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺃﺧﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩﻕ ﺟﺮﺱ ﺍﻟﺒﺎﺏ
ﻳﻔﺘﺢ " ﻓﺎﺩﻱ " ﻟﻴﻈﻬﺮ ﺍﻟﻀﻴﻒ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮ ..
ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎﺕ ، ﺫﺍ ﻭﺟﻪ ﻭﺳﻴﻢ ﻭ ﺇﻃﻼﻟﺔ ﺟﺬﺍﺑﺔ ، ﺑﺪﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻣﺎﺭﺍﺕ ﺳﻌﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻭ ﺍﻟﺘﺮﻑ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ ..
ﺃﻟﻘﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﺧﺎﻃﻔﺔ ﻧﺤﻮ " ﺳﻤﺮ " ﺛﻢ ﺗﻮﺟﻪ ﺇﻟﻲ " ﻓﺎﺩﻱ " ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ..
ﺃﺩﻫﻢ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ :
- ﻣﺴﺎﺀ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ .
ﻓﺎﺩﻱ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺼﺎﻓﺤﻪ ﺑﺤﺮﺍﺭﺓ :
- ﺃﻫﻼ ﻣﺴﺎﺀ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻳﺎ ﺩﻛﺘﻮﺭ . ﻧﻮﺭﺗﻨﺎ .. ﺛﻢ ﺇﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻲ ﺃﺧﺘﻪ ﻭ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻟﻪ :
- ﺳﻤﺮ ﺩﻩ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﺃﺩﻫﻢ ﺇﻟﻠﻲ ﺣﻜﻴﺘﻠﻚ ﻋﻨﻪ . ﺩﻛﺘﻮﺭ ﺃﺩﻫﻢ ﺩﻱ ﺳﻤﺮ ﺃﺧﺘﻲ .
ﺻﻮﺏ " ﺃﺩﻫﻢ " ﻧﺎﻇﺮﻳﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ .. ﺷﻤﻠﻬﺎ ﺑﻨﻈﺮﺓ ﻓﺎﺣﺼﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﺴﻤﺔ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺗﻌﻠﻮ ﺛﻐﺮﻩ ..
- ﺇﺗﺸﺮﻓﺖ ﺑﻴﻜﻲ ﻳﺎ ﺃﻧﺴﺔ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ .. ﻗﺎﻟﻬﺎ " ﺃﺩﻫﻢ " ﺑﻨﺒﺮﺓ ﻫﺎﺩﺋﺔ ، ﻟﺘﻮﻣﺊ " ﺳﻤﺮ " ﻭ ﻫﻲ ﺗﺮﺩ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﺍﻟﺸﺮﻑ ﻟﻴﺎ ﻳﺎ ﺩﻛﺘﻮﺭ .
ﻭ ﻫﻨﺎ ... ﺩﻕ ﻫﺎﺗﻔﻬﻬﺎ ، ﻟﺘﺮﻱ ﺣﺮﻭﻑ ﺇﺳﻤﻪ ﺗﻀﺊ ﺍﻟﺸﺎﺷﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﻧﻴﻦ ﺍﻟﺼﺎﺧﺐ ﺍﻟﻤـُﻠﺢ !!!!!
ﻳﺘﺒـــــﻊ ...
_ ﺭﻋﺐ ! _
ﺇﻋﺘﺬﺭﺕ " ﺳﻤﺮ " ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻬﺎ ﻭ ﺫﻫﺒﺖ ﻟﺘﺮﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻟﻤﺔ ... ﻟﻴﺄﺧﺬ " ﻓﺎﺩﻱ " ﺍﻟﻀﻴﻒ ﻭ ﻳﺠﻠﺴﻪ ﺑﺎﻟﺼﺎﻟﻮﻥ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻊ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻤﻄﺮﻩ ﺑﻮﺍﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﺘﺴﺎﻣﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺣﺒﺔ
ﻭﻟﺠﺖ " ﺳﻤﺮ " ﺇﻟﻲ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ ﻭ ﺃﻭﺻﺪﺕ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺧﻠﻔﻬﺎ
ﻭ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺍﻟﺮﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺻﻞ ﺿﻐﻄﺖ ﺯﺭ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻭ ﺭﺩﺕ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺘﻮﺗﺮ :
- ﺃﻟﻮ !
- ﺃﻳﻮﻩ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ . ﺇﻳﻪ ﻣﺎ ﺭﺩﺗﻴﺶ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻟﻴﻪ ؟
ﻛﺎﻥ ﺻﻮﺕ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﻣﺘﻮﺍﺯﻧﺎ .. ﻓﻴﻪ ﻗﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻬﺪﻭﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻮﺟﺲ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺃﻛﺒﺮ ..
- ﻣـ ﻣﻌﻠﺶ ﺍﻟﻤﻮﺑﺎﻳﻞ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻨﻲ .. ﻫﻜﺬﺍ ﺃﺟﺎﺑﺘﻪ " ﺳﻤﺮ " ﻭ ﻫﻲ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺿﺒﻂ ﺍﻟﻬﺰﺓ ﻓﻲ ﺻﻮﺗﻬﺎ ﻗﺪﺭ ﺃﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻨﺒﺮﺗﻪ ﺍﻟﺨﻔﻴﻀﺔ ﺍﻟﻬﺎﺩﺋﺔ :
- ﺃﻭﻭﻙ . ﻋﻤﻮﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻛﻨﺖ ﺑﺘﺼﻞ ﺃﻗﻮﻟﻚ Sorry ﻫﻀﻄﺮ ﺃﻛﻨﺴﻞ ﻣﻴﻌﺎﺩﻧﺎ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﻩ ﺑﺲ ﺃﻛﻴﺪ ﻫﻨﺘﻘﺎﺑﻞ ﺑﻜﺮﻩ .
ﺳﻤﺮ ﺑﻌﺪﻡ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﻭ ﺳﺮﻭﺭ ﻓﻲ ﺁﻥ :
- ﺩﻩ ﺑﺠﺪ ! ﻗﺼﺪﻱ ﻟﻴﻪ ﻛﺪﻩ ؟؟؟
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺄﺳﻒ :
- ﺻﺤﻴﺖ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻳﺎﺳﺘﻲ ﻻﻗﻴﺖ ﺃﺑﻮﻳﺎ ﺭﺟﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭ ﺇﺑﻦ ﻋﻤﻲ ﻛﻤﺎﻥ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻲ ﻭ ﺭﺟﻊ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻴﻠﺔ ﻣﺘﺠﻤﻌﻴﻦ ﺑﻘﻲ ﻭ ﻣﺤﺪﺵ ﺭﺍﺿﻲ ﻳﻔﺮﺝ ﻋﻨﻲ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﻩ .. ﻣﻌﻠﺶ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ . ﺑﻜﺮﻩ ﻫﻌﻮﺿﻚ .
ﺳﻤﺮ ﺑﻐﺒﻄﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ :
- ﻭ ﻻ ﻳﻬﻤﻚ ﺧﺪ ﺭﺍﺣﺘﻚ ﺧﺂﺍﻟﺺ . ﻗﺼﺪﻱ ﻣﺎﺗﺴﺘﻌﺠﻠﺶ . ﻳﻌﻨﻲ ﻫﻨﺮﻭﺡ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻓﻴﻦ !
ﺻﻤﺖ ﻗﺼﻴﺮ .. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﺸﻚ :
- ﺃﻭﻣﺎﻝ ﺇﻧﺘﻲ ﻓﻴﻦ ﻛﺪﻩ ﻳﺎ ﺑﻴﺒﻲ ؟
ﺇﺯﺩﺭﺩﺕ ﺭﻳﻘﻬﺎ ﺑﺘﻮﺗﺮ ﻭ ﺃﺟﺎﺑﺖ ﺑﺈﺭﺗﺒﺎﻙ :
- ﺁﺍ ﺃﻧـ ﺃﻧﺎ . ﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ !
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺪﻫﺸﺔ :
- ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺇﺯﺍﻱ ﻳﻌﻨﻲ ؟ ﻟﺴﺎ ﺷﻮﻳﺔ ﻋﻠﻲ ﻣﻴﻌﺎﺩ ﺍﻹﻧﺼﺮﺍﻑ ! .. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﻐﻀﺐ :
- ﺇﻧﺘﻲ ﻣﺎﺭﻭﺣﺘﻴﺶ ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﺓ ؟؟؟
ﺳﻤﺮ ﺑﺈﺭﺗﺒﺎﻙ ﺃﺷﺪ :
- ﻣـ ﻣﺎ . ﻣﺎ ﻣﺎ ﺁﺍ ..
- ﻣﺎ ﺇﻳـــــﻪ ﺇﺗﻜﻠﻤﻲ ! .. ﻗﺎﻃﻌﻬﺎ ﺑﺈﻧﻔﻌﺎﻝ ﻭ ﺗﺎﺑﻊ :
- ﻳﻌﻨﻲ ﻟﻮ ﻣﺎﻛﻨﺘﺶ ﺇﺗﺼﻠﺖ ﺑﻴﻜﻲ ﻣﺎﻛﻨﺘﺶ ﻋﺮﻓﺖ ﺇﻧﻚ ﻃﻨﺸﺘﻴﻨﻲ ﻭ ﻛﺴﺮﺗﻲ ﻛﻼﻣﻲ ؟ ﺇﻧﺖ ﺑﺘﺘﺤﺪﻳﻨﻲ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ ؟؟؟
ﺗﺨﻴﻠﺖ " ﺳﻤﺮ " ﺃﻥ ﻧﺒﺮﺓ ﺻﻮﺗﻪ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺗﺠﺎﻭﺯﺕ ﺳﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻭ ﺻﺎﺭ ﺑﺈﻣﻜﺎﻥ ﺃﺧﻴﻬﺎ ﺳﻤﺎﻋﻪ ﻭ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ..
- ﺃﺭﺟﻮﻙ ﻭﻃﻲ ﺻﻮﺗﻚ .. ﻗﺎﻟﺘﻬﺎ ﺑﺨﻮﻑ ﺷﺪﻳﺪ ﻭ ﻫﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺒﺎﺏ ، ﻟﻴﺮﺩ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﺈﺳﺘﻨﻜﺎﺭ ﻣﻤﺰﻭﺝ ﺑﻌﺼﺒﻴﺘﻪ :
- ﺃﻭﻃﻲ ﺻﻮﺗﻲ ! ﻫﻮ ﺇﻧﺘﻲ ﻟﺴﺎ ﺷﻮﻓﺘﻲ ﺣﺎﺟﺔ ؟ ﺑﺲ ﻟﻤﺎ ﺃﺷﻮﻓﻚ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ . ﻫﺨﻠﻴﻜﻲ ﺗﻔﻜﺮﻱ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻣﺮﺓ ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺎﻭﻟﻲ ﺗﻜﺴﺮﻳﻠﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﺎﻧﻲ .
ﺳﻤﺮ ﻭ ﻗﺪ ﺗﻤﻠﻚ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺮﻋﺐ :
- ﻫﺘﻌﻤﻠﻲ ﺇﻳﻪ ﻳﻌﻨﻲ ؟ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﺩﻩ ؟ !
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻨﺒﺮﺓ ﻭﻋﻴﺪ :
- ﺃﻓﻀﻞ ﺗﺸﻮﻓﻲ ﺑﻨﻔﺴﻚ .. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﺼﺮﺍﻣﺔ :
- ﺑﻜﺮﻩ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ 9 ﻧﺘﻘﺎﺑﻞ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ . ﺇﻭﻋﻲ ﺗﺘﺄﺧﺮﻱ ﺯﻱ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺇﻟﻠﻲ ﻓﺎﺗﺖ ﻭ ﺟﺮﺑﻲ ﻣﺎﺗﺠﻴﺶ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ . ﻳﺎ ﻭﻳﻠﻚ ﻣﻨﻲ ﻟﻮ ﻋﻤﻠﺘﻴﻬﺎ .. ﺳﻼﻡ ﻳﺎ ﺑﻴﺒﻲ .
ﻭ ﺃﻗﻔﻞ ﺍﻟﺨﻂ ﺑﻮﺟﻬﻬﺎ ..
- ﻳﺎ ﻧﻬﺎﺭ ﺇﺳﻮﺩ ! .. ﺗﻤﺘﻤﺖ " ﺳﻤﺮ " ﺑﺈﻧﻴﻬﺎﺭ ، ﻭ ﺃﻛﻤﻠﺖ :
- ﻫﻴﻌﻤﻞ ﻓﻴﺎ ﺇﻳﻪ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﺩﻩ ؟ .. ﻣﺶ ﻣﻤﻜﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﺣﺎﺟﺔ . ﻫﻴﻌﻤﻞ ﺇﻳﻪ ﻳﻌﻨﻲ ! . ﻳﺎ ﺭﺑﻲ ﺃﻋﻤﻞ ﺇﻳﻪ ﺑﺲ . ﺃﻧﺎ ﺃﻋﺼﺎﺑﻲ ﺇﺩﻣﺮﺕ ﺧﻶﺍﺹ !!
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
ﺃﻧﻬﻲ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﻣﻜﺎﻟﻤﺘﻪ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻐﻠﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ... ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻓﺔ ﻭ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ
ﺣﻴﺚ ﺇﺣﺪﻱ ﺍﻟﻘﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻔﺨﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺰﻳﺪﻫﺎ ﺟﻤﺎﻻ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﺬ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺴﻘﻒ ﻟﺘﻤﻨﺢ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪ ﺇﻃﻼﻟﺔ ﺑﺎﻧﻮﺭﺍﻣﻴﺔ ﺁﺳﺮﺓ ..
- ﻳﺎﺑﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﻓﻴﻦ ؟ ﻣﺶ ﺗﻘﻌﺪ ﻣﻌﺎﻧﺎ ﺑﻘﻲ ! .. ﻗﺎﻟﻬﺎ " ﻳﺤﻴﻰ " ﺑﺈﻧﺰﻋﺎﺝ ، ﻭ ﺃﺭﺩﻑ ﺑﺤﺪﺓ :
- ﺃﻧﺎ ﻗﻠﺖ ﻣﺎﻓﻴﺶ ﺧﺮﻭﺝ ﺇﻧﻬﺎﺭﺩﺓ .
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﺃﻧﺎ ﺟﻴﺖ ﺃﻫﻮ . ﻛﻨﺖ ﺑﻌﻤﻞ ﻣﻜﺎﻟﻤﺔ ﺑﺲ .
ﻭ ﺫﻫﺐ ﻟﻴﺠﻠﺲ ﺑﺠﻮﺍﺭ ﺃﻣﻪ ..
- ﻣﻨﻮﻭﺭ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻳﺎﺑﻮ ﺍﻟﺼﻠـــﻮﻭﻭﺡ . ﺣﻤﺪﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ .. ﻗﺎﻟﻬﺎ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﻭ ﻫﻮ ﻳﻤﺪ ﻳﺪﻩ ﻭ ﻳﺮﺑﺖ ﻋﻠﻲ ﻗﺪﻡ " ﺻﺎﻟﺢ "
ﺇﺑﺘﺴﻢ " ﺻﺎﻟﺢ " ﻭ ﻫﻮ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﻤﺘﻨﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻠﺲ ﻓﻮﻗﻪ ، ﺛﻢ ﺭﺩ ﺩﻋﺎﺑﺔ ﺇﺑﻦ ﻋﻤﻪ :
- ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺴﻠﻤﻚ ﻳﺎﺑﻦ ﻋﻤﻲ . ﻫﻮ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻛﺎﻥ ﻧﺎﻗﺼﻨﻲ ﻋﺸﺎﻥ ﻳﻨﻮﺭ ﻳﻌﻨﻲ ؟ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻧﺎﺱ ﺯﻱ ﺍﻟﻔﻞ ﺃﻫﻮ ﻣﺶ ﻗﺎﻃﻌﻴﻦ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎﺭ .
ﺿﺤﻚ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺇﺛﺮ ﺟﻤﻠﺘﻪ ، ﻭ ﺷﺎﺭﻙ " ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻤﺠﺪ " ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺮﺡ :
- ﻃﻮﻝ ﻋﻤﺮﻙ ﺩﻣﻚ ﺧﻔﻴﻒ ﻳﺎ ﺻﺎﻟﺢ . ﺭﺑﻨﺎ ﻳﺸﻔﻴﻚ ﻳﺎﺑﻨﻲ ﻭ ﻳﻘﻮﻣﻚ ﺑﺎﻟﺴﻼﻣﺔ .
ﺻﺎﻟﺢ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ :
- ﻣﺘﺸﻜﺮ ﻳﺎ ﺃﻧﻜﻞ .. ﺛﻢ ﺗﺴﺎﺀﻝ ﺑﺈﻫﺘﻤﺎﻡ :
- ﺃﻭﻣﺎﻝ ﻫﻲ ﻓﻴﻦ ﻫﺎﻟﺔ ﻳﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ؟ !
ﺃﺟﺎﺑﺘﻪ " ﺻﻔﻴﺔ " ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﺔ ﺑﺨﻔﺔ ﻋﻠﻲ ﻳﺪ ﻣﻘﻌﺪﻩ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻲ :
- ﺃﻧﺎ ﻃﻠﻌﺖ ﺃﻧﺪﻫﻠﻬﺎ ﺑﺲ ﻗﺎﻟﺘﻠﻲ ﺗﻌﺒﺎﻧﺔ ﻭ ﻣﺶ ﻫﺘﻘﺪﺭ ﺗﻨﺰﻝ .
ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻘﻠﻖ :
- ﺗﻌﺒﺎﻧﺔ ﺇﺯﺍﻱ ﻳﻌﻨﻲ ؟ ﻃﻴﺐ ﺃﻃﻠﻊ ﺷﻮﻓﻬﺎ ﻳﺎ ﺑﺎﺑﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ !
ﺗﻨﻬﺪ " ﺭﻓﻌﺖ " ﺑﺴﺄﻡ ، ﻭ ﻗﺎﻝ :
- ﻣﺎﺗﻘﻠﻘﺶ ﻳﺎﺑﻨﻲ . ﻫﻲ ﻛﻮﻳﺴﺔ .
ﺻﺎﻟﺢ ﺑﺸﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ :
- ﻭ ﺣﻀﺮﺗﻚ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻨﻴﻦ ﻛﻨﺖ ﺷﻮﻓﺘﻬﺎ ﻳﻌﻨﻲ ؟ !
ﺭﻓﻌﺖ ﺑﻀﻴﻖ :
- ﺃﺧﺘﻚ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﺃﻭﻱ ﺯﻱ ﻣﺎ ﺇﻧﺖ ﻋﺎﺭﻑ .. ﺛﻢ ﺃﻛﻤﻞ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺤﺪﺝ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﻨﻈﺮﺍﺕ ﺫﺍﺕ ﻣﻐﺰﻱ :
- ﺃﻗﻞ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻤﻜﻦ ﺗﻀﺎﻳﻘﻬﺎ ﺃﻭ ﺗﺘﻌﺒﻬﺎ . ﺑﺲ ﻫﻲ ﺑﺘﺮﺟﻊ ﻭ ﺑﺘﺒﻘﻲ ﻛﻮﻳﺴﺔ . ﻣﺎﺗﻘﻠﻘﺶ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﺗﻈﺎﻫﺮ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﻌﺪﻡ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻤﻪ ﺍﻹﺗﻬﺎﻣﻴﺔ ﻭ ﻭﺍﺻﻞ ﺍﻟﻌﺒﺚ ﺑﻬﺎﺗﻔﻬﻪ ﻭ ﻫﻮ ﻻ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ ﻣﻐﺎﺯﻟﺔ ﺃﻣﻪ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺇﺳﺘﻤﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭ ﺍﻟﻬﺮﺝ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻟﻴﻤﺘﻠﺊ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺑﺎﻟﺪﻑﺀ ﻭ ﺍﻷﻟﻔﺔ ﺍﻷﺳﺮﻳﺔ ..
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻝ " ﺳﻤﺮ " ... ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺪﺍﺀ ، ﺗﺪﺧﻞ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﻮﻥ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻃﻘﻢ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﺑﺎﺕ
ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺸﺎﻱ ﺇﻟﻲ " ﻓﺎﺩﻱ " ﺛﻢ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﺍﻟﻤﻀﺒﻮﻃﺔ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻀﻴﻒ ..
- ﺗﺴﻠﻢ ﺇﻳﺪﻙ ﻳﺎ ﺃﻧﺴﺔ ﺳﻤﺮ ! .. ﻗﺎﻟﻬﺎ " ﺃﺩﻫﻢ " ﻣﺒﺘﺴﻤﺎ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻨﺠﺎﻥ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ، ﻭ ﺗﺎﺑﻊ ﺑﺜﻨﺎﺀ :
- ﺍﻷﻛﻞ ﻛﺎﻥ ﺣﻠﻮ ﺃﻭﻱ . ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﻦ ﻣﺪﺓ ﻣﺎﺩﻭﻗﺘﺶ ﺃﻛﻞ ﺑﻴﺘﻲ ﺣﻠﻮ ﻛﺪﻩ .
ﺳﻤﺮ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻭ ﻫﻲ ﺗﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻛﺮﺳﻲ ﻣﺠﺎﻭﺭ ﻷﺧﻴﻬﺎ :
- ﻣﻴﺮﺳﻲ ﻳﺎ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﻭ ﺑﺎﻟﻬﻨﺎ ﻭ ﺍﻟﺸﻔﺎ . ﺩﻱ ﺣﺎﺟﺎﺕ ﺑﺴﻴﻄﺔ .
ﺃﺩﻫﻢ ﺑﺪﻫﺸﺔ :
- ﻛﻞ ﺩﻩ ﻭ ﺣﺎﺟﺎﺕ ﺑﺴﻴﻄﺔ ! ﺑﻼﺵ ﺗﻮﺍﺿﻊ . ﺃﻛﻠﻚ ﻳﺠﻨﻦ ﻭ ﺍﻷﺻﻨﺎﻑ ﺇﻟﻠﻲ ﻋﻤﻠﺘﻴﻬﺎ ﻋﺠﺒﺘﻨﻲ ﺃﻭﻭﻱ .
ﺳﻤﺮ ﻭ ﻗﺪ ﺗﻮﺭﺩﺕ ﻭﺟﻨﺘﺎﻫﺎ ﺧﺠﻼ :
- ﻣﻴﺮﺳﻲ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺮﻗﻴﻘﺔ .
ﺃﺩﻫﻢ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻪ ﺍﻟﺠﺬﺍﺑﺔ :
- ﻣﺶ ﺑﺠﺎﻣﻞ ﻋﻠﻲ ﻓﻜﺮﺓ . ﺩﻱ ﺣﻘﻴﻘﺔ .. ﻭ ﻻ ﺇﻧﺖ ﺇﻳﻪ ﺭﺃﻳﻚ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ ؟
ﻓﺎﺩﻱ ﺑﺈﻋﺘﺪﺍﺩ ﻭ ﻓﺨﺮ :
- ﻭ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﺯﻣﺎﻥ ﻣﻌﺠﺐ ﺑﺄﻛﻠﻬﺎ ﻭ ﻣﺶ ﺃﻧﺎ ﻟﻮﺣﺪﻱ . ﻛﻞ ﻣﻌﺎﺭﻓﻨﺎ ﻭ ﺟﻴﺮﺍﻧﺎ ﺑﻴﺸﻜﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻛﻞ .
ﻭ ﻫﻨﺎ ﻻﺣﻆ " ﺃﺩﻫﻢ " ﺧﺠﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺰﺍﻳﺪ ، ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻠﺒﻘﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﻌﻬﻮﺩﺓ :
- ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺇﻥ ﺍﻷﻧﺴﺔ ﺳﻤﺮ ﺑﺘﺘﻜﺴﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺡ . ﻃﻴﺐ ﻧﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻋﺸﺎﻥ ﺧﺎﻃﺮﻫﺎ .. ﺛﻢ ﻣﻀﻲ ﻳﻜﻤﻞ ﺑﺠﺪﻳﺔ :
- ﺷﻮﻑ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ . ﺃﻧﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﺧﻠﺼﺖ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺗﻌﻴﻴﻨﻚ . ﻣﺶ ﻫﻴﺒﻘﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﻌﺪ ﻛﺪﻩ ﻏﻴﺮ ﺇﻧﻚ ﺗﺴﺘﻠﻢ ﺷﻐﻠﻚ .
ﻓﺎﺩﻱ ﺑﺤﻤﺎﺳﺔ :
- ﺃﻧﺎ ﺟﺎﻫﺰ ﻳﺎ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﻣﻦ ﺑﻜﺮﻩ ﻟﻮ ﺃﻣﻜﻦ .
- ﻃﺒﻌﺎ ﻣﻤﻜﻦ . ﺧﻼﺹ ﺑﻜﺮﻩ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﺗﻄﻠﻊ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻭ ﺗﺴﺘﻠﻢ ﻣﻜﺎﻧﻚ ﻫﻨﺎﻙ .
ﺳﻤﺮ ﺑﺼﺪﻣﺔ :
- ﺑﺤﺮ ﺃﺣﻤﺮ ﺇﻳﻪ ؟ ﺇﻧﺖ ﻫﺘﺴﺎﻓﺮ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ ؟؟؟
ﻧﻈﺮ " ﻓﺎﺩﻱ " ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭ ﺭﺩ ﺑﺸﺊ ﻣﻦ ﺍﻹﺭﺗﺒﺎﻙ :
- ﺃﻳﻮﻩ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ . ﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻧﺴﻴﺖ ﺃﻗﻮﻟﻚ ﺇﻥ ﺷﻐﻠﻲ ﻫﻴﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻﺯﻡ ﺃﺳﺎﻓﺮ .
ﺳﻤﺮ ﺑﻐﺼﺔ ﻣﺮﻳﺮﺓ :
- ﻫﺘﺴﻴﺒﻨﺎ ﻭ ﺗﺴﺎﻓﺮ ؟ ﻃﺐ ﻣﻴﻦ ﺇﻟﻠﻲ ﻫﻴﺎﺧﺪ ﺑﺎﻟﻪ ﻣﻨﻲ ﻭ ﻣﻦ ﻣﻠﻚ ؟؟ !
ﻓﺎﺩﻱ ﺑﺘﺄﺛﺮ ﺷﺪﻳﺪ :
- ﺃﻧﺎ ﻣﺶ ﻫﺴﻴﺒﻜﻮﺍ ﺑﻤﺰﺍﺟﻲ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ . ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﻛﺪﻩ ﻃﺐ ﻫﻌﻤﻞ ﺇﻳﻪ ﻳﻌﻨﻲ !
ﻭ ﺑﺪﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ ﺭﺩﺓ ﻓﻌﻞ " ﺃﺩﻫﻢ " ﻟﺘﻼﺣﻆ " ﺳﻤﺮ " ﻫﺬﺍ ﻭ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﺈﺳﺘﺴﻼﻡ :
- ﺧﻼﺹ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ . ﺳﺎﻓﺮ .. ﺭﺑﻨﺎ ﻳﻮﻓﻘﻚ .
ﻳﺘﺪﺧﻞ " ﺃﺩﻫﻢ " ﺑﻠﻄﻒ :
- ﺃﻧﺴﺔ ﺳﻤﺮ ﻣﺎﺗﻘﻠﻘﻴﺶ . ﻓﺎﺩﻱ ﻣﺶ ﻫﻴﻐﻴﺐ ﻋﻠﻴﻜﻮﺍ ﻛﺘﻴﺮ ﻫﻤﺎ ﺧﻤﺴﺘﻴﺎﻡ ﺇﻟﻠﻲ ﻫﻴﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻭ ﻫﻴﺠﻲ ﻳﻘﻀﻲ ﻣﻌﺎﻛﻮﺍ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﺳﺒﻮﻉ !
ﺃﻭﻣﺄﺕ " ﺳﻤﺮ " ﻭ ﻫﻲ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺭﺳﻢ ﺇﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻲ ﺛﻐﺮﻫﺎ
ﻟﻴﺄﺗﻴﻬﺎ ﺻﻮﺕ ﺑﻜﺎﺀ " ﻣﻠﻚ " ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ..
ﺳﻤﺮ ﺑﻮﺟﻮﻡ :
- ﻋﻦ ﺇﺫﻧﻜﻮﺍ . ﻫﺮﻭﺡ ﺃﺷﻮﻑ ﻣﻠﻚ !
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ... ﻳﻮﺩﻉ " ﻓﺎﺩﻱ " ﺷﻘﻴﻘﺘﺎﻩ
ﺗﻘﻠﺒﺖ " ﻣﻠﻚ " ﺑﻴﻦ ﺫﺭﺍﻋﻲ ﺃﺧﺘﻬﺎ ﻭ ﻣﻀﺖ ﺇﻟﻲ ﺃﺧﻴﻬﺎ ﻓﺈﺣﺘﻀﻨﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺫﺭﺍﻋﻴﻪ ..
ﻫﻤﺲ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﺭﺃﺳﻬﺎ :
- ﺃﺷﻮﻑ ﻭﺷﻚ ﺑﺨﻴﺮ ﻳﺎ ﺳﻤﺮ !
ﺃﻭﻣﺄﺕ " ﺳﻤﺮ " ﻗﺎﺋﻠﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﺗﻠﻤﻊ ﺑﻌﻴﻨﺎﻫﺎ :
- ﺃﺷﻮﻑ ﻭﺷﻚ ﺑﺨﻴﺮ ﻳﺎ ﻓﺎﺩﻱ .
ﺃﻭﺻﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ . :
- ﺧﻠﻲ ﺑﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻚ ﻭ ﻣﻦ ﻣﻠﻚ .
ﺳﻤﺮ ﺑﺨﻔﻮﺕ :
- ﻣﺎﺗﻘﻠﻘﺶ .
- ﻫﺒﻘﻲ ﺃﻛﻠﻤﻜﻮﺍ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ .
ﺛﻢ ﻟﺜﻢ ﺟﺒﻬﺔ " ﻣﻠﻚ " ﻭ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻨﺘﻴﻬﺎ ﻭ ﺃﻋﺎﺩﻫﺎ ﺇﻟﻲ " ﺳﻤﺮ " ﺛﺎﻧﻴﺔً ..
ﺭﺣﻞ ... ﻓﺄﺧﺬﺕ " ﺳﻤﺮ " ﺷﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﺓ " ﺯﻳﻨﺐ " ﻭ ﺫﻫﺒﺖ ﻋﻠﻲ ﺃﺳﺎﺱ ﺇﻟﻲ ﻋﻤﻠﻬﺎ ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﺟﻬﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ
ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﺍﻋﺪﺍ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ..
ﺇﻧﺘﻈﺮﺕ ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﺇﺿﺎﻓﻴﺔ ﺣﺘﻲ ﺁﺗﻲ
ﺭﺃﺗﻪ ﻭ ﻫﻮ ﻳﻮﻗﻒ ﺳﻴﺎﺭﺗﻪ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺔ ، ﺇﺭﺗﺠﻔﺖ ﻣﺮﺗﻌﺒﺔ ﺣﻴﻦ ﺇﻟﺘﻘﺖ ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ ﺑﻌﻴﻨﺎﻩ
ﻧﻈﺮﺍﺗﻪ ﻣﺨﻴﻔﺔ .. ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺒﺘﺴﻢ ، ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻀﻤﺮ ﻟﻬﺎ ..
- ﺇﺭﻛﺒﻲ ﻳﺎ ﺑﻴﺒﻲ ! ﻣﺴﺘﻨﻴﺔ ﺇﻳﻪ ؟ .. ﻗﺎﻟﻬﺎ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﻨﻌﻮﻣﺔ ، ﺛﻢ ﻣﺪ ﻳﺪﻩ ﻭ ﻓﺘﺢ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻟﺘﺴﺘﻘﻞ ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ
ﻟﺒﺖ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﺑﺂﻟﻴﺔ ، ﻟﺘﺴﺄﻟﻪ ﺑﺘﺮﺩﺩ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺇﻧﻄﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎﺭﺓ :
- ﻫـ ﻫﻮ ﺇ ﺇﺣﻨﺎ ﺭﺍﻳﺤﻴﻦ ﻓﻴﻦ ؟
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺒﺮﻭﺩ ﺷﺪﻳﺪ :
- ﺃﻧﺎ ﺧﺪﺕ ﺑﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺇﻟﻠﻲ ﻓﺎﺗﺖ ﺇﻥ ﺍﻟﻴﺨﺖ ﻋﺠﺒﻚ . ﻓﻘﻠﺖ ﻫﺨﺪﻙ ﺗﺎﻧﻲ ﺑﻘﻲ ﻭ ﻧﻘﻀﻲ ﺳﻮﺍ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﺣﻠﻮﻳﻦ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺒﺤﺮ .. ﻋﺸﺎﻥ ﻣﺎﺗﻌﺮﻓﻴﺶ ﺗﻬﺮﺑﻲ ﻣﻨﻲ !
ﺳﻤﺮ ﺑﺈﻧﻔﻌﺎﻝ :
- ﻳﻮﻣﻴﻦ ﺇﻳﻪ ! ﻗﻮﻟﺘﻠﻚ ﻣﺎﻳﻨﻔﻌﺶ ﺃﻏﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺃﻛﺘﺮ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺸﻐﻞ .
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺤﺪﺓ :
- ﻭﻃﻲ ﺻﻮﺗﻚ . ﻣﺶ ﻫﻜﻤﻠﻚ ﺗﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺩﻩ .. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﺼﻮﺕ ﺟﺎﺯﻡ :
- ﻭ ﺑﻌﺪﻳﻦ ﻗﻠﺖ ﻫﺘﻘﻀﻲ ﻣﻌﺎﻳﺎ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺘﻘﻀﻲ ﻣﻌﺎﻳﺎ ﻳﻮﻣﻴﻦ .
- ﺑﺲ ﺁﺍ ..
- ﻣﺎﺑﺴﺶ .. ﻗﺎﻃﻌﻬﺎ ﺑﺼﺮﺍﻣﺔ ، ﻭ ﺗﺎﺑﻊ :
- ﺳﻴﺎﺩﺗﻚ ﻣﺮﺍﺗﻲ ﻭ ﺃﻧﺎ ﻟﻴﺎ ﺣﻘﻮﻕ ﻋﻠﻴﻜﻲ ﻭ ﻟﻤﺎ ﺃﻗﻮﻝ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺎ ﺗﺘﺮﺩﺵ ﺃﺑﺪﺍ ﻓﺎﻫﻤﺔ ؟
ﺷﺪﺕ ﻋﻠﻲ ﺃﺳﻨﺎﻧﻬﺎ ﻭ ﺭﺍﺣﺖ ﺗﻠﻬﺚ ﺑﻘﻮﺓ ... ﻻ ﻣﻔﺮ ، ﺇﺗﻀﺢ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﺒﺮﺓ ﺻﻮﺗﻪ ، ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻛﻼﻣﻪ .. ﻭ ﻳﺎ ﻟﻴﺘﻪ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﻬﺬﺍ
ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ ﺃﻭﻗﻒ ﺳﻴﺎﺭﺗﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺇﺣﺪﻱ ﺍﻟﺒﻨﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ، ﺛﻢ ﺃﺩﺍﺭ ﻟﻬﺎ ﻭﺟﻬﻪ ﻭ ﻗﺎﻝ ﺑﺄﻣﺮ :
- ﺇﻧﺰﻟﻲ .
ﺭﻣﻘﺘﻪ ﺑﺈﺳﺘﻐﺮﺍﺏ ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺇﻧﺼﺎﻋﺖ ﻟﻪ
ﺗﺮﺟﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭ ﻣﺸﺖ ﻧﺎﺣﻴﺘﻪ ... ﺃﻣﺴﻚ ﺑﻴﺪﻫﺎ ﻭ ﺟﺮﻫﺎ ﺧﻠﻔﻪ ، ﻟﻴﺠﺘﺎﺯﺍ ﻣﻌﺎ ﻣﻤﺮ ﺣﺠﺮﻱ
ﺗﺒﻌﺘﻪ ﻭ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻳﺮﺗﺠﻒ ﺑﻴﻦ ﺃﺿﻼﻋﻬﺎ ، ﺗﺮﻱ ﺃﻳﻦ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﺑﻬﺎ ؟ ﻣﺎ ﺫﺍ ﺳﻴﻔﻌﻞ ﻟﻬﺎ ؟؟؟
ﺇﺯﺩﺍﺩﺕ ﺣﻴﺮﺗﻬﺎ ﺣﻴﻦ ﻭﻟﺞ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ..
ﺍﻹﺿﺎﺀﺓ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻫﻨﺎ ﻭ ﻻﺷﻚ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺰﻋﺠﺔ ﻗﻠﻴﻼ ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺇﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﺮﻱ ﻭ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺑﻮﺿﻮﺡ ..
ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮﺓ ، ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻲ ﺍﻟﻤﻨﺒﻌﺜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺴﻘﻒ ، ﺍﻟﻤﻠﺼﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﺔ ﻭ ﺍﻹﻃﻼﻻﺕ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﺗﺰﻳﻦ ﺍﻟﺠﺪﺭﺍﻥ ، ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻌﺞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎﺀ !!!
- ﻛﻮﺍﻓﻴﺮ ! .. ﺗﻤﺘﻤﺖ " ﺳﻤﺮ " ﺑﺈﺳﺘﻐﺮﺍﺏ ﺷﺪﻳﺪ ، ﺛﻢ ﺇﻟﺘﻔﺘﺖ ﻟﻪ ﺑﺴﺮﻋﺔ
ﻭﺟﺪﺗﻪ ﻳﺮﻣﻘﻬﺎ ﺑﻨﻈﺮﺍﺗﻪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺃﺻﺎﺑﻌﻪ ﺍﻟﻐﻠﻴﻈﺔ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺗﺤﺎﻭﻁ ﺭﺳﻐﻬﺎ ﺑﺈﺣﻜﺎﻡ ..
- ﺇﺣﻨﺎ ﺇﻳﻪ ﺇﻟﻠﻲ ﺟﺎﺑﻨﺎ ﻫﻨﺎ ؟ ! .. ﺗﺴﺎﺀﻟﺖ ﺑﺠﺪﻳﺔ ، ﻟﻴﺮﺩ " ﻋﺜﻤﺎﻥ " ﺑﺒﺮﺍﺀﺓ :
- ﺟﻴﻨﺎ ﻋﺸﺎﻧﻚ ﻳﺎ ﺑﻴﺒﻲ . ﺯﻱ ﻣﺎ ﺇﻧﺘﻲ ﺷﺎﻳﻔﺔ ﺩﻩ ﻛﻮﺍﻓﻴﺮ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺇﻧﻪ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﺶ ﻣﻼﺋﻢ ﻟﻠﺮﺟﺎﻟﺔ . ﻭ ﻻ ﺇﻳﻪ ؟
ﺳﻤﺮ ﺑﺘﻮﺟﺲ :
- ﻭ ﺃﻧﺎ ﻫﻌﻤﻞ ﺇﻳﻪ ﻫﻨﺎ ؟
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺨﺒﺚ :
- ﻫﺘﻌﻤﻠﻲ ﻛﻞ ﺣﺎﺟﺔ . ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻠﻲ ﻫﻨﺎ ﻫﻴﻈﺒﻄﻮﻛﻲ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺧﺮ . ﺻﺪﻗﻴﻨﻲ ﻫﺘﺨﺮﺟﻲ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﺎﻧﻴﺔ ﺧﺂﺍﻟﺺ .
ﺟﻠﻞ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺭﻋﺐ ﺣﻘﻴﻘﻲ ، ﻟﺘﺮﺩ ﺑﺮﻓﺾ :
- ﺑﺲ ﺃﻧﺎ ﻣﺶ ﻋﺎﻳﺰﺓ !
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻠﻬﺠﺔ ﺧﻔﻴﻀﺔ ﻣﻬﺪﺋﺔ :
- ﺳﻤﺮ . Relax ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ . ﻫﻤﺎ ﻣﺶ ﻫﻴﻌﻤﻠﻮﻟﻚ ﺣﺎﺟﺔ . ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺃﻭﻭﻱ . ﺇﻧﺘﻲ ﻣﺤﺴﺴﺎﻧﻲ ﺇﻧﻚ ﻋﻤﺮﻙ ﻣﺎ ﺩﺧﻠﺘﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺯﻱ ﺩﻩ . ﺇﻳﻪ ﻳﺎ ﺑﻴﺒﻲ ﻫﻮ ﺃﻧﺎ ﺟﺎﻳﺒﻚ ﻓﻴﻦ ﻳﻌﻨﻲ ؟ ﺩﻩ ﺃﻛﺒﺮ Beauty center ﻓﻲ ﺇﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ .. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﻨﻌﻮﻣﺔ :
- ﻭ ﺑﻌﺪﻳﻦ ﺇﻧﺘﻲ ﻣﺮﺍﺕ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﻟﺒﺤﻴﺮﻱ . ﺣﺘﻲ ﻟﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺮ ﻻﺯﻡ ﺗﺒﻘﻲ ﺃﺟﻤﻞ ﻭ ﺃﺷﻴﻚ ﺳﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻛﻠﻬﺎ .
ﻭ ﻫﻨﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﺇﺣﺪﻱ ﺍﻟﻌﺎﻣﻼﺕ ، ﻟﺘﺘﺴﺎﺀﻝ ﺑﻨﺒﺮﺓ ﺭﺳﻤﻴﺔ ﺭﻗﻴﻘﺔ :
- ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻳﺎﻓﻨﺪﻡ ! ﺗﺤﺖ ﺃﻣﺮﻙ ؟ ﺃﻱ ﺧﺪﻣﺔ ﺃﻗﺪﺭ ﺃﻗﺪﻣﻬﺎﻟﻜﻮﺍ ؟ !
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺠﺪﻳﺔ :
- ﺃﻩ ﻟﻮ ﺳﻤﺤﺘﻲ . ﻓﻲ ﺣﺠﺰ ﺑﺈﺳﻢ ﺳﻤﺮ ﺣﻔﻈﻲ !
ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ :
- ﻓﻌﻼ ﻳﺎﻓﻨﺪﻡ ﻭ ﻣﻴﻌﺎﺩﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺩﻗﺎﻳﻖ ﺑﺎﻟﻈﺒﻂ .
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﺈﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻭ ﻫﻮ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻲ " ﺳﻤﺮ " :
- ﻫﻲ ﺩﻱ . ﻣﺪﺍﻡ ﺳﻤﺮ ﺣﻔﻈﻲ !!!
ﻳﺘﺒـــــــﻊ
_ ميؤوس منه ! _
كانت تلك هي المرحلة الأكثر صعوبة ... عنـ.ـد.ما أصرت مشرفة الفريق علي رغبتها و أرغمت "سمر" علي نزع كافة ملابسها
في غرفة الـSpa ذات الحرارة العالية ..
تأخذ "سمر" حماما سريعا قبل بدء الجلسة ، و ذلك لتنظيف و تطهير الجلد لمنع نمو البكتريا في جو كهذا تتوفر فيه الحرارة و الرطوبة في آن
حرصت المشرفة علي وجوب تناول "سمر" لكمية كبيرة من الماء و العصائر لأن غرفة الـSpa تسبب التعرق بشكل كبير للغاية و بالتالي هناك إحتمال للجفاف و إنخفاض ضغط الدm
تبدأ الجلسة .. لتضع المشرفة لها قناع الوجه بنفسها بعد غسيله و تطهيره بالمستحضرات الفاخرة
بينما تقوم فتاة ثانية متمرسة بعمل حمام زيت جوز الهند لتغذية شعر "سمر" و نعومته و لمعانه
و فتاة أخري تضع قدmيها في سائل اللبن و العسل و تواصل عمل التدليك لتخرج القدm بعد ذلك نقية كالرخام المصقول
الخطوة التالية ، تجلس "سمر" في مغطس حار للغاية تحملت السخونة بإعجوبة في حين أخذت بعض الفتيات يضعن لها أقنعة تجميلية و يعالجن و يلمعن كل جزء في جـ.ـسمها ..
و بعد مرور نصف ساعة تضمنت تلك الأعمال الشاقة كلها ، تخرج "سمر" أخيرا من هذه الغرفة و هي تتنفس الصعداء ..
كانت ركبتاها ترتجفان من التعب حين باشرت بإرتدت ملابسها مرة أخري لتأخذها المشرفة إلي المرحلة الأخيرة ، حيث قسم التصفيف و التجميل
تدخل "سمر" إلي الصالون الفخم ، تجلس بإحدي المقاعد ليلتف حولها فريق كامل من الفتيات
تابعت ما يفعلنه لها
فواحدة تهتم بأظافر يديها و ثانية بأظافر رجليها ، و ثالثة تهتم بوجهها تقوم بترطيبه قبل وضع مستحضرات التجميل عليه
و فجأة تشعر "سمر" بالذعر حين رأت تلك التي حملت مقص بيدها و إعتزمت الإقتراب من شعرها ..
-إيه ده رايحة فين إنتي ؟ .. قالتها "سمر" بعدائية شـ.ـديدة و هي تصدها عنها ، لترد الفتاة بصوت تغلفه البراءة :
-هقص شعرك يا مدام !
سمر بإستنكار :
-تقصي شعر مين ؟ أنا مش هقص شعري يا شاطرة.
الفتاة بلهجة مهذبة :
-يا مدام دي أوامر عثمان بيه هو مأكد علي الطلب ده أكتر من أي حاجة تانية.
سمر بإنفعال :
-قلت مش هقص شعري.
و هنا آتت المشرفة و قد إجتذبتها نبرة "سمر" المرتفعة ..
المشرفة بلباقتها المعهودة :
-في مشكلة يافنـ.ـد.م ؟ حد هنا ضايق حضرتك ؟؟
نظرت "سمر" إليها و قالت بحدة :
-الأنسة دي عايزة تقصلي شعري قولتلها مش هقصه و بردو مصممة !!
المشرفة بإبتسامة هادئة :
-يا مدام دي أوامر عثمان بيه.
سمر و قد إنتابها الغضب بصورة كبيرة :
-يعني إيه أوامر عثمان بيه ؟ أنآااااااا مـــــش هقـــــــص شعـــــــــــــري !
إبتسمت الأخيرة و لم ترد عليها ، بل أخرجت هاتفهها و أجرت مكالمة أمامها ..
-ألو ! .. Sorry يا عثمان بيه بس في مشكلة هنا و محتاجين حضرتك .. مدام سمر مش موافقة علي قص الشعر .. مش سامحة لحد يقرب منها .. أوك . إتفضل حضرتك . معاك أهيه !
و ناولت الهاتف إلي "سمر" ..
-ألو ! .. ردت "سمر" بنبرة جـ.ـا.مدة ، ليأتيها صوته البـ.ـارد :
-إيه يا بيبي ! عاملة مشاكل ليه ؟
سمر بحدة :
-أنا مش هقص شعري.
عثمان بهدوء تام و كأنه يخاطب طفلة :
-هتقصيه يا حبيبتي . إنتي مش متخيلة شكلك هيبقي حلو إزاي بعد ما تقصيه .. و أكمل بصوت مستثار :
-ده غير إني بصراحة هموووت و أشوفك بالشعر القصير هتبقي جآاااامدة.
كادت "سمر" أن تجادله بعنف ليقاطعها هو بسرعة ..
عثمان بصرامة شـ.ـديدة :
-بقولك إيه ! إنتي تسمعي الكلام أحسنلك . أنا مش فاضي للعب العيال ده . إنجزي بسرعة و ماطعتليش الناس و بعدين أنا كمان قربت أزهق و أنا قاعد مستنيكي برا . خلصي يا سمر و خلي يومك يعدي.
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
في مكان أخر ... تحديدا ڤيلا "رشاد الحداد"
يدق هاتف "چيچي" أثناء جلوسها مع خطيبها و حبيبها الذي تسبب في إنفصالها عن زوجها و بليلة الزفاف
تستأذن منه لترد علي الإتصال ، تقوم و تمشي بعيدا عنه قليلا ، ثم تجيب ..
چيچي و هي تتغنج بصوتها :
-ألوو ! .. نانسي هاي . إزيك يا حبيبتي ؟
نانسي و قد بدت الحماسة في صوتها بدرجة كبيرة :
-سيبك مني دلوقتي يا چيچي . عارفة أنا فين و شايفة قدامي مين حالا ؟!
چيچي بضيق :
-نانسي بليز لو عندك حاجة مهمة قوليها Now أنا مش فاضية لتفاهتك و لا فاضية أنم معاكي يا روحي.
ضحكت "نانسي" برقة و قالت بخبث :
-بس دي نميمة هتعجبك أووي . أنا دلوقتي قاعدة في الكوافير بجرب قصة شعر جديدة . بس تخيلي مين قاعد قدامي !
چيچي بنفاذ صبر :
-ميــــن يا نانسي إخلصي ؟
نانسي بنفس النبرة الخبيثة :
-عـثــمــــــــــــــــان البحيري يا قلبي.
تجهمت "چيچي" عند ذكر إسمه و إنقبض قلبها بخـ.ـو.ف ، لكنها تمالكت نفسها و ردت بسخرية :
-عثمان قاعد قدامك في الكوافير ؟ و علي كده بقي بيصبغ و لا بيعمل Make_Up ؟؟
نانسي بجدية :
-لأ يا حبيبتي ده قاعد في الريسبشن مستني واحدة جوا في قسم المحجبات.
چيچي بدهشة :
-محجبات ! عثمان بقي بيعرف محجبات ؟!!!
-أه و الله زي ما بقولك كده دخلت معاه قدامي . أنا كمان ماصدقتش نفسي في الأول .. ثم قالت بضحك :
-شكلك عقدتيه يا چيچي و بيطلعه علي البنات كلها حتي المحجبات.
چيچي بفضول :
-مـ.ـا.ت عـ.ـر.فيش هي مين ؟؟؟
-لأ ماعرفش . بس ..
چيچي بإستغراب :
-بس إيه ؟!
-مش عارفة لبسها غريب أوووي.
-غريب إزاي يعني !!
تنهدت "نانسي" بحيرة و قالت :
-مش عارفة ! بصي هي حلوة بس باين عليها غلبانة.
-يعني إيه غلبانة ؟!
-غلبانة يعني شكلها مش من مستواه خآاالص.
چيچي بصدmة :
-لأ مـ.ـا.تقوليش ! .. قصدك إنها بـ.ـنت عادية ؟ فقيرة يعني و كده ؟؟؟
-باينها كده يا چيچي .. ثم عادت لتقول بخبث :
-مش قولتلك شكلك عقدتيه ! أهو مابقاش بيميز و إتسعر علي كل البنات هههههههههه.
چيچي بإبتسامة شمـ.ـا.تة :
-بس كده حالته بقت Hopeless case ( ميؤوس منها ) أوووي .. ثم شاركت صديقتها الضحك و قالت بشر :
-عموما بالهنا و الشفا يا عثمان !
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
في قصر آل"بحيري" ... مرت ثلث ساعة حتي الأن و ما زال "صالح" يباشر ممارسة إحدي التمارين الشاقة مستخدmا تلك الآلة الرياضية التي جاءت إلي غرفته بأمر من الطبيب
لم يسمح له الطبيب بأي نوع من الإستراحة نهائيا ، ليس قبل مرور النصف ساعة التي وضعها كحد أقصي ..
-يا دكتووور كفآاااية . مش قآاااادر ! .. قالها "صالح" و هو يهبط و ينهض بجسده مستعينا بالذراعين المرفقين بالآلة المعدنية
الطبيب بعناد :
-قلت لأ . لسا قدامك عشر دقايق علي أول Break.
صالح بغـ.ـيظ :
-عشر عفاريت يركبوك يابن الـ آا ..
-صـــــالح ! .. قاطعته "صفية" قبل أن يكمل كلمته البذيئة ، و أردفت :
-الدكتور عايز مصلحتك يا حبيبي . كل ما العلاج بقي مستمر و صح هتخف بسرعة.
في هذه اللحظة كان "مراد" يمر قرب الغرفة ، فلمح "صالح" و هو يتريض و ملامحه تشير إلي نفاذ صبره و إمتعاضه ..
-عـآااااااش يا وحش .. هتف "مراد" بمرح و هو يلج إلي الغرفة
نظر له "صالح" بطرف عينه و قال بسأم :
-بلا وحش بلا جحش بقي . سيبني في حالي الله يكرمك.
مراد بضحك :
-إجمد يا أبو الصلوح مش كده . دي حاجة بسيطة يا راجـ.ـل !
-بسيطة ! .. صاح "صالح" بإستنكار ، و أكمل بسخرية و هو يلهث من الجهد الذي يبذله :
-تعالي ياخويا إتمرن مكاني نص ساعة و بعدين قولي بسيطة.
-ياسيدي ربنا يقويك و يشفيك .. ثم سأل "صفية" :
-صافي مـ.ـا.ت عـ.ـر.فيش عثمان فين ؟
صفية و هي تهز رأسها سلبا :
-لا و الله يا مراد ماعرفش !
مراد بتعجب :
-مش عارف أنا أخوكي ده بيغطس فين كل شوية ؟!!
-تلاقيه في الشغل !
مراد بجدية :
-لأ مارحش الشركة . أنا لسا سائل عليه هناك.
-طيب لو عايزه في حاجة مهمة كلمه علي الموبايل.
مراد بإبتسامة تهكمية :
-مابيردش . ما ده بقي يبقي أخوكي . لما يعوز يختفي مابيسبش وراه أثر.
و هنا أعلن الطبيب أخيرا :
-خلاص يا صالح بيه . معاد الـBreak وجب !
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
علي رصيف المرسى ... تمشي "سمر" بجانب "عثمان" مطرقة الرأس
تستحي من رفع وجهها الملون ببراعة و بمختلف أنواع آدوات التجميل المفتخرة ، وجهها الذي صار مبهر الجمال لا يتناسب البتة مع ثيابها الرثة ..
يقبض "عثمان" علي يدها اليمني ، بينما تحمل هي في الأخري كيسا قاتم اللون يحوي الجزء الذي تم قصه من شعرها
فقد أصرت أن تلملمه بنفسها و تأخذه معها
جعلها "عثمان" تصعد أولا إلي اليخت و بقي قليلا ليخاطب السائس "ناجي" ..
-الحاجة وصلت يا ناجي ؟ .. تساءل "عثمان" بصوته المخملي ، ليومئ "ناجي" قائلا :
-من بدري يا باشا و أنا أخدت الشنط و حطتها في الأوضة زي ما حضرتك أمرت.
عثمان بإبتسامة :
- يا ناجي.
-العفو يا عثمان بيه أنا تحت أمرك.
أعطاه "عثمان" بعض النقود كالمرة السابقة و أصرفه ، ثم إتجه إلي اليخت ليلحق بـ"سمر" ..
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
وحدها داخل قاعة المرحاض الملحق بغرفة النوم الفخمة ... تجثو علي ركبتيها فوق الرخام البـ.ـارد
تبكي بحرقة و هي تفتح ذلك الكيس و تجمع بكلتا قبضتيها بقايا خصلات شعرها المتساقطة ، ثم ترفعهم إلي وجهها الملطخ بالكحل الأسود و الذي راح يمتزج بطبقات مساحيق الزينة السميكة
مسحت وجهها بالخصيلات الفاحمة ببطء و هي لا تزال تذرف دmـ.ـو.ع القهر بلا إنقطاع
حتي شعرت بظله ينطرح فوقها
رفعت إليه بصرها المشوش ، لتجده يقف فاردا قامته الشامخة ، و يطالعها ببرود متناهي ..
-ليـــــــــــــه ؟ .. تساءلت بصوت مبحوح مجروح ، و تابعت :
-ليه تعمل فيا كده ؟ ليه تخليهم يقصوه ؟ .. حـ.ـر.ام عليك !
لوي فمه بإبتسامته الشيطانية ، و رد ببساطة :
-مزاجي طلب كده يا حبيبتي . حبيت أشوفك بالشعر القصير زي ما شفتك بالشعر الطويل . يعني ! .. قلت نغير شوية أحسن أزهق منك و إحنا يدوب لسا ماكملناش شهر مع بعض.
رمقته بنظرات كارهة و الدmـ.ـو.ع تتراقص بعيناها ، ثم قالت بإنفعال :
-بس إنت مش من حقك تعمل فيا كده .. إحنا مـ.ـا.تفقناش علي حاجات زي كده.
-بفلوسـي ! صاح "عثمان" بخشونة ... ثم أكمل بنعومة :
-إنتي بتاخدي مقابل كل حاجة يا بيبي . و طالما بدفع يبقي من حقي أعمل فيكي إللي يعجبني.
أثار غضبها بكلمـ.ـا.ته المهينة ، فإصطبغ كل شئ أمامها باللون الأحمر ..
قامت من مكانها و وقفت قبالته مباشرةً و زمجرت :
-قولتلك قبل كده أنا مش جارية عندك و لو حبيت أسيبك هاسيبك مصلحتي معاك خلصت خلاص و مابقتش عايزة منك حاجة.
عثمان بإبتسامة مستفزة :
-بس أنا مش حابب أسيبك يا سمر . لسا ماخدتش منك كل إللي أنا عايزه ده إحنا يدوب كنا مع بعض مرة واحدة !
أعادت "سمر" جملتها التهديدية بغضب أشـ.ـد :
-لو حبيت أسيبك هاسيبك.
ضحك "عثمان" بسخرية و قال :
-و أنا مش هفارقك بالسهولة دي و فجأة هتلاقي الموضوع إتعرف و أخوكي عرف بجوازنا و مش بس أخوكي المعارف و الجيران و .. و إنتي عارفة بقي . أظن إنتي بتخافي علي سمعتك و سمعة إخواتك ! صح يا بيبي ؟
هزت رأسها و هي تقول بمقت ممزوج بالإزدراء :
-إنت شيطان . و أنا إللي ورطت نفسي معاك . الله يلعن الساعة إللي شوفتك فيها . يا ريتني ما شوفتك يا ريتنـ ..
-خلاص بقي ! .. قاطعها بحزم و هو يغلق فمها بكفه ، و أمسك بيديها الإثنتين و حبسهما في إحدي يديه ، ثم قال بهدوء :
-إنتي إللي مصعبة كل حاجة علي نفسك . قولتلك حاولي تاخدي الأمور ببساطة . أنا دايما بحاول أكون لطيف معاكي . بس كالعادة إنتي إللي بتستفزيني.
تقلصت معدتها و إمتلأت عيناها بالدmـ.ـو.ع أكثر و هي تنظر إلي عينيه الثاقبتين
تنهد "عثمان" و يده التي كانت علي فمها إنخفضت إلي ذقنها ..
-إحنا جايين ننبسط سوا يا سمر . حاولي تنسي وضعنا شوية و فكري في نفسك . صدقيني و سيبيلي نفسك خالص .. مش هخليكي تنسي وضعنا و بس . هخليكي تنسي إسمك كمان.
سمر بلهجة مفعمة بالنفور :
-أنا بكرهك !
عثمان و قد عادت البسمة الشيطانية تزين ثغره :
-خلاص بقي . أنا كده عملت إللي عليا و إنتي إللي دmاغك ناشفة.
دفعها إلي الحائط و إمتدت يداه كقبضتين من الحديد و أطبقتا علي معصميها و رفعتهما إلي مافوق رأسها ..
أشاحت بوجهها عن وجهه حين إقترب منها إلي حد الإلتصاق ، بينما تمتم و فمه يحتك بأذنها :
-بوظتي مكياچك بالدmـ.ـو.ع دي يا بيبي . بس عارفة ؟ إنتي أساسا حلوة منغير كل ده .. و أكمل و شفتاه تداعبان عنقها في كل إتجاه :
-في مفاجأة عشانك برا . إنتي أكيد ماخدتيش بالك منها لما دخلتي الأوضة .. تعالي نشوفها مع بعض !
سمر بصوت مهزوز :
-مش عايزة منك حاجة.
رفع "عثمان" رأسه و نظر لها ..
-بطلي كآبة بقي .. غمغم بضيق ، و تابع بحزم :
-إغسلي وشك يلا و حصليني علي برا . مستنيكي مـ.ـا.تتأخريش !
يتبـــــع ...
_ فرار ! _

تخرج "سمر" من المرحاض بعد أن قامت بغسل وجهها و قد نجحت في إزالة آثار البكاء عنه ... لكنها لم تستطع أبدا طرد شعور البؤس و المرارة المهيمن عليها

كان "عثمان" يقف أمام الخزانة و قد أعطاها ظهره ، بينما صدر عن حذائها أصوات أنبأته بحضورها

إستدار لها باسما ..

-خلصتي أخيرا يا حبيبتي ؟ تعالي . تعالي أوريكي حاجة !

مشت "سمر" صوبه بخطوات وئيدة ، في حين مد "عثمان" يده داخل الخزانة و إلتفت إليها بعد لحظات و هو يحمل علبة كبيرة مغطاة بالمخمل الأسود ..

-أولا أنا بعتذر إن حاجة زي دي جت متأخر ! .. قالها "عثمان" بإبتسامته الجذابة الآسرة ، و تابع :

-دي هدية مني ليكي . كان المفروض أقدmهالك أول ما جينا هنا المرة إللي فاتت . لكن للآسف نسيت . طول ما أنا معاكي بنسي كل حاجة يا سمر . و ده إللي عاجبني في علاقتنا.

إبتسمت بإستهزاء ، فتنهد "عثمان" بضيق و فتح العلبة ليخرج عقدا من الماس المرصع باللؤلؤ و الزمرد ذا بريق يخـ.ـطـ.ـف الأبصار ، مع قرطين مماثلين و خاتم و سوار ..

-الطقم عليه توقيع Damas ! .. تمتم "عثمان" بتفاخر و أردف :

-كل قطعة منه نادرة مـ.ـا.تلاقيهاش بسهولة لا هنا و لا حتي في البلد إللي إتصنع فيها . دفعت فيه مبلغ كبير جدا .. بس مش خسارة فيكي.

سمر بإزدراء شـ.ـديد :

-قولتلك مش عايزة منك حاجة.

رد "عثمان" بصوت هادئ عميق :

-هديتي ماينفعش تترد يا بيبي . و بعدين إنتي مش فاهمة . الطقم كأنه معمول عشانك . تعالي نجربه عليكي عشان تتأكدي بنفسك !

لامست أصابعه الدافئة رقبتها و هو يضع لها العقد ثم يعلق القرطين بأذنيها ، بعد ذلك جرها إلي المرآة كي يريها المجوهرات التي زينت صدرها و أذنيها ..

لم تكن "سمر" تتخيل أن يستطيع رجل ما أن يقودها كما يفعل هذا الرجل الآن ... زوجها الذي لا تعرف إذا كان زواجهما حق يعترف به أم باطل !!!

-إنتي جميلة أووي يا سمر .. همس "عثمان" من بين لفائف شعرها ، و أكمل و هو ينظر إلي إنعاكسها بالمرآة :

-أجمل من كل المجوهرات إللي في الدنيا دي . كنت فاكر إن هديتي هتزود جمالك .. لكن العكس إللي حصل . جمالك هو إللي كسب.

أبعدت "سمر" يده عن عنقها ببطء و قالت بإرتباك :

-شـ . بس أنا مش هينفع أقبل الهدية دي.

عثمان بحنق :

-ليه مش هينفع ؟

إلتفتت "سمر" له و أجابت بتـ.ـو.تر :

-عشان هي غالية زي ما إنت قلت و لو حد شافها عليا الموضوع ممكن يتكشف.

تآفف "عثمان" بنفاذ صبر ، ثم قال بحدة و هو يضع يديه علي كتفيها :

-الهدية مش هترجع سامعة ؟ هتاخديها و مايهمنيش لو حد شافها عليكي . في مليون حجة ممكن تخلقيها.

كادت "سمر" أن تجادله فقاطعها بصرامة :

-خلآااص إنتهي .. و أكمل بلطف مفاجئ :

-خلاص بقي عشان تشوفي المفاجأة التانية !

و أشار لها بإصبعه نحو ركن منفرد بأخر الغرفة ، لتري "سمر عشرات العلب البيضاء الكبيرة مطبوعة عليها العلامـ.ـا.ت التجارية باللون الذهبي و شريط بنفس اللون أيضا علي كلا منها ..

-أنا ماعرفش مقاسك في اللبس ! .. قالها "عثمان" بجدية و هو يحك طرف ذقنه بأنامله ، و تابع :

-بس إنتي جـ.ـسمك قريب من جـ.ـسم صافي أختي فإعتمدت علي كده و دخلت عملتلك Shopping من علي النت . إخترتلك حاجات هتعجبك أوي و كمان مانستش الجزم طبعا بعد ما شوفت مقاس جزمتك المرة إللي فاتت طلبت الـOrder كله علطول.

سمر بشئ من الحدة :

-بس أنا محجبة.

عثمان بسخرية :

-طب ما أنا عارف إنتي جبتي جديد يعني ؟ .. و لما أدرك قصدها صاح :

-آااااه فهمتك . مـ.ـا.تقلقيش كل الهدوم خاصة بالمحجبات أكيد حاجة زي دي مش هتفوتني و أكيد مانستش إنك محجبة يعني .. ثم مد وجهه للأمام و قال بخبث :

-بس في حاجات تانية مش تبع المحجبات خآاالص إشترتهالك بردو !

أجفلت "سمر" بتـ.ـو.تر ، فضحك و سحبها من يدها في إتجاه السرير ، حيث ربضت حقيبة عملاقة أشبه بحقائب السفر ..

-الشنطة دي بقي فيها هدوم عشاني أنا ! .. قالها "عثمان" مبتسما بمكر ، ثم أكمل و هو يلمس شفتها السفلي بإصبعه :

-الشنطة دي الوحيدة إللي هتفضل هنا . ما إللي جواها ماينفعش تلبسيه في مكان تاني . ماينفعش حد يشوفك لابسة كده .. غيري !

إنتفضت "سمر" و إبعدت نفسها عنه و هي تقول بحدة :

-أنا أصلا مش عايزة أي حاجة . مش هاخد الحاجات دي.

عثمان بثقة :

-هتاخديهم يا حبيبتي . أنا محدش يقولي لأ.

سمر بتحد سافر :

-طب أنا بقولك لأ . و مش هاخد حاجة.

قهقه "عثمان" عاليا و قال :

-يا جآااامد . أحب الجرأة بردو .. طيب هنحل المشكلة دي بعدين بس دلوقتي تعالي نتغدا سوا أحسن أنا جوعت خالص و الأكل كمان زمانه برد برا زي المرة إللي فاتت . تعالي يلا !

و مد لها يده ..

ترددت "سمر" للحظات ، ثم أعطته يدها ... فسحبها بقوة و ضمها إلي صدره بلطف مدmدmا :

-يومين يا سمر . هتكوني فيهم ملكي لوحدي تمآااااماً !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

الثانية ظهرا ... عند كلية { الفنون الجميلة }

تقف "هالة" وحدها حائرة ، لا تعرف أين تتوجه بالضبط

و فجأة تشعر بشخص ينقر بخفة علي كتفها ، فإلتفتت بسرعة ..

-مراد ! .. هتفت "هالة" بإستغراب و هي تري "مراد" يقف أمامها و هنا في هذا المكان

مراد بإبتسامة :

-إزيك يا هالة ؟

هالة بحذر :

-الحمدلله . إنت بتعمل إيه هنا ؟!

-أنا جاي عشانك.

هالة بدهشة :

-جاي عشاني !!

-أيووه . ما أنا أصلي كنت جمب أنكل رفعت لما كلمتيه و قولتيله إنك محتاسة هنا و مش عارفة تعملي حاجة فهو بقي كلفني بالمهمة دي.

-مهمة إيه ؟

-مهمة البحث معاكي. إنتي مش كنتي جاية تدوري علي الكتب و الجداول بتاعتك ؟

-أيوه !

مراد بإبتسامة عريضة :

-أنا بقي جاي عشان أكون المرشـ.ـد بتاعك.

هالة بتفهم :

-ممم . طيب إنت هتعرف يعني ؟ قصدي إنت عارف الكلية هنا عارف هنروح فين ؟ أصلها كبيرة أووي !

مراد بغرور زائف :

-يابـ.ـنتي أنا بعون الله جن أعرف كل حاجة و بالذات إسكندرية أعرفها شبر شبر.

هالة بإبتسامة ساخرة :

-طيب أما نشوف . وديني بقي دلوقتي مكتب الشئون.

حمحم "مراد" بتـ.ـو.تر و قال :

-أوك هوديكي . بس تعالي نسأل البـ.ـنت إللي هناك دي شكلها دارسة الكلية كويس.

هالة بضحك :

-و إنت عرفت منين ؟؟

مراد بحذاقة :

-إيه إللي عرفت منين ! ده أنا ليا نظرة ثاقبة بعرف بيها إللي قدامي علطول.

ضحكت "هالة" منه أكثر ، ليبتسم "مراد" لرؤيتها هكذا و يقول :

-طب ما إنتي حلوة أهو يا هالة . أومال كنتي مكتئبة ليه اليومين إللي فاتوا ؟؟

تجهمت "هالة" فجأة ، فأجفل "مراد" قائلا :

-أنا آسف . ماكنش قصدي ..

تنفست "هالة" بعمق ، ثم قالت بإبتسامة هادئة :

-و لا يهمك يا مراد . ممكن بقي نروح نشوف إللي ورانا ؟!

مراد بخجل :

-لما إتأكد إنك مش زعلانة الأول !

هالة بلطف :

-و أنا هزعل ليه ؟ إنت ماقولتش حاجة تزعل أنا فعلا كنت مكتئبة شوية . إنت عارف بقي الدنيا بقالها فترة ملخبطة معانا . حادثة صالح و تعبه و سفرنا من بـ.ـاريس لهنا و الجامعة حاجات كتيييير مش مترتبة.

تنهد "مراد" براحة و قال :

-تمام . طيب يلا بينا بقي ياستي نشوفلك الكتب و الجداول !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••

في منزل الجارة "زينـــــب" ... يلج "صابر" إلي الشقة

فيجد زوجته تجلس بالصالة و علي فخذيها ترقد "ملك" مستسلمة للنوم ..

-إيه ده يا وليـه ! تآااني ؟ تاني المفعوصة دي مقعداها عندنا ؟ أنا مش قلت مـ.ـا.تجيش هنا تاني ؟؟؟

هكذا ملأ "صابر" البيت صياحا ، لترد زوجته بحدة و هي تحافظ علي نبرة صوتها المنخفضة :

-وطي صوتك يا راجـ.ـل البت هتصحي !

صابر بإنفعال :

-ما تصحي و لا تتأندل . مش كفاية مخلياني سايب لأخواتها الشقة بالغـ.ـصـ.ـب كمان جايبهالي شقتي و مقعداها في وشي !!

و هنا تململت الطفلة بقلق ، فأسرعت "زينب" و ربتت عليها بحنو حتي إستكانت مرة أخري

قامت و مددتها علي الآريكة ، ثم توجهت صوب زوجها و زمجرت :

-إتهد شوية يا صابر و إنكتم . أوعاك تكون فاكرني نايمة علي وداني و ماعرفش إن عينك كانت من سمر . أنا عارفة كل حاجة ياخويا بس بسكت بمزاجي و كمان حبيت أسيبك تجرب و كنت بتمني تروح تقولها عشان تفضحك وسط الحتة و أخوها كان عملها و جاب أجلك.

جحظت عيناه بصدmة لمعرفة زوجته بهذا الأمر ، فقد كان سر لم يبوح به لأي مخلوق ..

صابر بحدة ممزوجة بالإرتباك :

-آاا آ إنتي إتخبلتي في نفوخك يا وليه ؟ سمر إيه دي إللي هبوصلهـ آا ..

-قولتلك إنكتم يا صابر ! .. قاطعته "زينب" بصرامة ، و تابعت :

-أنا واخدة بالي من كل حاجة . و لعلمك أنا غـ.ـصـ.ـبت عليك تسيب البت هي إخواتها في البيت عشان أنا واثقة فيها . واثقة من تربيتها و أخلاقها لكن إنت ماعنديش ذرة ثقة فيك.

صابر بإستهجان :

-ماشي ياختي . عموما أنا هسيبك تطمعيهم فيكي بزيادة . بشوقك ما الملك ملكك . البيت بتاعك و الضرر كله هينعاد عليكي.

-عليك نووووووور . أديك قولتها أهو . الملك ملكي . يعني أخرج منها إنت يا صابر و مالكش دعوة بالناس إللي بدخلهم بيتي.

صابر بغـ.ـيظ :

-ماشي يا زينب . علي راحتك خآاالص .. ثم سألها و هو ينظر نحو "ملك" بضيق :

-طيب و بسلامتها قاعدة عندنا لحد إمتي ؟

زينب بنفاذ صبر :

-لحد ما أختها ترجع.

صابر و هو يقلدها بتهكم :

-و أختها راجعة إمتي ؟

زينب بجدية :

-هي لسا قافلة معايا و قالتلي هتغيب يومين.

صابر بدهشة :

-هتغيب يومين فين يا وليه ؟!

-عند واحدة صاحبتها في الشغل تعبت فجأة و هتروح تقعد معاها في بيتها عشان تاخد بالها منها أصلها وحدانية و مالهاش حد.

صابر بضحكة ساخرة :

-صاحبتها بردو يا زينب ؟

زينب بتعجب :

-في إيه يا راجـ.ـل مالك ؟!

صابر بحنق شـ.ـديد :

-ماليش ياختي . الحكاية و ما فيها بس إن الهانم الكبيرة أخت الهانم الصغيرة سايبالك الجمل بما حمل و دايرة علي حل شعرها و الغضنفر أخوها سافر و لا علي باله إحنا بس إللي قاعدين شايلين الطين هنا.

زينب بغضب :

-لم لسانك يا صابر الكلام ده ماينفعش و حـ.ـر.ام.

صابر و هو يشيح بيده في حركة عصبية :

-بلا حـ.ـر.ام بلا حلال بقي . إنتي براحتك إعملي إللي إنتي عايزاه.

و مشي من أمامها ..

بينما ظلت هي بمكانها تفكر في كلمـ.ـا.ته و إشارات الإستفهام تملأ رأسها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في يخت "عثمان البحيـري" ... بناءً علي رغبته ، قامت "سمر" بإعداد وجبة العشاء و إنتهت من تحضير الطاولة

ليصر عليها بعد ذلك بأن تدخل إلي الغرفة و تبدل ملابسها و ترتدي شيئا من تلك الحقيبة السرية ..

رفضت طلبه لكنه لم يسمح لها بالإعتراض مرة أخري و أجبرها ، حيث أخذ يزجها زجا نحو الغرفة و قد أعطاها مهلة لا تقل عن عشرة دقائق لتكون جاهزة و إلا سيدخل هو و يفعلها بنفسها

سارت "سمر" متعثرة صوب الحقيبة المفخخة ، خالت و كأنها ستنفجر بوجهها في أي لحظة !

كانت فيها حقيبة آدوات زينة صغيرة ، و كانت فيها الكثير من قطع الملابس الوردية ..

إستبدت الصدmة بـ"سمر" و هي تبحث بين كدسات الثياب المرتبة بعناية ، كانت هناك كمية فظيعة من المخرمـ.ـا.ت و التـُل الشفاف و الساتان اللامع بين يديها

كلها ملابس داخلية ... داخلية جدا ، عليها بطاقات فرنسية

لا يوجد بينهم شئ محتشم علي الإطـ.ـلا.ق ، هل يمكن أن ترتدي ذلك حقا ؟ .. لا مستحيل !!

في هذه اللحظة سمعت طرق علي باب الغرفة ثم سمعت صوته ينذرها يتحذير :

-هآاا يا بيبي ! خلصتي و لا لسا ؟؟؟

سمر بإرتباك :

-لـ لسا !

-مش محتاجة مساعدة ؟!

سمر بإسراع :

-لأ .

بدا صوته نافذ الصبر و هو يقول :

-أووك . يلا بقي إطلعي بسرعة . مش قادر أصبر أكتر من كده !

و سمعت صوت خطواته تبتعد قليلا عن الغرفة ..

إزدردت ريقها بتـ.ـو.تر و هي تعيد نظراتها إلي محتويات الحقيبة ثانيةً

أخذت تقلب الثياب محاولة إيجاد شئ مناسب ، محتشم و لو قليلا ... و لكن دون فائدة !!!

إستقرت في الأخير علي هذا الثوب ..

وقفت أمام المرآة لتراه بعد أن لبسته

ناعم بلون النبيذ ، من التـُل الشفاف بطول الكاحل و بحمالتين رفعيتين ، له فتحة تصل لمنتصف الصدر و فتحة أخري مثلثية تكشف عن ظهرها كله

إرتدت أسفله ألبستها الداخلية لتتداري مناطقها ..

-يا نهار إسود ! .. تمتمت "سمر" بذعر و هي ترتجف كعصفور مبتل

-معقول يشوفني بالشكل ده ؟ .. لأ . إيه إللي أنا فيه ده ؟ أي حاجة يقولها لازم أنفذها ؟ .. ما هو إشتراني بقي . أفتح بؤي ليه و أقول لأ !!

-كل ده بتعملي إيه ؟؟؟ .. صاح "عثمان" و هو يقتحم الغرفة فجأة

شهقت "سمر" بفزع و إلتفتت له ، بينما تسمر بمكانه يحدجها بنظرات جريئة ..

نظرات جائعة ، مشتعلة .. إرتعدت "سمر" و هي تتلفت حولها باحثة عن أي شئ تسطر به نفسها

وقعت عيناها علي الروب الحريري الأبيض فإنطلقت لتأخذه من فوق الفراش ، لكنه سبقها و قبض علي رسغيها ..

-بتعملي إيه ؟ .. قالها "عثمان" بصوت هامس ، ثم لف ذراعه حول خصرها و شـ.ـدها لتلتصق به

سمر و قد زادت رجفتها و أثرت علي صوتها :

-الهدوم دي مـ.ـا.تنفعش خالص . أنا مش متعودة عليها !

عثمان بلهجة مستثارة و هو يقبل أسفل خدها ثم عنقها :

-بسيطة . إتعودي يا حبيبتي .. إنتي مش متخيلة منظرك . يجنن إزاي ؟!

عرفت أن الآن لا مفر منه ، عنـ.ـد.ما ينظر إليها بهذه الطريقة ، عنـ.ـد.ما يتصرف علي هذا النحو ، فهو قد فقد السيطرة علي نفسه تماما ..

إستسلمت لمصيرها كالعادة ، توقفت عن الحركة ، و أغمضت عيناها بشـ.ـدة لكي لا تراه أبدا

في اللحظة التالية شعرت بشفتاه تلتقيان بشفتاها بنهم لا يخلو من العنف ..

شعرت أيضا بغضبه عنـ.ـد.ما لاحظ برودها ، بينما أمسك بمؤخرة رأسها بإحدي يديه و أمسك كتفيها بالثانية و إستمرت مداعباته في سعي يائس لإيقاظ أحاسيسها

و لكن دون جدوي ، لوح جليد غير قابل للذوبان في مواجهة ألسنة لهب حارقة ..

-إنتي مـــالك ؟ .. غمغم "عثمان" بغـ.ـيظ ، ففتحت "سمر" عيناها و نظرت إليه

سمر بدهشة و أنفاسها تتلاحق بشـ.ـدة و كأنها فرغت من سباق طويل للتو :

-مش فاهمة !!

عثمان بحنق :

-متخشبة كده ليه ؟ فكي نفسك شوية . محسساني إني غاصبك !

سمر بحيرة و إرتباك شـ.ـديدين :

-أعمل إيه يعني ؟!

عثمان بنفاذ صبر :

-إعملي زيي.

و هم بالإقتراب منها مجددا ، لكنها أشاحت بوجهها تلقائيا ، فبرزت أوردته و هدر بغضب و هو يهزها بعنف :

-إنتي كده بتزهقيني . المرة إللي فاتت كان ليكي عذر عشان كانت أول مرة . لكن المرة دي لازم تظبطي نفسك . أنا بعملك كل إللي إنتي عايزاه و لو طلبتي حاجة أنا مستعد أنفذهالك من واجبك بقي إنك تريحيني و تسمعي كلامي . فكك من جو الضحية ده مـ.ـا.تعشيش الدور و كفاية كده.

سمر و قد إنتقلت لها عدوى غضبه :

-إنت مـ.ـا.تكلمنيش بالإسلوب ده . أنا عملتلك إيه ؟ و بعدين ما أنا قدامك أهو . شفتني فتحت بؤي و لا قولتلك حاجة ؟!

ضغط علي فكيه بقوة و قال :

-سمر . إنتي هنا عشاني . عشان أنا أكون مبسوط . لما تعكريلي مزاجي بقي هزعل . و قولتلك زعلي وحش !

-طيب و تزعل ليه أصلا ؟ خلينا نسيب بعض أحسن و محدش فينا يزعل من التاني.

عثمان بإستهزاء :

-أسيبك بسهولة كده ؟ إنتي ليه يا حبيبتي مش عايزة تصدقي إنك عجباني و عجباني أووي كمان . أنا بضمنلك إنك هتفضلي معايا فترة طويلة جدا .. مـ.ـا.تقلقيش مش هسيبك . ده أنا بعدت أخوكي مخصوص عشان الجو يروقلنا و مـ.ـا.تفضليش كل شوية متكدرة و خايفة منه.

سمر بصدmة :

-بعدت أخويا ؟!!

إبتسم "عثمان" تلك الإبتسامة الشيطانية و أجاب :

-أه . ما أنا عملت تحرياتي عنك و عن أخوكي من فترة و عرفت عنكوا كل حاجة . و دكتور أدهم . أنا إللي بعته و أنا إللي أمرته يشغل أخوكي في شركته و يسفره البحر الأحمر في أخر الدنيا عشان تفضيلي خالص و نبقي مع بعض مدة أكبر .. شوفتي بقي أنا بحبك أد إيه ؟

تجمدت نظراتها المعلقة بعيناه و دmـ.ـو.عها راحت تنهمر في صمت ... و فجأة تخلصت من ذراعيه لا تدري كيف ، و لكنها خرجت من الغرفة و أسرعت بجنون إلي الخارج ..

أرادت أن تهرب منه إلي مكان ، أي مكان لا يستطيع فيه الوصول إليها

وجدت نفسها وسط الهواء الطلق علي سطح اليخت ، السياج المعدنية شكلت حاجز منيعا يسد منافذ الهرب أمامها ..

ألقت نظرة مذعورة خلفها ، لتجده يسرع في خطاه ليصل إليها و في ضوء الليل الحالك بدا وجهه شيطانيا مخيفا

إبتلعت ريقها بصعوبة ، يائس غريب دفعها للفرار منه ، فأسدلت الستار علي عقلها و إعتلت السياج و ألقت بنفسها في ماء البحر ..

و فجأة كانت بين الأمواج المرتفعة ، تطلق صرخة قبل أن تشعر بموجة هائلة تغطيها و تسحبها إلي القاع

منتصف فصل الشتاء و في أجواء الساحل كــــــــــارثة !

أصابتها برودة الماء بصدmة بدأت تفقدها الوعي أكثر من ذلك القدر الذي ملأ رئتيها حد الإختناق

لكن صوتا هادرا شوشته مويجات البحر قليلا سمعته يتردد في أذنيها :

-ســـــمــــــــــــــــــ ـــر . ســـــمــــــــــــــــــ ـــر . ســـــمــــــــــــــــــ ـــر !!!

و عنـ.ـد.ما فتحت عيناها فيما بعد ، رأت المياه و هي تتساقط من شعره الداكن علي وجهها ..

-إنتي مـ.ـجـ.ـنو.نة صح ؟ .. قالها "عثمان" لاهثا و أنفاسه تصفق وجهها بقوة ، ثم أكمل و هو يدفن وجهه في عنقها :

-كنتي هتمـ.ـو.تينا إحنا الإتنين . أعمل فيكي إيه دلوقتي ؟؟!!

سعلت "سمر" قليلا و قد أفرغت كل المياه من رئيتها بمساعدة "عثمان" ... بينما قام هو و حملها إلي الداخل ، لترتجف بين ذراعيه و أسنانها تصطك بقوة ..

ولج بها إلي الحجرة و وضعها في الفراش ، ثم ركع أمامها منقطع الإنفاس ..

عثمان بصوت مبحوح و هو يرتعش بدوره :

-دي أول القصيدة كُفر يا سمر . الليلة باظت !
_ آيلة للسقوط ! _

في قصر آل"بحيري" ... تجر "فريال" عربة الطعام في إتجاه السرير ، ثم تجلس علي الحافة بجانب "يحيى"

تميل نحوه و تهمس و شفتاها تحتك بأذنه :

-يحيى . حبيبي .. يحيــــي . يلا بقي قوم بقينا الضهر .. قوم جبتلك الفطار لحد هنا !

يتململ "يحيى" محاربا نعاسه ، ثم يفتح عيناه بتثاقل ..

-إحنا صباحنا أبيض و لا إيه ؟ .. قالها "يحيى" بإبتسامة و هو يقوم و يتكئ علي مرفقه

فريال و هي ترد له الإبتسامة :

-صباح الفل يا حبيبي . يلا قوم عشان تفطر.

يحيى بدهشة و هو ينظر إلي صحون الطعام :

-كمان جايبالي الفطار لحد السرير !

فريال بإبتسامة رقيقة :

-طبعا يا قلبي هو أنا عندي أغلي منك ؟!

يشـ.ـدها "يحيى" صوبه و يطبع قبلة خفيفة علي شفتها ، ثم يقول :

-ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي . طيب يادوب بقي أفطر بسرعة و أقوم ألبس عشان أروح أبص بصة علي الشركة من يوم ما رجعت من السفر ماعتبتهاش.

فريال بإستنكار :

-شركة إيه يا حبيبي ؟ قولتلك مافيش نزول من هنا.

يحيى بضيق :

-يا فريال مش كده . فكي الحصار ده من عليا أبوس إيدك أنا من ساعة ما وصلت ماخرجتش برا الأوضة كده الشغل هيتعطل و بيتنا هيتخرب.

فريال بإستياء شـ.ـديد :

-بقي كده يا يحيى ! يعني قصدك إني حبساك غـ.ـصـ.ـب عنك ؟ طيب . ماشي . قوم بقي أعمل إللي إنت عايزه.

و كادت أن تقوم من جانبه ، ليقبض علي رسغها بقوة و يرجعها إلي مكانها و هو يقول بلطف ممزوج بالإرتباك :

-حبيبتي يا ريري إنتي زعلتي ؟ أنا ماقصدش أزعلك يا حبيبتي !

فريال بإقتضاب :

-خلاص يا يحيى قولتلك قوم أعمل إللي إنت عايزه أنا مش هقرب منك و لا هضايقك تاني.

يحيى بإسراع و هو يقترب منها ليضمها إلي صدره :

-لأ . أنا مش قصدي أزعلك و الله . يا حبيبتي أنا بضحك معاكي يعني أنا هبقي عايز أخرج في حتة و أسيبك بردو ؟ بس إنتي عارفة إني غايب بقالي فترة و أكيد ورايا شغل متلتل.

تنهدت "فريال" و قالت بهدوء :

-أوك . خلاص يا يحيى.

يحيى بحذر :

-خلاص إيه ؟!

-خلاص مش زعلانة منك.

يحيى و هو يداعب خصلات شعرها :

-و أنا أصلا مقدرش علي زعل حبيبتي . طيب إنتي عارفة بقي إني عاملك مفاجأة ؟

برقت عيناها بحماسة ، فإبتعدت عنه قليلا لتسأله بتلهف :

-مفاجأة إيه يا يحيى مفاجأة إيه ؟؟؟

يحيى بإبتسامة :

-عايزاني أقولك عليها دلوقتي ؟ كده مش هتبقي مفاجأة !

فريال و قد تلاشت إبتسامتها لتقول بغنج و دلال و هي تطوق عنقه بذراعيها :

-أخس عليك يعني هتسيب عقلي يودي و يجيب مع نفسه كده ؟ قول بقي أحسن هزعل منك بجد.

-لأ لأ خلاص هقولك .. صمت قصير ، ثم أعلن "يحيى" :

-الآتيليه إللي كان نفسك فيه !

شهقت "فريال" بعدm تصديق ، ليضحك "يحيى" ثم يمد يده و يفتح درج الطاولة بجانبه ليخرج مفتاحا ذهبيا و يلوح به أمام عينيها المدهوشتين ..

-و أدي المفتاح يا ستي .. قالها "يحيى" بإبتسامة ، و أكمل و هو يربت علي خدها بلطف :

-أكبر آتيليه في إسكندرية كلها عشان فريال هانم . هو أينعم لسا مش جاهز فاضله شوية رتوش كده . بس إنتي كنتي فاكراني نسيت ؟ ده حلمك من زمان . مستحيل أنساه . بس كنت مستني الوقت المناسب عشان أنفذهولك علي أرض الواقع . حاجة مدهشة يا حبيبتي تليق بيكي فعلا.

تراقصت دmـ.ـو.ع الفرح بعيناها ، فقطعت المسافة القصيرة بينهما و إحتضتنه بشـ.ـدة ..

فريال بإمتنان و سعادة :

-ا . بجد . إنت أحلي حاجة حصلتلي في حياتي كلها . بحــبــــــــــــــــــــ ــــــــك يا يحيى . ربنا مايحرمني منك أبدا أبدا أبدا.

يحيى بحب :

-و لا يحرمني منك إنتي كمان يا حبيبتي.

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في يخت "عثمان البحيري" ... تستيقظ "سمر" في ساعة متأخرة من النهار و لكنها لا تجد "عثمان" بالجناح كله

لم تبالي بهذا فمن المؤكد أنه قريب منها ، لعله ذهب ليتفقد شيئا ما أو ليتنزه قليلا علي متن يخته الفخم الرائع بعد أن خاب أمله في الليلة الماضية ..

قامت "سمر" من السرير و هي تشعر بدوار شـ.ـديد

وضعت كفها علي جبتها لتفزعها حرارتها المرتفعة ، بالطبع لابد من هذا

مياه البحر كانت قاسية كالرصاص ، لتدعو الله بألا تصاب بوعكة ثقيلة تجبرها علي المكوث بالفراش لفترة ..

و أخيرا قررت أن تستحم

لعل الماء الفاتر ينعشها و يفصلها قليلا عن الواقع بأفكاره المؤرقة ..

ملأت المغطس ، و وضعت فيه كمية من صابون الحمام الوردي اللون ، ثم إنزلقت بجسدها حتي وصلت الرغوة و الفقاقيع إلي طرف ذقنها

و هنا حاولت أن تريح جسدها و أعصابها

و لكنه كالعادة يحول بينها و بين أي نوع من الإسترخاء و راحة البال ..

-سـمــر ! .. إنتي فين ؟ إنتي في الحمام يا حبيبتي ؟ .. هكذا سمعته ينادي عليها من الخارج بصوت ملحا و مرحا في آن

قامت من مكانها فجأة ، أرادت أن تسرع إلي باب الحمام و توصده

لكنها سمعت صوت خطواته تقترب كثيرا ، فعادت لتخفي جسدها في الماء ..

-مابترديش عليا ليه يا حبيبتي ؟! .. و مع الصوت ظهر "عثمان" عند عتبة الباب

-هو القمر بيطلع الصبح و لا إيه ؟ .. قالها "عثمان" و هو يبتسم بشـ.ـدة ، و تابع و هو يمشي ناحيتها :

-إيه الجمال و الحلاوة دي يا سمر ؟ ماكنتش أعرف إن شكلك بيبقي حلو أوي كده و إنتي بتاخدي شاور !

تخضبت وجنتاها بالدm ، و قالت بإرتباك :

-شوية و هخلص . لو محتاج الحمام إستني برا دقيقتين بس و هطلع.

عثمان بإبتسامة :

-خدي راحتك يا حبيبتي أنا مش محتاج أي حاجة .. حاليا بس !

تجاهلت جملته الإيحائية الأخيرة ، و قالت :

-شكلك كويس !

عثمان بإستغراب :

-شكلي كويس إزاي يعني ؟!

-يعني . كنت فكراك أخدت برد بسبب إللي حصل إمبـ.ـارح . أصلي حاسة إني داخلة علي دور برد !

ضحك "عثمان" و قال :

-إنتي شكلك بتؤري عليا يا سمر . عموما مـ.ـا.تقلقيش أنا صحتي زي الفل مابتآثرش بأي حاجة رغم أن ڤولتك كان عالي أوي إمبـ.ـارح و فجأة إتجننتي و بوظتي الليلة إللي كنت راسم عليها . كل ده عشان قولتلك إن أنا إللي سفرت أخوكي ؟

سمر و قد إنتابها الغضب مجددا :

-من فضلك مـ.ـا.تجبليش السيرة دي تاني . مش كل شوية لازم تخليني إتأكد إنك إنسان جبـ.ـار و مش سهل.

عثمان و هو يضحك بقوة :

-جبـ.ـار ! مش للدرجة دي يا سمر أنا بردو غلبان و عندي نقط ضعف و الله.

سمر بسخرية :

-إنت عندك نقط ضعف ؟

عثمان بتفكير :

-في الحقيقة هما مش نقط .. هما نقطتين !

رمقته بغرابة ، فضحك و هبط بجسده جالسا أمامها علي حافة المغطس ..

-أول نقطة الهوس بالجمال .. قالها "عثمان" و هو يتأمل وجهها و كتفيها العاريين ، و أكمل :

-بضعف جدا قدام الجمال . من صغري و أنا كده . كنت لما أشوف أي واحدة جميلة أروح علطول أقولها إنتي جميلة .. أنا بعرف أقدر الجمال كويس أوي يا سمر.

أجفلت بتـ.ـو.تر ، ليضيف بصوت ناعم :

-النقطة التانية بقي . أمي .. بحب أمي أووي . تقدري تقولي إنها الست الوحيدة إللي ممكن تكون جوا قلبي . ت عـ.ـر.في إنك بتفكريني بيها ؟ حقيقي . و عنيها ملونة زيك !

و إزداد معدل الشغف في نظراته و هو يتأملها أكثر ، بينما إنزلقت أكثر في الماء كي تخفي جسدها من عينيه و هي تشعر بالخجل الشـ.ـديد ..

-ممكن تطلع برا دلوقتي ؟ .. قالتها "سمر" بتـ.ـو.تر و وجهها يشع نارا ، ليضحك "عثمان" بمرح و يرد :

-ليه كده بس يا بيبي ؟ عايزاني أطلع برا ليه ؟ ده بدل ما تعزمي عليا و توسعيلي مكان جنبك ؟ ده أنتي طلعتي بخيلة أوي . مع إني صحيت قبلك و حضرتلك الفطار بنفسي برا . يعني لحد دلوقتي أنا أحسن منك و كريم جدا معاكي.

و رمقها بنظرات خبيثة ، فإنفعلت رغما عنها لسوء أخلاقه معها ، و صرخت فيه :

-قولتلك مـ.ـيـ.ـت مرة مابحبش الطريقة دي و قولتلك بردو مـ.ـا.تكلمنيش بالإسلوب ده . إنت مش جايبني من الشارع . بطل قلة أدب !

-أنا قليل الأدب ؟ .. سألها بهدوء شـ.ـديد و هو يشير بأصبعه إلي نفسه ، ثم إبتسم تلك الإبتسامة الشيطانية و قال :

-طب أنا هوريكي قلة الأدب علي أصولها !

و مد يده داخل المغطس ، ليخرج بعد لحظات بالسدادة المطاطية

إتسعت عيناها بذعر عنـ.ـد.ما لاحظت منسوب المياه يقل ، و جسدها علي وشك أن يُـكشف له ..

تخشبت بمكانها غير مصدقة و إرتجف فمها بقوة ، عجزت عن التصرف ، لا تدري ماذا تفعل ، و هل يحق لها أن تفعل ؟ أو أن تعترض حتي ؟ .. هي ملكه طالما يروق له ذلك !!

إنهمرت الدmـ.ـو.ع من عيناها حين إختفت المياه تماما و بقت بعض الفقافيع الخفيفة تداري القليل من أجزاء جسدها

ظلت ترتجف فقط كورقة خريف آيلة للسقوط ، البرودة شـ.ـديدة بالإضافة لشعور الذل و المهانة ، كمية مشاعر كثيرة متضاربة أخرستها و أخضعتها أمامه في هذه اللحظة ..

-يانهآاار أبيض ! ليه ده كله يا حبيبتي ؟ .. قالها "عثمان" بدهشة حقيقية ، و تابع بخبث :

-زعلانة أوووي كده ليه ؟ ما أنا شوفت كل حاجة قبل كده !

لم ترد و أطبقت جفناها بشـ.ـدة ، لا تريد رؤيته

لكنها سمعته يواصل كلامه بحدة مصطنعة :

-و عموما إنتي تستاهلي أصلا . علي الليلة إللي ضـ.ـر.بتيهالي إمبـ.ـارح . دلوقتي لازم أخد تاري منك بقي.

و شعرت به و هو يحملها من مكانها ، ثم يقول بلهجة مفعمة بالحماسة الملتهبة :

-تعالي يا حبيبتي . الدنيا برد هنا عليكي . أوضتنا أدفى !

و أخذها إلي الغرفة بسرعة ، و هو يعتزم بجدية تامة تعويض أحداث الليلة الفائتة ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• ••••••••

في مكان أخر ... تحديدا في شقة راقية بحي شرق الإسكندرية

تتمدد "چيچي" علي هذا السرير الواسع بجوار خطيبها ..

تلقي برأسها علي صدره العاري و تقول بصوت هامس :

-سيف . سيفو .. نفسي في آيس كريم ڤانيليا !

سيف بإستغراب و هو يمسح علي شعرها الحريري :

-آيس كريم ڤانيليا ؟ إشمعنا آيس كريم ڤانيليا يا چيچي ؟!

چيچي بغنج :

-مش عارفة ! بس نفسي رايحاله يا بيبي.

سيف بضحك :

-إوعي تكوني حامل يا حبيبتي . لسا فاضل شهرين علي ما تخلص العدة بتاعتك !

چيچي و هي تلكزه في كتفه :

-إف بقي . قولتلك قبل كده مـ.ـا.تحاولش تفكرني بالزفت ده . عايزاه أنساه خآالص يا سيف و مش عايزة أي حد يفكرني بيه.

-أد كده يا چيچي بتكرهيه ؟

چيچي بغل شـ.ـديد :

-بكرهه جدا . ده بني آدm Abnormal [ مش طبيعي ] و حـ.ـيو.ان . أول واحد أخاف منه في حياتي .. ثم قالت بخـ.ـو.ف :

-و إللي مخـ.ـو.فني منه أكتر إنه لسا محتفظ بالـCD بتاعي أنا و إنت . يا عالم ممكن يعمل بيه إيه ؟!

سيف بإستهزاء :

-هيعمل إيه يعني ؟ و لا هيقدر يعمل حاجة.

چيچي بسخرية :

-سيف بليز تسكت . إنت أصلك مـ.ـا.تعرفش عثمان البحيري كويس . ده شيطان . زي التعبان فعلا . جلده ناعم بس لما يلدع سمه يمـ.ـو.ت و مالوش علاج.

سيف بضيق :

-إنتي مش شايفة إنك بتبالغي شوية يا حبيبتي ؟

چيچي بجدية :

-لأ . Never يا حبيبي مش ببالغ . بس أنا مش هفضل طول عمري عايشة في رعـ.ـب بسببه .. لازم آمن نفسي منه.

سيف بإهتمام :

-هتعملي إيه ؟؟؟

إبتسمت "چيچي" و هي تقول بشر :

-هعمل حاجات كتييييير . هو صحيح معاه الورق كله .. بس أنا بقي معايا الـJoker !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في الصباح التالي ... ترتدي "سمر" ملابسها و هي تشعر بالتعب و الإنهاك الشـ.ـديد

يأتي "عثمان" و هو يراها ، ليقول بإستغراب :

-بتعملي إيه يا بيبي ؟

سمر بنبرة متداخلة الأحرف :

-زي ما إنت شايف . بلبس عشان أمشي . إحنا وصلنا للمرسى و لا لسا ؟

يقترب "عثمان" منها و هو يقول بإبتسامة :

-تمشي إيه بس يا حبيبتي ؟ أنا مش قولتلك إني بعدت أخوكي مخصوص عشان تفضيلي و تقضي معايا وقت أطول ؟ خلينا يومين كمان !

سمر بعصبية منهكة :

-لو سمحت ماضايقنيش أكتر من كده . أنا عايزة أرجع لازم إرجع بيتي دلوقتي.

لاحظ "عثمان" شحوب وجهها و إصفراره

فعقد حاجبيه و هو يحدق فيها بتركيز ، ثم قال بجدية :

-مالك يا سمر ؟ إنتي كويسة ؟!

تمتمت بضيق يغلفه التعب :

-أنا كويسة و هبقي كويسة أكتر لما إمشي من هنا و أرجع بيتي.

مد "عثمان" يده و تحسس جبينها ..

-يانهار إسود ! .. صاح "عثمان" بذعر ، و أكمل :

-إنتي سخنة مولعة . من أمتي ؟ و ماقولتليش ليه ؟

عبست "سمر" و هي تتذكر طوال الليلة الماضية كانت تعاني أعراض الحمى و ترتجف بصمت ، بينما ينام هو بجوارها مستغرقا في عالم أخر ..

-أنا كويسة مافياش حاجة .. قالتها "سمر" بضيق أشـ.ـد و تابعت :

-روحني بقي.

عثمان بجدية :

-أروحك إيه ؟ أنا هاوديكي للدكتور.

سمر بإنفعال :

-مـش عـايزة أروح لدكاترة عايـزة أروح بـيــتــــــــي !
_ سر ! _

في منتصف يوم العمل ... يدخل الأخان "رفعت" و "يحيى" إلي مجموعة شركات العائلة

التي توارثتها الأجيال منذ القدm حتي وقتنا هذا ..

ينهال عليهم الترحيب الشـ.ـديد و يظهر الموظفين و العاملين تقديرا و إحتراما شـ.ـديدا في حضرتهم حتي وصلا إلي مكتب رئيس مجلس الإدارة .. "يحيى البحيري"

-حمدلله علي السلامة يا مستر يحيى . الشركة نورت برجوع حضرتك ! .. قالتها السكرتيرة الشابة بإبتسامة رقيقة

بينما يحتل "يحيى" مكانه خلف مكتبه الفخم ، ثم يقول و هو يرد لها الإبتسامة :

-الله يسلمك يا أسما . ها الشغل إيه أخبـ.ـاره ؟

أسما بجدية :

-الشغل ماشي تمام جدا يافنـ.ـد.م كل حاجة Excellent .. ثم قالت بشئ من الحرج :

-بس Sorry يعني عثمان بيه مزنق علينا شوية في السوق شركته من يوم ما فتحت تقريبا محتكرة نص العملا بتوعنا !

قهقه "يحيى" عاليا ، ثم قال مزهوا بإبنه :

-هو ده عثمان . أنا كنت عارف إن حاجة زي دي ممكن تحصل .. يلا مش مهم . خليه يشتغل و يبني إسم يخصه دي حاجة تفرحني بردو.

و هنا تدخل "رفعت" بسخرية :

-يعني يبني إسمه و إسمنا إحنا يغرق ياخويا ؟!

ينظر له "يحيى" و يقول بدهشة :

-جرا إيه يا رفعت هو إبني بس إللي بينافسنا ؟ ما في مليون شركة في البلد بتنافسنا بس هو بقي إللي شاطر و فاهم في شغله كويس عشان كده بينجح.

لم يرد "رفعت" و أشاح بنظره عنه و هو يغلي من الغـ.ـيظ

تنهد "يحيى" بسأم و أمر سكيرتيرته :

-أسما عايز Report ( تقرير ) مفصل بالمدة إللي غيبت فيها عن الشغل . عايزه دلوقتي حالا.

-حاضر يافنـ.ـد.م . تؤمرني بحاجة تانية ؟

يحيى بإبتسامة :

-أه طبعا شوفي رفعت بيه يشرب إيه !

رفعت بإبتسامة تهكمية :

-إنت بتعزم عليا في مكاني و لا إيه يا يحيى ؟!

يحيى و قد تلاشت إبتسامته :

-لأ طبعا . إنت هنا زيك زيي يا رفعت !

رمقه "رفعت" بنظرة هادئة و لكنها قـ.ـا.تلة و تحمل غل و حقد شـ.ـديدين ..

تظاهر "يحيى" بعدm ملاحظته و حمحم قائلا :

-أوك . روحي إنتي يا أسما إعملي إللي قولتلك عليه و إطلبيلي أنا و رفعت بيه إتنين قهوة مظبوطة.

أسما بإبتسامة :

-أوك يافنـ.ـد.م !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في سيارة "عثمان البحيري" ... ما زالت "سمر" تلح عليه و تجادله منذ عادا إلي البر قبل قليل

سمر بتعب ممزوج بالضيق :

-مش هينفع توصلني و كمان مش هينفع أخد الشنط و الكراتين دول كلهم .. و أشارت إلي المقعد الخلفي حيث تكدست الأغراض و الملابس التي إشتراهم لها ، و أكملت :

الناس لما يشوفوا كده يقولوا عليا إيه ؟!

عثمان بحدة :

-قولتيلي مش هتروحي للدكتور قلت ماشي لكن تقوليلي مش هاوصلك و مش هتاخدي الحاجات إللي جبتهملك أهو ده بقي إللي مش ماشي.

سمر بضيق شـ.ـديد :

-إنت ليه مش عايز تفهم ؟ لو حد شافنا مع بعض و شاف الحاجات دي مش هيحصل طيب . إنت كده بتحطني في موقف صعب !

عثمان صائحا بنفاذ صبر :

-خلآااص . إللي تشوفيه .. مش عايزاني أوصلك ؟ أوك !

و ركن سيارته علي جانب الطريق ، ثم أخرج هاتفهه و أجري مكالمة ..

-ألو ! .. إنت فين دلوقتي يا ناجي ؟ .. طيب سيب إللي في إيدك و تعالالي حالا . أنا في محطة الرمل .. ما تتأخرش . سلام.

و أقفل الخط بوجه متجهم و آثر الصمت تماما حتي أتي "ناجي" ..

-تحت أمرك يا باشا ؟ .. قالها "ناجي" بإستفهام ، ليترجل "عثمان" من سيارته و يجيبه :

-إسمع يا ناجي . دلوقتي هتاخد سمر هانم في تاكسي و توصلها لحد بيتها و كمان في شوية حاجات في العربية هتاخدهم و تطلعهم لحد شقتها . فاهمني ؟

ناجي بجدية :

-فاهمك يا باشا . تمام إعتبره حصل.

إلتفت "عثمان" إلي "سمر" ثم هتف بأمر :

-إنزلي !

نزلت "سمر" من السيارة و الدوار لم يفارقها بعد

قبض "عثمان" علي رسغها و أخذها علي مسافة بعيدة قليلا عن ناجي و قال بصلابة :

-ناجي هايوقف تاكسي دلوقتي و هو إللي هايوصلك و كمان هياخد الحاجات و هيطلعهملك لحد الشقة.

كادت "سمر" أن تفتح فمها لتتكلم ، ليقاطعها بصرامة :

-مش عايزة و لا كلمة . إللي أقوله يتسمع منغير كلام . و لما تروحي تكلميني فاهمة ؟

عقدت حاجبيها في غضب و لم ترد ، فتأفف بنفاذ صبر ثم أخذها و عاد إلي مكان سيارته

فتح لها باب التاكسي الخلفي الذي أوقفه "ناجي" بينما ذهب الأخير ليحضر الأغراض من سيارة "عثمان " ..

-لو التعب زاد عليكي كلميني علطول و هاجي أخدك للدكتور .. قالها "عثمان" و هو يستند بمرفقيه علي نافذة التاكسي

سمر بإقتضاب :

-إن شاء الله.

-كله تمام يا عثمان بيه ! .. صاح "ناجي" و هو يقف بجانب "عثمان" ، ليستدير له ببطء و يقول بوجوم :

-لما تخلص المشوار إبقي كلمني !

-حاضر يا باشا.

أعطاه "عثمان" بعض النقود ، و شمل "سمر" بنظرة أخيرة

ركب "ناجي" بجوار السائق ، و تحركت سيارة الآجرة ، فوقف "عثمان" يراقبها حتي توارت عن ناظريه ...

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

عنـ.ـد.ما وصلت "سمر" إلي بيتها ... حاسب "ناجي" سائق التاكسي ، ثم إلتفت إلي سمر ليسألها

ناجي بإبتسامة :

-شقة حضرتك في الدور الكام يا هانم ؟

أخرجت "سمر" مفتاح شقتها من الحقيبة و أعطته إياه قائلة :

-خد إطلع حطهم قدام باب الشقة من جوا و أنا طالعة وراك علي مهلي . الشقة في الدور الرابع.

-تحت أمر حضرتك !

و أخذ منها المفتاح و حمل العلب و علق الحقائب بيديه ، ثم توجه إلي داخل البيت ..

لحقت به "سمر" متمهلة في خطاها

بينما كان هناك شخصا أخر يتابع ما يحدث بعينين ملؤهما الغضب و الغيرة ..

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

تمر "سمر" علي الطابق الذي تقطن به الجارة "زينب" ... كانت ستدق بايها لتستلم منها شقيقتها و تشكرها

و لكنها تفاجأت حين وجدت الباب مفتوح بالفعل ، و السيدة "زينب" تقف علي عتبته و الوجوم يتسيد قسمـ.ـا.ت وجهها ..

-ماما زينب ! إيه إللي موقفك كده ؟ .. تساءلت "سمر" بإستغراب و هي تقترب من جارتها

زينب بنيرة حادة :

-مين إللي شوفته طالع شقتكوا ده يا سمر ؟؟؟

ينزل "ناجي" في هذه اللحظة و يعيد مفتاح الشقة إلي "سمر" ..

-تؤمريني بحاجة تانية حضرتك ؟ .. تساءل "ناجي" بتهذيب

سمر و قد زاد شعورها بالإعياء و التـ.ـو.تر فجأة :

-لا . إتفضل إمشي إنت.

ينسحب "ناجي" في هدوء ، لتعيد "زينب" سؤالها بحدة أكثر :

-ما تجاوبيني يا سمر . ردي و قوليلي إللي بيحصل بالظبط !!

كانت رؤية "سمر" تنعدm في هذه الأثناء ... إزداد شحوب وجهها و زاغت عيناها قبل أن تطبق جفناها و تسقط مغشيا عليها

-يا لـهـوي ! إسم الله عليكي يابـ.ـنتي .. هكذا صاحت "زينب" بهلع و جثت علي ركبتيها بجوار "سمر"

حاولت أن تجعلها تفيق ، خبطت علي خديها ، مسدت علي يدها دون جدوي ..

لم تجد حلا أخر فنادت بأعلي صوتها :

-يا شــهــــــــــــــــيــــ رة . شــهــــــــــــــــيــــ رة . يا شــهــــــــــــــــيــــ رة !

من الشقة المقابلة ، تخرج سيدة في العقد الثالث من عمرها

تري ما يحدث أمام شقة صاحبة البيت ، لتجحظ عيناها و تركض صوبها و هي تهتف بذعر :

-أبلة زيــنب ! خيــر يا أبلة ؟ إيه إللي حصل ؟؟؟

زينب و هي تنظر إلي "سمر" بخـ.ـو.ف :

-البت سمر كانت واقفة بتتكلم معايا و فجأة وقعت من طولها !

شهيرة بقلق :

-ليه كده كفا الله الشر ؟ طيب يا أبلة زينب أنا هنزل أنده للأستاذ سامي الصيدلي يجي يشوفها.

-ماشي يابـ.ـنتي بس بسرعة الله يخليكي قلبي واكلني عالبت يا تري فيها إيه ؟!

-حاضر حاضر يا أبلة زينب هروح بسرعة أهو !

و ركضت "شهيرة" لداخل شقتها ، ثم خرجت مرة أخري و قد إرتدت إسدالها و بأقصي سرعة هبطت الدرج ..

بينما أمسكت "زينب" بحقيبة "سمر" و فتحتها لتبحث عن قنينة عطر أو أي شئ يساعدها لتخرج "سمر" من إغماءتها

كانت الحقيبة شبه فارغة إلا من حزمة نقود قليلة و أچندة أوراق صغيرة

و من بينهم سقطت ورقة من الحقيبة إلي الأرض ، كانت "زينب" ستعيدها لولا أنها لمحت توقيع "سمر" و بجانبه "توقيع شخصا أخر ..

و بفضول غريب فتحت "زينب" الورقة و قرأت الآتي ؛

( إنه في اليوم الموافق 26 /12 / 2017 تحريرا بين كلا من :

أولا السيد / عثمان يحيى صالح البحيري المقيم في " ......."
مسلم الديانة

مصري الجنسية

_زوج طرف أول _

ثانيا السيدة / سمر شريف عبدالله حفظي

_ زوجة طرف ثاني _

بعد أن أقر الطرفان أهليتهما للتعاقد و التصرف و خلوهما من كافة الموانع الشرعية و أمام الشهود المذكورين بهذا العقد إتفقنا علي ما يلي :

البند الأول / يقر الطرف الأول بعد إيجاب و قبول صريحين بأنه قد قبل الزواج من الطرف الثاني زوجة شرعية علي كتاب الله و سنة رسوله ( ص ) و عملا بأحكام الشرعية الإسلامية
كما تقر الطرف الثاني بعد إيجاب و قبول صريحين بأنها قد قبلت الزواج من الطرف الأول.

البند الثاني / تقر الطرف الثاني بأنها قد قبلت الزواج برضا تام وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.

البند الثالث / إتفق الطرفان علي صداق قدره " .... " كما إتفق كليهما علي قبول جميع أحكام العقد و خاصة البنوة إذ أن أولادهما ثمرة هذا الزواج لهما جميع الحقوق الشرعية.

البند الرابع / تحرر هذا العقد من نسختين بيد كل طرف للعمل بها عند اللزوم طبقا لأحكام القانون الوضعي بجمهورية مصر العربية )

توقيع الطرف الأول / عثمان البحيري
توقيع الطرف الثاني / سمر حفظي

توقيع الشهود المذكورين :

- .......................
- .......................

إنتهت "زينب" من قراءة العقد حابسة أنفاسها ..

زينب بصدmة كـبيـــــرة :

-يانهار إسود !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

عنـ.ـد.ما وصل "عثمان" إلي القصر ... ذهب إلي جناحه مباشرة و هو يحرص علي ألا يراه أحد

فتح الباب و ولج ، و كاد يهم بنزع سترته حين دق هاتفهه

أجاب ..

-ألو ! إيه يا ناجي . خلصت ؟

ناجي و صوته محاطا بزحمة الشوارع :

-أيوه يا عثمان بيه . كله تمام حضرتك.

عثمان مقطبا بإنزعاج من هذه الأصوات :

-عملت إللي قولتلك عليه يعني ؟ و صلت الهانم و طلعت الحاجات لحد شقتها ؟؟؟

-أيوه يا باشا . كل إللي حضرتك قولته حصل.

-أوك . يا ناجي.

-العفو يا باشا . تحت أمرك في أي وقت !

و أغلق الخط معه ... أراد "عثمان" أن يتصل بـ"سمر" بعد ذلك

لكنه شعر بحاجة شـ.ـديدة لحمام ساخن الآن ، فترك هاتفهه و توجه إلي المرحاض بخطوات متكاسلة ..

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في شقة الجارة "زينب" ... تتمدد "سمر" علي الآريكة بعد أن ساعدها الطبيب الصيدلي علي إستعادة وعيها

سمر مبتسمة بتعب :

-أنا متشكرة أوي يا ماما زينب . ليكوا كلكوا يا جماعة.

الطبيب بإبتسامة :

-بتشكرينا علي إيه يا أنسة يا سمر ؟ إنتي بـ.ـنت الحجة زينب و أخت الست شهيرة و أختي أنا كمان يعني مافيش شكر بينا . عموما حمدلله علي سلامتك.

زينب بلهجة مقتضبة :

-هي كان فيها إيه يا سامي يابني ؟

سامي بلهجة مطمئِنة :

-إطمني يا حجة زينب مافيهاش حاجة . هي واخدة دور يرد شـ.ـديد بس و بعدين الأنيميا إللي عندها من زمان دي بتسهل للمرض أنه يدخل جـ.ـسمها بسرعة.

شهيرة بتساؤل :

-طيب إيه الحل يا دكتور سامي ؟

-الحل إنها تاخد علاجها و تتغدي كويس . و أنا عن نفسي هنزل و هبعتلها الدوا من عندي علطول.

سمر بإمتنان :

- يا دكتور يا سامي.

رحل "سامي" و من بعده بلحظات إستأذنت "شهيرة" لتذهب و تتفقد أطفالها ..

و الآن إنفردت "زينب" بـ"سمر"

سمر بصوت متحشرج قليلا :

-أومال فين ملك يا ماما زينب ؟ أنا مش شايفاها !

و أخذت تتلفت حولها ..

زينب بجمود :

-ملك نايمة جوا في الأوضة .. ثم سألتها بحدة :

-أومال إنتي كنتي فين اليومين إللي فاتوا دول يا سمر ؟؟؟

أجفلت "سمر" بتـ.ـو.تر ، و قالت :

-ما أنا قولتلك يا ماما زينب !

زينب بإستهجان :

-معلش قوليلي تاني.

سمر و هي تزدرد ريقها بإرتباك :

-كـ كنت . كنت عند صاحبتَ آا ..

-مـ.ـا.تكدبيش ! .. قاطعتها "زينب" بغضب ، و أخرجت من خلف ظهرها عقد الزواج ال عـ.ـر.في و لوحت به أمام عينيها المصعوقتين ..

زينب بإنفعال :

-إيه ده يا سمر ؟ .. ها ! إيه ده فهميني ؟ إتكلمي قوليلي إن في حاجة غلط أنا مش فاهماها !!

نظرت لها "سمر" بخزي ممزوج بالقهر و لم ترد ، أطرقت رأسها و أخذت تنتحب بحرقة ..

زينب بصدmة :

-لأ .. لأ الكلام ده مش صحيح . مستحيل أصدق . ده إنتي سمر بـ.ـنت كريمة الله يرحمها صاحبتي و جارتي و عشرة عمري . ده أنا مربياكي علي إيدي و أخلاقك أنا إللي علمتهالك !

-أنا ماعملتش حاجة غلط ! .. غمغمت "سمر" بصعوبة من وسط بكائها الحار ، لترد الأخيرة بصدmة مضاعفة مع زيادة تأكدها من الأمر :

-متجوزة  عـ.ـر.في يا سمر ؟ لأ .. لأ مش قادرة أصدق .. إنتي ! لــيــــــــــــــه ؟؟؟

و هنا رفعت "سمر" وجهها الغارق بالدmـ.ـو.ع و أجابت بنشيج مخـ.ـنـ.ـوق :

-عشان إخواتي . عشان ملك في الأول . كانت هتمـ.ـو.ت و أنا مش ممكن أسمح بكده .الفلوس كانت هي المشكلة . علاجها بفلوس أكلها بفلوس و المستشفي بفلوس و هو معاه الفلوس . أنا ضحيت بنفسي و عارفة إن حياتي إتدmرت و مستقبلي راح . كل ده عشان أختي أولا و بعد كده فادي . أنا مقدرش أشوف ملك بتمـ.ـو.ت يا ماما زينب و لو حصلها حاجة أنا كمان هروح فيها !

زينب بإستنكار و عصبية :

-تقومي تبيعي نفسك ؟ تسلمي نفسك لواحد في الحـ.ـر.ام ؟؟؟

سمر وقد أرعـ.ـبتها الكلمة :

-لأ . لأ لأ يا ماما زينب أنا ماعملتش حاجة في الحـ.ـر.ام . أنا متجوزة و العقد أهو في إيدك.

زينب بسخرية :

-و هو العقد ده يحلل إللي حصل ؟ ده عقد باطل يا حبيبتي . يمكن في نظر القانون مش باطل لكن في نظر ربنا و الناس بآاااطل و أي حاجة حصلت بينك و بين إللي إتجوزتيه حـ.ـر.ام . عشتك معاه زنا . زنا يا سمر فاهمة يعني إيه ؟؟؟

سمر و هي تهز رأسها بصدmة شـ.ـديدة :

-لأ .. مش ممكن !

و هنا دق هاتفهها ..

لم تتحرك من مكانها قيد أنملة ... فتطوعت "زينب" و أحضرته لها من الحقيبة

لكنها نظرت إلي إسم المتصل أولا ..

زينب بغضب :

-عثمان البحيري .. بسلامته بيتصل !!!!!

يتبـــــع ...
_ إتفاق ! _
تنتفض "سمر" في هذه اللحظة و تقوم من مكانها بسرعة ... تقف أمام "زينب" محاولة أخذ الهاتف من يدها
سمر برجاء و دmـ.ـو.عها تتراقص بعيناها :
-لأ يا ماما زينب . مـ.ـا.ترديش إنتي عليه أبوس إيدك !
زينب بغضب :
-و مش عايزاني أرد عليه ليه ؟ خليكي إنتي برا الموضوع و سيبهولي أنا هتصرف معاه.
سمر بإنهيار تام :
-لأ كده الموضوع هيكبر . إنتي مـ.ـا.ت عـ.ـر.فيش ده مين ماينفعش أي حد يعرف إللي حصل بيني و بينه أنا الوحيدة إللي هضر . عشان خاطري يا ماما زينب.
زينب بإنفعال :
-يعني هتسيبي نفسك كده ؟ هتكملي في سكة الحـ.ـر.ام دي معاه ؟؟؟
سمر بنفي :
-لأ خلاص . أوعدك إني هقطع علاقتي بيه قريب . هسيبه !
و هنا إنقطع الرنين المتواصل ، لستوضحها "زينب" بحدة :
-و لو مقدرتيش ؟
سمر بثقة :
-مش هنتقابل لوحدنا تاني . مش هخليه يقربلي تاني أوعدك.
تنهدت "زينب" بحيرة و قالت بغـ.ـيظ :
-طيب و إللي عمله فيكي ؟ هينفد كده منغير حساب ؟ ليه كده يابـ.ـنتي ؟ ليه تعملي في نفسك كده يا سمر ؟ ليه تضيعي مستقبلك بإيدك ؟؟؟
سمر بنبرة متألمة :
-نصيبي كده يا ماما زينب.
زينب بحنق :
-لأ ده مش نصيبك . إنتي إللي إخترتي بإرادتك ربنا مابيعملش حاجة وحشة في حد.
تقلص وجه "سمر" بألم أشـ.ـد و تدفقت من عينيها الدmـ.ـو.ع ..
حـ.ـز.نت "زينب" علي حالتها و رق قلبها أخيرا ، فأخذتها بين ذراعيها و ضمتها بعاطفة أمومية ..
زينب بلطف وهي تمسد علي ظهرها :
-خلاص يابـ.ـنتي . خلاص .. أنا عارفة إن مافيش أنضف منك في الدنيا و عارفة إن أختك هي نقطة ضعفك و هي إللي خلتك ترمي روحك في النار منغير ما تفكري . بس يا سمر إيمانك بربنا كان لازم يبقي أقوي من كده . مافكرتيش إنك عالجتي أختك بفلوس حـ.ـر.ام ؟ مافكرتيش إن ربنا مابيتعاندش و كان ممكن يحرمك منها عشان روحتي و لجأتي لعبده مش له ؟ لو لا قدر الله كان حصلها حاجة كنتي هتبقي كسبتي إيه ؟ بالعكس ده إنتي كنتي هتبقي خسرتي كل حاجة و قبل منهم نفسك.
سمر و قد إزداد بكائها حرارة :
-أنا عارفة كل ده . بس غـ.ـصـ.ـب عني . ماكنتش قادرة أشوف ملك بتعاني أكتر من كده . أنا كنت متكتفة شايفاها قدامي بتمـ.ـو.ت و مش عارفة أعملها حاجة !
زينب بتأثر :
-طيب خلاص . إللي حصل حصل مش هنقعد نندب حظنا علي إللي راح و مش هيرجع . أنا مش هسيبك يا سمر و هقف جمبك و هنصلح كل ده مـ.ـا.تقلقيش ربنا معانا إن شاء الله .. و تبدلت نبرتها لتصبح أكثر صرامة :
-بس من هنا و رايح لازم ت عـ.ـر.فيني كل حاجة و خصوصا كل حاجة بتحصل بينك و بين إللي مايتسمي ده !
-حاضر .. تمتمت "سمر" بتعب و هي ما زالت في حـ.ـضـ.ـنها ، لتسألها "زينب" بجمود :
-قولتيلي بسلامته معاه فلوس ! يعني غني ؟
سمر بمرارة :
-غني . غني جدا يا ماما زينب.
زينب بإستهجان :
-الله الغني يا حبيبتي .. ثم قالت بوعيد :
-خليه بس يفكر يأذيكي أو يستغلك تاني . بعون الله أنا إللي هقفله !
و هنا دق الهاتف مرة أخري ...
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
في قصر آل"بحيري" ... مرارا يعاود "عثمان" الإتصال بـ"سمر" و لكن لا يوجد رد
شعر بالغضب الشـ.ـديد و إعتبر ذلك تحد صريح منها ، فهو أكد عليها بأن تدق له ما أن تصل و لكنها لم تفعل و لم ترد عليه حتي ..
-ممكن أدخل !
إنتبه "عثمان" علي صوت أمه و تفاجأ بها تقف عند عتبة باب غرفته ..
-ماما ! إتفضلي طبعا .. قالها "عثمان" مبتهجا برؤية أمه ، لتدخل الأخيرة و تمشي ناحيته بخطواتها المتمايلة
جلست بجواره علي طرف السرير و مدت يدها و مسحت علي شعره المبتل ..
فريال برقتها المعهودة :
-قاعد بالبُرنس كده ليه ؟ و شعرك مبلول . كده تبرد يا حبيبي !
عثمان بإبتسامة :
-لسا خارج من الحمام . كنت قايم ألبس هدومي . سيبك مني دلوقتي بس . إنتي كنتي جاية عايزاني في حاجة ؟
فريال و هي ترد له الإبتسامة :
-كنت جاية أشوفك . وحـ.ـشـ.ـتني و بقالي كام يوم مش بلمحك في البيت .. كنت غطسان فين ؟؟؟
ضحك "عثمان" و قال :
-من إمتي يا فريال هانم بتستجوبيني كده ؟!
فريال و هي تداعب لحيته الكثيفة :
-مش من حقي يعني ؟ أنا أمك.
-من حقك طبعا و بعدين إنتي مش بس أمي إنتي ست الكل .. و إنحني ليقبل يدها
فريال بضحك :
-أه منك و من بكشك إللي هيجنني ده . تصدق إن البكش ده هو إللي بيشفعلك عندي !
عثمان بدهشة :
-ليه بس أنا كنت عملت إيه أصلا ؟!
فريال بمزاح :
-يا حبيبي إنت عمايلك كلها سودة و الحمدلله .. و تلاشت إبتسامتها فجأة لتقول :
-بس الفترة الأخيرة إتغيرت أووي يا عثمان . ممكن أقول إنك إتغيرت مع كل الناس لكن معايا أنا زي ما إنت !
عثمان بإستغراب :
-إيه الألغاز دي ؟!
فريال بجدية :
-دي مش ألغاز . أنا أكتر واحدة في الدنيا تعرفك . أكتر واحدة تحس بيك . إنت متغير بس أنا بقي خايفة يكون التغيير ده للأسوأ مش للأحسن.
عثمان بحيرة :
-أنا فعلا مش فاهم إنتي تقصدي إيه ! بس What Ever يعني إطمني . أنا تمام و ماعنديش أي مشكلة بالعكس حياتي هادية و شغلي مستقر .. مـ.ـا.تقلقيش.
فريال بإبتسامة :
-يا ريت يا حبيبي i Hope So بجد .. ثم قالت بشئ من التردد :
-كنت عايزة أكلمك في موضوع تاني !
عثمان بإهتمام :
-خير يا ماما ؟
-هالة !
عثمان و قد أصابه الفتور فجأة :
-مالها هالة ؟
-إنت مش واخد بالك إنها بقت إنطوائية أوي اليومين دول ؟!
عثمان بسأم :
-طب و أنا مالي يعني بتقوليلي الكلام ده ليه ؟؟؟
فريال بإنزعاج من إسلوبه :
-ممكن تهدا شوية و مـ.ـا.تبقاش Aggressive ( عدائي ) في الكلام كده ؟!
يهدئ "عثمان" نفسه ، ثم يقول :
-أنا آسف . بس حقيقي أنا مش عارف إيه علاقتي بحاجة زي دي !!
فريال بلطف :
-عثمان . البـ.ـنت بتحبك و إنت عارف كده إوعي تقولي إنك مش واخد بالك.
عثمان بضيق :
-واخد بالي يا ماما بس أنا بقي مش بحبها و مش عايزها.
-ليه بس ؟ دي هالة بـ.ـنت حلوة و ذكية و فوق ده كله بـ.ـنت عمك يعني مش غريبة مش زي الأولانية إللي آا ..
و بترت عبـ.ـارتها فجأة قبل أن تأتي تماما علي ذكر "چيچي" ..
-Sorry يا حبيبي . ماكنش قصدي !
عثمان بوجوم :
-و لا يهمك يا ماما.
-أنا قصدي يعني إن هالة بتحبك و إحنا مربينها و عارفينها مش هتلاقي أحسن منها يا عثمان صدقني و البـ.ـنت بجد حلوة إيه إللي مش عجبك فيها بس ؟؟؟
عثمان بضيق شـ.ـديد :
-حلوة و كل حاجة و هي علي راسي و الله . بس أنا مش بحبها و لو إتجوزتها مش هنكون علي وفاق مع بعض و مش هتكون مبسوطة معايا و لا أنا كمان.
تنهدت "فريال" و قالت :
-يعني مافيش فايدة ؟ يابني عايزه أفرح بيك و أشوف ولادك !
عثمان بضحك :
-لأ كده يدينا و يديكي طولة العمر بقي !
ضـ.ـر.بته أمه في صدره بخفة قائلة :
-أخس عليك . مستكتر عليا حاجة زي دي يعني ؟
عثمان بجدية :
-إنتي مافيش حاجة في الدنيا تكتر عليكي يا فريال هانم . بس مش وقته . أنا لسا مش جاهز للخطوة دي.
فريال بإستسلام :
-إللي إنت شايفه . ربنا يوفقك يا حبيبي و يريح قلبك !
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
في منزل "سمر" ... تفتح باب شقتها و تدخل حاملة "ملك" علي ذراعها
تزقزق "ملك" بفرحة لوجودها مع شقيقتها ، فتبتسم "سمر" رغم كل شئ و تتفاعل معها
تؤرجحها بين ذراعيها ، تدغدغها أسفل ذقنها ، لتزداد موجات ضحكاتها الرنانة ..
و فجأة تتعثر "سمر" دون وعي في كدسة الحقائب و العلب بالطرقة ، تعبس بضيق و في نفس اللحظة تسمع هاتفهها و هو يدق للمرة السابعة تقريبا ..
ردت علي مضض :
-آلو !
يأتيها صوت "عثمان" غاضبا :
-لا و الله ؟ ألو ! ماكلمتنيش ليه زي ما قولتلك يا هانم ؟ و ماردتيش عليا ليه من أول مرة ؟؟؟
سمر ببرود :
-كنت مشغولة مع ملك . خير في حاجة ؟
عثمان بغـ.ـيظ :
-سيادتك عاملة إيه دلوقتي ؟ لسا تعبانة ؟!
سمر بصلابة :
-لأ . أنا بقيت كويسة الحمدلله . بس آسفة مش هقدر أجي الشغل بكره.
-ليه بقي ؟
-ورايا حاجات في البيت و كمان عشان أكون بقيت أحسن أكتر !
عثمان بصبر :
-أوك . عندك بكره أجازة . لما أشوف أخرتها معاكي يا سمر.
سمر بعدm إهتمام :
-أخرتها خير إن شاء الله . إستأذنك دلوقتي بقي مضطرة أقفل عشان ملك جعانة هحضرلها الأكل.
و أقفلت دون أن تسمع رده ..
هذا السلوك حتما لن يعجبه ، و مؤكد أنه يشتعل من الغضب الآن و يفكر في شئ ليرد به عما فعلته
لكنها ما عادت تكترث ...
-لأ بردو .. تمتمت "سمر" بحيرة ، و أكملت بخـ.ـو.ف :
-ماكنش لازم أرد كده . أنا عايزه أنهي الموضوع بسرعة و هدوء .. منغير مشاكل !
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°
يمر يومان ... و في صباح الخميس ، يصل "فادي" من سفره ليقضي عطلة نهاية الأسبوع مع أسرته
بدا عليه الهزل قليلا ، و بشرته غدت برونزية صافية و قد لوحتها الشمس ، و قوامه صار منحوتا بصورة واضحة
لم تصدق "سمر" أن يحدث له كل هذا في إسبوع فقط ..
-إيه يابني إللي جرالك ده ؟ .. قالتها "سمر" بتساؤل ، و تابعت بدهشة :
-معقول إسبوع واحد يبهدلك كده ؟؟؟
فادي بضحك و هو يتناول منها "ملك" :
-مش بشتغل و بشقي يا سمر ؟ و طول النهار في الموقع و الشمس عمودية هناك !
-بس بردو إتبهدلت أووي .. ثم قالت بإبتسامة :
-عموما حمدلله علي السلامة.
-الله يسلمك ياستي . رغم إني هتجنن من حكاية شعرك المقصوص ده ! ليه تعملي كده يا سمر ؟ إنتي أكيد أتهبلتي !!
سمر بشئ من الإرتباك :
-قولتلك حبيت أعمل تغيير يا فادي.
-لا يا شيخة ؟ تغيير تقومي تقصي شعرك إللي بنات المنطقة كلهم بيحسدوكي عليه ؟؟؟
سمر بضيق :
-خلاص بقي ما بكره هيطول تاني.
فادي بسخرية :
-إبقي قابليني .. ثم قال بإعجاب :
-بس إيه الشياكة دي كلها ؟ شكلك قبضتي و نزلتي شبرقتي نفسك لبس و حركات . أيووه ياستي ماشية معاكي.
سمر بمرارة خفية :
-ياخويا و الله لا ماشية و لا قاعدة . إنت بس عارف الشغل إللي أنا فيه بيعتمد علي المظاهر أكتر حاجة فكان لازم أحسن مظهري شوية .. بس إنت إيه رأيك يعني ؟ شكلي حلو ؟!
فادي بإبتسامة عريضة :
-قــمــــــر . الفستان هياكل منك حتة يا سمسمة.
سمر و قد توردت وجنتاها كلون فستانها :
- يا حبيبي .. طيب أنا لازم أنزل دلوقتي بقي . مش هتأخر هرجع بسرعة عشان أحضرلك الغدا.
فادي بلطف :
-علي مهلك يا حبيبتي . مـ.ـا.تستعجليش .. يلا مع السلامة.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°
عنـ.ـد.ما وصلت "سمر" إلي الشركة ... ذهبت فورا إلي "عثمان" حيث بلغها الجميع أنه يريدها ما أن تصل
طرقت باب مكتبه مرتين ، ثم دلفت ..كان منكبا علي بعض الأوراق و الملفات و كان يرتدي نظارته الطبية الأنيقة و التي يستخدmها في الحالات الطارئة فقط ، كالصداع و الأرق الزائد ..
-صباح الخير ! .. قالتها "سمر" و هي ماثلة أمامه ، ليرفع وجهه بهدوء و ينظر لها
إستطاعت أن تري بوضوح شفتاه المفتوحتان و نظراته الساهمة ، بينما سرح هو في تأملها و هي ترتدي ذلك الثوب الذي أختاره لها بنفسه ..
فستان وردي اللون من القماش الثقيل ، مجـ.ـسم عند النصف العلوي بأكمام طويلة و رباط علي الخصر فعكس نفخة عصرية إكتملت بالإكسسوارات البسيطة التي وضعتها و أيضا هذه الحقيبة الصغيرة جدا التي علقتها علي كتفها ..
حمحمت "سمر" لتخرجه من تأملاته
يجفل "عثمان" ثم يخلع نظارته ..
-حمدلله علي السلامة ! .. قالها "عثمان" بصوت أجش و هو يرسم علي وجهه تعابيره الصارمة
سمر بهدوء :
-الله يسلمك.
-إن شاالله تكوني بخير ! إزي صحتك دلوقتي ؟
سمر بإبتسامة متكلفة :
-الحمدلله . كويسة .. ثم قالت :
-قالولي إن حضرتك عاوزني !
تنفس "عثمان" بعمق ، و قال :
-إنهاردة ماليش مزاج للشغل و حاسس إني مرهق أوي . فكنت مستنيكي لما توصلي عشان أخدك و نروح الشقة إللي جبتها نقضي هناك طول النهار و أهو بالمرة تشوفيها.
سمر ببلاهة :
-شقة إيه ؟!
عثمان بتهكم :
-شقة يعني شقة يا حبيبتي إشترتها لينا . إنتي هتشوفيها و لو ماعجبتكيش هخليكي تختاري واحدة غيرها علي مزاجك.
أجفلت "سمر" بتـ.ـو.تر و ردت :
-أنا .. أنا مش . أنا مش هروح معاك في حتة !
عقد "عثمان" حاجبيه و إستوضحها :
-آسف قولتي إيه ؟!
سمر بإرتباك :
-قصدي مش فاضية إنهاردة . فادي لسا راجع و قاعد معانا يومين.
زفر "عثمان" بقوة و قال بحنق :
-يعني لو غيبتي ساعتين هيفرقوا أوي عند أخوكي ؟!
سمر بإبتسامة تهكمية :
-أه للآسف !
و هنا إنفتح الباب فجأة ... فإلتفتت "سمر"
لتري الزائر المعتاد لهذا المكتب و الذي لا يجرؤ أحد غيره علي الدخول بهذه الطريقة !!!!!!!
يتبـــــع ...
_ غيرة ! _

يلج "مراد" إلي المكتب و علي وجهه إبتسامة مشرقة ... تختفي الإبتسامة فورا

عنـ.ـد.ما وقعت عيناه علي "سمر"

ظل متسمرا بمكانه لدقيقة كاملة ... أفقده سحرها رشـ.ـده ، بينما وقفت "سمر" مطرقة في خجل .. إلي أن حمحم "عثمان" بخشونة ..

مراد بتلعثم :

-آا . صباح الخير !

- .. قالها "عثمان" بإقتضاب و هو ينظر له بغضب

مراد بإبتسامة و عيناه ما زالتا تقيسان "سمر" من أعلي إلي أسفل ببطء :

-أنا قلت أجي أبص عليك . بقالي يومين ماشوفتكش !

عثمان و هو يحاول بصعوبة الإمساك بغضبه :

-طيب إدخل واقف كده ليه ؟ .. و إنتي يا سمر إتفضلي علي مكتب دلوقتي.

لبت "سمر" أمره و خرجت ، ليغمض "مراد" عيناه مبتسما حينما مرت هي بمحاذاته ..

-الله علي البيرفيوم إللي حاطاه .. قالها "مراد" بهيام ، ثم فتح عيناه و أكمل بذهول :

-Chanel Number 3 ! .. سمر بتحط من مجموعات شانيل ؟ و بعدين هي دي أصلا سمر السكيرتيرة بتاعتك ؟؟؟

زفر "عثمان" غاضبا و قال :

-إدخل يا مراد . أساسا إيه إللي جابك هنا ؟!

مراد و يمشي صوب مكتبه ليجلس أمامه :

-إيه ياعم المقابلة الناشفة دي ؟ ده بدل ما تقولي منور يا صاحبي . خطوة عزيزة . أي حاجة من الحاجات اللطيفة دي !

عثمان بنظرات حادة :

-إنجز يا مراد أنا مش فاضيلك . جاي في إيه ؟

مراد و هو يخـ.ـطـ.ـف تحفة خزفية من فوق المكتب و يقلبها بين راحتيه :

-مش جاي في حاجة مهمة . كنت جاي أخد رأيك في موضوع بس.

عثمان بإهتمام :

-خير موضوع إيه ؟

إنتظر "مراد" قليلا .. ثم قال :

-أبويا قدmلي عرض إمبـ.ـارح . هو من ناحية حلو و من ناحية أنا مش مستريح .. حقيقي محتار . مش عارف إتصرف إزاي !!

-طيب إيه هو العرض ؟؟

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••

في قصر آل"بحيري" ... يقفز "يحيى" من فراشه واقفا و قد غدت ملامحه كلها خطيرة فجأة

يحيى و هو يصيح زاعقا في هاتفهه :

-يعني إيه كل حاجة إتلغت ؟ .. يعني إيه المندوب ماجاش ؟ نعم ؟ المخازن مليانة إزاي ؟ أومال أنا كنت سافرت ليه ؟ .. في عقود ممضية . مين إللي ورا الموضوع ؟؟؟ .. إستحالت ملامحه إلي الصدmة الشـ.ـديدة عند سماعه الإجابة

-إنتي متأكدة يا أسما ؟ .. تساءل "يحيى" بعدm تصديق ، لتؤكد له سكيرتيرته الخاصة التصريح للمرة الثانية

إشتد عضلات فكيه و هو يطبق أسنانه بغضب شـ.ـديد ..

أغلق الخط و توجه نحو باب الغرفة تتبعه "فريال" و هي تسأله بقلق :

-في إيه يا يحيى ؟ .. إيه إللي حصل ؟ .. طيب رايح فين بس ؟؟؟

-إبعدي عني يا فريال من فضلك ! .. قالها "يحيى" بإنفعال و إتخذ طريقه صوب غرفة أخيه

يحيى بهتاف عنيف و أعصابه قد وصلت بالفعل إلي درجة الغليان :

-رفــــــــعــــــــــــــ ـــــــــت . رفــــــــعــــــــــــــ ـــــــــت . رفــــــــعــــــــــــــ ـــــــــت.

يخرج "رفعت" من غرفته بهدوء شـ.ـديد بعكس حالة أي شخص قد يكون مكانه في هذه اللحظة ..

-في إيه يا يحيى ؟ بتزعق كده ليه ؟! .. تساءل "رفعت" ببرود مستفز

يحيى مزمجرا بشراسة :

-صحيح إللي أنا سمعته ده ؟؟؟

-إيه إللي إنت سمعته ؟

-إنت إللي بعت للعملا بتوعنا في لندن و قولتلهم الصفقة إنتهت ؟؟؟

-أه فعلا . حصل .. إعترف "رفعت" ببرودة أعصاب عجيبة ، لينفجر "يحيى" بغضب مستعر :

-لـــيــــــــــــه ؟ لــيــــه تعمل كده ؟ بتتصرف من دmاغك منغير ما ترجعلي ؟ بتلغي صفقة بملايين منغير ما تاخد رأيي ؟ عملت كده لـــيــــــــــــه ؟؟؟

رفعت بحدة :

-يا ريت تكلمني كويس يا يحيى . مـ.ـا.تنساش إني أخوك الكبير.

-أخويا الكبير المفروض يبقي هو العاقل إللي بيخاف علي مصلحة أخوه الصغير . ليه ؟ ليه بتحاول دايما تبوظلي شغلي ؟ ده جزاتي ؟ ده جزاتي إني ماحبتش أبعدك عني و عملتلك مكان في الشركة ؟؟!!

رفعت بغضب :

-دي مش شركة لوحدك . إنت ناسي إنها ورث أبونا ؟؟

و هنا إجتمع كل من بالمنزل علي صوت هذا الشجار الناري ..

بينما قال "يحيى" بتهكم فظ :

-لأ و الله شكلك إنت إللي ناسي إن أبويا الله يرحمه كتبهالي بعد ما سيادتك فضلت تاخد نصيبك منها و تسافر بس أنا بقي إللي طلعت غـ.ـبـ.ـي لما رجعتك و كتبتلك ربع الأسهم فيها بعد ما ضيعت كل فلوسك .. و تابع بنـ.ـد.م ممزوج بالحـ.ـز.ن :

-كنت فاكرك إتعدلت و هتقف جمبي . كنت فاكرك فعلا أخويا الكبير إللي هيحميني و هيخاف علي مصلحتي . ماحسبتهاش صح بس قلت إحنا إخوات و مالناش إلا بعض ماينفعش نبعد ماينفعش نتفرق ماينفعش حد فينا يسيب إيد التاني . إستحملت منك كتير علي أمل إنك في يوم هتتغير . بس للآسف إنت زي ما إنت . غرورك و حقدك خلوك أعمي ممكن تدوس علي أي حد حتي لو كان أخوك !

صمت "رفعت" و ظل يحدجه بنظرات محتقنة فقط ..

يحيى بلهجة صارمة :

-أنا مش هقدر أقولك إمشي من البيت ده لإنه للآسف بيتك زي ما هو بيتي . بس لما أرجع من السفر هطلعك من شركتي و هسحب منك كل الأسهم . خلاص .. الثقة بينا بقت معدومة و أنا إستحالة آمنلك تاني يا . ياخويا.

و تركه و عاد إلي غرفته تلحق به زوجته

بينما وقفت كل من "هالة" و "صفية" و عائلة "مراد" مصعوقين مما حدث ، و لم يجرؤ أحدهم علي فتح فمه و الإستفسار أبدا ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

عند "عثمان" ... فرغ "مراد" من شرح مشكلته لصديقه و بقي منصتا لما سيقوله له

عثمان بجدية :

-شوف هو العرض كويس جدا و مسألة إنك هنا مرتاح و مش عايز تسافر تاني دي أنا شايفها سخيفة جدا . فيها لما تروح تتأسس المشروع إللي إقترحه أبوك و توسعه لحد ما تمده هنا ؟ وقتها هتقدر ترجع تاني زي ما إنت عايز . إنما حوار العواطف في الشغل ده مايأكلش عيش يا مراد لازم تتنصح شوية و لا هتفضل طول عمرك أهبل ؟!

مراد بإنزعاج :

-ما تبطل قلة أدب بقي ياعم و لم لسانك .. ثم قال بجدية مماثلة :

-طيب إنت شايف كده يعني ؟ أصل أنا بيعجبني تفكيرك بصراحة !

-أنا مش شايف غير كده . إنت لحد دلوقتي ماعملتش حاجة و مضيها بطول و العرض . آن الأوان تتكن في حتة معينة بقي و تشوف مستقبلك كفاياك كده.

أومأ "مراد" بتفهم و قال :

-أوك . خلاص علي بركة الله . نبدأ تنفيذ المشروع .. ثم تنهد و سأله بشقاوة :

-بس إيه التغييرا الفظيع إللي طرأ علي سمر ده ؟ دي إتغيرت خالص يا أخي . لثانية قلت دي مش هي !

عثمان و قد عاوده الغضب مجددا :

-و إنت مالك بيها يعني ؟ ما تتغير ياسيدي مهتم ليه إنت ؟؟

مراد بضحك :

-أيوه ياعم حقك تعمل أكتر من كده طبعا . ما إللي علي راسه بطحه بقي . مش قادر تنسي الرهان إللي خسرته.

في هذه اللحظة دق الباب ، ثم دخلت "سمر" حاملة مشروب "مراد" بين يديها ..

-إتفضل ! .. قالتها "سمر" برقة و هي تنحني قليلا صوب "مراد" بينما إبتسم الأخير بشـ.ـدة و هو يقول :

-بنفسك ؟ جايبالي العصير بنفسك مش معقول !

ردت "سمر" له الإبتسامة ، ليصطبغ وجه "عثمان" بالحمرة و هو يقول بصوت غليظ :

-من إمتي بدخلي المشاريب بنفسك ؟ أومال فين الساعي ؟؟

سمر بشئ من التـ.ـو.تر :

-عم حسن تعبان و واخد إجازة مرضية إنهاردة !

مراد و هو يجذب إنتباهها مرة أخري :

-إنتي مش فكراني و لا إيه يا سمر ؟

سمر و هي تنقل نظرها بقلق بينه و بين "عثمان" :

-لأ إزاي فاكرة حضرتك طبعا.

مراد بنعومة :

-شكلك إتغير أوي . بس للأحسن طبعا.

سمر بتعثر :

-مـ ـيـ ـرسي !

-عموما أنا مبسوط إني شوفتك تاني .. و مد لها يده للمصافحة

بصورة تلقائية مدت "سمر" يدها هي الأخري و صافحته ..

حدق "عثمان" بغـ.ـيظ في يد صديقه المطبقة بشـ.ـدة علي يد "سمر" ثم حدق فيها هي منتظرا أن تسحب يدها بسرعة ، لكنها لم تفعل حتي قرر "مراد" بنفسه تركها بعد عدة لحظات ..

-عن إذنكوا ! .. قالتها "سمر" و هي تنظر بالأرض ، ثم إستدارت لتغادر المكتب

-مزززززززززه جآاامدة أوي يا عوث ! .. تمتم "مراد" بحرارة ، ليتنهد "عثمان" بنفاذ صبر و يرد :

-أظن إنها مش تيبك . و لا إيه ؟

مراد بضحكة ساخرة :

-يعني هي كانت تيبك إنت ؟ بس سيبك . إحلوت أووي عن أخر مرة شوفتها.

عثمان بإستهجان :

-لا إحلوت و لا حاجة عادي زي ما هي.

مراد بجدية :

-لأ .. جـ.ـسمها لف و بقت مارشميللو خالص . ألوظت يعني.

-ما تلم نفسك يابني آدm إنت ! .. صاح "عثمان" بعصبية رغما عنه

مراد بدهشة :

-الله ! و إنت محموء كده ليه ؟ الكلام غريب علي ودانك ؟ ده إنت إللي بدعه .. ثم قال بخبث :

-و لا الهزيمة لسا حرقاك ؟

رمقه "عثمان" بحنق ، فضحك "مراد" و قام من مكانه و هو يقول بنبرة متكاسلة :

-أوك . همشي أنا بقي عشان ماعطلكش أكتر من كده .. يلا باي.

و رحل "مراد" ليرفع "عثمان" سماعة الهاتف فورا و يستدعي "سمر" ..

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

شعرت "سمر" بخطر وشيك كلما إقتربت من غرفة مكتبه ... لكنها تسلحت بجدار شجاعة واهية قابل للإنهيار ما إذا أحب هو أن يهدmه

تقف "سمر" عند الباب ، ليشير لها "عثمان" بإن تقترب ... إنصاعت له و هي تبتلع ريقها بصعوبة حين لمحت تلك النطرة العنيفة بعينيه

سمر بصوت خافت :

-نعم !

قام "عثمان" من مكانه و مشي ناحيتها بتمهل ..

-إنتي بتشتغلي فين يا سمر ؟ .. قالها "عثمان" بجمود و هو يكتف يديه خلف ظهره

سمر ببلاهة :

-هه ! مش فاهمة ؟!

عثمان بصوت أجش :

-سؤالي واضح . إنت بتشتغلي فين ؟

سمر بعدm فهم :

-بشتغل هنا . في مؤسسة البحيري للتسويق و التجارة !

عثمان و قد غدت نبرته هادئة علي نحو يدهش :

-إللي هي ملك لمين ؟

سمر بحيرة ممزوجة بالتـ.ـو.تر :

-ليك !

-يعني أنا أبقي مين ؟ .. قالها "عثمان" بصوت هامس ، ثم رفعها بمنتهي الخفة و أجلسها علي سطح مكتبه

سمر حابسة أنفاسها بتـ.ـو.تر شـ.ـديد :

-عـ عثمان البحيري !

عثمان و هو يزيح حچابها ببطء ليكشف عن شعرها :

-و إنتي تبقي إيه ليا ؟

-مـ .. مر مراتك .. نطقتها بصعوبة ، لتظلم عيناه في هذه اللحظة و هو يرد بغضب :

-و لما إنتي عارفة كده إزاي تسمحي لواحد غريب يلمسك ؟ إزاي تخليه يمسك إيدك ؟ و يبقي إيه لزمته الحجاب إللي علي شعرك ده ؟؟؟

سمر بحدة ممزوجة بالإرتباك :

-هو مامسكش إيدي بالمعني إللي تقصده ده سلم عليا بس و أنا بسلم علي كل الناس بالإيد عادي ! .. ثم قالت بإستغراب :

-و بعدين أنا مش فاهمة يعني إيه سبب التحقيق ده ؟ إيه إللي يسمعك كده يقول جوزي بجد و غيران !!

أجفل "عثمان" من ملاحظتها و قال :

-غيران ؟ أنا لأ طبعا .. ثم أردف بخشونة :

-و إيه جوزي بجد دي ؟ إنتي مراتي و لا عايزاني كل شوية أفكرك ؟؟؟

أحمـّر وجهها و أطرقت رأسها لتهرب من نظراته الحادة ، بينما تابع بنفس النبرة الخشنة :

-لازم ت عـ.ـر.في إنك ملكي أنا . و طول ما إنتي ملكي مش من حقك و لا من حق أي حد تبصيله أو يبصلك.

رفعت "سمر" وجهها و كم تمنت لو تستطع أن ترد عليه ، و لكنها عجزت كالعادة ، فإكتفت بنظرة حاقدة قصفته بها ..

عثمان بجدية تامة :

-و حاجة كمان . مـ.ـا.تحطيش أي بيرفيوم و إنتي خارجة .. و أكمل بسخرية :

-إذا كنتي مش بتحطيلي أنا بتخلي الناس هما إللي يشموا بدالي !

عضت علي شفتها السفلي بقوة جراء كلمـ.ـا.ته المحرجة جدا بالنسبة لها ..

تملصت في مكانها تريد أن تنزل عن المكتب ، ليثبت مكانه قليلا و هو يرمقها بنظرات غاضبة ، ثم يفسح لها المجال

راحت تضبط وضع حچابها مرة أخري و هي تشعر بالإهانة مجددا

تنفست بعمق و كادت تخطو بعيدا عنه ، ليقبض علي معصمها يقول بصوته الآمر :

-بكره هتيجي معايا الشقة و قبل مـ.ـا.تتحجي ماليش دعوة . دي مشكلتك مش مشكلتي . قولي لأخوكي أي حاجة بس بكره هتيجي معايا يعني هتيجي معايا .. سامعة يا بيبي ؟!

رمقته ببغض و شـ.ـدت يدها بعنف من قبضته ، ثم غادرت مكتبه و هي ترتجف من فرط العصبية .
_ وعد ! _

صباح يوم جديد ... تستيقظ "سمر" باكرا ، و أثناء ما كانت ترتدي ثيابها راحت تعيد ترتيب أحداث خطتها الخرقاء

بالطبع خرقاء و يجب أن تتوقع أي رد فعل عنيف قد يصدر عنه ، و لكن ما أقلقها بحق و جعل أصابع يدها ترتجف و هي تغلق أزرار كنزتها .. تلك الطفلة المسكينة

ألقت "سمر" نظرة علي أختها النائمة بالمهد الصغير ، أزعجتها فكرة أنها ستتخذها كدرع حماية ، و لم تكن واثقة من نجاح الخطة

و لكن ما كانت واثقة منه تماما أنه حتي إذا بلغ قمة غضبه فإن هذا الغضب كله سيقع عليها وحدها لا علي هذه الصغيرة ، بالتأكيد لن يفعل لها شيئا

و تأمل كثيرا لو تنجح هذه الخطة ، رغم أنها تعلم أن لا يمكن الهروب منه كثيرا ، و لكن لتفلت منه هذه المرة و ستفكر في عذر أقوي للمرة القادmة ..

إنتهت "سمر" من تحضير نفسها ، ثم إيقظت "ملك" من نومها بلطف و أخذت تبدل لها ملابسها و تعطرها و تمشط لها شعرها البندقي الجميل

عند ذلك كان النعاس قد طار تماما من أعين الصغيرة ، لتأخذها "سمر" و تذهب لشقة الجارة "زينب" ..

دقت بابها ... لحظات و فتحت لها "زينب" و علي وجهها إبتسامتها المشرقة ..

زينب بود :

-صباح الخير يا قمرات . إيه نازلين بدري ليه ؟ .. ثم قالت بإستغراب :

-و بعدين إنهاردة الجمعة . مافيش شغل إنهاردة !

سمر بإبتسامة متـ.ـو.ترة :

-ملك مش هتقعد معاكي يا ماما زينب . أنا هاخدها معايا إنهاردة.

زينب بشك :

-هتاخديها معاكي فين ؟

حمحمت "سمر" بتـ.ـو.تر أشـ.ـد ، و لكنها أخبرتها بالأخير ..

-إنتي بتقولي إيه ؟ .. صاحت "زينب" بغضب ، و تابعت :

-إنت أتجننتي ؟ هتروحيله برجليكي تاني ؟ و وعدك ليا ؟ هتسلميله تاني ؟؟؟

سمر بهمس و هي تتلفت حولها بقلق :

-بالله عليكي يا ماما زينب وطي صوتك . وعدي ليكي زي ما هو . و الله ما هسيبه يلمسني تاني صدقيني مش هيحصل لو علي رقبتي.

زينب بإستنكار :

-أومال رايحاله برجلك دلوقتي ليه ؟ و هتقابليه لوحدك ليه ؟؟؟

سمر بنبرة مقنعة :

-أنا هروح أقابله فعلا بس و ملك معايا . أنا نايمتها طول الليل إمبـ.ـارح عشان تفضل صايحة طول النهار و هي معانا . هتحجج بيها و مش هيعرف يعمل معايا حاجة . مـ.ـا.تقلقيش يا ماما زينب و الله العظيم ما هخليه يقربلي.

زينب و قد تهدلت تقاسيم وجهها بإستسلام :

-خدي بالك من نفسك يا سمر . إوعي تضعفي يابـ.ـنتي أو يغلبك الشيطان ده.

سمر بثقة :

-مـ.ـا.تقلقيش .. أنا وعدتك !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل"بحيري" ... يضبط "يحيى البحيري" ربطة عنقه أمام المرآة ، لتأتي زوجته من خلفه و تسند خدها علي كتفه و هي تطلق تنهيدة حارة

فريال بلهجة قانطة :

-هتسافر تاني يا يحيى ؟

يحيى بصوت خافت لونته المرارة :

-أيوه يا فريال . لازم أسافر . هحاول أنقذ ما يمكن إنقاذه من الصفقة إللي حطيت فيها حصيلة سنة كاملة من الشغل !

تقلص وجهها بألم ، فهمست :

-عشان خاطري ما تتأخرش . أنا ببقي وحيدة منغيرك . مابحسش بطعم الحياة إلا بوجودك جمبي.

إستدار "يحيى" ليواجهها

أمسك بكتفيها و حدق في عيناها مباشرةً ..

يحيى بصوته الدافئ :

-و أنا كمان يا حبيبتي مابقدرش أعيش ثانية منغيرك . لكن مضطر . إدعيلي إنتي بس سفري ده يجي بفايدة و لو كل حاجة تمت زي ما أنا عايز هرجع بعد يومين إن شاء الله.

فريال و هي تنظر إليه بلوعة :

-ربنا يحفظك ليا و ترجعلي . دول الأهم بالنسبة لي.

إبتسم "يحيى" بحب ، ثم ضمها إلي صدره بلطف ، و تمتم بأذنها :

-بحبك . خليكي فاكرة إني جمبك دايما .. و بحبك دايما !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

في غرفة "صالح" ... الصمت و الوجوم يخيمان عليه و هو يجلس مهموما علي فراشه الواسع

تلج "صفية" إليه حاملة كأس اللبن الدافئ بين يديها ..

جلست علي طرف السرير بجانبه ، و قربت الكأس من فمه و هي تقول بإبتسامة رقيقة :

-صلَّوحي ! يلا يا حبيبي إشرب اللبن و هو سخن.

يشيح "صالح" بوجهه قائلا بإنزعاج :

-من فضلك إبعديه عني يا صفية مش عايز.

صفية بضيق :

-بعد ما عملتهولك بإيدي تقولي مش عايز ؟ .. لكنها لاحظت تعابيره البائسة فجأة ، فسألته بجدية :

-مالك يا صالح ؟؟

صالح بكدر :

-ماليش يا صافي.

صفية و هي ترمقه بنظرة ثاقبة :

-إنت كـ.ـد.اب يا صالح . قولي في إيه ؟ إيه إللي مضايقك ؟!

و ظلت لعدة دقائق تقنعه بالكلام ... ليقول أخيرا :

-دايما كل الظروف بتبقي ضدي يا صفية !

صفية بعدm فهم :

-مش فاهمة ! تقصد إيه يا صالح ؟!

صالح بكآبة :

-كل ما أحل عقدة . كل ما أفتكر إن مشاكلي إتحلت بطلع غلطان في الأخر .. مشاكلي بتزيد و بتتعقد أكتر.

أجفلت "صفية" و قالت بدهشة :

-ليه بتقول كده يا حبيبي ؟ إنت ماعندكش أي مشكلة . وضعك بيتحسن و الدكتور قال قريب أوي هترجع تقف علي رجليك من تاني . صحتك ممتازة و قطعت شوط هايل النتيجة إللي وصلنالها ماكنتش متوقعة . إنت إنسان قوي يا صالح و عندك إرادة . مافيش حاجة واقفة في طريقك دلوقتي !

نظر لها و قال بسخرية :

-لأ في . أبويا .. أبويا إتخانق إمبـ.ـارح مع أبوكي . و شكل الخناقة كانت بجد و غير أي خناقة عادية عدت بينهم . أبويا يا صفية عقدلي الدنيا أكتر ما هي متعقدة.

صفية بصوت كالأنين و هي تلتقط خصلة أمامية من شعره :

-يا حبيبي إنت بتقول كده ليه بس ؟ مافيش عقد يا صالح . و بابا و أنكل رفعت دايما بيتخانقوا و بيرجعوا زي ما كانوا.

-بس المرة دي غير . صوتهم كان عالي و أنا سمعت كلامهم .. أنا حاسس إن المشكلة دي هتقف في طريقنا يا صفية . حاسس إن عمي هيبعدك عني بسبب خلافه مع أبويا.

وضعت "صفية" إصبعها علي فمه و قالت :

-هشششش . مـ.ـا.تقولش كده تاني . إنت مش واثق فيا يعني ؟ أنا مستحيل أبعد عنك أنا بحبك يا صالح و عمري ما هسيبك أو أسمح لحد يبعدني عنك . فاهم ؟ مش عايزاك تقلق نفسك بحاجات زي دي . ركز في علاجك و بس . و إحنا لبعض في الأخر . محدش هيقدر يفرقنا أبدا .. أوعدك.

رمقها "صالح" بنظرات آملة ، بينما إبتسمت و هي تعيد الكأس إلي فمه :

-يلا بقي إشرب اللبن !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

كان "عثمان" جالسا في سيارته المركونة علي جانب الطريق ... يراقب المارة أمامه بنظرات فاترة من خلال نظارته الشمسية القاتمة

زفر بقوة و قد أزعجه طول إنتظاره ، لكنه تلقي مكالمة في هذه اللحظة ..

أخرج هاتفهه من جيب داخلي في سترته البيضاء .. ألقي نظرة سريعة علي الرقم ، ثم أجاب :

-بابا ! .. كانت نبرته لطيفة ودية

يحيى بصوت أجش :

-إنت فين يا عثمان ؟

-أنا في مشوار كده . ليه في حاجة ؟!

يحيى بنبرة متماسكة غامضة :

-لأ مافيش .. بس بقالي مدة ماشوفتكش !

-آسف بس إنت عارف الشغل و شركتي لسا في بدايتها . هاشوفك بالليل إن شاء الله.

-أنا مسافر دلوقتي.

عثمان بدهشة :

-مسافر ! مسافر فين ؟؟

-طالع علي لندن.

-الله ! إنت مش كنت لسا هناك ؟!

-هاروح تاني . لسا في شغل متعلق .. ثم قال بنبرة جدية :

-المهم أنا عايز أطلب منك طلب.

عثمان بإهتمام :

-طلب إيه يا بابا ؟!

-طول فترة غيابي . عايزك تمسك الشركة و تديرها بنفسك . خلي بالك يا عثمان عينك تبقي في وسط راسك . مش عايزك تغفل عن أي حاجة.

أجفل "عثمان" بشئ من القلق ، و تساءل :

-طيب في حاجة يعني ؟ في مشكلة حصلت ؟؟

-مافيش حاجة . أعمل بس إللي بقولك عليه.

-حاضر !

-حاجة كمان ... أمك . خلي بالك من أمك . إوعي تسمح لأي حاجة في الدنيا تضايقها.

عثمان و قد ساوره القلق بشـ.ـدة الآن :

-بابا في إيه ؟ بجد في إيه ؟؟؟

-يابني قولتلك مافيش حاجة . بوصيك زي كل مرة . مش كل مرة بسافر بسمعك الكلمتين دول ؟

-أيوه بس المرة دي حاسس إنك مخبي عليا حاجة !

يحيى بنفس النبرة الغامضة :

-مافيش حاجة . بأكد عليك بس.

عثمان بعدm إقتناع :

-أوك . عموما مـ.ـا.تقلقش . أنا هتولي كل حاجة لحد ما ترجع.

-تمام . سلام بقي دلوقتي عشان طالع عالمطار.

-سلام يا بابا . خد بالك من نفسك !

و أغلق الخط و ما زالت الحيرة و الشك تلعبان بملامح وجهه و تشغلان عقله ..

يلمح "سمر" أخيرا و هي تتقدm صوب سيارته ، طار كل ما كان يشغله في هذه اللحظة و خاصة عنـ.ـد.ما شاهد تلك المخلوقة الصغيرة التي يعرفها جيدا متكورة في صدر أختها مطوقة عنقها بذراعيها القصيرين ..

نظر لها بذهول شـ.ـديد و ظلت عيناه عليها حتي وصلت عنده

إتخذت "سمر" مكانها بجانبه ... إبتسمت و هي تقول متظاهرة بعدm ملاحظة ردة فعله غير المصدقة :

-صباح الخير !

-إيه إللي إنتي جايباها معاكي دي ؟ .. قالها "عثمان" بتساؤل و هو ينقل نظراته بينها و بين "ملك"

سمر ببساطة :

-دي ملك . لوكا أختي إنت مش فاكرها و لا إيه ؟!

عثمان بحدة :

-جبتيها معاكي ليه ؟ إنتي بتهرجي !

سمر ببراءة :

-إيه إللي حصل بس ؟ أنا لسا راجعة بيها من عند الدكتور و مافيش حد في البيت ياخد باله منها . كنت هسيبها فين ؟!

زفر "عثمان" غاضبا و قال :

-و إحنا هناخد راحتنا مع بعض إزاي و هي معانا سيادتك ؟؟

سمر بإبتسامة و هي تمسد علي شعر "ملك" الحريري :

-أنا هانيمها . أكلها معايا أول ما تشبع هتنام.

عثمان و هو يلوي ثغره بنفاذ صبر :

-أما نشوف !

و شغل محرك السيارة ، ثم إنطلق ..

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في ڤيلا "رشاد الحداد" ... تتمدد "چيچي" في حوض الإستحمام البيضوي و المتتلئ بالماء الممزوج بالصابون ذا الرغاوي و الفقاقيع البيضاء

تتنفس بعمق لعدة مرات .. تزيد درجة إسترخائها ... ترهف السمع إلي تلك الموسيقي الهادىة المنبعثة من سقف قاعة حمامها المستقل

يدق هاتفهها في هذه اللحظة ، فتمد يدها المبتلة لتأخذه من خلفها ..

-ألوو ! .. ردت "چيچي" بنبرة متكاسلة

المتصل :

-چيچي هانم . في مفاجأة مش هتصدقيها !

چيچي بفتور :

-بليز منغير مقدmـ.ـا.ت إنجز و هات إللي عندك بسرعة.

المتصل :

-البـ.ـنت إللي حضرتك وصفتيها دلوقتي حالا ركبت عربية عثمان البحيري.

چيچي و قد خفق قلبها من الإثارة :

-البـ.ـنت المحجبة !

المتصل :

-هي يا هانم.

چيچي بإبتسامة شريرة :

-Very Good . خليك وراهم . و عايزة شغل نضيف و واضح.

المتصل :

-أنا تحت أمر حضرتك . هحاول علي أد ما أقدر بس مش واثق أوي إني هعرف أعمل المطلوب بالظبط.

چيچي بصرامة :

-تجيبلي شغل نضيف هاديك حقك أضعاف إللي إتفقنا عليه . أنا عايزة حاجة واضحة عايزاها تبقي فـ.ـضـ.ـيحة الناس مـ.ـا.تنسهاش أبدا !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في إحدي الشقق الفخمة ... المطلة علي ساحل الأسكندرية

تقف "سمر" بالمطبخ المصمم علي الطراز الإيطالي و الذي إتخذ شكل حرف الـ U .. مطلي بلون سماوي رائع تألق مع لمسات الإستيل الأنيقة ..

تناولت "سمر" أحد الصحون المربعة ، و شرعت في تحضير وجبة الطعام لأختها

لقد تركتها بالخارج مع "عثمان" ... ظلت تدعو و هي ترتجف بتـ.ـو.تر ألا تخذلها "ملك" و تغفو بحق ، لابد أنه يحاول ذلك الآن ..

-إن شاء الله مافيش حاجة هتحصل ! .. تمتمت "سمر" لنفسها بنبرة مهزوزة ، ثم أخذت الطعام و توجهت به إلي قاعة الصالون الخارجية

في طريقها إلي الخارج إستطاعت أن تسمع صوت ضحكات "ملك" الرنانة ، و إستطاعت أيضا سماع صوت "عثمان" المتذمر ..

ظهرت "سمر" عند طرف القاعة ، لتراه جالسا علي الأريكة الصغيرة ، واضعا "ملك" فوق قدmيه و وجهها مقابلا لوجهه

كانت تبتسم بشـ.ـدة و قد ظهرت غمازتاها الجميلتين ، فيما بدا "عثمان" نافذ الصبر أمام مرحها بصورة كبيرة ..

-يابـ.ـنتي خلاص بقي أبوس إيدك سيبي دقني ! .. قالها "عثمان" بضيق شـ.ـديد

بينما كركرت "ملك" ضاحكة و هي لا تزال مستمرة في شـ.ـد لحيته بقبضتاها الصغيرتين

تأفف بنفاذ صبر و هو يحاول إبعاد وجهه عن متناول يدها ، لكنها لم تتركه و أظهرت سلوكا شرسا حين قفزت عليه و قضمت خده بأسنانها اللبنية المربعة و هي تزمجر بعفوية ..

لمح "عثمان" شقيقتها و هي تقف و تراقب هذا ، فصاح بإنزعاج :

-إنتي ياستي . تعالي خدي القطة المتوحشة دي . دي إستحالة تكون طفلة ماكملتش سنة !

ضحكت "سمر" رغما عنها و مضت إليهما ..

-معلش أصلها بتسنن بقالها فترة و بتحب تعض علي أي حاجة .. قالتها "سمر" و هي تمد ذراعيها لتأخذها منه

ناولها "عثمان" إياها فورا رغم أن الصغيرة إستاءت ، فقد كانت مستمتعة برفقته ..

عثمان عابسا بضيق :

-قدامها أي إيه دي لحد ما تنام ؟

سمر و هي تهز كتفاها بخفة :

-أنا هأكلها و هحاول أنيمها !

عثمان بإستنكار :

-نـــعــــم ! هتحاولي ؟؟؟

سمر بهدوء :

-أه هحاول . ما أنا أكيد مش هعرف أنيمها غـ.ـصـ.ـب عنها.

عثمان بإنفعال :

-إنتي بتهزري ؟ إنتي قاصدة تعملي كده علي فكره بتاعندي معايا. يعني مـ.ـا.تكونيش فاكراني عبـ.ـيـ.ـط و مش فاهمك بس لازم ت عـ.ـر.في إن مش أختك إللي هتحوشني عنك.

إرتجفت "ملك" علي صوت صياحه ، و تغللت عميقا في أحضان أختها ة و خبأت وجهها في شعرها و هي تنشج و تئن بحرارة ..

أجفل "عثمان" بتـ.ـو.تر مفاجئ عنـ.ـد.ما سمعها تبكي ، بينما توهجت نظرات "سمر" المصوبة إلي عينيه و هي تقول بغضب :

-إنت مـ.ـا.تعليش صوتك ده تاني و البـ.ـنت موجودة . هي عملتلك إيه ؟ دي طفلة صغيرة . و بعدين إنت إللي لازم تعرف إن لولا أختي دي ماكنتش هتشم ريحتي أصلا . أنا لو كنت قبلت أي حاجة عرضتها عليا فأنا قبلت عشانها هي فمش هسمحلك أبدا بأي تجاوز معاها . فاهم ؟

و ظلت نظراتها المستعرة تلتهمه للحظات قبل أن تتركه و تمضي نحو إحدي الغرف ..

وقف "عثمان" يحدق في إثرها الفارغ مشـ.ـدوها ، فهذه أول مرة تتجرأ عليه هكذا ، أول مرة ... يري الكره .. الغضب الحقيقي في عيناها !!!!!
_ صراع ! _

تذرع "سمر" الغرفة جيئة و ذهابا بـ"ملك" ... فما زالت الصغيرة تبكي بحرارة ، و ما زالت هي تبذل محاولاتها لتجعلها تكف عن البكاء

راحت تغني لها بصوت عـ.ـذ.ب و تهدهدها بين ذراعيها ، و بالفعل نجح الأمر و هدأت "ملك" تدريجيا إلا من بعض الشهقات و الإرتجفات البسيطة

-بقت كويسة ؟ .. سمعت "سمر" صوته أتيا من خلفها ، لتغمض عيناها في حنق ثم تلتفت إليه ..

سمر بحدة :

-نعم ! عاوز إيه ؟؟؟

عثمان عابسا بشئ من التـ.ـو.تر :

-أنا ماكنش قصدي أزعق في أختك . هي في الأول و في الأخر طفلة و أنا مش حـ.ـيو.ان أوي كده عشان مـ.ـا.تفرقش معايا مشاعرها .. ثم مد ذراعيه صوبها مكملا :

-ممكن !

كانت دعوة لا ترفض ، خاصة بعد ما أظهره من سلوك إنساني مهذب و لأول مرة

لوت "سمر" شفتاها ممتعضة ، لكنها ناولته شقيقتها في الأخير ..

تـ.ـو.تر جسد "ملك" في بادئ الأمر و إتسعت عيناها الخضرواتان و هي تنظر إلي "عثمان" بخـ.ـو.ف و ترقب ، لكنه طمئنها بإبتسامة خفيفة حلوة و ضمها إلي صدره بلطف

تكورت "ملك" بحـ.ـضـ.ـنه و دست رأسها في صدره دلالة علي خجلها و حبها في آن ..

عقدت "سمر" حاجبيها بإنزعاج من هذا ، فمدت يديها و إستعادت الصغيرة منه و هي تقول بجفاء :

-ملك حساسة أوي و لسا مانسيتش إللي حصل برا . عشان كده لازم أخدها و أمشي دلوقتي.

و هنا إنقلب مزاج "عثمان" فجأة ، إلا أنه تماسك و رد بأقصي ما إستطاع من هدوء :

-إحنا لسا جايين . و بتقوليلي تمشي ! ده كلام يعني ؟ خليكي شوية إحنا لسا ماقعدناش مع بعض لوحدنا.

سمر بعناد :

-أختي أهم من أي حاجة.

عثمان بنفس الهدوء :

-طيب أنا ماقولتش حاجة و بعدين هي هديت دلوقتي و ممكن تنام بسهولة.

في هذه اللحظة دق هاتف "سمر" ... أخرجته من جيب معطفها ... ألقت نظرة علي إسم المتصل ... و ردت :

-فادي ! .. إيه يا حبيبي صحيت ؟ .. أنا ماحبتش أقلقك .. أيوه عارفة إن إنهاردة أجازة بس ملك كانت محتاجة تروح للدكتور .. إحنا خلصنا كشف خلاص .. لأ هي زي الفل ... ماشي . إحنا جايين بسرعة أهو .. سلام يا حبيبي.

أنهت مكالمتها ، ثم نظرت إليه قائلة بأسف مصطنع :

-فادي بيستعجلنا . للآسف لازم أمشي دلوقتي !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في ڤيلا "رشاد الحداد" ... يدخل هذا الشاب ليقابل "چيچي" بالحديقة الخلفية

كانت تجلس علي الأرجوحة تتصفح إحدي مجلات الموضة عنـ.ـد.ما آتي ، إنتبهت لحضوره و تركت المجلة من يدها ..

چيچي بصوتها الفاتر :

-هآا ! .. طمني عملت إيه ؟

الشاب و هو يمد لها يده بمظروف كاكي اللون :

-أنا عملت كل إللي قدرت عليه . بس للآسف مقدرتش أوصل لجوا الشقة و مش هقدر يا چيچي هانم . إللي إسمه عثمان البحيري ده حاويط أوي و دايما جاهز لأي حاجة !

تنهدت "چيچي" بغـ.ـيظ و هي تشـ.ـد المظروف منه بعنف ...

فتحته و أخذت تطالع الصور التي كانت فيه ، لم يسترعي "عثمان" علي إهتمامها بقدر ما فعلت "سمر" ..

راحت تمرر أمام عينيها الصورة تلو الأخر فإستغرقت بلا وعي في تأمل تلك الفتاة ، منافستها ... أغضبها أن تضع نفسها محل مقارنة بجانبها

فهذه أجمل منها لو قورنت بها فعلا ، لابد أن زوجها السابق يستمتع كثيرا هذه الأيام ، و لكنها في الواقع ستجعله يستمتع أكثر ..

-يعني مش هتقدر تجبلي أكتر من كده ؟ .. قالتها "چيچي" بتساؤل و هي تلقي بالصور فوق طاولة صغيرة أمامها

الشاب بأسف :

-خارج النطاق ده ! مش هقدر يا هانم أعذريني.

زفرت "چيچي" بضيق ، ثم قالت :

-طيب فين الـNegative بتاعت الصور دي ؟

أخرج الشاب فيلم التصوير من جيبه و ناولها إياه متمتما :

-إتفضلي يا هانم !

چيچي و هي تقلب الفيلم بين أصابعها :

-أوك . دلوقتي تقدر تروح و المبلغ إللي إتفاقنا عليه هيتحول في حسابك بعد ساعتين بالظبط.

الشاب بإبتسامة :

- يا هانم . و حضرتك لو إحتاجتيني مرة تانية أنا تحت أمرك في أي وقت.

جلست "چيچي" بعد رحيل جاسوسها تفكر ، كيف تستغل هذه الصور ؟؟؟

توصلت لحل وحيد و قد بدا لها الأكثر فعالية أيضا ، و لكن متي تنفذه ؟ ..

-لأ يا چيچي .. تمتمت "چيچي" لنفسها ، و أكملت بخباثة :

-مش دلوقتي . لازم تستفيدي من دروس الـProfessor بتاعك . عثمان البحيري .. في أقرب مناسبة هفرجلك القنبلة الفظيعة دي يا حبيبي !

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

عنـ.ـد.ما وصلت "سمر" إلي البيت ... توجهت فورا إلي شقة الجارة "زينب"

تتهلل أسارير "زينب" عند رؤيتها ، لتصيح بعدm تصديق :

-ســــــمـــــــر ! حمدلله علي السلامة يابـ.ـنتي . جيتي بدري مش مصدقة !!

سمر بإبتسامة عريضة :

-الخطة مشيت أحسن ما رسمتها يا ماما زينب . مقدرش عليا المرة دي.

زينب بسرور :

-الحمدلله . جدعة عقبال مانخلص منه علي خير . طيب خشي واقفة كده ليه ؟!

-هطلع بقي عشان فادي صحي و بيزن كل خمس دقايق في التليفون .. و أكملت و هي تربت علي ظهر "ملك" النائمة علي ذراعها :

-و كمان عشان أنيم الأبلة دي في سريرها أحسن تبرد . بتنام كتير أوي البت دي بس الحمدلله إنها نامت لما نزلنا و مانامتش و إحنا معاه.

-الحمدلله يابـ.ـنتي . ماشي إطلعي و لما تصحي حبيبة قلبي دي إبقي نزليهالي عشان وحشاني.

سمر بإبتسامة :

-حاضر يا ماما زينب.

و صعدت إلي شقتها ... لتجد "فادي" كعادته جالسا أمام التلفاز يتابع إحدي المبـ.ـارايات المـُعادة ..

-مساء الخير يا فادي ! .. قالتها "سمر" بنيرة خفيفة و هي تمشي بحرص حتي لا توقظ "ملك"

فادي بشئ من الإنزعاج :

-إتأخرتي كده ليه يا سمر ؟ ده أنا في إجازة يعني و المفروض إرتاح اليومين دول قبل ما أنزل الشغل تاني.

سمر و قد تلاشت إبتسامتها :

-إيه إللي حصل بس يا فادي ؟

فادي بضيق :

-جعان ياستي.

-يا حبيبي . طيب ما دبرتش حالك ليه لحد ما أوصل ؟

-التلاجة فاضية.

سمر بخجل :

-أه معلش نسيت . طيب خلاص أنا هحط ملك في سريرها و هانزل أجيب فطار و شوية حاجات كده.

فادي و هو يقوم من مكانه بتكاسل :

-لأ خليكي إنتي . أنا معايا فلوس أخدت دفعة أولي من المرتب . قوليلي إنتي بس إحنا محتاجين إيه و أنا هجيب كل حاجة.

-ماشي يا حبيبي.

و توجهت نحو غرفتها ، إلا أنها تعثرت و هي تمشي و قد أصابها دوار مفاجئ .. كادت تسقط ، لكنها أمسكت بظهر الكرسي بسرعة كي لا تسقط "ملك" ..

-ســـمــــــر ! .. صاح "فادي" بذعر و إنطلق صوب أخته كالسهم

قام بإسنادها و هو يقول بقلق ممزوج بالخـ.ـو.ف :

-سمر . مالك ؟ إنتي كويسة ؟؟؟

شعرت "سمر" بوخزة حادة أسفل معدتها و بغثيان يهدد تماسكها ..

لكنها ردت رغم ذلك :

-أنا كويسة يا فادي ! .. كان صوتها ثقيلا ، بطيئا و إنتابها الإستغراب و القلق من هذا .. تساءلت ماذا يحدث معها ؟؟؟

فادي بنفس نبرة الخـ.ـو.ف :

-إيه إللي حصلك فجأة ؟ ده إنتي كنتي هتقعي من طولك !

في هذه المرة خرج صوتها أوضح قليلا :

-مـ.ـا.تقلقش يا فادي أنا كويسة.

-أجيب دكتور ؟

سمر بإسراع :

-لأ . مالوش لزوم . أنا هبقي كويسة لما تجيب الفطار و ناكل سوا هبقي كويسة.

فادي بحنق :

-و هو إنتي نزلتي منغير ما تاكلي ؟ ينفع كده يا سمر ؟!

سمر بلطف :

-معلش . ربنا سترها أهو و أنا مافياش حاجة .. ثم قالت و هي تضع "ملك" بين يديه :

-أمسك ملك عشان مـ.ـا.تقعش مني . حطها في سريرها و أنا هفضل قاعدة هنا لحد ما تنزل و تيجي.

فادي و هو يشملها بنظرة فاحصة :

-ماشي . و خلي الموبايل جمبك لو حسيتي بأي حاجة كلميني.

سمر بإبتسامة متكلفة :

-حاضر يا فادي.

و بعد ذهاب "فادي" ... بقت "سمر" وحدها تراقب مدي تطور حالتها متمنية ألا يكون الشئ البديهي الأول الذي فكرت فيه ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

في سيارة "عثمان البحيري" ... يقود بإتجاه القصر

زاد من السرعة متجاوزا عدة إشارات ، لم يتوقف أبدا و كانت عيناه المتقدتان تحدقان إلي الأمام ..

و لكنه في الواقع لم يكن ينظر إلي الطريق بكل هذا التركيز ، بل كان ينظر إلي وجهها الذي يلوح أمام ناظريه أبيا تركه لحاله

و فجأة يدخل "عثمان" في صراع نفسه ..

نفسه :

-إهدا شوية علي نفسك مالك عصبي كده ليه ؟

عثمان :

-لا عصبي و لا حاجة أنا تمام.

نفسه :

-لا يا راجـ.ـل ! ده إنت من ساعة ما نزلت من الشقة و إنت قايد نار . معقولة واحدة تعمل فيك كده.

عثمان بغضب :

-لا عاشت و لا كانت . لسا مـ.ـا.تخلقتش و بعدين دي تحت جزمتي لو عوزتها في أي وقت هلاقيها.

نفسه :

-إنت لحد دلوقتي معاملتك ليها غير معاملة لواحدة قبلها . و في كل مرة معاها بتحس إنها أول مرة . مش قادر تستغني عنها يا عثمان .. إنت بتحبها !

عثمان بغضب أشـ.ـد و قد خرج صوته صادحا بعد أن كان مجرد همهمة داخل عقله :

-لأ . مـابحبـهآاش . مش ممكن أنا أحب واحدة زي دي.

نفسه :

-و مالها دي ؟ إنت عارف كويس أوي إنها أحسن من كل إللي عرفتهم في حياتك . إنت إللي أذيتها إنت إللي إستغليت ضعفها إنت إللي خليتها كده . إنت السبب.

عثمان :

-أنا ماجبرتهاش . هي إللي بمزاجها جت لحد عندي.

نفسه :

-بعد ما ساومتها علي حياة أختها الطفلة الصغيرة !

عثمان مغمغما بعنف :

-إسكت . أنا مش غلطان في أي حاجة و بعد إللي حصل إنهاردة ده هخليها تشوف الوش تاني.

نفسه :

-بتحبها.

عثمان بإصرار :

-مش بحبها . و هثبتلك !

يصل "عثمان" أخيرا إلي بيته ... يترك سيارته للبستاتي يصفها بالكراچ ، بينما يمضي هو إلي الداخل

يدق هاتفهه و هو بمنتصف الدرج ، ليخرجه و يقطب مستغربا ..

والده يتصل !

من المفترض أن يكون علي متن الطائرة الآن ..

-إيه يا بابا إنت لسا ماسافرتش ؟ .. رد "عثمان" بنبرة هادئة متسائلة ، ليأتيه صوت غريب تماما و ليس صوت والده :

-السلام عليكم ! عثمان بيه معايا ؟

عثمان بصوت أجش و قد ساوره القلق في هذه اللحظة :

-أيوه . مين معايا ؟؟؟

المتصل :

-معاك الرائد معتز الشيدي . أنا آسف بس مضطر أبلغك بخبر مؤسف شوية و كمان مالاقتش رغم رقم حضرتك كان أخر رقم كلمه يحيى بيه.

إزدرد "عثمان" ريقه الجاف بصعوبة و سأله بشئ من العصبية :

-ما تتكلم يافنـ.ـد.م في إيه ؟ إيه إللي حصل ؟؟؟

المتصل :

-يحيى بيه عمل حادثة و هو رايح علي مطار القاهرة . هو دلوقتي في عربية الإسعاف يا ريت حضرتك تاخد أول طيارة و تيجي بسرعة .... !!!!!!!!!
_ حداد ! _

في قصر آل"بحيري" ... أخيرا يبدأ "صالح" تدريبات السير

يتعكز علي عصى معدنية من جهة و تسنده "صفية" من الجهة الأخري ..

تعمدت خلق جو مرح أثناء هذا الحدث السار المبهج ، فدmدmت مازحة و هي تضحك :

-تآاتاه خطي العتبة تآاتاه حبة حبة . برآااڤووووو يا صلَّوحي شآاطر !

صالح بتذمر :

-إيه يا صافي التفهاهة دي ؟ إنتي إتهبلتي يا حبيبتي ؟!

صفية بضحك :

-لأ يا حبيبي أنا لسا عاقلة بس مبسووطة مبسوطة أوووي.

-يا رب مبسوطة دايما يا حبيبتي . بس إيه إللي بسطك أوي كده ؟

-إنت مش حاسس بنفسك و لا إيه ؟ إنت إبتديت تمشي يا صالح إبتديت تمشي.

و راحت تتقافز بمكانها ، ليباعد "صالح" بين شفتاه في دهشة و يقول :

-لا حول و لا قوة إلا بالله ! لا ده إنتي مش بس إتهبلتي ده إنتي إستعيلتي علي كبر كمان.

صفية و هي تعقد حاجبيها بإستياء :

-بقي كده يا صالح ؟ طيب إيه رأيك بقي هاسيبك تقع دلوقتي و هخرج و مش هسأل فيك.

صالح بتراجع :

-لا لا لا إنتي صدقتي يا حبيبتي ده أنا بهزر معاكي . أنا قصدي بس نقلل معاملة الأطفال دي شوية أظن إني شحط يعني علي تاتا خطي العتبة دي !

صفية بسخرية :

-إنت شحط أه بس عيل في نفسك يا حبيبي و من زمان و إنت عارف ده إنت لسا لحد دلوقتي بتتقمص زي الأطفال.

صالح و هو يحمحم بحرج ممزوج بالإنزعاج :

-إيه الغلط و الإحراج ده بقي !

و هنا جاءت "هالة" و قد إقتحمت الغرفة فجأة حيث دفعت الباب و ولجت و هي تركض ..

هالة بذعر :

-إنتوا عرفتوا إللي حصل ؟؟؟ .. و كانت أنفاسها تتلاحق بصورة عنيفة

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••

صدmة ... تلك هي الكلمة الوحيدة التي من الممكن وصف حالة "عثمان البحيري" بها الآن .. أو بالأحرى منذ جاءته المكالمة السوداء منذ ساعتين بالضبط

في هذا الوقت كان صديقه "مراد" معه ، فقد رافقه بالطائرة الخاصة إحدي الممتلكات الثمينة لـ"عثمان" وحده

إنتهيا من إجراءات المطار بأسرع ما يمكن ، ثم توجها فورا إلي [ مستشفي القاهرة التخصصي ] حيث تم نقل والده هناك ..

لم يخبر "عثمان" أحدا بالأمر ، أبقي عليه سرا و إختار "مراد" فقط ليذهب معه ، حتي عمه لم يشعر بإنه يود إخبـ.ـاره

يستقلا الصديقين أول تاكسي عند خروجهما من المطار ... يصلا إلي المشفي خلال وقت قياسي .. تعترض طريقهما الصحافة التي تجمهرت كلها دفعة واحدة أمام البوابة الرئيسية لحظة إنتشار الخبر .. يبعدهم "عثمان" عن طريقه بعنف و هو يصيح بغضب ، ثم ينطلق إلي الداخل متجاوزا أفراد الأمن الواقفين كحاجز منيع بوجه عدسات وسائل الإعلام الفضولية

كان الوصول إلي مكان والده سهلا إذ جاء أحد العاملين بالمشفي و أرشـ.ـده .. نقله المصعد إلي الطابق الثالث حيث جناح العناية المركزة ... مضي بسرعة وراء مرشـ.ـده ليوصله الأخير للحال عند ذاك الباب الذي يفصله عن والده عدة أمتار قليلة ..

-هو مافيش حد يطمنا هنا ؟ .. هكذا صاح "عثمان" بنفاذ صبر ممزوج بالعصبية ، ليرد "مراد" بتماسك و هو يربت علي كتفه مهدئا :

-إهدا شوية يا عثمان دلوقتي حد يخرج و يطمنا.

عثمان بعصبية مفرطة :

-و لا الصحافة إللي واقفة تحت . الخبر لحق ينتشر بالسرعة دي إزاي ؟!

مراد بصوت عابث :

-مـ.ـا.تنساش إن المستشفيات الكبيرة إللي زي دي فيها جواسيس مدسوسين هما إللي بينقلوا الأخبـ.ـار التقيلة.

في هذه اللحظة خرج الطبيب من غرفة العناية بوجه واجم و فم مطبق ... خرج من بعده طاقم التمريـ.ـض و هم علي نفس الحالة ، بينما ركض "عثمان" صوبه صائحا :

-من فضلك يا دكتور . أنا عثمان البحيري أبويا إللي حضرتك كنت عنده جوا . من فضلك قولي حالته إزيها ؟ إللي حصله بالظبط ؟؟؟

نظره له الطبيب ، ثم أطرق برأسه و قال بحـ.ـز.ن :

-أنا آسف جدا يافنـ.ـد.م . البقاء لله !

إتسعت عينا "عثمان" و جحظتا من الصدmة ... ساد الصمت لثوان بدت طويلة جدا ، كان إستيعابه أبطأ من المعتاد ، و لكنه عنـ.ـد.ما تكلم كان أعنف مما يمكن تصوره ..

عثمان و هو يجأر بغضب هائل :

-إللي إنت بتقوله ده ؟ يعني البقاء لله ؟ إنت عبـ.ـيـ.ـط و لا متـ.ـخـ.ـلف ؟ بقولك أبويا جوا عمل حادثة بسيطة و جاي عشان تعالجوه مش عشان تقولوا عليه مـ.ـا.ت ! .. كانت الكلمة الأخيرة تكاد تصيبه بالجنون لشـ.ـدة غرابتها ، فعقله أصغر من أن يستوعب حجمها كما يجب

تفهم الطبيب حالته و تغاضي عن الإساءة و قال بهدوء :

-الحادثة ماكنتش بسيطة يافنـ.ـد.م عربية والدك خبطت في لوري و إتقلبت كذا مرة علي الطريق .. ثم تابع بأسف :

-إحنا حاولنا علي أد ما قدرنا . بس أمر الله نفذ محدش يقدر يقف قصاد قدره.

عثمان بغضب أشـ.ـد :

-إســكـــت . إنت مش دكتور إنت بهيم مابتفهمش حاجة . هاتولي مدير المستشفي دي هاتولي المسؤول عن المخروبة دي أنا هقفلهالكوا بالضبة و المفتاح ههدها علي إللي فيها.

الطبيب و قد نفذ صبره رغما عنه :

-يافنـ.ـد.م لو سمحت وطي صوتك إحنا هنا في مستشفي محترمة و في عيانين إنت كده بتأذيهم . والد حضرتك خلاص بقي في ذمة الله مش هنقدر نرجعه أنا عارف إن الصدmة كبيرة عليك بس كل حاجة و ليها حدود هنا.

تركه "عثمان" قبل أن يكمل كلامه و إندفع صوب غرفة العناية ..

كانت الغرفة ساطعة بيضاء ... كان "يحيى" راقدا علي السرير المعدني بلا حراك .. الغطاء مشـ.ـدود حتي وجهه و لم يكن ظاهرا منه سوي ذراعاه

إقترب "عثمان" من والده و أزاح الغطاء بحركة عصبية عن وجه والده ... كان شاحبا بالكامل و قد إمتزج لونه بالزرقة القاتمة ، بدا مثل شبح .. إستنساخ عن صورة "يحيى البحيري" و لكنه لم يكن هو .. أين ملامحه الدافئة ؟ الصارمة أحيانا و الضاحكة أحيانا ؟؟؟

كم مرة تخيله "عثمان" مـ.ـيـ.ـتا ، بالطبع لقد فكر في ذلك كثيرا ، و لكنها كانت أفكار عابرة تطرأ علي ذهن كل إنسان ... إنما اليوم في هذه اللحظة ، عنـ.ـد.ما تحققت الفكرة علي أرض الواقع ، شعر و كأنه محبوس داخل قفص معتم ضيق ، يشعر بالإختناق .. لا يستطيع حراك ... ما من طريقة أو ثغره يخرج عبرها !!!

بدأ جسد "عثمان" ينتفض و يرتعد بقوة كما لو أن تيارا كهربيا يسري فيه ..

تهاوي أرضا علي ركبتيه ، و إقترب من والده و قال بصوت ممزق من الدmـ.ـو.ع التي فاضت من عينيه تلقائيا :

-بابا ! .. أنا عثمان . إنت سامعني صح ؟ أنا عارف إنك سامعني . قوم يا بابا . قوم قولهم إنك كويس . قوم و أنا هاخدك علي البيت علطول . قوم إنت ماينفعش تبقي هنا ماينفعش تبقي كده .. بـابـآاا . لازم تقووم . ماما هتزعل أوي منك . و صافي كمان . إنت نايم . إنت شكلك نايم بس كفاية كده . كفاية يا بابا . قوم . قوم حـ.ـر.ام عليك رد عليا إنت ماينفعش تمـ.ـو.ت . لأ . ماينفعش . رد يا بابا عشان خاطري . رررررررررددد !

يدخل "مراد" في هذا الوقت و يقترب من "عثمان" ...

يمسك بذراعه محاولا جذبه و هو يقول بتأثر شـ.ـديد :

-كفاية يا عثمان . كفاية قوم . في البيت كلهم بيتصلوا بيا . كلهم عرفوا يا عثمان كفآاياك بقي لازم تفوق و تقوم ماينفعش إللي إنت فيه ده.

أبعده "عثمان" عنه بعنف و هو يصـ.ـر.خ فيه بغضب :

-إوووعي سيبني . إبعد عني مالكش دعوة بيآاا . سيبني . إمــشـــــــي !

يأتي الطبيب عند ذلك و معه إثنان من رجـ.ـال الأمن ، يأمرهما بإبعاد "عثمان" عنه جثة والده ، فيتوجها نحوه بالفعل و يتعاملا معه بحزم و حرص في آن ..

عثمان بصراخ حاد :

-أوعوا . سيبوووني . أبويــآاااااااااا . أبويــآااااااااااااااا . أبويــآاااااااااااااااااا اااا !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°°°

سبعة أيام بعد الحادث ... مروا و كأنهم سبعة سنوات ، تغير كل شئ ، كل شئ بالمعني الحرفي

ما من كلمـ.ـا.ت تعبر عن هذا

ألم "فريال" بالمقام الأول ، في البداية لم تصدق و نهرتهم جميعا حين بدأ البكاء و النواح بالمنزل لحظة تأكيد الخبر

حبست نفسها بالغرفة و إبتعدت تماما عن أجواء الحداد ، و لكن مع مرور أول يومان بدأت تصدق ...

لا "يحيى" لم يعد هنا أو هناك ، لقد إختفي فجأة كما السراب ، لم يتصل بها طوال اليومين الماضيين ، لم يتواصل معها بأي طريقة علي عكس عادته حين يغيب لفترة

حتي هاتفهه عنـ.ـد.ما حاولت الإتصال به لم تجد ردا و في الأخير أصبح مغلق ..

في اليوم الرابع لم يسمع عنها أحد أي شئ بالبيت كله ، و لم تستجيب هي للدق علي باب غرفتها ، ليقرر "عثمان" أن يحطم الباب ، و قد كان

دخل ليجد أمه في أسوأ حالة ممكنة ..

كانت جالسة في الفراش ، شاحبة ، صامتة ، مشعثة الشعر و الهالات الزرقاء تحول لونها إلي الأسود مع مرور كل يوم و ساعة و ثانية يزيد فيها تأكيد ما حدث

أحضر "عثمان" لها الطبيب و كانت النتيجة أنها أصيبت بصدmة عصبية حادة أفقدتها النطق و التواصل مع من حولها

بالكاد تتناول دوائها و تأكل قليلا جدا من يد "عثمان" أو "صفية" فقط ، ربما الإهتمام بـ"فريال" هو ما جعل الجميع يتناسون الحـ.ـز.ن قليلا

و لكن الشئ المفروغ منه أن قصر عائلة "البحيري" بات مظلم كئيب ، بعد أن كان رمزا للبهجة بمجرد النظر من خلف أسواره الخارجية ...

••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••••

في ڤيلا "رشاد الحداد" ... تجلس "چيچي" مع والدها في مكتبه

نصر في صالحهم و لم يكن بالحسبان ، طوال الإسبوع الفائت و حتي اليوم لم ينقطع الإحتفال من بيتهم ..

رشاد بضحكة مجلجلة :

-مين كان يصدق إن يحيى البحيري يمـ.ـو.ت بدري كده ؟ و الله مفاجأة حقيقية و محدش كان ممكن يتخيلها أبدا.

چيچي و هي تبادله بضحكة مماثلة :

-أكتر حاجة Interesting ( ممتعة ) في القصة إن عثمان خلاص بقي واقف لوحده مالوش ضهر يعني القضاء عليه بقي أسهل من الأول.

رشاد بجدية ممزوجة بالصرامة :

-إحنا حكايتنا مع العيلة دي إنتهت خلاص يعني مش عايزك تفكري في أي حاجة كده و لا كده . مـ.ـا.تنسيش إنه لسا معاه الـCD بتاع سيادتك و مـ.ـا.تنسيش كمان إن الإنتخابات و فرحك بالظبط كمان شهر مش عايزين قلق يا چيچي و مش عايز تصرفات متهورة تهدلي كل إللي بنيته في الفترة دي.

چيچي بحنق :

-يعني هيفضل ماسك علينا الذلة دي كتير ؟

رشاد و هو يحتدm غـ.ـيظا :

-و هو مين إللي إدالوا الفرصة ؟ مش حضرتك ؟ أنا لحد دلوقتي مش قادر أصدق إنك عملتي كده قبل فرحك بإسبوع و كل ما إفتكر إللي حصل بيبقي هاين عليا أجيب رقبتك تحت رجلي .. بس أعمل إيه ؟ أولا بـ.ـنتي و ثانيا الفـ.ـضـ.ـيحة . لو كنت عملت فيكي أي حاجة كنت هأكد كلامه قدام الناس.

إبتلعت "چيچي" ريقها بتـ.ـو.تر ، ثم قالت بشئ من الإرتباك :

-بردو مش لازم نسيبه . إفرض في يوم عملهالنا مفاجأة و طلع الـCD ده و فضحنا ؟ ساعتها مش هنقدر نعمل أي حاجة !

رشاد و قد أظلمت نظراته من الغضب :

-ساعتها و لو حصل إللي بتقولي عليه ده أنا بنفسي إللي هخلص عليه.

چيچي علي مضض :

-أوك . بس بردو لازم يتعلم عليه و يتفضح زي ما فضحني و بعت ورايا الصحافة يصوروني و أنا راجعة في نص الليل بفستان الفرح.

رشاد بشك :

-قصدك إيه يعني ؟ يتعلم عليه إزاي مش فاهم ؟!

چيچي بإبتسامة شيطانية :

-أنا هتصرف يا بابي مـ.ـا.تقلقش . كل حاجة مترتبة و جاهزة و مافيش ورايا أي دليل !!!!

يتبــــــع ...
_ إحتياج ! _
يخرج "عثمان" من غرفة أمه و هو يتنهد بآسي ... تأتي "صفية" في هذه اللحظة حاملة كأس من الماء و بعض من الحبوب العلاجية
صفية بملامح ذابلة كئيبة :
-مامي عاملة إيه دلوقتي يا عثمان ؟
عثمان و هو يفرك وجهه بكفاه :
-كويسة . يدوب كلت من إيدي بالعافـ.ـية .. ثم نظر لها و أكمل بصوت لا حياة فيه :
-صافي مش عايزك تسيبي ماما خالص . خليكي جمبها طول الوقت و لو إحتاجت لأي حاجة تبلغيني فورا.
صفية بدmـ.ـو.ع :
-حاضر يا عثمان .. و أخفضت رأسها حتي لا يري دmـ.ـو.عها المتدفقة بحرارة
عثمان بضيق :
-كفاية يا صفية . كفاية أبوس إيدك أنا مش ناقص و عايزة تدخلي لماما و إنتي بالشكل ؟!
صفية و هي تكفكف دmـ.ـو.عها بعزم :
-خلاص يا عثمان . خلاص أنا مش هعيط تاني.
نظر لها بحـ.ـز.ن و شـ.ـدها إلي حـ.ـضـ.ـنه ، ثم قال بهدوء :
-أنا عارف إن حياتنا إتغيرت أو إتقلبت بمعني أصح . بس أنا و إنتي لازم نحط خطوط حمرا لمشاعرنا طول الفترة الجاية خصوصا قدام ماما يا صافي . ماما مش دريانة بأي حاجة . أنا مش قادر أشوفها كده . لازم نعمل المستحيل لازم نساعدها عشان تخرج من إللي هي فيه . إحنا مابقاش لينا غيرها.
وافقته "صفية" بإيماءة صغيرة :
-عندك حق يا عثمان . صدقني أنا بمسك نفسي قصادها جـ.ـا.مد أوي . بس بردو هي حالتها أسوأ مننا بكتير . دي مانزلتش دmعة واحدة كاتمة في نفسها و ده إللي مخـ.ـو.فني عليها.
عثمان بثقة :
-هتبقي كويسة . إن شاء الله هتبقي كويسة بس محتاجة شوية وقت .. ثم قال و هو يمسح لها دmعة بأنامله :
-يلا إدخليلها . و زي ما قولتلك إوعي تسيبيها أبدا.
صفية بهمس :
-أوك !
و دلفت إلي أمها ، بينما نزل "عثمان" إلي الأسفل ليوافي "مراد" في الصالون الصغير
كان يحتسي فنجانا من القهوة عنـ.ـد.ما أقبل عليه ..
-عثمان ! فينك مستنيك بقالي ساعة .. قالها "مراد" و هو يرجع فنجانه إلي الطاولة
عثمان بصوت جاف :
-كنت عند أمي .. ثم جلس قبالته و أكمل :
-عملت إيه مع رئيس التحرير ؟
مراد بجدية :
-خلاص الموضوع إنتهي و هو فهم رغبتك خلاص.
عثمان بخشونة :
-مش مهم يفهم رغبتي . المهم يفهم إني ممكن لو حبيت هوديه في ستين داهية و هقفله الجريدة خالص.
مراد بصوت مهدئ :
-إهدا يا عثمان الراجـ.ـل ما قالش حاجة و بعدين هو مالوش ذنب الصحافيين إللي عنده هما إللي جريوا يغطوا الحادثة و نشروا الخبر و في كل الأحوال أي جريدة تانية لو كانت جاتلها الفرصة تنشر الخبر قبل أي حد كانت عملت كده.
عثمان بغضب :
-أنا ماحبش إسمي أو إسم عيلتي يبقي لبانة في بؤ إللي يسوا و إللي مايسواش.
مراد بتعجب :
-يابني ما إنتوا عيلة مشهورة و من زمان من أيام جدودك و الصحافة بتكتب عنكوا إيه إللي جد ؟!
عثمان بإنفعال :
-إللي جد إن مهنتهم بقت قذرة أوي و بقوا يألفوا علي مزاجهم . كذا خبر نزل عن الحادثة مش منطقي و مالوش أي علاقة بينا و قضايا التعويض إللي رفعتها هي إللي هتأدبهم عشان يحرموا ينشروا كلمة واحدة قبل ما يتأكدوا منها.
مراد بإنزعاج :
-خلاص بقي يا عثمان هدي أعصابك . إنت بقيت صعب أووي !
زفر "عثمان" غاضبا ، ثم قام من أمامه و مضي إلي خارج المنزل كله ...
••••••••••••••••� �••••••••••••••••� ��•••••••••••••••• •••••••••
في إحدي وكالات الأنباء الشهيرة ... تجلس "چيچي" أمام المدير في هذا الثوب الغريب عليها تماما
كانت ترتدي نظارة شمسية كبيرة أيضا لتداري وجهها ، و كانت تغطي شعرها بوشاح داكن اللون ظهرت من تحته بعض من خصلاتها الشقراء ..
-أنا جيت علي سمعة الوكالة الأخبـ.ـار عندكوا بتنتشر بسرعة رهيبة و بتوصل لكل الناس و ده إللي أنا محتاجاه ! .. قالتها "چيچي" بصوت ثابت النبرات
المدير و هو يقلب الصور بين يديه :
-مفهوم حضرتك . بس أعتقد إن خب