رواية جبر السلسبيل هي رواية رومانسية والرواية من تأليف نسمة مالك في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية جبر السلسبيل لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية جبر السلسبيل هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية جبر السلسبيل تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة
رواية جبر السلسبيل من الفصل الاول للاخير بقلم نسمة مالك
"سلسبيل" كانت هادئة و هي تستمع لحديث "بخيتة" السام، و كلمـ.ـا.تها المُهينه لها، تنعتها بالخادmة بل والأدهي أنها تريدها زوجة لابنها الأخر المُسمي ب "عبد الجبـ.ـار"!!!
يا الله لقد كان شقيقه يدعي "عبد الرحيم" يعاملها بمُنتهي القسوة، طريقته كانت تصفها بالعـ.ـذ.اب مما دفعها تقدm على الأنتحار مرات عديدة خسرت خلالهم حملها مرتين قبل معرفتها حتي بوجوده ،كان لا يتحدث بلسانه مطلقًا معاها، الكثير من الصفعات تتلقاها منه على وجهها طيلة اليوم بسبب و بدون سبب فماذا سيفعل بها شقيقه؟؟..
تبطأت دقات قلبها و شعرت بالفزع، و الرعـ.ـب يدب بأوصلها جعل جسدها تنخفض درجة حرارته حتي جُمدت أطرافها و أصبحت كالثلج رغم تلك النيران التي تتآجج بصدرها خاصةً بعدmا استمعت لجملة أدmت قلبها، و جعلت عبراتها تنهمر علي وجنتيها الشاحبة دون بكاء حين قالت "بخيتة" بسخرية..
"بالك انتي لو خرچتي من أهنه أبوكي هيهملك لحالك تدوري على حل شعرك و تدلي على البندر عند أهل أمك إياك!! .. أخرتك مرات أبوكي هترميكي في الزريبة مع المواشي، و أول ما والدي طلب يدك وافجو عليه طوالي"..
أطبقت عينيها على الفور حين ضـ.ـر.بتها ذكريات مؤلمة، تذكرت معاملة زوجة أبيها لها كلما تركت منزل زوجها غاضبه، كانت تجعل والدها يلقنها ضـ.ـر.بًا مبرحًا حتي تفقد الوعي بين يدية، لتستيقظ تجد نفسها نائمة داخل الحظيرة أسفل أقدام البهائم، و من ثم تعود مجبرة غير مخيرة لتنجو بحياتها من ضـ.ـر.ب والدها المبرح، فصفعات زوجها، و كلمـ.ـا.ت والدته السامة أرحم بكثير من ضـ.ـر.بات سوط والدها الذي يمزق لحمها ..
ارتجف جسدها بقوة حين ربتت "بخيتة" على كتفها أفاقتها من دوامة ذكراها المريرة مردفة بتعقل لا يخلو من صرامتها..
"لو فكرتي في حديتي زين يا مرات والدي هتلاقي چوازك من والدي "عبد الچبـ.ـار" و جعادك حدايا أهنه رحمة ليكِ"..
مّر الوقت و هي واقفة محلها كالصنم تمامًا بلا حراك، تتابعها "بخيتة" بنظرات جـ.ـا.مدة كعادتها،حديثها أصابها بمقــ,تــل، تبخرت جميع أحلامها إلى سراب..
رأت نفسها وحيدة لا ظهر لها و لا سند حتي في وجود والدها الذي كان السبب بزيجتها هذه و هي لم تتم عامها الخمسة عشر حتي، و الآن سيزوجها مرة أخرى دون مشورتها ..
...................................... لا حول ولا قوة الا بالله🌼........
توقفت سيارة من الطراز الحديث بعد رحلة سفر استمرت لساعات طويلة من القاهرة إلى الصعيد، أسرع السائق بمغارة مقعده ليفتح الباب ل "عبد الجبـ.ـار" الذي وصل للتو، كان يجلس بجانب السائق بينما زوجته "خضرا" تجلس بالخلف بجوار ابـ.ـنتيها "فاطمة، حياة"..
"حمد لله السلامة يا "عبد الچبـ.ـار" بيه.. نورت الصعيد يا كبير"..
أردف بها السائق بترحاب شـ.ـديد..
"أنت هتتچوز على أماي يا أبوي؟"..
نطقت بها "فاطمة" ابـ.ـنته الكبري صاحبة العشر سنوات، جعلته يمد يده و يغلق باب السيارة الذي فتحه له السائق..
شهقت" خضرا" بخفوتٍ، و أسرعت بوضع كف يديها على فم ابـ.ـنتها مرددة بغضب..
" اجفلي خشمك يابت"..
تمالك "عبد الجبـ.ـار" أعصابه معبئًا نفسًا عميقًا إلى رئتيه
قبل أن يلتف لهم ،تحدث بهدوء لا يخفي غضبه المشحون من زوجته و هو يتنقل بنظر بين ابـ.ـنتيه قائلاً..
" صوح يا فاطمة.. أنا هتچوز الليلة".. نظر لزوجته نظرة جعلت قلبها يرتعد بخـ.ـو.ف بين ضلوعها مكملاً بأسف ..
"الفضل يرچع لأمك وچدتك اللي مسلمتش من زنهم على دmاغي واصل"..
"ربنا يتمم لك بخير يا أخوي، و يرزقك من سلسبيل خيتي بالولد اللي يبجي في ضهرك و سند أخواته البنات"..
قالتها" خضرا" بابتسامة دافئة تخفي بها حـ.ـز.نها الذي يفطر قلبها العاشق له،فهي لن تستطيع الإنجاب تانيةً بعدmا تعرضت لنـ.ـز.يف شـ.ـديد بعد ولادة ابـ.ـنتها الصغري انقذوها منه الأطباء بشق الأنفس..
زفر" عبد الجبـ.ـار" بضيق، و اصطك على أسنانه بقوة كاد أن يهشمهم، و هو يطلع لزوجته بأعين يتطاير منها الشرر، و من ثم رفع كفه وضعه على مؤخرة رأسها جذبها عليه مغمغمًا بهمس داخل أذنها..
"أنتي خبرة زين أن الچوازة دي هتكون حبر على ورج وبس، و إني مريدش الواد طالما مش منك أنتي يا خضرة، و كفاياكي حديت ماسخ جدام البنات عاد"..
حديثه هذا أثلج قلبها، و جعل الراحة تغزو قسمـ.ـا.تها، فمالت على كتفه لثمته بعمق..
"منحرمش منك و لا من حنيتك عليا واصل يا أخوي"..
أردفت بها بخجل بصوتها الحنون الدافئ، ليهديها
"عبد الجبـ.ـار" ابتسامته نادرة الظهور، و فتح باب السيارة و هبط منها ليظهر ضخامة حجمه، و طوله الفارهه، و قد زادته جلبابه الصعيدي طول و هيبه تليق بملامحه الصارمة، و اضاف لمظهره وقار و حضور طاغي..
فتح باب السيارة الخلفي لعائلته الصغيرة بنفسه، و سار أمامهم بخطوات واثقة نحو منزل والدته..
....................................... سبحان الله العظيم 🌼..
"بخيتة"..
فرت راكضة تحتمي خلف إحدي الارائك المحطمة، و هي تردد بصراخ مذعور..
"يا مري.. أنتي اتچننتي يا بت البندرية"..
كانت "سلسبيل" بحالة من الانهيار التام بعدmا وصل غضبها لذروته بسبب حديث "بخيتة" الجارح، بدأت تحطم كل ما تقع يديها عليه، و تصرخ بجنون مرددة..
"أنا ما صدقت خلصت من قرفك أنتي و ابنك.. تقومي تطلبي أيدي من أبويا للعملاق ابنك اللي أكبر مني بخمستاشر سنه لييييييه يا وليه يا بـ.ـنت المفترية"..
"بخيتة" بصدmة.. "وه وه وه بتشتميني كمان يا بت المركوب"..
"انا مش هشتمك بس.. لا دا أنا هعملك عاهة مستديمة و ادخل فيكي سـ.ـجـ.ـن الحكومه هيبقي أرحم من أبويا و من سـ.ـجـ.ـنك أنتي و ابنك"..
قالتها "سلسبيل" بصراخ و هي تجذب يد خشبية من إحدي المقاعد بعدmا قامت بتحطيمها، و ركضت بها نحو "بخيتة" و همت بضـ.ـر.بها بالعصا على رأسها بكل قوتها، و لكن يد قوية قبضت على معصم يدها فجأة، و صوت يصيح بحدة،و هو يتطلع فيها مدهوشًا ..
" أنتي يومك أسود.. دي حياتك كلها هتبجي سودة"..
قالها "عبد الجبـ.ـار" بغضب عارم، و تقابلت عينيه بعينيها للمرة الأولى ثم قال بصوتٍ أجش..
"أمي عندها حج أنتي صحيح حرمة جليلة الرباية، و أني هعلمك الأدب على يدي
↚
أيقنت "سلسبيل" أنها ستلقي حتفها اليوم لا محالة، بعدmا شعرت بألم مبرح بسبب قبضة "عبد الجبـ.ـار" على معصمها حتي وصل لسمعها صوت تكسير عظامها من قوة ضغطه على يدها الصغيرة جدًا بين قبضته الفولاذية..
استرخت عضلات جسدها المتشنجة أثر غضبها العارم، و انقطعت أنفاسها وهي ترفع رأسها ببطء
كانت مضطرة أن تتطلع لأعلى حتى تصل لوجهه، فقد كان طويل القامة و ضخمًا بصورة مخيفة،
أرتعد بدنها من نظرته التي تصعقها، و صوته الغليظ الجاف جعل الدmاء تنسحب من عروقها حتي بهتت ملامحها من شـ.ـدة خـ.ـو.فها،
الخـ.ـو.ف كان دومًا رفيقًا لها طيلة حياتها، أما في تلك اللحظة، و هي واقفة أمامه مباشرةً شعرت بخـ.ـو.ف جديد عليها كليًا، خائفة من هيبته، ضخامة بنيته التي تفوقها أضعاف مضاعفة جعلتها كعصفور مبتل وقع بين أنياب فك مفترس سيلتهمها حية بعظامها، لكنها استجمعت شتات نفسها، و رسمت قوة زائفة على محياها المرتعدة..
"أنا مش قليلة الرباية.. أنا طول عمري محترمة و شايلة أمك و أخوك رغم معاملتهم ليه اللي مترضيش ربنا"..
همست بها "سلسبيل" بصوت تحشرج بالبكاء، ارتجفت شفتيها بل ارتعش جسدها بأكمله و أطلقت آهة خافتة و هي تحاول جذب يدها من بين كفه الضخم مكملة بضعف..
"أنا شربت المُر في بيتكم و عرفت معنى الذل، و لما قولت أخيراً هترحم من العـ.ـذ.اب اللي أنا فيه القي أمك تقولي إنك طلبت أيدي من أبويا علشان أبقى خدامة ليها!!!"..
ساد صمتٍ آخر، بقى"عبد الجبـ.ـار" خلاله يرمقها بنظراته الثاقبة.. إلى أن قال مادًا عنقه للأمام قليلًا يحذرها و يرهبها في آنٍ واحد..
"جولك ده ميعطكيش الحج تتهچمي على ست كبيرة في مجام والدتك!!"..
"مش جولتلك على عمايلها السودة.. شوفتها بعينيك بتشندل أمك شنديل.. أضرُبها على خشمها يا "عبد الچبـ.ـار"
غمغمت بها "بخيتة" ببكاء مصطنع، و هي تهجم على "سلسبيل" فجأة و تصفعها بقوة على وجهها دون سابق إنظار مكملة بقسوة..
"اتفرعنت من قلة ضـ.ـر.ب المركوب بـ.ـنت الفرطوس"..
لم تتفاجئ "سلسبيل" بضـ.ـر.ب "بخيتة" لها بل كانت أخذه وضع الأستعداد،رفعت ذراعها الأخر بحركة دفاعية تحمي به وجهها أمام أعين "عبد الجبـ.ـار" المنذهلة من رد فعلها، و ملامح وجهها الجـ.ـا.مدة التي تجاهد بصعوبة حتي لا تبكي،
كانت نظرتها ذائغة و هي تتنقل بعينيها بينه و بين والدته و قد ظنت أنه سيهجم عليها و يلقنها علقة ساخنة كما كان يفعل معاها شقيقة حتي يطفئ غضب والدته، و بعدmا ينتهي من ضـ.ـر.بها يحملها على كتفه، و يسير بها نحو غرفتهما و ينهال عليها بنوع أخر من العقـ.ـا.ب الممـ.ـيـ.ـت لروحها، و أنوثتها،
شحبت ملامحها كشحوب المـ.ـو.تي، بدأت ترتجف بشكل ملحوظ، و تصطك على أسنانها بقوة،
هنا خفف قبضة يده حول معصمها، و جذبها برفق أصبحت واقفة خلفه ظهره،كم كانت ضئيلة للغاية بالنسبة له حتي أنه اخفاها تمامًا عن والدته التي ثارت بجنون و بدأت تدفعه بشراسة حتي تتمكن من الوصول لتلك الصغيرة المختبئة خلف ظهره..
" كفياكِ عاد يا أمه"..قالها و هو يسيطر على حركتها الهستيرية بأحتضانه لها مقبلًا جبهتها قبلة مطولة..
"همليها لحالها خليها تغور من أهنة.. أني معيزهاش بعد اللي حُصل"..
تراقص قلب "سلسبيل" فرحًا و ظهرت شبه إبتسامة على قسمـ.ـا.تها حين استمعت لجملته هذه، و لكن تلاشت ابتسامتها حتي اختفت و حل مكانها الفزع حين تحدثت "بخيتة" وفهمت هي مخزي حديثها هذا..
"صُح حديتك يا والدي..خليها ترجع لأبوها و مرته"..
نطقت بها "بخيتة" بخبث فهي تعلم جيدًا أن والدها سوف يعود إليها بها مكبلة اليدين و القدmين بعدmا ينتهي من ضـ.ـر.بها كعادته، ابتسمت بصطناع و هي تمد يدها و تدفعها بكتفها دفعة سقطت على أثرها أرضًا..
"غوري من أهنة.. جبر يلم العفش"..
أسرعت" خضرا" التي كانت تقف بعيدًا عنهم تتابع ما يحدث بنظرات حزينة على ما تفعله حمـ.ـا.تها بتلك الصغيرة، هرولت نحوها و مالت عليها تأخذ بيدها لتساعدها على النهوض مرددة بنبرة حانية..
"جومي يا خيتي"..
تحملت "سلسبيل" على نفسها، و وقفت ثانيةً بمساعدة "خضرا"، تنفست الصعداء و هي تسير بخطي غير متوازنة نحو الخارج، و قد حسمت قرارها أنها ستفر هاربة من البلد بأكملها، و تبحث عن عائلة والدتها بمحافظة المنصورة، كادت أن تصل لباب المنزل إلا أن صوت بخيتة أوقفها مكانها بأمر ..
"أستنى أهنة"..نظرت لابنها و تابعت..
"سلمها بيدك لأبوها يا عبد الچبـ.ـار لتُهرب على البندر زي ما عملت جبل سابق و تچبلنا وچع الدmاغ"..
تهاوي جسد "سلسبيل"بعدmا أغلقت بوجهها كل طرق النجاة، و شعرت أن أقدامها لم تعد تحملها و هي تتخيل ما سيفعله بها والدها و زوجته، ، سقطت أرضًا على ركبتيها و بدأت تبكي بصوت أشبه بالصراخ مرددة..
"حـ.ـر.ام عليكي.. أنتي بتعملي فيا كل ده ليه.. أنا عملتلك اييييه.. منك لله.. حسب الله ونعمة الوكيل فيكي أنتي وابنك"..
جن جنون "بخيتة" و همت بالهجوم عليها لولا يد "عبد الجبـ.ـار" التي تمنعها..
"عملنا فيكي أية علشان تدعي عليا أنا و ابني اللي بجي بين ايدين اللي خلقه يا وكلة ناسك"..
بينما"خضرا" تجلس جوارها، تربت على ظهرها بحنان بالغ، و انفجرت باكية من شـ.ـدة تأثرها حين رأت" سلسبيل" تنظر لزوجها نظرة متوسلة و تهمس بصعوبة من بين شهقاتها..
"متودنيش لأبويا هيرميني في الزريبة و يقلعني هدومي ويضـ.ـر.بني بالكرباك و أمك عارفة كده كويس"..
جحظت أعين "عبد الجبـ.ـار" على أخرها، و شلته الصدmة عنـ.ـد.ما زحفت "سلسبيل" راكضة حتي وصلت أسفل قدmيه و تمسكت بكلتا يديها بثيابه، و رفعت رأسها تنظر له بعينيها التي تذرف عبراتها بغزارة مكملة بجملة أعتصرت قلبة على حين غرة..
"أدفني مع أمي حية بس متودنيش لأبويا أبوس رجلك
انقضي النهار سريعًا، و أسدل الليل ستائرة السوداء ، كانت "سلسبيل" عادت مجددًا لغرفتها التي تبغضها، و تشعر بالاختناق فور دخولها..
عادت لها بعدmا توسلت ل "عبد الجبـ.ـار" حتي لا تعود لوالدها، و الآن هي في إنتظار قراره الذي تأخر لساعات طويلة و هي حبيسة دون طعام أو شراب ، أنتهزت "بخيتة" انشغال إبنها بالحديث مع الغفر، و دفعتها بعنف و أغلقت عليها الباب بالمفتاح مثل العادة،
تركتها وحيدة تدور حول نفسها كالمهرة الحبيسة، كم تتمني لو تُتيح لها الفرصة و تستطيع الهروب من هذا المنزل بل من البلد بأكملها، حينها لن تعود مطلقًا مهما حدث..
"يارب ساعدني أنا مليش غيرك".. ترددها بقلب ملتاع بلا توقف، كان التعب ظاهر على ملامحها المجهدة،خاصةً معصم يدها التي كانت بين قبضته، بدأ الألم يزداد و يتدافع بها جعل العبرات تغزو عينيها، لكنها كعادتها تكبح دmـ.ـو.عها، تعلمت تتأقلم مع ألامها..
و بالرغم كل ما تمر به إلا أن الإبتسامة وجدت طريق نحو شفتيها حين تذكرت أن ذلك العملاق أبي أن يمد يده عليها، بل ادهشها دفاعه عنها عنـ.ـد.ما أخفها خلف ظهره، وقتها تمنت لو تظل هكذا طيلة عمرها، تحتمي برجل يكن لها بعد الأهل أهل..
أطلقت زفرة نزقة من صدرها، حتمًا سيزول كل هذا الألم يومًا، تثق في قدرة الله، و تنتظر العوض الجميل بعد الصبر الطويل،
لم تجد أمامها سوي النوم، السبيل الوحيد الذي يفصلها عن واقعها المرير و لو قليل، جذبت إحدي الأغطية و قامت بوضعها على الأرض و ارتمت عليه رغم وجود سرير، إلا أنه يذكرها بما عانته مع زوجها السابق، منذ رحيله و هي لا تقربه،
احتضنت جسدها بيدها بوضع الجنين، و أغلقت عينيها غارقة في نومٍ متعب لا يخلو من كوابيسها المفزعة..
................................. لا إله إلا الله 💐...........
"عبد الجبـ.ـار"..
بعدmا تناول الغداء التي أعدته "سلسبيل" بيدها قبل حضوره، دلف برفقة زوجته داخل غرفتهما التي قامت "سلسبيل" أيضًا بتنظيفها لهما بنفسها بأمر من "بخيتة"..
"البـ.ـنته وچعت جلبي جوي يا أخوي.. أُقف چنبها يا عبد الچبـ.ـار دي وليه و أحنا حدانا ولاية"..
أردفت بها" خضرا" بصوتها الحنون، و هي تساعده على أرتداء جلبابه..
مد "عبد الجبـ.ـار" يده و أخذ عبايته من على كتفها، وضعها حول كتفيه مغمغمًا..
"إني شيعت لأبوها مع الغفير يچيني أهنة هتحدد معاه لول و أنهى موال الچواز، و بعد أكده ياخد بته في يده"..
شهقت "خضرا" و ضـ.ـر.بت على صدرها بكف يدها و هي تقول..
"يا مري يا عبد الچبـ.ـار.. هترچعها لأبوها اللي بيُضـ.ـر.بها بالكرباچ؟!" ..
نفخ بضيق، و رمقها بنظرة غاضبة مردفًا..
" خضرا و بعدهلك عاد ..قعدتها أهنة ملهاش عازة.. أني مهتجوزش عليكي.. تبجي ترچع بيت أهلها مع أبوها اللي عمره ما هيضر بته"..
لمح لمعة عينيها تدل على فرحتها التي غمرت قلبها، و إضاءة وجهها ذو الملامح الرقيقة، و اللون الخمري..
"بس أمه بخيتة هتزعل منِك يا أخوي.. هي ريدَك تتچوازها"..
"ملكيش صالح بأم عبد الچبـ.ـار أني هتحدد معاها هي كَمان"..
غمغم بها و هو يقترب منها و يتوق خصرها بذراعيه، و مال عليها قاصدًا و جنتيها لثمها بقبلة عميقة مكملاً..
"مافيش حُرمة تملي عيني غيرك يا خضرا"..
"إلهي يخليك ليا و لا يحرمنيش منِك واصل "..
همست بها بستحياء و هي تندس بين حنايا صدره غالقة عينيها تنعم بالراحة لبرهةٍ، و لكن قلبها يملؤه الخـ.ـو.ف، و القلق من رد فعل حمـ.ـا.تها بعد معرفتها بقرار زوجها..
كل هذا الحديث أستمعت له "بخيتة" الواقفة أمام غرفتهم، واضعة أذنها على الباب تستمع بتركيز لكل حرف يُقال..
" سحراله.. ساحرة لوالدي يا خضرا يا بت نفيسة، و إني هچوزه عليكي و أفك سحرك يا وش الشوم"..
"يارب يا ساتر.. يا أهل الله يلي أهنة"..
كان هذا صوت "محمد القناوي" والد "سلسبيل" الذي وصل للتو و دلف لداخل المنزل برفقة إحدي الغفر عبر الباب الذي يكن دومًا مفتوح..
هرولت" بخيتة " بخطوات مسرعة تجاه مصدر الصوت، و قد التمعت برأسها إحدي أفكارها خبيثه، و عزمت على تنفيذها..
" يا مُرحب يا قناوي"..
قالتها "بخيتة" بصوتها الصارم، بعدmا دلفت بهيبتها مستندة على عصاها الخشبية، فهي تمتلك قامة طويلة و جسد ممتلئ بعض الشيء، لتستطرد دون أن تمنحه فرصة للرد..
"والدي چابك انهارده علشان تاخد بتك في يدك من أهنة.. خلاص چوازة بتك من أبني الكبير مبقاش ليها عازة عندينا"..
نظر لها بصدmة و هو يقول مستفسرًا..
" ايه اللي حُصل بس يا حاچة.. عملت أيه بـ.ـنت المركوب زعلك مننا أكده.. قوليلي و أنا اقطعلك من لحمها، و أخليها تحب على يدك و يد عبد الچبـ.ـار بيه كُمان"..
شعرت" بخيتة " بانتصار و قد نالت مرادها، فازادت من إشعال نيران غضبه تجاه ابـ.ـنته حين قالت..
" بتك ناقصة رباية، و غلطت في حجي غلط كبير تستاهل عليه قطع رقبتها يا قناوي"..
برزت عروق" قناوي" بخطورة، و قد وصل غضبه لزروته، و تحدث بهدوء ما قبل العاصفة..
" هعيد ربيتها من أول و چديد و أرچعلك بيها تحب على رچلك قبل أيديكي يا ست الناس"..
"لو أكده ممكن أرضى عنِها، و رضا والدي من رضايا.. وقتها أني هقنعه يتتم چوازه من بتك".. أردفت بها و هي تشير له تجاه غرفة أبـ.ـنته، و تابعت بأمر..
"هم جوام خدها و مشي قبل ما والدي ينزل.. لو اتحدد معاك دلوجيت يبجي مافيش رچعة في حديته.. حجي يرچع لول بعدها تتحدد وياه"..
"اللي تؤمري بيه يا حاچة".. قالها" قناوي" و هو يسير نحو غرفة أبـ.ـنته و قام بفتح الباب عبر المفتاح الموضوع به، دلف للداخل بخطوات غاضبة، و دون سابق إنذار كان مال على تلك النائمة تصارع إحدي كوابيسها التي لم تخلي من تعذيبه لها، و قبض على عنقها، و بدأ يكيل لها لكمـ.ـا.ت متتالية دون رحمة..
هكذا أيقظها جاحظة العينين و قد تحقق أبشع كوابيسها برؤيتها له الآن ..
"الرحمة يا أبوي.. همـ.ـو.ت في يدك"..همست بها و هي تلتقط أنفاسها بصعوبة بسبب ضغط يده على عنقها..
"اكتمي يا واكلة ناسك"..
نطق بها و هو ينتصب وقفًا ساحبها معه، وسار بها للخارج و هي تبكي بحرقة و تدور بعينيها تبحث عن هذا الظهر الذي أخفاها خلفه من قبل، حتي أستمعت لصوت حمحمته تقترب، كادت أن تصرخ بأسمه إلا أن كف والدها كمم فمها بعنف، و همس بأذنها بتهديد جاد..
"أكتمي لشق جلبك دلوجيت يا هاملة"..
رمقته بنظره تخبره بها أن قلبها مملوء بطعناته القـ.ـا.تلة، توقفت عن مقاومته و قد استسلمت لقدرها، و سارت معه بخطوات مهرولة حافية القدmين و كم تمنت أن تلقي حتفها على يده هذه المرة..
"هو قناوي كان أهنة يا أمه؟"..
قالها "عبد الجبـ.ـار" بتساؤل.. لتجيبه" بخيتة" بأمأه من رأسها و هي تقول ..
"خد بته و توك ماشي"..
اعتلت الدهشة ملامحه و تحدث بغضب قائلاً..
"وه كيف ياخدها، و يمشي لحاله أكده؟!"..
"بخيتة".. "أباي عليك يا عبد الچبـ.ـار مش أبوها يا والدي.. هو راچل غريب، و أنت قولت ماريدهاش يبجي تغور من أهنة"..
رسمت الحـ.ـز.ن على ملامحها الماكرة مكملة..
"فرقها صعبان عليا ولا أكنها بهيمة من بهايمي بعد كل عمايلها المقندلة معايا"..
ارتفع حاجبين" عبد الجبـ.ـار" بتعجب مرددًا..
" بهيمة أيه بس يا أمه!!! "..
" بخيته" بعبوس..
" أيوه قولت هتبجي مننا و أني عرفتها و هي كمان عرفت طبعي و عوايد الدوار حدانا بدل ما تتچوز واحده منعرفهاش و تبجي غريبة عليا.. قصروا منعلمش النصيب مخبي أيه يا والدي..و لو على العرايس في ياما تنجي اللي تعچبك"..
"أني مش هتچوز على خضرا يا أمه و ده أخر القول"..قالها"عبد الجبـ.ـار " بنفاذ صبر جعلها تصطك على أسنانها بغـ.ـيظ شـ.ـديد، و كادت أن تُصاب بشلل حين تابع بصوته الصارم..
" و أرملة أخوي ليها حق عندينا في ورث چوزها أني هقدروا و أشيعه لحد عنديها"..
أنهي جملته و سار من أمامها مغادرًا المنزل بأكمله، لا يعلم لما يشعر أنه خذل تلك ال" السلسبيل"، يتسأل بداخله لو كان حديثها صحيح عن عـ.ـذ.اب والدها لها فلما سارت معه دون أن تستغيث به؟..
...............................................لا حول ولا قوة الا بالله 💐....
كان الوقت فجرًا، لحظات ظلام الليل الأخيرة، الجميع نيام، و الهدوء سيد الموقف..
أستيقظت "خضرا" على صوت أنين زوجها، مدت يدها لمفتاح الإضاءة الخافتة بجوارها ضغطت عليه، و اعتدلت جالسة تنظر تجاهه مردفة بلهفة..
"عبد الچبـ.ـار أصحى يا أخوي"..
"لااااااااا بعد عنِها".. صرخ بها فجأة و هو يهب من مرقده مذعورًا..
"بسم الله الحفيظ.. ده باينه كابوس واعر جوي"..
أردفت بها "خضرا" وهي تسكب له كاسة مياه، و تساعده على تناولها، و يدها تربت على ظهره مرددة بسرها بعض الآيات القرآنية..
كان" عبد الجبـ.ـار " ملامحه جـ.ـا.مدة، ينظر للفراغ بشرود، فاق من شروده حين همست "خضرا" قائلة بابتسامة باهته..
"شوفت سلسبيل مش أكده"..
تطلع لها مدهوشًا و هم بالرد عليها إلا أنه استمع لصوت طرقات عنيفه متتالية على باب المنزل جعلته يغادر الفراش مهرولاً..
"مين هيچينا دلوجيت".. قالتها" بخيتة " التي قابلته فور خروجه من غرفته رغم معرفتها الإجابة..
"مخبيرش يا أمه"..
قالها" عبد الجبـ.ـار " و هو يتخطاها و يندفع تجاه الباب، و فتحه مسرعًا ليصعق من هول ما رأي..
كان يقف "قناوي" أمامه بفخر و كأنه حقق أكبر إنجازاته ..
"أني مرضيتش استني لشروق الشمس و قولت اچيب
بتي تحب على رچل الحاچة الكبيرة "..
، بينما "سلسبيل" ملقاه أرضًا بحالة يرثي لها تنزف الدmاء من جميع جسدها، مكبله يديها بقدmيها بسوط غليظ هيئتها كانت كما رأها في حلمه تمامًا..
↚صرخات متتالية لا تنقطع، توسلات حارة تابعها نـ.ـد.م شـ.ـديد لا و لن يجدي نفعًا على الأطـ.ـلا.ق مع هذا الثائر.. الغاضب حد الجنون، كاد غضبه أن يحرق الأخضر و اليابس، ممسك بيده السوط الغارق بدmاء تلك "سلسبيل" يعـ.ـا.قب به معـ.ـذ.بها على فعلته الحمقاء بحق ابـ.ـنته، رغم أنه لم يعد يصدق أن هذا المُجرم يكن والدها بعد ما فعله بها،
كلما تذكر هيئتها الدامية و هو يقوم بفك قيدها بنفسه ليتمكن من حملها بين يديه، كان جسدها ممزق حرفيًا من قوة و عنف ضـ.ـر.بات الكرباچ على جلدها الرقيق، آهاتها الخافتة التي تقطع نياط القلوب، و تُبكي الحجر، و الأدهي من هذا همسها الضعيف بأسمه الذي وصل لقلبه قبل أذنه..
حالتها كانت و مازالت صعبة للغاية، لها أكثر من أسبوع فاقدة الوعي تمامًا، تفيق للحظات معدودة، و تغرق ثانيةً بأغماء أشبه بالغيبوبة، تحيا على المحاليل الطبية فقط و بين الوعي و اللاوعي تردد دائمًا حروف أسمه..
أطبق عينيه التي تتآجج منها نيران الغضب حين شعر
أنه مُدان لخاطرها بألف اعتذار، لكن ماذا عساه أن يفعل لها؟! ، هو رجل مكتفي بزوجته الخلوقة، يكن لها مقدار كبير من الحُب و الإحترام و لن يكون سبب جـ.ـر.ح قلبها مهما حدث،بينما هناك في مكان ما بقاع قلبه جمرات صغيرة تزدهر سريعًا، و يزداد لهيبها، لهيب يسمي العشق..
"أعطيني بتي يا عبد الچبـ.ـار بيه و هملنا لحالنا"..
قالها "قناوي" بأنفاس متهدجة، و صوت مبحوح أثر صرخاته المتواصلة..
"دلوجيت افتكرت أنها بتك يا عديم الرچولة"..
أردف بها و هو يقترب منه حتى توقف أمامه مباشرةً ليظهر فرق الطول الشاسع بينهما، انكمش "قناوي" بخـ.ـو.ف من هيبته، و ضخامة جسده القوي، و ذراعيه المعضلة..
"أنت هتغور لوحدك من أهنة، ملكش بنات عندِنا، و لو عُدت مرة تانية هطُخك بالنار، و أنت خابر زين حديت عبد الچبـ.ـار المنياوي "..أردف بها بصوت جوهري حاد، و هو يقبض على عنقه بكف يده كاد أن يزهق روحه..
جاهد "قناوي" و تحدث بصعوبة بصوت مرتجف متقطع..
" يا بيه أهمل بتي ليك كيف و أنت جولت مريدش چوازك منِها.. أكده الناس تاكل وشي، و أبجي مسخرة وسط الخلق"..
دفعه" عبد الجبـ.ـار " بعنف، و أخذ يفكر في حديثه للحظات، و َمن ثم أجابه بتعقل، و نبرة لا تحمل الجدال..
"بتك ليها حق في ورث چوزها اللي هو أخوي الله يرحمه، و هتقعد في حقها معززة مُكرمة، محدش يقدر يمسها بكلمة واحدة طول ما هي في حمايتي"..
جحظت أعين" قناوي" بذهول مرددًا..
" أفهم من أكده إن سعادتك هتعطي بتي حقها في أرض چوزها و ماله، و الدوار، و شغله اللي في مصر وياك كمان!!!"..
"وه كُنت فاكرني هاكل حق الولاية و لا أيه يا واكل ناسك أنت "..
غمغم بها و هو يجذبه من ياقة جلبابه، و سحبه خلفه دفعه لخارج أسطبل الخيل الذي كان يحتجزه داخله دفعه أطاحت به أرضًا مكملاً بأمر..
" غور من قدامي.. معيزش أشوف خلقتك مرة تانية أهنة "..
" الله يعمر بيتك يا عبد الچبـ.ـار بيه.. يا أصيل يا ولد الأصول.. يلي هتقعد بتي في ورثها "..
ظل يرددها" قناوي" بصوت مرتفع، و فرحة غامرة ظاهرة على وجهه الملطخ بالدmاء بسبب الضـ.ـر.ب المبرح الذي تعرض له، يريد أن يستمع لحديثه كل أهل البلد ليكون هذا مبرره بترك أبـ.ـنته بمنزل أهل زوجها المتـ.ـو.في..
بينما ظل" عبد الجبـ.ـار " يقف مكانه يتابعه بشرود، و قد أدرك خطورة الوضع الذي أصبح فيه، فوجودها هنا بمثابة سكب الزيت فوق الجمرات المشتعلة بقاع قلبه..
.............................. لا إله إلا الله 💐...................
"سلسبيل"..
كلما أستعادة وعيها تجد "خضرا" تجلس بجوارها، تربت على شعرها تاره، تبكي على حالها تاره، تقرأ لها بعض الآيات القرآنية تاره أخرى،
ظلت ترعاها بنفسها بكل طيب خاطر تحت نظرات "بخيتة" المغتاظة، و كلمـ.ـا.تها المسمومة التي تلقيها على سمعها، لكنها لم تتركها بمفردها بأذن من زوجها، أظهرت معدنها الأصيل، و رونق قلبها الصافي،عاملتها كما لو كانت بـ.ـنت من بناتها..
و أخيرًا بدأت تستعيد عافيتها، و رمشت بأهدابها الكثيفة قبل أن تفتح عينيها الذابلة، تنظر حولها بنظرات مرتعدة،تسارعت نبضات قلبها،تلاحقت أنفاسها وقد ظنت لوهلة أنها مازالت بمنزل والدها.
تنفست الصعداء حين لمحت "خضرا" تجلس بجوارها على الفراش مستنده برأسها على يدها، و قد غلبها النعاس..
"أبلة خضرا".. همست بها "سلسبيل" بصوتها الضعيف، لكنه وصل لسمع تلك الحنونة، فنتفضت مسرعة تتفحصها بلهفة و هي تقول بفرحة..
" أنتي فوقتي يا خيتي"..
أرغمت "سلسبيل " نفسها على الابتسامة لها، و رسمت قوة زائفه على ملامحها الحزينة، و حاولت تعتدل جالسة.. لتسرع "خضرا" و تساعدها برفق، و تضع لها الوسائد خلف ظهرها بوضع أكثر راحة مدmدmة..
"أيوه أكده شـ.ـدي حيلك و فوقي يا خيتي، و إني هچيبلك أحلى وكل من عمايل يدي يرم جتتك "..
جاهدت "سلسبيل" حتي تتحكم بعبراتها التي تغزو عينيها و هي تقول بامتنان.. "متتعبيش نفسك أكتر من كده يا أبلة خضرا.. كفاية كل ما أفتح عيني بلاقيكي جنبي" ..
صمتت لبرهةٍ تلتقط أنفاسها، و تابعت بتنهيدة مُتعبة..
" أنتي أول واحدة تعاملني بحنية كده بعد أمي الله يرحمها مع إنك المفروض تكرهيني علشان كنت هبقي دورتك"..
هنا بكت "خضرا" و ضمتها لصدرها بحنان بالغ، يدها ترتب خصلات شعرها الحريرية المشعثة..
"جلبي عليكي يا بتي.. لساتك أصغيرة على المرار و الغُلب ده كله"..
أستكانت "سلسبيل" بحـ.ـضـ.ـنها، عينيها تذرف العبرات دون بكاء، و ابتسامة باهته تزين شفتيها المزمومة، و قد تذكرت حـ.ـضـ.ـن والدتها التي حُرمت منه إلى الأبد منذ سنوات، و من حينها لم يحنو عليها مخلوق بعدها..
" أنا مش عايزة أخد منك جوزك يا أبلة خضرا والله.. و في نفس الوقت مش عايزه أرجع لأبويا، و مش عارفة أعمل أيه و لا أروح فين"..
قالتها "سلسبيل" بصوتها المُجهد، و ابتلعت ريقها و تابعت بجملة جعلت شهقات "خضرا" تزداد..
"أنا كنت بتمني أمـ.ـو.ت في أيد أبوي المرادي.. كنت هروح عند ربنا و أرتاح من عـ.ـذ.ابي ده"..
" بعيد الشر عليكي يا خيتي.. متقوليش اكدة مرة تانية"..
قالتها" خضرا" و هي تربت على صدرها بكف يدها، و تابعت بنبرة مُطمئنة..
"متشليش هم واصل.. أني اتحدتت مع عبد الچبـ.ـار و قالي إنك هتقعدي حدانا في حقك"..
"حقي!!!"..غمغمت بها و هي تبتعد عن حـ.ـضـ.ـنها، و تنظر لها بعدm فهم، فتابعت" خضرا" بابتسامة و هي تزيل عبراتها..
" أنتي ليكي حق في ورث چوزك الله يرحمه.. و عبد الچبـ.ـار قالي أقولك لو ليكي غرض تنزلي معانا مصر تقعدي حدانا في ورث چوزك يا مُرحب بيكي.. و لو رايده تاخدي حقك مال هو هيقدروا و يدفعلك حقك وزيادة كمان"..
تهللت أسارير "سلسبيل" عنـ.ـد.ما علمت أنهم سيأخذونها معاهم إلى مصر، هذا كل ما تريده، لا تريد الورث، و لا المال.. تريد حريتها فقط حتى تستطيع البحث عن عائلة والدتها..
" بجد يا أبلة خضرا هتاخدوني معاكم مصر؟!"..
فرحة" خضرا" لفرحتها، و احتضنت و جهها بين كفيها مردفة..
" إحنا كنا ناوين نقعد يومين اهنة و نعاود علشان مشاغل أبو فاطمة ياما.. و قعدنا كل الوقت ده لخاطرك يا ست البـ.ـنتة..قولنا نستنى نطمن عليكي و تبقي زينة و نعاود طوالي"..
تحاملت" سلسبيل " على نفسها و غادرت الفراش بخطي مترنجحة و هي تقول بفرحة غامرة..
"أنا بقيت زينة أهو يا أبلة خضرا.. خدوني معاكم و خلينا نمشي من هنا قبل ما أبوي يجي ياخدني تاني الله يخليكي"..
اقتربت منها" خضرا " بخطوات مهرولة، و ساندتها قبل أن تسقط أرضًا بسبب عدm اتزان جسدها الهزيل..
"على مهلك عاد يا بتي.. خليني أوكلك لقمة تقويكي لول، و بعد أكده هتحدد مع عبد الچبـ.ـار و أقوله إنك بقيتي زينة"..
حديثهم هذا بأكملة أستمعت له" بخيتة " الواقفة على باب الغرفة تتجسس كعادتها الحمقاء، تصطك على أسنانها بغـ.ـيظ، و قد إذداد غضبها منهما أضعاف مضاعفة..
"فاكرة نفسها ست الدار خضرا بـ.ـنت نفيسة و بتتحدد على هواها.. الله في سماه لطين عيشتك يا خضرا و ما هيرتاح ليا بال إلا و إني مچوزة ولدي عليكي"..
انتفضت راكضة حين أستمعت لصوت حمحمة "عبد الجبـ.ـار" يعلن بها وصوله، و سارت متجهه نحوه بخطوات غاضبة و هي تقول..
"معقول الحديت اللي چاني ده يا عبد الچبـ.ـار.. أنت صُح هتاخد اللي ما تتسمي سلسبيل معاك على مصر!!! "..
أجابها" عبد الجبـ.ـار " بهدوء أغضبها أكثر..
" أيوه يا أمه.. و انتي كمان هتيچي معانا.. أني مههملكيش لحالك اهنة بعد أكده واصل"..
"بخيتة" بغضب، و صوت عالِ وصل لسمع" سلسبيل " جعل قلبها يسقط أرضًا من شـ.ـدة خـ.ـو.فها.. "تيجي معانا بصفتها أيه العقربة دي.. لا هي مرتك، و لا أنت رايد تعقد عليها.. تبقي تسافر معانا ليه يا ولدي.. ارميها لأبوها و غورها من أهنة ملناش صالح بيها عاد"..
نظر لها" عبد الجبـ.ـار " قليلاً نظرة جـ.ـا.مدة، بينما "سلسبيل " تنتظر رده عليها بنفاذ صبر، و أنفاس متهدجة، و قد بدأ جسدها يرتجف بقوة بعدmا انسحبت الدmاء من عروقها تاركة وجهها شاحب من شـ.ـدة فزعها..
" عبد الجبـ.ـار " بعقلانية.. "أنتي خابرة زين أني لو رچعتها لأبوها هيقــ,تــلها من قسوته عليها"..
"ما يقــ,تــلها و إحنا أيه خاصنا بيهم"..قالتها "بخيتة" بجحود جعلت "عبد الجبـ.ـار" يحرك رأسه بيأس من طباعها مردفًا بأسف..
"طول عمري بقول عليكي قوية يا أمه.. بس قوتك المرادي بقت جبروت"..
سار من أمامها متجهه نحو زوجته التي خرجت للتو من غرفة" سلسبيل " تاركة بابها موارب قليلاً، و تابع بصرامة قائلاً..
"نهاية القول أرملة أخوي في حمايتي من انهارده يا أمه من غير ما اتچوازها.. لأني متچوزش ست الحريم كلياتهم..
و سلسبيل هترچع معانا على مصر وقت ما تقوم على حيلها و تبقي زينة "..
أنهى جملته و اقترب من" خضرا" الواقفة تنتظرة بابتسامة هائمة تزين ملامحها الطيبة التي أضاءتها الفرحة بحديث زوجها، لف يده حول كتفيها و سار بها تجاه غرفتهما المقابلة لغرفة ابناتيهما التي أصبحت تمكث بها" سلسبيل" مؤخرًا، فتح الباب و دلف بها للداخل، و هو يميل عليها يحاوط خصرها بكلتا يديه ضمها له بعناق محموم ظهرها مقابل صدره غالقًا الباب خلفهما بقدmه..
كانت "سلسبيل" تتابعهما بأعين منذهلة، لم تري بعمرها الذي لم يتعدي العشرون عام رجل يحتضن زوجته، رغم أنها كانت زوجة لخمسة أعوام لكنها لم تجرب هذا العناق خلالهم ولا مرة..
اعتلت ملامحها ابتسامة خجوله حين رن بأذنها أسمها بصوته الذي لمس شيء بداخلها شـ.ـديد الحساسية، فاغمضت عينيها ببطء و هي تهمس بأسمه هذه المرة و هي بكامل وعيها ببوادر إعجاب..
"عبد الچبـ.ـار"..
↚أشرقت شمس نهار يومًا جديد،استيقظ الجميع منذ بكرة الصباح يجمعون أغراضهم إستعدادًا للسفر برفقة "عبد الجبـ.ـار" إلى مصر، بينما "سلسبيل" لم تأخذ شيء معاها مطلقًا،حتي إنها قامت بخلع ثيابها البيتيه بأكمالها، و ألقتهم بالقمامة ، و ارتدت عباية سوداء كبيرة للغاية على جسدها الصغير و حجاب من نفس اللون أخذتهم من "خضرا" ، لا تريد أخذ شيء من هذا المنزل يذكرها بما عانته، و قد حسمت قرارها فور خروجها منه لن تعود إليه مرة أخرى، بل لن تعود إلى البلد ثانيةً..
كان قلبها يرفرف بفرحة غامرة بين ضلوعها، كالطير الحبيس لسنوات داخل غرفة مظلمة ، و أخيرًا رأي شعاع نور الحرية عنـ.ـد.ما صعدت برفقتهم سيارة "عبد الجبـ.ـار" المجهزة لسفر المسافات الطويلة ،لسوء حظها جلست بجوارها "بخيتة" بينما جلست "خضرا" خلفهما بجانب أبـ.ـنتيها، و جلس "عبد الجبـ.ـار" كعادته بجانب السائق، يتابعهم عبر المرآة بأعين كعيون الصقر..
لم تبالي "سلسبيل" لنظرات "بخيتة" الحارقة و كلمـ.ـا.تها السامة التي تلقيها على أذنها من حين لآخر،حتي وصل بها الأمر أن تلكمها بعنف بكوعها مرات متتالية ببطنها من شـ.ـدة غـ.ـيظها منها، و لكن بنفس الوقت كانت سعيدة بقدومها معاهم، و بداخلها تنوي أن تزوجها لابنها رغمًا عن أنف "خضرا" ..
كانت "سلسبيل" مستندة برأسها على نافذة السيارة التي تحركت بهم للتو، نظرت للطريق بشرود تتذكر عنـ.ـد.ما أخذها والدها من عائلة والدتها بعد وفاتها و هي لم تتم عامها السابع بعد، و أتى بها إلى زوجته التي أذاقتها معه كل أنواع العـ.ـذ.اب، و كانت وراء زيجتها السيئة و هي طفلة بعمر الرابعة عشر..
وبالرغم لكل ما حدث لها على يد والدها، إلا أنها تريد أن تودعه قبل أن تغارد البلد، أطلقت زفرة نزقة من صدرها، و نظرت تجاه "عبد الجبـ.ـار" و تنحنحت بحرج و هي تقول..
"لو سمحت يا أبو فاطمة!!"..
زمجرت "بخيتة" بشراسة، و لكمتها بكوعها بقوة مرددة..
"كك خابط اسمه سيدك عبد الچبـ.ـار"..
"وبعدهالك عاد يا أمه.. مش أكده أمال".. قالها "عبد الجبـ.ـار" و هو ينظر لهما من فوق كتفه، و تابع موجهه حديثه ل"سلسبيل " التي ترقرقت بعينيها العبرات..
" كملي حديتك"..
ابتلعت لعابها بصعوبة، و قد ظهر الخـ.ـو.ف على ملامحها الحزينة، و همست بصوت مرتجف..
"عايزة أسلم على أبوي قبل ما نطلع من البلد"..
" أصيلة يا خيتي".. نطقت بها "خضرا" و هي تمد يدها و تربت على كتفها بحنو، لتشهق" بخيتة" بقوة و ترمقها بنظرة حادة مدmدmة..
" اممم أصيلة.. دي كهينة و مية من تحت تبن يا عبد الچبـ.ـار أسألني أني"..
ساد الصمت لدقائق قطعه عبد الجبـ.ـار بصوته الصارم قائلاً..
" قناوي بيكون فى غيطه دلوجيت مش أكده؟"..
حركت "سلسبيل" رأسها له بالايجاب سريعًا رغم أنه لم يكن ينظر لها، لمحها في المرآة و قد رسمت ابتسامة باهته على محياها المرتعدة، و عينيها تنظر له بامتنان و انبهار بشخصيته القوية..
"فوت على أرض قناوي فى طرقنا يا حسان"..
" حسان" بطاعة.. " أمرك يا كَبير "..
مرت دقائق قليلة و توقفت السيارة على جانب الطريق الخارجي المؤدي للأراضي الزراعية..
"سلمي عليه و ترچعي طوالي.. متعوجيش"..
قالها "عبد الجبـ.ـار" دون أن ينظر لها..
"حاضر.. أنا مش هتأخر والله.. بس متسبونيش و تمشوا ونبي".. أردفت بها "سلسبيل" بصوت تحشرج بالبكاء، و هي تتنقل بنظرها بين "خضرا" و زوجها..
"خضرا" بابتسامة حنونة.. "اطمني يا بتي هترچعي تلاقينا مستنيك أهنة"..
فتحت" سلسبيل" الباب بيد مرتعشة، و خرجت من السيارة على مضض، و هي تستجديهم بنظرتها المذعورة أن لا يتركوها.. نظرتها هذه جعلت" عبد الجبـ.ـار" ينفخ بضيق، و تحدث بنفاذ صبر قائلاً..
" روح معاها يا حسان و عاود بيها، و أوعاك قناوي يمسها بسوء.. هو خابر زين أنها في حمايتي"
انصاع" حسان" لحديثه على الفور، و غادر السيارة، و سار برقفة "سلسبيل" التي تخطو بخطي غير ثابتة بسبب أرتجاف بدنها الملحوظ أثر خـ.ـو.فها..
ساروا مسافة ليست بقليلة حتي رأت والدها ممسك بالفأس و منشغل بعمله في الزراعة..أخذت نفس عميق تملئ رئتيها بالهواء بعدmا شعرت بأنفاسها تتلاشي، و نبضات قلبها تتباطئ..
"أبوي".. قالتها و هي تقترب منه بحذر، و تفرك يديها ببعضهما بتـ.ـو.تر..
توقف "قناوي" عما يفعله عنـ.ـد.ما وصل صوتها لأذنه، استدار ينظر تجاه مصدر الصوت بوجهه مكفر اشتعل بالغضب فور رؤيتها برفقة الغفير الخاص ب "عبد الجبـ.ـار" ، و قد ظن أنها أخطأت بحقهم فأرسالها له مرة أخرى..
" هببتي أيه تاني يا بت المركوب".. نطق بها و هو يهجم عليها دون سابق إنظار، و أمسكها من حجابها و بدأ يكيل لها الصفعات مرددًا..
"غلطتي في الحاچة المرادي و لا في البيه الكبير نفسه.. انطقي لأدفنك مكانك"..
هرول تجاهه "حسان" و حاول دفعه عنها و هو يقول بذهول..
"وه وه وه أيه اللي بتهاببه ده يا راچل يا مخبول أنت.. بعد عنِها دي في حماية عبد الچبـ.ـار بيه"..
كان "قناوي" قابض على شعرها من فوق الحجاب بقبضة من حديد جعلت" حسان" يفشل في أبعاده عنها، و يده الأخري تهبط على وجنتيها الناعمة بصفعات أدmت شفتيها و أنفها، و مع كل هذا كانت "سلسبيل" لا تبكي، و لا حتي تُدافع عن نفسها، تركته يصب جم غضبه عليها كعادته،
ركض "حسان" عائدًا تجاه سيارة رب عمله، و هو يصـ.ـر.خ بصوت جوهري..
"ألحق يا عبد الچبـ.ـار بيه.. قناوي هيمـ.ـو.ت بته في يده"...
"يا مُري.. الحقها يا أخوي من يد الراچل المفتري ده
أحب على يدك".. صرخت بها "خضرا" و هي تضـ.ـر.ب على صدرها حين وصل سمعها صرخات "حسان" المستغيثة من بعيد..
صك "عبد الجبـ.ـار" على أسنانه بقوة كاد أن يهشمه، و غادر السيارة بثبات و هدوء رغم الضجيج الثائر بداخله، رفع عبائته على كتفه و سار بخطوات واسعة، و ملامح غاضبة لا تبشر بالخير أبدًا..
"بعد يدك عنِها!!!"..
قالها بصوت جوهري قبل أن يصل لهما، و لكن لم ينتبه له "قناوي" بعد، مما دفع هذا الغاضب لمد يده داخل جيب جلبابه، و أشهر سلاحه المُرخص، و أطلق عيار بالهواء يصم الأذان..
انتفض "قناوي" قفزًا بمكانه حين رأي "عبد الجبـ.ـار" يقترب عليه مهرولاً، كان القلق واضحًا عليه لمرآي تعابير وجهه الغضوب، و تحول القلق إلى خـ.ـو.ف حين وجده يستعد للهجوم عليه فدفع ابـ.ـنته من يده بعنف أسقطها على الأرض الغارقة بمياه الري..
هنا صرخت "سلسبيل" عنـ.ـد.ما انحصرت العباية و كشفت عن ساقيها أمام أعين "عبد الجبـ.ـار" الذي لجمته الصدmة و تقطعت نياط قلبه حين لمح أثار حروق متناثرة بطول قدmيها منهم القديم، و منهم الحديث، و أيضًا أصبح مذهولاً لعدm أرتدائها شيئًا أسفل ملابسها، لكنه انتبه حين أسرعت هي بستر نفسها أن هذه العباية تكن لزوجته، و أدرك حينها بعقله الواعي أنها بالتأكيد تركت جميع ثيابها عن قصد..
حينها قام بخلع عباءته من حول كتفيه، و ألقاها عليها بغمضة عين كساها بها،
"يا مُرحب يا كبير"..
قالها "قناوي" و هو يبتعد عنه للخلف بخـ.ـو.ف ظاهر على ملامحه القاسية مكملاً..
"خير يا كبير عملت أيه تاني بت الفرطوس!!"..
قطع حديثه حين قبض "عبد الجبـ.ـار" على عنقه بعنف، و تحدث بغضب عارم قائلاً..
"أنت صنفك اييييه يا ابن ال *** علشان تعمل في بتك اللي من لحمك ودmك أكده!!!!! "..
أنتهي جملته و سدد له ضـ.ـر.به عنيفه بجبهته جعلت "قناوي" يصـ.ـر.خ متألمًا..
"أبوي"..صرخت بها" سلسبيل " وهي تنهض من مكانها بصعوبة، و هرولت تجاه "عبد الجبـ.ـار" تمسكت بذراعه بكلتا يدها تحاول ابعاده عن "قناوي" و هي تقول بتوسل..
" خلاص يا سي عبد الجبـ.ـار سيبه الله يخليك"..
لم تتزحزح يد "عبد الجبـ.ـار" عنه، و ظل قابض على عنقه، و من ثم مال على وجهه و نظر بعينيه و هو يقول بصوت أجش..
"بتك چاية لحد عندِك تسلم عليك قبل ما تسافر بعد كل عمايلك المقندلة فيها.. تقوم تُضـ.ـر.بها تاني حتي بعد ما قولتلك أنها بقت في حمايتي!!!! "..
فور إنتهاء حديثه سدد له ضـ.ـر.بة أقوى جعلت أنفه تنفجر منها الدmاء..
"أبوس أيدك سيبه يا عبد الجبـ.ـار".. همست بها بتقطع من بين شهقاتها الحادة، و هي تقف على أطراف أصابعها وتمسك كف يده الضخمة بيدها الصغيرة، و تبعد أصابعه عن عنق والدها حتي خلصته من بين قبضته الفولاذية..
"يله مشي قدامي من أهنة قبل ما أرتكب چناية انهاردة"
..قالها "عبد الجبـ.ـار" و هو يلقي عباءته على كتفه مرة تانية بعدmا سقطت من "سلسبيل" فلتقطها "حسان"، اعطها له..
أنصاعت "سلسبيل" لحديثه على الفور و سارت أمامه بخطوات متعبه، و عينيها تطلع لوالدها بنظرات وداع، فهي على يقين أنها لن تعود له ثانيةً مهما حدث..
"مع السلامة يا أبوي"..قالتها بغصة يملؤها الآسي، و كم تمنت أن تستمع منه و لو كلمة واحده يطيب خاطرها بها إلا أنه خيب ظنها به كالعادة حين قال بنبرة محذرة..
"إياكِ يوصلني شكوة واحدة منِك.. يوصلني خبرك و لا يقولولي كلمة بتك قليلة الرباية دي مرة تانية يا سلسبيل.. فاهمة يا واكلة ناسك"..
" أتمنى يا أبوي.. أتمنى يجيلك خبري ساعتها أنا اللي هرتاح".. غمغمت بها و هي تسير بجوار "عبد الجبـ.ـار" الذي أطبق عينيه بقوة بعد جملتها هذه الذي اعتصرت قلبه..
" جبر يلم العفش".. قالها" عبد الجبـ.ـار " و هو يلقي نظرة أشمئزاز أخيره على" قناوي"..
بينما" سلسبيل" شهقت بصوت خافت حين شعرت بيد"عبد الجبـ.ـار" تضع حولها عباءته، و يتحدث بصوته الصلب بنبرة أمره..
" متقلعهاش واصل"..
أمسكت طرفيها تضمهم عليها بيدها بصمت، فعباءتها كانت ملطخة بالوحل و المياه التي جعلتها لاصقة بجسدها..ظلت خافضة رأسها لم تستطيع النظر له من شـ.ـدة خجلها،
حتى وصلوا للسيارة مرة أخرى و همت هي بالصعود لكنه اقافها حين قال..
"فاطمة هاتي خيتك و اقعدي چار چدتك"..
عملت من جملته هذه انه كان يري ما تفعله والدته بها منذ صعودهم السيارة،ضيقت "بخيتة" عينيها و رمقته بنظره مغتاظة، بينما تراقص قلب "سلسبيل" بفرحة غامرة من أهتمامه هذا الجديد عليها كليًا، و الأكثر من عبق رائحته التي تملئ عباءته، حواطتها و داعبت حواسها..
"تعالي يا خيتي جلبي عليكي ".. قالتها" خضرا" و هي تفتح ذراعيها لها، ارتمت "سلسبيل" داخل حـ.ـضـ.ـنها عالقة عينيها بتعب، فهي و النوم على وفاق حينما يأتي توقيت الهرب، لأول مره منذ سنوات طويلة تغرق بنومٍ أمن بعدmا انطلقت بهم السيارة أخيرًا مغادرة البلد..
مرت ساعات ظلت" سلسبيل " نائمة خلالهم تصارع كوابيسها الدائمة التي جعلتها تصرخ بفزع فجأة أكثر من مرة ، حتي شعرت بيد حنونه تربت على وجنتيها الظاهر عليهما أثار صفعات والدها..
"أصحى يا حبيبتي"..
رمشت بأهدابها أكثر من مرة، و نظرت حولها لم تجد سوي "خضرا"، و السيارة فارغة، ببنما" عبد الجبـ.ـار" يقف خارج السيارة ينتظر خروجهما..
"إحنا وصلنا مصر يا أبلة خضرا!!!"..
ابتسمت لها "خصرا" مغمغمة.. "أيوه الحمد على السلامة.. نورتي مصر يا ست البـ.ـنته"..
" الله يسلمك يارب".. نطقت بها "سلسبيل" بسعادة بالغة و هي تستند عليها و تغادر السيارة بخطي مترنجحة قليلاً أثر انفعالتها المتضاربة..
"ما تهمي يا حُرمة منك ليها علشان تچهزولنا الوكل"..
كان هذا صوت" بخيتة" الغاضب الواقفة بالشرفة التي تطل على حديقة المنزل الواسعة..
"همليهم يرتاحوا لول، و الوكل چاي في الطريق يا أمة..متشليش هم واصل"..
قالها "عبد الجبـ.ـار" و هو يتجه لسيارة أخري كانت مغطاه بحديقة المنزل، و يقوم برفع الغطاء من عليها، و استقل مقعد السائق مكملاً..
" هوصل للشركة اطمن على الشغل"..
"متتأخرش علينا يا أخوي..هنستناك على الوكل"..
أردفت بها" خضرا "بنبرة راجية، و هي تتنقل بنظرها بينه و بين والدته التي ترمقهم بنظرات ثاقبة..
"متقلقيش هعاود طوالي".. قالها وهو يتحرك بالسيارة لخارج المنزل..
هنا ابتسمت "بخيتة" ابتسامة خبيثة، و تحدثت بأمر قائلة..
" خضرا شهلي و نضفي البيت الا التراب ياما.. حركي جتتك اللي شايلة لحم دي"..
صمتت لوهلة و تابعت بجحود قائلة..
"عارفة تتخني و تشيلي لحم زي البهيمة اللي بنعلفوها للضحية، و منتيش عارفة تشيلي حته عيل يشيل أسم ولدي"..
جملة أصابت "خضرا" بمقــ,تــل، جعلتها تسمرت محلها تحملق فيها بأعين تحجرت بها العبرات، و قد شعرت أن الدنيا تدور من حولها، و سقطت فجأة مرتطمة بالأرض الصلبة مغشيًا عليها ..
" أبلة خضراااااا".
↚تطاير الغبـ.ـار عقب انطـ.ـلا.ق سيارة "عبد الجبـ.ـار" عاكسًا غضبه عليها، بعدmا هاتفته ابـ.ـنته الكبري لتخبره ببكاء أن والدتها فقدت وعيها و لم يستطيع أحد أفاقتها، كان قد وصل للتو لمقر شركته، و قبل أن يخطو لمكتبه الزجاجي الفخم، أتاه هذا الإتصال الذي أسقط قلبه أرضًا فهرول عائدًا لسيارته و قاد بها بأقصى سرعة..
نجا من حادث سير بأعجوبة بعدmا تمكن من السيطرة على المقود، و أخيرًا صف السيارة أمام باب منزله و قفز منها حين لمح "سلسبيل" جاثية على ركبتيها بجوار "خضرا" الملقاه أرضًا تحاول أفاقتها..
"خضراااا"
قالها و هو يقطع المسافة الفاصلة بينهما راكضًا، و مال على زوجته يتفحصها بلهفة مرددًا بفزع..
"أيه اللي حُصل!!! "..
زمجر بشراسة مكملاً و هو يتنقل بنطره بين "سلسبيل" و "بخيتة" التي هبطت الدرج، و تقترب عليهم مستندة على عصاها الخشبية،
"مالها مَرتي يا أمه"..
"مخبراش يا ولدي.. هي وقعت لحالها أكده"..
نطقت بها "بخيتة" ببراءه مصطنعة، و من ثم تابعت بشهقة و هي تراه يستعد لحملها..
"يا مُري أنت هتلفحها كيف بچيتتها المفشولة دي.. تقطم ضهرك يا ولدي"..
"و بعدهلك عاد يا أمه".. قالها بغضب، و هو يضع يد حول خصر زوجته، و يده الأخرى أسفل ركبتيها و حملها على ذراعيه بمنتهي الخفة، كأنها لم تزن شيئًا أمام نظرات "سلسبيل" المنذهلة،
فتحت فمها ببلاهة عنـ.ـد.ما رأته يستقيم بها واقفًا، و سار بخطوات ثابتة لداخل المنزل، لم يضعها على أقرب اريكة كما ظنوا، بل اتجه لغرفتهما الخاصة بالطابق الثاني،
"عيني عليك يا ولدي و على حمولتك التقيلة"..
أردفت بها "بخيتة" و هي تصعد خلفهما، و خلفها"سلسبيل" التي تعض على شفتيها بغـ.ـيظ منها مرددة بصوت خفيض..
"حـ.ـر.ام عليكي يا وليه بقي.. بطلي كلامك اللي زي السم دا يا شيخة"..
"شخشخت ركبك يا عفشه يا بت المركوب"..
قالتها و هي تلتفت لها، و ترفع عكازها تنوي ضـ.ـر.بها به كعادتها إلا أن" سلسبيل" فرت راكضة حتي تخطتها و احتمت ب "عبد الجبـ.ـار" صارخة..
"حوشها عني ونبي يا سي عبد الجبـ.ـار"..
"كفياكِ يا ااااااامه".. قالها و هو يضع زوجته على الفراش بتمهلٍ، و جلس بجوارها محتضن وجهها بين كفيه، يربت على وجنتيها برفق مغمغمًا..
"خضرا.. فوقي يا غالية.. أني سيبك زينة.. أيه اللي چرالك"..
كانت "سلسبيل " تطلع لهما بابتسامة حالمة، معاملته لزوجته راقتها كثيرًا، أطبقت جفنيها بعنف حين داهمتها إحدي ذكراها البشعة برفقة زوجها القاسي الذي كان إذا رآها مُتعبة زاد تعبها و ألامها بقسوته، و يده التي لم تري منها سوي الصفعات..
" أمه مالها يا بوي!! ".. كان هذا صوت" فاطمة" ابـ.ـنته التي تحتضن شقيقتها الصغري، و يبكيان بنحيب، فقتربت منهما "سلسبيل" و ضمتهما لها، و بدأت تبكي هي الأخرى..
أنتصب "عبد الجبـ.ـار" واقفًا و أسرع نحو طاولة الزينة أخذ زجاجة عطر من عليها نثر منها على باطن يده بغزارة و عاد مرة أخرى بجوار زوجته و هو يقول..
"متبكيش يا فاطمة ..بطلي بُكي يا حياة..خدي خيتك يا فاطمة و روحوا على أوضتكم، و أمكم هتفوق و هتبقي زينة دلوجيت "..
انصاعت الفتاة لحديث والدها في الحال، و ظلت "سلسبيل" واقفة مكانها تتابع هذا الرجل الذي لم تري في حياتها مثل رجولته من قبل..
"عبد الچبـ.ـار".. همست بها "خضرا" و هي تجاهد لفتح عينيها..
" أني أهنه يا غالية.. فوقي متخلعيش جلبي عليكي"..
قالها و هو يميل على جبهتها، و يلثمها بقبلة مطولة مكملاً..
"فتحي عيونك يا خضرا خلي الروح ترد فيا عاد"..
انبلجت ابتسامة على ملامح" سلسبيل " الباكية، رغم شعور الحسرة الذي ينهش قلبها على حالها، و ما مرت و ما زالت تمر به..
بينما "خضرا" استعادة وعيها بعدmا شعرت بلهفة ، و لمسات زوجها الحانية، و عبقه الذي يغمرها، و ذراعيه التي تحاوطها بحماية..
"عبد الچبـ.ـار ".. قالتها هذه المرة بتقطع من بين شهقاتها بعدmا انفجرت باكية ببكاء مرير و هي تتذكر كلمـ.ـا.ت "بخيتة" التي جـ.ـر.حت قلبها بسكينٍ بـ.ـارد..
لم يفكر "عبد الجبـ.ـار" مرتين و هو يخـ.ـطـ.ـفها داخل صدره بعناق محموم أمام الجميع، خاصةً "بخيتة" التي جحظت عينيها، و لوة فمها للجانبين أكثر من مرة مرددة بغضب..
"اتحشم في وچودي يا ولد"..
"وه.. اتحشم ليه يا أمه.. أني في أوضة نومي، و دي مَراتي!!!!"..
أردف بها ببرود، و هو يربت على ظهر زوجته صعودًا و هبوطًا،
رمقته "بخيتة" بنظرة حارقة، و غادرت الغرفة بأكملها و هي تسب و تلعن بسرها،
شعرت "سلسبيل" بالحرج، فتنحنحت و هي تسير بخطي مسرعة نحو باب الغرفة أمسكته تسحبه خلفها و هي تقول..
"احححم.. سلامتك يا أبلة خضرا"..
"تسلمي من كل رضي يا خيتي"..
قالتها" خضرا " و هي تبتعد بخجل عن أحضان زوجها الذي أبي تركها، بل أنه جذابها عليه، و رفعها قليلاً أجلسها على قدmيه، و قام بلف ذراعيها حول عنقه مستندًا بجبهته على جبهتها و هو يقول..
"قوليلي مين زعل ست الناس"..
قبل أرنبة أنفها، و وجنتيها قبلات متفرقة جعلت أنفاسها تتلاحق، و تابع مستفسرًا..
"أنتي متغميش أكده إلا لو حاچة واعرة زعلتك"..
كان هذا المشهد الحميمي تراه "سلسبيل" التي لم تغلق باب الغرفة بالكامل، تيبست محلها كمن فقدت الحركة تتابعهما بدهشة و عدm تصديق لما تراه، و كأنها أمام إحدي أجمل، و أروع الأفلام الرومانسية على الإطـ.ـلا.ق..
"هزعل كيف و أنا مَراتك يا عبد الچبـ.ـار.. يكفيني شوفتك يا أخوي اللي بتشفي جلبي حتي لو فيه مـ.ـيـ.ـت شق"..
همست بها "خضرا" و هي تطلع لعينيه بنظرة يملؤها الحب، و العبرات معًا،
أهداها "عبد الجبـ.ـار" ابتسامته النادرة قبل أن يميل عليها بوجهه ويلتقط شفتيها بين شفتيه بقبلة شغوفه و هو يميل بها على الفراش ليعالج جروحات قلبها بطريقته الخاصة..
كتمت" سلسبيل " شهقة قوية، و أغلقت الباب بمنتهي الحرص و فرت راكضة من أمام الغرفة، دلفت لداخل حمام كان بابه مفتوح، اغلقته خلفها مستنده عليه بظهرها، و وضعت يدها على قلبها لعلها تهدأ من عنف دقاته محدثة نفسها بذهول..
"معقول دا يبقي أخوك يا عبد الرحيم!!!!"..
............................................... لا حول ولا قوة الا بالله 💐...
بعد حوالي ساعتين.. جلس الجميع حول مائدة الطعام بأمر من الذي يرأسها "عبد الجبـ.ـار" بعدmا كانت "بخيتة" تعترض على جلوس "سلسبيل" معاهم، كانت ملامحه عابسة بشـ.ـدة، نظره مصوب تجاه والدته التي تأكل بشراهه غير مبالية لنظراته..
انتظر حتي فرغت من طعامها، و همت بالقيام، إلا أنه أجلسها ثانيةً حين قال بصوت أجش..
" أمه.. يفرقلك زعلي يا أمه؟ "..
تطلعت له "بخيتة" بلهفة و هي تقول..
"و لا زعل حد واصل يفرقلي غيرك يا ولدي"..
"يبقي متزعليش مَراتي"..قالها بنبرة راجية، و صمت لبرهةٍ و تابع بهدوء..
"اللي يزعل خضرا.. كأنه زعلني تمام ،و أنتي خابرة زين أن زعلي واعر قوي يا أمه"..
كانت" سلسبيل " تتابع حديثهم بقلب يتمزق، دون إرادتها تقارن أفعال زوجها الحمقاء معاها، كان لا يشغله زعلها و قهرة قلبها من أفعال والدته، بل كان يشجعها على اهانتها، و يضـ.ـر.بُها سويًا،لم يدافع عنها و لو لمرة واحدة طيلة فترة زواجهما،
" حاضر يا ولدي.. اللي رايده هو اللي هيُحصل"..
نطقت بها "بخيتة" من أسفل أسنانها، و هي ترمق "خضرا" بنظرات كالسهام القـ.ـا.تلة..
تنهد "عبد الجبـ.ـار" براحة مغمغمًا..
"و سلسبيل يا أمه؟! "..
هنا تهللت أسارير تلك الحزينة بفرحة غامرة، و رفعت رأسها تنظر له بابتسامة ممتنة، لكنها تلاشت سريعًا حين ثارت"بخيتة" بصوت غاضب قائلة..
" ملكش صالح بهبابة.. لما تبجي مَراتك تبجي تتحدد، و تدافع عنِها..غير أكده ملكش صالح بيناتنا"..
هب "عبد الجبـ.ـار " واقفًا، و تحدث بنفاذ صبر قبل أن يسير من أمامهم..
"أني مشاغلي ياما يعني معوزش وچع دmاغ، و لا فاضي لحديت الحريم الماسخ ده يا أمه"..
"خليك بمشاغلك يا ولدي.. و متشيلش هم من چهتنا واصل"..
أردفت بها" بخيتة " بابتسامة مصطنعة، و هي تتنقل بنظرها بين "خضرا، سلسبيل".. كانت نظرتها الخبيثة كفيلة بسحب الدmاء من عروقهما..
...........................................صلِ على الحبيب 💐.....
مر أسبوع على وجود "سلسبيل" بمنزل "عبد الجبـ.ـار" شعرت خلاله بالأمان الذي غاب عنها له سنوات، عرفت معني الراحة و السكينة التي حُرمت منها، أصبحت مقبلة على الحياة بعدmا كانت تبغضها، و تتمني المـ.ـو.ت لعله يكون رحيم بها عن ما تعيشه من عـ.ـذ.اب على يد والدها، و حمـ.ـا.تها شـ.ـديدة الطباع،
كانت "بخيتة " هادئة تلك الفترة حتي لا تغضب ابنها منها بعد ما فعلته بزوجته، هدوءها هذا تحفظه "سلسبيل" عن ظهر قلب، تعلم جيدًا أنها الآن كالنيران أسفل الرماد، و لن يدوم صمتها هذا طويلاً، و ستعود كما كانت و أكثر،
لم يشغلها ما تنوي عليه "بخيتة" معاها، كل ما يشغلها حاليًا هذا العملاق، صاحب الملامح الغاضبة دومًا، صوته الأجش، هيبته التي ترتجف منها الأبدان، عينيه الثاقبه، نبرته الحادة، و مع كل هذا يمتلك قلب طفل حنون يغمر زوجته حُب صادق لم تري مثله بحياتها من قبل،
كل ثانية تلمح طيفه بها يزداد عشقه بقلبها المُتيم به أضعاف مضاعفة فوق عمرها، تلجم نفسها بصعوبة بالغة عنه، عينيها التي ترمقه بنظرات هائمة بين حين وآخر، و هو حتي لم يرمقها بنطرة خاطفة،يتجاهلها عن قصد، و إن أراد أن يصل لها أي شيء يكون عن طريق زوجته "خضرا"..
"قومي قامت قيامتك".. هكذا أستيقظت "سلسبيل" على صوت "بخيتة" التي تنغزها بعكازها بعدmا سحبت من عليها الغطاء و ألقته أرضًا، و تابعت بأمر..
"قومي نضفي الدوار، و چهزي الوكل قبل ما سيد الدار يقوم"..
تأوهت "سلسبيل" بألم و هي تنظر تجاه النافذة فوجدت الليل مازال يخيم، و لم تشرق الشمس بعد..
"بتصحيني و الشمس لسه مطلعتش حتي!!!! "..
لكمتها "بخيتة" لكمة قوية مدmدmة..
"ليكي سبوع واكله.. شاربة.. نايمة.. أيه نسيتي أصلك ولا فاكرها وكل و مرعي وقلة صانعة.. قومي همي وراكِ شغل ياما"..
تحاملت "سلسبيل" على نفسها، و غادرت الفراش بتكاسل، لتدفعها "بخيتة" خارج الغرفة بعكازها، شهقت" سلسبيل " حين وقعت عينيها على المنزل الذي انقلب أثاثه رأسًا على عقب، و المياة تغرق السجاد الموضوع فوق بعضه..
قامت" بخيتة " بمسك زجاجة من سائل التنظيف، و سكبتها فوق السجاد، و القت لها فرشاة و تمتمت بجحود..
"همي اشتغلي بالقمتك"..
↚في تمام الساعة السابعة صدح صوت رنين الهاتف أزعج "عبد الجبـ.ـار" الذي لم يُنعم بالنوم و لو للحظات قليلة، طيلة الليل يجلس على فراشة بجوار زوجته التي تغص بنومٍ عميق، شارد الذهن لم يتوقف عقله عن التفكير بتلك ال "سلسبيل" ..
هو رجل تزوج زواج تقليدي منذ ما يقرب الأثني عشر عام، كان وقتها شاب صغير ببداية العشرينات، منهمك بالعمل مع والده، و لا يشغله شيئًا أخر سواه، حتي تزوج "خضرا" التي كانت فتاة بعمر الزهور، صاحبة الخامسة عشر عام، لكنها كانت و مازالت نعمة الزوجة الصالحة رغم صغر سنها،
يعترف لها و لنفسه أن قلبه يكن لها كل حُب، تقدير، إحترام، و لكن للأسف الشـ.ـديد هو مثل باقي جنسه يمكن أن يتسع قلبه لأكثر من أثني في وقتٍ واحد، أما المرأه لا و لن يمتلك قلبها إلا رجل وحيد، يكن هو الحياة بالنسبة لها..
ولهذا يمكن أن نقول صُرح للرجـ.ـال بتعدد الزوجات، و بعدmا استطاعت تلك الصغيرة بنظرتها الحزينة التسلل لداخله حتي لمست أوتار شـ.ـديدة الحساسية بأعماق قلبه، كل نظرة ترمقه بها كان يرها جيدًا برغم عدm اللامبالاة التي تحتل قمساته الصارمة،فهو بـ.ـارع في إخفاء مشاعره إلى حدٍ كبير..
شروده بها و بأدق تفاصيلها جعله غير منتبه لتلك الضوضاء التي فعلتها "بخيتة" منذ بكرة الصباح، فاق من شروده على صوت هاتفه الذي صدح صوته مرارًا و تكرارًا..
تأفف بضيق عنـ.ـد.ما لمح اسم المتصل، و ضغط زر الفتح مغمغمًا..
"رايد أيه يا قناوي على الصبح!!! "..
ضحك الأخر بسماجة و هو يجيبه قائلاً بفرحة ملئت صوته..
"كل خير يا كبير.. أني بستأذنك اچي بكرة أخد بتي و أعاود على الصعيد"..
ارتجف هذا الخفاق بين ضلوعه فور سماعه جملته، و قد توقع السبب وراء فرحته هذه، لكنه تحدث بهدوء رغم الضجيج الذي بداخله..
" في حاچة حُصلت و لا أيه!"..
"أيوه.. سلسبيل متقدm ليها أبو شاهين بيه، و أني وافجت، و هاچي أخدها لأجل ما تچهز لكتب كتابها"..
هكذا أجابه بمنتهي البساطة غير عابئ لذلك الغاضب الذي أوشك على الانفجار فيه و سبه بأفظع الألفاظ..
كور قبضة يده بقوة، و كم تمني لو يكون أمامه الآن لكان لقنه درسًا قاسيًا لن ينساه بحياته، و لكن عوضًا عن ذلك رسم ابتسامة زائفة على محياه الغاضبة مدmدmًا..
" اممم.. أبو شاهين اللي أكبر منِك رايد يتچوز
بتك، و أنت اللي وافقت عليه!!!! .. وماله يا قناوي.. أني مستنيك بكرة إن شاء المولى"..
قالها و أغلق الهاتف بوجهه دون انتظار رد منه، اصطك على أسنانه بغـ.ـيظ محدثًا نفسه بصوت خفيض..
"شكل مـ.ـو.تك هيكون على يدي يا قناوي يا وش الخراب أنت"..
"أني سمعت صُح.. أبو شاهين تاچر السلاح اللي في بلدنا طلب يد سلسبيل يا عبد الچبـ.ـار!!!! "..
أردفت بها" خضرا" بذهول و هي ترمش بأهدابها، و تعتدل جالسة بجواره..
"أيوه يا خضرا.. سمعتي صُح".. قالها ببرود يُحسد عليه، و غادر الفراش متجه نحو الخزانة جلب منها ثياب له، و تابع بهدوء أدهش زوجته..
" أكده مبقاش ليها قعاد اهنه"..
شهقت " خضرا " بخفوت و ضـ.ـر.بت على صدرها بكف يدها متمتمة.. "هتكرشها من بيتك بعد ما قولت أنها بقت في حمايتك ؟! "..
" چري أيه يا خضرا.. لساكِ غريبة عن رچلك و لا أيه.. من مِتي و عبد الچبـ.ـار المنياوي يدير ظهره لمخلوق طلب حمايته".. هدر بها بصوت هادئ لكنه لم يخفي غضبه المشحون..
هرولت "خضرا" تجاهه حتي اقتربت منه ووقفت أمامه مباشرةً، و مالت على صدره قبلته بحب متمتمة بنبرة راجية..
" حقك عليا يا خوي.. مقصدش أظن فيك ظن عفش والله.. أني قصدي استفهم منِك"..
أخذ" عبد الجبـ.ـار " نفس عميق زفره على مهلٍ و هو يقول..
"هفهمك قصدي يا أم فاطمة..مش قولتلك أني وصلت لعنوان أهل أمها؟ "..
"صُح يا خوي قولتلي.. بس أني مچبتش سيرة لسلسبيل واصل لتظن أني بقولها أكده لأجل ما تمشي من عنِدنا.. قولت اسيبها لما تسألني لحالها مرة تانية"..
أردفت بها بطيبة تشع من عينيها، تطلع "عبد الجبـ.ـار" لها مدهوشًا، امرأة غيرها كانت لم تسمح لمكوث غريمتها ليلة واحدة بمنزلها، لكن حبها له و الذي يفوق حبه لأضعاف جعلها تفضله هو على نفسها..
لتبهره هي بطيبتها أكثر حين تابعت بصوت تحشرج بالبكاء قائلة..
" البـ.ـنتة وچعة جلبي عليها قوي.. لساتها عود أخضر على الغُلب ده كله"..
صمتت لبرهةٍ و أكملت بنبرة مرتجفة..
"أني خابرة زين أن ربنا مريدش ليِ الخلفة مرة تانية.. و بقولك بنفس راضية اعقد على سلسبيل يا عبد الچبـ.ـار و ربنا يرزقك منِها بالولد اللي بيتمناه جلبك يا خوي"..
حاوطها" عبد الجبـ.ـار " بذراعه مقربه له، و مال على جبهتها لثمها بقبلة مطوله و هو يقول..
" قولتها كلمة و مش هعيدها يا خضرا.. أني مش هتچوز عليكي.. أنتي متستهليش مني أكده أبدًا يا غالية "..
" خضرا" بابتسامة دافئة رغم عينيها التي ترقرقت بها العبرات.. " يچبر خاطرك ربنا، و لا يحرمنيش منِك يا سيد الرچاله كلياتهم"..
"هتسبح أني على ما تچهزي الفطور".. قالها، و هو يدلف لداخل حمام الغرفة، و تابع قبل أن يغلق الباب..
" خبريها أن أبوها چاي بكرة من البلد.. لو سألتك عن سبب مچيته قوليلها مخبراش.. أني هخبرها و لو لقيتها رافضة الروحة معاه وقتها هعطيها حقها في ورث أخوي و هوصلها لأهل أمها تفضل عنديهم "..
" خضرا" بأسف.. " ولو أنها هتقطع بيا.. بس أكده أفضل ليها من أبوها القاسي اللي رايد يچوزها لتاجر سلاح أكبر من چدها"..
أغلق" عبد الجبـ.ـار " الباب، و بدأ يدور حول نفسه كالأسد الحبيس، يشعر بنيران تلتهم قلبه و روحه كلما تخيل أنها من الممكن أن تكون زوجه لرجل غيره،هذا هو العشق تخشى عليه عنـ.ـد.ما تشعر أنه سيذهب بعدmا عثرت عليه أخيرًا .. تتمني أن يظل نوره مشرق وأنت برضا تغرب ...
فما العشق إلا سرًا متى اعترفنا به يُعـ.ـذ.ب...
خلع ملابسه بعنف كاد أن يمزقها، و همس بأسمها بصوته الحارق ذات الحنين المتأوه..
"سلسبيل!!"..
...................صلِ على الحبيب 💐.........
"بخيتة" تلك القاسية، عديمة الرحمة و الإنسانية تجلس على مقعد بمنتصف المنزل مستندة بكلتا يديها على عصاها الخشبية تتابع "سلسبيل" التي تلتقط أنفاسها المتهدجة بصعوبة بالغة أثر المجهود الشاق التي تقوم به،
تناثرت حبيبات العرق على وجهها الشاحب، و قد أغرقت المياه ثيابها بأكملها، بدأ التعب يتمكن من جسدها الهزيل، حتي أصبحت تترنجح بوضوح رغم أنها لم تكن واقفة بل جاثية أرضًا فوق السجاد المبتل..
"يا مُري عليكي يا خيتي".. قالتها "خضرا" التي رأتها وهي تهبط الدرج، فشهقت بقوة و أسرعت بخطواتها نحو "سلسبيل" مالت عليها تجذبها برفق مكملة..
"ليه يابتي تتعبي حالك أكده"...
قطعتها "بخيتة" بخفوت قاسٍ..
"همليها.. ملكيش صالح بيها يا خضرا"..
رمقة "سلسبيل" نظرة محذرة و تابعت بأمر..
"خفي يدك شوي و كفياكِ مرقعة.. لساتك هتچهزي الوكل"..
قالتها "بخيتة" بحدة و هي تضـ.ـر.بها بالعصا بعنف على أخر ظهرها، ضـ.ـر.بة قوية تحملتها" سلسبيل " كعادتها، و لم تبدأي رد فعل، بل ظلت جاثية تتابع ما تفعله بصمت و هدوء مريب..
"أيه اللي بيُحصل ده!!!"..
كان هذا صوت "عبد الجبـ.ـار " الذي صُدm من هول المنظر، و قطع المسافة بينه و بينهم في عدة خطوات حتي توقف بهيبته، و طوله الفارهه أمام تلك الجاثية التي رفعت رأسها و نظرت له بلهفة فشلت في اخفاءها تستجديه كعادتها أن يجبر تلك الكسور التي هشمت ضلوعها..
" أرمي المحروق اللي في يدك ده و جومي يا سلسبيل"..
قالها بنبرة صارمة لا تحمل الجدال،و من ثم نظر ل"بخيتة" و تابع بصوت أجش..
"من مِتي و إحنا بنبهدل بنات الناس عنِدنا أكده يا أمه!!!"..
ضحكت "بخيتة" ضحكة ساخرة و تحدثت بجحود قائلة..
"بنات ناس!!!!"..
رفعت عكازها، و همت ضـ.ـر.بها به للمرة التي لا تعلم عددها، لكن يد "عبد الجبـ.ـار" كانت أسرع، و بعده عن "سلسبيل" التي تستمع لحديثها بملامح جـ.ـا.مدة..
" و هي دي بت ناس.. اللي أبوها چابها لحدِنا متربطة يد في رچل زي الكـ.ـلـ.ـب الچرب تبقي بت ناس!!!!"..
كلمـ.ـا.تها كانت مؤلمة اكثر من ضـ.ـر.بات العصا، نحرت قلبها كالخنجر المسموم على حين غرة، فلم تعد تتحمل أكثر من هذا، صرخت بألم حاد و هي تلقي الفرشاة من يدها بغضب، و تطلعت لها و قد فاض بها الكيل، فتوهجت الجمرتين بعينيها و دون وعي منها انفجرت بنوبة صراخ مقهور مرددة..
" بتعملي فيا كده ليييه.. عملت فيكي اييييه.. أنتي اييييييييييييه مبتخفيش ربنا..حـ.ـر.ام عليكي... حرررررررررام عليكي.. يارب أمـ.ـو.ت و أرتاح منك.. ربنا ياخدني و يريحني منك"..
صرخاتها كانت مفزعه ، تقطع نياط القلوب، فأسرعت "خضرا" بضمها لصدرها لكنها لم تستطيع السيطرة على حركاتها الهستيرية،
خاصةً حين بدأت رتجف بشكل ظاهر، تحول إلى انتفاضات أشبه بالذعر سريعًا ما أرتمت أرضًا و أصبحت تتشنج و تنهش جسدها بأظافرها تاركة عليه جروحات ليست بهينة..
هنا هرول عليها"عبد الجبـ.ـار"، و بلمح البصر كان حملها بمنتهي الخفة من خصرها أجلسها ثانيةً و جثي خلفها على ركبتيه، وحاصرها بين ذراعيه، ظهرها مقابل صدره، يد تمسك يديها بأحكام، و يده الأخرى ضاغطة على قدmيها ببعض القوة حتي شل حركاتها تمامًا، ارتخي جسدها بين يديه، و سقطت رأسها علي صدره تبكي و تأن بضعف أدmي قلبه عليها جعله دون أرادته يزيد من ضمها و لصقها به بشـ.ـدة حتي أختفت بين ضلوعه، و ها قد دق ناقوس الخطر..
↚حابة أقولكم حاجة قبل ما تقروا الحلقة، كل كومنت أو ايموشن بتتفاعلوا بيه أنا بقراه حتي لو مش بقدر أرد عليكم كلكم،،شكراً جداً يا حبايبي على كومنتاتكم الجميله و ريفيوهاتكم اللي بتلمس قلبي و بتحمسني انزلكم الحلقة يوميًا..
اسيبكم مع البـ.ـارت..
الإعتراف بكـ.ـسر قلب في هذا الزمان قوة لا يستهان بها.. بالعادة نجد المبررات الكافية لنتبرأ من تلك الحواف الحادة للذنب، خاصةً إذا صادفنا من بستطاعته جبر هذا القلب، و إنقاذه من الغرق بشتات العالم..
تجمّدت "سلسبيل " بين يديه الضخمة التي تحتويها بحماية و أمان لم تشعر به طيلة حياتها، رغم أنه كان ضغطًا على جسدها الصغير بقوة زادت من ألم عظامها التي لم تشفي بعد من أثار الضـ.ـر.ب المبرح الذي تعرضت له على يد والدها،
بَدت هادئة بالنسبة لهم عنـ.ـد.ما رؤها ساكنة بين ذراعية بلا حراك هكذا، لكنه و للعجب لم يبتعد عنها، لم يفك قيده من حولها، ظل على وضعه هذا محتضنها داخل صدره بشـ.ـدة غير عابئ لنظرات الدهشة على ملامح زوجته التي تتابعه بأعين تحجرت بها العبرات بعدmا رأت لهفته عليها، لمعة عينيه و هو يتطلع لتلك المكومة داخل صدره العريض،
هنا أيقنت أنه يريد "سلسبيل" قلبًا و قالبًا، لكنه يلجم نفسه عنها لخاطرها هي، الأمر لم يظل هادئ هكذا إلا دقائق معدودة، و فجأة جحظت أعين "خضرا" على أخرهم و هي تري مدي تطور حالة "سلسبيل" حتي أصبحت يرثي لها بعدmا قطعت "بخيتة" الصمت مردفة بقسوة..
"بعد عنِها يا عبد الچبـ.ـار بت المحروق دي لتوسـ.ـخ خلاجتك بخلجتها المطينة.. خليها تخلص تنضيف الدار و بعد أكده تغور في داهيه بلا راجعة"..
تفاقم شعوره بالحنق مع استمرار حديثها المثير للأعصاب، تشنجت جميع عضلات جسدة و هو يصيح بصوت عالِ للغاية..
"كفااااايكِ يا أمه!!!!"..
" ليكي حق تعملي فيا أكتر من كده.. ما أنا مليش ضهر و لا سند يجبلي حقي منك"..
همست بها" سلسبيل " و هي تجاهد لألتقاط أنفاسها المتلاحقة، كـ.ـسر قلبها كان ألمه لا يحتمل هذه المرة، جعل نبضاتها تتباطئ، عيناها تشخصان، أزرقت شفتيها،انخفضت درجة حرارة جسدها حتي أصبحت بـ.ـاردة كقطعة الثلج، بينما جسد ذلك العملاق متوهج بنيران بركان قوي أنفجر للتو من داخل قلبه..
" يا مري الحق يا عبد الچبـ.ـار.. دي بينها قطعت النفس"..
صرخت بها "خضرا" و هي تري شحوب "سلسبيل" الذي يزيد و يتدافع،رغم أنها لم تفقد وعيها، إلا أن وضعها ساء لدرجة صدmتهم جميعًا معادا تلك القاسية، و قد ظنو أنها تحتضر..
"لو تهملني عليها يا ولدي.. أنزل علي نفوخها بعكازي أفوقها بيه وقتها هتقوم زي القرد تتنطط تنطيط"..
قالتها" بخيتة " وهي ترفع عصاها، و همت بإنزاله على رأس "سلسبيل" إلا أن يد "عبد الجبـ.ـار" قبضت عليه و جذبه منها لكمه بعنف في الأرض الصلبة حتي هشمه، و من ثم حمل "سلسبيل " بين يديه، واضعًا يد حول خصرها، و الأخرى أسفل ركبتيها، و أنتصب واقفًا بها..
مرت لحظات من الصمت.. إلى أن قال بتجهم بث فيها الكثير من الريبة.. "عبد الجبـ.ـار المنياوي مهيسمحش لمخلوق يهين حد بداره !! "..
أوقفته "خضرا" عن إكمال حديثه، قائلة بشجاعة..
"و خصوصًا اللي هتبجي مَراته!!!!"..
ساد الصمت ثانيةً، تطلع لها "عبد الجبـ.ـار" بصدmة، لتهرول هي تجاهه و تمد يدها أمسكت يد "سلسبيل" التي لم تبدي أي رد فعل، تنظر للفراغ بأعين شبه مغلقة، و كأن روحها غادرت جسدها،..
ربتت عليها بحنو، و رسمت ابتسامة دافئة تخفي بها دmـ.ـو.ع عينيها مكملة..
"أني دلوقتي اللي بترچاك تتچوز" سلسبيل " يا عبدالچبـ.ـار"..
في وقت الضعف نقدm تنازلات تحت تأثير العاطفة، نتخذ قرارات مصيرية بلحظة اندافع، لا نعلم ما يمكن أن يترتب على عواقبها فيما بعد..
..................................... لا حول ولا قوة الا بالله 💐......
بغرفة" سلسبيل "
تجلس" خضرا " بجوارها على الفراش، محتضنه رأسها و تبكي على حالها بنحيب بعدmا رأت جسدها المشوة من عنف الضـ.ـر.بات الدامية التي تعرضت لها،
كانت "سلسبيل" مسطحة لا حول لها ولا قوة أثناء الكشف عليها من قبل طاقم طبي أحضره "عبد الجبـ.ـار" عبر الهاتف،
"جلبي عليكي يا خيتي"..
قالتها و هي تقبل جبهتها، و تمسح على شعرها برفق مكملة..
"متخفيش.. هتبجي زينة يا حبيبتي"..
"أبلة خضرا"..
همست بها "سلسبيل" بصوت مرتجف، لتجيبها "خضرا" على الفور بلهفة.. "أؤمريني يا بتي"..
ظهرت شبة ابتسامة على ملامح" سلسبيل"، و نظرت لها نظرة امتنان بعينيها الذابلة مدmدmة بهمس مُتعب..
"أنا مستحيل أتجوز جوزك و أو.جـ.ـع قلبك.. دا أنتي الوحيدة في الدنيا دي اللي حنيتي عليا و ختيني في حـ.ـضـ.ـنك.. مستحيل أقل بأصلي معاكي"..
إزداد نشيج "خضرا" و أجهشت ببكاء مرير، لتكمل "سلسبيل" ببوادر بكاء..
" أنا بشكرك من جوة قلبي على طيبتك اللي ملقتش زيها في الدنيا القاسية دي بعد مـ.ـو.ت أمي"..
أبتلعت لعابها بصعوبة و تابعت بتنهيدة، و هي تغلق عينيها هاربة من واقعها كالعادة بالنوم..
" أنا هدور على أهل أمي، و همشي من هنا في أقرب وقت"..
أمام باب الغرفة..
يسير" عبد الجبـ.ـار "ذهابًا و إيابًا ينتظر خروج الأطباء من عندها بنفاذ صبر، كاد أن يفقد عقله من شـ.ـدة قلقه عليها، غافلاً عن أعين بخيته التي تتابعه من بعيد بفرحة غامرة محدثة نفسها بإنتصار..
" جولت هچوزك على خضرا بت نفيسة،و صدقت في جولي يا أبن المنياوي"..
بدأت تصفق و تدندن قائلة..
"أتمشي ليه ورايا.. وإيه قصدك معايا
إن كنت عايز تخطبني .. شيّع لي أمك تخطبني
أبويا واعر يضرُبني .. لو عرف الحكاية»
↚انقبض قلب "عبد الجبـ.ـار" حين رأي ملامح الطبيب المتأثرة فور خروجه من غرفة "سلسبيل" برفقة الطاقم الطبي الخاص به، يبدو أن حالتها تُبشر بخطر قادm، يخشي حتي أن يتوقعه فأوهم نفسه أنها لربما تزيد من دلالها حتي ينتبه لها، و يكف عن التظاهر بتبلد مشاعره تجاهها..
غير مدرك أنها لا تفقه أي شيءٍ عن الغنچ، كانت القسوة تحاوطها من كل جانب أنساتها أنوثتها..
تتغلل بداخلها أمور مو.جـ.ـعة، تراكمت بأعماق قلبها يومًا بعد يوم حتي أصبحت قـ.ـا.تله..
وقف أمام الطبيب بملامح صلبه، جـ.ـا.مدة و قد تفنن في إخفاء فزعه، و ارتعاد قلبه عليها، حل الصمت للحظات قبل أن يتحدث الطبيب قائلاً بأسف..
"مخبيش عليك يا عبد الجبـ.ـار بيه الهانم الصغيرة حالتها مطمنش أبدًا!!!"..
ساد الصمت ثانيةً، فقال "عبد الجبـ.ـار" بنفاذ صبر..
"اتحدد طوالي يا دكتُور الله يرضى عنِك"..
"واضح أنها اتعرضت لعنف شـ.ـديد لفترات طويلة أدى لشروخ في معظم ضلوعها، و جروح في جـ.ـسمها كله تقريبًا، و متعلجتش بطريقة صحيحة منهم و دا مسبب لها ألم شـ.ـديد جدًا حاليًا خصوصًا شرخ الضلع دا لو متعلجش صح بيكون ألمه أقوي من ألم الكـ.ـسر"..
صمت لبرهةٍ يلتقط أنفاسه و من ثم تابع..
" كمان لون شفايفها أزرق، بتغيب عن الوعي رغم المحاليل اللي في ايديها، نبضات قلبها بطيئة بدرجة تقلق و دي علامة غير مبشرة على الإطـ.ـلا.ق.. علشان كده الأفضل أنها تتنقل المستشفى حالاً يا عبد الجبـ.ـار بيه"..
حديثه هبط على سمعه كالصاعقة زلزلت كيانه كله دفعه واحدة،أنعقد لسانه و بخاطره يدور ألاف الأسئلة لم يحصل لهم على أي إجابة،
رغم الضجيج و الصراع القوي الذي بداخله، إلا أن ملامحه هادئة، تنحنح بصوتٍ عالٍ كمحاوله منه لإيجاد صوته و هو يقول مستفسرًا..
" هي حالتها خطرة قوي أكده !!!"..
أومأ له الطبيب مردفًا بتحذير..
"و أي تأخير مش هيكون في صالحها.. فاسمحلي أكلم المستشفى تبعتلنا عربية أسعاف"..
كانت "بخيتة" تستمع لحديثهما بترقب، و حين وصل لسمعها الجملة الأخيرة اقتربت منهما و تحدثت بغضب قائلة..
"أسعاف أيه، و مستشفى أيه يا عبد الچبـ.ـار.. قولتلك هي بقالها فترة على أكده.. تتنيها نعسانه يومين و بعدها بتفوق و بتبقي زي القردة"..
" يعني كمان الحالة دي مش أول مرة تحصلها!!"..
أردف بها الطبيب مدهوشًا.. لتجيبه "بخيتة" بلا مبالاه..
"أِيوة.. حُصلت ياما قبل سابق و كنا بنهملها تفوق لحالها"..
نظر الطبيب ل" عبد الجبـ.ـار " الذي ينظر لوالدته بأعين منذهلة، عقله غير قادر على استيعاب أفعالها، و جحود قلبها، تقف بكل بجاحة و تخبرهم أن حالتها الخطيرة تكررت مرات متعددة، و هي على علم أنها سبب أساسي فيما يحدث مع تلك الصغيرة!!!
رباه!!!!..
لقد وصل غضبه لزروته من قسوتها الجبـ.ـارة فنفجر فجأة صائحًا..
"الرررحمة يا أمه أحب على يدك"..
نظر للطبيب، و تابع بأمر..
"أعمل اللي هيكون صالح ليها يا دكتور"..
الطبيب بتـ.ـو.تر من غضبه العارم.. "أمرك يا عبد الجبـ.ـار بيه.. هكلم المستشفى يبعتوا الإسعاف حالاً"..
بينما هرول "عبد الجبـ.ـار" تجاه غرفة "سلسبيل" تحت نظرات "بخيتة" المغتاظة، و طرق على الباب المغلق مرددًا بلهجة هادئة لم تخفي غضبه، و قلقه الظاهر بنبرته الحادة..
" چهزي سلسبيل يا خضرا"..
جملته وصلت لسمع" خضرا " الجالسة بجوار تلك الغائبة عن الدنيا تبكي بصمت على حالها، أسرعت نحو الباب و فتحته بحذر، طلت له برأسها و أردفت مستفسرة..
"أچهزها لأيه يا خوي؟!"..
قبض على كفه بقوة عل قلبه يفهم إشارته و لا يفلت منه أي تأثرًا أو خـ.ـو.فًا و هو يجيبها..
" الإسعاف چاية في الطريق.. هننقلها المستشفي"..
أجهشت "خضرا" بالبكاء و هي تقول..
"تبجي حالتها خطرة.. يا جلبي يا خيتي..قولتلك البـ.ـنتة قاطعة النفس يا عبد الچبـ.ـار، و ماعوزاش تفوق واصل"..
"همي يا خضرا چهزيها على ما أغير خلجاتي و أعَود"..
قالها و هو يسير بخطوات واسعة نحو الدرج، كان سيره حثيثًا أقرب إلى الهرولة، لا يري أمامه من شـ.ـدة إنفعالاته المتضاربة، صعد كل ثلاث درجات معًا حتي وصل لباب غرفته و دفعه بقوة، و دلف للداخل بأنفاس متهدجة..
رفع كلتا يديه و مسح على وجهه و شعره بعصبية مفرطة، و هو يدور حول نفسه مرددًا أسمها بلهفة..
"سلسبيل.. أيه اللي صابك يا حبة الجلب!!!"..
صدح صوت سيارة الإسعاف معلنة عن أقترابها، فقفز تجاه الخزانه، و جلب أول شيء وقعت عليه يده، و خلع جلبابه بلمح البصر، و ارتدي سروال أسود، و قميص أبيض، و حذاء كلاسيكي أسود،اندفع لخارج الغرفه راكضًا و هو يغلق أزرار قميصه ، و يرتدي حزامه الأسود الجلدي..
" چهزتيها يا خضرا".. قالها قبل أن يخطو لداخل الغرفة المفتوحة، حركت رأسها له بالايجاب، فحبس أنفاسه قبل أن يدلف للداخل،
أقبل عليهما بخطواته الواسعة ، كان القلق واضحًا على مرآي تعابير وجهه الغضوب، عينيه لم تنظر تجاه تلك الراقدة و لو بنظرة خاطفة رغم أنه أصبح واقفًا بجوار فراشها.. كان يثني أكمام قميصه لمرفقيه، خلع ساعته و أعطها ل "خضرا" فعلمت حينها أنه لن يدع أحد غيره يحملها..
أبتلعت غصه مريرة بحلقها، و أخذت منه الساعة وضعتها على طاولة صغيرة جوارها، و همست بتقطع من بين شهقاتها..
" أني مههملهاش.. هچي معاها يا عبد الچبـ.ـار"..
تكلف "عبد الجبـ.ـار" الابتسامة و هو يرفع رأسه و ينظر لها مغمغمًا..
"طول عمرك أصيلة يا ست الناس"..
"جاهزين يا عبد الجبـ.ـار بيه؟"..
كان هذا صوت الطبيب صدح من خارج الغرفة.. لم يأتيه رد من "عبد الجبـ.ـار" الذي كان يتطلع لزوجته بنظرة تفاهمتها هي جيدًا .. ينتظر موافقتها ليحمل" سلسبيل" بنفسه..
"هم يا خوي خلينا نطمن عليها"..
قالتها و هي تعدل من وضع" سلسبيل " ليتمكن من حملها، و أخيراً استدار تجاهها، و هبط بعينيه حتي وقع نظره عليها، حينها تمزق قلبه لأشلاء عنـ.ـد.ما رأي مدي تطور حالتها للأعياء الشـ.ـديد..
أخذ نفس عميق قبل أن يميل عليها ويحتويها بين ذراعيه، و يحملها بمنتهي الخفة كريشة يتخـ.ـطـ.ـفها الهواء، ارتخي جسدها البـ.ـارد على عضلات صدره التي تنبعث منها دفئ صارد من نيران تتأجج داخل قلبه،رغم جمود و صلابة قسمـ.ـا.ت وجهه..
سار بها بخطي واثقه لخارج الغرفة، و من ثم لخارج المنزل بأكمله بجواره تسير "خضرا" متعمدة رفع رأسها بشموخ أمام نظرات "بخيتة" الساخطة.. فالمرأه بطبيعتها أكثر من الرجل استمساكاً بالقيم الأخلاقية،
كالغصن الرطب تميل إلى كل جانب مع الرياح، ولكنها لا تنكـ.ـسر في العاصفة..
.............................................صلِ على الحبيب 💐....
مرت ساعات طويلة بالمستشفى بين الكثير من الفحوصات الدقيقة، الأشاعات، التحاليل،
فريق طبي كامل متكامل مشرف على حالتها بأمر من "عبد الجبـ.ـار" الواقف أمام غرفتها مستند بظهره على الحائط عينيه تطلع للباب المغلق ينتظر على مضض خروج أي شخص يطمئن قلبه عليها و لو قليلاً،
بينما "خضرا" تجلس على مقعد أمامه تتابع ما يحدث بقلب مرتعد، و نظرات مذعورة، تضـ.ـر.ب على صدرها تاره، و على ركبتيها تاره، و تبكي تاره أخرى مرددة..
"يارب سلم.. يارب أقلبها مقلب سلامة"..
كان الجميع يعمل على قدm وساق، و قد صدح صوت الإنذار معلنًا عن حالة طوارئ حرجة، و تدافع طاقم أخر من الأطباء نحو غرفتها بحالة من التـ.ـو.تر و الأرتباك ..
لهنا ولم يعد قادرًا على التحكم بأعصابة أكثر من ذلك، و انفجر صائحًا و هو يقبض على إحدي الأطباء أمسكه من تلابيبه..
"حد يرد على يقولي أيه اللي بيُحصل!!!"..
أجابه الطبيب على الفور بخـ.ـو.فٍ ظاهر.. "للأسف الحالة حرجة جدًا عضلة القلب متضخمة، و النبض ضعيف جدًا و لازم تدخل العناية حالاً"..
"يا مري..يا مري. يا مري"..صرخت بها "خضرا" و هي تطلم خديها، بينما وقف "عبد الجبـ.ـار" بملامح جـ.ـا.مدة، لم يبدي أي رد فعل سوي الصمت، الصمت التام،
لينفتح باب غرفتها و خرجت "سلسبيل " الممددة على سرير يدفعوه الأطباء بهرولة راكضين من أمام عينيه المتحجرة التي تتابعها بهدوء مريب، لتزداد صرخات "خضرا" أكثر جعلته يخـ.ـطـ.ـفها داخل حـ.ـضـ.ـنه دون أن ينطق بحرف واحد، يستمع لنواحها تردد بقلب يعتصر على تلك الصغيرة..
"اسم الله عليكِ ياللي الوچع كادك..مالك تشيل عينك تكب دmـ.ـو.ع ياريتني حكيم ومعايا دوا الموچوع"..
تطلعت لزوجها بقلب ملتاع على حالته، انهمرت العبرات من عينيها، و هي تشـ.ـد أزره قائلة..
"هطيب بإذن المولي .. سلسبيل هتبقي زينة يا عبد الچبـ.ـار و هتعقد عليها و تچيب منِها بدل الواد عشرة يا خوي"..
نظر لها كالتائهه فرفعت يدها و مسحت على جبينه بكفها مسحة حنان حين همس لها بخفوت بصوت يملؤه الألم..
"سلسبيل.. سلسبيل يا خضرا"..
↚مر الوقت بثقل و بطء شـ.ـديد،كان استعاد "عبد الجبـ.ـار" رباطة جأشه سريعًا،عاد وجهه لصرامته، و قسمـ.ـا.ته
الهادئة بعدmا تحكم في إخفاء مشاعره ببراعه يُحسد عليها،
رغم أنه يحيا ليلة من أصعب الليالي التي مرت عليه في حياته بأكملها، يتمزق قلبه و.جـ.ـعًا على تلك الصغيرة التي تصارع المـ.ـو.ت داخل غرفة العناية المركزة ، منذ أول مرة رأها بها و التقت عينيه بعينيها حينها طار اللُب من عقله، انتفض قلبه انتفاضة جديدة عليه كليًا لأول مره يشعر بها،
كأنها ألقت تعويذة سحرية عليه فخشي من تأثيرها الشـ.ـديد الذي غمره أن يجعله يظلم "خضرا" صديقة دربه، رفيقة أيامه، صاحبة عمره، فقرر عدm الزواج منها، فما يربطه بزوجته أقوى من الحب،و لن يجازف بخسارتها حتي لو كلفه الأمر أن يفقد قلبه الذي عشق رغمًا عنه تلك ال "سلسبيل" ..
"الحمد لله حالتها بقت مستقرة يا عبد الجبـ.ـار بيه"..
قالها الطبيب الذي خرج للتو من غرفة العناية، تنفس "عبد الجبـ.ـار" الصعداء، بينما تهللت أسارير "خضرا" مرددة بفرحة حقيقة..
"ونبي صُح يا دكتور.. يعني أقدر أفوت عنِدها"..
"لا للأسف الزيارة دلوقتي ممنوعة،و كمان هي لسه مفاقتش"..
عقد" عبد الجبـ.ـار " ما بين حاجبيه، و تحدث بتساؤل قائلاً..
"لساتها غميانة لحد دلوجت!!"..
"لا هي تحت تأثير العلاج اللي خدته.. أنا هكون صريح مع حضرتك.. مدام سلسبيل هتحتاج جراحة عاجلة في قلب"..
" يا جلبي عليكي يا خيتي ".. قالتها" خضرا" و هي تنفجر في نوبة بكاء أخرى..
ساد الصمت للحظات، قطعه الطبيب ثانيةً بعدmا حثه "عبد الجبـ.ـار "بنظرته على استكمال حديثه..
" تضخُّم قلبها نتيجة مشكلة في أحد صمامـ.ـا.ت القلب،و كده هتحتاج لجراحة ترميم الصمام المعيب أو استبداله"..
حاولت "خضرا" السيطرة على شهقاتها و هي تقول..
"خطرة العملية دي يا دكتور؟"..
أجابها الطبيب قائلاً .. "هي هتبقي في نسبة خطورة طبعًا.. بالذات لو الصمام مستجبش للترميم أو قلبها مقبلش صمام بديل و عجزَت الأدوية عن التحكُّم في أعراض تعبها.. كده هتبقي محتاجة زراعة قلب.. ادعولها أن قلبها يستجيب للعلاج، و أول ما نهيئها نفسيًا و جسديًا للعملية هنعملها على طول بإذن الله.. بس هتبقي مكلفة شوية يا عبد الجبـ.ـار بيه"..
رمقه" عبد الجبـ.ـار " بنظره غاضبه مغمغمًا.. "الفلوس حاضرة بعون الله يا دكتور ..الصالح ليها أعمله المهم هي تبقي زينة"..
تنحنح الطبيب، و سار من أمامهما و هو يقول بحرج..
" طيب عن أذنكم، و لو في أي جديد هبلغ حضرتك بيه"..
بينما"خضرا" الحنون التي لم تكف عن البكاء، و الدعاء ل "سلسبيل" من صميم قلبها، جلست بجواره على المقاعد المخصصة للانتظار، أمسك هو بيدها بين كفيه، يربت عليها برفق و يتحدث بنبرة راجية قائلاً..
"كفايكِ بكي عاد يا خضرا.. صلِ على الحبيب في جلبك، و ادعيلها تقوم بالسلامة "..
اجهشت "خضرا" ببكاء مرير، و تمسكت بيده بقوة مرددة..
"البـ.ـنتة صعبانة عليا قوي يا عبد الچبـ.ـار.. جلبي بيقطع يا خوي كل ما أفتكر حديتها وياي قبل ما نيچي على المستشفى"..
أطلقت آهه حارقة، و تابعت بنواح كان كالقلم المسنون يطعنه في عمق قلبه..
" ساعة تكلمني وساعة تميل، و ساعة تقولي قلبي عليا تقيل.. ساعة تكلمني وساعة تقع،و ساعة تقولي أني اتمليت وچع"..
يا الله !!!!
كادت دmـ.ـو.عه أن تخونه و تتجمع بعينيه شـ.ـديدة الأحمرار،لكنه كعادته دفن شعورة بين طيات قلبه الملتاع، رفع ذراعه و ضمها لصدره بعناق قوي، كان هو أحوج منها لهذا العناق..
ظل محتضنها لوقت طويل حتي توقفت عن البكاء، ثقلت رأسها على صدره، و أنتظمت أنفاسها فعلم أنها قد غلبها النعاس، مال بوجهه قليلاً، و لثم جبهتها بعمق و هو يقول..
"خضرا.. جومي يا غالية خليني أرچعك الدار"..
"و نهملها لحالها!!!"..همست بها "خضرا" و هي تبتعد عنه، وتعتدل بجلستها مكملة..
"دي ملهاش حد واصل دلوجيت غيرنا.. لا عنِدها أب زي بقيت الخلق يراعيها و لا قريب يسأل عنِها"..
"قعدتنا أهنة ملهاش عازاه يا أم فاطمة"..أردف بها بتعقل، و هو ينتصب واققًا أمامها مكملاً..
"الدكتور قال الزيارة ممنوعة عنِها دلوجيت، و لو چد چديد هيحددني على المحمول، و كمان البـ.ـنتة الصغار لحالهم في الدار.. طلِ عليهم و أني هشوف مصالح الشركة و أعاود أخدك ونيچلها طوالي"..
قال الأخيرة و هو يجذبها من معصها برفق حتي واقفت بجواره، وضع ذراعه على كتفيها، و سار بها بخطوات متثاقلة، عينيه معلقة على باب الغرفة المتواجدة بها معشوقة روحه، ذهب من المستشفى تاركًا قلبه بحوزتها..
................................ لا حول ولا قوة الا بالله 💐.......
كانت "بخيتة" تجلس بأريحية تشاهد التلفاز، بيدها طبق مملوء بأنواع مختلفة من الطعام تتناول منه بشهية، و تضحك بملئ فمها غير عابئة لأي شيء، ضحكاتها وصلت لسمع "خضرا" التي وصلت للتو بأعين منتفخة من شـ.ـدة البكاء،حركت رأسها بيأس من قساوة قلبها، و سارت ببطء من أمامها متجهه نحو غرفة صغارها و هي تقول بصوت حزين..
"سالنور عليكِ يا أمه"..
رمقتها "بخيتة" بنظره ساخرة، و تابعت تناول طعامها بتلذذ مدmدmة..
"امممم.. مالك حزينة أكده ليه.. هي المحروقة لساتها عايشة و لا أيه ؟"..
"خضرا" بعتاب.. "وه.. ليه بس أكده يا أمه.. الشر برة و بعيد عنِها.. ربنا يقومها بالسلامة.. دي لساتها شابة صغيرة"..
" ووالدي كان زينة الشباب.. و مـ.ـا.ت في غمضة عين من دعي بـ.ـنت المركوب عليه.. طب ساكت محطش منطق"..
نطقت بها" بخيتة " بغضب عارم، و صمتت لبرهةً و تابعت بحقد دفين..
"أني مستنية اليوم اللي يچيني خبرها فيه.. وقتها هعمل ليلة كبيرة كلها مغني ووكل ياما"..
تطلعت لها "خضرا " بنظرات منذهلة، و أردفت بتساؤل قائلة..
" و لما أنتي بتكرهيها أكده، و بتتمني لها المـ.ـو.ت رايده تچوزيها لوالدك ليه!!!!"..
ابتسمت لها "بخيتة" ابتسامة مصطنعة و هي تضع طبق الطعام على الطاولة أمامها، لعقت أصابعها بصوت مقزز، نظرت لها مدmدmة بجحود..
"جولت أضـ.ـر.ب جنزورتين بحچر واحد.. اكـ.ـسر شوكتك اللي قوية لحد ما فكرتي حالك ست الدار، و تبقي سلسبيل معون تچيب الواد ل" عبد الچبـ.ـار"، و قصاد عيني أخلص منِها حق ولدي"..
هبت واقفه و اقتربت من "خضرا" التي تستمع لها بملامح جـ.ـا.مدة بدت جديدة عليها، أثارت الريبة في نفس "بخيتة" التي تابعت حديثها المثير للاعصاب قائلة..
"متكيدش الحُرمة إلا حُرمة زيها.. و سلسبيل صغيرة و نغشة خـ.ـطـ.ـفت جلب عبد الچبـ.ـار منكِ من وقت ما و قعت عينه عليها.. و أنتي جلبك هتقيد في النار يا بت نفسية"..
ضحكت ضحكة شريرة مكملة..
" رايده أشوفكم أنتو لاتنين بتقطعوا بعض من الغيرة على رچلكم.. لحد ما ولدي يزهق منِكم و يجلعكم من أهنه بلا راچعة"..
حديثها كان صادm ل" خضرا" التي ذُهلت من كم السواد الذي يغلف قلبها، تطلعت لها قليلاً بأعين جاحظة تحاول استيعاب كلمـ.ـا.تها السامة التي ألقتها على سمعها، و من ثم أخذت نفس عميق زفرته على مهلٍ و هي تقول بأسف..
" أنتي جلبك ده حچر.. رايده تخربي دار ولدك بيدك.. واحدة غيرك شافت بعينها دعوة سلسبيل اللي ظلمتيها أنتي وولدك ربنا استچابها، و انقصف عمر ولدك قصاد عينك.. ده مش كافي لاچل ما يكون عظة ليكي!!!.. جلبك منشقش بعد مـ.ـو.ت ولدك!!!!.. ظهرك منكـ.ـسرش من بعده!!! " ..
"أني مرّه صعدية شـ.ـديدة يا بت نفيسة.. مافيش حاچة تقدر تكـ.ـسرني واصل".. أردف بها" بخيتة " بجبروت أشعل غضب"خضرا" و ايقظت الأنثى الشرسة بداخلها جعلت ملامحها تبدو مخيفة خاصةً حين نظرت لعين" بخيتة" بتحدي و هي تقول..
" لتكوني فاكرة إن طيبة جلبي دي ضعف مني.. لع إني كُمان مّرة صعدية شـ.ـديدة.. بس شـ.ـديدة في الحق.. و اللي أنتي ريداه مهيحصُلش يا بخيتة"..
حملقت بها" بخيتة " بصدmة من طريقتها الجديدة معاها، لتتابع" خضرا" بابتسامة هادئة..
"أني خابرة زين أن عبد الچبـ.ـار جلبه مال للبـ.ـنتة، و مانع نفسه عنِها لاچل خاطري.. و عشان أكده أيه جولك أني هچوز عبد الچبـ.ـار ل سلسبيل بنفسي.. و هبجي أني و هي سند و عزوة لولدك.. و إن شاء المولى و خلفت منه الواد هيبجي ابني قبل منِها.. ابني اللي مخلفتهوش.. كفاية عندي أنه ولد عبد الچبـ.ـار"..
أشارت على المنزل من حولها بيدها مكملة بصوت عالِ دب الذعر بأوصال "بخيتة"..
" و ربنا يقدرني و اچعل الدار ده عمران بحس راچلي و ضحكته و فرحة جلبه طول ما في نفس"..
صمتت لوهلة و تابعت بأنف مرفوعة بشموخ..
" چهزي حالك يا أم العريس.. كتب كتاب ولدك هيتم بكرة أول ما يوصل قناوي"..
....................................سبحان الله العظيم 💐......
انقضت ساعات النهار، و خيم الليل بستائره..
أنهى" عبد الجبـ.ـار " عمله على أكمل وجه رغم قلقه و أرتعاد قلبه الشـ.ـديد، كان يحدث الطبيب المشرف على حالة "سلسبيل " طيلة الوقت، يتابع تطور حالتها أول بأول..
و أخيرًا أخبره الطبيب أنها بدأت تستعيد وعيها، ترك كل شيء، و هرول نحو منزله لكنه لم يدلف للداخل، لا يريد رؤية والدته و سماع حديثها الذي يثير غضبه حد الجنون الآن، يكفيه ما هو فيه، ظل جالس بسيارته ينتظر زوجته "خضرا" لتذهب معه..
لتخرج "خضرا" حاملة بيدها حقيبة جهزتها بنفسها بها ثياب و طعام و كل شيء يمكن أن تحتاج إليه هي و "سلسبيل"، فقد أصرت على المبيت معاها ، فقام زوجها بدفع مبلغ ليس بقليل حتي يتمكن من حجز غرفة خاصة لها بالمستشفى ..
أسرع "عبد الجبـ.ـار" بمغادرة السيارة، و هرول نحوها يحمل عنها الحقيبة و يضعها داخل السيارة مغمغمًا..
"أيه الشيلة التقيلة دي كليتها يا بت الناس!!!.. قولتلك لو احتاچوا حاچة أني هچبهلكم لحد عندِكم"..
"متشليش هم يا خوي.. الحمد لله ربنا قدرني و چهزت كل حاچة.. هم قوام خلينا نطمن على البـ.ـنتة"
قالتها و هي تجلس على المقعد المجاور له، لينطلق "عبد الجبـ.ـار" بسيارته أمام أنظار" بخيتة " التي تتابعهم من شرفة المنزل بملامح تستشيط غضبًا و غـ.ـيظًا..
دقائق معدودة، و كانت" خضرا" تسير برفقة زوجها بخطوات شبه راكضه داخل الممر المؤدي لغرفة"سلسبيل"..
" طمنا يا دكتور الله لا يسيئك.. كيفها خيتي دلوجيت"..
قالتها "خضرا" فور رؤيتها للطبيب..
أجابها الطبيب بابتسامة قائلاً..
"اطمنو الحمد لله هي بدأه تفوق و عماله تنادي على اسم حضرتك أنتي و عبد الجبـ.ـار بيه"..
تزلزل كيان ذلك العاشق و قد وصل ندائها لقلبه المُتيم، رغم جمود ملامح وجهه إلا أن أنفاسه كانت مهتاجة تعبر عن النيران التى تتأجج بأعماقه..
"خليهم يهملوني أشوفها يا عبد الچبـ.ـار أحب على يدك"..
قالتها" خضرا " بنبرة متوسلة و هي تضـ.ـر.ب على صدرها بكف يدها بحركة استعطافية..
نظر "عبد الجبـ.ـار" للطبيب مغمغمًا..
"هطل عليها و تخرج طوالي يا دكتور"..
اومأ له الطبيب و هو يشير على غرفة بجوار العناية..
"مافيش مشكلة بس خلي الممرضة تعقمها الأول، و بلاش تخليها تتكلم كتير علشان متتعبش"..
هرولت "خضرا" نحو غرفة التعقيم، ارتدت الثياب الخاصة لدخول غرفة العناية، و سارت بخطي مرتجفه لداخل غرفة"سلسبيل " حتي وقعت عينيها عليها ممددة على الفراش لا حول لها و لا قوة، و الكثير من الأسلاك الطبية موصله بجسدها الصغير..
كبحت عبراتها بصعوبة، و قد اعتصر قلبها من هيئتها حين خُيل لها أنها تري إحدي ابـ.ـنتيها مكانها، رسمت ابتسامة حانية على ملامحها البشوشة، و اقتربت منها وقفت بجوارها مباشرةً، مدت يدها تمسح على وجهها مسحة حنان مدmدmة..
"سلسبيل.. كيفك دلوجيت يا خيتي"..
رمشت "سلسبيل" بأهدابها الكثيفة، تجاهد لفتح عينيها، و بهمس متقطع مُتعب قالت..
"أبلة خضرا"..
"يا نن عيني يا بتي.. سلامة جلبك يا ضناي"..
قالتها و هي تميل على جبهتها و تطبع قبله عميقة بشفتيها المرتعشة..
تطلعت لها "سلسبيل" بامتنان، و همست بخفوت..
"عايزه أطلب منك طلب"..
" اؤمريني أمر يا ست البـ.ـنتة"..قالتها "خضرا" بلهفة و هي تنظر لها باهتمام.. ابتلعت "سلسبيل " لعابها بصعوبة، و همست بغصة مريرة..
"لو مت أدفنوني جنب أمي في المنصورة"..
لم تستطيع "خضرا" السيطرة على عبراتها التي انهمرت بغزارة على وجنتيها، و تحدثت بغضب مصطنع قائلة..
" متقوليش أكده مرة تانية.. أزعل منِك و أني زعلي واعر.. أنتي هطيبي يا خيتي و هتبقي زينة العرايس"..
صمتت لبرهةً و نظرت لها نظرة راجية مكملة..
" جومي يا خيتي.. أني محتچالك چاري.. متهملنيش لحالي ويه بخيتة.. جومي حطي يدك بيدي و نقف في وشها ندافع عن رچلنا"..
"رچلنا!!! "..همست بها" سلسبيل " بتعجب، لتحرك"خضرا"
رأسها لها بالايجاب مرددة بابتسامة و عبراتها تهبط على وجنتيها ببطء..
"أيوه يا سلسبيل.. عبد الچبـ.ـار هيتچوزك و أني موافقة"..
يَا مَنْ حُبُّك سَكَن الرَّوْحَ وَ الْفُؤَاد
أُحِبُّك ذَلِك الْخَائِنُ فِي غَفْلَةٍ مِنِّي
فتغلغل هواكي بَيْن ثَنَايَا قَلْبِي
حاربته فهزمني و اجبرني عَلَى الِاسْتِسْلَامِ
فَجِئْتُك مُجْبَرًا رَافِعًا الرَّايَةَ البَيْضاءَ
فَهَل سَيَكُون لِقَلْبِي الملتاع مُرْسًى عَلَى شاطىء هواكي .
خاطرة إهداء من الجميلة سلوي بنهلال..
↚كن على يقين تام أن كل شيء قرار إلّا الحب يكن غـ.ـصـ.ـبًا عنا،
لن يطرق باب قلبك، بل يدفعه و يدلف لأعمق نقاطه بلا أستأذن، يخـ.ـطـ.ـف أنفاسك، نبضاتك، همساتك، ضحكاتك، النوم من عيناك، لو لم يفعل بك كل هذا فأعلم أنه لم يكن حُب حقيقي، أو لنكن أكثر صراحة العشق هو الذي يستطيع وحده فقط أن يفعل كل هذا و أكتر بكثير، يمكنه أن يجعلك كالمجذوب ينسيك أسمك و تظل تردد بهذيان دون توقف أسم من عشقت ..
و هذا ما حدث مع "سلسبيل" حين أخبرتها "خضرا" بموافقتها على زواجها من "عبد الجبـ.ـار"، تطلعت لها بملامح منذهلة رغم الفرحة التي غمرت قلبها حتي ظهرت بعينيها الحزينة لكنها نجحت في إخفاءها..
"إزاي بس موافقة أن جوزك يتجوزني عليكِ يا أبلة خضرا"..
همست بها "سلسبيل" بضعف، و صوت يملؤه الآسي..
رسمت "خضرا" الجدية على ملامحها الحنونة، و تنهدت و هي تقول بتعقل..
" اسمعي حديتي اللي هقولهولك ده زين يا خيتي..بخيتة ما هيهدلهاش بال واصل إلا لما تشوف قدام عينيها ولد عبد الچبـ.ـار اللي أني مش هقدر اچبهوله، فهتفضل تزن على ودنه يتچوز عليا علشان الواد، و الزن على الودان يا خيتي أمر من السحر، و يا عالم اللي هيتچوزها عليا دي هتعاملني أني و البـ.ـنتة كيف"..
ابتسمت لها بحب صادق مكملة..
" لكن أنتي يا سلسبيل ربنا زرع حبك في جلبي كيف ما تكوني خيتي و لا بتي من لحمي و دmي"..
هبطت دmـ.ـو.ع" سلسبيل " تأثرًا بحديثها الذي لمس قلبها، و همست لها بتقطع قائلة..
" و أنا كمان بحبك أوي والله يا أبلة خضرا.. حنيتك عليا وطيبة قلبك اللي عمري ما شوفت زيها بتخليني أوقات ببقي عايزة اناديلك أقولك يا أمه"..
" خضرا " ببكاء.. " يا ضنايا يا بتي.. يعلم ربنا و أني كمان عداكِ زي واحدة من بناتي عشان أكده أسمعي اللي بقولك عليه يا سلسبيل.. أني ريدالك الصالح يا بتي بالذات أن أبوكي طبعه واعر قوي و مهيهملكيش قاعدة من غير چواز أكده هيچوزك لول راچل طلب يدك، زي ما قال لأبو فاطمة عشية في المحمول، و چاي ياخدك بكرة وياه و يعاود على الصعيد "..
ظهر الذعر الشـ.ـديد على وجهه" سلسبيل " و همست بأنفاس متهدجة.." متخلهوش ياخدني يا أبلة خضرا أبوس رجلك"..
" أهدي يا حبيبتي، و متشليش هم واصل.. بس اسمعي اللي جولتلك عليه و وافقي على چوازك من عبد الچبـ.ـار
وقتها قناوي مش هيبجي ليه سلطة عليكي، و هتبجي أنتي وياي نقف في وش بخيتة اللي رايدة خراب الدار"..
كانت "سلسبيل" تلتقط أنفاسها على مهلٍ، أطبقت جفنيها بقوة و همست بصوت أختنق بالبكاء ..
" أنا مجربة الو.جـ.ـع لحد ما شق قلبي، و مستحيل أكون السبب في و.جـ.ـع قلبك أنتي بالذات علشان كده كنت عايزه ادور على أهل أمي يمكن يسمحولي أعيش معاهم"..
صمتت لبرهةً تلتقط أنفاسها، نظرت لها بأعين مملوءة بالعبرات و تابعت بتعب..
" بس شكلي كده مش هلحق أشوفهم"..
"خضرا" بغضب مصطنع..
"قولتلك متقوليش أكده مرة تانية.. أنتي هطيبي وتبجي أحسن من لول يا خيتي بمشيئة الرحمن"..
حركت" سلسبيل " يدها المعلقة بها الأسلاك الطبية، و تطلعت لها تحثها على أمساكها، فاسرعت "خضرا" بضم قبضتها بين كفيها تستمع لهمسها المجهد باهتمام..
"ابلة خضرا لو أنا مت و أنا على زمة عبد الجبـ.ـار أبويا مش هيقدر ياخدني يدفني في الصعيد صح؟"..
" خضرا " ببكاء.. " اباي عليكِ و على السيرة العفشة دهيه..كفاياكِ حديت ماسخ عاد"..
بللت "سلسبيل" شفتيها المرتعشة بلسانها و همست بصعوبة من شهقاتها..
"أنا محتاجة لحـ.ـضـ.ـنك، و لحماية عبد الجبـ.ـار علشان كده أنا موافقة يكتب عليا يا أبلة خضرا"..
" ألف بركة يا خيتي".. أردفت بها" خضرا " و من ثم أطلقت سيل من الزغاريط وصلت لسمع زوجها الواقف أمام غرفة العناية جعلت وتيرة قلقه تهدأ قليلاً و قد ظن أن فرحة زوجته هذه بسبب حالة "سلسبيل" التي تحسنت، انبلجت شبه ابتسامة فوق قسمـ.ـا.ته الجادة مدmدmًا..
" جلبك كيف اللبن الحليب يا خصرا"
بينما" سلسبيل " ضغطت بضعف على كفها حتي تتوقف و تستمع لما تقوله لها ..
"أوعدك أن لو ربنا كتبلي عمر و عشت مش هكون درة ليكي أبداً"..
أغمضت عينيها و قد شعرت بألم يغزو قلبها و روحها حين قالت ببطء و عبراتها تنهمر على و جنتيها بغزارة..
" و لا حتى هكون زوجة ل عبد الجبـ.ـار"..
" كفاية كده عليها أرجوكِ، و سبيها ترتاح".. نطق بها الطبيب و هو يهرول نحو" سلسبيل "، و بدأ يفحصها بعناية فائقة..
ربتت "خضرا" على يدها بحنان، و مالت عليها قبلت جبهتها بعمق، و سارت نحو الخارج بخطوات هادئة، وقفت خلف الباب المغلق دقائق قبل أن تفتحه، تحاول السيطرة على دmـ.ـو.عها بسبب تلك الغصة التي تعتصر قلبها، فما تشعر به ليس أبدًا بهين أخذت نفس عميق، و مدت يدها فتحت الباب الفاصل بينها و بين زوجها لتجده يقف ينتظرها بطوله المهيب و ملامحه الوسيمة رغم صارمتها، أبتسم لها ابتسامته التي تأسرها مغمغمًا..
"اتوحشت لصوت فرحتك يا غالية"..
تأملته بأعين هائمة، و اقتربت منه حتى أصبحت أمامه مباشرةً، و نظرت لعينيه بفيض من الحب مرددة..
"فرحتي دي بفرحك أنت يا عبد الچبـ.ـار"..
تلاشت ابتسامته تدريجيًا، و عقد حاجبية حتي بدت ملامحه عابسة بشـ.ـدة،
رفعت هي يدها و ضعتها على صدره، فوق موضع قلبه تمامًا، و تابعت بابتسامة دافئة..
"مبروك يا خوي أني طلبت لك يد سلسبيل و هي وافجت"..
شعرت بخفقان نبضات قلبه تزداد و تتدافع أسفل راحة يدها رغم صلابة ملامحه التي لم تبدي اي رد فعل عليها سوي الجمود،
ساد الصمت للحظات بينهما، كانت نظرتهما تتحدث بدلاً عنهما، و دون سابق إنظار كان قبض على كف يدها برفق، و سحبها خلفه للغرفة الذي قام بحجزها لها..
كانت تبتعد عدة خطوات عن غرفة "سلسبيل"، دفع الباب و دلف بها للداخل غالقه خلفه بعنف،
استدار لها فجأة و مال برأسه على وجهها حتي تلامست انفهما مردفًا بتساؤل و عينيه تشمل و جهها بنظرات منبهرة من قوتها التي يراها لمرته الأولى..
"ليه.. ليه عملتِ أكده يا خضرا"..
"عملت الصُح.. اللي لازم يتعمل"..
قالتها و هي تحتضن و جهه بين كفيها مكملة..
"أنت من حقك يكون لك ولد من صلبك، و سلسبيل كمان محتاچة راچل يحميها"..
ابتسمت باتساع لعلها تخفي عبراتها التي تجمعت بحدقيتها..
"أني و جلبي فدى نظرة الفرحة اللي شيفاها في عيونك دلوجيت يا نبض الجلب"..
" أنتِ أكده بتجتليني يا خضرا"..
أردف بها بأنفاس مهتاجة، و هو يستند بجبهته على جبهتها، و يحاوط خصرها بذراعيه مقربها منه حد الالتصاق..
" بعيد الشر عنِك يا خوي".. همست بها بخفوت، و تابعت بخجل قائلة.." ربنا يچعلك شمسي اللي بتشرق تنور حياتي، و لا يحرمنيش منِك و لا من رضاك عليا واصل"..
"مخبراش أنتِ بالنسبالي أيه يا أم فاطمة"..
قالها و هو يسير بيده ببطء على طول ظهرها، تزلزل كيانها كله دفعة واحدة من فعلته هذه، خاصةً حين توقف بيده على وجنتها اليمني، و نظر لعينيها مكملاً..
" مهما رحت ومهما چيت، ومهما فى براح أرض الله، و فى الكون لفيت... عمري ما راح القي سعادتي إلا وياكِ.. أنتِ المسند يا خضرا اللى عليه بتسند و بريح ضهري..
و اللى فى وقت الحـ.ـز.ن بيمحي قهري"..
لثم شفتيها بقبلات صغيرة متتالية هامسًا من بينهم..
"أنتِ مَرتي، أرضي، وطني، عرضي، و أغلى الخلق كلياتهم على جلبي"..
" خضرا " بإصرار أثار غضبه.. " يبقي لو غالية عنِدك كيف ما بتقول توافق على چوازك من سلسبيل"..
عيني عليكي يا بنية، لسه ف العمر صبية
ياما اتحملتي آسية
، ما شوفتيش يوم حنية
كله عـ.ـذ.اب وو.جـ.ـع،
من أم الزوج المفترية
لكن عوض ربنا هايكون،
مع الزوج الطيب الحنون،
اللي بيحبك بجنون،
اللي للعشره يصون،
و مـ.ـر.اته خضرا اللي هاتكون،
أمك و أختك الحنون،
ف أنتظار عوض ربنا الجميل
لجبر خاطر السلسبيل..
خاطرة إهداء من لجميلة نيمو..نرمين نصر..
↚سطعت شمس نهار يومًا جديد ملييء بالأحداث، رغم ساعات الليل الطويلة التي مرت على أبطالنا،خاصةً "عبدالجبـ.ـار" الذي لم تري عينيه النوم على الإطـ.ـلا.ق، عقله لم يتوقف لو لحظة واحدة عن التفكير فيما فعلته زوجته الغالية "خضرا" أحب الناس و أقربهم إلى قلبه،
يسأل نفسه كيف استطاعت أن تقبل زواجه من غيرها بل و تطلب يد "سلسبيل" له بنفسها !!!
كيف لها أن تضحي في حقها به، و تقبل بأن امرأة أخرى تشاركها فيه !!!!
أطلق زفرة نزقة من صدره عنـ.ـد.ما وجد إجابة جميع أسئلته تتلخص بكلمة واحدة أنها تعشقه !!!! ..
عشق تخطي كل الحدود جعلها تضحي من أجله و تتقبل وضع من الصعب بل من المستحيل أن تتقبله امرأة غيرها،
لا ينكر أن فعلتها هذه ذادت حبها في قلبه أضعاف مضاعفة،و أيضًا تضاعف شعوره بالذنب لكنه مازال هناك جانب ما بقلبه الملتاع الذي لا يملك أي سلطة عليه، أزدهرت به براعم عشق قوي لتلك ال "سلسبيل"،
لا يعلم لما هي الذي خصها الله عن دون النساء أن تخـ.ـطـ.ـف قلبه بنظرتها الحزينة، لم يتخيل بيومٍ من الأيام أن يميل قلبه لأنثى أخرى غير زوجته،
كان هذا الأمر بالنسبة له من المستحيلات حتي وقعت عينيه على تلك الصغيرة التي قلبت كل شيء رأسًا على عقب، أصبح الآن أمام قلبين ينزفان من شـ.ـدة ألمهما، و هو وحده مُلزم بإيقاف هذا النـ.ـز.يف، فهل سيكون عادل بينهما و يعطي لكل منهما حقها في قلبه رغم هذا الشعور العجيب الذي يغمره،
هو بكل ما يملك من قوة يشعر أنه مسؤل من زوجته "خضرا"، بينما "سلسبيل" يشعر أنه مسؤل عنها..
هبط الدرج بخطواته الواثقة، يدور بعينيه عن والدته "بخيتة" لقد عاد بوقت متأخر ليلة أمس كانت هي نائمة حينها، وجدها تجلس كعادتها كل صباح بحديقة المنزل بملامحها العابسة التي لا تتخلي عنها أبدًا..
سار نحوها ممسك بيده عصا خشبيه جديدة أحضرها لها خصيصًا بدلاً عن تلك التي هشمها وقت غضبه، لمحته "بخيتة" بطرف عينيها، فرمقته بنظرة غاضبة، و أشاحت بوجهها للجهه الأخرى و هي تقول..
"تَو ما افتكرت إن ليك أم زعلتها و كـ.ـسرت عكازها يا عبد الچبـ.ـار!!!"..
"مقدرش على زعلك يا أمه.. دا أني عايش برضاكِ عليا يا ست الناس".. قالها و هو يميل على يدها و يقبلها مكملاً ..
"حقك على راسي يا أم عبد الچبـ.ـار، و لو على العكاز ..چبتلك واحد چديد أحسن منِه "..
"بخيتة " و هي تأخد منه العصا، و تتأملها بانتصار، فهي تعلم جيدًا أنه بـ.ـار بها، و يسعي جاهدًا لينال رضاها عنه رغم كل ما تفعله..
"أنت اللي عكازي، و سندي، ضهري يا ولدي، و مع أكده عمري ما هرضي عنِك إلا لما تسمع حديتي و تتچوز و تچيب الواد.. وقتها هبجي راضية عنِك صُح"..
"هتچوز سلسبيل يا أمه".. أردف بها و هو يجلس على المقعد المقابل لها بأريحية مكملاً بهدوء آثار غضبها..
"أني مستنظر قناوي هو على وصول، و شيعت حسان يچيب المأذون "..
" بخيتة " بغضب.. " لع يا عبد الچبـ.ـار.. بلاش مِنها البت دهيه.. كرهتها و كرهت شوفِتها..ارميها لأبوها و غورها من اهنه، و أني هدلي على البلد أچيبلك بـ.ـنتة صغيرة خمستاشر سنة أكده تكون لسَتها بت بنوت"..
انتظر حتي أنهت حديثها، و نظر لها بعتاب مردفًا.. "طيب إسألي لول علي اللي مرمية في المستشفى حالتها خطرة محتاچة عملية واعرة في جلبها بسبب قسوتك و قسوة أبوها و أخوي الله يرحمه ويسامحه عليها.. دي مهما حُصل كان بناتكم عيش و ملح"..
شهقت" بخيتة " بعنف، و ضـ.ـر.بت على صدرها بكف يدها مدmدmة.. "بجت مريـ.ـضة بجلبها.. على أكده لا هتبجي حمل چواز و لا خلفة يعني ملهاش عازه عنِدنا"..
" عبد الچبـ.ـار".. بنفاذ صبر.. " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. الرحمة شوي يا أمه أحب على يدك"..
" بخيتة" بنبرة متوسلة.. " أسمع حديتي يا ولدي.. أني ريدالك الصالح.. هچيبلك بدل العروسة عشرة و نقي منِهم اللي على كيفك"..
" متتعبيش حالك على الفاضي يا أمه .. أني مهتچوزش غير اللي خضرا طلبت لي يدها"..قالها و هو يهب واقفًا، و تابع بابتسامة انبلجت على قسمـ.ـا.ت وجهه و هو ينطق حروف إسمها..
" سلسبيل "..
نظرت له" بخيتة " بأعين مشتعلة بغضب عارم حتي اختفى عن عينيها داخل منزله، و حدثت نفسها بوعيد قائلة..
" يا ويلك مني يا خضرا يا بت المركوب يلي ساحرة لولدي"..
........................................صلِ على محمد 💐....
"سلسبيل"..
لاحظوا الأطباء تطور ملحوظ بحالتها منذ ليلة أمس، خاصةً بعد حوارها مع "خضرا" عن زواجها من "عبد الجبـ.ـار"..
شيئًا ما جعل روحها تنتعش، ربما الأمان الذي غمرها و هي تتخيل نفسها زوجة رجل سيكون سند، و درع حامي لها، هذا ما كانت تبحث عنه دائمًا حتي أوشكت على اليأس بعدmا ظنت أنها لن تعثر عليه أبدًا..
و أخيرًا و بعد طول أنتظار وجدت من تستطيع الهروب إليه من قظ العالم و سرابيته، من برودة يناير و أرتعادته..
تزم عينيها حتي تمر قوافل الشك و الارتياب المغبرة بذكريات مبعثرة، كالعجوز الصغيرة تتلهف رتق تجاعيد الرحله لديه، جاءت إليه بالنزع الأخير فأما أن يكون منقذها أو قـ.ـا.تلها..
أما "خضرا" أيقنت أنها أخذت القرار الصحيح بزواج زوجها من "سلسبيل" بعدmا درست الوضع جيدًا من جميع الجوانب،
عادات وتقاليد الصعيد بلدها تعطي الحق للرجل بالزواج على زوجته حتي لو أنجبت له جيش من الرجـ.ـال، و لا تسمح لاي امرأة أن تعترض أو حتي تطلب الطـ.ـلا.ق،يفضلون عودة ابـ.ـنتهم لهم جثة هامدة، و لا تعود حاملة لقب مطلقة،
و إن حدث الطـ.ـلا.ق في أصعب و أضيق الظروف لن يتركوها دون زواج إلا فترة عدتها فقط، و من ثم ستتزوج من رجل أخر بكل تأكيد سيكون متزوج قبلها، و ستصبح أيضًا زوجة ثانية، أو ربما الثالثة..
حينها لن يترك "عبد الجبـ.ـار" ابـ.ـنتيه معاها، سيأخذهما منها رغمًا عن أنفها هذا باعتبـ.ـار لو تركهما لها من الأساس ..
وضعت في موقف لا تُحسد عليه، لكنه جعلها تكتشف جانب جديد عليها كليًا في شخصيتها، لم تكن تعلم عنه شيئًا، أصبحت قوية عن ذي قبل،
أقسمت على أن تحافظ على بيتها، و زوجها و لن تدع مخلوق يخرب عليها صفو حياتها،
لم و لن تعود لتلك الضعيفة التي كانت تفقد وعيها، و تبكي بانهيار إذا ألقت "بخيتة" على سمعها إحدي كلمـ.ـا.تها الجارحة،
ستنتقم لكرمتها، و كبريائها، و لن تترك أو تتنازل ثانيةً عن حقها و حق "سلسبيل" من اعتبرتها ابـ.ـنتها رغم أنها لم تُكمل الثلاثين عام من عمرها بعد..
"الله أكبر.. عيني بـ.ـاردة عليكي يا ست العرايس"..
نطقت بها "خضرا" التي أنتهت للتو من تمشيط شعر "سلسبيل" بعدmا ساعدتها على أخد حمامًا دافئ و هي بمكانها.. طريحة الفراش..
"ربنا ميحرمنيش منك أبدًا يا أبلة خضرا"..
همست بها "سلسبيل" بامتنان، و ابتسامة دافئة تزين ملامحها التي بدأت تشرق من جديد..
" و لا يحرمني منِك يا خيتي، و يتم شفاكي علي خير قادر يا كريم ".. قالتها و هي تقرب من فمها كوب من العصير مكملة..
"عايزاكي تروقي و تقومي على حيلك قوام لأجل ما نعاود على الدار، و تبجي عنينا على بخيتة العفريتة" ..
صدح صوت ضحكة "سلسبيل" منذ وقتاً طويل لم تضحك من قلبها حتى كادت أن تنسي صوت ضحكتها، و همست مؤيدة حديثها..
" أيوه والله هي فعلاً عفريتة، و لايق عليها الاسم أكتر من بخيتة "..
" بسم الله الحفيظ".. أردفت بها" خضرا " و هي تسحب ياقة ثيابها و تبصق داخلها أكثر من مرة مرددة..
"متچبيش سيرتها العفشة دي مرة تانية لنلقيها فوق راسنا اهنه كمان"..
"لا اطمني عمرها ما هتيجي تزورني هنا"..
قالتها" سلسبيل " بثقة، و ابتسامة حزينة ظهرت على ملامحها الرقيقة..
مدت" خضرا" يدها و أمسكت ذقنها بين أصابعها جعلتها تنظر لها و تحدثت بتحذير قائلة..
" لع أوعاكِ تزعلي و لا تخافي من أي شيء واصل من اليوم و چاي"..
رفعت رأسها بشموخ، و تابعت بفخر..
" عايزاكي ترفعي رأسك و تشـ.ـدي عودك، و تصلبي ضهرك.. أنتي الليلة هتبجي مرات عبد الچبـ.ـار المنياوي، هتبجي في حمي راچل بمعني الكلمة..ياكل جلب اللي يفكر أنه يدوسلك على طرف"..
تراقص قلب" سلسبيل " الموجوع فرحًا من حديثها الذي أعطاها قوة جعلها تتشبث بالحياة بعدmا كانت تبغضها و تتمنى المـ.ـو.ت لعلها تجد الراحة التي حُرمت منها..
...................................سبحان الله العظيم..
" بـ.ـارك الله لكما وبـ.ـارك عليكما و جمع بينكما في الخير" ..
قالها المأذون عقب إنتهاءه من عقد قران "عبد الجبـ.ـار" على "سلسبيل" أمام نظرات "بخيتة" التي تتوهج كالنيران من شـ.ـدة غضبها..
يا الله !!!
تعالت نبضات قلبه ،و تلاحقت أنفاسه بسعادة بالغة نجح في إخفاءها ببراعه، فأخيرًا أصبحت تلك الصغيرة زوجته ، تحمل اسمه،
فقد وافق "قناوي" على الفور دون لحظة تردد عنـ.ـد.ما جدد"عبد الجبـ.ـار " طلبه للزواج من ابـ.ـنته..
حتى أنه زوجها له دون أن يسأل عنها أو عن رأيها مطلقًا معتمد على أنه وكيلها ف "سلسبيل" لم تصل لسن الرشـ.ـد بعد، لا يعلم أنها محتجزة بالعناية المركزة في قسم جراحة القلب بسبب ما فعله هو بها في المركز الأول،
"مبروك يا عبد الچبـ.ـار ب!! "..
توقف عن إكمال حديثه، و تأوه بصوتٍ عالِ حين فاجئه "عبد الجبـ.ـار" بلكمة قوية افقدته توازنه، و سقط أرضًا بعنف..
" مهانش عليك من ساعة ما رچلك خطت اهنه تطمن على بتك ، و تسأل عنِها مش باين لها بالدار لا حس و لا نفس ليه عاد"..
أنهى جملته، و مال عليه سحبه من تلابيبه، أوقفه أمامه مكملاً و هو يلكمة لكمه أقوى، لكنه لم يتركه يسقط هذه المرة..
"مالها بت الفرطو ااااه!"..
"اوعاك تغلط فيها بعد أكده "..
هدر بها بصوتٍ أجش و هو يكيل له اللكمـ.ـا.ت مكملاً بغصة تعتصر قلبه..
"كفاياك اللي عملته في جلبها.. من اليوم و طالع مبجتش بتك.. و لا ليك علاقة بيها.. بقت سلسبيل عبد الچبـ.ـار المنياوي.. مَراتي،و اللي يبص نوحيها بعين اقلع له التنين"..
"اللي تؤمرني بيه يا چناب البيه.. مبقاش ليا صالح بيها من انهارده"..
أردف بها "قناوي" بصوت مرتجف متقطع حين رأي
عيناه تتسعان بغضب و تبرز عروقه بخطورة، مشاعره المشحونة تعصف بداخله و تغير بصدره، تطلع له بنظرة لا ريب أصابته بالذعر و الخـ.ـو.ف من قسمـ.ـا.ته العابسة بشـ.ـدة، ليصيح بحدة و هو يقبض فجأة على عنقه بقبضته الفولاذية..
"و يكون في معلومك لو چرالها حاچة هقــ,تــلك بيدي، و أرمي چيتتك للكلاب"..
"عشقتك دون أن أدري ، و هل لنا ع العشق سلطان
إداري مشاعري في قلبي، و أطلب النجاة من الرحمن
،و خضرا رفيقة دربي. حب الصبا وبر الأمان
هي أقرب إلي من نفسي. لا يوجد لمثلها وجود
، و سلسبيل نبع الحياة حبي لها تخطي الحدود
يارب للصح أهديني، و لسعادتهما قويني
فهما قرة قلبي و عيني.. أرزقنا السعادة و الأطمئنان"
خاطرة إهداء من المبدعة نيمو.. نرمين نصر.
↚من السهل أخذ القرار و لكن حين نفعله يكون من الصعب تحمل عواقبه، حينها قد نتفاجيء من رد فعلنا الذي يكون غير متوقع على الإطـ.ـلا.ق..
وافقت "خضرا" على زواج زوجها من "سلسبيل" و أظهرت ترحابها بهذه الزيجة، و لكن هل ستظل مصطنعة الهدوء هكذا بعدmا تري بعينيها امرأة أخري تشاركها في زوجها الذي تهيم به عشقًا؟!.
هذا ما يدور بخاطر "عبد الجبـ.ـار" الواقف أمام غرفة العناية المتواجد بداخلها زوجاته، يحاول تمالك نفسه حتى يتمكن من إخفاء لهفة قلبه على تلك الصغيرة قدر المستطاع،لا يريد أن يمسّ شعور "خضرا" بالسوء أو إثارة غيرتها عليه..
رسم قناع جليدي على ملامحه الصارمة فهو بـ.ـارع في التحكم بجميع انفعالاته، أخرج هاتفه من جيب معطفه طلب رقمها، و وضع الهاتف على أذنه ينتظر سماع صوتها الحنون..
داخل الغرفة كانت "خضرا" تجلس على مقعد بجوار "سلسبيل" النائمة تتأمل جمالها الرقيق، و البريء بأنٍ واحد،جسدها الممشوق بمنحنيات فتاكة رغم نحافتها، نعومة بشرتها الحلبية، خصلات شعرها البنية الملساء المنسدلة على وجهها المستدير بهيئة تخـ.ـطـ.ـف الأنفاس،عينيها الواسعة التي تشبه غابات الزيتون، أنفها الصغير المنمق، شفتيها المكتنزة المزمومة..
تُقر و تعترف أنها تمتلك جمال مبهر سيكون سبب قوي لنجاحها في الوصل إلى قلب زوجها بكل سهولة، و ربما التربع على عرش قلبه، فالعين تميل لكل ما هو جميل، فإن المولي عز و جل جميل يحب الجمال، فماذا عنا نحن البشر ضعاف النفوس..
لاحظت أيضًا إشراق ملامحها ، و تحسن حالتها الصحية منذ حديثهما عن زواجها من "عبد الجبـ.ـار"،أطبقت جفنيها بقوة كمحاولة منها لكبح عبراتها حين شعرت بنيران تتآجج بقلبها و هي تتخيل نظرة زوجها لها!!!
أسرعت برفع كف يدها وضعته على فمها تكتم به آهه متألمة كادت أن تصرخ بها من تخيُل نظرتهما فقط، فماذا ستفعل أن تطور الأمر بينهما و أصبحت "سلسبيل" زوجته قولاً و فعلاً!!!!..
انتشالها من دوامة أفكارها صوت رنين هاتفها الذي أيقظ تلك النائمة، رسمت "خضرا" ابتسامة على ملامحها تخفي بها حـ.ـز.نها، و ضغطت زر الفتح ..
"أيوه يا أبو فاطمة.. طمني عليك يا خوي"..
"عبد الجبـ.ـار" بصوته الرزين.. "أني برة.. واقف قدام العناية"..
"هخرچلك طوالي".. قالتها و أغلقت الهاتف، و انتصبت واقفة ، و سارت بخطوات مهرولة نحو الخارج و هي تقول..
"هعاود للدار أچهز الوكل، و ارچعلك ، متخفيش مش هعوق عليكِ يا خيتي"..
ليوقفها صوت "سلسبيل" الهامس تقول بلهفة..
"هو عبد الجبـ.ـار هيرجع معاكي البيت يا أبلة خضرا"..
تسمرت" خضرا" محلها لبرهةً قبل أن تستدير لها، و قد تملكت الغيرة منها حين شعرت بلهفتها عليه، أبتسمت لها ابتسامة مصطنعة لأول مرة مدmدmة..
"كأنك ملهوفة لشوفته و نسيتي وعدك ليا إياك!! "..
عقدت ذراعيها أمام صدرها مكملة..
"و بجي عبد الچبـ.ـار حاف أكده!!!"..
حديثها كان بمثابة دلو من الماء البـ.ـارد سقط فوق رأس "سلسبيل " التي تنحنحت بحرج و تحدثت بابتسامة باهتة قائلة..
"أنا مش ناسية وقفتك جنبي و وعدي ليكي ولا عمري هنسي يا أبلة خضرا اطمني.. أنا كنت عايزه أشكر أستاذ عبد الجبـ.ـار على وقفته معايا مش أكتر "..
عقدت حاجبيها، و تابعت بمزاح..
"هتغيري عليه من أولها كده!!!"..
تنهدت بحـ.ـز.ن حين داهمتها معاملة "عبد الجبـ.ـار" معاها، كان لا يكترث لوجودها، لا ينظر لها لو نظرة عابرة، و تابعت بغصة يملؤها الآسي..
"ليكي حق تغيري عليه.. بس مش مني.. أنا بقيت بواقي ست زيي ما بيقولوا و مافيش رجل يرضى يبصلي حتي"..
رمقتها" خضرا" بتهكم على وصفها لنفسها الذي ليس له أي أساس من الصحة،
ساد الصمت بينهما قليلاً هدأت خلاله نوبة غضبها، و لكن لم تهدأ غيرتها التي استحوذت على قلبها أبدًا جعلتها تتحدث بحدة دون أرادتها..
" أني رايحة، و يمكن مقدرش اچيكِ الليلة.. هاچيكِ في الصبحية ويه عبد الچبـ.ـار و أبجي أشكريه وقتها، عشان انهاردة عنِده شغل ياما،قالي أخرچله قوام لأچل ما يروحني و يعاود على وكل عيشه"..
تطلعت لها "سلسبيل" بنظرات منذهلة من طريقتها الحادة معاها التي جعلت العبرات تغزو عينيها، بينما أنهت "خضرا" حديثها و غادرت الغرفة في الحال و هي تنهر نفسها على طريقتها معاها، و كذبها عليها فيما تفوهت به،قالت حديث على لسان زوجها لم يقوله من شـ.ـدة غيرتها عليه التي تفاجأت بها هي شخصيًا..
خرجت من الغرفة بملامح عابسة بشـ.ـدة، أول ما وقعت أعين" عبد الجبـ.ـار" عليها أيقن أن غيرتها عليه التي يخشاها تمكنت منها لا محالة، اقتربت منه بخطوات غاضبة، و عينيها تشمله بنظره مترقبة، تحاول قراءة تعابير وجهه الصلبة..
"سلسبيل بقت مَراتك؟!"..
لاحظ شحوب بشرتها تدريجيًا، عينيها غامت بغضب معصف يُهدد بالانهيار دفعه لإحتوائها بطريقته الخبيرة بمعاملة النساء..
"اتوحشتك يا خضرا".. قالها بنبرته التي تثلج قلبها ، و هو يقترب منها و يقبض على كف يدها فجأة و أصابعه تتخلل أصابعها و تشتبك بهم بقوة.
في أقل من لحظة تبخر كل غضبها، و عادت الدmاء تورد بشرتها من جديد، و حتي نظرتها الغاضبه له تحولت لأخرى مُتيمة..
" اتوحـ.ـشـ.ـتني صُح يا عبد الچبـ.ـار"..
رفع ذراعه و حاوطها به و ضم رأسها لصدره، مال عليها قاصدًا جبينها وطبع عليه قبله مطولة مغمغمًا ..
"نعاود دارنا و أني أوريكِ اتوحشتك قد أيه يا غالية"..
شهقت بخفوت، و قد اشتعلت وجنتيها بحمرة الخجل بعدmا تفهمت مخزي حديثه، رفرف قلبها بشـ.ـدة حين سحبها معه و سار بخطوات واسعة نحو الخارج دون أن يرى "سلسبيل" بعينه و لو نظرة خاطفة تخفف من ارتعاد قلبه عليها، غادر المكان جسد بلا روح تاركًا قلبه بحوزتها..
..................... صلِ على محمد 💐.....
"سلسبيل"..
كم كانت تأمل أن تراه قبل أن يغادر برفقة "خضرا"،أصبح هو الشخص الوحيد الذي تشعر في وجوده بالأمان، تريد أن تخبره كم هي ممتنة لوقوفه معاها، لقبوله الزواج منها،و أنه أول رجل تدعوا له من صميم قلبها بعدmا كانت تدعوا على جميع الرجـ.ـال بسبب ما حدث لها على يد زوجها السابق، ووالدها الذي لم يكلف نفسه ليسأل حتى عن حالها..
يـ.ـؤ.لمها شعور الوحدة كالسكين البـ.ـارد يمزق قلبها دون رحمة، خائفة من أن تلقى حتفها و هي بمفردها دون جليس و لا أنيس، ظلت عينيها على باب الغرفه تنتظر قدومه على أحر من الجمر..
"هو عبد الجبـ.ـار بيه لسه بره و لا مشي لو سمحتي"..
همست بها للممرضة التي تقوم بأعطائها الدواء..
"لا مش برة.. دا مشي هو و مدام خضرا من ساعة ما خرجت من عند حضرتك"..
هكذا أجابتها بمنتهي البساطة، جملتها هذه حطمت كل أمالها جعلت دmـ.ـو.عها تنهمر على وجنتيها بغزارة دون بكاء..
انتفضت الممرضة بفزع حين رأتها تبكي، و تحدثت بلهفة مستفسرة..
"بتعيطي ليه.. حاسة بحاجة بتو.جـ.ـعك؟!! "..
لم تجد سوي الصمت حليفها، بينما" سلسبيل " تنظر للفراغ بشرود، و أعين لم تتوقف عن ذرف العبرات، و قد بدأ الجهاز الموصل بقلبها بإصدار بعض الأصوات..
أسرعت الفتاة نحو زرار الطوارئ ضغطت عليه، ليهرول نحوهما عدد لا بأس به من الأطباء..
........................... لا حول ولا قوة الا بالله💐...
دلفت" خضرا" داخل منزلها بخطي ثابتة، مصطنعة القوة أمام "بخيتة" الجالسة بردهة المنزل ، كان "عبد الجبـ.ـار" مازال بالخارج يصف سيارته، فور رؤيتها ضحكت بشمـ.ـا.ته بائنة، و هرولت تجاهها حتي توقفت أمامها مباشرةً و تحدثت بفرحة غامرة..
"والله و عمالها و برد جلبي و أتچوز عليكي يا بت نفيسة"..
"برضايا ".. أردفت بها" خضرا" بابتسامة تخفي بها قهرتها الظاهرة على ملامحها، صدح صوت ضحكة "بخيتة" مرددة بسخرية..
" أيوه أيوه برضاكي.. ما أني خابرة زين.. حتي باين علي خلقتك"..
توقفت عن الضحك، و توحشت ملامحها فجأة مكملة بقسوتها المعتادة..
" إياكِ تكوني فاكرة أن حديتك اللي قولتهولي هز شعرة واحدة من راسي"..
حركت رأسها بالنفي، و تابعت بجحود..
"أنتي عملتي اللي أني ريداكِ تعمليه.. مكنش حد غيرك هيقنع ولدي يتچوز سلسبيل اللي كـ.ـسرت بيدي شوكتها و لا هيقوم ليها قومة مرة تانية، و انتي كمان يا خضرا انهاردة مش بس كـ.ـسرت شوكتك.. لع أني كـ.ـسرت جلبك اللي نار الغيرة بتنهش فيه نهش، و دخانها طالع من عنيكِ"..
تطلعت لها" خضرا " بصمت، لم تبدي أي رد فعل على ملامحها الجـ.ـا.مدة، لتكمل" بخيتة " بصرامة..
" لازم تبجي عارفة إن لسه متخلقتش المّره اللي تمشي حديتها على بخيتة"..
" واقفين أكده ليه عاد!!! "..
قالها "عبد الجبـ.ـار " الذي دلف للتو، فتحت" بخيتة " فمها لتجيبه، لكنها قفزت بخضة حين صدح سيل من زغاريد "خضرا" عاليًا مرارًا و تكرارًا دون توقف حتى كادت أنفاسها أن تنقطع، فألم قلبها قد فاق تحملها لكنها لم تتمكن من الصراخ..
" مبروك ياخوي.. ألف بركة چوازك يا عبد الچبـ.ـار"..
نطقت بها بأنفاس متهدجة و هي تربت على كتفيه بكلتا يديها، مكملة..
"ندر عليا اليوم اللي ترچع فيه سلسبيل على الدار و نطمن عليها لعملك ليلة كبيرة كلها مغني و وكل من عمايل يدي"..
نظرت تجاه "بخيتة" التي تصطك على أسنانها بغـ.ـيظ و هي تراها لم تبالي لحديثها معاها..
"و هرقصلك كمان انت و عروستنا يا سيد الناس"..
"الله يبـ.ـاركلي فيكِ يا غالية"..
قالها" عبدالجبـ.ـار " و هو يضمها لصدره بقوة غير عابئ لنظرات" بخيتة " الحارقة، فهو يشعر بألم زوجته رغم أنها نجحت في اخفاءه،
انبلجت ابتسامة خبيثة على ملامح "بخيتة" و نظرت ل "خضرا" مدmدmة..
" اممم.. و لما ترچع عروستنا تسيبي بجي الدار ليها،و تعاودي أنتِ و البـ.ـنته الصغار و أني كمان معاكم على الصعيد و نسيبهم بجي لحالهم يقضوا شهر العسل عشان يچبولي الواد"..
شعرت "خضرا" أنها تلقت ضـ.ـر.به قـ.ـا.تلة على رأسها جعلت الدنيا تومض من حولها، انسحبت الدmاء من عروقها، و وقفت كالصنم تحملق في" بخيتة " التي تضحك بسعادة بالغة بعدmا وصلت لغايتها..
لم تدوم ضحكتها طويلاً، تلاشت سريعًا حتي اختفت نهائيًا و حل مكانها الضيق حين قال "عبد الجبـ.ـار " بصوته الأجش..
"خضرا مهتسيبش دارها و لا تهملني لحالي واصل"..
حديثه هذا رد الروح إليها ثانيةً، تطلعت له بأعين تلتمع بالدmـ.ـو.ع، فأهداها ابتسامته الجذابة مكملاً..
"ده دارك و احنا كلِنا ضيوف عندِك"..
نطر لوالدته التي كادت أن تنفجر من شـ.ـدة غـ.ـيظها، و تابع بجملة جعلت قلب "خضرا" يتراقص بين ضلوعها من فرحته حين قال..
" و لو في حد هيعاود الصعيد يا أمه هتبجي سلسبيل مش خضرا"..
قالها ليثبت لها مدي تمسكه بها ،لا و لن يغامر بخسارتها مهما كلف منه الأمر، يري أنها تستحق منه هذا و أكثر، حتي لو ضحي بقلبه الذي عشق تلك الصغيرة رغمًا عنه..
"ربنا ميحرمنيش منِك واصل و يديمك فوق راسي العمر كله "..
قالتها و هي تقف على أطراف أصابعها و تقبل كتفه مرات متتالية..
ضـ.ـر.بت "بخيتة" بعصاها في الأرض، و سارت من أمامهما بخطوات غاضبة، و هي تُسب و تلعن، و تدعوا على "خضرا" بغل و حقد دفين يغلف قلبها القاسي..
انتظر حتي تأكد من ذهاب والدته، و أصبح بمفرده معاها..
"تعالي أشبع منكِ شوي قبل ما بناتك يرچعوا من المدرسة "..
همس بها و هو يسحبها خلفه نحو الدرج، ضحكت بغنج حين مال عليها و حملها بين يديه، و صعد بها الدرج بخطوات شبه راكضه،
............................ لا إله إلا الله💐..
مر اليوم من أجمل الأيام بحياة "خضرا " التي لم تترك زوجها لحظة واحدة يدلف لخارج غرفتهما حتى وصل بها الأمر أن تحضر له طعام الغداء و العشاء و هو بمكانه على الفراش..
تطعمه بيدها و قد ظهرت له تجاوب و ترحاب في علاقتهما الحميمة أذهله شخصيًا بعدmا كانت تخجل من مداعبته لها..
ما تفعله معه الآن لم تفعله حتي أول زواجهما، و كأنها أصبحت عروس من جديد لأجل أرضاءه، أو ربما حتي لا تترك له الفرصة للتفكير في غريمتها..
بعد قضاء ليلة ملحمية ، انفصلت عن العالم أجمع و غرقت في نومًا عميق بين ذراعيه التي تحتويها بحماية.. لم تستمع حتى لصوت رنين هاتفه المستمر..
كان "عبد الجبـ.ـار" شارد الذهن بزوجته التي تمكث بالمستشفى بمفردها،يمنع نفسه بشق الأنفس حتى لا يذهب إليها الآن، سقط قلبه أرضًا حين لمح رقم الطبيب المشرف على حالتها..
"خير يا دكتور.. سلسبيل حُصل لها حاچة!"..
أتاه صوت الطبيب يتحدث بإحراج قائلاً..
"أنا آسف أني بكلم حضرتك في وقت متأخر.. بس مدام سلسبيل مش مبطلة عـ.ـيا.ط نهائي.. و احنا ادينها مهدئ، و منوم كذا مرة و كل ما بتفوق بترجع تعيط أكتر، و مش هينفع نديها أي مهدئات تاني انهاردة.. فقولت أبلغ حضرتك لو تحب نخلي دكتور نفسي يكشف عليها يمكن يقدر يخليها تحكيله عن اللي مزعلها و !!! "..
" لع.. متخليهاش تحكي مع حد واصل لحد ما اچي فاهمني زين يا دكتور.. أني دقايق وأبقى عندِك"..
هكذا قطع" عبد الجبـ.ـار " حديثه، و غادر الفراش مسرعًا من جوار زوجته ..
"أمرك يا عبد الجبـ.ـار بيه.. أنا في انتظارك"..
أغلق" عبد الجبـ.ـار " هاتفه، و ألقاه على أقرب طاولة بإهمال، و فتح الخزانة أخذ منها بعض الثياب، و قميص بلون الرمادي و سروال من اللون الأسود ، هرول نحو حمام الغرفة اختفى داخله بضع دقائق معدودة،و من ثم خرج و هو يغلق أزرار قميصه..
لف الحزام الجلدي حول خصره، و ارتدي حذاء أسود اللون، مشط شعره الكثيف بعناية فائقه، و نثر عطره المميز بسخاء، و خـ.ـطـ.ـف أغراضه المكونة من جزدانه الجلدي، هواتفه، مفاتيح سيارته،و سار لخارج الغرفة بخطوات واسعة..
"غيرت عليك منِها يا عبد الجبـ.ـار"..
أردف بها "خضرا" بصوت متحشرج بالبكاء، استيقظت حين وصل لأنفها رائحة عطره، جعلته يتوقف عن السير، و نظر نحوها وجدها تسحب الغطاء على جسدها العاري، و تعتدل بتكاسل جالسة تنظر له بخجل مكملة..
"غيرت غـ.ـصـ.ـب عني ياخوي.. مكنتش خابرة أن چوازك عليا هيبجي واچعه واعر أوي أكده و يخليني أكدب على البـ.ـنته المريـ.ـضة اللي كانت رايده تشوفك و أقولها أنك عنِدك شغل ياما و أني خابرة أن انهاردة يوم اچازتك"..
شعر بخنجر حاد يقطع نياط قلبه على حين غرة عنـ.ـد.ما أدرك سبب بكاء صغيرته، سيطر على انفعالاته المتضاربه بمهارة، و سار نحوها و مال على رأسها قبلها بعمق مرددًا..
" أنتِ تغيري عليا بكيفك يا غالية"..
رق قلبها ل" سلسبيل " بعدmا غمرها هو بفيض من كرمه و شغفه، و تفهمه لمشاعرها، فابتسمت له بحب مردفة ببكاء..
"روحلها .. روحلها اچبر خاطرها المكـ.ـسور زي ما چبرتني يا خوي"..
............................... سبحان الله العظيم 💐...
" سلسبيل "..
كانت بحالة يرثي لها، تبكي و تأن بضعف من تلك الوخزات المؤلمة التي تغزو صدرها و قلبها معًا، فما أصعب الشعور بالوحدة في وجود الزوج، و اليُتم في وجود الأب..
تسارعت دقات قلبها، و علقت أنفاسها بصدرها حين تسللت إلى أنفها عبق رائحتة، لوهلة ظنت أنها تتوهم وجوده لشـ.ـدة أحتياجها له،
لينفتح باب الغرفة، و دلف هو منه بهيئته التي تفقدها صوابها، تطلعت له بأعين تشتعل تتلهف لقربه، رائحته، لمسته، لكنها تظهر عكس ما بداخلها، تصطنع الجمود، رغم الضجيج الصارخ بأعماقها الذي يستجديه أن يشـ.ـد رحاله ما بين جبينها و شفتيها، لا يترك منزلًا مشتاقًا إلا ونزل فيه..
يعتصر ترددها و يخـ.ـطـ.ـفها من نفسها فيه، يوشم على خصرها بأنامله، يذيب خجلها بدفئ أحضانه، فهي كالطفلة الباكية طامعة بضمة تخفيها، تطالب نبضه لجنون نبضها يُجاريه، يغرقها عشقًا لا هدوء يُنهيه..
أشاحت وجهها للجهة الأخرى لتخفي فرحتها حين رأت لهفة عينيه الحادتين عليها لأول مرة ، قطع المسافة بينه وبينها بخطوتان، شهقت بخفوت حين استند على الفراش حولها بكلتا يديه، و مال بجزعه عليها أختلطت أنفاسهما، تأمل ملامحها بافتنان مغمغمًا..
"بجيتي مَراتي.. مَراتي يا سلسبيل"..
أجهشت بالبكاء و كأنها تشكو له بدmـ.ـو.عها ما عانته طيلة عمرها، رفع إحدي يديه و وضع أبهامه على شفتيها و هو يقول..
"هششش.. كفاياكِ بكي.. خابر أني عوقت عليكِ.. حقك عليا" ..
"اتأخرت عليا أوي يا عبد الجبـ.ـار.. أوي"..
همست بها بتقطع من بين شهقاتها الحادة، و هي تمتثل رغمًا عنها للسحر الذي يبثه لها بنظراته..
"أيه قولك أحكيلك حدوتة الچبر؟"..
قالها و هو يزيل عبراتها المنهمرة على وجنتيها بأنامله بمنتهي الرفق، نظرت له بعينيها نظرتها التي تُذيب قلبه المُتيم بها عشقًا،فتابع همسه الهادئ بجوار أُذنها بأنفاسه الساخنة التي تلفح نعومة بشرتها تجعل نبضات قلبها تخفق بين ضلوعها بجنون..
" چبر جلب السلسبيل"..
قالها و هو يميل عليها أكثر مطوقًا خصرها بذراعيه، و ضمها لصدره بعناق محموم حتى أخفاها تمامًا بين ضلوعه، تعلقت هي بعنقه كالغريق الذي تعلق بأخر أمل يجعله يتشبث في الحياة،
تجذبه عليها بضعف متنهده بأسمه بهمسها الذي أطار اللُب من عقله، فضمها له و هو يعتدل بها جالسًا، و بمنتهي الحرص أجلسها على قدmيه..
"يا بوي كأنك مولودة في جلبي"..
همس بها و هو يغمرها بقبلات متفرقة تخـ.ـطـ.ـف أنفاسها على كتفها، صعودًا بعنقها..
ماذا أريد
أريد الراحة و الأمان،
و أن أعيش ف أطمئنان،
و أن يكون لدي حصانة من غدر الزمان،
فهل يتحقق ما أريد،
أم يذهب طي النسيان،
أريد عوض قريب
من رب العالمين
لعله يستجيب
فهو جابر المنكـ.ـسرين.
خاطرة إهداء من المبدعة نيمو.. نرمين نصر..
↚"سلسبيل"..
بالنسبة لها لم يعد للحديث أي أهمية الآن، يكفي الصمت المُطعم بالتنهيد بعدmا تحقق أعظم أحلامها و حصلت على عناق الرجل الوحيد الذي جعل قلبها ينبض لأول مرة بالحياة، اتخذته شجرة يقطينها الطيبة، إذا البرد وارتعاشة الظلمة اجتاحتها احتمـ.ـيـ.ـت بأوراقه الدافئة..
تسرق لحظات من الزمن بين ذراعيه التي تحتويها بلهفة و إشتياق، عناق روحاني بعد قلق، خـ.ـو.ف، مأساة أنثى جمدتها أعوام القسوة، أعادها صوته طفلة و أذابت هي رجولته بضعفها الظاهر له وحده،
يغمرها بعناق محموم لم يكن له مثيل من قبل، تاركًا على جسدها أمان يديه، يدلل خجلها،يهديها ابتسامته كلما شعر بخـ.ـو.فها، لم يتحدث معاها و ظل صامتًا عنـ.ـد.ما رأي طقس حدقتيها الغائم الذي بكلمة حنان منه سينهمر المطر..
إلى أن تحدثت هي بعدm تصديق، بصوت مبحوح، مرتجف..
"عبد الجبـ.ـار.. أنت هنا معايا!!" ..
دست نفسها داخل صدره أكثر دافنه وجهها بصدره، و تابعت ببوادر بكاء..
"أنا في حـ.ـضـ.ـنك فعلاً و لا أنا بحلم زي كل يوم!!!"..
"في حـ.ـضـ.ـني يا سلسبيل ، و چوه جلبي كمان يا زينة البنات"..
قالها "عبد الجبـ.ـار" و هو يحتويها داخل جسده بحماية حين تكوّمة على نفسها بأحضانه أخذه وضع الجنين، و قد أعادها صوته لواقعها المرير، و صفعها القدر صفعة مو.جـ.ـعة و هي تتذكر وعدها ل "خضرا "..
حاولت السيطرة على مشاعرها التي تبعثرت بفعل قربه منها الذي يعصف بكل ذرة تعقل بها، و بدأت تبتعد عنه ببطء،خافضة رأسها بخزي من نفسها على أستسلامها الكامل له،
"لا لا مينفعش.. أبعد عني.. انا وعدتها"..
همست بها و هي تحرك رأسها بالنفي، و بدأت تدفعه بعيداً عنها بضعف، لكنه أحكم سيطرته عليها و أعادها مكانها بجوار قلبه المُتيم بها مردفًا بهدوء كأنه يحدث صغيرته..
"هي مين اللي وعدتيها، ووعدتيها بأيه.. قوليلي متخافيش مني واصل"..
" أبلة خضرا.. وعدتها أني مش هكون لك زوجة يا عبد الجبـ.ـار"..إجابته بصعوبة من بين شهقاتها العالية، و قد انفجرت في نوبة بكاء حادة..
رفعت رأسها و نظرت لعينيه بعينيها الحزينة الباكيه مكملة بأسف..
" جوازنا هيكون على ورق بس لحد ما اعمل العملية، و لو ربنا أراد و قومت منها يبقي"..
ابتلعت غصة مريرة بحلقها، و تتبعت بصوت يملؤه الألم..
"يبقي هطلقني، و لو مت تبقي تدفني أنت يا عبد الجبـ.ـار عند أهل أمي!!"..
استمع لها حتي أنهت حديثها، و إنهال على شفتيها و عنقها بشفتيه يلثمهما بحرارة تاركًا عليها إحدي علامـ.ـا.ته المميزة التي تستمر بالظهور لأيام،
تخدرت على أثرها جميع حواسها، لمسته لها تجعلها تغرق بأعماق بحر غرامة الذي يمنحها شعور بالإكتفاء الكامل جديد عليها كليًا جعلها تطلق آهة منتشية من بين شفتيها مرددة بخفوت بنبرة متوسلة..
"عبد الجبـ.ـار أرجوك.. أبعد عني..أرجوك كفايا"..
احتضن وجهها بين كفيه الضخمين أجبرها على النظر لعينيه اللاهثتين، و أخذ نفس عميق كمحاولة منه لأعادة أنفاسه المهتاجة التي سلبتها هي، و تحدث بصوته الأجش المزلزل لكيانها..
"أني مليش صالح بوعدك ل خضرا..أنتى دلوجيت بجيتي مَراتي يعني أني حقك و أنتي كلك من حقي، فلو أنتي مريداش حقي فيكِ، فأني رايد أعطيكِ حقك فيا و مهتنزلش عنِه واصل.. فاهمني زين و لا أقول كمان"...
"لا مش فاهمة".. همست بها بعدm فهم و هي تحرك أهدابها التي تغرقها عبراتها، لتراه يبتسم لها تلك الإبتسامة الجذابة مغمغمًا بمكر..
" يعني أني دلوجيت رچلك..زي خضرا تمام.. ليكي حق في مالي يبجي هچيبلك بيت من بابه اللي يعچبك و تشاوري بيدك عليه،
أچيبلك أغلى و أچمل شبكة تليق ببدر البدور"..
ذاد من ضمها له حتي لصقها به بطريقة حميمية مكملاً بهمس أمام شفتيها المرتجفه..
"أضمك لصدري.. أحاوطك بضلوعي و أزرعك چوه جلبي"..
علقت أنفاسها بصدرها حين سار بأنفه على وجنتها الناعمة الملتهبة من شـ.ـدة خجلها حتي وصل لأذنها و همس لها ببعض كلمـ.ـا.ت جعلها تشهق بقوة وأسرعت برفع كلتا يديها تخفي بهما وجهها و هي تقول بتقطع من فرط خجلها..
"اللي بتقوله ده مستحيل يحصل"..
" قد قولك ده يعني!!"..
أردف بها من بين ضحكاته الرجولية التي تدmر حصونها المنيعة، و يده تربت على طول ظهرها ببطء يخـ.ـطـ.ـف أنفاسها، و يجعل دقات قلبها تتسارع بجنون، فتطلعت له من بين أصابعها الموضوعه على وجهها، و همست بخفوت كالمغيبة قائلة..
" هحاول أكون قده"..
صمتت لبرهةً و تابعت بستحياء ..
"بس دلوقتي ممكن تحـ.ـضـ.ـني تاني"..
"تعالي يا عشج الروح"..
قالها و هو يخـ.ـطـ.ـفها داخل صدره بعناق دافئ جعل الأطمئنان يغلف قلبها، و الابتسامة تزين ملامحها رغم بكائها المستمر، فالرجل الحقيقي لا تقاس قوته بحجم عضلاته أو كثرة ماله بل بحجم الضحكة التي يرسمها على وجه أنثاه..
↚سطعت شمس نهار يومًا جديد،
إنتقلت "سلسبيل" من غرفة العناية بعدmا تحسنت حالتها بشكل أذهل الأطباء المشرفين على حالتها، بفضل الله أولاً و من بعده "عبد الجبـ.ـار" الذي ظل معاها الليل بأكمله محاوطها بذراعيه بحماية و يده تربت على ظهرها بحنان بالغ حتى رضاها و عالج جروحات قلبها الغائرة..
سنوات طويلة عانت خلالهم من قلة الراحة، لم تنعم بنومٍ أمن مثل اليوم و هي بين يديه رأسها تتوسط صدره، تستمع لنبضات قلبه التي أصبحت بالنسبة لها أجمل و أعـ.ـذ.ب الألحان..
بينما هو لم يغمض له جفن، ظل يتأملها بشغف، يحفظ أدق تفاصيلها، يغرقها بسيل من قبلاته الدافئة دون توقف، و كم راقه مذاقها جعله يتمني لو يأكلها كما لو كانت حبة فاكهة طازجة شهية سال لعابها لها..
صوت طرقات على باب الغرفة جعله يبتعد عنها على مضض،دثرها جيدًا بالغطاء و هب واقفًا و سار نحو الباب مهرولاً..
كانت "خضرا"..
تقف أمام باب غرفة "سلسبيل" بعدmا دلتها إحدي الممرضات عليها، تحاول إخفاء دmـ.ـو.عها التي تجمعت بعينيها، الغيرة نيران تنسكب على قلب العاشق، و هي تُهيم بزوجها عشقًا، ما تشعر به الآن ألم لا يوصف ينهش روحها ، رسمت ابتسامة باهته على ملامحها،و أخذت نفس عميق زفرته على مهلٍ و من ثم طرقت على باب الغرفة بيدها المرتجفة..
و ظلت واقفة تنتظر سماع صوت زوجها يأذن لها بالدخول، لا تريد اقتحام خلوته معاها حتي لا تري شئ يزيد من ألمها أكثر، شهقت بخفوت حين فُتح الباب فجأة، و خرج منه "عبد الجبـ.ـار" و أغلقه خلفه بحرص حتي لا يزعج تلك النائمة..
"تعالي يا خضرا.. رايد اتحدد وياكِ هبابة"..
قالها و هو يقبض على كف يدها برفق، و سحبها خلفه نحو مقاعد الإنتظار، اجلسها، و جلس على المقعد المجاور لها، و مازالت يدها داخل كفه،بل انه اعتدل تجاهها و ضم كفها بكلتا يديها مردفًا..
"خضرا يا غالية.. اسمعي حديتي اللي هقولهولك زين"..
كانت" خضرا " خافضة رأسها تخفي عبراتها التي خانتها و هبطت على وجنتيها فور وقوع عينيها على وجهه المشرق، و لمعة عينيه الجديدة كليًِا عليه و التي تظهر مدي فرحته الغامرة بعد قضاء الليل برفقة من عشقها قلبه، رغم أنه يجاهد حتي يظهر عكس ما بداخله،
" اتحدد ياخوي.. أني سمعاك"..غمغمت بها "خضرا" بابتسامة حزينة جعلته يصك أسنانه بقوة كاد أن يهشمهم، ساد الصمت بينهما للحظات كان هو يمسد على يدها بأنامله بحركة دائرية،و ينظر لعينيها نظرة راجية حتي تتوقف عن البكاء..
"غـ.ـصـ.ـب عني يا عبد الچبـ.ـار.. والله غـ.ـصـ.ـب عني..مقدراش.. نار جلبي واعرة قوي قوي و خايفة مِنها عليك و على البـ.ـنته الصغيرة اللي ملهاش ذنب في أي حاچة واصل"..
همست بها" خضرا" بتقطع من بين شهقاتها و هي ترفع كف يدها الأخرى و تضـ.ـر.ب علي موضع قلبها بعنف،
أسرع "عبد الجبـ.ـار" بأمساك يدها، و مال عليها قبلها بعمق، لتتوقف" خضرا " عن البكاء في الحال، ضحكت بخجل رغم عبراتها التي تهبط على وجنتيها، و حاولت سحب يدها من يده لكنه لم يتركها، بل أنه زاد من خجلها حين تنقل بشفتيه من يد للأخري مغمغمًا..
"إلا دmـ.ـو.عك أنتي يا غالية"..
" أنت اللي غالي يا أبو فاطمة"..
قالتها بستحياء بصوت بالكاد يُسمع من فرط خجلها..
رفع رأسه ونظر لها بابتسامته الجذابة مرددًا..
"كفاياكِ بكي عاد.. لو أني غالي عنِدك صُح"..
توقف عن البكاء في الحال بعد جملته هذه حتي تثبت له مدي غلاوته عندها، تنهد" عبد الجبـ.ـار" براحة حين هدأت نوبة بكائها..
"أني عمري ما يهون عليا زعلك، و لا وچع جلبك يا خضرا..زيي ما إني متأكد أن زعلي مهيهونش عليكِ واصل.. بس كمان لازم ت عـ.ـر.في أن سلسبيل بقت مَراتي هي كمان و ليها حقوق عليا و انتي مهيرضكيش ابجي ظالم واحده منِكم و عشان أكده اسمحيلي أكون چنب سلسبيل في شـ.ـدتها لأنها بقت مسؤلة مني"..
" وه.. بستأذني يا عبد الچبـ.ـار!!! "..
أردفت بها بعتاب مكملة..
" البـ.ـنته في شـ.ـدة و ملهاش حد غيرنا دلوجيت.. و أني كنت عفشة في حديتي وياها عيشة و تاه عن بالي تعبها و عتبانه على حالي والله يا خوي و مش هرتاح إلا لما أرضيها و احب على راسها كمان "..
ربتت على كتفه و تابعت بنبرة متوسلة..
" و أنت كمان يا عبد الچبـ.ـار اوعاك تزعل مني لو غيرت منِها عليك.. بيبجي غـ.ـصـ.ـب عني.. عقلي بيچن مني يخليني أقول حديت ماسخ ملهش عازة.. أبقى أصبر عليا و أني هعاتب روحي و اچي أتحقلك"..
تطلع لها بنظرات منذهلة، دومًا تبهره بقلبها الماسي، و معدنها الأصيل..
"طول عمرك أصيلة و بت أصول يا خضرا"..
قالها و هو يرفع كف يدها على شفتيه ويلثمه ثانيةً بحرارة، و انتصب واقفًا ساحبها معه و سار بها تجاه غرفة "سلسبيل" مكملاً ..
"أني هسيبك وياها و اطلع على الشركة عندي اچتماع مهم لازم احضره.. هخلصه و اعاود طوالي"..
قالها و هو يُكمل سير مبتعد عن الباب الذط توقفت أمامه "خضرا" لن يدلف للداخل برفقتها حتي لا تري نظرته لتلك الصغيرة و لهفة عينيه لها..
"روح أنت متشلش هم واصل.. أني هفضل وياها اهنه و هاخد بالي منِها لحد ما تعاود"..
قالتها" خضرا " و هي تفتح الباب و تخطو للداخل و اغلقته خلفها..
........................................لا إله إلا الله 💐........
مطار القاهرة الدولي..
أعلنت الميكرفونات عن وصول رحلة قادmة من كندا، وقف على باب الطائرة الذي فُتح للتو و أخذ نفس عميق يملئ رئتيه بهواء بلده الذي اشتاقها حد الجنون بعد غياب أكثر من ثمانية أعوام بالغربة، لم يأخذ خلالهم أجازة واحدة..
ترك بلده الحبيب و سعي وراء لقمة العيش، بعدmا عاني من الفقر الشـ.ـديد هو وأسرته فقد بسببه أحب و أغلى البشر لقلبه، حتي جائته فرصة السفر فأقسم أن لن يضيعها هباء، اجتهد و عمل في أصعب و أخطر المهن حتي تمكن من إثبات ذاته و أصبح ذو شأنً كبير في مدة قصيرة، و عاد أخيرًا حاملاً معه الخيرات لأهله..
هبط الدرج على مهلٍ و عينيه تدور بالمكان من حوله بلهفة،
مد يده لجيب سرواله أخرج هاتفه، ليصدح صوت رنينه فور فتحه، فتحدث هو بمزاح..
"جدي يا جدي يا جدي"..
"جابر.. يا حبيب جدك.. أنت فين يا ابني"..
"أنا في مصر.. رجعت يا جدي.. رجعت علشان أرجعلك بـ.ـنت بـ.ـنتك"..
صمت لوهلة و تابع بتنهيدة إشتياق..
"سلسبيل"..
...................................... لا حول ولا قوة الا بالله 💐.......
"سلسبيل"..
شحب لونها حين فتحت عينيها وجدت نفسها وحيدة بالفراش من دون زوجها، للحظة ظنت أنها كانت تتوهم وجوده معاها، و لكن رائحة عطره الذي يحاوطها جعلها تتأكد أن ما عشته كان حقيقي، لم يكن إحدي أحلامها..
انبلجت ابتسامة على شفتيها المتورمة أثر قبلاته و هي تستعيد ذكري لمساته و همساته لها التي تذيب قلبها، كانت "خضرا" مستندة بظهرها على باب الغرفة المغلق تتابعها بأعين جاحظة تنهمر منها العبرات بلا توقف حين لمحت آثار لمسات زوجها لها، و ما تركه من علامـ.ـا.ت مميزة على عنقها و شفتيها..
صوت أنينها وصل لسمع "سلسبيل" انتشالها من قاع أحلامها الوردية، بصفعة دامية اعادتها لواقعها المرير حين رأت حالة "خضرا" التي قطعت نياط قلبها على حين غرة..
"أبلة خضرا".. همست بها و هي تعتدل جالسة بوهن..
"كفاية عـ.ـيا.ط ونبي يا أبلة خضرا.. حقك عليا والله"..
قالتها ببوادر بكاء و هي تحاول مغادرة الفراش بضعف،تمكنت من الوقوف بصعوبة بالغة، وحاولت تسير نحوها لكن تهاوي جسدها لم يسعفها فسقطت جالسة أرضًا بقوة..
"يا جلبي يا بتي".. صرخت بها "خضرا" و هي تركض نحوها، و جلست على ركبتيها أرضًا أمامها تتفحصها بلهفة و تساندها بحرص حتي اعادتها لفراشها مرة أخرى..
"أنا أسفة.. حقك عليا"..
همست بها "سلسبيل" ببكاء حاد و هي ترتمي داخل حـ.ـضـ.ـنها و تبكي بنحيب..
ربتت "خضرا" على شعرها بحنو، و تحدثت بابتسامة رغم عبراتها التي تهبط على وجنتيها ببطء..
"إني مش زعلانة منِك يا خيتي..بالعكس أني زعلانة من طريقة حديتي الماسخ وياكِ.. عبد الچبـ.ـار بجي چوزك زي ما هو چوزي و ليكِ حق عليه زيي تمام، و عشان أكده أني بحلك من وعدك ليا"..
رفعت" سلسبيل" رأسها و نظرت لها بذهول، لتزيل "خضرا" دmـ.ـو.عها بيدها الحنونة و تابعت بغصة يملؤها الأسى ..
" بس متبجيش تاخدي على خاطرك مني لما أزيط فيكِ سواعي أكده من غيرتي و حرقة جلبي يا سلسبيل "..
" صعبتيها عليا أكتر بحنيتك، و طيبة قلبك دي يا أبلة خضرا".. أردفت بها" سلسبيل" بأسف، واجهشت ببكاء مرير مكملة..
" مش هيهون عليا أحرق قلبك حتي لو التمن قلبي أنا"
↚مر يومان..
لم يستطيع "عبد الجبـ.ـار" الانفراد ب "سلسبيل" منذ خروجها من غرفة العناية،فقد طلبت هي من الممرضات بالمشفى عدm تركها معه بمفردها بعدmا رأت ضعفها المخزي بين يديه،
لهفتها عليه تلغي كل ذرة تعقل بها، خاصةً بعد عناقهما الذي أصبح إدmان بالنسبة لهما، كل لحظة تمر عليها تحترق شوقًا لضمة من صدره ، لكنها صامدة لخاطر" خضرا" التي تعتني بها بحب صادق رغم حـ.ـز.نها و ألم قلبها الظاهر بعينيها يجبرها على الإبتعاد عن زوجها قدر الإمكان حتي لا تُزيد و.جـ.ـع غيرها، بينما و.جـ.ـعها هي يتضاعف..
حسمت قرارها ولن تتراجع فيه، ستبتعد وقتما تستعيد قواها و تتمكن من النهوض و السير بمفردها حينها ستتركه لعائلته دون وداع حتي، فهي على درايه كاملة أنه لن يعطي لها أبدًا فرصة الهروب منه..
"أحنا بقينا عال يا مدام سلسبيل، و ممكن اكتبلك على خروج انهاردة"..
قالها الطبيب فور أنتهاءه من فحصها بدقة تحت أنظار "عبد الجبـ.ـار" المرتعدة من شـ.ـدة خـ.ـو.فه عليها، و "خضرا" التي صدح صوتها بزغروطة تعبر بها عن فرحتها..
"صُح حديتك يا دكتور.. يعني هي بقت زينة"..
قالها" عبد الجبـ.ـار " بهدوء عكس ضجيج قلبه، ليجيبه الطبيب بأسف قائلاً..
"هي حالتها أصبحت مستقرة الحمد لله.. فأحنا هنعتبر خروجها من المستشفى هدنة بسيطة هتمشي فيها على علاج مهم جداً.. تاخده في ميعاده بانتظام لأن الخطر لسه موجود و علشان كده ممنوع الزعل نهائي.. أو أي مجهود تعمله حتي لو بسيط"..
"أني هحطها چوه عنيا و مهخلهاش تعمل حاچة واصل يا دكتور"..قالتها" خضرا " و هي تقترب منها تهنـ.ـد.م ثيابها، و تربت على صدرها بحنو..
" تسلميلي يارب يا أبلة خضرا.. ربنا ميحرمنيش من حنيتك عليا"..
همست بها" سلسبيل " بخفوت و هي تبتسم لها ابتسامة باهتة تخفي بها عبراتها التي ترقرقت بعينيها..
بادلتها" خضرا " ابتسامة دافئة وهي تقول..
" ولا يحرمني منكِ يا خيتي"..
بينما "عبد الجبـ.ـار" سار برفقة الطبيب خارج الغرفة، لتتسع ابتسامة" خضرا " مغمغمة..
"أيوه أكده روقي يا حبيبتي و قومي على حيلك و ارچعي دارك نوريه و فرحي جلبي و جلب چوزك"..
صمتت لبرهةً و تابعت بمزاح..
"و افقعي عين و مرارة بخيتة"..
حركت "سلسبيل" رأسها لها بالنفي و همست بضعف قائلة.. "ده بيتك أنتي و هيفضل بيتك لوحدك و عمري ما هشركك فيه يا أبلة خضرا.. أنا ضيفة عندك و هيجي اليوم اللي همشي فيه و بتمني يكون في أقرب وقت ممكن"..
"وه ليه يا بتي بتقولي أكده.. أنتي خلاص بجيتي مَرات عبد الچبـ.ـار اللي بمشيئة الله هتچبر خاطره و تچبله الواد اللي بيتمناه من سنين طويلة"..
رسمت غضب مصطنع على ملامحها البشوشة و تابعت..
" ويكون في علمك أني هكون أم الواد زيكِ و يمكن أكتر كمان.. هيكون ابني اللي مخلفتهوش يا سلسبيل "..
فتحت" سلسبيل " فمها و همت بالحديث لكن"خضرا " أوقفتها حين قالت..
" خلينا نفرح لول بخروچك بالسلامة.. أني ندراها يوم ما ترچعي على الدار هعمل ليلة كبيرة و وكل ياما بيدي لخاطر عيونك أنتي يا ست البـ.ـنتة"..
أطبقت" سلسبيل " جفنيها بعنف كمحاوله منها لكبح عبراتها التي تجمعت بحدقيتها بسبب معاملة "خضرا" معاها التي تجعل إصرارها بالابتعاد عن زوجها يزداد..
...................................لاحول ولا قوة الا بالله 💐...
" المنصورة "..
" جابر" تسعة و عشرون عامًا.. شاب مكافح بني نفسه بعمله الشاق داخل بلده و خارجها ،حتي تمكن من تحقيق الكثير من أحلامه، لكن أهم حلم بحياته بأكملها لم يستطيع تحقيقة حتي الآن، لكنه لم و لن يتوقف عن السعي حتي يصل لغرضه و يحقق هذا الحلم مهما كلف منه الأمر..
صف سيارته أحدث الموديلات أمام منزل حديث الطراز، جلس شارد داخل السيارة، و مد يده لجيب سرواله الخلفي اخرج جزدانه الجلدي فتحته على مهلٍ و اخرج ورقة قديمة مطوية أكثر من مرة فتحها بحرص و يتطلع لصورته المرسومة بأحترافية رسامة ماهرة برفقة فتاة صغيرة ممسك بيدها ، يسير بها تجاه مدرستها..
انبلجت ابتسامة على ملامحه الوسيمة حين صدح صوتها الطفولي العـ.ـذ.ب يرن بأذنه..
.. فلاش باااااااااااك..
كان بعامه السبعة عشر، و هي بعمر السابعة.. يعاملها كما لو كانت ابـ.ـنته من شـ.ـدة اهتمامه بأدق تفاصيلها، حتي أصبحت هي معلقة به أكثر من والديها..
"شوفت رسمتي الجديدة حلوة إزاي"..
أخذها منها و تأملها بانبهار مدmدmًا..
"دي حلوة أوي يا سلسبيل.. بس قوليلي تقصدي بيها مين يا تري!!" ..
اجابته بتلقائية..
"اقصدنا سوا.. رسمتك و رسمتني و أنت بتوديني المدرسة يا جابر"..
مسح على شعرها بحنان، و مال على وجنتيها الممتلئة لثمها بعمق مغمغمًا..
"عقبال ما أوديكي الكلية كمان يا عيون جابر"..
التمع الحماس بعينيها الجميلة بلونهما الأخضر الصافي، و تحدثت بفرحة غامرة.. "هتوديني الكلية اللي قولتلي عليها بتاعت الرسم"..
" هوديكي يا حبيبتي.. هو أنا عندى كام سلسبيل"..
قالها و هو يدغدغها كعادته معاها و هي تضحك بقوة ضحكتها الملائكية التي تأثر القلوب .. لم يمر على هذا اليوم سوي أسبوع واحد و انقلبت حياتهما رأسًا على عقب..
.. نهاية الفلاش باااااااك..
. بشقة واسعة تتميز برقي أثاثها، نجد "فؤاد" رجل كفيف بأواخر عقده السادس يجلس على أريكة ممسك مسبحته يسبح عليها كعادته..
"صباح الورد على أحلى جدو فؤاد في الدنيا"..
أردف بها "جابر" الذي دلف للتو من الخارج، و اقترب منه، مال عليه و قبل يده و جبهته بحب مكملاً..
"أيه اللي مصحيك بدري كده يا حبيبي"..
"مستنيك من إمبـ.ـارح يا جابر يا ابني.. كنت فين طول الليل يا حبيب جدك"..
جلس "جابر " على الاريكة جواره، و تنهد براحة مغمغمًا..
"وصلت أخيراً لعنوان سلسبيل بـ.ـنت بـ.ـنتك يا جدي"..
تهللت أسارير "فؤاد" مردفًا بلهفة..
"فين يا جابر.. خدني عندها يا ابني.. خدني عندها الله لا يسيك يا جابر"..
" أهدي يا جدي..انا هجبهالك لحد عندك اطمن"..
قالها و هو يجذب رأسه لصدره و ضمه بحنو مكملاً..
"انهارده هروح اجابها.. مش هسيبها بعيد عن حـ.ـضـ.ـننا تاني أبدًا "..
.......................... سبحان الله العظيم 💐...
أمام منزل" عبد الجبـ.ـار "..
فرقة من أشهر فرق الفنون الشعبية ترقص الخيول على المزمار البلدي أصرت "خضرا" على أحضارهم ، و صدح صوت طلقات نارية فور وصول سيارته التي توقفت بمكانها الخاص داخل حديقة منزله..
هبطت "خضرا" التي كانت تجلس بجواره بعدmا فشلت في إقناع "سلسبيل" بالجلوس بالمقعد المجاور لزوجها و فضلت الجلوس بالخلف ..
طيلة الطريق كانت عينيها تتهرب من نظرة "عبدالجبـ.ـار" التي تحاصرها عبر المرآه، كانت فرحته بخروجها من المشفى ليس لها مثيل،و كأن قلبه عادت له الحياة برجوعها له..
استدارت "خضرا" مسرعة نحوها و فتحت باب السيارة، و مدت يدها لها تساعدها، و تساندها و هي تزغرط بلا توقف أمام أعين "بخيتة" المتآججة..
تقف على باب المنزل تتابع ما يحدث بغـ.ـيظ و غضب عارم و هي تري قوة "خضرا" تتضاعف بوجود "سلسبيل" وهي كانت تظن أنها كـ.ـسرت أنفها بزواج ابنها من امرأه غيرها، و ستصبح الكلمة الأولى و الأخيرة لها هي،
"شيل مَراتك يا خوي"..
أردفت بها "خضرا" حين شعرت بتهاوي جسد "سلسبيل" التي تسير بصعوبة بالغة بسبب ضعفها الشـ.ـديد..
لم يجعلها "عبد الجبـ.ـار" تُعيد جملتها مرتين، و قطع المسافة بينه و بينهما و حملها على ذراعيه بخفة كأنها لم تزن شيء، بل هي بالفعل ضئيلة للغاية، و جسدها صغير بين ضخامة جسده العريض..
دلف بها لداخل المنزل محمولة علي يديه، محاوطها بحماية كالحصن المنيع أمام أعين "بخيتة" المنذهلة من أفعال "خضرا" التي كانت تسير خلفهما تسقف، و تزغرط، بل وصل بها الأمر أن تتمايل راقصه بذراعيها و هي تلاعب لها حاجبيها..
"حمد لله على سلامة مَراتك يا ولدي"..
نطقت بها "بخيتة" من بين أسنانها و هي ترمق "سلسبيل" المستندة برأسها على كتف زوجها بنظرات كالسهام القـ.ـا.تلة..
" الله يسلمك يا أمه"..
قالها "عبدالجبـ.ـار" وهو يتابع سيره بها متجه نحو غرفتها، لتتسع أعين "بخيتة" بصدmة حين نظرت لها" سلسبيل " و أخرجت لسانها لها بحركة أستفزازية جعلت النيران تشتعل بداخلها أكثر..
" اه يا بت المركوب".. تمتمت بها بسرها، لتقفز فجأة بفزع حين اقتربت منها" خضرا " و زغرطت داخل أذنها بصوت عالِ للغاية مرددة..
"الليلة فرحتنا كبيرة بخروچ عروسة سيد الدار بالسلامة يا أمه بخيته.. وإني نادراها هعمل وكل ياما و أوزع على الخلق بيدي"..
"اممم و ماله.. اعملي و وزعي ما هو كله خير ولدي"..
قالتها "بخيتة" و هي تسير من أمامها بخطوات غاضبة، و هي تسب و تلعن بسرها كعادتها..
........................ صلِ على محمد 💐......
" خضرا"..
دلفت خلف" عبد الجبـ.ـار " غرفة" سلسبيل " كان هو يضعها على الفراش برفق و كأنها بلورة باهظة الثمن يخشي عليها من الكـ.ـسر، سحب يده من حولها متعمد لمسها بطريقة حميمية كادت أن توقف قلبها من عنف دقاته..
"هروح أنا اتسبح و أغير خلجاتي على ما تچهزي الوكل يا خصرا"..
قالها و هو يغادر الغرفة، و يسير للخارج بعدmا اطمئن على صغيرته التي تجهز لها "خضرا" ثياب بيتيه، و جلست بجوارها لتساعدها على تغير ثيابها..
"عنيا يا أبو فاطمة.. هساعد البـ.ـنته و اسيبها ترتاح هبابة و هقوم اچهز الوكل طوالي"..
أردفت بها و هي تخلع لها حجابها بعدmا تأكدت من خروج زوجها وغلق الباب خلفه..
"أبلة خضرا ممكن تبعتيلي فاطمة و حياة يقعدوا معايا على ما انتي تخلصي اللي بتعمليه و تيجي"..
تفهمت" خضرا " المخزي وراء طلبها هذا، تراقص قلبها فرحًا حتي إنها لم تستطيع إخفاء فرحتها هذه، و ردت عليها دون أدنى إعتراض بعدmا ربحت غيرتها مجددًا..
"حاضر يا خيتي.. هقولهم يفضلوا وياكِ على ما أچيكِ بالوكل لاچل ما تاكلي زين و أعطيك علاچك بيدي"..
نظرت لها "سلسبيل " بابتسامة تتعجب من حنانها عليها و غيرتها منها بأن واحد..
.................................لا إله إلا الله 💐...
..بعد مرور أقل من ساعة..
ممدة على الفراش تتابع بنات زوجها يلعبان بجوارها بعرائسهما البـ.ـاربي، انبلجت ابتسامة حزينة على ملامحها الجميلة و هي تتأملهما، لم يأخذان من والدهما سوي رسمة عينيه الواسعة ذات الرموش السوداء الطويلة،
تلاشت ابتسامتها حتي اختفت تمامًا و حل مكانها الخجل الذي جعل وجنتيها تتورد بحمرة قاتمة حين تسللت لأنفها رائحة عطره التي تحفظها عن ظهر قلب،
علقت أنفاسها بصدرها، و نظرت تجاه باب الغرفة بلهفة تنتظر طالته عليها بنفاذ صبر، تسارعت نبضات قلبها حين وصل لسمعها صوت خطوات قدmيه تقترب، و من ثم طرق برفق على الباب و دلف للداخل غالقه خلفه، و عينيه تدور بحثًا عنها بإشتياق واضح على قسمـ.ـا.ته الصارمة..
يا إلهي تشتاقه حد الجنون !!!
رفرف قلبها بشـ.ـدة بين ضلوعها حين طل عليها بهيئتة التي تذيب عظامها و تخـ.ـطـ.ـف أنفاسها ، نظراتها تشمله بتفحصٍ لا يخلو من الإعجاب، جلبابه الأسود الذي يظهر عرض كتفيه و ذراعيه المعضله زاده هيبه و وقار ..
"أبوي!!"..
نطق بها الفتاتان و هما يركضان نحوه، أرتموا داخل حـ.ـضـ.ـنه، فضمهما هو له بحب شـ.ـديد، و عينيه مثبته على تلك الصغيرة التي تطلع لهم بابتسامة فاتنة، و كم تمنت لو تركض هي الأخرى و تختبئ بين ضلوعه،
"اتواحشتكم قوي قوي"..
قالها "عبد الجبـ.ـار" قاصدها هي بها، عينيه ترمقها بنظرة معاتبة على معاملتها له التي تبدلت للنقيض دون مبرر أو سبب واضح..
ابتعدت هي بعينيها عنه سريعًا، و قد عادت ملامحها للجمود ثانيةً و سحبت عليها الغطاء تخفي به منامتها القطنية ذات اللون الوردي التي تظهر جمال عنقها المرمري، و بداية صدرها بسخاء..
"قاعدين أهنه و سايبين أمكم تحضر الوكل لحالها أكده "..
قالها و هو يبتعد عن الباب، مكملاً.. "همي يا فاطمة و خدي خيتك وياكِ!!"..
لم تدعه "سلسبيل" يُكمل حديثه حين قطعته قائلة بصوت مرتجف يظهر مدي تـ.ـو.ترها..
"لا سيبهم.. أنا قولت لابلة خضرا عايزاهم يفضلوا معايا"..
رفع حاجبيه و رمقها بنظرة منذهلة، أكدت هي الآن ظنونه بها و أصبح على يقين أنها تتهرب من وجودها معه بمفردهما..
" امممم وماله يفضلوا ، و أني كمان هفضل وياكِ"..
قالها و هو يسير نحوها بخطي بطيئة أثارت الريبة بداخلها، و قد اعتلت ملامحه ابتسامة ماكرة ذادت من تـ.ـو.ترها، و جعلت أنفاسها تتلاحق حين وجدته جلس بجانبها على الفراش المسافة بينهما لا تُذكر..
جحظت عينيها بصدmة حين شعرت بذراعه يتسلل من أسفل الغطاء و يلتف حول خصرها مستغل انشغال الفتاتان باللهو مرة أخرى، و جذبها عليه لصقها بجزعه العلوي كتفها الأيمن يتوسط صدره..
"عبد الجبـ.ـار".. همست بها بتحذير، و هي تتنقل بعينيها بينه و بين الصغيرتان..
"اتوحشتك يا سلسبيل.. اتوحشتك قوي"..
همس بها داخل أذنها، و هو يزيل خصلاتها الحريرية بيده الأخرى، و أنامله تتحسس نعومة بشرتها بلمسات جعلت جسدها ينتفض بقوة بين يديه حين شعرت بأنامله تضغط على خصرها بعنف محبب..
أخذ نفس عميق يملئ رئتيه بعبق رائحتها، و عينيه تجول على وجهها يتفرس ملامحها، حتي توقف بنظره علي شفتيها، ابتلع لعابه بصعوبة مكملاً..
"حرماني منكِ ليه يا عشج الجلب و الروح"..
قالها و هو يسحب الغطاء بعيدًا عن عنقها حتي ظهرت مقدmة صدرها أمام عينيه التي تتآجج بها رغبته فيها..
أطلقت آهه خافته حين ضمها له بقوة أكبر و يده تتحرك ببطء على خصرها صعودًا إلى صدرها، فأسرعت هي بالقبض على كفه و همست بنبرة مرتجفة متوسلة..
" عبد الجبـ.ـار علشان خاطري كفاية"..
"عبد الجبـ.ـار"..!!!!
↚بخيتة"..
كانت تقف على باب غرفة "سلسبيل" تتجسس كعادتها، لكنها لم تستمع لحديثهما بسبب صوتهما الخفيض، فتحت باب الغرفة دون سابق إنظار و دارت بعينيها تبحث عنهما، كان "عبد الجبـ.ـار" يجلس بجوار زوجته على الفراش، منفصلان عن العالم حولهما بنظرتهما لبعضهما، كلاً منهما يذوب بعين الأخر..
نظرته لها نظرة عاشق أرهق قلبه البعاد، و نظرتها هي له نظرة تائهه في بحر الحرمان و أخيرًا و جدت بر الأمان، يلجم نفسه عنها بصعوبة بالغة، لوجود ابـ.ـنتيه معه في الغرفة، لولهما لكان انقض عليها و التهمها كما لو كانت أشهى المؤكولات التي حصل عليها في حياته بأكملها،
لم ينتبه على الإطـ.ـلا.ق ل "بخيتة" الواقفة تتابعهما بنظرات يملؤها الغيرة، و الحقد الدفين على "سلسبيل"،تطلع لهما بأعين متسعة على أخرها حين وجدت ابنها يميل بوجهه على شعر زوجته و يأخذ نفس عميق غالقًا عينيه باستمتاع، و يمطرها بقبلات متتالية على خصلاتها الحريرية و هو يهمس لها بكلمـ.ـا.ت غزل تداعب أنوثتها، و تجبرها على الابتسامة وهي تدفن رأسها بصدره مردده اسمه بخجل..
"عبد الچبـ.ـار!!!!"..نطقت بها "بخيتة" إعادتهما للواقع من جديد، انتفضت "سلسبيل" بفزع و أسرعت بالاختباء داخل حـ.ـضـ.ـن زوجها، بينما هو لم تهتز شعره واحده من رأسه، بل ضم زوجته داخل صدره بلهفة و يده تربت على شعرها و ظهرها برفق مغمغمًا..
"خير يا أمه؟"..
"اممم كل خير يا ولدي".. دmدmت بها و هي تسير نحوهما حتي توقفت بجوار "سلسبيل" التي انكمشت على نفسها داخل حـ.ـضـ.ـن زوجها، و قد ظهر الضيق على ملامحها الشاحبة، و بدأ صوت أنفاسها يعلو بعدmا شعرت بالهواء يتلاشي من حولها خاصةً حين لمحتها تستعد للجلوس بجوارها و بالتأكيد لن تتوقف عن لكمها في الخفاء كما تعودت منها على مثل تلك الأفعال الحمقاء..
تفهم زوجها سبب ضيقها، و داهمته ذكري أفعال والدته معاها في السيارة وقت عودتهم من الصعيد فحملها بين يديه فجأة جذبها عليه جعلها تشهق بقوة حين وجدت نفسها تجلس على قدmيه، تطلعت له مذهولة و قد لجمتها الصدmة و هي تراه يتحرك بها حتي أصبح هو بمكانها بجوار والدته، و وضعها على مهلٍ متعمد ملامسة جسدها بجسده بحميمية زلزلت كيانها كله دفعه واحدة..
"وه بتبعدها عني ليه.. هاكلها إياك!!"..
قالتها "بخيتة" بغضب و هي ترمقها بنظرات مشتعلة، لكنها لم تأبي لها "سلسبيل" مطلقًا فقد كانت تجاهد لتلتقط أنفاسها التي سلبها زوجها بعد فعلته الجريئة معاها..
جلس "عبد الجبـ.ـار" بأريحية ساحبًا الغطاء عليه هو وزوجته، و ذراعه مازال ملتف حول خصرها يوشم بأنامله عليه بلامساته الخبيرة، و برغم قربها الذي يفقده صوابه إلا أنه تحدث بثبات قائلاً..
"أني رايد أكون بناتكم أكده يا أمه فيها حاچة دي.. ولا أنتي معوزاش تقعدي چاري"..
ربتت" بخيتة " على كتفه و هي تقول..
"معوازش غير أني أكون چارك أنت و ولادك يا ولدي.. و مستنيه اليوم اللي ربنا يمن عليك فيه ويرزقك بالواد اللي يشيل اسمك واسم أبوك و يكون سند ليك و لبناتك يا ضنايا "..
رغم اللامبالاة التي تزين محياة، يظهر عكس ما بداخله و أنه غير عابئ لحديثها إلا أنه يتمني و يدعو من صميم قلبه ليري ابن له من صلبه يحمل أسمه، شعرت" سلسبيل " بتشنج جسده حولها، و يده التي سارت ببطء، و حرص شـ.ـديد حتى قبض على كفها و ضغط عليه بخفة كانت بمثابة ضغطه على قلبها يخبرها بها أنه يريد أبنه منها هي ..
في حين أنها تتمني أن تصبح أم لطفله أكثر منه، و لوهلة تخيلت أنها تحمل في احشائها مولودها من الرجل الوحيد الذي جعل قلبها ينبض لأجله.. أغمضت عينيها بابتسامة دافئة و قد شعرت بفرحة غامرة من مجرد التخيل فقط، لينتشلها صوت "بخيتة" البغيض من أحلامها الوردية، و تصفعها صفعة دامية بحديثها القـ.ـا.تل حين قالت ..
"بس هيچي منين الواد و أنت يا نضري متچوز اتنين حريم زي قلتهم.. واحده قطعت الخلف بدري"..
نظرت ل "سلسبيل" و تابعت بجملة كادت أن تزهق روحها من شـ.ـدة الو.جـ.ـع التي شعرت به..
"و التانية مَراتك الخبيثة وافجت على چوازك منِها بعد ما سألت الحكيم و عرفت أنها لا تقدر على حبل و لا خلفة و لا حتي تقدر تعطيك حقوقك"..
انتظروا باقي الحلقة في أقرب وقت ممكن بأمرالله..
سمحوني أقسم بالله تعبانه جددداااااا مش قادره أكمل كتابة.. مش هيحس بيا إلا اللي بيتعالج من الجيوب الأنفية و عارف الصداع و و.جـ.ـع العين في كل رمشة اللي حاسة بيه ربنا يكفيكم الشر جميعاً..
دعواتكم بالشفاء العاجل غير الأجل يا حبايبي..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة.
↚"بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم "..
مر اليوم بسلام و عاد "عبد الجبـ.ـار" يباشر عمله، و للعجب لم يتحدث مع "خضرا" على ما قالته له والدته عن فعلتها بحقه و حق من تعتبرها في مقام والدتها التي حُرمت منها، لم يلمح لها عن الموضوع على الإطـ.ـلا.ق، متفهم لأقصى حد مشاعرها و غيرتها العمياء عليه التي دفعتها إلى تلك الحيلة حتى تتأكد أنه لن يكن في يوم لأمراءة غيرها..
و لكن إذا ذاد الشيء عن الحد ينقلب للنقيض على الفور، غيرتها عليه تتصاعد و تجبرها على التفكير في فعل أشياء لم تخطر على بالها بيومٍ خاصةً بعدmا قرأت ما يدور بذهن زوجها الذي ينوي تقسيم الأيام بينهما بالعدل..
هذا يعني أنه يريد قضاء الليل بأكمله مع غريمتها داخل غرفة مغلقة عليهما!!!
يا الله لقد جن جنونها من مجرد التخيل فقط، هي لم تنعم بنومٍ أمن إلا داخل ذراعيه، منذ زواجهما و لم تبتعد عنه و لو ليلة واحدة، و إذا تأخر بعمله ذات مرة تظل مستيقظة حتى عودته..
الآن أدركت أن قرار موافقتها على زواج زوجها نبض قلبها هو أسوء بل أبشع قرار أتخذته بحياتها، حتي بعد حديثها مع الطبيب المسؤل عن حالة "سلسبيل" و ثقتها أنها ستظل زوجة علي الورق إلا أنها تشعر بلهفة زوجها عليها رغم براعته في إخفاء مشاعره حفاظًا على شعورها،
فهل سيظل محتويها هكذا و متفهم لغيرتها الزائدة عليه أم سينفذ صبره عليها و ينتصر شوقه لمعشوقته الصغيرة؟!..
........................ لا إله إلا الله......
"سلسبيل"..
كانت تجلس داخل شرفة غرفتها، تتابع بنات زوجها الجالستان أمامها مشغولين بكتابة دروسهما، انبلجت شبه ابتسامة حزينة على ملامحها الجميلة الذابلة عنـ.ـد.ما لمحت أدوات الرسم بحقيبة أحدهما..
"ممكن أشوف كراسة الرسم و الألوان بتاعتك يا فاطمة".. نطقت بها"سلسبيل " بصوتٍ متحشرج بالبكاء، فأسرعت الصغيرة بالرد عليها و هي تخرج الكراس من حقيبتها برفقة علبة الألوان، و مدت يدها لها بهما مرددة..
"ممكن طبعًا يا خالة.. اتفضلي"..
مدت "سلسبيل" يدها المرتجفه، و أمسكتهما منها و هي تقول..
" ينفع أرسم لك حاجة في الكراسة، و لا المدرسة بتاعتك ممكن تزعل منك"..
"لا اطمني مافيش حد يقدر يزعلني واصل.. المدرسة كلها خابرة زين إني أبوي عبد الجبـ.ـار المنياوي اللى بيخاف علينا ياما و زعله واعر قوي قوي"..
أردفت بها الفتاة بفخر و اعتزاز بوالدها، جعلت إبتسامة"سلسبيل " تتسع حين ذكرت إسم زوجها الذي يحاوط الجميع بأهتمامه و خـ.ـو.فه عليهم،و كم تمنت لو كان والدها يكن لها السند و الأمان لكنه كان هو من يتسبب دومًا في خذلها و طعن قلبها بسكينٍ بـ.ـارد..
أطلقت زفرة نزقة من صدرها، و أمسكت الكراس و الألوان بلهفة طفلة صغيرة حصلت على لعبتها المفضلة، و بدأت تستعيد موهبتها المدفونة التي فصلتها عن العالم بأكمله و عن كل ما مرت به طيلة عمرها،
ظلت ترسم ببراعة رسامة محترفة رغم إنها توقفت عن الرسم تمامًا منذ سنوات طويلة،
"الله أنتي رسمك حلو قوي!!"..
قالتها "فاطمة" بانبهار و هي تطلع لرسمة "سلسبيل"..
"يله يا خيتي الوكل چاهز"..
كان هذا صوت "خضرا" التي دلفت للتو حامله طعام العشاء على يدها، و ضعته على أقرب طاولة، و سارت نجاه الشرفة و هي تقول..
"لازم تتغذي زين لأجل ما أعطيكِ دواكي "..
كانت تتحدث بتـ.ـو.تر بادي عليها تشعر بالاحراج منها بعد ما قالته لها حمـ.ـا.تهما، متعمدة عدm النظر بعينيها، تمثل إنشغالها بجمع أغراض بناتها..
بينما "سلسبيل" أنهت رسمتها، و ضمت الكراس لصدرها، و رفعت وجهها نظرت ل "خضرا" بابتسامتها الهادئة..
"يا أمه خالة سلسبيل رسمها كيف الحقيقة بالتمام"..
تبادلت ملامح "خضرا" الحنون لأخرى غاضبة، و نظرت تجاه "سلسبيل" بابتسامة مصطنعة مدmدmة..
"امممم.. و يا ترى بترسمي على أية يا خيتي؟"..
قالت جملتها هذه و صوبت نظرها تجاه الكراس المستقر داخل حـ.ـضـ.ـن "سلسبيل"، و قد ظنت إنها رسمت زوجها، و بدأت تستعد لعراك شـ.ـديد معاها لو تأكدت من ظنها بها..
بينما "سلسبيل" تتابع تعابير وجهها التي لا تبشر بالخير أبدًا، و لا تنكر إنها و لأول مرة تشعر بالخـ.ـو.ف منها بعدmا كانت الإنسانة الوحيدة التى تشعرها بإن مازال بشر بقلوبهم رحمة على ضعفها..
رمقتها "سلسبيل" بنظرة عاتبة، و من ثم أعطت لها الكراس،لتجذبها "خضرا" منها بعنف و تطلعت عليها مسرعة لتجحظ أعينها على أخرها حين رأت صورة مطابقة بالمثل، كأنها تنظر لانعكاس صورتها بالمرآه، لوهلة شعرت بأن دلو من الماء البـ.ـارد سقط فوق رأسها،
"دي إني!!!".. أردفت بها بخفوت و هي تتنقل بنظرها بينها و بين "سلسبيل" التي ابتسمت لها قائلة..
"قولت أعملك حاجة بسيطة أفرحك بيها يا أبلة خضرا"..
ترقرقت أعين "خضرا" بالعبرات، و سارت نحوها حتى توقفت أمامها مباشرةً، نظرت لها بصمت قليلاً و من ثم تحدثت بأسف قائلة بصوتٍ خفيض..
"مش بيدي.. مش بيدي يا سلسبيل.. مكنتش خابرة إن وچع الغيرة واعر قوي قوي أكدة"..
صمتت لبرهةً تحاول السيطرة على دmـ.ـو.عها التي تخونها وتنهمر علي وجنتيها، و تابعت بنبرة راجية..
"أوعكِ تزعلي مني يا خيتي..أنتي غالية عندي يا سلسبيل"..
رفعت قبضة يدها و ضـ.ـر.بت على موضع قلبها بعنف مكملة..
" بس مش أغلى من رچلي.. نبض جلبي"..
أسرعت" سلسبيل " بأمساك يدها تمنعها من لكم نفسها مرددة بتأكيد..
"أنا عارفة يا أبلة خضرا.. و عذراكي والله.. و عايزاكي تطمني أنا لو فضلت عايشة و ربنا كتبلي عمر مش هفضل هنا معاكوا و لا هفضل على ذمة عبد الجبـ.ـار أول ما أعرف مكان أهل أمي همشي من هنا "..
" عبد الچبـ.ـار عرف مكانهم".. نطقت بها "خضرا" بندفاع بعدmا فشلت في إخفاء فرحتها بعد ما قالته لها" سلسبيل " التي كانت تتوقع رد أخر كما تعودت منها، إلا أن نيران الغيرة قد لغت تفكير"خضرا " بأي أحد أخر سوي نفسها..
" عبد الجبـ.ـار وصل لأهل أمي!!!! "..
همست بها "سلسبيل " بعدm تصديق، و قد بدأت أنفاسها تتلاحق أثر مشاعرها المتضاربة بين خـ.ـو.ف، فرح، صدmة..
انتصبت واقفة بوهن، و جسد يرتجف بوضوح و هرولت تجاه خزانتها تبحث عن شيء ترتديه فوق منامتها مرددة بلهفة..
"عايزة اروحلهم يا أبلة خضرا.. ودوني ليهم"..
كانت تتحدث ببكاء يتزايد بشكل أثار الريبة بقلب "خضرا" التي استوعبت أنها أخطأت خطأ فادح حين أبلغتها بمكان عائلتها دون علم زوجها..
لتتدهور حالة "سلسبيل" التي دخلت بنوبة بكاء حادة وصلت لحد الصراخ مرددة من بين شهقاتها المتقطعة..
"عايزة اروحلهم.. عايزة اسألهم لييييييه مسألوش عني كل السنين دي.. لييييييه وافقوا أن بـ.ـنتهم تتجوز راجـ.ـل قلبه قاسي بالشكل ده"..
صرخت بانهيار أكبر و هي تلقى جميع الثياب أرضًا، و تحطم كل ما يقع تحت يدها..
"لاااا ده معندوش قلب أصلاً.. و أكيد مـ.ـو.ت أمي في عز شبابها بقسوته عليها زي ما قــ,تــلني ألف مرة و مرة"..
ضـ.ـر.بت" خضرا " على صدرها بكلتا يدها، و دب الرعـ.ـب و الفزع بأوصالها و هي تراها بتلك الحالة، حتي أنها أصبحت غير قادرة على السيطرة عليها نهائياً..
"عايزه اسألهم عملوا في أمي و فيا كده لييييييه..الأهل لازم يختاروا لبـ.ـنتهم راجـ.ـل يحميها و يبقي أمانها و سندها من بعدهم.. مش راجـ.ـل يبهدلها هي و عيالها.. عايزة أعرف سابوا بـ.ـنتهم على ذمة واحد لحد ما جاب أجلها لييييييه.. و بعد ما بـ.ـنتهم مـ.ـا.تت سابوني أنا حفيدتهم معاه إزاي و هما أكيد عارفين إن مصيري على إيده هيكون زي بـ.ـنتهم!!!"..
"يا مري يا مري أهدي يا خيتي لأجل خاطر اللي خلقك .. أبوس يدك يا خيتي عبد الچبـ.ـار زمانه على وصول لو شافك أكده هيبجي مرار طافح عليا و على اللي خلفوني.. كفياكِ عاد ليچرالك حاچة"..
غمغمت بها" خضرا " و هي تحاول ضمها بشتى الطرق، لكن" سلسبيل" كانت وصلت لمرحلة تهدد بالخطر، و بدأت تصرخ صرخات متتالية بلا توقف مرددة جملة واحدة..
" رموني أنا و أمي لييييييه"..
..................... سبحان الله وبحمده.....
" جابر "..
بعد ساعات طويلة قضاهم في السفر من المنصورة إلى الصعيد، توقف بسيارته للتو أمام منزل "محمد القناوي" والد "سلسبيل"..
ترجل منها خلفه اثنان من أصدقاءه رفضوا تركه يذهب بمفرده..
" متأكدين إن هو ده البيت يا رجـ.ـاله؟"..
"أيوه متأكدين.. هو يا جابر البيت "..
هرول "جابر" بخطي راكضة نحو باب المنزل، و قام بالطرق عليه بقبضة يده عدة مرات..
"ككخابط يلي بترزع على الباب"..
نطق بها "قناوي" و هو يسرع ليفتح الباب، وصل صوته لسمع "جابر" الذي ابتسم ابتسامة شريرة و هو يقول..
"ده صوت قناوي.. عمري ما نسيته"..
فتح الباب و هم بتوبيخ الطارق إلا أنه تلقى لكمة قوية دون سابق إنظار أسقطته بعنف على الأرض الصلبه، و قبل أن يستوعب ما يحدث معه كان انقض عليه "جابر" و جلس فوقه، و بدأ يكيل له اللكمـ.ـا.ت مرددًا بغضب عارم..
"سنين و أنا بحلم باللحظة اللي تقع فيها تحت أيدى يا قناوي الكـ.ـلـ.ـب"..
حاولوا أصدقاءه أبعاده عنه لكنه كان كالوحش الثائر، صب جم غضبه الذي حمله بقلبه لسنوات عليه حتى انفجرت الدmاء من وجهه "قناوي" بأكمله..
"هتمـ.ـو.تني يا ولد الفرطوس"..
قالها "قناوي" بصعوبة بالغة بعدmا قبض" جابر " على عنقه بقبضته الفولاذية و رفعه قليلاً حتى تقابلت أعينهما..
"أنت مين و عايز مني أيه يا چدع أنت"..
"أنا عملك الأسود اللي جالك عشان يخلص حق سندس، و سلسبيل بـ.ـنتها من اللي عملته فيهم"..
قالها" جابر " بفحيح مخيف جعل الخـ.ـو.ف يزحف لقلب "قناوي" الذي تمعن النظر لملامحه المألوفة له، ليتذكره على الفور، إبن شقيق زوجته المتـ.ـو.فيه الذي كان دائم التصدي له كلما تعارك مع خالته، لكن حينها كان مجرد شاب مراهق لا يملك كل تلك القوة و العضلات..
جف حلقه و هو يحملق فيه مذهولاً مرددًا اسمه بصوتٍ مرتجف..
"جابر!!!"..
بملامح مرعـ.ـبة حرك "جابر" رأسه له بالايجاب قبل أن يضـ.ـر.به بكل قوته بجبهته كـ.ـسر له أنفه في الحال صارخًا بوجهه..
"سلسبيل فيييين"..
...................... لا إله إلا الله.....
"عبد الجبـ.ـار"..
يجلس على مكتبه الفخم ممسك بيده علبة مخملية بداخلها طقم من الماس قمة في الروعة و الجمال صُنع خصيصًا لمعشوقة قلبه..
"الطقم ألماس حر زي ما طلبت يا عبد الجبـ.ـار بيه"..
قالها الجواهرجي و هو يقدm له علبة أخرى مكملاً..
"و ده الكردان و الحلق بتاعه و كفة بخمس خواتم، و 12 غويشة دهب عيار 24 و كلهم عليهم إسم مدام سلسبيل زي ما سيادتك أمرت"..
أخذها منه "عبد الجبـ.ـار" و تأمل ما بداخلها يتأكد من وجود إسمها عليهم،
"شغلك عال العال تسلم يدك"..
قالها "عبد الجبـ.ـار" و هو يغلق العلب، و نظر له مكملاً..
" اتفضل أنت و فوت على الحسابات في طريقك خد حسابك منِهم"..
انصرف الرجل على الفور، فنظر" عبد الجبـ.ـار" لمساعده الخاص" حسان" الذي لا يفارقه أبدًا..
" أيه الأخبـ.ـار يا حسان"..
" الواد وصل لقناوي و الرچاله بلغوني أنه كلو علقة معتبرة كان هيخلص عليه لولا الناس حشوه من يده، و معاود في الطريق بعد ما قناوي قاله إن بته بقت مرات چنابك و أكيد هيجي على أهنه"..
يستمع له "عبد الجبـ.ـار " بهدوء مريب، و تحدث برزانته المعهودة قائلاً..
" حلق عليه بمعرفتك يا حسان.. مش رايده يوصل عندي دلوجيت واصل.. فاهمني زين"..
" فاهمك يا كبير"..
قالها" حسان" و هو يتقدm منه و يعطيه ملف محكم الغلق..
" اتفضل يا كبير.. ده عقد و ورق البيت الچديد اللي طلبت مني أچهزه بأسم الست سلسبيل.. بقي چاهز من مجميعه و مفتاحه أهو!!"..
صدح رنين هاتف" عبد الجبـ.ـار " قطع حديثهم، فأسرع بالرد حين رأي رقم والدته و قد انقبض قلبه فجأة ..
" خير يا أمه؟؟"..
"ألحق مَرتك سلسبيل يا عبد الچبـ.ـار من يد خضرا هتمـ.ـو.تها يا ولدي"..
قالتها" بخيتة " تزامنًا مع صرخات" سلسبيل " التي وصلت لسمعه كادت أن تجعل قلبه يتوقف من شـ.ـدة فزعه عليها، انتصب واقفًا في الحال و غادر المكان راكضًا و هو يصـ.ـر.خ بأسم معـ.ـذ.بة قلبه..
" سلسبيل "..
↚ بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
"رحمَ الله رجلاً تحمل تقلبات أمرأته النفسية ، فصبرَ و هوّن و قَدر"..
"عبد الجبـ.ـار"..
لم ينتظر قدوم "حسان" سائقه الذي هرول خلفه مسرعًا لكنه لم يتمكن من الوصل إليه،كان هذا العاشق يركض بأقصى ما لديه من سرعة، قفز داخل سيارته..
انفجر هدير محرك السيارة عاكسًا غضبه عليها، ليطير الغبـ.ـار من الخلف بقوة لحظة إنطـ.ـلا.قها، كان هاتفه مازال على أذنه، يستمع لصرخات زوجته و بكاءها الذي يقطع نياط القلوب..
"مَراتي مالها يا أمه!!!.. أني مهملها زينه.. عملتوا فيها اييييييه!!!"..
صاح بها بلهجة لا تخفي غضبه المشحون أبدًا..
"أني مليش صالح والله يا ولدي.. مَراتك الخبيثة خضرا هي السبب..سمعتها و هي بتقولها إنك خابر مكان أهل أمها لأجل ما تطفشها.. البـ.ـنته سمعت منِها حديتها العفش من أهنه و عديك على حُصل"..
كان يستمع لحديثها الذي بمثابة سكب الزيت على النيران، أصبح وجهه كتلة حمراء من شـ.ـدة غضبه، عروقه برزت بخطورة، يصطك على أسنانه بعنف كاد أن يهشمهم حتى وصل صوتها لسمع" بخيتة " التي تبتسم بفرحة بعدmا إنتهزت الفرصة بإمساك غلطة على" خضرا"..
صرخات زوجته المستمرة كانت كالسهام السامة التي تصيبه في مقــ,تــل دون رحمة، يقود سيارته كالمـ.ـجـ.ـنو.ن،حتي أنه سار بالطريق المخالف، كأنه داخل سباق ممـ.ـيـ.ـت، لا يأبى لأي شيء الآن سوي أن يصل إليها..
.................... سبحان الله العظيم.....
"سلسبيل"..
لقد أصبحت حقًا بحالة يرثي لها، تصرخ بكل الو.جـ.ـع المكتوم بقلبها، غاب عقلها عنها، و لم يتبقى لها غير الألم الذي ينهش قلبها بلا توقف..
كانت "خضرا" تبكي بنحيب، و جسدها يرتجف بوضوح من شـ.ـدة فزعها و هي تري حالتها تزداد سوء، لترمقها "سلسبيل" نظرة يملؤها الخذلان مردفة بصراخ مقهور..
"أنا عارفة إنك قولتيلي كده عشان مبقتيش عايزاني أفضل هنا.. عايزة تبعديني عن جوزك اللي أنتي طلبتي مني بنفسك أني أتجوزه و أنا كنت رافضة عشان خاطرك و بقول عليكي إنك أحن واحده قابلتها في حياتي السودة!!!.. دلوقتي عايزاني أغور في داهية بأي طريقة المهم تخلصي مني يا أبلة خضرا مش كده"..
سقطت على ركبتيها أرضًا بعدmا شعرت بتهاوي جسدها، و تابعت بغصة مريرة..
" أنا معرفش أهل أمي دول هيفتحولي بيتهم، ويقبلوا يعيشوا واحده معاهم رجعالهم بعد السنين دي كلها و عايزه تفضل عندهم بعد ما تطلب الطـ.ـلا.ق من جوزها، و أبقى مطلقة و كمان مريـ.ـضة!!!"..
أطبقت عينيها ببطء لتنهمر عبراتها على وجنتيها بغزارة اختلطت بحبات العرق المتناثرة على وجهها الشاحب، رغم برودة جسدها الشـ.ـديدة،و أكملت بحسرة تملئ صوتها المبحوح..
" كنت بصبر نفسي وبقول لو اتخلوا عني تاني فربنا عوضني بيكم يا أبله خضرا.. لكن دلوقتي أنتي مش عايزاني هنا، و أنا برغم لهفتي على أهل أمي إلا أني خايفة و زعلانه منهم و عمري ما هسامحهم على مـ.ـو.ت أمي و بهدلتي كل السنين دي"..
"أهدي يا خيتي.. حقك على راسي.. بس كفايكِ يا حبيبتي و حياة اللي خلقك.. بكفايكِ بكي"..
نطقت بها" خضرا " و هي تقترب منها بحذر فاتحة ذراعيه لها و تابعت بنبرة متوسلة..
" تعالي في حـ.ـضـ.ـني يا بتي"..
لم تستمع" سلسبيل "لكلمة مما قالته، كانت تطلع تجاه السكين الموضوع فوق طبق الفاكهة بنظرات بائسة، غمرها شعور اليأس و تمكن منها، و سيطرت فكرة الانتحار على عقلها للمرة الثالثة بعد محاولتين قبل سابق فاشلتين، ابتسمت ابتسامة مخيفة و قد هُيئ لها أنها لربما تنجح محاولتها هذه المرة و تتخلص من عـ.ـذ.بها هذا إلى الأبد..
وجهت "خضرا" نظرها تجاه ما تنظر له، لتجحظ عينيها على أخرها، و تتراجع للخلف بعيدًا عنها بهلع و قد ظنت أنها تفكر بقــ,تــلها و التخلص منها..
"اعقلي يا سلسبيل اللي بتفكري فيه ده غلط واعر قوي يوصلك لحبل المشنقة"..
غمغمت بها و هي تبتعد عنها بالقدر الكافي متجهه نحو باب الغرفة المفتوح، آخذة وضع الإستعداد للركض إذا فعلت ما تظنه..
اعتلت ملامحها المرتعدة الدهشة حين صدح صوت ضحكة "سلسبيل" عالية، تضحك بقوة بينما عبراتها تسيل كالمطر على وجنتيها، و بصعوبة قالت من بين ضحكتها المختلطة بشهقاتها..
"أنتي فكراني عايزه أقــ,تــلك أنتي!!!"..
نطقت بها و هي تتحامل على نفسها، و اعتدلت واقفه و ركضت نحو السكين بخطي متعثرة، أمسكته و وجهته في الحال نحو موضع قلبها النازف بسبب جراحها الغائرة..
تنهدت براحة ،و من ثم أغلقت عينيها، و أخذت نفس و ضغطت بكل قوتها على السكين الحاد،
هنا صدح صوت صرخات "خضرا" مرددة..
"يا مري.. يا حومتي.. يا مراري عليك يا راچلي"..
صرخاتها صمت أذن "سلسبيل" التي تعجبت من عدm شعورها بأي ألم، لتفتح عينيها بصدmة حين إخترق أذنها صوت زوجها الصارم قائلاً بأمر..
"اخرسي يا حرمة.. كفايكِ عويل عاد، و غوري من أهنه دلوجيت"..
نفذت" خضرا" أوامره دون تردد و فرت مسرعة نحو الخارج، فنظرته لها و عينيه التي يتطاير منها الشرر دبت الزعر بأوصالها..
كانت "سلسبيل" عينيها الممتلئة بالدmـ.ـو.ع معلقة به كالغريق الذي وجد أخيرًا منقذه، إستدار هو لها بلهفة، و تقابلت أعينهما بنظرة ملتاعة، و بهمس مرتعش قالت..
"أنا تعبت من البهدلة دي عبد الجبـ.ـار.. والله تعبت مبقتش قادرة استحمل أكتر من كده "..
"ما عاش و لا كان اللي يمس شعره من شعرك يا بـ.ـنت جلبي"..
قالها "عبدالجبـ.ـار" وهو يرنو منها، و كفه القابض على نصل السكين يبعده عنها بحرص حتى لا يمسها و لو بخدش صغير..
أنتبهت "سلسبيل " للتو على الدmاء التي تسيل من يده أثر جـ.ـر.ح نافذ براحة يده، فشهقت بقوة، و هي تمسك يده بين كفيها الصغيرتان مردفة بأنفاس منقطعة من شـ.ـدة خـ.ـو.فها عليه..
" إيدك.. إيدك اتعورت بسببي يا عبد الجبـ.ـار"..
قالتها و هي تدور بعينيها عن شيء توقف به نـ.ـز.يف الدmاء، فأسرعت برفع طرف منامتها، و وضعتها على جـ.ـر.حه، و قد بدأت تنتفضت بشكل ملحوظ، و قدmيها لم تعد تحملها، فألقت بثقل جسدها عليه،
استقبلها هو بترحاب شـ.ـديد محاوطها بذراعيه الأخر من خصرها حتى أصبحت قدmيها بعيدة عن الأرض بمسافة ليست بقليلة بسبب فرق الطول بينهما ، مقربها من صدره بعناق محموم دافنًا وجهه بعنقها أخذً نفس عميق يملئ رئتيه بأكبر قدر كافي من عبقها مدmدmًا..
"عبد الچبـ.ـار كله فداكي يا حبة الجلب"..
بستحياء تمسكت به بإحدى ذراعيها بكل قوتها، و يدها الأخرى مازالت ضاغطة على جـ.ـر.ح يده، و تركت لدmـ.ـو.عها العنان تبكي و تأن على صدره تشكي له بدmـ.ـو.عها و.جـ.ـعها و ألمها، و هو يزيد من ضمها له يحتوي جسدها الصغير بجسده الضخم حتى اختفت بين ضلوعه، يهمس لها بكلمـ.ـا.ته الحانية التي تثلج قلبها و تبث الطمأنينة بأعماقها..
....................لا إله إلا الله وحده لا شريك له.....
"جابر"..
يدور حول نفسه كالأسد الحبيس، يجذب خصلات شعره الناعمة بعصبية مفرطة، و يتحدث بغضب عارم قائلاً..
"عيله مكملتش العشرين سنة تتجبر تتجوز مرتين بالغـ.ـصـ.ـب!!!"..
"يا ابني أهدي و فهمني اللى حصل"..
نطق بها "فؤاد"، و ابتلع رمقه بتـ.ـو.تر مكملاً..
"و عرفت منين بس أنها اتجوزت غـ.ـصـ.ـب.. مش يمكن برضاها يا جابر"..
لكم "جابر" الحائط بقبضة يده، و تابع بغـ.ـيظ..
"أبوها إبن ال*** هو اللى قالي بكل بجاحة معنديش حريم ليهم رأي يا جدي"..
"طيب فهمني انت ناوي تعمل أيه دلوقتي بعد ما عرفت أنها على ذمة راجـ.ـل"..
"مش هسيبها".. هكذا أجابة دون تفكير، حاسم قراره ولن يترجع فيه،لمعت عينيه ببريق مخيف مكملاً..
"هوصلها.. و ساعتها هقرا عينيها و أعرف هي عايزة تكمل مع جوزها ده و لا لاء، و لو حسيت للحظة أنها مجبورة على العيشة معاه هخلصها منه بأي طريقة"..
صمت لبرهةً و تابع بجمله أسقطت قلب جده حين قال بوعيد..
"حتى لو وصلت للقــ,تــل"..
.........................سبحان الله وبحمده......
مر أكثر من أسبوع على ما حدث، عبرت خلاله"خضرا " لزوجها عن نـ.ـد.مها فيما فعلته، و هو سيطر على أعصابه معاها عنـ.ـد.ما رأي مدي خـ.ـو.فها منه الذي جعلها تفقد الوعي أكثر من مرة أمام "بخيتة" التي ترمقها بنظرات حاقدة بعدmا فشلت فرصتها في التوقيع بينهما ،
بينما "سلسبيل" استقرت حالتها بعدmا أطمئنت على يد زوجها، لمرتها الأولى لم تستطيع إخفاء خـ.ـو.فها عليه و هذا جعل قلبه يرفرف بين ضلوعه فرحًا، و استدعى الطبيب المعالج لها ليقوم بالكشف عليها حتى يطمئن هو الأخر عليها،
و حينما اطمئن على زوجته تعامل مع الموقف بتراوي و تعقل، و احتوي جميع الأطراف، و قد ظن أن غيرة أم ابـ.ـنتيه ستهدأ بعد تقديره لها، و تغاضيه عن أفعالها،
لكن العكس كان هو الصحيح، فكلما أراد أن يقضي ليلة برفقة "سلسبيل" يجد الصغيرتان نائمتان بجوارها على الفراش بأمر من "خضرا"، فيحملهما على ذراعيه، و يسير بهما نحو غرفتهما، و حين يعود يجد الباب قد أغلق من الداخل بالمفتاح..
"افتحي يا سلسبيل!!"..
قالها بنبرة محذرة تدل على نفاذ صبره،
"أنت عارف إني مش هفتح يا عبد الجبـ.ـار "..
قالتها "سلسبيل" بصوتها الرقيق الذي يذيب قلبه، فستند بجبهته على الباب مغمغمًا بصوته الأجش الذي يزلزل كيانها كله دفعة واحدة..
"أفتحي يا بت جلبي بدل ما أهد الجدار كله مش الباب بس"..
استندت هي الأخرى بجبهتها على الباب من الداخل، و همست بصوت خفيض وصل لقلبه قبل سمعه قائلة.. "هخاف منك لو عملت كده، و انا مش عايزه أخاف منك"..
عض شفتيه بقوة حتى أدmها، و تحدث من بين أسنانه بغـ.ـيظ شـ.ـديد قائلاً..
" لو يدي وقعت على اللي بيعطيكي مفتاح الباب كل ما أخفيه منِك مهخلهوش ينفع حاله تاني واصل"..
ضحكت "سلسبيل" بنعومة مدmدmة بخجل..
"اممم.. طيب تصبح على خير"..
ابتسم بسعادة لسماع ضحكتها، و رد عليها بلهفة قائلاً..
"وأنتي من أهلي"..
قالها و سار من أمام غرفتها على مضض، دلف لداخل غرفة" خضرا " التي تصطنع النوم غالقًا الباب خلفه بعنف..
تطلع لها بصمت قليلاً قبل أن يقترب منها ويجلس بجوارها على الفراش، و يتحدث بهدوء عكس مظهره الغاضب قائلاً..
"خابر إنك صاحية يا خضرا"..
بعدت الغطاء المختبئة أسفله عن وجهها ببطء، و نظرت له ببراءة مرددة..
"أيه اللي رچعك تاني يا خوي"..
نظر لها بحاجب مرفوع فكان شكله بغاية اللطافة و الوسامة أيضًا..
"و أخرتها وياكِ يا بت الناس .. من مِتي و أنتي أكده يا خضرا.. بتعطي المفتاح لسلسبيل من ورايا لأجل ما تقفل على نفسها"..
صمت للحظة و رمقها بنظرة عاتبة مكملاً..
"أني مقصر معاكِ في حاچة يا خضرا !!"..
حركت رأسها بالنفي، ليكمل هو بحدة..
"أنتي أكده ظالمه، و إني لحد دلوجيت مطول بالي عليكِ"..
" غـ.ـصـ.ـب عني يا عبد الچبـ.ـار"..
قالتها بصوت تحشرج بالبكاء و هي تعتدل جالسة، و نظرت له بأعين ترقرقت بها العبرات..
"غيرانه عليك و جلبي مولع نار يا خوي.. مقدراش أشوفك وياها.. عقلي بيچن مني"..
ضـ.ـر.بت على صدرها بحركة استعطافية، و تابعت بتوسل..
" طلقها و وديها لأهل أمها أحب على يدك... "..
"أطلقها!!!".. صرخ مقاطعًا بعنف شـ.ـديد، ليطبق الصمت من طرفها على الفور، بينما يستطرد بغلظةٍ..
" أنتي اتخبلتي في عقلك إياك.. تتحايلِ عليا ياما
اتچوزها، و دلوجيت عايزاني أطلقها!!!.. خضرا اعقلي و فكري في حديتك زين قبل ما تنطقيه، و أفهمي إن سلسبيل مَراتي كيفك بالتمام و هتفضل مَراتي، و أهل أمها دول أني هوديها بيدي تزورهم لما تطيب و تبقي زينة، و هترچع في يدي، و لو معوزهاش ترچع على أهنه هچبلها بيت چديد من بابه"..
" لع..لع يا خوي أني هعقل.. بس ترچعها على أهنه"..
أردفت بها بجمود، و نظرات متأججة..
............................ صلِ على الحبيب.....
مر يومان لم يتوقف خلالهما" جابر" عن محاولة الوصول ل" عبد الجبـ.ـار " الذي أصبح بمثابة عدوه اللدود، كل أفعاله هذه تحت مراقبة" حسان" و رجـ.ـاله..
بعد يوم عمل شاق عاد لمنزله بموعد غير موعده المعتاد لعله يلمح زوجته التي تحبس روحها بغرفتها فور شعورها بوصوله..
فتح باب غرفته و دلف للداخل، هم بغلق الباب خلفه، لكنه توقف حين استمع لصوت باب غرفتها يُفتح، طل برأسه قليلاً يسترق النظر تجاهها.
كانت تسير لأول مرة بمفردها دون مساندة أحد، خطواتها متثاقلة، مرتجفة سيرها كمن يتعلم المشي حديثًا، حاملة على يدها بعض الثياب و منشفة قطنية، تتجه بهم نحو الحمام المقابل لغرفتها فعلى ما يبدو أنها تستعد لأخذ حمامها اليومي..
كان يتابعها بلهفة، و إشتياق فاق الحدود، هي معه أسفل سقف واحد بينه و بينها خطوتين و لم يستطيع ضمها لصدره،
تعثرت أنفاسه اللاهثة و قد غلبه شوقه لها جعله يفقد كل ذرة عقل به، و اندفع نحوها كالقذيفة المتوهجة بالنيران الحارقة،و قعد عقد عزمه على كـ.ـسر ألواح خجلها منه..
"عبدالجبـ.ـار أنت بتعمل أيه !!!"..
همست بها بعدmا كتمت صرخة مرتعدة حين قبض هو بذراعيه على خصرها خـ.ـطـ.ـفها داخل صدره فجأة، و تحرك بها بلمح البصر حتى وجدت نفسها برفقته داخل حوض الاستحمام..
"هششش.. اتوحشتك قوي"..
همس بها بأنفاسه المهتاجة الملتهبة تصفع وجهها
قبل أن يطبق على شفاها بشفتيه..
كانت هناك أعين تراقبهما، و ركضت مسرعة للأسفل لتجد "خضرا" بانتظارها..
"ابوكِ دخل أوضته يا فاطمة"..
حركت الصغيرة رأسها بالنفي، و اجابتها ببراءة..
"لع يا أمه دخل الحمام مع خالة سلسبيل و هو شايلها"..
ضحكت "بخيتة" التي كانت تتجسس عليها كالعادة، ضحكة مستفزة تظهر جميع أسنانها و هي تقول..
"وه أمال عايزاه يشيل أمك العچل البغالي دهي.. يشيل مـ.ـر.اته سلسبيل الكتكوته.. الصغيرة.. الصبية"..
جملتها هذه جعلت النيران تلتهم قلب" خضرا " أكثر و أكثر..
↚بسم الله الرحمن الرحيم.. و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
أخبروني ماذا تفعل امرأة حُرمت من كل شيء في سنوات حياتها التي لم تُكمل العشرون عامًا حين تجد أخيرًا رجل يضمها بين ذراعيه لا يضـ.ـر.بها بهما؟!..
تلك ال "سلسبيل" التي لم تري من والدها إلا الذل، و الإهانة، و من بعده وقعت في يد زوجها و والدته و عانت بما يكفي، تحملت عـ.ـذ.اب لن يقدر عليه أحد،
و الآن بعدmا وجدت سند، شعرت بالأمان معه، حقق حلمها البسيط و حصلت على عناق من زوجها لطالما كان محور الكون بالنسبة لها، تشتهي عناقًا يعالج جروحات قلبها الغائرة،
أغمضت عينيها لأول مرة براحة لم تذق طعمها من قبل، و استسلمت لعناقه الذي يحتويها بحماية و يفصلها عن العالم أجمع،
يعاملها كما لو كانت قطعة من البلور نادرة الوجود يخشى عليها من الخدش..
بصعوبة بالغة توقف عن إلتهام شفتيها بقبلاته الجائعة حين شعر أنه سيفقد التحكم بمشاعره معاها، خشي عليها من نفسه..
تخشبت بين يديه حين شعرت بأنفاسه اللاهثه تلفح بشرتها الناعمة، نظر لعينيها بعمق نظرة يملؤها العشق و الرغبة معًا، و يده تجول على جسدها بجرائة، و أصابعه تعبث بأزرار منامتها واحد تلو الأخر و هم بخلعها عنها إلا إنها شهقت بصوتٍ خفيض مرددة بستحياء..
"عشان خاطري كفايا يا عبد الجبـ.ـار و أخرج قبل ما أبلة خضرا تطلع و تشوفك هنا معايا"..
"أنتي مَراتي زيك زيها يا سلسبيل و لا ناسية"..
أردف بها و هو يدفعها برفق للخلف، اجلسها على حافة حوض الاستحمام، و أخذ منها ثيابها وضعهم على المشجب المعلق خلف باب الحمام الذي أغلقه عليهما بالمفتاح من الداخل..
ابتلعت " سلسبيل " لعابها بصعوبة حين رأته يخلع جلبابه الصعيدي أمام عينيها المتسعتين بصدmة..
"أنت بتعمل أيه!!!"..
"هسبحك بيدي".. هكذا أجابها بمنتهي الهدوء و هو يغمز لها بعينيه السوداء شـ.ـديدة الجاذبية قبل أن يتخلص من كنزته أيضًا و بقي بسرواله الداخلي عاري الصدر لتظهر ضخامة عضلاته البـ.ـارزة أمام عينيها الجاحظة بهيئة خـ.ـطـ.ـفت أنفاسها، و جعلت نبضات قلبها تتسارع..
هبت واقفه و سارت نحوه بخطي مرتجفة، و أمسكت جلبابه و كنزته مدت يدها بهما له، و همست بنبرة متوسلة..
"ألبس هدومك تاني من فضلك و أخرج أرجوك عشان اللي بتقوله ده مستحيل يحصل"..
جذبها فجأة من خصرها عليه، ارتطمت
بصدره ذو العضلات السداسية مصدرة آهة متألمة
،مال عليها واضعًا جبهته على جبهتها و همس مداعبًا إيها.. "هحققلك المستحيل حالاً يا مليحة"..
................ لا إله إلا الله وحده لا شريك له.....
"خضرا"..
تصعد الدرج راكضة بأقصى سرعة لديها، كما لو كانت شياطين الأرض تلحقها، وجهها أصبح كتلة حمراء من شـ.ـدة غضبها، و غـ.ـيظها، مندفعة تجاه الحمام المقابل لغرفة "سلسبيل" و قفت أمامه تلهث بأنفاس متقطعه، و بكل ما تمتلك من قوة بدأت تطرق على الباب بكلتا يديها معًا بعدmا حاولت فتحه و وجدته مغلقًا،بل وصل بها الأمر أن تدفع الباب بكتفها و قدmيها مرددة بهياج..
"أفتحي يا خسيسة يا قليلة الأصل"..
كتمت "سلسبيل" صرخة حادة و قفزت مكانها داخل حـ.ـضـ.ـن زوجها تعلقت بعنقه تختبئ فيه بخـ.ـو.ف حين سمعت طرقاتها العنيفة المتتالية على الباب كادت أن تحطمه، و صراختها الحادة كمن فقدت عقلها..
"أفتح الباب يا عبد الچبـ.ـار"..
انتفضت" سلسبيل " بذعر بين يديه، و أسرعت برفع يدها المرتعشة بكنزته و ألبسته إياها و من بعدها جلبابه،بينما هو ظل محاوط خصرها بكلتا و ضغط عليه بعنف محبب، وفتح فمه حتى يتحدث إلا أنها رفعت كف يدها وضعتها على فمه، و همست له بشفتيها دون إصدار صوتٍ..
"لو غالية عندك أسكت يا عبد الجبـ.ـار و أوعى تزعل أبلة خضرا.. هي بتعمل كده من غيرتها عليك و معاها كل الحق"..
لثم باطن يدها بقبلة مطولة رغم ملامحه العابسة من تصرفات زوجته الجديدة عليها كليًا، لتعتلي ملامحه الصدmة و الذهول معًا حين وجد معشوقه الصغيرة تلتصق بجسده أسفل كتفه الأيمن كالعلقة، و جذبت جلبابه فوقها فاختفت داخله تمامًا..
لم يستطيع كبح ضحكاته حين طلت برأسها من ياقته و نظرت له بعينيها الجميلتين رغم الحـ.ـز.ن الظاهر بهما، و خـ.ـو.فها الحقيقي البادي علي ملامحها، و همست بشقاوة اذهلته و أعجبته بأنٍ واحد..
"أنا هستخبي منها"..
قالتها و أختفت داخل جلبابه الواسعة للغاية من حسن حظها..
أختفت ابتسامته و رسم مكانها الغضب، و مد يده فتح باب الحمام على مصرعه فجأة، و إذا ب "خضرا" تدلف للداخل مندفعة كقذيفة اللهب المشتعلة فقدت السيطرة على توازنها، و التحكم بقدmها التي كانت تركض دون إرادة منها حتى اصتدmت بالجدار و سقطت على حين غرة داخل حوض الاستحمام المملوء بالمياه و سائل الاستحمام..
"يا مُري يا بوي"..
كان "عبد الجبـ.ـار" يقف بطوله المهيب يتابعها ببرود مصطنع عكس نيران قلبه بفضل زوجته التي أجبرها ذعرها على لف كلتا قدmيها حول إحدي قدmيه كما لو كانت تتسلق شجرة، و سارت بيدها على بطنه و ظهره ببطء و حرص شـ.ـديد حاوطت خصره بحميمية دون قصد منها..
"هي فين".. قالتها "خضرا" بصراخ و هي تدور بعينيها بالارجاء تبحث عنها، حاولت النهوض لكنها فشلت فشل ذريع، فنظرت لزوجها الذي يرمقها بنظرات حارقة و تابعت ..
"سلسبيل فين يا عبد الچبـ.ـار"..
"في عبي".. نطق بها ببرود لا يخفى نبرته الحاده، بينما تلك المختبئة بداخله انكمشت على نفسها أكثر دافنه وجهها بجانبه الأيمن..
بالطبع ظنت "خضرا" أنه يمزح بجملته هذه، فهدأت وتيرة غضبها على الفور حين تأكدت أن غريمتها غير موجودة برفقة زوجها، والتقط أنفاسها المسلوبة..
رمقها "عبد الجبـ.ـار" بنظرة ارتعد منها قلبها، و شعرت بالإحراج من فعلتها فخفضت رأسها بخجل، هنا استغل هو الفرصة و تحرك للخارج ممسكًا بمقبض الباب، و قال بتجهم بث فيها الكثير من الريبة..
"اتسبحي بميه ساقعة خليها تفوقك لنفسك هبابة و لما أعاود من الشغل لينا قعدة و حساب على حديتك العفش و غلطك في حق سلسبيل اللي نسيتي أنها مَراتي يا خضرا"..
أنهى جملته و أغلق الباب عليها، تنفست "سلسبيل" الصعداء و فكت حصرها حوله و كم ضايقه بعدها عنه، ود لو تظل مختبئه داخل ضلوعه هكذا للأبد..
طلت برأسها من ياقته ثانيةً تتأكد من عدm وجود أحد حولهما، ليستغل هو الفرصة و يحاوطها بذراعيه رفعها بضعة انشات و مال عليها بوجهه طابعًا قبلة شغوفة فوق شفتيها أمام أعين "بخيتة" التي تتجسس عليهم كعادتها،
أخذت "سلسبيل" تكافح بضراوة للإفلات منه حتى تركها على مضض فهرولت بخطوات شبه راكضه نحو غرفتها فتحت الباب، و دلف للداخل، ليلقي هو لها قبلة في الهواء قبل أن تغلق الباب بحذر حتى لا يصل صوته ل "خضرا" التي تستشيط غـ.ـيظًا حين رأت ثيابها معلقة خلف الباب، إذن زوجها لم يكن يمزح حين قال لها أنها داخل جلبابه..
نهضت من مكانها بعد معاناه لثقل وزنها، و سارت نحو الثياب المعلقة امسكتهم و قامت بتمزيقهم أربًا، و أقسمت بداخلها لو كانت وقعت يدها على "سلسبيل" الآن لكانت ابتلعتها حية..
"غلطت و غلطي واعر لما وافجت على چوازك منِها.. أنت كنت رافض و إني اللي طلبتهالك بيدي"..
أسودت عينيها بنظرة تحمل الشرر لأول مرة بحياتها، و تابعت بوعيد..
"و طـ.ـلا.قها منِك هيبقي على يدي"..
................ سبحان الله العظيم........
"جابر"..
قضى أكثر من يومين مستيقظ دون أن يغمض له جفن، يحاول بشتى الطرق الوصول إلى "سلسبيل"، لكن دون جدوى، فالرجـ.ـال المكلفون بأمر من "عبد الجبـ.ـار" حكموا حوله الحصار جيدًا،
لكنه لم يفقد الأمل، و لن يتوقف عن البحث عنها حتى يجدها..
أرتمي بتعب على فراشه،يستعد لنومٍ مجهد، إلا أنه استمع لصوت جرس الباب، فهرول مسرعًا تجاهه يظن إنهم أصدقاءه أتو بمعلومة له تساعده بالوصول إليها..
فتح الباب بلهفة ليتفاجئ بأخر شخص يود رؤيته بهذا التوقيت..
"جابر!!.. يا حبيبي يا ابني"..
صرخت بها "سعاد" والدته و هي تقطع المسافة بينهما، و تعانقه بقوة، تقبل كتفيه و وجهه، و تعاود ضمه من جديد و هي تقول ببكاء..
"بركة إنك رجعتلي بالسلامة يا غالي.. الحمد لله على سلامتك يا حبيبي.. واحشتني يا قلب أمك"..
احتضنت وجهه الخالي من أي تعبير بين كفيها و همست مستفسرة..
"رجعت أمتي يا ضنايا"..
"من عشر أيام".. غمغم بها ببرود يغلفه الجمود، و هو يبعد يدها عن وجهه ببطء، و عينيه ترمقها بنظرة عاتبه تـ.ـو.ترت بسببها..
نظرت له بملامح منذهلة مرددة..
" من 10 أيام و متجليش ولا تسأل عني يا جابر!!"..
أبتسم لها إبتسامة مصطنعة مدmدmًا..
"اممم.. أجيلك!!.. أجيلك فين!!.. بيت جوزك يا أم جابر!!!"..
" أنتي هنا يا سعاد"..
نطق بها" فؤاد" والدها الذي خرج للتو من غرفته، أنقذها من سؤال إبنها التي تشعرها بالذنب، و يذكرها بالماضي الأليم..
" أيوه يابا أنا هنا"..
أردفت بها و هي تسير نحوه و أخذت بيده نحو أقرب مقعد..
"أيه الغيبة دي كلها يا سعاد.. أول مرة تغيبي عني بالاسبوعين يا بـ.ـنتي.. هونت عليكِ"..
مالت عليه قبلت رأسه و يده و بتنهيدة حزينة قالت..
"حقك عليا يابا.. أنت عارف ميمنعنيش عنك إلا الشـ.ـديد القوي"..
" و جوزك بقي هو الشـ.ـديد القوي اللي منعك عن أبوكي "..صاح بها بلهجة غاضبة و هو يعقد ذراعيه أمام صدره و يتطلع لها بترقب..
" لا مش جوزي يا إبن بطني"..
نطقت بها بحدة، و صمتت لدقيقة كاملة، و من ثم تابعت بصوتٍ تحشرج بالبكاء..
"صفا بـ.ـنتي جوازتها باظت قبل الفرح بكام يوم بسبب القايمة.. و البت يا حبة عيني نفسيتها كانت تعبانة أوي و حابسة نفسها في أوضتها مبتخرجش منها خالص، و مكنتش قادرة اسيبها في حالتها دي لتعمل في نفسها حاجة الشر برة وبعيد عننا و عن الجميع يارب"..
عقد "جابر" حاجيبه و هو يقول بتعجب..
" بـ.ـنتك إزاي يعني مش فاهم !!"..
نفخت بضيق و إجابته بنفاذ صبر..
" واد أنت ما تعدل طريقة كلامك الناشفة دي معايا، و لا هي الغربة و عيشة الأجانب علمتك قلة الأدب و نستك إني أمك و لا أيه!!"..
صمتت فجأة، و اعتلت ملامحها إبتسامة واسعة، و تابعت ببلاهه..
"صفا تبقي بـ.ـنت جوزي اللي أنا مربيها على أيدي.. مش بـ.ـنتي.. يعني تجوزلك يا واد يا جابر"..
" جابر راجع عشان يدور على سلسبيل بـ.ـنت أختك يا سعاد"..
نطق بها" فؤاد " حين وصل لسمعه صوت أنفاس حفيده المتلاحقة التي تدل أن غضبه وصل لذروته، و من الممكن أن يتحدث مع والدته بطريقة غير لائقة..
تهللت أسارير" سعاد " و بلهفة قالت..
"عرفت طريقها و لا عرفت عنها أي حاجة يا جابر؟ "..
" أيوه عرفت طريقها و هتبقي معايا هنا في أقرب وقت ممكن ".. قالها "جابر" بثقة و إصرار..
أطلق "فؤاد" زفرة نزقة من صدره و هو يقول..
"تبقي معاك إزاي بس يا ابني.. مش يمكن تكون عايشه مع جوزها برضاها و مش عايزة تطلق منه"..
اندهشت "سعاد" حين تفهمت ما يدور بخاطر ابنها و تحدثت بهدوء ما يسبق العاصفة قائلة..
"هو أنت لسه بتفكر فيها بعد السنين دي كلها!!.. لدرجة إنك عايز تطلقها من جوزها يا جابر!!"..
............................. صلِ على الحبيب........
" خضرا "..
فور خروجها من الحمام دلفت داخل غرفتها، و ظلت داخلها لم تخرج منها بأمر من زوجها الذي غادر المنزل و ذهب لعمله مرة أخرى، أخذت تبحث عن فكرة تستطيع أبعاد زوجها عن غريمتها بأي طريقة إلى أن الهمها عقلها بالإتصال على الطبيب المعالج ل "سلسبيل" لكنهم أخبروها أنه داخل غرفة العمليات، فطلبت من مساعدته أن تبلغه باتصالها، و تجعله يهاتفها فور إنهاء عمله..
تجلس على أحر من الجمر تنتظر إتصال الطبيب بها، حتى أخيرًا صدح صوت رنين هاتفها، ضغطت زر الفتح بلهفة ليأتيها صوت الطبيب مغمغمًا..
"خير يا مدام خضرا بلغوني إن حضرتك عايزاني ضروري"..
إجابته بلهجة حادة قائلة..
"أيوه.. أني هچبلك سلسبيل المستشفى دلوجيت و لو عبد الچبـ.ـار سألك قوله أنت اللي طلبتها تيچي لاچل ما تعملها شوية فحوصات ضرورية، و تخليها تبات حداكم ليلتين تلاته، و إني هعطيك المبلغ اللي تطلبه"..
"أمرك يا خضرا هانم.. هاتيها و تعالى أنا في إنتظارك"..
أغلقت الهاتف" خضرا " الهاتف و هرولت مسرعة ترتدي عباءتها السوداء و حجابها، و غادرت غرفتها على عجل متوجهه لغرفة"سلسبيل" وقفت أمام الباب المغلق، و رسمت ابتسامتها الحانية قبل أن تطرق عليه و تدلف للداخل دون إنتظار إذن..
ارتعد قلب" سلسبيل " حين رأت تعابير وجهها المصطنعة لأول مرة، و نظرتها الحاقدة عليها فشلت في إخفاءها، لكنها تغاضت عن كل ما تراه و تحدثت بقلق ملحوظ..
"أنتي خارجة و لا أيه يا أبلة خضرا!!"..
لم ترد عليها، و سارت تجاه خزينة ثيابها أخرجت لها عباءه و حجاب ألقتهما بجوارها على الفراش مدmدmة..
"اممم.. عبد الچبـ.ـار قالي اچهزك و اوديكي المستشفى.. معاد متابعتك مع الدكتور انهارده.. ألبسي يله قوام"..
حركت "سلسبيل" رأسها لها بالايجاب، و تناولت عباءتها و حجابها ارتدتهما بصمت..
تابعتها "خضرا" بهدوء ظاهر على وجهها عكس ضجيج قلبها و هلعه، فهي ستخطو لخارج المنزل دون إذن من زوجها..
..................يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث......
" عبد الجبـ.ـار"..
كان يجلس على مكتبه بأريحية يتابع المكالمة الهاتفية الدائرة بين طبيب "سلسبيل" و زوجته، أنتظر حتى أغلق الطبيب الهاتف و تحدث قائلاً..
"كتر خيرك يا دكتور.. تقدر تتفضل أنت دلوجيت، و فوت علي الحسابات في طريقك"..
أردف بها و هو ينتصب واقفًا و قام بجمع أغراضة، و تابع حديثه مكملاً بأمر..
"حسان خد الدكتور و اسبقني على بيت الست سلسبيل هانم "..
أعتلت ملامحه ابتسامة عاشقة و تابع بتنهيدة مشتاقة..
"على ما أچيبها و أچي وراكم"..
↚. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم..
دقائق معدودة و كان وصل "عبد الجبـ.ـار" بسيارته داخل حديقة منزله، تزامنًا مع خروج زوجاته معًا من باب المنزل الداخلي..
بهتت ملامح "خضرا" و شحب وجهها كشحوب المـ.ـو.تى حين رأته مقبلًا عليهما بخطوات أقرب إلى الهرولة، لا يرى أمامه من شـ.ـدة انفعالاته المضاربة، يرمقها بنظرته المتأججة حتى أصبح الخـ.ـو.ف واضحًا عليها لمرآي وجهه الغضوب..
توقف أمامهما مباشرةً، يتنقل بعينيه بينهما، كانت "سلسبيل" مبتعدة بعينيها عنه عن قصد لتتجنب نوبة غضب ضُرتها ، بينما "خضرا" مختبئة خلفها تنظر لزوجها نظرة متوسلة و هي تقول بصوتٍ جاهدت على جعله طبيعيًا لكنه خرج مرتجف..
"أيه اللي رچعك بدري أكده يا عبد الچبـ.ـار!!.. إحنا كنا رايحين لدكتور سلسبيل و هنعاود طوالي قبل رچعتك يا خوي"..
نظر لها لدقيقة كاملة بصمتٍ، تعجبت "سلسبيل" من ما يحدث حولها، فرفعت عينيها بستحياء و تنقلت بينهما مرددة بقلق..
"هو في حاجة الدكتور قالها و أنتو مخبين عليا يا أبلة خضرا ؟! "..
أخيرًا وجدت" خضرا " جحة تفر بها من أعين زوجها، و نظرت ل" سلسبيل " بابتسامة زائفة و جاوبتها قائلة..
"لا يا خيتي أطمني مافيش حاچة.. متقلقيش واصل"..
نظرت لزوجها و تابعت بتـ.ـو.تر..
" زي ما قولتلك عبد الچبـ.ـار حدتني و قالي نچهز عشان معاد الكشف بتاعك الليلة.. مش أكده يا خوي"..
ظل على صمته المريب دون أن يبتعد بعينيه عنها حتى نطق بهدوء رغم غضبه الظاهر على قسمـ.ـا.ته العابسة بشـ.ـدة..
" چهزيلي الحمام قوام يا أم فاطمة"..
انصاعت "خضرا" لحديثه في الحال و هرولت عائدة نحو الداخل بخطي راكضة ،و إبتسامة تزين محياها المرتعدة، فزوجها رغم غاضبه منها لم يكـ.ـسر خاطرها و قدر مشاعرها أمام ضُرتها..
بينما هو أنتظر حتى تأكد أنها أبتعدت عنهما، و مد يده و جذب "سلسبيل" من معصم يدها، جذبها خلفه وسار بها نحو سيارته،فتح الباب و دفعها برفق حتى جلست بالمقعد الخلفي مردفًا بصوته الأجش..
"استنيني أهنه يا سلسبيل.. هغير خلجاتي و أرچعلك"..
حركت رأسها له بالإيجاب ، ليهبط هو بكفه بحركة سريعة حتى قبض على كفها الصغير داخل راحة يده الضخمة، ضغط عليه بحنو، و سحب يده ببطء و هو يتحسس بشرتها الناعمة بشغف أسفل أصابعه الخشنة..
"مش هتأخر عليكِ"..
قالها بابتسامته الجذابه و هو يغلق باب السيارة عليها، و دلف بخطي واسعة لداخل منزله، حيث قصد من فوره الدرج المؤدي للغرفة المتواجدة بها "خضرا"..
دفع "عبد الجبـ.ـار" باب الغرفة، و اندفع نحو لداخل غالقًا الباب خلفه بقوة، تسمرت محلها لبرهةً و هي تراه يقتحم عليها الغرفة هكذا و يرمقها بنظرات تطاير منها الشرر..
"أني چهزتلك الحمام "..
نطقت بها بصوتٍ خفيض بعدmا ابتلعت لعابها بصعوبة بالغة، تسارعت نبضات قلبها حين لمحته يقترب منها بخطوات هادئه تشبه خطوات فهد يستعد للانقضاض على فريسته..
كتمت شهقة حادة حين شعرت بذراعه يحيط كتفيها ، و سار بها نحو أقرب مقعد اجلسها عليه، و جذب مقعد أخر وضعه مقابل لها تمامًا، و جلس عليه، مال بجزعه العلوي عليها مستند بمرفقيه على ركبتيه، نظر لها نظرة جـ.ـا.مدة لأول مرة و تحدث بتساؤل قائلاً..
"من مِتي و أنتي بتخطي برة عتبة الدار بدون علمي يا خضرا ؟!"..
صاح فجأة بصوتٍ جوهري دب الذعر بأوصالها مكملاً..
"من مِتي و أنتي بتفتحي باب للشيطان بـ.ـنتنا يا بت الناس"..
"من ساعة ما اللي اعتبرتها زي خيتي سرقتك مِني".. تمتمت بها بحشرجة مهددة بالبكاء..
رفع" عبد الجبـ.ـار " حاجبيه معًا و هو يقول بستهجانٍ..
" سرقتني منك ! مش أنتي بنفسك اللي كنتِ هتحبي على يدي لاچل ما أكتب عليها، و لما أني رفضت و قولتلك معاوزش اتچوز عليكِ رغم أن ده حقي و سلونا في الصعيد إن الراچل مُلزم يتچوز أرملة أخوه، و إني رافضت لخاطر زعلك أنتِ.. روحتي من چهه تانيه و زنيتي على ودن البـ.ـنته الصغيرة و طلبتِ يدها لاچل ما تحطيني قدام الأمر الواقع بعد ما سألتي الدكتور و ضمنتي أنها مش هتقدر لا على حمل و لا على خلفه، و لا حتى تقدر تعطيني حقوقي الشرعية"..
صمت لوهلة، و نظر داخل عينيها المتحجرة بها الدmـ.ـو.ع، و تابع بأسف..
" مجاش ببالك وقتها أنها بعد ما تبقي مَراتي هيبقي ليها حقوق عندي هتاخدها كاملة حتى لو هي متقدرش تعطيني حقي عنِدها.. اعقلي يا بت الناس و لجمي نار غيرتك بدل ما تتحرقي أنتي أول واحدة منِها.. ويكون في علمك فانز نسوووم اللي معترض على جوازي عليكي و مقويكي على عمايلك المهببة دي مش هينفعك لو حصل بـ.ـنتنا حاچة عفشة".. (🌚🌝)
مسح على وجهه بعصبية و هو يطرد زفرة نزقة من صدره، و انتصب واقفًا و سار تجاه النافذة وقف خلفها يتابع تلك الجالسة داخل سيارته مكملاً بصوتٍ يحمل بين طياته حـ.ـز.نٍ دفين استطاع إخفاءه لسنوات طويلة..
"كتبت عليكِ و بقيتي على ذمتي يا خضرا من غير ما ألمح طيفك حتى.. كنت ولد 21 سنة و أبوي اختارك ليا لأنك بـ.ـنت أعز أصحابه و مقدرتش أكـ.ـسر كلمته.. و اتفاچأت وقتها برفض أمي و حتى رفض كل أهل البلد قريب و غريب"..
كانت قد وقفت هي الأخرى، و سارت نحوه حتى أصبحت خلف ظهره، تستمع له بصمت و أعين تفيض بالدmـ.ـو.ع، و بهمس متقطع قالت..
" كانوا مستعچبين كيف وافقت تتچوز حرمة تشبه الدكر مافيهاش ريحة الأنوثة، و قالولي أول ما يشوفك هيطـ.ـلقك و ترچعلنا بالفطير سخن "..
استدار لها، و إحتوي جانب وجهها بكفه مغمغمًا بابتسامة ..
" بس خيبت ظنونهم كلهم و نصفتك عليهم، و من وقتها و طوال 12 سنه چواز و إني شايلك چوه عيني و عمري ما هان على زعلك.. لكن في المقابل هان عليكِ أنتِ زعلي يا خضرا"..
" لع.. كله إلا زعلك يا سيد الرچاله كلهم"..
غمغمت بها و هي تميل على كتفه و تلثمه بعمق مكملة..
"حقك عليا.. حقك عليا يا سيد الناس.. أني مقصدش أزعلك.. الغيرة وچعها واعر على جلب العاشق.. و إني بعشق تراب رچليك يا عبد الچبـ.ـار"..
أبتلعت غصة مريرة بحلقها و تابعت بابتسامة متألمة.." وأنت بقيت خابر زين غيرة العاشق واعره قد أيه بعد ما جلبك عشق اللي بتقول عنِها متقدارش تعطيك حاچة"..
وضعت راحة يدها على موضع قلبه، و تابعت بقوة مصطنع..
" هي الوحيدة اللي قدرت تاخد جلبك"..
انتهي الفصل..
↚بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
"سلسبيل"..
تجلس داخل سيارة زوجها بشرود، تشعر أن هناك أمر ما يحدث حولها، لكنها على غير العادة تغمرها الراحة، و السكينة، تشعر بطمأنينة تملئ قلبها فهي على ذمة رجل جعلها خلال فترة زواجهما القصيرة تثق فيه ثقة عمياء حتى أصبحت على يقين إنه لن يخذلها مهما حدث..
وجدت معه الأمان الذي حُرمت منه طيلة عمرها، انبلجت إبتسامة على محياها الحزينة حين داهمتها ذكري تواجدها داخل جلبابه، كم شعرت بضئلتها بين ضلوعه و جسده العملاق الذي تحرك بها بمنتهي الخفة كأنها لم تزن شيئًا على الإطـ.ـلا.ق،أخفاها عن ضُرتها التي كانت وقتها لا تنوي على الخير أبدًا، شعرت بتلك اللحظة أنه سندها، ظهرها، حصنها المنيع الذي يحاوطها بحماية..
تلاشت ابتسامتها حتى اختفت، و حل مكانها الخـ.ـو.ف ، تسارعت دقات قلبها بذعر و هي تتخيل أن يأتي عليها اليوم و تجد نفسها بمفردها من دونه ثانيةً ، دون حمايته ، أمانه، نظرة عيناه العاشقه التي أدmنتها !!! رفعت كف يدها وضعته على قلبها تحاول تهدئة دقاته العنيفة و هي تدعوا بألحاح أن يدوم لها زوجها حتى لو ظلت له زوجة على الورق فقط إلى الأبد ..
وجهت عينيها تجاه باب المنزل بملامح جـ.ـا.مدة عكس ما بداخلها من صخب ،تنتظر طالته عليها بلهفة و نفاذ صبر حتى يهدأ ضجيج قلبها كعادته معاها، هامسة بإسمه بتنهيده حارة..
"عبد الجبـ.ـار"..
.................... سبحان الله العظيم......
"عبد الجبـ.ـار"..
متمكن في التحكم في زمام الأمور بجدارة يُحسد عليها، يستطيع السيطرة على مشاعره، و تعابير وجهه، إنما قلبه!!! لا يملك أي سلطة عليه، لذا قبض على يد زوجته و ابعدها عن موضع قلبه قبل أن تشعر بنبضاته التي تدق كالطبول على صدره حين ذكرت أسم من أستحوذت بعشقها عليه..
رسم الجدية على قسمـ.ـا.ته الصارمه، و تحدث بصوته الأجش..
" إني عمري ما زعلتك مني في يوم من ساعة ما أتچوزنا "..
صمت لبرهةً و تابع بنبرة محذرة و هو يرفع كف يده الأخرى الذي لم يشفي بعد أمام عينيها، ليظهر أثر جـ.ـر.ح السكين التي حاولت "سلسبيل" قــ,تــل نفسها بها لولا وصوله بالوقت المناسب..
"حتي بعد اللي حُصل مِنك..و اللي مش هسمح أنك تكرريه مرة تانية.. فبلاش يچي اليوم اللي أزعل منك فيه يا خضرا"..
توحشت نظرته بخطورة مكملاً ..
"أنتي خابرة زين مافيش مخلوق يقدر يزعلك في حياة عيني.. و حقك بچبهولك لحد عندِك لإنك مَراتي و اللي يزعلك كأنه زعلني .. و سلسبيل كمان مَراتي و اللي يزعلها يزعلني كيفك بالتمام، و عشان أكده من هنا و چاي مهسمحش لمخلوق على وش الكون كله يغلط فيها حتى لو أمي"..
قال الأخيرة بصوتٍ عالِ للغاية متعمد حتى يصل لوالدته الوقفه تتجسس عليهما كعادتها..
وصل غضبه لزروته جعل عروقه تبرز بهيئة مخيفه و علىَ صوته أكثر قائلاً و هو يشتعل غضبًا..
" و لا هسمحلك أنتي كمان تغلطي فيها تاني واصل يا خضرا.. لإنها مش قليلة الرباية و لا خسيسة كيف ما قولتي عليها.. بالعكس أنتي شايفة بعينك من يوم ما كتبت عليها و هي متنازلة ليكِ عن حقها فيا و عامله خاطر لزعلك و ساكته على كل عمايلك معاها، و أنتي غيرتك عمت قلبك كمان بقيتي لا مقدرة سكوتها و لا حتى مرضها"..
هذه المرة وصل صوته لقلب" سلسبيل " قبل أذنها، اقتحمها أحساسه الصادق بالخـ.ـو.ف عليها، و شعرت بمدى و.جـ.ـعه منها بسبب تنازلها عن حقها فيه و بعدها عنه،لا يعلم أنها تتمنى قربه ربما أكثر منه..
ترقرقت العبرات بعينيها و تقطعت نياط قلبها على حين غرة بسبب أخر كلمة تفوه بها مرضها!!!!!!! ربما أدركت
"خضرا" الوضع حاليًا بعد حديث زوجها المنفعل معاها ، و من الجائز أن ترضي بالأمر الواقع و تتقبلها ضُرة لها، لكن سيظل مرضها الحائل بينها و بينه، إذن لن تكون قادرة على تحقيق حلمه في إنجاب إبنٍ له، سيكون خطورة كبيرة على حياتها حينها..
حياتها!!! لا تهمها بالأساس، ما رأته خلالها جعل حالتها النفسية تسوء إلى أقصى حد، فأصبحت تتمنى لو تحصل على فرصة حتى تتخلص منها، لمعت عينيها ببريق أمل و تهللت أساريرها فجأة حين خطر على بالها فكرة حمقاء، ها قد وجدت تلك الفرصة أخيرًا..
"هحمل منك يا عبد الجبـ.ـار"..
غمغمت بها بوعيد و إصرار، و أعين تفيض بالدmع رغم سعادتها التي ظهرت على وجهها أشرقت نوره، و عادت الدmاء تغزو وجنتيها من جديد..
بينما "خضرا" أجهشت ببكاء حاد حصلت به على عطف زوجها الذي كان يلهث من شـ.ـدة أنفعاله نافثًا الهواء من فتحتي أنفه بصعوبة ،
أخذ نفس عميق يهدأ به نوبة غضبه، و احتضن وجهها بين كفيه، يزيل عبراتها بأصابعه مكملاً بنبرة هادئة..
"ميهونش عليا دmعك يا غالية.. كفايكِ بكى عاد.. أكده هزعل منكِ صُح"..
"لع.. كله إلا زعلك عندي يا عبد الچبـ.ـار" ..
همست بها و هي تلثم كف يده المصابة بقبله عميقة مكملة..
"هتحق لسلسبيل مَراتك، و هحب على رأسها كمان بس متزعلش مني و لا جلبك يكون شايل من چهتي أيتها حاچة يا خوي"..
تنهد" عبد الجبـ.ـار "براحة، و انحني عليها مقبلًا جبهتها بعمق مغمغمًا..
" ربنا يكملك بعقلك يا أم فاطمة"..
....................... لا حول ولا قوة إلا بالله.......
" سعاد"..
تجلس على الاريكة بجوار" فؤاد" والدها تتحدث معه بصوتٍ خفيض حتى لا يصل لسمع ابنها "جابر"..
" يعني دي تاني جوازة كمان للبت و ابني عايز يطـ.ـلقها من جوزها و يبقي الراجـ.ـل التالت في حياتها !!!"..
قالتها بملامح منذهلة، مصدومة و هي تضـ.ـر.ب على صدرها بكف يدها..
زفر "فؤاد" بضيق، و تحدثت بتعجب قائلاً..
"هو ده اللي همك يا سعاد و مش همك بـ.ـنت أختك اللي أكيد أول ما تشوفنا هتسألنا سبناها ليه كل السنين دي؟! "..
تحشرج صوت" سعاد " بالبكاء مردفة ..
" و إحنا سبناها بمزاجنا يعني.. ما أنت عارف اللي حصل وقتها، و عارف كمان إن أبوها جبروت و ابني كان لسه عضمه طري ميقدرش يقف قدامه.. لكن دلوقتي ربنا يحفظه بقي راجـ.ـل يسد عين الشمس هيبقي سند ليها و يقف في ضهرها و لو ليها حق هيجبهولها بس من غير جواز.. هي أه بـ.ـنت أختي و غالية عندي و نفسي أشوفها و أخدها في حـ.ـضـ.ـني.. بس مش أغلى من ضنايا يا بابا و مستحيل أرضي إن ابني ياخد واحده خرج بيت واحد مش بتين كمان حتى لو بـ.ـنت أختي "..
" بس نوصل للبت الأول يا سعاد".. قالها" فؤاد " بضحكة ساخرة مكملاً..
" جوزها طلع تقيل أوي و صاحب أملاك ياما و ابنك داير يلف عليه زي الدبور و مش عارف يوصله لحد ما تعب من كتر اللف و مرمى نايم جوه زي القتيل"..
" و يارب ما يوصله يا حج"..
نطقت بها بتمني شـ.ـديد، و تابعت بسرها..
" إلا أما أجوزه الأول البت صفا بـ.ـنت جوزي.. تربية أيدي "..
......................... صلِ على الحبيب.........
" عبد الجبـ.ـار "..
فرغ للتو من غُسلٍ كامل، هرول مسرعًا تجاه ثيابه المكونه من قميصًا أبيض اللون، و سروال من الجينز الغامق، حذاء كلاسيك أسود بلون الحزام الملتف حول خصره، وقف مقابل المرآه يمشط شعره بعناية، أرتدي ساعته الفخمه حول رسغه، و خاتم من الفضه بأحدي أصابعه، نثر عطره المميز بكثافه، هنـ.ـد.م ذقنه و شاربه بدقه فأصبح مثالًا للغواية و الفتنة..
كانت "خضرا" تتابعه بصمت، نيران قلبها أصبحت هادئة قليلاً الآن، بعد احتواءه لها خاصةً حين قال ..
"أني هفهم الدكتور يقول قدام سلسبيل إن هو اللي قدm معاد المتابعة.. لأنها المفروض الأسبوع الچاي.. بس عشان ميرضنيش يبقي شكلك مش ولا بد قصادها"..
"اللي تشوفه يا خوي".. قالتها وهي تخفض رأسها و تبتعد عن عينيه التي تتابعها بنظرة متفحصة يقرأ بسهولة ما يدور بذهنها عبر المرآة..
جمع أغراضه المكونه من هواتفه ذات الماركات الشهيرة، و جزدانه الجلدي،نظارته الشمسية، مفاتيح سيارته،و أقترب منها حاوط كتفيها بذراعه هامسًا بأذنها بنبرته المزلزلة..
" في هدية مني ليكي هتعچبك قوي هتوصلك الليلة
بعد صلاة العشاء "..
أشهرت يديها الإثنين الممتلئتين بالاساور الذهبية، و أشارت على القلادات المعلقين برقبتها مرددة بفخر و هي تسير بجواره لخارج الغرفة..
"يخليك ليا و لا يحرمنيش منك واصل.. خيرك مغرقني يا سيد الناس"..
" و اللي خلق الخلق الحُرمة دي عملالك عمل يا ولدي"..
كان هذا صوت "بخيتة" التي جن جنونها حين رأت ابنها الذي كان يتشاجر مع زوجته كما لو كان جمرة نار من شـ.ـدة غضبه منذ قليل،الآن يهبط الدرج وهو محتضن رأسها و يبتسم ببشاشة كأن لم يكن شيء..
" أمه..... ".. قالها "عبدالجبـ.ـار " ضاغطًا على كل حرف بها، و هو يبتعد عن زوجته و يقترب منها مقبلًا رأسها، و يدها هامسًا برجاء..
"بكفايا نكد لحد أكده انهارده عشان خاطري يا أم عبد الچبـ.ـار"..
رمقة" خضرا " بنظرة سامّة مدmدmة..
"اممم.. لاچل خاطرك بس يا ولدي بس بشرط"..
صمتت للحظة و تابعت بخبث..
"تچبلي حفيد.. راچل يشيل اسمك وأسم أبوك و يكون سندك كيف ما أنت سندي و ضهري يا عبد الچبـ.ـار"..
" كل شيء بأوان يا أم عبد الچبـ.ـار "..
قالها و هو يرتدي نظارته الشمسية التي ذادت جذبيته أضعاف مضاعفة قبل أن يغادر المنزل بخطوات واسعة..
و بعد طول إنتظار لمحت طيفه يهل عليها، رفرف قلبها بشـ.ـدة حين رأته مقبلًا عليها بلهفة أخفاها خلف نظارته السوداء، زينت شفتيه العريضة ابتسامة كان لها تأثير السحر عليها، أجبرتها على تأملها ببلاهة، نظرتها له متفحصة لا تخلو أبدًا من الإعجاب..
"عنك يا عبد الچبـ.ـار بيه"..
أردف بها "حسان" و هو يركض نحوه مسرعًا، و فتح له باب السيارة الخلفي ..
"أيه الأخبـ.ـار يا حسان؟"..
قالها "عبد الجبـ.ـار" و هو يجلس بجوار زوجته، علقت أنفاسها بصدرها حين اقتحمتها رائحة عطرة الذي أشعل جميع حواسها دفعة واحده..
أجابه "حسان " قائلاً..
"كلو تمام زي ما أمرتنا يا كبير"..
كانت "سلسبيل" هائمة بالنظر إليه بابتسامة حالمة، عينيها مثبته على شعره الفاحم الرطب،تتمنى لو تغرس أصابعها بين خصلاته..
لم تنتبه على حركة السيارة التي صدر عنها ضجيجًا عاليًا أثناء مغادرتها عبر البوابة المفتوحة على مصرعيها، تحت نظرات "خضرا " التي تقف خلف النافذة تتابعهما بأعين يتطاير منها الشرر بعدmا لمحت نظرة الافتتان بأعين غريمتها لزوجها جعلتها تستشيط غـ.ـيظًا و حقدًا عليها..
بينما "عبدالجبـ.ـار" يجلس بجوارها المسافة بينهما لا تُذكر لكنهما لا يتلامسان، و رغم هذا كانت تشعر بذبذبات حاره منبعثه من جسده تجاهها إلى أن أحست بكفه قبض على يدها فجأة، و أصابعه تتخلل بين أصابعها و تشتبك بهم بقوة دفعتها للإنهيار داخليًا فأطلقت أنفاسها المحبوسة برئتيها دون أدنى أرادة منها..
"خابر أني اتأخرت عليكِ.. حقك عليا"..
همس بها بنبرة بدت مدmرة، و هو يرفع يده المحتضنه كفها على شفتيه و لثمه بقبلة رقيقة أيقظت كل مشاعرها الخامدة تجاهه مرةً واحدة، شهقت بصوتٍ خفيض و قد فجأتها فعلته هذه و راقتها كثيرًا أيضًا ..
جاهدت حتى تبتعد بعينيها عنه، و نظرت للجهه الأخرى لتجد أنهم على الطريق السريع المعاكس للطريق المؤدي إلى المستشفى..
" أيه ده.. إحنا رايحين فين!!!!".. نطقت بها و هي تتلفت حولها بصوتٍ مرتجف يعبر عن خـ.ـو.فها الشـ.ـديد..
"ليه كل خـ.ـو.فك ده عاد"..تساءل "عبدالجبـ.ـار" بقلقٍ جم، لترفع "سلسبيل" وجهها و تنظر لعينيه بعينيها الزائغة، و همست بصوتٍ اختنق بالبكاء..
"أوعي تكون موديني عند أهل أمي؟"..
لتستطرد دون أن تمنحه فرصة للرد عليها..
"أنا مش مستعدة أشوفهم دلوقتي خالص .. خايفة من اللحظة اللي هشوفهم فيها يصدmوني بحاجة تو.جـ.ـع قلبي زيادة وأنا مش حمل أي صدmـ.ـا.ت تانية تزعلني زيادة وأنا في حالتي دي"..
تنهد" عبد الجبـ.ـار " متفهمًا مشاعرها و خـ.ـو.فها، أبتسم لها و هو يبعد نظارته عن وجهه لتظهر عينيه التي تجعلها تمتثل رغمًا عنها للسحر الذي يبثه لها بنظراته، إزداردت لعابها بتـ.ـو.تر حين وجدته ينظر لها نظرته التي تخـ.ـطـ.ـف أنفاسها، جذبها عليه محاوطًا إياها بذراعيه، استكانت بين يديه على الفور..
تنهد "عبد الجبـ.ـار" بقوة مغمغمًا بخفوتٍ..
"أطمني.. متخفيش من أي حاچة واصل..
أني معاكِ و في ضهرك و مهسمحش لمخلوق يمسك بسوء، و كمان مش ناوي أوديكِ عندهم إلا لما تطيبي و تبقى زينة" ..
"طيب أنت واخدني على فين".. غمغمت بها بخجل، و هي تتحاشي النظر لعينيه المحاصرة لها، رفع يده و إحتوي ذقنها بين أصابعه أجربها على النظر له مرة أخرى، تعمق النظر بعينيها التي تنجح في هزم كل قوته و عنفوانه و تجعله آسيرًا لها ليمد إبهامه ويلمس شفتها السفلى بحسيه شـ.ـديدة خرجت من أعماق رجولته، و أردف مسبلًا عيناه نحو شفتاها الحمراوين و مقربًا وجهه من وجهها ببطء..
" هخـ.ـطـ.ـفك أيه قولك"..
أسرعت بدفن وجهها داخل صدره تختبئ منه فيه بخجل حين لمحت نظرته المتلهفة لشفتيها..
"موافقة.. تخـ.ـطـ.ـفني يا عبد الجبـ.ـار ".. دmدmت بها بهمس بالكاد وصل لسمعه، فضمها له بقوة أكبر، و هو يجذب يديها و يلفها حول خصره..
مر عليهما وقت ليس بقليل، ساعة أو أكثر لكنهما لم يشعروا به، كان مكتفيان بقربها لبعضها، منفصلان عن جميع ما حولها حتى توقفت السيارة و صدح صوت " حسان " قائلاً ..
" حمدالله على السلامة يا كبير"..
تنحنح "عبد الجبـ.ـار" كمحاوله منه لإيجاد صوته مردفًا.. "احححم الله يسلمك يا حسان"..
دارت "سلسبيل" بعينيها بالمكان حولها، شهقت بفرحة غامرة حين وقعت عينيها على أمواج البحر تنصدm بالاحجار الضخمة صادرًا عنهما صوتٍ ينعش الروح..
" احنا في إسكندرية صح!!!! "..
تفوهت بها و هي تغادر السيارة، واضعة يدها الصغيرة داخل راحة يده الممدودة لها..
حرك رأسه لها بالايجاب، و سحبها خلفه لداخل منزل حديث الطراز ، يطل مباشرةً على مياه البحر بلونه الأزرق المتلألئ تحت آشعة الشمس الساطعة..
كان بستقبالهما العاملين بالمنزل يقفون بصف واحد، ترأسهم "عفاف" سيدة أنيقة بأواخر عقدها الرابع، تحدثت بابتسامة بشوشة قائلة..
"نورتي بيتك يا ست سلسبيل هانم"..
"بيتي!!!".. تمتمت بها مذهولة، و هي تتنقل بينها وبين زوجها الذي ينظر لها بإبتسامة حانية مردفًا بتأكيد، و هو يحاوط خصرها و يضمها له و يسير بها بالارجاء..
"أيوه بيتك يا سلسبيل"..
صعد بها على الدرج، و هو يقول..
"چهزوا الوكل يا عفاف.. الهانم معاد علاچها كمان ساعة"..
"عفاف" بعملية.. "دقايق و الأكل يكون عند سيادتك يا عبد الجبـ.ـار بيه"..
سارت معه داخل ممر طويل حتى توقف أمام إحدي الغرف، و وضع يده على المقبض ، و نظر لها قبل أن يفتح الباب..
كادت أن تصرخ هذه المرة وهي ترى غرفة أقل ما يُقال عنها أنها رائعة الجمال، مملوءة بأجمل الورود بمختلف انواعها و ألوانها،
دلفت معه للداخل بخطوات مرتعشة، لتجده يجذبها برفق نحو منضدة الزينة الموضوع عليها علب مخملية مفتوحة بداخلها أفخم المجوهرات التي صُنعت لها خصيصًا..
أوقفها أمام المرآة، و وقف خلفها و بدأ يخلع حجابها عنها حتى تخلص منه، فك عقدة شعرها لينسدل على ظهرها بنعومة و انسيابية، أمسك عقد من الماس على شكل قلب منقوش عليه حروف إسمها، و قام بوضعه حول رقبتها ، زاد العقد جمالاً بها، فنحني عليها و عانقها بقوة هامسًا برومانسية..
"شبكتك يا ست البنات"..
قال جملته وهو يشير لها على باقي الذهب أمامها، و أمسك أوراق كانت بداخل مغلف مغلق فتحها أمام عينيها مكملاً..
"و ده عقد البيت بأسمك يا سلسبيل، و في كمان شيك بورثك في حق أخوى الله يرحمه"..
تتطلع حولها بأعين دامعة، مبهورة.. ما تعيشه الآن لم يخطر على بالها بيومٍ من الأيام..
"لمين كل ده يا عبد الجبـ.ـار!!!"..
تأملها بعينيه الآسرة و نظرته العاشقه لها التي تُذيبها كليًا قائلاً بصوته القوي..
"للست سلسبيل هانم مَرات عبد الچبـ.ـار المنياوي"..
سالت عبراتها على وجنتيها ببطء، و أبتسمت إبتسامة يملؤها الو.جـ.ـع مغمغمة..
"مراتك!!!"..
قرأ ما يدور بذهنها بشأن مرضها و عدm قدرتها على إعطاءه حقوقه، إحتوي خصرها بذراعيه، و انحني عليها ضمها لصدره بقوة طابعًا على خدها قبلاتٍ عميقة متتالية و هو يهمس من بينهم بحرارةٍ..
"أيوه مَراتي و عشج الجلب و الروح من أول مرة وقعت عينى عليكي فيها، و مكنتش خابر وقتها إنك أرملة أخوى يا سلسبيل"..
حديثه هذا لم تنتبه له جيدًا، فقربه منها بحميمية هكذا يبعثر مشاعرها و يفقدها إدراك ما يحدث حولها، أسبلت أهدابها و تنهدت مطوّلًا، ثم همست دون وعي بصوتٍ إختنق بالبكاء..
" أخوك ده أنا وافقت اتجوزه بسببك أنت يا عبد الجبـ.ـار!!! "..
ر بااااه ماذا قالت!!!!
و ماذا قال هو!!!
نفس السؤال اقتحم عقلهما بأنٍ واحد، انتزعها من بين أحضانه دون أن يبعدها عنه، لتتقابل أعينهم بنظرة تلهف، و تحدثا بنفس واحد..
"وافقتي على چوازك من أخوى بسببي!!" ..
"شوفتني فين و أمتي؟! "..
انبلجت إبتسامة على محياة و هو يستعيد ذكري أول مرة رأها بها..
.. فلاش باااااااااااك..
بعد إنتهاء مراسم دفن شقيقه، عاد للمنزل و وقف لاستقبال واجب العزاء، كان صراخ و عويل النساء بالداخل يصم أذان الرجـ.ـال بالخارج مما أغضبه كثيراً، فندفع نحوهم بملامح تشتعل غضبًا، و صاح بصوته الأجش و هو يتنقل بنظره بينهم يبحث عن والدته..
"أخرسي يا حُرمة منك ليها.. بكفاياكِ عاد يا أمه"..
هنا لمحها، وقعت عينيه على فتاة تجلس بإحدى الجوانب بمفردها، وجهها يظهر عليه أثار عنف، و كدmـ.ـا.ت تاركة بقع حمراء و زرقاء و رغم هذا كانت الفرحة تُشع من ملامحها الدامية، عكس جميع الحضور، سعادة عجيبة، و غريبة ظاهرة على قسمـ.ـا.تها الفاتنة التي شغلت جم انتباهه، لكنها لم تنتبه له على الإطـ.ـلا.ق..
"مين دي يا حسان"..
أردف بها بصوتٍ خفيض، و هو يشير تجاهها بنظرة من عينه..
إجابه "حسان" قائلاً ..
"دي سلسبيل أرملة أخوك الله يرحمه يا كبير"..
عقد حاجبيه فأصبح عابسًا بشـ.ـدة وهو يقول.. "أيه اللي عمل فيها أكده؟!"..
"أخوك الله يرحمه بقي و يسامحه كان شـ.ـديد قوي قوي عليها".. غمغم بها "حسان" بأسف..
و من تلك اللحظة، و هي سيطرت على تفكيره، و كأنها ألقت تعويذة سحرية على قلبه..
.. نهاية الفلاش باااااااااااك..
ختم حديثه و اختطفتها ذراعه كالخطاف وهو يحاوط بها خصرها ليجذبها اليه، و انحني بوجهه عليها هامسًا أمام شفتيها..
" كأن صورتك اتوشمت على جلبي"..
أبتسمت له "سلسبيل" و رفعت يديها احتضنت وجهه بين كفيها مغمغمة بستحياء..
"من يوم ما أبويا خدني و رجع بيا على الصعيد، و أنا بسمع عن عبد الجبـ.ـار المنياوي الراجـ.ـل اللي كل أهل البلد بتحلف برجولته و أخلاقه، و أد ايه هو صاين مـ.ـر.اته و مخليها زي الملكة.. وقتها اتمنيت و دعيت ربنا يرزقني براجـ.ـل زيك يحميني و ينجدني من جبروت و ظلم أبويا و مـ.ـر.اته.. لحد ما عبد الرحيم طلب أيدي، و عرفت انه أخوك.. فرحت و وافقت على طول و قولت أكيد هيبقي زيك في أخلاقه، و افتكرت ان ربنا رحمني أخيراً"..
صمتت قليلاً تلتقط أنفاسها، و تابعت بغصة يملؤها الأسى.." بس للأسف مطلعش زيك يا عبد الجبـ.ـار.. ده طلع جبروت عن أبويا، و انا من غبائي و سني الصغير وقتها قولتله أني كنت فكراه راجـ.ـل زيك و هدته أني هشتكيه ليك أول ما أشوفك، ساعتها اتحول لوحش و كان هيقــ,تــلني، و بقي كل ما يعرف إنك جاي البلد يكتفني في اوضتي لحد ما أنت تمشي"..
أنهت حديثها و انفجرت باكية ببكاء مزق قلبه لأشلاء ، بينما هو أخذها في عانق محموم حتى لم تعد قدmيها لامسة الأرض، ذراعه ملتف حول خصرها، و ذراعه الأخر يربت به على شعرها بحنو..
كانت تهمس له بصعوبة بالغة من بين شهقاتها الحادة قائلة..
" مافيش ست في الدنيا مبتحلمش براجـ.ـل يكون سندها، و ضهرها.. يحميها و يحسسها بالأمان "..
رفعت وجهها المتخضب بالحُمرة القانية، و نظرت لعينيه المتلهفة بعينيها الغارقة بالعبرات، و تابعت بتأوه..
"و أنت كنت حلم حياتي اللي متخيلتش أبدًا أنه ممكن يتحقق في يوم من الأيام يا عبد الجبـ.ـار"..
تعالت وتيرة أنفاسه، و بدأ يلهث بوضوح و قد أشعلت بجسده حمم بركانية باعترافها الذي لم يخطر على باله أبدًا..
يلجم نفسه عنها بشق الأنفس، لصقها به بقوة، و يده تداعب جسدها بحميمية، و اقترب بوجهه منها حتى أصبح يتنفس أنفاسها، تحدث بصوته الأجش و شفتيه تمس شفتيها..
"رايدك.. رايدك يا سلسبيل"..
قالها قبل أن يطبق بشفتيه على فمها يتذوق ذلك الصخب من بين شفتيها و كم تاق لهذا...
↚. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
في كثير من الأوقات نتعرض لضغوطات الحياة المختلفة التي تلعب دورًا هام في تكوين شخصياتنا على مراحل سنوات عمرنا، إلى أن يأتي وقتٍ تنفذ فيه طاقتنا بسبب ضغط شـ.ـديد يفوق تحملنا، حينها نكون أول من يُصدm من رد فعلنا،نتفاجئ بوجود شخصية أخرى بداخلنا لم يُخيل لنا وجودها،
شخصية شرسة بأمكانها أرتكاب أفظع الجرائم دون لحظة تردد، و هذا ما حدث ل "خضرا" بعدmا تمكنت منها الغيرة التي أشعلت النيران بقلبها حتى غلفته
القسوة،تلك النيران سيكون للجميع نصيب منها، ستحرق كل من يعترض طريقها، لن ترحم أحدًا حتى نفسها..
صدح آذان العشاء، و صدح معه رنين جرس باب المنزل الخارجي يعلن عن وصول الهدايا التي أوصى بها "عبد الجبـ.ـار" خصيصًا لزوجته بإحدى دور الأزياء الشهيرة حتى تُناسب مقاساتها ، أتت قبل موعدها لينالوا رضا أهم عميل لديهم..
تقف "خضرا" بوجهه عابس بشـ.ـدة، ممسكة هاتفها بيدها تعاود الإتصال بهاتف زوجها مرارًا و تكرارًا دون توقف، لا تكترث للهدايا على الإطـ.ـلا.ق، كل ما يشغل بالها هي غريمتها، فقد تأكدت من مصادرها داخل المستشفى أن "سلسبيل" لم تصل إلى هناك ..
إذن أين ذهب بها ، و ماذا يفعل معاها الآن !!..
ستجن لا محالة كلما تتخيل أنهما بمفردهما و من الممكن أن تتطور العلاقة بينهما، تدور حول نفسها ذهابًا و أيابًا و هي تلطم خديها بكل قوتها حتى أدmتها، تشعر بألم يمزق قلبها يفوق قدرتها على التحمل، كل هذا أمام نظرات "بخيتة" التي تتابعها بابتسامة واسعة تظهر جميع أسنانها بهيئة مخيفة، و مستفزة للغاية..
" كل عمايلك دي مبقاش ليها عازة خلاص يا خضرا، سلسبيل بقت مَرات عبد الچبـ.ـار المنياوي اللي هتچبلوا الواد عن قريب قوي قوي"..
غمغمت بها "بخيتة" وهي تستند على عكازها، و تنتصب واقفة سارت تجاهها بخطوات هادئة حتى توقفت أمامها مباشرةً، و نظرت لها بملامحها القاسية، و تابعت بضحكة ساخرة..
"كنتِ فاكرة حالك هتقدري تتحكمي في البـ.ـنتة الصغيرة و تبعديها عن راچلها إياك!!!.. القلوب ملهاش حاكم يا أم البـ.ـنتة، و سلسبيل عشجت عبد الچبـ.ـار كيف ما هو عشجها، و مهتقدرش تمنع روحها عنِه أكتر من أكده"..
كانت "خضرا" تستمع لها بصمت، ملامحها جـ.ـا.مدة، دmـ.ـو.عها متحجرة بعينيها، تصطك على أسنانها بعنف كادت أن تهشمهم، هُيئ لها أن"سلسبيل " تقف أمامها و كم تتمني هذا الآن حتى تنقض عليها و تمزقها أربًا دون لحظة تردد..
تنهدت" بخيتة "براحة و قد وصلت لمبتغاها، و هي تري الغل، و الحقد ظاهر بوضوح على وجهه "خضرا" تجاه "سلسبيل"، فدmدmت لبرهةً قبل أن تقول..
"اممم.. لو فكرتي زين هتلاقي إن إتفاقك عليا مع سلسبيل اللي قولتيلي عليه ده هتطلعي منه خسرانة.. إنما لو اتفقتي معايا أني هتبقي أنتي لوحدك مَرات عبد الچبـ.ـار يا خضرا و أم الواد اللي هتچيبوا ضُرتك كمان"..
جحظت أعين "خضرا" على وسعهما، و نظرت لها بلهفة، كالغريق الذي كان على وشك المـ.ـو.ت و أخيرًا وجد منقذه..
"قوليلي كيف يا أمه أحب على يدك"..
نطقت بها بنبرة ملتاعة، و هي تميل على يدها تحاول أمساكها لتقبلها بتوسل..
دفعتها" بخيتة " بعيدًا عنها بعنف مردفة بغضب..
"أمه.. دلوجيت بتقوليلي يا أمه يا بت المركوب بعد ما كنتِ بتفقعي مرارتي بعاميلك العفشة و حديتك الماسخ"..
ضـ.ـر.بت" خضرا " على صدرها بكف يدها بحركة استعطافية مرددة..
"حقك علي راسي يا أمه.. مهعملش أكده مرة تانية واصل.. بس قوليلي كيف أكون مَرات عبد الچبـ.ـار ، و أم إبنه لحالي من غير ضُرة.. إلا الضُرة مُرة و مرارها واعر قوي"..
انبلجت ابتسامة شريرة على ملامح" بخيتة" حتي ظهرت تجاعيد وجهها وهي تقول..
"تهمليها مع راچلها لحد ما يحصل المراد، و تبجي حبلة منه، وقتها تحطيها چوه حباب عينك و تشيلها من الأرض على كفوف الراحة لغاية ما تچبلنا الواد اللي هيخلص عليها و هي بتولده كيف ما قال الحكيم إن جلبها مش قد الحبل و الولادة، و أول ما تمـ.ـو.ت تاخدي أنتي الواد و تبجي أمه.. الأم اللي بتربي يا خضرا مش اللى بتخلف"..
فكرة راقت" خضرا".. لن تنكر أن حديثها قد راق لها كثيرًا، و تهللت اساريرها بسعادة، و دون ذرة تفكير منها حسمت قرارها بتنفيذ تلك الفكرة على الفور، و لكن ستظل تلك النيران التي تتآجج بقلبها مشتعلة لن يخمدها سوي شيئًا واحد فقط مـ.ـو.ت السلسبيل، المـ.ـو.ت الذي لم تكن تظن بيومٍ أن تفكر فيه أو تتمناه حتى لعدوها..
بينما "بخيتة" ترمقها بنظرات مستهزءة لغباءها الذي صور لها بأن زوجها سيعود لها كما كان حين يُحرم من المراءة الوحيدة التي عشقها من صميم قلبه..
....................... سبحان الله العظيم.......
"عبد الجبـ.ـار..
كان يظن أن بأمكانه التحكم بفيض مشاعره التي أغرق بها معشوقة قلبه و روحه، و أن الأمر لن يكون إلا مجرد قبلة شغوفة و يبتعد عنها في الحال، و لكن قد حدث ما كان يتمناه قلبه الملتاع منذ أن أصبحت زوجته..
انجرف بقاع بحر غرامها دون أدنى إراده منه، لأول مرة فشل في السيطرة على رغبته الجامحه بها، انفصل معاها عن العالم أجمع مكتفي بوجودها بين ذراعيه، لا يعلم كيف و متى و كم من الوقت بقي ينهال بجنون من شهدها لعله يشبع ظمأه منها،
لم ينتبه على كل ما يدور حوله، رنين هاتفه المستمر حتى نفذت طاقته و أنطفئ تمامًا ، طرقات العاملين من حين لأخر، كان معاها و بها و لها فقط..
"عشجان.. أني عشجانك يا سلسبيل"..
غرد بها داخل أذنها بصوتٍ هامس من بين أنفاسه اللاهثه المهتاجة، و هو يسير بوجهه المتناثر عليه حُبيبات العرق، على وجهها المتوهج بحمرة الخجل..
"عبد الجبـ.ـار".. همست بها بأنفاس متهدجة من بين شفتيه التي تغمرها بوابل من القبلات المتلهفة، يستعد بها لأخذها بجولة أخرى من جولاتهم شـ.ـديدة الخصوصية،
لكن!!! همسها هذا أفاقه من نوبة جنون عشقه بها، تخشب جسده لوهله و قد أدرك ما فعله للتو، و من ثم انتفض من فوقها فجأة كمن لدغه عقرب سام، أو بالأصح كأنه تحول هو لهذا العقرب و قام بلدغ أغلى و أحب الخلق لقلبه..
"سلسبيل!!!!".. صاح بها صارخًا بقلب مرتعد، و هو يخـ.ـطـ.ـفها داخل صدره، اجلسها على قدmيه، و بدأ يتفحص كل أنش بها، و هو يصيح بصوتٍ جوهري دون أن يتركها من يده..
"عفاااااف.. شيعي لحسان يچيب الدكتور"..
"عبد الجبـ.ـار أهدي.. أنا كويسة"..
أردفت بها و هي تحتضن وجهه بين كفيها الصغيرين، لكنه أسرع بضم يدها بين قبضة يده الضخمة يتحسس برودة بشرتها، و يجذب الغطاء عليها بخـ.ـو.ف يخفي به جسدها العاري، و عينيه تشملها بنظرة يملؤها العشق، و النـ.ـد.م معًا مغمغمًا..
"حاسة بأيه.. في حاچة بتوچعك.. قوليلي يا بت جلبي"..
أنهى جملته، و أسرع بوضع راحة يده على موضع قلبها يستشعر نبضاته، دست نفسها هي بين ضلوعه، و لفت كلتا يديها حول خصره، و ضمته لها بكل ما أُتيت من قوة، و أطلقت تنهيدة طويلة و هي تقول بستحياء بصوتٍ بالكاد وصل لسمعه..
"مبسوطة.. أول مرة أبقى مبسوطة كده"..
رفعت وجهها، و نظرت داخل عينيه بعمق مكملة..
"مبسوطة عشان بقيت مراتك أنت.. أنت بالذات يا عبد الجبـ.ـار"..
هدأت وتيرة أنفاسه قليلاً حين رأي ملامحها التي توردت و كأنها تفتحت كالوردة بعدmا تشبعت من حبه و أهتمامه بها..
في هذه اللحظة ضمها له بيديه و حتى قدmيه لعله يطمئن قلبه الذي أوشك أن يغادر صدره من عنف دقاته،
مرت لحظات و هو محتويها بجسده كما لو كانت ضلع من أضلاعه، حتى استمع لطرقات على باب الغرفة يليه صوت "عفاف" تتحدث بقلق قائلة..
"الدكتور وصل يا عبد الجبـ.ـار بيه"..
على مضض ابتعد "عبد الجبـ.ـار" عن زوجته، و هرول بلملمة ثيابه المبعثرة على الفراش، و الملقاه أرضًا و ارتداها علي عجل، و عينيه لم تتزحزح عن "سلسبيل" المختبئة بخجل أسفل الغطاء، شهقت بخفوت حين شعرت بيديه ترفعها بمنتهي الخفة، و قام بمساعدتها على أرتداء روب من الحرير الناعم أبيض اللون، احضره لها بلمح البصر من الغرفة الخاصة بثيابها،و حجاب كبير قام بوضعه على رأسها أخفي به شعرها و روبها بأكمله..
أغلقه جيدًا حولها قبل أن يسير تجاه باب الغرفة بخطي واسعة، و قام بفتحه و هو يتحدث موجهه حديثه للطبيب بنبرة لا تحمل الجدال..
"أسرع بالكشف على زوجتي، و تحدث معي باللغة الإنجليزية عن حالتها الصحية "..
"تحت أمرك عبد الجبـ.ـار بيه"..
نطق بها الطبيب الذي اندفع مسرعًا تجاه "سلسبيل" الجالسة على الفراش بأريحية،و إبتسامة دافئة تزين ثغرها المزموم..
بمنتهي الدقة أنتهي الطبيب من فحص شامل لها أمام " عبدالجبـ.ـار " الجالس بجوار زوجته، محاوط كتفيها بلهفة..
" اطمئن زوجتك بخير حال و لا يوجود أي خطر عليها"..
تتنقل "سلسبيل" بينهما بنظرات منذهلة، و هي تري زوجها يتحدث اللغة الانجليزية بطـ.ـلا.قة، ليتابع الطبيب بتعجب قائلاً..
"هل نسيت إتفاقك معي حول ما أقوله عن حالتها!!! "..
تنهد "عبد الجبـ.ـار" بأسف، و قد ارتجف قلبه بخـ.ـو.ف و هو يتخيل رد فعل زوجته إذا علمت باتفاقه هذا..
"لا لم أنسى اتفاقنا ، و لكني لم أنسى أيضًا أن قلبها كان على وشك أن يُصاب بجلطة، و لا أريد أن يتكرر الأمر ثانيةً"..
"في أيه يا عبد الجبـ.ـار.. فهمني"..
همست بها "سلسبيل" لزوجها بصوتها الذي يُذيب عظامه، فضمها له بقوة أكبر مقبلًا جبهتها، و هو يقول..
"اطمني.. أنتي زينة يا ست الهوانم"..
نظر لطبيب وتابع بصرامة..
" مش أكده يا دكتور"..
الطبيب بعملية و بعض الخـ.ـو.ف من قسمـ.ـا.ت "عبد الجبـ.ـار "الجادة" احححم.. أيوه حضرتك كويسة جدًا يا مدام اطمني"..
أردفت "سلسبيل" بلهفة و فرحة غامرة قائلة..
"أيوه أنا الحمد لله حاسة أني احسن بكتير.. يعني أقدر أحمل و أكون أم مش كده يا عبد الجبـ.ـار "..
كان قد غادر الطبيب برفقة "عفاف" التي أغلقت الباب خلفها، و بقي بمفرده ثانيةً مع زوجته، انبلجت إبتسامة لعوب على محياه قبل أن يميل عليها يحاصرها بجسده لصقها به، و يده تتسلل ببطء نحن حجابها و روبها الحريري نزعهما عنها مغمغمًا..
" رايده تبجي حبله مني يا سلسبيل!! "..
لم تنطق بحرف واحد، اكتفت بالنظر له عينيها تتحدث لعينيه بكلمـ.ـا.ت نابعة من قلبها جعلته يغيب بها عن العالم حوله من جديد..
الليلة استقبلنى بكل جنوني،سأنزل بضيافة عينيك كحورية..
راقصنى فخلخالى لن يوقف رنينه ثانية،
وعانقنى أعزف على أوتاري موسيقى اللهفة،فشعوري شعور طفلة عارية دثرتها بمعطفك الدافئ، قطة صغيرة تقف بمنتصف الطريق مذعورة من الحافلات الضخمة، وجدت ركنًا احتضنها بظلاله، وجدت بين ضلوعك يقطينة تدلل بؤسها، و تزرع بحدائقي يقينً بعدmا كاد أن يبتلعني حوت الشك، و عتمة الخذلان.
↚"جابر"..
بعد وصلة بحث مكثفة يحاول خلالها الوصول ل "سلسبيل" أو لزوجها بشتى الطرق، غلبه إجهاده و تمكن منه التعب جعله يستسلم للنوم رغمًا عنه، قضى ساعات قليله غارقًا بأحلامه التي دومًا تكن هي بطلتها..
بينما أصدقاءه المقربين له لم يتوقفوا عن مواصلة البحث عن أي شئ يُساعد صديقهم في العثور على محبوبته،
حتى صدح صوت رنين هاتفه أعاده لواقعه الخالي من وجودها مجددًا،فأسرع بالرد عليه قائلاً بلهفة..
"ها وصلتوا لحاجة!! "..
أتاه صوت صديقه "أيمن" مردفًا.. "حاجاااات مش حاجة واحدة يا فخامة"..
غادر "جابر" الفراش بهرولة نحو ثيابه قفز داخلهم، و قد غمرته الفرحة و هو يستمع لحديث صديقه يُتابع بجملة تسارعت بسببها دقات قلبه..
"أخيرًا عرفنا مكان بـ.ـنت خالتك"..
"أنا جيلكم حالاً"..
قالها، و هو يجمع أغراضه على عجل، ليوقفه صوت"أيمن " قائلاً..
" لا خليك و أنزل بعد ساعة كده لأننا لسه داخلين على المنصورة، و هنروح على الچيم.. تعالي لنا هناك عشان معانا ضيف عايزين نكرمه على الأخر "..
عقد "جابر" و هو يقول بتعجب..
"أنتو خرجتوا برة المنصورة رحتوا فين!!!"..
استمع لصوت أنين مكتوم عبر الهاتف، فزمجر بعصبية مفرطة مغمغمًا..
"و مين الضيف اللي معاكم ده يا أيمن!!! "..
"أنا و الرجـ.ـا.لة فضلنا ورا عبد الجبـ.ـار المنياوي لحد ما لقينا نفسنا في إسكندرية و أدينا راجعين في الطريق أهو يا جابر".. نطق بها" أيمن"، و صمت لبرهةً و أكمل بأسف ..
" وبالنسبة للضيف فهو مش ضيف خالص الصراحة.. إحنا خـ.ـطـ.ـفناه ، و هو بيقول أنه الدكتور المسؤول عن حالة بـ.ـنت خالتك"..
" جابر" بنبرة لا تحمل الجدال و هو يغادر غرفته بل المنزل بأكمله بخطوات راكضة..
" أنا هتحرك بالعربية و أطلع على إسكندرية .. ابعتلي عنوان سلسبيل ده أهم حاجة عندي دلوقتي، و اللى معاك ده خدوا يا أيمن أنت على الچيم، و أتصرف معاه بمعرفتك و أبقى بلغني بالجديد أول بأول "..
............ لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم....
" عبد الجبـ.ـار "..
أبتعد عن زوجته بشق الأنفس، معشوقته التي أحيت بقلبه مشاعر لم يتخيل بيومٍ أنه يكنها بداخله،تأكد الآن أن كل تلك السنوات التي مرت عليه كان فيها زوج يقوم بأداء واجباته الزوجيه كما لو كان آله مجردة من المشاعر ..
أستطاعت "سلسبيل" التسلل لأعمق نقطة داخل قلبه لم يتمكن أحدًا قبلها من الوصول إليها، أما هو قد نجح في نزع خـ.ـو.فها و رهبتها من قربه منها، لم يتركها إلا بعدmا عالج جروحات قلبها الغائرة، نعمها بفيض غرامه الذي أهاله عليها بكرمٍ و شغف فلم يسعها سوي الاستسلام الكامل له..
بقت متكومة بأحضان زوجها دون حراك،بينما هو يمسد على شعرها المشعث بفوضوية مثيرة، و يلثم كل مكان تقع عليه شفتيه بقبلات عميقة تدل على مدى لهفته، و عشقه لها..
"أنت عندك كام سنة يا عبد الجبـ.ـار؟!"..
همست بها "سلسبيل" و هي تعتدل بتكاسل مستنده على صدره العاري، و تطلعت له بابتسامتها التي تزيد من جنونه بها..
استغرق بعض الوقت ليعاود إتصاله بالعالم مرةً أخرى، رمقها بنظراته المُتيمة يراقب قسمـ.ـا.تها المحمرة التي جعلتها مثالاً للإغواء و الفتنة،
شعرت بأنامله تجد طريقها إلى خطوط عنقها الملساء..
كانت الدهشة واضحة على ملامحه الجذابة التي تخـ.ـطـ.ـف أنفاسها، لتجده حملها فجأة بمنتهي الخفه حتى أصبح جسدها الصغير بأكمله فوق جسده العريض ، و كم شعرت بتلك اللحظة بضئلتها بين يديه، داعب أرنبة انفها بأنفه كأنها طفلته المدلله مردفًا بتعجب..
"بجي في ست في الدنيا معرفاش راچلها عمره قد أيه!!!"..
"راجـ.ـلي!!!.. الله حلوة أوي الكلمة دي"..تفوهت بها بسعادة واضحة على تعابير وجهها الخجول، و بتنهيدة تابعت..
"أنا عارفه إنك كبير يا عبد الجبـ.ـار"..
رفعت كف يدها ببطء، و وضعته على ذقنه مكملة بفخر..
"كبير في المقام و الهيبة رغم إن شكلك مكملش ال33 سنة.. صح؟! "..
كان يستمع لحديثها الذي يشبه رذاذ بـ.ـارد يتساقط على لهيب قلبه الخافق بعشقها، صوتها وحده يدغدغه، عينيه تتفرس ملامحها التي أزدهرت و تفتحت كالوردة بفضل أهتمامه بها..
حرك رأسه لها بالايجاب قبل أن يقبل جانب شفتيها قبلة رقيقة بعثرت كيانها،احتضن وجهها بين كفيه، و همس لها بنبرته المدوخة قائلاً..
"كانك مولودة في جلبي.. قولتها لك قبل سابق و هقولهالك تاني و تالت و مليون ، و عمري ما هبطل اقولهالك يا سلسبيل"..
امتلئت عينيها بالدmـ.ـو.ع، و اعتلت ملامحها الذعر و هي تقول بصوتٍ مرتجف..
"خايفة يا عبد الجبـ.ـار.. خايفة أوي"..
"وه.. كيف تخافي و أنتي مراتي.. مرات عبد الچبـ.ـار المنياوي!!!"..
ابتلعت غصة مريرة بحلقها، و ببوادر بكاء قالت..
" قلبي عمره ما كدب عليا، و لا احساسي عمره خاني،و أنا حاسة أني مش هفضل مراتك يا عبد الجبـ.ـار "..
شهقت صارخة بخفوت حين نهض بها فجأة دون سابق إنظار، و عكس وضعهما فأصبح هو فوقها، و تحدث بغضب عارم و قد توحشت نظرته حتى سارت عدوانية لأقصى حد..
"أنتي الليلة برضاكي بجيتي مراتي، و هتفضلي مراتي مهيفرقنيش عنك غير مـ.ـو.تى يا سلسبيل "..
مدت يديها و حاوطت عنقه بذراعيها جذبته عليها، تضمه بكل قوتها لعل قربه يمحي من قلبها هذا الخـ.ـو.ف المبهم الذي يجتاحه بين حين و أخر متمتمة بتمني شـ.ـديد...
"ربنا ميكتبش علينا الفراق أبدًا يارب"..
طبعت قبلة ناعمة على كتفه مكملة..
" و لا يحرمني من حـ.ـضـ.ـنك أبدًا يا عبد الجبـ.ـار "..
ضمها له بتملك مـ.ـجـ.ـنو.ن، دافنًا رأسه بعنقها يغمره بقبلاته الحاره، و من ثم احتواها بين ضلوعه بحماية حين شعر بثقل رأسها على كتفه، فعلم أنها ذهبت في ثباتٍ عميق..
ظل بجوارها لبعض الوقت قبل أن يدثرها جيدًا بالغطاء و يغادر الفراش، أختفي لدقائق داخل حمام الغرفة، و خرج منه بكامل أناقته، جمع أغراضه و اقترب منها طبع وابل من القبلات المتفرقة على وجهها و شفتيها، تراقص قلبه بفرحة غامرة حين وصل لسمعه همسهما المتأوه بأسمه أثناء نومها..
أثلجت قلبه المُتيم بها عشقًا بفعلتها هذه، لجم نفسه و ابتعد عنها بصعوبة بالغة، سار لخارج الغرفة غالقًا الباب خلفه..
"عفاف".. نطق بها و هو يدلف داخل المطبخ، تأهب جميع العاملين لوجوده المفاجئ، وقف بينهم بطوله المهيب، و تحدث بصرامته و هو ينظر بساعة يده..
"الهانم نايمة محدش يقلقها واصل لغاية ما أروح مشوار و أعاود طوالي.. مفهوم"..
"مفهوم يا عبد الجبـ.ـار بيه"..
قالتها "عفاف " و هي تسير خلفه نحو الخارج، ليكمل "عبد الجبـ.ـار" حديثه قائلاً بحزم..
"لو فاقت هي لحالها اتصلي عليا على طول.. لكن ممنوع حد يصحيها، و إن شاء الله أني هعاود قبل ما تصحي"..
ذهب و ترك قلبه بحوزتها، على أمل أن يعود قبل أن تستيقظ،لكنه قاد سيارته بالطريق المعاكس لطريق "جابر".......
"قبل أن ألتقيكِ كانت مشاعرى ينفث المـ.ـو.ت فيها، فقير العشق بقلب مشقوق، لملمتِ بقايا الروح، جزلتِ لي المشاعر و سهرتِ معي لأتنعم بترف الحُب،
أغفو على سكر من عناقيد العنب المفرطة على شفتيكِ، و أصحو على فنجان عشق، أرتحلتي بمدائني وحدك مشعلة بها حريقي مبتسمة، فاض نهرك لي أنا فقط حتى أرتوي قلبي الأجعف، عشت معك مساءات من الجنون أتمنى لو تدوم، ويدوم لي نبض قلبك"..
↚"بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم "..
ليست كُلّ القلوب بالقلوب تليقُ فاختر لنفسك شخصًا إذا قَست عليك الأيام يكن لكَ فيه عشمٌ لا يخيب، أختر خليلَ قلبك بحكمةٍ و أعلم أن كل شيءٍ يتغير ويذهب ، الأصدقاء والأحباب والبلاد والأماكن ، الشيء الوحيد الذي يبقى هو الوفاء و الذكريات ..
" خضرا "..
تنتظر عودة زوجها بنفاذ الصبر، لم يغمض لها جفن طيلة الليل، تدور حول نفسها في المنزل بأكمله دون هوادة، حتى توقفت أمام المرآة تطلع لانعكاس صورتها، عينيها تذرف العبرات ببطء، نادmة على قرارها الخاطئ كليًا بموافقتها على زواج زوجها من سلسبيل ، تقر و تعترف بأنها صُدmت من كم الألم و الو.جـ.ـع الذي اقتحم قلبها و روحها كلما رأتهما معًا،
رفعت كلتا يديها وضعتهما على أذنها حين صدح في ذهنها حديث والداتها و نصحيتها لها التي لن ولم تنساها يومًا..
..... فلاش باااااااااااك...
كانت الابنه المدلله، الوحيدة على أربعة رجـ.ـال، قرة عين أبيها كل طلباتها مُجابة، لا يرفض لها طلب أبدًا،خاصةً أنها تشبهه في الشكل إلى حدٍ كبير أكثر حتي من أشقائها الذكور، ملامحها الرجولية كانت عائق في زواجها، و إقبال العرسان عليها..
حتى أتمت عامها السابعة عشر، بدأت والدتها تفقد صوابها من شـ.ـدة خـ.ـو.فها على ابـ.ـنتها، فجميع الفتيات بعمر ابـ.ـنتها قد تزوجوا و انجبوا طفل و اثنان، و ربما ثلاثة، وابـ.ـنتها لم يأتي أي مخلوق لخطبتها حتى الآن..
"كل البـ.ـنتة اتچوزت ، و بتي اللي قاعدة قعدة الحزانة يا راضي.. يا خـ.ـو.في لتعنس و يفوتها قطر الچواز يا خوي"..
تنهد "راضي" بحـ.ـز.ن و هو يقول..
"كل شيء بأونه.. ادعيلها يا عديلة ربنا يرزقها بالزوج الصالح"..
"الزوج الصالح موچود".. نطقت بها "خضرا" بفرحة غامرة فشلت في اخفائها، تأهبت جميع حواس والديها، و تطلعوا لها بلهفة يحسوها على استكمال حديثها، فتابعت بخجل قائلة..
"المثل بيقول اخطب لبتك و لا تخطبش لابنك، و أني رايدك تخطب لي يا أبوي "..
رمقها والدها بنظرات منذهلة حين وجدها تُكمل بنبرة متوسلة..
"ولد صاحب عمرك عبد الچبـ.ـار المنياوي"..
أبتسم والدها ببلاهة، و قد راقته فكرتها و عقد عزمه على تنفيذها في الحال لثقته العمياء بحب صديقه له، وأنه لن يمانع هذه الزيجة حتى لو رفض العريس ذات نفسه..
"براوة عليكي يا بت يا خضرا.. كيف كانت تايهه من عقلي الفكرة دي".. أردف بها و هو يهب واقفًا و سار تجاه باب المنزله بخطي مهرولة و هو يقول..
"أني هروحله دلوجيت و اتحدتت وياه، و هو هيرحب بچوازة ابنه منك يا خضرا و هيأمر ابنه يكتب عليكِ الليلة كمان"..
"بلاش يا راضي".. نطقت بها "عديلة" بتحذير و تابعت بتعقل قائلة..
" الچواز معينفعش نچامل فيه.. لو ولد صاحبك
اتچوز بتي غـ.ـصـ.ـب لاچل ما يرضى أبوه يبجي جلبه عمره ما هيميل لها، هيبجي عايش واياها چته من غير جلب و لا روح، و أول ما جلبه يلاقي اللي يعشجها بتك هتتحرق بنار الغيرة الواعرة اللي مهتقدرتش تتحملها"..
"وه يا أمه لساتك كنتِ بتبكي و تقولي أني هعنس"..
غمغمت بها" خضرا " وهي تضـ.ـر.ب الأرض بقدmيها،نظرت لها" عديلة" بأعين دامعه و قالت بصوتٍ اختنق بالبكاء..
" أني خايفة عليكي يا بتي.. أيوه رايده اطمن عليكي في دارك مع راچل يعقد عليكِ برضاه لاچل ما يشيلك چوه حباب عنيه و يقفل عليكي برموشه"..
ربتت على كتفها برفق مكملة..
"اسمعي حديت أمك يا خضرا.. و بلاش يا بتي منها الچوارة اللي هيبجي العريس مچبور عليكي فيها.. هيچي عليه اليوم اللي جلبه هيعشج غيرك وقتها هتتمني المـ.ـو.ت.. هيبجي ارحملك من الوچع اللي هيشج جلبك شج"..
...... نهاية الفلاش باااااك........
" يا ريتني سمعت حديتك يا أمه "..
همست بها محدثة نفسها بصعوبة بالغة من بين شهقاتها الحادة، ظلت تبكي لوقت ليس بقليل إلى أن وصل لسمعها صوت بوق سيارة زوجها تعلن عن وصوله..
مسحت عبراتها المنهمرة على وجنتيها سريعًا، و رسمت ابتسامة باهته على ملامحها الباكية، و سارت نحو باب المنزل بخطي شبه راكضة..
مرت دقائق معدودة كالدهر عليها و هي تقف تنتظر طالته عليها، جسدها ينتفض، و قلبها تسارعت دقاته بجنون من شـ.ـدة ذعرها من أن يكون حدث بينه و بين ضُرتها ما تخشاه..
"أيه اللي موقفك أهنه!!"..
كان هذا صوت "عبد الجبـ.ـار" الذي تفاجئ بوجودها تقف خلف باب المنزل، لم تنطق بحرف واحد، فقط تنظر له بملامح بدت جـ.ـا.مدة، لكنها في الحقيقة تلقت صفعة ادmت قلبها على حين غرة حين لمحت ذلك البريق المتلألئ بعينيه رغم إتقانه الشـ.ـديد في إخفاء مشاعره..
" دخلت على سلسبيل يا عبد الچبـ.ـار؟؟!"..
قالتها بهدوء آثار الريبة بقلبه، هيئتها و الألم الظاهر على محياها جعل الخـ.ـو.ف يزحف لقلبه حين وضع نفسه بمكانها، و تخيل ما الذي تشعر به في هذه اللحظة الأكثر ألمًا في حياتها علي الإطـ.ـلا.ق..
اقترب منها و هم بضمها لصدره، و هو يقول بهدوء كمحاوله منه لإحتوائها..
"خضرا و بعدهالك عاد"..
"داخلت عليهااااا؟!!!!".. صرخت بها بصوت يملؤه القهر، و الحسرة و هي تتراجع للخلف مبتعده عنه..
مسح "عبد الجبـ.ـار" بيده على شعره بقوة كاد أن يقــ,تــلعه من جذورة، و ببوادر غضب قال..
"سلسبيل تبجي مراتي ولا ناسية!!!!"..
"دخلت عليهاااا يا عبد الچبااار"..
انفجرت بها بصراخ صم أذنيه، و أخرجه عن شعوره فأجابها على الفور بلهجة حادة..
"أيوه دخلت عليها يا خضرا"..
"يا ألف بركة يا والدي"..
كان هذا صوت "بخيتة" قالتها و هي تهبط الدرج و تطلق سيل من الزغاريد بسعادة و خبث في آنٍ واحد..
" مبروك يا أبو فاطمة"..
أردفت بها "خضرا" و هي تسير من أمامه بخطوات ثابته كما لو كانت تحولت لآله تحت نظراته المشتعلة بالغضب، و الشفقة على حالها..
لتجحظ عينيه على آخرها حين وجدها تنظر له بقوة ذائفه، و ألقت على سمعه كلمة لم تخطر على باله أن تنطق بها بيومٍ من الأيام..
"طلقني... "...
............... صلِ على محمد.............
"جابر"..
صف سيارته أمام منزل "سلسبيل" حب طفولته، و شبابه، كان قلبه متلهف للقاءها، و فرحته وصلت عنان السماء و هو يري أنه على بُعد بضعة خطوات صغيرة منها، و يصل لها..
لكن كل أحلامه تبخرت، ذهبت مع الرياح حين وجد نفسه مُحاوط بمجموعة راجـ.ـل جميعهم موجهين سلاحهم عليه،و على رأسهم يقف حسان، ذراع" عبد الجبـ.ـار" اليمين، و الذي يعرفه "جابر" جيدًا، فهو دومًا يقف عائق في طريقه..
رمقه "حسان" بنظرة متعجبة و هو يقول..
"جاي أهنه عاوز مين يا بيه!!"..
"أنت بالذات أبعد عن طريقي الساعة دي يا حسان.. أنا الليلادي يا قـ.ـا.تل يا مقـ.ـتـ.ـو.ل"..
قالها "جابر" بصوتٍ جوهري يدل على شـ.ـدة غضبه، و هم بفتح باب سيارته إلا أن "حسان" اغلقها ثانيةً، و تحدث بأسف مصطنع قائلاً..
"هتبجي مقـ.ـتـ.ـو.ل يا بيه"..
................. سبحان الله العظيم.........
" سلسبيل "..
لأول مرة تنعم بالراحة، و السكينة جعلتها تغرق بنومٍ عميق، تملمت على الفراش بتكاسل، لفحتها بعض البرودة جراء الهواء المتسلل عبر الأغطية ففتحت عينيها على وسعها حين أدركت نهوض زوجها من جوارها و مفارقته إياها..
تلاحقت أنفاسها و لوهله ظنت أنها كانت تتوهم وجوده، و أنه كان بطل إحدي أحلامها كعادته، و أن ما عشته معه مجرد حلم و ستفيق منه تجد نفسها بمفردها..
أخذ منها الأمر لحظات حتى استوعبت أن ما تعيشه ليس حلم بل حقيقة، و أنها أصبحت زوجة "عبدالجبـ.ـار" و تحققت أهم أمانيها، تلفتت حولها تبحث عنه بلهفة..
مدت يدها،و تناولت روبها الحريري و ارتدته قبل أن تغادر الفراش، و سارت نحو باب الغرفة فتحته لتتفاجئ بجلوس "عفاف" على مقعد أمامه مباشرةً،
"صباح الخير يا مدام عفاف"..
أردفت بها "سلسبيل" و هي تدور بعينيها في الارجاء بحثًا عن من يمثل الأمان بالنسبة لها..
أما "عفاف" فور رؤيتها قامت بأظهار هاتفها و طلبت رقم رب عملها على الفور و هي تقول..
"صباح الخير يا هانم.. عبد الجبـ.ـار بيه جاي في الطريق حالاً "..
اتقبض قلب" سلسبيل " حين وصل لسمعها صوت شجار بالخارج، ابتلعت لعابها بصعوبة، و تحدثت بصوتٍ مرتجف قائلة..
"أيه الصوت اللي بره ده"..
قالتها و هي تسير بخطوات واسعة تجاه نافذة الغرفة، و قفت خلف الواجهة الزجاجة ذات الميزة اللامرئية التي تتيح للرائي من الداخل فقط تبيّن ما بالخارج، تتابع ما يحدث بأعين مرتعدة، و قلب مذعور حين لمحت شاب ييتعارك بمفرده مع أكثر من رجل بجراءة و مهارة شـ.ـديدة ، غير عابئ للأسلحة الموجهه له، و يصيح بجملة واحدة فقط دون توقف..
"سلسبيل أنا جابر.....
↚"بسم الله الرحمن الرحيم.. و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "..
قليلاً أو ربما يكون نادرًا إن وجد رجل يقدر غيرة أمرأته عليه، يتقبل تقلبات زوجته النفسية التي تصل في بعض الأحيان إلى حد الجنون من شـ.ـدة حبها له..
مما أجبر "عبد الجبـ.ـار" لكظم غـ.ـيظه من تصرفات "خضرا" زوجته، و صبر على نوبة غضبها العارمة التي جعلتها تفقد السيطرة على أقوالها، و أفعالها و ما تتفوه به أمامه..
فضل الصمت التام و تركها تتحدث صارخة بكل ما تحمله بقلبها من أوجاع و ألالام تنهش روحها، وقف أمامها بقمة الثبات رغم أنه يغلي بداخله خاصةً حين قالت بندفاع..
"أني وافجت على جوازك من سلسبيل بالذات و طلبتها لك بيدي بعد ما الدكتور خبرني أنها لا تقدر على حبل و لا خلفة و لا تقدر تعطيك حقوقك!!!"..
هجمت عليه فجأة و بدأت تلكمه على صدره بقبضة يدها لكمـ.ـا.ت عنيفة ، و تابعت بصراخ قائلة..
"مكنتش خابرة إنك هتعشجها.. مكنتش خابرة إن عشجك ليها هيخليها تطيب .. مكنتش خابرة إنك هتبجي رايدها و رايد قربها لدرچة إنك تاخدها بعيد عن عيني لاچل ما تاخد حقوقك منِها.. مكنتش خابرة إن نار الغيرة وچعها واعر قوي قوي أكده"..
كانت "بخيتة" تجلس على إحدي المقاعد خلفهما، مستندة على عكازها الخشبي،تتابع ما يحدث بأعين يتطاير منها الشرر حين رأت هدوء و صبر ابنها على زوجته، و كم تمنت لو أن يفقد السيطرة على أعصابه و ينقض عليها يرد لها لكمـ.ـا.تها هذه أضعاف مضاعفة..
أو يتركها لها و تقوم هي بهذه المهمة، يُتيح لها الفرصة فقط حينها لن تترد و لا تفكر مرتين و ستنهال عليها بعكازها لن تتركها إلا و هي جثة هامدة..
لكنها عوضًا عن ذلك بقت صامته، لم تقدر على النطق بحرف واحد بعدmا رأت ملامح "عبد الجبـ.ـار" الهادئه هدوء ما قبل العاصفة و التي لا تبشر بالخير أبدًا ..
لتزيد "خضرا" بالاندفاع بحديثها المتهور الذي كان بمثابة سكب الزيت فوق النيران حين قالت بوعيد..
"مبقاش عندي طاقة أصبر أكتر من أكده.. كل اللي خططت ليه بجي سراب من وجت ما دخلت على حُرمة غيري.. مهستناش تاني كيف ما اتفجت مع أمك إني أصبر على سلسبيل لحد ما تبجي حبلة منك و تمـ.ـو.ت وهي بتچبلك الواد و ابجي أنا أمه كيف ما قالتلي"..
"اه يا عفشة يا بت المركوب"..تمتمت بها "بخيتة" التي جحظت عينيها بصدmة من ما قالته زوجة ابنها..
ساد الصمت حين صدح صوت رنين هواتف"عبدالجبـ.ـار " بأنٍ واحد، تبدلت ملامحه الهادئة لأخرى متلهفه و هو يرى إتصال من" عفاف" علم من خلاله بستيقاظ أميرته النائمة، و بنفس اللحظة إتصل" حسان " الذي تركه لحراسة "سلسبيل " ..
" خير يا حسان"..
ليصيح "حسان " ما أن سمع صوته قائلاً بستغاثة..
"انچدنا يا كبير..الچدع اللي اسمه چابر وصل عندنا اهنه و طايح في الرچاله كلياتهم، و محدش قادر عليه واصل، و مصمم يقابل الست سلسبيل هانم"..
جن جنون "عبد الجبـ.ـار " و أسرع بالسير للخارج بخطوات أشبه بالركض و هو يقول بأمر..
" امنعوه يا حسان.. فاهمني زين امنعوه بأي طريقة حتى لو بضـ.ـر.ب النار.. و إني چايلكم في الطريق"..
ركضت" خضرا " خلفه بأقصى سرعة لديها، وقفت حائل بينه و بين باب المنزل تمنعه من الخروج،
و نظرت لأعين زوجها التي ظهرت حولها الشعيرات الدmوية بهيئة مخيفة نظرة يملؤها التحدي و القوة مكملة..
"إني هخيرك لأول و آخر مرة يا عبد الچبـ.ـار.. بين سلسبيل "..
صمتت لبرهةً،و ابتعلت رمقها بصعوبة بالغة حين رأت عينيه تتسعان بغضب و تبرز عروقه بخطورة، مع ذلك تحدثت بتأنٍ بالغ دون أن يخيفها الوضع أو نظراته المحذرة..
" وبناتك.. فاطمة و حياة اللي هيكرهوك لما يكبروا و يفهموا إن أبوهم عشج واحدة غير أمهم لحد ما قهرها و خلها تطلب منه الطـ.ـلا.ق و إلا... "..
"و إلا أيه يا خضرا!!!"..
أردف بها "عبد الجبـ.ـار" بلهجة لا تخفي غضبه المشحون أبدًا..
"هجتلك نفسي"..
قالتها و هي تهرول تجاه سكين كان موضوع فوق طبق الفاكهة أخذته بلهفة، و وضعة نصله على معصم يدها..
تفاقم شعوره بالحنق مع استمرار حديثها و أفعالها المثيرة للأعصاب، فامتدت يده نحوها و هم بالقبض على السكين الذي بيدها، لكنها تراجعت للخلف مبتعده عنه على الفور، و ضغطت بالنصل الحاد على يدها تسببت بجـ.ـر.ح بدأ ينزف ببطء تثبت له به أنها جادة وحديثها هذا لم يكن مجرد تهديد..
تمالك أعصابه معبئًا نفسًا عميقًا إلى رئتيه، و هو يقول بصوتٍ أكثر لينًا..
"اعقلي يا بت الناس و أرمي السلاح اللي في يدك ده"..
حركت رأسها له سلبًا، و انفجرت باكية بنوبة بكاء حادة، و قد بدأت تفقد سيطرتها على غضبها و حتي أعصابها، و تحدثت بتقطع من بين شهقاتها قائلة..
"مش هتهملني و تروح لها يا عبد الچبـ.ـار.. مش هفرط فيك مرة تانية يا خوي.. إني كنت غلطانة لما طلبتها لك بيدي اللي تستاهل قطعها دي"..
أنهت جملتها و ضغطت أكثر على السكين لينهمر الدmاء من جـ.ـر.حها بغزارة أكبر أمام أعين زوجها المذعورة..
" بكفايكِ يا خضرا.. أنتي مراتي و سلسبيل كمان مراتي و إني مهظلمش واحدة منِكم لو على رقبتي.. فستهدي بالله يا غالية و أرمي اللي في يدك ده و همليني أروح أشوف الچدع المـ.ـجـ.ـنو.ن اللي عايز يتهچم على الدار و يقابل مراتي في غيابي"..
قالها بصوتٍ جوهري هز أركان المنزل لكن به نبرة متوسلة..
" على جتتي المرادي أسيبك تروحلها يا أخوي"..
نطقت بها بأصرار و نبرة جادة لا تسمح بالجدال، جعلته اصطك على أسنانه بقوة كاد أن يهشمها، و دار حول نفسه ممسكًا جبهته بكف يده و قد بدأت أعصابه تنهار هو الأخر حين تخيل وصول المدعو "جابر" لزوجته..
............................... صلِ على محمد.......
"سلسبيل"..
بدي عليها الرعـ.ـب، الفرحة، الصدmة، الدهشة، الذهول، و الكثير من المشاعر المختلطة حين وصل لسمعها تلك الجملة..
"أنا جابر يا سلسبيل"..
"جابر!!!"..
نطقت بها بداخلها، دون أن تحرك لسانها أو حتى شفتيها..
هذا الإسم الذي أجبرها والدها على عدm ذكره نهائياً، و إلا سينحر عنقها..
دmعة حارقة هبطت من عينيها حين داهمتها ذكري أبشع ليلة بعمرها..
.. فلاش باااااااااااك..
مثل كل صباح تسير بجواره ممسك كف يدها الصغيرة داخل راحة يده، بطريقهما لمدرستها التي يوصلها لها بنفسه يوميًا دون كلل أو ملل..
"ماما هتخف أمتي عشان أشوفها بقي.. واحشتني أوي يا جابر"..
أردفت بها الصغيرة "سلسبيل" صاحبة السبع سنوات..
تنهد "جابر" بحـ.ـز.ن يحاول إخفاءه عنها، و اجابها بابتسامة دافئة قائلاً... "قريب.. هتخف قريب يا حبيبتي"..
مال عليها و حملها على يده، غمر و جنتها الممتلئة بقبلة عميقة مدmدmًا..
" اممم.. وبعدين يا آنسة سلسبيل عايزك تركزي في مذاكرتك و تبقي أشطر سلسبيل في الدنيا عشان ماما تبقي فرحانة بيكي"..
"و أنت كمان يا جابر هتفرح بيا و تجبلي عروسة و لعب و حاجات حلوة".. قالتها بفرحة طفولية و هي تصفق بحماس بكلتا يدها..
ضمها لصدره مقبلاً جبهتها بحب مغمغمًا..
" طبعًا فرحان بيكي يا عيون جابر.. و هجبلك كل اللي نفسك فيه و عمري ما هتأخر عليكِ أبدًا، و لو حصل في مرة و اتأخرت عليكِ خليكي واثقة أني هرجعلك.. هرجعلك و مش هسيبك أبدًا "..
ختم حديثه بقبلة أخرى على خدها الناعم، و انزلها أمام باب مدرستها، ركضت هي للداخل مسرعة و وقفت ثانيةً و استدارت تبحث عنه، كان مازال واقفًا يتابعها بلهفة و ابتسامته تزين محياه الحزينة..
لوحت له بكفها، و ابتسامتها البريئة التي رآها للمرة الأخيرة، و ظل مكانه حتى تأكد من وصولها لفصلها، و انصرف على أمل العودة لها في موعد خروجها..
كان "قناوي" يقف على مسافة كافية يتابعهما بأعين كأعين الصقر مشتعلة بالغضب، انتظر حتى تأكد من ذهاب "جابر" واندفع تجاه المدرسة بسيارة مملوءة بالرجـ.ـال جميعهم مسلحون..
أخذ جولة ليست كبيرة داخل المدرسة و خرج منها ساحب خلفه ابـ.ـنته التي تبكي و تصرخ مرددة بذعر..
"أنا عايزة جابر"..
حملها من حقيبتها الصغيرة الموضوعة على ظهرها، و دفعها لداخل السيارة قبل أن يجذب الحقيبة منها بعنف، و ألقاها بمنتصف الطريق أمام أعين ابـ.ـنته التي تنظر لحقيبتها بحسرة و تبكي بحرقة ..
"شنطتي فيها كتبي.. يا جابر تعالي وديني لماما"..
قبض والدها على عنقها بعدmا صعد بجوارها، و انطلقت السيارة بهما نحو الصعيد، جذبها عليه حتى أصبح وجهه ذو الملامح المخفية مقابل وجهها الملائكي و تحدث بصوتٍ كفحيح الأفاعي قائلاً..
"من انهارده مافيش لا مدرسة، و لا جابر و لا حتى أمك"..
اجهشت الصغيرة ببكاء مرير، و بتوسل همست بصوتٍ مرتجف من شـ.ـدة فزعها..
"ونبي يا عمو وديني عند جابر عشان ياخدني عند ماما"..
"عمو!!!"..صفعها بكف يده على وجهها بقسوة مكملاً..
"بتقولي لابوكي عمو!!!.. و جابر أيه اللي رايداه ياخدك لأمك.. أمك خدها ربنا.. عقبال ما ياخدك انتي كمان و يبقي جبر واحد لم العفش كله"..
ذادت صرخات الصغيرة تُنادي علي والدتها و جابر دون توقف..
" اكتمي يا بت.. اكتمي لخلص عليكِ بيدي"..
قالها و هو يهبط بكفه على وجنتيها بصفعات متتالية، و جذب شعرها بقبضة يده كاد أن يقــ,تــلعه من جذوره مكملاً بوعيد..
" لو سمعتك بتنطقي اسم چابر ده مرة تانية هقطع لسانك و بعد أكده هد.بـ.ـحك و أفصل رأسك عن جتتك.. فاهماني زين ولا اقطعلك لسانك دلوجيت "..
قال الأخيرة و هو يخرج سلاح أبيض من جيب جلبابه وفتحه أمام عينيها المذعوة التي تنهمر منها العبرات، بهمس مرتعد قالت..
"ف فاهمة.. مش هنطق اسمه تاني أبدًا"..
بينما" جابر " قد أتاه إتصال من المدرسة أخبروه بما حدث لملاكه الصغير، أخذ الطريق بأكمله راكضًا، و لكنه قد وصل بعد فوات الأوان، فور وصوله لمح حقيبتها التي ابتاعها لها خصيصًا ملقاه على الطريق أمام مدرستها..
و كأن روحه غادرت جسده، سقط على ركبتيه أرضًا بجوار حقيبتها، و مد يده المرتعشة امسكها و انتصب واقفًا، و بدأ يبحث عنها و يركض هنا و هناك و هو يصـ.ـر.خ بأسمها بقلب ملتاع كُتب عليه الفراق..
.. نهاية الفلاش باااااااك..
فاقت من شرودها على صوت "جابر" الذي يُنادي عليها بصوتٍ متلهف، يملؤه الو.جـ.ـع، مسحت عبراتها التي أغرقت وجهها و دارت بعينيها بأرجاء الغرفة تبحث عن شيئًا ترتديه فوق روبها الحرير..
"أوعى تقولي إنك هتخرجي تقابليه يا بـ.ـنتي!!!!"..
قالتها "عفاف" و هي تلحق بها نحو غرفة الثياب..
"أيوه هخرجله.. ده يبقى ابن خالتي"..
أردفت بها "سلسبيل" و هي تبحث بتـ.ـو.تر بين أغراضها الكثيرة جدًا..
"لا يا بـ.ـنتي..اسمحيلي اعتبرك زي بـ.ـنتي و خليني انصحك لوجه الله.. اللي هتعمليه ده غلط و ميصحش" ..
نطقت بها" عفاف " بتعقل، و صمتت لثوانٍ و تابعت بهدوء..
"ميصحش تقابلي راجـ.ـل في بيتك و جوزك مش موجود حتى لو الراجـ.ـل ده ابن خالتك"..
تنهدت "سلسبيل" بصوتٍ اختنق بالبكاء قائلة..
"أمال اسيبو يضـ.ـر.ب في رجـ.ـاله عبد الجبـ.ـار و هما يضـ.ـر.بوا فيه لحد ما واحد منهم يتعور؟"..
" يا بـ.ـنتي أفهمي جوزك أكيد عنده علم بوجود ابن خالتك ده، و هو اللي أمرهم يمنعوه يدخل البيت، و بصراحة حقه من لهفة الشاب ده عليكي"..
أطبقت" سلسبيل" جفنيها تكبح عبراتها من الهبوط ثانيةً و بقلة حيلة قالت..
" طيب قوليلي أعمل أيه أنا دلوقتي! ، و فين عبد الجبـ.ـار"..
أثناء حديثها، صدح صوت رنين هاتف" عفاف"..
" ده عبد الجبـ.ـار بيه"..
قالتها وهي تضغط زر الفتح ليأتيها صوته في الحال قائلاً بصوت يظهر عليه الخـ.ـو.ف و القلق..
"عفاف.. خدي سلسبيل و أخرجي بيها من الباب السري دلوجيت.. في عربية مستنياكم قدام البوابة اركبوا فيها..سمعتي زين اللي قولته!"..
"سمعته و هنفذه دلوقتي حالاً يا عبد الجبـ.ـار بيه"..
"عبد الجبـ.ـار" بلهفة..
" اعطي التليفون لسلسبيل"..
مدت يدها لها بالهاتف، فأخذته منها بأصابع مرتجفه، و همست بصوتها الباكي قائلة..
" عبد الجبـ.ـار.. أنت فين.. سبتني لوحدي ليه"..
" هششش.. أهدي يا بت جلبي.. أني چارك
مهسبكيش واصل.. بس اسمعي كلام عفاف، و اعملي اللي هتقولك عليه، و إني أقل من ساعة هكون وياكِ"..
أنهي جملته، و ألقي الهاتف من يده بعدmا سمع صوت "عفاف" التي اعطتها "سلسبيل" الهاتف، تقول بعملية..
" أنا هخرجها من البيت و هفضل معاها اطمن سيادتك"..
" دكتور بسرررررعة"..
صاح بها" عبد الجبـ.ـار " الذي وصل للتو إلى إستقبال المستشفى بسيارته، و هو يحمل" خضرا " الفاقدة للوعي على يده، و دلف بها لداخل غرفة الكشف تاركًا بكل خطوة يخطوها آثار لدmائها النازفة من معصم يدها المقطوع......
↚"جابر"..
ترك عنق "حسان" على مضض بعد عراك دام لوقت ليس بقليل، استطاع خلاله التغلب على رجـ.ـال "عبد الجبـ.ـار" بسبب مهاراته العالية في ألعاب القوة، كان كالثور الهائج لم يقدر عليه أي أحد منهم، يود الوصول لها "سلسبيل" مهما كلفه الأمر، هي هدفه و مقصده، و أمنيه حياته أن تتقابل أعينهما ثانيةً و يلقى حتفه حتي بعدها لا يُمانع أبدًا وقتها..
"يا ولد العم أدخل فتش عنِها چوه الدار بنفسك"..
قالها "حسان" و هو يلهث بعنف كمحاولة منه لألتقاط أنفاسه التي كادت أن تنقطع على يد ذلك الغاضب الذي رمقه بنظرة متعجبه حين رآه يبتعد من أمامه ليفتح له طريق نحو باب المنزل الداخلي..
حينها تيقن "جابر" أن "سلسبيل" تركت المنزل بأكمله، و غادرت الآن من باب أخر ، أبتسم له إبتسامة زائفة و هو يحرك رأسه له ايجابًا، و يتحرك بخطي مسرعة تجاه سيارته مرددًا بوعيد..
"هرجعلك يا حسان.. و بلغ اللي مشغلك إني مش هسيبه و هوصله"..
أنهى جملته، و انفجر هدير محرك سيارته ليتطاير الغبـ.ـار من حولها عاكسًا غضبه عليها، قاد بأقصى سرعة ممكنة حتى أصبح بالجهة الأخرى للمنزل، دار بعينيه بالطريق يبحث عنها و هو لم يرها منذ أن كانت طفلة بالسابعة من عمرها، كيف أصبح شكلها حاليًا و قد أوشكت على إتمام العشرون العام!!!..
"أنتي فين يا سلسبيل.. كفايا فراق لحد كده يا حبيبتي"..
همس بها محدثًا نفسه بقلب ملتاع أهلكه البعاد، لا يُهم بالنسبة له الآن كيف سيتعرف عليها، يثق أن قلبه سيقوده إليها بالتأكيد..
كانت "سلسبيل" تسير برفقة "عفاف" نحو السيارة التي تنتظرهما على جانب الطريق فور خروجهما من المنزل، هرول السائق بفتح الباب لها، كادت أن ترفع إحدي قدmيها لتدلف داخل السيارة و إذا فجأة يوقفها صوتٍ متلهف صرخ بأسمها بصوته الحارق و الرياح تصفر من حوله..
"سلسبيل..."..
تسمرت "سلسبيل" مكانها، و أطبقت عينيها، بينما اشتعلت عيناه خلفها حتى أصبحت جمرتان من اللهب، هل ما يعيشه حقيقي؟؟؟ هي أمامه بالفعل أم أنه يتوهم وجودها؟!!..
فتحت عينيها ببطىء دون أن تستدير، بينما نظراته النارية تلفح ظهرها، فهمست بصوتٍ لا يسمع ..
" جابر...."..
لا تعلم كيف سمع همستها حينها انبعث صوته الخافت المزلزل من خلفها، صوت قد أصبح أجش عن ذي قبل إلا أنه مازال يرفض النسيان، لا يقبله بتاتًا..
"أيوه جابر يا سلسبيل"..
أردف بها، و هو يقترب منها حتى أصبح خلفها مباشرةً..
ابتلعت غصة مؤلمة بحلقها و هي تستدير ببطء بدا له و كأنه أعوام بل دهوراً فوق سنوات بعدها عنه، قبل أن تستقر أمامه مخفضه الوجه، تسارعت نبضات قلبه، و حبس أنفاسه و هو يتطلع لها بعينيه المتلهفه، و صدره ينتفض بعنف..
رفعت وجهها المحمر أخيرًا ثم عينيها فالتقتا بعينيه حينها تزلزل كيانه كله دفعة واحدة، هي صغيرته "سلسبيل" بعينيها الواسعتان الأسرتين، و ملامحها الفاتنة البريئة التي زادت جمال فوق جمالها بعدmا أصبحت أنثى مكتملة الأنوثة..
أما هو فلم يعد ذلك المراهق ذات السابعة عشر عامًا كما تركته، لقد إزداد طولاً كثيرًا حتى أصبح ضعف قامتها القصيرة بمرتين أو ربما ثلاثة، مفتول العضلات بهيئة مخيفه بعض الشيء خاصةً بظهور عروقه البـ.ـارزة من شـ.ـدة انفعالاته المتضاربه و غضبه العارم..
طال بهما الصمت و كأنه يتذوق تلك النظرة بعد سنوات طويلة، الجمرتين المشتعلتين بعينيه اشتعلتا الآن كحمم بركانية ما أن التقتا عينيها،نظراته لها تغيرت كليًا، أصبحت نظرة عاشق تملك منه الإشتياق حد الجنون، يتلهف لعناقها كما كانت تفعل معه كلما لمحت طيفه من بعيد، تركض تجاهه مسرعة و ترتمي داخل صدره و تعانقه بفرحة غامرة، ليبادلها هو العناق بكل ما أوتي من قوة،ولكن دوام الحال من المحال..
فنظرتها له الآن قطعت نياط قلبه على حين غرة، عينيها بها حـ.ـز.ن دفين، ترمقه بنظرات عاتبة، تخبره بها أنه قــ,تــل شيئًا غاليًا بداخلها حين تركها لوالدها يُعـ.ـذ.بها كل هذه السنوات!!..
قــ,تــل شغفها تجاهه، لهفتها في التحدث إليه، أمنيتها في اللقاء به، رجائها في وصله، قــ,تــل كل إحساس صادق كان له وحده، لا تنكر أنه مازال يسكنها، ولكن حضوره أصبح بقلبها باهتًا ولم تعد تنتظره..
"يله يا سلسبيل يا بـ.ـنتي اركبي وقفتنا دي كده غلط،
عبد الجبـ.ـار بيه عمال يرن عليا عشان يتأكد أننا ركبنا" ..
كان هذا صوت "عفاف" قطعت الصمت، و أفاقته على واقع مرير قد تنساه لثوانٍ معدودة،
لقد حُرم عليه معانقتها الآن، لم تعد صغيرته، و لا يملك أي سلطة عليها، فهي على ذمة رجل غيره..
تكلفت" سلسبيل " الإبتسامة و تحدثت بجمود أدهش" جابر " قائلة..
" أعذرني أنا مش هقدر أقف مع حضرتك أكتر من كده، و لا حتى هقدر أقولك اتفضل لأن جوزي مش موجود"..
تفهم حديثها جيدًا، و قد ظن أنها تخشي من بطش زوجها، فتحدث هو بتنهيدة حزينة قائلاً..
" سلسبيل أنا رجعت عشانك، و دورت عليكي في الصعيد لحد ما وصلت لوالدك و عرفت منه أنه جوزك بالغـ.ـصـ.ـب مرتين، و مش عايزك تخافي من أي حد و لا اي حاجة بعد كده.. أنا معاكي و في ضهرك، و مش أنا بس لا.. ده جدك والد مامتك، و خالتك كمان كلنا قلقانين عليكِ و هيتجننوا و يشفوكي"..
"جدي و خالتي!!! ".. همست بها بداخلها بغصة يملؤها الأسى، و الكثير من الأسئلة تدور بذهنها تمنت لو تحصل على إجابتها منه، لكنها فضلت الصمت في الوقت الحالي منعًا للمشاكل التي ممكن يفعلها زوجها فور علمه بحديثها معه دون علمه و أرادته، فأمسكت يد " عفاف " جذبتها تجاه المنزل مرة أخرى و هي تقول ببعض الحدة تخفي خلفها ضعفها و رغبتها في البكاء..
"اللي عايز يشوفني هاته معاك المرة الجاية أنت عرفت البيت بس يكون عبد الجبـ.ـار هنا،و قولهم ميقلقوش عليا خالص أنا عايشة مع جوزي برضايا مش غـ.ـصـ.ـب عني زي ما أبويا فهمك.. عن إذنك"..
تركته و عادت لداخل المنزل غالقة الباب خلفها، تركته يحملق في أثرها مذهولًا من معاملتها الجافة معه ،ماذا كان ينتظر من امرأة متزوجة مثلها!!! ،صفعته الحقيقة و فاجئه واقعه المرير رغم علمه أن معاها كل الحق فما مرت به بعد فراقها عنه ليس أبدًا بهين..
بقي مكانه بعض الوقت إلى أن صدح صوت هاتفه برقم أصدقاءه الذين تمكنوا من خـ.ـطـ.ـف الطبيب المعالج لمعـ.ـذ.بته، ضغط زر الفتح على الفور مغمغمًا..
"أيه الأخبـ.ـار!!"..
"أنت فين يا جابر إحنا وصلنا الچيم من بدري و الواد الدكتور ده مش عايز ينطق بحرف واحد مع إننا عملنا معاه الصح" ..
عاد "جابر" لسيارته، و أدار المحرك ثانيةً،و عينيه مازالت على الباب الذي دلفت منه "سلسبيل"، و بنبرة هادئة لا تخفي غضبه المشحون تحدث..
" سيبوه.. أنا جي له "..
انطلق بسيارته تاركًا قلبه بحوزاتها كعادته، و قد علم أن طريقه إليها أصبح أكثر تعقيدًا بوجود هذا المدعو ب" عبد الجبـ.ـار"، و مع كل ما مر به إلا أن هناك إبتسامة انبلجت على محياه الجذابة لأنه أخيرًا رآها و تأملها ولو حتى دقائق معدودة هدأت ضجيج قلبه قليلاً..
........................... صلِ على محمد.........
"عبدالجبـ.ـار"..
أطلق أنفاسه المحبوسه في رئتيه عنـ.ـد.ما أخبره الطبيب أنهم أستطاعوا إنقاذ زوجته "خضرا" بعدmا تبرع لها بدmاءه لإنقاذ حياتها التي كادت أن تخسرها بسبب غضبها، و غيرتها المتهورة التي افقدتها كل ذرة تعقل بها و دفعتها للانتحار..
"مش عايزك تقلق يا عبد الجبـ.ـار بيه، و أطمن سيادتك المدام كويسة"..
قالها الطبيب و هو يعطي ل "خضرا" علاجها عبر الإبرة الطبية المعلقة بيدها..
"و لما هي زينة مفقتش لحد دلوجيت ليه!!!"..
أردف بها "عبدالجبـ.ـار" الجالس على مقعد بجوار سريرها، و ممسك يدها الأخرى بين كفيه، يتحسس نبضاتها بقلق بائن بوضوح على ملامحه المجهدة..
أجابه الطبيب بعملية قائلاً..
"العلاج فيه مهدئات، و مسكنات هتنيمها لحد الصبح "..
طبع" عبد الجبـ.ـار " قبلة عميقة على رأس زوجته الغارقة في النوم قبل أن ينتصب واقفًا، و يغادر الغرفة برفقة الطبيب غالقًا الباب خلفه، و تحدث بأمر قائلاً و هو يهرول مسرعًا بخطوات شبه راكضة نحو الخارج..
"عاوز اتنين حريم يفضلوا معاها لحد ما أعاود، و لو في أي حاچة چدت اتصل بيا هچيك طوالي"..
كان يتحدث و الهاتف على أذنه يعاود الإتصال ب"عفاف" للمرة الذي لا يعلم عددها، قفز داخل سيارته، أشعل المحرك و هم بقيادتها إلا أنه اطفئ المحرك ثانيةً حين وصل لسمعه صوت زوجته"سلسبيل " تتحدث بستحياء، و بصوتٍ اختنق بالبكاء قائلة..
" عبد الجبـ.ـار.. أنا رجعت البيت تاني مركبتش العربية، و أطمن ابن خالتي مشي خلاص"..
"أنتي زينة؟!"..
تأوهت بخفوت و هي ترد بهمس متألم..
"لا.. مش كويسة.. محتاجلك..تعالي أنا مستنياك يا عبد الجبـ.ـار.. تعالي عشان خاطري "..
اصطك على أسنانه بعنف كاد أن يهشمها، و أطلق زفرة نزقه من صدره و هو يقول بلهفة..
"أنتي خابرة زين إن خاطرك غالي عندى يا بت جلبي، بس عندي شغل مهم لازم يخلص ، عشان أكده بعتلك السواق بالعربية لاچل ما يچيبك عندي رايدك تبجي چاري يا سلسبيل " ..
دmدmت" سلسبيل "بخجل قائلة..
" اممم.. يعني الشغل ده مش ممكن يتأجل يوم واحد كمان.. أنا ملحقتش أشبع منك و لا من هوا إسكندرية و لا قعدت قدام البحر معاك، و لا حتى اتفرجت على البيت اللي قولت عليه أنه بيتي!!!"..
صمتت لبرهةً و تابعت بحسرة..
" وبعدين مش أنا طلع عندي خالة و جدي كمان لسه عايش و شكل ابن خالتي راح يجبهم من المنصورة و يجي علشان يشوفوني زي ما قالي"..
" أنتي اتحدتي وياه!!! ".. صاح بها بحدة، لتجيبه هي بضحكة خافتة حين استشعرت غيرته عليها و كم راقتها كثيرًا..
" تعالي و أنا احكيلك اللي حصل، و بصراحة أنا عايزة اقابلهم يا عبد الجبـ.ـار بالذات جدي عندي أسأله كتير مافيش حد يقدر يجاوب عليها غيره هو، بس عايزاك تكون جنبي و معايا.. مش عايزه اقابلهم لوحدي"..
قالت الأخيرة بصوتٍ تحشرج بالبكاء، بكاءها كان بمثابة قبضة اعتصرت قلبه، و اشتعلت نيران غيرته حين تخيل عودة ابن خالتها هذا برفقة عائلتها، لا لن يتركها بمفردها معاهم..
" چايلك.. چايلك يا سلسبيل"..
........................ سبحان الله وبحمده........
" جابر"..
صب جم غضبه، و غـ.ـيظه، و يائسه على الطبيب المعالج ل "سلسبيل"،الذي يتطلع له بأعين زائغة تدل على شـ.ـدة فزعه، و أرتعاد قلبه من هيئته المتوحشة، تأكد أنه سيلقي مصرعه الآن على يد ذلك الغاضب لا محالة..
تقطعت أنفاسه، و شهق بقوة حين سكب على رأسه زجاجة كاملة من البنزين و هو يصيح بوعيد..
"هولع فيك لو منطقتش!!!"..
"هنطق..هقول..هتكلم..بس أبوس رجلك أطفي الولاعة دي"..
صرخ بها برعـ.ـب دب في جميع أوصاله، و صمت لبرهةً و تابع قائلاً بصوتٍ مرتجف..
"أول ما مدام سلسبيل دخلت المستشفى كانت حالتها خطيرة جدًا، نفسيًا و عضويًا و واضح أنها اتعرضت لعنف و ضـ.ـر.ب مبرح و حروق في كل جـ.ـسمها تقريبًا"..
كان يستمع له بقلب يعتصر ألمًا، يبكي دmًا على حال صغيريته و ما حدث لها..
ابتلع الأخر لعابه بصعوبة بالغة مكملاً..
"جتلي مدام خضرا مرات عبد الجبـ.ـار بيه و قالتلي أنا عايزاك تعرفلي البـ.ـنت دي هتقدر تحمل و تخلف ولا لاء.. أنا استغربت من سؤالها ده و قولتلها هرد عليكي لما أعملها كل الفحوصات اللازمة.. و بعد ما مشيت بلغت عبد الجبـ.ـار بيه بكلامها ده بنفسي بدل ما يعرف من برة و يعملي مشكلة خصوصًا أنه عنده عيون كتير في كل حته.. أول ما قولتله كده لقيته بيقولي بلغها أنها و لا تقدر على العلاقة الزوجية كمان"..
عقد حاجبيه بتعجب، و تحدث بتساؤل قائلاً..
" بمعني؟! "..
صمت الأخر للحظة، و من ثم قال بأسف..
" طلب مني أبلغ مـ.ـر.اته إن سلسبيل هانم متقدرتش على الحمل و الولاده و لا حتى العلاقة الزوجية!!!
↚"عبد الجبـ.ـار"..
قضى النهار بأكمله داخل المستشفى برفقة "خضرا" لم يذهب إلا بعدmا اطمئن أن حالتها الصحية أصبحت مستقرة ، و أخبره الطبيب أنها تحت تأثير العلاج و المسكنات و لن تفيق قبل الصباح،
تركها و ذهب على أمل العودة لها ثانيةً بأسرع وقت ممكن، قاد سيارته بتجاه منزله ليطمئن على ابـ.ـنتيه و والدته قبل أن يسافر الأسكندرية لزوجته، كان التعب و الإجهاد ظاهر على محياه بوضوح خاصةً أنه لم يرى النوم منذ ليلة أمس..
صف سيارته داخل حديقة منزله، و هبط منها مهرولاً حين وصل لأذنه صوت بكاء الصغيرتان..
" فاطمة.. حياة"..
نطق بأسمهما بلهفة فور دلوفه من باب المنزل..
"أبوي"..
صرخا بها و هما يركضان نحوه، ليستقبلهما هو داخل حـ.ـضـ.ـنه بعناق قوي غمرهما بالحماية و الأمان..
"أمه فين.. مچتش وياك ليه.. أمه چرالها ايه يا أبوي"..
"بكفياكم بكى عاد.. أمكم زينه يا بتي"..
قالها و هو يزيل عبراتهم المنهمرة بأنامله، و لثم وجنتيهما بقبلاته الحانية مكملاً..
"و اني هچيبها لكم أصبح"..
"اممم يعني لحقوها يا عبد الچبـ.ـار!!!"..
دmدmت بها "بخيتة " التي أقبلت عليه هي الأخرى و وقفت بجواره تطلع له بنظرة متفحصة، و قلب يتمنى أن تكون" خضرا" فارقت الحياة و حلت عن سماء وحيدها..
تنهد "عبدالجبـ.ـار" براحة و هو يُجيب على سؤالها..
" الحمد لله يا أمه"..
"طيب مچاتش وياك ليه.. هاتها دلوجيت يا أبوي و إني و حياة هنبجي حواليها و هناخد بالنا منِها".. غمغمت بها" فاطمة" بتقطع من بين شهقاتها، كان الخـ.ـو.ف ظاهر على ملامح الصغيرتان،فما فعلته والدتهما خطأ فادح بحق ربها، و نفسها، و بحق أبـ.ـنتيها..
تنقل" عبدالجبـ.ـار " بعينيه بين ابـ.ـنتيه، يتأمل هما بنظراته التي تبث الطمأنينة بقلوبهما الصغيرة المرتعدة، و تحدث بهدوء قائلاً..
"حاضر.. من عنيا هچبلكم أمكم بس اطمن عليكم لول، و اعشيكم و هروح لها لو لقتها خلصت علاچها هچيبها و اچيلكم طوالي"..
سارت "بخيتة" مستندة على عكازها تجاه غرفة المكتب، و مدت يدها فتحت الباب مردفة قبل أن تخطو للداخل..
"الوكل چاهز على السفرة أني عملته لكم بيدي يا ولدي.. كل و وكل البـ.ـنته و تعالى رايده اتحدتت وياك هبابه"..
حرك رأسه لها بالايجاب، و سار برفقة ابـ.ـنتيه تجاه مائدة الطعام، اجلسهما و جلس بجوارها، و بدأ يطعمهما بيده لم يتركهما حتى أنهو طعامهما ، و صعد معاهما لغرفتهما و ظل برفقتهما حتى غلبهما النعاس داخل حـ.ـضـ.ـنه.. دثرهما جيدًا بالغطاء ، و قبلهما بحب شـ.ـديد قبل أن ينتصب واقفًا و يغادر الغرفة غالقًا الباب خلفه بحرص..
توجهه لغرفته، و اختفى داخل الحمام لدقائق، و خرج مهرولاً نحو ثيابه أرتدي جلبابه الصعيدي الذي يزيده هيبه و وقار، و يظهر طول قامته المهيب، و ضخامة بنيته الرياضية بهيئة تخـ.ـطـ.ـف الأنفاس ، أخذ متعلقاته الشخصية بعدmا أنتهي من تمشيط خصلات شعره الكثيفه، و نثر عطره الخاص بغزارة، و غادر الغرفة بخطي واسعة..
"عبد الچبـ.ـار!!! قولتلك رايده اتحدتت وياك ".. نطقت بها "بخيتة" أوقفته قبل أن يعبر باب المنزل الداخلي..
"هچيب سلسبيل، ولما أعاود نتحدتت يا أمه"..
قالها و هو يتابع سيره للخارج، لتسرع "بخيتة" خلفه صائحة بغضب..
"خليك مع عروستك و بكفياك أكده يا ولدي.. أنت غلطت لما هملتها و چيت بعد ما دخلت عليها .. الأصول تبجي وياها أقل واچب أسبوع.. مافيش واحد يهمل مـ.ـر.اته ليلة دخلتهم و يروح لمـ.ـر.اته التانية.. أنت قويت شوكة خضرا بعملتك دي.. عطتها حق فوق حقها خلتها اتفرعنت و عملت عملتها المهببة دي لاچل ما تلوي دراعك و تربطك چارها من غير ولد و لا سند ليك و للبـ.ـنتة الصغار"..
" بناتي يا أمه ميهمنيش في الكون كله دلوجيت إلا هما.. بكفايا الخـ.ـو.ف و الرعـ.ـب اللي عاشوا فيه انهاردة..و لخاطرهم هچيب سلسبيل و أعاود لاچل ما أكون چارهم "..
صمت لبرهةً و تابع و هو يفتح باب سيارته، و جلس خلف المقود..
" و چار أمهم.. ده حقها عليا في تعبها يا أم عبد الچبـ.ـار"..
قالت "بخيتة " بغضب عارم.. "أنت عطيها فوق حقها الطاق عشرة لحد ما طمعت و الطمع عمي عنيها و رايده تاكل حقك و حق سلسبيل مراتك كمان.. إحذر منها يا ولدي"..
أنهت حديثها، و تركته و عادت للداخل، بينما هو هم بقيادة السيارة لكن صوت هاتفه الذي صدح مرات متتالية معلنًا عن وصول أكثر من رسالة بوقتٍ واحد، جعله يسرع بفتحه و قد زحف القلق لقلبه حين رأي اسم الطبيب المعالج لزوجته"سلسبيل "..
ظهر الغضب على قسمـ.ـا.ت و جهه حين استمع محتوي الرسالة الصوتية المرسلة له برفقة مجموعة من الصور للطبيب يظهر بها الضـ.ـر.ب المبرح الذي تعرض له على يد جابر..
"عبد الجبـ.ـار بيه في واحد اسمه جابر خـ.ـطـ.ـفني و بهدلني ضـ.ـر.ب هو و أصحابه لدرجة أنه كان هيولع فيا و مسبنيش إلا لما قولتله على الإتفاق اللي بيني و بين سيادتك.. أرجوك تعذرني و تسامحني مكنتش أقصد أخون ثقة سيادتك فيا بس هو مـ.ـجـ.ـنو.ن و كان هيقــ,تــلني يا باشا"..
صك "عبد الجبـ.ـار " على أسنانه، و تمنى لو كان "جابر" أمامه في هذه اللحظة، أقسم بداخله أنه لن يتركه إلا بعدmا يلقنه درسًا لن ينساه طيلة عمره..
أيقن الآن أن خصيمه لا يُستهان به، خاصةً بعد علمه باتفاقه اللعين هذا، بالتأكيد سيكون أول شيء سيخبر به"سلسبيل " فور رؤيتها حتى يؤثر على علاقتها به..
أخذ نفس عميق، و زفره على مهلٍ، و قاد سيارته بأقصى سرعة ممكنه عاكسًا غضبه عليها، محدثًا نفسه بتعقل و هدوء عكس تعابير وجهه الغضوب..
"هصارحك بالحقيقة بنفسي يا سلسبيل"..
أرتجف قلبه بقوة بين ضلوعه و هو يتخيل رد فعلها بعد معرفتها بأنها ليست مريـ.ـضة، و كل ما حدث لها كان مجرد إتفاق أحمق حتى يجعل زوجته الأولى تطلب يدها له بنفسها، و يتم زواجه منها غرضه و مقصده الذي سعي لتحقيقه دون التفكير في عواقبه..
............... سبحان الله وبحمده.................
"سلسبيل"..
جهزت أصناف متعددة من أشهى المؤكولات و الطواجن الصعيدية الشهيرة بكميات كبيرة ، و الكثير من الحلويات الشرقية بمختلف أنواعها، حتى أنها خبزت الخبز بيدها بمهارة طاهية محترفة أمام أعين جميع العاملين بالمنزل الذين يتطلعون لها بذهول و انبهار في أنٍ واحد لسرعتها الشـ.ـديدة و خفة يدها ، و قد سأل لعابهم من رائحة الطعام الذكية..
"ما شاء الله عليكِ يا بـ.ـنتي.. مين علمك الطبيخ الحلو ده يا سلسبيل هانم!!!"..
أردفت بها "عفاف" الواقفة بجوارها تتابع ما تفعله بأعين مندهشة..
أبتسمت لها "سلسبيل" و هي تقول بودٍ..
"سلسبيل بس يا دادة عفاف.. أنتي لسه كنتِ بتقوليلي إني زي بـ.ـنتك"..
بادلتها" عفاف" الإبتسامة، و ربتت على ظهرها بحنو مرددة..
"ربنا يحميكي لشبابك يا سلسبيل"..
تنهدت "سلسبيل" و قد ظهرت بعينيها لمحة حـ.ـز.ن و هي تقول..
"مرات أبويا و حمـ.ـا.تي هما اللي علموني الطبيخ.. أصلي كنت شايلة بيت أبويا من كافة شيء قبل ما اتجوز، و لما اتجوزت شلت البيت عند حمـ.ـا.تي"..
رأت "عفاف" العبرات التي ترقرقت بعينيها، و ملامحها المتألمة التي تعكس مدى الو.جـ.ـع الموجود بأعماق قلبها حين داهمتها ذكري ما مرت به من ذل و إهانة تذوقتهم على يد كلاً من والدها و زوجته، و من بعدهما زوجها السابق و والدته، حاوطت كتفيها و ضمتها لها بحنان أم فقدته "سلسبيل" منذ نعومة أظافرها..
"طيب يله يا بـ.ـنتي سيبي اللي في أيدك و كفايا عليكي كده و البنات في المطبخ هيطلعوا الأكل اللي في الفرن لما يستوي و أطلعي أنتي على أوضتك أنا حضرتلك الحمام عشان تجهزي قبل ما جوزك يجي" ..
نظرت لها "سلسبيل" بعدm فهم، تسألها بعينيها كيف تتجهز لزوجها؟!!، رغم أنها ظلت على ذمة رجل خمسة سنوات كاملة إلا أنه لم يُتيح لها فرصة لتتجمل له ولا مرة واحدة طول فترة زواجها فوجهها كان دومًا به صفعات ولكمـ.ـا.ت داميه تاركة بقع زرقاء و حمراء و شفتيها لم تشفي جرُحتها إلا بعد مـ.ـو.ت زوجها و بُعدها عن والدها..
تفهمت "عفاف" نظرتها جيدًا، فسارت معاها تجاه الدرج المؤدي لغرفتها وهي تقول بحنو..
"لو تحبي أساعدك و أجهزك بنفسي أنا تحت أمرك"..
"ياريت يا دادة عفاف أنا مش عارفه المفروض ألبس أيه و لا أعمل شعري و اتزوق إزاي"..
همست بها "سلسبيل" بستحياء لا تخلو من اللهفة، تريد أن تظهر جمالها لزوجها الذي هو بالأساس يراها أجمل نساء العالم بنظره، حتى في أسوأ حالتها كان يتطلع لها بافتنان يخبرها بنظراته المُتيمة أنها أمراءته الفاتنة التي غزت مشاعره بعشقها و انتصرت في أمتلاك قلبه ..
قضت "عفاف" وقت ليس بقليل في تجهيزها، كانت تعاملها بحنان مفرط و قد أعتصر قلبها عليها بعدmا رأت أثار الضـ.ـر.ب و الحروق على جسدها الهزيل، لم تستطيع كبح عبراتها التي انهمرت من عينيها رغمًا عنها..
ضمتها لصدرها بعناق دافئ، و يدها تربت على ظهرها برفق وهي تقول..
"يا حبيبتي يا بـ.ـنتي.. مين عديم الرحمة اللي قدر يعمل فيكِ كده"..
"اللي في جـ.ـسمي ده من أقرب الناس ليا اللي المفروض يكونوا حمايتي و أماني هما اللي بهدلوني و عـ.ـذ.بوني لحد ما كنت همـ.ـو.ت في أيديهم أكتر من مرة و ربنا نجاني و كتبلي عمر جديد"..
رفعت يدها و زالت دmـ.ـو.ع "عفاف " و تابعت بابتسامة تخفي خلفها ألمها و و.جـ.ـعها..
" متعيطش يا دادة عفاف كل اللي حصل لي ده بقي ماضي بحاول أنساه.. مش عايزه أفتكر أي حاجة غير أني دلوقتي بقيت مرات عبد الجبـ.ـار المنياوي اللي بيحاول يعوضني عن كل اللي شوفته في حياتي قبله، و قالي إن محدش يقدر يلمس مني شعره واحدة بعد كده"..
" ربنا يهدي سرك و يفرح قلبك يا سلسبيل يا بـ.ـنتي ".. غمغمت بها" عفاف " و هي تجفف لها شعرها بعدmا إنتهت من تجهيزها بداية منبت شعرها حتى أصابع قدmيها، كما لو كانت عروس بليلة زفافها..
ساعتها على أرتداء فستان رقيق من اللون الأزرق به نقوش هادئة من اللون الكافيه يظهر قوامها الممشوق ،حذاء رقيق ذو كعب عالِ من نفس لون الفستان، مشطت لها شعرها و تركته منسدل على ظهرها بنعومة، و وضعت لها ميك أب جريء إلى حدٍ ما ظهر جمال عينيها الواسعتين، و شفتيها المزمومة بهيئة مثيرة..
تطلعت "سلسبيل" لانعكاس صورتها بالمرآه بأعين منبهرة و فرحة غامرة تعيشها لأول مرة و هي تري نفسها قد أصبحت أنثى كاملة الأنوثة كما ينبغي أن تكون..
شهقت بسعادة بالغة حين استمعت صوت بوق سيارة زوجها معلنه عن وصوله، ركضت نحو النافذة تطل منها بلهفة، رفرف قلبها بين ضلوعها حين رأته يهبط من السيارة بعدmا قام "حسان" بفتح بابها له..
"أنا هروح أقول للبنات في المطبخ يجهزوا العشا.. عايزه مني حاجة تانية يا سلسبيل يا بـ.ـنتي"..
أردفت بها "عفاف" و هي تسير لخارج الغرفة، لتلحق بها "سلسبيل" راكضة و تعانقها بقوة مغمغمة بامتنان.. "مش عارفة أشكرك إزاي يا دادة.. أنا تعبتك معايا أوي انهاردة"..
بدلتها" عفاف " العناق قبل أن تغادر الغرفة غالقة الباب خلفها، وقفت" سلسبيل " بمنتصف الغرفة عينيها مثبته على بابها تنتظر طلته عليها بنفاذ صبر، علقت أنفاسها بصدرها حين اخترقت حواسها رائحة عطره النفاذه..
تسارعت نبضات قلبها بجنون و أصبح صدرها يعلو ويهبط بصورة واضحة حين فُتح الباب، و رأته مقبلًا عليها بلهفة و عينيه تشملها بنظرات متفحصه لا تخلو من الإعجاب حتى توقف أمامها مباشرةً المسافة بينهما لا تُذكر لكنهما لا يتلامسان..
كلاً منهما يتأمل الأخر بصمت، نظراتهما المشتاقة تحكي الكثير و الكثير من المشاعر المختلطة التي يُصعب وصفها بمجرد كلمـ.ـا.ت ، ألقى ما يحمله بيده، و دون النطق بحرف واحد مد يده حاوط خصرها، و خـ.ـطـ.ـفها داخل صدره بعناق محموم ود به أن يخفيها داخل أعمق نقطه بقلبه..
حاوطها بذراعيه و حملها بمنتهي الخفه حتى أصبحت قدmيها مبتعدة عن الأرض بمسافة ليست بقليلة رغم أنها ترتدي حذاء ذو كعب عالِ..
سار بها تجاه أقرب مقعد، جلس و أجلسها على قدmيه دون أن يبعدها عن صدره، رفعت "سلسبيل" رأسها و نظرت له بلهفة حين شعرت بتشنج جسده من حولها..
"مالك يا عبد الجبـ.ـار.. في حاجة حصلت!!!"..
همست بها بخـ.ـو.ف ظاهر بنبرة صوتها، و قد بدأ جسدها يرتجف قليلاً بين يديه..
مسد بكف يده على طول ظهرها يهدأها بحركاته هذه، و رفع يده الأخرى يزيح شعرها عن وجهها حتى يتمكن من تأمل ملامحها جيدًا، و تحدث بتـ.ـو.تر فشل في اخفاءه قائلاً..
" سلسبيل رايد اتحدتت وياكِ في حاچة مهمة"..
ابتلع لعابه بصعوبة جعل الدmاء تنسحب من وجهها، و شحب لونها حين رأت مدى قلقه الذي تحول لشبه ذعر و هو يقول بنبرة راجية..
"بس رايدك توعديني لول إنك تفهميني زين"..
"أوعدك.. أوعدك يا عبد الجبـ.ـار.. قولي في ايه قبل ما قلبي يقف من الخـ.ـو.ف"..
همست بها بأنفاس متلاحقة و هي تتشبث بجلبابه بأصابع يدها و كأنها تستمد منها القوة على الثبات..
وضع كفه على موضع قلبها يستشعر خفقاته المتسارعة أسفل راحة يده مغمغمًا بهدوء عكس ضجيج قلبه..
"معوزكيش تخافي من حاچة واصل.. و لو على جلبك فهو عال العال و مش محتاچ حتى للمقويات اللي كاتبها لك الدكتور"..
عقدت حاجبيها و تطلعت له بنظرات متعجبة ، لم تفهم مخزي حديثه و قد ظنت أنه يقول حديثه هذا ليخفف عنها عبئ مرضها، أو ربما تفهمت لكنها تستبعد هذا الظن و بداخلها تتمنى أن يكون قلبها بخير حال لعلها تتمكن من الإنجاب.. حلمها و ما تسعي لأجله، تريد أن تنجب منه طفل و تمـ.ـو.ت بعدها لا تُمانع أبدًا ..
"مقويات!!!"..
حرك رأسه لها بالايحاب و بقوة زائفه قال..
" أنا كان عندي إستعداد أعمل أي حاچة في الدنيا لاچل ما تبجي مراتي يا سلسبيل "..
"حتي لو هتقول إني مريـ.ـضة و مش هقدر أكون لك زوجة عشان تخلي أبلة خضرا تجوزني ليك بنفسها مش كده يا عبد الجبـ.ـار ؟!!!"..
أردفت بها و هي تبكي و تضحك بأنٍ واحد، بهتت ملامحه، و تطلع لها بأعين جاحظة مرددًا بتقطع..
" عرفتي كيف.. مين اللي قالك!!! "..
" قلبي".. هكذا جاوبته بمنتهي البساطة، و من ثم اجهشت في البكاء مكملة بنحيب..
" قلبي كان حاسس بسبب لهفتك عليا، و استغلالك لكل فرصة نبقي فيها لوحدنا عشان تقرب مني فيها"..
تخضبت وجنتيها بحُمرة قانية و تابعت بخجل..
"لحد ما حصل و بقيت مراتك بجد مش على ورق بس وقتها اتأكدت إني كويسة و مش تعبانه زي ما فهمتوني بالذات لما أنت كلمت الدكتور بالاجنبي عشان مفهمش كلامكم"..
صمتت لبرهةً، و نظرت لعينيه التي تستجديها أن تغفر له فعلته هذه، رفعت يدها و وضعت أصابعها البـ.ـاردة على ذقنه الكثيفه، و تابعت بثقة..
"لو كنت تعبانه فعلاً كنت هتخاف عليا و مكنتش هتلمسني أبدًا "..
مال بوجهه ولثم باطن يدها بعمق مغمغمًا..
"حقك على جلبي و عيني..أني خابر زين إن اللي عملته ده عاملة عفشة و أنانية مني و يمكن طمع كمان لأني مكنتش رايد أخسر خضرا أم بناتي و لا اتسبب في وچعك و وچعها" ..
استند بجبهته على جبهتها، و تابع بلهجة أكثر خشونة و كأنه يثبت لها مشاعره و ملكيته إياها وحده..
"عشقان أني عشقتك و العاشق معلهوش لوم يا بت جلبي أوعاكِ تزعلي مني يا زينة البـ.ـنتة لو رچع بيا الزمن تاني هعمل المستحيل لاچل ما تبجي مراتي و تحت حمايتي يا سلسبيل"..
ختم حديثه و مس شفتيها بشفتيه بقبله متلهفة و يده تضمها له بقوة لصقها به،
تشنجت بين يديه و إرتفع صوت نشيجها أكثر جعلت قلبه يسقط أرضًا من شـ.ـدة فزعه و خـ.ـو.فه عليها، و تحدثت بتقطع من بين شهقاتها الحادة قائلة..
"مش زعلانة منك يا عبد الجبـ.ـار.. أنا مكنتش عايزه حاجة من الدنيا غير أني أكون في حمايتك أنت وبس"..
أثلجت قلبه بجملتها هذه، تنهد بـ.ـارتياح و ضمها لصدره بكل ما قوته.. قربها يطمئن صخب قلبه النابض بعشقها..
"العشا جاهز يا عبد الجبـ.ـار بيه"..
كان هذا صوت "عفاف" صدح عبر باب الغرفة المغلق، ابتعدت" سلسبيل " عن زوجها الذي أبي أن يتركها إلا بعدmا مسح عبراتها بأنامله، و قبل عينيها بعمق..
"أنا عملتلك الأكل انهارده بأيدي"..
همست بها قبل أن تنتصب واقفة و تسير تجاه الباب فتحته و تحدثت ببشاشة و هي تجذب العربة الموضوع عليها الطعام للداخل أمام نظرات زوجها المفتون بعشقها..
"تسلميلي يا دادة عفاف.. و من فضلك خلي كل اللي في البيت يسيبوا اللي في أيديهم و يقعدوا يتعشوا.. أنا عاملة الأكل بزيادة عشان خاطركم"..
.......................... صل على محمد....
بمنزل متوسط الحال، تجلس "سعاد" برفقة "صفا" ابنة زوجها صاحبة العشرون عام،شابة جمالها رقيق، و لكن ملامحها يبدو عليها الحـ.ـز.ن الشـ.ـديد، شاردة بعيدًا بذهنها فيما حدث لها، تعرضت لصفعه خذلان دامية على يد خطيبها السابق الذي تركها قبل زفافها بأسبوع واحد بسبب اعتراضه على إحدي أهم البنود في قائمة منقولاتها، لا يريد كتابة مؤخر صداق لها مما دفع والدها لتمسك بحق وحيدته، ليقرر الأخر فض الزيجة بأكملها..
موقف لا تُحسد عليه إطـ.ـلا.قاً، أصابها نوبة اكتئاب يحاول والدها و زوجته التي تعتبرها بمثابة ابنه لها إخراجها من تلك الحالة بشتى الطرق..
"يابـ.ـنتي عشان خاطر ربنا كلى لقمة صغيره و أشربي حبة عصير لتقعي من طولك"..
صدح رنين هاتفها فشهقت بخفوت و هي تقول..
"يابـ.ـنتي ابوكي هيتجنن عليكي و كل شوية يتصل بيا و هو سايق و ماشي على طريق عشان يطمن عليكي ويشوفك كلتي و لا لاء"..
"ردي عليه و قوليله أني كلت يا ماما سعاد"..
همست بها" صفا" ببوادر بكاء، و تعب واضح على ملامحها الشاحبة..
"بقي عايزاني أكدب على فايز يا صفا!!! على أساس أنك مش عارفه أبوكي اللي بيشم ريحة الكدب من على بعد!!!! "..
ربتت على كتفها و تابعت بحنو..
" يا ضنايا والله اللي حصل ده خير ليكي.. و بكرة ربنا يعوضك براجـ.ـل يشيلك جوه قلبه و عينه"..
بدأت" صفا " تبكي و تأن بصمت كعادتها، لتسرع"عفاف " بضمها بلهفة مرددة برجاء..
" كفاية يا قلب أمك والله ما يستاهل دmعة واحدة من عينك"..
قطعت حديثها حين شعرت بثقل رأسها على صدرها، انقبض قلبها هي تعدل وضعها داخل حـ.ـضـ.ـنها لتتفاجئ ببرودة بشرتها و ازداد شحوب وجهها..
"مالك يا صفا"..
صرخت بها حين رأتها تنظر لها بأعين زائغة و قد تطورت حالتها للاعياء الشـ.ـديد و أزرقت شفتيها بلحظة قبل أن تغلق عينيها و تستسلم لدوارها الذي داهمها بعنف..
"صفاااااا!!!!"...
صرخة بها "سعاد" صرخة مدوية شقت بها سكون الليل..
كان "جابر" يصف سيارته على جانب الطريق، و هبط منها واضعًا هاتفه على أذنه مغمغمًا..
"أنا وصلت يا جدي هجيب أمي و أجيلك عشان نسافر لسلسبيل على طول" ..
"يا ابني خلينا نروحلها بكرة يكون أبو صفا رجع من شغله أنت عارف انه سواق نقل تقيل و بيسافر لأماكن بعيده و مبيرجعش قبل أصبح و أمك مش هترضي تسيب بـ.ـنته لوحدها و تيجي معانا"..
فتح "جابر" فمه ليرد عليه إلا أن صوت صراخات والدته وصل لسمعه جعله يهرول مسرعًا تجاه الصوت..
" أفتحي يا أمه أنا جابر"..
قالها و هو يطرق على الباب بقبضة يده كاد أن يحطمه..
" جابر الحقني يا ابني".. صرخت بها" سعاد " و هي تركض نحو الباب و فتحته على عجل مكملة ببكاء و هي تسحبه معاها للداخل..
"صفا وقعت مني قاطعه النفس و مش راضيه تفوق خالص"..
اقترب "جابر" من تلك الممددة على الأريكه غائبة عن الوعي، و حملها على ذراعيه واضعًا يد أسفل ركبتيها و الأخرى خلف ظهرها، و سار بها لخارج الشقة دون أن ينظر لوجهها حتى و هو يقول..
"حصليني يا أم جابر خلينا نوديها المستشفى"..
............................... لا إله إلا الله............
"عجبك أكلي"..
قالتها "سلسبيل" بستحياء و هي تطعمه بيدها، كان يتذوق أصابعها بتلذذ و ليس الطعام..
"أنتي كلك على بعضك و كل حاچة و أي حاچة
منك بتعچبني يا سلسبيل"..
عبست بملامحها و بعتاب قالت..
"طيب ليه مش عايز تكمل أكلك؟!"..
تنهد "عبد الجبـ.ـار" و تحدث بأسف قائلاً..
"مش عايز اتقل في الوكل لاچل ما أفوق و انا سايق..
چهزي حالك هنعاود على مصر دلوجيت عندي شغل مهينفعش يستني للصبح و اطمني أني هسيب حسان اهنه عشان لو أهل والدتك وصلوا في أي وقت يچبهم لحد عندك"..
حركت رأسها له بالايجاب، و هبت واقفه بصمت و سارت نحو غرفة الملابس لتبدل فستانها بعباءه سوداء و اخفت شعرها داخل حجابها الرقيق، و وقفت أمام المرآه تزيل زينة وجهها..
كان" عبد الجبـ.ـار " يتحاشي النظر تجاهها، يجاهد لتلجيم رغبته بها بكافة السُبل، فعقله منشغل بأبـ.ـنتيه و زوجته المتواجده بالمستشفى بمفردها،أما قلبه يحترق من شـ.ـدة إشتياق لها، كل ذرة به تريدها الآن أكثر من أي وقتٍ مضي، و هي أيضًا تشتاقه حد الجنون لكنها لن و لم تتفوه بها له أبدًا ، حيائها يمنعها بالاعتراف له أنها تريده و تريد قربه..
"أنا جاهزة"..
نطقت بها و هي تقترب منه ببطء و عينيها تغتلس النظر إليه، لا تريد مقابلة عينيه حتى لا يري لهفتها عليه..
سار هو نحو باب الغرفة، تابعته هي بخطي هادئة، و ما أن رفع يده و أمسك مقبض الباب و هم بفتحه، وجد يدها وضعت على يده تمنعه، شعرت بشيء آثار الريبة بقلبها، خـ.ـو.ف مبهم سيطر عليها لا تعلم سببه جعل جسدها يرتجف بقوة، رفعت وجهها و من ثم عينيها حتى تقابلت أعينهما بنظرة تملؤها الحب و الشوق دفعتها للإنهيار داخليًا و أطلقت أنفاسها المحبوسة برئتيها..
و تحدثت بهمس بصوتٍ بالكاد يُسمع من فرط خجلها..
"ينفع تاخدني في حـ.ـضـ.ـنك شوية قبل ما نمشي!!"..
حطمت كل حصونه بجملتها هذه التي تخبره بها أنها تريده و تتلهف لقربه مثله تمامًا، شهقت بخفوت حين وجدته يميل بوجهه على وجهها، تطلع لعينيها بعينيه التي ظهرت بهما نيران رغبته بها المتأججة قائلاً بأنفاس متهدجة..
"تعالي!!! "..
قالها قبل أن يخـ.ـطـ.ـفها من خصرها داخل صدره، أطبق بشفتيه على شفتيها بقبله جائعه، و يده تخلع عنها حجابها، و تمزق جلبابه، و عباءتها معًا ..
الليلة ستعيش حياة زوجية كاملة يملؤها الحب و السكينة لأول مرة بحياتها، ليلة غرام ملحمية لن تنمحي أبدًا من ذاكرتها"
↚كانت ليلة استثنائية زاخرة بالمشاعر، نسي "عبد الجبـ.ـار" معاها كل شيء بصورة مؤقتة لينعما معًا بلحظاتٍ من العشق.. عشق فاق كل الحدود حتى وصل حد الجنون..
مرت عليهما ساعات الليل الطويلة كما لو كانت دقائق معدودة، حتى غلبه النعاس و استسلم لنومٍ مجهد، بينما "سلسبيل" استغلت الفرصة و طلبت من العاملين بالمنزل إحضار أدوات خاصة بالرسم فنصاعوا لها في التو و اللحظة، لتتمكن هي من رسم لوحة فريدة لزوجها أثناء نومه،
رسمت ملامحه بدقه و إتقان مُبهر حتى جسدت هيئته كما لو كانت صورة ملتقطة بأحدث الكاميرات الحديثة، و فور انتهاءها أحضرت هاتفها الذي أهداه إليها ، و ظلت تلتقط برفقته الكثير و الكثير من الصور بأوضاع مختلفة و هي داخل حـ.ـضـ.ـنه..
و العديد من الفيديوهات القصيرة لهما سويًا كانت تقبله فيها قبلاتٍ رطبة متعمقة على لحيته الكثيفه، سعادة بالغة تعيشها الآن برفقة الرجل الوحيد الذي كان بالنسبة لها مجرد أمنية لم يُخيل لها بيومٍ أنها تتحقق، و تصبح زوجة "عبد الجبـ.ـار المنياوي"..
نعمها بفيض من الغرام أهاله عليها بكرمٍ و شغف فلم يسعها سوي الاستسلام الكامل له حتى رضاها و عالج جروحات قلبها الغائرة، تحيا مشاعر جديدة كليًا عليها، أعادت قلبها ينبض بالحياة، جعلت روحها تنتعش، اعطتها ثقه بنفسها كانثي و امرأه مرغوبة..
فالمرأة تستطيع أن تفارق الرجل الغني، وتستطيع أن تفارق الرجل الوسيم، ولكنها لا تستطيع أبدًا أن تفارق الرجل الذي طيب خاطرها، الرجل الذي أشعرها بالأمان وأنه لا يستطيع أن يستغني عنها، الرجل الذي كان سندًا لها، و مسح دmـ.ـو.عها في لحظات ضعفها، الرجل الذي حماها من تدخلات أهله وأهلها في حياته وحياتها، فالقلوب لا تُشترى بالمال ولا بالقوة ولا بالوسامة، القلوب تُشتري بالمعاملة الطيبة و هو قد نجح بجدارة في شراء و امتلاك قلبها حتى أصبح هواه يجري بداخلها مجري الدmاء..
و برغم كل هذا إلا أنها تشعر بخـ.ـو.ف يجعل قلبها ينقبض من آنٍ إلى آخر،شيئًا ما تجهله أو ربما تتجاهله يُسبب لها ريبة و قلق من القادm..
وضعت الهاتف من يدها، اخفت رسمتها أسفل وسادتها، تكومت داخل أحضان زوجها الدافئة الذي احتواها بلهفة مهمهًا بأسمها أثناء نومه العميق، رفرف قلبها بشـ.ـدة حين وصل لسمعها همسه الحار بأسمها..
"حبيبي يا عبد الجبـ.ـار"..
ناحت بها من شـ.ـدة تأثرها، ضمته إليها بكل ما أوتيت من قوة و حب، أغلقت عينيها و اندست أكثر بين ضلوعه مستسلمة هي الأخرى لنومٍ آمن تشعر به و هي بين ذراعيه فقط..
.................................. صلِ على الحبيب.....
"جابر"..
ظل برفقة والدته داخل المستشفى لم يتركهما حتى استعادة "صفا" وعيها بعد وقت ليس بقليل ، فقلة غذائها و حالتها النفسية السيئة عرضوها لضعف شـ.ـديد أدى إلى فقدانه للوعي بالأخير، فور تحسن حالتها سمح لهم الطبيب بالخروج،
كانت تسير بصعوبة مستندة على زوجة والدها التي تعتبرها بمثابة أم لها، لم تنتبه لوجود "جابر" على الإطـ.ـلا.ق، بينما هو اقترب منهما فور خرجهما من غرفة الكشف الخاصة بالنساء، و تحدث بهدوء موجهه حديثه لوالدته..
"سبيها.. أنا هشيلها أوديها العربية"..
كان يتحدث دون النظر لتلك التي رفعت وجهها، و من ثم عينيها و رأته لمرتها الأولى، انقطعت أنفاسها لوهلة من هيئته و وسامته الجذابة ، و شهقت بخفوت حين رأته مقبلًا عليها بعدmا أعطى لوالدته أغراضه المكونه من هواتفه و مفاتيح سيارته، و هم بوضع يده حول خصرها و الأخرى أسفل ركبتيها إلا أنها ابتعدت عنه سريعًا و هي تقول بخجل ..
"أيه ده يا أستاذ أنت هتعمل أيه!!!!"..
"متخفيش يا صفا..خليه يشيلك ده مش غريب يا حبيبتي.. ده ابني جابر اللي حكيت لك عنه".. نطقت بها "سعاد" وهي تدفعها برفق نحو "جابر" الواقف أمامها بطوله الفارهه حتى اصتدmت بصدره، تراجعت "صفا" للخلف مبتعده عنه على الفور مرددة بخجل ..
" أنا بقيت كويسه يا ماما سعاد الحمد لله وهقدر أمشي لوحدي"..
ختمت حديثها و سارت بخطوات بطيئه و جسد يترنجح بوضوح، ربتت" سعاد" على ظهرها متمتمة بحنو..
" يا بـ.ـنتي خليه يساعدك أنتي مش قادرة تمشي"..
نظرت لها "صفا " برجاء و حركت رأسها بالنفي أكثر من مرة..
قدر " جابر " حياءها، و سار بجوارهما حتى وصلوا للسياره، فتح لهما الباب فساعدتها والدته على الصعود، و صعدت بجوارهما، أما هو جلس خلف المقود و قاد بهما مرة أخرى للمنزل، كل هذا و هو لم يرى وجهه" صفا" إلى الآن، عقله و قلبه منشغل بصغيرته "سلسبيل" لا و لن يستطيع أن يشغل فكره أحدًا سواها..
بينما "صفا" كانت تسترق النظر له عبر المرآه، ها هو الشاب الذي كانت تحكي لها عنه والدته قصصًا عديدة توصف بها شهامته و رجولته التي ليس لها مثيل من وجهة نظرها و كم تمنت أن تزوجها له و مازالت تتمنى حدوث هذا وتدعو به من صميم قلبها..
أطلقت "سعاد" زفرة نزقه من صدرها و تحدثت بأسف قائله..
"أول مرة تشوفوا بعض فيها توديها المستشفى يا جابر.. كان نفسي تتقابلوا في ظروف أحسن من دي"..
تفهموا مخزي حديثها و ما تقصده، لمحت "صفا" الغضب الذي اعتلي ملامح "جابر" و عينيه التي رمقة والدته بنظره يتطاير منها الشرر، فتحدثت بابتسامة تخفي خلفها حـ.ـز.نها قائلة ..
" إن شاء الله تتعوض في فرح أستاذ جابر.. بس متنسوش تعزموني أنا و بابا عليه"..
كانت تريد أن تصل له رسالة مباشرة أنها لا تفكر فيه مطلقًا، يكفيها ما مرت به و التجربه الصعبة التي عدت عليها و لم تفق منها بعد..
هنا رفع "جابر" عينيه و نظر لها أخيرًا عبر المرآه لتتقابل أعينهما في نظره خاطفه أخبروا بعضهما بها أن قلب كل منهما منشغل بشخص أخر..
رمقتها "سعاد" بنظره عابسة بشـ.ـدة و هي تقول بعتاب..
"بقي أنتي و أبوكي عايزين عزومه يا صفا و أنتي اللي هتكوني الع!!!"..
"هكلمك على الضهر كده عشان لو هتقدري تيجي معايا عند سلسبيل افوت عليكي في طريقي أنا وجدي"..
هكذا قطع "جابر" حديثها جعلها تصطك على أسنانها بغـ.ـيظ من أفعاله التي لا تروقها نهائيًا، و تحدثت بغضب قائله..
" أنا مش هعرف أجي معاك و أسيب بـ.ـنتي و هي تعبانه كده "..
قالتها قبل أن تغادر السيارة برفقة" صفا" بعدmا توقف" جابر " أمام منزلهما، أبتسم لها" جابر" ابتسامة مصطنعه و هو يقول بثقه..
"و سلسبيل كمان زي بـ.ـنتك و كمان قريب أوي هتبقي مرات ابنك يا أم جابر"..
رمقته" سعاد" بنظرة تحدي مدmدmة..
" امممم.. اللي بتقوله ده على جثتي لو حصل يا جابر"..
.......................... لا حول ولا قوة إلا بالله....
كان الوقت فجرًا، لحظات ظلام الليل الأخيرة ظلت "سلسبيل" تقاوم رغبتها في النوم كلما غلبها النعاس حتى تظل مستيقظه تملي عينيها برؤيا زوجها، و تتشبع من النظر إليه و حفر ملامحه بقلبها و وجدانها،
أصابعها الصغيره التي تسير على وجهه تداعب لحيته، و شعره الأسود الغزير قابضت على حفنة منه بين أصابعها و ملء راحتها، افاقته من أحلامه التي كانت هي وحدها بطلتها..
فتح عينيه بتكاسل و رمقها بنظراته المُتيمة، و أنامله تجد طريقها إلى خطوط عنقها المساء، حانت منه إلتفاتة نحوها و غمر وجنتها بقبلاته التى خدرتها و أذابتها كليًا..
كانت هي هائمه به تنظر لعينيه الآسرين و شعره المشعث بفوضويه مثيره جعلته مثالاً للغواية و الفتنة..
سحبها عليه محاوطها بجسده العريض و عضلاته القويه ليكرر من جديد لحظاتٍ من الحميمية معاها و صِلة تحكمها الموّدة العميقة المتبادل بينهما..
"عبد الجبـ.ـار!!!"..
في بادئ الأمر يظن أنه مازال يحلم بها، لكن همسها بأسمه أعاده لواقعه ، تذكر زوجته "خضرا" المتواجدة بالمستشفى بمفردها، أبتعد عنها على مضض و سحبها معه و نهض بجزعه معتدلًا بالفراش، مد يده و جذب هاتفه ينظر به ليعرف منه الوقت، تنهد براحه حين وجد الوقت مازال باكرًا على موعد افاقتها، لكنه مع ذلك تحدث بإصرار..
"لازم نعاود مصر دلوجيت"..
"ليه عايزنا نرجع بالسرعة دي يا عبد الجبـ.ـار "..
همست بها بنبرة يملؤها الخـ.ـو.ف، ابتلعت لعابها بصعوبة، و تابعت بخجل..
"أنت خـ.ـطـ.ـفني يومين بس مينفعش يبقوا أسبوع!!.. أو سبني هنا مع دادة عفاف لو أنت عندك شغل مهم و لما تخلص شغلك أبقى تعالي"..
لثم جبهتها بحب، و تنهد مطوّلًا، ثم قال بأسف..
" مينفعش اهملك اهنه لحالك..مش هبقي مطمن عليكِ، و أنتي ريداني أكون وياكِ وجت ما أهلك يچو صُح؟؟ "..
حركت رأسها له بالايجاب، ليكمل هو بلهفة..
"و عشان أكده أني چيت لاچل ما أخدك و نعاود يا سلسبيل"..
صمت لبرهةً و كاد أن يخبرها بحالة "خضرا" الصحية إلا أنه شعر بجسدها يرتجف، و قد داهمتها رغبة قوية للبكاء و هي تقول بصوتٍ بالكاد يُسمع..
" أنا خايفه و قلبي مقبوض يا عبد الجبـ.ـار"..
فضل الصمت و عدm أخبـ.ـارها الآن بما فعلته" خضرا "،و ضمها لصدره بقوة،مسد على ظهرها بكف يده بأقصى ما لديه من لطف و هو يتمتم برفقٍ..
" مش عايزك تخافي من حاچة واصل.. أني افديكِ بروحي و عمري كله يا حبة الجلب"..
رفعت عينيها التي ترقرقت بها العبرات و نظرت له بعينيها نظرتها التي تُذيب قلبه المُتيم بها عشقًا و همست بصوتٍ مرتعش..
"و أبله خضرا.. أنا كنت وعدتها "..
أطبقت جفنيها بعنف لتهبط من عينيها دmعة حارقة و تابعت بحشرجة..
"وعدتها أني مش هبقي ليك زوجة أبدًا و مقدرتش أحافظ على وعدي معاها و بقيت مراتك"..
صاح فجأة بعصبية مفرطة.. "وعد أيه ده اللي بتقولي عليه.. انتي مراتي..مراتي يا سلسبيل على سنة الله ورسوله قولتيها بخاشمك.. يعني لا عملتي حاچة حـ.ـر.ام و لا عيب تخجلي منها، و خضرا عارفه أكده زين حتى لو مش قادرة تقبل بيه دلوجيت، هيجي عليها الوجت اللي هتقبله و ترضى و تعرف أنك مراتي كيف ما هي مراتي و اني عمري ما هقصر في حق واحدة منكم"..
هدأته ماسحة على وجهه برفق و هي تقول بابتسامة دافئة ..
"أشهد لك أني من ساعة ما بقيت على أسمك و أنت مش مقصر معايا و شيلني جوه قلبك و عينيك"..
تعلّقت عينيها بعينيه أكثر و هي تقول بتسامحٍ أراحهما معًا..
" و ده كفاية عندي والله يا حبيبي.. مش عايزه حاجة من الدنيا تاني غير اني أفضل في حـ.ـضـ.ـنك و تحت حمايتك كده عمري كله يا عبد الجبـ.ـار "..
انبلجت ابتسامة واسعه على قسمـ.ـا.ته و تراقص قلبه فرحًا، و قد غمره شعور أكثر من رائع حين رأي عشقها له ظاهر بعينيها، و اعترافها له أنه مصدر قوتها و حمايتها و لن تستطيع الإبتعاد عنه، و كذلك" خضرا " التي كادت أن تقــ,تــل نفسها من شـ.ـدة حبها له، اذدادت ابتسامته اتساع و هو يطمئن نفسه أنها و بكل تأكيد سترضخ و ترضى بوضعهم الحالي لإنها أيضًا لن تستطيع الإبتعاد عنه هي الأخرى ، تملك منه الغــــرور قليلاً جعله يظن أنه سلطان على عرش قلب امراتان ضمن وجودهما في حياته..
↚.. بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة الا بالله..
بالصباح الباكر قبل أن تشرق الشمس بنورها تركت "سلسبيل" منزلها الجديد التي لم تمكث فيه إلا يومين فقط برفقة زوجها كانوا من أجمل أيام عمرها بأكمله، عادت مجبرة معه لمنزله بالقاهرة بعدmا وعدها أنهما سيعودان مرة أخرى بأقرب وقت، كانت تتمنى أن تظل بمنزلها تنتظره لحين عودته وقت ما ينهي عمله، لكنه رفض رفضًا قاطع تركها بمفردها..
كان القلق واضح على ملامح وجهها الباهته، بل الخـ.ـو.ف أيضًا ظاهر بنظرة عينيها الحزينة، خـ.ـو.ف من مواجهة "خضرا" التي عاهدتها بأن "عبد الجبـ.ـار" لن يصبح زوجًا لها مهما حدث، و الآن قد خلفت عهدها معاها و لم تستطيع الصمود أمام فيض الغرام الذي أهاله عليها زوجها بكرمٍ و شغف جعلها تستسلم له و تبادله غرامه هذا بدون أدنى إرادة منها حتى استطاع التسلل لأعماق قلبها و نثر عشقه بداخله.. عشق خالص تعيشه لأول مرة بحياتها..
بينما "عبد الجبـ.ـار" كان يجلس بجوارها بأريحية ،مكتفي بضمها لصدره كمحاولة منه لبث الطمأنينة بقلبها،فهو يشعر بها و يقرأ ما يدور برأسها ..
انتفض جسدها بين يديه بذعر حين توقفت السيارة بهما بحديقة منزل درتها..
"و بعدهالك عاد يا سلسبيل ..ليه كل خـ.ـو.فك ده؟ ، كيف تخافي أكده و أنتي چوه حـ.ـضـ.ـني!!!"..
"خايفة تضيع مني بعد ما لقيتك يا عبد الجبـ.ـار"..
همست بها "سلسبيل" بصوت اختنق بالبكاء، و هي تتمسك بثيابه بكلتا يدها لعلها تمدها ببعض القوة..
احتضن وجهها بين كفيه جعلها تنظر لعينيه التي يزينها بريق جديد بفضل عشقه لها، و تحدث بابتسامته الجذابة قائلاً..
"معوزكيش تخافي من حاچة واصل.. أنتي مَراتي و هتفضلي مَراتي لحد أخر يوم في عمري.. مهيفرقنيش عنك إلا مـ.ـو.تي يا سلسبيل"..
"بعد الشر عليك.. متقولش كده تاني".. قالتها بلهفة و هي تسرع بوضع أناملها الصغيرة على فمه تمنعه من استكمال حديثه،
لثم أصابعها بعمق مرات متتالية قبل أن يقبض على يدها الصغيرة جدًا بين قبضته الضخمة و سحبها عليه واضعًا يد حول خصرها، و الأخرى أسفل ركبتيها و حملها على ذراعيه بمنتهي الخفة و غادر السيارة بعدmا فتح له السائق بابها، و سار بها تجاه باب المنزل الداخلي خلفهما دادة "عفاف" التي كانت تجلس بجوار السائق بعدmا أصرت "سلسبيل" أن تأخذها معاها ..
شهقت "سلسبيل" بخفوت، و جحظت عينيها من فعلته هذه، حاولت ابعاده عنها و القفز من فوق يديه إلا إنه حاوطها بحماية و تمكن من السيطرة على حركاتها مغمغمًا بهدوء..
"أهدي أمال أنتي صاحية من عشية و مدروخة من قلة النوم و ممكن تغمي مني.. خليني أوصلك لسريرك لاچل ما ترتاحي هبابه على ما أخلص شغلي و اعاود"..
"طيب نزلني يا عبد الجبـ.ـار بالله عليك لحد يشوفنا"..
غمغمت بها و هي تتلفت حولها تتأكد من عدm وجود أحد، تنهدت براحة حين وجدت الهدوء يسود أرجاء المكان يدل على أن الجميع نيام،
انكمشت على نفسها داخل حـ.ـضـ.ـنه، ألقت بثقل رأسها على كتفه و قد بدأ يغلبها النعاس..
دلف بها داخل غرفتها غالقًا الباب خلفه و وضعها على الفراش بتمهل و يده تبعد عنها عبائتها و حجابها و حتى حذائها، تركها ب منامتها الوردية، و عدل وضعها بوضع أكثر راحة..
دثرها جيدًا بالغطاء و مال على وجنتيها اقتطف منهما حفنة من القبلات الرطبة مرددًا بصوته الأجش..
"نوم العوافي يا جلب عبد الچبـ.ـار"..
همهمت هي بإسمه بين النوم و اليقظة قائلة بنبرة متوسلة..
"متتأخرش عليا"..
فتحت عينيها بتكاسل تبحث عن دادة "عفاف" فلم تجدها بانحاء الغرفة، فشحب لونها و هي تقول بتساؤل..
"هي فين دادة عفاف؟!"..
"أنا هنا أهو يا سلسبيل هانم".. قالتها" عفاف " الواقفة على أمام باب الغرفة..
"أدخلي يا دادة.. تعالي يا حبيبتي"..
نطقت بها" سلسبيل " و هي تشير لها بيدها على الفراش بجوارها..
انتصب "عبد الجبـ.ـار" واقفًا، و تحدث و هو يسير لخارج الغرفة قائلاً بأمر ..
" متهمليش الهانم لوحدها واصل يا عفاف"..
" أمرك يا عبد الجبـ.ـار بيه"..
قالتها "عفاف" التي اقتربت من" سلسبيل " و فكت عقدة شعرها، و رتبت الوسائد خلف ظهرها، كانت "سلسبيل" عينيها معلقة بزوجها الواقف على الباب ممسك مقبضه بيده، ألقى لها قبله بالهواء و ابتسم لها إبتسامة يملؤها الحب مغمغمًا قبل أن يغلق الباب خلفه..
" هرچعلك طوالي"..
نظرت "سلسبيل" ل "عفاف" و تحدث بنبرة راجيه قائلة..
"دادة عفاف متسبنيش لوحدي خالص .. خليكي جنبي هنا حتى و أنا نايمة"..
صمتت لبرهةً و تابعت بأسف..
"أنا خايفة أوي من أبلة خضرا و مش عارفة رد فعلها هيكون أيه لما تشوفني"..
تجمعت العبرات بعينيها و بتقطع تابعت..
"أنا حاسة أني خـ.ـا.ينة و خـ.ـطـ.ـفت منها جوزها أبو بناتها يا دادة"..
ربتت "عفاف" على شعرها بحنو و تحدثت بتعقل قائلة..
"يا بـ.ـنتي متشيليش نفسك فوق طاقتها أنتي معملتيش حاجة غلط و لا حـ.ـر.ام جوزها ده بقي جوزك أنتي كمان"..
صمتت قليلاً، و مدت يدها مسحت دmـ.ـو.عها مكملة..
"نامي و ارتاحي دلوقتي و سبيها على الله و أنا هفضل جنبك هنا لحد ما تصحى "..
بينما "عبد الجبـ.ـار" فور إغلاقه الباب إختفت ابتسامته،و هرول راكضًا نحو سيارته استقلها و قاد بسرعه عالية قاصدًا المستشفى التي تمكث بها "خضرا" زوجته الأولى..
........................... صل على الحبيب..........
" خضرا "..
استعادة وعيها بعدmا نجت من المـ.ـو.ت بأعجوبة لتجد نفسها بمفردها داخل المستشفى،ابتلعت غصة مريرة بحلقها حين أيقنت أن زوجها بكل تأكيد برقفة زوجته الثانية، ضحكت ضحكة مستهزءة على غباءها الذي جعلها تقدm على الانتحار و التخلص من حياتها لأجل رجل لم يكترث لما فعلته من أجله و تركها بين الحيا و المـ.ـو.ت وقضي ليلة ملحمية مع امراءة غيرها..
نـ.ـد.مت على كافة قرارتها الخاطئة بداية من إصرارها على زواجها منه، و زواجه هو عليها، و اختيارها ل "سلسبيل" تكن زوجه له بعدmا رأت نظرته و لهفته عليها..
حاولت البكاء و لكن عينيها أبت أن تذرف العبرات، كانت نظرتها جـ.ـا.مدة، اكتسبت جحود بفضل ما تشعر به من و.جـ.ـع فاق حدود الوصف، لن تستطيع التعبير عنه بمجرد دmـ.ـو.ع حتى لو بكت دmاً..
"خضرا.. حمد لله على سلامتك يا غالية"..
قالها "عبد الجبـ.ـار" الذي دلف للتو، و اقترب منها جلس على المقعد المجاور لسريرها، و مد يده ليمسك يدها لكنها دفعت يده بضعف، و رمقته بنظرة حارقة متمتمة بغضب..
"توك ما افتكرت خضرا يا عبد الچبـ.ـار !!!.. هملتني لحالي و روحت لعروستك الچديدة مش أكده؟! "..
" مش وقت حديتك ده عاد.. المهم دلوجيت نطمن عليكي و تبجي زينة... "..
صرخت بغـ.ـيظ شـ.ـديد قطعت حديثه بصرخاتها قائلة..
"رد لأول.. و إياك تكذب عليا.. صُح كنت وهيها "..
حاول السيطرة على أعصابه تقديراً لحالها، و تحدث بهدوء قائلاً..
" وبعدهلك يا خضرا.. جولتلك رايد أطمن عليكِ.... "..
" كنت وهيها يا عبد الچبـ.ـار.. انطق.. قولي أيوه كنت وهيها و مهملك أهنه يا أم البـ.ـنته من غير أنيس و لا جليس و روحت أخونك مع حُرمة تانية.. "..
"خضرا اااا".. قالها بصوت جوهري زلزل جدران المستشفى،ابتلعت "خضرا" باقي حديثها بعدmا رمقها بنظرة محذرة و تحدث بلهجة حادة قائلاً..
" متختبريش صبري عليكِ.. أني مش خـ.ـا.ين يا خضرا و الحُرمة التانية دي تبجي مَراتي كيفك بالتمام و اللي كانت قبل منك أهنه بنفس المستشفى مرمية بين الحيا و المـ.ـو.ت و إني كنت وياكِ في حـ.ـضـ.ـنك في بيتنا على سريرنا و لا نسيتي!!! "..
↚"إنَّ الله يقذف الحب في قلوبنا، فلا تسأل مُحبًا .. لماذا أحببت."..
لكن دعونا نطرح سؤال و نتناقش في إجابته سويًا،
هل يوجد رجل بالعالم يستحق أن تنهي إمرأة حياتها من أجله؟!!!
أن تخسر دنياتها و دينها من أجل شخص هي على يقين بأن قلبه ليس ملكًا لها وحدها و تملكه إمرأة غيرها !!!
هذا السؤال تردد بخاطري بلا توقف بعدmا رأيت"عبد الجبـ.ـار" يصب جم غضبه على "خضرا" التى كادت أن تلقى حتفها من شـ.ـدة حبها و غيرتها عليه دفاعًا عن زوجته "سلسبيل" ..
ظنت أنها بموافقتها على زواجه من إمرأة أخرى ستمتلك محبته و وفاءه لها إلى الأبد، لم يخطر على بالها و لو لحظة واحدة أنه سيقع بغرام تلك الصغيرة ليصل به الأمر إلى الذوبان بعشقها، استحوذت على قلبه بأكمله و ربما بدأت تسيطر على عقله الذي جن جنونه الآن و جعله يصـ.ـر.خ بوجهها مانعًا أياها من متابعة حديثها حتى لا تذكُرها بأي سوء..
و هذا يؤكد لنا أنه من المؤسف حقًا أن أغلب الذين كرهوا الحب كانوا أكثر الناس حباً وشغفاً وصدقاً، لكنهم خُذلوا من شخص كان بمثابة العالم بالنسبة لهم.....
حاول "عبد الجبـ.ـار" السيطرة على نوبة غضبه سريعًا حين رأي نظرة زوجته المنكـ.ـسرة، و عبراتها التي تجمعت بعينيها الحزينة،
صمت على الفور و ابتلع باقي حديثه خـ.ـو.فًا من تطور حالتها مرة أخرى، التزم الصمت للحظات و من ثم وضع كف يده فوق يدها مسد عليها برفق، و تنهد مطولاً و هو يقول بنبرة أكثر هدوءً..
"أني أهم چاجة عندي دلوجيت أطمن عليكي يا خضرا.. و تبجي زينة.. لاچل ما اعاود بيكِ لدارك تنوريه من تاني و كمان البـ.ـنته الصغار ما بطلوش بكى من خـ.ـو.فهم عليكِ يا غالية ،و لو هتضيقي من وچود سلسبيل هاخدها لدار تانيه بعيد عنكِ بس متأذيش حالك مرة تانية لخاطر ربنا و بناتك اللي ملهومش ذنب و روحهم فيكي يا خضرا"..
لم يجد سوي الصمت حليفه، ابتلعت بحلقها كل الصيحات، لا تعلم أين ذهبت صرختها، ليت انفعالها لم يكن هذا الصمت المخيف أبدًا ، تتمنى لو تلكم الحوائط حتى تسمع صوت عظامها تُكـ.ـسر، تتمنى لو تخرج سُبابًا، تتمنى لو أنتهي الأمر بكارثة مـ.ـو.تها حتى لا تشعر بهذا الألم الذي ينهش قلبها نهشًا و هي تري انعكاس لصورة غريمتها بأعين زوجها، أصبح عشقه لها ظاهر بوضوح على محياه رغم محاولاته المستمـ.ـيـ.ـته لإخفاءه،
لقد أذى قلبها أغلى و أحب البشر عندها، بقت صامته، صمت بث الريبة بقلبه، و لأول مرة لم يستطيع قراءة ما يدور بذهنها، لكن نظراتها له كانت مخيفة و قد اختفت لمعة عينيها في وجوده، لذا صدق من قال لا تؤذِ قلباً رقّ لك يومًا ، فلحظات الودّ لها عليك ألف حق وحق.....
"رچعني الدار لبناتي يا عبد الچبـ.ـار".. قالتها بصوتٍ تحشرج بالبكاء، صمتت لبرهةً تستجمع خلالها رابطة جأشها، نظرت له نظرة راجية تخفي خلفها الكثير و تابعت بتنهيدة مُتعبة..
"و همل سلسبيل ويايي بالدار .. أنت خابر زين إني مقدرش على بعدك عنى يا خوي و أطمن أني مهزعلهاش تاني واصل.. اللى حُصل مني كان لحظة شيطان عفشة.. أنت جولك صُح هي بجت مَراتك برضك و اللي يزعلها بالتوكيد يزعلك.. بس أحب على يدك ما تهملني أني و بناتك إحنا ملناش غيرك بعد ربنا "..
تهللت أساريره و هو يراها ترفع له راية استسلامها للأمر الواقع، كان يثق أنها لن تتحمل بعاده عنها،كان عليه أخبـ.ـارها بفكرة شراء منزل جديد لزوجته فهو على يقين أنها ستوافق على كل شيء إلا ابتعاده عنها، و هي تعلم جيدًا أنه إذا أخذ" سلسبيل " لمنزل أخر سيذهب إليها يوميًا بل معظم وقته سيقضيه برفقتها..
نتهد بـ.ـارتياح بعدmا تأكد أنه أمتلك زوجاته الإثنين بقبضة يده، لن تستطيع واحدة منهم العيش من دونه غافلاً أن دوام الحال من المحال..
........................ لا حول ولا قوة إلا بالله.......
" جابر"..
قاد سيارته و لكن بالحقيقة يقوده قلبه من المنصورة للاسكندريه، و منها للقاهرة مباشرةً بحثًا عن "سلسبيل" طريقه هي و مقصده و سيركض لها بلاد ولن يتوقف حتى يجدها..
رغم أنه كان يثق أن زوجها لن يتركها بمنزلها بالأسكندرية، سيأخذها معه حتى يبعدها عنه إلا أنه قطع المسافة لعله يجدها هناك كما تركها منذ ساعات قليله، تأكدت ظنونه بأنه أصبح غريمًا لزوجها حتى قبل أن يلتقيان ببعضهما وجهًا لوجه، و كلما حاول "عبد الجبـ.ـار" ابعادها عنه يؤكد له أن علاقته بها يملئها القلق و الخـ.ـو.ف من تأثيره عليها و هذا يولد بداخله أمل الفوز بها ..
"أنا مش عارفة جريك ورا واحدة متجوزة من بلد لبلد ده آخرته أيه بس يا ابني !!!"..
تنهد "جابر" باشتياق و نظر لوالدته التي تجلس بالمقعد الخلفي بعتاب مردفًا..
"دي سلسبيل يا أم جابر.. نسيتي سلسبيل تبقالي أيه يا أمه؟!"..
كادت أن تصرخ فيه غاضبة، لكن اوقفها والدها"فؤاد" الجالس بجوار حفيده قائلاً بتعقل..
" عمرنا ما نسينا سلسبيل يا جابر يا ابني.. بس كمان أوعى تنسى أنت أنها على ذمة راجـ.ـل و إحنا رايحين لها دلوقتي على أساس إننا أهلها و بس فاهمني كويس يا جابر"..
صك" جابر " على أسنانه بغـ.ـيظ، و صاح بغضب عارم و هو يلكم المقود أسفل يده..
"جوزها ده اتجوزته غـ.ـصـ.ـب يا جدي.. أبوها اللي ملوش أي علاقة بالرجوله اعترفلي بنفسه أنه غـ.ـصـ.ـبها على جوازها منه و من قبله غـ.ـصـ.ـبها على جوازها من أخوه، و أنا رايح لها دلوقتي عشان أقولها إن من انهارده محدش هيقدر يغـ.ـصـ.ـبها على أي حاجة تانية و لو عايزه تطلق من جوزها ده أنا معاها و في ضهرها و افديها بعمري كله و هي أكيد فاكراني.. فاكرة جابر اللي رباها على إيده من وهي عمر يوم لحد ما أبوها سراقها مني و هي بـ.ـنت 7 سنين.. أكيد فاكراني منسيتنيش يا جدي حتى لو مثلت أنها نسياني و أكيد عارفه أنا ممكن اعمل ايه عشانها "..
"أنت بتقول اييييه.. هو أنت كنت بتاخدني أنا و جدك معاك عشان تروح تطلقها من جوزها!!! "..
نطقت بها" سعاد" بنبرة أشبه بالصراخ المقهور على حال وحيدها الذي يركض وراء سراب من وجهة نظرها..
لكمته على كتفه بقبضة يدها مكملة بنفاذ صبر..
" أنت عايز تجلطني يا واد أنت!!!.. انت متخيل إن سلسبيل اللي كانت عيله صغيره لسه فاكراك و لا تكون فاكر إن ممكن يكون في قلبها حاجة من نحيتك!!!"..
شعرت بقبضة تعتصر قلبها حين لمحت نظرة عينيه التي ظهرت بها الألم ، لكنها تجاهلتها و تابعت حديثها الصارم لعله يعود لصوابه و تابعت بتعقل قائلة..
"افرض البت مش عايزه تطلق من جوزها، و لا افرض لهفتك عليها دي خلت جوزها يشك إن في بينك و بينها حاجة و تعمل بينهم مشكلة هما ممكن يكونوا في غني عنها و عننا إحنا كمان يا حبيبي"..
ربتت على كتفه بحنو، و تابعت برجاء
"أسمع كلام أمك تكسب يا جابر.. إحنا نزورها و نطمن عليها و لو لقينا جوزها كويس معاها و البـ.ـنت مشتكتش يبقي ندعلها ربنا يهدي سرها و نرجع بلدنا يا ابنى و تشيلها من دmاغك و تبص لمستقبلك بقي اللي موقفه على واحدة على ذمة راجـ.ـل"..
"سلسبيل مش في دmاغي يا أمه"..
قالها بصوتٍ يملؤه الو.جـ.ـع، و بقلة حيله تابع..
" سلسبيل في قلبي.. جوه قلبي"..
"بعد إعترافك ده مش عايزك تتكلم معاها نهائي لما نشوفها كفايا أوي ترمي عليها السلام و من غير ما تمد أيدك و تلمس ايديها كمان"..
قالها" فؤاد" بنبرة لا تحمل الجدال، و تابع بتحذير قائلاً..
"أفتكر إنك رايح لها بيت جوزها الصعيدي اللي لو لمح نظرة الحب اللي في عينيك دي ممكن يرتكب جنايا.. الصعايدة مبيهزروش فى اي حاجة تخص حريمهم.. وأنت عينك فضحاك أنا شايف لهفتك على البـ.ـنت رغم عمايا.. ما أنا صحيح أعمى البصر بس مش أعمى البصيرة يا ابني"..
"طيب خلينا نطمن بس عليها الأول يا جدي و نتأكد أنها مش عايشه مغـ.ـصو.بة مع جوزها ده ساعتها أنا هرجع معاكم و هتمنالها السعادة من كل قلبي والله يا جدي.. أنا مش عايز غير سعادتها هي "..
قالها" جابر " بغصة يملؤها الأسى و قلب ملتاع أرهقه الفراق..
.............................. صل على الحبيب........
بعد عدة ساعات عاد" عبد الجبـ.ـار " للمنزل حاملاً زوجته" خضرا " على ذراعيه بعدmا أصرت هي على الخروج من المستشفى، أسرعت الممرضة التي جاءت لتتابع حالتها بفتح باب الغرفة،
دلف هو بها للداخل و أنزلها برفق على الفراش و هو يتنفس الصعداء بأن والدته كانت منشغلة بتجهيز طعام الغداء،و أيضًا كانت نائمة حين عاد ب " سلسبيل" بالصباح الباكر التي ظلت بغرفتها و لم تخرج منها مطلقًا، و حتي "عفاف" التى ظلت معاها طيلة الوقت..
حمد الله بسره أن والدته لم تراه و هو يحمل "خضرا" و إلا كانت ستتفوه بحديثها الحاد و كلمـ.ـا.تها الجارحة كعادتها..
"نورتي بيتك يا أم فاطمة"..
قالها و هو يطبع قبلة عميقة على جبهاتها، و أبتعد عنها قليلاً ليتمكن من النظر لعينيها و تابع بابتسامة..
"احنا على أتفقنا يا خضرا مش أكده؟!.. بكفيانا مشاكل و حديت حريم ماسخ عاد.. رايد أشوف مشاغلي أنتي خابرة أنها ياما"..
أرغمت نفسها على الإبتسامة وقد اصابتها جملته بصفعة قوية حين وصف مشاعرها و غيرتها عليه بالمشاكل، ربما لم يكن هذا مقصده في الحقيقة، أو قد خانه التعبير خاصةً و هي في حالتها هذه يؤثر بها كل حرف..
ابتلعت غصة مريرة و إجابته بأمأه من رأسها و بهمس مرتجف تحدثت..
"أطمن يا خوي من چهتي.. أني معوزاش حاچة من الدنيا دي كلياتها غير أني أكون چارك أنت و بناتي"..
"ربنا ميفرقناش و لا يحرمنا منِك واصل يا ست الناس"..
قالها و هو يطبق قبله رطبة على وجنتيها، و ضحك بملئ فمه عنـ.ـد.ما استمع لصوت ابـ.ـنتيه اللتان اقتحما الغرفة فجأة و قفزا على الفراش و من ثم داخل حـ.ـضـ.ـن والدتهما و هما يهللان بفرحة غامرة..
" حمد لله على سلامتك يا اماي"..
ضمتهما" خضرا " بلهفة، و امطرتهم بوابل من قبلاتها الحانية تعتذر بهم لهما، عن خطأها الفادح بحقهما..
"يا جلبي يا فاطمة أنتي و حياة.. حقكم عليا يا ضنايا"..
توجهه نحو الخزانة فتحها و بدأ ينتقي منها ثيابه مغمغمًا..
" أني هوصل للشركة أطمن أن كل حاچة تمام و اعاود طوالي.. خلي بالكم على أمكم لحد ما اعاود"..
ألتفت و نظر ل"خضرا" و تابع بنظرته التى كانت تبعثر مشاعرها فيما سبق، أما الآن لا تشعر بأي شيء سوي الألم و الإهانة معًا..
"مهعوقش عليكِ"..
صدح صوت رنين هاتفه فاسرع بالرد حين لمح رقم"حسان" ذراعه اليمين..
"خير يا حسان!!!"..
"عبد الچبـ.ـار بيه.. أني چاي في الطريق و چاي ورايا اللي اسمه چابر ده بعربيته هو و چده و الست والدته.. و راسه و ألف بلغه قديمة يقابل چنابك الليلة"..
أطبق" عبد الجبـ.ـار " جفنيه بقوة و قد برزت عروقه من شـ.ـدة غضبه كلما ذُكر اسم هذا ال "جابر"، زفر بضيق و بأمر تحدث قائلاً..
" هاته على الشركة يا حسان أني هستناكم في مكتبي"..
" أوامرك يا كبير.. ساعة أكده و هنبقي قدام چنابك"..
أغلق" عبد الجبـ.ـار " هاتفه و هرول لخارج الغرفة بخطي شبه راكضه أمام أعين "خضرا" التى تتأجج منها نيران الغيرة تحرق قلبها، و روحها و أنوثتها بلا رحمة، عقب خروجه من الغرفة وجهت نظرها للممرضة الوقفة بإحدى الجوانب و تحدثت بحدة قائلة..
" همليني لحالي.. رايده أنعس هبابه"..
انصاعت لها على الفور و سارت لخارج الغرفة غالقة الباب خلفها، سحبت" خضرا" الغطاء أخفت به وجهها عن ابـ.ـنتيها الجالستان بجوارها ، و انفجرت بنوبة بكاء مرير دون صوت، تبكي دmًا و ليس دmعًا فزوجها الذي تُهيم به عشقًا يحيا قصة حب ملتهبة مع إمرأة غيرها أمام عينيها..
و هي مجبرة على التحمل بعدmا أصرت أن يتزوج منها، كانت من المفترض أن تمنع تلك الزيجة مهما كلف منها الأمر و تحافظ على زوجها، لكنها بيدها سلمته لغريمتها على طبق من ذهب لم تتخيل أنها ستتذوق طعم العـ.ـذ.اب و ستنـ.ـد.م على ما أوصلت نفسها إليه أشـ.ـد أنواع النـ.ـد.م..
"آآآآآه.. مقدراش أتحمل شوفتك وياها يا خوي.. و اللي خلق الخلق مقدراش"..
همست بها بسرها و هي تضغط بكف يدها على موضع قلبها المتآجج بالنيران تتمنى لو يتوقف نبضه و يريحها من تلك الوخزات المؤلمة التي تشق قلبها بسكينٍ بـ.ـارد..
...................... لا إله إلا الله وحده لا شريك له.....
" سلسبيل "..
كانت تنعم بنومٍ مجهد، لا يخلو من كوابيسها التى دومًا تهاجمها كلما أغمضت عينيها، لكن بدت هذه المرة مختلفه عن ذي قبل، كانت تصارع أبشع كوابيسها على الإطـ.ـلا.ق جعلت قلبها تتباطئ دقاته حتى أوشكت على التوقف..
شهقت شهقة قوية تزامنًا مع فتح باب غرفتها و دخول زوجها باهي الطله، مهيب الطول الذي فور وقوع عينيها عليه غادرت الفراش راكضه و ارتمت داخل صدره بقفزة مفاجأة تعلقت به بكلتا يديها و حتي قدmيها حاوطت خصره بهما..
استقبلها هو بلهفة بين ذراعيه، ضمها له حتى اخفاها داخل جسده المعضل و قد تبخر غضبه من المدعو "جابر" بفعلتها هذه، لكنها أيضًا دبت الرعـ.ـب بقلبه حين وصل لسمعه صوت أنينها الخافت، دافنه وجهها بعنقه تبكي و تأن بصوتٍ مذعور..
"أيه اللي حُصل.. مالها الهانم يا عفاف!!!.. حد زعلها بغيابي!!"..
"لا والله يا عبد الجبـ.ـار بيه.. الهانم كانت نايمة من ساعة ما سيادتك مشيت ولسه صاحية حالاً أول ما حضرتك دخلت!!!"..
"كابوس.. شوفت كابوس خـ.ـو.فني أوي "..
تفوهت بها "سلسبيل" بصعوبة بالغة من بين شهقاتها الحادة، رفعت وجهها الغارق بالعبرات و نظرت له بعينيها الدامعة و تابعت بجملة أنتزعت قلبه من بين ضلوعه نزعًا..
" مش عايزه نفترق عن بعض يا عبد الجبـ.ـار.. أنا ما صدقت لقيتك"..
غادرت" عفاف " الغرفة في الحال تاركة لهما بعض الخصوصية،
"هششش.. أهدي يا جلب و روح عبد الچبـ.ـار.. وكفياكِ بكى.. أهلك چاين عنِدنا انهارده.. يُصح تشوفيهم و أنتي بتبكي أكده عاد !"..
قالها و هو يزيد من ضمها داخل صدره، لولا خـ.ـو.فه عليها لكان اعتصارها داخل حـ.ـضـ.ـنه، يحاول تهدأتها بشتى الطرق رغم صخب و ضجيج قلبه الذي ينبض بجنون لدرجة أنها شعرت بدقاته اختلطت بدقات قلبها..
كانت تتمسك بثيابه بأظافرها بقوة حتى أنها مزقتها، شعر هو بمدى خـ.ـو.فها من ابتعاده عنها،
استند بجبهته على جبهتها و تحدث بلهاث و أنفاسه الساخنة تلفح بشرتها الناعمة قائلاً بصوته الأجش..
"مافيش حاچة تفارقني عنك إلا مـ.ـو.تى يا سلسبيل"..
"لااااااا"..
صاحت بها صارخة و هي تكمم فمه بكفها، و اجهشت بالبكاء أكثر و بتوسل همست قائلة..
"متجبش سيرة المـ.ـو.ت تاني عشان خاطري.. بعد الشر عليك يا حبيبي.. أنا أفديك بعمري يا عمري الحلو كله"..
قبل باطن يدها قبلات متتالية، إنتقل بشفتيه بلهفة على شفتيها أطبق عليهما يقبلها بحرارة و يتحدث بمنتهي العشق من بين قبلاته التي يتذوق بها ملوحة عبراتها المنهمرة على وجنتيها..
" أنتي اللي حبيبتي.. حبيبتي و حبة جلبي يا سلسبيل و مافيش مخلوق يقدر ياخدك مني و لا ياخدني منِك يا ضي عين عبد الچبـ.ـار"..
حركت رأسها له بالنفي و رفعت أصابعها المرتعشة وضعتها على لحيته الكثيفه و تحدثت بأسف قائلة..
"مش مخلوق واحد اللي هياخدك مني.. مش واحد بس!!"..
حاولت السيطرة على بكائها وأظهرت ثلاث أصابع من يدها أمام عينيه مكملة..
" دول تلاته.. خضرا مراتك و بناتك"..
احتضنت وجهه بين كفيها الصغيران و تابعت بنبرة يملؤها الألم و النـ.ـد.م قائلة..
"و أنا اللي ختك منهم و أنت مش من حقي.. من حقهم هما.. عشان كده أنا همشي مع أهلي لما يجو انهارده و هسيبك لمراتك و بناتك يا عبد الجبـ.ـار "..
توحشت نظرته، و اعتلي الغضب قسمـ.ـا.ت وجهه جعله يبدو بصورة وحشية ، و تحدث بصوتٍ مخيف قائلاً..
"بمووووتي.. بعدك عني بمووووتي يا سلسبيل... "..
انتهي الفصل..
تمت بحمدلله
لو خلصتي الرواية دي وعايزة تقرأيي رواية تانية بنرشحلك الرواية دي جدا ومتأكدين انها هتعجبك 👇