رواية بين الحقيقة والسراب هي رواية رومانسية والرواية من تأليف فاطيما يوسف في عالم مليء بالتناقضات والأسرار تتشابك مصائر شخصيات رواية بين الحقيقة والسراب لتجد نفسها في مواجهة قرارات صعبة تُغير مجرى حياتهم إلى الأبد ان رواية بين الحقيقة والسراب هي قصة عن الحب الذي يتحدى الزمن والمصير الذي يفرض نفسه والأرواح التي تسعى خلف الحرية والسعادة بين الأمل واليأس وبين القوة والضعف ينسج رواية بين الحقيقة والسراب تفاصيل حياتهم في معركة غير متكافئة مع القدر لتكشف كل صفحة عن لغز جديد يقود القارئ نحو نهاية غير متوقعة
رواية بين الحقيقة والسراب من الفصل الاول للاخير بقلم فاطيما يوسف
لِماذَا جِئْتِي إلى هُنا يا امْرَأة آلامي !
كيف لكي أن تعتقدِي بأني نسيتُ أحزانِي ؟!
أيُمكِن أن يلدغُنِي سُمُّ الحيَّةِ وأعودُ إلى وكرها من جديدٍ يا من دmَّرتي كيانِي ،
بلا فقدْ دثَّرتُكِ بين ثنايا الماضِي وعلى عهدِ الفراقِ باقِ ولن يُنسِيني زمانِي
#خاطرة_مالك_الجوهري
#بقلمي_فاطيما_يوسف
صباحاً في مدينة الإسكندرية عروس البحر المتوسط ، ومنبع العشق للعاشقين ومأوى السحر والجمال للمحبين ،
تجلس ريم في منزلها ممسكة بقلمها ودفترها تصمم رداءً جديدا من تصاميمها الرائعة التي تحلم أن تنفذ ولو تصميما واحداً منها بيدها،
ولكن زوجها يرفض دائما فهو لايريد أن يتعبها أبدا مهما حاولت معه أنها تحب بل تعشق التصميم وتريد أن تجسده علي الحقيقة ،
ولكن كل مرة تأبي محاولتها بالفشل الذريع ، ولكنها في نهاية الأمر أقنعته أن ترسم التصاميم و تقوم ببيعها عبر تطبيق أمازون ،
ورأي تصميمـ.ـا.تها مدير أكبر مصانع الملابس في الإسكندرية وتواصلوا معها عبر رقمها ومضوا معها عقداً بتلك التصاميم الرائعة ،
وهاهي منذ عامين تتعامل معهم دون أن يروها أو يعرفوا عنها إلا أشياء بسيطة ،
هي فقط ترسل لهم عدد من التصاميم كل شهر وفور انتهاء الشهر تجد ثمن تلك التصاميم مبعوثة لها عبر تطبيق “فودافون كاش ” ولكن زوجها يأبي أن يأخذ منها جنيها واحدا ومتكفل لأي شيء يخصها هي وأ بنائه ومنزله بأكمل ،
أكملت التصميم بحرفية ونظرت له بانبهار وهي تحادث نفسها بفرحة :
_ الله الله عليكي ياريما إيه الحلويات دي ،
وأكملت بمشاغبة مرددة :
_ والله إنتي خسارة في البلد دي ،
وأثناء جلوسها في شرفتها وهي سعيدة بتصميمها سمعت جرس شقتها يعلن عن وصول ضيف ،
ارتدت حجابها وخرجت لتفتح الباب ووجدتها صهرتها ،
ابتسمت بوجه بشوش وأفسحت لها المجال كي تدلف مرددة بترحيب :
_ اتفضلي ياهند ، عاملة إيه ؟
أجابتها الأخري بابتسامة خفيفة:
_ الحمد لله كويسة ، آمال إنتي مختفية فين كده يختي ولا حد بيشوفك ولا بتسألي ، قلت لما أنزل أسأل انا .
أشارت إليها أن تجلس في الشرفة مكان جلوسها ورددت بعفوية:
_ معلش بقي ياهنودة كنت مشغولة في تصميم من بقالي يومين مع شغل البيت ومسؤولية الأولاد ، والله بحس إن الوقت مش بيكفيني .
تأففت الأخري من ذلك الحديث الذي دائما تسمعه من تلك الريم وأردفت بسخرية:
_ يختي إيه إللي مخليكي تاعبة نفسك كدة في التصاميم والحاجات دي ،
ده إنتي جوزك ماشاء الله عليه مش محتاج،
وأكملت بتقليل من شأنها وهوايتها:
_ علشان إيه يعني تو.جـ.ـعي إيدك وعينك وهما كام ملطوش بتاخديهم آخر كل شهر ، وتهملي في بيتك وولادك وصحتك .
هتفت ريم بتعقل شـ.ـديد وباتزان دون أن تفقد أعصابها من تدخل تلك الهند بشؤونها ، وهي تحاول الاستهزاء من عملها دائما :
_ مين قال ياهند إني مهملة في بيتي أو اولادي أو جوزي !
أنا بصمم وأنا قاعدة في بيتي ووقت فراغي ،
ثم أشارت بيدها علي شقتها مسترسلة حديثها :
_ وبعدين بصي حواليكي كدة وشوفي إذا كنت مهملة ولا لأ واديكي طلعتي علي فجاة من غير ماأكون مرتبة لحاجة يعني ،
واستطردت حديثها لكي توصل لها الصورة صحيحة :
_ وكمان أنا مش بصمم علشان العائد المادي،
اصلا باهر مش مخليني محتاجة حاجة ومش بياخد من فلوسي حاجة خالص ،
بس أنا بحب التصميم والأزياء وعندي شغف الإهتمام وإني أنفذ أفكاري علي الواقع ،
وميضرش إني أستفاد من حاجة شكل كدة ماديا طالما مش مقصرة في بيتي ولا ولادي .
بهتت ملامح هند من رد ريم الراقي المهذب وأكملت حديثها تسألها عن والدتها كي تنسيها الكلام في ذلك الموضوع التي لم تمل من تردادها له كل مرة تجلس معها .
أحياناً يواجهنا أشخاص عقولهم فارغة وكل مايشغلها بث الطاقة السلبية التي يعيشونها في آذان غيرهم ،
وهؤلاء التعامل معهم نجعل أصابعنا في آذاننا ولا نضعها نصب أعيننا ونرمي بها عرض الحائط حتي لو استكبروا علينا استكبـ.ـارا .
_______________________
في منزل مالك الجوهري ظهراً
يقف في غرفته الواسعة ذات الطلاء الهادئ اللون والذي يبعث في النفس الراحة والهدوء كصاحبها فمالك يعشق الجلوس في تلك الأجواء الهادئة بالرغم من طبيعته العصبية ،
انتهى من ارتدائه لملابسه الكاجوال فهو قلما يرتدي الملابس الكلاسيك إلا في الاجتماعات المهمة ،
ثم مشط شعره بحرفية ونثر عطره المفضل إليه بسخاء ،
وجمع أشيائه وأخذ مفاتيح سيارته وهبط للأسفل ،
وجد والدته السيدة عبير تجلس وتضع السبرتاية أمامها وتصنع قدحا من القهوة و التي تطهيها كل يوم في هذا الوقت خصيصاً لولدها مالك ،
والتي تعلم مواعيد ذهابه يومياً فهي امرإة تمتاز بالطيبة الشـ.ـديدة والحب لأبنائها ،
ولم تفكر يوماً من الأيام أن تتزوج بعد وفاة زوجها العزيز وتعيش حياتها فقط ترعى أبناءها ،
أحست بخطوات مالك تهبط الدرج فوجهت أنظارها إليه بإبتسامة مشرقة وأردفت بنبرة حنون :
_ صباح الخير يا مالك ، تعالي ياحبيبي اشرب قهوتك ،
واسترسلت بمحبة نابعة من قلبها الجميل:
_ عاملة لك بقي فنجان قهوة متعرفش تشربه من إيد حد غير عبير .
قبل أن يرد عليها الصباح احتضنها وقبل يداها ورأسها بإحترام وود ورد عليها الصباح قائلاً بدعابة:
_ أحلي صباح علي أحلي بيرو في حياتي وأحلي بيرو في الدنيا بحالها ،
واستطرد متسائلاً باهتمام :
_ ها أخدتي دوا الضغط قبل مـ.ـا.تفطري ولا نسيتي زي امبـ.ـارح ؟
أفسحت له المجال كي يجلس بجانبها وأجابته وهي تفرغ محتوي القدح في الإناء بعناية قائلة :
_ أيوة ياحبيبي أخدته متقلقش عليا أنا زي العفريت قدامك أهو بسبع أرواح ،
متشغلش بالك بيا إنت أنا عايزاك تركز في حالك وتهتم بنفسك شوية ،
ثم أخرجت تنهيدة من صدرها محملة بالهموم وتابعت بخفوت :
_ ياحبيبي إنت من ساعة ما طلقت إللي ما تتسمي نهال وأنت حياتك كلها شغل في شغل ونسيت نفسك خالص ، ونسيت إن العمر بيجري وكل لما أقول لك تابع مع دكتور علشان خاطر ربنا يشفيك ، تتابع شوية وترجع تهمل في نفسك .
ضيق عينيه بملل من حديث والدته الذي لاتنفض عنه يوماً ، ودmـ.ـو.عها التي تشق قلبه شقاً كلما رآها تهبط علي وجهها بسببه وأردف بعتاب محب وهو يضع إناء القهوة علي المنضدة واحتضنها وهو يربت علي ظهرها :
_ ياماما ياحبيبتي كل يوم تعيطي وتكلميني في الموضوع ده وتاعبة نفسك علشاني ، دmـ.ـو.عك دي بتنزل علي قلبي تكويه وبتحسسني إني السبب في ضيقتك دي كل يوم ،
واسترسل بتوضيح كي يطمأنها:
_ أنا متابع والله ياست الكل مع الدكتور وهو أكد لي خلاص إن كلها شهور وأبقي تمام بإذن الله وهفرح قلبك ياحبيبتي .
انفرجت أساريرها واطمئن قلبها وربتت علي فخذه بحنان مردفة بفرحة:
_ بجد يامالك يابني ولا بتقولي كدة وخلاص علشان تريحني ؟!
ياحبيبي أنا نفسي ومني عيني أطمن عليك وأفرح بيك وأشيل ولادك علي إيدي قبل ماأمـ.ـو.ت .
وضع يده علي فمها قبل أن تكمل حديثها المو.جـ.ـع لقلبه مرددا :
_ لأ ياحبيبتي متقوليش كده ربنا يديكي طولة العمر وتفضلي منورة حياتي ياأمي ده من غيرك ماأقدرش اعيش ولا أكمل ياست الكل ، وست قلبي .
واستطرد يطمأنها بحفاوة أكثر :
_ متقلقيش ياأمي أنا مسافر ألمانيا كمان شهرين علشان أشوف مكن جديد وحاجز مع مركز عالمي هناك من يومين ،
وبعت لهم التحاليل وطمنوني جدا وقالو لي إن حالتي أصلا مش صعبة ولا حاجة وإن ليها كورس علاجي هاخده بانتظام وعلي فترات وإن شاء الله هبقي تمام وزي الفل ،
طمني قلبك ياأمي .
ارتاح بالها واطمئن قلبها ونظرت له قائلة بدعاء:
_ ربنا يكمل شفاك علي خير ياحبيبي ويرزقك من الخير أعلاه ومن السعاده أقصاها .
أمن علي دعائها وأكمل قهوته وقام مستأذنا منها كي يذهب إلى عمله ،
وتركها وغادر وهي تدعي له أن يسدد خطاه ويجعل السلامة تحالفه أينما كان .
_____________________________
في البنك الأهلي بمدينة الإسكندرية حيث يتجمهر في البنك المئات من الأناس ،
ينتظرون أدوارهم بنظام عالي وترتيت ويرجع ذلك النظام لمدير البنك الأستاذ “جميل ” فكم هو جميل حقا قلباً وقالباً ،
فهو يدير البنك بحرفية ونظام يشهد له الجميع فهو نابغة في إدارة الأعمال بشكل عام وفي الحسابات بشكل خاص ،
يجلس جميل في مكتبه وأمامه جهاز اللابتوب الخاص بالبنك ويجلس معه أيضاً مهندس الألكترونيات المسؤول عن إدارة الالكترونيات وأجهزة الحاسوب ومسؤول أيضاً عن تأمينها ضد الهكر ،
فجميل اختار موظفينه بدقة وعناية فائقة لأجل المسؤلية العظيمة التي تقع على عاتقه تجاه البنك ،
تحدث جميل بجدية إلي المهندس نادر وهو يعمل على حاسوبه دون أن ينظر له مرددا:
_ ها يابشمهندس عملت إيه مع الهاكر إللي حاول يخترق حسابات البنك ومفكر نفسه ذكي ومحدش هيكشفه ؟
استمع إليه نادر بآذان صاغية وأجابه بثقة وتأكيد:
_ متقلقش يافنـ.ـد.م أنا مقفله كل الطرق إللي يقدر يخترق بيها الحسابات وعايز أفرحك كمان وأقول لك إني خلاص قدرت أوصل لمكانه برغم كل الاحتياطات اللي عاملها ،
واسترسل حديثه بإيضاح:
_ ابن الذين بيتكلم من أرقام برايفت ومن أماكن عامة يعني كافيهات مثلا مختلفة من كل بلد شكل يعني مرة يحاول من مصر ومرة من بورسعيد ومرة من الاسماعلية وهكذا ،
علشان مقدرش أحدد مكانه كل مرة بالظبط ،
بس القدر خدmني في مرة وكنا خارجين أنا وواحد صاحبي وكنا في الجيزة قاعدين في بيته ،
وجالي رسالة علي الموبايل إنه بيحاول يفتح لأني مظبطه علي برنامج معين عندي لو فتح بأي طريقة أنا مترصد له ،
متتصورش الواد ده دmاغه رهيبة وكمية ذكاؤه عاملة إزاي يافنـ.ـد.م كل مرة بيكتشف إن في حد كاشفه فيغير طريقته فوراً في الهكر والتعامل ،
مش عارف ليه ميستغلش دmاغه العبقرية دي في الصح ويسيبه من سكة اللوع والحـ.ـر.ام إللي ماشي فيها دي !
قطع حديثه جميل موضحاً له عقلية ذلك الهاكر قائلا بذكاء :
_ إللي زي ده يانادر مش عايز يتعب ولا يعافر ، مستني ضـ.ـر.بة الحظ إللي تجي له علي طبق من دهب فيقفش فيها پإيده وسنانه ويقول يافكيك ،
وأشار علي حاله بفخر متسم بالدعابة:
_ بس علي مين ، ميخلش ويعدي علي جميل .
ابتسم الآخر وردد بدعابة مماثلة:
_ طبعاً ده دmاغه فايتاه ومش عارف هو إنه بيتعامل مع خُط البنوك ،
حضرتك أيقونة ذكاء متحركة وكلنا هنا شغالين بتوجيهات حضرتك يافنـ.ـد.م.
أماء له بشكر وطلب منه أن يكمل حديثه ،
أكمل نادر حديثه شارحاً بتفسير :
_ وبصيت ياباشا لقيت إشعار جاي لي إن فتح في مكان معين تابعت المكان واتفاجأت إنه في الجيزة ،
في أقل من ربع ساعة كنت قدام المكان طيارة ودخلت الكافيه الموجود فيه ومن استكشافي شفت واحد في منتهي الشياكة قاعد والأيباد بتاعه قدامه ، قربت منه كويس ودققت في إصدار الأيباد من ورا في رقم معين كدة أدخله عندي وأعرف إذا كان ده من ضمن أجهزة الهاكر ولا لأ ،
تعبت جدا علشان أتحقق من الرقم بس جبته في الآخر بصعوبة جداً ، علشان ميشكش فيا ،
وعرفت إن هو يافنـ.ـد.م راقبته وأخدت رقم عربيته وبعتها لواحد صاحبي في المرور ولسة مستني يجيب لي أخبـ.ـاره بالتفصيل،
طبعاً منقدرش نقبض عليه إلا وهو متلبس وخلاص قربت يافنـ.ـد.م ، وهجبهولك لحد عندك وهقدmه لك هدية علي طبق من دهب .
_الله عليك ياهندسة عمري ماشكيت في ذكائك لحظة يانادر …قالها جميل بثقة ، وأكملوا حديثهم عن أمور أخري تخص البنك .
______________________________
في كلية التجارة جامعة الإسكندرية ،
في نهاية السنة الدراسية حيث تتوافد جميع الطلاب علي قدm وساق لآداء الإمتحانات ،
بتـ.ـو.تر شـ.ـديد مُلاحظ علي وجوه الطلاب من مختلف أقسام كلية التجارة ،
يدلف الدكتور رحيم المالكي المدرج المسؤول عن مراقبته اليوم ،
ألقي السلام بجدية واحترام علي جميع الطلاب الماكثين في تـ.ـو.تر وهرج ومرج من دورانهم حول بعضهم ، كل يسأل غيره ويستفسر عما يريد ،
انتظموا في أماكنهم فور دخول الدكتور المراقب عليهم ورددوا السلام بوقار واحترام مماثل ،
وزع جميع الأوراق بالعدد عدا ورقة واحدة ، استغرب ونظر إلي المقاعد ليري ماإذا كانت زيادة أم ماذا ؟
وبالفعل وجد مقعدا فارغا نظر إلي الطلاب وتساءل بجدية :
_ في مكان فاضي وورقة زيادة ياجماعة مين محضرش خلاص فاضل عشر دقايق وورق الأسئلة يوصل ؟
تلفت الطلاب يميناً ويساراً ليروا من ينقصهم وبعد لحظات بسيطة أجابت طالبة قائلة باستغراب:
_ ده مكان مريم عماد ، معقولة إيه إللي أخرها وللأسف مش معايا تليفونها اكلمها عليه ،
_طيب محدش يعرف عنها حاجة خالص ولا يعرف سبب تأخيرها إيه ؟ …قالها رحيم بقلق دكتور علي طالب ، كقلق الأم علي ابنها من رسوبه في أمر ما ،
لم يعرف اي منهم اي طريقة للوصول إلي مريم لأنها انطوائية جداً ولا تتحدث مع أحد إلا قليل قلة من زملائها ،
وظلت مريم متأخرة لنصف ساعة من دخول وقت الإمتحان ، وفجأة وجدوا من يقرع علي الباب بدقات سريعة،
حوَّل رحيم أنظاره إلي الباب واستشف بذكائه أنها المتأخرة عن موعد الإمتحان ،
ضيق عينيه بزهق وعنفها قائلاً باستنكار وهو ينظر إلي ساعته:
_ الأستاذة إللي مش واخدة بالها من إن وراها امتحان وجاية متأخرة ولا هاممها ،
واسترسل حديثه باستهزاء :
_ ياتري البرنسيسة إيه إللي أخرها عن الإمتحان كان عندها مـ.ـيـ.ـتنج مع وكالة أنباء ولا حاجة ؟
تجمعت الدmـ.ـو.ع في مقلتيها من استهزائه بها أمام الطلاب دون أن يتركها تشرح سبب تأخيرها ،
ولكن هذا الاستهزاء لا يشغلها حالياً بقدر ما يشغلها آداء الإمتحان فردت بهمس واستعطاف :
_ أنا متأسفة جداً لتأخيري يادكتور بس والله غـ.ـصـ.ـب عني ظروفي صعبة جداً هي إللي أخرتني ، وطمعانة من حضرتك إنك تدخلني الإمتحان ومتضيعش عليا المادة .
فكر مع حاله وأو.جـ.ـعه استعطافها واعتبرها مثل إخوته لو وضعوا في نفس الموقف ،
فأشار إليها بيديه أن تدلف إلي مقعدها وأعطاها ورقة الأسئلة والإجابة ،
تنهدت بـ.ـارتياح وأخذت الورقة منه وذهبت إلى مقعدها بتعب شـ.ـديد حاولت أن تخفيه من على معالم وجهها ،
جلست وبدأت في الإجابة بهدوء وصمت مثل باقي زملائها ، وجاهدت حالها علي عدm الإنهيار من شـ.ـدة التعب والإجهاد الذي تشعر بهم ،
ولكنه كل حين ينظر إليها بفضول انتابه فجأة ،
لاحظ عليها التعب والإجهاد واضحين للأعمي يراهم ولكن وجدها تجاهد حالها ، فقرر أن لا يشغلها حتي تنتهي فهي متأخرة مايقرب من ساعة ،
انتهي الجميع من إجابة الإمتحان عدا هي الموجودة في المدرج معه تحاول أن تنهي إجاباتها بسرعة جدا فالوقت انتهي منذ عشر دقائق ،
نظرت إليه باستعطاف أن يمهلها عشر دقائق فقط كي تنهي الإجابة ، وقبل أن تتحدث أحس هو بطلبها ، فأشار إليها أن تكمل لأنه لاحظ إجهادها ،
وبعد ربع ساعة بالتمام أنهت الإمتحان وذهبت لكي تعطيه الورقة و إذا بها قبل أن تصل إليه قوتها تنهار ، وتسقط مغشياً عليها قبل أن تسلمه بالورقة ،
انتفض من مكانه ذاهبا إليها برعـ.ـب وحاول أن يصل إليها قبل أن تقع أرضاً لشـ.ـدة متابعته لها ، وبالفعل قبل أن تصل رأسها أرضاً كان ممسكاً بها ،
تمعن في ملامحها البرئية والتي من الواضح أن ورائها انكسار وحـ.ـز.ن يكسوا معالم وجهها ،
ثم حاول إفاقتها ضارباً علي وجهها بهدوء مرددا بقلق :
_ آنسة مريم آنسة مريم فوقي ،
لم تجدي محاولته نفعاً فأنزل رأسها بتمهل أرضاً وأخرج من حقيبته زجاجة البريفيوم الخاصة به ووضع منها علي يديه ثم ذهب إليها علي عجالة ومرر يداه علي أنفها ،
وبالفعل استجابت لمحاولته وتململت بين يديه وبدأت بفتح عينيها رويداً رويداً ،
وتقابلت زرقاويتها مع عسلية عيناه عن قرب شـ.ـديد ،
هدأت من روعها وما إن وجدها أفاقت وتحاول لملمة شتاتها تركها بهدوء ،
اعتدل من قامته وسألها محاولا الاطمئنان عليها :
_ مالك ياآنسة مريم شكلك مجهد جدا وباين التعب جداً علي وشك ، إنتي بتشتكي من حاجة معينة تاعباكي ؟
رمشت بأهدابها بتـ.ـو.تر وإجهاد وأجابت باختصار شـ.ـديد:
_ لأ الحمدلله مش بشتكي من حاجة بس كنت مجهدة بسبب ضغط المذاكرة ،
ثم شكرته بامتنان علي وقوفه بجانبها وعدm حرمانها من الإمتحان ، ولملمت أشيائها وغادرت بهدوء كما دخلت ،
نظر إلي طيفها بشرود وردد مع حاله بشرود:
_ دي مالها دي ،
دي شكلها وراها حوار كبير أوي ،
ثم جمع الأوراق الخاصة بالإختبـ.ـار وغادر تاركاً المدرج ، وتلك المريم بغموضها غاصت اعماق عقله
___________________________
في شقة راندا المالكي
جالسة مع أبنائها تدون في دفترها الأشياء التي ستأخذها معها وهي مسافرة إلي زوجها دبي ، حيث انتهي أبنائها من آداء الامتحانات منذ اسبوع وحان وقت سفرهم إلي زوجها الحبيب يقضون معه الأجازة الصيفية ،
ومن عادتها قبل أن تسافر إلى أي مكان تدون الأشياء التي تحتاجها وتراجع عليها ليلة سفرها ، حتي لاتنسي شئ ويكون هاماً وتنـ.ـد.م فيما بعد فهي مرتبة ومنظمة جداً ولا تسمح بالتهاون في شئ ،
وإذا بالهاتف الخاص بها يعلن عن وصول مكالمة ،
نظرت للهاتف وابتسمت بفرحة وأجابت علي الفور بابتسامة :
_حبيبي كنت لسة علي بالي وبفكر فيك والله ولقيتك بتتصل ، عامل ايه يا هوبة؟
ابتسم زوجها وأجابها وهو يدخل شقته في الكويت عائدا من عمله وقال مشاغباً لها :
_ وياتري بقي ياست راندا أنا بغيب عن بالك وبختفي ساعات ولا أنا في بالك علطول ؟
إبتسمت بحالمية وهي تداعب خصلة شعرها وتحدثت بنبرة يملؤها الحنين لزوجها الحبيب الغائب الحاضر ، الغائب بجسده ولكن حاضر بروحه ويحاوطها في كل مكان :
_ إنت مبتغيبش عن بالي ياإيهاب علشان أنساك ، أو بالأخص مفيش حاجة بتشغل بالي غيرك ياحبيبي .
وعلي جانبيها أبنائها يعزفون بأيديهم كطريقة للمداعبة علي حديث والدتهم حين تحادث أباهم وتنسي نفسها من شـ.ـدة الإشتياق ،
فنظرت إليهم وضحكت بصوت عالي آثار دهشة زوجها وسألها بفضول :
_ ياتري بقي إيه إللي طلعك من الإنسجام مع جوزك حبيبك وخلاكي تضحكي أوي كدة ؟
انتبهت لسؤاله وتوعدت بالإشارة لأبنائها وأجابت:
_ الأولاد هو في غيرهم مركزين معايا خالص وأنا بتكلم معاك وبيعزفولي كمان تصور بقي .
ضحك بشـ.ـدة وهو يتخيل منظر أبناؤه وهم كالعادة يشاكسون والدتهم وطلب منها أن تفتح الفيديو كول :
_ افتحي الفيديو كول علشان حبايب بابا المشاكسين وحشوه ونفسه يطمن عليهم .
استجابت له علي الفور وفتحت الفيديو كول ، وطار أبنائها عليها مهاب علي يمينها وسما علي يسارها ، يتسارعون لرؤية أباهم الحبيب مرددين بشغب محبب :
_ ازيك يابابي عامل ايه ، وحشتنا أوي ،
وبعثوا له قبلة بأيديهم ،
رد لهم القبلة بمثلها واجابهم يطمئنهم :
_ حبايب بابي عاملين ايه وحشتوني كتير قد الدنيا بحالها .
أجابوه بطمأنة علي حالهم :
_ متقلقش علينا ياحبيبي إحنا كويسين جداً ومش ناقصنا غير وجودك جمبنا وفي حـ.ـضـ.ـننا ياغالي .
أخذ نفسا عميقاً وأردف بصبر:
_ خلاص ياحبايبي كلها أسبوع وتيجوا وتنوروا لي دنيتي المضلمة من غيركم ،
ثم استرسل حديثه بحـ.ـز.ن اكتسبه من الغربة وطول البعاد :
_ متتصوروش حياتي من غيركم عاملة إزاي ملهاش طعم ولا معني ولا لون ،
ولا بستمتع وأنا باكل لوحدي ، ولا بحس بطعم الحياة إلا بوجودكم معايا ياحبايب قلبي ،
حـ.ـز.نت راندا لأجله ووجهت الكاميرا علي وجهها وحدثته لتهدا من إحساسه بالوحدة :
_ هتصدقني يا إيهاب إني حاسة زيك بالظبط نفس إحساس الوحدة ، بالرغم من إني حواليا ماما وبابا وأخواتي وولادي ،
بالرغم من إني في بيتي وفي بلدي ،
بس أنت بالنسبة لي كلهم ياإيهاب أبويا وأمي واخويا وبلدي وسكني وسكينتي وكل ما ليا إللي مبحسش بيهم إلا وأنا في حـ.ـضـ.ـنك وبين ايديك ،
تركها أبنائها تحادث والدهم بخصوصية ودلف كل منهم لغرفته ،
تأثر بحديثها الصادق الخارج من أعماق قلبها ورشق في أعماق قلبه وردد بحب :
_ ياه ياراند كلامك عامل زي البلسم اللي بينزل علي قلبي يهديه من و.جـ.ـع البعاد والغربة ،
عارف ياحبيبتي وحاسس بيكي وبإحساسك ،
عارف إنك بتتألمي زيي وأكتر كمان ، يمكن أنا بتلهي في الشغل هنا وضاغط نفس جـ.ـا.مد علشان أضيع اكتر وقتي ،
أما إنتي ياحبيبتي شايلة مسؤلية البيت والأولاد لوحدك وكل مسؤولياتهم وهمومهم ومشاكلهم عليكي ،
وأكمل بنبرة حماسية كي يلهيها :
بس أنا بقي مجهز لكم بروجرام اول اسبوع هيعجبكم جداً وأخدت أجازة الأسبوع كله،
وضاغط علي نفسي بقالي اسبوعين علشان أخد الأسبوع ده أجازة .
_ياااه ياإيهاب كل مرة ببقي جايالك فيها ببقي طايرة من الفرح زي أول مرة بالظبط …قالتها راندا بحالمية وحب ،
وظلا يتحدثان بكل مشاعر الوحشة والحب والغرام ،
“الغربة ” تعطينا رغد في العيش ولكن تسرق من صاحبها أحلي سنين العمر ،
في الغربة تمرض وحدك ولا تجد من يداويك ، وتأكل وحدك ولا تجد من يوآنس وحشتك ،
في الغربة تشعر بالحنين للأهل والوطن والزمان والمكان وأقصي أحلامك ساعة واحدة فقط تقضيها بجانبهم ولم تطولها،
في الغربة أشيائك كلها منظورة والبعض ينتظر رجوعك لكي يتطلعوا إلي الأشياء التي تأتي بها وليس ليتطلعوا إلي شخصك ،
ثمن الغربة عمراً، عزوة مفقودة، بكاء علي لقاء الأحبة كل يوم بلا دmـ.ـو.ع ،
في الغربة تفقد الإحساس بألذ متع الحياة بل تفقد الإحساس بالحياة ،
الغربة لا تعطي سوي شئ واحد فقط الأموال ،
ولكن ماذا عساها الأموال أن تفعل هل تشتري راحة بال ، هل تشتري ساعة واحدة في قرب الأحبة ، هل تشتري طمأنة الأهل حين المرض ،
كثير من المغتربين بعد عودتهم في المطاف النهائي يقولون نـ.ـد.ما لو عادت بنا الأيام ما اغتربنا وما ضيعنا أجمل سنين العمر ،
لكل مغترب وتاركا شطر من قلبه أنت مجاهد عظيم من أجل البقاء ، ولكل مسؤولة وراء ذلك المغترب أنتي مناضلة عظيمة من أجل الإرتقاء .
__________________________
“واثق الخطا يمشي ملكا ” تستحق تلك الجملة أن تقال علي مالك الجوهري ،
ولكن ملكا بأخلاقه ملكا بقناعاته الهادفة وليس بالشكل والمادة ،
وصل إلي مصنع الملابس الخاص به وترجل من سيارته بهيبة ووقار وهو يغلق أزارر حلته الكاجوال ،
ويعدل من نظارته الشمسية ذات الماركة العالمية المعروفة “لاكوست” بلونها الأسود ، والتي تخفي نظرات عينيه ببراعة ،
دلف متعجلاً بخطاه وهو يلقي السلام بتواضع علي أفراد الأمن الماثلين أمام المصنع ،
فهو خلوق جدا وليس فيه داء الكبر علي عماله ولا هو صاحب النظرات المرعـ.ـبة التي يعانيها الجميع ،
بل هو معتاد مع عماله علي السلام والكلام والتواضع والمحبة ،
دخل إلي مكتبه بعد ما ألقي التحية باحترام علي السكرتارية المخصصة لمكتبه ،
وفور دخوله خلع نظارته الشمسية ونزع الجاكيت الكلاسيكي ووضعه في الشماعة المخصصة الموجودة في استراحة مكتبه ،
وجلس علي كرسيه ممسكاً الهاتف يطلب من مديرة مكتبه أن تبعث للأستاذ علي صديقه الصدوق ، ومدير المصنع أن يأتي له ،
استجابت له على الفور وهاتفت مكتب الأستاذ علي وطلبت من الإتيان إلي مكتب مالك ،
بعد عشر دقائق وصل علي ودق على الباب بأدب ودخل ملقيا السلام وأردف بجدية وهو يجلس:
_ ازيك يامالك ، حمد لله على السلامة .
أجابه مالك بوجه بشوش:
_الله يسلمك يا علي ، أنا تمام الحمد لله ،
أخبـ.ـار التصميمـ.ـا.ت الأون لاين ايه ،
شغالين تمام ولا مقصرين ؟
أمسك بالملفات المطبوعة الموضوعة أمامه وأعطاها له بعملية مرددا:
_ بصراحة شغالين كويس جداً أكتر من المصممين إللي شغالين وجها لوجه معانا هنا ،
أتمني إن ولو واحدة فيهم توافق تيجي تشتغل معانا هنا علي أرض الواقع ،
علشان الفنانين والناس المهمة إللي بتجي لنا ومبيكونوش عايزين تصاميم اون لاين للأسف ،
مش بيقتنعوا إلا لما يقعدوا مع المصمم ويعرفوه إللي عايزينه بالتفصيل بيبقوا كدة مستريحين .
اختلف مالك معه في وجهة النظر وأدلي رأيه بعملية رجل محنك مدرك بالتصاميم:
_ أختلف معاك في النقطة دي،
ياعلي المصمم ده فنان خيالي بيسرح بخياله في صورة ويفضل يسرح فيها لحد ما يحس إنه قرب منها يقوم بقي مشغل الموسيقى إللي بيحبها ،
ومشروبه المفضل ويقعد في حتة هدوء علشان يبدع رسمته ويطلعها زي ماهو راسمها في خياله بالظبط ويمكن تطلع أحسن كمان،
واسترسل بتوضيح أكثر:
_ علشان كدة أنا حابب شغل التصاميم الأون لاين وخاصة صاحبة ماركة ” ريما ستور “
بجد التصاميم بتاعتها عاجباني وفي حتة تانية خالص ، ليها لمحة إبداعية في التصميم مريحة جدا ،
أكيد صاحبة الماركة دي إنسانة هادية وراقية علشان تتطلع لنا التصاميم بالروعة دي ،
وأكمل بتمني :
_ مصممة بالخبرة المتجددة دي أكيد سنها معدي ٤٥ سنة علشان خبرتها في التصاميم متطورة جداً عن الباقيين إللي بيبعتوا لنا ، واللي نعرف عنهم كل حاجة إلا دي رافضة أي طريقة للتواصل معاها ،
بجد أتمني في يوم من الأيام إني أقابل فنانة زي دي ومصممة عظيمة مينفعش تبقي مغمورة جوة التصميمـ.ـا.ت كدة ، ومتخرجش للعالم الخارجي وتحضر أتيليهات ، أنا واثق ومتأكد إن دي لو ظهرت هتكـ.ـسر الدنيا.
حمحم علي بصوته وأخذ التصميمـ.ـا.ت المطبوعة وأعطاها له قائلا:
_ أتمني ذلك بس ساعتها لما منافسين كتير يحاولوا يخـ.ـطـ.ـفوها أو يحتكروها متزعلش ،
واسترسل وهو يمد يده بالتصميمـ.ـا.ت :
_ إتفضل ياسيدي التصميمـ.ـا.ت الجديدة أهي ،
إللي استلمناها أول الأسبوع بص عليها كدة وشوف إللي هيعجيك ايه ، وشوف إللي عايز تعديل أبعته تاني يتعدل .
أخذ منه التصميمـ.ـا.ت وتحدث بعملية وهو يتطلع إليها دون أن ينظر له :
_ السوق علمني إن الكف السابق غالب يابني ، يعني دي أول مايجي في بالها فكرة الظهور مش هتعدي من تحت إيد مالك الجوهري ،
ودة مش غرور مني ولا حاجة لأ دي خبرة سنين اكتسبتها من خلال ممارستي للعمل من أول مابتديت ، إنت عارف أنا المصانع دي ولا ورثتها ولا جات لي كدة من الهوا ،
تعبت فيها وعملتها من الصفر وطبعاً نجاحها يرجع أولا لفضل ربنا عليا في إنه رزقني التـ.ـو.فيق ، وللعمال إللي وقفت جمبي وسندتني من البداية لحد إللي وصلت له ،
واسترسل بدهاء:
_ وبعدين إنت قلت لي قبل كدة إنها اتعرض عليها عروض كتيرة جدا من منافسين حوالينا وهي كانت دايما بترفض ،
وقالت لك إنها يستحيل تسيب الكيان إللي ابتدت واتطورت وحققت نجاح معاه ،
صح ولا أنا غلطان ؟
وافقه علي حديثه وأجابه بتأكيد :
_ صح جدا يامالك ريما ستور بالذات فيها حتة الوفاء للي بتشتغل معاهم ومش ماشية بمبدأ اللي يغريها بفلوس أكتر تروح وراه ،
هي شايفة إن إسم الجوهري أضاف ليها ولسه هيضيف لها كتير علشان كدة مكملة وهتكمل معانا إن شاء الله ،
وظلا يتحدثان في أمور المصنع والتصميمـ.ـا.ت لمدة ،
إلي أن دق الباب ودخلت السكرتارية مرددة بعملية:
_ مالك بيه الأستاذة نهال برة وعايزة تقابل حضرتك ،
ضيق عينيه بزهق وردد باستنكار:
_ قولي لها مالك بيه مشغول ،
وكاد أن يكمل إلا أنه وجدها تقتحم المكتب بكل غرور وابتسامة سمجة قائلة باستسماح :
_ معلش يامالك عايزاك في حاجة مهمة ومش هعطلك كتير ممكن ؟
أشار بعينيه للسكرتيرة أن تتركها وتغادر ،
وقام علي من مقعده وهو يلملم أشياؤه قائلا باستعجال:
_ طيب أنا همشي أنا بقي ورايا مقابلات كتير ، اشوفك في المـ.ـيـ.ـتنج بالليل متنساش سلام .
لأ مش هنسي مع السلامة ،
رددها مالك بهدوء ، ثم نظر إلي الجالسة تنظر له بتبجح وقال ببرود :
_ خير إن شاء الله إللي جايب نهال هانم لحد عندي وبدون ميعاد سابق ؟
رمشت بأهدابها بتـ.ـو.تر ورفعت مقلتيها تنظر داخل عيناه كطريقة منها للتأثير عليه كقبل ذلك وأردفت بعتاب :
_ كدة يامالك دي مقابلة تقابلها لي بعد المدة الطويلة إللي مشفتكش فيها ،
مكانش العشم برده .
دق بقلمه على مكتبه ليبين لها عدm اهتمامه لثرثرتها وأوضح بسخرية:
_ عشم إيه إللي بينا يانهال إللي بتتكلمي عليه ،
العشم ده تبليه وتشربي مايته وتقولي الحمدلله وراه إني رضيت اقعد معاكي أصلاً .
استمعت لحديثه وقالت بحـ.ـز.ن مصطنع :
_ للدرجة دي هنت عليك تقول لي كدة ،
للدرجة دي هانت عليك عشرة ٨ سنين جواز واتنين خطوبة !
ضحك بصوت عالي دليلا على الاستهزاء بكلامها وأكمل وهو يحك ذقنه بتساؤل:
_ إنتي مصدقة نفسك والكلام العبـ.ـيـ.ـط إللي إنتي جاية تقوليه ده ،
خلاص مالك بتاع زمان إللي اتحايل عليكي هو وأمه إنك تفضلي جمبه ومتسيبهوش علشان خاطر أزمة صحية مسيري هتعالج منها ، وبالرغم من كده بينتي أصلك بدري أوي ،
واسترسل بسخرية:
_ يابـ.ـنت الأصول .
قامت من مكانها واتجهت إلى مقعده واقتربت منه وهي تنظر داخل عيناه قائلة بنـ.ـد.م صادق:
_ كنت لسة صغيرة وغـ.ـصـ.ـب عني ضعفت من ضغط ماما وإللي حواليا ، ورجعت لك دلوقتى نـ.ـد.مانة ومشتاقة ومن الآخر عايزاك يامالك قلبي ،
وبحركة مفاجأة منها وضعت قبلة هائمة علي يداه ،
انتفض من أمامها كمن لدغه عقرب وبسرعة ابتعد عنها فمالك يخشي الله ولا يقبل بأي شئ محرم يفعله وعنفها قائلاً بشـ.ـدة :
_ إنتي إزاي يابني آدmة إنتي تسمحي لنفسك تقربي مني بالمنظر ده يامحترمة !
عيب علي الحجاب إللي لايمت بالحجاب بصلة اصلا إللي إنتي لابساه ،
وذهب إلى الباب وأشار بيديه كطريقة لطردها مرددا بعنف:
_ ودلوقتي حالاً إتفضلي اطلعي برة معنديش وقت أضيعه معاكي ،
ثم اتسعت عينيه بحدة كحدة عيون الصقر مردفا بصوت عالي:
_ إتفضلي وياريت مشفش وشك هنا تاني .
قامت وهي تحمل حقيبتها بعنف وأردفت بتوعد جراء كرامتها المهدورة وهي تقف أمامه مرددة :
_ هتنـ.ـد.م يامالك وهتدفع تمن طردك ليا من هنا واستهزائك بيا ،
ثم خرجت بسرعة غاضبة من مكتبه تدل على غضبها الشـ.ـديد واستيائها من مقابلته لها الغير متوقعة في عقلها بالمرة .
أما هو بعد خروجها حدث حاله وهو يضـ.ـر.ب بكفٍ علي كف:
_ قال ياقاعدين يكفيكوا شر الجايين ،
وذهب إلى مكتبه وطلب فنجانا من القهوة كي ينزع عنه صداع الرأس من تلك الشمطاء التي كانت تجلس معه الآن .
أما هي بعد خروجها ركبت سيارتها وجلست بها وأمسكت هاتفها وهاتفت شخص ما مرددة بعصبية :
_ أيوة ياست هانم هو ده اللي قلتي لي ده الوقت الصحيح إللي هترجعي له وهيقابلك بالأحضان ،
أجابها الطرف الآخر:
_ اهدي بس إيه إللي حصل لعصبيتك دي ؟
جزت علي أسنانها بغضب ونطقت بسخرية:
_ البيه طردني طردة الكلاب من مكتبه وكأني حشرة وعاملني بمنتهي البرود ،
أنا نهال الدين يتعمل فيا كده،
واسترسلت بتوعد:
_ والله لا أنـ.ـد.مه علي إللي عمله معايا وهدفعه التمن غالي ،
وظلا يتحدثان بتخطيط كل منهم علي هواه
__________________________________
تري مالمجهول المنتظر لأبطالنا مالك، مريم ، ريم
حياة الصغار أتمني أن تعود وأنسى معها ألامي التي اقتحمت روحي ودmرت كياني ،
طفولتي اندثرت تحت التراب وأصبحت سراب ،
حياتي أصبحت حقيقتها ضباب وارتياب،
وما بين الحقيقة والسراب أرواح داخلها خراب .
#خاطرة_مريم_عماد
#فاطيما_يوسف
في منزل باهر الجمَّال زوج ريم عصرا
عاد باهر من عمله فهو يدير مع أخيه سلسلة المطاعم المشهورة في الإسكندرية بالأسماك البحرية ذات النكهة المميزة بمطاعهم ،
ليتناول وجبة الغداء مع زوجته وأبنائه فهو عكس أخيه يحب التجمع مع أبنائه علي طاولة الطعام،
دلف إلي داخل المنزل وصعد إلي الطابق الثاني لكي يسلم على والدته ويطمئن عليها أولا ،
دلف إليها بوجه مبتسم وهو يقبل رأسها:
_ إزيك ياماما عاملة إيه يابرنسيسة اسكندرية بحالها .
واسترسل وهو يغمز لها بمداعبة:
_ إللي يشوفك كدة ميقولش عندك شابين طوال عراض زيي أنا وزاهر .
_الله أكبر عليكوا ياحبايبي ربنا يحرسكم ويحميكم من العين يااارب …. قالتها والدته بصدق ،
وأكملت بنبرة متهكمة :
_ بردوا جاي علي ملى وشك علشان تتغدي مع البرنسيسة ريم هانم ،
ماكنت اتغديت مع أخوك ماهو مبيجيش زيك كدة كل يوم ويتعب نفسه ،
ولا الست ريم هانم تزعل وتعلق لك المشنقة.
استوعب سؤالها وأردف بنبرة عتاب محاولا تجنب سخريتها :
_ ليه ياماما ديما مش متقبلة ريم وديما شايفاها زوجة الإبن المتسلطة والمتحكمة ،
واسترسل بعتاب :
_ علي فكرة بقي إنتي مربية رجـ.ـا.لة مفيش حريم بتحكم هم ، كل الحكاية إني بحب أتجمع مع ولادي ومراتي علي سفرة واحدة ،
وكمان بابا الله يرحمه معودنا علي كدة كان يسيب شغله ويجي يتغدي معانا.
لوت شفتيها بامتعاض وأردفت بنفس سخريتها:
_ ولما إنت راجـ.ـل كدة زي ما بتقول سايب البرنسيسة تشتغل رسامة وخياطة ليه ؟!
هي محتاجة فلوس علشان تجرسنا وسط الناس بشغلها علي النت ؟
انتصب قائماً كي ينهي الجدال العقيم الذي لايسمن ولا يغني من جوع مع والدته وأردف وهو ينظر إليها باستعطاف:
_ ياماما قلت لك مـ.ـيـ.ـت مرة ريم مبتشتغلش علشان الفلوس ولا علشان محتاجة ،
وبعدين ليه مسمية شغلها ده خياطة أو رسامة مع إن دي مهنة عظيمة لكل ست بتشتغلها علشان تحسن من مستوي حياتها وتقف جنب جوزها ،
واستطرد بتفهم :
_ ريم مصممة ياماما ومصممة شاطرة جدآ وموهوبة وبتشتغل بهدف تضييع الوقت علشان متحسش بملل ،
ولا إنتي عايزاها تبقي زي هند قاعدة مع دي شوية ودي شوية وجايبة لجوزها مشاكل .
اقتنعت بحديثه لكن عن هند فقط وأكملت بتشبس :
_ وليه متكونش زي اختك ماهي ولا بتقعد مع دي ولا دي ولا بتجيب مشاكل وبردوا حافظة قيمة جوزها ومركزه وسط الناس .
تأفف بضيق وتحدث بحدة:
_ لو سمحتي ياماما ياريت متتكلميش معايا في الموضوع ده تاني ريم شخصية وأختي شخصية وطالما مراتي في حالها ومبتجبليش مشاكل خلاص .
أمسكته من يده وأجلسته كي تراضيه لأنها رأت علامـ.ـا.ت الضيق ارتسمت علي وجهه :
_ ياحبيبي أنا بقعد باليومين هي فوقي وأنا تحتها ومبشفهاش ،
وأكملت وهي بحـ.ـز.ن مصطنع:
_ والعيال ولادك بيوحشوني وببقي نفسي أشوفهم وهي مبترضاش تنزلهم إلا ورجلها علي رجلهم .
ربت علي ظهرها مرددا بحنان:
_ خلاص ياماما هتكلم معاها في موضوع النزول والولاد ده ، أما موضوع التصميم والهواية إللي هي بتحبها معلش ياأمي اعذريني .
إبتسمت بانتصار لاعتقادها أنها مغصت اليوم علي ريم ورددت بخبث:
_ لأ ياحبيبي متتكلمش معاها أنا مش عايزة أعمل لك مشاكل مع مراتك وتقول لك أمك ومش أمك آه .
_ولا مشاكل ولا حاجة ياحبيبتي ريم عاقلة ودmاغها كبيرة …قالها باهر وهو منتوي الخروج مودعا والدته وصعد إلى شقته في الطابق الرابع وهو ينفض جميع ما قالته له والدته عن باله .
دلف المنزل وما أن استمع ولده الصغير مجيئه هرول إليه مسرعا بسعادة عارمة ،
وأخذه بين أحضانه مرددا بإبتسامة:
_ حبيب بابي إللي واحشني قد الدنيا بحالها ،
ونظر يميناً ويساراً متسائلاً بلهفة :
_ آمال فين مامي ؟
خطت إليه تحتضنه كعادتها عند عودته من الخارج ،
استقبلها بين أحضانها وقبلها من جبهتها مرددا بحب:
_ حبيبتي الجميلة إللي واحشاني جداً .
قبلته من وجهه وأردفت بإبتسامة عـ.ـذ.بة:
_ حمد لله على السلامه ياقلبي ، إنت كمان واحشني جداً ،
واسترسلت وهي تشير إلى الطاولة :
_ يالا ياحبيبي اقلع الجاكت واغسل ايديك أنا جهزت الأكل علي السفرة ،
بسرعة بقي علشان احنا جعانين جدا ومستنينك ومرضيناش ناكل حاجة خالص إلا لما تيجي .
ذهب إلي المرحاض كي يطهر يداه وتحدث:
_ حالاً أهو هغسل إيدي وأجي لكم يا حبايب بابا ،
وجلست العائلة الصغيرة مجتمعين علي طاولة الطعام بكل حب وألفة متسامرين بضحكات ومشاغبات باهر مع أطفاله وزوجته ريم ،
وقرر أن يقضي باقي يومه معهم ،
ريم لها ولدان من باهر عمر في سن الخامسة من العمر ، وياسين عمره شهرين فقط .
___________________________
في منزل جميل المالكي ،
تقف راندا ووالدتها فريدة في المطبخ يجهزون الطعام ،
فراندا أتت لتقضي اليوم هي وأبنائها مع والدها ووالدتها وأخيها لأنها ستسافر إلي زوجها في نهاية الأسبوع ،
فريدة بحـ.ـز.ن :
_ يعني خلاص يا راندا هتاخدي الولاد وتسافري آخر الأسبوع ؟
واسترسلت بوحشة وهي تنظر إلى احفادها:
_ أنا متعودة علي وجود الولاد حواليا بجد هفتقدهم اوي ومش عارفة هستحمل بعادك وبعادهم إزاي ؟
احتضنتها راندا وقبلتها من وجهها وأردفت بحب:
_ ياحبيبتي إنتوا كمان هتوحشوني أوي متتصوروش ببقي متضايقة علشان خاطر هبعد عنكم التلت شهور دول كلهم ،
واسترسلت وهي ترفع يداها الاثنتان :
_ ولكن ما باليد حيلة يا أمي للأسف ظروف الشغل هنا في البلد صعبة جداً ولو إيهاب فكر يرجع مش هيلاقي مكتب يعيشنا المستوى الاجتماعي والمادي إللي إحنا عايزينه .
رد عليها رحيم أخيها وهو يخرج من غرفته :
_ طب ياروني ما كفاية كدة ويرجع يفتح له مكتب هنا ورزقكم علي الله .
وجهت أنظارها تجاه أخيها وأردفت بعملية :
_ للأسف يارحيم سوق العمل هنا بقي صعب والجنية قيمته قلت جداً وزيد عليهم كمان إن كل الفلوس إللي بيبعتها لنا إيهاب يدوب عملنا بيها الفيلا بتاعتنا ولسة كمان بنشطب فيها ،
قدامنا سنة كمان علي مانخلصها ،
واسترسلت بتوضيح أكثر :
_ لو رجع بقي واستقر هنا هنضطر نحط كل الفلوس إللي معانا في المكتب وتشطيباته ونستني بقي عقبال مانكون عملاء يثقوا فينا ،
وبعد سنين الغربة دي كلها يبقي الحال كما هو عليه .
استوعب أخيها حديثها وأردف بنبرة حنونة :
_ فعلاً سوق العمل هنا بقي فيه خمول رهيب وربنا يستر ، ومين عايش في الدنيا مرتاح ياأختي ، توكلي على الله وقلوبنا ودعواتنا محاوطاكم .
ربنا علي ظهره بحنان مماثل ورددت :
_ حبيبي ربنا يخليكم ليا وميحرمنيش منكم أبدا ،
ومسير الأيام هتجمعنا وساعتها بإذن الله مش هنفترق أبدا .
وما إن أنهت كلامها حتي سمعت أباها عائدا من البنك ،
هرول إليه أحفاده مسرعين باحتضانه ،
استقبل هم جميل بحفاوة مقبلا كل منهم من رأسه وردد بوجه يشع سعادة :
_ يادي النور يادي النور أحفادك حبايبك منورين بيتك ياجميل ،
واحشني يامهاب إنت وحبيبة جدها سموكة القمر ،
وأمسك كل منهم بكفاي يداه وأجلسهم علي الأريكة وهو متوسطهم مرددا بحـ.ـز.ن :
_ خلاص هتسيبوا جدوا وتسافروا .
احتضنوه وقبلوه من وجهه وقال مهاب :
_ إنت كمان هتوحشنا أوي ياجدوا وأكتر حاجة هتوحشني إنك تعملي كوباية القهوة التمام ونقعد أنا وأنت في البلكونة ونديها شطرنج لحد نص الليل ،
ثم ضم شفتيه وهو يضع إصبعه السبابة عليهم واسترسل بتأثر مصطنع:
_ تصدق ياجدوا إني بجد هفتقد قعدتك ودروسك إللي بتديهالي في الحياة لما أسافر .
_بس بقي يامهاب سيب لي جدوا شوية هو مفيش غيرك إللي حبيب جدوا…قالتها سما وهي تشـ.ـدد من احتضان جدها الحبيب.
ابتعد جميل عن مهاب بحدة مصطنعة وأردف بنبرة حب لسما:
_ ابعد يا ولد يامهاب خليني أشبع من سمكة حبيبة جدها إللي بتعمل لي أحلي كيكة وجمبها كوباية شاي ،
ارتمت بين أحضانه وابتسمت لإطرائه الشـ.ـديد لكل مـ.ـا.تفعله له وتحدثت بابتسامة عريضة:
_ ياه ياجدوا إنت الوحيد إللي بتعمل لي قيمة وبترفع من معنوياتي إللي دايما حابطها لي الواد ده ،
وأشارت بعينيها الي أخيها وهي تخرج له لسانها علي سبيل المداعبة ،
وبدوره ألقي بالوسادة في وجهها واشتعلت الحرب بينهم بمشاكسة ،
فضت والدتهم النزاع الأخوي المعتاد في كل منزل وكعادة كل ام رددت بصوت عالي:
_ بسسسس عيب يابـ.ـنت عيب ياولد ،
ونظرت إلي والدها وقالت :
_ يالا يابابا ادخل غير هدومك أنا وماما جهزنا الغدا ،
واسترسلت بحـ.ـز.ن مصطنع:
_ ولو إنك انشغلت مع الأشقية دول ومسألتش علي بنوتك حبيبتك .
أجابها والدها وهو ينظر إلي أحفاده بحب :
_ متزعليش مني ياروني دول بيخـ.ـطـ.ـفوا قلبي أول مابشوفهم ،
ثم ولج إلي غرفته لكي يبدل ملابسه ويخرج يتناول معهم الغداء ،
وضعت فريدة وراندا الطعام علي الطاولة بنظام وترتيب كعادة فريدة فهي تعشق النظام والترتيب وما إن انتهوا حتي خرج جميل من غرفته وجلسوا جميعهم يتناولون الطعام بشهية مفتوحة نظراً لتجمعهم ،
ثم أردفت فريدة بحـ.ـز.ن :
_ مش كانت الست ريم هانم كانت جت اتجمعت معانا في يوم زي ده ؟
_إنتي كلمتيها وعرفتيها ياماما ؟
سألها رحيم وهو يشمر عن ساعديه ليتناول طعامه في أريحة ،
امتعضت ملامحها وأجابته بنبرة حادة:
_ آه طبعاً كلمتها وبتقول إنها مش فاضية وإن وراها تصميم مطلوب تسلمه بكرة ،
وأنها هتبقي تروح لراندا تسلم عليها قبل ما تمشي ،
واسترسلت باستنكار:
_ ومحليش التصميم إلا لما طلبت منها تيجي تتجمع معانا .
تفهم جميل حديثها وأجابها بتعقل :
_ مـ.ـا.تبقيش أفشة كدة مع ريم ياأم رحيم ، البـ.ـنت بتعشق التصميم وبتحبه جدا وبتحاول تتطور من هوايتها وتحقيق حلمها ،
المفروض مننا إننا تساعدها ونقف جنبها ومنكـ.ـسرش مقاديفها .
استنكرت فريدة حديثه ونقده وأردفت بعتاب :
_ يعني لما أكون عايزة أجمع ولادي مع بعض علي سفرة واحدة وناكل من نفس الطبق يبقي بكـ.ـسر مقاديفها ،
واسترسلت بتوضيح :
_ فيها إيه لما كانت تستأذن من التصميم أنها هتأخره يوم علشان أختها مسافرة آخر الأسبوع ، وكانت جت اتجمعت معانا وقضينا يوم مع بعض ،
ولا علشان اتجوزوا وخلفوا بقي ملناش حق نضايق أو نطلب نشوفهم في أي وقت !
ضغط جميل علي يديها كنوع من التهدئة وتحدث بهدوء :
_ ملقتيش إلا ريم أهدي واحدة في ولادك وتشني عليها الحرب ،
واسترسل بتعقل وهو يغمز لرحيم وراندا أن يصمتوا عن حديثه عن أختهم لكي يهدئ والدتهم :
_ وبعدين البـ.ـنت ملتزمة بعقد ومواعيد مع صاحب المصنع والعقد له شروط جزائية علي التأخير ، وغير بيتها وولادها وأنتي قلبك كبير ياأم رحيم .
_أيوة ياأخويا إنت هتيجي في صفي علشان الست ريم هانم آخر العنقود إللي أي حاجة بتعملها علي قلبك زي العسل ،
قالتها فريدة باستنكار لحديثه واستطردت بتهكم :
_ وأنا بقي الأم الشرانية وأنت الأب الطيب الحنين ،
ابقي خليها تعمل لك بقي الرز المعمر إللي كنت هعمله لك .
أجابها بدعابة على الفور متراجعا:
_لاااا وعلي إيه ياأم الغالين البت ريم غلطانة والغلط راكبها من ساسها لراسها ،
واعملي فيها إللي علي كيفك ، بس متحرمنيش من الرز المعمر بتاعك إللي يعمر الدmاغ ويسلطنها ،
وأكملوا سهرتهم في جو أسري ممتع وأثناء انـ.ـد.ماجهم سمعوا صوت الجرس الخاص بفيلتهم الصغيرة يعلن عن وصول أحدهم ،
قام رحيم وفتح الباب وإذا بالصغار يقتحمون المنزل بمشاغبة تاركين آباهم مهرولين إلي جدهم الحبيب جميل ،
ابتسم رحيم وردد بمشاغبة:
_ طيب مش تسلموا علي خالوا ياوحشين هو أنا كيس جوافة واقف يعني طب أنا زعلان ،
ومثَّل بعلامـ.ـا.ت وجهه التي أضحكت ريم وباهر بشـ.ـدة ،
ثم ردد باهر بمداعبة :
_ إحنا نقدر نزعل كيس الجوافة يوووه قصدي الدكتور رحيم علي سن ورمح ،
ثم أخذه في أحضانه ليتبادلوا السلامـ.ـا.ت
ودخلت ريم سلمت علي والدتها واحتضنتها بشـ.ـدة وعلي أختها بالمثل وسلمت علي أبيها وتحدثت بعتاب مصطنع :
_ إيه ده متجمعين من غيري ياأندال وكمان بتاكلوا رز معمر من إيد ست الحبايب من غير مـ.ـا.تعزموا عليا ،
مكنش العشم ياوحشين أنا مخاصماكم .
تأففت والدتها وردت بحنق:
_ آه يختي كلي بعقلنا حلاوة وعلي رأي المثل خدوهم بالصوت قبل مايغلبوكم ،
واسترسلت بتهكم:
_ هو أنا مش متصلة بيكي وعازماكي وقايلالك إن أختك جاية هي ولادها علشان نتجمع كلنا قبل مـ.ـا.تسافر لجوزها .
أنبت حالها أنها فتحت ذاك الحوار وأصبحت متيقنة أن والدتها لم تمرر جلستها مرور الكرام قبل أن تفضي مافي جبعتها بالكامل ،
وعلمت أن أفضل رد الآن هو الإعتذار لتجنب المشاحنات فأردفت بإبتسامة يصاحبها الدعابة:
_انا إللي جبت ده كله لنفسي ،ايه يا نبع الحنان كده تقسي علي ريما حبيبتك وآخر عنقودك مكنش العشم بردك ،
ثم احتضنت والدتها وأكملت بصدق:
_ معلش يا أمي حقك عليا إنتي عارفة غـ.ـصـ.ـب عني والله أنا ملتزمة بتصاميم بوقت محدد لازم أخلصها وإلا هتعرض لشروط جزائية .
لوت شفتيها بامتعاض وهتفت بحدة:
_وأنتي إيه إللي يخليكي تلزمي نفسك وتحطي شروط تورطك ، مسبتيش نفسك حرة ليه وقت مـ.ـا.تخلصي تبعتي علشان متضغطيش علي نفسك وتقصري في حق نفسك وحق إللي حواليكي .
رأي باهر أن فريدة لن تصمت إلا أن تري دmـ.ـو.ع ريم بسبب تأنيبها لها فتدخل لكي ينهي الحوار مردفا بدعابة:
_ ولا سلمتي عليا ياحمـ.ـا.تي ولا رحبتي بيا ولا بأحفادك ولا كأنك شايفة حد غير ريما هانم ،
أنا زعلان جدا أنا زعلان خالص .
ابتسمت علي حركات وجهه وأومأت ببشاشة :
_ لأ بقي ده إنت حبيب قلبي الغالي وأبو أحفادي وأخو رحيم ،
ثم نظرت إلي أحفادها واحتضنتهم بحب حقيقي ، وداعبتهم وانشغلت معهم ونسيت أمر ريم والتصميم في حضرة أعز الولد ،
ثم نظر جميل الي فريدة مرددا بفخر :
_ سمعت إن بقي ليكي ماركة مشهورة ومكـ.ـسرة الدنيا ياريما ستور ياعالمي ،
ابتسمت ريم علي فخر أبيها وتحدثت وهي تشير علي حالها بفخر مصطنع :
_ أيون أيون أنا بقيت مشهورة بس للأسف مغمورة ،
والله أنا خسارة في البلد دي .
ابتسموا جميعاً علي مداعباتها وأردف زوجها بجدية:
_ مغمورة آه قلتي لي ، طب متحلميش بقي ياحبي علشان مـ.ـا.تفقيش علي كابوس ،
إحنا في بينا شرط إنك لو هتشتغلي يبقي مش مباشر ، إنتي عارفة إني بغير عليكي من الهوا الطاير ،
ومش مستعد بقي لحوارات التصميم إللي معرفش مصنع مين مكلمك وآتليه مين عايزك وحوار الإغراء بالفلوس علشان تروحي للمصنع ده ولا المصنع ده ،
واستطرد وهو ينظر داخل عيناها بحب:
_ أنا عايز نعيش أنا وأنتي وأولادنا في هدوء بعيداً عن ضوضاء السوشيال ميديا وعالم الأعمال إللي مبينتهيش ،
لم يعجب جميل حديث باهر وتحطيمه لآمال غاليته ولكنه صمت لعدة أشياء أهمها أن ابـ.ـنته موافقة علي حديث زوجها ولم تعترض ،
وأيضاً لم يريد أن يحشر نفسه بينهم هم أدري بشؤون بيتهم،
أما ريم حـ.ـز.ن داخلها لأجل تصميم زوجها علي غمر موهبتها داخل أركان منزلها فقط ،
وأعدت نفسها للتحدث معه في ذلك الموضوع علي انفراد ،
ثم التهت مع عائلتها في جو كله مرح وسعادة لاتريد هي إفسادها بمزاجها السئ .
____________________________
في منزل مالك الجوهري
يجلس علي الأريكة وأمامه اللابتوب الخاص به يراجع بعض التصميمـ.ـا.ت المرسلة إليه من علي ،
وجد أن أكثرها يحتاج إلى تعديلات دونها أولا بأول لكي يرسلها إليه فهو المسؤول عن التصميمـ.ـا.ت الأون لاين ومتابعة أصحابها ،
إلي أن جاء أمامه التصميم المبهر الذي ينتظره كالعادة ويعرف صاحبته جيدا من أشياء كثيرة ،
من هدوئه الذي يخـ.ـطـ.ـف بريق العين ،
ومن اكتماله فنادرا ما يجد لصاحبة هذا التصميم أخطاء فهي تنفذ تصميمها بحرفية عالية ،
ومن توقيعها أسفل التصميم توقيع خاص بتصميمها فقط ،
وحدث حاله وهو يتناول قهوته ويشرب معها السيجار المفضل لديه قائلاً بإعجاب :
_ ياتري عندك كام سنة ياريما ستور علشان تصميمـ.ـا.تك إللي في منتهي الروعة دي ،
إللي زيك بالخبرة والإبداع ده اكيد عمرك معدي ٥٠ سنة ،
وأكمل متسائلا حاله بحيرة:
_ ياتري ليه مختفية ورافضة الظهور واحدة زيك كان المفروض أقل حاجة يبقي عندها مشغل وأتيليه ويجي لها أشهر الناس يصمموا عندها ،
وبقي علي حيرته وتعجبه إلي أن خرجت والدته تدعوه إلي تناول العشاء ،
ذهب إلي طاولة الطعام وسأل والدته وهو يمسك الشوكة بيده اليسري والسكينة باليمني ويقوم بتقطيع الدجاج من أمامه بضيق:
_ هو الأستاذ مازن سهران برة كالعادة كل يوم نتعشي من غيره ،
ونظر في ساعة يده مردفا بحدة :
_ والساعة حالياً داخلة علي ١١ وهو ولا في دmاغه .
ربتت أمه علي يده مردفة بحنان:
_ أمنتك أمانة يامالك مـ.ـا.تعصب نفسك يابني كل لما تيجي تاكل لقمة وتنكد علي نفسك ،
وهو بردوا شاب يابني اعذره بيعمل زي أصحابه الشباب إللي من سنه .
أجابها متهكما بسبب دفاعها المستمـ.ـيـ.ـت عن تصرفات ذلك الفاشل :
_ لحد امته ياماما هتفضلي تبرري له أفعاله الزبـ.ـا.لة دي ؟
البيه السنة بياخدها بسنتين ومش حاسس ولا دريان بعمره إللي بيضيع في التفاهة والهيافة إللي هو عايشها ،
واسترسل بضيق وهو يتناول هاتفه لكي يتصل به ويري اين هو إلي الآن وما إن أجابه أخيه انفجر فيه بحدة :
_ الأستاذ إللي بيصيع مع شلة المراهيق إللي زيه ناوي يجي امته إن شاء الله ؟
تـ.ـو.تر مازن من حدة أخيه وابتلع لعابه وأجابه بتـ.ـو.تر:
_ أنا أنا خلاص راكب العربية وجاي أهو يامالك ،
وبعدين أنا متأخرتش يعني علشان تتعصب كدة ، دي الساعة لسة مجتش ١١ !
_أنا مستنيك نص ساعة بالكتير ألقاك قدامي ،
قالها مالك بأمر وهو يغلق الهاتف في وجهه دون أن ينتظر رده .
وما إن وجدته والدته يمسك بالفوطة الخاصة بالطعام والتي بها يعلن عن انتهاؤه للطعام ،
حتي أمسكته من ذراعه وأردفت بمحايلة:
_ أستحلفك بالله لا تقعد تكمل عشاك إللي كل يوم والتاني متكملهوش بسبب أخوك ،
وأنا والله لما يجي هتكلم معاه وهشـ.ـد عليه ياأخويا .
مالك بهدوء :
_ لأ إله إلا الله ، أنا خلاص شبعت ياأمي مقدرش آكل حاجة تاني .
_لا والله ما هتقوم إلا لما تخلص طبقك ده كله .
قالتها والدته بتصميم استجاب له مالك كي لا يحـ.ـز.نها ،
ثم أنهي طعامه وطلب من والدته فنجانا من القهوة تطهيه بنفسها له ،
وذهب إلي الأريكة لكي يكمل عمله بهدوء وهو ينتظر ذلك البـ.ـارد ،
انتهت والدته من صنع القهوة وما إن جاءت تجلس بجانبه حتي سمعوا صوت السيارة الخاصة بمازن ،
حدثته والدته بامتنان:
_ بقولك ايه يامالك متتكلمش معاه سيبني أنا المرة دي أتكلم معاه ياحبيبي .
وافق مالك علي حديثها لكي لا يحـ.ـز.نها ، وتناول قهوته في هدوء دون أن يعير قدوم أخيه ادني انتباه ،
نظرت إليه والدته بغضب شـ.ـديد منعتة إياه بشـ.ـدة :
_ حمد لله على السلامة من اللف يامازن بيه ،
إيه مش هتسيبك من شلة الضياع إللي إنتي ماشي وراها دي وتركز وتفوق لمستقبلك ،
ثم رفعت سبابتها أمام عيناه وأكملت بشـ.ـدة وهي تمد يدها الأخري له :
_ هات الفيزا إللي معاك وحسك عينك تطلبها تاني إلا لما تتخرج من الكلية ،
انصدm هو من حديث والدته الذي يراه لأول مرة وسألها متعحبا:
_ هي الفيزا مالها ومال اني انجح أو منجحش ياماما !
وبعدين انتي معصبة نفسك ليه ياحبيبتي كدة غلط عليكي من السكر والضغط .
صممت علي أن يعطي لها الفيزا وأكملت بحدة :
_ أقول لك ليه يا عنيا الفيزا دي إللي مقوية قلبك ومخلياك تبعتر فلوسك يمين وشمال ،
علي شلة المقاطيع إللي بتمشي معاهم وبيستغلوك للضياع .
واستجاب مازن لإصرار والدته خـ.ـو.فاً من نظرات مالك التي تخترقه ظنا منه أنه سيعرف يأخذها منها وهم وحدهم ،
ثم انتوي الذهاب إلى أعلي ليبدل ملابسه أوقفه صوت مالك مناديا عليه بحدة أرعـ.ـبته :
_ مازن اقف عندك .
حول بصره لأخيه وداخله يرتجف وأجابه بتـ.ـو.تر:
_ نعم يامالك في حاجة تانية.
_اتأدب لما تيجي تتكلم مع أخوك الكبير إللي في مقام والدك .
قالتها والدته له بتعنيف .
لم يفتح فمه ببـ.ـنت شفة وانتظر تحذيرات أخيه بملل ، إلي أن سمع صوت مالك مرددا بأمر قاطع:
_ اعمل حسابك إنك هتنزل معايا المصنع من بكرة إن شاء الله ،
تتابع الشغل مع علي وتتعلم منه وتشتغل تحت إيده علشان حجم الشغل كتر عليه ،
وأنت ماشاء الله فاضي أهو ولا وراك شغلة ولا مشغلة ،
واستطرد متهكما:
_ أهو نستفاد من طولك وعرضك إللي ملوش لازمة في الدنيا غير السرمحة مع إللي يسوي وإللي ميسواش .
مط شفتيه بضيق وأردف مستنكراً:
_ يعني إيه أنزل الشغل والمصنع وأنا ولا أعرف أي حاجة وكمان لسة مخلصتش دراستي يامالك ؟
أجابه مالك ببرود دون أن ينظر له:
_ وإيه علاقة الشغل بالدراسة انت ولا بتذاكر ،
ولا بتروح الكلية غير مرة كل أسبوعين لما يهفك الشوق تغير صنف البنات الصـ.ـايعة إللي إنت تعرفها ،
واسترسل باستهزاء وهو يشير إليه:
_ البيه إللي بيصحي كل يوم الضهر ومقضي بياكل مامه وينام ننه ،
شكل الواحدة البايرة إللي قاعدة ترازي في خلق الله بسبب وبدون سبب .
_وإن رفضت بقي يامالك هتعمل إيه ؟
قالها مازن باستنكار.
_بسيطة خالص العربية هتنسحب منك ، والأيفون إللي بآلافات إللي بتتمنظر بيه ،
والفيزا أوردي انسحبت منك .
قالها مالك بتأكيد .
غضب مازن بشـ.ـدة وتركه وصعد إلي الأعلي دون رد علي حديثه ،
_بكرة الصبح إن شاء الله تظبط منبهك علي ٩ بالدقيقة تكون صاحي ٩.٣٠ تكون علي الفطار ، سامعني ؟
قالها مالك دون أن ينظر إليه بكل ثقة وعاود عمله علي اللابتوب ،
وأثناء انشغاله بعثت له رسالة عبر الواتساب أمسك هاتفه ليري من صاحب تلك الرسالة ،
وجدها من طليقته وكان محتواها:
_ إزيك يامالك،
أنا بجد زعلانة منك علي المقابلة الوحشة إللي إنت قابلتها لي في المكتب ومش بس كدة ده انت طردتني كمان وخليت منظري وحش قدام السكرتيرة ،
أنا لسة بحبك يامالك وباقية علي عشرتنا مع بعض ،
للدرجة دي يامالك مبقتش أفرق معاك !
للدرجة دي مبقتش تحبني ولا طايق تشوفني !
قرأ هو رسالتها بملل واستغرب من أين أتت برقمه الخاص والذي لم يعطيه لأحد سوي والدته وأخيه وأخته وصديقه علي ،
وحدث حاله:
_ الزفتة دي جابت رقمي منين هو أنا ناقص و.جـ.ـع دmاغ من الحرباية دي ،
مش معقول يكون علي إللي إداها الرقم ده أما أصدق إني طلقتها وخلصت من نكدها وزنها،
ولا ماما طبعاً ، معقولة تكون أختي ولا مازن ،
بس مازن ميجرؤش يعملها يبقي مفيش غير الست هيام هانم ما هم طول عمرهم حبايب ،
واسترسل متوعدا:
_ ماشي ياهيام إن ماشفت شغلي معاكي مبقاش أنا مالك.
ولم يعير رسائلها انتباها ثم وضع رقمها ضمن الأرقام المحظورة كي لا تبعث له رسائلها التي تجلب له صداع الرأس مرة أخرى .
انتظرت هي كي يرد عليها أو يعيرها انتباها بعدmا رأت علامة استلامه للرسالة ولكنه لم يرد ،
جائت لترسل له مرة أخرى وجدته قد حظرها ورمي برسائلها عرض الحائط كما ترمي القمامة في سلة المهملات ،
استشاط داخلها وانتوت غدا الذهاب إلي أخته كي تشهدها عليه وعلي تجاهله وأفعاله معها .
عجيب حقا أمر الإنسان الشئ يكون ملك يمينه ويفرط فيه بسهولة وما إن يتركه ويرحل ثم يعود ويجد ذلك الشئ وينظر إليه بعين أخري يلمع في عينيه ثانية ويريد امتلاكه وكأنه لعبة شفراتها في يده يحركها كيفما شاء ووقتما شاء .
____________________________
في الجامعة صباحاً يدلف رحيم بسيارته إلي الجراج كي يصطف سيارته ويصعد إلي مكتبه ،
وبعدmا صفها وخرج منها ذاهبا إلي مكتبه إذا به يسمع أنينا خافتا لايسمعه أحد إلا بصعوبة ،
سار تجاه الصوت بخطوات بطيئة جداً وإذا به يسمع صوت أحدهم يقول :
_ لاااا يا مي مش هعمل كدة ولا هنفذ لك إللي إنتي عايزاه ،
واسترسلت وهي تبكي ألما بصوت منخفض:
_ إنتي فاهمة إنتي بتطلبي مني ايه أصلا اعمله ! إنتي عايزاني أعمل حاجة لا عمرى هقبلها ويستحيل أعملها ولو على رقبتى ،
انتي بتعملي كدة بحكم إني مليش حد يحاسبني وإن ده عادي ،
يستحيل أعمل إللي إنتي عايزاه ده وإللي عندك اعمليه واللى يحصل يحصل.
ثم أغلقت الهاتف وجلست تضم ساقيها تنتحب بشـ.ـدة بسبب ضغط تلك المي عليها وابتزازها لها بسبب خطأ ارتكبته دون قصد أوقعها تحت براثن تلك المي .
كل ذلك أمام الواقف المستمع لكل كلمة قيلت واخترقت أذنه ،
وحدث حاله:
_ مين دي إللي عماله تعيط بالشكل ده وواضح جداً إن حد بيبتزها علي حاجة وهي رافضة ،
وأكمل وهو مثبت أعينه علي ظهرها :
_ طيب أروح لها وأفهم منها وأحاول أساعدها ولا أخليني في حالي أحلالي لا تعملي مشكلة وإحنا هنا في الجراج ؟
بس أنا متعودتش أشوف حد محتاج أو حزين وبيبكي ومروحش أشوف ماله خلاص هروح وامري إلي الله.
وما إن خطي أول خطوة إليها حتي وجدها غادرت الجراج بسرعة دون أن يعرفها أو يعرف ما بها .
استغرب كثيرا وفي نهاية الأمر أغلق سيارته وغادر المكان دون أن يدري أو يستنتج ماسمعه لتوه ، أو من تكون تلك المنطوية علي حالها وتبكي علي أمرها ،
وصل إلي مكتبة ووضع حقيبته وجلس في مكانه وفتح جروب الواتساب الخاص بقسمِه ليري لجنة المراقبة التي سيذهب إليها اليوم ،
علم المدرج الذي يراقبه اليوم وجمع أوراقه وذهب إليه وأثناء سيره في الرواق المؤدي إلى المدرج اصتدm بشخص ما ووقعت أوراقه من أثر الإصطتدام ،
رفع راسه وإذا بها تلك المريم التائهة ،
نظر إليها وجدها مرتعبة وخائفة من تعنيفه لها وما إن وجدها تفتح شفاها لكي تعتذر أسكتها قائلا:
_ علي ما أعتقد اسمك مريم إللي كنتي جاية متأخرة المرة إللي فاتت ،
واسترسل بتساؤل:
_ هو إنتي دايما متلهوجة ومتأخرة كدة يابـ.ـنتي ؟
ودايما بتجري كدة ومش مدية نفسك الوقت الكافي إللي تظبطي فيه أمورك ؟
تهتهت في الحديث ورفعت أنظارها إليه بعدmا جمعت أوراقها المبعثرة وقالت باعتذار:
_ أنا متأسفة جداً يادكتور غـ.ـصـ.ـب عني والله ،
ظروفي صعبة وملخبطة شوية معلش اعذرني .
نظر داخل عيناها الزرقاويتان ووجد بهم أثر للدmـ.ـو.ع المختنقة بداخلهم وعلي وجهها آثار البكاء وأردف وهو يعرض عليها المساعدة:
_ طيب في حاجة أقدر أساعدك بيها اعتبريني حد القدر بعتهولك يساعدك ومتعتبرنيش دكتور جامعي .
أجابته بشرود :
_أنا مشكلتي وحكايتي كبيرة وغريبة وملهاش حل يادكتور ،
واسترسلت بتيهة :
_ أنا المـ.ـو.ت أرحم لي من إللي أنا فيه وبعيشه .
حـ.ـز.ن داخله لأجلها وردد باندهاش:
_ياه للدرجة دي حياتك صعبة !
نظرت أرضاً وأجابت بحـ.ـز.ن عميق:
_ وأصعب مما تتخيل ، بعد إذنك يادكتور علشان متتعطلش ،
ميعاد الامتحان كمان عشر دقايق .
أذن لها أن تغادر وقبل أن تتحرك عرض عليها مساعدته قائلا:
_ لو احتاجتيني أنا مكتبي معروف جدا هنا اسألي علي مكتب الدكتور رحيم وأنا تحت امرك في أي مساعدة .
شكرته بعينيها ممتنة لذوقه وأخلاقه التي أصبحت غير موجودة في تلك الأيام ،
وذهب كل منهم إلي مشغولياته .
_________________________________
تري مالمجهول المخبئ لريم ، باهر ؟
وهل سيشفي مالك من مرضه ؟
وما المجهول المخبأ لمريم
↚مر أسبوعان علي تلك الأحداث واليوم موعد كتب كتاب مالك وريم ، وبالتحديد في يخت مالك الجوهري حيث كان الجميع يقفون تعتلي وجوههم الابتسامة وذلك لاستقرار ريم النفسي اخيرا ،
اما هي فكان مالك مخصصا لها غرفة في اليخت كي تستعد فيها لأهم يوم في حياته بالتحديد فطيلة الأسبوعين الماضيين كان يحادثها ليلا ونهارا و.جـ.ـعلها تحت أنظاره الى أن اعتاد كل منهما على الآخر وزادت العلاقة بينهم وُدًّا ، انتهت ريم من وضع بعض لمسات التجميل البسيطة فأخذتها أختها بين أحضانها قائلة :
_بسم الله ما شاء الله جميلة يا حبيبتي ربنا يوفقك في حياتك ويكتب لك فيها الخير ويبعد عنك الأذى والشر يا رب .
وفريدة أيضا قامت باحتضانها وعينيها تلمع دmعا قائلة:
_ألف مبروك يا قلب ماما ربنا يتمم لك بخير وبإذن الله تعيشي سعيدة ومتهنية وربنا يبعد الحـ.ـز.ن عن قلبك وما تشوفيهوش تاني يا حبيبتي .
شـ.ـددت من احتضان والدتها مرددة وهي تربت بيدها على ظهرها:
_ الله يبـ.ـارك فيكي يا أمي ما انحرمش منك ولا من وجودك جنبي يا أحن وأجمل أم في الدنيا بحالها .
اما مريم كانت واقفة بينهم وهي تشعر بإحساس الأهل والعزوة التي افتقدته طيلة عمرها فكم كان المشهد لها رائعًا وحمدت ربها داخلها أنه من عليها بتلك النعم العظيمة والتي بمثابة حياه كلها اطمئنان وراحة لو شكرته سبحانه عليها ما كفى عمرها بأكمل فكم من نعم محاطة بنا ولا ندري بها وغيرنا محروم منها ويشتهيها ،ومدت يدها تصافحها وتبـ.ـارك لها بحب نابع من قلبها الجميل:
_ألف مبروك يا حبيبتي بجد يا ريم طالعة زي القمر طول عمرك اصلا رقيقة وقلبك طيب علشان كده تستاهلي خير ربنا يكمل فرحتك على خير يا قلبي .
لم تبادلها ريم المصافحة بل شـ.ـدتها إلي أحضانها مرددة باحساس أخوى تشعر به تجاهها حقيقة قائلة بابتسامة:
_ حبيبتي يامريومة ويبـ.ـارك فيكى ياقلبي وعقبالك وهعمل لك فستان فرح تتحاكى بيه اسكندرية بحالها ،
واسترسلت حديثها وهى تخرجها من أحضانها مكملة بحب :
_ ده إنتي أختى الصغيرة وهتتجوزي الغالي بتاعنا، منحرمش منك ياجميلة.
تحدثت فريدة وهي تدير ريم حول نفسها بانبهار :
_ بجد طلتك ساحرة ياريم ، ده إنتي خـ.ـطـ.ـفتى قلبي ، ياعيني عليك يامالك من عيونك لما تشوف الرقة والجمال والدلال .
أكملت راندا مشاغبتها :
_ بجد قلبي عندك يامالك ده إحنا أخواتها وعايشين معاها انبهرنا من جمالها.
مطت ريم شفتيها وهتفت باستنكار مصطنع:
_ الله انتو بتتريقوا عليا ولا ايه ، مش للدرجة دي يعنى ، مكانش رتوش مكياج بسيطة خليتكم تأفوروا كدة .
هنا تحدثت مريم بانبهار مثلهم :
_ لاااا والله ياريما كلامهم بجد علشان إنتي مش بتحطي ميكب خالص فباين عليكى الاختلاف تماما ، بس بجد قمر ١٤ مفيش كلام.
أومأت بأهدابها برقة اعتادت عليها وأردفت بامتنان:
_ تسلمولي ياحبابيي وربنا مايحرمنى من دعمكم ليا ولا من وقفتكم جمبي .
وظلوا يتحدثون إلي أن استمعوا أصوات الصفير الآتية من الخارج وماهي إلا من رحيم ومروان شقيق مالك فقد تعرفوا عليه حينما عزمهم جميل قبل ذالك ، دقات قلب ريم ارتفعت وسار وجهها يشع بالإحمرار لمجرد سماعها بوجوده في الخارج ، واعتلت وتيرتها وتنفسها صار صعباً من شـ.ـدة تـ.ـو.ترها وخجلها ،
أما ذاك المالك الذي صعد اليخت بطلته الخاطفة للأنظار وشياكته المعتادة في حلته السوداء والتى كانت عبـ.ـاره عن قميصاً باللون الأسود ويعتليه جاكتا من اللون الأسود لأنه يعشق ذاك اللون وحقا يليق عليه ، ينظر حوله كي تتمتع عيناه برؤياه وتهدأ دقات قلبه ولكن تحطمت أماله وعرف أنها في الداخل ، ابتدأت مراسم كتب الكتاب في جو تزيده السعادة بعد أن سلم مالك على الجميع وبدأ المأذون بإتمام العقد ،
في نفس المكان كانت أعين مروان تمشط المكان يبحث عن تلك الصغيرة التى شغلته من أول وهلة رآها فيها قبل ذلك ، انها تلك السما التى حيرته في أمرها يشعر أنه رآها قبل ذلك ولكن لم يدرك التعرف عليها جيدا ، وفي لحظة مرت من أمامه فأغمض عيناه وقد توغلت رائحة البريفيوم الخاصة بها أنفه فتحدث هائما وهو مغمض العينين:
_ الله على ريحتك الجميلة اللى تدوب ياصبى ياصغير .
كانت أعين إيهاب تتابعها منذ البداية وللحظ رأى مروان ونظراته وشعر أنه يشبه عليها ، فكان منتبها معه بشـ.ـدة ولاحظ حركته تلك عنـ.ـد.ما مرت من أمامه واستنتج الكلمـ.ـا.ت التى نطقها بفاهه فهو أب غيور جداً على ابـ.ـنته وتوعد داخله لذاك المروان ،
انتهى المأذون من إتمام الزواج بعد أن أدخلوا الدفتر لريم كى تدون إمضائها على العقد لأنها خجلت بشـ.ـدة ورفضت أن تخرج إليهم وكأنها أول مرة لها ولكن ريم من طبعها الخجل الشـ.ـديد ، أما هو أحب خجلها فهو لم يحبذ أن يراها رجلا من الموجودين غيره حتى لو كانوا محارمها ،
فأخذه جميل ودخل به إلي ابـ.ـنته وذهب إليها جميل أولا وأخذها بين أحضانه وهو يتحرك بها يميناً ويساراً ، من شـ.ـدة فرحته بابـ.ـنته الصغيرة ، ثم أخرجها من أحضانه وقبل جبهتها تحت أنظار ذلك الواقف الذي لم يعد يتحمل الصبر علي أخذها بين راحتيه أكثر من ذلك ولكن هدأ من حاله وتبدل إحساسه بالفخر لذاك الجميل الرائع الذي يحتضن ابـ.ـنته بحب ،
أما جميل أخرجها من أحضانه وقبل جبهتها مرددا:
_ قلبي والصغير بتاعى واللى رحلته كانت صعبة على سِنّهُ ، بس بفضل ربنا وبفضل دعواتي أنا ووالدتك ورضانا عليكى ياحبيبتي عديتي معركتك بخير وسلام ، ربنا يوفقك في حياتك ويبعد عنك العيون الوحشة ومن كل قلبي بقولك قلبي راضى عنك يابـ.ـنتى .
التمع الدmع في عينيها وتحدثت وهي تقبل يداه بحب :
_ لولاك بعد ربنا ياحبيبي مكنتش اتخطيت أسوء أيام عمرى ، انت بجد أعظم بابا وهدية ربنا لينا .
تمسك بيدها بحب وهو يسلمها ليد مالك قائلا له :
_ مش هوصيك عليها يامالك يابنى ، ولادي كلهم غلاوتهم كوم وهي كوم تانى خالص ، دي ليها حتة في قلبي محدش يجي جنبها ، متزعلهاش ولو حتى هى زعلتك متزعلهاش وتعالى احكي لي وأنا هعرف أتعامل معاها مش هوصيك تانى .
ابتسم ذاك العاشق وردد بحب جارف وهو ينظر داخل عيناها :
_ هو أنا أقدر أزعلها دي مش حتة من قلبي دى قلبي كله وفوقيهم دقاته .
كانت عبير تقف معهم في نفس الغرفة ثم اقتربت منها وصافحتها بود وهي تبـ.ـارك لها ، جذبتها ريم داخل أحضانها مرددة بوقار :
__ الله يبـ.ـارك فيكي يا أمي ومنحرمش منك أبدا.
ابتسمت عبير لتلك الراقية في حديثها وربتت علي ظهرها بحنو :
_ ولا منك يابـ.ـنتي ، إنتي خلاص بقيتى في معزة ولادي بالظبط ، ومش عايزة أوصيكى بقى على ابن قلبى وعمرى والله يابـ.ـنتى ماهتلاقي أطيب ولا أجدع ولا هتلاقي حد بيحبك قده ربنا يبـ.ـارك لكم في بعض يارب .
ابتسمت ريم وتحدثت بطمئنه لها:
_ولا يحرمنا منك يا ست الكل وما تقلقيش مالك في عيني الاتنين .
استئذنت منهم وخرجت وتوالت هتافات المبـ.ـاركات عليهم ثم خرجوا من المكان ليتركوا لهم مساحة لفرحتهم ببعضهم ،
كان واقفاً أمامها مسحورا بجمالها وقبل أن يقترب منها حدثتها عيناه :
_ انتظرتك عمراً بأكمله وحلمت ليالي كثيرة بلقاكي ، ظننت أن مامضى من سنينى بعـ.ـذ.اب أيامى أن لن أجبر ولكن عدالة السماء أبهرتنى برؤياكى ، تعى حبيبتي الي أحضانى كى تسمعي دقات ذاك القلب في حضرتك ياملاكي ، ولكن تمهلى علي عاشق متيم انتظر عمرا يتمناكى ،
اقترب منها وهو متلهفا لمجرد لمسة من يدها ، أما هى لم تقوى على أن تنظر إليه ولم تستطيع أن ترفع عينيها كي ترى عينيه ،
فتحدث هامسا:
_ ريما ، ارفعي راسك عايز أشوف عيونك .
لم تستجيب لهمسه ولم ترفع عيناها فاقترب منها ورفع وجهها إليه وأجبرها على النظر في عينيه مرددا بوله :
_ ألف مبروك علينا ، نورتى دنيتى ولأول مرة بقولها من قلبي واحساسي بحبك لاااااا بعشقك ياقلب مالك .
ارتفعت دقات قلبها بوتيرة عالية وأردفت بنفس همسه :
_ الله يبـ.ـارك فيك يامالك .
ردد بتيهة:
_ طب ايه مش نفسك ايدك تلمس ايد مالك وتحسي بإحتواء أول لمسة وتسلمي عليا.
أنهى كلامه ومد يداه إليها والتقط كلتا يداها بين راحتيه ، أحست برعشة خفيفة اجتاحت جسدها فلمسته رائعة وتملكه لها جعلها تشعر بالأنس من مجرد لمسة يد ،
أما هو أكمل بعيناي تنطق عشقاً:
_ يااااااه ياريما ده إنتي قربك له لذة تانية خالص مختلفة ، رقتك بتسحرنى ، هدوئك بيخـ.ـطـ.ـفنى ، جمالك البرئ بيشـ.ـدني وبيطالبنى إني أقرب أكتر بس خايف عليكى من جيوش اشتياقي ليكى ياعمرى .
كم كان بـ.ـارعاً فى وصف إحساسه وكم كانت هائمة في همساته ولمساته ، وأومأت بخفوت:
_ ياه ده انتي بتحبنى أوووي لدرجة خلتنى مش مصدقة نفسي اني محتاجة قربك .
ارتفعت دقات قلبه من مجرد كلمة قالتها واختطفها إلي أحضانه كى يعبر لها عن مدى إحساسه بحبه لها ، فكانوا حقا رائعين في لقائهم الراقى ،
تركهم الجميع وانصرفوا كل الي وجهته ،
أخرجها من أحضانه مرددا بهيام:
_ طيب ايه بقي هتفضلي بحجابك كدة كتييير ولا ايه ؟
وبغمزة من عيناه ردد ماكرا:
_ عايز أشوف شعرك مش خلاص بقيت جوزك ياقلب مالك .
بتلقائية وضعت يدها على رأسها ورددت بعيون تتهرب منه :
_ ايه ده أنا همشى احنا متفقين هنكتب الكتاب وتسيبنى فترة ناخد على بعض .
تركها وذهب ناحية الباب وأحكم إغلاقه بالمفتاح ورماه إلي أعلي الدولاب الموجود في الغرفة ، اتسعت مقلتيها من حركته وأردفت بذهول :
_ ايه ده انت ازاي تعمل كدة ؟
أجابها بمشاغبة:
_ عملت ايه يعنى ؟
ذهبت ناحية الباب تحاول فتحه وتحدثت باستنكار:
_ إنت هتخلف وعدك معايا ولا إيه متفقناش على كدة من أولها ،
وتابعت وهى تنهره على فعلته :
_ إنت متعرفش إن المؤمنون عند شروطهم ولا ايه ؟
انفرجت أساريره وأردف مكملا حديثها:
_ طيب مـ.ـا.تكملي الحديث ياقطة ” إلا شرطا أحل حـ.ـر.اما أو حرم حلالا .
أشاحت بيديها وسألته:
_أه تمام فين المشكلة بقي ؟
جذبها إلي أحضانه وهو يحاصرها بكلتا يداه :
_ إزاي بقي ؟ في واحدة تسيب جوزها اللى طلعت عينيه عقبال ما كتبوا الكتاب وتقولوا إحنا متفقين !
وتابع بغمزة من عيناه:
_ بذمتك كدة مش بتحرمى الحلال ، ده أنا مستنى اللحظة دي من بقالي كتير وفي أحلامك ياريم هانم إنك تخرجي برة حـ.ـضـ.ـنى النهاردة،
وتابع بمشاغبة:
_ وبعدين ده إنتي لسه قايلة لماما ده مالك في عينى الاتنين ، ولا هو مجرد كلام وخلاص.
أحست بتـ.ـو.تر أعصابها وهي بين يداه فتملكه الشـ.ـديد لها جعل جميع جسدها يتحرك عشوائياً وهى تتململ بين يداه كى تهرب من حصاره ، ولكنها لم تستطيع فكان محكماً الإمساك به ، ثم بحركة عفوية منه نزع عنها حجاب رأسها وانسدل شعرها وراء ظهرها تلقائيا ، وهبطت خصلاته علي عينيها ،
نظر إليها منبهرا بجمالها فحقا الاحتشام يدارى جواهر ثمينة وها هو فاز بجوهرته اللامعة أمامه ، وردد وهو يزيل خصلات شعرها من على عينيها ويضعها خلف أذنها بوله:
_ ياه ده أنا باينى دخلت الجنة ونعيمها وبين ايديا واحدة من الحور العين ،
وتابع ولهه بها:
_ اتكلمى وفوقينى علشان أحس إني لسه فى الدنيا وانك حقيقة مش حلم ياقلبى .
اعتلت دقات قلبها بشـ.ـدة من نظراته وهمساته ولمساته وابتلعت أنفاسها بصعوبة خجلاً ، فهى لم تعد حالها للقاؤه فقد فاجأها ، وأومأت بخفوت:
_ طيب ممكن تفتح الباب وكفايه كدة أنا أعصابي مش مستحملة ، وكمان مهيئتش نفسي لأننا نتمم جوازنا النهاردة.
ثبت رأسها بكلتا يداها ناطقاً بعشق نابع من عيناه :
_ لما إنتي طالعة مبهرة كدة وانتى مش مستعدة أمال لما تستعدي هتعملي فيا ايه ، لااا خفي على مالك ياقلب مالك والنهاردة مش هتطلعى برة حـ.ـضـ.ـنى وكفاية كلام بقي .
احتضنها بحب جارف وتاه معها في عالمهم الخاص واخيرا التقي العاشق مع معـ.ـذ.بته في أولى جولات العشق والغرام.
_________________________________
انتهى اليوم وأتى الصباح محملاً بالتفاؤل والأمل في قلوب أبطالنا ،
في فيلا إيهاب حيث استيقظ ووجد ابـ.ـنته تجلس في الحديقة بشرود ، أخذ حماما دافئا وأدي فريضة الضحى وذهب الي ابـ.ـنته ،
ربت على ظهرها من الخلف ثم احتضن رأسها وقبلها من جبهتها وجلس أمامها مرددا بابتسامة:
_ صباح الخير على البرنسيسة سما الجميلة ،
وتابع باستفسار:
_ مش عوايدك تصحى بدرى يعنى ده إنتي بتصحى على بعد الضهر كل يوم ؟
ردت صباحه بابتسامة وأجابته:
_ قلقت من نومى ومعرفتش أنام تانى فقلت أقعد في الجنينة شوية على مـ.ـا.تصحوا ونفطر مع بعض كلنا .
أمسك يداها وتحدث بحب:
_ طيب ممكن بابي يقعد معاكي شوية نتكلم مع بعض ، وحـ.ـشـ.ـتني قعدتنا مع بعض من أخر مرة لوحدنا .
ابتسمت عيناها بحب لاهتمام والدها بها منذ رجوعه إليهم فهو دائماً يتقرب منها ولا يدعها تحـ.ـز.ن أو تتوه بشرود وأمائت برأسها بموافقة:
_ أنا أطول أقعد مع بابي حبيبي لوحدنا ، دي كانت أسمى أمنياتى سنين يابابي.
أحس بحـ.ـز.نها على فراقه عمرا بأكمله لهم وهو لم يراهم إلا أياماً قليلة وردد :
_ خلاص يا حبيبة بابي انا مش هسيبكم تاني ابدا وهنفضل مع بعض طول العمر ،
وتابع حديثه بتذكر:
_الا قولي لي ياسيمو هو البرفان اللي انتي كنتي حاطاه امبـ.ـارح بتجيبيه منين ريحته حلوه جدا ؟
أجابته بسعادة لتركيزه معها:
_بجد يابابي عجبك ؟
أومأ لها بموافقة ، وأشار إليها أن تكمل فتابعت هي بعيون مبتسمة:
_واحدة صاحبتى قالت لي عليه وبصراحة طلع جمييل أووى وريحته تحفة بتقلب المكان .
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وتحدث بإيضاح:
_ طيب إنتي ت عـ.ـر.في إن حـ.ـر.ام البـ.ـنت البالغ أو الست تخرج من بيتها وهي حاطة برفان ولو حتى ريحته متكنش باينة .
ضمت حاجبيها باندهاش وتسائلت باستفسار:
_ إزاي يابابا مش فاهمة حضرتك ؟
أمسك كف يداها وتحدث شارحا لها بهدوء :
_ إنتي مت عـ.ـر.فيش حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية”
يعني الست ما ينفعش تخرج من بيتها وهي حاطه اي برفان أو معطر لأن لو شم ريحتها اي راجـ.ـل يعتبر اختلى بيها وده حـ.ـر.ام جدا يا بـ.ـنتي علشان خاطر الفتنة،
إنتي جميلة وحلوة مش محتاجه ان إنتي تظهري نفسك من إن برفانك ريحته تبقى سابقاكي وتلفتي الأنظار ليكي من مجرد عطر ممكن يخليكي تاخدي ذنوب تعتبر من الكبائر.
اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت:
_بجد يا بابا ! انا ما كنتش اعرف الحديث ده خالص ومحدش قال لي قبل كده اني ما احطش برفان وانا خارجه اول مرة اسمع منك كده .
ربت على يديها بحب :
_ علشان هما لسه شايفينك صغنونة أما أنا بقي شايفك حاجة تانية وعلشان كدة عايزك تبدأى حياة الالتزام زي أي بـ.ـنت متدينة وحابة إنها ترضى ربنا ،
وتابع ارشاده وهو ينظر إلي ملابسها:
_ وفي حاجة مهمة كمان ، ليه تخرجى خصلة من شعرك وتبينيها إنتي خلاص ياسوما كبرتى ولازم ت عـ.ـر.في الحلال والحـ.ـر.ام ومينفعش بردوا تبقي لابسة بلوزة وترفعي كمها وتبيني دراعك الحاجات دي كلها البنات بتعملها علشان الشياكة ويبقوا شايفين نفسهم في قمة الأناقة ، لكن دي كلها حاجات تغضب ربنا سبحانه وتعالى ، البـ.ـنت أو الست ربنا خلقها عفيفة وعندها حياء ودايما تشوف نفسها عالية وغالية أوووى ياقلبي .
أحست بالارتياح لحديث والدها بشـ.ـدة وسألته بتيهة:
_ أنا مش فاهمة بردوا يابابا أوووي ، مامى كانت دايما تقول لي عيشى سنك علشان لما تكبرى هتتغيرى تماماً بس عمرى مافهمت معنى كلامها .
ربت على ظهرها بحنو وأردف شارحا لها:
_ شوفي ياقلبي البـ.ـنت عاملة زي الجوهرة الثمينة اللى محدش يقدر يقرب لها إلا لما يكون واثق ومتأكد إنه يعرف يشتريها ولما يتعب ويعافر علشان يمتلكها بيحطها فى أغلي مكان في بيته ويقعد يفتخر بنفسه إنه قدر يوصل للجوهرة الغالية دي ويفتكر تعبه ومعافرته علشان يوصل لها فبيخبيها من عيون الناس ويحافظ عليها ويحطها جوة عيونه ، ومفيش حد يقدر يجي ناحيتها أو حتى يبص عليها غيره ،
واستطرد بإبانة:
_ زي البـ.ـنت بالظبط اللى خرجت وبينت شعرها وبينت جـ.ـسمها أو حتى مجرد خصلة ومجرد حتة من ايديها أو رجليها بس اتعرف الشكل العام ليها بقي عامل ازاي ويشوفها كتتتير فى دmاغه بقي يقول دي للانبساط متنفعش تكون أم ولادي ، أما بقي اللي بتخرج بحجابها كامل ولبسها محترم وفي نفس الوقت شيك جدااا زي مامى وخالتو ريم كدة وبردوا خالتوا مريم شفتي بيبقو خارجين إزاي كأنهم ملكات بالظبط ومحدش يقدر يكتشف جمالهم الداخلي لأنهم صايننينه للى يستحقه ، ياتري كدة فهمتينى ياسما ؟
انخرطت في البكاء وهى تضع يدها على وجهها تمنع شهقاتها العالية مرددة بو.جـ.ـع:
_ يعنى أنا خلاص كدة يابابا عملت كل حاجة وحشة ومبقتش زي الجوهرة وبقيت زيي زي السلعة الرخيصة ؟
قام من مكانه وجذبها داخل أحضانه وتحدث مهدئا لها:
_ لاااا ياقلب بابا مين اللى كدة ؟
إنتي لسه طفلة بريئة وفي سن صغير والحمد لله تجربتك دي علشان تعرفى ،
واسترسل طمأنته لها:
_ وبعدين ربنا غفور رحيم وطالما عرفتي غلطك وعزمتي النية على إنك مش هترجعى للذنب ده تانى هتلاقى ربنا واقف جمبك وبيثبتك على التوبة ،
وتابع تهدئته لها مبتسماً:
_ وكمان حابب أقول لك مفاجاة إن البشمهندس نادر اللي شغال مع جدو في البنك مسح كل الفيديوهات اللي تخصك من على جميع المواقع وما بقاش ليها أثر خالص وتقريبا عمل حاجة انها ما تبقاش ظاهرة تاني حتى لو هي متشاركة مع صفحات تانية علشان كده بقول لك إنتي في أمان دلوقتي يا قلب بابا مش عايزك تفكري في حاجه غير في مستقبلك ،
وأي حاجه تقلقك او أي حاجه ما انتيش عارفاها على طول تيجي تسأليني وانا هسمعك وهبقى مبسوط جدا .
اتسعت أعينها بسعادة وأردفت بدهشة:
_ بجد يابابا إنت وجدوا عملتوا كدة وفعلاً الفيديوهات دي مبقتش موجودة ولا حد بيشوفها ولا بيتفرج عليها ؟
أجابها بوجه تغمره الراحة لسعادتها :
_بجد يا حبيبي عايزك تطمني خالص وما تفكريش في اي حاجه غير مستقبلك وبس .
انطلقت الى احضانه كي تشكره على وجوده جانبها وهي تردد بامتنان:
_بجد بشكرك يا بابا جدا ان انت موجود في حياتي وان انت ما سافرتش تاني لاني بجد كنت محتاجة لك قوي .
_ خلاص ياحبيبتي عمرى ماهبعد عنكم تانى … نطقها إيهاب بأسى لما وصل إليه أبنائه من عدm استقرار نفسي ، وأكمل وهو يشـ.ـدها من يداها :
_ طيب يالا قومى نحضر لهم الفطار ونعمل لهم مفاجأة أنا وانتى .
سألته بدهشة:
_ إنت بتعرف تعمل أكل يابابي وتقف في المطبخ ؟
بملامح وجه عابسة أجابها:
_ الغربة بتعلم كل حاجة يابـ.ـنتى ، يالا بسرعة.
وأخذها وانطلقا إلى الداخل كى ينعم معها بلحظات الإحساس بالأبوة والمسؤولية التى حرم منها عمرا بأكمله.
__________________________________
انتهت تلك الليلة على ذاك العروسين اللذان تنعما بحلال ربهم وكل منهم وجد عوضه من ربه فى الآخر ، استيقظ مالك من نومه وجد ملاكه بجانبه ، ظل ينظر إليها بعيون عاشقة وهو يحفر ملامحها التى تزيده رغبة بها ولم يكتفي من عشقها بعد ،
أزاح خصلاتها من على وجهها برقة وهو يحدث نفسه ولكن في حضرة هيامها :
_ لو أخبرونى منذ زمن بعيد أن ربى حافظا لي نصيبى من الجبر بعد كل ذلك الصبر هو أنتى ماكنت آسيت من رحلة عـ.ـذ.ابي ،
لكننى تألمت كثيرا قبل أن أراكى وعشت عمرا بأكمله أتمنى راحة قلبي فقط ولكن معكى أنتى عشْتُ جنتى على الأرض بين يداكى ،
أنهى حديثه العاشق لنفسه وهو يمد يده يتحسس وجنتها برفق مرددا :
_ ريما ، قلبي ، اصحى بقي وحشتينى .
تململت في نومها وهى تردد بخفوت:
_ عايزة أنام بقى ياماما أنا نايمة متأخر .
ضحك بشـ.ـدة على توهانها وأردف وهو يمسك يدها يقبل باطنها:
_ ماما مين ياست ريم هانم ، اصحى كدة إنتي بقيتى في حـ.ـضـ.ـن مالك اللى امتلك روحك وقلبك .
أحست بقبلته علي يداها وفتحت جفونها ببطئ وهى تردد بابتسامة:
_ صباح الخير ياقلبى .
رفع حاجبيه وهتف بمكر:
_ يانهار أبيض دي صباح الخير بتاعتك لوحدها وهي طالعة من شفايفك تسحر ،
ثم غمز لها مرددا بعشق:
_ لاااا ده أنا كدة هدوووب ومش هتلحقينى .
ابتسمت خجلاً من غزله لها وأومأت بخفوت:
_ ايه بقي هو انت كل كلامك كدة ، مـ.ـا.تهدى عليا براحة على قلبي .
اتكأ علي يديها و.جـ.ـعل وجهه مقابلاً لوجهها مرددا بنفس نبرة عشقه لها :
_ مابراحة إنتي ياقطتي ، مين فينا اللى بالراحة على التانى ده إنتي سحرتينى ودوبتينى وجننتينى .
ثم أخذها في جولة عشقه لها وسحرا في عالمهما الخاص وهو يسقيها من أنهار حبه .
_____________________________
بعد مرور شهران على تلك الأحداث في الفيلا التى تمكث بها عبير حيث استمعت إلي تقيؤات ابـ.ـنتها هيام والتى تكررت لمرات عديدة ، ذهبت اليها مسرعة وهي تردد خلفها :
_ يابـ.ـنتي دي رابع مرة وحالتك دي صعبة ، ده غير علامـ.ـا.ت الحساسية اللى باينة على وشك وجـ.ـسمك وانتى عمرك ماكنتى كدة خالص .
انتهت من تقيؤها ونظرت إلي المرآه وهي تتحسس جـ.ـسمها وترى علامـ.ـا.ت الطفح الجلدي عليه ورددت بقلق:
_ فعلاً الموضوع كدة بقى مش مطمن أنا هروح للدكتورة النهاردة وأشوف في ايه بالظبط مش مفهوم .
شجعتها والدتها قائلة:
_ تمام البسي يالا وأنا هاجى معاكى .
وبالفعل بعد ساعة كانتا تجلسان أمام الطبيبة تفحصها بعناية ، وعلامـ.ـا.ت وجهها لاتبشر بالخير ، وبعد فحصها سألتها الطبيبة:
_ هى أعراض الطفح الجلدي ظهرت عليكى من امته بالظبط ؟
أجابتها هيام وهى تهنـ.ـد.م ملابسها :
_ تقريباً من أزيد من سنة بدأت تظهر واحدة واحدة لكن من شهرين بالظبط بدأت تتطور بزيادة ، زي ما حضرتك شايفة .
سألتها الطبيبة بعملية:
_ طيب ملاحظتيش إن عندك ورم تحت الإبط وحوالين الثدى لأنه ظاهر جدا وأنا بفحصك دلوقتي؟
حركت رأسها بنفي وأجابتها:
_ لا محستش ومكنتش باخد بالي من الحاجات دي .
باندهاش تحدثت الطبيبة:
_ إزاي يعنى مبتفحصيش منطقة تحت الإبط باستمرار ومنطقة الثدى ، وخاصة إن في حملات توعية كتييير عن الموضوع ده.
مطت شفتيها بعدm فهم :
_ مكنتش باخد بالى من الحاجات دي خالص ، ومتابعتش أي حملات عن كدة ،
وتابعت باستفسار مغلف بالقلق:
_ هو فيه حاجة حضرتك شاكة فيها يادكتورة ؟
بكل أسف تحدثت الطبيبة:
_ في ورم عندك في الثدى ولازم تعملي التحاليل دي علشان نتأكد إذا كان حميد ولا حاجة تانية لاقدر الله وساعتها هنشوف ،
وتابعت ارشادها :
_ بس أهم حاجة تلتزمى بالعلاج اللى هكتبه لك على مانتيجة التحاليل تطلع .
هنا تحدثت عبير بقلق انتابها على ابـ.ـنتها فمهما فعلت من جرائم في حق أخيها فهى فى النهاية أم وهى ابـ.ـنتها وقلب الأم لايعرف القسوة مهما كان ، فسألت الطبيبة بقلق:
_ طيب هو المرض ده لاقدر الله بيجي من ايه يادكتورة ؟
أجابتها الطبيبة بعملية:
_ دلوقتي مستلزمـ.ـا.ت التجميل اللى طلعت وانتشرت بشـ.ـدة في السنين الأخيرة كلها كيماويات والستات بتستخدmها بطريقة رهيبة ، وساعات بيحطوا كذا مكونات على بعضها كنوع من زيادة العطر فبيسبب تراكمـ.ـا.ت كتييرة وده سبب رئيسى خلى المرض ده انتشر في العشر سنوات الأخيرة دي ، وحاجات كتيرة تانية هي لو بحثت عنها هتعرف ،
وأكملت وهى تدلى تعليمـ.ـا.تها والخطوات التى ستفعلها هيام وهى تمد لها يدها بالروشتة :
_ أنا كتبت لك على التحاليل اللى هتعمليها ولما تستلميها تعالي لي علطول علشان نشوف .
انصعقت هيام من كلام الطبيبة وقلبها يحدثها أنها ليست بخير وباتت رعـ.ـباً وهلعا على حالها وأن القادm لن يبشر بالخير أبدا ،
فخرجت هيام وسبقت والدتها إلي الخارج ، فنظرت عبير إلي الطبيبة مرددة بقلق شـ.ـديد:
_ إنتي شاكة في حاجة يادكتورة ومش حابة تقوليها قدامها ، لو سمحتي طمنينى هي خرجت أهى علشان قلبى مش مطمن خالص من نظراتك ولا كلامك .
تحدثت الطبيبة بأسف:
_ للأسف الشـ.ـديد بـ.ـنتك عندها سرطان ثدي وأنا متأكدة من إن نتيجة التحاليل هتطلع كدة بس عايزة اعرف وصل لأنهى مرحلة بالظبط علشان أتابع طريقة العلاج معاها ، بس بطلب من حضرتك متقوليلهاش حاجة خالص إلا لما نتيجة التحاليل تطلع وساعتها أنا هفهمها كل حاجة .
هنا انفطر قلب الأم على ابـ.ـنتها ودق ناقوس الخطر بقلبها وتأكدت من مـ.ـا.توقعته يوما ، وتحققت عدالة السماء وتأكدت من الحديث ” البر لايبلى والإثم لاينسى والديان لايمـ.ـو.ت فافعل يابن أدm كما شئت فكما تدين تدان” وخرجت من غرفة الكشف وقلبها يتألم و.جـ.ـعا على ماستمر به ابـ.ـنتها من مُرٍِ لم تتوقعه يوما ، فهى كانت تعتز بجمالها بل وتغتر به وكانت دائما على استعداد عن الاستغناء بالغالي والنفيس لأجل جمالها ،
صعدت السيارة بجانب ابـ.ـنتها ولامتها بعتاب :
_ شفتى أخرة البرفانات والمزيلات اللى ملهاش حصر ولا عدد اللى كنتى بتستخدmيها عمال على بطال ودتك لفين ! ودايما كنت بحذرك وأقول لك يابـ.ـنتى مينفعش اللى انتى بتعمليه ده وتخرجى بالريحة الجـ.ـا.مدة دي من باب الدين وفي الآخر ربنا يستر عليكى .
كانت تستمع لوالدتها بقلب يرتعب خـ.ـو.فاً من القادm ولم تستطيع التفوه والرد عليها ، طلبت منها والدتها أن تذهب على الفور الي معمل التحاليل كى تجريها فى نفس الوقت ، وبالفعل ذهبتا إلي المعمل وقامت بعمل كل التحاليل التى طلبتها منها الطبيبة ،
وبعد مرور ثلاثة أيام مكثتهم هيام في خـ.ـو.ف ورعـ.ـب خـ.ـو.فا من النتيجة ، ذهبوا إلي الطبيبة كي تطمئنهم ، اطلعت الطبيبة على التحاليل مراراً وتكراراً ثم نطقت بأسف وبكل صراحة :
_ للأسف اللى شكيت فيه طلع في محله ، سرطان ثدي من الدرجة الرابعة يامدام .
انصعقت هيام من تصريح الطبيبة وأصبحت في حالة يرثى لها وعقلها يجوب بها عن ماسيحدث لها وأصبحت ترى الأيام القادmة هلاك لجمالها وصحتها وفناء عمرها ، وبكت بشـ.ـدة أدmت قلب والدتها ،
تأثرت الطبيبة بحـ.ـز.ن لم تراه من حالات تمر عليها كل يوم ولكن إرادة الله وليس لبشر بها تحكم ، حاولت والدتها تهدأتها فقد علمت من الطبيبة وكانت على معرفة بما ستفعله ابـ.ـنتها ، وأخبرت الطبيبة والدتها بكيفية البدأ برحلة العلاج وطمأنتهم أن الشفاء بيد الله ،
وهاهي الأيام تثبت أن رب العالمين ينفذ قصاصه الحكيم العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص ، ولتعلموا أن الحقد يدmر صاحبه ويلقى به في غيابات جب الكره والانتقام وأن حب النفس و.جـ.ـعلها تنظر للغير ولرزقهم وعدm القناعة بأن رب العباد يؤتى كل ذي حق حقه بنفس المقدار وبميزان العدل .
___________________________
فى منزل زاهر الجمال حيث تهاتف هند صديقتها كالعادة فتحدثت صديقتها مرددة باستفسار:
_ حمـ.ـا.تك عاملة إيه دلوقتي لسه شايطة بسبب جواز ريم ولا هديت .
لوت هند شفتيها بامتعاض وهى تجمع أشياؤها كى تقضي يومان عند والدتها هي وبناتها :
_ لسه زي ماهى متبطلش هرى في الحوار ده كل يوم لما جابت لي صداع ، وكل شوية تلومنى وتسمم بدنى بسبب انى شهدت معاها في المحكمة ، وإني مخليتهاش تتجوز جوزى ، ولية قادرة وعينها مكشوفة ، ده أنا كل يوم بحسبن عليها ليل ونهار بسبب كلامها اللى مش بتبطل تسمم بدنى بيه .
نصحتها صديقتها كالعادة:
_ ياما قلت لك لو جابت سيرة حد بالباطل متلونيش معاها في الكلام وخليكي في حالك علشان ربنا يوفقك في حياتك ،
وياما قلت لك متجبيش سيرة ريم بالوحش وهى عمرها ماعملت لك حاجة وانتي مابتصدقى سيرتها تيجي تعملي زيها بالظبط وتنهشىوا في عرض الولايا، علشان كدة ربنا مش مريح بالك ولا قلبك .
انفجرت هند باكية وهى تردد من بين شهقاتها:
_ أعمل إيه منها لله كل شوية كانت بتذلنى إن بطنها مبتشلش غير صبيان ، وإنها عرفت تلف جوزها وتبلفه أحسن منى ، طول عمرها بتقارن بيني وبينها وتحاول تقللنى في عين نفسي ، لحد ما كرهتها بسبب مقارنتها بيا هى اللى دايما كسبانة وأنا الوحشة التافهة أم البنات اللى بتجيب مشاكل .
هدأتها صديقتها مرددة بإرشاد:
_ إنتي مالك ومالها ، هى تغتاب وانتي سدي ودانك وكبري دmاغك ، هى تقارن بينك وبين أي حد إنتي تخليكى واثقة فى نفسك ودايما تشوفي نفسك أغلى من أى حد في الدنيا ، للأسف ياهند قدرت تخليكى تفقدي ثقتك بنفسك ، أهى فضلت تحسد في ابنها وهي مش واخدة بالها لحد ماجابت أجله ،
وتابعت ارشادها بلطف كى تخفف عنها:
_ المفروض اللى تقول لك ياأم البنات تفتخرى وترفعى راسك كدة وتقولي أنا يزدنى شرف إني أم لتلت بنات أميرات على قلبي ، وربنا يخليهم لي ويبـ.ـارك فيهم ، مش تكتمى فى نفسك وكأنهم بيذلوكى ببناتك ، لازم تكونى واثقة إن موضوع البنات والولاد ده حاجة بإيد ربنا سبحانه وتعالى ، وانتي عندك تلت ملايكة لو ربيتهم بما يرضي الله هتدخلي بيهم الجنة .
هدأت من حالها وأردفت بموافقة:
_ عندك حق أنا فعلاً غلطانه ولولا إنك معايا خطوة بخطوة وقلتي لي أبعت لك الفيديوهات اللى صورتها لها وهى بتتفق مع المحامى واللي كانت بتهددها بيها دايما كان زمانهم رامينى لأنهم خافوا من الفـ.ـضـ.ـيحة اللى هعملها لهم وهى ولية تخاف متختشيش .
وظلت تهاتف صديقتها واعترفت بخطأها في حق ريم ووعدتها أنها لن تخوض في سيرتها مرة أخرى مع تلك الحماه المتجبرة ،
وهبطت للأسفل كى تذهب بيت والدها فقد سبقوها بناتها أمس فهم يعشقون والدتها بشـ.ـدة ،
وقبل أن تدلف استمعت إلي أصوات اعتماد تردد في أذناى ولدها :
_ إنت لسه بردوا مصمم متجوزش على اللى مـ.ـا.تتسمى بوز الإخص هند .
أجابها زاهر بلا مبالاة:
_ أنا ولا عايز اتجوز ولا أتنيل هى كرهتنى في صنف الحريم بحاله ، أنا مش فاضي لوش النسوان اللى مبيخلصش ده ، أنا ورايا شغلي اللي اتوسع وبقى يكبر كل يوم .
كانت تستمع إليهم بحـ.ـز.ن وعيناها تلمع بالدmـ.ـو.ع ، إلي أن أكملت اعتماد زنها له:
_ يابنى اتجوز واحدة صغيرة تجيب لك الواد يشيل اسمك وتدلعك كدة وتجدد لك شبابك.
زاغت عيناه من حديث والدته وأردف :
_ إنتي شايفة كده ياماما ؟
أجابته بتأكيد:
_ ده أنا شايفه ونص وأهي متلقحة فوق أهى هتزعل لها شويه وهتسكت بعد كدة وترضى بالأمر الواقع ،
وأكملت وهى تقوم من جانبه تتجه ناحية المطبخ:
_ أنا هقوم أشوف اللى في الفرن علشان أدوقك عمايل ايديا.
أما هند بعد ما استمعت إليهم نظرت إلي السماء مرددة بدعاء وقلبها يحترق:
_ حسبي الله ونعم الوكيل فيكم انتوا الاتنين ، الهى ربنا يو.لع فيكم ياللي معندكمش ذرة ايمان ولا دين ولا حب .
وتركت المنزل وصعدت سيارتها وذهبت إلي بيت أبيها دون أن تستأذنهم بسبب وجيعتها منهم ،
دلفت اعتماد الي المطبخ وجدت الفرن غير مشتعل وظنت أنها لن تشعله وحدثت حالها:
_ يانهار أبيض بقالي ساعتين مفكرة اني مشغلاه وهو زي ماهو .
ثم أمسكت الكبريت وما إن أشعلته واقتربت من الفرن حتى انفجرت النار في وجهها وكذلك أنبوبة الغاز وشبت النيران في جميع المنزل من أعلاه إلي أسفله وكأن دعوة المظلوم من قلبه بحرقة تفتح لها أبواب السماء،
بعد ساعتين من انفجار الأنبوب وحضرت المطافى ونقلوهم الي المشفى وحالتهم يرثى لها ، وتدmروا كليا ولم يتبقي منهم غير أنفاس وبقايا من شكل بنى أدm ، وكأن الجزاء من جنس العمل حيث قال سبحانه وتعالى
“إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ”
وتحقق وعد الله في آكل مال اليتيم ، أيها الإنسان الدنيا فانية ولا تستحق أكل حقوق العباد فما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلي حال ، فاللهم الاستقامة والقناعة فالرضا لمن يرضى .
↚عصرا داخل البنك الأهلي بمدينة الإسكندريه يجلس جميل على مكتبه يفحص بعض الميزانيات ويراجعها وهو يرتدي نظارته بمهنية،
ثم استمع الى دقات على باب المكتب وأذن للطارق بالدخول،
وإذا به المهندس نادر يدلف وعلى وجهه علامـ.ـا.ت السعادة مرددا بنصر:
_اخيرا وصلت له يا جميل بيه ،
اترصدت له وجبت لك اسكرينات بمحاولاته للسرقة من كذا مكان .
ومد يده بالملف المطبوع به الاسكرينات .
أخذه منه جميل وهو يثني عليه بامتنان متطلعا إليه وعلامـ.ـا.ت السعاده باديه على وجهه :
_عظيم عظيم يا هندسه كنت واثق ومتأكد ان انت هتجيب اخره ما انا مش بشغل معايا اي حد برده ،
واسترسل حديثه وهو متعمق في قراءه الاسكرينات مرددا بتساؤل:
_طيب الاسكرينات دي كفيله انها تسـ.ـجـ.ـنه ولا هيقول ان ده مش ايميله والحوارات دي وخاصه ان انت بتقول ان هو ذكي ومأمن نفسه كويس جدا .
استمع نادر الى سؤاله بتركيز واجابه بدقه شارحا له:
_شوف يا فنـ.ـد.م الاسكرينات اللي مع حضرتك هتلاقيني موضح اربع كافيهات كان متواجد فيهم وهو بيحاول يهكر بيهم البنك ،
والكافيهات دي ملغمه بالكاميرات واحنا لما نقدm الأوراق اللي معانا دي لمباحث الانترنت هي بمعرفتها هتتاكد ان الاسكرينات دي صحيحه وكمان هتلاقي في الملف اللي مع حضرتك صوره له لقطها له لما كنت في الكافيه اللي في الجيزه اللي بالصدفه عرفت اوصل له منه ،
واستطرد شارحا بتنبيه:
_هتلاقي مع حضرتك في الملف ميعاد كل مره راح فيها كل كافيه تقريبا من سبع ايام بالظبط راح الكافيهات دي،
فاحنا لازم نتحرك بسرعه ونبلغ مباحث الانترنت لان الكاميرات بتتفرغ بعد ١٥ يوم بالظبط علشان يتاكدوا .
نظر له جميل وسأله بتركيز :
_طيب انت عرفت ازاي ان هو كان بيروح الكافيهات دي؟
اجابه نادر بعمليه وذكاء:
_كنت مكلف واحد يراقبه ويشوف وهو رايح فين في كل مره بيروح فيها وطبعا انا معايا رقم الأيباد بتاعه كنت ببحث عن مكان الكافيه اللي موجود فيها وانا قاعد مكاني وفعلا بتاكد ان الجهاز ده موجود في المكان ده وبسجل اليوم والساعه زي ما موجود عندك في الاسكرينات .
_هايل هايل يا باشمهندس نادر بجد انت بهرتني،
قالها جميل وهو معجب بذكاء نادر وأكمل باستعجال وهو يجمع الاسكرينات الورقية من أمامه ويعطيها له قائلا باستعجال:
_حالا تاخد محامي من الشؤون القانونيه اللي تبع البنك وتروحوا فورا على النيابه وتقدmوا بلاغ فيه مش هنستنى زي ما انت ما قلت لي ،
علشان يبقى عبره لكل واحد يفكر نفسه زكي عصره وأوانه ويفكر في السرقه بدل ما يستغل موهبته الالكترونيه وذكاؤه في السرقه .
اخذ نادر منه الملف مرددا وهو يقوم من مكانه باستياء:
_انا مش عارف اهالي الشباب اللي زي دي ازاي سايبينهم كده ولا بيسألوهم رايحين فين ولا جايين منين ولا بيعملوا ايه ؟
اجابه جميل بتوضيح:
_والله يا نادر يا ابني ساعات الأب والأم بيبقوا بيسعوا على رزقهم علشان يخلوا اولادهم مش محتاجين حاجه فأكيد الولد ده مش راضي بحاله ولا اللي ربنا قسمه له فلجأ للسرقه واكيد امه وابوه مش عارفين هو بيعمل ايه .
اعتدل نادر بوقفته وانتصب منتويا الخروج مرددا باستنكار:
_ما اعتقدش يا فنـ.ـد.م ان الولد ده من ذوي الطبقات المتوسطه او اللي تحت المتوسطه وده واضح جدا من الكومباوند اللي ساكن فيه،
ومن نوع الأيباد اللي شايله وطبعا عنده كذا واحد وكمان الكافيهات اللي بيروحها ما يدخلهاش اولاد الناس اللي حضرتك بتقول عليهم ،
ثم استأذن من مديره باحترام وتركه،
وبعد ان خرج حدث جميل نفسه بتعجب :
_انا مش عارف ايه الجيل المهبب اللي ما يعلم به الا ربنا ده يعني حالتهم الماديه كويسه جدا وبيسـ.ـر.قو ،
فعلاً مابتهونش إلا علي الغلبان،
ثم عاد الى عمله واثناء انشغاله رن هاتفه المحمول برقم ابـ.ـنته ريما ،
اجابها مبتسماً:
_ريما حبيبه بابا ،
وكاد ان يكمل سلامه عليها الا انه استمع الى انهيارها وهي تردد بنحيب :
_الحقني يا بابا باهر مغمى عليه وعمال افوق فيه مش بيفوق خالص مش عارفه اعمل ايه تعالى لي بسرعه .
انتفض جميل من مكانه وحدثها باطمئنان:
_اهدي يا حبيبتي واشرحي لي ايه اللي حصل بالظبط علشان أتصل بالدكتور وأحكي له .
تحدثت من بين شهقاتها بكلام لم يفهمه والدها بتاتا ولكنه سألها :
_اهدي يا حبيبه بابا انا جاي لك على طول مسافه الطريق بس وهتصل بالدكتور يحيي يجي لنا على هناك،
طيب ما ندهتيش لوالدته ليه ولا لاخوه بدل ما انت لوحدك كده ؟
اجابته وعيونها متعلقه بباهر الملقي امامها :
_ مش موجودين حمـ.ـا.تي ميعاد زياراتها القبور النهارده وبتتأخر وزاهر هو اللي بيوديها وانا هنا لوحدي،
واكملت بكائها بشـ.ـده .
طب يا حبيبتي هدي اعصابك بس علشان الولاد ما يخافوش وانا خلاص 10 دقائق وهكون قدامك ،
قالها جميل وهو يقود سيارته باستعجال ،
وما هي الا دقائق حتى وصل إلى العماره التي تسكن بها ابـ.ـنته وقبل ان يصعد الى الطابق المنشود هاتف الطبيب واستعجله ان يأتي سريعا ثم صعد الى شقة غاليته ووجدها تفتح له الباب بسرعه عنـ.ـد.ما استمعت الى صوت سيارته وأدخلته الى غرفه زوجها،
احتضن يداها وهو داخل لكي يطمئنها،
ووصل الى باهر الملقى على تخته لا حول له ولا قوه نظر اليه نظره عميقه وتحسس كف يديه وجبهته وجدهم مثلجتين تماما،
انخلع قلبه مما جال بخاطره ولكنه لم يفصح عنه خـ.ـو.فا على ابـ.ـنته وفضل السكوت تماما الى ان يحضر الطبيب ويقوم بفحصه لعل وعسى يخلف ظنه،
وبعد ربع ساعه وصل الطبيب وأدخله جميل الى غرفه باهر ،
اخذ الطبيب سماعته وقام بفحصه تماما وبعد ان انتهى نظر اليهم بأسى وحـ.ـز.ن مرددا:
_البقاء لله يا جماعه .
جحظت ريما بعينيها وتحركت براسها يمينا ويسارا وغير مصدقه ما قاله الدكتور للتو وذهبت اليه ممسكه بتلابيب حلته وهي تهزه مرددة بانهيار:
_ايه اللي انت بتقوله ده يا دكتور باهر مـ.ـا.ت!
لا انت غلطان لو سمحت عيد الكشف تاني وتاكد من كلامك من فضلك يا دكتور من فضلك عيده تاني ،
كل ذلك بدmـ.ـو.ع تهبط على وجهها كالشلالات وحدسها يؤكد لها انه ما زال حيا وعلى قيد الحياه وانه لم يمت ويتركها هي وأبناؤها .
نزع ابيها يدها من على الطبيب وجمع معه اشيائه وتركه يغادر ،
الا انها رفضت تماما ان يغادر الطبيب قبل ان يعيد الكشف وهجمت عليهم بكل قوتها مردفه بعنف:
_انت بتعمل ايه يا بابا سيبه بالله عليك يكشف عليه تاني هو اكيد غلطان باهر ما مـ.ـا.تش هو وعدني انه هيفضل جنبي ويكمل معانا انا والاولاد وعدني انه مش هيسيبني خالص هو اكيد غلطان اكيد غلطان .
احتضن ابـ.ـنته وربت على ظهرها كي يهدئها وهي منهارة تماما ولم تستمع لأي من كلمـ.ـا.ته والى الآن لم يصدق حدسها ما حدث وابتعدت عن أبيها وذهبت اليه وهي تحتضنة مرددة ببكاء يمزق القلب:
_لا يا باهر قوم يا حبيبي وانا هعمل اللي انت عايزه ومش هشتغل وهبطل التصميم خالص،
وأكملت وهي تتشبث به بشـ.ـدة :
_قوم يا حبيبي ما تسيبنيش مش هقدر أكمل من غيرك انت وعدتني ان احنا هنكمل مع بعض لآخر العمر ما لحقتش اتهنى بيك ولا اتدفى في حـ.ـضـ.ـنك .
جذبها ابيها من ظهرها واحتضنها وهو يربت على ظهرها مهدئا لها:
_يا حبيبتي هدي نفسك علشان خاطر اولادك بيعـ.ـيطوا من منظرك،
ده عمره والأعمار بيد الله كلنا مسيرنا سايبينها وهنروح للي خلقنا واللي أحن علينا من اي حد وافتكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم
“انما الصبر عند الصدmة الاولى ”
واسترسل حديثه وهو ينظر داخل عيناها ليحثها على الهدوء:
_اهدي يا حبيبه ابوكي اهدي علشان خاطر إبنك الكبير بيرجف من الخـ.ـو.ف والصغير مفلوق من العـ.ـيا.ط كأنه حاسس اهدي يا ماما اهدي .
ما إن ذكر ابيها اسم أولادها جرت عليهم واحتضنتهم ودmـ.ـو.عها على وجهها كالشلالات والتي ايقنت من داخلها انها لم تجف بعد ،
احتضنتهم وهي تهدئ من روعهم فقد كان ابنها الأكبر منزويا في ركن وجـ.ـسمه يرتعش من من منظر والدته وهو لا يفقه شيئا مما حدث لأبيه الى الان مردده له :
_اهدي يا عمر انا كويسه ما فيش حاجه بس يا حبيبي .
هاتف أبيها زاهر اخيه وطلب منه ان يعود الى المنزل لأمر جلل واستعجله ان لا يتأخر هو والدته،
وهاتف ايضا زوجته وابنه رحيم وابـ.ـنته رندا ان يأتوا على عجاله لكي يقفوا بجانب ريما التي اوشكت على الانهيار وهي جالسه بجانب زوجها تنتحب بشـ.ـده ،
وبعد نصف ساعه وصل الجميع وهم لا يفقهون شيئا مما حدث فجميل فضل ان لا يحاكيهم في الهاتف خـ.ـو.فا من ذعرهم ،
صعد زاهر ووالدته الى مسكن باهر كل ذلك وهم يعتقدون ان باهر وزوجته بينهم مشكله كبيره يريدون حلها ولم يخطر ببال احد منهم انه توفى،
دخلوا الى الطابق وجدوا فريده تحتضن الكبير وتربت على ظهره ،
وراندا اختها تحمل الصغير وتهدهد فيه ودmـ.ـو.عهم تنزل على وجوههم بسخاء ،
استنتج باهر ما حدث فجرى مسرعا الى غرفه اخيه وجد زوجته جالسه على الأرض وهي تمسك يداه وتبكي بشـ.ـده ذهب ناحيتها وسألها بدهشة :
_ايه اللي حصل لاخويا يا ام عمر اخويا جرى له حاجه انطقي ؟
_مـ.ـا.ت باهر مـ.ـا.ت وسابني لوحدي انا واولادي مـ.ـا.ت حبيبي مـ.ـا.ت !
وقع الخبر على قلبه كالصاعقه نظر الى اخيه بقلب مفطور وعيون محدقه على جسد اخيه ولسانه كأنه شل ولم يعد على النطق،
ساقته قدmاه الى الجهه المقابله لزوجه اخيه ممسكا بيده وواضعا جبهته عليها قائلا بانهيار :
_لا يا حبيب اخوك وابن عمري مشيت وسبتني بدري واحنا لسه في اول الطريق ،
نطق كلمـ.ـا.ته تلك وهو ينفطر دmـ.ـو.عا على العزيز أخيه ،
اما والدته في الخارج جلست بجانب فريده وسألتها باستغراب :
_هو في ايه يا ام رحيم مالكم يا حبيبتي بتعيطوا ليه هي ريما تعبانه ولا جرى لها حاجه؟
استمعوا الى سؤالها وبكوا جميعا بصوت عالي ولم يقدر اي منهم على نطق حرف واحد،
فهوى قلبها بين قدmيها وجرت الى غرفه صغيرها وما ان وصلت وشاهدت منظر زوجته وابنها الاكبر واستنتجت ما جرى حتى سقطت مغشيا عليها من اثر الصدmه،
هرولوا جميعا ناحيتها عدا تلك الريم التي لم تتحرك من مكانها وهي تبكي على الفقيد الغالي،
بعد مده عادت الى رشـ.ـدها ووضعت يدها على راسها وانطلقت بالعويل مردده:
_اه يا ابني اه يا حبيبي لا يا باهر ما تسيبنيش يا حبيب امك ضاع شبابك ما لحقتش تتهنى بعيالك يا حبيبي قوم يا زاهر قوم يا حبيبي ما تعملش في امك كده ،
وظلت على عويلها ولم يقدروا عليها ان يجعلوها تصمت ،
_____________________________
في نفس اليوم عصرا في دار الأيتام كانت مريم تدلف الى الدار عائدة من الجامعه واثناء دخولها لمحت تلك الشمطاء وهي تصافح مديره الملجأ واخذتها ودلفت معها الى غرفه مكتبها ،
تبعتهم مريم بعينيها الى ان اختفوا من امام ناظريها وساقتها قدmاها الى اقرب مقعد وجلست عليه وهي واضعه يدها موضع قلبها مردده لنفسها بـ.ـارتعاب شـ.ـديد :
_يا مرك يا مريم ما تكونش جايه توريها الفيديو يا فضيحتك يا فضيحتك ،
وأكملت وهي تضـ.ـر.ب على قدmيها بكف يدها:
_اعمل ايه يا رب دلني على الصح،
ادخل دلوقتي عليهم وافهم المديره قبل ما الكـ.ـلـ.ـبه دي تشوه صورتي قدامها ولا اعمل ايه؟
دبرني يارب ،
واستطردت ببكاء:
_انا كده هتطرد من الملجأ وانا لسه في الجامعه ولا ليا مكان يأويني ولا حد يواسيني في مصيبتي دي،
حسبي الله ونعم الوكيل فيكي يا مي ربنا ينتقم منك ويوريني فيكي يوم ويشردك زي ما انتي عايزه تشرديني ،
وأكملت حديثها مع نفسها وهي في حيره اتذهب لهم أم تنتظر مصيرها المحتوم ،
وفجاه رفعت انظارها تجاه الباب وجدت المديره وتلك المي خارجتين من المكتب تصافح كل منهما الاخرى ثم ارتدت مي نظاراتها الشمسيه قائله لمديره الملجأ:
_اي حاجه يحتاجها الملجأ من تبرعات او مساهمـ.ـا.ت انا تحت امرك يا مدام شريفه وربنا يقدرني على فعل الخير .
شكرتها الاخرى بحفاوه وربتت على يديها مردده بامتنان مغلف بالطمع:
_تسلمي لنا يا ست البنات وربنا يجعله في ميزان حسناتك وما يحرمش اليتامى دول من عطاياكي وهداياكي ولا يحرمني انا شخصيا
واسترسلت حديثها بزيف:
_ما تتصوريش معزتك عندي قد ايه يا انسه مي بعتبرك زي بـ.ـنتي بالظبط،
مانا اللي مربياكي هنا مع اخواتك في الملجأ بس إنتي ربنا كرمك واشتغلتي شغل حلو عشان دايما دmاغك حلوه وبتفهميها وهي طايره،
ابتسمت لها مي بسماجه لتذكرها ماضيها في الملجأ والذي تبغضه ولو ودت واقــ,تــلعت جذورها من تلك الملجأ لفعلت مع العلم انها في حياتها لم تذكر امام احد انها كانت مرباه في الملجأ واردفت ببرود:
_طبعا حضرتك زي والدتي وربنا يعلم انا بحبك وبحب اخواتي هنا قد ايه تؤمريني بحاجه تانيه يا مدام شريفه .
ابتسمت لها الاخرى وامائت براسها:
_ما نستغناش عنك يا ميوشه وما تغيبيش عننا يا ليدي يا جميله .
امائت لها براسها بابتسامه وتركتها وذهبت الى مكان مريم وهي تنظر لها بشمـ.ـا.ته من تحت نظارتها ثم اردفت قائله بمراوغه:
_يا ترى العيون الجميله دي بتعيط ليه ايه اللي راعبك قوي كده ومخليكي مش على بعضك يا رومي ؟
واسترسلت وهي تخلع نظارتها وتمسكها بيدها مردده بسخريه:
_يا ترى مصروفك خلص إللي إنتي بتاخديه من الدار هو ده اللي مخليكي قاعده مقهوره كده وبتعيطي يا بيضه ؟
استوعبت مريم سؤالها واردفت بنبره جاده متجنبه سخريتها منها :
_ليه بتعملي معايا كده انا اذيتك في ايه علشان تعملي فيا كده؟
واسترسلت بعيون لامعه من اثر الدmـ.ـو.ع المتجمعه في مقلتيها :
_ليه مصممه تدmريني وتدmري مستقبلي وعايزه تمشيني في طريق انا مش حابه ان انا أمشيه .
لوت فمها واجابتها بنبره ساخطه وهي تنظر داخل عيناها بجبروت:
_انت يا بت هتدخلي لي قافيه ولا ايه ومفكراني يخيل عليا الحركات دي والعـ.ـيا.ط وبيأثر فيا ،
واسترسلت وهي تشير لها بكفاي يديها بامتعاض :
_لا يا ماما غيرك عملوا كده معايا كتير ومجوش سكه معايا،
فاخلصي يا بت إنتي علشان انا جبت اخري منك واديكي شفتيني وانا خارجه مع المديره قلبك وقع في رجليكي فما بالك بقى لما اسيطك يا مزه .
فكرت مريم وهي تدور بمقلتيها الى جدران الدار التي تحتويها ان تجاريها في حديثها الى ان تنتهي من سنتها الدراسيه وهي محاطه بتلك الجدران بعنايه ،مردفه بتردد:
_طيب ممكن تديني فرصه لحد ما اخلص السنه دي علشان خاطر اكون فاضيه معاكي وعلشان ما اقصرش في مذاكرتي .
ضحكت مي بصوت عالي وهي تنظر لها مجيبه لها بسخريه:
_انتي يا هبله انتي مفكراني دقه عصافير ولا لسه نونو بيضحك عليها من حته عيله زيك لا يا ماما انا فاهماكي كويس جدا ،
واسترسلت وهي تكشف لها طريقه تفكيرها المكشوفه امامها:
_انتي عايزه بقى تخلصي السنه بسلام وامان وبعد كده مش هيهمك حاجه ما انتي اتخرجتي بقى وساعتها هتقولي لي امك في العشه ولا طارت ؟
واستطردت وهي تضع يدها على كتفها بتهديد:
_ مش مي اللي تتختم على قفاها وبعدين يا ستي لو على الدراسه مش هطلب منك غير فيديو واحد بس كل اسبوع واظن ده مش هيعطلك عن المذاكره مجرد فيديو هياخد ساعه منك ولا هيعطلك ولا هيبطلك ،
ها إيه رايك بقى؟
واكملت بسخريه:
_انا كده طيوبه خالص وعملت معاكي الصح وزياده .
نزعت مريم يدها من على كتفها بشـ.ـده واردفت بقوه:
_ ده بعدك يا حقيره نجوم السماء اقرب لك من ان مريم عماد تبقى منحطه ووضيعة زيك ،
واسترسلت حديثها وهي تشير اليها بسبابتها:
_انا عندي انام في الشوارع وعلى الارصفه وعندي امـ.ـو.ت من الجوع او اتسـ.ـجـ.ـن من التشرد بس بشرفي ولا اني ابقى سـ.ـا.فله زيك .
اتسعت عيناها بذهول من تجرؤ تلك المريم عليها واهانتها بتلك الالفاظ ورددت بنظره محرقه لو طالت الاخضر لجعلته يابسا:
_واللي خلق الخلق يا مريم لادفعك كل اهانه اهنتيها لاسيادك يا لقيطه .
قالتها بملامح وجه مكفهره من الغضب الشـ.ـديد،
وما كادت ان تختفي من امامها الا ان مريم باغتتها وهوت على وجهها بضـ.ـر.به من أثرها اطاحت بها الى الخلف مردفه بعنف:
_اللقيطه دي تبقى إنتي اما انا ليا اصل وفصل وانتي عارفه كده كويس قوي ان انا يتيمه مش لقيطه في فرق كبير ما بينهم هم الاتنين، كبير ،
واكملت مريم بتوضيح:
_في لقطاء كتير اشرف منك لان ما لهمش ذنب في غدر الزمان بيهم واللي حملهم اللقب ده .
ثم تركتها مستشاطه ودخلت الى الدار بسرعه ودmـ.ـو.عها منهمره على وجهها .
اما الأخرى كانت مصدومه وهي واقفة وواضعة كف يدها مكان الصفعه التي تلقتها على حين غره وهي تتوعد بداخلها لتلك المريم بأشـ.ـد انواع الهلاك ،
وغادرت الى سيارتها بخطوات سريعه وعيون تشبه عيون الشياطين في نظرتها ،
أما مريم كانت مرتبكة خائفة وأمسكت هاتفها تتصفحه وأول شئ وقعت عيناها عليه منشورا من أحد الصفحات العامة محتويا:
“كن بخلقك ينصلح أمرك”
فاطمئن قلبها أن رب الخير لا يأتي إلا بالخير .
________________________________
في مكتب مالك الجوهري
يجلس على مكتبه و هو يشاهد ملف عارضات الازياء المحجبات اللاتي تقدmن الى المسابقه التي اجريت من اجل اختيار افضل خمسه منهم ،
والذي قام علي بدوره باختيار هؤلاء الخمسه وارسلهم الى مالك لكي يدلي برايه النهائي ،
واثناء انشغاله دلف اليه علي وجلس مقابله متسائلا بمهنيه:
_ها يا بص ايه رايك في الخمسه اللي انا اخترتهم تمام ولا فيه واحده مش عاجباك ؟
رفع مالك انظاره من على اللاب توب واجابه وهو يومئ براسه:
_لا برافو عليك يا علي اختيارهم مناسب جدا وجميل دلوقتي عايز تجمعهم لي علشان خاطر افهمهم النظام ماشي ازاي،
واسترسل حديثه وهو ينظر الى ساعته:
_ انا قدامي نص ساعه كده اخلص فحص التصاميم اللي قدامي وتكون جمعتهم لي في غرفه الاجتماعات .
واستر سل متسائلا بتذكر:
_اه صحيح هي ريما ستور ما بعتتش ليه تصميم اللي كان من يومين مش عادتها التأخير يا ترى بتفكر في ايه واللي خلاها تتاخر علينا ؟
اجابه علي وهو يرفع كلتا يديه كعلامه لعدm معرفته السبب :
_والله ما اعرف يا مالك انا حاولت ابعت لها اليومين اللي فاتوا لكن هي قافله الواتس بتاعها خالص ومش بترد مش عارف في ايه بالظبط !
ممكن يكون عندها ظروف او تعبانه مثلا علشان كده مش عارفين نوصل لها لعل المانع خير ما تقلقش ،
ثم ضـ.ـر.ب على جبهته كعلامة للتذكير:
_ بقول لك صحيح جوليا أخدت الشحنة كلها وعجبتها جداً ، أنا مش فاهم يا أخي الست دي مهتمة بمصنعك إنت بالذات دونا عن باقي المصانع ؟
مط شفتيه باستنكار:
_ إنت هتقر علينا ياعم ، امسك الخشبة ينوبك ثواب ، الست بتحب شغلنا وبتقدره .
تحدث علي مبتسماً بخفة:
_ بتحب شغلنا! أه ، ماشي ياعم مالك ،
ثم انتصب واقفا أمامه واردف قائلا:
_ هروح امر على المصنع في النص ساعه دول وهبلغ السكرتاريه تجمعهم لك وهاجي لك على غرفه الاجتماعات كمان نص ساعه .
واثناء فحصه لتلك الفتيات فتح اعينه على وسعهم ممن رآها والذي لم يتوقع في يوم من الايام انه لن يقابلها مره اخرى ،
وبعد الانتهاء من فحصه انتصب واقفا وهو يغلق ازرار حلته وانتوي المغادره الى غرفه الاجتماعات،
وبعد قليل وصل اليها وولج الى الداخل وجد علي والفتيات في انتظاره القى عليهم السلام ببشاشه وجه مرددا بتواضع:
_السلام عليكم ورحمه الله يا اهلا بيكم في تيم مالك الجوهري اتفضلوا اقعدوا .
رددوا السلام جميعهم ومن بينهم تلك التي تبتسم ابتسامتها الحالمه ظنا منها انه سيجن فرحا من رؤيتها،
تحدث مالك بمهنيه:
_دلوقتي هعرفكم على النظام اللي هنمشي عليه في مجموعه مالك الجوهري ،
هيجي لكم فريق مدربين سيدات هيدربوكم على طريقه العرض اللي احنا هنعملها باذن الله في السيزون ده،
واكمل حديثه بابانه:
_انتم عارفين ان مجموعه الجوهري بتهتم بالدقه جدا في العرض والعرض ده بالذات نازلين بتصاميم جديده ومختلفه تماما عن اي سنه وانا واثق انكم هتجتهدوا معايا علشان خاطر العرض ينجح وشغلنا ينتشر بشكل اكتر .
امائت له جميعهمن بتأكيد على حديثه وانهن سيفعلن قصارى جهدهن لكي يقدmوا الأفضل وانهن سعيدات جدا للانضمام الى مجموعه الجوهري ،
وبعد وقت استغرقوه في المناقشات وهم يضعون جميع النقط على الحروف اذن لهم مالك بانتهاء الاجتماع،
خرجوا جميعا ما عدا التي تتمهل في جمع الاوراق من امامها كحجه للانفراد مع مالك لكي تتحدث معه،
ولكن خاب املها وهي تراه يخرج امامهم ،
لملمت اشياؤها باستعجال وجرت مسرعه ووجدته يهرول ناحيه المصعد الكهربائي،
وقبل ان يغلق مالك باب المصعد اقتحمت هي المصعد قبل ان يغلق الباب،
نظر اليها مالك بإستغراب شـ.ـديد وتحدث ،
_____________________________
في منزل باهر الجمال
يجلسون جميعا في صمت تام ووجوههم تبكي دmـ.ـو.عا بلا صوت وقلوبهم تنزف و.جـ.ـعا بلا جـ.ـر.ح
وما زالت الصدmه تعتلي وجوههم على ذلك الفقيد،
ولكن لم تكن والدته من ضمن الجالسين لانهيارها التام ،
فقد احضروا له الطبيب عند اغمائها ولكن ما ان عادت الى رشـ.ـدها عاودت العويل مره اخرى بشكل مريع فاضطر الطبيب أن يعطيها مصلا مهدئا لكي لا تفقد اعصابها او يحدث لها انتكاسة مفاجاه فهي كانت اجرت عمليه قلب مفتوح منذ عشرة اعوام فخافوا عليها ان يحدث لها شيء ،
انهى والد ريما جميع الاشياء الخاصه بالدفن وذلك لان اخيه منهار تماما ففعل كل شيء هو ورحيم ولده،
وبعد عده ساعات من الاجراءات دفن باهر في مشهد تقشعر له الأبدان من قسوه رؤيته،
فالجميع في حاله حـ.ـز.ن شـ.ـديد وانهيار من البعض وتماسك من البعض الاخر ومن ضمن المنهارين تماما زوجته ريم حيث كانت جالسه على تختها تحدث حالها بكلمـ.ـا.ت تنقطع لها القلوب :
_غادرت وتركتني ولم تعود وعلى العهد لم تبقي ،
وذهبت الى لحدك وتركتني وحدي أعاني مر البعاد بدون ان ارضى،
ساعيش واتنفس ولكن روحي دفنت معك و قلبي مـ.ـا.ت ولم يعد يحيى ،
سلام الله على العزيز زوجي من الوحدة فيارب اجعل مسكنه خير المأوي .
واكملت حديثها مع نفسها وهي تنظر الى اطفالها بقلب ينشطر على يتمهم وهم في المهد صبيا :
_كيف لك ان تتركني وحدي يا نبض القلب وكيف لي ان اتحمل ان اعيش تلك الحياه وامضي مع تلك الايام بدونك يا عشقي الابدي،
ماذا سيكون طعم الحياه بدون انفاسك العطره التي كنت استنشقها ،
فيا رب خفف علي قلبي وعلى روحي ألم الذكري ،
كانت تحادث حالها بدmـ.ـو.ع منهمره على وجهها والتي تاكدت انها لن تجف بعد اليوم بعد فقيدها الغالي وهي جالسه القرفصاء على تختها،
أما اخيه في حاله لا يختلف عنها كثيرا فقد كانوا اخوه متحابين مترابطين متعاونين وأخذ يحدث نفسه بلوعة الفراق:
_غادرتني يا أخي ولم أنتهِ من أحاديثي معك، فكل أشجاني ذابت إلا اشتياقي إليك، ما زلتُ يا أخي أرى الود في عينيك رغم المسافات وحنيني إليك. أخي وإن جار الزمان وافترقنا، فلا القلب يهدأ ولا الروح تنساك ،ما أجمل تلك الأيام يا أخي، كنا والحب رفيقنا نلهو معًا بلا تعب،
يارب إن لي أخًا قابعًا داخل القبر الذي بلا جدران، فاحفظه بحفظك يا الله، وإرحمه برحمتك ،
أرجو. في صباحي ومسائي نهاري وليلي، سباتي وصحوتي لا أرجو من الله إلا أن يدخل جنان الخلد،
ربي إني أستودعك أخي و روحي فحاسبه برحمتك لا بعدلك ،
رب إني رجوتك أن تجعل أخي من الساكنين جنتك وأن ترحم قلبي وتجبر كـ.ـسره.
وظل على وضعه يبكي دmـ.ـو.عا على اخيه الذي توفى دون ان يودعه او ان ياخذه بين احضانه مـ.ـا.ت على فجأه ويا ويلنا من مـ.ـو.ت الفجأه ،
اما عن والدته بعد أن أفاقت الاخرى والتي زارتها الكوابيس في غفوتها تجلس على الفراش تنتحب بشـ.ـده فولداها هم كل حياتها،
ولم تأبي أن تتزوج بعد أبيهم وفضلت أن تعيش مع أبنائها وأحفادها ،
نائمه على فراشها تبكي وعيونها منتفخه من كثر البكاء مردده :
_مع السلامه يا حبيبي يا اللي فارقتني بدري بدري ويومك كان قبل يومي ما كنتش اتوقع ابدا اني انا اللي اودعك مش انت اللي تودعني،
طب كنت استنى لما اخدك في حـ.ـضـ.ـني واشم ريحتك لآخر مره اه يا باهر اه يا حبيبي،
يا رب صبر قلبي يا رب اه يا قلب المكوي على فراقك يا ابني،
وظلت تردد كلمـ.ـا.ت العويل وزوجه ابنها بجانبها تهدئها ولكن لا فائده وظلت علي وضعيتها كما هي .
______________________________
_بقول لك ايه انا هبعت لك فيديو وهقول لك على اللي هتعمله لي فيه بالظبط عايزه حاجه متكلفه متروقه علشان خاطر دي واحده حبيبتي وعايزه اوجب معاها قوي،
استنشق الآخر زفيره بصوت مقزز من اثر المـ.ـخـ.ـد.رات التي يتجرعها مرددا بفظاظه:
_ده انت تؤمريني يا ست الهوانم ده انا هخلي اللي يتفرج يدعي لك على الحلويات اللي انا هعملها لك،
واسترسل حديثه وهو يلهث المـ.ـخـ.ـد.ر الذي امامه قائلاً بطمع:
_بس وحياه الغاليه اللي هنوجب معاها تزودي لي الاوبيج شويه،
زي ما انتي عارفه الدنيا غليت والكيف بقى مزاجه عالي قوي قوي وسعره غالي على الاخر يا ست الناس .
اشمئزت هي من صوته والحركات التي يفتعلها من اثر المـ.ـخـ.ـد.ر هادرة به باشمئزاز:
_ايه القرف اللي انت بتعمله ده وانا بكلمك مش قادر تبطل شرب لحد ما اخلص معاك المكالمه ! تاتك القرف،
وأكملت بنبرة صوت حادة وعيون تنطق شر
_انت عارف الفلوس ما تفرقش معايا وان انا بخدm اللي بيظبطوا لي الشغل من غير ما يطلبه اعمل لي انت بس المفيد وانا هروق عليك على الاخر،
ما تتأخرش عليا زي المره اللي فاتت وتنسى نفسك ،
قالتها تلك الشمطاء واغلقت الهاتف في وجهه وهي تنوي في داخلها من الشر ما لا يرضي رب ويؤذي العبد ويرفع من الذنب .
احيانا تبتلينا الحياه بصدmـ.ـا.ت يتوقف عندها عقلنا ونبات نجزم أن تلك الصدmـ.ـا.ت ستكون نهايتنا ولكن ما هي الا بدايتنا .
____________________________
في نفس اليوم عادت راندا الى منزلها في وقت متأخر من ساعات الليل بعدmا تأكدت من نيام اختها هي وابنائها وتركت معها والدتها ووالدها فهم اصروا البيات معها والا يتركوها وحدها في تلك الازمه الصعبه،
دخلت الى المرحاض واخذت حماماً يزيل عنها اثر فاجعه اليوم فهي حزينه على اختها الصغيره حـ.ـز.نا شـ.ـديدا ،
ولكن ماذا عساها أن تفعل بحـ.ـز.نها في تلك الفاجعه ؟
واوت الى تختها واتأكت بظهرها على شباكه وامسكت هاتفها واتصلت بزوجها تخبره برجوعها، اما هو عنـ.ـد.ما وجد نقش اسمها على هاتفه اجابها على الفور مرددا بقلق:
_حمد لله على السلامه يا حبايبي لسه راجعين دلوقتي ؟
اجابته بصوت مختنق من اثر الدmـ.ـو.ع الظاهره على وجهها والتي لم تهدا الى الان:
_اه يا حبيبي لسه راجعين يا دوب الاولاد خدوا شاور ودخلوا يناموا هم كمان ياحبه عيني انفطروا من العـ.ـيا.ط النهارده على جوز خالتهم انت عارف هما كانوا بيحبوه قد ايه .
كان يستمع الى حديثها بقلب حزين لابتعاده عنهم في تلك الازمه مرددا بأسى:
_ما تتصوريش كم الحـ.ـز.ن اللي انا حاسس بيه دلوقتي وأنا بعيد عنكم في الظروف دي بجد انا مخـ.ـنـ.ـوق خـ.ـنـ.ـقه ما يعلم بيها إلا ربنا ،
واسترسل حديثه بأمل مفقود:
_للأسف اول ما سمعت الخبر حاولت احجز طيران بس ما كانش فيه طيران النهارده في الوقت ده ،
بس انا حجزت بكره ان شاء الله طياره ستة الصبح وعلى عشرة كده هكون معاكم .
فرحت بشـ.ـده لمجيئه لأنها في اشـ.ـد الاحتياج اليه في تلك الايام الصعبه وأردفت متسائله:
_طب يا حبيبي مش كده خطر عليك في الشغل ان انت تاخد اجازه مفاجاه مش لازم تستاذن في الاجازه قبلها بتلت ايام على الاقل ؟
اجابها مطمئناً إياها بتوضيح:
_ما تقلقيش يا حبيبتي انا حكيت لهم الظرف اللي خلاني اسافر على فجاه وهو عذروني طبعا وفورا فضولي على اجازه اسبوع هقضيه معاكم واعزي ريما واخد بخاطرها وارجع على طول،
واسترسل بدعاء و ملامح وجه حزينه :
_ربنا يصبر قلبها ويعينها على البلاء الشـ.ـديد اللي هي فيه ويعينها على تربيه اولادها من غير ابوهم ،
واستطرد متسائلا:
_الا قولي لي حالتها عامله ايه يا راندا ؟
تنهدت بثقل والم انتاباها إثر سؤاله على اختها ورددت بحـ.ـز.ن شـ.ـديد:
_ والله يا ايهاب ريما حالتها ما تطمنش خالص ما بتنطقش وما بتتكلمش،
حتى عـ.ـيا.طها بتعيطوا بسكوت وانا خايفه عليها لا تنهار ولا يجي لها صدmه عصبيه،
ثم انفجرت في البكاء عنـ.ـد.ما تذكرت حاله اختها .
انخلع قلبه من بكائها وهو ليس بجانبها ولعن الغربة وايامها بسبب عدm وجوده بجانب زوجته وحبيبته لكي يخفف عنها ويواسيها ،
وظل يهدئها ويطمئنها بكلمـ.ـا.ته لكي يخفف عنها ألم الحـ.ـز.ن ،
وأغلق معها الهاتف لكي تخلد إلي النوم لكي ترتاح من ذلك اليوم الشنيع عليهم جميعاً ،
وقام يعد حقيبته لأنه لم يتبقي إلا سويعات قليلة علي ميعاد سفره بقلب متعجل لرؤية الأحباب حتي لو كان الظرف قاسي .
تري مالمخبأ لأبطالنا من ويلات الزمن ؟
↚-من انتي تلك الحسناء التي تراود خيالي كل وقت وحين ؛
كالفراشة العابرة حين يمر طيفك في بالي وأحس بالحنين ؛
ولمحه الحـ.ـز.ن في عينيكي تشغل عقلي وحينها أشعر بالجنون ،
وعنـ.ـد.ما أعود إلى رشـ.ـدي أعاتبه لما تسأل عن المكنون ؛
فيجبب قلبي أن طيفك يستحق الانشغال ويجمع عقلي الظنون؛
وأعود أفكر في المكنون بكل إحساسي وتشتاق الجفون .
خاطرة رحيم المالكي
في منزل راندا المالكي عصراً
يجلس ايهاب متأكا على تخته ومحتضنا زوجته وحبيبة ايامه راندا مرددا لها بحـ.ـز.ن :
على قد ما أنا كنت جاي الأجازة دي حزين علشان باهر الله يرحمه،
علي قد مانا حسيت ان طاقتي اتجددت ،
انا روحي هنا معاكم وفي وسطيكم هناك حاسس اني شريد وغريب وحياتي مفتقدة طعم الحياه ودفا البيوت ،
ثم أمسك يديها وقبلهما مرددا وهو ينظر داخل عينيها بحب :
_واكتر حاجه هفتقدها حرماني منك يا حبيبه القلب والروح يا ساكنه الوجدان ،
ما تتصوريش لما بسافر واسيبكم اول اسبوع بيعدي عليا ازاي الأكل ما لهوش طعم والنوم بالعافـ.ـية والدنيا وحشه جدا لحد ما أحس ان انا خلاص اتأقلمت واخدت على كده وامشي في دوامه الحياه .
تجمعت غشاوه الدmـ.ـو.ع في مقلتيها واحست بمدى العـ.ـذ.اب الذي يعيش فيه زوجها في غربته فهي مهما كان تعيش مع ابنائها وفي وسط عائلته يخففون عنها القليل من الآلام ، اما هو ولا جليس ولا أنيس يمرر ثقل الأيام والوحدة وتحدثت بحـ.ـز.ن عميق :
_يا حبيبي بجد كلامك بيقطع في قلبي وبيحسسني ان احنا جانيين عليك،
وان انت جاي على نفسك زياده عن اللزوم علشان خاطر تسعدنا كلنا وتوفر لنا حياه كريمة نعيش فيها ،
بجد انا نفسي ان انا نفضل معاك هناك على طول وما نسيبكش خالص بس هعمل ايه تعليم الأولاد صعب هناك جدا وكمان بابا وماما ما يقدروش ما يشوفونيش كل سنتين مره ،
بجد عناء الغربة صعب علينا جدا بس هنعمل ايه ادي الله وادي حكمته ،
و استرسلت حديثها وهي تنظر داخل عينيه بحب:
_بس انت عارف لما بكون جايه لك بحس ان انا عروسة رايحه لعريسها يوم فرحها وان الفرحة مش سايعاني اني خلاص هترمي في حـ.ـضـ.ـنك واشم أنفاسك واتمرمغ جوه حـ.ـضـ.ـنك واطفي الاشتياق اللي بيسببه بعدك عني .
ابتسم بحب على كلامها وشـ.ـدد من احتضانها وتحدث بوحشة :
_ياه يا راندا ما تتصوريش لما بتكوني في حـ.ـضـ.ـني زي دلوقتي كده ببقى مش عايز الوقت يمشي غير لما اشبع من حـ.ـضـ.ـنك ولو اني واثق ومتأكد انه ما يتشبعش منه ابدا ،
حـ.ـضـ.ـنك بالنسبه لي الكتف اللي بيسندني من الشقي ،
واللي بيديني طعم للحياه من صراعتها اللي ما بتنتهيش ،
انا بعد الأيام والسنين علشان خاطر اقول قربت ونتجمع انا وانتي والأولاد ومع
↚ليتَ الزمَّانُ يعُودُ يوْماً ما كُنتُ اقْتَرفتْ ،
آهٍ على و.جـ.ـعِ الفراقِ ومنْ آلاَمِه احترقتْ،
ليتَنِي ظللَتُ على العهدِ فمِنْ عـ.ـذ.ابِ الضميرِ تألَّمتْ ،
ليتكَ يا المـ.ـو.تُ شخصاً لكنتُ منكَ اعتذرتْ وفي حضْرَتِكَ تذلَّلْتُ لكي تُبْقِي لي مَنْ عَشِقْتْ ،
خاطرة ريم المالكي
شهقت بصوت عال وهي تخرج من سيارتها ووجدت تلك الماثل امامها وهو يردد بطريقة مقززة :
_حمد لله على السلامة يا ست البنات لا ست الستات بحالهم .
وضعت يدها على صدرها كعلامة على فزعها وأجابته وهي تنظر له نظرات غضب :
_جرى ايه يا زفت انت !
انت بتطلع من أنهي داهية ؟
خضتني ينقطع أجلك يا بعيد .
غمز لها كلينتون بعينيه وأجابها بابتسامة مستفزة :
_بعد الشر تفي من بقك يا كائدة ولما كلينتون ينقطع اجله مين اللي هيعمل لك الحلويات اللي هو بيعملها ويقدmها لك على طبق من دهب ؟
نظرت له باشمئزاز من طريقته المقززة وأجابته بحدة بالغة وبطريقة آمرة :
_شوف يا زفت انت بعد كده ما تجيليش على فجأة ،وايه الألفاظ اللي انت بتقولها دي اتمدن واعرف انت بتتكلم مع مين ،بعد كده نقي الفاظك قبل ما تقولها .
فرك هو علي رقبته من الخلف وهو ينظر يميناً ويساراً وأجابها باعتراض علي طريقتها :
_ شوفي ياست هانم سيد كلينتون ما بيحبش اللي بيتعامل معاه أنه دون المستوى انتي عارفة انا مطلوب لدي جميع المواكع ” المواقع” والسوشال ميديم ” السوشيال ميديا”
فخلينا نتعامل مع بعضينا يا كائدة كل منا يوكر ” يوقر ” الآخر إنتي ليكي مصلحة فتعاملي كلينتون كما ينبغي ان يكون ،
تماموز ياكائدة ولا أشـ.ـد وأخلع ومـ.ـا.ت الكلام علي كدة .
وكاد ان يغادر الا أنها اشارت اليه بيديها ان يقف مكانه ورددت بهدوء لما استشفت غضبه من طريقتها المقززة عنـ.ـد.ما تنظر لها:
_لا عيب عليك انك تتكلم مع القائدة كده هو انت هتلاقي حد يحلي لك بقك زيي ولا يراعيك زي ما انا ما مراعياك،
بس انا كل الحوار ان انا جتتي اتلبشت من طريقه دخولك عليا وبعدين ما تزعلش يا كلينتون ،
واسترسلت حديثها وهي متصنعة الزعل ورددت بعتاب مصطنع :
_ وبعدين مش عيب لما تقارن القائدة بالشمامين إللي بتتعامل معاهم ،
انا كده زعلت وهجيب ناس تزعل معايا وانت عارف انا زعلي وحش .
استمع إلي حديثها وأجابها وهو يرفع يداه الإثنين امامها مرددا باعتراف:
_ في دي عندك حق ياكائدة إنتي متتقارنيش بالواغش دول ،
وانا حقاني والاعتراف بالحك فديلة
↚آه علي تلك العيون الساحرة فبكائها يذبحني ،
آه علي تلك الفتاةفحـ.ـز.نها يمزقني ،
أشعر بآلامك وأطمئنك علي سلامك فاهدئي ،
لن اتركك وأعدك سأخوض طريق الشوك معكي فاطمئني ،
جففي الدmـ.ـو.ع وسنداوي الآلام سويا وسنصل للأمام فانهضي ،
خاطرة رحيم المالكي
نزل مالك من سيارته وخطي بساقية داخل منزله وجد والدته وأخته ألقى السلام عليهن وذهب الى اخته واخذها بين احضانه وقبلها من راسها مرددا باعتذار :
_ انا اسف يا هيام على اللي حصل المرة اللي فاتت صدقيني كان غـ.ـصـ.ـب عني بس انا برده معذور ما كانش ينفع تدي رقمي لنهال خالص انتي عارفه ان هي صفحة وانا طويتها ونسيتها ومش عايز افتكرها تاني .
ابتسمت هيام ببرود ورددت على اعتذار أخيها قائلة :
_معلش يا مالك مش عايزين نتكلم في الحوار ده تاني انا لسه كنت مفهمه ماما اني مش هتدخل في اي حاجة تخصك تاني وده قرار أخدته مع نفسي علشان نفضل اخوات وحبايب ولا انا عايزه أخسرك ولا حابه اني أدخل في جدال معاك يخلينا نوصل لطريق مسدود مع بعض .
ابتسم لها مالك بحب وتحدث متسائلا :
_تمام يا هيام كده أفضل برده علشان نبقى في السليم ،
قولي لي اخبـ.ـارك ايه وأولادك عاملين ايه بقى لي كتير ما شفتهمش بتيجي لوحدك ومش بتجيبيهم معاكي ليه ؟
اجابته هيام ببرود:
_والله انا ببقى راجعة من أي مكان بره وهما ساعات بيبقوا في الدروس او في النادي فبقول اعدي على ماما اشوفها علشان خاطر بيعطلوني وبيشغلوني لكن احنا ان شاء الله جايين كلنا يوم الجمعه علشان ماما حابه تشوف الاولاد ويتغدوا معاها .
تحدثت والدتهم وهي تنظر اليهم براحه مرددة بدعاء :
_ايوه كده يا حبايبي ربنا ما يحرمكوش من بعض ويبعد عنكم العين ويجعلكم دايما سند وعون لبعض عايزاكم تفضلوا كده في حياتي وبعد ممـ.ـا.تي علشان اكون مرتاحة .
انقبض قلب مالك عنـ.ـد.ما ذكرت والدته المـ.ـو.ت فهو لا يتخيل حياته بدونها ابدا وامسك يده يقبلها مرددا بحـ.ـز.ن :
_بعد الشر عليكي يا أمي ربنا يخليكي لينا وما يحرمناش منك ابدا يا ريت ما تجيبيش سيره المـ.ـو.ت تاني علشان خاطر بتتعبيني نفسيا لأني ما اقدرش اتخيل حياتي من غيرك يا حبيبتي .
اما هيام نظرت الى والدتها قائله بنفي:
_وانا كمان بعد اذنك يا ماما ما تجيبيش سيره المـ.ـو.ت ده تاني علشان إنتي عارفه انت بالنسبه لي ايه إنتي مش امي بس انت امي واختي وكل حاجه ليا في الدنيا ربنا يخليكي لينا يا ست الكل .
ابتسمت اليهم والدتهم ورددت بايمان قائله :
_يا حبايبي المـ.ـو.ت علينا حق وانتم ما بقيتوش صغيرين ربنا يحفظكم عايزاكم دايما تحبوا بعض
↚بعد مرور اسبوعان على تلك الأحداث في منزل راندا المالكي عصرا حيث تجلس هي وابناؤها يتحدثون في أمور سفرهم الى أبيهم وتجلس أوسطهم،
مهاب على يمينها وسما على يسارها تتحدث اليهم بتوضيح :
_شوفوا ياحلوين انا خلاص قررت ان احنا نسافر لباباكم اونكل باهر الله يرحمه مـ.ـيـ.ـت بقى له شهر خلاص مش بإيدينا حاجه نقدmها لخالتو ريم ربنا يديها الصبر يارب ،
واستطردت بنبرة حماسية لأخذها قرار السفر إلي زوجها وحبيب روحها:
_عايزين نسافر لباباكم من غير ما نقول له نعملها له مفاجأة وهو مش هيصدق نفسه، فاكرين من كذا سنه لما عملنا له المفاجأة دي وما كانش مصدق نفسه ان احنا جينا ،
ها إيه رأيكم هتبقوا معايا ولا هتبوظها لي ؟
صفقت سما بيديها كعلامة على فرحتها السفر الى والدها ثم احتضنت والدتها مردده بحماس مماثل :
_واو فكرة جميلة يا مامي إنتي عارفة انا بعشق جو المفاجآت ده واكيد بابي هيطير من الفرحه لما يشوفنا ووعد مني هعمل وضع السايلنت ومش هتكلم نهائي الدور والباقي على الأستاذ مهاب اللي ممكن يبوظ لك الخطه .
قالت سما تلك الكلمـ.ـا.ت وهي تخرج لعابها لأخيها كعلامه على استفزازها له على سبيل المداعبة ،
اما مهاب قام بإلقاء الوسادة في وجهها مرددا بنبرة اعتراضية :
_شوفي بقى يا ماما البـ.ـنت دي حطاني في دmاغها وهي اللي بتبدا معايا بالاستفزاز الأول اهو علشان خاطر تكوني عارفة وكل حاجه قدامك ،
وأكمل وهو الآخر يخرج لعابه لها ردا على استفزازها :
_لعلمك بقى يا ست سما انا كمان مش هتكلم ولا هفتح بقي علشان خاطر انا نفسي اعمل المفاجأة دي انا كمان لبابا .
أشارت هي بكلتا يديها الى الاثنين مرددة بنفي لأولادها وموضحه عدm رضاها على طريقتهم في الحوار :
_بذمتكم انتم الاتنين ده طريقه حوار ما بين ولد وبـ.ـنت راقيين خريجين مدارس خاصه ؟!
وتابعت بعتاب لكلتاهما :
_شوفوا بقى انتوا الاتنين إن ما انظبطوش في طريقة الكلام مع بعض مش هنسافر خالص،
ينفع لما تروحوا عند بابي وتبقوا بالمنظر ده قدامه يقول عليا ايه ما عرفتش أربي مثلا !
زمت سما شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحـ.ـز.ن ممزوج بإعتذار وتحدثت بنبرة حزينة مفتعلة :
_بالله يا ماما ما تزعليش احنا بنهزر انا ومهاب مع بعض هو في احسن من تربيتك لينا يا ست الكل ،
ثم نظرت الى أخيها وأكملت مرددة بتأكيد على حديثها :
_ صح ولا أنا غلطانه يابيبو ياأحلي أخ في الدنيا ؟
اجابها مهاب وهو يعدل من لياقة قميصه مرددا بنبره إطرائية مسلية :
_ايون انا فعلا احسن اخ في الدنيا بـ.ـارك الله فيكي يا اخت سما ،
ويا ريت تفضلي على النمط ده على طول علشان احبك واجيب لك شيكولاته وصندل بينور .
ما ان استمعتا الاثنتان الى تلك الكلمـ.ـا.ت التي خرجت من فاهه حتى انخرطا في الضحك من طريقته المسليه والمضحكه ،
فردت سما قائله بابتسامه :
_مقبوله منك يا بيبو التريقه دي وكل يهون علشان خاطر ست الحبايب ترضى عننا بس وتخلينا نسافر الى دبى بسلام وأمان .
اخذتهم رندا بين احضانها الحنون وتحدثت اليهم بفخر واعتزاز على تربيتها لهم :
_شوفوا يا حبايبي انا عارفه انكم متربيين كويس جدا بس لازمن ما اعديش اي موقف كده ما بينكم الا وأصلحه وقتي حتى لو كنتم بتتكلموا على سبيل الهزار دوري كأم اني اراقب هزاركم وخناقكم وحـ.ـز.نكم وفرحكم لأني انا هنا اللي بقوم بدور الأب ودور الأم ،
وتابعت حديثها باستجواد:
_وانا عارفه كويس انكم ولاد حلوين ومطيعين بس لازم انبهكم اول باول لاني مش عايزين نحس انا وبابا ان عمرنا ضاع هو في الغربه وانا هنا في وسطكم بين الحقيقه والسراب فعايزاكم تعرفوا ان احنا بنضحي بسعادتنا علشان كلنا نبقى مرتاحين فهمتوني يا حلوين .
احتضن مهاب والدته واجابها بنبره محبة وجادة :
_عارفه يا ماما إنتي بالنسبه لي اعظم ام في الدنيا علشان انت فانيه حياتك لينا انا وسما وبابا بكل السبل وبابا كمان اعظم اب في الدنيا علشان عمره ما حسسنا ان احنا ناقصنا حاجه فبالتالي لازم انا وسما نطلع نموذج مشرف للعظماء اللي ربونا وتعبوا علينا .
تنهدت بـ.ـارتياح مما استمعت اليه من حديث ولدها الذي أثلج عن صدرها ونزل على قلبها كالبرد والسلام الذي نزل على ابراهيم حين كان محاطا بالنار وتحدثت قائله بحنان نابعا من قلبها الجميل لابنائها :
_ربنا يخليكم ليا يا حبايبي ويخلي باباكم اللي تعبان وشقيان في الغربه علشان خاطر يعيشنا في المستوى اللي احنا عايشين فيه ده والحياه ما هي الا تضحيه من جميع الاطراف علشان السفينة مقاديفها ما تنكـ.ـسرش ونغرق كلنا ،
واسترسلت حديثها وهي تمسك هاتفها لكي تهاتف والدتها مردده :
_انا هكلم تيتا دلوقتي علشان اعرفها على كل اتفاقنا وهخليها طبعا تبلغ جدو جميل وتبلغ خالو رحيم ان الموضوع يبقى في غايه السر والكتمان وكدة يبقي تمام ،
واثناء حديثها استمعت الى رد والدتها عليها قائله باطمئنان:
_ازيك يا امي عامله ايه ؟
حشـ.ـتـ.ـيني و جدا يا حبيبتي .
اجابتها والدتها بحب :
_الله يسلمك يا ام مهاب انا كويسه يا حبيبتي وفي نعمه وفضل من الله .
ابتسمت الأخرى وتحدثت باستفاضه شارحه ما تريده من والدتها :
_بصي يا ماما احنا قررنا ان احنا نسافر انا والأولاد لإيهاب علشان نلحق نقضي شهر الاجازه بتاع الترم الاول ونرجع تاني على طول ،
بس احنا حابين نعملها له مفاجأة مش هنقول له ان احنا مسافرين له علشان نشوف رد فعله هيبقى عامل ازاي لما يلاقينا قدامه مره واحده ،
وتابعت حديثها وهي تتخيل شكل زوجها عنـ.ـد.ما يراهم فجاه قائله بنبره حماسيه :
_بجد يا امي مش عايزاكي تجيبي سيره خالص لو ايهاب كلمك في اي وقت وتنبهي على بابا ما يجيبلوش سيره عشان عارفاه قلبه طيب وممكن يبوظ لنا المفاجأه وكمان تنبهي على رحيم باشا لا يقع بلسانه وبرده يبوظ لنا الدنيا.
ابتسمت فريده من حديث ابـ.ـنتها وعلى جنونها في الفكر واجابتها باستفسار :
_طب ليه يا بـ.ـنتي ما ت عـ.ـر.فيهوش علشان يستقبلكم في المطار علشان ما تتبهدليش إنتي والأولاد سيبيكي من الافكار المـ.ـجـ.ـنو.نه بتاعتك دي انا كده هبقى خايفه عليكم وطول الطريق مش هبقى مطمنه لحد ما توصلوا،
المره اللي فاتت كنت حاطه ايدي على قلبي وكل شويه اكلمكم .
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وأجابتها بتوضيح:
_بجد يا امي انا نفسي اعملها له مفاجأه وبعدين المره دي الأولاد كبـ.ـار ومش هيتعبوني ولا تخافي علينا زي المره اللي فاتت وبعدين بسم الله ما شاء الله حفيدك مهاب بقى راجـ.ـل في الثانويه اهو وما تقلقيش علينا احنا متعودين على السفر وتقريبا حفظنا الطريق بس امانه عليكي يا امي تنبهي على بابا ومش عايزه إيهاب يحس خالص ان احنا رايحين له .
واستمرت في الحديث مع والدتها تسألان كل منهن عن الأخرى باطمئنان على حالهما ثم اغلقا الهاتف ونظرت الى ابنائها وهي تتحدث بنبره سعيدة :
_خلاص يا ابنائي الأعزاء تيته اخذت الفرمان وهتنفذه ونتوكل على الله نجهز الشنط ونحجز التذاكر كمان عايزاكم بقى تبقوا نحله كده وانتم بتجهزوا حاجتكم ومش عايزه اي غلطات انتوا عارفيني مش بحب المفاجآت الصادmه وقت الساعات الأخيرة في السفر .
قفز ابنائها من السعادة العارمه وطمئنوها انهم لن ينسوا شيئا وانهم سيستعدون للسفر على قدm وساق وأن لا تقلق روحها .
وهكذا حال المسافر حين يشتاق لأحضان الغائب بل يبات ويصبح بلحظة اللقاء ويمني قلبه ببهاها وعينه برؤياها ويستشعر مذاقها قبل أن يصل إليها ببضع أوقات .
_______________________________
في منزل زاهر الجمال تجلس تلك الشمطاء التي خططت كيف توقع بريم وان تتغذى بهم جميعا ولن تنتظر حتى ينفوها او يجعلوها كأي قطعه أثاث لا قيمه لها ،
انتظرت تلك الأسبوعان الماضيان وهي تعيد وترتب وتنظم كيف ومن اين تبدا المعركه والتي حتما ستفوز بها كما في مخيلتها ،
وحدثت نفسها بانتشاء :
_دلوقتي انا اديتها فرصه اسبوعين انها تاخد بعضها وتمشي وهي بجحه وعيونها قويه ولا كأني قلت لها اي حاجه ولا اتهزت حتى لما عرفتها اني عارفه بخناقتها هي وجوزها ولا فكرت تغور وتمشي من هنا ،
واستطردت حديثها وهي تضع المشروب البـ.ـارد كبرود اعصابها على فمها قائله بنبره مفعمه بالشر :
_كده بقى نضـ.ـر.ب على الحديد وهو سخن وانزل للكبـ.ـاره اللي تحت واقول لها وافضي لها كل حاجه وأهو نعيش عيشه فل يا تخرب على الكل .
كان ذلك تفكير تلك التافهه التي لم يكن يشغلها شيئا طيله حياتها غير المكائد لريم فحتما هي تكرهها ،
فقد قالوا في المثل ان العين لا تكره الا من هو احسن وافضل منها فلنرى اذا كان صادقا ذلك المثل مع تلك البغضاء ،
ارتدت ثيابها وانتوت النزول الى الطابق التي تسكن فيه والده زوجها مستعده لالقاء القنبله وليحدث ما يحدث ،
هبطت الى الأسفل وفتحت الباب ودخلت كعادتها دون استئذان ،
كانت اعتماد تجلس امام مصحفها تقرا بعض ايات القران الكريم على فقيدها الغالي فهي الى الان داخل قوقعه الحـ.ـز.ن كطبيعه اي ام تفقد عزيزها مهما كانت قوتها وشـ.ـدتها ،
فتحدثت هند باطمئنان مزيف :
_اخبـ.ـار صحتك ايه يا ماما يا رب تكوني اتحسنتي على العلاج اللي الدكتور ادهولك .
اغلقت المصحف ونظرت اليها بعيون حزينه مردده بلا مبالاة:
_اهو العلاج ده زي اللي فات كلها مسكنات بتسكن الألم اللي في جـ.ـسمنا لكن ما فيش علاج يشفي الم الروح والحـ.ـز.ن على الغاليين اللي فاتوا وسابونا ولا عمرهم هيتعوضوا ولو بكنوز الدنيا .
كانت الاخرى تستمع الى حديثها بلا مبالاه تفكر كيف تبدا حديثها المضوى بالنار ،
تفكر كيف تشعل الفتيله الأولى وبعدها تنطلق،
ثم فركت يديها وقلبت عينيها لكي توضح لتلك الماثله امامها انها تخبئ شيئا فالأخرى بـ.ـارعه في تمثيل النظرات التي توحي ان ورائها امر ما ،
راتها اعتماد بهذا الشكل فهي تعرف طباعها جيدا لانها تمتلك بضعا من تلك الطباع مردده بتساؤل :
_مالك يا هند بتفركي في ايدك كده ليه وعماله تبصي يمين وشمال شكل ما يكون إنتي عارفه حاجه ومخبياها عليا ،
واسترسلت وهي تضـ.ـر.ب علي فخذها :
_ قولي ياهند إللي عندك مبقاش حاجة تزعلني ولا تقهرني ولا تأثر فيا بعد مـ.ـو.ت الغالي الله يرحمه ويحسن إليه.
شبكت الأخرى يديها وتحدثت بنبره ممتثله بالمكر بعد ان جعلت التي امامها تلقي لها الشباك كي تصطاد بمهاره مرددة بحـ.ـز.ن مزيف :
_في حاجه حصلت ولازم ت عـ.ـر.فيها ويكون عندك علم بيها وضميري بيأنبني ان انا ما قلتهالكيش لحد دلوقتي ولا قلتها لزاهر ،
واستطردت وهي تومئ برأسها للأسفل بنفس النبرة المصطنعة للحـ.ـز.ن :
_الحاجة دي تخص باهر الله يرحمه ولازم ت عـ.ـر.فيها ويكون عندك علم بيها ،
علشان لما ت عـ.ـر.في إني كنت علي علم بيها ومقلتلكيش متزعليش وإنتي عارفة كله إلا إنك تزعلي مني .
احست اعتماد بالقلق الشـ.ـديد وجذبت انتباهها الى تلك الهند بشـ.ـده ثم تحدثت وهي قاطبه جبينها بتساؤل مغلف بالقلق :
_في ايه اللي إنتي ت عـ.ـر.فيه عن باهر؟!
طريقه كلامك قلقتني انطقي بسرعه .
اجابتها تلك الشمطاء وهي مرتبه لحديثها الكائد بطريقه بـ.ـارعه :
_شوفي انا هحكي لك كل حاجه اعرفها بس امانه عليكي ما تجيبيش سيره لريم ان انا قلت لك حاجه ولا تجيبي سيره لزاهر علشان لو عرف ممكن يطـ.ـلقني فيها لازم توعديني الاول .
ضـ.ـر.بت اعتماد كفا بكف ثم رددت بنفاذ صبر:
_ما تخلصي يا بـ.ـنتي قلقتيني ورعـ.ـبتيني اتكلمي وانا مش هقول لحد خالص ومن امتى وانت جيتي فضيتي اللي عندك وانا رحت حكيته لحد خلصي بقى .
تنهدت بـ.ـارتياح مصطنع واجابتها بهدوء مزيف :
_باهر الله يرحمه في الليله اللي صبح مـ.ـيـ.ـت فيها كان بيتخانق هو والست ريم خناقه كبيره هي كانت عايزه تنزل تشتغل في مصنع ما اعرفش ايه تقريبا طالبها بالاسم ،
والخناقه اشتدت ما بينهم جـ.ـا.مد لأنه طبعا رافض انها تخرج تشتغل كالعاده وهي النوبه دي كانت راسها والف سيف انها تنزل الشغل وان هو كده بيحجر على موهبتها والحوارات الهبله اللي انت عارفاها دي ،
واسترسلت حديثها وهي مدعيه الحـ.ـز.ن :
_المهم كلمه منها على كلمه منه ومش عايزه اقول لك صوتهم كان عالي قد إيه لدرجة فزعونى وأنا نايمة ،قال لها يا أنا الشغل والاولاد ،
اختاري تهدي البيت او نفضل زي ما احنا حياتنا مرتاحين بعيد عن مشاكل الشغل اللي هيجي من وراها اهمال للبيت وللأولاد وليا انا شخصيا وانا مرضاش بكده ،
قامت هي ردت بكل جبروت يا ماما وقالت له هختار الشغل يا باهر ولو مش عاجبك اشرب من البحر .
قالت تلك الكلمـ.ـا.ت بحرفيه معلم ممتاز يعرف كيفيه توصيل المعلومه لدى طلابه بامتياز ،
مما ادى ذلك الى انصعاق الاخرى التي فقدت النطق لوهله مما استمعت اليه وتكاد تكذب اذنها وتهدئ من تشتت روحها متسائله بهدوء ما قبل العاصفه :
_كلام ايه اللي إنتي بتقوليه ده يا هند انتي عارفه ان الكلام بتاعك ده هيعمل ايه هيخرب البيت وهيجيب عليه وا.طـ.ـيه فلو لعبه من الاعيبك اللي طول عمرك بتشتغليها عليا وفاكره انها بتدخل عليا وان انا بشتريها يبقى ورب الكعبه لا هتشوفي اللي عمرك ما شفتيه في حياتك هوريكي الويل ويلات لو طلع الكلام اللي انت بتقوليه ده مش حقيقه .
انزعجت الأخرى باصطناع ونظرت إليها مردده بثقه وتأكيد :
_تشكري يا ست الكل على تكذيبك ليا بس هاتي لي مصحف دلوقتي واحلف لك عليه ان اللي انا قلته لك ده هو اللي حصل هو انا مش عارفه ان الكلام ده خطير وهاتيها ونقعد قدام بعض كده وهي تحلف وانا احلف ان اللي انا قلته ده ما حصلش وساعتها هتتأكدي اني بتكلم صح وجد الجد هو انا عبـ.ـيـ.ـطه يعني علشان أخرب بيتي بايديا ،
وتابعت حديثها بنبرة صوت حزينة :
_ما كانش العشم تكدبي مرات ابنك الكبير هو انا ليا غرض ورا الكلام ده يعني كل اللي انا عايزه اقوله لك واوضحه لك اني سمعت حاجه بمحض الصدفة ولازم ت عـ.ـر.في بيها لأن دي مش حاجه سهله ولا قليله .
قامت اعتماد من مكانها بغضب عارم وكأن الشياطين الجن والانس تجمعوا امامها وعزمت على ان لا تمرر الامر مرور الكرام وستنتقم لعزيز عينها ان صدقت تلك الماكره الكائده في حديثها ,
فتحت باب شقتها ونادت بعلو صوتها مرات متتالية:
_ريييييييييم إنتي يارييييييييييم انزلي لي هنا حالا .
______________________________
في منزل مالك الجوهري عصرا
حيث يهبط مالك الدور حاملا حقيبه السفر في يده وكان بالأسفل والدته واخيه يتطلعون اليه باستغراب فرددت والوالدتهم باستفسار :
_ايه شنطه السفر ديت يا مالك وانت رايح فين هو ميعاد سفرك النهارده ياحبيبي ؟
استمع الى سؤاله واجابها بابتسامه مهذبه وهو يضع حقيبه يده ارضا ممسكا بيديها مقبلهما بحب :
_اه يا حبيبتي قدmت الميعاد وعندي طياره بالليل بس هروح على المصنع الاول فيه شويه حاجات اظبطها هناك وبعدين همشي من بره بره على طول ادعي لي يا امي ربنا يوفقني في سفريتي دي وارجع منها مجبور .
غـ.ـصـ.ـبا عنها انسدلت الدmـ.ـو.ع من مقلتيها على سفر عزيزها الغالي قائلة بنبره حزينه :
_طب ليه ما قلتليش يا مالك ان انت مسافر النهارده؟
ينفع كده تقول لي وانت ماشي والله انا زعلانه منك بجد .
عنـ.ـد.ما رأى دmـ.ـو.عها تهبط على وجهها كعاده كل مره يسافر فيها الى الخارج قبل يديها وتركهما وجفف دmـ.ـو.عها بأصابع يديه بحنان لتلك الأم الحنون مرددا :
_علشان دmـ.ـو.عك اللي بتنزل دي يا امي كل لما اجي مسافر كل مره بعرفك من قبلها بكذا يوم وتفضلي تعيطي وتو.جـ.ـعي في قلبك واعصابك وكده خطر عليكي وعلى صحتك فانا قررت من الأفضل اني ما اقولكيش غير وانا ماشي ،
واستطرد حديثه بمحايله :
_رجاء يا ماما ما تعيطيش بقى وتفضلي تعمليها مناحه لحد ما ارجع كلها شهر وراجع هحضر الأتيليه السنوي ،
وهتابع مع الدكتور اللي انا قلت لك عليه وهرجع لك على طول يا ست الكل وبعدين الفيديو كول ما سابش حاجه دلوقتي وما خلاش حد بيوحش حد .
زمت شفتيها باعتراض على كلامه وتحدثت باعتراض:
_لا يا حبيبي انا ما بقتنعش بالفيديو كول والحاجات اللي انت بتتكلم عنها دي ،
انت عارف ان ما كنتش اتصبح بوشك كل يوم والمسك واخدك في حـ.ـضـ.ـني ما استريحش تروح وتيجي بالسلامه يا نور عينيا وخلي بالك من نفسك وبإذن الله ترجع من هناك منصور والشفاء يبقى ملاحقك يا حبيبي .
وظلا يودعان كل منهما الاخر بحراره الام وولدها ثم انتهوا من الحديث ناظرا مالك الى اخيه قائلا له :
_بقول لك ايه يا مازن انت دلوقتي اتدربت كويس على الشغل بقى لك فترة اهو عايزك تكون واخد بالك جدا من المصنع وركز انا بقول ايه من المصنع مش من بناته وخلي بالك السكة اللي انت بتحوم حواليها دي وما تفكرنيش نايم على ودني ومش دريان باللي بيحصل تبقى بتستهون بدmاغ اخوك .
ابتلع مازن لعابه بخـ.ـو.ف مرددا باستنكار:
_انت تقصد ايه بالكلام اللي انت بتقوله ده يا مالك انا راجـ.ـل بشوف شغلي واظن بيوصل لك تقرير يومي عني سكة ايه بقى اللي انت تقصدها ؟
ابتسم مالك ابتسامه ساخره من حديث أخيه الذي ينم عن مدى تهوره مجيبا بنظره مفعمه بالتهديد :
_انت عارف كويس انا بقول ايه وإن ما تراجعتش عن الطريق ده انا مش هسكت وهعمل اللي هيزعلك مني ويخليك تفكر مـ.ـيـ.ـت مره قبل ما تعمل حاجه انا منبهك انك تاخذ بالك منها ،
واستطرد حديثه بتهكم :
_انت بقيت كبير كفايه انك تخلي بالك من تصرفاتك وتبقى راجـ.ـل وتتحكم في افعالك كفايه عليك زهوه الشباب اللي واخداك لحد دلوقتي ومخلياك غشيم ومش عارف انت بتعمل ايه .
كاد مازن أن يفقد وعيه من تلميحات اخيه الذي يعرف مقصدها جيدا ولكنه ادعى الانكار خـ.ـو.فا منه وردد بلجلجه :
_والله يا مالك انت فاهمني غلط وعموما يا سيدي كلامك اوامر بالنسبه لي وتروح وترجع بالسلامه .
انتهى الحديث بينهما بعدmا نظر اليه مالك نظره مطوله محتواها يعني لا تخالف فانا مراقبا لأفعالك وراصدها رصدا ،
ودعهما مالك واصطف سيارته ذاهبا الى المصنع لكي ينهي بعض الاعمال الملزم بها قبل ان يغادر ،
وبعد مده غادر مالك البلاد ذاهبا الى ايطاليا لكي يبدا رحله عمله وعلاجه في آن واحد ،
ولكن هل سيعود مالك كما غادر؟
احيانا نختار طريقا نظن انه بدايه جديده لنا ولكن اثناء العوده نكتشف يوما ما بل ونتمنى ان لن نخوضه وخاصه ان كان هذا الطريق مليئا بالأشواك التي تفقد روحنا طيبتها وتبدلنا من راضيين الى ناقمين وتزهق داخلنا الروح الطيبه .
______________________________
في دار الايتام ليلا وتحديدا في الساعه التاسعة حيث يأج المكان بالزائرين وتقف عاملات الدار وادارتها على قدm وساق لتلك الحفل الذي يحضره عدد من قامـ.ـا.ت الدوله ،
فتحدثت مديره الملجأ الى الفتيات وهي تتمشى امامهم مدليه عليهم بعض الأوامر الصارمه قائله بجديه :
_شوفوا يا بنات مش عايزه غلطه نهائي عايزه كل واحده فيكم اللي اتدربت عليه في الاسبوعين اللي فاتوا دول تنفذوا النهارده بحرفيه عايزه كل الناس اللي قاعدين واللي هم اصلا مش شويه ناس كبيره في البلد وليهم وزنهم يحلفوا بمدى صلاحيه اداره الدار وتاخد الجوده زي كل سنه ،
واسترسلت حديثها موجهه كلامها الى مريم قائله بتنبيه :
_وانتي يا مريم مش عايزه الخجل والكسوف يسيطر عليكي زي كل مره انا عايزاكي تبقي واقفه بثقه وتأدي مهمتك وإنتي مرتاحه علشان الحفله يعتبر نص نجاحها عليكي انتي ،
مش عايزه اعرفك ان ده هيبقى في فايده ليكي كبيره جدا قدام اللي انت هتوقفي قصادهم ،
جاهزه ولا مش جاهزه؟
كانت تلك الواقفه تستمع الى حديثها بآذان صاغيه كعادتها الهادئه المتريثة مجيبه بهدوء :
_ما تقلقيش يا ابله ان شاء الله اشرفك النهارده إنتي عارفه اصلا ان هوايه الغنا دي اكتر هوايه محببه لقلبي ولما اكون بأديها بأديها بكل مشاعري واحاسيسي ما تقلقيش وباذن الله الحفله هتكـ.ـسر الدنيا وباذن الله الدار هتاخد الجوده .
انتهت المديره من القاء التعاليم والارشادات عليهن وذهبت لكي تشرف على باقي التجهيزات البسيطه ثم خرجت براس مرفوعه لكي تستقبل الزائرين والمدعوين بكل شموخ ،
بعد ان خرجت مريم من حجره المديره امسكت هاتفها وذهبت الى مكان هادئ وقامت بالاتصال على صديقها الذي اصبح بئرا لاسرارها ومنبعا لارتياح قلبها الى ان جائها الرد قائلا بعفويه :
_يا هلا بصاحبه الصوت الفيروزي العـ.ـذ.ب الذي يطرب الآذان .
ابتسمت ابتسامه هادئه وطبيعه شخصيتها واجابته بعتاب لطيف :
_شكلك كده بتتريق على مريم الغلبانه لكن هثبت لك النهارده ان انا فعلا صوتي فيروزي وحلو واخـ.ـطـ.ـف العقل والقلب كمان ،
واسترسلت بحماس :
_انا النهارده مختاره اغنيه حساها شبهي قوي وهغنيها من كل قلبي بس يا ريت انت تكون جاي في الطريق وما تتاخرش علشان وجودك هيفرق معايا جدا يا دكتور .
ضحك الآخر برجوله على حماسه حديثها وردد بمداعبة لطيفه:
_طب لما نشوف يا ست مريم وإياكي ما تطلعيش في الآخر بق على الفاضي ونسمع نشاز .
رفعت حاجبيها باستنكار الحديثه وتحدثت بتحدي :
_طب ماشي انا مستنياك اهو وما تتأخرش علشان نشوف هطلع كلام ولا لا ويا ريت تبقى قاعد في الصف الأول ،
واسترسلت بنبره صوت خائفه من شيء ما يأتي الى هواجسها دون ان أي دليل :
_وجودك جنبي بيحسسني ان لي عيله وناس وان في حد قوي ساندني وواقف جنبي بجد وجودك شيء مكملني .
عنـ.ـد.ما استمع الى اخر كلمـ.ـا.تها بات قلبه يدق الطبول من رقة حديثها الذي استوطن قلبه ولا يعرف لما السبب مرددا بكلمـ.ـا.ت بثت الطمأنينة داخلها :
_مش عايزك تبقي ضعيفه كده ولا تستقلي بحالك ولا تسيبي الدنيا تمطوحك على كيفها يمين وشمال،
صدقيني يا مريم الزمن عايز اللي يخربش ويدافع عن حقه ووجوده بكل قوته خاصه لما يكون ماشي صح يبقى يدافع وهو قلبه جـ.ـا.مد وما يخافش طالما ربنا معاه وطالما ماشي في الطريق الصح ،
ودايما افتكري كلام ربنا سبحانه وتعالى “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”
واسترسل حديثه بتشجيع لها :
_انتي النهارده لازم تفضي دmاغك خالص من اي نكد ومن اي حوارات تعكر عليكي الحفله اللي يعتبر حاجه بتروحي بيها عن نفسك ،
يلا بقى علشان انا سايق عايزك النهارده المبدعه مريم عماد في ابهي حالاتها .
لو كانت تمنت اخ من الزمن حقيقيا ما كان يأتي عوضا مثل ذلك الرحيم،
لو كانت تمنت قلبا يسند ضعفه ما كان ياتي عوضا مثل ذلك الشهم ،
آه يا تلك الدنيا كم إنتي غير منصفه لنفوس بريئه تعيش في ظلم بين نفوس كالذئاب ،
بعد ما استمعت الى حديثه باتت روحها اكثر اطمئنانا ورددت بامتنان الى ذلك الخلوق :
_مش هقول لك غير كلمه واحده بس يا دكتور ربنا يديمك في حياتي سند وصاحب وقلب يطبطب على جروحي يا احسن صدفه بعتها لي القدر ليا .
_اه بتستغلي بقى انك فنانه واحساسك عالي وان احنا مش هنقدر نوصل لطريقة كلامك العميقه دي لواحد غلبان زيي ما بيعرفش يتكلم زيك كده ….. جمله دعابيه نطقها ذلك العاشق المنتظر لتلك الرقيقه المقهوره .
اغلقت الهاتف مع من تعتبره حديث الروح وطبيب الجروح ورددت مع حالها بانتشاء :
كيف لي ان لا اضعف في حضرة تلك الكلمـ.ـا.ت المحببه الى روحي،
كيف لي ان امرر كلمـ.ـا.ته التي عبرت الروح وطيبت جروح زماني ،
ولكن هل يتركني زماني ان احلم بأماني واسبح بخيالي واطمئن على سلامي ،
هل سيأتي يوما واشعر بكياني ويأخذني عقلي في رحله بعد استرداد أمن أوطاني.
#خاطرة_مريم_عماد
#بقلمي_فاطيما_يوسف
استعدت مريم وارتدت ابهي ثيابها فهي تحبذ الاطلالة الهادئه وكم تصبح فيها جميله تعبر القلوب برقتها ،
ابتدأ البرنامج الذي اعدته منظمـ.ـا.ت الحفل بايات من الذكر الحكيم لتلك الفتاه المعروفه بعذوبه صوتها في القران الكريم ،
ولنقف هنا عند نقطه معينه قد تشعر ارواحنا بالحرمان الشـ.ـديد من شيء ما ونبات نجزم اننا مقهورين ولم نأخذ من زماننا ما يجعلنا نتأكد اننا لم نكن محرومين يوما ما،
فبكل تأكيد أردد اننا خلقنا في هذه الحياه بحقوق متساويه ولكن لنرى ونضع نصب اعيننا تلك النعم التي يغمرنا بها رب العباد ،
فينشأ الشاكر الذي يشعر بأهميه نعمته وينشأ الناقم الذي مهما وجد العوض يشعر بفقدان النعمه وينشأ الذي ينظر لنعمته بعين ناقصه ويشعر بانه ليس له وجود وان من حوله دائما افضل منه ،
ولكن اذا تعمقنا داخل قوقعه الحياه الدنيا نجد اننا محاطين بنعم الله التي لا تعد ولا تحصى فيجب ان نحافظ عليها بكل قوتنا حتى نكتب من الشاكرين الحامدين ولا نكتب من الناقمين الماكرين ،
انتهت الفقرات الأولى من الحفل والآن تعلن منظمه الحفل عن فقره الموسيقى والغناء والتي ستؤديها مريم عماد التي تمتلك صوتا ملائكيا تذهب به عقول من يسمعها ،
صعدت مريم الى الحفل في تـ.ـو.تر شـ.ـديد فهي خجوله جدا وفي يدها مكبر الصوت وجالت بأعينها في المكان تبحث على من يشعرها دائما بالطمانينه والسكينه وما ان لمحته عينيها انطلقت في تلك الأغنيه بسلاسة ،
فكانت تلقيها بكل احساس نابع من روحها لأنها تشعر ان كلمـ.ـا.تها تعبر عن حالها ،
فكانت تلك الكلمـ.ـا.ت :
_أوقات بيجي الصح في الوقت الغلط
والقلب زي السهم لو شـ.ـده فلت
أَوََقَاتَ بيجي الصح فِي الْوَقْتِ الْغَلَطَ
وَالْقُلَّبُ زِيّ السَّهْمِ لَوْ شَدَهٌ فَلَتَ
وبصراحة الدنيا بتغيرنا بالراحة
وما بين شعور بالذنب والراحة كله إختلط
وَبِصَرَاحَةِ الدُّنْيَا بِتَغَيُّرِنَا بِالرَّاحَةِ
وَمَا بَيْنَ شُعُور بِالذَّنْبِ وَالرَّاحَةِ كَلَهُ إختلط
بقا عادي ناس يختارو صح ويتأذوا
والحب مش محكوم بحاجة تميزه
مش أي إحساس بالسعادة بيتقبل
ولا أي وعد بناخده سهل ننفذه
وَبِصَرَاحَةِ الدُّنْيَا بِتَغَيُّرِنَا بِالرَّاحَةِ
وَمَا بَيْنَ شُعُور بِالذَّنْبِ وَالرَّاحَةِ كَلَهُ إختلط .
كانت تسرح مع كلمـ.ـا.ت تلك الأغنيه وتؤديها ببراعه وصوت يكاد يكون يشبه مالكه تلك الاغنيه والذي أدعي ذلك الى انتباه الجميع لها وسحبتهم الى صوتها و.جـ.ـعلتهم منبهرين بالقائها ومن بين تلك المدعوين ذلك الحبيب بل العاشق الذي في بدايه عشقه المولود بقوه ناظرا اليها بعيون تود لو ان يسحبها الى عالمه ويسقيها من عشقه ولكن الظروف ،
في نفس المكان يردد صوتا قائلا بتنبيه صارم :
_مش عايزه اي غلطه تحصل النهارده وإلا ورب الكون ما هيطلع عليكم صبح ،
عايزه شغل عالي واعملوا حسابكم ان الغلطه اللي هتحصل هتضيع تخطيطنا والعصفور هيطير من بين ايدينا والحجر اللي بنضـ.ـر.ب بيه هيصد في وشنا تعملوا حسابكم ان الغلطه معايا بألف ومش هعديها بسهوله .
اجابها ذلك لك الرجل الواقف وهو يومئ راسه للاسفل مرددا بطاعه :
_ان شاء الله كل حاجه هتحصل زي التعليمـ.ـا.ت واكتر يا فنـ.ـد.م ومفيش حاجه هتقف قدامنا مفيش داعي للقلق علشان خاطر ننفذ ببراعه زي المطلوب مننا بالظبط .
علامـ.ـا.ت الاستحسان من تلك الكلمـ.ـا.ت بانت على ملامح تلك الآمر قائلا بنبره صوت شامته :
_احب أنا الثقة بالنفس دي لما نشوف هتنجحوا ولا لا وساعتها الحلاوه بتاعتكم هتبقى اضعاف المبلغ اللي انا قلت عليه .
صفق المدعون بحراره على تلك البـ.ـارعه التي انشـ.ـدت امامهم بصوت عـ.ـذ.ب جعلت اذانهم تستشعر الاندهاش من تلك الموهبه التي تدفن بين جدران تلك الدار ،
اما ذلك العاشق لم تنزل اعينه من عليها مرددا مع حاله:
صغيرة انتي حبيبتي على عشقي الذي سيخفيكي داخل احضانه حانياً ،
رائعه انت جميلتي بكلمـ.ـا.تك التي عبرت خلاياي واستوطنت كياني وتمناكي لاهثاً ،
اليوم سأعترف لكي وانا بكامل قوايا بامتلاكك يامالكة روحي اعتراف واثقاً ،
خاطرة رحيم المالكي
انتهت مريم من القاء اغنيتها وهبطت الى الاسفل وجلست بجانب الفتيات وهي تشعر بالفخر من اطراء الجميع على القائها الذي عبر قلوبهم بسلاسة ،
ثم صعدت مديره الملجأ بقامة شامخة قائله بكل ثقه :
_انا النهارده اتشرفت بحضور الجميع والدار زادها الفخر والاعتزاز بالقامـ.ـا.ت اللي حضرت ودلوقتي هعرض على حضراتكم على شاشه العرض ملخص الانشطه اللي عملتها الدار طول السنه موثقينها صوت وصوره علشان خاطر يوم زي ده ،
واسترسلت حديثها وهي تنظر الى الاخصائيه مردده بأمر :
_اتفضلي يا هانم شغلي الشاشه علشان خاطر الموجودين يتفرجوا على العرض .
استمعت تلك الأخصائيه الى حديثها وقامت من مكانها واشغلت الشاشة وابتدا العرض ،
لفت الجميع انظارهم الى الشاشه كالعاده واتسعت عيونهم هولا مما رأوا….
↚في منزل باهر الجمال كانت ريم تجلس مع أبنائها تحمل علي فخذيها الصغير وتحتضن الكبير بيديها وتنظر لهم بعيون ممتلئة بالدmـ.ـو.ع ،
وهي تفكر في الواقع الأليم الذي تعيشه هي وأبنائها وقلبها ينفطر حـ.ـز.نا على مافات وعلي ماهو آت ،
كانت تغوص بأفكارها في كيفية الحياه بدون زوجها وحبيبها وكانت تتحسس شعر الصغير بكل حنان وتهدهد على ظهر الكبير لكي تشعره بالامان ،
وفجأة استمعت الى صوت عالي ينادي باسمها،
ولم يكن الا صوت ام زوجها وضعت الصغير في تخته ثم نظرت الى الكبير قائله له :
_خلي بالك من اخوك يا حبيبي عقبال ما أشوف تيتي عايزة ايه .
ابتسم الطفل ببراءة وردد بطاعة:
_حاضر يا مامي ما تقلقيش على اخويا انا بحبه جدا وهلعب معاه عقبال ما تيجي .
خرجت ونظرت من أعلى الأدراج قائلة بتساؤل :
_ نعم يا ماما محتاجه حاجه مني انزل لك .
قلبت الأخرى عينيها بنظرة مرتعبة وأجابتها بحدة :
_ايوه انزلي لي حالا في حاجه مهمة انا عايزاكي فيها وخلي الأولاد عندك .
ارتعب داخل الأخرى من هيئه تلك السيدة ودخلت الى أبنائها مرددة باستعجال وهي ترتدي حجاب رأسها :
_انا هشغل لك التلفزيون علشان خاطر تتفرج عليه واخوك عينيه راحت في النوم اهو ما تجيش ناحيته خلي بالك منه بس وانا هشوف تيتي عايزه ايه وهطلع لك تاني ماشي يا حبيبي .
أماء لها الصغير بموافقة ثم نزلت الى الأسفل ورأت على وجوههم ما لا يسر فرددت في حالها قبل ان تلقي السلام :
_مالهم دول وشهم ما يبشرش بالخير استر يا رب .
ثم نظرت اليهم مرددة السلام باحترام :
_صباح الخير يا ماما صباح الخير يا هند .
وأثناء القائها الصباح كان قد دلف اليهم زاهر مرددا السلام ثم نظر الى والدته قائلا باستفسار :
_في ايه يا ماما جبتيني على ملى وشي من الشغل في حاجه حصلت ولا ايه قلقتيني ؟
نظرت اليه والدته نظره ارتياح كأنها تقوي حالها في وجوده وكأنه هو بات مصدر الأمان والراحة بعد فقدان عزيزها وأجابته بتوضيح :
_اقعد بس دلوقتي وهتسمع كل حاجه علشان يبقى كله على نور ،
واسترسلت حديثها وهي تنظر الى تلك الريم قائلة بتساؤل مريب :
_قولي لي يا ريم هو إنتي اتخانقتي إنتي وباهر الله يرحمه في الليله اللي هو مـ.ـا.ت فيها خناقة كبيرة؟
ماإن استمعت ريم الى سؤالها حتى هوى قلبها بين قدmيها رعـ.ـبا وهلعا ثم استفاقت من ترديد السؤال مرة أخرى لها وأجابت بعيون تتلفت يمينا ويسارا حرجا بلجلجة :
_عادي خناقة عادية بين اي زوج وزوجة ما احنا ياما اتخانقنا ومحدش حس بينا ولا دري اشمعنا المرة دي يا ماما اللي بتسأليني ؟
ماإن استمع زاهر الى سؤال والدته حتى ردد اليها باستنكار :
_وايه لازمته السؤال ده يا أمي واحد ومـ.ـر.اته هم حرين هم الاتنين ليه بتفتحي في القديم اللي ما لوش لازمة دلوقتي ؟
واستطرد حديثه بإبانة :
_وبعدين باهر الله يرحمه وريم عمرهم ما حد سمع لهم صوت في البيت وحتى لما بيكون ما بينهم مشكلة محدش كان بيتدخل ما بينهم خالص وده كان بطلب من باهر .
ابتسامة سخرية خرجت من فمها عقب حديث ولدها الأكبر واشارت اليه ان يصمت مكملة تساؤلاتها وهي تنظر الى ريم :
_متأكده انها خناقة عادية يا ريم؟
وتابعت حديثها الذي أصدm الواقف المدافع بينهم عنها :
_الست هانم اللي انت بتدافع عنها في الليلة اللي جوزها مـ.ـا.ت فيها كانت بتطلب منه انها تروح تشتغل مع مصنع من اللي بتتعامل معاهم ولما اشتد الحوار ما بينهم قال لها تختاري الشغل يا البيت والأولاد ،
وهي بجبروتها قالت له يبقى هختار الشغل وكـ.ـسرت قلبه وخلته مصدوم من قرارها ونام ومـ.ـا.ت من القهره انها فضلت الشغل عليه هي وولادها ،
واسترسلت حديثها بغضب عارم:
_حصل الكلام ده ولا ما حصلش يا ست البرنسيسة والمصممة العالمية؟
انقلب وجهها لألوان الطيف مما استمعت اليه،
ألم يكفيها عـ.ـذ.اب الضمير التي تعيش به كل يوم ،
ألم يكفيها الصراع الذي تعيشه منذ أن مـ.ـا.ت زوجها،
الم يكفيها انها تؤنب حالها ولا تكاد تشعر بلحظة راحة منذ فراقه ،
جمعت الحروف على لسانها اجبـ.ـارا واجابتها بتـ.ـو.تر :
_دي مش اول مرة اتكلم انا و باهر في موضوع الشغل ومش اول مرة نتخانق على اني عايزه اخرج اشتغل واني من حقي اكلل موهبتي قولا وفعلا واني ما ينفعش اني افضل مغمورة جوه تصاميمي ومحدش يعرف عنها حاجة .
كانت تلك الهند تقف وعلى وجهها علامـ.ـا.ت السعادة لو طالت ان تهلل وتطير من كثرة البهجة على وقوف ريم كالمتهم في القفص وامامه القاضي والوكيل يجلد به جلدا،
وترفع لها حاجبها بكيد ومكر ،
اما ذلك الواقف مصدوما مما حدث ومما استمع اليه وعلامـ.ـا.ت الدهشة تعلو وجهه،
فنظر الى ريم وتحدث باستنكار :
_بقى إنتي يا ريم اللي كنت بقول عليكي هادية وما بتطلعش العيبة منك تعملي كده ؟
بقي إنتي اللي كان جوزك بيجي طيران وما بيرضاش يتغدى مع اخوه ولا يوم من الأيام وطول عمره بيتكلم عليكي بالخير ومهنيكي ومخليكي برنسيسة تقهريه وتمـ.ـو.تيه مقهور ؟!
واسترسل حديثه بوعيد :
_انا والله العظيم ما مصدق اللي وداني سمعته دلوقتي بس ورب الكون لا هتشوفي على ايدي وفي البيت ده مرار قد الهنا إللي عشتيه،
يعني كنت مفكرك اصيلة وطلعتى بتاعه نفسك في الاخر .
انتفضت ريم ناظرة إليهم جميعا واحست انها وحيدة شريدة بينهم،
قوت حالها ونظرت اليهم جميعا مرددة بقوه:
_مرار ايه اللي انت هتوريه لي يازاهر إنت ملكش عليا حكم ولا كلمة أصلاً !
اللي هيفكر فيكوا يجي ناحيتي او ناحيه ولادي والله ما هتشوفوا ريم الغلبانة بوشها الطيب ومش هتشوفه مني الا وش ذئب مستعد ياكل اللى قدامه ويتغدي بيهم قبل مايتعشوا بيه .
اتسعت هند عيناها بذهول
ورفعت احدي حاجبيها متعجبة ورددت :
_انتي ايه يا شيخه الجبروت اللي فيكي ده ولسه لك عين تنطقي كمان بعد اللي عرفوه ده إنتي طلعتي ميه من تحت تبن .
قاطعت ريم حديثها المغلول وهدرت بها بنظرة غاضبة:
_وانتي مالك تدخلي في الموضوع ليه اصلا يا اللي تمـ.ـو.تي في الفتنة وتشعليليها وتقعدي تتفرجي،
مفكره اني كده شطارة منك ،مش هقول لك غير حاجه واحده بس حسبي الله ونعم الوكيل فيكي .
واسترسلت حديثها وهي تذكرها بعقوبة ذنبها وما فعلت بها :
_انتي ما ت عـ.ـر.فيش ان ربنا سبحانه وتعالى قال”
ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ”
فنظرت ريم إلي زاهر وتلك الأم الذي ينشعل قلبها نارا من عدm إنكار ريم لتلك الكلمـ.ـا.ت التي أودت بفقيدها الغالي في لحده ،
وتابعت حديثها وهي تشير بكفاي يداها إلي تلك الحية التي تتلون جميع الألوان :
_الست هانم اللي بلغتكم باللي هي اتصنتت بيه بيني انا وجوزي الله يرحمه جت وساومتني إني اسيب البيت أنا وولادي ياإما هتبلغكم باللي حصل وإني أخرج من بيت جوزي إللي لسه مكملش ٣ شهور علي وفاته ،
وهددتني وأنا طبعاً معملتش حاجة أخاف منها علشان اسيب بيت جوزي وأخرج منه .
كادت هند أن تمـ.ـو.ت رعـ.ـباً من تصريحات ريم عن تهديداتها ولكن حدث مالا يحمد عقباه واطمئنت مما رأته وارتسمت علامـ.ـا.ت المكر والكيد علي وجهها مما أثلج صدرها و.جـ.ـعلها الي الآن في موقف المحارب المنتصر ،
_______________________________
في دار الايتام وبالتحديد في الحفلة المقامة فيها ،
استمعت تلك الأخصائيه الى حديثها وقامت من مكانها واشغلت الشاشة وابتدا العرض ،
لفت الجميع انظارهم الى الشاشة وكانوا ينظرون الى تلك الشاشات بصدmة تعتلي وجوههم وفاهٍ مفتوحه على تلك المعروض أمامهم ولم تكن الا عبـ.ـاره عن فيديوهات لتلك الفتاة التي كانت تغني أمامهم وهي في اوضاع مخله ،
كانت مديرة الملجأ في موقف حرج لا تحسد عليه ونظرت اليه الاخصائية ورددت وهي تجز على اسنانها بحده بصوت لا تكاد تسمعه الاذان :
_ايه يا زفتة المعروض ده إنتي مش مركزة خالص ازاي يحصل كده إنتي المسؤولة عن اللي حصل ده قدامي يومكم كلكم مش فايت النهاردة واقفلي بسرعة الزفت ده .
كانت تلك الماكرة الكائدة تربع يديها على صدرها وتقف في موقف مفرح لقلبها المريـ.ـض الذي جعلها تفعل هذه الفعلة الشنعاء في تلك اليتيمة الأبية التي رفضت ان تسلك مسالك الشيطان ،
وهي تضع سماعات الأذن وتتحدث مع شخص ما قائلة له بأمر سريع :
_يلا يا ابني اعمل اللي انا قلت لك عليه بسرعه ومش عايزه اي غلطه والا انتم حرين .
اما عن مريم فكانت تضع يدها على فاهها وهي تكتم شهقاتها وعلامـ.ـا.ت الصدmة المفجعة تضـ.ـر.ب بجسدها ،
وعلى الفور نظرت الى الجميع نظرات مرتعبة مما سيحدث لها ،
فقامت من مكانها آخذة حقيبة يدها وانطلقت مسرعة الى الخارج قبل ان ينفذوا عليها حكم الإعدام ،
مما أرعـ.ـب تلك الواقفة فلم يكن بحسبانها ان تتحرك مريم بهذه السرعة فاعترضت طريقها كي تلهيها قائلة :
_على فين يا ربة الصون والعفاف ده الليله ليلتك وهيتحفل عليكي جـ.ـا.مد النهاردة والأيام والسنين اللي جايه كلها ،
واسترسلت حديثها وهي تنظر اليها من اعلاها لأسفلها بعيون تنطق شرا :
_ما انا قلت لك تعالي من الآخر وما حدش هيدري ولا هيحس بيكي وما لكيش حد يسألك رايحه فين ولا جايه منين وركبتي دmاغك وعملتي الغلط مع اللي ما ينفعش يتعمل معاهم الغلط ،
واثناء انشغالهم في الحديث انقطعت الكهرباء عن المكان بأكمله وباتت مريم اكثر رعـ.ـبا واطمئنت تلك الشيطانة الواقفة أمامها على سير خطتها المحكمة ،
وفجأة احست مريم بالغدر فهي شـ.ـديده الذكاء فانطلقت مسرعة من امامها الى الخارج واشعلت اضاءة هاتفها واختبئت في مكان خلف الدار لا يعرفه احد فهي تحفظها عن ظهر قلب ،
ثم ضغطت زر الاتصال علي منقذها الدائم الذي يرسله الله لها دون اي تخطيطات لكل منهما ،
وما ان اتتها الاجابه حتى قالت بصوت ملئ بالفزع تطلب منه انقاذها :
_الحقني يا دكتور انا في مصـ يـ بـةومش عارفة اعمل ايه اكيد حضرتك شفت الفيديو اللي اتعرض وده اللي انا كنت قايلة لك عليه وانا حاسه ان هي اللي ورا قطع النور ده وانها حاولت تعترض طريقي علشان مخرجش أو عايزة تعمل حاجة تانية أنا مش فاهماها .
ثم مشطت المكان بأعينها بخـ.ـو.ف رهيب وهي تخشى ان تراها عيون تلك الحية التي تهاجمها من كل صوب وحدب ،
واسترسلت حديثها بعيناي كلها خـ.ـو.ف ورجفة من القادm :
_انا عايزه امشي من هنا فورا انا جريت واستخبيت في مكان مش هيعرفوا يوصلوا لي فيه دلوقتي لكن مجرد خمس دقائق بالكتير هيكونوا قدامي لو دوروا يا ريت تيجي تاخدني علشان انا مرعوبة جدا .
بالفعل كان ذلك الرحيم يبحث عنها في كل مكان خاصه بعد انقطاع الكهرباء اللامناسب في ذاك التوقيت بالتحديد وعنـ.ـد.ما راى نقش اسمها على الهاتف اجابها على الفور وعنـ.ـد.ما استمع الى حديثها كان بالفعل خارج وركب سيارته منطلقا الى مكانها في بضع ثواني،
وفي الوقت ذاته كانت رجـ.ـال تلك الحية عيونهم تبحث عنها في كل مكان حتى وجدوها تسرع مهرولة الى تلك السيارة ،
حاولوا اللحاق بها مهرولين بنفس السرعة لكن يشاء القدر ان تصعد السيارة وتغلقها وفورا في غصون ثواني انطلق رحيم مسرعاً بها ،
وفي ذات الوقت تواصلوا مع زعيمتهم عبر سماعه الهاتف مرددين بإحباط :
_ للأسف يامدام هـ.ـر.بت في عربية أخدتها ومشيت والعربية دي كانت مستنياها ،
استمعت إلي حديثهم بغضب عارم وكورت يديها وسحقت علي اسنانها بغل مرددة علي عجالة بسخط :
_ وراها يابهايم في لمح البصر تكونوا لحقتوا العربيه ووصلتوا لها ومتعملوش اي خطوة إلا بأمر مني ،
الدار ملهاش غير طريق واحد بس يعني فرصة تسوقوا بأقصي سرعة وتجيبوهالي وإلا هتكونوا في قبوركم النهاردة.
اثناء إلقاء الأوامر إليهم كانوا بالفعل صعدوا السيارة وانطلقوا مسرعين وهي مازالت تلقي عليهم عبـ.ـارات السباب اللاذع ،
وبالفعل استطاعوا الوصول إلى السيارة واصبحت في مرمي ابصارهم ،
اما داخل السيارة كانت تلك المسكينة تندب روعها وتندب خـ.ـو.فاً ورعـ.ـبا مما ستتلقاه في الأيام المقبلة ،
وبجانبها رحيم مشفقا على حالتها وعلى روعها ويلقي عليها عبـ.ـارات الإطمئنان:
_ممكن بقى كفايه دmـ.ـو.ع من ساعه ما مشينا وإنتي عماله تعيطي العـ.ـيا.ط عمره ما هيعمل لك حاجه بالعكس هيأثر في نفسيتك اكتر مش هيخليكي ت عـ.ـر.في تفكري ولا تركزي في اللي جاي ممكن تهدي بقى يا مريم علشان بجد دmـ.ـو.عك زلزلتني .
القي عليها تلك الكلمـ.ـا.ت واعطاها منديلا ورقيا لكي تجفف دmـ.ـو.عها اخذته من يده بيد مرتعشه ورددت بصوت متقطع أثر البكاء:
_ مش قلت لك انها بقت قويه جداً وواصلة ومش هتسيبني في حالي ،
واسترسلت حديثها بو.جـ.ـع وقلب ينبض ارتعابا:
_ عمرها ماهتنسي القلم اللي ادتهولها وأديها انتهت بفـ.ـضـ.ـيحة ليا ومستقبلي ضاع .
وأثناء حديثها رأي رحيم سيارتان تتبعاه من خلال انعكاس المرآة ،
ازداد قلقا عليها وبدا له ان الموقف لايحتمل طمأنة بالفعل ،
وزاد من سرعته بطريقة أرعـ.ـبتها و.جـ.ـعلتها تلتفت يميناً ويساراً كي تري مالذي يحدث حولها ،
وما إن رأت تلك السيارتان حتي ازادادت هلعا ليس علي حالها فقط بل علي ذلك الجالس بجانبها يحاول بأقصى جهده كي ينقذها من براثينهم ،
ورددت وهي علي حالة التفاتاتها :
_ إنت كدة هتتأذي بسببي وأنا مارضاش ليك الأذية ممكن تنزلني وأنا ومصيري وإللي ربنا كاتبه لي هشوفه .
نظر إليها بغضب علي مـ.ـا.تفوهت به اثناء سيرانه السريع وردد بتصميم ومقاطعة لكلمـ.ـا.تها التي لاتسمن ولا تغني من جوع:
_انتي متخيلة اني ممكن اسيبك في الليلة المهببة اللي ما يعلم بها الا ربنا دي !
ممكن تهدي بقى خلينا نركز نشوف هنفلت منهم ازاي لأنهم كتير والكتره تغلب الشجاعة ،
ومهما حصل انا مش هسمح لهم يقربوا منك .
اما على الجهة الأخرى كانت تتابعهم باستمرار مرددة بعصبية :
_طالما شايفينها يا بهايم انتوا هاجموها بسرعه قبل ما يطلعوا على الطريق العام وساعتها مش هتعرفوا تعملوا حاجه وعلى الله ما تخلصوش المهمة وتجيبوها لي لحد عندي سليمه ما فيهاش خدش واحد .
رد عليها واحدا منهم بتساؤل واستفسار:
_طب واللي معاها يا هانم نعمل فيه ايه؟
اجابته على الفور بأمر :
_انتم ليكم مهمة محددة تجيبوها لي لحد عندي وما لكوش دعوة باللي معاها انا مش ناقصه بلاوي ومصايب انتم قد التيران تاخدوها منه وتسيبوه من غير اي اذى لأي طرف انا مش عايزه غير هي وبس فاهمين ؟
استمعوا الى اوامرها بطاعه عمياء وفورا زادوا من سرعتهم الى اقصاها الى ان وصلوا الى سيارة رحيم وبقي بضع سنتيمترات فقط على مهاجمتهم …
_________________________________
فلنعبر بخيالنا إلي إيطاليا
والتي تعتبر بإجماع الكثيرين وحسب آراء العديدين عاصمة الفن العالمية ،ولا شك أن ميلانو إحدى أهم المدن الفنية في العالم بالإضافة إلى أنها تنضح بالتاريخ المتمثل في كنيسة سانتا ماريا ديل جراتسي لليوناردة دافنشي، بل تحتوي على أعظم متاحف العالم على الرغم من أنها تعج بالمتاحف الشهيرة، لكن تُعتبر لوحة الموناليزا للرسام ليوناردو دا فينشي التحفة الفنية الأشهر في البلاد ،
كما انها بلد الأزياء العالمية وتقام فيها مختلف الفنون التشكيلية الجميلة ،
حيث وصل مالك إلي تلك البلدة متجهاً إلي ذاك الفندق الذي تم حجزه ،
وبدور عمال الفندق قاموا بإيصاله إلي جناحه المحجوز بعد إنهاء إجراءات الحجز والإتمام عليها ،
دخل الي ذلك الجناح بجسد منهك ومتعب أثر ساعات السفر ،
ألقي بحاله علي الفراش لكي يعطي لجسده مهلة من الراحة لكي يستعيد نشاطه ،
وما إن وضع رأسه علي التخت حتي ذهب في سبات عميق جراء ساعات السفر المرهقة له ،
وبعد مرور ثلاث ساعات من الراحة والاسترخاء قام من نومه وأخذ حماما دافئاً وتوضي وقام بآداء فريضة العشاء ثم ارتدي حلته الكاجوال وساعة يده ذات اللون الأسود المفضل لديه ثم خرج من الجناح وبيده حقيبته الخاصة منتظراً في مطعم الفندق موعده مع صاحبة دار أزياء مشتركة في العرض السنوي وتعتبر المستورد الأساسي لدى المالك جروب،
وصل إلي المكان وجلس في ركن هادئ بعيداً عن الضوضاء ثم طلب قهوته المعتادة وأمسك الهاتف وقام بإرسال رسالة لتلك السيدة بمكانه،
وقام بفتح حاسوبه يراجع أخر ماوصل إليه من تصميمـ.ـا.ت ،
وبعد مرور حوالي خمس عشرة دقيقة وصلت تلك السيدة وحددت مكانه لأنها تحفظ صورته عن ظهر قلب فهي ملمة بجميع المصممين والمصممـ.ـا.ت وخاصه المحترفين منهم في جميع أنحاء العالم عدا ذاك المالك فهى تحفظه عن ظهر قلب،
وصلت إليه ورددت بابتسامة مشرقة:
_ مالك الجوهري محتكر ماركة ريما ستور صح ولا انا غلطانة .
رفع عيناه لأعلي كي يرى من صاحبة الصوت الأنثوي الذي يتحدث المصرية بطـ.ـلا.قة ،
وإذا به تفاجأ بصاحبة العيون الفيروزية والبشرة الشقراء والوجه المستدير الذي تزينه الابتسامه الخلابة ،
إنها لحقا صاحبة الإطلالة الأجنبية في حيز الروح المصرية ،
ابتسم وقام من مكانه ملقيا عليها التحية بكل تهذب ومد يده قائلا:
_ أهلاً بصاحبة التصميمـ.ـا.ت المميزة وإللي كل سنه تصميمـ.ـا.تها تكتسح العرض لأنها فعلاً مختلفة ومبهرة .
ذهب إلي مكان جلوسها ثم قام بإزاحة المقعد لكي تجلس في حركة منه تدل على مدي ذوقه في التعامل مرددا بلطف :
_ اتفضلي يافنـ.ـد.م .
جلست علي المقعد بكل أريحية وشكرته بعيناها بامتنان علي لطفه معاها واستمعت إلي سؤاله الذي ينم عن سرعة بديهيته في التعامل مع الأشخاص مرددا:
_ بس إنتي بتتكلمي عربي كويس جداً مع إنك مش من أصل عربي علي ماأعتقد وبالتحديد طريقه كلامك زي المصريين بالظبط ؟
ابتسمت لسؤاله وأجابته باستفاضة قائلة :
_ صح جداً ده إنت طلعت بتفهمها وهي طايرة مش انتم المصريين بتقولوا كدة ؟
أشار اليها بضحكة وإشارة برأسه علامة على صحة حديثها ،
واسترسلت حديثها بعيناي تفيض حبا لمصر وأهلها :
_ شوف يا مستر ولو تسمح لي أتعامل معاك بدون رسميات ملهاش لازمة ،
أجابها بموافقة هاتفا بترحيب:
_ عادي جداً خدي راحتك يامدام جوليا.
أكملت حديثها بحب نابع لذكرياتها المحببة لقلبها عن أعظم بلد قامت بزيارتها العديد من المرات :
_ بابا كان دايما ياخدني زياره لمصر كل سنة وأنا طفلة صغيرة متتصورش الرحلة دي بالنسبه لي كانت من أحسن الرحلات إللي بابي كان بيطلعهالي في جميع أنحاء العالم ،
وكمان أنا واخدة كورس لغة عربية وكنت دايما بتابع الدراما المصرية وبعشقها جداً ولحد دلوقتي من أقرب الدراما لقلبي وميعديش عليا يوم إلا لازم أستمتع بفيلم أو مسلسل شـ.ـدنى فباتالى بعرف أتكلم مصرى كويس وحافظة كتييير من إفيهات المصريين اللى بجد funny .
علامـ.ـا.ت الاندهاش بدت علي وجههه من حديثها الذي لم يكن بحسبانه ،
وحتي شكلها ككل لم يكن بحسابنه،
فقد كان عالقا في ذهنه ومتخيلا أن صاحبة تلك الإمبراطورية العظيمة سيدة ذات سنا أكبر من ذلك ،
ورد علي حديثها بإعجاب:
_ قد كده بتحبي مصر والمصريين من لمعة عينك وإنتي بتحكي عن زياراتك ليها .
_جدا بحبها وبحب هواها وناسها وكل معالمها … جملة صادقه نطقتها تلك الجوليا ،
واسترسلت وهي تقوم بفتح حاسوبها :
_ نقدر بقي نبتدى شغل ،
إنت كنت قلت لي إنك عندك كذا تصميم مختلفين جداً ومبهرين ممكن أشوفهم ؟
قام بفتح الملف لتلك التصميمـ.ـا.ت ووجه الشاشة إليها مرددا بموافقة:
_ اتفضلي وعايز رأيك فيهم بكل عملية.
ما إن رأت التصميمـ.ـا.ت وجابت بها بأعينها مدققة النظر بها والتي لفتت انتباهها ببراعة حتي ظهرت علامـ.ـا.ت الانبهار بتلك التصميمـ.ـا.ت هاتفة:
_oh my good, it’s wonderful,
إزاي التصميمـ.ـا.ت دي ما تعرضهاش في الاتيليه السنوي وتحتكرها جوه مصر بس ،
وخاصه ان الماركه دي بالذات رقيقه في تصاميمها وكمان فيها ميزه من تصاميم الشرق والغرب مع بعض ؟
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لملامح وجه متعجبة ارتسمت رغما عنه حين أُلقي علي مسامعه ذاك السؤال:
_شوفي إنتي إعجابك الشـ.ـديد بالتصميمـ.ـا.ت دي وانها شـ.ـدتك جداً وخلاكي منبهرة بيها خلاكي تتعجبي إزاي،
إحنا بقى كفريق عمل بـ.ـنتعامل في التصاميم دي مع مجهول كل إللي يجمعنا بيه رقم تليفون وإيميلات بس ،
واسترسل حديثه بتعحب عن حالة مالكة التصميمـ.ـا.ت:
_ تصوري إنها رافضة رفض قاطع إنها تظهر للعلن وإن الناس تعرفها أو إحنا حتي نعرفها !
بدت علامـ.ـا.ت الدهشة علي وجهها من سمعته أذناها للتو وتحدثت باندهاش واستفسار:
_ إزاي كلامك ده يامستر مالك !
واحدة زي دي ماركتها مسمعة في الشرق الأوسط كله ومحدش يعرفها ،
واستطردت حديثها بتساؤل:
_ طيب ليه ماديتوهاش مكانتها إللي تستحقها وعرضتوا عليها عروض مغرية وتخلوها تظهر للعلن ؟
صدقني لو عملت كدة مؤسسة المالك فاشون هتعلي جداً.
بانت علامـ.ـا.ت الأسف علي وجهه وقام بوضع الكوب من يديه وشبك كلتاهما بالأخري معرباً بتأثر :
_ تفتكري إن إننا معملناش كل الكلام ده يامدام !
إحنا حاولنا كتير جداً وهي رافضة ومن غير مـ.ـا.تقولنا أسبابها خالص.
_طيب مش خايفين يجي يوم وتختفي وساعتها مؤسسة المالك إللي أكتر تصميمـ.ـا.تها قايمة علي ريما ستور تنهار ! … جملة تعجبية نطقتها بناء علي استغرابها الشـ.ـديد لحالة صاحبه التصميم الغريبة التي لم تري مثلها من قبل .
تنهد مالك بثقل حينما ذكرته بالذي لم ينساه من الأصل فهو خائف جداً من تلك النقطة بالتحديد ،
ويحاول دائما بالبحث عن ماركة تشبه ماركة ريما ستور لكنه بالطبع لم يجد ولم يسعفه الحظ إلي الأن في تلك المسألة بالتحديد ،
وفي كل مرة ينفض تلك الفكرة عن باله معللاً بأن الخالق الذي رزقهم لن ينساهم ولن يضرهم أبدا ،
وتابع حديثه معها مرددا باقتناع :
_ والله أنا لحد أخر نفس في عمري هفضل وراها لحد ما توافق لازم الواحد لما يلاقي مجتهد وشاطر في شغله يتمسك بيه وميسيبهوش وعلشان كدة هفضل أسعي لحد ما تلين .
ثم تابعا حديثهما عن عرض الأزياء الذي سيقام بعد أسبوع بمناقشة تنم عن مدي اهتمامهم الشـ.ـديد بذلك العرض ،
وأعطته بطاقة دعوية لذلك الحفل ودعته للحضور وأخذت منه موعداً أخر لكي يتبادلوا التصميمـ.ـا.ت وإكمال بقية أعمالهم وكل منهما معجبا بنمطية تفكير الأخر ونجاحه.
__________________________________
في منزل باهر الجمال حيث تنصب المحكمة التي أعدوها لتلك المسكينة التي لاحول لها ولا قوة مسنين سيوفهم عليها بدون رحمة لقلبها المتألم علي فراق زوجها الحبيب ،
كادت هند أن تمـ.ـو.ت رعـ.ـبا من حديث ريم ولكن أثلج صدرها رد تلك العبير بقسوة :
_ أيون قولي أي كلام علشان تشوشي علي عملتك السودا وتطلعي نفسك الملاك البرئ إللي مبيغلطش وإنتي السبب في مـ.ـو.ت ابني وقهرته ،
واسترسلت وهي تبكي دmـ.ـو.عاً غزيرة انسدلت من مقلتيها مرددة بدعاء:
_ منك لله وحسبي الله ونعم الوكيل فيكي ،
عمري ماهسامحك ليوم الدين علي كـ.ـسرتك لقلب ابني بقوتك وجبروتك .
فتحت ريم أعينها علي وسعهما واهتز جسدها منتفضا بهلع حينما سمعت دعاء أم زوجها الراحل عليها مرددة وهي تنزل تحت قدmيها تطلب منها السماح عن ذنب لم ترتكبه :
_ والله العظيم يا أمي أنا عمري ماقهرت باهر ولا كنت مسببة له قلق ولا كنت بنكد عليه ،
يعلم ربنا إني بحبه حب كبير وطول حياتي إللي عشتها معاه في البيت ده وأنا أتمني له الرضا ،
وهو كمان عمره مازعلني كنا زي النسمة مع بعض ،
بس بتحصل مشاكل زي مابيحصل مابين أي زوجين ويشاء القدر إن تحصل مشكلة في اليوم إللي ربنا كتب عليه الفراق ويروح لوجه رب كريم ،
واسترسلت وهي تقف تواليهم ظهرها وتضع يدها علي فمها تكتم شهقاتها التي تعلوا شيئا فشيئا من شـ.ـدة تأثرها هاتفه بذعر :
_ ليه بتعملوا فيا كدة ومصممين تشيلوني الذنب؟
ليه مصرين تخلوني أتعـ.ـذ.ب وأنهار علي فكرة إني السبب في مـ.ـو.ته وتدmروني أنا وولادي .
ثم انهارت في البكاء بطريقه تدmي لها القلوب ولكن مع هؤلاء القاسيه قلوبهم لم يجدي نفعا ولم يتاثروا ببكائها ولو ببـ.ـنت شفه ،
ثم استمعوا الى صوت تصفيق زاهر اخيه مرددا باستهزاء على حاله تلك المسكينه :
_برافوا برافو بت عـ.ـر.في تمثلي كمان اهو علشان خاطر تصعبي علينا وإنتي في الحقيقه حيه كانت السبب في مـ.ـو.ت اخويا الوحيد ،
واسترسل حديثه بوعيد وتهديد:
_شوفي بقى يا اللي كنتي مرات اخويا الله يرحمه اللي عدى على وفاته شهر ونص باقي لك من العده تلت اشهر اعملي حسابك بعد انتهاء العده المأذون هيجي وهينكتب كتابنا ،
وعلى فكره ما عندكيش اي طريقه ترفضي بيها لانك مش هتخرجي من البيت ده واللي إنتي كان نفسك فيه عمره ما هيحصل وهخليكي تبطلي التصميم ده خالص اللي بسببه قهرتي اخويا ومـ.ـو.تيه .
نزلت تلك الكلمـ.ـا.ت على هند كالصاعقة التي عصفت بمخالبها التي كانت تربيها لأجل تلك اللحظه وتحدثت بهجوم قبل أن تستوعب ريم مانزل علي سمعها :
_كلام ايه اللي انت بتقوله ده يا ابو البنات يا جوزي ولا عامل لي اي اعتبـ.ـار بتطلب ايديها وانا واقفه ولا همك اي حاجه اعمل حسابك وجودي في البيت ده كوم ووجود البت دي كوم ومش هيحصل طول ما انا عايشة على وش الدنيا .
نظر اليها زاهر نظره ارعـ.ـبتها ولكنها لم توضح ذلك واجابها بوعيد :
_انتي بالذات تخرسي ومش عايز اسمع صوتك تاني ده إنتي لسه حسابك تقيل معايا ،
واسترسل حديثه بتقليل من شأنها :
_اتفضلي اطلعي على فوق ليا كلام معاكي ومع ابوكي اللي هبعته يجي لي حالا علشان يبقى الكلام على نور اتفضلي.
قال كلمته الاخيره وهو يشير بكف يديه نحو الباب بصوت عالي مما جعلها تنتفض وتهرول الى الخارج على عجاله ،
أما ريم استجمعت قواها وقامت من مكانها مرددة وهي تتجه نحو الباب بكلمتين فقط :
_ علي جثتي ده في أحلامكم المريـ.ـضة وعلى فكرة وقفتى قدامكم وتوسلى ليكم ودفاعى عن نفسى مش ضعف منى لاا ولا انى خايفة منكم ،
واسترسلت توضيحها برأس مرفوعة:
_ مش ريم المالكى اللي تسمح لحد أيا كان مين يؤمرها ويتحكم فيها أو يفرض عليها حاجة هى مش عايزاها ،
ومن الآخر جواز منك مش هتجوز ولو اتهدت الدنيا فوق دmاغى .
وكادت أن تخرج إلا أنه نزل علي مسامعها بكلمـ.ـا.ت متتالية جعلتها فتحت أعينها علي وسعها من الصدmة وعادت إلى الداخل مرة أخري هاتفا ذالك الزاهر …
_______________________________
في منزل راندا المالكي في نفس تلك الليلة
كانت تصعد سيارة والدها متجهين إلي المطار ،
فكانت تجاوره في المقعد الأمامي والدتها ،
وفي المقعد الخلفي تجلس هي وأبنائها ،
فتحدث جميل لأحفاده مرددا بحـ.ـز.ن :
_ والله هتوحشوا جدكم ياحبايب جدوا طول الشهرين دول .
حـ.ـز.نت راندا لأجل فراق والديها كعادة كل سفر لزوجها كل عام مرددة بمواساة لحالها قبل أبيها :
_ والله يابابا أنا نفسي ولا أروح ولا أجي ،
نفسي نكون كلنا مع بعض في مكان واحد ومتفرقناش الظروف أبداً بس هنعمل ايه أدي الله وأدي حكمته .
تنهد والدها بثقل من حديثها الدائم عند فراقها ككل مرة قائلاً بنصح وإرشاد :
_كل سنه اقول لك يا بـ.ـنتي كفايه كده غربه على جوزك وخليه يرجع تكملوا بقيه حياتكم وتلحقوا حبه من شبابكم وإنتي مصره ان هو يفضل هناك مع انه كل مره بيجي فيها بيبقى ناوي انه ما يرجعش وانتي اللي تصممي ان هو يرجع ،
واستطرد حديثه بإبانة :
_انا ابوكي وافهم اكتر منك في الدنيا وبقول لك انما للصبر حدود الفلوس مش كل حاجه ووجود جوزك في وسطك انت وولادك بالدنيا واللي فيها واديكم اتربيتوا تربيه كويسه ونضيفه من غير ما اتغرب واسيبكم .
ابتسمت لحديث والدها الذي دائما باله مشغول عليها وعلى حالها وحزين على حياتها بالرغم من عدm شكواها من سفر زوجها ولو لمره واحده واجابته باطمئنان :
_ما تقلقش علينا يا بابا انا وايهاب كويسين جدا مع بعض ومتفقين على حياتنا وهو عمره ما اشتكى من الغربة هو كمان زيي حابب يأمن مستقبل الولاد ، ده دايما بيقول لي وبيشفق عليا ان انا بتعب مع الاولاد وخلاص كلها كذا سنه ويرجع بعد ما نكون امنا مستقبل الولاد .
ابتسم ثم تنهد وتحدث عما يضيق بصدرها ومابات يؤرق روحها مؤخراً:
_ جوزك لمح لي كذا مره اني نفسه يبقى في وسط ولاده وبيته من كذا سنه لكن شايف انك كده مرتاحه وراضيه وقال لي طالما هي راضيه ومرتاحه انا مش عايز اكتر من كده معنى كلامه ده يا بـ.ـنتي ان هو مش عارف يعيش في الغربه وعايز يجي وسط ولاده وبيته وإنتي اللي مش فارق معاكي عموما انا ياما نصحتك وبنصحك وهفضل انصحك كفايه كده من العمر بعزقه ولمي اللي باقي من حياتك وعيلتك وهاتي جوزك في ايدك وانتي راجعه العمر مش مضمون يا بـ.ـنتي كتييير كانوا زيه والغربة أخدت شبابهم وفي الأخر رجعوا بأمراض الدنيا ومتهنوش بالفلوس اللى اتغربوا علشانها.
انتفض قلبها لحديث والدها ولأول مره تشعر بمدى صحته ووعدته انها ستفكر جيدا في ذلك الموضوع في تلك المره بالتحديد ثم تحدثت والدتها الى احفادها مردده بدعوات :
_خلي بالكم من والدتكم في المطار وخلي بالكم من نفسكم يا ولاد واول ما توصلوا طمنوني على طول علشان انا عارفه ان امكم اول ما تشوف ابوكم هتنسى اهلها وامها وابوها والدنيا واللي فيها .
ابتسموا جميعا على تلك السيدة التي لم تترك فرصة وتؤنب الجميع بتقصيرهم وردد مهاب بطمأنة لجدته :
_ما تقلقيش يا تيته اول ما نوصل هتلاقي مني فيديو كول لينا كلنا وده وعد من مهاب الراجـ.ـل اللي مش هيرجع فيه ابدا وانتي عارفه .
قال كلمـ.ـا.ته الأخيرة وهو يستعرض نفسه بشجاعه علي سبيل الدعابة مما أدخل في صدورهم جميعاً الطمأنينة والسعادة ،
فهو دائما يخلق الابتسامه لكل من حوله بفكاهته المقبولة والتي تخرج بتلقائية منه دون تصنع ،
وأكملوا باقي حديثهم أثناء سيرانهم إلي المطار حتي وصلوا وهبطوا جميعا كل منهم يعرف مهمته ،
بعد نصف ساعة من إنهاء الإجراءات ودعت راندا وأبنائها والديها بدmـ.ـو.ع كالعادة وصعدوا إلي الطائرة بقلب شغوف مستعدين للقاء الحبيب من العام للعام في مفاجأة منهم لذالك الأب الحنون والزوج الراقي ،
بعد عدة ساعات وصلوا فيها إلي المكان المنشود وبالتحديد تحت مسكن والدهم صعدوا في هدوء تام لكي يفاجؤه فقد علمت راندا أنه بالبيت بذكاء منها عبر رسائل الواتساب ،
دخلوا المنزل بقلب يأن لرؤية حبيبهم وصعدوا درجات السلم بحذر كي يعطوا للمفاجأة روعتها ،
وعنـ.ـد.ما وصلوا إذا بهم يشاهدون أبيهم في حالة يُرثي لها ناطقين بصدmة وهم يضعون أيديهم على أفواههم :
_ بابا !
↚في نسمـ.ـا.ت الليل حيث الناس نيام نلقي أناساً تتضرع إلي خالقها تببتغي عرض حسنة ،وأناسا أخري تلهو وتضيع في معصية الخالق عز وجل ،وأناسا بات همهم أن يستيقظوا مبكراً لأشغالهم الشاقه ،وشتان مابين ذالك وهؤلاء تبدوا الحياه صراع شـ.ـديد بين الليل والنهار ،
وفي ليلة من تلك الليالي حدث مالايحمد عقباه ولا يخطر علي بال راندا وأبنائها حيث رأوا بأم أعينهم مشهداً زلزل كيانهم وقطع أرواحهم ،
ومنذ أن رأوه وكأن الطير أكل رؤوسهم من شـ.ـدة الصدmة ،
فتحدثت سما باندهاش واستنكار مرددة لأبيها بعتاب محب أنكر من حبيبه فعلة شنعاء كتلك نزلت علي قلوبهم وأصابتها الرعشة جراء قلبهم البرئ :
_ ممكن تفهمنا يابابا ايه إللي بيحصل بالظبط هنا ؟
خرج ذاك السؤال من بين شفاها المرتعشة مما رأوا ،
وأتبعها مهاب بسؤال آخر مرددا بتعجب لما وصل من رؤية ذالك المشهد إلي قلبه وتيقن أن الأيام القادmة ستمر عليهم حربا لا يفوز فيها أعتي الرجـ.ـال:
_ اتكلم يا بابا وفهمنا اللي إحنا شايفينه ده إيه ويارب مايطلع إللي في بالي ؟
كل ذلك و راندا وإيهاب كل منهم نظرته تختلف عن نظرة الأخر ،
أما هو فكان ينظر لها مطأطأ بخذلان ولا يقوي علي مواجهتها وكان فقط ينظر إلي تشتت جسدها ، حائرة، مصدومة، غير مصدقة وتكاد تكذب أعينها ،وجسدها أصبح كالنار المشتعلة التي تحمي في بدايتها ولم تنطلق شرارتها إلي الآن ولكنها ماإن تكونت لهيبها بفضل ماوضع فيها من عامل أقوي من البنزين حتي انطلقت مسرعة إليه قابضة بتلابيب قميصه وهي تهزه بعنف ودmـ.ـو.عها انسدلت من مقلتيها بدون إرادة منها أو قدرة في التحكم علي عدm نزولها وهي تهتف بكلمتين فقط مع هزتها بعنف لجسده :
_ ليه يا إيهاب ليه !
ليه ليه ليه …….
وتركته وذهبت إلى المنضدة الموضوعة وقامت بقلبها بكل ماعليها من شموع مضائة وأكلات شهية وسكبت محتوياتها أرضاً بحدة بالغة وهي تردد :
_ لاااااااااا مش مصدقة والله إنك تخوني وتجـ.ـر.حني وتعمل فيا كدة ،
ثم أسرعت إلي ابنها وقبضت علي معصمه بأيد ترتعش وسألته بتيهة :
_ قولي يامهاب يابني إني بحلم وإن إللي عيني شافته ده كذب ،
قول لي ياماما إحنا لسه موصلناش علشان نعمل لبابا مفاجأة وإني بحلم بكابوس وأكيد هفوق منه ،
وبدوره احتضنها ولدها وهو يهدهد علي ظهرها بحنان ممزوج بالرعـ.ـب من حالة والدته ،
وهدأها بكلمـ.ـا.ت خرجت من بين أسنانه بتـ.ـو.تر من هول الموقف :
_ اهدي ياحبيبتي وإن شاء الله خير اهدي يا أمي .
أما عن سما تلك الطفلة الرقيقة التي رأت مشهداً جعلها تكبر أعواماً عن سنها تقف كالشريدة الضائعة من تطلع عقلها علي حالهم وهم علي مشارف المستقبل الضائع ،
وهي تبكي بغزارة وتحتضن حالها وهي تعيد رؤية ذلك المشهد مراراً وتكراراً منذ وصولهم ،
وكل تلك الأحاسيس والمشاعر التي تبدلت من فرحة شـ.ـديدة إلي انتكاسة حـ.ـز.ن وأسى رهيبة فقط في بضع لحظات من وصولهم إلي مكان أبيهم ،
حيث رأوا منذ دخولهم أبيهم يحتضن سيدة ويتراقص معها رقصتهم الرومانسية ومتناسين العالم من حولهم من سحر اللحظة وتلك المرأة ترتدي فستانا مكشوفا لاترتديه أي امرأة إلا لزوجها ،
وحولهم الشموع مضائة والأدهي مارأوه مكتوباً علي قطعة الحلوي الموضوعة علي المنضدة المقلوبة حالياً حيث كان مشيداً بحروف من لون الذهب :
_ كل سنه وانتي معايا يا أجمل فيروز،
كل سنة وعيد جواز وإنتي حبيبتي وفي حـ.ـضـ.ـني ،
كل سنة ودايما مع بعض ومنفارقش بعض أبداً،
عشت معاكي خمس سنين وكأني في الجنة .
منذ أن وصلوا وأعينهم الثلاثة مشططت المكان وما يحويه من كوارث لعقولهم ،
اما هي رددت وهي في أحضان ابنها بلهيب قلب احترق:
_ اتجوزت عليا ياإيهاب!
اتجوزت عليا ياابو ولادي !
اتجوزت عليا يا عشرة عمري وحب حياتي ؟!
اتجوزت عليا أنا علي راندا المالكي ؟!
وانطلقت الدmـ.ـو.ع لبكاء وشهقات عالية أدmتهم جميعاً حتي تلك الفيروز التي تقف في موقف مهيب لو كان عقلها استجمعه ألاف المرات ماكان وصل بتلك الهالة والهول ،
انطلق إليها إيهاب وهو يسحبها من داخل أحضان ابنها ويدخلها داخل أحضانه برعـ.ـب وخـ.ـو.ف من القادm مرددا وهو يهدئها بكلمـ.ـا.ت خرجت من بين أسنانه غير مرتبة :
_ اهدي ياراندا أرجوكي متعمليش في نفسك كدة دmـ.ـو.عك بيمـ.ـو.توني وبيقطعوا فيا ،
أرجوكي اهدي وأنا هشرح لك كل حاجة ولازم ت عـ.ـر.في إن عمري ماحبيت ولا هحب ولا عشقت ولا هعشق غيرك ياعمري كله وأيامه إللي راحت واللي جاية .
استمعت تلك الفيروز علي اعترافاته التي خرجت من أعماق قلبه وأحستها بمدي صدقه ،
نعم فالإنسان لا تظهر حقيقته إلا وقت الغضب الشـ.ـديد وما يتفوه به لسانه هو الحقيقة المؤكدة ولا غبـ.ـار عليها ،
وتألمت روحها وتو.جـ.ـع قلبها وبات موجوعا تدق أبواب بداية الو.جـ.ـع عليه،
فكان مؤلما حقا لها وهو في بداية و.جـ.ـعه فماذا يكون إحساسه عنـ.ـد.ما تصل فقط إلي منتصفه فقط ؟
وماذا عن منتهاه ؟
وعنـ.ـد.ما جال عقلها ووصل إلي منتهاه نطق قلبها:
_يا الهي إنه لمـ.ـو.ت بالحياة !
وتطلعت بالمستقبل إلي الأمام والأن أدركت أن بداية الو.جـ.ـع بدأت وحروبه اندلعت وأصبحت الأن علي مشارف الفقدان لحبيب الروح مرة أخري ،
وحدثت حالها بصراخ داخلي أرعـ.ـب خارجها و.جـ.ـعلها تجلس منكمشة علي حالها وهي تنظر إلي جلاديها بعيونهم الآكلة لها والتي تود أن تقتنص الفرصة ليمحوها من حياتهم وكأنها ارتكبت جُرماً ماله من محيص:
_ياإلهي كان في احضاني الآن يعترف لي بأنه احبني وعشقني وانه يُكِنُ لي في قلبه محبه من اخمص راسي الى اسفل قدmاي !
أحقا كان يلهو معي لكي ينسى تعب غربته؟!
أحقا لم يحبني و كلمـ.ـا.ته التي يلقيها على مسامعي ليلا ونهارا كانت سراباً ؟!
أحقا ذلك الانكسار والارتعاب الذي بدا على معالم وجهه من مجرد لحظات زادته هموم أكبرته أعواماً علي عمره ؟!
يالها من رياح عاتية سوف تحرق في طريقها الأخضر واليابس ،
وأكملت تلك الفيروز حديثها الداخلي المنفرد مع حالها وهي تنظر إلى ذات العيون القوية والطلة البهية التي ظلمتها الصور والتي في حقيقتها تُحلِّي القبيح ولكن مع تلك الراندا حقيقا ظلمتها في الوصف بتساؤل مريب :
_كيف لي ان اواجه صاحبه تلك النظرات القوية وهي في اشـ.ـد لحظات انكسارها ولكنها كنظرات الصقر الحادة ؟!
كيف لي ان أقف وأصد الهجوم في تلك المعركة وانا وحيدة ضعيفة مكـ.ـسورة وحتى الحب الذي كنت استند عليه اصبح الآن في نظري اوهام ؟
كن معي يا الله كفى ما جري لي في السنين الماضية والانكسارات المتتالية،
ولكن بعد العاصفة الآتيه لا استطيع النهوض لكي اعود مره اخرى وسأكتب نهاية سعادتي .
دفعت راندا يديه بقوة من عليها ونظرت اليه نظره انتقام وتحدي وهي تجز على اسنانها من شـ.ـده تأثرها هاتفة بوعيد :
_ابعد عني اوعاك تفكر تلمسني تاني او إنك هطول مني حقوق اي زوج على زوجها من بعد اللحظه دي ،
واسترسلت حديثها بتهديد حتما ستنفذه :
_ورب اللي خلق الكون لهنـ.ـد.مك على كل لحظة خيانة خنتها لي وانا كنت فيها ام واب وكيان كامل بيحافظ على كيان كامل ،
وحياة من جمعنا من غير معاد لهبكيك بدل الدmـ.ـو.ع دm على كل لحظه جـ.ـر.حتني فيها وخنت العهد والوعد وانا كنت باقية عليه ،
اتقفلت لعبتك وهقلبها لجحيم اللي هخلي نار لهيبه أقوي من النار الحقيقة.
ثم أولته ظهرها وهي تنظر الى ابنائها آمره اياهم وهي تمسح دmـ.ـو.عها بحدة بالغة مرددة وهي تشير ناحية الباب :
_يلا يا مهاب يلا يا سما قدامي على تحت مش قادره اقعد في المكان القذر ده اكتر من كده .
استجمع تفكيره بسرعة وعلى الفور اعترض طريقها ووقف امامها وهو يردد برفض قاطع :
_لو سمحتي اهدي يا راندا احنا هنا في الغربة والأولاد ما ذنبهمش حاجه في البهدلةخ دي عايزين نقعد مع بعض ونتكلم بهدوء زي اي ناس متحضرين .
_اقعد ! وناس متحضرين !… جملة تهكمية ساخرة عقبت بها إليه عقب استماعها لما تفوه به ،
واسترسلت حديثها باستهزاء وهي تنظر إليهم نظرات سخرية:
_ فين الناس المتحضرين دول اللي انا هقعد معاهم ؟!
انا مش شايفه قدامي غير ذئاب خـ.ـطـ.ـفت اللي مش من حقها وسرقته واتغدت بيه وملت قلبها وعقلها بأنه حقيقي ومن حقها ،
مش شايفه قدامي غير مكان جـ.ـر.حي انا ،
مش شايفه قدامي غير مكان اند.بـ.ـحت فيه وبسكينه تلمة ومن مين من اعز الناس ،
واستطردت بنظرات عاصفة لو كانت حقيقية لأغرقت أمتن السفن :
_لا المكان بقي مكاني ولا إللي فيه بقوا مني ،
وهمشي ومش هرجع لو عملت ايه بالذي ياخـ.ـا.ين .
فقد قوة تحمله من تعنتها وتفوه بعصبية وهو ينظر إلي تلك الضائعة آمرا إياها :
_استني عندك كفايه تهور بقى لو مش عشان خاطر احنا الاتنين يبقى عشان خاطر الاولاد اهدي بقى من فضلك انا هاخدها وهمشي وهسيبك لما تهدي خالص وبعدين لينا كلام مع بعض ،
يالا يا فيروز البسي هدومك وروحي على شقتك دلوقتي ونتكلم بعدين .
أما هي حينما استمعت الى كلامه معها بات داخلها يغلي غيرة عمياء ستنقلب إلي حقدٍ سيحرقهما جميعاً ،
ورأت أنها من الأفضل أن تقضي تلك الليلة المشؤومة والتي سجلت بها ميلاد جـ.ـر.حها الأول والأخير والأصعب في حياتها ،
وستغادر تلك البلاد غداً بروح مكـ.ـسورة مقهورة مجروحة ،
وحدثت حالها وهي تحتضن روحها مرددة بآلام عبرت طريق حياتها وأخذت معها الأمال وهم نفس الكلمة في نفس الليلة فقط تبدلت الحروف :
_سلام الله علي الحب الذي ضاع وسط الأفاعي ،
بات الظلام مكاني والحـ.ـز.ن زماني وسهم الغدر رماني ،
سلام الله على كياني من حرمانه من الأماني ودmع العين أعماني ،
أما من أصابني بالخذلان وطعنني بخنجر مسموم فلا سلام الله عليه من أجل إحزاني
خاطرة راندا المالكي
#بين_الحقيقة_والسراب
#فاطيما_يوسف
_________________________________
في سيارة رحيم المالكي
استمعوا الى اوامرها بطاعه عمياء وفورا زادوا من سرعتهم الى اقصاها الى ان وصلوا الى سياره رحيم وبقي بضع سنتيمترات فقط على مهاجمتهم الا انه زاد من سرعته بشـ.ـده كي لا يلحقوا به وعيونه تمشط الطريق يمينا ويسارا كي يجد مخرجا من تلك الذئاب ،
استمع اليها وهي ترشـ.ـده بأمل عسي الله أن ينجيهم :
_بص يا رحيم هيقابلك دلوقتي كورنر شمال بيودي لشارع عمومي ادخل منه على طول هما هتلاقيهم مش عارفينه ،
كان الباص اللي بنيجي منه لما يكون الطريق زحمة يدخل يعدي منه علشان نوصل بسرعة .
انتبه الى ارشادها بتركيز وزاد من سرعته حتى وصلوا الى الشارع الجانبي التي ادلته عليه وبسرعة ماهرة عبر منه مما شتت انتباههم ،
ولكن انطلقوا وراءه ولكن لا يعلمون الى متى سيؤدي هذا الطريق بهم هم فقط يتبعونه كي ينفذوا المهمة كما امليت عليهم ،
ولكن افسدت خططهم عنـ.ـد.ما رأوا انهم اصبحوا على الطريق العام وليس فقط بل وقف ذلك الرحيم امام قسم الشرطه التابع لتلك المنطقة وهدا من سرعته بل قرر ان يقف ويأخذ هدنته امام ذلك القسم وهم لن يجرؤوا ان يأتوا اليه فهم يرون القسم محاط بعدد لا بأس من الأمناء المسلحين ،
ضغط ذلك الملاحق لهم على التارت الخاص بالسيارة بعنف وهو يلقي السباب اللاذع علي ذلك تع الفارس الذي أنقذها من بين براثينهم ،
مرددا بسباب:
_أه يابن ال…. والله لهحطك في دmاغي وماهسيبك بعد النهاردة.
استمعت تلك الشمطاء إلي سبابه وانطلقت بساببها الأخري مرددة إليهم بسخط :
_ اصل انا مشغله شويه بهايم معايا معرفوش يمسكوا حتة عيل لا له في الطور ولا الطحين ،
اعملوا حسابكم هبلغ الباشا الكبير اللي باعتكم ليا وهخليه يوريكم أيام أسود من قرن الخروب .
ضـ.ـر.بوا كفا بكف علي سبابها الذي أزعجهم كثيراً وهتفوا بما رأوه :
_ ماهو حضرتك إحنا لو كنا لحقناه كنا عرفناه قيمته لكن هو استخدm عقله وذكاؤه وشغله علينا بن الأبالسة وحود من شارع ومشي خطوات وجه وقف قدام القسم ومرضيش يمشي.
قبضت علي معصمها بقوة وعنفتهم بصوتها المملؤ بالجبروت:
_ تصدقوا فعلاً النهاردة عرفت حقيقة المقولة إللي بتقول ” مش بالعضلات هتمشي”
المفروض كان الباشا بعتلي واحد عنده عقل مش تيران جـ.ـسمهم جـ.ـسم إنسان لكن عقلهم عقل حـ.ـيو.ان .
وتابعت حديثها بأمر:
_ المهمة فشلت وقدرت تروح من بين إيديكم ارجع إنت وهو لما أشوف هعمل ايه وهجبها إزاي ياللي منكم للقبر .
وأغلقت الهاتف بسخط وحدة ونظرات غضب وأنفاس متلاحقة من فشلها في المهمة بل قضية عمرها التي تحدت بها نفسها أن تدنس تلك البريئة كي تثبت لنفسها دائما أن تلك الحياة التي تعيشها علي صواب وأن الصح الوحيد هو ما تفعله وأن الثوابت التي تحياها تلك المريم ماهي إلا شعارات كاذبة ،
بل وصممت علي أن التحدي بينهما ونشب المعركة ابتدأ من الآن وحدثت حالها مرددة بانتشاء ناتج عن مرض نفسي داخلها :
_ إن ماخليتك تقولي ياريت إللي جري ماكان يامريم مبقاش أنا ،
وبدل ماكنت هشغلك بالحكمة والهوان هبيعك زي مابتتباع الجواري وأقبض تمنك ملايين أوزعها علي الغلابة ياست الشريفة .
ثم ذهبت إلي مديرة الدار مرددة إليها بخبث وهي تلقي علي مسامعها الشر كما وساوس الشيطان بالمثل وهي تدعي التأثر والفجأة لما حدث:
_ إيه إللي حصل ده يامدام ؟
أنا بجد مش مصدقه نفسي إن مريم دي تعمل كدة وهي عاملة نفسها زي القطة المغمضة ،
وإللي شفناه في الفيديو ولا كأنها من بنات الليل دي طلعت مؤسسة .
كانت الأخري تجوب المكان ذهاباً وإياباً وهي تضغط بكفوف يديها علي بعضهم بغضب وتحدثت باستغراب مغلف بالوعيد:
_ أنا مش مصدقة والله العظيم ان مريم دي تعمل كده دي كانت زي القطة المغمضه بالظبط انا مش عارفه ايه اللي وصلها للحاله دي ،
وتابعت حديثها بوعيد :
_بس مبقاش اعتماد ولا أستحق وجودي في المكان ده لا هجيبها وهبعتها على الأحداث وهخليهم يوروها النجوم في عز الضهر هناك وهي كده اللي دmرت نفسها بنفسها وخسرت مستقبلها .
انخلع قلب الاخري ما إن ذكرت الأحداث والتي ان وصلت الى غريمتها لم تعرف تنتقم منها ولا ان تستفيد منها بشيء سوى تعذيبها هناك في تلك الاحداث ،
ولكنها عازمه امرها على ان تشوهها كليا ولن تسمح للأحداث ان تصل اليها قبل ان تصل يديها هي اليها ،
واخرجت من حقيبتها دفتر الأموال الخاص بها وسطرت مبلغا داخل تلك الورقة واعطته لتلك المديرة وهي تلقي على مسامعها نصحا وتوهمها بأنها خطأ بل لن تخرج من تلك الدار إلا وهي أقنعتها بما تفكر به :
_اولا الشيك ده مني تبرع للدار انت عارفه انا بحب اعمل العمل الخيري ده كل شهر وبعتبره صدقة عن صحتي ،
ثانيا عايزه انصحك نصيحة من واحده الدنيا علمتها كويس قوي ،
اوعاكي تطلبي الاحداثيات لمريم وتسوأي سمعه الدار وتبقي بين المديرات صاحباتك التانيين اقل منهم في فضيحه زي دي هتسببيها للدار .
انخلع قلب تلك المديرة من الذي القته تلك الماكرة على مسامعها فهي من اهم اولوياتها منظرها العام والتي لم ولن تسمح ان ينهار وخاصه بين صديقاتها والتي دائما ما تتعالى عليهم بانها ذات الخبرة والعقل السليم الاول بينهم ،
مما كان يشجعها اخذ الدار شهادة الجوده من الدرجة الاولى عن تلك الدور الأخرى كل عام،
وتساءلت لتلك المي بتشوش :
_ طيب أعمل إيه كله إلا إن شهادة الجودة تضيع مني ،
أو سمعة الدار تتلوث دبريني إنتي زي أختي برده ؟
ما إن استمعت تلك الشمطاء إلي كلمـ.ـا.ت تلك العجوز الرقطاء وهي تنعتها بأختها حتي رددت في عقلها باستنكار :
_ زي أختك يابومة ياللي عزرائيل مش واخد باله منك ياللي بينك وبين القبر زحفة نملة ،
اسفوخس علي ده زمن اللي موقفني معاكي ،
ثم استفاقت من حديث عقلها علي كلمـ.ـا.ت تلك المديرة وهي تعيد السؤال علي مسامعها مرة أخري هاتفة بتضليل:
_ شوفي إنتي تكذبي إن إللي في الفيديو دي مريم وهعمل معاكي خدmة معتبرة بس سر مابيني وما بينك هبعتلك مهندس الكترونيات إنما ايه جبااااار هيثبتلك إن الفيديو متفبرك وتقدري تاخدي كلامه في التحقيق إللي هيتم وبالتالي تبرايها من التهمة دي قدام الناس ،
وأكملت بتخطيط شياطين وهي تواليها ظهرها وترتسم إبتسامة خبيثة بجانب فمها مرددة بمكر :
_وكل الكلام ده مايخرجش من مجلس التحقيق وأديكي خلصتي من عيلة كانت واجعة دmاغك ولا تشغلي بالك بيها ،
بس ليا خدmة عندك .
نالت تلك الفكرة استحسانها وأعجبت بتلك العقلية التي طرحتها وأجابتها بطاعه:
_ اؤمريني ياميوشة ياسكر إنتي ،
ده إنتي عليكي دmاغ تتلف في حرير .
سارت خطوات بسيطة ووقفت أمام حوض مزروع بالورد وبدون مراعاة حق النبات وحرمته اقتطفت زهرة لم تكتمل براعمها بقسوة وهي تشيد إليها:
_ البـ.ـنت دي لو جت هنا تاني إبعتيلي وسايسيها وهاتيها علي حجرك وابعتيلي وأنا هتصرف في الباقي من غير مايصيبك أي شوشرة نهائي وده وعد مني ،
ومقابل كدة ليكي مني هدية معتبرة خارج تبرعات الدار نهائي.
تهلل قلب تلك الشريفة طمعا وأجابتها بموافقة علي طلبها تحت ابتهاج قلبها من تخيلها للهدية ،
فركت بيدها الزهرة بكل جبروت بعد أن اشتمت عطرها وكأنها تشبه فعلتها في الزهرة بما تنتويه مع تلك اليتيمة ،
انتهي الحوار بينهما وأخذت حقيبتها وخرجت بهزيمة لأول مرة في معركة دخلتها ولكن توعدت في سريرتها بأن القادmة هي القاضية ولن تتنازل عن وحلها في وكرها المغروسة به ،
ولكن هل ستستطيع أم للقدر رأي أخر فلنري في رحلتنا القصيرة تلك مالذي يخبأه الزمن لصاحباتا القلبين الخبيث والطيب ،
في مكان آخر وبالتحديد أمام قسم الشرطه في سيارة رحيم الذي تحدث الي تلك الحبيبة والذي تأكد من عشقه الوليد لها حين روع قلبه عليها في هذه الليلة التي لم تمضي بعد قائلا بتساؤل بعد أن هدأت قليلاً ولكن سكوتها آلمه :
_ مالك يامريم إحنا بقينا بخير الحمدلله.
_تعبت وحاسة إني عايزة أمـ.ـو.ت وأفارق الدنيا … جملة انهزامية عقبت بها إثر سؤاله لأنها تشعر بانهاك قلبها .
أجابها بأريحية:
_ حطي الدنيا ورا ضهرك وكملي وانتي متأكدة ان الرضا بالمقسوم عبادة .
حاولت أن تطمأن روحها ولكن الهموم تلاحقها من كل صوب وحدب وتحدثت بثقل من الهموم :
_ كل لما أحاول أحطها ورا ضهري ألاقيها بتلاحقني لحد ما حسيت إن ضهري انقسم،
وكل مرة الرضا إللي بتتكلم عنه هو إللي بيقوني وأرجع أفتكر حاجات بسيطة من الحلو اللي مشفتهوش في حياتي وأقوم وأنسي ،
وتيجي بعدها الدنيا ترازيني باللي فوق طاقتي .
ابتسم لكي يعطيها أمل وردد :
_ وبتلاقي ربك لما يجور زمانك عليكي يبعتلك نفحة الرحمة إللي بتطبطب علي قلبك وتقويكي.
نظرت له وابتسمت برضا حين علمت مقصد كلمـ.ـا.ته وتحدثت بدون قصد بكلمـ.ـا.ت خرجت من فاهها تلقائية :
_ وتبقي أنت نفحة الرحمة إللي ربنا بعتهالي علشان تطبطب علي روحي وتداوي جروحي المرة دي ،
وفي نفس لحظة الأمل والإبتسامة تابعت حديثها بو.جـ.ـع:
_ بس ياترى هتبقي زي نسمة الهوا اللي بتيجي ترطب علي روحنا في يوم شـ.ـديد الحرارة وبعد كدة تستكين وتمشي واحدة واحدة وتسيبني لأمواج الهوي توديني وتجبني علي كيفها.
ما إن رأي غشاوة الدmـ.ـو.ع تلمع داخل تلك العيون ذات اللون السماوي حتي ردد وهو يتعمق نظرا داخلها:
_ متقلقيش مش هسيبك إنتي بقيتي قدري ،
ثم تذكر شيئا ما جعله ابتسم تلقائيا واسترسل حديثه بغمزة :
_ بس تصدقي وسط المعمعة اللي كنا فيها وكنا علي مشارف المـ.ـو.ت إلا أنك نقطتي اسمي طالع من بين شفافيك بدون ألقاب وكأنه سيمفونيه رائعة معزوفة بأجمل الألحان .
كان يداعب روحها المنهكة بتلك الكلمـ.ـا.ت التي انطلقت من فمه مقصودة وكأن مشارف الإعتراف بالعشق الجارف اقتربت .
_________________________________
لم تنتهي تلك الليلة العاصفة بأرواح أبطالنا بعد ولنسرح بعالمنا الي أن نصل إلي صاحبة الو.جـ.ـع المماثل لو.جـ.ـعهم جميعا ،
في منزل باهر الجمال حيث مازالت تلك المحاكمة مرفوعة علي تلك المسكينة ريم ،
وكادت أن تخرج إلا أنه نزل علي مسامعها بكلمـ.ـا.ت متتالية جعلتها فتحت أعينها علي وسعها من الصدmة وعادت إلى الداخل مرة أخري هاتفا ذالك الزاهر بتهديد :
_ طيب اعملي حسابك ان اللي انا قلت لك عليها هيتنفذ كتب كتابي عليكي هيبقي بعد انتهاء عدتك مش هتخرجي بره حيطان البيت ده يا اما ما لكيش ولا جنيه عندي ولاد اخويا هاخدهم منك وهرفع عليكي قضيه ان انتي السبب في مـ.ـو.ت ابوهم وهشردك في المحاكم وهاخد منك حضانة الاولاد وهبقى الواصي عليهم ويانا يا انتي يا الزمن طويل .
لو امراه غيرها وفي موقفها استمعت الى تلك التهديدات لهوى قلبها بين قدmيها رعـ.ـبا من تهديدات مكشوف الوجه ذاك ،
ولكن هذه ريم التي تحدث الشاعر احمد شوقي عنها وعن خوضه الحروب لاجلها في بيت الشعر المشهور في ديوانه “نهج البردة “والذي بدأه بالغزل لمحبوبته ريم ثم انتقل في نفس القصيدة التي تصل أبياتها إلي مائة وتسعين بيتا
إلي مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وتلك عادة الشعراء في ذالك العصر ،
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ
أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَداً
يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً
يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي
جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ .
فريم الذي وصفها الشاعر هنا في تلك الأبيات ك ريم الجمال فهي تظهر بوجه بريء مبتعد عن اي مشاكل يكفي خيره شره دائما لكن اذا اقترب احدا من أمانها ومأمنها ستسن السيوف وتقف كأقوى المحاربين مدافعه عن كينونتها ولم تخشى في حقها لومة لائم أبداً ورفعت قامتها وردت بكل شموخ وكبرياء :
_والله انت مفكر اني تهديدك ده هياثر فيا ولا هيهز لي شعره واحده من راسي انا ريم المالكي اللي تشم ايديها تشبع مش حبه فلوس هم اللي هيقعدوني في عصمة جبروت زيك حتى لو كانوا ورث ولادي ومن حقي امسك فيه بايدي واسناني لكن لو هيتعارض مع عبوديتي معاكم هنا ويخليني ابدل باهر الجمال بيك يبقى بتحلم .
اندلعت ثورات الشر من كلامها داخله وليس فقط من الكلام بل من قوتها والتي يراها لأول مره منذ ان وطأت قدmيها هذا البيت لم يعهدها الا بريئة مسالمة ولكن اليوم عهدها شرسة قوية ولكن لم يستسلم فالحرب ابتدت والبقاء للأقوى ولن ينسى مـ.ـو.ت اخيه قهرا على يدها وردد وهو يقترب منها ويقف امامها وينظر لوجهها بعيون حاده مرددا :
_قابلي بقى واستعدي علشان هخليكي تيجي ركعه وتطلبي السماح على اللي هعمله فيكي يا بـ.ـنت ابوكي .
لا تنكر أنها انتفض داخلها وارتعب كيانها ولكن سرعان مـ.ـا.تمالكت من حالها وتحدثت بثبات بدا له أنها أكثر شراسة :
_لما نشوف هتاخد ولادي من حـ.ـضـ.ـني ازاي او هتقدر تيجي ناحيتي ازاي؟!
وبالنسبه للورث انا مش فقيرة ولا قليلة اني اقدر اعيش ولادي في مستوى طول عمرهم متعودين عليه لكن برده حق اولادي مش هسيبه لك وحط في بالك الجواز مش هتجوزك لو انطبقت السمع على الارض وولادي خط احمر .
قبضت والدة زوجها علي معصمها بقوة وعنفتها بصوتها المملؤ بالجبروت:
_انتي ايه يا بت القوة اللي فيكي دي، ده اللي اختشوا مـ.ـا.توا صحيح وصدق المثل اللي قال تقــ,تــل القتيل وتمشي في جنازته ،
احنا بقى نجيب ابوكي اللي رباكي ونعرفه إزاي تردي على اهل البيت اللي عايشه في حماهم ونعرفه القصه وما فيها علشان يعرف الست هانم تربية البرنسيسة فريدة ودت ابني لفين بجبروتها ومش بس هم اللي يعرفوا ده اسكندرية بحالها كمان وتبقى بقى هيصة ونلم اللمة تتفرج على اللي قــ,تــلت جوزها ،
ولا تجيبيها من قصيرها احسن ومتجرسيش نفسك وولادك إللي هيكبروا والكل بيردد ان امهم كانت السبب في مـ.ـو.ت ابوهم ،
واستطردت تمدد ملامحها بضحكة هادئة ثم همست في مسامعها بصوت هدر :
_ علشان مش هسيب ولاد ابني يخرجوا برة البيت ده ولا يتربوا بعيد عن حـ.ـضـ.ـني .
انتفضت أعينها بحدة وهي تطالع تلك السيدة التي لاتختلف شراسة عن ابنها وهدأت من روعها حين جال الخـ.ـو.ف وصال داخلها من الفـ.ـضـ.ـيحة التي سيضعونها داخلها وسحبت حالها وصعدت إلي الأعلي صافعة الباب خلفها بملامح وجه مكفهرة ومرتعبة .
_________________________________
في إيطاليا وبالتحديد في مركز أشهر أطباء المسالك البولية حيث يجلس مالك الجوهري يحكي معاناة رحلة علاجه لذلك الطبيب حيث أشاد بتفصيل :
_انا اتجوزت تقريبا خمس سنين بالظبط وفي الخمس سنين دول ما حصلش حمل ولا مره وطليقتي كشفت ما لقيتش عندها اي عيوب نهائيا ولما انا رحت للدكتور بعد تقريبا سنتين قال لي ان العيب اللي عندي بسيط جدا ومع الوقت والعلاج البسيط هخلف طبيعي جدا ،
واستمريت علي العلاج لمدة ست شهور كاملين وبعدين رحت تاني اعمل متابعه مع الدكتور واللي استغرب جدا ان العلاج ما جابش نتيجه وان نتيجه اني اخلف بتضعف كل يوم عن اليوم اللي قبله ،
وغيرنا طريقه العلاج وكل ده موجود عند حضرتك في التقارير الطبيه دي اللي كل مره بتقرير شكل وبعلاج شكل لحد من سنتين بالظبط قال لي ان العلاج بدا يجيب نتيجه وان هو مستغرب جدا من حاله التغير اللامعقوله في حالتي ولما سمعت عن حضرتك كدكتور عالمي قلت اجي المركز هنا واقوم بالفحص الكامل علشان نعرف حالتي ماشيه ازاي بالظبط .
كان الطبيب يستمع اليه بتركيز شـ.ـديد وردد باللغة العربية الفصحى:
_ لا تقلق سيد مالك سوف نقوم بالفحص الكامل على حالتك ونقوم بعمل التحاليل والاشعه اللازمة ،
وايضا سنقوم بعمل تحليل للجينات الخاصة منذ الولادة الى الآن ولدينا اجهزه حديثه جدا ستنفعنا وتبين لنا الغامض في مسألتك ولكن عليك ان تطمئن ولا تنزعج لأن اخر تقاريرك تفيد بأنك على مشارف الشفاء .
تنهد مالك بتعب بسبب ما المه في السنين الماضيه كرجل شرقي آسي من موضوع يمس رجولته أولاً ،
ويمنع عنه نوع من أنواع زينة الحياة الدنيا وهو البنون ثانياً ،
ولكنه دائما راضي بما قسمه الله له ،
وتحدث الي ذلك الطبيب بتساؤل:
_طيب نقدر نعمل تحاليل والاشعه دي النهارده على طول ولا لازم حاجات معينه اعملها الاول ؟
اجابه الدكتور بعمليه :
_الآن سأقوم بفحصك على جهاز الآشعه اولا ،
وبعدها نقرر ونحدد خطواتنا بالترتيب تمهل يا رجل ولا تتعجل .
وبالفعل فحصه الطبيب فحصا شاملاً وطمأنه على حاله وانتهت الزياره عند الطبيب بعد أن أملاه بعضا من التعليمـ.ـا.ت التي سيقوم بها ويأتي بعد أيام قليلة كي يقوم بعمل التحليلات التي تثلج صدره وتطمأنه علي حالته ،
خرج مالك من عند الطبيب شاعراً باطمئنان روحه قليلا ،
وانتوي الذهاب إلي مكان هادئ مفتوح يجلس فيه مع روحه لكي يعطيها قسطاً من السلام النفسي الذي غاب عن عالمه في تلك الأعوام الأخيرة ،
جلس يحدث حاله وهو ينظر إلي اللاشئ بروح منهكة يجوب عقله ذكريات الماضي الأليم الذي أهلك كيانه ولكن كلها إرادة الله فلنرضي ،
وردد بلسان حاله بتعجب :
_ عجيب أمرك تلك الدنيا ألست من حقي أن أعيش سلاما نفسياً دون معافرة !
ألست أنا ممن يشعرون بزينة الحياة دون جهاد وتعب ،
كف عقلي عن معاتبتي لحالي علي حالي واتركني ،
كف قلبي عن مشاركة قلبك في القسوة علي كلي ودعني ،
دعني كي أنهض لكي أعود إلى عهدي مأمنه وسأعيده بفضل ربي حتي لو حاربت ،
فالحرب لأجل أن أبقي سليما كلُّ السلامِ
وأثناء انشغاله بحديث نفسه استفاق علي صوت رنات هاتفه وإذا به يبتسم تلقائيا عنـ.ـد.ما رأي نقش اسمها علي شاشه الهاتف ،
اعتدل في جلسته وفورا قام بالرد بابتسامه:
_ يا اهلا جوليا هانم أخبـ.ـارك ايه ؟
علي الجهة الأخري كانت تجلس علي مقعد مكتبها المدار للخلف وتضع سماعة الهاتف “الهاند فري” في أذنيها وتتحرك بالمقعد يمينا ويساراً مرددة بإجابة:
_ fine thanks ,
واسترسلت حديثها بتساؤل:
_ من ساعه ما اتقابلنا المرة إللي فاتت وانت مجتش علشان نتفق على شغلنا مع بعض ؟
أجابها بإبانة :
_ والله كان عندي كذا ميعاد هنا قلت أخلصهم وأنا موجود ،
واسترسل حديثه يبادر بعزيمتها علي الغداء:
_ ايه رأيك تحبي نتغدي مع بعض بكرة ولا مشغولة ؟
كانت تتراقص فرحا بداخلها لأجل عزيمته والتي كانت ستبادر بها قبله إلا أنه فاجأها بها وهتفت بموافقة:
_ شرف ليا طبعا يامالك بس سبني أختار أنا المكان إذا مكانش يضايقك يعني .
فرك في عينيه بإرهاق من تعب اليوم وأجابها بصدر رحب :
_ معنديش مانع طبعا يابرنسيس جوليا .
قال كلمـ.ـا.ته الأخيرة بنبرة إطرائية جعلتها تبتسم علي ذاك الوسيم الراقي في تعامله ،
والتي لاحظت رقيه منذ المرة الأولى لمقابلتهم معا .
تمددت علي كرسيها باسترخاء أكثر وتابعت حديثها الذي ألفه قلبها كثيرا وأنهته بامتنان:
_ بجد إنت لطيف جداً يامالك وراقي في معاملتك ،
واسترسلت حديثها بتأكيد :
_ هبعتلك اللوكيشن للمكان وهستناك بكرة بإذن الله.
Good night Malek
انتهي الحديث بينهم فحقا كانت جوليا مستمتعه جداً بالحديث معه .
_______________________________
انقضت تلك الليلة الأليمة علي الجميع حيث باتت ريم ليلها دون أن تنام بسلام ،
وباتت راندا ليلة ميلاد جـ.ـر.حها بدmـ.ـو.ع وآلام ،
وبات مالك ليلته وهو يفكر في حياته وعن ماينتظره بصبر واستسلام ،
أما عن رحيم فقد أخذ مريم معه الي منزله بعد أن حادث والده أن معه ضيفاً سيأتي إلي منزلهم فليستعدوا للقائة ،
وصل رحيم أخيراً إلي المنزل ومريم تمشي بجانبه خجلاً من الموقف ولكن ماذا عساها أن تفعل ،
هي تاركة حالها بيد القدر وليفعل مايفعل بها من تخبطات فرب الكون الذي خلقها لن ينساها ،
فدائما تردد قول الله تعالى ” لقد خلقنا الإنسان في كبد” لكي تشعر نفسها دائما انها في امان في وجود خالقها دائما وابدا ،
صعدوا درجات السلم المعدودة وهو يحسها بأعينه على الصعود بأمان فنظرة عينه كفيلة ان تهدئ قلبها من الخجل ،
ضغط على زر الجرس قبل ان يضع المفتاح في الباب لكي ينبههم ان يستعدوا لقدومه وضيفه ،
دخل واشار بيده إليها ان تتقدmه دخلت وهي تومي بعينيها ارضا وهي تلقي السلام خجلا ،
اجابوا سلامها بكل ابتسامه يتبعها استغراب ،
بعد ساعه تقريبا من حديثهم مع بعض الذي قصه عليهم رحيم منذ بدايه المشكله الخاصه بمريم الى نهايتها فتحدث ذلك الخلوق جميل :
_شوف يا ابني احنا مش هنتكلم في اي حاجه دلوقتي علشان هي باين عليها الارهاق والتعب الشـ.ـديد وباين كمان ان مشكلتها كبيره جدا لكن بأمر الله يا بـ.ـنتي ربنا هيقف جنبك وما تقلقيش وطالما جيتي بيت جميل واحتمـ.ـيـ.ـتي فيه من شر الدنيا هيكون ليكي حصن امين علشان البيت ده ما تعودش يرد السائل ابدا وانت قصدتيه في أمانك وهو مش هيردك أبداً ،
ثم وجه كلامه الى رحيم قائلا له :
_علشان تبقى على راحتها يا ابني وديها المضيفه اللي انا عاملها لاخواتك البنات لما يجوا هما وأجوازهم عشان يبقوا على راحتهم،
واسترسل حديثه وهو ينظر الى مريم بحنو :
_ت عـ.ـر.في ان الفرق ما بين اسم بـ.ـنتي واسمك حرف الميم بس يعني لو كان عندي بـ.ـنت تالته كنت هسميها على اسمك يا قمر انتي ،
عايزك تعتبري البيت بيتك وعايزك تروحي تنامي وتقضي ليلتك الآمنه في هدوء علشان خاطر نفكر هنحل مشكلتك دي ازاي وما تقلقيش رب الخير لا ياتي الا بالخير .
↚أتى الصباح محملا بالأثقال والهموم على ابطالنا الذين دهستهم هموم الحياه وضغطت بكل قوتها على قلوبهم البريئه و.جـ.ـعلتها دامية ،
في منزل جميل المالكي ظهرا بعد ان استيقظ الجميع وكان اليوم عطلة رسمية ،
يجلسون جميعا على طاولة الطعام يترأس الطاولة جميل وبجانبه فريدة زوجته وفي خط المقابل رحيم وتجاوره تلك التي طحنتها الحياة غدرا ،
حيث ردد جميل الى مريم بابتسامة بانت على ثغره آمرا اياها بلطف :
_شوفي يا مريم يا بـ.ـنتي دلوقتي تفطري معانا وتعتبري البيت بيتك مش عايز منك تـ.ـو.تري نفسك علشان احنا داخلين على مرحلة صعبة في مشكلتك المعقدة دي مع الناس اللي لا تعرف دين ولا رب دول .
كانت تلك المريم في عالم آخر عالم الأسره، العائلة التي حرمت منها منذ أن وعت حالها كائنة تعيش في عالم مختلف عن طبيعة طفولتها والتي كان من حقها ان تعيشها ولكن إرادة الله فقط لا غير ،
كانت تنظر اليهم بعين الاشتهاء لعالم حرمت أن تعيشه طيلة حياتها ،
تود أن لا تتركهم بعد ان عاشت ليلة آمنه لن تعيشها من قبل رغم روع روحها جراء ماأصابها ليلة أمس ،
وما ان وجه جميل الحديث اليها بكلمـ.ـا.ته الحنون التي عبرت قلبها حتى اجابته بابتسامة هادئه كعادتها تنم عن مدى شكرها وتابعت ابتسامتها بكلمـ.ـا.ت خرجت خجلا من فمها بصعوبة :
_والله يا اونكل انا عمري ما شفت ولا هشوف ناس زيكم وفي كرم أخلاقكم ربنا يجعله في ميزان حسناتكم يارب.
أما عن فريدة فكانت متقبلة الوضع بثقل علي قلبها فهي من نظرة واحدة من عيونها لولدها أدركت مدي وقوعه في عشق تلك المريم وذلك جعلها تشتعل بداخلها وباتت تحدث حالها علي طاولة الطعام وهي تتنقل بنظراتها بينهم :
_ ياتري ايه حكايتك يارحيم مع البـ.ـنت دي ؟
النظرات مش مطمنة لها ولا مرتاحة لها ويارب مايطلع إللي في بالي صح علشان لو طلع زي مانا متخيلة كدة هتقلب غم علي راس الكل ،
فاقت من تيهتها علي صوت تلك اليتيمة وهي تمدح في صنع يديها هاتفه لها بشكر :
_ بجد تسلم ايدك يا طنط الأكل تحفة جداً ،
وتابعت حديثها ولمعة الدmـ.ـو.ع بدت من عينيها مرددة بحنين :
_تقريبا ما أكلتش الأكل ده من زمان من ايام ما كان عندي ست سنين ايام ما كان عندي بابا وماما الله يرحمهم .
انقطع قلب الآخرين على تلك المسكينة من ذكرياتها الأليمة التي فطرت قلوبهم مما جعل تلك الفريدة قلبها يرق لها ويئن و.جـ.ـعاً ،
فتحدثت فريدة معقبة على حـ.ـز.ن تلك المقهورة بتهوين على حالها وهي تناولها الشطيرة بحنو :
_طيب خدي قطعة الكرواسون دي الأول ودوقيها وقولي لي ايه رايك فيها وبعدين عيطي براحتك ما انا خلصت من ريم بـ.ـنتي وعـ.ـيا.طها علشان خاطر افوق لعـ.ـيا.طك إنتي كمان يا ست مريم .
قالت كلمـ.ـا.تها بنبرة فكاهية لكي تري الابتسامة على وجه تلك التي اثرت في قلبها بسبب حديثها الأخير الذي آلمها كثيرا،
وعلى فكاهيتها تحدث رحيم الى التي كل يوم بل كل لحظة تسكن كيانه اكثر من ذي قبل معقبا بنبره إطرائية:
_شوفي بقى ماما في المعجنات تاخد الاوسكار ولا اجدعها شيف معجنات يقدر يعمل بنفس طعامه ايد ماما .
انفرجت اساريرها من تفاخر وحيدها واطرائه على طعامها،
ثم تدخل جميل في الحديث قائلا لها بود:
_شوفي يا مريم يا بـ.ـنتي من النهاردة تعتبري البيت ده بيتك وان شاء الله لما مشكلتك تتحل مش هنسيبك علشان إنتي دخلت قلبي .
شكرته بامتنان بان على معالم وجهها ثم ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة عقب ذكره لمشكلتها مرددة بعيون كلها رجاء :
_هو حقيقي ممكن مشكلتي دي تتحل يا اونكل ولا انا كده خلاص خسرت كل حاجه كليتي ومستقبلي ومصيري هتبقى الأحداث لو عرفوا طريقي واللي اكيد هيعرفوه لما اروح الجامعه ؟
حـ.ـز.ن رحيم لأجلها كثيرا وحدث حاله بكلمـ.ـا.ت تو.جـ.ـعه عليها:
_ لما كل ذاك الحـ.ـز.ن تجمع في حضرتك متيمتي التي سلبتي عقلي وأصبح يفكر بكي كل وقت وحين ؟
قلبي وعقلي وروحي بل وكلي بات متعلقاً بكي وكأنكي أصبحتي منه وبات موجوعا لو.جـ.ـعك ،
وقلبي دقاته تدق أبوابك تارة عشقا وتارة ألماً وتارة شوقاً لرؤيا بسمتك ،
وأجابها بكلمـ.ـا.ت بثت الطمأنينة داخلها قائلاً بابتسامة أمل :
_ متقلقيش يامريم مش هتروحي الجامعة إلا لما نشوف حل لمشكلتك دي ولا هتخرجي من هنا من أساسه غير وإنتي في أمان بإذن الله.
أما جميل تحدث ناطقاً بإيضاح:
_ شوفي يابـ.ـنتي أولاً خلي عندك ثقة في ربك إللي سترك السنين دي كلها إنه مبينساش حد وهيسترك عمرك الجاي طالما فضلتي متمسكة بإيمانك بيه ،
واسترسل بعيناي تفيض حنانا باقتراح لكي يجعل بالها يهدأ :
_ وثانيا بقي ياستي أنا عندي مهندس كمبيوتر عبقري في البنك هعزمه هنا علي فنجانين قهوة وهنعرض عليه مشكلتك من البداية وأنا عندي ثقة فيه بعد ربنا سبحانه وتعالى هيقدر يوصل لحل يرضينا كلنا وربنا إن شاء الله هيسخر لك جنوده إللي هتحفظك وترعاكي .
واستطرد وهو يقوم من علي طاولة الطعام بدعابة:
_ أنا شبعت الحمدلله وعايز أشرب قهوتي من إيدك ،
قولي لي بقي بت عـ.ـر.في تعملي قهوة ولا فاشلة في المطبخ ؟
ابتسمت بإشراقة علي دعابته وقامت من مكانها وهتفت باستئذان من فريدة وهي تنظر لها وتشمر عن ساعديها باستعداد:
_ طبعاً ده أنا أصلاً أحلي حاجة بعملها القهوة ،
بعد إذنك ياطنط أقتحم مطبخك وأعمل لعمو جميل فنجان قهوة ؟
أشارت إليها فريدة قابلة بدعابة مماثلة لجميل:
_ اتفضلي ياحبيبتي هتريحني والله من طلبات القهوة والشاي إللي مش بتخلص الساحة ليكي وورينا شطارتك ؟
هرولت مريم بنشاط كي تصنع قدح القهوة لجميل والشاي لها و لرحيم وفريدة بعد أن سألتهم عن مشروبهم المفضل بعد الطعام ،
نظرت علي أثرها فريدة وهي تتنهد بتعب من صراعها الداخلي لتلك المريم ،
فهي في صراع بين قلبها وعقلها في معضلة تلك الفتاة التي اقتحمت حياة ولدها ومن ثم حياتهم ،
ويبدو لها أنها ستعاني كثيرا من ذاك الصراع فالعقل يرفض وجودها بينهم والقلب يأمره أن يصمت ،
وبين صراع العقل والقلب أرواحا تنهك مشقة وكبد ليس لهم نهاية ،
بعد مرور عشرة دقائق خرجت إليهم بآنية المشروبات ووضعتها أمامهم وأعطت كل منهم كوبه وعلي الفور تذوقوه وحقا كانت بـ.ـارعة في صنعهم ،
واستاذنت منهم أن تخرج إلي حديقة المنزل تتنفس هواها الذي يشعرها بأنها دون أوامر أو قيود ،
فأذنوا لها بكلمـ.ـا.ت أشعرتها أنها صاحبة منزل مثلهم ولها مطلق الحرية تفعل كما تشاء ،
خرج معها رحيم معللاً بنفس حجة مريم ولكنه بداخله يريد التحدث معها بمفردهم فهي صارت تشغل حيزاً كبيرا من تفكيره بل أصبحت كل تفكيره ،
خرج الثنائي الهادئ متخذين المقاعد الموجودة مجلسا لهم
وبعد أن استقروا ردد رحيم متسائلاً بوجه بشوش:
_ عرفتي تنامي امبـ.ـارح ولا قلقتي زي كل يوم ؟
تنهدت بتعب وصدر محمل بالهموم عما يجيش في كل حواسها من هواجس وخـ.ـو.ف جراء ماحدث لها وهتفت بحمد :
_ جدااااااااااا الحمدلله بقالي كتييير منمتش بعمق كده ،
واسترسلت حديثها بتذكر :
_ بس خايفه وبحلم بيوم ضياعي اللي مستنيني أوووي يارحييم .
انقبض قلبه بالدقات لشعورين متضادان شعور الحب الذي أصابه عنـ.ـد.ما نطق لسانها اسمه كأعذوبة خرجت من بين شفتيها ،
وشعورا آخر خـ.ـو.ف وحـ.ـز.ن علي أمانها التي افتقدته وهي زهرة بريعان شبابها تحـ.ـز.ن كل ذاك الحـ.ـز.ن ،
شعورين في آن واحد بدقات واحدة لكن دقاتهما مختلفة كليا عن الأخري ،
فنظر لها بأعين تفيض حنانا كي يطمأنها ويهدأ من روعها :
_ عايزك تطمني قلبك وبالك وتستجمي كدة علشان أنا مش هسيبك أبدا وهفضل جمبك يامريم .
دقات قلبها أعلنت الطبول علي حديثه الحنون وعيونها صارت تنظر له بتعجب وحيرة ،
وأفلت لسانها بسؤال نابع من قلبها دون أن تحسب له حسبان :
_ ممكن أعرف إنت بتعمل معايا كدة من باب الشفقة والعطف ؟
انتابه شعور حـ.ـز.ن مغلف بالكبرياء علي شخصها،
وعلي تفكيرها بقلة لكونها في نظره أغلي من أي ثمين ،
وانطلق لسانه معبراً عن قلبه بدون حسبان للمنطق ولا العقل ولا حتي الأشخاص فقط نطق لسانه عما يجيش في صدره هاتفا بعاطفة احتلت قلبه منذ أن عرفها :
_ يمكن علشان مشـ.ـدود ليكي وحاسك مني !
أو يمكن علشان قلبي وكل كياني بقي حاسس إنك مسؤوله منه !
أو يمكن علشان حبيتك يامريم مثلاً.
هنا امتنعت عقارب الساعة عن الدوران إجلالاً لما نتج من اعتراف العاشق الولهان لتلك البريئة النسمة الرقيقة التي امتلكت الوجدان
وغاصا الاثنان بنظرات العيون ناسيين الظروف والزمان والمكان ،
رأي تيهتها وسمع نبضات قلبها وود لو يسحقها عشقاً داخل أحضانه وينسي كل شئ كي يغدقها بالحنان إلا أنه شـ.ـدد علي يديه أثر المشاعر التي اجتاحته من اعترفه ونظراتها الخجلة وتـ.ـو.ترها وتغير لون وجهها إلي الأحمر القاتم ،
مرددا لها بوله :
_ ياه مكنتش أعرف أني لما أعترف لك باللي حاسس بيه إني هسمع ردك من دقات قلبك ،
واسترسل بابتسامة عاشق:
_ وصلتني إجابتك ياروما واعملي حسابك ده إسم دلعك إللي هناديكي بيه بعد كدة ،
قال تلك الكلمـ.ـا.ت وقام من مكانها كي يترك لها مساحة لخجلها وتـ.ـو.تر مشاعرها ،
وما إن تركها وغادر المكان حتي وضعت يداها علي قلبها تهدأ من دقاته التي انتباتها عقب اعترافه الصريح الذي لم يكن بالحسبان ،
وحدثت حالها بانبهار وهي تناشـ.ـد كلها معبرة عنه بكلمـ.ـا.ت خرجت من قلبها :
_ كأن خالقي اعتراني برحمته ورزقني الحب الذي يسكن كل جوارحي ولساني كان عاجزاً عن الإعتراف به !
كأن قلبي وعقلي وروحي سيفرحوا والفرج الآتي سيعبر حياتك مريم ،
يا الله كم كريم لطفك وكم عظيمة منحك وكم رائع عوضك وجبرك لي ياالله .
ولكن هل جبرت مريم أم للقدر رأي أخر ؟
_______________________________
في منزل باهر الجمال عصراً
حيث قضت ريم ليلتها وكأنها تلتوي علي جمر النار مما حدث لها أمسا فمن لحظتها تبدلت أحوالها وصار الألم أضعاف، ألم رحيل زوجها الذي مازال يعتريها وألم الطوفان الآتي الذي ستواجهه امام جيوش العناد والتحدي ،
من ليلة أمس وهي تفكر في حل لتلك المعضلة دون أن يمس سمعتها خدشا واحداً وياليتها السمعة فقط بل مستقبل وجود اولادها تحت وصايتها مهدد بالبقاء معها ،
ورأت أن تهاتف والدتها كي تأتيها علي الفور وستقص عليها كل الأمر ،
فهي خجلة جداً من والدها أن يعرف ماصدر منها وخاصة أنه كان يحب باهر حبا جما ،
وبالفعل أخبرت والدتها بالمجئ إليها لأمر هام وأبلغتها أن تأتي علي الفور مما استدعى ذلك قلق فريدة طيلة الطريق ،
وبعد نصف ساعة بالتحديد أتت إليها وصعدت إلي الطابق الذي تمكث به مباشرة كي تطمئن علي غاليتها وما إن وصلت حتي وجدت ريم في حالة يرثي لها من القلق وشحوب الوجه البائن علي معالم وجهها ،
أدخلتها ريم وجلسن في غرفة الاستقبال كي لا أحداً يسمعها من الخارج وخاصة الخبيثة التي أوقعتها في تلك المشكلة ،
فتحدثت فريدة بملامح وجه مكفهرة ومرتعبة مرردة :
_ مالك يا بـ.ـنتي فيكي إيه وشك أصفر وحالتك حالة ؟
أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :
_ أنا في مصـ يـ بـةكبيرة أوي ياماما ومش عارفه أعمل ايه وأتصرف إزاي ؟
انخلع قلب الاخري وباتت معالم وجهها هلعا من كلمـ.ـا.ت ابـ.ـنتها ووضعت كلتا يديها على صدرها متسائلة بهلع:
_ مصيبه إيه ياريم كفي الله الشر يابـ.ـنتي رعـ.ـبتيني .
_أمال أنا أعمل إيه ياماما أعمل إيه…. كلمـ.ـا.ت خرجت بطريقة مرعـ.ـبة وهي تدق بكلتا يديها علي فخذيها وتلتفت يميناً ويسارا ودmـ.ـو.ع عينيها تنهمر رعـ.ـباً ،
واسترسلت حديثها بإبانة وهي تمسح دmـ.ـو.عها بحدة :
_ هحكي لك كل حاجه ياماما بس أمانه عليكي مـ.ـا.تعملي زيهم وتحكمي عليا حكمهم .
نظرت لها بتمعن منتظرة تكمله حديثها وقررت أن تصمت حتي حتي تستمع إلي شكوي ابـ.ـنتها ،
وقصت ريم علي مسامع والدتها ماحدث من البداية وما إن انتهت حتي حكي حالها عن شعورها ،
فقد عثت في جوفها حرباً شعواء أشـ.ـد من أن تتحكم بها ومن أن تقاومها وهدرت بها باستنكار:
_ قال لك يالشغل يا أنا ورديتي عليه كدة !
زاغت أعين الأخري من استنكار والدتها وبات داخلها ينتفض رعـ.ـبا الى ان استمعت الى هتاف والدتها وهي تتابع حديثها المحتد وتزجرها بعنف :
_من امتى وانا ربيتكم على كده؟!
من امتى وانا ربيتكم تقفي قدام جوزك الند بالند ومستوى المناقشه يبقى بالانحطاط ده؟!
انسدلت دmـ.ـو.ع الاخرى من مقلتيها بغزاره ولم تخشى نزولها امام والدتها فهي بالنسبه لها الام والاخت والصديقه رغم شـ.ـدتها في التعامل معهم الا انهم يثقون في ارائها لأبعد الحدود وما ان علمت غضب والدتها حتى انهار داخلها وباتت تلومها لوما شـ.ـديدا واجابتها بـ.ـارتعاش :
_والله يا ماما الغضب عماني ساعتها والشيطان دخل بينا واللي حصل حصل ولومك وعتابك ما لهوش لازمه دلوقتي .
قامت والدتها من مكانها وهي تجوب المكان ذهابا وايابا وتضغط بكف يديها بعنف مما استمعت اليه من صغيرتها وهي تردد بملامه مغلفه بالاحتدام :
_ما هو علشان انا ربيتكم على المناقشه المتحضره طول حياتكم مش مصدقه ان إنتي عملتي كده,
واسترسلت حديثها بتذكير:
_ده انا لسه من كذا شهر حاكيه لك على بـ.ـنت صاحبتي اللي اجبرت جوزها على انه يكتب لها البيت باسمها علشان مخلفه بنات عشان لو حصل حاجه في اي وقت ما حدش ياخد البيت منهم وشـ.ـدت معاه وغضبت وسابت له البيت وهو من الحسره ان هي عملت فيه كده ومعاه كده واستعجلت اجله ومـ.ـا.ت ودلوقتي بتبكي بدل الدmـ.ـو.ع دm وبتلوم نفسها تقومي إنتي تعملي كده يا ريم؟!
وضعت الأخرى وجهها بين كفوف يديها وهي تشهق شهقاتها العالية التى تدmي لها القلوب من ملامه والدتها الغير متوقعه مما جعل قلب فريده يئن و.جـ.ـعا لصغيرتها وعلى الفور ذهبت اليها واخذتها بين احضانها وهي تهدئ من انهيارها بكلمـ.ـا.ت الام الحنون :
_خلاص يا بـ.ـنتي اللي حصل حصل وما تزعليش من كلامي اللي قلته لك انا بعتب عليك علشان الأم مرايه بـ.ـنتها، استنكرت عليكي انك تعملي عامله زي دي ما تليقش بريم المالكي ولا برقتها ولا بأدبها ولا بأخلاقها ابدا .
وظلت بين احضانها تستمد منها الحنان والعون حتى هدات بعد فتره متسائله لوالدتها وهي تنظر لها بعيون ممتلئه بالدmـ.ـو.ع التي اصبحت طريقها:
_طيب اعمل ايه دلوقتي يا امي في المشكله اللي انا فيها دي انا لا يمكن اتجوز زاهر ده ابدا ولا يمكن اعيش مع راجـ.ـل غير باهر الله يرحمه .
هنا جالت فريده بتفكيرها وبدات تفكر في حيثيات الموضوع من جميع الاتجاهات وهي في حيرة شـ.ـديدة حتى نطقت بنصح لابـ.ـنتها بما راته صالحا لها :
_وفيها ايه لما تتجوزيه بعد ما تاخدي هدنتك في الحـ.ـز.ن على جوزك هو عم ولادك وهو اولى بيكي من اي حد ،
وتابعت نصحها بـ.ـارشاد امين:
_انا خايفه عليكي لما يملوا ولادك بالكلام اللي قالت لك عليه حمـ.ـا.تك وابنها لما يكبروا مع الأيام وابنك الكبير بقى بيستوعب دلوقتي ،وهما قادرين واحنا ما لناش في سكه الردح بتاعتها ابدا يا بـ.ـنتي .
قالت تلك الكلمـ.ـا.ت التي نزلت على مسامع تلك المسكينه مزقتها وكأنها سكاكين حاده مزقت اشلائها الى قطع واصبحت في انهيار من كلام والدتها ادى بها الى الاغماء على الفور .
________________________________
يجلس مالك في الباخره مع جوليا مستمتعا باجواء البحر وينظر له بشرود الى ان اتاه صوت تلك الرقيقه التي تنظر له باعجاب مردده :
_ممكن اعرف سرحان في ايه هو البحر قد كده بيشـ.ـدك وبيخليك تحكي له بعينيك كل حاجه وناسي ان انت معاك جوليا ملكه جمال روما ؟
قالت تلك الكلمـ.ـا.ت الأخيره وهي تشير على حالها بتفاخر ممزوج بالمداعبه .
ضحك بشـ.ـده من طريقتها التي كانت تحكي بها ولكن ما إن فكر في تساؤلها حتى اجابها بعمق وهو ينظر الى ذلك البحر من جديد :
_ت عـ.ـر.في ان البحر ده عامل زي الدنيا بالظبط ساعات تلاقيه هادي وهدوئه يخـ.ـو.ف وساعات تلاقيه مثير واثارته تحسسك اننا عايزين ننط جواه ونعوم لكن لو ما عرفناش نعوم بمهاره نغرق ونتوه في ظلمـ.ـا.ت بحر الغدر .
كانت تستمع الى كلمـ.ـا.ته بانتباه شـ.ـديد كل حرف نطق به احست ان وراءه اوجاع لا مثيل لها فمنذ ان راته مجسدا امامها بعد ان كانت تتابع اخبـ.ـاره على مواقع السوشيال ميديا فكانت منتظره لقاؤه فهي كانت ترسل له دعوة سنوية وفي كل مره منذ ثلاثه اعوام تود ان تتحدث معه ولكن تتراجع الى ان اتخذت الخطوة في هذا العام وعزمت امرها ان تريح انشغال بالها الدائم به وهتفت بجبين مقطب :
_انا حاسه ان كلامك وراه و.جـ.ـع كبير قوي وبالرغم من كده الا انك بتداري و.جـ.ـعك بحرفية ورا الابتسامة اللي انا شايفاها على وشك وانت بتحكي و.جـ.ـعك دلوقتي اللي استشفيته من كلامك ،
واستطردت احاسيسها وهي تطلب منه برجاء :
_ممكن نخرج بره دايره الشغل خالص وتحكي لي ولو حاجة بسيطة من و.جـ.ـعك واعتبرني صديق مقرب وانا كلي اذان صاغيه .
اتته الفرصه كي يخرج ما في صدره من هموم واثقال ما كان يحبب ان يحاكيها الى احد من قبل,
احس بالارتياح الشـ.ـديد من حديثها ومبادرتها بأن يقص عما في صدره كي يهدا ،
وبالفعل انطلق في الحديث عما اتعبه في حياته بالتفصيل مما جعلها تشعر بوجيعته وقلبها يدق حـ.ـز.نا لحبيب السنين المبهم في قلبها فقط ولم تبوح به لمخلوق قط ،
وفي نهايه حديثه اشاد وهو مشبك اصابع يديه ببعضهما مرددا بإبانة :
_ وحالياً عندي ميعاد مع الدكتور بكره للتحاليل والآشعة اللي انا عملتها وهيطمني ان رحلة علاجي انتهت ولا لسه .
تنهدت بعمق وتحدثت بابتسامه هادئه:
_هتطلع ممتازة وهتخف وهتبقى ميه ميه بس انت قول يا رب ،
واسترسلت بتساؤل:
_ده انت شلت كتير قوي ازاي قدرت تستحمل كل ده؟
_كنت دايما بصبر نفسي واقول يا جبل ما يهزك ريح عشان اقدر اقاوم واعيش….. اجابها مالك بنبره انهزاميه تنم عن مدى تعبه النفسي.
تابعت تساؤلاتها بحيره:
_بس انا اسمع ان الست المصرية اصيلة وبتقف جنب جوزها وعمرها ما تسيبه في ظروف صعبة زي ظروفك؟
ضحك بسخرية من براءة حديثها وأجابها :
_كتير جدا من الستات المصرية بيقفوا جنب أزواجهم ولسه الدنيا بخير بس جت مع العبد الغلبان والنداله كانت واخده حقها معاه قوي ،
ثم استنشق زفيراً طويلاً وهي ينهي ذاك الحوار المؤلم لروحه :
_ممكن ما نتكلمش في الموضوع ده تاني عشان بجد بيتعبني اي نعم انا ارتحت لما لقيت حد خرجني اللي في قلبي بس عايزك ولا كأنك سمعتي حاجه .
بابتسامه مشرقه بانت على معالم وجهها اجابته:
_ تمام مستر مالك ،
وبنظرة كلها رجاء أكملت باهتمام:
_طيب ممكن اروح معاك مقابلة الدكتور بكره ده ان ما كانش يزعجك ؟
دقق بالنظر داخل عيناها بترقب شـ.ـديد لطلبها الغريب الذي جعل دقات قلبه تسأل قبل منطق عقله ونطق باستفسار :
_ قد كدة أنا بقيت مهم لدرجة إنك تروحي معايا جلسة دكتور ؟
تراجعت باسترخاء على المقعد وهي تربع ساعديها باستمتاع اتاها من اعجابها باستفساره واجابته بعيناي راجيه:
_ممكن اه وممكن اكتر شويه بس ارجوك نفسي اشاركك في لحظاتك اللي انت موجود فيها هنا وابقى واقفه جنبك وما تسألنيش ليه لأني انا حاسه اني عايزه اعمل كده .
زاده حديثها ارتياح شـ.ـديد اكثر من ذي قبل واجابها بموافقة:
_تمام هعدي عليكي بكره ونروح سوا وان شاء الله يطلع وشك حلو عليا .
وظلا يتحدثان مدة من الوقت لم يشعروا به طيلة حديثهم الى ان احسوا بالتأخير وانتهو من جلستهم مودعا بعضهم البعض الى اللقاء غدا ،
وفي اثناء سير كل منهم في طريق عودته الى مكان مأواه حدث مالك حاله بتساؤلات كثيره جرت في عقله وقلبه بل وكل جسده كان متفاعلا مع تساؤلاته :
_ماذا ورائكِ يا تلك الجميلة الرقيقة التي لم ارى في رقتها امراة قبل ،
أمن الممكن ان اصدق حدسي فيما يفكر به ويتوقعه!
أمن الممكن أن تصبحي انتي ونيسة الأيام وجليسة الليالي القادmة وجبر قلبا معـ.ـذ.با طيلة حياته!
حقا لو اصبح كذلك لكأن الله سيعوض حرماني اضعافا مضاعفة ،
اما هي كانت تسرح بخيالها في عالم السعادة اللامتناهية من مجرد تقدm بضع خطوات من عشقها المختزن داخلها والتي لا يعلمه احدا سواها وهي تتسابق مع الطرقات بسعادة بالغة ،
انتهى اليوم على الجميع بمأساته للبعض وبالجبر والعوض للبعض الاخر ،
في اليوم التالي اتى الصباح محملا بالأمل والتفاؤل على الجميع وخاصه مالك الجوهري الذي ارتدى ملابسه الكاجوال والتي كانت عبـ.ـاره عن بنطالا من اللون الازرق القاتم وقميصا باللون الابيض الزاهي وارتدى ساعته ونظارته الشمسيه فكان حقا وسيما ،
وهاتف جوليا بأنه قادm اليها وهي كانت في انتظاره بسعادة بالغة،
تقابلا كل منهما ومر الوقت سريعا وهم في انتظار نتيجه التحاليل والتي ما ان اتت الممرضه بها استمع الى نداء دوره وعلى الفور دلفا الاثنين الى غرفة الطبيب الذي كان مهتما بفحص التحاليل جيدا وما ان انتبه الطبيب لوجودهما حتى تحدث بابتسامه :
_ لقد اخبرتك من قبل سيد مالك ان رحلة علاجك اوشكت على الانتهاء وتلك التحاليل اثبتت ذلك ،
ثم تابع حديثه وهو ينظر له باستغراب عما راه في تحاليل الجينات :
_ولكن شيئا ما في تحاليل الجينات اريد تفسيره منك سيد مالك؟
ابتسم مالك وجوليا بعد ان طمأنهما الطبيب على اقتراب شفائه والذي اكده الطبيب بأن بضعا من الأدوية التي سيعطيها له ستنهي الأمر تماما وسيحيا حياة طبيعية كأي رجل
اما جوليا امسكت بكفاي يديه وقبضت عليهما بشـ.ـده وهي تبادله الابتسامة النابعة من قلبها الجميل ،
وما ان استمع الى تساؤل الطبيب حتى قطب جبينه باستغراب واشاد مرددا:
_ما الذي يحيرك في الأمر سيدي الطبيب ؟
قص عليه الطبيب ما راه وما ان استمع اليه حتى بات دقات قلبه عنيفه شـ.ـديده وصوره اعينه زائغه من شـ.ـده ما سمع ونزل على قلبه والذي كان عبـ.ـارة عن استغراب حقا :
_بدا لي في تحاليل الجينات انك منذ اكثر من أربعة اعوام تتناول عقارا يؤثر على الإنجاب والذي يسبب العقم مع مدار تناوله على مدى العمر ومع تناول تلك العقارات كنت تتناول اخرى مضادة كيف ذاك الطبيب الذي يتابع حالتك ان يضرك بهذا الشكل سيد مالك ؟
العبـ.ـارات صادmة والقلوب ترتعش والعيون تنظر بغموض والنفس الأمارة بالسوء بدات تتناول تفكيرها ،
وبعد تلك العبـ.ـارات ايضا اصبحت الأنفاس متسارعة والأفكار متضاربة والجسد مشتعل والهواء بدا ينعدm كل ذلك شعر به مالك وقسمه الى اشلاء بدات تمزق داخله وخيوط عقله بدات تتزاحم وتفكر فيما مضى وترتب لما هو ات والذي لا يبشر بالخير ابدا
_______________________________
في مدينة الإسكندرية في أحد الكافيهات تجلس هند زوجة زاهر الجمال مع إحدي صديقاتها وهم تحاكيها بانزعاج وتنفث غضباً وتهز قدmاها عنفاً قائلة بعيون تنطق حسرة:
_بقي أنا إللي ينطبق عليها المثل “جيت تصيده صادك ” وحفرت الحفرة إللي قعدت أخطط لها قد كدة وفي الآخر وقعت فيها أنا !
واسترسلت وهي تستشيط غضبا جما :
_ ده أنا لبست في الحيط واتعورت بالجـ.ـا.مد أوووي ولسه مش قادره أفوق وجيت أكحلها عمـ.ـيـ.ـتها.
كانت صديقتها تكتم ضحكاتها علي طريقة هند المضحكة للغاية وعلي تعبيرات جسدها أيضاً ،
ورأت هند تلك الضحكات المكتومة علي وجهها مما جعل غضبها يزداد وقذفتها بعبوة المناديل الورقية وقامت من مكانها وهي تنهرها بحدة :
_ تصدقي بالله إنك معندكيش دm ولا إحساس أنا شايطة وبولع وإنتي قاعدة تضحكي عليا ،
أنا إللي غلطانه إني جيت أشتكي لك أوجاعي وانتي عارفه إنك الوحيدة إللي بحكي لها كل اللي يخصني ،
وبنظرات لوم أكملت وهي تسحب حقيبتها :
_ أنا ماشية ومش عايزة منك حاجة .
انتفضت الأخري وأمسكتها من يدها وهي تبدي علي وجهها وبعبـ.ـاراتها علامـ.ـا.ت النـ.ـد.م والأسف:
_ خلاص اقعدي مـ.ـا.تزعليش ومتبقيش أفوشة كدة ،
والله طريقة كلامك وأمثلتك إللي بتقوليها هي إللي مـ.ـو.تتني من الضحك ،
نزعت هند يدها وهي تزجرها :
_ بردوا تاني ! إنتي عايزة تنقطيني يابـ.ـنتي والله العظيم.
هدأتها صديقتها وتحدثت بجدية تلك المرة :
_ يعني أعمل لك ايه !
ياما نصحتك وقلت لك ملكيش دعوة بيها واستري عليها من باب لاتجسسوا وانتي دايما حاطاها في دmاغك ومصممة تركيبها الغلط قدام الكل من زمان ،
أهي اتقفلت عليكي زي الضمنة وريم بتخاف علي سمعتها جداً وبتخاف علي ولادها وبصراحة جوزك وحمـ.ـا.تك مسكوها من ايديها إللي بتو.جـ.ـعها وكنتي إنتي الحبل إللي قعدتي تشـ.ـدي فيه بكل عزمك علشان يخـ.ـنـ.ـقها فخـ.ـنـ.ـقك إنتي قبلها .
تشعب الغضب برأسها وتكاثر بلا رادع وهي تتوعد بأيمانها اللامتناهية لغوا وخرج من حلقها كلمـ.ـا.ت لاتبشر بالخير أبداً:
_لا والله ماهيحصل طول مانا عايشة علي وش الدنيا ومش هسيبه يتجوزها وتخلف منه الواد وتلم الليلة هي وولادها ولو وصل الأمر إني أخفيها من علي وش الدنيا هخفيها كله إلا تعب السنين في النكد إللي انا عايشاه معاه وملامـ.ـا.ت أمه وكيدها ليا بأني أم البنات وإن الماعون بتاعي مش علي كيفها .
نظرت لها صديقتها بعيون ممتلئه بالاندهاش من حديثها ورددت باستنكار:
_ هو الأمر وصل معاكي لحد القــ,تــل وتمـ.ـو.تي نفس وتضيعي وتضيعي بناتك معاكي!
هو إللي في دmاغك ده ايه مخ ولا لأ مؤاخذة يعني فردة بلغة ،
وتابعت عتابها وهي تحاول إرهابها:
_ والله ياهند لو عملتي اللي في دmاغك لاهتخسري بيتك وبناتك وفوقيهم عمرك ،
فوقي ياهند أنا والله العظيم خايفة عليكي وبنصحك لله إنتي كدة بترمي نفسك في التهلكة بكامل إرادتك .
ضـ.ـر.بت هند بكلتا يديها علي المنضدة بعنف شـ.ـديد وبعيون تشعلل حقداً وكرها أردفت :
_ يعني عايزاني أعمل إيه أسيبه يتجوزها وتخلف منه .
نظرت لها باستنكار واجابتها باستخفاف:
_تصدقي وتؤمني بالله يا هند انتي تنفعي تطلعي تعملي برنامج اسهل طريقه لعمل من الحبة قبة ،
واسترسلت حديثها وهي تلوي فمها اعتراضا على طريقتها :
_يا ماما شيلي الموضوع من دmاغك وركزي في بيتك وفي بناتك وازاي ترجعي جوزك لحـ.ـضـ.ـنك وسيبيك انك تركزي في حياه غيرك الكلمتين اللي بغنيهم لك كل يوم ،
ولما تعملي كده ربنا هيصرف عنك كل شر يا اما كده يا اما النار هتلسعك الأول قبل ما تحرقي بيها غيرك .
حديثها لم يجدي نفعا فرأسها يابسا متيبسا والغل والحقد متصاعد على وجهها يراه الاعمى،
ورأت ان الكلام معها سيشتتها عما تفعله فقررت انهاء الحديث في ذاك الموضوع ولتخطط وتعيد حساباتها ولكن تواعدت في داخلها ان تلك المره ستنالها فوزا وبالتاكيد ولن تستسلم .
_______________________________
ولنسبح بخيالنا الى دبي الى المغدور بها راندا المالكي وما حدث لها من صدmه جعلتها يوما كاملا حبيسة الغرفة وابنائها يبكون بدل الدmـ.ـو.ع دmاء على اسره تفككت ومستقبل مهدد ونفوس لم تعد تأمن بعد ذلك،
كانت تجلس امام حقيبه سفرها وهي تتطلع الى الملابس الجديده التي اشترتها خصيصا لكي ترتديها لمن كان عزيز القلب والروح،
وعقلها بل وكل كيانها سائر ،حاقد ،رافض ،كاره، وسيدmر بل سيعصف انتوت بداخلها حربا اعلنتها على الجميع ولن تنظر لأي كائن غير كرامتها فتلك هي راندا عنيدة من الدرجة الأولى ولن تتهاون في حقها قط ،
غضبها كالعاصفة الشـ.ـديدة التي اودت بسفينة متينة لم تقدر عليها الرياح واغرقتها العاصفة ،
كانت جليسة الغرفة تدور بأعينها فقط وتحسب بعقلها الاف الحسبان لما سيكون،
اما عن ايهاب في حاله يرثى له ،
فقد تركها اليوم كاملا لكي تهدا كما في مخيلته وعاد اليها الآن محتضنا ابناؤه وهو ينثر عليهم قبلاته واعتذاراته وبعد ان هدأ من روعهم قليلا قرر مواجهة العاصفة وليكن ما يكن ،
طرق على الباب ولم يستمع ردا منها رغم توالي الطرقات وفي النها قرر وعزم الدخول وما ان راته حتى اندفعت من مكانها ،
وبمجرد أن رأته اندفعت إليه لتشن حروب أفعاله فوق رأسه بتمرد أنثي وكبرياء دهس بالأقدام مرددة بصراخ :
_انت ايه اللي جابك هنا يا بني ادm انت!
انت لسه لك عين تقف قدامي وتتكلم اتفضل اطلع بره وما اشوفش وشك هنا تاني لحد ما اسيب لك الدنيا كلها وارجع مصر اتفضل ،
قالت كلمـ.ـا.تها الأخيرة بحدة بالغة وبصراخ سمعه ابناؤها في الخارج مما جعل دmـ.ـو.عهم تنزل بغزارة على وجوههم ويحتضنون بعضهم البعض خـ.ـو.فا ورعـ.ـبا،
راعى ايهاب غضبها ولم يحـ.ـز.ن داخله لطريقتها البالغة الحدة فهو من نصب الليلة بأكملها وعليه ان يتحمل نواتجها فتقدm منها بخطوات بسيطه خـ.ـو.فا من غضبها قائلا باستسماح:
_ارجوكي يا راندا اهدي ما تعودتش منك على القسوة دي معايا انا عايزك بس تسمعيني مش عايز اكتر من فرصة واحده بس تديها لي علشان اصلح غلطي.
انتفضت أعينها بحدة وهي تطالع صاحب طعنتها وباتت نطراتها شرسة وتجز على أسنانها بحدة كان ينظر إلي اختلاف ردود أفعالها فلاحظ تمدد ملامحها بضحكة هادئة ثم همست في مسامعه بصوت هدر :
_فرصه ههههههههههه !
ايه النكتة الجميلة دي ده انت مفكرني بقى هبلة للدرجة دي علشان اتختم على قفايا واتخان وانا كنت صايناك ام واب وزوجة وحيدة وشايله كل حاجه فوق دmاغي وانت هنا عايش حياتك متجوز من سنين وبتعمل لها عيد جواز وكاتب لها تهنئة زي اللي كنت بتكتبها لي بالظبط ما تفرقش ده انت بتعرف تمثل جـ.ـا.مد قوي يا بشمهندس.
_اعمل ايه كان غـ.ـصـ.ـب عني ياما قلت لك ارجع واقعد في وسطكم إنتي والأولاد وكفايه عليا غربة وانتي كنتي مصممة ان احنا نبني مستقبل الأولاد ….. كلمـ.ـا.ت محطمه خرجت من لسانه بنبرة شقاء وتعب لعـ.ـذ.اب الضمير سنين فإيهاب ليس سيئا وراندا ليست خاطئة فيما تشعر به الآن والحوار بينهم شائك للغايه ،
ما ان استمعت الى كلمـ.ـا.ته حتى تقدmت منه بخطوات مدروسة كخطواتها القادmة التي ستشنها حربا وكان هو بادئها وقالت له بفحيح:
_بطل اعذار وحجج فارغة،
وعايزه اعرفك حاجة ،لا مش أعرفك بس ده انا بأكد لك اني هتطلق منك وهاخد الفيلا والعربية والحساب اللي في البنك تعب السنين بتاعك ليا وللأولاد علشان انا اللي بنيته وانت هنا دايب في العسل ،
واسترسلت بوعيد:
_ومش بس كده ده انا هخليك تنـ.ـد.م نـ.ـد.م عمرك ،وقد ما اديتك محبه واخلاص ووفاء على قد ما هديك طعنات ترشق في قلبك زي الخناجر بالضبط وانت اللي بدأت والبادي اظلم .
اندفع اليها وامسكها من كتفيها وهو يهزها بعنف كي يردعها عن ما تتفوه به مرددا باستنكار:
_كلام ايه اللي إنتي بتقوليه ده فوقي يا راندا ما تدmريش حياتنا وحياة الأولاد اللي منهارين بره علشان خاطر غلطه انا معترف بيها وبوعدك اني هصلحها واخدكم وارجع بلدنا ونكمل حياتنا هناك وهفضل اعتذر لك عليها طول عمري بس ما تدmريش حياتنا .
نفضت يديه من عليها كمن تنفض حشره كادت ان تمسها وأولته ظهرها وهي تنهي الحوار بالكلمـ.ـا.ت التي جعلته لم يستبشر خيرا ابدا :
_انسى يا بشمهندس العين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم .
↚العبـ.ـارات صادmة والقلوب ترتعش والعيون تنظر بغموض والنفس الأمارة بالسوء بدات تتناول تفكيرها ،
وبعد تلك العبـ.ـارات ايضا اصبحت الأنفاس متسارعة والأفكار متضاربة والجسد مشتعل والهواء بدأ ينعدm كل ذلك شعر به مالك وقسمه إلى أشلاء بدأت تمزق داخله وخيوط عقله بدأت تتزاحم وتفكر فيما مضى وترتب لما هو آت والذي لا يبشر بالخير ابدا ،
فسأل مالك الطبيب وهو في دهشة :
_ ماذا تقصد بكلامك الآن ؟
وأشار بيده إلى حاله وهو يكمل بصدmة :
_ أتقصد أني كنت أتناول عقاراً يسبب العقم علي مدي السنين !
أجابه الطبيب بكل عملية وهو يعيد نظره الي التحليل مرة أخري بتأكيد :
_ التحاليل صائبة مئة بالمئة والذي قلته لك صحيحاً وبالتأكيد أن تلك التحاليل بعينها لك ولم نخطأ بها .
تبدلت فرحته بشفائه إلي نار وصار جسده ينتفض دmارا من تأكيد الطبيب ،
اما هي فكانت تنظر له بدعم وتحاول أن تبثه الهدوء ،
انتهو من جلسه الطبيب وخرج مالك بقلب متعب وروح مدmرة وبات يسأل داخله:
_لما كل ذلك الدmار الذي يحاوطني من كل مكان؟
لما تصفعني الحياة بصفعة أشـ.ـد من ذي قبل بعد ان تبرأت من شـ.ـدة ألمها ؟
فاق من شروده على تلك اللمسات التي حاولت بها جوليا ان تهدئه بها وهي تنطق باستجواد :
_من الأفضل إنك تنسى الجانب السيء اللي سمعته من الدكتور وتركز في الجانب الايجابي وانسى اللي فات طالما انت بقيت كويس .
ابتسامة ساخرة خرجت من بين شفتيه بعدmا استمع الى رأيها ثم نظر اليها وتحدث باستنكار:
_بالبساطة دي عايزاني انسى اللي الدكتور قاله؟
واسترسل حديثه وهو يضـ.ـر.ب مقود السيارة بغضب ناطقا بتوعد:
_ما بقاش مالك الجوهري ان ما كنت احاسب اللي عمل فيا كده حساب عسير ومش ههدي الا لما اعرف ويا أنا يا هو او هي والزمن طويل .
احست بو.جـ.ـعه وكأنها تعرفه عمرا بأكمله وليست من ايام بسيطة تبادلت الأحاديث بطـ.ـلا.قة معه ،
وتحدثت وهي تتسائل باندهاش :
_انا مش عارفه مين اللي جاله قلب يعمل فيك كده؟
مين معدوم الضمير والإحساس اللي يديك حبوب ودوا يسبب لك العقم معقولة تكون طليقتك؟
اخذ يضـ.ـر.ب كفا بكف وهو يعصر تفكيره عصرا ويجوب بعقله ويطويه طيا لكي يصل لطرف الخيط وبعدها ستنقلب النار على من أشعلها وليكن ما يكن ،
استمع الى استفسارها بتعمق واجابها بتعب مغلف بالحيرة:
_مش عارف ومش قادر أفكر دلوقتي مش الصدmة اللي وقعت على دmاغي مين بالظبط اللي يقدر يعمل كده،
الحكاية دي عايزه صبر وعايزه هدوء وعايزه دmاغ علشان اقدر افكر كويس.
تنهدت بهدوء ثم اعتدلت في جلستها ونظرت اليه وهي تمد يدها وتوجه وجهه مقابلا لوجهها وتعمقت بالنظر داخل عيناه مرددة :
_طيب ممكن تنسى اللي حصل وتبتسم وتحاول تدي لنفسك “positive energy”
علشان مش حابه اشوفك وانت تعبان ومتضايق كده .
كان يشعر بأنه ينسحب الى عالمها رويدا دون ان يشعر ودون ان يخطط او يرتب،
زفر انفاسه بتعب وهتف وهو ينظر داخل عيناها بإرهاق :
_انسى ازاي وانا الهم محاوطني من كل مكان وفي كل سنيني.
تو.جـ.ـع قلبها لأجله وهتفت وهي تحاول ان تخرجه من همومه :
_خلي عندك ثقه دايما ان انت قلبك طيب وبيحب الخير للكل علشان كده هتبقى بخير .
كان كالغريق الذي يتعلق في سفينه نجاه وكانت جوليا بالنسبة له سفينة النجاه التي تخفف و.جـ.ـعه وخاصة انها كانت شاهده على جـ.ـر.حه فتحدث بامتنان وهو يمسح وجهه بكفاي يديه :
_انا بجد بشكرك انك موجوده معايا دلوقتي وانك بتحاولي تخففي عني وسايبه كل مسؤولياتك وخاصة في وقت صعب زي ده .
بابتسامة عـ.ـذ.ب هتفت بامتنان مماثل:
_انا اللي بشكرك انك موجود هنا وجنبي وانك مديني مساحة في حياتك الخاصة وسمحت لي بيها .
طريقة حديثها ولمعة عينيها وحـ.ـز.نها لأجل حـ.ـز.نه وعدm مفارقتها له في اشـ.ـد لحظه مرت في حياته جعلته يفكر لماذا تفعل معه ذلك ،
فنطق لسانه دون قصد:
_ليه بتعملي معايا كده؟
_انا حابه وجودك هنا وحابه اني ابقى جنبك في لحظة حـ.ـز.نك قبل فرحك ….. كلمـ.ـا.ت خرجت من فمها بنبرة حالمة واسترسلت حديثها وهي تستفسر بحيرة:
_انت متضايق من وجودي معاك او اني تطفلت في حياتك ؟
أشار برفض براسه وكلتا يديه مجيبا برفض قاطع:
_لا خالص انت لو ما كنتيش معايا دلوقتي وخففتي عني في حالتي كان زماني جرى لي حاجه بجد من اللي سمعته من الدكتور .
انطلق بسيارته لكي يوصلها الى مكان عملها وهو بقلب حائر دقاته تزداد كل حين عن الآخر في حضرتها وبات يتساءل داخله بتيهة :
_أيعقل دقات قلبي تلك في وجودها وان اكون احببتها!
ام ماذا أفسر تلك الدقات اهي انبهار أولي بهدوئها ورقتها !
أم هي العوض والجبر الذي أتعافي به من مر العمر !
ولكن لا نحكم ابدا على مشاعرنا وقت الغضب الشـ.ـديد ،الفرح الشـ.ـديد ،الشـ.ـده العاصفه ،
فعلي أن أصبر فترة للتعافي ،
“اذا بحثت عن الحب ليعوضك عن فشل علاقة سابقة ، أو فشل علاقتك بأهلك فاعلم جيدآ أن هذا الحب ربما يفشل لأنه كان لغرض تعويض نقص تحتاجه وستتجاهل لا إراديآ إن كان هذا الشخص مناسبآ أم لا ، تمهل …
ولتعلم الحب الأول القوى له تأثير صعب جداً على استقرار الزواج، فللأسف قد يظل هذا الحب مؤرقاً لكلا الزوجين بسبب أنهما تزوجا قبل أن ينـ.ـد.مل جـ.ـر.ح الحب الأول لأحدهما أو لكليهما!
فنصيحتى عدm الزواج إلا بعد استقرار القلب!
فلا تعرّض أصبعك المجروح للملامسة إلا بعد الشفاء، وإلا سيكون و.جـ.ـعك أشـ.ـدّ!
فلا تهدmوا الأسرة بالتسرع في الزواج قبل انـ.ـد.مال الجراح خصوصاً من هذا النوع!
كلمـ.ـا.ت راجي عماد الدين ”
_____________________________
في منزل زاهر الجمال عصراً حيث تجلس هند أمام مرآتاها وهي تضع مساحيق التجميل كي تتجمل لزوجها فهي قررت من الآن أن تهتم بحالها كي تنسيه فكرة الزواج من تلك الريم ،
فهو دائما يطالبها أن تهتم بشكلها الذي دوماً تهمله وأن تهتم بجميع شؤنه وخصوصياته وهي كانت تضـ.ـر.ب بمتطلباته عرض الحائط وتنفضها عن راسها كي لاتسبب له الصداع ،
انتهت من جلسة التجميل النادرة وهي تنظر علي حالها بانبهار وتردد :
_ والله أنا زي القمر وأحلي من مليون ريم ،
ثم لوت شفتيها وأكملت حديثها بامتعاض :
_ أنا مش عارفه أصلاً ايه إللي عاجبهم فيها ام دm يلطش دي عالم مبتفهمش .
وظلت تردد مع حالها ذاك الحديث الذي بات يشغلها كثيرا أو بالأصح لاتفكر في أشياء أخرى غيره ،
الي أن أتي زوجها ودلف الي المنزل وجده يعم بالهدوء والنظافة الغير معتادة ،
ظل يدور بعينه في المكان يبحث عن زوجته ولم يجدها فانطلق إلي حجرة النوم وعنـ.ـد.ما رآها انصدm مما رأي ،
انطلقت من شفتاه علامة سخرية واستهزاء وليست علامـ.ـا.ت انبهار وهو يردد بسخرية :
_ ايه هو العيد جه عندك النهاردة ولا أنا مش واخد بالي يا أم البنات ؟
اشتعل داخلها بجم الغضب وبات يغلي من استهزائه وسـ.ـخريته بها والآخر ينعتها بأم البنات ، جلست علي تختها وهي تنظر له بغضب وأجابت بسخرية مماثلة:
_ ومالهم البنات ماهم بذرتك إللي انت زرعتها وأنا مجرد ماعون مش أكتر ولا أقل .
انزعج كثيراً من ردها المفعم بالغلظة المعتادة عليها منها فهي دائماً سليطة اللسان ،
فهو ماكان يقصد مافهمته وما وصل إليها من مقصد حديثه فهو يعشق بناته ويعززهم جداً ولن يسمح بإهانتهم أبدا ،
فرد علي سخريتها بفقدان امل :
_سبحان الله يا هند هتفضلى طول عمرك كده دبش عمرك ما هتتطوري ابدا ،
واسترسل وهو يشاور بيداه على جسدها باندهاش :
_يعني بعد كل اللي إنتي عاملاه ده اي واحد يدخل يشوف مـ.ـر.اته عاملة كدة ينبسط لكن بمجرد ما اتكلمت معاكي كلمه واحده قفلتني منك كالعادة وقفلتيني من ام الليلة بحالها وادي الأوضه ليكي اتهني بيها .
استشاطت غضبا من حديثه لقد اطلق كلمـ.ـا.ته اللاذعة وتركها تتآكل بنار مولعة اشتعلت في جميع جسدها فقد كانت منتويه ان تغير من طريقتها الحادة وتهدأ من صلاتة لسانها ،
لكنها افلتت كالعادة وحدثت حالها وهي تجز علي أسنانها وتدور في الغرفة حول نفسها قائلة باستشاطة:
_يا بختك الاسود يا هند هتفضلي طول عمرك كده حظك منيل بسبب طوله لسانك اللي موديكي في داهيه ،
وتابعت حديثها وهي تفكر:
_طيب اروح وراه؟
ايوه اروح ده جوزي ومش هسيبه بعد كدة وهركب علي أنفاسه وهبقي وراه زي ضله.
وبالفعل خرجت كالإعصار من الغرفة وذهبت اليه ودون ان تدق الباب دلفت اليه ووجدته في الحمام الملحق بالغرفة مالت على التخت بجسدها تنتظره كي يخرج ،
وما هي الا دقائق معدودة حتى خرج مرتديا رداء الحمام وجدها امامه فقال لها بملامح جادة مكفهرة:
_خير ايه اللي جاب الست هانم لحد الأوضه عندي ،
واستطرد متهكما:
_في حبه نكد وتلقيح جاية تخلصيهم هنا تاني ولا ايه بالظبط؟
لم يعجبها تهكمه عليها ولكن هدات من حالها وقامت واحتضنته من ظهره قائلة بدلال :
_في ايه يا حبيبي مالك بتتعامل معايا بقسوة كدة ليه بتستغل نقطة ضعفي ان انا بحبك يعني ؟
نزع يديها من عليه وأدار وجهه اليها قائلا باستغراب:
حبيبي وبحبك في جملة واحده ومن هند والله ما مصدق نفسي لا وكمان حـ.ـضـ.ـن وحنيه !
وتابع استغرابه بتساؤل :
_مالك يا هند فيكي حاجه النهاردة ؟
ده انا كنت لسه معاكي وما شاء الله عليكي سديتي نفسي كالعاده ايه بقى اللي تغير فيكي فجأة يكونش عندك انفصام في الشخصية؟
ابتسمت على كلامه واجابته وهي تحاوط رقبته بكلتا يديها :
_وفيها ايه يعني لما ادلع عليك وانت تستحملني مش الراجـ.ـل واجب عليه ان هو يستحمل مـ.ـر.اته بكل تقلباتها؟
رفع حاجبه باندهاش وهتف بتأكيد :
_اه طبعا الراجـ.ـل مطالب ان هو يستحمل مـ.ـر.اته لكن مش اي راجـ.ـل يستحمل اي ست واذا كانت الست دي إنتي يا هند يبقى ما حدش مستحملك في الدنيا دي قدي ولا حد هيستحملك غيري .
حـ.ـز.نت بداخلها من طريقته المقللة لأنوثتها دائما وهتفت بجبين مقطب:
_ليه يعني يا باهر انت محسسني اني عامله زي امنا الغوله اللي ما حدش يطقها ابدا ليه بتتعامل معايا كده؟
_اهو جايه للنكد وهتبداي النكد من اول وجديد اتفضلي روحي على اوضتك احسن يا هند عشان انا تعبان وعايز انام ٠٠٠٠٠ كلمـ.ـا.ت اعتراضية اجابها بها على طريقتها المعتادة التي لم تتغير ابدا .
تنهدت بتعب من طريقتهم التي من الواضح انها لن تتغير ابدا وردت على حديثه بنبره متأثرة بالحـ.ـز.ن :
_ارجوك يا زاهر انا جيت لك ولا عايزه نكد ولا عايزه خناق كل اللي عايزاه حـ.ـضـ.ـن جوزي حبيبي ابو بناتي ومش عايزه اكتر من كده .
رأى زاهر الحـ.ـز.ن في عينها والاستسلام على معالم جسدها فزفر انفاسه بتعب واخذها بين احضانه فهي زوجته ومن الواجب عليه احتوائها مهما كانت طريقتها .
__________________________________
بعد مرور ثلاثه اسابيع على تلك الأحداث حيث تطورت علاقه مالك بجوليا واعترف الاثنان لبعضهم بالاعجاب وكل تلك المدة لن ينسى مالك ما قصه عليه الطبيب ومنتظرا انتهاء الأسبوع الأخير حتى يعود الى بلدته وتبدا رحله عنائه مع من اقترف هذا الجرم في حقه ،
اما عن ريم فهي في هدنه قررت ان تاخذها ولم تفكر في كلام والدتها ولا رايها الصادm لها وعزمت ان تهتم بأبنائها ولن تشغل بالها بذلك الموضوع الا وقت عاصفته والا ستخسر كل شيء ،
اما عن الحبيبين رحيم ومريم فقد ازداد قربهما ببعض وصارت ارواحهم تعشق كل منها الاخرى بعد اعتراف رحيم والذي ماإن انبأها عما في قلبه وعن شعوره تجاهها اصر عليها واحاطها من جميع الجهات حتى سمع اعتراف محبتها له تلك الاخرى ،
وتلك الشمطاء مي علمت المكان المتواجدة به مريم بعد يومان من خروجها من الدار ولكن تركتها كي تخطط لها تخطيطا عازمة على نجاحه تلك المرة وتحسب للخطأ قبل النجاح ألف مرة ولكنها تمهلت لأنها أحست بأنها انكشفت وأمانها أصبح مهدداً وفضلت أن تأخذ هدنة كي تعيد بها حساباتها
_______________________________
بعد ثلاثة اسابيع اعادت راندا بأبنائها الى بلدها محطمة القلب بائسة يائسة مما حدث لها وقلب حياتها راسا على عقب فقد فضلت المكوس هناك حتى تفكر بعيدا عن والديها دون ان يؤثروا على قرارها وعادت اليوم وها هي الآن تجلس معهم تحاكيهم عن ما حدث لها منذ وصولها حتى الان ،
وما ان استمعوا الى حديثها حتى فتحوا افواههم استغرابا مستنكرين ماقالت،
وبعد ان انتهت ضـ.ـر.بت فريده على صدرها مردده بنواح:
_ياميلة بختك في بناتك يا فريده !
واحده حرقت قلب جوزها ومـ.ـا.ت في لحظتها والتانية قعدنا نتحايل عليها جوزها يرجع لما اتجوز عليها ،
وكادت ان تكمل نواحها الا ان استوقفها جميل مرددا باستغراب:
_ايه الكلام اللي إنتي بتقوليه ده يا فريدة مين دي اللي حرقت قلب جوزها ومـ.ـو.تته ،
تقصدي ريم ؟
زاغت أعينها وابتلعت ريقها بصعوبة بالغة مما تفوهت به في لحظة غضب ولن يتركها جميل حتى تفهمه مقصد حديثها وبالفعل الح عليها في الكلام حتى قصت عليه كل شيء بخصوص ريم ،
ماإن استمع جميل الى كلام زوجته حتى احترق داخله وباتت علامـ.ـا.ت الغضب على وجهه تقص للجالسين مدى احتراقه وغضبه ،
حتي هتف لفريدة بحدة بالغة :
_وكنتي عارفه الكلام ده من اسابيع وسايبه الطرطور اللي قاعد في البيت ما ت عـ.ـر.فيهوش اي حاجه ولا كأن له لازمه ،
واستطرد بحـ.ـز.ن شـ.ـديد:
_والله عال يا ست فريدة يا اللي مش معتبره وجودي من الأساس وسايباني زي الأطرش في الزفة .
كانت فريدة جالسة مرتعبة من حالة الغضب التي بدت على معالم جميل فهو في غضبه ينطبق عليه المثل المعروف “اتق شر الحليم إذا غضب ”
قام من مكانه وهو ينظر إليهم مرددا بأمر:
_ خلي موضوع ريم ده علي جمب وأنا هعرف أتصرف فيه بمعرفتي ونتحاسب بقي انك ازاي تخبي عليا موضوع زي ده .
كادت ان تتحدث الا انه اشار اليها بكلتا يديه ان تصمت ونظر الى راندا مرددا بملامة مغلفة بالحدة:
_جايه دلوقتي تبكي بعد ما حذرتك من سنين وقلت لك بدل المره عشرين كفاية كده غربه على جوزك وبرده كان اللي في دmاغك في دmاغك ،
واستطرد حديثه بتهكم:
_اشربي بقى نتيجة انك فضلتي الفلوس علي راحة جوزك في وجوده جنبك انتي واولادك ،
ياما قلت لك هيجي لك اليوم وهتنـ.ـد.مي انه كل مره يبص لك ويطلب منك وكأنه بيترجاكي انك تقولي له اقعد وما تسيبناش وتمشي ما بيلاقيش منك كده بل بالعكس كان بيلاقي منك تشجيع السفر وانه يسيبكم علشان يروح يبني لك المستقبل ويجيب لك الملايين اللي عمرها ما كانت هتكفيكي يا بـ.ـنتى.
كانت تستمع الى كلمـ.ـا.ته بدقات قلب عنيفه فلم يأتي بمخيلتها ان يعنفها والدها بتلك الكلمـ.ـا.ت التي مزقت روحها،
ثم تنهدت بثقل وألم نفسي انتابها جراء كلمـ.ـا.ته وأردفت باندهاش:
_معقوله انت بتلومني انا يا بابا!
معقوله اكون انا الغلطانه في وجهه نظرك وهو اللي طعني طعنة غدر !
واسترسلت باعتراض صارم :
_قد كده مش قادر تفرق مين فينا اللي جـ.ـر.ح التاني مش اي جـ.ـر.ح؟
اجابها متهكما بكلمـ.ـا.ت خرجت من بين أسنانه بحدة:
_هو اه جـ.ـر.حك جـ.ـر.ح كبير بس إنتي اللي اديتي له السكينة وناولتيها له في ايديه وما صعبتش عليكي نفسك هتصعبي إنتي عليه؟
واستطرد بملامح وجه مكفهرة متسائلا:
_والمطلوب مني دلوقتي ايه يا ست راندا اني اعمله لك؟
قسوه والدها عليها ما كانت تتوقعها ابدا في اثناء رجوعها كانت تحصي الأيام كي تاتي الى امانها وحـ.ـضـ.ـنها الدافي الذي ستجد فيه الراحه والسكينة حـ.ـضـ.ـن والدها جميل،
لم تتخيل رده على ما حدث لها ان يكون بتلك الشـ.ـدة والحدة فهو دائما حنونا عطوفا محتويا لهم في شـ.ـدائدهم،
فنظرت له بعيون تلتمع الدmـ.ـو.ع داخلها هاتفه باستغراب :
_كنت متوقعه اني لما اجي اقول لك اني اتخانت مين اللي امنت له واديته عمري وشبابي واستحملت الغربه معاه علشان خاطر نبني مستقبل اولادنا وفي الآخر غدر بيا انك تاخد موقف حاسم معاه مش معايا انا ليه بتعمل فيا كده يا بابا؟
استوعب سؤالها واردف بنبرة جادة متجنبا حـ.ـز.نها ولمعة عينيها بالدmـ.ـو.ع :
_علشان انا عارفك يا بـ.ـنتي كويس جدا زي ما انا ما عارف ايهاب اكتر منك بكتير كان دايما بيبص لك وهو ماشي ومستنيكي تقولي له اقعد وما تسيبنيش وهعيش معاك بأقل امكانيات بس تفضل في حـ.ـضـ.ـننا وما لقيهاش منك ولا مره ولقاكي انتي مبسوطة بكده ،
غـ.ـصـ.ـب عنه ضعف واحتاج للي اي راجـ.ـل ما يقدرش يستغنى عنه ولقى قدامه فرصة لواحده جميلة عندها فرصه تبقى جنبه لدرجة انها خلته في سنينه الأخيره ما بقاش يطلب ولا يترجى ان هو يقعد وبالرغم من انه متجوزها من خمس سنين وإنتي كنتي بتروحي كل سنة الا انك ما حسيتيش ،
واسترسل بنصح وارشاد :
_وانا بنصحك نصيحة لوجه الله وبالرغم من ان انا عارف ان انتي مش هتقبليها ولا هتعملي بيها حاجه لكن واجبي عليكي كأب خايف على بـ.ـنته انك طالما ما حسيتيش يبقى ما تفكريش وما تخربيش بيتك واولادك واصفحي وسامحي وخليكي كريمه زي ما انا دايما مربيكم .
عثت في جوفها حرباً أشـ.ـد من أن تتحكم بها ومن أن تقاومها بسبب كلمـ.ـا.ت والدها التي لم تتوقعها بالمرة فبدلا من ان يخفف عنها المها بل زاد الجـ.ـر.ح جـ.ـر.حا وضغط عليه جعلها صرخت صرخة عالية مرددة بتصميم:
_عايزني اسامح في اللي خاني واتجوز عليا اتجوز عليا انا راندا !
ده لو جالي راكع مش هسامح وهتطلق وهحرق قلبه وهخليه ينـ.ـد.م على اللي عمله معايا بدل المره ألف مره وهنـ.ـد.مه على كل لحظة غدر وخيانة عملها فيا .
صفق بيديه مرددا بسخريه :
_برافو برافو إنتي كده البـ.ـنت اللي هي اللي عرفت تجيب حقها من جوزها ابو عيالها ،هو إنتي ناسيه ان انتم بينكم بـ.ـنت وولد في سن حرج وما ينفعش اللي إنتي بتعمليه ده خالص ولا ايه بالظبط؟
واسترسل حديثه بحدة :
_لتاني مره هنصحك نصايحي اللي عمرك ما بتاخدي بيها ابدا و هقول لك ما تمشيش في طريق الخراب علشان إنتي اول المتدmرين بس المره الجايه الدmار هيوجـ.ـعك لانه هيبقى في اعز ماليكي وساعتها هتقولي يا ريتنى سمعت كلامك زي ما قلت لك نفس الكلام ده كل مره جوزك بيرجع ومسافر فيها واللي في دmاغك في دmاغك فكري في كلامي مره واتنين وعشره وساعتها هت عـ.ـر.في ان الراجـ.ـل الكبير اللي واقف قدامك ده نصيحته ونظرته لقدام في محلها ،
كل ذلك وفريدة صامته ولكن استفزها حديث جميل مع ابـ.ـنته بعد ان قصت له خيانه زوجها لها مرددة باعتراض :
_كلام ايه اللي انت بتقوله ده يا جميل يعني خانها واتجوز عليها وفي الآخر بتطلعها هي اللي غلطانه ده يغور في ستين داهية الصنف اللي زي ده .
لم ينصدm جميل من رايها فهي دائما قوية الشخصية رغم انها تقف بجانب الجميع دائما ولكن لن ولم تسمح لاحد في يوم من الأيام ان يهين ابنائها ،
ربع ساعديه حول صدره ونظر اليها نظرات لوم مرددا بتنبيه :
_عيب الستات إنهم عاطفيين وبيبصوا تحت رجليهم ما بيبصوش للمستقبل ويشوفوه هي لو كانت بصت للمستقبل من زمان وحطته قدام عينيها ما كانش جرى لها ،
واسترسل حديثه وهو يعطيهم ظهره مرددا بإبانة :
_ وطالما ده رايك انتي كمان انا هسيبكم تحلوا المشكله مع نفسكم وتعملي اللي على كيفك يا راندا بس بعد كده ما تجيش تقولي الحقني يا بابا علشان اللي إنتي رايحه له طوفان بدل ما تغرقي بيه جوزك لوحده هتغرقي معاهم انت والمساكين ولادك اللهم بلغت اللهم فاشهد .
نظرت راندا بانكسار وحيرة الى والدتها والدmـ.ـو.ع تكسو وجهها كالشلالات لم تعرف ماذا يقصد اباها ،
امن الممكن ان تعود للذي ذبحها مرة اخرى وكانه لم يفعل شيء؟
ايقصد ابيها ان تعود اليه لأجل ابنائهم وتهدm كرامتها بل وترميها عرض الحائط!
لا والأدهى من كل ذلك انها المخطئة والجانية في نظره وليس المجني عليها!
لا ياأبي لا تفعل بي هكذا كنت اود منك الحـ.ـضـ.ـن الدافئ والاحتواء لقلبي المكـ.ـسور والانتقام لكرامتي المهدورة وليس كل ما فعلت بي ،
حدثت نفسها بتلك الكلمـ.ـا.ت وهي تنظر الى والدتها بدmـ.ـو.ع غزيرة حكت عن حالها دون ان تنطق ،
هناك مواقف في حياة الإنسان يكون التنازل فيها هو عين الحكمة وكمال العقل، وهناك أخرى يكون التنازل فيها هو المهانة بعينها، و الخسارة الذي لا يمكن رفع الرأس بعدها
ولتعلموا مشكلة التضحيات أنها تولد في الخفاء وتمـ.ـو.ت في الخفاء حيث لا يعلم عنها من بذلت لأجله،
ومتى سلطت عليها النور أظلمت لربما ألبستها ثياب المنة وأنت لا تشعر فكتب عليها أن تكون في الخفاء وأما جزاؤها فلا يليق به إلا أن يكون في السماء .
________________________________
يجلس ايهاب جالساً على أريكته وواضعا رأسه بين يديه حزينا شريدا مدmرا ،
فقد دmر الاثنتين زوجته الحبيبة وعشق السنين وزوجته الجديدة ونيسة الأيام،
لم يرى منها الا كل تضحيه وخير وسلام نفسي،
كما انه لم يرى من راندا الا كل الحب والوقوف بجانبه طيلة السنين دون ان تكل او تمل لكنها الغربه وما ادراكم ما الغربه ،
فمن ورائها اكتسب الأموال لكنه خسر الغالي والنفيس وضاع في طريقه امرأتان الأولى يعشقها حد النخاع والثانية احب عشرتها ولم ولن يظلمها فحدثها له وهو ساندا على منكبيه
قائلا بنـ.ـد.م :
_ شفتي ياغربة وصلتي بيا لفين غـ.ـصـ.ـب عني جـ.ـر.حت اتنين ،
ولا دي ليها ذنب ولا دي ليها ذنب ولا أنا كمان ليا ذنب ،
واستطرد حديث النفس وهو يناجي ربه :
_ يارب حلها من عندك ودبرني أعمل إيه وأتصرف إزاي ياااااارب .
واثناء جلسته وهو يعاتب حاله دق جرس الباب فقام بروح منهكه ليرى من الطارق،
وعنـ.ـد.ما فتح رآها امامه دقات قلبه المختلفة الشعور دقت جسده و.جـ.ـعلته متخبطا فاقدا النطق الى ان استمع اليها تردد بشجن :
_يا ترى ادخل ولا اخد بعضي واروح وكأني ما جيتش لو انت مش قابل وجودي؟
افاق من حالة التخبط التي اعترت عقله وقلبه واجابها وهو يفسح لها المكان كي تدلف مرددا باستفسار:
_ ما انتي معاكي مفتاح ما دخلتيش ليه على طول يا فيروز ؟
دلفت بقلب متعب وروح هالكة تتفقد المكان باشتياق وتنظر الى كل ركن فيه وكأنها تودعه واجابته بشرود وهي تلتفت يمينا ويسارا :
_ما بقاش ينفع بعد اللي حصل استخدm اللي مش من حقي ،
وتابعت كلمـ.ـا.تها وهي تمد يدها بالمفتاح قائله بحـ.ـز.ن :
_اتفضل المفتاح يا ايهاب مبقاش له لزوم معايا بعد الله حصل .
امسك يدها بين كفاي يديه واطبق المفتاح داخلهما وردد بتعب :
_من فضلك يا فيروز ما تزيديش على اوجاعي و.جـ.ـع انا فيا اللي مكفيني والفترة دي لازم تستحملي كل حاجه معايا لحد ما نرسي لبر الامان كلنا .
_بر الأمان! انت شكلك مش عارف انت بتتعامل مع مين … جمله انهزامية نطقتها تلك الفيروز معبره عن حالتها ،
وتابعت حديثها وهي تتطلع للأمام بعقل ناضج فهي رغم رقتها وهدوئها إلا أن سرعة استيعابها وفهمها للاشخاص حاصله عليها بدرجة امتياز :
_انت داخل على حرب كبيره قوي يا ايهاب لأن راندا مش من الساهل انها تسامح وتغفر دي هتقلبها معركه وكلنا هنضيع .
رفع منكبيه باستكانة وبنبرة تقطر ألما تحدث شارحاً:
_انا عارف كل كلمه قلتيها وانا سبتها لحد ما تهدى لانها اكيد عايزه مساحه للغضب والو.جـ.ـع اللي انا و.جـ.ـعته لها الكبير عشان تلملم فيه نفسها واثق ومتأكد انها هترجع عن قرارها .
زمت شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحـ.ـز.ن وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :
_يبقى بتتكلم عن واحده تانيه انا واثقه ومتأكده من نظره عيني لعينها انها لا يمكن تغفر ،
واسترسلت كلمـ.ـا.تها باستفسار :
_ولو حتى طلعت وجهة نظرك سليمة يا ترى هتعمل اللي هتطلبه منك معايا واللي اكيد هتطلبه؟
_ تقصدي ايه بكلامك مش فاهم …. أجابها إيهاب باستفسار عما مـ.ـا.تقصد ؟
ضيقت نظرة عينيها ثم رمقته بنبرة هادئة :
_ يعني باختصار شـ.ـديد اول حاجه هتطلبها منك انك تطلقني وتسيبني بعد عشره خمس سنين بينا ما شفتش منهم مني غير كل محبة واخلاص ووفاء ،
واكملت استفسارها وهي تمسك يداها بين يديه وتنظر داخل عيناه كي تستمد منهما الإجابة قبل أن تنطق :
_ يا ترى ايه موقفك ساعتها علشان اجهز نفسي من دلوقتي واعدها للفراق التاني إللي هيكويني وهيعلم فيا أكتر من الأول ؟
هنا سكت الكلام على لسانه والنقطه التي كلما جالت بباله نفضها ولم يفكر بها حتى لا يزداد هما فوق همومه ،
وهـ.ـر.بت الكلمـ.ـا.ت من على لسانه فكيف يعطيها اجابه سؤال لم يفكر به ولا يريد أن يتذكره لأنه دmار لثلاثة قلوب عاشقه حائرة وبالتأكيد سيخرج الجميع بندوب قلب تلزمه إلي نهاية عمره
_______________________________
في منزل باهر الجمال حيث صعدت عبير الى الطابق التي تمكث به ريم ودلفت بعدmا فتحت ريم لها الباب وبعد أن زفرت أنفاسها بتعب من درجات السلم نظرت اليها مردده بجمود:
_يا ريت تكوني فكرتي وعقلتي ووزنتي الامور كويس قوي يا ست ريم .
فكرت ريم ان تجاريها وتعترض لكنها فضلت ان تمثل انها لم تعرف ماذا تقصد ورددت باندهاش مفتعل :
_فكرت في ايه يا ماما بالظبط انا مش فاهمه تقصدي ايه؟
اتكأت بيدها على فخذها ونطقت باستنكار:
_شوفي بقى ما تستعـ.ـبـ.ـطيش عليا انتي عارفه انا اقصد ايه كويس جدا ،
واسترسلت بتنبيه:
_سيبيكي بقى من شغل السهوكه والسهتنه بتاعك ده وتعالي معايا دوغري يا ريم علشان الصبر نفذ وسايباكي بقالك شهر بحاله ما بسألكيش ولا باجي ناحيتك سايباكي تفكري في مصلحتك ومصلحه ولادك كويس جدا .
استفزتها بكلمـ.ـا.تها و.جـ.ـعلتها تنتفض وغشاوه الدmـ.ـو.ع التمعت في عينها وباتت تفرك يدها بتـ.ـو.تر وعنـ.ـد.ما وجدت اصرارها فكرت ان تستعطفها بكلمـ.ـا.ت نطقتها لها :
_يعني إنتي يرضيكي يا ماما اتجوز واحد غير باهر الله يرحمه ؟
يرضيكي اسمي يتكتب على حد تاني هان عليكي باهر هان عليكي ابنك ؟
لوت فمها وأجابتها بنبرة ساخطة:
_شوفي بقى ما تحاوليش تمثلي عليا الاخلاص علشان اللي عرفناه وضح لي انك ما عندكيش بربع جنيه ذره وفاء لنور عيني الله يرحمه ،
واستطردت تهكمها علي تلك المسكينة:
_ اللي مـ.ـا.ت ابني واللي هتتجوزيه باذن الله ابني برده مش هتروحي لحد غريب واعملي حسابك ولاد ابني مش هيخرجوا بره البيت ده ولا هيتربوا بعيد عن حـ.ـضـ.ـني ويانا يا انتي في الموضوع ده .
هنا امتنعت عقارب الساعة عن الدوران إجلالاً لما نتج من تحدي العناد أمام جيوش الغضب ،
وهتفت ريم بتصميم مغلف بالكبرياء:
_وانا بقول لك يا طنط لو انطبقت السما على الأرض مش هتجوز ابنك ولا حد هيقدر ياخد مني ولادي علشان شرعا انا الوصيه عليهم طالما ما اتجوزتش ،
واسترسلت بقوه اكتسبتها طيلة الشهر الذي مكثته تفكر كيف تتعامل مع هؤلاء الاشخاص مرددة بجمود:
_وشوفي بقى انا كنت بعمل لك قبل كده احترام حتى لما كنتي بتأذيني بالكلام علشان خاطر باهر الله يرحمه لكن دلوقتي ما تفكريش اني وحيده فتستضعفيني وتقولي دي بـ.ـنت هبله وهتلين انسي يا طنط .
اتسعت مقلتيها بذهول من تلك المكشوفة الوجه من وجهة نظرها ،
قامت من مكانها وذهبت مقابلتها
ثم قبضت علي معصمها بقوة وعنفتها بصوتها المملؤ بالجبروت:
_يبقى تجهزي نفسك على القضية اللي هرفعها بضم الأولاد ليا واني اكون الوصيه عليهم ده اولا ،
ثانيا اسكندريه كلها هتعرف اللي حصل بينك وبين جوزك ومش بس كده انا ام ابنها مـ.ـا.ت وقلبه محروق هنزل فيديو هدفعله الافات وهخليه يلف العالم كله وهفضحك وهاخد رد فعل الناس معايا في ملف القضية ،
وثالثا ان شاء الله بعد ما اخذ الوصيه بتاعه الاولاد مش هخليكي تشوفي وشهم وهكرهم فيكي وهخليهم يعيشوا طول عمرهم وهم عارفين ان امهم كانت السبب في مـ.ـو.ت ابوهم .
انتفضت أعينها بحدة وهي تطالع تلك السيدة الظالمة لها ولكن استجمعت قواها وردت بعيون تنطق قوة ظاهرة لها عدm الخشية منها :
_شوفي بقى هتدخلي الحرب معايا هكشف وش القطه المخربشه اللي مستعده تهبش اللي يقدm لها او يقدm لعيالها ،
وهتضر.بي هضر.ب وهتك.سري هك.سر والبادي اظلم يا طنط ،
واسترسلت وعيدها بشراسة مماثلة:
_ما تفتكريش ان انا وحيده ما ليش اهل انا لي اب له معارف تبلعك انت وابنك بس انا لحد دلوقتي مش عايزه اسوأ سمعتكم قدامهم
فخليكي جده طيبه لاولاد ابنك اللي مـ.ـا.ت وحنينه على مـ.ـر.اته اللي مش عارفه تحـ.ـز.ن حتى عليه بسببكم علشان انا مش من النوع اللي بيستسلم ولا الضعيف زي ما انتم فاكرين انا اقوى مما تتخيلوا وهقف قصادك الند بالند ونشوف بقى نفس مين الاطول .
اعتدلت بوقفتها وانتصبت وهو تنظر داخل عيناها مرددة بجحيم :
_ يبقي على الدنيا السلام وهوريكي إللي عمرك ما شفتيه وهقطع لك لسانك يابـ.ـنت المالكي .
فجرت كلمـ.ـا.تها وتركتها وخرجت بحدة صافعة الباب خلفها وهي تتمتم بكلمـ.ـا.ت تهديد ووعيد ولن تكل ولن تمل .
↚في منزل باهر الجمال ليلاً
حيث عاد زاهر إلي منزله منهك من عمله ووجد والدته تقف علي أعتاب شقتها تنتظره وهي على أحر من الجمر وما إن رأته حتى اشارت اليه بيديها ان يدلف بعلامـ.ـا.ت وجه لا تبشر بالخير ابدا ،
أطاعها ودلف الى الداخل فقامت هي بإغلاق الباب والنوافذ حتى لا يسمعهم احد اما هو فضاق ذرعا فهو عائدا من العمل منهك ومتعب جدا ،
فنظر اليها وتحدث وهو يمسح على شعره بـ.ـارهاق بدا على معالم وجهه:
_في ايه يا ماما ايه اللي حصل يا ترى مخليكي واقفالي على الباب ومستنياني كده لما ارجع يا رب ما يبقاش في مصيبه اصل البيت ده من ساعه باهر ما مـ.ـا.ت والمصايب ما بتبطلش فيه ؟
اتأكت علي فخذيها بغل وأجابته بنبرة صوت حادة وهي تجز أسنانها بعنف :
_ هو انت إيه ملكش دور خالص في الحوار إللي إحنا فيه ده ولا أنا إللي هحارب السهونة دي لوحدي !
واستطردت حديثها بصدmة لما استمعت إليه من تجبر تلك الريم :
_ دي البت طلعت قوية وحربوقة من الدرجة الأولى ووشها مكشوف أووي.
اندهش زاهر من غضب والدته ومن حديثها وألقي مفاتيحه بعن.ف وأردف متسائلاً باستغراب:
_ ليه ياأمي الكلام ده هي عملت ايه ؟
دي محدش بيسمع لها صوت ولا كأنها موجودة في البيت أصلا .
أخرت من بين أسنانها أصوات استنكار لما قال وتحدثت بفم مملوء بالعبـ.ـارات التي أدلتها عليها ريم وانتهت بسرد كلمـ.ـا.تها الأخيرة بقلب ينفض حقدا :
_ لا وتقول لي إيه كمان هتض.ربي هض.رب هتك.سري هك.سر وشادة حيلها عليا علي الأخر بـ.ـنت المالكي ،
وتابعت آمرة إياه وهي تشير بإصبعها بأوامر صارمة :
_ عايزاك تطلع للبت دي وتميل دmاغها وتحاول تلين معاها وتدخل لها في سكة حنية وأنا أشـ.ـد وإنت ترخي مش عايزين نشـ.ـد الحبل إحنا الاتنين حواليها فتفكر في الخروج من هنا ،
لازم تحس بحنيتك وانك عايزها فعلاً وانك مش هتأذيها وهتبقي أمان ليها ولولاد أخوك الله يرحمه .
قطب جبينه وهز رأسه بعدm فهم وتسائل متعحبا:
_ يعني ايه ياماما معني كلامك ده!
إنتي عايزاني أشاغل مرات أخويا الله يرحمه وأدخل لها د.خـ.ـلة الحبيب وهي فاضل لها شهر لسه في عدته !؟
قاطعت حديثه بحدة وهدرت به بنظرة غاضبة:
_ أخوك الله يرحمه مـ.ـا.ت وساب ولدين من صلبه وأنا عمري ماهسيبهم يخرجوا برة البيت ولا يتربوا بعيد عني كدة مش هيبقي مرتاح في تربته واللي بنعمله ده مجبورين عليه ،
إحنا يابني بنعمل الصح إللي هيخليه يرتاح في نومته ان ولاده مخرجوش برة بيته ،
واسترسلت حديثها وهي تضغط علي كتفيه مكملة حديثها بتشجيع :
_ يابني الضرورات تبيح المحظورات والبت دي بجحة وعينيها قوية ولو معرفناش نسيطر علي الأمور وهي لسه في عدتها وأول مـ.ـا.تـ.ـو.فيها نكتب علطول مش هنعرف نعمل معاها حاجة .
كان في حيرة وتردد من أمر وحكم والدته ولكنه انصاع إلي طلبها وهتف بطاعة خشية أن تغضب منه ويصيبها مكروه وأومأ بموافقة:
_ حاضر يا أمي هطلع لها دلوقتي وهحاول معاها وربنا يهديها وتلين معايا .
_ عين العقل يابني ربنا معاك ….. كلمـ.ـا.ت تشجيعية خرجت من فمها وهي تربت بيداها علي ظهرها ،
خرج زاهر من عندها قاصداً شقة ريم لكي ينفذ ماأملته عليه والدته دون أن يفكر مالعواقب ،
وصل إلي الطابق الثالث وضغط زر الجرس وماهي ثوانٍ معدودة حتي فتحت ريم الباب مرددة أمامه باستغراب :
_ زاهر ! هي طنط حصل لها حاجة ؟
ابتسم بسماجة وتحدث موضحاً لها:
_ لا ماما بخير متقلقيش ، أنا بس جاي لك عايز أتكلم معاكي شوية ممكن أدخل ؟
لوت فمها وتحدثت بنبرة ساخطة:
_ تدخل فين يازاهر أنا هنا لوحدي ومش معايا غير طفلين لاحول ليهم ولا قوة ،
واسترسلت وهي تشير إليها بكفاي يديها بامتعاض :
_ هو إنت ينفع تدخل عندي وأنا لوحدي ونتكلم مع بعض في مواضيع ،
إنتم مفكرني ايه بالظبط إنت وطنط علشان تتعاملوا معايا بالسذاجة دي !
ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة ظهرت علي معالم وجهه الذي تصبب عرقا من تعنيفها :
_ ليه الكلام ده كله هو أنا هاكلك ولا حاجة !؟
دول كلمتين هنتكلمهم والباب مفتوح والبيت مليان ناس فوق وتحت متستكبريش أوي كدة ياريم ،
واستطرد بدفاع عن موقفه:
_ وبعدين إنتي عايشة معانا بقالك سنين عمرك شفتي مني حاجة وحشة لاسمح الله تخليكي خايفة ومش مطمنة لي بالشكل دة ؟
رفعت حاجبيها وأردفت باستنكار وهي تغلق باب شقتها وتحدثه خارجا وهم علي درجات السلم :
_ انت متعرفش الحديث اللي بيقول “إياكم والحمو فالحمو المـ.ـو.ت ” بمعني إن الحمو ده أخو الزوج ومينفعش يقعد مع مرات أخوه في مكان لوحدهم أبداً ،
واسترسلت وهي تنجز في الحديث معه الذي لافائدة منه من الأساس :
_ اتفضل معنديش مانع تقول إللي إنت عايزه هنا علي السلم علي البسطة دي اتفضل أنا سامعاك.
أحس بالحرج الشـ.ـديد من كلامها ومن حدتها معه في الحديث وأمسك منديله الورقي وجفف حبات العرق الظاهرة علي وجهه من كلمـ.ـا.تها التي ألقتها عليه ،
وتحدث مرددا بنبرة صوت حنونة :
_ ممكن أعرف إنتي رافضة مبدأ الجواز مني ليه بعد ما تنتهي عدتك وصدقيني ياريم كدة أفضل لينا كلنا لماما وللولاد وليكي إنتي كمان ،
وأنا والله العظيم ماهضايقك أبدا وكل تهديداتي إللي أنا هددتك بيها كانت من حرقة قلبي علي أخويا .
فتحت أعينها علي وسعهم من كلامه وبنبرة صوت عالية أسمعت من تحت فهي كانت تشعر بوقوفها منذ البداية مرددة بكلمـ.ـا.ت حادة لاذعة وهي تضـ.ـر.ب كفا بكف:
_ صحيح اللي اختشوا مـ.ـا.توا وبايني الرجـ.ـاله مـ.ـا.تت في الحرب !
إنت إزاي يابني أدm انت تفكر ويجي لك الجرأة تطلع تطلب مني كدة وأخوك بقاله تلت أشهر مـ.ـيـ.ـت وأنا لسه في العدة ؟
كان واقفا أمامها ويعلم أن موقفه مخجل ومهين له لكنه رأي أعين والدته بالأسفل توحي له أن يكمل ولا يلقي بالا لغضبها ،
وأردف بنبرة صوت فيها بعض الحدة :
_ معلش بلاش تشبيهاتك اللي متصحش دي ،
أنا طالع في الخير وقاصد الستر ليكي إنتي وولادك اللي هما ولاد اخويا فعايزك تهدي وتفكري كويس قبل ما يصدر منك أي رد فعل تنـ.ـد.مي عليه .
كانت عيناها تشع غضبا ووجهها من شـ.ـدة الافتعال يشع احمرار وكأنه نارااا وفي لحظة قلبت المنضدة الموجودة بالمكان من شـ.ـدة غضبها وخرجت الكلمـ.ـا.ت من بين أسنانها وهي تنظر لتلك الحماة من أعلي مرددة بغضب عارم :
_ والله عال ياماما عبير ياست كمل إنتي وشورة أمه اللي واقف قدامي مبقاش عندكم ولا دين ولا أخلاق ولا خشا من أي حاجة ،
ولا حتي احترمتوا العادات والتقاليد ده انتوا عديتوا ليفل البجاحة بمراحل .
وتابعت حديثها بحدة بالغه للغاية بتحذير لكل منهما :
_ شوفي بقي وربنا إللي في السما ده ومش هحلف بيه كذب لو مالمـ.ـيـ.ـتي تعابينك إنتي وابنك بعيد عني لا خليلكم البيت مليان عقارب وان ماسبتونيش أنا وولادي في حالي لهخلي المنطقة كلها تتفرج عليكم وعلي بجاحتكم وعينكم المكشوفة دي ،
ويكون في معلومك جواز مش هتجوز ولو قلبتي قرد وعملتي المستحيل ماهخلي شرابة الخرج الدلدول دة يلمس شعرة مني ،
وإن وصلت تبقي ياقـ.ـا.تل يامقـ.ـتـ.ـو.ل وولادي هسيبهم للي هيربيهم أحسن مني ،
فاشتري عمرك بدل مانا إللي هقلبها لك جحيم انا مش قليلة ولا ضعيفة ولا مكـ.ـسورة الجناح زي ماظاهر لكم أنا وقت إللي يتعدي حدوده معايا أجيبه تحت رجلي ولا يهمني ،
أنا هنا عايشة في حالي وكافية خيري شري ،
ونظرت إلي زاهر مرددة بتحذير:
_ وحسك عينك تهوب ناحية باب الشقه دي تاني والله العظيم هنـ.ـد.مك المرة الجاية أنا تربية جميل المالكي إللي عمرها مـ.ـا.تغضب ربها ولا عمرها بردوا هتوطي راسها.
كانت تلك الحماة تنتفض غلا يزداد كلما استمعت إلي حديث تلك الريم ولم ترد عليها بكلمة واحدة فقط نظراتها لها كانت كفيلة انها فهمتها .
________________________________
في دار الأيتام دلف رحيم الي الداخل قاصدا مكتب المديرة وأوصلوه إياها ،
ألقي السلام باحترام وتحدث إلي المديرة برجاء :
_ أنا جاي أطلب من حضرتك ملف الآنسة مريم من الدار علشان ربنا كرمها واشتغلت ولقت مكان كويس هتقعد فيه .
تحركت بكرسيها يمينا ويسارا وهي تمسك القلم بكلتا يديها وسألته باستفسار مغلف بالاستهزاء:
_ إيه لقيت لها مكان تقعد فيه من شغل الحـ.ـر.ام بتاعها إللي بتكسبوا من ورا فيديوهات العري إللي بتقدmها ؟
أمسك رابطة عنقه يحركها يميناً ويسارا بإحراج مما استمع إليه وأجابها بنفي:
_ حضرتك فاهمة غلط يافنـ.ـد.م مريم محترمة جداً وعمرها ما تعمل كدة هي اتضحك عليها وحد هكر موبايلها وهو إللي عمل فيها كدة ولعب في الفيديوهات لحد ماوصلت لكم بالبشاعة دي .
اعتدلت من جلستها واستقامت وهتفت بنبره استهزاء:
_هي لحقت تفرمط لك دmاغك انت كمان باين عليك ابن ناس ومحترم والأشكال اللي زي مريم دي ما ينفعش ان انت تنزل بمستواك وتيجي تتكلم عنها اصلا انا بنصحك نصيحه لوجه الله .
قطب جبينه وهز رأسه بعدm فهم وتسائل متعحبا:
_هو ليه حضرتك متجنيه عليها قوي كده؟
مش يمكن مظلومة فعلا لأني كنت معاها وقت الحفله وشفت فعلا اللي بيطاردوها وربنا نجانا منهم بأعجوبه ولولا اني كنت موجود كان زمانها ضاعت بس ربنا سترها معاها .
اندهشت من حديثه ونطقت باستفسار:
_يعني ايه مش فاهمه كنت معاها ازاي ومين دول اللي كانوا بيطاردوكم؟
اخذ زفيرا قويا ونظر إليها بعيون راجيه متمنيه ان توافق على طلبه واجابها على استفسارها بصدر رحب:
_زي ما بقول لك كده يا فنـ.ـد.م اللي عملت فيها كده واحده كانت صاحبتها زمان وكانت موجوده هنا في الملجا وهي اللي هكرت موبايلها وصلتها للمرحله دي لانها عايزاها تشتغل معاها ضمن شبكه الدعاره الالكترونيه اللي هي شغاله فيها ومريم رفضت جدا وبسبب رفضها ده عملت فيها مقلب الفيديو ده علشان تشوه سمعتها وتنطرد من الدار او تلحقها قبل ما الأحداث تاخدها وساعتها هتنفذ تهديدها .
اجتمعت الخيوط في مخيلتها واصبحت مدركه من يقصد ذلك الرحيم وقلبها بات مشتعلا من تلك الماكره التي استغلتها لتوقع بتلك المريم اليتيمه المسكينه فهي تحبذ المال جدا لكن عند الشرف واستغلال الفتيات واضاعه عمرهن في الوحل لن تصمت ابدا ،
وكان في علمها انها تزوجت من رجل اعمال ووافته المنية واستلمت إرثها واصبحت من ذوي الأموال ،
ولكن ما استمعت اليه الان جعل قلبها ينفض رعـ.ـبا من ان تكون تملكت من فتيات أخري من الدار ،
وسألته بعيون زائغه مما جال في خاطرها :
_طيب وعملتوا ايه مع البـ.ـنت اللي بتطاردكم دي ؟
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لملامح وجه مكفهرة ارتسمت رغما عنه :
_الموضوع ده حضرتك بقى له شهر بس هي مش بتبعت لها خالص من ساعه اللي حصل لكن تقريبا هي عرفت طريقها وخلاص الترم التاني من السنه الدراسيه ابتدى ولازم مريم هترجع الجامعه علشان كده متخـ.ـو.فين فانا جيت سألت هنا من اسبوعين وعرفت ان الدار عدت الموضوع على خير ونفت ان مريم تعمل كده واثبتت كده كمان بالدلائل لكن الخـ.ـو.ف لو رجعت تاني هنا البني ادmه اللي لا عندها دين ولا اخلاق دي ترجع تاني تهددها وممكن تاخدها من جوه الدار كمان ،
واسترسل حديثه برجاء:
_علشان كده بقول لحضرتك ان انا محتاج ورقها وهي هتسكن في مكان امان ليها والجامعه مش هتروحها إلا على الامتحانات لحد ما تخلص او لحد ما نتصرف في الموضوع ده ونحل الازمه بتاعتها .
نظرت له بعيون الصقر وسألته السؤال الذي لم يتوقعه أبداً:
_هو انت ليه بتعمل معاها كده انا تقريبا اول مره اشوفك النهارده وما أخدتش بالي منك حتى في الحفله ؟
تنهد وأجابها باستجواد:
_انا عندي اختين ما اتمناش لواحده فيهم اي ضرر ولا سوء وما ينفعش اشوف طالبه عندي بتتهدد وحياتها معرضه للانقلاب وخاصه لما يكون من النوع ده واسيبها بابا ما ربانيش على كده .
دققت بالنظر داخل عيناه بترقب شـ.ـديد لباقي كلمـ.ـا.ته ونطقت باستفسار:
_بس اللي انا شايفاه قدامي بيقول غير كده يا دكتور؟
أومأ باستغراب وسألها مستفسرا عن مقصدها :
_تقصدي ايه حضرتك مش فاهم معنى كلامك .
ابتسمت على بلاهته واجابته:
_خلاص ما تاخدش في بالك يا دكتور اهم حاجه انا عايزاك دلوقتي تجيب مريم هنا الدار علشان عايزه استفسر منها عن حاجات كتير وأوعدك انها هتخرج معاك بورقها،
لازم احقق في الموضوع ده لان مستقبل بنات الدار في ايدي انا وهما امانه معايا.
انتابه القلق الشـ.ـديد من طلبها لان مريم كانت تحكي له عن قسوتها في معاملتهن وانها لم تحبها يوما من الايام لذلك كان شـ.ـديد القلق ولكن فكر ان يعرض الأمر على مريم اولا ثم يقرر الرد عليها واجابها وهو يقوم من مكانه منتويا المغادره:
_تمام يا فنـ.ـد.م هبلغها بطلب حضرتك وهرد عليكي لو هي وافقت او رفضت ،
بعد إذنك وفرصة سعيدة إني اتشرفت بمعرفة حضرتك .
ابتسمت له بحضور وما ان خرج من مكتبها حتى امسكت هاتفها تتصل برقم ما وما ان جاءها الرد حتى رددت بملامح وجه مبهمة :
_انا عايزاكي تجي لي حالا وتسيبي كل اللي وراكي ما تتاخريش انا في مكتبي ومستنياكي .
بعد ان خرج رحيم ارتدى نظارته ودلف الى سيارته وارسل رساله الى مريم عبر الوتساب ان تسبقه الى المطعم الموجود جانب منزلهم،
وانه سيصل اليها في غصون النصف ساعه كان يقود سيارته بقلب منشغل وعقل يفكر،
طيله الطريق قلبه يدق و.جـ.ـعا وحيره على من سكنت قلبه ومن كل نساء العالم لم يختار قلبه غير ما وراءها الشقاء ولكن ما على القلب من سلطان ،
وصل الى المطعم وهبط من سيارته ودلف إلى باحثا بعينيه عن مكان تواجدها وما ان راها حتى وصل اليها قائلا بمشاغبه:
_تصدقي المطعم كله نور بوجودك فيه يا ست البنات .
ابتسمت وادارت وجهها له وهتفت بنبرة اعتراضية بنفس مشاغبته :
_بطل بقى البكش ده يا دكتور مش لايق عليك .
ضحك بصوت عالي على حركات وجهها وهي تتحدث وجلس على كرسيه في مقابلتها وأردف بحب :
_عارفه يا مريم اكتر حاجه بعشقها فيكي ايه؟
هدوئك وجمال روحك وطيبتك بحس انك عامله زي الملايكه بالظبط .
دقات قلبها اعلنت الطبول من كلمـ.ـا.ته التي يثني عليها بها ،
والتي خرجت من قلبه صادقه وعلامـ.ـا.ت وجهه تدل على ذلك وهتفت بخجل:
_مش للدرجه دي يا دكتور انت رافعني لفوق قوي في منطقه تقريبا ما استحقهاش ،
وتابعت حديثها بحـ.ـز.ن وشرود :
_خايفه احبك اكتر من كده وفي الاخر افوق على قلبي المجروح لما الزمن يفرقنا وما يرضاش بإن بـ.ـنت الملاجئ تتجوز دكتور الجامعه اللي من عيله وابن ناس .
أحس بالحـ.ـز.ن الشـ.ـديد جراء كلمـ.ـا.تها وقلبه بات يدق عنفا وحـ.ـز.نا على شعورها الدائم بالخـ.ـو.ف واجابها بتاكيد لكي يطمئنها:
_مش انا اللي يحبك يا مريم وتملكي قلبه ويسيبك إنتي بالنسبه لي خلاص بقيتي المستقبل والحاضر وكنت اتمنى تبقي في الماضي ،
واسترسل حديثه وهو ينظر لها بعيون عاشقه حد النخاع:
_انا مش بس بحبك يا مريم انا بعشقك وحبي الأول اتولد على ايدك وقلبي ما دقش الا ليكي وما حسيتش بطعم حياتي الا لما دخلتيها،
واوعدك اني هواجه الدنيا كلها معاكي بحلوها وبمرها لحد ما نوصل انا وانتي لبر الأمان بس عايزك تطمني قلبك يا حبيبتي ،
ومش عايز اشوف لمعه الحـ.ـز.ن دي في عينيكي ابدا علشان بتقطع فيا .
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وتابعت باستفسار:
_طيب والدك ووالدتك هيقبلوا ارتباطنا ببعض يا رحيم ؟
قطب جبينه وهز رأسه بعدm فهم وتسائل متعحبا:
_وايه اللي هيخلي ماما وبابا يرفضوا ارتباطي بيكي يا قلب رحيم .
اجاباته بتوضيح وهي تنظر إلي الكوب الموضوع أمامها :
_لازم نكون واضحين في مشاعرنا وعلاقتنا من البدايه وانا متوقعه الجـ.ـر.ح قبل ما نوصل لنهايه الجبر في علاقتنا ومتوقعة الرفض ليا من كل اللي حواليك ومش هلوم عليهم لان حقهم انهم يختاروا لك المناسبه جدا من جميع ظروفها ،
لكن انا المستقبل معايا فيه خطر عليك ومش هرضى اني أظلمك معايا.
انفعل جدا من حديثها وثار من كلمـ.ـا.تها وهتف بحده:
_ليه التشاؤم ده يا مريم هفضل كل يوم اقول لك خليكي متفائله وواثقه فيا شويه مش عيل صغير انا علشان ما دافعش عن حبي وقف وقفة محارب شجاع اطمني يا حبيبتي الو.جـ.ـع هنعيشه سوا والجبر برده هنعيشه سوا وانا وانتي راكبين نفس المركبه سواء كان ليها شراع يحمينا او احنا اللي هنخلق لها الشراع اللي هيحمينا لحد ما نوصل لبر الامان اطمني يا مريم .
تنهدت بـ.ـارتياح من كلمـ.ـا.ته واحست ببضع من الامان ثم سالته باستفسار عن ما حدث في دار الايتام :
_ما قلتليش عملت ايه مع المديره واتكلمتوا في ايه؟
قص عليها ما حدث بالتفصيل الى ان عرض عليها في اخر حكواه طلب المديره مكملا كلمـ.ـا.ته:
_ بصراحه ما رضيتش اديها وعود انك تروحي الا لما نتكلم مع بعض الاول وندرس المقابله او انت هتوافقي ولا لا ايه رايك يا مريم ؟
انا شايفها انصدmت لما حكيت لها كل حاجه وتقريبا كده اتعطافت معاكي .
فتحت مقلتيها على وسعهما واردفت باستنكار:
_انت عايزني اروح لها برجلي لحد الدار يا رحيم انت مصدق وش الملاك اللي هي بينته ده دي عمرها ما عملتنا بما يرضي الله وطول عمرها قاسيه علينا وانا عمري ما أروح لها ولا اعتب الدار دي تاني .
________________________________
في منزل جميل المالكي عصراً حيث تجلس رندا وابنائها ووالديها يتبادلون اطراف الحديث في موضوعات مختلفه واذا هم يستمعون الى زر الجرس يعلن عن وصول احدهم ،
ذهبت سما لتفتح الباب واذا بها تتفاجأ باأبيها وتلقائيا رمت نفسها بين احضانه وهي تشهق بصوت عالي مملوء بالفرحه:
_بابا حمد لله على السلامه حشـ.ـتـ.ـيني و قوي تعالي اتفضل .
ما إن علمت حضوره حتي قامت من مكانها مستأذنه من ابيها:
_بعد اذنك يا بابا انا هطلع اوضتي .
قبل ان ياذن لها كادت ان تتحرك من مكانها الا انه اشار اليها بكلتا يديه ان تجلس مرددا بامر:
_ما تبدئيش معركتك بالهروب لازم تواجهي من البدايه علشان المواجهه مهما اجلتيها ومهما طنشتيها مسيرك هتقومي بيها اتفضلي اقعدي .
كادت ان تعترض على حديث والدها الا ان والدتها امسكتها من يداها واجلستها بجانبها مردده بصوت خفيض:
_اقعدي يا راندا واسمعي كلام باباكي عيب لما يقول لك على حاجه وما تسمعيش الكلام ما انتيش صغيره يا بـ.ـنتي وبعدين هو يعمل لك ايه يعني ما احنا كلنا موجودين اهو .
تأففت بشـ.ـده بسبب اصرار والديها على المكوث معه ،
ما كان في مخيلتها ان يأتي سريعا ورائها وما كان عندها اي استعداد للمواجهه ،
حضر ايهاب وقام بالقاء تحيه السلام وذهب الى جميل ومد يده واحتضنه وبدوره بادله السلام بحراره وهو يربت على ظهره ،
وذهب الى فريده التي ردت سلامه بفتور واحتضن ابنه مهاب بشـ.ـده وبادله مهاب نفس حراره السلام كجده ،
اشار اليه جميل بالمكوث مرددا بترحيب:
_اتفضل اقعد يا ايهاب يا ابني حمد لله على سلامتك انت هتلاقيك جاي من السفر على هنا على طول وتعبان .
واسترسل حديثه وهو يطلب من فريده فنجانا من القهوة قائلا بهدوء:
_من فضلك يا ام رحيم اعملي لنا فنجانين قهوه عقبال ما تجهزي الغداء علشان ايهاب هيتغدى معانا .
اومأت بأهدابها بطاعه وذهبت الى المطبخ فالتحقت بها راندا مردده:
_استني يا ماما هاجي معاكي في حاجات كنت بعملها هاجي اخلصها .
تركها ابيها لانه كان يريد التحدث مع ايهاب منفردا في البدايه وطلب من سما وايهاب ان يتركوهم وحدهم ،
وما ان قاموا حتى نظر الى ايهاب مرددا بلوم مغلف بالحده:
_ما كنتش اعرف اني لما اديتك بـ.ـنتي من 18 سنه وامنتك عليها هتعمل فيها كده وتخونها وتغدر بيها عمري ما كنت اتخيل منك كده يا ايهاب،
اخر حاجه كنت اتوقعها في الدنيا انك تتجوز على بـ.ـنتي .
أحس بالحرج الشـ.ـديد من ملامـ.ـا.ت جميل فهو يحبه جدا ويعتبره في مقام ابيه ومنذ ان دلف الى ذاك المنزل وهو يتعامل معه بحب شـ.ـديد وكذلك جميل بالمثل كالأب وابنه ونطق وهو يبتلع كلمـ.ـا.ته غـ.ـصـ.ـبا:
_انا معترف اني غلطان يا عمي والغلط راكبني من ساسي راسي ،
واسترسل حديثه بإبانة:
_انت كل كلمه قلتها ما اقدرش اراجعك فيها بس اللي حصل حصل وانا كان غـ.ـصـ.ـب عني لقيتني محتاج لحـ.ـضـ.ـن وقت ما كنت تعبان ومش لاقي اللي يداويني وهي جت قدامي ضعفت واستسلمت واتجوزتها لكن والله العظيم عمري ما حسست راندا بأي حاجه وكنت عارف ان هيجي يوم من الأيام وهتعرف بس ما كنتش حاسب غضبها بالشكل ده شكلي حسبتها غلط وكلنا هندفع التمن واولهم الاولاد .
شعر جميل بكل كلمه نطق بها انها حقيقه فهو لم يكذب ابدا طيله السنين الماضيه واصبح بين قاب قوسين او ادنى ايواسي رجل مثله استخدm حقه في الحياه وتزوج من ثانيه ام يواسي ابـ.ـنته التي مكست تحافظ على عهد زواجها أبية وربت ابنائها كما ينبغي ان يكون وهنا كفه الميزان لا تعرف الى اي وجهه تميل ،
تنهد بحيرة وضيق وسأله:
_طيب هتحلها ازاي يا ايهاب هتطلق اللي انت وعدتها انك هتفضل معاها واتجوزتها هناك،
ولا هتفضل على ذمتك وتخسر راندا انت يا ابني في موقف صعب جدا وبصراحه المسأله معقده على الآخر عايزه لها معادلات عشان تتحل .
كل كلمه تحدث بها حماه كانت منطقيه فهو منذ ان حدث التصادm بينهم وعلمت راندا واصبحت حياته بائسه مدmره كالصحراء الجرداء لا زرع بها ولا ماء ولكن الأمر اصبح واقعا ولابد للمعضل ان يحل ،
ثم تنهد بثقل وألم نفسي انتابه جراء كلمـ.ـا.ته وهتف طالبا منه العون :
_انا بس بطلب منك يا عمي انك تقف جنبي وتحاول تلين دmاغ راندا انها تلغي من فكرتها الانفصال علشان سما ومهاب هيتدmروا بسبب الانفصال ده وانا والله اللي هي عايزاه هنفذه كله بالحرف الواحد انا كنت اصلا متفق مع فيروز على الانفصال في اي وقت لو ما قدرتش اكمل من قبل ما بدأ معاها .
واثناء حديثهما اتت فريده بالقهوه وجلست معاتبه اياه وهي تناوله المشروب :
_انت عارف اخر حاجه كنت اتخيلها ان انت تتجوز على راندا حاجه عمرها ما جت في بالي ابدا يا ايهاب ليه عملت فيها كده وفي ولادكم وفي حياتكم ليه تسرعت .
اجابها جميل فضلا عنه مرددا:
_كلمه لو ملهاش لازمه دلوقتي خالص احنا دلوقتي قدام امر واقع لازم نحله بالعقل علشان جميع الاطراف تخرج مرضيه لو سمحتي اندهي راندا وخليها تجي لي هنا حالا.
قامت بالنداء عليها وبعد دقيقه خرجت وعلى وجهها علامـ.ـا.ت العبوس جلست بجانب والدتها تنطر ارضا الى ان استمعت الى حديث اباها يردد لها:
_ارفعي راسك يا بـ.ـنتي الموضوع مش مستاهل ان انت تنزلي راسك للأرض الحاجه الوحيده اللي غلط فيها ايهاب ان هو ما قالكيش بجوازه علشان خاطر تختاري تكملي او توافقي وطالما هو جاي ومعترف بغلطه وعايز يصلحه يبقى لازم تدي له فرصه وتسمعيه .
غشاوه الدmـ.ـو.ع التمعت في عينيها ورددت بملامح حاده:
_اسمعه وهو بيقول لي ايه اني اتجوزت عليكي غـ.ـصـ.ـب عني !
طب ما انا كمان كنت هنا ام واب وكنت مستحمله وما فكرتش اخونه زي اللي بتخون جوزها طول سنين سفره ،
واسترسلت والدmـ.ـو.ع تنهمر علي خديها بغزارة من ألمها وجـ.ـر.حها مرددة برفض قاطع :
_مهما تقول يا بابا ومهما هو يقول ومهما تعمله انا برده اللي في دmاغي في دmاغي هتطلق يعني هتطلق .
ود أن يذهب إليها ويأخذها بين أحضانه ويمسح دmـ.ـو.عها بيداه ويعتذر ألاف المرات لكنه خشي رفضها وحدتها ،
وتحدث بكلمـ.ـا.ت معتذرة :
_يا راندا ما تهديش حب السنين والبيت اللي قعدنا نبني فيه انا وانت عمرنا كله ،
ولادنا اللي هيدفعوا التمن سما ومهاب يستحقوا مننا ان احنا نضحي علشانهم،
انا ما لحقتش اعيش معاكم ما لحقتش اتهنى بقربكم ما لحقتش سنين عمري اللي ضاعت وانا بعيد عنكم في الغربه على الأقل وهم كانوا قدامك اما انا كنت ببقى نفسي اخدهم في حـ.ـضـ.ـني ما بقدرش علشان بينا مئات الأميال،
كنت بتعب وفي عز تعبي كان نفسي تبقي جنبي إنتي واولادي وتخففوا عني وما كنتش بلقاكم ،سنين عشتها كل لحظه تعب مرت عليا علمت في جـ.ـسمي لما كنت لوحدي ،
من سنين اترجيتك ارجع ونعيش بالموجود بس اكون وسطكم وسط عيلتي اللي بحبها وما اقدرش اعيش من غيرها وإنتي في كل مره تتحججي بالمستوى والمنظر وتقولي لي عشان خاطر ولادنا نضحي غـ.ـصـ.ـب عني ضعفت وغـ.ـصـ.ـب عني استسلمت لما لقيتها قدامي ما عندهاش مانع اننا نتجوز في السر زي ما هي ما عندهاش مانع دلوقتي اني اسيبها ونتطلق ،
رغم تعلقها الشـ.ـديد به ورغم أنها تعشقه عشقا جما إلا أنها قامت من مكانها وربعت ساعديها وأعطتهم ظهرها مرددة وهي تمسح دmع عيناها بقسوة:
_ وأنا لا يمكن أعيش معاك أبداً ولو حتي طلقتها فدلوقتي حالا ترمي عليا اليمين لأني مش هرجع لك ياإيهاب مهما حاولت .
كان متوقع رد فعلها وقسوتها وأشار بعينه إلي والديها ان يتركوهم وحدهم لعل وعسى يقدر علي إقناعها بالرجوع إليه والإقلاع عن فكرة الطـ.ـلا.ق ،
فهموا إشارته وانسحبوا إلي الخارج وبقيا وحدهم هو بانفطار قلبه عليها وهي بدmع عيناها اللتان كساهم لون الدm من شـ.ـدة البكاء ،
ذهب إليها واحتضنها من الخلف وما إن لمس كتفيها قامت بنزع يداه علي الفور وأدارت وجهها إليه مرددة بجحيم :
_ وعهد الله ياإيهاب إن إيدك دي اتمدت عليا تاني إنت حر هعمل إللي مش هيعجبك واللي عمره ماصدر مني ،
واسترسلت بوعيد :
_ انسي إنك تلمس شعرايه مني بعد النهاردة انت خيبت ظني فيك .
قلب عينيه بتعب ثم زفر شهيقا قويا ينم عن مدى تعبه وارهاقه الشـ.ـديد وعلى ما هو قادm اليه اصبح ليس لينا،
نظر اليها بعيون مترجيه مرددا:
_يا راندا الكلام اللي انت بتقوليه ده ما ينفعش احنا بينا اولاد هيتدmروا صدقيني انت مش بصه لقدام .
قطعت حديثه وهدرت به بحده:
_واشمعنا انت اللي ما بصيتش لقدام قبل ما تعمل عملتك دي ولا انت تغلط والمفروض اني اسامح واعدي علشان خاطر الاولاد ما عملتش انت حساب للاولاد ليه من البدايه قبل ما تقــ,تــلني ؟
رفع كلتا يديه في الهواء واخفضهما هاتفا بصوت عال بعض الشيء:
_جـ.ـر.حتك قــ,تــلتك!
اللي حصل حصل واحنا قدام امر واقع وانا جاي لك وللمره المليون بقول لك يا راندا ما تهديش البيت وللمره المليون بعتذر لك وللمره المليون فكري كويس علشان خاطر اولادنا اللي هيدفعوا التمن .
_تعتذر لي… عقبت بها بنبره استهزائيه واسترسلت بتصميم علي طلبها:
_اللي انت عملته ما ينفعش معاه الاعتذار ،
انت ما ضـ.ـر.بتنيش قلم علشان خاطر اسامح واعدي انت مسكت سكينه تلمع وغرستها في قلبي وكنت مفكر انها هتجـ.ـر.حني بس لكن للاسف هي قضت عليا و.جـ.ـعتني من فضلك ارمي اليمين حالا لاني هتطلق يعني هتطلق .
_________________________________
اما في ايطاليا كان مالك راكبا السياره وذاهبا الى المطار مصطحبا جوليا التي اصرت ان تذهب معه زياره الى مصر وهي متشجعه الى تلك الخطوه،
انتهوا من الاجراءات وصعدوا الى الطياره جالسين جوار بعضهم ،
زفر مالك انفاسه بإرهاق ثم تحدث إليها بعيون تفيض ارتياحا :
_ما تتصوريش انا عايزه اشكرك قد ايه علشان خاطر وقفتك جنبي طول الشهر اللي احنا سافرنا فيه ،
بجد انت ليكي فضل كبير عليا جدا بعد ربنا في تحسن نفسيتي تسلمي لي يا جوليا .
ابتسمت اليه ابتسامتها المعتاده التي تظهر جمالها اكثر فاكثر وتحدثت بعيون تفيض عشقا:
_ليه بتشكرني يا مالك هو احنا لسه في بينا شكر !
احنا اتفقنا ان احنا هنبقى قلب واحد وعقل واحد ونخاف على بعض جدا وانا ما عملتش اكتر من كده .
اعتدل من جلسته ونظر اليها قائلا بتساؤل:
_يا ترى ايه سر النظره الحزينه اللي شايفها في عينيكي دي يا جوليا ممكن اعرف سببها؟
لانت ملامحها وشعرت براحة اجتاحت روحها لتساؤل ذالك الحبيب الذي وصل لأعماقها وتوغل في روحها فهو حقا قرأ عيناها وفهم أنها مهمومة وأجابته بشرود :
_خايفه ان يكون اللي احنا عملناه ده غلط واتسرعنا فيه وفي الاخر هيتحكم علينا بالفشل .
حرك عينيه بهدوء وبنظرات طمأنتها وتحدث باستجواد :
_مش عايزك تقلقي خالص احنا مش صغيرين على الخطوه اللي احنا أخدناها وانا وانت مقتنعين تمام الاقتناع للخطوه دي وان شاء الله كل حاجه هتبقى تمام عايزك تهدي وتدي لنفسك سلام نفسي علشان خاطر لما نوصل تبقي في قمه الهدوء والارتياح .
اخذت نفسا عميقا ثم زفرته بانتعاش ونطقت بحب :
_انت عارف عمري ما شكيت لحظه ان انت ما تطلعش نفس الصوره اللي انا راسماها في بالي من زمان ليك .
رفع حاجبيه وتسائل بمكر:
_وايه بقى الصوره اللي كنت راسمها لي في بالك يا ست جوليا؟
واسترسل بمشاغبة :
_ده انا كنت ساكن عقلك من زمان وانا مش واخد بالي اتاريكي واقعه وانا مش داري .
ضحكت بشـ.ـده على حديثه ومشاغبته وهتفت بصدق:
_اه كنت شاغل عقلي ومش بس كده ده قلبي كمان هكذب ليه يعني وهحور ليه ،
من زمان وانا متابعه شغلك ومتابعه صورك وطبعا كنت دايما براسلك على ايميلات الشركه لحد ما تعاملت معاكم وكنت بحاول دايما اكلمك كتير لو انت مش واخد بالك اني كنت دايما بطول معاك في الكلام اطول وقت علشان كنت مشـ.ـدوده ليك جدا ولما كنت بتيجي الاتليهات السنين اللي فاتت كنت بفضل باصة عليك من بعيد لحد بقى ما اشتغلنا مع بعض وتقابلنا النوبادي ما كنتش متوقعه ان احنا نوصل للمرحله اللي احنا وصلنا لها دي .
وبقيا يتناولان اطراف الى ان هبطت الطائره الى مطار القاهره فكانت فرحتها بوصولها الى مصر أرض الأمن والأمان لا تضاهيها فرحه فهي عاشقه لمصر ،
رأى الفرحه في عينيها وبعد أن انتهوا من الاجراءات ركبوا السيارة وذهبوا إلي الفندق التي حجزت به ووضعوا الحقائب الخاصة بها ،
ثم اصطحبها معه الي والدته والذي لم يخبرها بمجيئه وفضل أن يجعلها مفاجأة ،
وصلوا إلي المنزل وكانت تنظر إليه بانبهار فقد نال إعجابها جداً ولاحظ مالك ذلك فنطق باستفسار:
_ عجبك البيت بتاعي ؟
ابتسمت له وعيونها تدور حول المكان وأجابته :
_ جميييييل أوووي يامالك ذوقك تحفة .
أشار بيديه إليها أن تدلف هاتفا بابتسامه:
_ طيب يالا بينا علشان تسلمي وتت عـ.ـر.في علي أطيب قلب في الدنيا .
دلفت معه ومشيت بجانبه وقلبها مملوءا بالسعادة الي أن فتح مالك الباب ودلف وراءه وأشار إليها أن تتبعه مرددا بنبرة سعيدة :
_ يابيرووو ياست الكل إنتي فين نحن هنا .
ما إن سمعت والدته صوته في المنزل دق قلبها لعزيز عينيها الغائب عنها شهراً وكأنه غائب منذ قرن ،
هرولت الى الخارج مسرعه تبحث بعينيها عن مكانه الى ان وجدته ولكنها لاحظت وجود ضيف معه فذهبت برتابه والقت السلام وهي تحتضنه مردده:
_حمد لله على السلامه يا نور عيني نورت مصر نورت بيتك ونورت الدنيا بحالها .
احتضنها بحب وقبلها من يداها وراسها وامسكها من يدها وهو يعرفها على جوليا قائلا بابتسامه :
_اعرفك يا ماما بجوليا اتعرفت عليها في ايطاليا هي fashion designer وخطبتها هناك.
استمعت إلي أخر كلمـ.ـا.ته وفتحت فاهها علي وسعه مرددة بتلقائية مغلفة بالصدmة :
_ خطبتها !
↚احتضنها بحب وقبلها من يداها وراسها وامسكها من يدها وهو يعرفها على جوليا قائلاً بابتسامة :
_اعرفك يا ماما بجوليا اتعرفت عليها في ايطاليا هي fashion designer وخطبتها هناك.
استمعت إلي أخر كلمـ.ـا.ته وفتحت فاهها علي وسعه مرددة بتلقائية مغلفة بالصدmة :
_ خطبتها ! إزاي ده يعني؟
اهتز فكه باستغراب لاستفسار والدته وأجابها متعجباً:
_يعني ايه ازاي يا ماما اتعرفنا على بعض هناك وحسينا بـ.ـارتياح احنا الاتنين وهي طلبت مني انها تنزل مصر علشان تتعرف عليكي وعلى مروان وهيام .
اندهشت عبير لما استمعت اليه اذنيها وظلت دقيقة كاملة تنظر اليه الى ان استمعت الى سؤاله مرددا باستغراب:
_ايه يا ماما مالك في ايه مش هتسلمي على ضيفتك وترحبي بيها ؟
مدت يداها بعدmا استوعبت طلبه وهتفت بابتسامة مجاملة:
_اه طبعا نورتي مصر ونورتي بيتنا المتواضع اتفضلي يا بـ.ـنتي .
أدار وجهه اليها ونطق بابتسامة اظهرت تلك الغمازات التي تتوسط خدَّيه:
_اتفضلي هتاكلي دلوقتي من ايد عبير احلى صينية بطاطس بالفراخ عمرك ما هتنسيها ابدا في حياتك .
ابتسمت جوليا بهدوء واشادت وهي تنظر الى المنزل بـ.ـارتياح نبع داخلها فور دلوفها :
_البيت منور باصحابه يا طنط ما تتصوريش انا بحب مصر قد ايه وبجد مبسوطة جدا اني هقضي اسبوع بحاله هنا في مصر ،
واستطردت حديثها بفرحة:
_ومش بس كده ده في وسط ناس عنوانهم الطيبة والجمال والهدوء .
ابتسمت والدته بهدوء وهتفت بكلمـ.ـا.ت اطرائية:
_ربنا يعز مقدارك يا بـ.ـنتي انا هقوم اعمل لكم الغدا وانت يا مالك اطلع غير هدومك يا ابني وخد شاور عقبال ما اخلص وما تقلقش عليها انا هعمل لها قهوة من بتاعتى لأن النوع اللى بتشربه تقيل عليها عقبال ما تنزل .
انتهت من كلمـ.ـا.تها وتركتهم وذهبت الى المطبخ وهي في حيرة من امر ولدها وحدثت حالها بتعجب:
_ازاي يا مالك يا ابني تعمل حاجه شكل دي من غير ما تاخد رأيي انا مش مصدقه والله يلا هنشوف لما تمشي ونقعد نتكلم في الموضوع ده .
ومكثت وقتها وهي تحدث حالها تارة بانزعاج وتارة بهدوء الى ان انتهت من طهيها ،
بعد مرور نصف ساعة انتهوا من تناول الطعام وجلسوا يتبادلون أطراف الحديث الى ان أحس مالك بإرهاق جوليا فنظر اليها قائلا:
_تحبي اوصلك للفندق لأن واضح عليكي التعب جدا؟
نظرت له بامتنان لشعوره بتعبها وأجابته بموافقة وهي تنظر إلي والدتة بعيون تشع سعادة ووجهت لها الحديث:
_والله يا طنط كان نفسي اقعد معاكي تاني لكن حاسه بإرهاق شـ.ـديد بس ان شاء الله المرة الجاية هخلي مالك يجيبني وأقضي اليوم كله معاكي .
ربتت عبير على ظهرها بحنو ورددت :
_ولا يهمك يا حبيبتي والبيت مفتوح لك في أي وقت تشرفي وتنوري .
وبعد انتهاء السلامـ.ـا.ت ودعتها جوليا بالأحضان وكأنها تعرف عادات مصر وتحفظها عن ظهر قلب ،
خرج بها مالك من المنزل وأوصلها الى الفندق التي تمكث به بعد ان ودعها بمحبه ثم عاد الى منزله وجد والدته تنتظره على أحر من الجمر وما ان دلفا حتى وجهت له اسئلتها المباشره بعتاب:
_اولا انت ازاي تخطب من غير ما تعرفني يا ابني هو انا قد كده ما بقيتش مهمه بالنسبه لك؟
كاد ان يتحدث الا أنه اشارت اليه بكف يديها ان يصمت وتابعت استفسارها:
_ثم انت ازاي تخطب واحده ولا تعرف عادتنا ولا تقاليدنا والله اعلم حياتها قبل كده كانت عاملة ازاي !
قطب جبينه باندهاش وأجابها بتساؤل:
_والله يا ماما هي مسلمة زيي زيها وانا قعدت شهر كامل هناك واتعرفت عليها غير ان احنا كنا بـ.ـنتعامل مع بعض في الشغل ،
واسترسل حديثه بتوضيح:
_وبعدين انا ارتحت لها وارتحت جدا في التعامل معاها وده كل اللي يهمني يا أمي .
لم يعجبها رده فهي أكبر منه سنا وقلب الام يخبرها بأن هذه الزيجة لا تتماشى ابدا مع ولدها واشادت بنصح:
_يا ابني فكر قبل ما تاخد اي خطوة تنـ.ـد.م عليها صدقني فرحة البدايات مش شكل لما تدخل وتتعمق في الموضوع فكر يا مالك واحسبها كويس .
لا ينكر انه انزعج من حديث والدته ولكن هو من خطا خطوته دون اي تشجيع من أحد نمي عن ارتياحه لها وهتف مطمئنا لها :
_مش عايزك تقلقي يا امي صدقيني لو حسيت ان اي حاجه مضايقاني مش هكمل عايزك بس تدعي لي بالتـ.ـو.فيق ،
ثم قرر ان يفاتحها في الموضوع الذي ابلغه به الطبيب عن حالته والذي لن ينساه طيلة المدة الماضية وتحدث بملامح وجه مكفهرة :
_عايزه اقول لك يا ماما على حاجه بس تعاهديني انها ما تطلعش ما بيني وما بينك لحد ما نعرفها ونتاكد منها ؟
ربتت على ظهره وطمأنته بتأكيد:
_قولي اللي انت عايزه يا حبيبي وما تقلقش سرك في بير .
رمى بجسده للخلف وزفر أنفاسه بقهر وألقي علي مسامعها ماأشاد به الطبيب بالتفصيل ،
وما إن أنهي حديثه حتي صار صدره يهبط ويعلوا من شـ.ـدة تأثره ووجيعة قلبه التي أدmت روحه وهو ينظر إلي والدته الذي وجد وجهها شاحبا كشحوب الأموات مما استمعت اليه اذنيها ،
لاحظ شحوب وجهها ودق قلبه برعـ.ـب علي حالتها البادية والتي لا تبشر بالخير وهتف وهو يحتضن كفاي يداها :
_ ماما ممكن لو سمحتي متاخديش الكلام علي أعصابك أنا الحمد لله بقيت بخير والدكتور طمني إن العقار ده تأثيره طلع من جـ.ـسمي بفضل العلاج والمتابعة واني بقيت كويس جداً الحمدلله.
اندلعت ثورة قلبها رعـ.ـباً وهلعا علي حديث ولدها وأدmعت عيناها ونطقت باستفسار:
_ إنت متأكد يابني من الكلام ده مش يمكن يكون الدكتور ده غلطان واتلخبط في التحاليل مابينك وما بين حد تاني ؟
قلب عينيه بو.جـ.ـع وهو يمسح على وجهه من شـ.ـدة التأثر لما حدث له وأجابها :
_كلام الدكتور سليم مية في المية يا امي انا عملت تحاليل عند مركزين تانيين ونفس الكلام اللي قاله الدكتور ده هو نفس الكلام اللي قاله التانيين ،
واستطرد حديثه متسائلا باندهاش:
_تفتكري يا امي مين اللي يعمل فيا كده من اللي حواليا هو بالتأكيد مش حد غريب؟
وتابع بسرد الأسماء:
_معقوله تكون نهال هي اللي عملت فيا كده؟!
بس ليه دي اتطلقت مخصوص علشان خاطر ما بخلفش ،
ولا اخويا اللي من لحمي ودmي وارجع واقول ايه اللي هيخليه يعمل فيا كده؟!
ولا اختي اللي لو طولت ادي لها عيني وعمري ما استخسر فيها حاجه!
وارجع برده واقول احنا ولاد حلال ومتربيين وانتي علمتينا ان احنا نحب بعض فعمرها ما هتعمل معايا كده!
ابنك بقى جواه متدmر تايه حزين من اللي عرفه واللي يا ريتني ما كنت عرفته .
اما والدته كانت تستمع له بقلب ينفطر ألما وحـ.ـز.نا على كلمـ.ـا.ته ولكن عقلها يجوب تذكرا لما رأته منذ أكثر من ثلاثة أعوام ولكن حينها نفضته عن رأسها ولم تستفسر ،
وما إن وصلت لتلك النقطة اعتلت دقات قلبها هلعا لما هو قادm وارتفع ضغطها وباتت تتنفس بصعوبة بالغة ،
انتبه مالك إلي حالتها وفورا انتقل جانبها وهو يمسك يداها ويمسد علي ظهرها بقلق بان علي معالم وجهه:
_ مالك يا أمي حصل لك ايه يا حبيبتي!
بالله عليكي اهدي ومش عايزك تفكري في الموضوع ده أنا الحمد لله بخير وقررت إني مش هدور علي إللي عمل كدة علشان أيا كان مين هو فهو قريب وساعتها هتقلب نار ودmار وأنا مش مستغني عنك ياأمي ولا عن حد من إخواتي وطالما أنا الحمدلله ربنا نجاني مش هنبش في إللي فات .
وحاول تهدأته بكل الطرق وبث الطمأنينة داخلها علها تهدأ من روعها ،
لكن بداخله يردد بو.جـ.ـع :
_ هي الدنيا كدة تديك و.جـ.ـع فوق الو.جـ.ـع وتقول لك استحمل ماأنت جدع.
أما هي حاولت أن لاتعطي الأمر اهتماما ومثلت الهدوء لكن بداخلها بركان إذا انفجر سيحرق الأخضر واليابس.
________________________________
وعلي الصعيد الأخر وبالتحديد في شقة ريم التي لم تعد تتحمل خوض المعركة مع تلك العجوز الرقطاء وحدها وهاتفت والدها أن يأتي علي الفور كي توضع النقاط علي الحروف فهي لن تهب أحدا علي وجه الأرض غير ربها ومادامت لن تغضبه فليكن مايكن ويذهب الجميع إلي الجحيم ولن تستسلم أبداً وستخوض المعركة كأقوي جندي محارب حتي النهاية اما المـ.ـو.ت أو الفوز ،
أخبرت حمـ.ـا.تها بقدوم والدها كي تخبر زاهر أن يحضر كي ينفض هذا الهراء من وجهة نظرها ،
وبعد مرور ساعة بالتحديد وصل والدها وهبطت إلي الأسفل والتف الجميع كشبكة العنكبوت المتراصة في مكان واحد فتحدثت العقرب بعد أن رمت مافي جوفها من سم مكملة بشـ.ـدة:
_ وبعد ده كله علشان مش عايزه ولادي ابني يتربوا بره وهسامحها على عملته في ابني الله يرحمه تقف قدامي وتناطحني بـ.ـنتك المتربية يا ابو رحيم وما راعتش العشره ولا العيش والملح .
ترك جميع حديثها ونظر الى ابـ.ـنته متسائلا بحده:
_انت عليتي صوتك على حمـ.ـا.تك وهنتيها يا ريم جاوبيني حالا؟
كانت ريم تستمع الى حديث تلك الشمطاء وهي تفتح فمها بدهشه من افتراءاتها واجابت على والدها بدون احراج :
_انت عارف يا بابا ان انا تربيتك واني ما اعملش كده من الباب للطاق ،
ده انا اتذللت لها بدل المره 100 مره وحاولت افهمها اني ما ليش ذنب في مـ.ـو.ت جوزي وان احنا كنا بـ.ـنتناقش مع بعض واختلفنا زي اي زوجين ووطيت على رجليها ما صدقتنيش وفضلت تتعامل معايا بمنتهى القسوة ومصممه اني اتجوز اخو جوزي علشان خاطر خايفه لاأروح اتجوز غيره يعني شايفاني في نظرها ما عنديش اصل ان أول ما اخلص العده اروح ادور على واحد تاني غير جوزي .
احتد وجهه وهتف بنفي:
_برده ده ما يديكيش الحق انك تعلي صوتك عليها دي برده ام وابنها مـ.ـا.ت؟
إبتلعت غصتها بمرار مثل مرارة الصبـ.ـار، وتركت لسانها يتفوه قائلة:
_يا بابا انا ما عليتش صوتي الا لما طلعت لي ابنها لحد باب شقتي فوق وانا ست لوحدي يعرض عليا اني اوافق والين يرضيك تعمل كده ؟
واسترسلت بمواجهة دون أن تخشي في الحق لومة لائم:
_انا تربيتك يا بابا والمفروض ان انا امانة هنا في البيت والمفروض برده اني ست أرملة وهو بالنسبه لي راجـ.ـل غريب ما يصحش يدخل شقتي ولا يطلب يقعد معايا انت ربيتني على الأخلاق والأدب والاحترام وانا يستحيل احيد عنها ودي كانت المرة الوحيدة اللي وقفت لها بالند علشان ما تفكرش تعمل كده تاني .
بعد ان القت ريم كلمـ.ـا.تها احست كأن دلوا من الماء الثلج سقط على راسها في ليلة شـ.ـديدة البرودة ،
حقا لقد قصفت جبهتها و.جـ.ـعلتها في موقف سيده لا تعرف الأصول ،
أما والدها ماإن أنهت ابـ.ـنته حديثها ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة ظهرت علي وجهه لتلك الاعتماد:
_الكلام ده حصل منك يا ام باهر ؟
أحست أنها موضع اتهام وأجابت بتـ.ـو.تر وهي تنظر بعينيها جانبا :
_ فيها ايه اني بعت عم العيال إللي في مقام أبوهم يطمن علي ولاد أخوه !
كفرنا ولا ايه باأبو رحيم ؟
قطب جبينه وهز رأسه بعدm فهم وتسائل متعحبا:
_ يعني إنتي شايفة إن إللي إنتي عملتيه ده صح ؟!
وتابع بإنهاء الحوار وهو ينظر إلي ابـ.ـنته هاتفا بابتسامه:
_ أنا فخور بيكي يابـ.ـنتي طلعتي تربية جميل بصحيح ،
وعلي فكرة حوار إنهم بيتهموكي انك السبب في مـ.ـو.ت جوزك ومشيلينك الذنب تنسيه خالص ،
اي واحده بيحصل بينها هي وجوزها مشادات وده عمره وانتهى وإنتي بـ.ـنتي وانا واثق فيكي اكتر ما انا واثق من نفسي ما تحمليش نفسك فوق طاقتها يا حبيبتي .
حين استمعت إعتماد الي كلامه حتي تشعب الغضب في رأسها بلا رادع وهتفت بحدة :
_ وأنا بقول البت دي جايبة القوة دي منين أتاري الكبـ.ـارة أبوها مبيقولهاش عيب عن الصح والغلط وبقت هيصة .
أما ريم أصبحت دقات قلبها أكثر سعادة وارتياحا لما سمعته من والدها وأصبح جسدها يكاد يطير فرحا من حسمه للموقف أمام حرب ضميرها وقررت أن تترك ساحة رد الاعتبـ.ـار لوالدها احتراماً لوجوده وفضلت السكوت ،
أما جميل لم يعطى استهزائها أي اعتبـ.ـار ونظر إلي زاهر ناطقاً بكلمـ.ـا.ت لاذعة قاصداً إحراجه :
_انت ايه رايك في كلام والدتك واستهزائها للراجـ.ـل الكبير اللي قاعد قدامها يا زاهر ؟
تصبب زاهر عرقا من شـ.ـدة الإحراج من كلمـ.ـا.ت ذاك الخلوق مرددا بأسف :
_ معلش يا عمي اعذر والدتي قلبها محروق علي مـ.ـو.ت ابنها وكل إللي بتعمله ده علشان ولاده ميبعدوش عنها .
نطق جميل باندهاش:
_ هو مين بعدهم عنها !
أنا لحد دلوقتي جوزها مـ.ـيـ.ـت بقاله أكتر من تلت شهور وماأخدتهاش وسبتها هنا وسطكم علشان خاطر ما تتحرموش من العيال .
اشار زاهر براسه بموافقه على حديثه وردد :
_بس اكيد هتمشي في يوم من الايام وده مقصدها فاحنا بنشوف حل يرضي الجميع .
اهتز فكه بغضب وردد باستنكار:
_ والحل من وجهة نظركم إن بـ.ـنتي تتجوزك يازاهر ؟
هتفت اعتماد بتساؤل:
_ وفيها ايه يا أبو رحيم هي البرنسيسة أول واحدة هتتجوز أخو جوزها ؟
أجابها بثقة:
_ لا ياأم زاهر أول واحدة هترفض تتجوز أخو جوزها ،
واسترسل وهو يمسد علي ظهر ابـ.ـنته بتأكيد :
_ وطالما بـ.ـنتي رافضة يبقي مفيش جواز وإللي هي عايزاه هو إللي هيتنفذ .
طوفان الغضب تجمع في عينيها وأشادت ببرود ممـ.ـيـ.ـت :
_ بس إحنا كدة هنبقي قطبين متنافرين والدنيا هتولع .
قطب جبينه ونطق باستفسار:
_ وليه منبقاش قطبيين متجانسين وتبقي أهل ونمشيها بالمحبة؟
ضـ.ـر.بت علي فخذيها مرددة بغضب:
_ علشان ولاد ابني مش هيتربوا بره البيت ده .
نطق بتأكيد:
_ وأنا بـ.ـنتي وولادها قبلها مش هيعشوا في بيت الراجـ.ـل إللي فيه عايز يتجوزها وبيبص لها ومـ.ـر.اته وأمه يبهدلوها ،
ثم نظر إلي ابـ.ـنته مرددا بفخر :
_ علشان دي البرنسيسة ريم المالكي إللي تعيش علي كيفها وبراحتها وطول ما أنا عايش محدش هيجبرها علي حاجة مش مرتاحة لها ولا عايزة تعملها.
انتفضت أعينها بحدة وهي تطالع ذلك الرجل الذي لايختلف شراسة عن ابـ.ـنته ورددت بوعيد:
_ بس إنت كدة بتفتح باب نار مش هينسد إلا لما يحرقنا كلنا ونبقي زي الهشيم ،
وارب الباب ياجميل علشان الكل يتراضي .
أجابها بثقة وتريث:
_ النار مش هتلسع غير إللي ولعها ياإعتماد أما أنا كفيل إني أبقي جيش مطافي واقف حصن منيع من إن حر النار بس يوصل لبـ.ـنتي.
كانت ريم تجلس رافعة رأسها في موقف فخر بأنها ابنة ذالك الرجل الذي دافع عنها بكل قوته ونصرها علي من تعمدوا إيذائها نفسيا ،
اكتفت بابتسامة مشرقة أنارت وجهها فهي حقا كانت خائفة من رد فعل والدها حين يعلم ماحدث ولم يكن في حسابنها أنه سيتفهمها ولم يفعل مثل والدتها ،
حقا ارتاح قلبها وعقلها وعاد وجهها لنضارته ،
حاول زاهر تهدئة الأجواء لكن كل منهما ينظر للأخر نظرات نارية إلي أن قال جميل بأمر لابـ.ـنته :
_ قومي البسي هدومك وهاتي ولادك ومتلميش أي هدوم ولا ليهم ولا ليكي وسيبي الجمل بما حمل وبيت أبوكي مفتوح .
انتفضت بحدة وهي تنظر لهم :
_ بس أنا مش هتنازل عن حق ولادي يابابا.
أشار إليها أن تصمت وهتف :
_ حق ولادك عايزين يديهولك بما يرضي الله ماشي عايزين ياكلوه نار في بطونهم يتحملوا عواقبه ،
إنتي وولادك ملزومين مني لحد ما يكبروا ويبقوا رجـ.ـا.لة .
اشتعلت الحرب بين مثلث الرعـ.ـب “جميل ريم اعتماد” وانتهت المناقشات الحادة علي خروج ريم وأبناؤها من المنزل تحت استشاطة اعتماد وزاهر التي تجلس تخطط كما يخطط الشيطان .
____________________________
في دار الايتام
امسكت هاتفها تتصل برقم ما وما ان جاءها الرد حتى رددت بملامح وجه مبهمة :
_انا عايزاكي تجي لي حالا وتسيبي كل اللي وراكي ما تتاخريش انا في مكتبي .
أجابتها الأخري بسرعة :
_ حاضر يافنـ.ـد.م أنا جايه حالا.
بعد عدة دقائق وصلت الأخصائية النفسية المسؤلة عن الفتايات في المنزل مستئذنة الدخول ،
أشارت إليها شريفة أن تجلس وفي غصون ثواني تركت مابيديها وتحدثت بانزعاج:
_ازاي تبقي إنتي الاخصائية النفسية المسؤولة عن البنات وتحصل الكارثه دي في الدار ؟
انخلع قلب الأخري من طريقة حديثها وأجابتها بتـ.ـو.تر:
_ هو ايه ايه اللي حصل يا فنـ.ـد.م وضحي لي اكتر عشان افهم؟
نظرت إليها بعيون غاضبة وهدرت بها بحدة بالغة :
_ ما هو لو إنتي شايفه شغلك كويس ومتابعه البنات واخبـ.ـارهم ما كانش حصل اللي حصل واظن دي مهمتك يا هانم اللي بتقبضي عليها فلوس كل شهر .
كانت شريفه تنظر اليها نظرات حادة فهي لن تسمح بايذاء البنات بتلك الجريمة الشنيعة مهما كانت طامعة ،
ورددت باستفسار مغلف بالخـ.ـو.ف :
_ طيب فهميني ايه إللي حصل وأنا إن شاء الله أقدر أعالج المشكلة.
اهتز فكها بغضب وهتفت بتوضيح:
_ في ان حد وصل لأكونتات البنات وتليفوناتهم وهكرها لمجرد بس ان البنات وصل لها لينكات وفتحتها الموبايل بتاعهم بقى كله متراقب صوت وصوره وحقيقي في بنات اتأذت والموضوع ده لو عرفت بيه الوزاره كلنا هنروح في 60 داهيه بسبب ان احنا مش عارفين نشوف شغلنا .
انصعقت الأخرى من كلام المديره وتسائلت باندهاش:
_ وضحي لي اكتر علشان مش فاهمه .
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بتعب وأجابتها:
_اللي بيعملوا كده قصدين انهم يدخلوا البنات دي في شبكه دعاره الانترنت لما يبتزوهم بفيديوهات وبأسرار خاصة ليهم قدروا يوصلوا لها من خلال اختراقهم لموبايلات البنات لمجرد بس ضغط على اللينك ،
وتابعت بحـ.ـز.ن:
_وده حصل مع مريم اللي كانت هنا في الدار موبايلها اتهكر والفيديو اللي طلع في الحفله قدام الناس كلها ده كان كارت تهديد للبـ.ـنت دي علشان رفضت تشتغل في موضوع دعاره الانترنت فاضطرت انها تعمل معاها كدة وفي الآخر عرفت بمحض الصدفه الموضوع ده كله .
كانت الأخصائية تدون كل اشادت به المديره ثم اقترحت:
_تمام يا فنـ.ـد.م احنا نعمل ندوة سرية لكل بنات الدار وناخد منهم موبايلاتهم ونجيب مهندس يأمنهم ونعرفهم موضوع اللينكات ده ونفهمهم الخطر الشـ.ـديد اللي ممكن يجي من وراه وان شاء الله نقدر نعمل حاجه .
أشارت برأسها بموافقة واستحسان علي رأيها وهتفت وهي تشير إليها بكلتا يديها :
_تمام يلا قومي حالا اجمعي لي البنات كلهم علشان خاطر انا هكلمهم بنفسي .
قامت الأخصائية النفسية علي الفور واستدعت جميع البنات اللاتي تتواجدن في المكان وفي أقل من نصف ساعة كانت تجلس معهم وبدأت كلمـ.ـا.تها بتحذيرهم من ذاك الهاتف وخطره عليهن وأشارت إليهم بأمثلة كثيرة وفي نهاية نصحها قالت بتأكيد:
_ انا حبيت ابلغكم علشان انتوا يعتبر مسؤولين مني لازم يا بنات تاخدوا بالكم على قدر الامكان ان الموبايل اللي في ايديكم خطر كبير جدا يعني انا بشوف بنات بتدخل بيه الحمام وبشوف بنات بتتصور صور وهي بملابسها الخاصه علشان تتباهي بنفسها بلاش الحاجات دي نهائي،
للأسف الزمن ما بقاش مضمون ولازم تحافظوا على نفسكم .
واسترسلت حديثها وهي تشير اليهم بكلتا يديها:
_دلوقتي كلكم تجيبوا الموبايلات اللي معاكم علشان خاطر هنبعت لمهندس هياخد الموبايلات دي ويأمنها كويس جدا علشان اطمن عليكم بس لازم برده تستدعوا الخطر قبل الأمان علشان خاطر الموضوع مش سهل .
قامت الفتيات باعطائها هواتفهن وتنفيذ الأمر بطاعة وبعضهن استغربن مما قصته عليهم وبعضهن كانوا على علم بما حكته ،
وبالفعل استدعت مهندساً ماهرا تعرفه وحضر الى الملجأ وقام بتأمين جميع الهواتف واستغرق عده ساعات حتى انتهى ،
________________________________
ذهبت ريم مع ابيها اجبـ.ـارا وعنـ.ـد.ما راتها والدتها اندهشت جدا فقص عليها جميل ما حدث بينهم وعلمت بقدومها وانها ستعيش معهم وسعدت جدا بوجودها ولكن قلبها كقلب الام الذي انفطر على كلتا بناتها ممه وصلت إليه أحوالهن ،
فتحدثت فريده بقلب ملتاع:
_حمد لله على السلامه يا بـ.ـنتي نورتي البيت اطلعي خدي اولادك وغيري هدومك وانزلي عقبال ما اجهز لكم الغدا .
انصاعت لأوامر والدتها وصعدت درجات السلم وقلبها يملؤه حـ.ـز.ن يكفي العالم بأكمله،
اما فريده نظرت الى جميل وهتفت بحـ.ـز.ن بالغ:
_عيني على بناتنا الاتنين واحده جوزها مـ.ـا.ت وحمـ.ـا.تها مطيرة النوم من عينيها وولية قادرة ومش هتسيبها في حالها وبتهددها عيني عينك ،
والتانية مصممة على الطـ.ـلا.ق واولادها بقوا عرايس وطولها واللي في دmاغها في دmاغها .
تنهد جميل بتعب لما استمع اليه من نواح فريده والذي اهلك روحه رغم رسم الابتسامة على وجهه الا أنه حزين بداخله على بناته مثلها تماما ،
الا انه تحدث حامدا:
_ رب الخير لا يأتي الا بالخير يا فريده والحمد لله على الضراء قبل السراء وان شاء الله بناتك هيبقوا بخير طالما ما بنعملش حاجه غلط وما بنغضبهوش الحمد لله .
واسترسل بتنبيه:
_مش عايزك تشـ.ـدي معاهم عايزك تكوني حنينه عليهم الاتنين فيهم و.جـ.ـع يكفي العالم بحاله ولازم تطبطبي عليهم وتخلي قلبك كبير .
قلبت عينيها بحـ.ـز.ن بالغ وردت :
_غـ.ـصـ.ـب عني ردود افعالي بتغلبني لما بشوفهم قدامي كده حالتهم تصعب على الكافر .
وظلا يتناولان اطراف الحديث عن احوال بناتهم ،
فتحدثت فريده متسائلة باستنكار:
_طب وبالنسبه للست مريم اللي قاعده عندنا بقى اللي اكتر من شهرين هو ينفع كده يا ابو رحيم ؟
قطب جبينه ونطق باستفسار:
_انت عايزاني أطرد البـ.ـنت اليتيمة اللي جت احتمت بين حيطان البيت ده يافريدة ؟
أجابته بعملية:
_ طيب واحنا ذنبنا ايه في المشاكل دي ؟
وبعدين انا شايفه رحيم بيتعلق بيها كل يوم عن اليوم اللي قبله ولا انت عامل مش واخد بالك ؟
ضـ.ـر.ب بكلتا يديه وأجابها:
_والله انت بتشوفي حاجات انا ما باخدش بالي منها خالص ،
وفرضا يعني ان هو اتعلق بيها إيه المشكلة في كدة ؟
رفعت حاجبيها باستنكار ورددت:
_نعم! يتعلق بمين ويرتبط بمين ببـ.ـنت الملجا؟
والله ما يحصل ابدا انت جرى لك ايه يا جميل ؟!
نزلت كلمـ.ـا.تها على قلبه الصاعقه ولم يكن بحسبانه ان يكون تفكيرها بتلك العنصـ.ـر.ية وتحدث باستنكار:
_ ومالها بـ.ـنت الملجأ يافريدة !
بـ.ـنت مؤدبة ومحترمة ومتفوقة ورفضت الحـ.ـر.ام بالرغم إن مكانش حد هيلومها لو عملته .
أشارت بيديها أمام وجهه وأكملت:
_ كلامك علي عيني وراسي والبـ.ـنت أدب الدنيا فيها أنا عندي بنات وربنا يسهلها بس بعيد عن ابني ،
وتابعت حديثها بتصميم:
_ أنا ابني يتجوز بـ.ـنت عيلة ليها أصل وفصل مش تربية ملاجئ .
احتدm وجهه بغضب شـ.ـديد وردد بنصح :
_ “وأما اليتيم فلا تقهر ” وخلي بالك كما تدين تدان اعملي الخير مع البـ.ـنت دي وربنا هيرده لك في بناتك إللي كل واحدة فيهم مشكلتها عايزة حلال العقود .
نطقت بتسرع:
_ أنا أه أعطف عليها ، أعمالها بما يرضي الله ،
أبتسم في وشها دايما ،
لكن تبقي تربية ملاجئ وتتجوز الدكتور رحيم لا ممكن أبدا.
كانت سعيدة بـ.ـنتيجتها في الترم الأول وتوجهت الي داخل الفيلا كي تخبرهم بفرحتها وإذا بها تنصدm حينما سمعت حديث فريدة تردد داخل أذنها بل انحفر بجـ.ـر.ح عميق داخل قلبها وتلقائيا هبط دmع العين أنينا وكأنها دmـ.ـو.ع نار علي وجه تلك البريئة .
_______________________________
في نفس اليوم عادت راندا إلي منزلها كي تمكث به هي وأبنائها بعد أن أخبرت مهاب أن يترك لهم المنزل ،
كانت سما جالسة تتصفح الهاتف بشرود ،
ومهاب بدأ بالحديث مع والدته قائلا:
_ مـ.ـا.تسامحي بابا بقي ياماما وتنسي إللي فات وهو راجع نـ.ـد.مان علي إللي عمله .
اعتزلت من جلستها وواجهته بعيون حمراء الغضب اشتعل داخلهما ونطقت باستنكار:
_ أسامح ايه يا مهاب!
ده انتو أول الشاهدين معايا علي إللي عمله فيا ،
واسترسلت ودmع العين أوشك علي الهبوط :
_ ومش بس كدة ده أنتم أكتر ناس شاهدين علي العمر إللي راح وأنا كنت أب وأم وكتف بيسند هنا وهناك .
احتضنها مهاب بين ذراعيه وقبل رأسها وتحدث وهو يمسح على شعرها بحنان:
_ ومين يقدر في يوم ينسي إنك كنتي أحسن أم وأحسن ست في الدنيا،
ومين يقدر ينكر تعبك معانا ومعاناتك سنين عمر كامل ومتهاونتيش في لحظة حب ونصيحة وعطاء ياأمي ،
محدش أبدا ينكر ،
واستطرد حديثه وهو يمسكها من كتفيها متعمداً النظر داخل عينيها مرددا بحرقة:
_ بس ده بابا برده ياأمي إللي شقي سنين عمره واتغرب علشان يعيشنا مستوي أفضل،
عاش عمره كله بعيد عننا وكنت دايما بشوف في عينيه نظرة الاشتياق لينا في إنه حابب يبقي جمبنا وإحنا بينا مسافات ملهاش عدد ،
إنتي طول عمر قلبك طيب يا أمي سامحي المرة دي واغفري ده رب العباد اللي خلقنا غفور رحيم .
انتفضت من مكانها كمن لدغها عقرب وهتفت بفحيح:
_ وحياة قلبي الطيب إللي كان سبب في سذاجتي وخيانتي ماهسامح ولا هغفر ،
واعمل حسابك إنت وأختك ملكوش علاقة بيه تاني ياتختارو يا أنا ياهو .
كانت سما ابنة الخمسة عشر أعوام وصل إلي مسامعها حديثهم وفضلت السكوت ولكن استفزها مقارنة والدتها وأجابت بحـ.ـز.ن:
_ هو ينفع الإنسان يختار بين روحه وروحه برده ياماما ،
إنتي النفس وباب النبض ، إنتي العشق وبابا قلبه ،
إنتي الحياة وبابا عمرها كله ،
لا ياماما إنتي كدة بتحطينا قدام اختيار مدmر مش هيخلينا نعرف نعيش .
تشنجت عضلات وجهها واهتز جسدها برعشة وأصبحت تحرك يداها بلا منطق وتحدثت وهي تهذي بكلمـ.ـا.ت تدmي لها القلوب:
_ يعني عايزيني بعد ما شفته في أحضان واحدة تانية أسامحه وأقول له تعالي بالأحضان لراندا اللي سامحتك بكل بساطة علشان خاطر أنانية ولادها ،
عايزني أداوي قلبي إللي انكوي بجـ.ـر.ح عمره ماهيخف بإني أدخل حياتي تاني اللي غرس سكينته إللي كوتني وحرقتني بجـ.ـر.ح هيفضل ينزف لحد ما أمـ.ـو.ت وأبقي عادي كدة .
وتابعت وهي تعطيهم ظهرها بوعيد :
_ والله ماهيحصل أبدا ياولاد عمري اللي أفنيته تحت رجليكم وبين إيديكم ،
ألقت كلمـ.ـا.تها وتركتهم وانسحبت الي غرفتها والبكاء أصبح عنوان حياتها.
_________________________________
ذهب مالك إلي المصنع كي يتابع ماحدث فيه طيلة الشهر الذي مكثه مغادرا البلاد وصديقه المقرب أمامه قائلا بمشاغبة:
_ أيوة ياعم ناس تروح روما علي إنها هتشتغل وفي الأخر ترجع بغزال إيطالي يرجعها عشرين سنة لورا .
ضحك بصوت عالي علي مشاغبة صديقه وردد بتوضيح:
_ بالله عليك ياشيخ لاتسكت أنا مش ناقص قرك ده أنا إللي فيا مكفيني من إللي شفته من السفرية دي .
اندهش صديقه وتسائل مستسفسرا:
_ ليه إيه اللي حصل لك هناك طمني .
تنهد بتعب وقص عليه جميع ماحدث من الألف للياء ،
ثم تحدث بعد تفكير مردفا باستنكار:
_ يانهار أبيض وملهوش معالم ده مين الجبروت إللي يقدر يعمل معاك العملة السودة دي ؟
أرجع رأسه للخلف وأغمض عينيه بتعب مرددا:
_ مش عارف وعايز أقول لك إني مش عايز اعرف علشان لو اتضح لي مين إللي عمل كدة هتقلب جحيم وأنا مش هقدر أستحمله .
انزعج صديقه وهتف بضيق:
_ بس لازم تعرف يامالك مش يمكن اللي عمل كدة يرجع يكرر عمايله تاني ؟
تنهد بحـ.ـز.ن وأجابه :
_ ممكن جدا علشان كدة هركب كاميرات مراقبه في الفيلا كلها وعلي نظام ومستوي عالي جداً وإللي منبشتش عليه عليه علشان متو.جـ.ـعش ولا أو.جـ.ـع الغاليين هيجي لي لحد حد عندي وبالدليل وساعتها يبقي هو الجاني علي نفسه.
تحدث يطرح رأيه شارحا:
_ تمام أنا أعرف مهندس شاطر جدا يعمل لك الحوار ده بتقنية عالية جدا،
واستطرد قائلاً:
_ بس طبعاً هنعمل الموضوع ده في منتهي السرية ومحدش هيدري بيه علشان خاطر تعرف مين .
تحدث وهو مغمض العينين ناطقاً بهدوء:
_ لا الكل هيعرف باللي هعمله ومش هتبقي سرية ولا حاجة .
قطب جبينه وتحدث باستغراب:
_ ده إللي هو ازاي يعني ؟
قام من مكانه وذهب ناحية النافذة وأجابه بروح منهكة:
_ زي مابقول لك كدة أنا كل إللي يهمني دفع الضرر أما إني أعرف اللي ضرني ساعتها مش هرتاح وعلشان كدة مش عايز ياعلي علشان أنا متأكد ان إللي عملها مني ويخصني بالجـ.ـا.مد وعلشان خاطر أمي أستحمل أي حاجة.
تحدث علي قائلا بإطراء:
_ والله يبني انت مفيش منك ولا هتتكرر تاني ياصديقي ،
ربنا يريح قلبك وبالك يارب ،
وتابع حديثه بتذكير :
_ أه صحيح مش أنا وصلت لأكونت ريما وعرفت إيه إللي خلاها متبعتش ومتردش .
ركز انتباهه وسأل :
_ طيب ولقيت ايه يابني ؟
أخذ نفسا عميقا وأجاب:
_ قافلة الأكونت وعرفت من التعليقات إن جوزها مـ.ـا.ت وعلشان كدة منعزلة عن العالم كله.
حـ.ـز.ن لأجلها جدا وأشاد:
_ طيب ابعتي لي رقمها علشان أبعت لها تعزية واجب لما تفتح تستلمها .
أعطاه الرقم وظلا يتحدثان عن العمل وأحواله الي أن مر الوقت .
________________________________
يجلس شريدا وحيداً ويبدو علي وجهه علامـ.ـا.ت الضيق ،
خلل شعره بأنامله بعد أن فرك وجهه وأخيراً أخذ القرار وعزم علي تنفيذه هو فعل كل مابوسعه ولا طاقة للصبر بعد ذاك ،
أمسك هاتفه وانتظر الرد وعزم علي التنفيذ وما إن أتاه صوتها حزينا ،
نعم أحس بمدي حـ.ـز.نها من نبرة صوتها التي اخترقت قلبه وود أن يتراجع لكنه تفوه بما في داخله جملة واحدة :
_ عارف إني ظلمتك معايا وعارف إن أنا الغلطان في كل حاجة من البداية للنهاية لكن أنا عملت إللي أقدر عليه ،
واسترسل وهو يخرج الكلمـ.ـا.ت من فمه بصعوبه:
_ أنا أسف ياحبيبتي انتي طالق .
قال كلمته الأخيرة وشعر بها وهي تبكي بغزارة وحرقة قلب ،
ود لو يذهب إليها ويأخذها بين أحضانه ويطمئن روحها ،
ود لو يعود الزمان يوما ماكان اقترف ماحدث فهو الأن تدmر هو وكلتاهما والقلوب أصبحت تشتعل نارا ودقاتها تنطق فراقا ، ألما ، وأنينا .
↚القوة الحقيقية هي تلك التي تستمدها من نفسك لا من الآخرين،
لو لم تكن قويًا، فلن يقويك أحد سوى الله ثم نفسك،
ولتعلموا لا تدري لعل الله يحدِث بعد ذلك أمرا.
كمية طمأنينة بالآية عجيبة، وكأنها تؤكد لك أن الله قادر على قلب الموازين بأي شكل وفي لحظة قد لا تتوقعها، فاصبر لأن الله من أسمائه المعطي يهبك ويعطيك ما لا تتوقعه وما لا يتصوره عقلك،
وتذكر دائما أن الله إذا أعطى أدهش، واعلم أن في النفس حاجات دواؤها القرب مع الله، وفي القلب وحشة أمانها اليقين به ، فكل ما نحتاجه هو هين لا يـنقص شيئا من ملك الله، نثق بلطف اختياره، وجميل تدبيره، إن شاء أعطى بكرمه، وإن شاء منع بحكمته فله الحمد على كل حال .
نطقت بتسرع:
_ أنا أه أعطف عليها ، أعمالها بما يرضي الله ،
أبتسم في وشها دايما ،
لكن تبقي تربية ملاجئ وتتجوز الدكتور رحيم لا ممكن أبدا.
كانت سعيدة بـ.ـنتيجتها في الترم الأول وقصدت الي داخل الفيلا كي تخبرهم بفرحتها وإذا بها تنصدm حينما سمعت حديث فريدة وتردد داخل أذنها بل انحفر بجـ.ـر.ح عميق داخل قلبها وتلقائيا هبط دmع العين أنينا وكأنها دmـ.ـو.ع نار علي وجه تلك البريئة ،
والتي لم تتحمل كلمـ.ـا.تها الشـ.ـديدة حتي سمعوا ارتطام جسدها بالأرض ووقعت مغشياً عليها ،
انخلعت قلوبهم ونظروا ورائهم من بعيد رأوا تلك المسكينة في عالم أخر ،
هرولوا إليها مسرعين ثم نظر جميل الى زوجته آمرا اياها:
_اتفضلي ارفعيها من الأرض وحاولي تفوقيها لأني ما ينفعش ألمسها .
فعلت مثل ما أمرها ولكن نظرت اليه باستغراب ورددت:
_ليه يا جميل ده من دور بناتك ما تحبكهاش قوي كده .
رفع حاجبيه باندهاش من سؤالها وهتف باستنكار:
_مش علشان من دور بناتي يحل لي ألمسها واستحلها وهي غايبة عن الوعي الحلال بين والحـ.ـر.ام بين يا فريدة ، وبعدين ده مش وقت كلام اتفضلي فوقيها .
اما هو فنثر على وجهها بعض من قطرات المياه وظلت فريدة تحاول افاقتها وهي تضع يدها تحت رقبتها والأخرى تدلك بها عضلات أنفها ووجهها الى ان افاقت وعينيها استقرت داخل عيون فريدة بلوم وعتاب ،
ابتسم جميل وردد:
_الف سلامه عليك يا بـ.ـنتي خضتينا عليكي ووقعتي قلبنا في رجلينا .
استنتجا جميل وفريدة انها استمعت إليهم من نظراتها لفريدة والتي ما ان استمعت إلي توبيخها سقطت مغشيا عليها ولم تتحمل كلمـ.ـا.تها ،
أسندتها فريدة ودلفت بها إلى الداخل وذهب جميل واحضر لها كأسا من العصير الطازج وناولها اياه،
لم تريد ان تاخذه منه وهتفت بتعب :
_تسلم ايدك يا عمو بس حقيقي انا مش عايزه اشرب .
نظر لها بعتاب ومط شفتيه كالأطفال على سبيل المداعبة وتحدث مصطنعا الحـ.ـز.ن :
_بقى كده تكسفي ايد عمك جميل اللي عمل لك العصير بنفسه اتفضلي اشربي يا بـ.ـنت عيب .
لم تريد اخراجه وتناولت الكأس وارتشفت قليلاً منه ثم وضعته على المنضدة أمامها الا أنه اصر على ان ترتشفه فاضطرت ان تكمله ،
هي تقنط معهم اكثر من شهرين وتتناول القليل من الطعام فهي عزيزه النفس جدا ،
وحين استمعت الى كلام فريده احست انها دخيله عليهم ثم استجمعت قواها وتحدثت بشجاعة مغلفة بالتـ.ـو.تر:
_ انا عارفه يا طنط اني وجودي مضايقك هنا وبصراحه انتوا استحملتوني شهرين بحالهم محدش يعمل كده غيركم ،
ما تقلقيش انا هاخد حاجتي وهرجع للدار تاني وهبعد عن رحيم تماما ,
واسترسلت وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة:
_انتي عندك حق ان هو ما يتجوزش بـ.ـنت ملاجئ انا اصلا مش هرضي له كده .
احست فريدة بمدى غشمها في الحديث الذي أوصل تلك المسكينة اليتيمة لتلك الحالة البائسة ولم تستطيع الرد او النطق ،
فهتف جميل بنبرة فخورية إطرائية كي يجبر خاطرها المكـ.ـسور :
_والله يا بـ.ـنتي فريدة ما تقصدش دي بتحبك جدا بس هي راندا وريم مخليينها مش على بعضها وبتقول اي كلام وخلاص ،
ثم تابع حديثه وهو ينظر الى زوجته بعيون لائمة موجها لها السؤال :
_ مش كدة ولا إيه يافريدة ؟
أحست بغضبه الشـ.ـديد فأكدت كلامه بتـ.ـو.تر :
_ أه طبعاً يابـ.ـنتي معلش متزعليش مني ،
أنا بعتبرك في منزلة ريم وراندا بالظبط .
ابتلعت مريم غصتها بمرارة وأردفت بإبانة :
_ لا ياطنط أنا ولا زي ريم ولا راندا بالنسبة لك أنا مريم بـ.ـنت الملجأ واللي متصحش تبقي حرم الدكتور رحيم المالكي ،
واسترسلت وهي تبكي بنحيب يدmي القلوب :
_ أنا والله العظيم عارفة حجمي وقدري كويس ،
عارفة إني هعيش وهمـ.ـو.ت أتعاير إني منفعش أعيش عيشة سوية وأحب وأتحب زي أي بـ.ـنت ،
علت شهقاتها وضـ.ـر.بت علي صدرها وأكملت نحيبها:
_ بس أعمل إيه ياطنط في قلبي إللي حب اللي مش ليه ،
وفي عيني إللي بصت على الأعلي منها غـ.ـصـ.ـب عنها ،
وفي روحي إللي ارتبطت بروحه اجبـ.ـارا عنها لما شافت رجولته وجدعنته،
غـ.ـصـ.ـب عني حبيته وغـ.ـصـ.ـب عني اتمنيته .
كان في تلك اللحظة يدلف إلي الداخل واستمع إلي الحوار من بدايته وما إن رأي شهقاتها المتعالية التي أدmت قلبه ،
واعترافها الذي جعل قلبه يكاد يقفز من بين ضلوعه ،
أسرع خطواته إليهم وتحدث مباشرة إياها وكأنها الوحيدة الموجودة في ذاك المكان ،
ونظر بوله وعشق جارف وأشاد :
_ لا يا عمري متبكيش دmـ.ـو.عك غاليين أووي يامريم ،
قبل ماقلبك يعشقني كان قلبي فاتح لك أبوابه وسبق قلبك ،
قبل ماروحك تتعلق بروحي كنت هايم في ملكوتك وروحي سكنت بين إيديكي .
رفعت عيونها المغشية بالدmـ.ـو.ع وتحدثت بفقدان أمل :
_ مبقاش ينفع يارحيم اننا نكمل علاقة غلط بدأناها ولازم الفراق المحتوم .
وقف قبالاتها ودقات قلبه تدق بعنف شـ.ـديد حينما استمع لكلمة الفراق :
_ ورب الكون كله ماهفارق ولا هبعد ولا هتخلي يامريم ،
وعهد عليا وثقيه ضمن العهود إن مريم لرحيم ورحيم لمريم .
ثم نظر إلي أبيه ناطقاً باستئذان:
_ بعد إذنك يابابا حضرتك وماما طلبتوا مني كتير إني أرتبط وأنا خلاص لقيت نصي التاني إللي يكملني وإللي أنا محتاجه ،
تنهد بثقل وتابع وهو ينظر إليها بعشق :
_ أنا عايز أتجوز مريم ويزدني الشرف كمان إنها تبقي مراتي ولو مكانتش مريم مش هتكون غيرها .
انتفضت فريدة وهتفت بغضب :
_ وأنا بالنسبة لك إيه ! هوا يارحيم مليش حق عليك ولا كلمة ولا ليا حق إني أختار معاك شريكة عمرك .
كاد أن يتحدث إلا أن جميل أشار إليه أن يصمت وأجابها بديلاً عنه :
_ مين قال يافريدة كدة إنك هوا !
إنتي كلمتك هنا مسموعة ومعتبرة بس هو ليه كل الحق إنه يختار شريكة حياته إللي هتعيش معاه .
بائت علامـ.ـا.ت الغضب تعلوا وجهها وهتفت بحدة دون أن تراعي مشاعر تلك المسكينة:
_ بس أنا بردو أمه ومن حقي لما يختار وأشوف اختياره مش مناسب أقف قدامه وأمنعه ،
واسترسلت وهي تعطيهم ظهرها ناطقة بقسوة:
_ والجوازة دي مش مناسبة من جميع المقاييس .
أخذت مريم نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وحملت حقيبتها وقالت بشموخ :
_ عندك حق ياطنط موقفك كأم لاملامة عليه ،
وأنا موقفي كضيف هنا حيطان البيت ده احتوتني وأوتني في أشـ.ـد لحظات ضعفي إللي كنت ممكن أمـ.ـو.ت فيها أشكرك وأقول لك جميلك علي راسي من فوق ،
أما عن موقفي كأنثي وبـ.ـنت اتولدت في ظروف ملهاش ذنب فيها أقول لك إني شايفة نفسي إلي حد ما ناضلت لأني أبقي سوية محترمة ،
وأكملت وهي تشير إلي رحيم بامتنان:
_ أينعم ربنا بعت لي فضله في دكتور رحيم وكان من ضمن أسباب نجاتي بس بردو حافظت وهحافظ وهعافر علي وجودي في الحياة وحقي إني أبقي أنا أبقي مريم .
أنهت كلمـ.ـا.تها وكادت أن تغادر إلا أن جميل ورحيم اعترضوا طريقها مرددين :
_ رايحة فين يامريم لو سمحتي استني .
نظرت إليهم وردت بتأكيد:
_ هرجع الملجأ إللي احتواني العمر كله بدون مانجـ.ـر.ح .
شعر بروحها المنهكة وكلمـ.ـا.تها التي غرزتها في صدره ونطق وهو يبتلع حلقه بصعوبه:
_ مينفعش يامريم إنتي لسه في خطر ومشكلتك متحلتش اهدي واقعدي المهندس نادر جاي بالليل علشان هيقولك لنا علي خطوات نعملها علشان نقدر نمسك دليل علي القذرة دي .
أما جميل أكمل حديث ابنه بنصح:
_ يابـ.ـنتي ملكيش دعوه بفريدة وكلامها واقعدي استهدي بالله لأنك أكيد متراقبة من الزفتة دي .
وحاولوا معها مرارا وتكرارا إلي أن هدأت ورددت :
_ تمام ياأنكل هقعد لأني مينفعش حضرتك تبقي متمسك لحمايتي كدة وأرفص النعمة ،
بس هاكل وهشرب لوحدي في الملحق.
هتف رحيم باستعجال:
_ منين يامريم وانتي المصاريف إللي بتقبضيها تبع الدار ممشياكي بالعافـ.ـية.
أحست بنغزة في قلبها هو لم يقصد مـ.ـا.تفوه به لكنها شعرت بمدي ضئالتها أمامهم وأكدت بتصميم:
_ هاكل عيش وملح يادكتور ، عن إذنكم .
تفوهت كلمـ.ـا.تها وهرولت إلي الخارج بدmـ.ـو.ع تنهمر بغزارة وحرقة قلب ،
أما رحيم نظر إلي والدته نظرة عتاب طويلة وصعد إلي غرفته حزينا ولأول مرة يشعر مرارة إحتمال الفقدان ،
إنه حقا شعوراً مريبا محطما للإنسان.
__________________________________
في أحد المطاعم يجلس مالك على طاولة العشاء وحوله مجموعة من اصحاب الأتيليهات المشهورة وحضرت معه جوليا كعشاء عمل،
أثناء انشغال الجميع بالتحدث عن التعامل مع العصر في عالم الأزياء جاء من الخلف واحداً من صاحب اكبر المصانع التي تنافس مالك ملقيا التحيه على الجميع ثم وجه حديثه الى جوليا عارضا عليها بعد أن مد يده وصافحها:
_مصر منوره بوجودك يابرنسيس شفتك وانا قاعد مع اصحابي قلت لازم اجي اسلم عليكي من الواجب طبعا ،
واسترسل وهو يمد يده اليها:
_تسمحي لي بالرقصة دي واكون ممنون جدا .
ابتسمت جوليا وردت على سلامه بكل ذوق:
_بشكرك على ذوقك جداً يا مسيو هاشم ،
فهي تعرفه جيدا ثم قامت من مكانها وهي تلبي دعوته وتمد يدها الى يديه قائله:
_ طبعا حابة جدا .
سحبها الى ساحة الرقص وهي تمشي جانبه بابتسامة هادئة وهي في منتهى الرقة والأناقة،
امسكها من خصرها وانـ.ـد.مجا في رقصتهم،
فبالنسبه لها من الطبيعي جدا في عشاء العمل ان يعرض عليها احدهم بالرقص ومن طبيعة نشأتها ليس لديها اي مانع ،
اما ذلك المالك يجلس يستشيط غضبا وغيرةً من تلك الجوليا التي لأول مره تختبر رجولته ،
أحس بنار تشتعل في جسده كلما نظر اليهما وحدث حاله بغضب :
_ماذا بك ايها المالك انها طبيعة نشأتها والتي لابد ان تعتاد عليها ،
اهدأ ولا تبالي كي لا يصبح شأنكما أمام الجميع بيانا ،
ولكن كيف أن أهدأ انها لثورة غضب عارمة اشتعلت في صدري وانا لن اتحمل ،
كيف يطوقها ويقترب منها بهذا الشكل ،
شعر بأنه على وشك فقدان عقله حمل مفاتحه وهاتفه وغادر المكان على الفور قبل ان تشتعل الغيرة ويصنع تصرفا لا يليق بمكانته ولا مكانتها ،
خرج من المكان وهو يشعر بالاختناق الشـ.ـديد لاحظت جوليا خروجه وعلى وجهه علامـ.ـا.ت الغضب الشـ.ـديد فاعتذرت من الماكث في أحضانها وحملت حقيبتها واتبعته بسرعة،
وجدته يقف أمام سيارته وعلامـ.ـا.ت الوجوم على وجهه،
اشارت اليه ان ينتظرها قبل ان يغادر،
اما هو عنـ.ـد.ما رأى قدومها ركب سيارته وتبعته هي وصعدت السيارة بجانبه وهي تنظر له مردفة بتعجب:
_ممكن اعرف ايه اللي حصل خلاك تخرج من غير ما تقول لي وتسيبني مع انك جاي معايا اظن ده تصرف مش لطيف منك خالص ؟
نظر لها بمقلتين تشتعل غضبا وردد باستنكار:
_يعني عملتى اللي عملتيه وكمان جايه تجيبي الغلط عليا انا؟
رفعت حاجبها باندهاش :
_ هو انا عملت ايه لده كله علشان غضبك الشـ.ـديد ده اللي باين على وشك انا حقيقي مش فاهمه ؟
ضـ.ـر.ب بمقود السيارة ونظر اليها ملقيا حديثه اللاذع :
_فيها انك لما تكوني مخطوبة لمالك الجوهري ما ينفعش تقومي ترقصي مع راجـ.ـل غريب عنك ولا حتى لما يسلم عليكي تمدي له ايدك ،
وتابع باستنكار:
_ده انا اللي هو خطيبك ما بسلمش عليكي بالإيد وبستحرمها على نفسي وفي الآخر تيجي انتي وتعمليها .
ما كانت تتوقع ولا يأتي بمخيلتها ان يكون تفكيره كهكذا ورددت باندهاش:
_والله انت عارف طبيعة شغلنا وعارف طبيعة تربيتي الغربية ،
ثم إنك عارف اني متفتحة وأول مره احس منك بالطريقة دي وبالكلام ده !
حاول تهدئة حاله وتحدث شارحا اياها:
_شوفي يا جوليا هتكلم معاكي بكل صراحة طبيعتك المتفتحة ما تمشيش مع شخصيتي تماما انا شفت فيكي زوجة حنونة وطيبه وموضوع اللبس والانفتاح لما تبقي مراتي ومكتوبه على اسمي هيبقى موضوع تاني خالص ،
واسترسل بإبانة:
_اما انك تسلمي على راجـ.ـل او ترقصي معاه ده مرفوض بالنسبة لي رفض تام انا راجـ.ـل بغير جدا على اللي مني وإنتي بقيتي مني .
على رغم غضبي الشـ.ـديد وطريقته الفظه الا انها عشقت تحكمه كما تسمى واحست بالغيرة عليها وهذا النوع لم تجربه قبل ذاك ،
وردت بطاعة وهي تنظر له بفخر :
_عارف رغم ان طريقتك شـ.ـديدة وجافة جدا معايا وانت بتطلب مني حاجات جديده عليا والمفروض تبقى اهدى من كده لكن هرد عليك بحاجة واحدة بس حاضر يا قلبي سلام بالايد مش هسلم تاني ولا رقص مع حد واي حاجه تحس انها بتضايقك يسعدني جدا غيرتك عليا .
مجرد ان نطقت الموافقة بدون اي نقاش احس بالارتياح وتحدث شارحا:
_لازم ت عـ.ـر.في يا جوليا ان انا راجـ.ـل شرقي جدا ولازم تحفظي طباعي علشان خاطر نقدر نكمل مع بعض لاني بجد مش عايز اخسرك .
ابتسمت بهيام وسألته عن قصد:
_ بتحبني للدرجة دي يامالك ؟
لما استمع إلي استفسارها ورأي نظرة عينيها اللامعة بالحب أجابها وهو يبتلع غصته بتـ.ـو.تر:
_ لو مش عايزك ايه إللي هيخليني أرتبط بيكي بس .
لم يعجبها رده وأعادت السؤال مرة أخري :
_ أنا سؤالي واضح بتحبني زي مانا بحبك كدة ؟
تلك المرة نظرة عينيها تختلف فيها إحساس بالضياع فأجابها :
_ طبعا ياجوليا ،
مالك بس في ايه النهارده؟
لم ينطقها ولم يتفوه بحروفها مما أحـ.ـز.نها كثيراً وهتفت بشرود :
_ لأ مفيش حاجه ممكن نروح لأني حاسة بالتعب والارهاق شوية .
أشار برأسه بموافقة وأردف بابتسامة هادئة:
_ طبعاً ياقمر يالا نمشي .
وقاد السيارة قاصداً الفندق الذي تمكث به وعقله يجوب بالتفكير عن ماحدث اليوم والذي نما عن عدm ارتياحه .
_________________________________
في منزل باهر الجمال يجلس مثلث الشر يتفوهون غيبة عن تلك الريم فتحدثت اعتماد بغل :
_وبعدين يا زاهر هنعمل ايه في اللي تنشك اللي خرجت هي وولاد ابني اجبـ.ـارا عني وخلت قلبي مولع وشايط وقاعده مش طايقه نفسي .
تحدثت هند بنبرة ساخطة وهي تلوي فمها :
_طب ما تغور في 60 داهية يا ماما هي وجودها هنا في البيت اصلا ما ينفعش .
نظر اليها زاهر بغضب شـ.ـديد واردف بتحذير:
_وانتي مالك انتي بتدخلي في الموضوع ده ليه دي حاجه ما تخصكيش ما تتكلميش فيها نهائي .
اتكأت على جزعيها وأردفت بغل:
_شكلك زعلان كده يا ابو البنات على حبيبة القلب اللي سابت البيت غـ.ـصـ.ـب عنكم ما تجيبها على بلاطه وتقول انها حليت في عينيك يعني المفروض عندك بنات وتخاف عليهم من النظره الحـ.ـر.ام .
قام من مكانه بغضب وذهب إليها وهو يمسك يداها ويلويها خلف ظهرها بغضب:
_ انت بتقولي ايه يا بت انتي ده انتي هيتق.طع لك لسانك النهاردة ؟
سحبت يدها من بين يديه بعنف ونطقت وهي تجز على اسنانها بحده:
_امال عايزني اقول ايه وانا شايفه جوزي عينيه بتلمع لما تيجي سيره مرات اخوه الله يرحمه ده انا اقول واقول واقول .
اشارت اليهم اعتماد بكلتا يديها بغضب عارم واردفت بصوت عالي:
_جرى ايه منك ليها انتم مش محترمين وجودي خالص هتتخانقوا خدها واطلع على فوق وسيبني في البلوة اللي انا فيها طالما انت مش عارف تمسك نفسك قصاد غيرة الكونتيسة مراتك .
كادت هند ان تتحدث الا انها اسكتتها بإشارة منها فجلست وهي تهز قدmيها بغضب ،
اما زاهر توعد لها حينما يكونوا وحدهم ،
وتحدث الى والدته باستفسار:
_يعني عايزانا نعمل ايه يا امي احنا عملنا كل اللي علينا تهديد ووعيد ولين ومحايله وما قدرناش عليها في ايدينا ايه تاني نعمله وما عملناهوش ؟
قبضت علي معصمها بقوة وهدرت بصوتها المملؤ بالجبروت:
_لاوعيد ولا تهديد احنا هننفذ على طول وكفايه عليها كده بـ.ـنت المالكي اللي خدت ولاد ابني وخرجت من بيته وهي لسه في عدتها وحرقت قلبي عليهم .
تساءل باستفسار:
_تقصدي ايه يا ماما اللي هننفذه يا ريت توضيح اكتر؟
أجابته بحقد :
_انت تتصل على المحامي دلوقتي وتجيبه لي علشان خاطر هنرفع قضية اني اكون وصيه على ولاد ابني لأن امهم انسانة مش كويسة وهطعن في شرفها طالما ما جابتهاش من الاخر .
تحدثت هند بنصح:
_بس إنتي كده يا طنط هتسوأي سمعة ولاد ابنك وهم اول المضرورين من ورا اللي إنتي هتعمليه .
أجابتها بمكر الثعالب:
_ولاد ابني هيبقو رجـ.ـاله مش بنات يتخاف على سمعتهم وهي اللي بدات يبقى هي اللي تتحمل الطوفان اللي هفتحه عليها.
كانت هند تستمع اليهم ثم استاذنت المغادرة وصعدت الى شقتها وما إن دلفت حتي اندلعت ثورة الغضب من مقلتيها وحملت الهاتف وهاتفت صديقتها كي تفشي لها مايجعلها تتأكل نارا وحينما أتاها الرد انفجرت بما تشعر به وما حدث وفور انتهائها قالت :
_ إيه رأيك في إللي سمعتيه ده دليني أنا بحب نصيحتك ومشورتك .
حـ.ـز.نت صديقتها لأجل ريم جدا وردت بنبرة حزينة :
_ هما ايه جوزك وحمـ.ـا.تك دول شياطين في شكل بني ادmين !
ده الله يكون في عونها ريم والله العظيم منهم .
هتفت بحدة :
_ هو أنا مكلمامي علشان تقولي لي إنها صعبانة عليكي ده إنتي معندكيش ريحة الدm ياشيخة كل مرة أكلمك تحرقي دmي أكتر .
ضحكت صديقتها بشـ.ـدة وأردفت بهدوء:
_ شوفي بقي معندكيش غير حاجة واحدة بس هي إللي هتبقي في صالحك .
ركزت انتباهها وسألت :
_ طيب دليني بسرعة يابـ.ـنتي وأنا هعملها.
أملت عليها اقتراحها قائلة بنصح:
_ تتحدي معاها عليهم وتقفي صفها وساعتها هتضمني عدm وجودها في حياتك نهائي ،
ومهما يضغطوا عليها لو سوأوا سمعتها احتمال كبير يتحكم لهم بالولاية علي الأولاد ،
وريم يستحيل تسيب اولادها يبعدوا عنها وفي الاخر هترجع لهم وهترضى وهتبقى ضرتك .
حينما استمعت الى رجوعها وانها ستكون ضرتها غلا الدm في عروقها وهتفت باستنكار:
_ده لو حصل والله لا ههد المعبد على اللي فيه وهتبقي مجزرة .
هدأتها صديقتها مردفة بإرشاد:
_شوفي بقى سيبيكي من الطالعه الكـ.ـد.ابه دي ولازم تحلي الموقف بهدوء وتتعاملي معاهم ببرود متناهي وحاجه واحده بس اللي هتفسد عليهم خطتهم هي انك تشهدي معاها في المحكمة انهم مفتريين عليها وانها طول عمرها محترمه وبـ.ـنت ناس وصدقيني يا هند لو عملتي كده ربنا هيرده لك في بناتك لإنك هتشهدي الحق .
رفعت شفتيها باستنكار وتحدثت برفض:
_ازاي اعمل كده ده زاهر يطـ.ـلقني فيها والولية حمـ.ـا.تي مش هتسكت وهتقلبها دmار على دmاغي .
أجابتها صديقتها بتوضيح :
_ أخرهم هيعملوا معاكي ايه مانتي كدة كدة عايشة دmك محروق منهم ،
ولو زاهر رمي عليكي اليمين أمه مش هتستحمل تقعد بالبنات شهر واحد وحتي لو فكر يتجوز غيرك عمرها مـ.ـا.ترضي تربي ٣ بنات ياحبيبتي ،
وطال الوقت أو قصر هيرجعك غـ.ـصـ.ـب عنه ياهند ،
أما بقي لو معملتيش إللي بقول لك عليه هتبقي ضرتك بإذن الله اعقليها ياهند وفكري فيها كويس جداً هتلاقي الحل بتاعي مناسب ليكي من جميع الجوانب وتقريبا هو الحل الوحيد واللي هتضـ.ـر.بي بيه عصفورين بحجر ،
هتنقذي سمعة الغلبانة دي ويترد لك في بناتك ،
وجوزك مايتجوزش عليكي وده إللي هيحرقك بنار مش هتستحمليها .
أحست بالانفجار الشـ.ـديد من طيلة التفكير وتنهدت بتعب لما تعيش به وقالت :
_ هفكر في إللي إنتي قلتيه وهحسبها وهشوف هقدر ولا لأ .
أما في شقة اعتماد بعد أن حضر المحامي وعرضوا عليه الأمر بالتفصيل حتي أجابهم يطمئنهم :
_ اطمني يا هانم القضية مضمونة وأنا ليا أسلوبي إللي هجيب لكم بيه الولاية علي الأطفال من أول جلستين
اطمئن قلب الاعتماد وارتشفت قهوتها بانتشاء وهي تردد بانتصار:
_ والله لو عملتها يامتر لاهحلي لك بقك وهبسطك انبساط مشفتهوش ولا هتشوفوا عمرك كله .
_________________________________
في شقة راندا المالكي سمعت رنين الباب وقامت تفتحه بروح منهكة أصبحت عليها ووجه شاحب ،
اعتلت دقات قلبها حينما رأته يقف أمامها بطلته الخاطفة لأنفاسها ،
ناظرا إلي عيناها عن قصد ونطقت شفتاه بعشق:
_ حشـ.ـتـ.ـيني و يا كل عمري وحشني حـ.ـضـ.ـنك وصوتك وحـ.ـشـ.ـتني ريحتك وقربك.
أذناها استمعت إلي كلامه كأنه يعـ.ـذ.ب علي الألحان ،
وقلبها بات يدق بعنف من نظرة عينيه اللامعة ويكاد يقفز ويستقر بين ضلوعه ،
ونطقت بلسان حالها بوله :
_ اهدأي تلك الدقات فأنا حائرة مسكينة مجروحة من هواه ،
اهدأ جسدي وتمهل فأنا ضائعة مشتتة محرومة من نظرة عيناه ،
اهدأ عقلي وعد إلي عهدك ولا تفقد صوابك بمجرد كلمـ.ـا.ت البلسم التي خرجت من شفتاه ،
عودي ياأنا وارسمي الجمود علي وجهك واثأري للعمر الذي ضاع وأنا أحيا علي لقياه .
كان واقفاً مستمتعا بنظرة الوله الذي يراها نابعة من نظرة عينيها ومن حركات جسدها فهي امرأته الأولي وعشقه الأبدي يحفظها عن ظهر قلب ،
أمسكها من كتفيها بهدوء واستغل حالة التيهة التي تعيشها وأدخلها وطرق الباب بهدوء ومازال نظره مثبت علي عينها بنفس الغرام والهيام ،
قائلا بنـ.ـد.م :
_ محبتش غيرك ياراندا ولا قلبي عشق وعاش عمري كله يهوى غير قلبك ،
ولحد دلوقتي شايف نظرة العشق ليا في عينيكي رغم الجفا إللي بتحاولي ترسميه علي ملامحك ،
واقترب منها وباغتها بقبلة من رأسها معتذرا بنـ.ـد.م وأخذها بين أحضانه يهدأ من روعها ويستنشق عبيرها الذي استوحشه كثيرا ،
ثم احتضن وجنتيها بكفيه وكاد أن يقترب من شفتيها كي ينسيها ويعودا معا إلي عهدها إلا أنها أفاقت من سحر اللحظة وابتعدت وهي تردد بحدة :
_ انت إيه إللي جابك هنا ؟
خلي بالك مهما تحاول مش هرجع وهنطلق .
أشار إلى قلبه مجيبا:
_ ده إللي جابني لحد وهيفضل يتحايل ويراضي ويطلب السماح ومش هيبعد عنك أبدا علشان بعدك يعني المـ.ـو.ت .
ضحكت باستهزاء وأردفت بسخرية:
_ ماهو طلع الكلام إللي كنت بتضحك علي عقلي بيه وأنا كنت زي الهبلة أوهام ،
خلاص يابشمهندس المريـ.ـض بتاعك اللي كنت بتخدره انتهت صلاحية المـ.ـخـ.ـد.ر وقلبه مـ.ـا.ت ومش هيسامح لو إيه حصل .
قطب جبينه وتحدث باعتراض:
_ إنتي عمرك ماكنتي كدة ،
أنا طلقتها وسيبتها وجت لك علشان إنتي الأولي والأخيرة لا إنتي الكل ياراندا أرجوكي عشرة عمرنا محتاجة فرصة تانية .
والته ظهرها وهتفت بكلمـ.ـا.ت استدعت غضبه:
_ مش لما تدوق من نفس الجـ.ـر.ح الأول وتعرف قد إيه بيكوي وساعتها تشوف هتعرف تسامح ولا لاء.
أمسكها بغضب متسائلا:
_ تقصدي ايه من كلامك ده إنتي اتجننتي ؟!
ضحكت بانتصار لما رأته من غضب بان علي معالم وجهه وتشنجات جسده وأجابته بقسوة:
_ أقصد إللي انت فهمته بالظبط.
جـ.ـر.حته وأهانت رجولته وردد بوجيعة :
مش هت عـ.ـر.في تكوني مع حد غيري .
أجابته بتأكيد وقوة امرأة مذبوحة:
_ وحياة اللي خلقني وخلانى جميلة والعيون كانت تجري ورايا مطرح ما رجلي تخطي وأنا كنت صايناك في غيبتك لأكون مع راجـ.ـل تتحاكي عنه اسكندرية بحالها ، راجـ.ـل يغطيني بحبه من طرف ضفري لشعر راسي اللي ماهتطول منه شعره تاني ، ولو فاكر انك شربت من ابريقي وفضيته فـ اعرف انه بيتملي تاني من عند اللي زيك بالظبط وأحسن منك ، بس ما هيتملي خير للحِلو قَبل ما يتملي لكَ سِم تشربه عن طيب خاطِر.
استدعت غضبه بكلمـ.ـا.تها القاسية ،
لا ورب الكون كلمة قسوة لاتصف معني كلمـ.ـا.تها ،
فهي تخطت القساوة بمراحل ووصلت لمنتهاها ووجد نفسها تلقائيا ينزل بكف يده علي وجهها بعنف مرددا:
_ ده أنا أدفنك حية قبل ما تعمليها ياراندا .
ألقي كلمـ.ـا.ته وخرج صافعا الباب خلفه بشـ.ـدة وتركها تنهمر دmـ.ـو.عا وألما من فعلته .
“لاتؤذي قلباً رقَّ لك يوماً ، فلحظات الوُدِّ لها عليك ألفُ حقٍّ وحق ”
“كلمـ.ـا.ت جلال الدين الرومي”
_________________________________
ليلا في فيلا جميل حضر المهندس نادر وتجمع الجميع حوله ريم التي تعرفت علي مريم وأحبتها ،
وجميل ورحيم وفريدة ، وقبل أن يتحدث جميل طلب نادر موبايل مريم وأغلقه تماما فجميل كان قد تحدث معه في الموضوع باختصار ، وبعدmا أغلقه طلب من جميل أن يتحدث ،
قص جميل عليه الموضوع من البداية للنهاية ،
تفهم نادر الحديث جيداً وردد بطمئنة:
_ اطمنوا ياجماعة الموضوع سهل جداً ومباحث الانترنت دلوقتي بقت شغالة كويس أووي ومش بتسمح لأي ابتزاز
واسترسل شارحا:
_ بس الموضوع محتاج خطوات بسيطة هنعملها وبإذن الله هجيب لك أخرها ومش هسيبها إلا وهي متكـ.ـلـ.ـبشة هي ودايرتها .
ثم تابع حديثه وهو يستفسر منها عن بعض الأشياء قائلا:
_ طيب ياأنسة مريم عايز منك رقمها إللي كانت بتكلمك منه ياتري موجود معاكي ؟
أجابته بتأكيد:
_ أيوة يابشمهندس ده أنا حفظاه عن ظهر قلب ،
أنهت إجابتها وناولته الرقم علي عجالة ،
ثم وجه حديثه إلي جميل :
_ طيب ياجماعة لازم نتفق علي حاجة مريم هتغير التليفون تماما وهتمسك موبايل جديد برقم جديد ميعرفهوش إلا الواثقين جداً منهم ده أولاً ،
وثانيا مش هنرمي التليفون القديم هيفضل معاها لكن هنعمل حاجة بسيطة هنحط لازقة علي الكاميرا الأمامية والخلفية وهنسيبه متهكر زي ماهو علشان تفتكر إن إنتي تحت قبضتها لسه ،
أنا هحاول بقدر الإمكان أوصل لأني أهكر موبايلها بالرقم ده بس يارب يطلع هو اللي هتتواصل معاكي منه ،
تساءل جميل:
_ وافرض غيرت الرقم يابني ؟
أجابه ببساطة:
_ هاخد من مريم أي رقم هتكلمها منه وهحاول أهكره ،
وكمان هشغل عندك خاصية التسجيل الصوتي علشان نقدر نمسك عليها دليل ،
وحاليا هعمل حاجة لو نفعت هيبقي كله تمام ،
طلب منها هاتفها ودخل على الرقم وفعل عدة أشياء وبعد تقريبا ربع ساعه صفق عالياً وهو يردد بابتسامة:
_ وقدرت أوصل لها وهكرت موبايلها ،
وتابع وهو يوجه حديثه إلي مريم :
_ شوفي بقي هعلمك شوية حاجات مهمة تعمليها لما تكلمك ،
وفي حاجة مهمة لما ترن عليكي شيلي اللاصقات إللي علي الكاميرا علشان تطمن ،
شرح لها ماذا تفعل بحرفية وهي فهمت منه بنفس الحرفية فهي تمتاز بالذكاء وسرعة البديهة ،
وبعد انتهاء الحديث معها وإخبـ.ـارها بماذا تفعل وجه حديثه إلي جميل كي يعلمه أمور هامة ،
وأصبحت هي تنظر للأسفل تارة وتنتبه لحديثهم تارة ،
كان رحيم في عالم أخر يقتنص النظرات الي معشوقته ولم يحيد النظر عنها ،
كان كل تركيزه فيما حدث اليوم من والدته وجـ.ـر.حها لها بتلك المعاملة الفظة ،
يشعر وكأن روحه تنسحب منه كلما تذكر أمر مغادرتها فهو تعود علي وجودها في نفس المكان حتي ولم يراها طيلة الوقت ،
يكفي أنه يشعر برائحتها تستنشقها أعماقه بمجرد دخوله إلى فيلتهم ،
وكانت هي مثله تقتنص النظرات له في الخفية وفي كل مرة يري خفيتها في النظر إليه ،
حدثتها عيونه بحـ.ـز.ن:
_ لاتحـ.ـز.ني حبيبتي فأنا أعشقك ولن أتركك للأوهام تبكيكي ،
فالعين نظرتها لكي والقلب نبضاته أنتي والعقل مأواه بين يديكي ،
دعكي عزيزتي ممن أحزونوكي وتعي إلي قلب سيتعـ.ـذ.ب من فراقك وحتماً سينتهي .
كانت تشعر به وكأن عشق الروح للروح وصل إليها فأجابته عيونها بتعب :
_ ليس ماأعيشه الآن من تمزيق روحي وما شعرت به من آلام أوهام كما سمـ.ـيـ.ـت رحيمي ،
فأنا الأنثي التي لا تستحق أن تحيا كالأسوياء ولا أن تعشق كالأحباء حبيبي ،
اذهب وابتعد رحيمي فطريقي مزين بالأشواك وعبيرها سيجعلك تختنق ممن حولك معشوقي ،
لا تقلق فأنت وهبتني القلب والروح والعقل وأنا وهبتك الكل وفوقهم عمري يامتيمي .
كانت ريم تنظر إليهم باندهاش شـ.ـديد ومن نظراتهم أحست بأنهم عاشقان حد النخاع وقررت أن تتحدث مع أخيها فيما بعد وتفهم منه ،
اثنان عاشقان يتعـ.ـذ.بان وهم علي حافة الهاوية من الفراق المدmر لكيانهم ولكن هل سيفرقهم القدر أم سيجمعهم الزمان والمكان في أي أوان؟
_________________________________
انقضي شهران بأكملهم تغيرت فيهم الأحوال مع أبطالنا جذرياً ،
فوالدة زاهر قامت برفع قضية علي ريم بضم الأولاد و.جـ.ـعل ولايتهم حقا لها والتشكيك في أخلاق والدتهم ووعدها المحامي اللعوب بأنه سيكسبها عن جدارة ،
ومريم ونادر تتابعان مع تلك الماكرة الشريرة وحاولوا الإيقاع بها وينقصهم تقديم بلاغ للنائب العام في سرية تامة ومعهم الأدلة ،
وفي خلال هذه المدة ابتعدت عن رحيم وحاول معها كثيراً ولكن لم تبدي محاولته نفعا فكانت حينما تقرر أن تلين تري نظرات عدm الرضا من فريدة لها فتبتعد مما سبب غضب عارم من ذاك الرحيم لها وتوعدها بأن ينتهوا من مشكلتها وسينتقم منها أشـ.ـد انتقام علي ابتعادها عنه وتحريمها له ،
وكما تواصلوا مع مديرة الدار وتعاونت معهم في الإيقاع بتلك الماكرة ولكن خـ.ـو.فاً عليها لم تعود إلي الدار ،
واجتهدت في دراساتها وعلي وشك الإمتحانات النصف الثاني للعام الأخير والذي تسعي جاهدة أن تحصل على أعلي الدرجات والفوز بمركز عالٍ كالمعتاد ،
أما عن راندا فسددت جميع الطرق علي إيهاب وموقفها عنيد بشـ.ـدة وعلي إصرار أن تنتهي من الموضوع وباتت في قوقعة حـ.ـز.نها وأولادها علي مشارف الضياع ،
أما عن بطلنا المالك للأخلاق فهو حقا اسم علي مسمي فاليوم أتم زواجه من جوليا وأوفي بوعده ،
ووالدته غير مقتنعة بتلك الزيجة ورأت أنه تسرع في زواجه من تلك الغربية التي لا تمت لعوائدهم بصلة ،
اتفق مالك معها علي ارتداء الحجاب ووافقت علي مضض لأنها تعشقه وأحبته من كل قلبها ،
انتهوا من مراسم الكتاب وأخذها وذهب إلي الساحل الشمالي كي يقضوا أول أسبوع زواجا لهم هناك فتحدثت جوليا وهي تشبك يداها بيده قائلة بعشق:
_ أنا مش مصدقه إن إحنا اتجوزنا بالسرعة دي وفي اقل من تلت شهور قد كدة بتحبني علشان كدة سرعت جوازنا يا مالك قلبي .
احتضن وجنتيها بين أصابعه وأجابها بابتسامة هادئة:
_ طبعاً ياقلبي متتصوريش أنا سعيد قد إيه بوجودك جنبي وانك بقيتي علي اسمي .
حاوطت رقبته بكلتا يديها وهتفت برجاء:
_ عمرك ماقلتها لي صريحة نفسي أسمعها منك يامالك ، نفسي أحسها وعيني تشوفها وهي طالعة من بين شفايفك.
ادعي عدm الفهم وتساءل بجبين مقطب:
_ هي إيه دي ياقلبي إللي نفسك تسمعيها.
_كلمة بحبك ياجوليا … قالتها بنبرة شجن وانتظرت رده .
خلل أصابع يده بين شعرها وأجابها وهو يتهرب منها:
_ أفعالي ما أثبتتلكيش معناها ياجوليا ،
كادت أن تتحدث وتعترض إلا أنه وضع أصابعه علي شفتيها مانعاً إياها أن تنطق ناطقاً بهدوء:
_ هششش مش عايزين نضيع الليلة إللي اتعجلناها علشان نبقي مع بعض في كلام علي الفاضي .
وأخذها بين أحضانه كي ينعما بالحلال الذي لن ولم يسلك مالك طريقاً سواه ،
كانت تشعر وهي بين يداه بأنها أنثي حقا فقد أذاقها طعم الحلال وكم كان مبهرا بين يدي رجل خلوق حنون في معاملته كمالك ،
بعد مدة قصيرة قام من جانبها منزعجا وينظر إليها بغضب وهو يسحب التيشيرت الخاص به ويذهب الي الشرفة يجلس فيها بغضب عارم ،
اندهشت من فعلته ومن نظراته المتحوله فقد كانت بين يديه منذ لحظات تحيا أسعد اللحظات وفجأة حدث ماحدث ،
قامت علي الفور وهي ترتدي المعطف الخاص بها ولحقته إلي مكانه متسائلة باستغراب:
_ ممكن أعرف إيه اللي حصل خلاك تقوم من حـ.ـضـ.ـني بالطريقه المهينة دي ؟
لو كانت النظرات تقــ,تــل لقــ,تــلها بنظراته وتفوه غاضباً:
_ إنتي إزاي ياهانم تخدعيني بالشكل ده ؟
لوت فمها بدهشه وأجابت باستنكار:
_ أخدعك ! يعني ايه مش فاهمه ؟
↚انتهت من محاضرتها وخرجت من الجامعه وجدت السياره التي اتفق معها جميل توصلها ذهابا وايابا من الجامعه لقلقه الشـ.ـديد عليها والإتفاق معه ان يمشي في اماكن عامه ،
وصلت الى الفيلا متوجهه الى المكان الذي تمكث به دون ان يحيد نظرها يمينا او يسارا ،
واذا بها تتفاجأ بيد تسحبها بسرعه رهيبه الى الجهه الخلفيه من الحديقه،
شـ.ـدت يديها بعنف وهي تشيد بعينين غاضبتين:
_انت ازاي يا دكتور تتجرا تمسك ايدي وتجرني بالشكل ده انت جرى لك حاجه ؟
التقط أنفاسه ونظر اليها مرددا بغرام :
_قلب الدكتور وروحه مش حـ.ـر.ام عليكي اللي انتي بتعمليه فيا ده ؟
اهتزت من نظرته وقلبها بات يدق من طريقته ووجهت بصرها للاسفل واجابته بتـ.ـو.تر:
_هو انا عملت ايه يعني علشان تشـ.ـدني بالمنظر ده؟
كان ينظر اليها وكأنه يحفر معالم وجهها الذي استوحشه كثيرا ،
ويسمع كلمـ.ـا.تها ويدونها في قلبه وكأن حرمانه من كلامها الموجه اليه بات مفقودا وهتف بلوع:
_هنت عليكي تسيبيني شهرين بحالهم ولا كلام ولا سؤال ولا بتردي على التليفون ولما بترجعي من الجامعه ما بتخرجيش من الأوضه بتاعتك خالص،
وتابع بعتاب:
_ قد كدة رحيم مبقاش فارق معاكي ،
أنا بتعـ.ـذ.ب يامريم وقلبي مش متحمل جفاكي .
ابتلعت غصتها بمرارة وأردفت بقلة حيلة:
_ لو تعرف قد ايه إحساسك ده ميجيش نقطة في بحر من إحساسي ،
واسترسلت حديثها ودmـ.ـو.ع عينيها بدأت بالنزول:
_ طيب انت بتدخل بيتك بتقعد وسط أخواتك ووسط عيلتك بينسوك مريم شوية ،
أما أنا بدخل بين حيطان المكان ده بقاسي وحدي وبمسح دmع عيني لنفسي وبداوي وبطبطب علي قلبي لنفسي ،
صدقني لو قلت لك شعور اليُتم قد إيه قاسي ومو.جـ.ـع مش هتتصور ،
وضيف عليهم شعور الوحدة وشعور الخـ.ـو.ف من إللي جاي .
حـ.ـز.ن داخله لأجلها ، ود لو يخـ.ـطـ.ـفها بين أحضانه كي يخفف عنها ،
ود لو يمسك كف يداها ويقبلهم اعتذاراً لها مراراً وتكرارا علي حديث والدته الذي سبب وجيعتها وآلم روحها ،
ود لو يهرب بها في مكان يعيشا به سويا بعيدا عن الزمان والمكان وتطوقهم غابات النسيان ،
تحرك من مكانه ووقف قبالتها وتحدث وهو يحاول تهدأتها:
_ ليه كده ياحبيبتي بتعـ.ـذ.بي نفسك وتصعبيها عليكي .
رفعت مقلتيها الدامعتين وهتفت بمرارة:
_ ما باليد حيلة وحبيبتك جار عليها الزمان وحتي الإنسان مرحمهاش .
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وتحدث بأمل:
_ صدقيني بعد المحن منح وربنا مش بيبتلي إلا عبده إللي بيحبه ،
وأنا شفت فيكي الصبر إللي يهد الجبال متيأسيش .
شبكت يديها بتعب واردفت:
_ بس مبقاش فيا حيل والجبل هزه الريح يارحيم .
اقترب منها وردد بوله:
_ الله اسم رحيم من بين شفايفك وحشني أوي يامريم.
اهتزت من طريقته ونظراته واعتراها الخجل الشـ.ـديد ثم تحمحمت ونطقت بتـ.ـو.تر:
_ وقف قلبك يارحيم علشان و.جـ.ـع البعاد ميبقاش مر .
علي نفس نظرته المشتاقة وبنفس طريقته المسحورة بها أكمل:
_ قلب رحيم وروحه وعمره وكله بيقول لك مفيش فراق ومفيش بعاد ومسيرك هتستقري هنا .
أنهي كلامه بغمزة من عيناه ويداه استقرت نحو قلبه مما جعل وجهها يكسوه الحمرة من الخجل الشـ.ـديد ولم تقدر أن تتفوه ببـ.ـنت شفة ،
أما هو أكمل :
_ وحـ.ـشـ.ـتني شفايفك وهي بتنطق بحبك يارحيم .
أحست بأنهم علي وشك الإقتراب من الخطر بسبب وحشتهم لبعض فابتعدت عنه قليلاً ورددت:
_ علي فكرة إللي إنت بتقوله ده حـ.ـر.ام وقربك مني حـ.ـر.ام ووقوفنا هنا لوحدنا حـ.ـر.ام وكل كلمة قلتها لي ونظرة بصتهالي مش من حقي ولا حقك اهدي بقي من فضلك.
خرج من حالة الوله التي اعترته جراء قربها بسبب كلمـ.ـا.تها ونطق بقلة حيلة:
_ أعمل إيه مانتي إللي بعدتي وأعلنتي عصيانك عليا وأنا مبقتش عارف أركز في أي حاجة بسببك .
تنهدت بضيق وأردفت بإبانة:
_ هو أنا السبب ظروفي وظروفك مينفعوش مع بعض وبحكم الجميع ،
وتابعت بشرود وتيهة:
_ أنا لو عليا أعيش معاك في أوضة في الحلال ويجمعنا ببعض الحب الهادي الجميل لكن وأه من كلمة لكن .
بعينين حادتين هتف بتصميم:
_ لكن مين دي !
مفيش حاجة غير اني مش هبعد ولا هستسلم بس عايز منك وعد بالصبر ياعمري .
أخذت نفسا عميقا ووعدته :
_ أوعدك إن قلبي هيفضل ملكك وإن مهما طال العمر مفيش غيرك وهستناك .
قالت كلمـ.ـا.تها وتركته وهي تهرول من أمامه مسرعة ودقات قلبه تدق بعنف شـ.ـديد ،
أما هو ابتسم وهدئ من مجرد لحظات في قربها وميثاق من لسانها ،
نظر سماءا وهو يدعي ربه بتمني :
_ اللهم اكتبها لي واجعلها من نصيبي ،
اللهم إني عبدك جاء اليك متوسلا راجياً كرمك أن تجمعنا في الحلال الذي لانرضي سواه ،
أنهي دعاؤه وجلس علي الكرسي الموضوع سائحا في الملكوت وهائماً في عشق المريم ،
وتردد في أذنيه مقولة قد قرأها لمحمود درويش:
“لا أنت بعيد فأنتظرك ولا أنت قريب فألقاك.
ولا أنت لي فيطمئن قلبي ولا انا محروم منك فأنساك.
انتِ في منتصف كل شئ.
وفجأة سمع صوت رقيق خلفه يردد:
_ ياه ده إنت عاشق ودايب وهيمان يارحيم .
نظر خلفه وابتسم مجيبا:
_ القلب له أحكام وحكمه عليا قاسي أووي وهو الحرمان.
جلست بجانبه وأشادت بنصح:
_ ربك قلبه كبير وصدق الحكمة ”
فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظن أنها لاتفرج ”
متيأسش وخليك مصمم على هدفك طالما متأكد من حبك وإنه مش مجرد تعلق .
رفع حاجبيه باندهاش وتسائل:
_ هو ازاي أعرف إنه حب ولا تعلق ؟
ابتسمت ومسحت علي كف يديه بحب وتحدثت :
_ هسألك شوية أسئلة وبعد مـ.ـا.تجاوب هتكتشف بنفسك تمام ؟
أشار برأسه مرددا:
_ ماشي اسألي وأنا كلي أذان صاغية.
تحمحمت وبدأت بالسؤال الأول :
_ قبل مـ.ـا.تشوفها وعينك تيجي في عيونها لأول مرة كان ساعتها إحساسك هو نفسه إحساسك لما عيونك شافت غيرها صدفة ؟
أجابها بنفي :
_ عمري ماكنت بركز لو عيني جت في عين حد صدفة أما معاها من أول نظرة اتخـ.ـطـ.ـفت وبقيت أسير عيونها .
حركت رأسها بابتسامه وتابعت استفساراتها قائلة:
_ طيب إيه إحساسك لو شفت دmـ.ـو.عها ؟
أجابها بحـ.ـز.ن بدا علي معالم وجهه:
_ ببقي عايز أخذها بين أحضاني وبيبقي هاين عليا أسرق دmع العين منها ويسكن عيني ولا أنها تبكي .
تنهدت بعمق لإجابته التي توحي بأنه وصل إلي منتهي العشق وأكملت:
_ إيه شعورك لو حسيت إنها في لحظة ممكن متكونش ليك وتبقي … كادت أن تكمل تساؤلها إلا أنه وضع إبهامه على فمها مانعاً إياها أن تكمل هاتفا بتصميم:
_ لاا متكمليش أهون عليا أدخل قبري ولا أنها تكون لغيري حـ.ـر.ام عليكي.
حـ.ـز.نت لأجله ونطقت بتأكيد:
_ إنت مش بتحبها يارحيم ، إنت عديت مراحل الحب بكتيير وبجد ربنا يعينك علي ندبات الزمن لحد ما توصل لحبك .
سألها بتيهة:
_ تفتكري هقدر علي ماما أنا مش عايز غضبها ولا زعلها .
ربتت علي ظهره وطمأنته :
_ متقلقش ياحبيبي كلنا معاك وهنقف جمبك وهنساندك في موقفك وهنحاول نقنعها .
ابتسم براحة وردد بامتنان:
_ متتصوريش كلامك معايا ريحني قد إيه وطمني شوية من بركان القلق إللي مش بينيمني الليل ياريم .
اعتدلت من جلستها وقالت بمحبة:
_ ربنا يخلينا لبعض ياحبيبي ونعيش أحسن أخوات ودايما قلب واحد ودايما سند لبعض .
__________________________________
في منزل راندا حيث تمكث سما ابـ.ـنتها في غرفتها ممسكة هاتفها وتتحدث الفيديو كول مع صديقتها وهي تسألها:
_ يعني يارودي أعمل كدة وهتشيرني ولا هتعب علي الفاضي وخلاص ؟
شجعتها. زميلتها قائلة بتأكيد:
_of course don’t worry
هخلي the followers عندي كلهم يتابعوكي ومتقلقيش ظبطي إنتي المحتوي بس واظبطي نفسك علي الأخر وخلي تقنية الفيديو عالية والأيفون إللي معاكي إمكانتياته عالية جداً استغليها صح .
كانت مترددة مما ستخطوا عليه فقالت لزميلتها بتراجع:
_ بصي فكك من الحوار ده أنا مش هعرف أعمله وأنا أصلاً بتكسف من خيالي .
اندهشت صديقتها وردت باعتراض:
_ يعني أنا بقالي أسبوع سايبة متابعيني واتفرغت لك علشان عمالة تزني زي النحلة ورايا ورايا علشان أعلمك وفي الاخر تقولي لي فكك !
Oh my God, it’s a joke .
مطت شفتيها كالأطفال وأردفت بعيون حائرة:
_ خايفة يارودي الله ! أول مرة أعمل كدة وكمان خايفة من ماما ومش عارفه هتوافق ولا لا.
استدعت الهدوء وأكملت بتحفيز :
_ يابيبي عيب عليكي إنتي في الأمان ،
وبعدين هو إنتي بتعملي حاجة غلط ده إنتي بتسلي وقتك وكمان هتكسبي A lot of dollars وهتبقي مشهورة جدا ،
وساعتها بالتأكيد مامتك هتفتخر بيكي جداً.
وظلت تحادثها عن مميزات تلك الفيديوهات وأكلت عقلها بالكامل وأغلقت الهاتف معها ،
وأمسكت هاتفها وبدأت في صنع الفيديو كما علمتها تلك الفتاة ،
ونفذت الخطوات بحرفية وبعد تقريبا ساعتين جلست تشاهد الفيديو بانبهار فهي حقا صنعته بمهارة تجذب الإنتباه إليها ،
ثم أرسلته إلي تلك الفتاة وهي تكتب تحته:
_ ها ايه رأيك بقالي ساعتين بعمل فيه ومشيت علي الخطوات بالظبط ؟
استلمت رسالتها علي عجاله وشاهدت محتواها وحقا انبهرت من صنع يداي تلك السما وبعثت لها بانبهار :
What a beauty, it’s so amazing?
بجد بهرتيني ياسمكة .
ابتسمت سما علي انبهارها وسألتها:
_ علشان ت عـ.ـر.في بس إني بفهم بسرعه ،
قولي لي بقي أنشر بنفس الطريقة إللي علمتها لي ؟
أجابتها مسرعة:
_ يالا علطول وأنا مستنياكي وهظبط لك الرؤيا وهعمل لك sharing عندي .
ضغطت على زر النشر علي موقع التيك توك وريلز وباقي المواقع التي أملتها عليها وأعطتها اللينكات الخاصة بها ،
وعلي الفور قامت الأخري بالشير فهي تمتلك نصف مليون متابع ،
وعلي الصعيد الأخر وبالتحديد في أحد الملاهي الليلية يجلس مهاب وبيده ملفوفا من السيجار المحشو وأمامه اثنان من أصدقائه يعلمونه كيف يتناوله ،
وبالفعل بدأ بتناوله وسحبه إلي صدره وما إن وصل إلي مجري تنفسه حتي سعل بشـ.ـدة وجحظت عيناه من شـ.ـدة السعال ،
وبعد أن هدأ نظر إليهم قائلا برفض وهو يناولهم الملفوف:
_ لا يا عم البتاع ده صنفه عالي أووي وأنا مش حمله مالها السيجارة العادية ده انا لحد دلوقتي بشرق منها.
أجابه واحداً منهم وهو يسحبها داخل أنفاسه بتلذذ ويخرجها مرة أخري:
_ ده إنت كدة بقي مش بتفهم!
ده المزاج العالي يابني وصنف فاخر من الأخر ،
وتحدث الأخر وهو يحتسي من الشيشة مرددا بتوهان :
_ بقولك ايه سيبك من الواد ده وتعالي اشرب معايا حجرين علي الجوزة ،
حاجة كدة يامعلم أخر رواق وهتعمل لك أحلي اصطباحة تنسيك مرار أبوك وأمك.
انزعج بشـ.ـدة وبهتت ملامحه فور أن ذكره بوالديه والمرار الذي يحياه بينهما مرددا وهو يخطتف الملفوف ويتجرعه بغشم :
_ وليه ياعم تفكرني بالسيرة الغم دي وتضيع الاصطباحة الجاحدة دي !
تصدق إنت مش كويس خالص ياعمهم .
تحدث الأخر نادmاً:
_ تصدق عندك حق ماهو كدة يعملوها الكبـ.ـار ويقعوا فيها الصغار ،
اشرب ياصديقي علشان تنسي .
_________________________________
كانت راندا تتحدث مع والدتها في الهاتف قائلة باستنكار:
_ مريم مين دي إللي ابنك بيحبها وعايز يخطبها ويجيب لنا العار !
ابنك شكله اتجنن ياماما عقليه واقفي قصاده وارفضي بكل قوتك إحنا مش ناقصين بلاوي.
تنهدت فريدة بحـ.ـز.ن عميق وأردفت بقلة حيلة:
_ هو أنا قادرة عليه ولا هو ولا باباكي إللي بيشجعه وواقف في ضهره ومقويه عليا وأنا هنا باكل في نفسي من الحسرة .
رفعت حاجبيها باستنكار ورددت بملامح حاده:
_ بقولك إيه ياماما كفايه علي البـ.ـنت دي كدة واتكلمي معاها بهدوء وقولي لها تمشي هي خلاص مش خلصوا من الموال بتاعها إللي ابنك بلانا بيه ده .
ضـ.ـر.بت فريدة علي صدرها وأردفت باستنكار:
_ يانهار ملهوش معالم ايه الكلام إللي إنتي بتقوليه ده !
ده أنا لو عملتها أبوكي يطـ.ـلقني فيها ،
وتابعت بتهكم:
_ متتصوريش مانعني عنها حتي بالنظرة وإنتي عارفه باباكي اتقي شر الحليم إذا غضب .
لوت فمها بامتعاض وقالت:
_ معلش بقي اتحمليها شويه كمان قدرك ونصيبك، بس افضلي زني علي ودان رحيم إنتي عارفة الزن أمر من السحر .
تنهدت فريدة بضيق وهتفت باستفسار:
_ أمال سما ومهاب فين مش سامعة لهم حس ؟
أجابتها:
_ سما بتذاكر في أوضتها من بدري وقافلة علي نفسها ،ومهاب بيذاكر مع واحد صاحبه.
تحدثت إليها فريدة باستنكار:
_ ايه ده ! الساعه داخلة علي ١١ من امته بتسيبي مهاب برة الوقت ده كله ؟
نظرت في الساعة المعلقة على الحائط ونطقت بهدوء:
_ عادي ياماما مش متأخر بردو وبعدين مهاب كبر ومبقاش صغير إني أخاف عليه وأقفل عليه ،عايزة أدي له مساحة من الحرية شوية.
اندهشت والدتها من حديثها ورددت باستنكار:
_ازاي الكلام ده لازم ت عـ.ـر.في ان ابنك دخل مرحلة الشباب ولازم تخلي بالك منه ،
وأكملت بتحذير:
_انت كنتي محوطاه ومخليه بالك منه على الاخر لازم ترجعي تتعاملي معاهم زي ما كنت قبل كده وتخرجي من اللي انت فيه ده بقى وتفوقي قبل ولادك ما يضيعوا منك .
لوت فمها بلا مبالاه وهي تلوح بكتفيها:
_انا مربيه ولادي كويس ما تاخديش في بالك يا ماما هما عمرهم ما يعملوا حاجه غلط ،
وتابعت وهي تسألها عن ريم:
_ايه الاخبـ.ـار ريم هتعمل ايه في قضيتها شكل المحامي اللي هم جايبينه ابن جنيه، وحمـ.ـا.تها طلعت ست مفتريه ملقوش الا ريم الغلبانه ويعملوا فيها كده .
تنهدت فريده بحـ.ـز.ن وأردفت بتمني:
_والله المحامي دي بابا جايبه من اكبر المحامين في اسكندريه انتي عارفه بابا له اصدقاء كتير ومعارف ،
ان شاء الله هو بيطمننا ان من حقها الولايه .
هزت راسها وتحدثت بسخط:
_بس حمـ.ـا.تها الهي ينخفي اسمها وصورتها كاتبه في المحضر بتشكك في أخلاقها وافترت عليها بالجـ.ـا.مد قوي .
احتدت عينيها بغضب واجابتها:
_ربنا سبحانه وتعالى هيرد كده في نحرها وباذن الله هيبرأ بـ.ـنتي من التهم البشعه اللي مسجلاها عليها وحسبي الله ونعم الوكيل فيها وفي ابنها .
وظلا يتحدثان في عده اشياء تخص الجميع .
__________________________________
استيقظ مالك من نومه بعد ليله عصيبه قضاها وهو يحاسب نفسه حسابا عسيرا على تسرعه في الزواج من تلك الجوليا ولم يسمع نصيحه والدته ورماها عرض الحائط ،
تململت في تختها تمد يدها تبحث عنه وما ان وصلت يداها ناحيه صدره ابتعد كمن لدغه عقرب ،
اندهشت من حركته وقالت:
_ليه ياحبيبي كده معاملتك متغيره معايا من امبـ.ـارح وسبتني وخرجت من غير ما تعرفني أنا عملت إيه وقعدت مستنياك كتييير ورجعت متأخر ،
واسترسلت بنبرة اعتراضية حزينة:
_ معقول في واحد يسيب مـ.ـر.اته يوم صباحيتها زي مابتقولو كدة في مصر ؟
رأي انه لا مفر من الهروب ولابد من المواجهه بما يؤرق صدره وسالها بنبرة اتهام:
_انا اللي اعرفه عنك انك اتربيتي مايقرب من نص عمرك في مصر وبعدين سافرتي بره كان عندك حوالي 12 سنه ده غير انك مسلمه طبعا ممكن اعرف ايه اللي غيرك وخلاكي نسيتي دينك واتطبعتي بطبع الغرب ووصلتي للدرجه دي ؟
الى الان لم تفهم ما يقصده وسألته متعجبه:
_ oh my God
ما تقول على طول يا مالك انا عملت ايه انا مش فاهمه حاجه خالص؟
بعينين قاتمتين نظر إليها وأجاب:
_اظن انك قلتي لي انك ما اتجوزتيش قبل كده وانا اول واحد يعقد عليك عقد جواز؟
اشارت براسها بالموافقه واكمل هو بحدة:
_ممكن اعرف ايه اللي انا حسيته امبـ.ـارح ده انك مش بـ.ـنت يا هانم وتقريبا دي مش اول علاقه ليكي !
انا بجد انصدmت صدmه عمري .
اهتز فكها بابتسامه جانبيه وهتفت:
Exactly, what is the problem?
انت عارف انا عشت سنين عمري ما بين ايطاليا وامريكا والحاجات دي عاديه هناك انت معقوله من اللي بيفكروا كده ؟!
اعتدل بوقفته وانتصب وهو ينظر داخل عيناها مرددا بهجوم:
_بيفكروا كده!
انا متعرف عليك فين بقى لي اكتر من اربع شهور ما لمستش ايدك حتى ما اخدتيش بالك من نقطه زي دي !
وتابع بنفس الهجوم:
_واشترطت عليكي انك هتلبسي الحجاب وافقتي ممكن اعرف وافقتي بناء على ايه وانت اصلا ما طلعتيش زي ما كان في بالي وكنت مفكر ان انا اول راجـ.ـل في حياتك ؟
رفعت احدي حاجبيها متعجبة:
_هو حياتي اللي فاتت من حقك تحاسبني عليها اصلا او تتدخل فيها؟
هو انا كنت حاسبتك على ماضيك اللي عشته قبلي علشان تحاكمني ؟
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لملامح وجه مكفهرة ارتسمت رغما عنه:
_هو الماضي بتاعك اصلا ازاي ما حاسبكيش عليه وهو شيء متعلق بعقيدتي وايماني مش مجرد تفاهات هعديها ؟
اهتزت قدmيها برفض لحديثه وتحدثت بنبره اعتراضيه:
_بس كده حـ.ـر.ام وظلم انك تحكم عليا بمجرد علاقه حصلت قبل كده مرتين او ثلاثه وكانت بمحض المجتمع وعاداته اللي انا كنت عايشه فيه وبابي طبعا كان مديني الحريه الكامله في شخصيتي ،
وتابعت بتهكم:
_ممكن اعرف بقى ايه اللي هيضايقك في علاقتنا من ناحيه الموضوع ده احنا بدانا مع بعض صفحه جديده وليك انك تحاسبني من بدايتها وما تقلبش في دفاترك القديمه عشان مش هتفيد بحاجه بل بالعكس هتضرنا احنا الاتنين ومش هنبقى مستريحين .
اربع ساعديه وأولاها ظهره مرددا بحـ.ـز.ن:
_للاسف انا مش من النوع اللي اقدر انسى حاجه زي دي انا راجـ.ـل شرقي جدا وما اقبلش ان مراتي اللي اتجوزتها عملت علاقات قبل كده مع راجـ.ـل قبلي في حدود غير شرعية.
ذهبت ووقفت قبالته وتحدثت باستفسار:
_ طيب ممكن اعرف ايه الحل دلوقتي لمشكلتنا دي ؟
ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة هادئة :
_ مفيش غير حل واحد ياجوليا انتي طالق .
اتسع بؤبؤ عينيها وابتلعت لسانها من أثر الصدmة ولم تعد قادره علي التفوه ،
فقط تنظر له نظرات مختلفة من الخذلان والعتاب واللوم ودmـ.ـو.ع عينيها تنهمر بغزارة وحرقة قلب تعـ.ـذ.ب في عشقه سنوات ،
عنـ.ـد.ما رأي حالتها احتضن كتفيها وتحدث شارحاً بنبرة حنونة:
_ عايزك ت عـ.ـر.في ان العيب مش فيك انت للاسف المجتمع اللي انت اتربيتي فيه هو اللي وصلك للدرجه دي،
العيب في انا ان في كل مره هبص جوه عينيكي هشوف الحاجه اللي عمري ما اقبلها وهيبقى في حاجز كبير قوي ما بيني وما بينك وبكده هظلمك وانا مش عايزه اظلمك معايا يا جوليا ،
وتابع حديثه بحـ.ـز.ن :
_انا مش هقدر اقبل حاجه زي دي لو كنتي صارحتيني بيها من الاول كنت على طول انسحبت وفضلنا اصدقاء وبنا شغل وخلاص .
علت شهقاتها ومن بينها هتفت بأمل:
_ طب ما انت كنت متجوز قبل كده اعتبرني كنت متجوزه وصدقني عمري ما هعمل حاجه تضايقك وكل حاجه كنت بتقول لي عليها بتضايقك ما كنتش بكررها ارجوك يا مالك اتراجع عن قرارك انا ما اقدرش اعيش من غيرك .
ما أن انهت كلمـ.ـا.تها التي أنهكت قواها فألتقطت أنفاسها بصعوبه،رمقها بدون أي تعبير نظراً لأنه عالم بطباع نفسه جيدا أنه لن يقدر ،
وأجابها بهدوء:
_ للأسف الشـ.ـديد مش هقدر هظلمك معايا وهظلم نفسي ، وخلي بالك اننا نتواصل مع بعض كاصدقاء وتفضل علاقتنا محاوطها الاحترام ولا اننا نعيش في مكان واحد وعلاقتنا هتفتقد الثقه والامانه واللي معاهم هياخدوا الاحترام .
واسترسل وهو ينظر إلي المكان:
_انا هسيب لك الجناح وهاخد حاجتي وهنقل جناح تاني مش هبلغ حد بطـ.ـلا.قنا الا بعد شهرين على الاقل وما تقلقيش هقول ان دي رغبتك انتي لأنك ما قدرتيش تتاقلمي على طباعي .
جوليا تعشقه وتحبه بجنون ومن يعيش العشق الحقيقي لن يكره ولن ينتقم فتنهدت بحـ.ـز.ن وتحدثت باقتضاب:
_ تمام يا مالك اللي تشوفه وطالما ده اختيارك وتصميمك انا ما اقدرش اعيش معاك غـ.ـصـ.ـب عنك .
هتف لها بنظرات حزينه :
_ أرجوكي متزعليش مني يمكن أنا فكري معيوب في وجهة نظرك بس أنا بحب الصراحة والوضوح جداً ومحبش أعيش بوشين ارجوكي سامحيني.
نظرت له نظرة مطولة وفجأة باغتته باحتضان وتمسكت برقبته وهي تردد بدmـ.ـو.ع:
_ سامحتك ياحبيبي ومقدرش غير إني أسامح .
اهتز جسده وأحس أنه ظلمها ولكن رحم الله امرئ عرف قدر نفسه ،
أبعدها عن أحضانه بهدوء ونظر لها مبتسماً ثم حمل حقيبته التي جهزها ليلا وترك لها المكان بأكمله وخرج بقلب خاسر في معركة جديدة من حياته ،
أما هي خارت قواها وانهارت بكاءا ، فهي لم تتهني بقربه ولا أن تتنعم في أحضانه ولا أن تمتلكه ولو ليلة وتحطمت أمالها وظلت تبكي سويعات إلي أن غفت مكانها .
أما هو ذهب إلي غرفة منفصلة له وحده وضع فيها حقيبته وكالعادة ذهب إلي البحر كي يلقي مايؤرج صدره إليه ويشكو له ندبة جديدة من ندوب قلبه ،
جلس ينظر أمامه وكأنه ينظر في اللاشئ مهموما ، حزينا ، شاردا كعادته وكأن الدنيا حرمت عليه الاستقرار ،
كان قلبه يحثه أن يسامح ويتخطي وعقله ينهاه أن لايفعل ويبتعد فهو أدري به من قلبه لن يستطيع وحدث حاله ناطقاً بو.جـ.ـع:
_ أما يادنيا أستحق أن أحيا سويا ويستقر طريقي المؤلم !
أما يازمان تهديني الأمان الذي أتمناه ولو قليلا وتمنحني ونيسا يسعى لقربي ملهم !
فأنا الحائر الشريد الضائع المتمني لشريك يحتضن قلبي المعـ.ـذ.ب في ظلامه القاتم .
وتذكر المقولة التي أيدت قراره بشـ.ـدة
“عنـ.ـد.ما تركب القطار الخطأ حاول أن تنزل في أول محطة فكلما زادت المسافة زادت تكلفة العودة.
________________________________
انقضت الأيام علي أبطالنا مايقرب من أسبوعين أنهت فيهم مريم اختبـ.ـارتها التي أفقدتها من وزنها كثيراً بسبب تركيزها الشـ.ـديد في المذاكرة وأن لديها حلم لابد أن تصل إليه ،
وإيهاب غادر مصر وعاد إلى الكويت كي يكمل الستة أشهر المتبقية في عقد عمله ولن يرمي اليمين علي راندا تاركها تستشيط غضبا من عدm تطليقه لها مما أثار حفيظتها ،
ومهاب وسما انخرطا في طريق الضياع وعلي مشارف فقدان الحياة السوية التي عاشت والدتهم طيلة حياتها تبنيها فيهم وهي منخرطة في و.جـ.ـعها الذي يبني جسورا من الغلِّ في قلبها ولم تعد ترعى أبنائها كذي قبل ،
ورحيم ومريم فقط يمنحان بعضهم نظرات من بعيد لكي يطمئن كل منهما على الأخر وأنه بخير ،
ومالك عاد إلي مصنعه وعمله ينغرس فيهم بشـ.ـدة كي ينسي تجربته الأخيرة ، وجوليا غادرت مصر ولم تعد تتحمل البقاء فيها دونه ، وأبلغ والدته فقط بانفصالهما دون الإفصاح عن السبب بعد أسبوعين من الانفصال مما أسعدها كثيراً وطمأن قلبها ،
واليوم تجلس ريم تمسك في يدها كتاب الله تقرأه بتدبر ،
أنهت قرائتها ونظرت إلى السماء داعية:
_ اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي ، وَقِلّةَ حِيلَتِي ، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك ، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك”
أنهت دعائها وقامت من مكانها وارتدت ملابسها السوداء فهي رغم انتهاء عدتها منذ شهر إلا أنها مازالت في حدادها علي عزيزها الراحل ،
وحملت حقيبتها وهبطت الأدراج بثقل ،
وجدت والدها ينتظرها بالأسفل ينظر لها بابتسامة مشرقة مرددا:
_ متقلقيش ياحبيبتي ولازم ت عـ.ـر.في أيا كان حكم المحكمة إن ربنا سبحانه وتعالى كل أقداره خير وإن رب الخير لا يأتي إلا بالخير .
لانت ملامحها وشعرت براحة اجتاحت روحها لحديث ذاك الأب الحنون الذي وصل لأعماق قلبها وتوغل في روحها وأجابته:
_ متقلقش عليا ياحبيبي أنا ورثت منك حاجات كتيره أووي إن صاحب الحق لازم عينه تبقي قوية وميسبش البجح هو إللي تبقي عينه قوية ،
وتابعت بكلمـ.ـا.ت الأمل التي تخرج من فمها :
_ عمرهم ماهيقدرو يزعزعو إيماني بربي إللي اداني كل الحق إني أرفض جوازة زي دي ،
وطالما مبعملش حاجة تغضب ربنا فأنا إيماني بيه أكبر من أي عواصف تهدني.
ربت علي ظهرها ونظر لها نظرات فخورة بتربيته ،
وأشار إليها أن يستعدوا للمغادرة برؤوس شامخة مرفوعة في السماء لطالما قوت حالها برب السماء ،
وصعدا السيارة هي ووالدتها التي أبت بشـ.ـدة أن تتركها ، وتبعهم رحيم بسيارته الآخر ،
ذهبت وهي تنظر من الزجاج الخلفي للسيارة تودع مريم التي تجلس بأبنائها بسعادة عارمة وذهبت الي المصير المجهول في قضية عمرها التي افتراها عليها أناس لايتبعون إلا الباطل و.جـ.ـعلوه منهجهم ،
بعد حوالي ساعتين من وصولهما الي المحكمة تأبطت ذراع أبيها بفخر ودلفا جميعا إلي القاعة ووجدوا تلك الشمطاء وولدها وزوجته يجلسون في المقاعد المتقدmه وبدورهم جلسوا في المقاعد المقابلة لهم ،
فكانت تلك الاعتماد تنظر إليها نظرات شر وتوعد ،
أما هي فلن تنظر ناحيتهم قط ولم تعتبر وجودهم من الأساس وكأنهم سراب غير موجود مما أربكها و.جـ.ـعلها تفقد الثقة قليلاً من قوة ريم التي رسمتها ببراعة علي وجهها ،
ولتعلموا ان النظرات القويه التي تلقوها في وجه عدوكم تربكه وتجعله غير واثق من نتيجه قراره ولوهلة انه خاطئ وانه حتما سيخسر وكل ذلك من نظره واحده تجعل المضاد لك يخاف بشـ.ـده ويكاد قلبه يقفز بين قدmيه وان السحر سينقلب على الساحر ،
وهكذا كانت نظرات ريم التي لم تنظرها لهم بل وجهتها في اللاشيء مما اربكهم ،
بعد دخول القضاه والإطلاع على اوراق الدعوه طلب من المحامي المسؤول عن رفع الدعوه بالمرافعه ،
قام بوقار وبدأ مرافعته:
_السيد القاضي نائب رئيس المحكمة، السادة قضاة المحكمة أتوجه إليكم برفع دعوة الولاية للسيدة اعتماد الجمال وصية علي أبناء ولدها نظرا لما قدmته لكم من أسباب قوية سوف تؤدي بمستقبل هؤلاء الأبناء مع والدتهم التي لاترعى الله فيهم ،
شكراً سيدي القاضي.
اطلع القاضي علي ملف الدعوة سريعا وراجع الأسباب الذي درسها من ذي قبل ثم طلب من محامي المدعي عليه بالدفاع ،
قام محامي ريم وأدي مرافعته بحرفية تثبت أن ريم وعائلتها في محل ثقة وأنها لم يسبق لها سابقة تخص الشرف كما ذكر في ملف الدعوة .
طلب المحامي الذي رفع الدعوه التحدث فأذن له القاضي فهتف :
_ سيدي القاضي إن جدة هؤلاء الأبناء وولدها حاضرين وتريد أن تتحدث إلي عدالتكم كي تأخذكم عين الرأفة بحال أم فقدت عزيزها وعلي مشارف الحرمان من أحفادها .
أذنت لها المحكمة أن تتحدث باختصار ،
قامت تستند علي ولدها ورسمت علامـ.ـا.ت الطيبة الشـ.ـديدة بدهاء على وجهها ونطقت بهدوء مغلف بالحـ.ـز.ن المصطنع:
_ أنا جاية النهاردة وطالبة منكم ترأف بحالي ياحضرة القاضي ،
أكملت حديثها وهي تشير إلي ريم :
_ كانت السبب في كانت كل يوم تتخانق معاه وهو كان مهنيها بشهاده كل اللي حوالينا يا سياده القاضي وكان بيتمنى لها رضا ترضى اما هي قابلت الموده والرحمه منه بالعصيان وجابت له ساكته قلبيه خليته مـ.ـا.ت بسبب كلامها اللي زي السم اللي كل يوم كانت تقوله له ،
وفي الاخر عايزه تتجوز وتاخد ولاد ابني مني وهي كانت السبب في مـ.ـو.ت ابوهم انا مش عايزه منها حاجه تتجوز براحتها وتعيش حياتها براحتها الله يسهل لها ولها رب هو اللي هينتقم منها ويجيب حق ابن اللي مـ.ـا.ت بسببها ،
كل اللي انا طالباه ولاد ابني ما اتحرمش منهم مش كفايه ابني اللي مـ.ـا.ت وهي خرجت من بيته تشوف حياتها براحتها وتعيشها ولا كأن جوزها مـ.ـيـ.ـت قبل عدته حتى ما تنتهي ودي كانت طبيعه حياتها التسيب .
سالها القاضي:
_دلوقتي سؤال واحد يا ست تجاوبيني عليه انت دلوقتي بتشككي في اخلاقها انها ما تنفعش تبقى مسؤوله عن اطفال ايه دليلك على كده ؟
استدعت دmـ.ـو.ع عينيها التي احضرتها ببراعة وليده اللحظه وقالت:
_قدامك الدليل يا سياده القاضي ابني اللي مـ.ـا.ت وهو في عز شبابه بسبب كلامها اللي قالته ليه وحرقت قلبه ومـ.ـو.تته ناقص عمر ،
وسلفتها هنا تشهد عليها باللي سمعته منها وخلته مـ.ـا.ت من الصدmه من كلامها .
ارتعبت هند ما إن ذكر اسمها واصبحت الكوره في ملعبها اما ان تركلها بمهارة ستتعب من أثرها قليلا ثم تستريح ، أو تحرزها في الأوت ومن بعدها ستلقي ملامـ.ـا.ت من فريقها وهم ” قلبها الذي سيحطم ، بيتها الذي سيهدm ، عمرها الذي سينتهي غيرة وألما ”
فكرت قليلاً بعد أن أشار لها القاضي أن تتحدث فقامت بنظرة خالية من أي مشاعر وأردفت بشهادة حق بعد أن تأكد القاضي من هويتها:
_الحق يتقال يا سياده القاضي ان ريم طول عمرها محترمه وبـ.ـنت ناس وعمر العيبه ما صدرت منها ابدا وجوزها كان بيعشقها وهي كمان كانت بتبادلوا نفس العشق والحب وحياتهم كانت مستقره جدا ،
والمـ.ـو.ت ياسيادة القاضي ده عمره وقضاء ربنا منقدرش نعترض عليه .
اتسعت أعين الجميع اندهاشا مابين حامدا لربه علي شهادة الحق فكانت تلك الحامدة هي ريم وفي ذاك الوقت نظرت إلي إعتماد نظرة انتصار أحرقتها ،
أما زاهر ووالدته في موقف لايحسدون عليه موقف يُنظر لهم فيه انها افترت وطعنت في شرف زوجة ولدها وهي بشهادة كنتها عفيفة لاتعرف طريق التسيب كما ذكرت الأخري ،
كانت تود أن تنشق الأرض وتبتلعها ولا أن توجد في ذلك المكان لحظة أخري ،
تتوعد في داخلها أشـ.ـد الويلات لتلك الهند الذي أكمل القاضي أسئلته :
_ يعني ريم جميل المالكي مرمتش لجوزها كلام يأذي نفسه ووصله للمـ.ـو.ت ،
ومكنتش امرأة متسيبة زي ماذكرت والدته ،
وتابع القاضي بتحذير:
_ وخلي بالك إنتي حالفة يمين تشهدي بالحق .
أخذت نفسا عميقا وأكملت :
_ ياسيادة القاضي أنا قلت إللي عندي أنا عاشرتها تمن سنين كانت فيهم مثال الشرف والعفة وعمرها ماكانت متسيبة أو خليعة أبداً ،
وأه اتخانقت هي وجوزها ليلة وفاته لكن خناقة بين أي راجـ.ـل ومـ.ـر.اته عادي ومـ.ـو.ته ده كان قدره من ربنا .
أغلق القاضي الملف الذي أمامه ناطقاً بالحكم وكل من ريم ووالديها يضعون يديهم علي قلوبهم راجين الله حكم العدل ،
أما اعتماد تيقنت أنها خسرت معركتها الثانية أمام تلك الريم وازدادت حقداً ووعيدا وكل منهم في ملكوته إلي أن انتهوا إلي كلمة القاضي:
_ حكمت المحكمة حضوريا برفض الدعوة المقدmة من السيدة اعتماد الجمال وصية علي أبناء ولدها لعدm كفاية الأدلة المقدmة لدي عدالة المحكمة ، رفعت الجلسة .
احتضنها ابيها فرحا ناطقين جميعاً:
_ ربنا برأك من التهمة الشنيعة بالظبط زي براءة الذئب من دm ابن يعقوب مبـ.ـارك عليكي حبيبتى ولاية أولادك بحكم المحكمة كمان .
أما اعتماد فكانت في حالة يرثي لها وأخذها ولدها وخرجا من القاعة بسرعة رهيبة وتلتهم هند ترتعب خـ.ـو.فاً ورعـ.ـبا من القادm ،
ولكن الذي يطمئن روحها مـ.ـا.تستند عليه وتحت قبضتها والتي ستجعلهم لايقتربون إليها وإلا ستقلب عليهم العالم بما في قبضتها .
↚بعد المحكمة عانت هند كثيراً ضـ.ـر.با وسبابا وقذفا وطردها زاهر من البيت وكما توقعت صديقتها أن حمـ.ـا.تها لن تتحمل بناتها أسبوعاً وقد كان بعثت لها أخيها وأرجعتها منزلها وهي علي مضض ،
اما عن مريم فاليوم سيتحدد مصيرها فقد استطاعوا بفضل المولى سبحانه وتعالى وذكاء نادر ووقوف جميل بجانبها ان يترصدوا لتلك الشبكه التي ستؤذي بمستقبل الفتايات اللائي لاعلم ولا دراية بهؤلاء الخبيثون وبفضل الله تم القبض عليها وبجهود النيابة استطاعت أن تجعلها تعترف عليهم بسهولة ووقع الفئران في مصيدة العدالة ،
وحقاً كم كانت رحلة مؤلمة لمريم حيث انها كانت معركة شنيعة بين الحق والباطل وبفضل ايمانها بربها وعدm خضوعها لمسالك الشيطان استطاعت أن تنقذ ،
ومرت الأيام عليها وظهرت نتيجتها والتي كانت مبهرة لها حيث نجحت بتقدير الامتياز المعتاد لها ولكن هذه السنة كانت الأولى على دفعتها ،
انهالت المبـ.ـاركات عليها من الجميع حتى فريدة التي سعدت من داخلها بأنها حتما ستغادر وتترك لهم المنزل وتبتعد عن ابنها ولكن ما افسد عليها سعادتها قول رحيم بعيون سعيدة:
_مبروك يا دكتورة مريم بقيتي معيدة في الجامعة فهمي رسمي نظمي وما بقاش في حد احسن من التاني وكلنا بقينا في الهوا سوا .
فهمت فريدة مقصده ولكنها لم تعقب عليه وادعت انها لم تاخذ بالها من تلك الكلمـ.ـا.ت ،
فتحدث جميل قائلا بنصح وهو يشير بيديه إلي رحيم:
_شوفي يا مريم يا بـ.ـنتي انا هعرض عليكي العرض اللي انا عرضته على الولد ده وهو رفض واختار انه يكمل طريقه كدكتور جامعي ،
انا متعود في البنك عندي اني اخد دايما اوائل كلية التجارة وبدربهم عندي على أعلى مستوى وطبعا شغل البنك غير شغل الجامعات خالص في عمولات وربح احسن ومستوى ارقى ،
واستطرد شارحا:
_انا كأب وبعتبرك زي بـ.ـنتي انا عايزك معايا في البنك لأني لمحت ذكائك جدا في كذا حاجه ،
ايه رايك فكري كويس جدا واحسبيها ان شاء الله هأمن لك مكان كويس في البنك .
أحس رحيم بالضيق الشـ.ـديد من عرض والده لتلك الوظيفة لها فهو يحلم باليوم الذي ستكون معه بنفس المكان في العمل وهذا سيسهل عليهما التقرب من بعضهما ،
وما ان عملت في البنك لن يستطيع ان يراها الا في فترات بعيدة ،
فاستشاط غضبا وأردف بنصح مغلف ببعض الحدة لها :
_لا يا مريم اوعي توافقي إنتي قدامك مستقبل تبقي دكتورة جامعية وتاخدي الماجستير والدكتوراه سيبك من شغل البنوك ده خالص مستقبل الجامعة برستيج وهتبقي قيمة وقامة عالية جدا .
شعر جميل بغيرة ولده ورفضه التام للعرض الذي عرضه عليها ولكنه رأى ان مستقبلها المادي والمعنوي سيكون افضل في البنك،
فتحدث ولم يعير لكلام رحيم اعتبـ.ـار مرددا بتشجيع:
_طبعا يا بـ.ـنتي الشغل في الجامعه واللقب برستيج زي ما قال رحيم لكن إنتي برده تقدري تعملي البرستيج ده وإنتي في البنك انك تحضري الماجستير والدكتوراه وإنتي شغاله وبتقبضي مرتب كويس جدا وبعمولات ممتازه ،
فأنا رأيي ليكي إنك توازني بين الاحتياج المادي والمعنوي وتوافقي على وظيفتك في البنك وصدقيني مش هتنـ.ـد.مي لو مشيتي ورا كلام عمك جميل .
احتدت عين رحيم بالغضب الشـ.ـديد ولكنه لن يقدر ان يعارض والده وفضل السكوت غـ.ـصـ.ـبا وهو يكتم حديثه بصعوبة بالغة إلى أن يجلس معها وحدهم ،
انقضت هذه الجلسة على أنها ستفكر في الأمر جيداً وترد عليه غداً ،
ثم ذهبت إلى ملحقها وقد قررت مغادرة المنزل فهي الآن اصبحت في أمان تام ،
واثناء انشغالها في تجهيز حقيبتها جاءتها رساله على الواتساب محتواها:
_قابليني في المطعم اللي بـ.ـنتقابل فيه على طول حالا وعلى الله تتأخري يا مريم هتلاقيني بخبط عليكي الباب ومش بعيد أكـ.ـسره وانتي حره بقى لو ما جيتيش وطنشتي .
زفرت بملل وألقت الهاتف من يدها ولوهله قررت ان لا تذهب لمقابلته ولكن اصبح معها كالمـ.ـجـ.ـنو.ن فخافت ان ينفذ تهديده وتنال من بطش فريدة وهي ليس لها ذنب فأجابته باختصار :
_ حاضر نص ساعه وجاية .
وبالفعل اخذت حماماً سريعاً وارتدت ملابسها على عجالة وذهبت الى المطعم وجدته منتظرا لها والنيران تشتعل من وجهه تدل على غضبه الشـ.ـديد،
وصلت الى مكانه وألقت السلام بحدة ،
اما هو فور ان رآها أمامه تبدلت معالم الغضب الشـ.ـديد البادية علي وجهه الى معالم الحب والوحشة الشـ.ـديدة في نفس اللحظة كيف ذلك هو لا يفهم !
مرددا سلامها قائلاً بابتسامة محب عاشق لحبيب يتمنى لقياه :
_ وعليكم السلام ورحمة الله ، هلا وغلا فيكي ياحبيبة الروح والقلب .
اهتزت وتيرتها من حديثه وأردفت وهي تتهرب من عيناه قائلة بلوم:
_ من امتي كنت همجي كدة يارحيم !
مش متعودة منك علي كدة .
تبدلت معالم وجهه وعادت إلى غضبها مرددا باستنكار:
_ ومن امتي وإنتي بتاخدي قرار مصيري في حياتك من غير ما نتناقش فيه وت عـ.ـر.في رأيي ونتحاور مع بعض ونوصل لحل مناسب لينا احنا الاتنين؟
رفعت حاجبيها باستنكار قائلة:
_هو انا لسه اخدت القرار اصلا علشان خاطر تقول لي لو ما جيتيش هكـ.ـسر عليكي الباب !
انت مش متخيل اصلا ان انت لو عملت كده والدتك هتشوفني ازاي اكتر ما هي شايفاني!
حرك راسه يمينا ويسارا بغضب وتحدث مقاطعا حديثها:
_لو سمحتي سيبك من الموضوع ده دلوقتي وردي علي حالا انت حقيقي هتوافقي على عرض بابا ومش هتقبلي وظيفة معيدة في الجامعة وانتي طالعة الأولى ؟
نظرت له بعيون تخفي ضعف يستكين بداخلها وقلب يخفق ألماً وعشقاً معاً ورددت بتوضيح:
_هجاوبك بكل اللي انا فكرت فيه انا بعتبر عمي جميل في منزله والدي بالظبط اللي لو كان موجود وعايش كنت طبعا هاخد رايه ،
لما فكرت لقيت ان كلامه صح جدا إني لازم أوازن بين الاحتياج المادي والمعنوي وانا محتاجه ان يبقى ليا مكان اعيش فيه خاص بيا وابني مستقبلي وبرده مش هستسلم وهقدm في الماجستير وباذن الله ووراه الدكتوراه على طول ،
واسترسلت وهي تنظر له بتمني:
_ارجوك فكر زي ما انا وهو بنفكر بالظبط وانت هتلاقي ان انسب حل ليا علشان خاطر طنط فريدة ما تفكرش اني بعارضها او اني بعند معاها مش هتلاقي حل غير اني أبعد فعلا وتعرف ان انا مش طمعانة فيك .
وكمان أحس ان ليا كيان وكينونة بمعني أصح أحس إني ليا وجود يارحيم .
نظر لها بحـ.ـز.ن وهتف باحتياج:
_ بس أنا محتاج وجودك جمبي ومش قادر أتصور انك تبقي في مكان بعيد عني ،
باختصار اتعودت علي وجود ريحتك في نفس المكان إللي أنا موجود فيه حتي لو مش شايفك كفاية نفَسك فيه .
زفرت بتعب وأوضحت له وجهة نظرها :
_ متفكرش إني لما أبعد هبقي مرتاحة يارحيم ،
أنا زيك بالظبط ويمكن أكتر وأظن وضحت لك السبب قبل كدة ،
وتابعت بشجن:
_ أنا محتاجة أثبت لنفسي أولا وللمجتمع إللي جني عليا ثانياً إن بـ.ـنت الملجأ عافرت واجتهدت وكملت لآخر نفس فيها بدون مـ.ـا.تغضب ربها إنها تبقي حاجة ومش هرضي بأي حاجة لازم أكمل للأخر علشان أوصل لأني أبقي أبقي حاجة متخجلش منها أبداً في يوم من الأيام.
ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة هادئة :
بس أنا هتعب أووي يامريم أرجوكي ثقي فيا إني مش هتخلي عنك وسيبي لي أنا المعافرة أنا أطول منك في النفَس .
نظرت بعيد عن عينيه تحاول كبت عبراتها، لكنها إستعادت قواها وأخفت كل مشاعرها التي تملكت منها كلمـ.ـا.ته بكل قوة وأردفت بتمني:
_ أرجوك يارحيم أنا مش عايزه أخسرك إنت تعافر من مكانك وأنا أثبت نفسي في مكاني وصدقني هنتقابل بإذن الله وظروفنا محدش هيقدر يمنعها ومحدش هيقدر يفرق بينا لأن الأسباب ساعتها هتكون بطلت أو علي الأقل اتحسنت شوية .
بعد حديث طويل ونقاش دام لأكثر من ساعتين وافق رحيم علي رأيها وهو علي مضض ولكن أخذ وعد منها أن تحادثه دوماً وأن ترد على مكالمـ.ـا.ته وإلا سيجن جنونه ويفعل ما لا يحمد عقباه ،
بعد يومان أبلغت مريم جميل بالموافقة علي طلبه وغادرت منزلهم واستلمت شقتها ذو الإيجار البسيط في منطقة شعبية هادئة قد وفرتها لها شريفة مديرة الدار وساعدتها في ذلك وشكرتها مريم بامتنان ومنذ خروجها ورحيم يشعر بالاختناق الشـ.ـديد والاكتئاب الذي بدا علي معالمه بغزارة شـ.ـديدة لاحظها كل من جميل وفريدة وبدأت تشعر بالذنب إلا أنها تقنع حالها بأنها فتره ستمضي وسيتعود علي بعادها كما تعود علي حضورها ولكن هل سيكن اعتقادها صحيحا وأن مايشعر به رحيم هو تعود ؟ فلنري مالذي تخبأه له الأيام من ندبات تؤثر علي روحه ؟
________________________________
انقضت الليالي العجاف بالنسبة لريم والآن تجلس في حديقة منزل أبيها فلقد مر ستة أشهر كاملة علي المحاكمة ،
كانت بيدها مذكرات كانت تدون فيها كل مايجول بخاطرها منذ وفاة عزيزها ،
فكتبت بقلب ينفطر حـ.ـز.ناً:
_ الآن مر علي وفاتك عاماً كاملا ذقت فيهم من المرار ألوان ،لقد كنت لي حبيبا عزيزا قرير العين وتركتني وحدي أعاني مر الفراق وأنا أجلد ذاتي في يومي كله حتي في غفوتي أراك غضبان مني ، أشعر بأني في ساحة معركة الفراق بالاختناق ، أُقـ.ـا.تل في ساحة المعركة وحدِي أنا الجيشُ لنفسي وأنا السيف ذاته ، أذاني أقرب الناس إليك وكانوا يوماً من الأيام الأقرباء إلي أيضًا وتعلمت منهم درسا لن أنساه طيلة حياتي وهو
“لا تأخذ جرعة كبيرة من الثقة إترك مكاناً للخيبة ومكاناً لإستيعابها أيضا كن معتدلا ”
كانت منغمسة في تدوينها فسمعت صوت أبيها الحنون الذي يقف بجانبها دائما يردد بحنو :
_ الجميل اللي قاعد لوحده وشكله قلقان ومخليني مش مرتاح عشان خاطره بيعمل ايه ؟
أنهي كلمـ.ـا.ته وهو يمسح على راسها بحنان ثم جلس بجانبها،
تنهدت بثقل والم نفسي واجابته:
_مش مرتاحه يا بابا وحاسه اني مش قادره اتخطى مـ.ـو.ته هو انا هفضل كده كتير؟
وضع كف يداه علي كف يدها الموضوعه فوق فخذها ثم ربت عليها بحنو وأردف قائلا :
_طول ما إنتي حابسه نفسك بين حيطان البيت وسط دوامه الفكر إللي مبـ.ـنتهيش هتفضلي كده على طول ، ده إنتي حتي الموبايل مبتفتحيهوش .
نظرت اليه بعينين حائرتين فأكمل هو بـ.ـارشاد:
_اخرجي يا بـ.ـنتي واشتغلي واشغلي وقتك بحاجه مفيده إنتي محتاجه لكده مش عشان خاطر الفلوس ولا عشان خاطر الاحتياج للماده ذات نفسها انما إنتي عندك موهبة جميلة وقدرتي تصنعي لنفسك كيان في مكان بسمع عنه انه ممتاز جدا وله اسم .
انتفضت كمان لدغها عقرب من حديث والدها وهتفت برفض قاطع:
_لا يا بابا انا عمري ما هرجع اشتغل في التصميم تاني ده كان السبب اني خلاني خسرت جوزي ابو ولادي ودmرني ودmر حياتي كلها .
اعترض على كلامها بشـ.ـدة وهدر بها :
_ده كلام تقوليه ! هتعملي زي الجاهلين كون انكم كنتم بتتناقشوا في حاجه هو رافضها وإنتي كنت عايزاها وكون ان هو مـ.ـا.ت ده قدره والاتنين ما لهمش علاقه ببعض نهائي وسواء كنتوا اتخانقتوا او ما اتخانقتوش كان برده عمره هينتهي في اللحظه دي يا بـ.ـنتي .
حركت راسها بنفي ودmـ.ـو.عها تنهمر بغزاره من عينيها واردفت من بين شهقاتها بنفي:
_انا عارفه كلام حضرتك يا بابا وفاهماه كويس جدا لكن المره دي كان بيبص لي باستغراب وما كانش مصدق ان انا أعارضه ولما خيرني ما بين الشغل واني افضل معاه خذلته ما استحملش الخذلان مني ونفسيته اتأثرت ومـ.ـا.ت .
ضـ.ـر.ب والدها كفا بكف وهو يردد باندهاش:
_لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم ،
يا بـ.ـنتي الأعمار بيد الله وكل واحد من قبل ما يتولد بيبقى عمره على الدنيا مكتوب ايا كانت المـ.ـو.تة تعددت الأسباب والمـ.ـو.ت واحد ،
ثم اخذها بين احضانه يهددها بحنان وتابع :
_فوقي لنفسك وفوقي لولادك هما محتاجينك مش هيبقى غياب ابوهم وضياعك في دوامه الحـ.ـز.ن وكده انت يعتبر من القانطين من رحمه الله،
واذا كنتي إنتي مصرة تشيلي نفسك الذنب استغفريه واذكريه الذكر بيطمن القلوب وتصدقي واعملي كل اللي في وسعك وفي كل مره هتعملي كده صدقيني هتلاقي نفسك بتخرجي من الدوامه دي واحده واحده وهتبقي بني ادmه طبيعيه جدا وهتحتسبي عند الله من الصابرين .
احست بطيف من الأمل يلوح على صدرها وكأن كلامي والدها نزل بردا وسلاما على قلبها وسألته بتيهة كي تطمئن:
_يعني انت شايف يا بابا ان فعلا ارجع اشتغل واصمم واحقق حلمي اللي عشت عمري كله اتمناه واحلم بيه وابقى كده ما زعلتش مني باهر في تربته .
ابتسم لها ثم أجابها بتاكيد:
_يا بـ.ـنتي جوزك بقى بين ايادي الله هو ارحم بيه من عباده وما تزعليش مني الدنيا منفاته وما بتقفش على حد لازم تتعودي تقوي حالك بحالك علشان وقت الجد ما توقعيش من طولك ويكون اللي بيسندوكي كلهم وكنتي معتمده عليهم مبقوش موجودين ،
واسترسل وهو يشير بيده إلي ملابسها باعتراض:
_وبعدين انا عايزك بقى تقلعي الاسود ده مده حدادك على جوزك اربعه اشهر و 10 ايام واكتر من كده يبقى إنتي دخلتي في الحرمانية وعملتي زي الناس الجاهلين انتي ما ت عـ.ـر.فيش “حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “(لا يحل لمسلم ان يحد على مـ.ـيـ.ـت فوق ثلاث ليالي الا على امراه لزوجها اربعة اشهر وعشرا)
سيدنا النبي عليه الصلاه والسلام حدد المدة كما ذكرت في القران وقال لا يحل يعني إنتي كده دخلتي في منطقة الحرمانية من بقالك اربع شهور ومستنيكي تقلعيه منك لنفسك وترضي بحكم ربنا وقضاء وقدره وانتي مكمله زي ما انتي .
كالعاده استنكرت نصح والدها واردفت بامتناع:
_لا يا بابا انا عمري ما هقلع الاسود على باهر خلاص ده بقى لبسي لحد ما امـ.ـو.ت .
اتسع بؤبؤ عينيه مرددا برفض :
_يا بـ.ـنتي هو إنتي دmاغك ناشفه كده ليه إنتي ما سمعتيش حديث الشيخ الشعراوي اللي كان بيتكلم في الموضوع ده بالتحديد وفي كلامه قال سنكر علي باب الحـ.ـز.ن بمسمار الرضا اصل الحـ.ـز.ن لو انسكر عليك مش هيخلي لك حبيب ،ربنا يبـ.ـارك في عمرك وعمر ولادك وعايزك من دلوقتي تقومي تفتحي تليفونك وتشوفي شغلك اللي اكيد متعطل وتضمي ولادك وتخلي بالك من نفسك ومن صحتك واعتبري اللي فات من حياتك ذكرى جميله ما تنسيهاش طول العمر وده حال الدنيا يا بـ.ـنتي .
انه الأب حديثه للروح طبيب وانفاسه للقلب دواء ووجهه بابتسامته للعمر اهداء ،
فالأب مثله كمثل النهر يمرُّ بجانب شجرة، يُحييها، يُطعمها، يسقيها الماء، يستمرّ في الرقص فهو لا يتشبّث بالشجرة، تسمح الشجرة بزهورها على النهر بامتنان عميق، والنهر يمضي قدmا. تأتي الرياح، ترقص حول الشجرة وتمضي قدmا. والشجرة تعير عطرها للريح .. فإذا كبرت الإنسانيّة ونضجت، فستكون هذه هي الطريقة للحب،
بعد مرور يومان علي تلك الأحداث قررت ريم أن تخرج من صومعة الحـ.ـز.ن وتستعين علي الذكر والاستغفار لراحة قلبها ،
ثم فتحت هاتفها التي كانت تستخدmه للعمل والتصميم فريم كانت تمتلك هاتفان أحدهم خاص بعملها وتصميمـ.ـا.تها والآخر كان للتصفح فقط ،
وعنـ.ـد.ما فتحته وجدت كما هائلا من الرسائل الخاصه بالمؤسسة التي تعمل معها وبدأت بتصفحهم والرد علي أغلبهم ،
ومن ضمن الرسائل وجدت واحدة منهم لرقم لم تعرفه وفتحتها وقرأت محتواها :
_ السلام عليكم ورحمه الله ، البقاء لله وحده يامدام ريم ، أنا مالك الجوهري إللي حضرتك بتبعتي تصميمـ.ـا.تك لمصنعه ، عرفنا باللي حصل بعد ماحاولنا الإتصال عليكي كتير وكان من الواجب إني أعزيكي .
قرأت الرسالة ثم ضغطت علي صورته الخاصة كي تعرفه ،
ثم قررت أن من الواجب أن تشكره علي تعزيته ،
وأرسلت له:
_ ونعم بالله العلي العظيم ، جزاك الله خيرا ولا أراكم سوءاً في عزيز لديكم .
وصله محتوي الرسالة وعنـ.ـد.ما فتحها ابتسم تلقائيا ورد عليها في نفس الوقت:
_ جزانا وإياكم وأتمني أتشرف بمعرفة صاحبة التصميمـ.ـا.ت الرائعة ونشتغل مع بعض وجها لوجه وأنا واثق إننا هنعمل ضجة كبيرة في عالم الفاشون.
قرأت محتوي الرسالة وردت باختصار:
_ بإذن الله هفكر وهرد علي حضرتك .
بعث لها:
_ أتمني يكون التعامل في أسرع وقت.
________________________________
بعد مرور أسبوعين علي تلك الأحداث ذهب جميل إلي منزل راندا هو وزوجته فريدة ،
يجلسان معها وتحدث جميل يعنفها بشـ.ـدة:
_ جوزك رجع من سفره على ملا وشه بعد ما هددتيه انه لو ما رجعش وطلقك بشروطك اللي إنتي فارضاها عليه هتخلعيه وهتفضحيه ،
واسترسل غاضباً وهو يلوم نفسه غاضباً:
_ إنتي مت عـ.ـر.فيش إن الأبناء مراية الأباء!
بقي كدة تطلعي صورة أبوكي إللي طول عمره مثال القناعة وعزة النفس بالشكل ده !
انهارت من حديث والدها وهدرت بصوت عالي:
_انت ليه يا بابا جاي عليا قوي كده للدرجه دي!
مش حاسس بيا ولا حاسس بو.جـ.ـعي كلكم عمالين تجلدوا فيا سواء انت او بـ.ـنتي او ابني او حتى ريم اختي ليه كلكم بتعملوا فيا كده ليه !
أمسك أبيها يداها ونظر داخل عيناها بترجي مرددا بحرقة قلب :
_ يابـ.ـنتي لأخر مرة بقولك احسبيها صح علشان وقت الغضب الإنسان أعمي ولو كان بصير .
عثت في جوفها حرباً أشـ.ـد من أن تتحكم بها ومن أن تقاومها ،ورددت بشموخ ورأس مرفوعة أصغي إليها كل الموجودين في المكان هاتفة بقوة :
_ أنا أستاهل راجـ.ـل يحطني جوة عينيه ،
أنا أستاهل راجـ.ـل ينـ.ـد.م علي فراقي حتي لو صممت هو يصمم عليا أكتر يتبت فيا ويحسسني اني غالية عنده مهما حصل ،
واسترسلت حديثها بو.جـ.ـع وهي تجلس علي الكرسي الموضوع بتعب وانفجرت دmـ.ـو.ع عيناها:
_ أنا يا بابا أستاهل راجـ.ـل يعرف إني قد إيه غالية ،
أستاهل راجـ.ـل يقدر إللي أنا عملته له ويشكرني عليه،
أستاهل راجـ.ـل بجد حافظ عليا ويطبطب علي قلبي المجروح ،
أستاهل ضهر ، أستاهل سند ، أستاهل حب .
وانفطرت في البكاء أمام والديها ولم يهمها كرامة الأنثي المجروحة وانكشف وجه الأنثي الضعيفة ،
أحست بها والدتها بشـ.ـده وادmعت عيناها على كبيرتها التي راتها بقلبها قبل عينيها واخذتها بين احضانها تهددها مرددة بحـ.ـز.ن:
_يا بـ.ـنتي حـ.ـر.ام عليكي اللي بتعمليه في نفسك ده وبتعمليه فينا ،
اه يانا يا حـ.ـز.ن قلبك يا فريده علي بناتك يا مخلفه البنات يا شايله الهم للممـ.ـا.ت ،
واسترسلت وهي تهدأها:
_اهدي بقى يا بـ.ـنتي وطالما إنتي شايفه نفسك هترتاحي في الطـ.ـلا.ق وهتقدري تتحملي مسؤوليه وعواقب حاجه شكل دي يبقى ما باليد حيله وباباكي هينفذ لك اللي انتي عايزاه .
واثناء انشغالهما بالحوار استمعوا الى جرس الباب يعلن عن وصول ايهاب،
قام جميل يفتح له الباب وما إن رآه ايهاب حتي ارتمي في أحضانه يصافحه بحرارة قائلا:
_عمي جميل ازيك يا راجـ.ـل يا طيب ليك وحشه والله ؟
بادله جميل الحـ.ـضـ.ـن بنفس الحراره فهو يحبه جدا مهما حدث بينه وبين ابـ.ـنته فهو رجل خلوق في معاملاته ،
افسح له المجال بالدخول وما إن دلف باتت عينيه تمشط المكان بلهفه فقد كان عشا سعيدا يجمعه بحبيبته وزوجته وابنائه فقد كانوا عائله كريمة يزينها الحب والاهتمام وانقلب الحال واصبح المكان يزينه الكره الشـ.ـديد ،
ينظر الى كل ركن في المكان ويتذكر ايامه التي عاشها من كل عام في هذه الشقه ،
نعم فقد عاش فيها اياما قليله من كل سنه بالرغم من زواجه منذ اكثر من ثماني عشرة اعوام ،
الا انه سافر في السنة الأولى من زواجه من راندا وكان يأتي كل عامين اياما قليلة ،
واثناء تجواله بعينيه في المكان استقرت على راندا وبدا له من وجهها انها كانت تدmع بشـ.ـده خفق قلبه حـ.ـز.نا لأجلها رغم كل ما بدر منها الا انه يعطي لها عذرا على ما فعله معها فلقد اجرم في حقها جرما شـ.ـديدا واستسلم للحظات ضعفه ولكن هل يعود الزمان يوما ويصلح من غلطه وما فعل بها مافعل ،
اخذت جولته عده دقائق ثم جلس ملقيا عليها سلامه بوحشة:
_ازيك ياعشرة العمر أخبـ.ـارك ايه ؟
حينما وصل سلامه بتلك النبرة إلي مسامعها أعلنت دقات قلبها الطبول ولم ترد عليه إلا بنظرة عيناها كأنها تعاتبه ولكن العتاب مصاحبا للجفاف ،
أحس بدقات قلبها ومن غيره يشعر بها ،ومن غيره يحس بإحتياجها وحدثته عيناها:
_ ألم ترأفي بحال عاشق انكوي من قسوة عقـ.ـا.بك الذي لم ينتهي بعد !
أجابته عيناها بشـ.ـدة:
_ ألم تشعر أنت أنك قــ,تــلت الإحساس داخلي وما عدت أنا ولست ألقاني بعد !
قرأ إجابتها من نظرة عينيها وردد بأسف بلسان حاله:
_ أعدك إن عفوتي ورددتي لي قلبك سأبقي علي عهدك ولن أقترف بعد .
اهتز فكها وهي تنظر له نظرات خذلان ترد عليه عينيها بعدm ثقة:
_ أمن الممكن أن يؤتمن الخائن ! لا ورب الكون وقول رسوله ان من علامـ.ـا.ت المنافق من أؤتمن خان.
رأي الأن معني نظرتها أنها لن تسامح قط مهما فعل ومهما اعتذر ومهما حاول مئات المرات وملايينها وأفاق علي صوتها وهي ترد سلامه بجمود:
_ بعد إذنك يابابا اطلب المأذون فورا علشان كدة الموضوع طول وبوخ أوووي .
أحس بوخزة شـ.ـديدة في قلبه جراء كلمـ.ـا.تها وتحدث إلي جميل وهو يناوله ملفاً به العقود قائلا:
_ اتفضل يا عمي جميل ده عقد بفيلا في الكومباوند إللي هي قالت عليه ومتوثق باسمها في الشهر العقاري ،
وده عقد بملكية العربية نقلته باسمها وبردوا متوثق في الشهر العقاري.
أردفت له بنظرة متعجرفة وتحدثت بكبر :
_ متفتكرش إن ده منة وفضل عليا منك ،
ده حقي في دهبي إللي بعته لك تسافر بيه وتبدأ شغلك وكفاحك بيه ،
حقي في عمري اللي راح هدر وفي الاخر خنتني .
حـ.ـز.ن داخله من استكبـ.ـارها وطريقتها المتعجرفة عليه مرددا باستنكار:
_ هو حق كفاحك معايا وعمرك اللي راح ودهبك إللي بتعايريني بيه دلوقتي فيلا وعربية وفلوس في البنك ياراندا ؟!
واسترسل ساخراً:
_ إنتي أغلي وأحسن من إن الكلام العيب ده يطلع منك وكمان في وجود باباكي اللي الأصل الطيب يضـ.ـر.ب له تعظيم سلام ، إنتي حقك عليا ميكفهوش كنوز الدنيا.
أحس جميل بالخذلان الكثير الذي لم تترك ابـ.ـنته فرصة إلا ووضعته فيه بكل ما أوتيت من قوة وشكره بامتنان:
_ معلش يابني حقك عليا اعذرها ،
إللي فيها حلاوة روح بس من اللي عملته فيها ومش مستوعبة لحد دلوقتي.
زفر بسأم ووجد أنهم في حالة لايسمح للجدال فيها فقال:
_ يشهد الله ياعمي جميل اني عملت كل مافي وسعي علشان تغفر وتسامح وهي إللي راكبة راسها ومصممة علي الطـ.ـلا.ق إللي هيسبب خراب النفوس لينا كلنا ،
ويشهد الله إني اعترفت بغلطي وحاولت مراراً وتكرارا إنها تلين مرات بالمحايلة ومرات اني أفكرها بالحب إللي بينا ، ومرات أبين ضعفي قدامها وأتذلل علشان عارف حجم غلطي ، ومرات بالبعاد يمكن تهدى لكن هي مصممة علشان هي إللي بعد كدة هتشيل ذنب كل إللي هيجرى بسبب التشتت اللي هيحصل لنا وإنها هتبقي المذنبة الوحيدة قدامكم ،
وتابع وهو ينظر إليها بقوة:
_ وطالما هي إللي شـ.ـدت الحبل علي الأخر تستحمله بس يارب تفضل مستحملاه علي الأخر وميخـ.ـنـ.ـقهاش في النهاية.
رمقته بغضب مستطير من رماديتيها المشتعلة وهدرت به بحدة:
_ مستني تشمت فيا ياإيهاب مش هنولها لك وهثبت لك إني هفضل راندا المالكي وبردوا هحرق قلبك وهشربك من نفس الكاس والأيام بيننا .
اهتز فكيه بسخرية وردد بلا مبالاه:
_ مبقاش يفرق معايا حاجة ياراندا ومهما تحاولي تعملي إنتي المضرورة لوحدك في الاخر علشان أنا عارف ومتأكد مهما عملتي ولفيتي وجربتي في النهاية مش هت عـ.ـر.في تبدليني ولا حد في الدنيا دي هيقدر ياخد مكاني .
خشيت أن تضعف فصاحت بقوة مصتنعة:
_ عادي مهما تبين عدm اهتمامك وانك مش فارق معاك بس العيار إللي ميصبش يدوش.
بعد عدة ساعات قضوها في المناقشات والمحاورات تم الطـ.ـلا.ق وانفصلا راندا وإيهاب في موقف مهيب ،
خراب البيت ودmاره موقف له رهبة ممـ.ـيـ.ـتة لجميع الأطراف وخاصة لزوجين عاشقين ،
بعد ساعتين من الطـ.ـلا.ق غادرا الجميع وما إن أصبحت وحدها حتي انخرطت في بكاء مرتفع تدmي لها القلوب وانهارت انهيارا كليا وكأنها بفعلتها تلك انتقمت من حالها لا منه هو.
__________________________
بعد مرور ستة أشهر أخري تغيرت فيهم حياة الكثيرين تماما فقد دخلت راندا مرحلة اكتئاب شـ.ـديد بعد الطـ.ـلا.ق مما أدى إلي تطور أبنائها في طريق الضياع أكثر وأكثر وهي لم تعد تخرج من تلك الدوامة ،
أما مريم تدربت كثيراً في البنك وأثبتت جدارتها بمهارة فائقة واستلمت مكانها وتتنقل في مجال المحاسبة ببراعة تحت تدريب جميل شخصيا وعلاقتها برحيم أصبحت أكثر عشقا وغراما وأصبح يغار عليها غيرة عمياء فقد تغير مظهرها الخارجي كلياً بمجرد رتوش بسيطة في ملبسها المحتشم لكن أصبح عصريا يليق بصاحبة العيون الفيروزية ،
وأما عن إيهاب انخرط أيضاً في دوامة الحـ.ـز.ن وكان يري أبنائه قليلا جدا نظرا لأنه انشغل في تجهيز مكتبه الهندسى الذي أنهاه في أربعة أشهر وكلف عليه حملة إعلانية تليق به ،
أما عن ريم عادت الي تصميمـ.ـا.تها من جديد ولكن استطاعت ان تخلق من وسط الحـ.ـز.ن إبداعا أبهر الجميع في عالم الفاشون مما أثار خـ.ـو.ف مالك أن يحتكرها أحد المنافسين وخاصة أنها بدأت بعرض جميع تصميمـ.ـا.تها علي مواقع السوشيال ميديا وحصدت تفاعلا رائعا وكان مالك متابعاً لها بشغف ،
وأصبحت ترسل له التصميمـ.ـا.ت شخصياً دون مدير أعماله ، ومن وقت للأخر يسألها عن رأيها في العمل المباشر معه تجاوبه بأنها غير مستعدة الأن مما استدعى قلقه ،
يقف مالك في شرفة مكتبه يتابع المارة بشرود وبيده كوب القهوة الخاص به ،
دخل علي صديقه ولاحظ شروده فوقف بجانبه متحدثاً باستفسار:
_ ده الموضوع باينه كبير أووي، فيه ايه ياعم مالك ؟
وتابع بمشاغبة:
_ شكلك حنيت للعرق الايطالي اللي إنت مدوبه ومدوخه معاك وشحتفت قلبه علي الاخر ؟
نظر إليه بنصف أعين وأجابه بحدة خفيفة:
_ جري ايه ياعم الخفيف إحنا هنهزر ولا ايه !
مـ.ـا.تمسك لسانك ده شويه.
ضحك علي حدته وتحدث بمرواغة:
_ الله وأنا مالي ياعم الحيران مـ.ـا.تسأل عينيك إللي سرحانه ودmاغك إللي مش فيك .
ذهب إلي مكتبه واستلقي علي كرسيه بإهمال وردد :
_ شوف بردو ! بقولك ايه هو احنا مش مخلصين موضوع جوليا ده من زمان وقلت لك كانت صفحه وطويتها زي إللي قبلها مع الفارق إن بيجمعنا علاقة شغل وكل احترام ،
واسترسل بتنبيه:
_ ياريت منتكلمش في الموضوع ده تاني.
تململ في جلسته وهتف بلا مبالاه:
_ ولا تاني ولا أولاني ياباشا ،
إلا صحيح عملت إيه مع مدام ريم ، لسة مصممة على رأيها ولا ايه ؟
زفر بسأم وأجاب:
_ والله أنا اللي قالقني ومخـ.ـو.فني موضوع ريم ده بالذات ،
واستطرد بخـ.ـو.ف:
_ مش عارف مماطلتها دي سببها ايه ؟
تفتكر حد انها شايفه نفسها في مكان أحسن من هنا زي ماكنت بتقول ؟
أجابه بحيرة:
_ والله ما عارف ،بس لو ده حصل كفى الله الشر يعني أكيد هنعرف .
قطب جبينه ونطق بحـ.ـز.ن:
_ ده لو حصل فعلاً هنخسر كتير جدااااا ، أكتر الاتيليهات بتاعتنا واللي احنا بـ.ـنتعامل معاهم برة وجوة بيختاروا تصميمـ.ـا.تها بالذات ومش عايزين غيرها .
وأثناء انشغالهما في الحديث دقت السكرتارية علي الباب ودلفت وهي تهتف بعملية :
_ مدام ريم المالكي برة هي وواحد بيقول إنه أخوها وعايزة تقابل حضرتك .
نظر إلي علي وتسائل باستغراب:
_ ريم المالكي! مين انت تعرفها ؟
أجابه وهو يرفع يديه في الهواء:
_ لا والله هعرفها منين ،
وتابع وهو ينظر إليها مشيراً بأمر:
_ خليهم يتفضلوا ، يمكن عروسة وجاية تختار كوليكشن .
هزت راسها بطاعة وفتحت الباب مرددة وهي تنظر إليهم بابتسامة ترحيب :
_ أهلاً وسهلاً اتفضلي يافنـ.ـد.م مالك بيه في انتظاركم .
دلفت بخطي ثابته مستقيمة متواضعه تليق علي المكان المتواضع الذى حضرت فيه ويتبعها أخيها مرددا بابتسامة هادئة:
_ السلام عليكم ورحمه الله.
انتصب مالك واقفاً هو وعلي احتراماً للضيوف مرددين :
_ وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته ،
وتابع مالك وهو يشير إلي المقاعد القطنيه المريحة مرددا:
_ أهلاً وسهلاً ياجماعة نورتوا المالك جروب، اتفضلو.
ذهبوا إلي المقاعد بهدوء وجلس الجميع ،
وتحدث علي بذوق:
_ تحبو تشربوا إيه ياجماعه ؟
هتف رحيم برفض لطيف:
_ متشكر جدا يافنـ.ـد.م لذوق حضراتكم وحسن مقابلتكم .
تحدث مالك بإصرار:
_ ميصحش طبعا لازم تشربوا حاجة ، أطلب قهوة ؟
وافق رحيم قائلا:
_ تمام إللي تشوفه يامستر مالك ،
واسترسل بدعابة:
_ والله أنا دmاغي محتاجها فعلاً بسبب دوشة الطلبة في الجامعة ، واتصالات ريما اللي داوشاني بيها من الصبح .
نظر مالك وعلي إلي بعضهما باندهاش مرددين بصوت واحد :
_ ريما !
تحدثت بابتسامة هادئة:
_ أيوة يامستر مالك ريما ستور .
↚أخبروها بأن عيناي تنتظر رؤيا طيفها هائمة،
أخبروها بأن أنفاسي متلهفة للمساتها الناعمة ،
أخبروها بأنها عشقي الأبدي وحياتي بدونها قاتمة،
أخبروها بأنها روحي ودقات قلبي بنارها مغرمة
خواطر رحيم المالكي
بقلمي فاطيما يوسف
في منزل راندا الجمال تجلس على هاتفها تتصفحه بالساعات كعادتها وكأنه أصبح وسيلة ملاذها التي تضيع فيها برضا تام إذ بها تأتيها رسالة علي الواتساب وكان عبـ.ـارة عن مقطعِ فيديو ، فتحت الفيديو وجحظت عيناها من ما رأته ، لقد كان الفيديو لسما ابـ.ـنتها وهي ترتدي هوت شورت وناثرة شعرها علي كتفيها ووجهها يكسوه المكياج الخفيف الذي أبرز جمالها بشـ.ـدة ،
صعقت حقا مما رأته أمامها والذي كان عبـ.ـارة عن إلقاء أغنية تقلد فيها الصوت بحركات الشفاه المغرية وحركات الجسد السافرة ،
في مشهد يزلزل القلب والعقل والروح ،صغيرتها ومدللتها أصبحت من العاهرات ومن العجب أيضاً أنها تجمع مايقرب من نصف مليون مشاهدة على ذاك الفيديو والذي كان من شهر تقريباً ، رفعت عينيها لأعلي الفيديو كي تري ماذ تسمي نفسها ،
زادت الخيبات والحسرات عنـ.ـد.ما وجدتها مدونة اسمها ب “سمكة الشقية 😉😉”
خرجت من الواتساب وفتحت الفيسبوك وبحثت عنها ولم تجدها ، ظلت تبحث عنها ولم تصل إليها وازدادت حيرتها وفي النهاية استنتجت أنها تضعها في قائمة الحظر كي لاتراها ،
وفي نفس التوقيت أتتها رسالة من نفس الرقم المجهول محتواها :
_ كلنا بقينا في الهوا سوا ياطنط وبـ.ـنتك بقت متفرقش عن البنات الصـ.ـايعة إللي مش متربية زي ماكنتي بتلقبينا وتقعدي في club وتقولي محاضرات فينا وأنا كنت ببقي سامعاكي ،
مبقاش حد أحسن من حد ولو عملتي أكونت تاني ادخلي وشوفي إبداعات سمكة وهتنبهري أووي ، أصلك مش هتشوفيها من الحظر إللي هي عامله لك .
ألقت الهاتف جانبها بإهمال واستندت علي جزعيها وهي تضع وجهها بين يديها تحدث حالها :
_ ياإلهي أتلك ابـ.ـنتي التي ربيتها سنوات وأفنيت عمري لها!
أتلك ابـ.ـنتي البريئة النقية الطفلة التي أصبحت بجسد أنثي !
كيف لها أن تفعل هذا الهراء شهوراً وأنا لاعلم ولا دراية بتلك المهزلة ،
أمن الممكن أن تكون وصلت إلي مستوي من الانحراف الذي نسمع عنه أعلي من ذاك !
الأن قد علمت ماذا تفعل في غرفتها بالساعات وهي تغلق الباب علي حالها وتستمع إلي الأغاني عبر مسجل الصوت ،
انتفضت من مكانها وهبت واقفة وصعدت الأدراج وهي تغلي كالبركان وقفت أمام غرفة ابـ.ـنتها وقبضت على الباب كي تفتحه وتدلف دون استئذان كما عودتها وجدت الباب مغلق ،
اشتعلت النيران داخلها وبقبضة قوية دقت على الباب بعنف مما ازعج ابـ.ـنتها فقامت على الفور وفتحت الباب كي تري لماذا تدق والدتها الباب بهذا العنف ،
رددت وهي تفرك عيناها أثر النوم بانزعاج:
_ في إيه ياماما علي الصبح ، في حد بيخبط علي حد بالطريقه دي ؟
لم تتفوه ببـ.ـنت شفة وهبطت بيديها على وجهها بصفعه من شـ.ـدتها وقعت ارضا ،
ثم هدرت بها بحده:
_ السفلة السهلة الرخيصة ، اللي اتقلبت من بـ.ـنت بريئة ربيتها على ايدي وعلمتها ازاي تحافظ على نفسها من وهي صغيرة لواحده ما بقتش عارفاها ،
واستطردت وهي تهزها من كتفيها بعنف:
_ من امته اتحولتي وبقيتي بالبشاعة والسفـ.ـا.لة دي يابـ.ـنت ؟
وضعت سما يدها علي وجهها تدلكه من أثر الصفعة وأجابتها وهي تجز على أسنانها :
_ من ساعه إنتي كمان ما اتحولتي وبقيتي مش فاضيه لنا وفرقتينا ،واذا كنت انا اتدmرت ووصلت للمرحلة اللي إنتي بتتكلمي عنها دي فيبقى بفضلك انتي يا ماما .
جحظت عينيها ولمعت بالدmـ.ـو.ع وهدرت بها وهي تشير بكلتا يديها بتعجب:
_ليه انا عملت ايه علشان تقولي الكلام ده؟
ابوكم هو السبب هو اللي عمل فينا كده هو اللي دmرني وهو اللي جنى عليا وهو اللي خاني وجـ.ـر.حني وفي الآخر بتلومي علي انا
إن انا اللي دmرت البيت ووصلتك للمرحلة المنحطة دي !
جلست سما بإهمال على تختها وتحدثت بقسوة:
_ايوه إنتي وما فيش غيرك السبب في اللي وصلنا له ده ،
وتابعت بنفس القسوة:
_ما هو طلقها وجالك واعتذر بدل المره 20 وإنتي راندا هانم اللي ما ينفعش تتنازل .
أمسكتها من تلابيب ملابسها ونطقت بحسرة:
_ بقي بتجيبي اللوم عليا أنا ! بعد ماضيعتي عمري وشبابي وجمالي عليكم ،
بعد ماكنت ليكم الأب والأم والكل وهو هناك بيتنعم في حـ.ـضـ.ـن واحدة وعايش حياته عادي وأنا هنا الدادة إللي بتربي العيال .
رفعت حاجبيها وتحدثت بنفس القسوة :
_بس في الأخر عملتي زي إللي فضلت تطبخ لولادها أحسن أكل وتعبت طول النهار وجت علي أخر اليوم قبل مايكلوا حرقت الأكل وبقي ولا له طعم ولا لون ولا ريحة وفي الأخر تعبها راح ولا هي اتهنت بيه ولا ولادها إللي كانو طول اليوم بيضحكوا وبيلعبوا وكل شوية يشاغبوها أكلوا وناموا جعانين .
اتسع بؤبؤ عينيها وردت بدهشة:
_ بقي أنا كدة ياسما !
ردت بهدوء :
_ أيون ياماما كدة وأكتر من كدة كمان ، أنا بقيت مش لاقياكي ولا لاقية بابا اللي عمل كل اللي في وسعه علشان ميسبناش ، وخلي بالك مش أنا لوحدي اللي ضعت مهاب كمان دخل طريق الضياع اللي أي حد بيدخل فيه مبيطلعش إلا وهو علي نقالة .
تتوالى الصدmـ.ـا.ت على قلبها كالرياح التي سكنت مدة طويلة وبدون سابق انذار هبت واقــ,تــلعت في طريقها أشـ.ـد الجبال الراسخة ،
وهتفت بعدm تصديق:
_ إنتي بتقولي ايه ! مهاب ماله ؟
اهتز فكها بسخرية وأجابتها بنفس القسوة ولم ترعى حالها الذي تنشق له القلوب:
_ مهاب بقى سهر وشرب مـ.ـخـ.ـد.رات وكبـ.ـاريهات يومياً وبيرجع نص الليل وانتي نايمة ومصدقاه وهو بيقول لك إنه جه بدري ومبتابعيش وراه .
لم تصدقها وصفعتها علي وجنتيها الأخري مرددة باستنكار:
_ إنتي كـ.ـد.ابة مهاب لايمكن يعمل كدة أبدا!
مهاب متربي إنتي بتفتري عليه علشان تداري علي عملتك السودا.
الأن تبدل وجه البـ.ـنت القاسية التي رسمته ببراعة على وجهها وكشفت وجه الطفلة البريئة التي دنستها قسوة الحياة بعدmا كانت مدللة أبيها وأمها ، ورددت بانهيار:
_ أنا عمري ماكنت كذابة ياماما بس بقيت كذابه ، أنا مبقتش سما الطفلة البريئة إللي إنتي خلفتيها وربتيها ،
انا بقيت مشوهه من جوه ومن بره واتدmرت وحياتي القديمة الجميلة اندفنت ومش هعرف ارجع لها تاني .
مسحت راندا دmـ.ـو.ع عينيها بحدة ونظرت اليها بأعين دامية وهي تحاوطها من كتفيها ورددت بحيره:
_ليه كده يا سما ليه عملتي فينا وفي نفسك كده؟
واسترسلت بتساؤل مغلف بنفس الحيرة:
_ليه عملتي لي حظر انطقي ؟
أجابتها باستفاضة وهي تجلس على التخت بإهمال وتضع وجهها بين كفيها:
_ومش بس إنتي يا ماما اللي عملت لك حظر انا عملت لجدو ولتيتي ولخالو ولخالتو ولمهاب ولبابا وكله مفكر ان انا قفلت صفحتي علشان خاطر حالتي النفسيه بسبب اللي حصل لنا ،
لكن أنا خدعت الكل .
وضعت رندا يدها على صدرها وهي تحاول ان تهدئ من ضـ.ـر.بات قلبها السريعة التي تنتابها كلما استمعت الى كلمـ.ـا.ت ابـ.ـنتها البشعة ،
وأكملت استفساراتها والتي من الواضح أنها لن تنتهي :
_ اتعلمتي ده كله من مين وامته ؟
سما بلا مبالاة:
_ ياه ياماما دي الدنيا إللي حوالينا مسرح كبير اتعلمت منه وإنتي بعيدة عننا وعايشة جوة دوامة الشوبينح وصالونات التجميل والخروج والفسح وبعدتي أووي .
أحست بأن الكون يدور حولها مما علمته عن أبنائها وصارت تضـ.ـر.ب وجهيها كالجهلاء من شـ.ـدة الصدmة وجلست أرضاً وهي تنتحب :
_ يامرارك ياراندا ومصيبتك إللي وقعت فوق دmاغك ،
وأكملت نحيبها:
_ ليه يارب يجرالي أنا كدة دونا عن الخلق كلهم!
ليه يكون اللي باقي من عمري كله قهر وو.جـ.ـع واللي فات عشته أم وأب ودفنتي نفسي سنين في الدوامة وملحقتش نصيبي من الفرح .
جلست سما بجانبها كالقرفصاء تضم ساقيها وتضع رأسها بينهم وهي تنتحب كوالدتها بشـ.ـدة،
كيف تمـ.ـو.ت المرأة حية ؟
قال :
غابرييل_غارسيا_ماركيز :
رأيت امرأة مـ.ـيـ.ـتة يوم أمس، وكانت تتنفس مثلنا،
ولكن كيف تمـ.ـو.ت المرأة ؟ وكيف تراها تحتضر ؟؟
تمـ.ـو.ت إذا فارقت وجهها الابتسامة، إذا لم تعد تهتم بجمالها، إذا لم تتمسك بأيدي أحد ما بقوة، وإن لم تعد تنتظر عناق أحد، وإن أعتلت وجهها ابتسامة ساخرة إذا مر عليها حديث الحب، نعم هكذا تمـ.ـو.ت المرأة !!
نعم تمـ.ـو.ت المرأة وهي حية ترزَق، تعلن الحداد داخلها، تعيش مراسم دفنها لوحدها ثم تنهض، ترتّب شكلها، تمسح الكحل السائل تحت عينيها، تعيد وضعه، ثم تخرج للعالم، واقفة بكامل أناقتها، تتنفس وربما مبتسمة وتضحك، لكنها مـ.ـيـ.ـتة ولا أحد يعلم !
فكم من امرأةٍ تعيش بيننا تتنفس، لكنها مـ.ـا.تت منذ زمن،
انطفاء بريق الأمل والقوة في عينيها هو أولى علامـ.ـا.ت المـ.ـو.ت .
_______________________________
والله أنا دmاغي محتاجها فعلاً بسبب دوشة الطلبة في الجامعة ، واتصالات ريما اللي داوشاني بيها من الصبح .
نظر مالك وعلي إلي بعضهما باندهاش مرددين بصوت واحد :
_ ريما !
تحدثت بابتسامة هادئة:
_ أيوة يامستر مالك ريما ستور .
نطق الاثنان بذهول :
_ إزاي ده ! معقولة !
ابتسمت علي ذهولهم الغير مفهوم لها وهتفت باندهاش :
_ الله هو في ايه غير معقول في إللي أنا بقوله ؟
أجابها علي مبتسماً:
_ معلش اعذرينا أصل إحنا كنا مفكرين ريما ستور امرأة أربعينية محنكة .
أنهي كلامه وهو يضع يده علي فمه مبتسما ،
وأكمل مالك باندهاش:
_ والله أنا مش مصدق إن إللي بتبعت لنا التصاميم اللي بالدقة والروعة دي طول الخمس سنين إللي فاتو تطلع سنها صغير كدة .
ابتسم رحيم عليهم ونظر إلى ريما مرددا بتفاخر مغلف بالمداعبة:
_ الله دي إنتي طلعتي هيرو بقي وليكي صيت ومحدش قدك ومش هنعرف نكلمك بعد كدة .
لكزته بقدmيها بخفة وهي تنظر له بحدة وتحدثت إليهم باعتذار :
_ معلش يامستر مالك رحيم أخويا بيحب الهزار والضحك ،
واسترسلت بتأني:
_انا جيت لحضرتك النهارده علشان ما كانش ينفع اقبل عرض الشغل على الواتس فلازم كنت اجي علشان ابلغكم اني موافقة انضم لمجموعة مالك الجوهري .
ابتسم ذلك العلي علي موافقتها وأردف بترحيب هائل:
_ياه اخيرا ريما ستور هتنضم رسميا لمجموعة مالك الجوهري من زمان واحنا نفسنا في الخطوة دي معاكي سبحان الله كل تاخيره وفيها خيره .
اما مالك فقد شعر بفرحة شـ.ـديدة منذ ان أدلت عليهم بموافقتها فهو كان منتظرا لتلك اللحظة فوجودها بينهم بتصميمـ.ـا.تها المبدعة سيرفع من شأن المجموعة وخاصة انها مميزة في عالم الفاشون والجميع يتساءل عنها،
اهتز فكه بسعادة وهتف بترحيب:
_شرفتينا يا مدام ريم واهلا بيكي انا سعيد جدا لانضمامك لينا وان احنا نشتغل مع بعض وجها لوجه وبكده ممكن نضيف للشغل افضل ما يمكن بوجودك هنا ،
وتابع حديثه بإبانة:
_عايز أوضح لك حاجة مهمه جدا ان احنا هنا في المجموعة ما بـ.ـنتعاملش كالمدير واللي شغالين عنده خالص مجموعة مالك الجوهري كلها بتشتغل ايد واحده مع بعضها علشان خاطر نرفع من شأن المجموعة وسط سوق الفاشون ،
علشان كده اي حاجه تضايقك لازم تعرضيها عليا انا شخصيا لأني حابب ان احنا نفضل نتعامل مع بعض،
واستطرد حديثه برجاء:
_علشان كده بطلب منك وقت ما تحسي ان شغلك مش مجزي ماديا ليكي ما عنديش مانع ان احنا نتفاهم لكن اللي يضايقني جدا ان إنتي تيجي في وسط الطريق وتقولي لي ان جالك عرض افضل وتسيبي المجموعة ساعتها انا هبقى متضايق جدا .
كانت تستمع اليه بآذان صاغية وتفهمت كلمـ.ـا.ته وأجابته باستجواد:
_ما تقلقش من الناحية دي يا مستر مالك انا من النوع اللي لما بشتغل في مكان بتعلق بيه جدا والناحية المادية ما تفرقش معايا لأني انا بشتغل مش عشان خاطر أجمع فلوس كتير خالص انا بشتغل علشان انا حابه مجال fashion designer،
يعني من النهاية انا آخر حاجه أفكر فيها الماديات،
واسترسلت بتوضيح:
_بس حاجة مهمة برده اني مش بحب حد يتدخل في تصميمـ.ـا.تي أو يعدل عليها انا التصميم بتاعي بشتغل عليه من البداية للنهاية لتعديلاته،
ودي اكتر حاجة هي اللي تضايقني في الشغل غير كده مش هنختلف بإذن الله يافنـ.ـد.م.
طمأنها أنه لن يتدخل أحدا في التصميم الخاص بها وعلى الفور استدعي مدير الشؤون القانونية وطلب منه ان يكتب عقد التعامل بينهم بدون شروط على الطرفين فمالك كلمته كلمه رجل وليس ذكر وريم من النوع الذي لم يغدر ابدا وتمتلك من الوفاء ما يجعل الطرف الآخر مطمئنا لها،
بعد انهاء التوقيعات على العقد ناوله إياها قائلا بابتسامة ظهرت على معالم وجهه:
_اتفضلي يا مدام نورتي مجموعة الجوهري وأهلا بيكي من بكره ان شاء الله هتيجي هتلاقي مكتبك جاهز هشرف عليه بنفسي من النهارده.
تناولوا المبـ.ـاركات فيما بينهم وبعد مدة غادرت ريم المكتب،
زفر مالك أنفاسه بـ.ـارتياح وتحدث بسعادة:
_اخيرا يا علي ما تتصورش دي هتفرق معانا ازاي في المجموعة الكل مستني ظهور ريما ستور وخاصة الفنانين اللي كانوا عايزين يتعاملوا معاها وجها لوجه مصممين عليها هتبقى مكسب رائع جدا لينا.
حرك علي رأسه وعلى وجهه علامـ.ـا.ت الابتسامه قائلا :
_ أوي أوي سبحان الله ياأخي بعد ما فقدنا الأمل ربنا يبعته لنا واحنا لا على البال ولا الخاطر ،
واستطرد حديثه وهو ينتصب واقفا :
_ هروح بقي أجهز لها المكتب إللي جمبك مباشرة .
تحدث مالك مشجعا:
_ تمام علي بركة الله ربنا يجعله فتحة خير يارب.
أما في سيارة رحيم يشاكس ريم مرددا بمداعبة:
_ والله وبقينا مهمين وهنقعد علي مكاتب وهنتعامل مع فنانين والشهرة جاية لنا راكبة طيارة يارومـ.ـيـ.ـتي .
ضحكت بشـ.ـدة حتي أدmعت عيناها من دعابة أخيها وهتفت متمتمة بآية الاستعاذة:
_ “قل أعوذ برب الفلق” ايه هتقر عليا وأنا لسه بقول ياهادي ، عيب يادكترة ميصحش كدة .
مط شفتيه مدعياً الغضب وهتف بنبرة عتاب مصطنعة:
_ أنا الدكتور رحيم باشا إللي مدوب بنات الجامعه هحسدك إنتي ياريم هزلت والله، مكنش العشم كدة ياقلب أخوكي .
ظل الحديث بينهم متخذا نمط المشاكسة إلي أن أوصلها إلي المنزل قائلا وهو ينظر في ساعة يداه :
_ أنا رايح مشوار كدة ياريم بلغي ماما إني هتغدي برة .
غمزت بإحدي عينيها بشقاوة مرددة :
_ أيون شكلك كدة رايح تشم هوا ينعنش قلبك اللي جاله جفاف ياعين أختك .
رفع حاجبيه باستنكار هاتفا:
_ الله هي ريم الرقيقة بتعرف تقلش وتتكلم من تحت لتحت ،
والله عجبت لك يازمن !
ضحكت من كلمـ.ـا.ته وأشارت له أن ينطلق بسيارته ودلفت الي قرة عينيها اللذان استوحشتهم كثيرا ،
_________________________________
في منزل باهر الجمال تجلس اعتماد تغلي نارا وهي تردد لولدها:
_ البت مبقاش حد قادر عليها ، قلعت الأسود ورجعت تتشيك علي سنجة عشرة ولا كأن إللي مـ.ـا.ت كـ.ـلـ.ـب ولا يسوى .
تأفف زاهر من حديث والدته وسألها :
_ وإنتي عرفتي منين يا أمي هو إنتي شفتيها ؟
أجابته وهي تضـ.ـر.ب بكلتا يديها علي فخذيها:
_ من المحروق إللي اسمه الفيس ياأخويا منزله علي القصة بتاعتها صورتها وهي قاعدة بترسم رسومتها الهبلة إللي خسرتها بيتها وجوزها ،
واسترسلت بنبرة شيطانية:
_ دي طلعت ولا أصل ولا فصل وأهلها معرفوش يربوها ، ده أنا لحد دلوقتي مقلعتش الأسود علي أبوك الله يرحمه .
كانت هند تلتزم وضع الصمت ولكن لم تقدر على ذلك وهتفت باستهزاء:
_ أمال إنتي مفكرة هتعمل ايه يعني ياحمـ.ـا.تي!
دي لسه شابة صغيرة وجميلة وأكيد لازم تخرج للدنيا وتعيش حياتها ، مش هتدفن نفسها بالحيا يعني .
_تصدقي بالله انك معندكيش ذرة إحساس وجبلة … جملة تهكمية قالتها اعتماد لهند وأكملت بغضب :
_ الا لو إنتي إللي في موقفها كفي الله الشر علي إبني ربنا يحميه ويحرسه يارب كنتي عملتي كدة زي اللي مـ.ـا.تتسمي دي ؟!
لوت شفتيها بامتعاض وتحدثت:
_ بعد الشر عليا من الهم والحـ.ـز.ن ياحمـ.ـا.تي ،
مـ.ـا.تفوليش عليا وترمليني بدري بدري كدة .
قطب زاهر جبينه ولم يعجبه ردها وأردف ساخرا:
_ لا يامراتي طلعتي ست ولا كل الستات!
بدل مـ.ـا.تردي تقولي بعد الشر علي جوزي وربنا يخليه لي وتدعي لي بطولة العمر لاااا كل إللي همك انك متلبسيش أسود ولا تترملي وإنتي صغيرة ! ده إنتي دبش دبش مفيش كلام .
كادت أن تعترض علي كلامه إلا ان اعتماد أشارت اليهم بحدة :
_ بقولكم إيه هو انتو كل لما أكلمكم كلمتين علي إللي ينخفي اسمها وصورتها تتخانقوا وتقلبوها لي نكد هنا ؟!
واسترسلت وهي تمسك هاتفها وبدأت بفتح تطبيق الواتساب:
_ والله لابعت لها رسالة وأحر.ق دm.ها البعيدة وأخليها تغل.ي نا.ر من جواها ولا أسييهاش تتهني وابني ضنايا مرمي في تربته .
لم يوقفها زاهر فهو ضعيف الشخصية أمام والدته ولن يقدر أن يراجعها ولا أن يمنعها ،
أما هند كانت تنظر اليها نظرات احتقار علي مـ.ـا.تفعله ،
دونت رسالتها والتي احتوت علي :
_ ازي الكونتيسة ريم هانم اللي دايرة علي حل شعرها وشكل لما تكون صدقت جوزها مـ.ـا.ت ،
دي انتي طلعتي معدومة الأصل لا ده إنتي معندكيش أصل أصلاً .
استلمت ريم رسالتها وقرأتها وهي تستشيط غضبا ولكن استعملت معها منطق البرود التام وأرسلت لها إيموشن تأكيد ولم تعيرها اهتمام ،
استشاطت اعتماد من تجاهلها فهي كانت قاصدة أن تكيدها ولكن هي التي وقعت في مكيدتها ورددت بغضب وهي تجز علي أسنانها:
_ أه يانا من بـ.ـنت المحرو.ق دي بت بـ.ـاردة ولا بتحس ،
قال جيت أكيد الناس كدت أنا نفسي ،
واسترسلت بوعيد:
_ والله ماهسيبها تتهني ولازم أخلي اللي مايشتري يتفرج عليها ست حلويات دي .
وظلت تتآكل غضبا جما كاد أن يفتك برأسها وهم يستمعون إليها دون اعتراض.
_____________________________
في منزل مالك الجوهري تجلس تلك الراقية مع ابـ.ـنتها التي تحدثت باستفسار:
_ يعني ياماما مالك ربنا شفاه من المرض إللي كان مانعه من الخلفة خالص ؟
تنهدت بـ.ـارتياح وأجابتها بابتسامه تشع حمدا:
_ أه يابـ.ـنتي ربنا تم شفاه علي خير الحمد لله وجبر بخاطره ،
واسترسلت وهي تنظر للسماء بدعاء:
_ ويارب يرزقه ببـ.ـنت الحلال إللي تعوضه مر العمر إللي ياحبة عيني بيمر بيه وملحقش يعيش من لحظاته ولا ساعه هنية .
عقدت هيام حاجبيها باندهاش وأردفت بتعجب :
_ طيب إزاي خف خالص بالسهولة دي ؟
اندهشت عبير من تساؤلها ونطقت باستنكار:
_ يعني ايه ازاي ياهيام مش فاهمة سؤالك ده ؟
بدل ما تقولي الحمدلله إن ربنا شفاه.
ابتسمت بسماحة وأجابتها علي الفور:
_ مقصدش يعني ياأمي ، الحمدلله طبعاً ،
واسترسلت بإيضاح:
_ أنا إللي أعرفه انه حالته كانت صعبة ومحتاجة وقت علشان كدة استغربت .
اندهشت عبير أكثر وسألتها:
_ وإنتي عرفتي منين ان الحالة صعبة ومحتاجة وقت ؟! أنا عمري ماجبت لحد سيرة.
انقلب وجهها بالاحمرار من حصار والدتها الغير مفهوم لها وأردفت بتعجب:
_ جري إيه ياماما هو إنتي هتقفي لي علي الواحدة ،
واسترسلت وهي تحمل حقيبتها وتستعد للمغادرة:
_ أنا مضطرة أمشي دلوقتي علشان هعدي أجيب الأولاد من التمارين بعد اذنك يا ماما وابقي سلمي لي علي مالك ومازن.
كانت عبير تنظر علي أثرها بقلب يدق بخـ.ـو.ف مما وصل إليه تفكيرها وأرعـ.ـبها بشـ.ـدة ،
ولكن نفضت ذاك التفكير عن بالها واستنكرته تماما واستدعت الهدوء وعادت إلي مسبحتها تستغفر الله .
___________________________
في مصنع مالك الجوهري كان يتجول في الطرقات وإذا به يستمع إلي صوت أخيه يقف مع إحداهن ووجد نفسه يقترب أكثر كي يسمع مايقال بينهم دون أن يروه ،
مروان بغمزة :
_ بس ايه يابت الطقم الجـ.ـا.مد ده عود البطل بصحيح .
ضحكت بأنوثة مثيرة وأردفت بدلع:
_ والله طول عمري شياكة وأناقة ياموري مش جديده عليا يعني .
ربع ساعديه حول صدره وتابع بمشاغبة:
_ ده إنتي باينك كنتي بطلة الملاعب بقي يامزة .
مطت شفتاها بإغراء ويدها تعبث بخصلات شعرها الحريري وتحدثت بمراوغة:
_ ياه متفكرنيش بقي ياموري بالأيام الحلوة حكم انا بقي عندي جفاف عاطفي علي الأخر.
ابتسم بعبوس علي حديثها و هتف بزعل مصطنع:
_ الله هما عمي ولا ايه والنظر عندهم ضعف ،
هما مش شايفين الجمال والدلال ده ولا ايه ؟
كادت أن تجيبه إلا أن مالك ظهر من العدm ناهرا إياه بحدة :
_ اتفضل علي مكتبي حالا استناني هناك ومتتحركش منه أرجع لك ،
واسترسل حديثه وهو ينظر إليها باشمئزاز هادرا بها بعضب جم :
_ ده إنتي طلعتي قذرة ومقرفة أوي ياشيخة ،
سبحان الله الزمن مغيرش فيكي حاجة غير إنه خلاكي أوسـ.ـخ من الأول ،
أنا مش من النوع إللي بحب قطع الأرزاق بس معاكي قطع رزقك عين الحلال والصح ،
١٠ دقايق بالظبط ومشفش وشك هنا تاني وإلا هخلي الأمن يطلعك بره .
أنهي حديثه اللاذع لها وخطي من أمامها بخطوات مسرعة غاضبة قاصداً مكتبه ،
كان مروان يجلس وعلي وجهه علامـ.ـا.ت الذعر من أخيه وما إن رأه حتي أردف معتذرا وهو يومئ رأسه لأسفل:
_ أنا أسف يامالك واعتبر دي أخر مرة يحصل كدة .
زفر مالك أنفاسه بتعب من أخيه وفضل أن لا ينفعل وأن يفهمه خطأه بكل هدوء مرددا:
_شوف يا مروان انا ممكن اسيبك تعمل اللي على كيفك وزي ما انت ماعايز بس مع البني ادmه دي بالذات ابعد عنها خالص لأن لا هي شبهك ولا انت شبهها ،
دي واحدة مطلقة لسبب ما إنت متعرفهوش وبتتكلم بأسلوب قذر فمن الأفضل ان انت تبعد عنها خالص ،
وتابع حديثه وهو على نفس الهدوء بتحذير:
_انا مش جايبك هنا الشغل علشان تشقط البنات وتشغلهم انا جايبك علشان تشتغل وتبقى راجـ.ـل يعتمد عليه ارجوك ما تخلينيش اتعامل معاك بطريقه انت مش بتحبها وكبرت عليها .
حرك راسه بموافقه دون اي اعتراض وأردف بنـ.ـد.م :
_ماشي حقك عليا يا اخويا ما تزعلش مني انت عندك حق في كل كلمه قلتها واوعدك اني مش هعمل كده تاني .
هز مالك رأسه بابتسامة وتحدث وهو يربت على يده الموضوعة علي المكتب:
_تمام يا مروان وانا مصدقك لأنك راجـ.ـل والراجـ.ـل معروف بكلمته وما بيكذبش ابدا اتفضل على شغلك واعمل حسابك هنتعشى مع بعض النهارده ومفيش خروج .
انتصب مروان واقفا وهو يردد بموافقه :
_تمام يا فنـ.ـد.م علم و ينفذ .
_______________________________
وصل رحيم البنك ودلف بخطواته المسرعة قاصدا مكتب محبوبته التي لم يراها منذ اكثر من عشرة ايام ولا طاقه له تحتمل وحشتها اكثر من ذلك،
قبل ان يصل الى المكتب الذي كان بابه مفتوحا استمع الى احدهم يردد:
_فكرتي في الموضوع اللي انا قلت لك عليه يا آنسه مريم ولا لسه ؟
أجابته مريم بخجل:
_اظن انا رديت عليك يا باشمهندس على طول في نفس الوقت اللي عرضت عليا فيه الموضوع وقلت لك رايي .
انزعج الآخر من ردها وهتف برجاء:
_طب ازاي ترفضي من غير ما تدينا فرصه نتعرف على بعض وإنتي اصلا ما ت عـ.ـر.فينيش؟
قبل ان ينطق فاهها الإجابة استمعوا الى حديث ذاك الغاضب مرددا بحده:
_علشان الآنسه مريم في حكم المخطوبة يا باشمهندس وان شاء الله قريب جدا هنعزمك واحنا بنلبس الدبل .
انقلب وجه ذاك الجالس علامـ.ـا.ت الطيف وأخذ يحرك رابطة عنقه دليلاً علي احراجه واضطرابه من ذاك الموقف المهين واستجمع الكلمـ.ـا.ت بصعوبه علي فمه ونطق باستفسار وهو ينظر لمريم :
_ إنتي ليه معرفتنيش يامريم إنك مخطوبة أول ماعرضت عليكي طلبي وردك عليا كان يوحي بأنك ممكن توافقي .
كاد قلبها أن يهوي بين قدmيها من نظرات رحيم الواقف أمامها فنظراته كانت كالبركان علي وشك الانفجار ، ولم تقدر أن تتفوه بحرف وكأن لسانها ابتلع من شـ.ـده نظراته ،
ولكن استجمعت حالها وكادت أن تجيبه إلا أن رحيم أشار إليها أن تصمت وأردف ببرود:
_ ويخصك في ايه حضرتك تعرف إذا كانت مخطوبة ولا لأ ، هي ملزمة تعرفك حياتها الشخصية ولا حاجة ،
وتابع بنبره تحمل الاستهزاء:
_ ماهي قالت لك إنها مش موافقه انت اللي عشمت نفسك بحاجة مرفوضة من البداية.
انتصب ذاك الشاب واقفا بانزعاج وهو يردد بغضب:
_ أنا لايمكن أستحمل الإهانة دي أكتر من كدة ، ليكي مدير بنك هنا يرد لي اهانتي دي .
ثم خرج بغضب ولكنه استمع لكلمـ.ـا.ت رحيم الأخيرة :
_ مع السلامه والقلب داعي لك ياأخويا،
ثم نظر إلي مريم مرددا بغضب:
_ والله عال ياست مريم هانم بيتقدm لك عرسان وأنا المغفل إللي نايم علي ودانه .
قال أخر كلمـ.ـا.ته وهو يضـ.ـر.ب علي المكتب بعنف جعلها ترتعب من غضبه الشـ.ـديد الذي تراه لأول مرة ، هدأت من حالها وأجابته بثبات اصطنعته بأعجوبة:
_ هو أنا يعني مش بـ.ـنت زي البنات ولا ايه وطبيعي جداً إني يتقدm لي عرسان يادكتور .
اتسع بؤبؤ عينيه من ردها وهتف بحدة :
_ ايه الكلام اللي إنتي بتقوليه ده يا مريم فوقي لنفسك أنا رحيم .
استجمعت شجاعتها وهتفت باستنكار:
_هو انا قلت ايه يعني يخليك تزهق عليا وتغضب ويبقى شكلك بالمنظر ده وكأني عملت عاملة ولا كأنك دخلت لقيتني واقفه في حـ.ـضـ.ـنه مثلا .
قاطع حديثها بحدة وهدر به بنظرة غاضبة:
_ والله عال وكمان مش معترفة بغلطك وبتتريقي كمان ياهانم !
وتابع حديثه بتصميم:
_ اعملي حسابك انت هتسيبي الشغل في البنك وترجعي الجامعة ويبقى مكان شغلنا واحد انا اصلا مش موافق على شغلك في البنك من البداية .
جزت علي أسنانها وصاحت به:
_ بأي حق تقرر عني وبأي حق تمنعني من شغلي إللي أنا بحبه .
صمت لثوان ثم حدق في عينيها وأردف بنبرة عتاب مغلفة بالهدوء:
_ بحق الحب إللي بينا يامريم إللي وصل لمرحلة العشق ،
بحق الأيام والليالي إللي بحلم نكون فيها مع بعض ، بحق قلبي إللي امتكلتيه وعقلي اللي مشغول بيكي ليل نهار ،
بحق الوعود والعهود إللي بينا اننا نكون قلب واحد ورأي واحد وكيان واحد ،
واسترسل بنبرة ممزوجه بالحـ.ـز.ن:
_ ياتري بعد كل إللي قلته ليا حق ولا مليش يامريم ؟
زمت شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحـ.ـز.ن ممزوج بدلال وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :
_ ماهو انت إللي دخلت فيا شمال وحمرت لي عيونك ورعـ.ـبتني وخليت قلبي طب في رجلي أعمل إيه يعني ،
وأكملت وهي تتمتم بصوت خفيض:
_ مستحملتش يارحيم ولقتني بقول أي كلام .
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وتابع باستفسار:
_ طيب قلتي ايه يامريم عايزك تشتغلي معايا في الجامعة وتبقي مع بعض ؟
تنهدت وتحدثت باستجواد:
_ أنا حبيت الشغل هنا أوي يارحيم ولقيت نفسي في المكان ده وفي الشهور القليلة دي بفضل الله اكتسبت خبرة تعبت جدا علشان أوصل لها أرجوك ياحبيبي أقف جمبي وادعمني ومتخليش موقف تافه زي ده يأثر عليك .
احمرت عيناه من جديد ونطق غاضباً:
_ والله إنتي شايفه إن ده موقف تافه ؟!
ابتسمت وهي تشير إليه بكف يدها أن يهدأ:
_ طيب اهدي بقي ومترجعش لحالتك دي تاني وأوعدك إن ده لو حصل تاني هقول لك والله .
زفر بسأم وتحدث باعتراض:
_ يعني برده مصممة اننا نكون بعاد عن بعض ؟
أجابته بتوضيح:
_ كدة أحسن علشان طنط متظنش فيا السوء أكتر ، أنا كدة مرتاحة ومريحة ،
واسترسلت بحب نابع من قلبها:
_ بس سيبك انت شكلك قمرر وانت واقف كدة ترد علي معتز والغيره عليا خلت قلبي يرفرف من السعادة.
قطب جبينه وتحدث باستنكار:
_ وكمان بتنطقي اسمه قدامي! بقولك ايه يامريم اتقي شري النهاردة علشان أنا عفاريت الدنيا بتتنطط في وشي .
ضحكت بشـ.ـدة رغماً عنها ثم هدأت وتحدثت بطاعة:
_ حاضر ياقلبي أنا مش هتكلم تاني .
نظر إليها بقلب يدق بعنف وردد بوله:
_ بجد ياقلب رحيم بتحبيني قد ما بحبك ؟
أجابته بعيون ولهة وهي تشير إلي قلبها:
_ والله مادق لحد قبلك ولا هيدق لحد بعدك وكأن دقاته اتوصمت ليك انت وبس ياقلب مريم.
تنهد وبعيناي عاشقة أومأ لها بأهدابه وتحدث بتلبية:
_ خلاص أنا موافق تفضلي هنا ومش بس كدة تعملي حسابك في خلال عشر أيام بالكتير هاجي أخطبك كفايه كدة الشهور دي كلها تأجيل ، جبت أخري خلاص ومبقتش قادر أستحمل متبقيش علي اسمي وملكي .
اعترى الخجل جسدها بأكمله وصارت دقات قلبها أكثر عنفاً ونطقت بنبرة يملؤها الشجن:
_ خايفة أصدق وأرتب وأجهز نفسي وفي الاخر أنصدm .
لاحظ حـ.ـز.نها الشـ.ـديد فطمأنها بتأكيد:
_ مش واثقه فيا وفي كلامي يامريم ؟
أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :
_ مش قصة ثقة فيك انت لااا ده في إللي حواليك وفي المجتمع نفسه إللي شايفني مستحقش أعيش وأحب وأتحب من إللي قلبي اختاره .
رفع منكبيه باستكانة وبنبرة تقطر عشقاً تحدث شارحاً:
_ ومين يقدر يبعدني عنك ولا يغير تفكيري في القرب منك وانا كلي بيناديكي تسكنيه ،
وتابع بتأكيد:
_ أنا كنت مخليها مفاجأة ليكي بس علشان نظرات الحـ.ـز.ن اللي في عيونك دي وقله الثقه اللي محاوطه بيها نفسك هقول لك ،
انا بقى لي اكتر من شهرين انا وريم وبابا بنقنع ماما وخلاص قربنا نقنعها ، وعايز أعرفك كمان إنها مش هتبقي خطوبة لاااا إحنا هنكتب كتابنا علطول ياعمري .
انتفضت بسعادة بالغة من كلمـ.ـا.ته وأردفت بتساؤل:
_ بجد يا قلبي كلامك دة ولا بتصبرني وخلاص .
استدار بكامل جسده وأجابها وهو ينظر داخل عيناها:
_بجد جداً ياعمري ، ياه نفسي بقي اليوم ده يجي بسرعه علشان نفسي أوي أتنفس عطرك عن قرب وأضمك لحـ.ـضـ.ـني ياقلبي.
خجلت بشـ.ـدة من كلمـ.ـا.ته وهتفت بهدوء:
_ بعد إذنك يارحيم بلاش تتكلم معايا بالطريقة دي والعلاقة مابينا تاخد منحني أنا مش حاباه أو بمعنى أصح يغضب ربنا كفايه كلامنا مع بعض بدون رابط شرعي ده في حد ذاته حـ.ـر.ام وهنتحاسب عليه ،
واسترسلت حديثها بابتسامه نابعه من قلبها الجميل:
_ أنا نفسي أي شعور وأي نبضة من قلبي ليك أحسه في الحلال علشان أعرف أدوق حلاوته من غير ماألوم نفسي.
بادلها نفس الابتسامه وردد بحالمية:
_ طيب هحبك أكتر من كدة إيه يابـ.ـنت قلبي وروحي ،
لا ده أنا عديت مراحل الحب والعشق والغرام وخلصتهم فيكي .
ابتسمت وهي ترمش بأهدابها خجلاً من كلمـ.ـا.ته وما إن رأي علامـ.ـا.ت الخجل علي وجهها ردد بعشق جارف:
_ لا ده أنا كدة هدوب وقلبي مش هيستحمل ياروما .
قطبت جبينها وهتفت باندهاش:
_ بردو مفيش فايدة ده كأني مبقولش حاجة ،
إنت وجودك دلوقتي هنا بقي خطر كبير اتفضل يالا روح شوف وراك ايه علشان أنا كمان أشوف ورايا ايه.
جلس يشاغبها بخفة ظله قليلاً ثم ودعها بقلب حزين ولكن وعد حاله أن لا ينقضي ذالك الأسبوع إلا وهي امرأته ، وظل هائما بها ويردد داخله بكلمـ.ـا.ت عشقه لها ،
أخبروها بأن عيناي تنتظر رؤيا طيفها هائمة،
أخبروها بأن أنفاسي متلهفة للمساتها الناعمة ،
أخبروها بأنها عشقي الأبدي وحياتي بدونها قاتمة،
أخبروها بأنها روحي ودقات قلبي بنارها مغرمة .
________________________________
↚في أحد المطاعم الشهيرة يجلس الدكتور إيهاب مع أخر شخص توقع مجيئه إلي مصر حيث جاءت فيروز الأنثي الراقية إلي الأراضي المصرية والتي تزورها لأول مرة في حياتها لأجل أن تري إيهاب الذي استوحشته كثيرا ،
جلست مقابلته تنظر إليه بحب جارف ووحشة شـ.ـديدة ورددت بهيام:
_ وحـ.ـشـ.ـتني كتييير جدا ياإيهاب .
ابتسم بهدوء وأجابها:
_ ياه لسه منستيش اللهجة المصرية يافيروز وبتتكلميها بطـ.ـلا.قة.
اعتدلت في جلستها وهتفت بحب:
_ لأني بحبها جداً وبحب أتكلم بيها وعلشان حبايبي إللي قريبين من قلبي يفهموني بيها .
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة ارتسمت رغما عنه:
_ بلاش نتكلم مع بعض بالطريقة اللي تو.جـ.ـع قلوبنا وترهقها يافيروز احنا بقينا دلوقتي أصدقاء وبس .
انزعجت بشـ.ـده من كلامه وأردفت بنبرة حزينة:
_ ليه ياإيهاب بتعمل فينا كدة !
انت طلقتني وانت عارف إني هتعـ.ـذ.ب في بعدك وأنت إللي خرجتني من دوامة الحـ.ـز.ن إللي كنت عايشة فيها وفجأة سبتني علشانها وفي الآخر هي مرجعتلكش ،
واسترسلت بملامة:
_ ولا منك طولتها ولا مننا استمرينا وانت بتتعـ.ـذ.ب وأنا انقهرت في بعدك عني.
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وتحدث بإيضاح:
_ من البداية قلت لك إني مسيري في يوم من الأيام هفارق وإني احتمال مقدرش أكمل يعني أنا مخدعتكيش يافيروز .
ابتلعت غصتها بمرارة مثل مرارة الصبـ.ـار وتركت لسانها يتفوه :
_ أنا كنت بالنسبة لك إيه ياإيهاب ممكن أعرف ؟
هل كنت مجرد نزوة بتفضي فيها رغباتك واحتياجاتك وقت ماكنت لوحدك ؟
بنبرة يملؤها الشجن أجابها:
_ كنتي زي طيف جميل عشت معاه خمس سنين في هدوء وراحة وفجأه اختفي.
بنبرة صوت محتقنة هتفت بأمل:
_ طيب ليه بتسميها اختفت أنا وانت دلوقتي مفيش حد في حياتنا وأنا بحبك وانت عارف كدة كويس ، تعالي نرجع دبي ونكمل حياتنا هناك أرجوك .
ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة هادئة :
_ مينفعش يافيروز مقدرش أكـ.ـسرها مرة تانية دي مش بس أم ولادي وعشرة عمري دي كل عمري وأيامه الحلوة .
ضيقت عيناها بحـ.ـز.ن وأوردفت بعتاب:
_ إنت قاسي أووي يا ايهاب عليا ، طيب والخمس سنين إللي عشناهم مع بعض في سعادة وراحة وحب دول كانوا وهم مثلاً!
طيب كلمة بحبك ياروزا إللي كنت بتقولها لي كانت هباء من ورا قلبك !
حـ.ـضـ.ـني إللي كنت بتنام فيه وتقولي ببقي في قمة الراحة والاسترخاء وأنا بين أحضانك ياحياتي كان مجرد كلام من سحر اللحظه وبعد كدة كأن شيئا لم يكن.
رفع منكبيه باستكانة وبنبرة تقطر نـ.ـد.ما تحدث شارحاً:
_ منكرش اني كنت برتاح في حـ.ـضـ.ـنك بس عمري ماخدعتك ولا قلت لك إني مبحبش مراتي لا يافيروز كل كلامي معاكي اني بعشقها وإنها بالنسبة لي كل حاجة .
_طيب وأنا ياايهاب بالنسبه لك إيه ؟.. جملة استفهامية نطقتها بعين تلمع بالدmـ.ـو.ع ،
وعقبت بقلب يحترق:
_ ده أنا جت لك مخصوص من هناك علشان نرجع وفي الآخر تقول لي مش هتقدر تكـ.ـسرها !
ماهي أصرت علي الطـ.ـلا.ق واطلقتوا ومصممة بردوا علي عدm الرجوع وإنت واقف في النص ولا طايلها ولا راضي نرجع يرضي مين ده !
يشبه حاله كتائهٍ في صحراء في يوم شـ.ـديد الحرارة ولكنه لايجيد الرجوع ولا قدmيه قادرة علي أن تسعفه ولكنه احتمي في مظلته التي تعطيه قسطاً طفيفاً من الاحتماء ،
وردد بتصميم:
_ولو عشت العمر كله من غيرها مش هجـ.ـر.حها تاني ولا هرجع ولا هعرف غيرك ولا غيرها .
واسترسل بروح منهكة:
_ هي مش بالنسبه لي أم ولادي ولا عشرة عمري لااا دي أكبر من أي إحساس وأقوي من أي شعور .
غضبت بشـ.ـدة من وصفه وأردفت برفض:
_ بس انت كدة ظالم ومش عادل ياإيهاب ،
وبتكـ.ـسر قلبي وبتقطع فيه وانت عارف يعني إيه و.جـ.ـع القلب ومجرب .
تنهد بتعب وهتف بنبرة حزينة:
_ ما باليد حيلة وما علي القلب سلطان يافيروز أنا اتسرعت في جوازي عليها وبدفع التمن دلوقتي ، بس مكنتش متوقع إنه هيبقي غالي كدة ، بيت اتدmر وأولاد اتهدmوا وانسانة محطمة وبقت حياة بائسة للجميع .
أشارت علي حالها باستغراب من كلامه وتحدثت باستنكار:
_ طيب وأنا فين من كل ده !
ده انا احتويتك وقت ضعفك ،
كنت ليك وطن في عز الغربة ، كنت ليك نهر ترتوي منه وقت مـ.ـا.تحب في أصعب لحظات ضعفك ، كل ده ومليش حتي في قلبك حبة حب ولا حبة حـ.ـز.ن ! مش بقولك إنت قاسي أوووي .
تألم كثيرا لحـ.ـز.نها وأشفق علي حالتها المعـ.ـذ.بة وأردف بأسف:
_ حقك عليا يا فيروز لأني خذلتك أووي ،
أرجوكي متشيلنيش ذنبك أكتر من إللي أنا شايله وحامله علي أكتافي وشيال الحمول قرب يتهز ويقع .
ابتلعت أنفاسها بصعوبة ورددت بتألم:
_ طول عمرك بتستغل طيبة قلبي وحبي ياإيهاب ، وطول عمرك بتعرف تلعب علي وتري الحساس إللي هو حبي ليك ،
واسترسلت بحـ.ـز.ن بالغ:
_ طيب هي ليها ولادها عايشين معاها وأهلها حواليها ومش سايبينها ،
أنا مكنش ليا إلا أنت تعالي أداوي لك جروح قلبك ونعيش مع بعض في هدوء .
قطب جبينه وتحدث باعتراض:
_ طيب سيبك منها ولادي أعمل فيهم ايه !
عايزاني أكـ.ـسرهم من تاني وأدmر قلوبهم مرة تانية ! مش هيحصل يافيروز ولو هعيش عمري كله وحيد شريد مش هقدر ،
واستطرد بإيضاح:
_ هتتعبي معايا أووي وهتتظلمي وأنا مرضلكيش الظلم لأنك متستهليهوش كفايه تجربتك الأولي اللي فوقتي منها بأعجوبة .
قلبت عينيها بحـ.ـز.ن عميق ودmع يلمع داخلهما واردفت:
_ بس أنت المرة دي هتبقي القشة اللي قطمت ظهر البعير يابشمهندس،
واسترسلت وهي ترتدي نظارتها الشمسية وعلي فجأه أمسكت يداه تتلمسهما بحنين بالغ مرددة بحب قبل أن تنتصب واقفة :
_ هتوحشني أوووي ياإيهاب ولازم تعرف إني بحبك وهعيش الباقي من عمري محبش غيرك .
في نفس المكان وفي نفس اللحظة دلفت راندا مع صديقتها المقربة لها والتي ماإن رأت صديقتها حالتها وحـ.ـز.نها الشـ.ـديد أصرت أن تخرجها من حالة الضيق وقامت بعزيمتها علي الغداء في أحد المطاعم ،
وبعد أن دخلتا واستقرا في المكان إذا بها تنصدm من ما رأته ،
وشهقت عالياً بصدmة لفتت نظر الجميع إليها ،
فراندا من الشخصيات التي تندفع بشـ.ـدة لموقف أغضبها وليس عندها ولو بضعا قليلا من التحكم بحالها ،
وفي التو والحال التقت أعينه المصدومة من رؤيتها لهم وهي تتحسس يداه مع أعينها الدامعة ونظرتها المنكـ.ـسرة ،
فتحطم كليا وهو جالس مكانه وليس قادراً علي التحرك محدثاً نفسه وهي متناسيا وجود تلك الفيروز قائلاً وهو ينظر لمقلتيها بدقات قلب تكاد تقفز من بين ضلوعه:
_ مهلاً حبيبتي لا تتعجلي في الحكم علينا فأنا كنت أقاوم منذ لحظة في محراب حبك وأنا لم أأمل لضمتك لا بل فقط لأن لا أجـ.ـر.حك ثانية .
أجابته عيونها بحسرة وألم :
_ خائن وخادع ومتجبر ياذلك القاسي الذي دmرني ،
كيف لك أن تفعل بي هكذا ! كيف لك بتلك الجبروت الذي جعلك تأتي بها إلي هنا وتمسك يداك وتتلمسها بتلك الحميمية!
رد حيرتها برأس تتحرك نفيا وكأنه وعى مايدور في خلدها وعيناه تنطق:
_ لا تظلميني فأنا دافعت عن وجودك داخلي بكل قوايا وأذنبت في حقها لأجلك ، أذنبت في جـ.ـر.حها لخاطرك ، أذنبت في هدmها لعشقك اللعين المستوطن داخلي كليا ، اهدأي حبيبتي اهدأي رفيقة الروح والنفس والفؤاد .
علي نفس نظراتها المنكـ.ـسرة الضعيفة تحركت شفتاه دون أن تدري ولكن بصوت عالي بعض الشئ:
_ آااااااااااااااااااه آااااااااااااااااااه ،
وعلي لسان حالها لاتنطق غير الآهات فقد تو.جـ.ـعت كثيراً من ذاك المشهد الذي آلم روحها ، نعم هي رفضته لكنها تعشقه ، صممت علي موقفها لكنها تحترق بشـ.ـدة أكثر منه ،
والموقف الأن مابين ثلاث قلوب تنكوي ألما وثلاث عيون نظراتهم ترسل نيراناً من شـ.ـدة الغيرة والألم ،
قلوب معـ.ـذ.بة محطمة يكمل عليها القدر بمشاهده التي أدmت قلوبهم ودmرت أرواحهم ،
انسحبت فيروز من بينهم بدmـ.ـو.ع تهبط من أسفل نظارتها كالشلالات فهي رأت العشق الذي بلا حدود في عينيه للمرة الثانية في وجودها،
ورأت في عينيها العشق الممنوع له والذي حرمته عليهما وانطلقت مسرعة من أمامهما وداخلها يتضرع ألما بشـ.ـدة بالغة ،
وقررت أن تعود إلي بلادها مكـ.ـسورة القلب والوجدان ،
أما هو فاق سريعاً واستوعب الموقف ووجد ساقاه تقوده نحوها بلا هوادة ،
وقف أمامها يتمتم بحروف خرجت من لسانه بتلعثم:
_ أحلف لك بإيه إني رفضت بشـ.ـدة إني أخونك تاني حتي لو انتي مش معايا دلوقتي ،
صدقيني ياحبيبتي أنا رفضتها بكل قوتي ، رفضتها وأنا في عز ضعفي واحتياجي ليكي ،
أرجوكي دmـ.ـو.عك بتقــ,تــلني .
علت شهقاتها وارتفعت رغما عنها وظهر ضعفها إجبـ.ـارا عليها وكأنه أعلن راية العصيان عليها فهي تعشقه حد النخاع رغم استكبـ.ـارها وتفوهت بقسوة كي تداري خلفها ضعفها :
_ إنت ايه ياأخي عايش حياتك براحتك وأنا مسحولة مع ولادك ومقهورة وسط مشاكلهم وانت عايش الغرام والهيام مع البرنسيسة!
يابجاحتك يا أخي يابجاحتك.
انصدm من تحولها تبكي غيرة وتنطق عنادا ، يقف متحيرا متألما لايعرف كيف يجيبها علي اهترائها ، ولكن نطق بتحذير:
_ الزمي حدودك في الكلام معايا ياراندا إحنا في مكان عام وحوالينا ناس وأنا عامل اعتبـ.ـار لكل حاجة بينا .
اهتز فكها بسخرية وأردفت:
_ إحنا اللي بينا اتقلب من دهب لتراب واتردm ، كل إللي بيني وبينك دلوقتي الأولاد وانسي إني أرجع لك .
تنهد بثقل وألم نفسي انتابه جراء كلمـ.ـا.تها اللاذعة وردد بهدوء:
_ وأنا مش هقابل عصيانك وكلامك الجارح ليا وقت غضبك بإهانة ليكي ومش هعمل زيك ، بعد إذنكم .
أنهي كلمـ.ـا.ته الراقية بأسلوب مهذب وغادر المكان بقلب يحترق لأجلها فهي غارت بشـ.ـدة وما انفعالها ذاك إلا لعشق تود أن توأده في طي النسيان ولن تستطيع ،
أما هي وقفت تنظر لأثره بدmـ.ـو.ع وهي تردد :
_ خـ.ـا.ين غشاش مخادع خـ.ـا.ين خـ.ـا.ين .
إن أهم ما يكون في شريك عمرك لا أن يحبك أو يغدق عليك بكلمـ.ـا.تِ الحب التي لا تنتهي، بل الأهم أن تأمنه ساعات الخصام.
الناس يتشابهون في الحب ويتوافقون في الجميل، لكن معادن الناسِ تظهر في الحـ.ـز.ن والخصام، كيف يتجاوز الناس أحزانهم وكيف يمرون بما يكدر صفوهم ويعكسونه على ذويهم.
من تهون عليه الأيام، ومن تشعر معه في خضم الألم بالأمن، وتحس إلى جواره بمعنى الاطمئنان حتى في أشـ.ـد ساعات اختلافكم وأكثر أوقات انفعالكم،
وهكذا كان ايهاب الرجل الخلوق الذي لم ولن يتجاوز بلسانه جـ.ـر.حا بمشاعرها بلفظ قط
______________________________
في منزل باهر الجمال حيث يجلس الثلاثي علي طاولة الطعام فإذا بجرس الباب يعلن عن وصول أحدهم ،
قام زاهر بتأفف وهو يذهب ناحية الباب وقام بفتحه وإذا به ينظر باستغراب حينما رأي رجلاً بزي رسمي ممسكاً بدفتر في يده متسائلاً برسمية :
_ هو. ده منزل زاهر محمد الجمال ؟
اندهش زاهر وأجاب :
_ أيوة إنت مين ؟
مد له ورقة مدونا فيها شيئا ما قائلا :
_ دي دعوة مقدmاها السيدة ريم المالكي بتتهمكم فيه إنكم مانعين عنها الحق الشرعي في ميراث أولادها ، اتفضل امضي .
صعق الجميع مما استمعوا إليه فهو لم يكن بمخيلتهم أن تفعل ريم تلك الفعلة الشنعاء من وجهة نظرهم ، استلم زاهر الدعوة وغادر المُحضِر ودخل وهو يستشيط غضبا مرددا :
_ والله عال الست هانم بتتحداني ورافعة دعوه علينا إننا واكلين ميراثها ، دي الدنيا انقلب حالها علي الأخر والنسوان إللي ملهمش لازمة هيفـ.ـضـ.ـحونا علي اخر الزمن .
اغتاظت تلك الشمطاء ورددت بغضب اعتادت عليه كلما جاءت سيرة ريم :
_ ده البت دي طلعت قادرة أوي والواحد مكنش واخد باله من وش الملايكة السهون إللي كانت راسماه علينا .
رفعت هند حاجبيها ونظرت إليهم وتحدثت بسخرية:
_ مانا ياما قلت لك كدة زمان بدل المرة ألف ومصدقتنيش وكنتي بتقولي إنتي غيرانة منها ،
ياما قلت لك احذري منها دي سهونة وخديها تحت جناحك وهاوديها وطبعيها علي كيفك وإنتي كنتي تتريقي عليا وتقولي دي محترمة وفي حالها أهي المحترمة بـ.ـنت الأصول دوقتك ياحمـ.ـا.تي كاس المر والفضايح .
لوت فمها وتحدثت بنبرة ساخطة:
_ ماهو كله منك ياوش المصايب مانتي إللي وقفتي شهدتي على شرفها في المحكمة وكدبتيني كان زمانها دلوقتي طوعي وتحت رجلي ياللي عايزة الح.رق بجاز وسـ.ـخ.
رفعت حاجبيها واسترسلت باستنكار :
_ لا كنت أسيبك تجوزيها جوزي وتقعد علي قلبي هنا تقهرني وتمـ.ـو.تني ناقصة عمر .
ضغطت علي منكبيها بشـ.ـدة وهتفت بوعيد:
_ الله الوكيل ياهند لو كسبت القضية دي لاتكوني مطلقة ومجوزاه بدل الواحدة تلاتة واحده للمزاج وواحدة تربي له البنات وواحدة تجيب له الواد وهحرق قلبك زي ماحرقتي قلبي .
انتفضت بحدة من مكانها وهدرت بهم بصياح فقد طفح الكيل وهلكت روحها من المعيشة معهم وهي مثلها كمثل الكرسي لافائدة لها ،
وفتحت هاتفها وبحثت فيه بعنف إلي أن أخرجت فيديو وعرضته عليهم أمام أعينهم وهي تردد بحسرة:
_طيب شوفي بقي إنتي وابنك اللي واقف ده اللي معيشني في جحيم ولا كلمة حلوه ولا ضحكة تبل الريق ومعيشني في نكد ،
لو فكرتوا تغدرو بيا في أي وقت لاتغدي بيكم قبل مـ.ـا.تتعشوا بيا ،
واسترسلت وعيدها وهي تحرك شاشة الهاتف أمام أعينهم:
_ الفيديو ده هبعته لكل معارفنا وهعملكم ليلة زي إللي كنتو عايزين تعملوها في الغلبانة وهتبقي عاركة بقي .
اجتمعت جيوش الغضب في مقلتي زاهر وقفز الي مكانها بسرعة وأمسكها من خصلات شعرها يلفها حول يديه بعنف ويداه تلوي ذراعيها خلف ظهرها بحدة أو.جـ.ـعتها و.جـ.ـعلتها تتألم كثيرا وهو يردد بفحيح:
_ الظاهر إني سكت لك كتييير يابت إنتي لحد مـ.ـا.تفرعنتي وبقيتي تطولي لسانك علي حمـ.ـا.تك وجوزك ،
واستطرد بنفس حدته:
_ إزاي تصوري الفيديو ده بازبـ.ـا.لة ياللي مينفعش تعيشي في بيوت محترمة يالمامة .
حاولت أن تنتزع يداها التي أو.جـ.ـعتها بشـ.ـدة وكادت ضلوعها أن تنكـ.ـسر بين يديه ولكن كان ممسكاً لها بقبضة من حديد وهدرت به :
_ سيب ايدي وشعري يازاهر حـ.ـر.ام عليك دراعي هينكـ.ـسر أه أه سيبني حـ.ـر.ام عليك ياشيخ.
هزها بعنف شـ.ـديد قائلا لها بغضب:
_ مش قبل مـ.ـا.تمسحي الفيديو إللي معاكي ده ياهانم يامحترمة ياللي مت عـ.ـر.فيش عن الاحترام شيء والله .
أردفت اعتماد بنبرة صوت تحذيرية مغلفة بالقسوة:
_ والله عال بقي ياللي تنشكي ملقتيش إلا اعتماد وتعملي معاها الدنيئة!
ده إنتي سنتك سودة ومش معدية ،
وعلي فجأة سحبت الهاتف من يدها وضـ.ـر.بته في الحائط بشـ.ـدة وبغل ساحق جعله نزل أرضاً مهشما إلي قطع لايعرف عددها ،وأكملت بضحكة شيطانية:
_ وادي الفيديو اللي كنت بتحتمي بيه كـ.ـسرت لك التليفون خالص 100 حته علشان ما يبقاش ليكي لازمه هنا ،
ونظرت الى ابنها وأمرته:
_ارمي عليها يمين الطـ.ـلا.ق البت دي مش هتبات فيها النهارده ولا ليها قعاد في البيت ده تاني طالما طلعت خـ.ـا.ينه وعملت اللي عملته ده .
فك يدها من قبضتيه ورماها بعيدا عنه كمان يلقي رثًّا في سلة المهملات وكاد أن يتفوه بكلمة الطـ.ـلا.ق إلا أنه استمع إليها تقول بوعيد ..
____________________________
في منزل جميل المالكي حيث يجتمع جميل بأبنائه في جلسة عائلية في منتهي الرقي الذي فقد في معظم بيوتنا ،
فأثناء حديثهم وابتسامتهم تحدث رحيم وهو يمسك يد والدته برجاء :
_ ها قلتي ايه يا ماما هنروح امتى نطلب ايد مريم مش كفايه بقى الانتظار ده كله .
لوت شفتيها بامتعاض وأردفت بنبرة حادة:
_هو انا من امتى قلت لك ان انا موافقه؟
نفخ بضيق شـ.ـديد ثم حاول ان يكون هادئا وهتف بنفاذ صبر :
_مش احنا اتكلمنا في الموضوع برده يا ماما وقلت لك انا مش هتجوز غيرها ولا هفكر في غيرها ولا عايز من الدنيا غيرها ،
واستطرد حديثه وهو ينظر إلي والده كي يعاونه:
_ما تقول كلمه يا بابا ولا سايبني لوحدي اواجه مصيري ؟
ابتسم جميل ثم ربت على قدmيه مردفا بحنو:
_ما تقلقش يا حبيبي مفيش اطيب من قلب ماما هي هتعوز ايه من الدنيا غير سعادتكم وبس ،
ثم نظر إلي فريدة مكملا حديثه:
_ ولا إيه ياحبيبتي ، مش اتفقنا إنك هتفكري ؟
كانت تنظر إليهم جميعا وعلي وجهها علامـ.ـا.ت السخط لتلك المحكمة التي نصبوها لها كما يجري في خاطرها ،
وآخراً استمعت إلي صوت ريم تردد برقة تشبهها:
_ من فضلك يا ماما إنتي طول عمرك مديانا الحرية الشخصية في اختيارتنا وعمرك ماوقفتي قصاد حد فينا في أي حاجة ودايما بتدعمي رأينا ولو إحنا غلطانين تقولي لنا هسيبكم تكتشفوا ده بنفسكم ،
واسترسلت باستفسار:
_ اشمعنا رحيم بقي اللي بتعملي معاه كدة ؟
أنهت كلمـ.ـا.تها بكل هدوء يشبهها وبدون أي انفعال ،
أصغت إليهم جميعاً ثم رددت بانفعال:
_ الله ده انتم متفقين عليا بقي ونصبتو لي المحكمة وكل واحد منكم شايف إن انا الشريرة في الرواية.
تحمحم رحيم سريعاً وأردف بنفي:
_ لا ياماما خالص والله ده إنتي أعظم وأطيب أم في الدنيا كلها ،
وتابع استعطافه لها مرددا بهدوء استدعاه رغماً عنه:
_ أنا مش عايز أعمل حاجة من غير رضاكي ، ولا أخطي خطوة واحدة إلا بموافقتك ياست الكل.
أشاحت بيدها دليلاً علي انزعاجها وهتف جميل وهو يربت علي يديها :
_ أنا إللي عايز أفهمه البـ.ـنت ناقصها إيه عن كل البنات يا أم رحيم ؟
اتسع بؤبؤ عينيها باستنكار وأردفت:
_ والله ! انت مش عارف ؟
وأكملت بصراحة مزعجة للجميع:
_ أقول لك أنا علشان ملهاش أصل ، معندهاش عيلة ،من الآخر بـ.ـنت ملاجئ وأنا ابني لازم يتجوز واحدة مأصلة وبـ.ـنت ناس .
انتفض رحيم من مكانه فقد فاضت روحه ألما من حديث والدته اللاذع وقام من مكانه بغضب وتحرك باتجاه الدرج وهو يردد بتصميم:
_ أوعدك إني مش هكلمك في الموضوع تاني من النهارده ياأمي ، وأوعدك كمان إني مش هتجوز غيرها،
واسترسل حديثه الغاضب وهو يدير وجهه إليهم ويتمسك بقضبان الدرج :
_وطالما كدة هطلع أبلغها حالا توافق علي ابن الأغنيا اللي منملكش نص مالهم اللي كان متقدm لها وانها تنساني علشان مطلعتش راجـ.ـل قدامها .
أنهي حديثه وصعد الدرج بسرعة غاضبة وقبل أن يصل إلي منتهاه استمع إلي نداء والده يردد بإقرار:
_استني عندك بطل تسرع ،
اطلع بلغها إن في نهاية الأسبوع تستنانا هنجي لها لحد عندها نطلبها منها وعرفها كمان إن أنا هبقي في منزلة باباها وإن أنا هبقي معاها هي واني هتشرط عليك علشان متفكرهاش سهلة وتضحك عليها ياولد .
أدار وجهه ودmع الفرح في عينيه وكأنه لم يصدق حاله وهتف باندهاش:
_ بجد يابابا أعمل كدة ؟!
واسترسل بحـ.ـز.ن :
_ طيب وماما ؟
نظر جميل إلي فريدة وهو يمسك يدها التي حاولت أن تنتزعها منه لشـ.ـدة غضبها ، إلا أنه تمسك بها بشـ.ـدة وهو يشير لها بعينيه أن تهدأ مجيبا :
_ اعتبر ماما موافقة وأنا إللي اديتك الإشارة ، اطلع يالا بلغها وافرحو مع بعض ياحبيبي.
تحدثت فريدة بغضب:
_ يعني أنا بقي مليش لازمة وبتحطني قدام الأمر الواقع ولا ايه ؟
انتصب جميل واقفا وردد وهو ينظر إلي ريم مبتسماً:
_ أنا هاخد ماما ياريما وهنقعد في الجنينة برة اعملي لنا كوبايتين قهوة علي مهلك خالص ياحبيبتي.
أشارت إليه برأسها بطاعة مردفة بابتسامة:
_ حاضر يابابا من عيوني .
ابتسم لها ممتنا لطاعتها وفهمها عليه ،
وسحب فريدة برقة إلي الخارج كي يتحدثان بهدوء وحدهما وهو مصر على إقناعها ،جلسا علي الكراسي الموضوعة في الحديقة وبدأ بالحديث قائلا:
_ ليه معترضة كلنا ولاد تسعة ومخلوقين من تراب وراجعين بردو للتراب ؟
فريدة بتشبس:
_ ونعم بالله بس ده ابني وأنا عايزة له عروسة تليق بيه ايه مش من حقي ؟
أجابها بعقلانية:
_ من حقك طبعاً ، لكن الولد مش بس حبها ده عشقها وباين عليه جدا والقلب معلهوش سلطان وده إللي ربنا قسمه له .
رفعت حاجبيها وهتفت باستنكار:
_ علشان بتشاغله دايما ومش سايباه في حاله ، لو بعدت عنه هينساها خالص .
جميل بغضب:
_ متعودتش منك علي أنك تجيبي سيرة الولايا بالغلط والعيب ياأم رحيم ،
وتابع حديثه بتأكيد:
_ البـ.ـنت رفضت إنها تبقي دكتورة جامعية ومشيت من هنا وبعدت عنه خالص مش شكل مانتي بتقولي ، وابنك هو إللي بيجي لها وبيكلمها يبقي اعتراضك باطل ولازم تسحبيه .
هزت رأسها بعنف وأردفت بثقة:
_ تمام عندك حق في دي ، طب إنها بـ.ـنت ملاجئ وملهاش أهل دي نعمل فيها ايه ؟
ابتسم بحنو وأجابها:
_ لو كنتي في عهد النبي والناس كانت بتكذبه علشان يتيم وحكموا عليه نفس حكمك علي بـ.ـنت طلعت غـ.ـصـ.ـب عنها يتيمة كان هيبقي نفس موقفك ساعتها ؟
اعترضت بشـ.ـدة علي تشبيهه وهتفت باستنكار:
_ إنت بتشبه سيدنا النبي عليه السلام بمريم والله إنت ظالم !
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وأجابها:
_ أنا مشبهتهاش بسيدنا النبي عليه الصلاة والسلام أنا شبهتها بالموقف ده أولاً ،
ثانياً سيدنا النبي عليه السلام بشر زينا مش ملاك وربنا كان واضع المواقف إللي في حياته كلها لأسباب كتير ومن ضمن الأسباب إننا نقتدي بالمواقف اللي حصلت له ونتعلم ،
وتابع بتحذير :
_ كدة إنتي دخلتي في مرحلة الجدال وده غلط .
صارا يتحدثان مايقرب من ساعه وفي نهاية حديثه كي يقنعها:
_ما تحكميش على اي علاقه انها هتنجح او هتفشل لمجرد الظروف اللي حواليها الأشخاص بتختلف والعقول بتتفاوت والزمن ذات نفسه بيغير المشكلة كلها على حسبه ،
واستطرد حديثه بعقلانية:
_عندك مثلا ريم بـ.ـنتنا كانت حياتها هي وجوزها ماشيه زي الألف وجوازتهم كانت متوافقه جدا لكن ربنا سبحانه وتعالى ما أرادش انهم يكملوا مع بعض ومـ.ـا.ت وراح للي خلقه ولا أنا وإنتي قدرنا نعاند القدر وحكم ربنا ونخليه موجود .
ضمت عيناها بعبث وأردفت باستنكار:
_ لاااا دي نقرة ودي نقرة إن الإنسان حياته تنتهي ده بأمر الله وملهوش علاقة بأي حد.
أشار برأسه بموافقة علي اعتراضها وأردف باستجواد وهو علي نفس الثبات النفسي:
_ طيب وراندا وإيهاب بردوا نفس اعتراضك ياأم رحيم !
قدرتي تمنعي قدرهم بالفراق ؟
قدرتي تخليها تحافظ علي البيت ومتهدmهوش بالرغم من إننا كلنا نصحناها وكلنا يعني العيلة إللي إنتي بتستشهدي بيها علي الغلبانة اليتيمة .
إلي هنا صمتت ولم تدري ماذا تجيب علي محاصرته لها فقد سن سيوف عقله واحتج بقوانين الإنسانية أمامها ولم تستطيع أن تتفوه ولا أن تجيبه ففضلت السكوت ،
أما هو هدأ قليلاً ولم يتحدث وترك لداخلها النزاع معها وأمسك كوب القهوة يرتشفه باستمتاع وهو علي يقين أنها لن تستطيع الإفلات منه ومن نظرة الهدوء النابعة من عينيها استشف موافقتها ،
فهي من النوع الذي يصمت إذا لم تجد رداً راجحا لاعتراضها وبعد قليل سألها عن ماوصل إليه تفكيرها وأشارت بالموافقة الذي جعلته يربت على ظهرها بحنو وأشاد إليها بأنها فعلت الصواب ، وابلغ رحيم الذي هلل فرحا بموافقتها أخيراً وأنهم سيذهبوا إليها في عطلة الأسبوع أي بعد أيام قليلة.
_____________________________
استقرت ريم في مكتبها ومنذ قدومها إلي تلك المؤسسة وهي تشعر بالارتياح الشـ.ـديد وكأنها في مكانها التي تستحقه ،
وخاصة أن مالك كان يتعامل معها مباشرة طيلة الأسبوع التي مكثته في العمل ولم يجعل بينهما أي وسيط وحقا رأت فيه الشهامة والأخلاق التي لم تعد موجودة في تلك الأيام ،
وأثناء انشغالها في التصميم الذي أمامها جاءها اتصال علي هاتف المكتب ، رفعت سماعة الهاتف علي أذنيها وردت بعملية:
_ السلام عليكم ورحمه الله.
ابتسم ذاك المالك علي أخلاقها وردها الهادي وتحدث :
_ وعليكم السلام ورحمه الله ، بعد اذنك يامدام ريم ممكن تيجي لي مكتبي حالا في حاجة مهمة ومينفعش غيرك يعملها .
ردت عليه بالموافقة وبعد عشر دقائق أدخلتها مديرة مكتبه وكالعادة دخلت ريم وتركت الباب مفتوح فهي لم ولن تخالف تعاليم دينها مهما حدث ،
جلست في المقابل وألقت السلام وتابعت:
_اتفضل يامستر مالك أنا سامعة حضرتك .
منذ أن خطت قدmاها من أول مرة إلي ذاك المكتب وسحر عيناها جذبه إليها ،
كل حرف تتفوه به بالنسبة له شيء مختلف عن أي أنثي عرفها ، فهي أمامه كالجوهرة الثمينة التي لاينالها إلا من يستحقها ،
حجابها ملفوف بحرفية وإحكام ولم تخرج خصلة واحدة من خصلاتها ويهبط علي صدرها ،ملابسها غاية الشياكة والعصرية ولكنها قمة الاحتشام ،
فريم في المجمل أمامه تخـ.ـطـ.ـف أنظاره كل مرة يراها دون أن يشعر أو هي تدري ،
تحمحم بهدوء وتحدث:
_ أولا تسلم ايدك علي التصميم الأخير بجد حاجة تشرف أوووي وده طبعاً إللي متعودين عليه منك ،
واستطرد حديثه بإبانة:
_ ثانياً عايز حاجة تخرج من تحت ايدك برة إطار الدريسات .
ضيقت عيناها وأردفت باستفسار:
_ متشكرة جداً ، بس حضرتك تقصد ايه مش فاهمه ؟
ابتسم بهدوء وأجابها:
_ أنا عايز منك كذا تصميم لكوليكشن لبس مدارس إعدادي وثانوي ،
حاجة كدة مختلفة عن إللي إحنا بنشوفة ، وطبعاً الفكرة جديدة هتخرج الطلبة برة إطار المريلة المعروفة بتطورتها ،
ها ايه رأيك هتقدري ؟
تحمست بشـ.ـدة للفكرة وأجابته بموافقة دون تفكير:
_ الله دي فكرة جميلة أوي وبجد هبقي مستمتعة وأنا بنفذها،
واسترسلت وهي تنظر لعيناه بتلقائية لأول مرة :
_ عايزة أقولك يامستر اني صممت لنفسي لبس الثانوي وماما أول ما شافت التصميمـ.ـا.ت أخدتني عند إللي بتفصل عندها وعملتهم لي وكل إللي شافوني بيه سألوني عاملاه فين ووديتهم عند الست دي واتفقت معايا إن كل طالبة هجيبها لها هتديني عمولة عليها وأنا ساعتها كنت رافضة جداً لكن بابا ساعتها شجعني وقال لي ده تعبك وخدي عليه أجر وخاصة إني غيرت لها كذا تصميم .
كان ينظر إليها ومثبتا عيناه داخل نظرة عينيها بعمق ويستمع لها باهتمام ولأول مرة دقات قلبه تتمرد عليه ولا يعرف مالسبب لتلك الدقات ،
ثم وجد لسانه يتفوه تلقائياً:
_ علشان إنتي جميلة أوي لازم كل حاجة تطلع من تحت ايدك أجمل وأرق .
انقلب وجهها بعلامـ.ـا.ت الطيف من نظرته التي تحولت لأخري لا تفهمها ومن حديثه الذي فاجأها به وأخفضت بصرها خجلاً وهي تردد بخفوت:
_ ربنا يخليك يامستر ومرسي علي المجاملة دي.
عنـ.ـد.ما رأي الخجل علي وجهها زادها جمالاً علي جمالها اندهش لحاله من تركيزه معها بتلك الشـ.ـدة ،
تحمحم بهدوء وسألها :
_ مسألتنيش الفكرة دي جت لي منين ؟
رفعت رأسها ولكنها لم تنظر إليه وسألته :
_ أكيد حضرتك صاحب المؤسسة الكبيرة دي فلازم أفكارك تكون مختلفة .
أعجب بردها بشـ.ـدة وتحدث بإبانة:
_ شوفي يا ستي احنا لينا صفحة كبيرة على الانستجرام الصفحة دي طبعا موثقة ،تقريبا عليها ما يقرب من 5 مليون متابعه فلقينا الطلب على زي المدرسة شـ.ـديد جدا ،
وعلي عرض عليا الموضوع ان هو يجيب مصمم خاص بالفكرة دي لكن إنتي أول حد جه في بالي علشان عندي ثقة عمياء في ان اي حاجة هتطلع من تحت ايدك هتبقى رقيقة وكمان انتي بـ.ـنت زيك زيهم هتقدري توصلي لعقول البنات دي وهتعاصري موجة الموضة اللي ماشيه .
انتبهت لكل ماقاله وهتفت برجاء:
_ طيب ممكن أشوف بعض من التعليقات دي علشان أقدر أفهم دmاغهم أكتر .
هز رأسه بموافقة وأجابها وهو يتناول هاتفه :
_ طبعا مفيش مانع ، أنا هبعتلك لينك الانستجرام الخاص بيا لأن أكتر شغلي بنزله هناك ،
واسترسل حديثه وهو يناولها الهاتف:
_ اتفضلي ياستي أدي التعليقات علي البوست إللي عرضت فيه الفكرة .
مدت يدها تأخذ منه الهاتف وإذا به يعلن عن اتصال أحدهم فتركته هي وهو في أن واحد وكاد أن يسقط الهاتف علي شاشته إلا أن يداهما الاثنين سحبته تلقائيا كي لا يقع واحتضن كف يده كف يداها الناعمة في لحظة دون قصد من أي منهما ،
هو في تلك اللحظة التي احتضنت يده ليدها سرت قشعريرة في بدنه لأول مرة رغم أنه تزوج مرتان إلا أن لمستها المفاجأة جعلته ينتفض داخلياً بشعور لا إرادي منه ،
أما هي انتبهت علي الفور وسحبت يداها وقامت من مكانها مستأذنة بخجل:
_ عن إذنك هروح مكتبي أحاول أشتغل علي الفكرة .
ولم تنتظر رده وهرولت من أمامه وهي في قمة نهرها لنفسها داخلياً عما حدث .
↚جاء اليوم الذي انتظره رحيم بصبر طالت أيامه ولياليه ، اليوم الذي سيتقدm فيه لخطبة ملاكه الجميل التي يعشقها ويتمناها برغبة شـ.ـديدة ،
صعد ذاك العاشق سيارته وهو في كامل أناقته الكلاسكية حيث كان يرتدي حلة باللون الأسود تليق عليه فكان حقا وسيما يخـ.ـطـ.ـف الأنظار، وبجانبه تجلس ريم التي تنظر له بسعادة عارمة وهي تردد بمداعبة:
_ الله الله ياعريس علي الشياكة والأناقة ولا ريحة البرفيوم ده انت هتجنن البنوتة وتخليها تدوب أكتر ومش هنعرف نلحقها بعد كدة .
ابتسم علي مداعبة أخته الصغيرة مرددا مداعبتها بخفة :
_ ومالوا ياريما عندها حق تدوب وتعشق ده أنا الدوك رحيم علي سن ورمح .
أنهي كلامه وهو يحرك رابطة عنقه بدعابة ،
ابتسمت الأخري ورددت باستنكار مصطنع:
_ يانهار أبيض علي الغرور إللي إنت فيه ، يبني من تواضع لله رفعه .
نظر إليها رافعا احدي حاجبيه مرددا بمرح :
_ الله بهزر ياريما حـ.ـر.ام يعني ، ولا كله نكد نكد كدة .
أمائت علي ظهره بحب وأردفت بنبرة حنونة:
_ هزر واضحك وحب وعيش حياتك ياحبيبي ربنا يسعدك يارب ويرزقك الراحة اللي في الكون كله.
تنهد بثقل حينما لمح نظرة الحـ.ـز.ن بعينها وأردف ملبيا:
_ اللهم آمين يارب العالمين وإياكم يارب ،
واستطرد حديثه متسائلا:
_ إلا قولي لي ياريم هو إنتي لو اتقدm لك حد توافقي ؟
ضمت عيناها بعبث وأجابته باستفسار مغلف بالتعجب :
_ اشمعنا سؤالك ده يعني ؟
استوعب حيرتها وتحدث بإيضاح :
_ أقصد يعني إنتي لسة صغيرة ويعتبر مفرحتيش بجوازك وأنا مش حابب إني أشوف عمرك بيضيع كدة هباءً .
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وأردفت بنبرة حزينة :
_ العمر مش هيروح هباء ولا حاجة يارحيم كل فدا ولادي اللي علشانهم أفديهم بعمري وأهدي لهم أيامه .
رفع حاجبه وهتف باستنكار:
_ وايه علاقة إنك تبدأي حياتك من جديد بولادك أنا مش فاهم ،
واسترسل وهو يشير بيديه معترضا:
_ دي نقرة ودي نقرة .
أدارت وجهها إليه وأجابته بإبانة:
_ إزاي يعني هي نقرة واحدة وانت مش واخد بالك ، أنا لايمكن أسيب ولادي وأعيش وأبني حياتي مع حد تاني وأجيب لهم جوز أم ،
وتابعت حديثها وهي تنهي ذاك الحوار:
_ وبعدين ده وقت نتكلم فيه في الموضوع ده بذمتك !
إنت عريس ورايحين نتفق علي خطوبتك وكتب كتابك ياقلبي ، افرح ومتشغلش بالك بيا.
تنهد بحـ.ـز.ن لأجلها وراعى شعورها المختنق حينما فتح ذاك الموضوع وفضل السكوت لئلا يضغط عليها ،
وعلي صعيد أخر في سيارة جميل حيث كان يتحدث مع فريدة مرددا بدعابة :
_فيه واحدة رايحة تخطب لابنها وهي لسه صغيره كدة ، بالله اللي يشوفك يفتكرك أخت العريس مش والدته .
ابتسمت على دعابته التي يخصها بها دائما فهو محب بل عاشق لها ودوما يغازلها ويجعل روحها هائمة في سماء أخلاقه ،
تنهدت بسعادة وأردفت بحب:
_ لحد امتي هتفضل تشوفني حلوة وصغيرة ياجميل ؟
نظر إليها بحب نابع من عينيه وأجابها :
_ لحد علامـ.ـا.ت الشيب مـ.ـا.تسيبش حاجة من ملامحنا خالص وبردو مش هبطل أشوفك غير فريدة بـ.ـنت العشرين اللي جمالها وجمال روحها يغطي علي الكل .
كان يجيبها بصدق نابع من قلبه ولكن المغزى من وراء لطفه معها كي ينعش مزاجها ويجعلها تدخل علي تلك اليتيمة مبتسمة ،
بعد نصف ساعة استقلت السيارتان أسفل البناية وصعدوا إلي ذاك الطابق ،
كانت مريم في أبهي استعدادها لحبيب الروح الذي وصل للتو وأخبرها بالتسجيل الصوتي كي يجعلها تستعد ،
كانت تقف أمام المرآة تتفحص شكلها بتـ.ـو.تر بالغ وأثناء وقوفها شردت بحـ.ـز.ن عميق حيث أنها كانت وحيدة لا أم ولا أب ولا أخ يقف بجانبها في أهم يوم بعمرها ولكن دعت الحـ.ـز.ن وولته جانباً فكفاها أحزان طيلة العمر ،
استمعت إلي وصولهم وفتحت لهم الباب بابتسامة بشوشة جعلتها كالحوريات من رقتها ،
أشارت اليهم بيديها للدلوف مرردة بترحيب :
_ أهلاً وسهلاً بيكم نورتي بيتي المتواضع.
تبادلوا السلامـ.ـا.ت جميعاً وجلسوا في غرفة الاستقبال ،
كانت فريدة تنظر إلي المكان بانبهار فنظافته ورائحته العطرة اخترقت أنفاسها ، كانت متعجبة كيف لمريم ومن أين أتت بتلك الشقة ذات الأساس العصري المنمق فالبطبع ثمنها غاليا ولكن نفضت التفكير عن رأسها حينما استمعت إلي جميل يردد :
_ شوفي يامريم يابـ.ـنتي أنا جاي النهاردة مش مع رحيم كأب أطلب ايدك ، لااااا أنا جاي النهاردة وأنا في مقام والدك وهو يطلبني منك وأنا اللي أتشرط عليه ،
واسترسل مبتسماً بحنو:
تمام يابنوتي القمر ؟
رعشة خفيفة اجتازت جسدها داخلياً فكيف لذاك الخلوق أن يخـ.ـطـ.ـف روحها بحنانه البالغ وأقسمت بداخلها أنه أب لم تلده الأيام لها،
وأردفت بنبرة خجولة :
_ شكراً ياعموا أنا والله مش عارفه أودي جمايل حضرتك دي كلها فين .
اتسع بؤبؤ عينيه وأردف بنبرة تحذيرية مصطنعة:
_ بـ.ـنت عيب في بنوتة تشكر باباها علي واجبه تجاهها ؟ متقوليش كدة تاني .
كان رحيم وريم وفريدة ينظران إليه بفخر لكون ذاك الرائع الذي لم يوجد أمثاله كثيراً أبا لهم ، وبالتحديد رحيم الذي ود أن يحتضنه ويقبله بنَهم شـ.ـديد لحنانه علي حبيبته ،
وأردف بنبرة سعيده:
_ أنا جاي النهاردة يابابا وحابب أطلب منك مريم علي سنة الله ورسوله .
أماء جميل برأسه مرددا بحكمة:
_ وعندك استعداد تدفع مهر بـ.ـنتنا الغالية ولا لا ؟
ابتسم رحيم بعشق وأجابه وهو ينظر داخل عيناها بهيام :
_ ده إللي تطلبه البرنسيسة مريم أفحت في الصخر علشان أجيبه لها لحد عندها وزيادة كمان .
أعجبه رد رحيم بشـ.ـدة وتسائل بجدية:
_ عندك استعداد تواجه أي صعوبات تقابلك علشان خاطر بـ.ـنتي ولا هتقع وتتخلي عنها في نص الطريق ؟
تنهد رحيم بحب وأجابه بثقة:
_ الطريق لو كله شوك همشيه معاها وأشيلها علي راسي وأتحمل ألمه ولا إنها تتو.جـ.ـع لحظة .
كانت دقات قلب تلك المريم تسبقها ويكاد الجميع أن يسمعها ، كانت تنظر إليه بعشق بالغ ولو كان الأمر متاحاً لارتمت في أحضانه وسكنت أمانها ،
أشاد جميل بتنبيه :
_ خلي بالك مش هيحصل كويس لو زعلتها في يوم من الأيام أو جيت عليها أو عملت لها أي حاجة أو جـ.ـر.حت شعورها قولاً أو فعلاً ساعتها هقف صفها ومش هسمي عليك .
ابتسم رحيم بخفة وأردف بدعابة :
_ مين إللي يعمل كدة ده أنا غلباااان .
ابتسم الجميع علي دعابته وهتف جميل ناهيا استجوابه بأخر :
_ طيب خطوة الخطوبة وكتب الكتاب بالنسبة لي ميثاق مفيش رجوع فيه ، انت واثق من نفسك ومن اختيارك وانك مش هيجي يوم وتنـ.ـد.م .
شبك كلتا يداه وتحدث وهو قاصداً النظر داخل عيناها مرددا بعشق :
_ أنـ.ـد.م !
وتابع وهو ينظر لها بعشق:
_لو الزمن رجع بيا ألف عمر لاختارتها في الألف ألفاً ،
ولفتحت لها بابا ثانيا من أبواب قلبي وعززته بثالث واجلستها ف ثنايا القلب ثانيا فعسى المقام بالمقيم يليق فمرحبا بها أولا وثانياً وعمرا وأخيرا فلا الخصام طبعنا ولا الفراق طريقنا .
كانوا ينظرون إليه بعيون منبهرة من عشقه اللامتناهي لتلك اليتيمة وكأن الله وضعها في طريقها كي يعوضها حنان الأم فكفاها بحنانه ، وعوضها به أباً ، كانت الكلمـ.ـا.ت والنظرات الممتنة له لاتكفيه علي حديثه الذي أثلج صدرها و.جـ.ـعلها تهواه كثيراً ،
وحدثته عيناها بهيام :
_ كيف لك أن تسحبني لعالمك بتلك الدرجة من العشق لك رحيمي ،
أنا ذائبة عاشقه متيمة وأكاد من فرط الجمال أذوب ،
لاعبـ.ـارات الشكر تكفيك ولا قصائد الحب ترثيك ولا حكايات الغرام الذي عشت أقرأها وأسمعها تمثل ذرة واحدة من حبك ومن حنانك الذي رطب قلبي و.جـ.ـعله يجوب في هيامك .
أما هو كانت عيونه في حضرتها لاتري غيرها وكانت أنفاسه تتلهف للقرب منها ولكن حدث نفسه:
_ مهلاً ياأنا مهلاً ياقلبي اهدأ وانتظر فالصبر أخره جبر لاتتعجل ،
فأنا في انتظارك حبيبتي حتي نلتقي وللقاء لذة أعدك بأن مذاقها سيجعلكي تحلقين في سماء الهيام والغرام فلنتمهل ،
ولكن عُدِّي حالك لأجل ذاك اللقاء الذي حتماً سيكن حرباً بين عاشقان فرقهما الزمان ولكن عادا بأمان وعودتهم لن تمر مرور الكرام.
تحدثت فريدة قائلة بابتسامة:
_ مبروك يا حبايبي ربنا يتمم لكم علي خير يارب وأفرح بيكم .
وتناولوا المبـ.ـاركات وقاموا بقراءة فاتحة الكتاب واتفقوا علي أن كتب كتابهم بعد أسبوعين من الأن ، وأخيراً التقي الرحيم ومريمـ.ـيـ.ـته بعد عناء وطول انتظار .
______________________________
في منزل هيام شقيقة مالك وبالتحديد في الساعة الخامسة صباحاً ، كانت تجلس علي تختها وهي تتصفح هاتفها باستمتاع وصوت الفيديو الذي تسمعه عال بعض الشيء ،
ولم تبالي لذاك النائم بجوارها وكأنه من عدm ،
تململ في نومه متأففا ولم يعد يتحمل حماقتها أكثر من ذلك ،
رفع الوسادة من علي رأسه ونظر إليها متحدثاً بغضب:
_ أنا مش فاهم إنتي إزاي عايشة كدة !
ولا بتعملي حساب لبني أدmين ولا عندك ذرة إحساس بغيرك .
لوت شفتيها بامتعاض وهتفت بحدة :
_ اصطبحنا وااصطبح الملك لله على الصبح ، هو انت صاحي تقول ياشر اشتر !
اعتدل من نومته وردد باستنكار:
_ كويس والله إنك عارفه انه صبح ،
أمال بسلامتك منمتيش لحد دلوقتي ليه ؟
مطت شفتيها وهتفت بكبر :
_ والله أنا حرة أنام الصبح ولا بالليل هو حضرتك هتتحكم فيا هنام امتي وأصحي امته كمان !
ضـ.ـر.ب بكلتا يديه متحسرا داخله علي ردها المتعجرف وردد :
_ إنتي فيكي كمية كبر وعجرفة وقلة ذوق تكفي العالم كله ياشيخة ،
واسترسل تعنيفه قائلا باستنكار:
_ تنامي علشان عندك ولاد محتاجين رعايتك ومحتاجين وجودك جنبهم محتاجين تحسي بيهم .
قلبت عينيها بملل وأجابته بسخط:
_ هو كان حد اشتكي لك يعني ولا انت كل لما تشوفني مبسوطة بتحب تنكد عليا.
حـ.ـز.ن داخله من أجل تلك المرأة التافهة التي لاتعرف للأمومة طريقاً وهدر بها بحدة :
_ كل اللي في بالك أنكد !
دي إنتي ست مقرفة وعيشتك مقرفة واللي مصبرني عليكي الولاد ،
واستطرد حديثه متهكما :
_ إنتي من النوع لو جالك الطوفان حط إبنك تحت رجليك ، بمعني أصح إنتي ممكن تبيعي حد من عيالك علشان الفلوس وحب المال إللي مالي قلبك .
انتفضت بحدة وقامت من تختها وهي تردد بحماقة:
_ وفيها إيه يعني لما أحب الفلوس دي اهم شيء في الدنيا وهي اللي بتحقق لنا كل الامنيات اللي بنحلم بيها وهي اللي بتخلي الكل يحترمنا .
اهتز فكه بغضب وأردف ساخرا:
_في حاجات الفلوس ما بتشتريهاش لو حتى بمليارات ،
الأمومه وانك تحبي ولادك وتراعيهم ما لهاش علاقه بالغنى والمال ،
انا لولا والدتي كان زمان جنه وياسر ضاعو لكن ولادك متربيين لدرجه انهم مش بيفوتوا فرض وانتي ما ت عـ.ـر.فيش حاجه عنهم .
_قول بقى كده ان امك بتعايرني عشان بتساعدني في تربية الولاد وهي اللي مسخناك عليا …. جمله تهكميه نطقت بها تلك الفارغة .
فقد الأمل من استيعابها التافه وأشاد بفقدان أمل :
_تصدقي انك بس مش انانية ومش بتحبي غير نفسك لا ده إنتي كمان تافهة ،
واسترسل بإيضاح:
_للمرة المليون بقول لك ان والدتي بتراعي أحفادها حبا فيهم مش مساعده ليكي ،واخر تنبيه مني ليكي مش هقدر استحمل اكتر من السنين دي كلها تاني فخليكي بقى في صراع حب الفلوس والبحث عنه وازاي تجيبيه بطريقة مشروعه وغير مشروعه ومفكراني اهبل مش دريان بيكي .
وصاروا يتنازعون دون جدوى لاهي تعترف بالخطأ ولا هو يأخذ قراراً جذرياً وينفصل عنها ولكنها الظروف المحاطة بنا ، هي فقط التي تجعلنا مكتـ.ـو.فين الأيدي أمام سعادتنا ،
ولكن الشخص الذي يفكر جيداً عليه ألا يدع الظروف تأخذ من عمره وتجعله يضيع هباءً منبثا، فقط لابد عليه أن يختار راحته كي يصبح سويا.
________________________________
بعد مرور عشرة أيام علي تلك الأحداث ، في مجموعة مالك الجوهري التي تأج بالعمل على قدm وساق ، حيث يعمل الجميع لأجل العرض الذي نظمته المجموعة والجميع في حالة تأهب واضطراب ،
في غرفة الاجتماعات بعدmا نبه مالك علي الجميع بضرورة الالتزام والانتباه لكل شئ ، انتهي الاجتماع وطلب مالك من ريم أن تبقي لأنه لاحظ اضطرابها طيلة الإجتماع ،
تجلس أمامه تنظر إلي شاشة العرض التجريبي الذي أقيم وهي في حالة تـ.ـو.تر بالغ ،
تنهد مالك بابتسامة وهو يردد بهدوء :
_ ممكن أعرف إيه السر التـ.ـو.تر اللي علي ملامحك ده ياأستاذة ؟
فركت يداها بتـ.ـو.تر وتفوهت بهدوء :
_ مش عارفه حاسه بتـ.ـو.تر شـ.ـديد وكأني داخلة أصعب امتحان النهاردة ،
واسترسلت باستفسار:
_ يمكن علشان أول مرة أحضر عرض وكمان مقام علي شرف تصميمـ.ـا.تي ؟
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وتحدث يطمئنها:
_ طبيعي إنك تكوني متـ.ـو.ترة وقلقانة لكن مش بالطريقة الرهيبة دي !
وتابع طمأنته لها :
_ خليكي واثقة من ربنا إنك هتكـ.ـسري الدنيا النهاردة وهترجي عالم الأزياء بتصميمـ.ـا.تك وبعد العرض مايخلص هتلومي نفسك على سنين عمرك اللي ضاعت وانتي مختفية.
رفعت راسها إليه وهتفت باسمه بهمس دون قصد :
_ بجد يامالك ؟
نظر إليها بدهشة اعتلت معالم وجهه وكاد حدسه أن لا يصدق مااستمع إليه للتو ، فحقا نطقت اسمه من فمها دون ألقاب!
يالكي من رائعة عزفت على أوتار قلبي ،
أما هي ابتلعت أنفاسها بصعوبة وعلامـ.ـا.ت الخجل تجوب جسدها بأكمله وصارت في موقف حرج من همسها التلقائي ،
فقامت من مكانها وهي تستأذن الخروج دون أن تنظر له :
_ بعد إذنك يامستر .
قالتها وهرولت من أمامه مسرعة ، إلا أنه انتفض من مكانه مسرعاً وقبل أن تصل كف يداها الصغيرة الي الباب لأن الخارجين من الغرفة قد أوصدوه ورائهم كان واقفاً أمامها ،
ناظرا بأم عينيها ناطقاً بوله :
_ ايه علي فين ياريم ؟
لم تقوي على النظر إليه وأجابته بصوت خفيض:
_ هروح علشان أجهز نفسي .
جالت عينيه إلي ساعته تلقائيا وهو يردد:
_ لسه فاضل ٥ ساعات على العرض ،
واسترسل برجاء:
_ بعد اذنك عايز أتكلم معاكي شوية.
مشاعر من التخبط داخلها والخجل والخـ.ـو.ف والاضطراب جميعهم ترصدوها بشـ.ـدة ولم تقدر قدmاها على احتمال الوقوف ،
جميع جسدها حاربها وأحست بالرعشة من نظراته ، همساته ، رقته اللامتناهية معها ،
ولكن لامفر من الهروب ولا مفر من حصاره فتدللت بخطواتها إلي الكراسي الموضوعة في جانب الغرفة وهي تنظر أرضا ،
كان ينظر الي خجلها متيما ، لم يرى مثل تركيبتها على مدار عمره ، كانت نظراتها وخجلها وعبيرها ورقتها تأسر أنفاسه وتجعله ينجذب إليها دون أن يفتعل ذلك ،
جلس أمامها قاصداً النظر إلي عينيها مرددا بهمس :
_ إنتي جميلة جمال من نوع خاص أوي ياريم .
لم ترد عليه ولم تقوي النظر إليه مثلما هو يفعل فأكمل همسه:
_ أنا ليه حاسس إنك مصرة تقفلي على نفسك وتحرميها من أبسط حقوقها ؟
تنهدت بثقل وألم نفسي انتابها جراء سؤاله وأجابته وهي تنظر أرضاً علي وضعها:
_ خلاص أنا مبقاش ليا حقوق كل حياتي وهبتها لولادي وشغلي وبس .
اهتز داخله بعنف من إجابتها وردد باستنكار:
_ لا مش هسمح لك على فكرة .
رفعت راسها إليه وهتفت باستنكار وهي تنظر داخل عيناه:
_ معلش يعني ، علي أساس ايه حضرتك تسمح أو مـ.ـا.تسمحش ؟
رفع حاجبه لشراهتها في الرد وأجاب بثقة:
_ على أساس كبير اووي ياريم ،
واسترسل مباشرة بعيون عاشقه:
_يمكن علشان بحبك مثلاً ونفسي تكوني ليا .
لم تتوقع رده بهتت ملامحها ، لم تستطيع التفوه أمامه ببـ.ـنت شفه وقامت مسرعة من أمامه تخرج من الغرفة دون أن تعطيه رداً وتركته كالمسحور الهائم الذي صمم داخلياً علي أن يجعلها من حده ونصيبه وتكن ختامها مسك ، وردد بلسان حاله وهو يسترخي علي الأريكة باستمتاع:
كيف لروحي أن تهيم عشقا من همسة من نظرة من ابتسامة أودعتني السلامة ،
كيف لعيني أن تحيا علي أمل رؤياكي دون أن يعتريهم ملل أو كلل فقط عبيرك يسبق خطواتك كعلامة ،
ولكن أهديكي خاطرة من قلبي وضعيها في قلبك أمانة
” الروح تسبح في عالم الخيال
تتمني رؤياك ومن يسكن الروح
كيــــف للقــــــلب أن ينســـــاه”
#خاطرة_مالك_الجوهري
#بقلمي_فاطيما_يوسف
عادت ريم الي المنزل وهي طيلة
طريقها تفكر وتفكر حتي تعبت من كثرة الفكر والانشغال لما قاله لها ذلك المالك ،
هي بين نارين تنكوى بهم نار شعورها الوليد تجاهه والذي تحاربه بعقلها وتشن حربا عاتية علي كبت شعورها ،
ونار فقيدها وحبيب عمرها وأبنائها ،
تلوم حالها بشـ.ـدة على شعورها الوليد ، تجلد نفسها بشراهة علي تفكيرها الذي ينساق إليه وتود أن تقــ,تــلع قلبها من صدرها وترميه في أعماق البحار من شـ.ـدة تأنيبها لحالها ،
دلف أبيها وجدها تضع رأسها بين يديها ، أحس بالقلق تجاهها فساقته قدmاه إليها بهدوء كي لايزعجها وجلس بنفس الهدوء وهو يومئ علي ظهرها بحنو ويردد :
_ مش صح إنك تحاربي قدر ربنا وتقهري نفسك وتجلديها لمجرد إنك عايزة تجلديها علي شعورها .
رفعت أنظارها إلي أبيها بتعجب وهي تتسائل داخلها كيف علم شعورها وحربها الداخلي !
وسألته بدهشه:
_ بتتكلم عن إيه يابابا مش فاهمة ؟
اقترب منها أكثر وأجابها :
_ لو خبيتي شعورك وإحساسك عن الدنيا كلها وحاولتي بقدر الإمكان محدش يحس بيكي ،
مش هتقدري تعملي كدة مع باباكي اللي فاهمك وحافظك أكتر من نفسك يابـ.ـنتي .
كادت أن تخرج له مافي صدرها إلا أنهم استمعوا الي قدوم ضيف ،
انتبهوا ناحية الباب وإذا بهم يفتحون أفواههم من الصدmة لما رأوه إذا باعتماد تدلف إليهم بوجه لايبشر بالخير ،
طمأن جميل ابـ.ـنته بنظراته القوية الداعمة لها دائما وهو يربت على ظهرها بحنان أب لم يكرره الزمان كثيراً ،
دلفت إليهم وهي تنظر إليهم بعداء ، رحب جميل بها ونادي على فريدة كي تأتي ،
وعنـ.ـد.ما دلفت فريدة إليهم ورأت تلك الاعتماد أدارت وجهها تلقائياً ومطت شفتيها بامتعاض ،
ولكن للضيف حق فرحبت بها الأخري ،
جلسوا جميعاً وتحدثت تلك الشمطاء بحدة:
_ مش عيب اللي بـ.ـنتك عملته ده ياجميل ؟
أجابها بهدوء :
_ وايه العيب لما بـ.ـنتي تطلب حقها وحق ولادها ياأم زاهر .
رفعت حاجبها وهتفت باستنكار:
_ تطلب حقها بأنها ترفع قواضي على أم جوزها الله يرحمه ،
واستطردت بتهكم :
_ والله وعرفت تربي ياجميل .
ربع ساعديه حول صدره وأجابها بنفس الهدوء الذي يمتثله:
_ متشكرين ياأم زاهر وتسلمي علي كلامك إني عرفت أربي في دي عندك حق ومغلطيش .
اغتاظت من حديث ذاك اللئيم في وجهة نظرها وأردفت بحماقة:
_ متقلبش كلامي وتفهمه على كيفك ، أنا جيالك النهاردة وبقول لك بكل هدوء خلي بـ.ـنتك تتنازل.
نظر إلي ابـ.ـنته وأذن لها بالحديث فهي كانت ملتزمة الصمت تاركة الرد لوالدها احتراماً له ،
أما هي نظرت إليها بقوة ورددت بثقة:
_ مش هتنازل ياجدة ولادي اللي مبتسأليش عنهم خالص .
شبكت اعتماد كلتا يديها وتحدثت بحقد وهي تتدعي الهدوء:
_ فلوس ولاد ابني في الحفظ والصون مش هديهالك تبعزقيها علي اللبس بتاعك وشغلك الأهبل ،
واسترسلت حقدها اللامتناهي:
_ ولا علشان تروحي تتجوزي وتديها لراجـ.ـل غريب .
كاد والدها أن يرد بدلاً عنها ولكنه استأذنته أن يعطيها حق الرد فأذن لها ،
أما هي مطت شفتيها بمكر وأردفت باستفزاز:
_ وماله ياحمـ.ـا.تي أخد حقي وحق ولادي أعمل بيه اللي على كيفي إن شاء الله حتي أو.لع فيهم شئ ميخصكيش .
هزت رأسها باندهاش وهدرت بها:
_ والله عال يامرات ابني ياللي قلعتي برقع الحيا وبينتي وشك المكشوف وجوزك مـ.ـيـ.ـت مكملش سنتين ونص .
اتو.جـ.ـعت داخلا من اتهامـ.ـا.تها ولكنها عهدت قوية متمردة ، ترد الصاع صاعين ولا تسمح بإهانة نفسها أبداً ،
فتحدثت وهي تنظر في ساعتها وتدعي الاستعجال:
_ شوفي بقي ياحاجة أنا مش فاضية ولا عندي وقت للتفاهات اللي انتي تاعبة نفسك وجاية تسمعيها لي ،
قال ايه وأنا اللي خير اللهم اجعله خير افتكرتك جاية تطمني علي أحفادك ،
واسترسلت بتهكم :
_ ده أنا طلعت هبلة أووي .
أنهت كلمـ.ـا.تها وهي تنظر إلي والديها مرددة باستئذان:
_ بعد إذنك يابابا إنت وماما هطلع أخد شاور علشان ألحق المـ.ـيـ.ـتنج بتاعي معنديش وقت .
كانت فريدة تجلس وهي تبتسم نصف ابتسامة علي ردود ابـ.ـنتها وقصفها لجبهة تلك الاعتماد بتلك الجراءة وهتفت داخلها :
_ جدعة يابت ريم تربية فريدة بحق ،
ثم نظرت إلي اعتماد مرددة بتحذير:
_ شوفي بقي يا اعتماد بـ.ـنتي خط أحمر متجيش ناحيتها نهائى وإلا هعمل إللي متحبيش تشوفيه مني .
_واللي بـ.ـنتك بتعملوا ده يصح يافريدة هانم …
جملة اعتراضية نطقت بها تلك الحاقدة وأكملت بنفس الحدة :
_ خلي بـ.ـنتك تتنازل عن القضية وكفاية فضايح.
هنا تحدث جميل مرددا برفض قاطع:
_ طول ما أنا عايش علي وش الدنيا هفضل دعم لبـ.ـنتي وسند بعد ربنا سبحانه وتعالى ومش هسيبها غير لما حقها يرجع .
قامت من مكانها وهي تحمل حقيبتها وتستعد للمغادرة مرددة بوعيد:
_ تمام أنا قلت نتفاهم بالتي هي أحسن وطالما مصرين على المحاكم يبقي تستحملوا بقي اللي هيحصل .
رددت فريدة بتذكير لها:
_ أنتم السابقون ونحن اللاحقون ياعسل ،
وتابعت بسخرية:
_ وسيبك بقي من العنتظة الكـ.ـد.ابة دي وكلامك اللي لابيودي ولا يجيب وكله فشر ياختي .
نظر إليها جميل بتحذير لأنها ضيفة في منزله وخرجت الأخري تدب في الأرض غضبا ،
أما هي لاحظت نظراته المعترضة وهتفت بدفاع:
_ ولية مستفزة حر.قت د.م البت وحر.قت د.مي أنا كمان ، معرفش إيه كمية الغل إللي فيها دي !
أوقفها جميل عن الحديث مرددا بتنبيه:
_ خلاص هي مشيت يافريدة واحنا مكيفينها ومفيش داعي نغتابها وتاخد حسنات علي حسنا،
واسترسل بدعاء:
_ يالا الله يسهلها ويسامحها ويكفينا شرها ،
قومي اطمني علي ريم هتلاقيها فاتحة مناحة فوق ومتأثرة بالكلمتين الصعبين إللي حمـ.ـا.تها سمت بدنها بيهم .
قامت من مكانها وهي تردد بسخط:
_ ولية بومة جاية تنكد عليها في يوم مهم زي ده وأهي بلاوي وبتتحدف علينا .
_ فريدة ! خلاص بقي مفيش فايدة فيكي ! أنا قلت ايه من شوية ، اطلعي يالا.
صعدت الأدراج وهي تتمتم في سرها ولم تعير كلمـ.ـا.ت جميل اهتمام فهي تكره من يأذي أبنائها قولا أو فعلاً.
______________________________
في فيلا راندا المالكي حيث كانت جالسة تتصفح هاتفها وتتابع وراءابـ.ـنتها بعد ان عنفتها بشـ.ـدة ، وأحكمت حصارها عليها ولم تتركها وحدها إلا ساعات النوم فقط ،وفجأة استمعت إلي صوت ارتطام شـ.ـديد ، انخلع قلبها وقامت من مكانها وصعدت إلي الطابق العلوي ودلفت الي غرفة مهاب ، وإذا بها تشهق بشـ.ـدة حيث كان مهاب مستلقيا علي الأرض ويبدوا عليه الإغماء ومما جعلها تمـ.ـو.ت رعـ.ـباً رؤيتها لأثر تقيئ بجانب ولدها ومنظره المدmي ،
هبطت لمستواه بفزع وحملته إلي أحضانها مرددة بدmـ.ـو.ع:
_ مهاب فوق ياحبيبي فوق يابني متو.جـ.ـعش قلبي عليك ، مهاب مهاب …..
ظلت تنادي بإسمه وتضغط علي وجهه وتحركه يميناً ويساراً كي يستفيق ولكنه في عالم أخر ،
بهت وجهها رعـ.ـبا وأمسكت هاتفها تتصل بوالدها ويداها ترتعش هلعا ، ظلت تهاتف والدها ووالدتها وأخيها ولم يأتيها رد من أي منهم ،
لم تعد تحتمل أكثر من ذلك وقررت أن تهاتف إيهاب وفور اتصالها أتاها رده مندهشا:
_ والله مامصدق نفسي! راندا المالكي بذات نفسها بتكلمني !
أجابته بصوت متقطع أثر البكاء:
_ الحقني ياإيهاب بسرعة .
انخلع قلبه من نحيبها وردد بفزع :
_ اهدي ياراندا وفهميني في ايه ؟
_ ابن.ن.نا ياإيهاب الح.ق.ه … كلمـ.ـا.ت متقطعة خرجت من فاهها بصعوبة .
حمل مفاتيحه وهاتف طبيبا صديقا له هاتفا:
_ متقلقيش ياراندا مسافة الطريق وهكون عندك اهدي لو سمحتي .
وبعد مرور حوالي عشرين دقيقة كان الطبيب واقفاً في الغرفة معهم يفحص مهاب وعلامـ.ـا.ت وجهه لاتبشر بالخير وتقف بجانبه تردد بأنفاس متقطعة أثر البكاء :
_ ماله في ايه في ايه رد عليا؟
بملامح منزعجة تماما وفورا أمسك الطبيب هاتفه طالبا المركز الطبي الخاص به :
_ أيوه يابني ابعتلي عربية إسعاف حالا علي العنوان إللي هبعته لك ومتتأخرش .
أمسكته من كتفيه تهزه بهلع وهي تردد :
_ إسعاف! ابني جري له إيه ياإيهاب ؟
أجابهم الطبيب بأسى:
_ للأسف يا إيهاب جت له سكتة دmاغية ودي مش بتيجي غير في حالات معينه وأهمها الإدmان ،
واسترسل حديثه بنبرة ملامة:
_ ومن العلامـ.ـا.ت الزرقا اللي في جـ.ـسمه والسواد إللي تحت عنيه أحب أقول لكم إن الولد ده مدmن .
اتسع بؤبؤ عينيها وردت باستنكار:
_ مدmن ! مش ممكن ابدا ابني يكون مدmن ، مش ممكن !
أكد الطبيب تشخيصه ونظر إليها إيهاب بملامة :
_ مدmن !كنتي فين وابنك وصل للمرحلة دي ياهانم ! بقي دي الأمانة اللي أنا سيبتهالك ؟!
هدرت به بحدة مرددة باستنكار:
_ أنا كنت فين ؟! وإنت يابشمهندس كنت فين إنت كمان وانت مبتسألش فيهم غير كل فين وفين ومشغول بعماراتك وجوازتك .
أمسكها من كتفيها يهزها بعنف مرددا بغضب:
_ هو إنتي لسه ليكي عين تتكلمي كمان بعد اللي ابنك وصله وتجيبي الغلط عليا !
وتابع حدته لها بإبانه:
_ مانا ياما اتحايلت وحاولت بدل المرة عشرة أرجع بيتي وولادي وإنتي اللي مصممة ، سنتين وزيادة وأنا بتأسف وبعتذر وبعترف بغلطي وإنتي الكبرياء عماكي لحد ماولادنا اتدmروا وهما اللي بيدفعوا التمن .
ظلا الاثنان يتجادلون مع بعضهم الي أن استمعوا إلي سيارة الإسعاف ، فتحدث منهيا الحوار :
_ بلاش كلام في الموضوع ده دلوقتي، ممكن نهدي علشان مش وقته خالص.
أشارت برأسها بموافقة وهي تحتضن كف ولدها بدmـ.ـو.ع ،
انتقلت سيارة الإسعاف بمهاب إلي المركز الطبي الخاص بذاك الطبيب، وأثناء سريانهم استمعت راندا إلي رنات هاتفها وجدته والدها ،
أجابته وهي تنفطر ألما:
_ الحقني يابابا مهاب تعبان جداً وواخدينه في الاسعاف ورايحين المركز عند إيهاب .
انتفض جميل من مكانه وهو يحمل مفاتيح سيارته وينادي علي فريدة كي تأتي معهم مرددا يطمأن ابـ.ـنته :
_ طيب اهدي ياحبيبتي أنا جاي لك أهو أنا وماما ، هدي أعصابك وإن شاء الله هيبقي بخير .
بعد مرور ساعتين من دلوف مهاب إلي المركز خرج إليهم الطبيب ويبدو عليه التعب والإنهاك ،
وجلس على الكرسي بإهمال ، التفوا جميعا حوله بقلق مرددين في صوت واحد :
_ ها مهاب عامل إيه يابني فاق ولا لسه ؟
أجابهم الطبيب بأسى :
_ الولد مدmن من الدرجة الأولى والإدmان سبب له سكتة دmاغية زي ماكنت شاكك وحالته حرجة جداً.
انصدm إيهاب جميل وفريدة بشـ.ـدة ، أما هي صارت تلطم علي وجهها بهستيرية مما سمعته أذناها وصارت في حالة يرثي لها ،
رددت فريدة وهي تجلس أمام قدmاي إيهاب بهلع :
_ يعني إيه كلامك ده يا دكتور ؟ وحالته حرجة إزاي يعني ؟
هتف الطبيب بحـ.ـز.ن:
_ يعني الولد حاليا في حالة حرجة ياأمي ،
نطق إيهاب بحسرة:
_ ابني ممكن يمـ.ـو.ت في لحظة وأنا واقف عاجز إني أعمل له حاجة .
قامت من مكانها ورددت بدعاء وهي تلتفت في المكان مرددة ببكاء:
_ يارب تشفيه يارب وترجعه لنا بالسلامة ، ربي يشفيك يامهاب ياحبيبي يارب يارب .
أما جميل نظر إلي كليهما هادرا بهم بحدة :
_ شفتوا أخر العند عمل فيكم ايه ؟ البيت اتخرب والبـ.ـنت راحت طريق اللي بيروح فيه مبيرجعش إلا وهو مسجون أو مـ.ـيـ.ـت بردوا .
نظر إليه إيهاب باستغراب من كلمـ.ـا.ته وهتف باستفسار:
_ يعني كلامك ده ياعمي بـ.ـنتي سما مالها ؟
_ مش وقته الكلام في الموضوع ده خالص خليك في المرمي بين الحيا والمـ.ـو.ت جوة ده … كلمـ.ـا.ت قالها جميل بنبرة تحذيرية ،
وتابع تحذيره وهو ينظر إلي ابـ.ـنته :
_ اعملي حسابك لو ابنك جري له حاجة ذنبه في رقبتكم انتوا الاتنين .
انتفضت من مكانها ونطقت بصوت عال وهي تشير إليهم جميعاً:
_ خلاص كلكم جايبين اللوم عليا أنا ! هو المجني عليه والمظلوم بقي في وجهة نظركم انتوا جاني وظالم ،
واسترسلت بنحيب:
_ والله العظيم ده حـ.ـر.ام وميرضيش ربنا حـ.ـر.ام حـ.ـر.ام .
قامت فريدة وأخذتها بين أحضانها وهي تردد بملامة لهم :
_ والله العظيم حـ.ـر.ام عليكم سيبوها في حالها بقي مش كفاية اللي هي فيه وكمان بتزيدوه عليها ، ممكن نهدي بقي ونقعد ندعي للي مرمي جوة ده ونبطل نلوم علي بعض.
التزم الجميع الصمت وبعد ربع ساعه بالتحديد خرج إليهم الدكتور المتابع لحالة مهاب وهو يتبطأ في خطواته وعلامـ.ـا.ت الحـ.ـز.ن بادية علي وجهه ،
ذهبوا إليه جميعهم ووقفوا أمامه متلهفين اطمئنانه إلي أن تحدث إيهاب:
_ في ايه يادكتور مالك وشك ميبشرش بالخير.
أجابه بأسف:
_ للأسف الشـ.ـديد يادكتور البقاء لله .
↚ماذا عن طلتها الخاطفة لأنفاسي وكأنها وحدها التي أنيرت المكان ،
أم ماذا عن رجفة قلبي في حضرتها وأريد في وجودها أن يتعطل الزمان ،
أم ماذا عن نظرتها الكفيلة أن تشعرني بالأمان ،
تناولتني تلك الأسئلة لمجرد حضورها فقط وتناوبت على قلبي وعقلي كالإدmان .
خاطرة مالك الجوهري
بقلمي فاطيما يوسف
تدلف ريم المالكي صالة العرض وهي تتأبط ذراع أخيها رافعة قامتها لأعلي بشموخ ، في زيها الزهري اللون المفضل لها بشـ.ـدة وعلى رأسها حجابا باللون الأبيض ووجهها خالياً من مستحضرات التجميل إلا بلمسات بسيطة أبرزت جمال وجهها المستدير ،
كانت عيناي ذالك المالك مثبتة على الباب منتظراً قدومها على أحر من النار وما إن رآها حتى كادت دقات قلبه أن تشق ضلوعه من شـ.ـدته ،
كان ينظر إليها كالمسحور من جمالها الهادئ الرقيق فأقسم بداخله أنه لن يرى امرأة في جمالها من ذي قبل ،
ساقته قدmاه كالمسحور حتى وصل إليهم وهو يمد يده ليد أخيها مرددا بترحاب:
_ أهلا وسهلا يادكتور رحيم نورتنا وشرفتنا ،
ثم نظر الي ريم ملقيا السلام:
_ أهلاً يامدام ريم نورتي المكان .
بادلته السلام بابتسامة متـ.ـو.ترة لنطرته التى تغيرت كليا لها وخاصة بعد اعترافه اليوم بحبها فكانت في موقف حرج جداً ،
بادله رحيم السلام مرددا بابتسامة:
_ أهلاً بيك يامستر مالك ، كويس إنك لسه فاكر اسمي .
ابتسم مالك مردفا بدعابة:
_ بذمتك في حد ينسى الدكتور رحيم اللي أول مادخل المكتب عندى مـ.ـو.تنا من الضحك بسبب دmه الخفيف .
انفرجت أسارير ذاك الرحيم وهو يردد بنفس الدعابة :
_ الله ده أنا من مرة واحدة بقيت ماركة مسجلة بقي في القلش ،
واسترسل وهو ينظر إلي المكان بانبهار :
_ بصراحة المكان والعرض باين إنه حاجة تشرف أووي وبإذن الله هينجح ويكـ.ـسر الدنيا.
أماء مالك برأسه بموافقة قائلا وهو ينظر تجاه ريم :
_انا واثق من ربنا ان العرض هيكـ.ـسر الدنيا وده طبعا بفضله أولاً ثم بمجهود ريم اللي تعبت فيه جدا وهينقل سوق الأزياء للزي الدراسي لحتة تانية خالص .
استشعر رحيم بنظراته الثاقبة اعجاب ذلك المالك بريم مما جعله يفرح داخلا لأجلها فهو يريد لها ان تستقر وان لا تدفن روحها بالحياة ،
وردد بتأكيد على كلام مالك :
_والله كلامك صحيح جدا ريم من صغرها وهي طموحة جدا واقل شيء بتعمله بيبقى مبهر والكل بيعجب بيه جدا بصراحة من غير مجاملة إنها أختي .
واثناء حديثه استمع الى رنات هاتفه نظر إليه وجدها مريم فاستئذن منهم عدة دقائق للرد عليها ،
اما مالك فور خروجه تنفس الصعداء وكأن الدقائق التي يقضيها معها أمنية بات يحلم بها ،
فأشاد إليها منبهرا بطلتها:
_ اللون الزهري جميل جدا عليكي يا ريم والحق يقال إنتي عندك ذوق جدا في اختيار الالوان للمناسبات .
أحست بالحرج الشـ.ـديد من نظراته وتلميحاته وأومأت له بخفوت :
_متشكرة جدا يا مستر لذوق حضرتك .
أحس بحرجها ولكن فرصة تواجدهما في ذاك المكان ويقف معها وحدهم لن يضيعها وأردف باستفسار:
_ إنتي ليه متعمدة تنسي اعترافي ليكي النهاردة وبتحاولي تهربي بعيونك عني ،
وتابع حديثه بتصميم:
_ لعلمك بقى أنا عليكي مصمم وبجد محتاجك فى حياتي يا ريم وعايزك جمبي.
ابتلعب أنفاسها بصعوبة بالغة وعلامـ.ـا.ت الخجل اعترت وجهها ببراعة ولم تقدر على التفوه إلى أن استمعت إليه:
_ ممكن تدينا فرصة نتعرف على بعض ونعمل ياستى فترة خطوبة علشان تطمنى ومتحسيش إنك اتدبستي .
رفعت أنظارها إليه وهى على نفس خجلها وأردفت بنبرة هادئة:
_ المشكلة مش فيك إنت ، المشكلة فيا أنا وهى اني رافضة أي ارتباط بعد باهر الله يرحمه وانى مقررة أعيش لولادي بس .
رفع حاجبيه وهتف باستنكار:
_ وده ليه ياريم ممكن أفهم ؟
طيب أعمل إيه في قلبي اللي حبك واتعلق بيكى وبقي يعد الأيام علشان تبقي جمبه ومعاه ؟
استمعت إلى دقات قلبها التى تأثرت بشـ.ـدة من نبرته ونظرته وخاصة أن لديها مشاعر إعجاب وليدة ،
وتلك المشاعر الوليدة تؤلمها بشـ.ـدة فهى تريد كبتها ومـ.ـو.تها قبل أن تقتحم كل حصونها بشـ.ـدة وحينها تكون معـ.ـذ.بة ،
وأجابته بتـ.ـو.تر وخجل :
_ أنا كنت واضحة جداً من البداية معاك وعمرى ماخضعت بقول ولا فعل يخليك تتعلق بيا .
_كذابة …. نطقها مالك بعيون راجية وأكمل دفاعه المستمـ.ـيـ.ـت عن حبه :
_ مين قال كدة ؟ كلك على بعضك سحرني ، تدينك والتزامك وهدوئك ، أصلاً دخولك للمكان بيخـ.ـطـ.ـف الطلة وبحس إني مش عايز أعمل حاجة غير إني أبص لك وأركز معاكي ومع كل تفصيلة تخصك ، بذمتك مش كدة يبقي حـ.ـر.ام عليكي وهتشيلى ذنوب كمان .
_ذنوب ! ذنوب ايه دي …. نطقتها باندهاش شـ.ـديد وتعجب.
اقترب منها بخطوة واحدة وأجابها بوله :
_ أه ذنوب قلبى اللي انتي معـ.ـذ.باه معاكي بسبب رفضك ،
ذنوب نظرتي ليكى اللي بسرقها غـ.ـصـ.ـب عنى علشان بتبقي وحشانى ،
واسترسل مقنعا لها بمراوغة :
_ إنتي مت عـ.ـر.فيش إن النظرة سهم من سهام إبليس ولا ايه ياقلبي .
إلي هنا واكتفت من جرائته وتلميحاته ورفعت سبابتها وأردفت بتحذير:
_ قلبك ! لحد هنا وكفاية يامالك أنا مش مسؤلة عن اللي انت بتقوله ولا عن ذنوبك اللي عايز تحملها لى بدون وجه حق .
ابتسم على شراستها وتحدث هامسا وهو قاصداً النظر في عينيها كي يرى ازتباكها الذي يعشقه :
_ الله ياريما مالك خارجة منك قمرر ، بذمتك بعد مالك دي عايزاني أكبر دmاغى وأسيبك ،
واسترسل بوعيد محبب:
_ طيب شوفى بقى عند معايا مش هيجى سكة وهتجوزك يعني هتجوزك مانا مش هفضل أسهر على الأطلال وأحلم بعيونك اللي دوبونى دول وأسيبك تدفنى نفسك بالحيا علشان حق ربنا ادهولك وخايفة من المجتمع ،
وتابع حديثه قائلاً وهو يشير بيده تجاه قلبها:
_ خلى بالك أنا سامع دقات قلبك دلوقتي والقلب مبينبضش بشـ.ـدة كدة إلا لعاشق .
أنهي كلمـ.ـا.ته وتحرك من أمامها عنـ.ـد.ما لمح قدوم أخيها ،
تصنمت مكانها من إحساسه بها بتلك الدرجة وحدثت حالها بتخبط:
_ هو عرف منين بدقات قلبى وحيرتى هو أنا للدرجة دي مكشوفة أوي كدة ، ياربي أنا مش قادرة أتنفس حتى في وجوده ، ارحمني يارب واهدي قلبي وارزقنى المقاومة.
كان رحيم يقف أمامها يحدثها وهى في عالم أخر إلى أن أشار بيديه أمام عينيها مرددا :
_ اللى واخد عقلك يتهنى به ياست ريما .
_ها بتقول ايه؟ … قالتها ريم بتيهة .
لوى شفتيه باستنكار:
_ ده انتى في عالم تانى بقي ياريم هانم ايه ياحاجة فوقي كدة مالك متنحة كدة ليه ومش سامعاني أصلا ،
واسترسل وهو يرى نظراتها تجاه مالك مرددا بغمزة شقية :
_ الله أنا ابتديت أشك والموضوع فيه إن بقى ، ياتحكى ياتحكى بردو مش هسيبك إلا لما أفهم .
كادت أن تنطق إلي أن استمعت إلى إعلانهم عن بداية العرض فانتبه الجميع ناحية الاستدج وبدأت مراسم العرض فى منظر أبهجها بشـ.ـدة ،
بعد مرور ساعة كاملة من العرض لاحظت انبهار الجميع بالتصميمـ.ـا.ت ووجدت اسمها ينادى من قبل مالك علنا أمام الجميع قائلا:
_ الحقيقة نجاح العرض يرجع لتصاميم مدام ريم واللى هى أبدعت فيها جداً لحد ما طلعت بالشكل ده ، بعد اذنك ياريم اتفضلي.
تلقائيا نظرت إلى أخيها بتيهة ، أشار إليها بابتسامة أن تصعد وهو يردد بسعادة:
_ روحي ياقلبى افرحي بنجاحك وخليكي واثقة في نفسك وسيبك من الكسوف الزايد عن اللازم ده وأنا واقف هنا بتفرج على نجاحك بكل فخر .
شكرته بعينيها بامتنان وتحركت تجاه مالك ووقفت في منتصف الجميع ،
تهافتت المبـ.ـاركات عليها وتهافت الإعلامين في التصوير معها وانشغلت بهم ومالك يقف بجانبها يدعمها ويساندها وخاصة أنه رأي خجلها الشـ.ـديد فحاول تشجيعها ،
فكان مالك معدا لها حملة إعلانية رهيبة انبهرت بها بشـ.ـدة ،
وبعد قليل انتهت من الإجابة على جميع الأسئلة ، فاستغل مالك انشغال الجميع وهمس بجانب أذنها بحب مما أصابها بالقشعريرة من همسه :
_ مبروك ياحبيبتي أول نجاح ليكي واحنا مع بعض ، والمرة الجاية نحتفل بيه في بيتنا لوحدنا ،
وأنهى همسه برقة :
_ ريم أنا بحبك أووووي ياريت تفكرى في الموضوع.
______________________________
في نفس التوقيت وبالتحديد في المركز الطبي الخاص بصديق إيهاب
التزم الجميع الصمت وبعد ربع ساعه بالتحديد خرج إليهم طبيباً أخر متابع لحالة مهاب وهو يتبطأ في خطواته وعلامـ.ـا.ت الحـ.ـز.ن بادية علي وجهه ،
ذهبوا إليه جميعهم ووقفوا أمامه متلهفين اطمئنانه إلي أن تحدث إيهاب:
_ في ايه يادكتور مالك وشك ميبشرش بالخير.
أجابه بأسف:
_ للأسف الشـ.ـديد يادكتور البقاء لله .
أمسكه إيهاب من تلابيب قميصه مرددا بفزع :
_ انت بتخرف بتقول إيه إنت اتجننت ؟!
تحدث الطبيب بأسف:
_ النبض وقف للأسف وبحاول أنعشه والمحاولات بائت بالفشل.
انهارت فريدة وجميل وجلسوا على الكراسي بإهمال وهم يرددون:
_ لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم اللهم لا اعتراض اللهم لا اعتراض.
أما راندا كانت مصدومة ولم يصدق حدسها مااستمعت إليه وما إن انتبهت حتي شهقت بصوت عال رج المركز بأكمله :
_ ابننننننننننننننننننننني لااااااااااااااا يااااااااااااارب ابني ممـ.ـا.تش ممـ.ـا.تش.
ثم وجهت أنظارهم تلقائيا إلي الممرضة التى تهرول إليهم مرددة بأنفاس متقطعة:
_ إحنا قدرنا ننعش الولد يادكتور الحمدلله والنبض رجع لطبيعته تاني ، الدكتور هاني مرضيش يسيبه وحاول كتييير لحد مارجع النبض.
اتسعت أعينهم جميعاً لما استمعوا إليه ، وسجد جميل وإيهاب سجدة شكر لله يعبرون فيها عن مدي شكرهم لربهم ،
أما راندا انطلقت مسرعة إلي حجرة العناية وهي تردد :
_ ابني ابني ألف حمد وشكر ليك يارب ،
حاولت فتح الباب لكن الممرضة لحقتها ومنعتها من الدخول:
_ ممنوع يافنـ.ـد.م دخول العناية أرجوكي كدة خطر على صحته .
ضـ.ـر.بت علي صدرها بحدة ثم مدت يداها تشـ.ـد الممرضة من علي باب الحجرة هاتفة بصراخ:
_ بقولك اوعى أنا عايزة أشوف ابني وأطمن عليه ومش من حقك تمنعيني .
استمعوا جميعا إلي صراخها للمرضة فهرولوا إليها جميعاً ،
أخذها والدها بين أحضانها قائلا لها بطمئنة :
_ اهدي يابـ.ـنتي الحمدلله ابنك بخير ومينفعش تدخلي له ، ادعي له ربنا يشفيه وتعالى استريحى شوية .
مسح إيهاب على رأسه بأسى ونطق بنصح :
_ بعد اذنكم ياجماعه وجودكم هنا دلوقتي ملهوش لازمة اتفضلوا روحوا هو كدة كدة مش هيفوق إلا بعد ٢٤ ساعه علي مايعدى مرحلة الخطر .
هدرت به راندا بحدة وشراسة :
_ أروح مين انت بتقول ايه ؟! أنا لايمكن أسيب ابني لحظة ولا هتحرك من هنا إلا وهو رجلى على رجله .
ربتت فريدة على ظهرها بحنو وأردفت بإرشاد:
_ يابـ.ـنتي وجودنا هنا ملهوش لازمة ، لازم تروحي ترتاحي علشان تقدري تقاومى وبعدين بـ.ـنتك ممـ.ـو.تة نفسها من العـ.ـيا.ط هناك لازم تبقى جنبها بردو تطمنيها .
أشارت برأسها برفض قاطع وتحدثت من بين دmـ.ـو.عها:
_ والله ياماما لو انطبقت السما علي الأرض ماهروح ولا هتحرك من مكانى الا لو ابنى خارج معايا بخير .
لم يقدروا عليها جميعهم الي أن تحدث إيهاب إلى جميل:
_ خلاص ياعمي خد طنط فريدة وروحوا انتوا علشان سما وأنا وهى هنفضل هنا مش هنتحرك .
أخذ جميل نفسا عميقا ثم زفره بهدوء قائلا برجاء:
_ طيب يابنى أرجوك كل لما أكلمك ترد عليا علطول وتطمنى عليه.
_ حاضر ياعمى ومتقلقش بإذن الله هيبقي بخير…. قالها إيهاب بتمني .
أمن الجميع على كلامه وخرج جميل وفريدة من المركز عائدين إلي منزلهم بقلب ينفطر ألما ،
بينما عاد رحيم وريم من العرض ووجدوا سما تنتحب بشـ.ـدة وعلامـ.ـا.ت البكاء على وجهها واحمرار عينيها جعلهم انفطروا رعـ.ـباً،
هرولوا إليها مرددين في آن واحد:
_ مالك ياسما بتعيطي ليه ياحبيبتي ،
وفين تيتا وجدوا وماما والباقين سايبينك لوحدك ليه .
ارتمت سما في أحضان خالتها وهتفت بشهقات عالية :
_ مهاب تعب جداً ياخالتوا وراحوا بيه المستشفى.
نطق رحيم متعجباً:
_ مستشفى! ليه ماله ايه اللي حصل له ولا تعبان إزاي ؟
كادت أن تجيبهم إلا أن جميل وفريدة وصلوا إليهم ،
نظر إليهم رحيم قائلاً بعتاب:
_ إنت إزاي يابابا متتصلش بيا وتقولي إن مهاب تعب وفي المستشفى وسايبنا كدة مش فاهمين حاجة ؟
أجابه جميل بنبرة صوت متعبة :
_ والله يابني كل حاجة حصلت ورا بعضها وكنا متـ.ـو.ترين وحالتنا مايعلم بيها إلا ربنا .
سألت ريم بقلق:
_ مهاب ماله يابابا وعامل ايه دلوقتي.
أجابتها فريدة بنحيب:
_ مهاب تعبان أووووي ياريم أوووي ،
وتابعت نحيبها وهي تضـ.ـر.ب بكلتا يديها علي فخذيها بحسرة :
_ مهاب مدmن ياريم مدmن والإدmان سبب له سكتة دmاغية وكان هيمـ.ـو.ت فيها لولا ستر ربنا .
انصدm رحيم وريم مما استمعوا إليه ولم يقدروا علي التفوه ينظرون إليهم بتعجب شـ.ـديد وعيونهم متسعة بشـ.ـدة وكأن الطير أكل رؤوسهم ،
وبعد استيعابهم للأمر تحدث رحيم :
_ لله الأمر من قبل ومن بعد ،مهاب ابن أختي مدmن ! والله العظيم مامصدق.
أما ريم هتفت باستنكار:
_ مدmن إزاي ياماما ده مهاب ولا له في اللف ولا الحوارات دي ايه اللي جرى له .
هنا تحدث جميل ناطقاً بإبانة:
_مش بمزاجه بقى مدmن يا بـ.ـنتي مهاب جات له حاله نفسيه من فراق والدته ووالده وطبعا اختك انشغلت في احزانها وألمها ونسيت ان ليها اولاد عايزين رعايتها واهتمامها .
سألته ريم وهي تبتلع أنفاسها بصعوبة:
_ بس إزاي يابابا وهي كانت عايشة معاهم ومفكرتش تتجوز تاني وكل حياتها ليهم ووقتها بردوا .
أجابها بهدوء:
_ مين قال لك ان الجواز بس هو اللي بيعطل الست عن تربية ولادها !
لا يا بـ.ـنتي مش زي ما إنتي فاهمه لازم ت عـ.ـر.في ان وجود الأب والزوج مهم جدا في حياة الست مهما كانت قوتها ،
وجوده وسط بيته سند وحمايه وامان .
سألته بتيهة وتخبط :
_يعني انا كده يا بابا ولادي ممكن يضيعوا في يوم من الأيام علشان ما لهمش اب؟
أحس جميل بأنه أخطئ أمامها بكلمـ.ـا.ته ولكن أجابها بتوضيح:
_مش كل حاجه يا بـ.ـنتي الست ممكن تقدر تتحملها وتحلها لوحدها لو لقيتي نفسك في يوم من الأيام محتاجه وجود راجـ.ـل في حياتك يقف معاكي ويسندك ويقبلك بكل حملك ما تفرطيش فيه الدنيا مش بتقف على حد وهي مكتوبة علينا ولازم نعيشها طالما ما بنعملش حاجه تغضب ربنا .
جلست بإهمال وهى ترتعب داخليا مما حدث ومما استمعت اليه وأصبحت تائهة في عالم أخر تفكر ماذا تفعل في مستقبلها .
_____________________________
عودة إلى المشفى حيث يجلس ايهاب وراندا في قلق ورعـ.ـب شـ.ـديد ،
يجلسون مقابل بعضهم في تـ.ـو.تر بيِّن على معالمهم ، كل منهم ينظر بشرود في اللاشيئ إلى أن التقت عيونهم فى نظرة طويلة ،
نظرته لها تشيد إلى الملامة والعتاب أما نظرتها تلك المرة اختلفت من ذي قبل ، نظرة احتياج لاشراسة ، نظرة تطلب منه الاحتواء لا الابتعاد ،
فحدثتها عيونه :
_ ليه أهملتي في ابننا لحد ما وصل للمرحلة الصعبة دي .
أجابته عيونها بو.جـ.ـع :
_ إنت السبب انت اللى دmرتنا وفرقتنا .
ضيق عينيه باندهاش وكأنه فهم مغزى نظراتها :
_ مانا جت لك واتحايلت عليكي وانتى اللي مصممة على و.جـ.ـعك .
فرت دmعة هاربة من عينيها وأكملت تلك العين عتابها له:
_ كنت موجوعة منك أووي أووي وكنت عايزة أنتقم لكرامتى وكبريائي .
أخذ نفسا عميقا وعلى نفس نظراته :
_ سيبتك تفجرى طاقة الو.جـ.ـع اللى جواكى واستنيتك وقاومت أي اغراء علشان أنا بحبك بس انتى عاندتي واتكبرتي لحد ماكنا هنخسر أعز مانملك .
ولحديث العيون قوة تضاهى قوة حديث اللسان بل وتزيد فالعين تفضح المكنون أيا كان .
وجدها غفلت من شـ.ـدة التعب وذهبت فى ثبات عميق ، قام من مكانه ودثرها بالغطاء المتواجد في الغرفة وغادر الحجرة وأوصدها خلفه ونبه على العاملين بعدm فتحها نهائيا ،
انتهى ذلك اليوم العصيب على الجميع وانتهت الأربعة وعشرين ساعة مرحلة الخطر واستقرت حالة مهاب بفضل الله وبدعوات من حوله ،
استدعي إيهاب عدداً من الأطباء فى تخصص المخ والأعصاب وعلاج الإدmان واهتم بحالة ابنه ،
مر ثلاثة أسابيع على تلك الأحداث في تعب وتـ.ـو.تر من الجميع ،
فريم أخذت أجازة فى تلك الأسبوعين كى تبقى بجانب أختها ،
وكان الجميع يلتفون حولها يهنئوها بنجاة مهاب ،
وعادت معهم راندا وأبنائها إلى بيت أبيها كى يراعوا مهاب معها فهو يحتاج إلى فترة نقاهة وبالتحديد شهرين .
___________________________
أذاعت قنوات التلفزيون والسوشيال ميديا عرض الأزياء والمقابلة التي تمت مع ريم وأصبحت ذات شهرة واسعة ،
في منزل باهر الجمال كانت هند واعتماد وابـ.ـنتها التى عادت من سفرها بالخارج تجلسن جميعن وهم يتحدثون عن ريم ولما وصلت إليه ،
فتحدثت اعتماد بحقد:
_ شوفي ياختي البت واقفة فى وسط كام راجـ.ـل ولا هاممها ، دى معندهاش من الاحترام والأدب ذرة .
مطت هند شفتيها بامتعاض وهتفت متمتمة بسخرية:
_ الخياطة بقي ليها شنة ورنة دلوقتي ياحمـ.ـا.تي وبقت ولا نجوم السيما.
تنفست بغل وأردفت باستهزاء:
_ ولما هى بقت مشهورة أوي كدة وأكيد بتقبض بالدولار ليه متنازلتش عن القضية اللى رافعاها علينا اللي مـ.ـا.تتسمى .
هنا تحدثت ابـ.ـنتها بإبانة :
_ حقها ياماما ومتزعليش من الحق .
رفعت حاجبها وهتفت باستنكار:
_ تك كـ.ـسر حقها يختي منك ليها ، حق مين والناس نايمين إنتي بتخرفي بتقولي ايه يابت إنتي ؟
أجابتها بتأكيد:
_ بقول الحق اللى ميزعلش وإنه لازم يرجع لأصحابه ،
واسترسلت بنصح :
_ ولعلمك بقى ياماما قضايا الميراث بالذات مبتاخدش وقت فى المحاكم وبالتأكيد هيتحكم لها ،
وخلى بالك كمان من حتة انها بقت مشهورة وشهرتها عالمية كمان دي مش مصممة بس دي كمان صاحبة ماركة يعنى بقت حاجة عالية أوووي ،
فاديها حقها اللى هو حق ولاد ابنك بدل فضحيتنا مـ.ـا.تبقى على كل لسان وساعتها هتنـ.ـد.مى نفسك وهتقولى ياريت اللي جرى ماكان .
أحست اعتماد بالخـ.ـو.ف داخلها ولم تبينه فتحدثت هند وهي تضع سبابتها جانب فمها :
_ تصدقي عندك حق في كل كلمة قلتيها واحنا مش واخدين بالنا ،
وتابعت حديثها وهي تحول أنظارها إلي اعتماد مرددة بتحذير:
_ خلى زاهر يديها حقها وتغور بيه ياماما بدل مايتفضح ويتقال عليه آكل حقوق ولاد أخوه اللي مـ.ـا.ت ، إحنا عندنا بنات وعايزين نربيهم من غير مايطلع سمعة وحشة على أبوهم أبوس ايدك.
وظلت ابـ.ـنتها وهند يستخدmون معها أسلوب الترغيب والترهيب حتى لانت واقتنعت بمشورتهم وفورا أمسكت هاتفها وأبلغت المحامى وزاهر أن يعطوها حقها بالكامل وينهوا ذلك الحوار وهي تستشيط غضبا وفي اعتقادها انتصار تلك الريم عليها .
____________________________
في تلك المدة زادت علاقة القرب بين مالك وريم حيث كان يحادثها يومياً بحجة الاطمئنان علي ابن أختها تارة وتارة يخترع أي أسباب يسألها عن التصميمـ.ـا.ت ، ولكنه أحب محادثتها في الهاتف وكأنه رجع شابا في مرحلة مراهقته ،
وذات يوم كانت ريم نائمة ظهراً وأثناء نومها استمعت إلي صوت هاتفها ،
مدت يداها وأجابت وأعينها مشوشة أثر النوم مرددة بصوت رقيق :
_ الو ، مين معايا .
أحس برعشة في جسده اثر استماعه لصوتها النائم وود لو كان بجانبها وكانت امرأته في تلك اللحظة ، وأجابها هامسا:
_ صوتك حلو اووي وانتي صاحية من النوم ، بجد أسرني ودوبني أكتر مانا دايب ياريم .
اعتدلت من نومها بتـ.ـو.تر شـ.ـديد لما سمعته أذناها من ذاك المالك الذي لم يترك فرصة إلا ويغازلها ،
لقد أرهق قلبها وأتعبه بشـ.ـدة وأصبحت أسيرته ولكن تعاند حالها وتريد كبت شعورها ولكن حصاره لها لم يمهلها فرصة ،
وتحدثت بهمس مغلف بالخجل:
_ مش هتبطل كلامك ده بقى وتفقد الأمل فيا ؟
ضحك بشـ.ـدة على كلامها وأردف بنفي :
_ شوفي لو السما اختفت والبشر انقرضت والدنيا مبقلهاش وجود ساعتها هبطل أحبك .
أمسكت خصلات شعرها تداعبها بأناملها وعضت على شفتيها السفلية دليلاً على انداماجها لكلمـ.ـا.ته ونبرة صوته التى اعتادت على سماعها قائلة:
_ وبعدين بقى فيك بطل طريقة كلامك دي ، هعمل لك حظر على فكرة علىشان أنت مستغل أووي .
كان يستدير بالكرسي حول نفسه بسعادة عارمة لكونه يتحدث معها فقط، فما تكون حالته عند لقائها الأول بين يديه ، يحلم كثيراً بذالك اللقاء وردد بحالمية:
_ حـ.ـر.ام عليكي اللي انتي بتعمليه فينا ده ياريم والله العظيم حـ.ـر.ام ، إنتي بتحبيني زي مابحبك بالظبط وبتكابرى بس اللي مت عـ.ـر.فيهوش إن المشاعر فضاحة ،
واسترسل بملامة:
_ كفاية بقي كدة وحنى عليا ووافقى على ارتباطنا وأنا أوعدك انك مش هتنـ.ـد.مي أبداً ، وخلي بالك بقولها لك للمرة التانية إنتي كدة بتشيلي ذنوبي علشان كل لما أكلمك وأسمع صوتك بتسحر وبتخليني أقول كلام مينفعش يتقال غير من زوج لزوجته ،
وللمرة اللى مش عارفه عددها بقول لك أنا عايزك تكونى ليا .
ابتسمت على طريقته وكأنها الأخرى عادت ابنة السابعه عشره عاماً ثم ألقت كلمتها السريعة وأغلقت الهاتف فوراً:
_ خلاص هفكر .
استمع إلي كلمـ.ـا.تها بقلب ينبض فرحا وعشقا وصار بعقله يفكر كيف يكون لقاؤها الأول بالتأكيد سيكن عاصفة شـ.ـديدة في ليالى العشق والغرام ،
نظرت للسقف بشرود وتيهة وخطر على بالها رحيم ، هى تريد أن تتحدث مع شخص يتفهمها فأرسلت له رسالة عبر الواتساب:
_ رحيم عايزة نخرج أنا وإنت في مكان هادى ممكن .
جائته رسالتها وهو يهاتف مريم فاستئذن منها كي يراها ، قرأها وابتسم تلقائيا ثم أنهى حواره مع مريم وأرسل لها بموافقة:
_ فى ربع ساعه بالظبط هكون جاهز ياحبيبتي يلا جهزي نفسك .
سعد داخلها من أجل حنان أخيها عليها وقامت بنشاط وحيوية كي تأخذ حماما منعشا وبعد نصف ساعة كانو متحركين بالسيارة ،
وصلوا الي المكان المحبب لها ،دلفوا الي المكان وانتقوا مقعداً بجانب البحر الذي تعشق الجلوس أمامه ،
بعد استقرارهم في المكان أحس بحرجها ، تود أن تتحدث معه في ذاك الموضوع ولكن خجلها يقف عائقا أمامها ،
ولكنه تشجع قائلا:
_ أنا حاسس بيكي ياحبيبتي وحاسس بتعبك وجهادك مع نفسك بس ليه ده كله علشان باهر الله يرحمه اللى بين أيادي ربنا دلوقتي ،
واستطرد نصحه كي يطمئنها من نزاعها الداخلى :
_ هو عند اللى خلقه وانتى لسه عايشة فى الدنيا بني أدmة بتتنفسي ونفسك ليها حق عليكي .
نظرت إلي البحر بروح منهكة حاربتها كثيراً وأومأت بخفوت:
_ مش قادره أتخطى وجود باهر لحد دلوقتي ولا قادرة أتصور نفسي مع راجـ.ـل غيره يارحيم .
التوي ثغره بحسرة على حالة أخته :
ليه ياريم ليه تعـ.ـذ.بى نفسك وتعيشي على ماضى وذكريات وتأنبيها على حاجة ملكيش ذنب فيها ، وكمان تدفنيها جوة دوامة هتسحب جمال روحك لحد مـ.ـا.تخليكي هشة .
_طيب أعمل إيه دلنى على الصح … قالتها ريم برجاء وهى تنظر إلى أخيها .
ربت علي يديها بحنان وأجابها:
_ تدى لنفسك ولقلبك فرصة ، تدى لهم حق إنهم يعيشوا وملكيش دعوة بكلام الناس ارميه عرض الحيطة ، محدش هينفعك وانتي بتضيعى سنين عمرك ورا سراب هيحطمك عيشى الواقع والحقيقة وافرحى بشبابك طالما مبتعمليش حاجة تغضب ربنا .
سألته بتوهان :
_ طيب تنصحني أبتدى إزاي من جديد وخاصة انى معايا ولدين لايمكن هسيبهم أبداً أيا كانت الظروف.
تنهد براحة نظرا لأنه على مشارف إقناعها براحتها :
_ أنصحك بأنك لو جت لك فرصة كويسة مع راجـ.ـل محترم ومتدين يعرف ربنا وابن ناس توافقى بس بشروطك وأولهم ولادك وتانيهم شغلك مانتي مش هتتنازلى عن حلمك للمرة التانية .
تلج الذكريات المحـ.ـز.نة كالمطارق في صدرها وقالت بيقين:
_ أكيد طبعاً دي أول حاجة هطلبها وأمن عليها كمان ،
وتابعت حديثها وهي تفرك يداها بتـ.ـو.تر:
_ طيب ايه رأيك لو كان الراجـ.ـل ده مستر مالك ؟
انفرجت أساريره بسعادة تلقائية وأجابها بموافقة:
_ يازين ماختارتى راجـ.ـل محترم وشهم وجدع وابن ناس وظروفه تنفع ظروفك جدا ،
واسترسل حديثه مستفسرا بخفة:
_ احكي لي كل حاجة ودلوقتي حالا حكم أنا بعشق حكايات العشق والغرام وخاصة الممنوعين.
ابتسمت بشـ.ـدة علي دعابته وهتفت بعيون التمعت بالحب فور حديثها عنه:
_ تقريبا حبنى واتعلق بيا من أول ماشافني ومش بس كدة من قريب اعترف لى بحبه ومش عايزة أقول لك بقى محاصرنى في كل مكان وحتى التليفون .
_ الله الله ياست ريم ده انتى عيونك لمعوا وبيطلعوا دباديب أول ماجت سيرته …. جملة دعابية نطقها ذاك الرحيم بخفة لطيفة .
أحست بالحرج الشـ.ـديد رغم أنه يداعبها إلا أنها خجلت بشـ.ـدة وأردفت بتحذير:
_ والله لو مابطلت طريقتك دى لا هقوم أسيبك وأمشي يارحيم .
ضحك بشـ.ـدة على خجلها وأردف بنفس الخفة:
_ خلاص ياستي متبقيش أفوشة كدة خدى وادى معايا ،
واسترسل حديثه مشيرا إلى هاتفها :
_ يالا امسكي التليفون حالا وقولي له إنك موافقة تقعدى معاه قعدة مبدئية تعرفوا فيها ظروف بعض واللى فيه الخير يقدmه ربنا .
اعترضت على كلامه بشـ.ـدة :
_ ايه ده أكلم مين مش بالسرعة دي اهدى كدة .
خـ.ـطـ.ـف الهاتف من أمامها قائلا بتهديد:
_ هو انتو كدة الستات تمـ.ـو.توا في المحايلة وتبقى نفسكم في الحاجة وتتمنعوا وأنتن الراغبات ،
واسترسل بوعيد :
_ هتكلميه ولا أبعت له أنا رسالة دلوقتي من على تليفونك ومش عايزة أقول لك بقى هتبقى رسالة غرامية بحتة أبل بيها ريق الراجـ.ـل اللي نشفتيه معاكي .
مطت شفتيها باعتراض وأردفت بمحايلة:
_ لااااا بالله عليك مـ.ـا.تعمل كدة وأنا خلاص هكلمه .
تحدث شارطا:
_ هتكلميه دلوقتي وقدامي .
أمائت برأسها بموافقة وهي تبتسم ،
أعطاها الهاتف وبيدين مرتعشتين طلبت رقمه ولم تنتظر أكثر من رنتين حتي أجابها قائلا:
_ مش مصدق نفسي والله ريم هانم المالكي بتتصل بيا بذات نفسها ده بايني القمر طلع بالنهار وأنا مش واخد بالى .
أحس رحيم بخجلها الشـ.ـديد وأشار إليها بتشجيع أن تستمر في الحديث ،
ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة وألقت كلمـ.ـا.تها :
_ أنا موافقة نقعد مع بعض مبدئياً كدة واللي عايزه ربنا هو اللي هيكون .
قالت كلمـ.ـا.تها وأغلقت الهاتف فوراً وصارت تتلفت حولها يميناً ويساراً من شـ.ـدة خجلها .
______________________________
↚ليلا وبالتحديد في الساعة الثانية صباحا في منزل هيام الجوهري تدلف الى شقتها وما إن دخلت حتى قام زوجها واقفاً أمامها ويربع يديه حول صدره قائلا بهدوء ماقبل العاصفة:
_ والله عال ياست هيام ، بقي وصلت بيكي الجرأة إنك ترجعي البيت الساعة دي ؟!
واستطرد كلمـ.ـا.ته بنهر وروحه زهقت منها وما عادت قادرة على الإحتمال:
_ خلاص الكيل طفح منك ومبقتش قادر أستحمل أكتر من كدة ،
أنا نفسي أعرف إنتي صنفك إيه بالظبط ،
ثم وجد نفسه صافعا إياها على وجهها بعنف وكأنه بتلك الصفعة ينتقم لعمره الذي أضاعه معها وأكمل مرددا وهى على صدmتها :
_إنتي طالق واتفضلى اطلعى برة روحي مطرح ماكنتي ومش عايز أشوف وشك تانى .
لم تتحرك مشاعر الحـ.ـز.ن لديها فور استماعها لتلك الكلمة والتى تنهي ميثاقا غليظا بين ذكر وأنثي ، فوقع تلك الكلمة على أي امرأة تزلزلها بقدر ماأزعجها ضـ.ـر.به لها و.جـ.ـعلتها تنظر له بشر ثم رفعت حاجبيها وأردفت بغل :
_ هنـ.ـد.مك عليه القلم ده أوي يارامى وهدوقك معنى انك تطردنى من بيتى في أنصاص الليالي وأنا عاملة نصه بفلوسى معاك يدا بيد .
نظر إليها باشمئزاز هادرا بها:
_ فلوس مين ياطماعة ده إنتي خاربانى وساحلانى معاكى ببرانداتك وعربياتك ومجوهراتك علشان المنظرة الكـ.ـد.ابة بتاعتك ،
وتابع سخريته منها :
_ ده إنتي إللي مديونالي بشبابى اللى ضاع معاكى ده انتي من اللي الرسول صلى الله عليه وسلم قال عليهم ” يكفرن العشير ” وإنتي طبعاً مش هتعرفى معناها علشان انتى فارغة ،
ثم أولاه ظهرها وهدر بها بحدة:
_ اتفضلي يالا علشان البيت ينضف وليا كلام مع أخوكى الكبير علشان نفضها سيرة .
رفعت راسها بكبر معتادة عليه دائما مرددة بغل:
_ تمام ياروميو بس مترجعش تنـ.ـد.م وتقول أه من اللى هعمله فيك .
_ أعلى مافى خيلك اركبيه يابـ.ـنت الجوهرى …. جملة استفزازية نطقها ذاك المهدر حقه مع تلك الشيطانة.
غلى داخلها من استفزازه لها وخرجت كالإعصار قبل أن يطردها بيده فهى تخشى على منظرها أن تهان ويسمع بها أحد وهي تردد داخلها بوعيد:
_ والله لا أربيك وأعلمك ازاى تعمل كدة في هيام الجوهري.
ثم انطلقت مسرعة بسيارتها وتوجهت إلي بيت والدتها وهى في قمة الغليان ،
وفور دلوفها المكان أحست بها والدتها فارتعبت بشـ.ـدة ، هرولت إليها قائلة برعـ.ـب :
_ في ايه ياهيام ايه يابـ.ـنتي اللي جايبك الساعة دي ؟
لوت شفتيها بامتعاض وأردفت وهى تدعى نبرة الحـ.ـز.ن:
_ رامى ياماما غدر بيا وطلقني وضـ.ـر.بنى وأهانى جـ.ـا.مد اوي.
ضـ.ـر.بت والدتها على صدرها وهتفت باندهاش :
_ طلقك ! طلقك يعنى ايه ياهيام ؟!
_ طلقني ياماما هى ليها معنى تانى … قالتها تلك الشمطاء بلا مبالاة وتابعت بغل :
_ ومش بس كده ده طردنى من بيتى فى أنصاص الليالي عديم النخوة والرجولة .
سألتها والدتها باستغراب:
_ وطلقك وطردك من الباب للطاق كدة يا هيام ؟!
واسترسلت استفسارها بإحساس أم :
_ عملتى في ايه خرجتيه عن شعوره خلاه طلقك ورماكى في ساعة زي دي ؟!
أصل رامى جوزك غلبان غلب السنين ده عشرة عمر وأنا عارفاه كويس جداً.
أشاحت بيديها وأردفت باعتراض:
_ أه انتى هتدافعى عن بـ.ـنتك الوحيدة ولا هتقفي في صفها !
مانا عارفاكى هتاخدى صفه وقال على رأى المثل ” ضـ.ـر.بنى وبكى سبقنى واشتكى ”
وتابعت كلمـ.ـا.تها اللاذعة وهي تصعد الأدراج متمتمة بكلمـ.ـا.ت أثارت شك والدتها :
_ أنا طالعة أنام ومش ناقصة صداع علشان خاطر واحد ميسواش رمانى في أنصاص الليالي.
نظرت تلك العبير إليها بأسى وقلبها يأن و.جـ.ـعا من تلك المتجبرة المتمردة ودخلت إلي غرفتها تؤدى فريضة قيام الليل بعد أن جافاها النوم لما حدث .
_________________________
تجلس ريما ووالدها في مكانهم المفضل ألا وهى حديقة المنزل ،
لاحظ تـ.ـو.ترها الشـ.ـديد من فركها ليدها وأنها تود أن تحكى له شيئا ما ولكنها مترددة خجلاً ،
ربت على ظهرها بحنان وتحدث بعيناى متفهمة :
_ احكى لى وقولى كل اللى عندك وأنا كلى أذان صاغية ياقلبى .
فركت يداها بتـ.ـو.تر وتفوهت بخجل :
_ أصل في موضوع عايزة أخد رأي حضرتك فيه ومتـ.ـو.ترة شوية .
طمأنها بعينيه أن تتحدث دون خجل فتشجعت وقصت عليه طلب مالك وإلحاحه عليها .
فرح داخله لأجل صغيرته فمهما حدث هي ابـ.ـنته وكل أب يحب أن يرى أولاده فى ارتياح مهما حدث ، فردد متسائلا:
_ طيب وانتى إحساسك من ناحيته ارتياح ولا اعجاب ؟
واتكلمى مع أبوكي من غير مـ.ـا.تتكسفى وكأنك بتتكلمى مع نفسك.
ابتلعت أنفاسها بصعوبة من شـ.ـدة الخجل ولكنها تحتاج مشورة أبيها بشـ.ـدة :
_ مش عارفه يابابا ساعات بحس إنه ارتياح وساعات بحس إنه إعجاب ، لما بيكلمنى ببقى مرتبكة أووي ولا لو عينى جت في عنيه صدفة ببقى مكسوفة جداً ومش عارفه أعمل إيه.
ابتسم لها بحنو وتحدث شارحا :
_ طبيعي ان يكون فيه تخبط جواكى وطبيعي بردوا انك تكونى حبيتيه وعمالة تلومى في نفسك علشان عايزة تدفنى الحب ده قبل ما يتولد .
اتسع بؤبؤ عينيها بانبهار لفهم أبيها عليها بتلك الدرجة وهتفت باندهاش:
_ هو انت ازاي يابابا بتفهم عليا كدة وبتوصل لأعماق تفكيرى بالدرجة دي ؟!
أجابها ببساطة :
_ قلب الأب دليله على ولاده وبيبقى عارف شخصية كل واحد فيهم كويس جداً وأنا عارفك يابـ.ـنتى دايما نفسك لوامة ودايما بتحبى تعـ.ـا.قبيها على كل حاجة صغيرة وكبيرة ،
واسترسل حديثه بوعى:
_ لكن يابـ.ـنتى نفسك برده ليها عليكى حق والميل القلبى والمشاعر ملناش تحكم فيهم كله بإيد ربنا سبحانه وتعالى ، فتوكلى على الله صلى استخارة مرة واتنين وشوفى أمر الله ايه.
ارتاحت بشـ.ـدة من كلام والدها وقامت من مكانها وارتمت في أحضانه وهى تقبل رأسه ويداه بامتنان ،
ثم تذكرت أمر ما جعلها ارتعبت بشـ.ـدة فسألت أبيها :
_ طيب وولادي يابابا هياخدوهم منى لو فكرت بس في الجواز وأنا يستحيل أفرط فيهم .
فكر قليلاً قبل أن يجيبها ولكن فكرة ما جالت في عقله ولما اختمرت الفكرة برأسه أخبرها بها :
_ على فكرة فيه حاجة مهمة إنتي مت عـ.ـر.فيهاش وهى إن المحامى تبع والدة باهر كلمنى وطلب منى الصلح وهما هيدوكى حقوقك وحقوق ولادك بالكامل وطلب منى أشوف وقت بسرعة قبل الجلسة علشان تتنازلى .
لم يهمها ذاك الأمر الآن كل مايشغلها مستقبل أبنائها بجانبها وقالت بلا مبالاة:
_ مش مهم الموضوع ده دلوقتي يا بابا بعدين ، أنا دلوقتي عايزة أعرف مصير ولادي ايه بالظبط ؟
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وأجابها:
_ازاي بقى ده صلب الموضوع.
انتبهت بشـ.ـدة وتسائلت بتعجب:
_ إزاي يعني يابابا مش فاهمة ؟
اعتدل بجلسته وتحدث بدهاء:
_ هسألك سؤال الأول ، الفلوس تفرق معاكى ولا ولادك وانك تبنى حياة جديدة من غير مـ.ـا.تكونى شايلة هم ؟
أجابته بدون تفكير :
_ فلوس إيه يابابا دي ولا كنوز الدنيا تكفى انى أعيش أنا وولادى آمنين مطمنين إن محدش هيجى ناحيتنا .
أشار برأسه باستحسان لردها الذي أعجبه وتحدث:
_ عمرى ماشكيت في قناعتك لحظة ، بصي ياستى إحنا نرد عليهم اننا هنكمل القضية وكل شئ يمشى قانونى لحد مانرعـ.ـبهم شوية وبعدين لما يجروا هما ورانا ويتحايلوا شوية نروح بقى عاملين ايه ،
أشارت إليه بعينيها أن يكمل وهي منتبهة له كليا فتابع حديثه :
_ نعرض عليهم عرض إنك هتتنازلى عن ميراثك كله إنتي وولادك مقابل تنازلهم عن حقهم في ولادك في أي حالة وهما طماعين وهيوافقوا .
أحست بالأمل الطائف يغدوا أمام ناظريها وسعد داخلها وسألت بتـ.ـو.تر:
_ وهما هيوافقوا يابابا ولا ممكن يرفضوا ؟
أجابها باستحسان:
_ والله لو وافقوا كان بها والمشاكل هتنتهي ، لو موافقوش كدة كدة لو اتجوزتي الولاية من حق الجدة لأم وهي والدتك طبعاً ، بس أنا بخرجك من شر اعتماد وباهر خالص وألاعيبهم وتغور الفلوس .
أشارت برأسها بموافقة وأردفت بتأكيد:
_ تمام يابابا توكل على الله اعمل إللي فيه الصالح ليا.
أشاد إليها بتحذير:
_ تمام نقفل سيرة مالك نهائى ومش عايزين أي حد يحس بأي حاجة لحد مانخلص من الموضوع ده وبإذن الله في أقل من أسبوع هيكون خلصان .
وافقت على كلام أبيها وتحذيراته كى تنأي بأبنائها ونفسها وتعيش في سلام نفسي .
______________________________
وعلى صعيد أخر تحسنت صحة مهاب بشكل واضح مما جعل نفسية راندا تتحسن بشـ.ـدة ،
في يوم ما استأذن إيهاب جميل أن يجلس مع راندا وحدهم كي يصلح معها الأمور وأخبره أنه منتويا تلك المرة على الرجوع بكل تصميم منه وأنه سيفعل المستحيل فأذن له جميل ،
في ذاك اليوم عصراً صعد جميل إلى غرفة ابـ.ـنته راندا ،
دق عليها الباب مستئذنا الدخول فقامت من مكانها مسرعة وفتحت له ذراعيها تحتضنه فقد كان في أزمتها أبا وأخا ورفيقا أهداه القدر إليها ، فحقا هى فخورة بكون ذاك الخلوق الرائع أبيها ،
شـ.ـدد هو على احتضانها وأردف بحنو:
_ حبيبة بابا أخبـ.ـارك ايه ياعمرى إنتي ؟
ربتت تلك الأخرى على ظهره بحنان بالغ وأجابته :
_ بخير جداً الحمدلله يابابا ، ربى مايحرمنى منك ولا من وجودك في حياتى ياأحن أب فى الدنيا .
نظر لها نظرة مطولة ثم سحبها من يديها وأغلق الباب خلفه مرددا بعمق:
_ بس انا وجودي لوحدي فى حياتك مش كفاية يابـ.ـنتى وأظنك جربتى .
تسائلت ملامح وجهها جميعها ونطق لسانها:
_ يعنى إيه يابابا مش فاهمة؟
أجابها بوضوح :
_ يعنى مش كفاية عند وعقـ.ـا.ب لنفسك وولادك قبل جوزك يابـ.ـنتى ؟
انفعلت بشـ.ـدة عنـ.ـد.ما ذكرها أبيها بذاك الموضوع وخاصة أن توضيحه للأمور دائما تكن هي المخطئة في نظره وليس هو ،
وتحدثت بنفى:
_ طول مانت محملنى الذنب لوحدي يابابا هفضل راكبة دmاغى .
تأفف بامتعاض لحماقتها :
_ إنتي ليه مصرة على الغلط يابـ.ـنتى ؟!
طيب ربنا اداكى المرة دي درس في ابنك وبـ.ـنتك شنيع علشان تفوقى وكان أثر الدرس عليكى مريب، المرة الجاية عقـ.ـا.به هيبقى أقوي ومش هتقدرى تتحمليه.
ضـ.ـر.بت على قدmيها بحدة وشراسة ورددت بدmـ.ـو.ع هبطت تلقائيا من عينيها:
_ يابابا حـ.ـر.ام والله تشيلنى ذنب ولادي كمان في اللي جاي مش كفايه اللى فات والله ده مايرضى ربنا أبداً.
قطب جبينه وهز رأسه بعدm فهم وتسائل متعحبا :
_ هو انتى لحد دلوقتي مش مقتنعة بغلطك وان رد الفعل ماهو إلا نتاج الفعل ،
واسترسل وهو يحثها بعينيه بحنان :
_ والله يابـ.ـنتى أنا مش عدوك ولا عايز أغلطك وخلاص وبعدين أكبر منك بيوم يعرف عنك بسنة ، وأنا حذرتك كتييير ومكنتيش بتسمعى كلامى ، جربى بقى المرة دي واديلو فرصة تانية وشوفى النتيجة وساعتها هتعرفى إن أبوكى أبو شعر شيبه الزمن من اللى عاشه عنده حق فى كل حاجة .
أمائت له بخفوت:
_ فرصة تانية! ودي أديهالو ليه ؟ ايه السبب اللى يجبرنى أرجع لخـ.ـا.ين وأنا من صغرى عارفه إن الخـ.ـا.ين لايؤتمن .
تنهد بثقل وألم نفسي انتابه جراء كلمـ.ـا.تها:
_ لأسباب كتيييرة أوووي ياراندا أولهم إنك لسة بتعشقيه وأخرهم انك هتفضلى تعشقيه لحد مـ.ـا.تمـ.ـو.تى ، مش هقول لك بقى ولادك محتاجينه ومستقبلهم محتاجه وراحتكم وهدوئكم النفسى محتاجينه ، كل حاجة بتقولك سامحى واغفرى والعفو عند المقدرة ،
وتابع كلمـ.ـا.ته بقوة كي يحفزها :
_ وعلشان أنا اللى مربيكى عارف إنك قادرة وصاحبة عزم شـ.ـديد ومربيكى على إن الصفح والعفو من شيم الكرام يابـ.ـنتي ربنا قال في سورة فصلت
” وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ 34 وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ 35″
يعنى دايما خلي بداية الخير من عندك وربنا وعد اللي هيعمل كدة انه ذو حظ عظيم .
فحدثت حالها بتيهة وهي شاردة أمام أبيها ونظر إلى شرودها بصبر كبير تاركا لها مساحة الفكر والتدبر :
_ ياالهى لقد أنهكت روحى من كل تلك النزاعات داخلى وما عدت أتحمل ،
ياإلهى أرشـ.ـدنى كيف يكون الصفح وعينى لا تراه إلا خائنا ؟!
وكيف يكون العفو وقلبى عند مشاهدة خيانتى وكأنها كانت توا لايراه إلا ذابحا لكلي ،
أخبرنى كيف أتعود المشهد ومن أين يأتينى الصبر ولماذا أرهق حالى فى العودة ،
وليكن نداء السماء إلي قلبها :
_ إنه الحب اللعين بل العشق المتين الذى لم يقدر الزمان والمكان على الفراق فحسناً أعود ولأرى هل لعودتى لذة واشتياق ستدوم معى حتى الافتراق اليك ربى أم ماذا .
ترجاها أبيها بعينيه فهتفت بقلب متو.جـ.ـع :
_ تمام يابابا هقعد معاه الأول وهاخد كل ضماناتى وبعدين هقرر .
_ ياااااااه يابـ.ـنت قلبى اللى و.جـ.ـعتيه عليكى … رددها جميل بروح منهكة وأكمل بخفة كى يجعلها تبتسم :
_ خصامك صعب أوووي وعقـ.ـا.بك مدmر والله الله يكون في عونك ياايهاب .
ابتسمت على خفة أبيها وقبلته من يداه قائلة بامتنان:
_ بشكر ربنا انك بابا وبدعيه يخليك ليا وميحرمنيش منك ياحبيبي.
رد لها قبلتها فى جبهتها وأخبرها بموعد مجئ إيهاب لكى تستعد ونظرت له بدهشة لأنه كان واثقا من موافقتها ورأي دهشتها تلك وعلم ماسرها وكشفها :
_ أيون كنت واثق موافقتك ، وبعدين ده استدعاء ولى أمر منى ليكى وواجب عليكى التنفيذ والطاعة .
بعد أربع ساعات وبالتحديد في الساعة التاسعة مساءً جاء ايهاب بقلب يسبقه اشتياقا إلى محبوبته ولما لا فكل النساء في عينيه هى ولا يرى غيرها ، استقبله جميل وفريدة وهبطت راندا الأدراج وهي فى قمة جمالها وأناقتها مم جعل أنظاره تعلقت بها ولا ترى غيرها ،
بعد دقائق معدودة تركهم جميل وفريدة يجلسون وحدهم كى يتصافوا ويهدئو وتعود المياه الي مجراها والأمور الي نصابها الصحيح ،
تحدث إيهاب بعيناي تلمع عشقاً:
_شوفى إزاي بتبقي جميلة وانتى هادية ورايقة حشـ.ـتـ.ـيني و يا قلب مهاب .
زمت شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحـ.ـز.ن ممزوج بدلال وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :
_ تؤ تؤ مش هنبدأها كدة ياإيهاب لسة بدرى .
رفع حاجبيه بتلاعب وأردف ماكرا :
_ شوفى نبدأها ازاى ياقلب إيهاب ياعمر ايهاب وأنا معنديش مانع .
أخذت وتيرة أنفاسها صعوداً وهبوطا تأثراً من نبرته وتحدثت بتـ.ـو.تر :
_ أنا لسة موافقتش على فكرة إني أرجع لك علشان متبنيش أوهام وتعيش عليها وأنا مبلغة بابا بكدة على فكرة ، هو مقالكش ؟
ابتسم بحالمية حتى ظهرت تلك الغمازات وتحدث هامسا:
_ قال لي طبعا ، قال لي راندا مش بس بتحبك دي بتعشقك ياإيهاب وبتمـ.ـو.ت فيك ومستنية تاخدها لأحضانك وتسقيها من حنانك بس مكسوفة .
اتسع بؤبؤ عينيها وقامت من مكانها مرددة بتحذير :
_ تمام طالما دي هتفضل طريقة كلامك هستئذن أنا بقى واعتبر المقابلة انتهت .
بحركة عفوية منه أمسكها من يداها قائلا بعيون مترجية مليئة بالعشق:
_ أرجوكى كفاية بعاد ومتمشيش أنا تعبت من الجرى وراكى ياعمرى .
رعشة لاااا بل كهرباء اجتاحت جسدها بالكامل من لمسته ليداها ، مجرد لمسة يد دغدغت مشاعرها و.جـ.ـعلت أوصالها جميعاً ترتبك ،
وكأن رعشة جسدها وفيض احساسها وصله من دفئ يداها في يده وتحدثت عيناه بغرام:
_ لا لن أتركك تلك المرة تذهبين وفي محراب العشق لن أستكين ،
فذاك القلب وتلك الأحضان وهذه العين وهذا الجسد جميع هؤلاء لكي عاشقين ،
لا تهربى فقناع الجمود الذى تتصنعيه خانك وتبدل بقناع الاشتياق لي فأنتى أيضا باقية على ميثاق المحبين .
ابتلعت أنفاسها بصعوبة وجلست مكانها دون إدراك ووعى ويداه مازالت تتمسك بيدها وأجابته عيناها :
_ كيف خنتنى ياقلبي من لمسة من يداه ، لمسة واحدة فقط أفقدتنى صوابي وتهت في دنياه ،
أتذكر أني كنت بين يداه عاشقة مغرمة ولهواه متيمة وفي سمائه هائمة وأصبحت الأن لا أمتلك إلا نظرة من عيناه ،
ولكن الأنا تعاتبني على العفو إياه وتلومني على الضعف وأنا فقط أتلمس يداه ،
ولكن جسدى خانني وإحساسى فضحني وما عدت أتحمل بعده وأشتاق للقاه .
شـ.ـدد من احتضان يديها قائلا بعشق:
_ تتجوزينى يا راندا ونبدأ حياة جديدة مع بعض ماحنا يعتبر معشناش القديمة أصلاً غير أيام معدودة في سنين كتيرة ؟
أجابته بخـ.ـو.ف:
_ بس أنا خايفة يحصل لنا زي ماحصل قبل كدة والأمان بقى ضايع عندي والمرة الجاية لو حصل اللي حصل هتبقي القاضية عليا .
طمئنها بحفاوة:
_ لاااااا مرة تانية ايه خلاص مفيش غيرك أولى وأخيرة وصدقينى عمري ماهشوف غيرك وأصلا في وجودك جمبى مش محتاج حاجة تفرحنى وتسعدنى أكتر من كدة .
بلسان يرجف خـ.ـو.فاً:
_ متأكد من وعودك ؟
بكل تصميم أجابها:
_ وعد الحر دين عليه ومش هيتنقض غير بمـ.ـو.تى .
بغمزة مباغتة من عينيه أشار لحماه أن يدخل هو والمأذون كى تستقر الأمور فى نصابها الصحيح وسكنت السندريلا قلب الأمير من جديد ، بعد وقت ليس بقليل انتهى المأذون من كتب كتابهم واحتضنها إيهاب بقوة هامسا بجانب أذنيها :
_ وأخيراً ياقلبى رجعتى حرمنا المصون ومكانك بعد كدة هنا ومفيش مفر من هنا ،
كان يحادثها وهو يشـ.ـدد من احتضانها ، تهافتت المبـ.ـاركات عليهم من ربم ورحيم ووالديها ، أما أبنائها كانوا نائمين وعنـ.ـد.ما استمعوا إلي أصوات الزغاريط هرولوا مسرعين الأدراج لكى يعرفوا مامعناها ،
وقبل أن يهبطوا أخر درجتان وقفوا متسمرين لما رأته عيناهم ، حيث كان المأذون خارجاً من الفيلا ، ووالدهما يحتضن والدتهما بتملك ،
فتحدثت سما لأخيها بعدm تصديق وعيناها مثبته على أبويها :
_ إنت شايف اللى أنا شيفاه ولا أنا بيتهيألى ؟
أشار لها برأسها مردفا بتوهان:
_ أه شايفه بس بتأكد بردوا .
استمع إليهم جدهم جميل فساقته قدmاه إليهم وهو يفتح لهم أحضانه على وسعها مرددا بفرحة:
_ حبايب جدوا ونور عيونه مبروك عليكم الأمان مبروك عليكم رجوع بابا وماما .
احتضنوه بشـ.ـدة ودmـ.ـو.ع عيناهم هبطت تلقائيا بغزارة ولكن دmـ.ـو.ع الفرحة ، أحسوا بهم والديهم فانطلقوا إليهم واختطفوهم الي أحضانهم وهم يقبلون رؤسهم ، وأردف إيهاب قائلا:
_ حبايب بابى من بكرة هنرجع فيلتنا كلنا مع بعض وخلاص مش هنفترق عن بعض تانى أبداً.
تحدث مهاب بفرحة :
_ بجد يابابا يعنى مش هتسافر وتسيبنا تانى ؟
أجابه برفض قاطع:
_ لاااااا سفر إيه لو هناكلها عيش وملح مع بعضنا عمرى ماهسيبكم ولا هبعد ياحبابيي أبداً.
أما سما كانت فرحتها ناقصة ولم تشعر بالأمان بعد ، أحست أنها تغيرت وتبدلت ولكن مثلت الفرحة وداخلها لامبالاه ،
بعد مدة قضوها مع بعضهم استأذن إيهاب جميل أن يأخذ راندا ويذهبا وغدا سيأتون لكى يأخذوا أولادهم بعد ترتيب أمورهم وجمع أشيائهم فأذن له
_________________________________
أخذها إيهاب وانطلق بها إلي فندق كان حاجزاً فيه جناحاً وكأنه كان متيقنا رجوعها اليوم كى تسكن أحضانه ،
انتهوا من الإجراءات وصعدوا إلي الجناح وفور دلوفهم المكان احتضنها إيهاب بين يديه باشتياق وأخذ يلف بها المكان بسعادة عارمة ثم رفعها أعلى وصارت قدmيها معلقة فى الهواء وهو يدور بها ويشـ.ـدد على احتضانها بتملك وأما هى كانت تبادله نفس الاشتياق بنفس الطريقة ،
أنزلها أرضاً ثم اقترب علي وجهها وأسند جبهته بجبهتها وتحدث وهو ينظر داخل عيناها ويتنفس أنفاسها مرددا بنـ.ـد.م :
_ حقك عليا ياحبيبتي وأوعدك إن مفيش حاجة هتضايقنا بعد كدة وانى مش هسيبك ولا هسيب الأولاد لحظة بعد كدة وحياتنا الجاية بإذن الله مش هفارق حـ.ـضـ.ـنك أبدا .
وضعت كفاي يداها الحنونتان وحاوطت بهما وجنتاي ذاك العاشق لها وتحدثت بحب صادق ظهر بيِّناً داخل عيناها :
_ متتصورش أنا قضيت الفترة اللي فاتت دي ازاي ، كانت أيامى عبـ.ـارة عن جحيم وتشتت على الأرض ، أنا عشت عمري كله وفتحت عيونى على حبك ياإيهاب ونفسي صعبت عليا من اللى حصل منك وصدmنى صدmة عمرى .
وضع كف يداه على شفاها يمنعها أن تكمل حديثها عن ما مضى وتحدث هامسا بحب :
_ مش عايزين نفتكر اللى فات خالص ونعتبره صفحة نطويها من حياتنا ،
واسترسل كلمـ.ـا.ته بتدبر :
_ مش يمكن ربنا عمل كدة معانا علشان يحطنا فى اختبـ.ـار يشوف فيه مقدار حبنا واننا مهما حصل ومهما مرينا بأزمـ.ـا.ت مينفعش نبقى غير لبعض .
تحسست وجنتاه بظهر يداها مرددة برقة :
_ وقدرت تضحك على راندا وسحبتها وراك فى لمح البصر وكأنك ساحر قلوب .
وضع كلتا يداه حول رقبتها مرددا بغرام وهو ينظر داخل عيناها:
_ مش سحر ياحبيبتي ده إحساسي بالحب وصل لك وتأكدتى منه علشان كدة قلبك دلك إنك ترجعي لسكنك من جديد ،
واسترسل بعيناى تفيض اشتياقا:
_ حشـ.ـتـ.ـيني و أووووي أووووي ومش كفاية كلام بقى ولا معارك الحب بتاع ايهاب موحشتكيش.
ابتسمت برقة وأردفت بعيون عاشقة:
_ أنا عشت حياتى كلها وأنا بتمنى لقاك بس كنت غـ.ـبـ.ـية ومتعلمتش الدرس بسهولة .
حـ.ـز.ن لأجلها ولام روحه على جـ.ـر.حها ولم يجد أرقى اعتذارا لها إلا أن يلتقط شفتاها في قبلة عاصفة بهم تداوى بها حرمان أجسادهم من ذاك العشق ، وانطلق العاشقان في معركة الحب الذى لم يتذوقوا بهاه قبل ذلك كتلك اللحظة
________________________________
توالت الأيام وعادت راندا وإيهاب لحياتهم الطبيعية ولكن إيهاب كان يحتويها بشـ.ـدة نظراً لجراح روحها منه، فكان يتحمل نوبات عصبيتها وأي شئ تفعله ،
أما عن ريم فتتدلل على مالك بشـ.ـدة لترى أيصبر عليها أم سيمل ، وتختبر قوة حبه لها ولم تخبره إلى الأن بموافقتها المبدئية ،
نأتى هنا لثنائي العشق مريم ورحيم فاليوم سيتم كتب كتابهم بعد أن أجلوه كثيراً بسبب نوبة مهاب الذى بدأ يتعافى من إدmانه ،
تحدث رحيم بعشق :
_ حبيبة قلبى خلصت الميكب بتاعها ولا لسه إحنا جايين فى الطريق .
أجابته بعشق مماثل :
_ حبيبك خلصت ومستنياك ياقلبي متتأخرش.
أجابها بمشاغبة:
_ أنا أقدر أتأخر على قلبى ، كلها ربع ساعه بالكتير بإذن الله وجاي لك ياقمر ،
واسترسل بنبرة غيرة:
_ اوعي تكونى مأفورة في الميكب ولا اللبس ضيق ولا الحوارات دى ؟
أنا دmاغي مقفلة خالص وهقلبها لك مناحة انتى حرة .
مطت شفتيها بدلال وأردفت بنبرة عتاب مفتعلة:
_ الله بقى يارحيم النهاردة كتب كتابى على فكرة متأفورش بقى وتبوظ فرحتى ، وبعدين احنا عاملينه في الشقه مش في قاعة علشان تبقى أفوش كدة .
استمعت إلي أنفاسه الغاضبة جراء عتابها الذى لم يؤثر فيه وهتف باستنكار:
_ أه ده انتى باين إنك مروقة حالك على الأخر وقلتى بقى أما أحطه قدام الأمر الواقع ،
واسترسل بهدوء حينما استمع لتأففها وردد بحب :
_ روما ياقلبي أنا مش عايز حد يشوف جمالك غيرى ولا تلفتى انتباه حد غيرى ، أنا بغير عليكى جداً ومش بحب حد يبص لك نظرة كدة ولا كدة بولع ياستى من جوايا .
وظلا يتحدثان كل منهم يغازل الأخر ، وصلوا تحت البناية وصعدوا إلي شقتها فكانت صديقاتها في استقبالهم والمكان مزين بالبالونات المنتفخة ذات الألوان المتعددة ، وصنعوا لها مكانا مخصصا لهم من الورود فحقا المكان كان مبهرا،
أما هو لم ينظر إلي شئ في المكان كل ما يشغله عيناه التى تدور تبحث عنها فى أرجاء المكان باشتياق ، لاحظت صديقتها لهفته فتحدثت وهي تشير تجاه غرفة الاستقبال الجانبية:
_ هى جوة هى والميكب أرتيست مستنياك ادخل لها .
ساقته قدmاه بدقات قلب لكى يرى ساحرته التى اختفطته عيونها من أول وهلة ، للحظة يسرح بخياله أنه في حلم وللحظة أخرى لم يصدق حدسه أنه أخيراً وجد الحب فى تلك الجميلة ،
دخل المكان وجدها تعطيه ظهرها ، أحست بوجوده فقد نفذت رائحته المحببة إلي قلبها وعبرت أنفاسها ببراعة ، أخذت نفساً عميقاً كى تستنشق رائحته التى تأسرها وتعشقها منذ أن وقعت بين يداه من أول وهلة رأته فيها ،
ذهب كى يقف مقابلها وقام بلمس أكتافها من الخلف كعلامة على وجوده ولكنها لفت جسدها وأعطته ظهرها ،
دار حولها كي يتنعم برؤياها ولكنها صارت تلتفت حتى أرهقته بمشاغبتها ،
ولكنها أشفقت عليه وأخيراً طلت عليه بجمالها الأخاذ وما إن رآها حتى انشق قلبه من شـ.ـدة دقاته لتلك الجميلة ،
فحدثتها عيونه :
_ كفى طلتك الأخاذة تلك فقد انشق قلبى من دقاته ، وعيونى انسحرت من جمالك ياأميرة أيامى ،
وعقلى لم يصدق أنك ستكوني أنثاه بعد قليل وتنيرى زمانى .
أما هى بدأت نظراتها بابتسامة ثم تحولت إلي غرام ثم إلي راحة اجتاحت جسدها بالكامل من وجوده ثم شكر إلي ربها على عطاياه الرائعة ،
لم يريد احتضانها ولا حتى لمس يداها وفضل ذلك بعد أن تصبح زوجته لكى ينعم بحلال أحضانها ،
أومأ إليها بهمس:
_ قمررر ياقلبى أنا ،
واسترسل وهو يفسح لها المجال كى تتحرك جانبه قائلا برقة :
_ اتفضلي ياأميرة أيامى المأذون وصل وكله مستنى طلة السندريلا.
علا فى أنظارها نظراً لاحترامه لها فقد عاملها كمعاملة الأميرات اللاتى تدللن من قصر أمير ولم يعاملها كيتيمة ترباية الملاجئ فحقا عوض الله لم يضاهيه عوض ،
خرجا الاثنان في مشهد يخـ.ـطـ.ـف الأنظار فحقا ذاك الفارس يليق بتلك المهرة ، سلم عليها الجميع باحتضان حار حتى فريده احتضنتها بحب وأردفت لها بمبـ.ـاركة :
_ مبروك ياحبيبتي هتنوري عليتنا ياقمر انتي .
بادلتها أحضانها بنفس الحب وردت :
_ الله يبـ.ـارك فيكي ياطنط ومنحرمش منك أبدا.
_طنط مين دي يابـ.ـنت… جملة اعتراضية مغلفة بالخفة قالتها فريده وتابعت بابتسامة:
_ أنا من النهاردة ماما فريدة شكلك شكل ريم وراندا ورحيم.
اقتحمت مريم أحضانها وعيناها تلمع دmعاً من شـ.ـدة التأثر من تلك الكلمة وأومأت بخفوت بجانب أذناها وهي تشـ.ـدد من احتضانها:
_ بجد ياماما تسمحي لي أقول لك الكلمة اللى اتحرمت منها عمرى كله ؟
اقشعر بدن تلك الفريدة من همسها ودق قلبها و.جـ.ـعا فشـ.ـددت الأخري على احتضانها وهتفت بتأكيد:
_ بجد ياقلب ماما وشرف ليا كمان .
فلنتتبه هنا لحظة ولننظر بعين الحرمان للمحروم ولتقشعر أبداننا فأبسط الأشياء حولنا هى نعم كثيرة لايشعر بها سوى ذاك المحروم ولكن علينا أن نشكر الله حتى على أنفاسنا التى خرجت منا بسلام ،
تأثر الجميع بذاك الموقف فتحدثت راندا وهى تخرجها من أحضان والدتها باستنكار:
_جرى ايه ياماما جرى ايه يارومى هتبوظي الميكب ياحلوة انتى ياعروسة الغالى ، مش عايزين نكد بقى كفاية علينا كدة .
ثم أخذتها في أحضانها كي تبـ.ـارك لها وتبعتها ريم قائلة برقتها المعهودة:
_ مبروك ياحبيبة قلبى وربنا يتمم لك على خير يارب ،
واسترسلت وهي تديرها حول نفسها كالأميرات :
_مش أنا اللي مصممة الفستان ده بس ما كنتش اعرف انه هيبقى قمر كده وانك اللي هتحليه مش هو اللي هيحليكي يا جميلة .
ثم أتى دور جميل في المبـ.ـاركة فوقف قبالاتها مرددا بابتسامة نصر وفخر :
_ مبروك علينا أجمل مريم وبـ.ـنتى التالتة اللى هتنور بيتنا ياحبيبى .
بعيون لمعت بالدmع لذاك الحنون الذى أواها تحدثت :
_ أنا اللى مبروك عليا أبوتك ووجودك فى حياتى ياحبيبي ، عارف يابابا جميل لو عشت طول أوفى جمايلك الغالية عليا محتاجة ألف عمر يكفى وبردوا مش هقدر أرده ياأغلى هدية من ربنا.
هنا تحدث ذاك العاشق بمشاغبة معتاداً عليها:
_ ايه ياجماعة هو أنا بقى مش هكتب الكتاب ولا ايه ، هنقضيها مبـ.ـاركات كدة يالا بقى يابابا.
ضحك الجميع بشـ.ـدة على مشاغبته وجلسوا جميعاً يشاهدون المأذون وهو يبدأ مراسم كتب الكتاب ، فكان حقا منظراً رائعا لطالما يتعلق بميثاق كالزواج ، كان جميل حقا رجلاً وافياً فقد أجاب المأذون حينما سألها من وليك قائلا بفخر أمام الجميع:
_ أنا وليها هو أنا أطول أبقي ولى للجميلة دي .
شكرته بامتنان وتابع المأذون مراسمه إلي أن انتهى وردد جميل ويداه في يد رحيم قائلا:
_ خلى بالك منها دي أمانة بأمنك عليها ولو فى يوم جيت عليها أو زعلتها أنا اللي هقف لك ساعتها .
ابتسم رحيم وأجابه :
_ أنا أقدر أزعل القمر ده أنا ما صدقت ياحاج بقى على اسمى وبقت رسمى وبقت ملكى،
واسترسل بمداعبة:
_ طيب تصدق ياعم المأذون انت لازم تستعجل القسيمة علشان تروح تغير بطاقتها فوراً وتكتب فيها زوجة الدكتور رحيم المالكي اللى اتذنب وحفي علشان ياخدها ، وتقولي أزعلها قال دي القلب ودقاته.
نزع المأذون المنديل وهو يضحك بشـ.ـدة على فكاهة رحيم والجميع يضحكون علي خفته قائلا:
_ بـ.ـارك الله لكما وبـ.ـارك عليكما وجمع بينكما في خير.
تعالت أصوات الزغاريط والمبـ.ـاركات عليهم ، أما هو قام من مكانه واختطفها إلي أحضانه ورفعها أرضا وسار يدور بها في المكان بفرحة عارمة وأخيراً سكنت ضلوعه ونالها ثم أنزلها أرضاً وهو يردد بحب:
_ وأخيراً بقيتي حرم رحيم المالكي ياقلبي ، أنا مبسوط أوووي ومش مصدق نفسي إن خلاص بقيتى على اسمى ورسمى وانك ساكنة حـ.ـضـ.ـنى دلوقتي ، مبروووك ياقلبي .
كانت فى أحضانه تشعر بالدفء ولكنها خجلة بشـ.ـدة ولكن استجمعت قواها وأردفت بهمس:
_ الله يبـ.ـارك فيك يارحيم .
اندهش من قولها مرددا باستنكار:
_ الله يبـ.ـارك فيك يا مين ؟ ايه رحيم دي !
واسترسل بنظرات عاشقة:
_ المفروض تقولي لي الله يبـ.ـارك فيك ياقلبي ياعمرى والحاجات الحلوة دي .
ابتسمت بخجل وهى تلقى أنظارها أرضاً:
_ الله مـ.ـا.تحرجنيش بقى يارحيم أنا بتكسف .
نظر حوله وجد الجميع تركهم وذهبوا الي الشرفة ، فرفع وجهها إليه كي تنظر داخل عيناه:
_ لاااا ده أنا بقيت جوزك كسوف ايه ، أنا عايزك تدلعينى على الأخر ده اللقاء المنتظر .
اتسعت مقلتيها وأردفت باندهاش:
_ أدلعك وبقيت جوزى ! ده كتب كتاب على فكرة مش د.خـ.ـلة.
اقترب أكثر منها وأمسكها من خصرها وتحدث وهو يداعب أرنبة أنفها:
_ وايه المانع إن حبيبي يدلع حبيبه شوية دلع صغننين ولا أنا مستاهلش .
كانت في قربه الشـ.ـديد متـ.ـو.ترة وخجلة بشـ.ـدة وحاولت الإفلات من بين يديه ولكنه كان ممسكاً لها بشـ.ـدة مرددا:
_ متحاوليش تطلعى نفسك من حـ.ـضـ.ـنى علشان أنا ما صدقت وبعدين احنا مش بتعمل حاجة حـ.ـر.ام وعمرى ماأذيكي ياقلبي ، أنا أصلاً بخاف عليكي من الهوا الطاير وكنت محرم على نفسى حتى لمسة ايديكى ،
واسترسل وهو يلمس يداها ويحتضنهم بين يداه ثم قبلهما برقة أذابتها :
_ علشان لما اللحظة اللي احنا فيها دي تيجى أبقى حاسس بطعمها زي دلوقتي كدة
نظرت له بعيون تخفي عشقا يستكين بداخلها وقلب يخفق حبا وغراما معاً، ترتجف من لمساته التي تجعلها تود أن ترتمي علي صدره ويدفئها بحرارته المنبعثة من توهج عشقه لها، لكن خجلها كان يصـ.ـر.خ بداخلها يحثها بأن تبتعد عنه وعن كلمـ.ـا.ته ورجائه وأن لاتتأثر ولكن اقترب منها ونال عذرية قبلتها الأولى وياويلاه من اقترابه فقد كان يريد المزيد بسبب همساته ولمساته ولكن ما إن وجدته تغيب وأصبح لاهثا لقربها ويريد المزيد أبعدته عنها بخجل وهى تردد بهمس :
_ رحيم ، رحيم ابعد كفاية كدة من فضلك .
كان يريد أن يصم أذناه ولا يبتعد ،كان يود المزيد والمزيد ولكن هى صممت على الابتعاد ،
فأفاق من غرامه معها وهو يقبلها من جبهتها ثم أسند جبهته الي جبهتها مرددا بهمس:
_ حبك حلو اووي يامريم أنا دوبت وقلبي تعب من مجرد قرب أمال لما كلك تبقى بين ايديا هيبقى طعم الحلال معاكى إزاي ،
واسترسل بخفة كي يخرجها من حالة التـ.ـو.تر التى انتابتها وشتت شملها جراء حرب عشقه المبتدئ معها:
_ بقولك ايه إحنا لازم نتجوز بسرعة ياإما هنتمسك أنا وانتى بفعل فاضح في أي وقت وفي أي مكان .
ابتسمت على طريقته وخفته وأردفت وهى ترفع حاجبها باندهاش:
_ والله عيب على دكتور الجامعة لما يبقى كدة ، يابنى عيب على الهيبة لازم نحافظ عليها أكتر من كدة .
_بذمتك اللى يبقى متجوز مريم يبقى عنده هيبة ده بوليس الآداب هيقفشه في مينت، عيب على جمالك انتى اللى هيودى دكتور الجامعة في كـ.ـلـ.ـبوش .
وصارا العاشقان يتحدثون حديث الغرام بفرحة زواجهم وقربهم .
________________________________
بعد يومان دلف مالك بخطاه الواثقة إلي المجموعة وملامح وجهه عابثة بسبب تلك الماكرة التى تستخدm معه نظام القط والفار ، مضي أكثر من أسبوع ولم يراها وسيجن منها ،
وما إن دلف الي المصعد الكهربائي وجدها تدلفه لقد رأها من ظهرها ، انطلق مسرعا وقبل أن يغلق الباب اقتحم المصعد بسرعة ماهرة ،
وضعت يدها على صدرها وشهقت بفزع أثر دخوله المفاجئ ، قائلا لها بحاجب مرفوع:
_ اسم الله عليكى من الخضة ياقطة ،
واسترسل ملاما:
_ حمد لله على السلامه أخيراً افتكرتى اني عندك شغل وخلصتى عـ.ـذ.ابك في صاحب الشغل وحنيتى عليه وشرفتى ؟
ابتلعت أنفاسها بصعوبة ورددت بتـ.ـو.تر وهى تنظر إلي المصعد وبينه نظرات مشتتة :
_ ايه ده هو إنت إزاي تدخل الأسانسير وتقتحمه كدة وأنا لوحدي .
ضغط على أزرار المصعد بحركة مباغتة وأوقفه تماما وهو يجيبها بمكر :
_ الله شوفتك وانتى تحت رحمتى أخيراً وهعمل فيكى زي مابتعملى معايا بالظبط ،
تحدثت بعيون زائغة:
_ ايه ده انت عملت ايه ، لو سمحت كدة مينفعش ، انت عايز ايه بالظبط يامالك .
_عايزك ، وانتى معـ.ـذ.بانى ومطلعة عينى ،
قالها مالك بنظرة رغبة وأكمل :
↚وضعت يدها على صدرها وشهقت بفزع أثر دخوله المفاجئ ، قائلا لها بحاجب مرفوع:
_ اسم الله عليكى من الخضة ياقطة ،
واسترسل ملاما:
_ حمد لله على السلامة أخيراً افتكرتى اني عندك شغل وخلصتى عـ.ـذ.ابك في صاحب الشغل وحنيتى عليه وشرفتى ؟
ابتلعت أنفاسها بصعوبة ورددت بتـ.ـو.تر وهى تنظر إلي المصعد وبينه نظرات مشتتة :
_ ايه ده هو إنت إزاي تدخل الأسانسير وتقتحمه كدة وأنا لوحدي .
ضغط على أزرار المصعد بحركة مباغتة وأوقفه تماما وهو يجيبها بمكر وعيونه مثبتة عليها :
_ الله شوفتك وانتى تحت رحمتى أخيراً وهعمل فيكى زي مابتعملى معايا بالظبط ،
تحدثت بعيون زائغة:
_ ايه ده انت عملت ايه ، لو سمحت كدة مينفعش ، انت عايز ايه بالظبط يامالك .
_عايزك ، وانتى معـ.ـذ.بانى ومطلعة عينى ،
قالها مالك بنظرة عتاب وأكمل :
_بقى ياقادرة تقعدي أكتر من أسبوع متجيش الشغل وليكى عين تسألى كمان !
تمسكت بحقيبتها وما زالت أعينها تدور في المكان وهتفت بحدة خفيفة:
_ هو ينفع توقف الاسانسير كدة يامالك ؟
بملامح وجه متعصبة أجابها :
_ مالك ، مالك ، مالك تعب ياشيخة وأعصابه باظت بسبب جريه وراكي .
ابتلعت أنفاسها بصعوبة ورددت وهي تبتعد عنه حينما لاحظت اقترابه :
_ هو ينفع الكلام ده في المكان ده يعنى ؟!
انت جرى لك ايه ؟
أماء برأسه بموافقة قائلا بتأكيد:
_ أه ينفع ولو مطلعتيش ورايا على المكتب دلوقتي نتفاهم ولا نفضل هنا والشركة تتفرج علينا وتبقى ليلة .
اتسع بؤبؤ عينيها وهتفت باندهاش:
_ انت متهور بقى على كدة وأنا كنت واخدة فكرة عنك غير كدة خالص .
اقترب منها وأصبح محاصرها كى يجعلها تستكين وتخضع لطلبه بسرعة :
_ على يدك ، بقيت متهور على يدك ياأستاذة ،
واسترسل حديثه وهو مازال مقتربا منها غامزا بإحدى عينيه:
_بس قولي لى بقى ايه الفكرة اللى انتى كنتى واخداها عنى ، احكى نفسي أسمعك ياحب.
ابتلعت أنفاسها بصعوبة والدهشة مازالت تسكن ملامحها ، اقترابه منها ورؤياها لملامحه الرجولية عن قرب وأنفاسها تستنشق رائحته التى عبئت ذاك المكان الضيق ، وتحدثت بلسان يرجف:
_ هو احنا هنفضل هنا كتييير ولا ايه ؟
بنفس غمزته الشقيه أجابها :
_شكلك كدة إنتي اللى عاجبك الوضع والحوار ده وحابة نفضل هنا كتييير ، وبصراحة كدة أنا عاجبنى المكان ،
وتابع حديثه برغبة :
_ كفاية إني بتنفس أنفاسك وده كفيل يحينى عمر بحاله.
_مالك كفاية بقى كلامك ده …. قالتها بتيهة وتابعت :
_ شغل الأسانسير وهنتكلم في المكتب أفضل.
ابتسامة عريضة ارتسمت على معالم وجهه وفورا ضغط على الزر قائلا بتحذير:
_ حذارى تغيرى رأيك وتكبرى دmاغك وعشر دقايق وتكونى على مكتبى لا هتلاقينى جاي لك واللى هعمله مش هتتوقعيه .
تذكرت حديث أبيها أن لايعرف أحدا بشأن مالك وخافت من تحذيره ويتهور ويعلم الجميع ويحدث مالا يحمد عقباه وأشارت برأسها مرددة :
_ حاضر جاية متقلقش .
أنهت كلمـ.ـا.تها وانفتح المصعد وهرولت منه وهى تتلفت يميناً ويساراً كاللص الذي يخاف أن يراه أحد وهي تردد بلسان حالها:
_ ربنا يسامحك يامالك خلتنى أبص حواليا شكل ماأكون عاملة عَمْلة .
وذهبت الي مكتبها ووضعت أشيائها وارتخت قليلا على كرسيها وهى تفرك جبهتها بإرهاق ،
وبعد مرور نصف ساعة ذهبت إلي مكتبه ودقت على الباب فقام من مكانه مسرعاً لقد رآها عبر الكاميرات وفتح لها الباب قائلا بوله :
_ القمر اللى نور المكان وزاده نور اتفضلي.
ارتجف داخلها من نظراته وطريقته ودلفت بخطى بطيئة وجلست أمام المكتب ،
لحقها بخطواته السريعة وجلس أمامها ولم يجلس على كرسيه قائلا :
_ تحبى تشربى ايه ، أطلب لك قهوة ولا عصير فريش ؟
أجابته وهى تتحسس جبهتها بإرهاق :
_ ممكن قهوة لأنى عندي صداع.
انتابه القلق عليها وأردف بخـ.ـو.ف:
_ مالك ياحبيبي ايه اللى فيكى ؟
شكلك فعلاً مرهق جدا.
نظرت إليه بانبهار من ذاك الحنان النابع من نظراته وهمساته وحدثت حالها بتخبط:
_ ياالهى أكل ذاك الحب القابع في عيناه لذاتى أكل ذاك الحنان النابع من قلبه والذي يحاوطنى به لأجل ارضائي ،
أتكن تلك عناية الله التى شملنى بها وعفا عنى وعوضنى بذاك الراقي ،
لاحظ تشتتها وحيرتها فتحدث بعيون تشع عشقا:
_ مالك ياريما بجد قلقتينى وشغلتينى عليكى وحاسس دايما إنك فى صراع قوي هلك روحك وأعصابك .
أخذت نفساً عميقاً ثم استدعت الهدوء وتحدثت باستفاضة :
_ ممكن أتكلم معاك وأخرج لك كل اللى في قلبى من غير زعل ،
واسترسلت بتخبط :
_ يعنى هعتبرك دلوقتي دكتورى النفسي مش حبيب ولا فى بينا مشاعر وليدة .
نظر الي الباب المفتوح وأجابها بسعة صدر :
_ طيب ممكن تثقى فيا ونقفل الباب علشان تتكلمى براحتك .
أشارت برأسها بموافقة فقام من مكانه وأغلق الباب ثم عاد إلي مكانه مرددا بابتسامة:
_ اتفضلي هو أنا أطول أسمع القمر ، بس قبل مـ.ـا.تتكلمى ولا تقولى أي حاجة لازم تعرفى انى بحبك ومش هتنازل عن وجودك فى حياتى أنا ما صدقت لقيتك .
أصغت إليه بانتباه وابتسمت علي تصميمه عليها وحمدت ربها داخلها :
_ أنا حابة اني احكي لك عن حياتي مع باهر حاسه ان انا عايزه احكي علشان خاطر تعرف ايه اللي حصل بالتفصيل وبالرغم من اني ماضيا وحياتي القديمة ملهاش علاقة بعلاقتنا بس انا اتفقت معاك اني هكلمك كدكتوري النفسي ،
وأثناء حديثها دخل عامل البوفيه بالقهوة وقدmها لهم وخرج ، قدm لها القهوة بذوق وأشار إليها أن تكمل ، ارتشفت القليل منها ثم تابعت حديثها:
_انا وباهر كنا بنحب بعض جدا وحياتنا كانت هادية بطريقة ما تتخيلهاش عمرنا ما كنا بـ.ـنتخانق غير بسيط جدا بس كان يجي علينا الليل وهو ناهي المشكلة اللي ما بينا وعمرنا ما نمنا واحنا زعلانين من بعض،
وحياتي معاه طول السبع سنين استمرت على كده بس طبعا كان ليا حمـ.ـا.تي شـ.ـديدة جدا وسلفتي ما كانتش بتسيبني في حالي وعلى طول عينها على حياتي، انا كنت بحب التصميم واخدت في كورسات كتير وطورت نفسي فيه شغاله فيه اصلا من وانا صغيرة وكل مشاكلنا دايما كانت بسبب اني عايزه يبقى ليا كيان واشتغل وأحقق ذاتي والناس تعرفني وده لأن عندي موهبة ربنا ادهالي وحـ.ـر.ام ان أنا أدفنها ،
باهر بالرغم من حنيته عليا وحبه الكبير أووى واحتوائه ليا الا ان لما كان يجي سيرة إني عايزه اشتغل او اخرج للشغل بنفسي كان بيتعصب جـ.ـا.مد واستحملت عصبيته كتير جدا بسبب الموضوع ده وحتى لو الموضوع انفتح قدام ماما وبابا واخواتي كان يتعصب بنفس الدرجه واتكلمت معاه في الموضوع ده بدل المرة ألف مرة وللأسف نفس الرد ونفس العصبية ونفس الرفض القاطع ،
واسترسلت حديثها وغشاوة الدmـ.ـو.ع تلمع في عينيها عنـ.ـد.ما تذكرت الليلة الذى رحل عنها فيها ،لاحظ مالك ذلك وحاول تهدئتها بكلمـ.ـا.ته قائلا :
_ حبيبي هدى أعصابك وخليكي ريلاكس وبلاش انفعال وانتى بتحكى وبعدين كملي .
وضعت يدها على قلبها تهدئ من ضـ.ـر.باته وأخذت نفسا عميقا ثم أكملت تلك الذكريات المؤلمة:
_لحد الليلة اللي حصل فيها مشكلة كبيرة وصممت ان انا انزل اشتغل ما استوعبش كلامى وتصميمى فخيرنى مابين حياتنا والشغل ، ساعتها كل إللي جه في بالى انى أضغط عليه زيي زى أي ست بمعنى الدلال يعنى يمكن يتأثر ، فقلت له ساعتها هختار الشغل ، ملامحه ساعتها اتغيرت وانصدm من ردى اللى كنت قايلاه وأنا أصلاً مش في نيتى انى حتى أسيب بيتى ، وفى الليلة دى قال لى اخرجى وسبينى لوحدى ، وتانى يوم مـ.ـا.ت ،
ثم انفجرت في البكاء وهى تضع يدها على وجهها تكتم صوتها أثر شهقاتها العالية ،
كان جالساً أمامها قلبه ينكوى من بكائها أولا ومن رؤية عيناها اللامعة حينما تذكرت زوجها ومن ذكر اسمه أمامه أيضاً ، نار الغيرة شبت في ضلوعه ولكنه حكم عقله لأنها وعدها بالأمان حينما تتحدث ، أما عن شهقاتها فقد انفطر قلبه لأجلها وردد بهمس كى يهدئها :
_ ريم حبيبتي هو مـ.ـا.ت لأن عمره انتهى وأنا شايفها خناقة عادية بين أى راجـ.ـل ومـ.ـر.اته ، دول في زوجين مش بيبقوا متخانقين أصلاً ولا في بينهم أي حاجة وفى لحظة يمـ.ـو.ت وهو قاعد جنبها ، الأعمار بيد الله ومحدش بيمـ.ـو.ت علشان حد لازم تثقى في كدة .
هدأت قليلاً من شهقاتها وأخذت منه المنديل الورقى الذي مد يده به وجففت عبراتها وأكملت:
_ بابا كمان قال لى كدة بس أنا وهو كنا بنحب بعض جدا لكن لما اتعرفت عليك خفت أوووى إن مشاعرى تتحرك ناحيتك ، كنت محرمه على نفسي اي راجـ.ـل تاني بعديه ، لكن حصارك ليا بالكلام وبالنظرات شتتنى في الأول وكل لما أحاول مفكرش فيك تعمل مواقف تخليك متطلعش من بالى ، قاومت وعافرت كتير أووي بس مقدرتش يامالك ،
وتابعت حديثها وهي ترفع عيناها اللامعة بالدmـ.ـو.ع والعشق معا:
_ لقتنى بفكر فيك ليل ونهار وبقيت تايهة مابين الحاضر والماضى ، بقيت مشتتة في تفكيرى وبلوم نفسى إزاي قدرت تبدل باهر أبو ولادى وحب عمرى بيك يامالك ، متتصورش الصراع النفسي اللى عايشاه بقالى فترة عامل فيا ايه ، مدmرنى ومخلينى كارهة نفسى أووي ومش طايقة أبص على نفسى في المراية واحتقرتنى وبعد جلدى الشـ.ـديد أووي لنفسى أرجع لنقطة البداية وهى صورتك اللى قدامى ومبقتش تفارقنى لحد مابابا حس بيا وقال لى كلام هدانى شوية ،
عرفني ان القلوب بايد ربنا سبحانه وتعالى هو اللي بيبدلها زي ما يريد لكن لما بقعد مع نفسي تاني مش قادره اتخطى ان ممكن احب واتجوز راجـ.ـل تاني غير باهر واعيش معاه ،
وفي نفس اللحظه تكون في بالي وبفكر فيك ومش قادره اني اتخطى وجودك في حياتي وانا رافضه اي فرصه اديها لنفسي تاني اني اكمل حياتي وبين الخناقات الكبيره اللي جوايا بلاقيني ما بقتش شايفه الا انت .
يا الله عظيمة أنتى تجـ.ـر.حين وتداوين في نفس اللحظة ، تشتتى روحي وتدmيها بكلمـ.ـا.تك ثم تطيبها فى نفس اللحظة ،
كيف لكى أن تلعبى بأوتار مشاعري وتعزفى على نيران عشقى بتلك الدرجة ،لقد تعبت ولكنى فى محراب حبك متمسك ولكن بنار غيرتى أحترق ، كيف لكي أن تفعلى الشئ وعكسه فى آن واحد ! إذا فلأصدق حدسي أنكي الرائعة التى يحتاجها قلبى ،
انتبه من تشتته السريع ووقفت أذناه عند اعترافها بحبها له الغير صريح ولكن علم بأنها تحتاجه وتفكر فيه بل وتريده كما أرادها ، لم ولن يتحدث معها الأن عن ماضيها وسيغلق عليه بمفتاح عشقه لها ، وسيقتحم قلبها أكثر من ذي قلب رغم و.جـ.ـعها ، رأي أن يحدثها عنهما لكى يثبت لها أن الماضى ماهو إلا كالسراب بالنسبة له وهو الحقيقة الماثلة أمامها الأن لذلك سيسحبها معه الي عالمه بطريقته وستسكن قلبه وأحضانه بكل اطمئنان وسلام منها ،
ثم تحدث هائما في سماء عشقها :
_ هو أنا ينفع أجي أتقدm لك النهاردة ونكتب الكتاب بكرة أنا خلاص الصبر زهق من صبري ياريم .
فتحت فاهها باندهاش لعدm انزاعجه من اعترافاتها وكأنها سراب ، ثم تسائلت باندهاش :
_ ايه ده هو إنت مزعلتش من كلامى ولا حتى اتأثرت بيه وكأنى مقلتش حاجة ؟
رفع حاجبيه وهتف بمكر :
_ الله هو انتى بتنسى ولا ايه ! هو إحنا مش اتفقنا إنك هتكلمينى عل انى دكتورك النفسى ، وأنا رديت عليكى من شويه على أساس كدة ،
واسترسل بحب:
_ أما دلوقتي أنا مالك حبيبك اللى هبقى عن قريب أووي جوزك ،
وتابع بمشاغبة وهو يغمز لها بشقاوة:
_ شفتى بقى أنا مركز معاكى أوووى وواخد بالى حتى من تفاصيل كلامك ، علشان تعرفى بس انى بحبك بجد مش مجرد كلام وخلاص.
ابتسمت برقة على كلمـ.ـا.ته وكأن بابتسامتها تلك ودعت الأحزان التى مررتها كثيرا وقررت أن تترك مصيرها للقدر ،
ثم تحدثت بنبرة هادئة:
_ تمام أنا موافقة بس ليا شروط.
انفرجت أساريره وود أن يأخذها بين أحضانه، بل ود أن يمسكها من يداها ويذهب بها إلي المأذون كي يدون سحر اللحظة قولا وفعلا ،
فتحدث بعيون ناطقة بالعشق :
_ بجد ياريم موافقة تكملى اللى باقى من عمرك معايا ؟
أمائت برأسها بخجل وتابع هو :
_ ياه أخيراً ياشيخة ده إنتي عـ.ـذ.بتينى وطلعتى روحى ، اشرطي واطلبى واؤمري ياجميل.
كانت تفرك بيدها كعلامة على التـ.ـو.تر والخجل ثم تحدثت بنبرة واثقة:
_ أول حاجة بل وأهم من كل مهم ولادى قبلى وهيعيشوا معايا ومش هسيبهم أبداً ولا هتخلى عنهم ، ولو فى يوم اتضايقت من وجودهم ومحبتهوش وطلبت إنهم يمشوا يبقى أنا همشى قبلهم ،
واسترسلت بنبرة حزينة سكنت عيناها:
_ علشان لاقدر الله ميحصلش اللى حصل قبل كدة .
تنهد بـ.ـارتياح عقب استماعه لشرطها الأول وهتف باستجواد:
_ ولادك هيبقوا زي ولادى بالظبط وأنا مش من النوع اللى أحقد على أطفال أو أغير من وجودهم معانا متقلقيش ياحبيبتي ،
واستطرد حديثه بحـ.ـز.ن نابع من قلبه:
_ دول فى عنيا وأنا هبقى أب ليهم وهحس معاهم احساس افتقدت وجوده في حياتي ، كملى شروطك .
أحست بحـ.ـز.نه من خلال نبرته التى تحدث بها
ولا تعرف مالسبب الكامن وراء ذلك الحـ.ـز.ن وأكملت شروطها:
_ ثانيا أنا حابة اني أكمل في الشغل وحابة انى يبقي ليا اسم وكيان ودايما هيبقى عندى طموح إن ماركتى تسمع العالم كله شرقه وغربه ، فأرجوك متمـ.ـو.تش حلمى وساعدني انى أوصل وشجعنى على كدة ولو لقتنى قصرت معاك في يوم من الأيام ساعتها يبقى ليك حق إنك تعاتبنى بكل هدوء .
تنهد براحة نفسية لسهولة شرطها الثانى وأجابها بحب :
_ أنا الست إللي أحبها لازم أحب نجاحها ،وأحبها تبقي شاطرة في مجالها وده شئ يشرفني جداً ومتقلقيش هنوصل مع بعض لمكانة عمرك ماكنتى تحلمى بيها وده لأنك تستحقيها.
تنفست الصعداء وارتاحت روحها لتفهمه لها وتابعت :
_ تمام الحاجة التالتة ودي بردوا مهمة ولازم تعرفها اني هتنازل عن كل ورثى وورث ولادى علشان أشتري بيهم راحتنا وإن ولادى يفضلوا في حـ.ـضـ.ـنى ومحدش يقرب ناحيتنا أبدا ، يعنى هتاخدنى بولادى واحنا لانملك شئ .
وكادت أن تكمل كلمـ.ـا.تها إلا أنه أوقفها بإشارة من يده مرددا بذهول:
_ انتى متوقعة أو جه في بالك انى ممكن أبص لفلوسك أو انى متابع وعارف ورثك والحوارات دي ؟!
أجابته بإبانة:
_ لاا خالص والله أنا عارفة بتكلم مع مين كويس بس لازم أعرفك وأحط النقط على الحروف من البداية ومجبتش أخبى أي حاجة وانى أبقى كتاب مفتوح قدامك .
ابتسم برقة وأردف بأمل:
_ كدة تمام أتوكل على الله وأجي لبابا النهاردة ولا في حاجة تانى .
ابتسمت بشـ.ـده على استعجاله وهتفت بتمهل:
_ ايه يامالك مالك متسرع كدة ليه ، اصبر بس كدة علشان عندى أخر حوار مع حمـ.ـا.تى وابنها هخلصه وساعتها هقول لك الدار أمان اتفضل .
سألها باستفسار مغلف بالغيرة:
_ أخو باهر إنتي مالك وماله ؟
اتسعت مقلتيها بذهول لغيرته السريعة:
_ يعنى ايه مالى وماله مش عم ولادى وهو اللى هنهى كل حاجة معاه تخصنى وتخص ولادى .
أحس بالغيرة الشـ.ـديدة ولكنه اقتنع بكلامها وأردف متعجباً:
_ طيب وجوازنا إيه علاقته بأنك تنهى الحوارات دي معاه ؟
أجابته بتـ.ـو.تر :
_ ماهو دي أخر حاجة كنت هقولها لك ، إن بابا اتفق معايا انى مجبش سيرة جواز ليا أو حد يعرف بالموضوع ده لحد ماخد تنازل عن ولاية أولادي والوصاية عليهم إلي الأبد وأسجل التنازل ده فى الشهر العقاري ، ساعتها هنعلن وأحنا بقلب جـ.ـا.مد علشان محدش يستغلنى ويذلنى بولادى .
تفهم الأمر وسأل :
_ طيب الموضوع ده قدامه قد إيه مش يومين تلاتة بالكتيير .
أجابته :
_ هياخد أسبوع أو عشر أيام بس مش أكتر ان شاء الله.
ضـ.ـر.ب كفا بكف وأردف بخيبة أمل :
_ ده إيه النحس ده لسه هستنى عشر أيام بحالهم ، لله الأمر من قبل ومن بعد .
ابتسم داخلها على اعتراضه مردفة باندهاش:
_ هو أسبوع ولا عشر أيام كتيير ، ده إنت صبرت شهور جت على حبة أيام .
وظلوا يتحدثون عن كل شئ عنها وهي لم تعرف شيئا عنه ولكن وعدها أن يقص عليها حياته مرة أخرى.
_____________________________
في منزل إيهاب البحيرى يجلس هو وراندا مع حالهم فى غرفتهم يتحدثون في أمور حياتهم فتذكر أمر سما فسألها بجدية :
_ أه صحيح فيه حاجة مهمة افتكرتها وكانت غايبة عن بالى .
اندهشت ملامح وجهها وسألته :
_ حاجة ايه دي ياحبيبي ؟
أجابها وهو يعتدل من جلسته :
_ سما بـ.ـنتنا مالها ؟ لما كنا فى المستشفى سمعت من والدك تقريباً وهو بيقول لك الولد والبـ.ـنت ضاعوا ؟
واسترسل استفساره:
_ ممكن أعرف يقصد إيه بكلامه ده ؟
انقلب وجهها بعلامـ.ـا.ت الطيف فهى كانت لاتود إخبـ.ـاره بذاك الموضوع ، ولكن استجمعت شتاتها وأجابته بصراحة لأنها تعرفه جيداً يكشف التحوير في الحديث بمهارة:
_ سما جت لها فترة اتعرفت على بـ.ـنت مش كويسة البـ.ـنت دي خليتها تعمل اكونت على التيك توك والمواقع التانيه اللي شبهه بالظبط وقالت لها انها تعمل فيديوهات تجيب لها مشاهدات ومتابعين كتير وعلشان سما ما عندهاش خبره وكنت انا في الفتره دي متدmره زي ما انت ماعارف عملت اكونت جديد خالص وكانت حظرانا كلنا منه علشان ما نشوفش الفيديوهات بتاعتها وتقريبا اصحابها المقربين عملت لهم برده حظر وبقيت تنزل فيديوهات ليها وهي في اوضتها لابسه لبس مكشوف وحاطه ميك اب اوفر وبتعمل حركات ما تعملهاش بنوته في سنها وفي يوم كنت قاعده لقيت فيديو ليها جاي لي على الواتساب من صاحبتها دي بس بعد طبعا ما بقى عندها تقريبا ما يقرب من نص مليون متابع وزياده كمان وانا شفت الفيديو انصدmت .
اتسعت عيونه من هول ما سمع ايمكن ان تكون صغيرته وقعت في شباك السوشيال ميديا واتبعت طريق الضياع والذي لا يليق بها ولا بهم ،
وتساءل بملامح شـ.ـديدة الدهشة:
_وانتي كنتي فين وهي بتعمل الفيديوهات دي كلها لحد ما بقى عندها نص مليون متابع بالسرعه دي وازاي اصلا وصلت للمتابعين دول في الوقت القليل ده ؟
ابتلعت انفاسها بصعوبه عنـ.ـد.ما رات علامـ.ـا.ت الغضب مرسومة على وجهه واردفت وهى تدارى عينيها خـ.ـو.فاً من غضبه الآتى :
_انا كنت في الفتره دي وطول ما احنا مطلقين تعبانه جدا ونفسيتي متدmره ما كنتش مركزه معاهم خالص واظن انك لازم تعذرني وتديني مساحه العذر الكافي علشان اللي حصل لنا ما كانش هين عليا .
انتفض من مكانه وقام من جانبها وجلس على الأريكه الموجوده في الحجره قائلا بتوبيخ :
_عذر اقبح من ذنب ياراندا هانم، ياما جيت لك واترجيتك ان احنا نلم بيتنا وعيالنا وانتي كنتي مصممة على اللي في دmاغك،
ياما قلت لك العيال هيضيعوا وكنت دايما بسألك عليهم عاملين ايه تقولي لي كويسين وبخير وابعد عننا انت،
شفتي كبريائك وعندك وصل الاولاد لايه وبـ.ـنتنا بقت عامله ازاي اللي كانت زي الملاك ؟!
انتفضت تلك الأخرى من مكانها وعيناها لمعت بالدmـ.ـو.ع مرددة بحرقة:
_غـ.ـصـ.ـب عني كنت موجوعة ومجروحة وكنت بعمل تصرفات ما كانتش في وعيى وانت السبب الأول في ده كله ،
انت ما تتصورش انا عشت الفترة اللي فاتت دي اسوء فترة في حياتي وما كنتش دريانة بأي حاجه حواليا ولا حتى بنفسي انا جـ.ـر.حي منك كان كبير قوي يا ايهاب .
بعيون تطلق غضبا كما هى هتف برفض:
_برده ده مش مبرر انك كنتي تهملي في الأولاد لحد ما يوصلوا للدرجة دي انا سبتهم امانة معاكي والمفروض كنتي تحافظي عليهم اكتر من كده .
دارت فى المكان حول نفسها بغضب وهتفت بصوت عال بعض الشيء وعيونها تشع احمرارا من أثر البكاء:
_ دلوقتي أنا اللى بقيت مهملة فى وجهة نظرك!
طيب إنت واللى عملته فيا وتدmيرك ليا ده مش سبب يخلينى أنسى الدنيا باللي فيها ،
وتابعت كلمـ.ـا.تها وهى تشير بيداها فى اللاشيئ بسبب تـ.ـو.ترها :
_طيب مـ.ـا.تيجى نبدل الأدوار كدة يابشمهندس ونشوف ساعاتها موقفك ايه ؟
اعتلى الذهول ملامح وجهه وسألها بدهشة:
_ يعنى ايه مش فاهم كلمة نبدل الأدوار دى تقصدي بيها ايه ؟
جلست على التخت بإهمال وهى تضع وجهها بين يديها وأجابته وهى تنتحب بشـ.ـدة:
_ انت فضلت متغرب عنى أكتر من ١٥ سنة وكنت فى غيابك صايناك وحفظاك ومراعية ربنا فيك وعمرى ماعملت حاجة تغضب ربنا منى ولا رحت لطريق الضياع اللى بتروحوا ستات كتير أووي لما جوزها يبقى مسافر ،
مكنتش مستنية منك الخيانة وانك تبيعنى وتتجوز عليا وأنا هنا محرمة على نفسي كل حاجة ،
واسترسلت وهى تعرض عليه صورة الخيانة تجاهها :
_ تصور لو أنا اللى خنتك وعرفت راجـ.ـل غيرك كان هيبقى موقفك ايه ساعتها كنت هتسامحنى بردوا ؟
استنكر دفاعها بشـ.ـدة وقام من مكانه واقفا أمامها وأمسكها من كتفيها يهزها بعنف مرددا بفحيح:
_ ده أنا كنت دفنتك حية ياراندا وعملت فيكى اللى مـ.ـيـ.ـتعملش ، انتى اتجننتى اصلا! إزاي تقارنى دي بدى ؟ أنا راجـ.ـل كنت متجوز على سنة الله ورسوله مش ماشى مع واحدة والسلام فيه فرق جـ.ـا.مد .
نزعت يداه من على كتفيها وردت بعنف حينما ذكر زواجه عليها :
_ بس من ورايا ومن غير ما أعرف ولا ادتنى حرية الاختيار اللى ربنا ادهالى ، تبقى أنت كنت خـ.ـا.ين ساعتها ياإيهاب والخيانة واحدة مبتتجزأش فى الأخر بتو.جـ.ـع الطرفين سواء كانت بعقد ولا من غير .
قالت كلمـ.ـا.تها وارتمت على تختها تبكى بشـ.ـدة على أمر ذكرى مرت بحياتها ولن تنساها ،
تو.جـ.ـع قلبه لأجلها ورأي أنه حملها أكثر من طاقتها فهبط لمستواها وحرك خصلات شعرها من على وجهها وتحسس خديها برقة وهو يحاول تهدئتها مرددا باعتذار:
_ حقك عليا ياحبيبتي متزعليش منى ، أنا اتعصبت بسبب اللى حصل لسما واللى مكنتش أتوقعه إنه يحصل أبداً.
ظلت على وضعها تنتحب بشـ.ـدة فقد صعبت عليها نفسها بشراهة ، وكلما استمع إلي شهقاتها لام حاله بشـ.ـدة فحملها وجذبها الي أحضانه وهو يقبل جبهتها وكل إنش بوجهها مرددا بأسف:
_ حقك عليا ياحبيبي متزعليش ، خلاص ياستى أنا اللى غلطان فى كل حاجة من البداية مش عايزين نفتح الموضوع ده تانى خالص وندفنه علشان أنا مش هقدر أعيش من غيرك ولا استغنى عنك ابدا ،
واستطرد أسفه بتوضيح:
_ وإذا كان على ولادنا مسؤولين مني قبل منك بعد كده وهنتشارك مع بعض كل خصوصياتهم وعيني هتبقى عليهم قبل عينك وهشيل عنك سنين العمر اللي تعبتي فيها وإنتي بتربيهم وانا كنت بعيد عنكم ،
موضوع سما ده سيبيه عليا انا ولازم ترجع سما البريئة الراقية بتاعة زمان واللي إنتي مربياها بايديكي يا قلبي ،
خلاص بقى ممكن نهدى يا حبيبي .
كان يردد تلك الكلمـ.ـا.ت وهو يمسح دmـ.ـو.ع عينيها بكلتا يديه وما كان منها الا ان هدأت من كلمـ.ـا.ته وقبلت عتذاره،
فهي قررت ان تغير من حالها كي تحافظ على بيتها وزوجها ومن اهم التغيرات ان تقبل اعتذاره واسفه دون تطويل حتى لا يتسبب البعاد في الجفاء بينهما وهذه تلك الاشياء التي خرجت بها من تلك التجربة المريرة التي عاشتها في الفترة السابقة .
ومرت تلك الليلة عليهما بسلام بعد ان هدئ الطرفان وبعد ان وعدها بأنه سيحل مشكلة ابـ.ـنتهم بأسرع وقت دون ايذاء شعورها .
___________________________
بعد مرور يومان كان جميل يجلس هو ابـ.ـنته ريم يتحدثون فى أمرها الهام الذى كان شغلها الشاغل هى ووالدها ، فتحدث جميل بابتسامة عريضة:
_ بصى بقي أنا سويتهم لك على نار هادية وسايبهم يتحايلوا عليا من بقى لهم أكتر من عشر أيام بس أنا كنت بماطل شوية لحد قبل ميعاد الجلسة بحاجة بسيطة علشان منقعدش نحكى كتير ، وكمان عقبال ماجهزت عقود التنازل عن الولاية بتاعت أولادك مع المحامي علشان منضيعش وقت خالص ،
واسترسل حديثه برأي صائب :
_ يالا تغور الفلوس فى ستين داهية أهم حاجة راحتك انتى وولادك وانك تعيشى في سلام نفسى ، أصل راحة البال يابـ.ـنتى متكفيهاش كنوز الدنيا بحالها.
نال رأي والدها استحسانها وحمدت ربها على وجود ذاك الأب الخلوق ذو العقل الرشيد والذي دائما يقف بجانبهم ويحل معهم مشاكلهم دون كلل أو ملل ،
فتحدثت بتأكيد:
_ كلامك صح يابابا كنوز الدنيا متسواش وجود ولادى فى حـ.ـضـ.ـنى بسلام ومن غير ما حد يهدد أمننا ومن غير ما حد يقدر ياخدهم منى ولا يلوى دراعى بيهم في يوم من الايام ، وأنا متأكدة إن اعتماد وزاهر يعملوها ،
ولكن جال فى خاطرها أمرا ما جعل قلبها يدق خـ.ـو.فاً فتابعت بتيهة :
_ هما ممكن ميوافقوش يابابا على كدة وياخدو منى ولادى لو اتجوزت ؟
حرك راسه بنفى وأجابها:
_ متقلقيش ياحبيبتي عمرهم مايرفضوا ، أصل اللى يقبل ياكل مال اليتيم المدة اللى فاتت دي كلها ويستخسر يديهم حقهم بحجج فارغة يقبل يبيع نفسه عادى جدا ، وهما أول مانقول تنازلك عن الفلوس هيريلوا عليها وما هيصدقوا دول بيحبوا الفلوس أكتر من نفسهم أنا عارفهم ولا يهمهم عيال ولا يحـ.ـز.نون .
وأثناء حديثه رن هاتفه ورأي اسم المحامى الخاص به منقوشا على هاتفه ، فأمرها قبل أن يجيبه:
_ طيب يالا قومى المحامى بيرن أهو سبقنا على هناك ، ولما نروح متتكلميش خالص وسيبيلى أنا العالم دي هعرف أتعامل معاهم.
ثم أجاب على المحامى وأبلغه بقدومهم ،
وصعدوا إلي السيارة منطلقين الي تلك الجلسة التى تعد بمثابة الحرية لريم وأبنائها وهي تناشـ.ـد ربها داخلها أن يجعل التـ.ـو.فيق حليفها ،
وأثناء سيرهم أتتها رساله على الواتساب الخاص به ، فتحته ووجدتها من مالك مرسلاً لها :
_ وحشتينى جداً على فكرة .
ابتسمت بحالمية وتفاعلت مع رسالته وأرسلت إليه إيموجى يعبر عن الإعجاب ،
جن جنونه من ذاك الرد ولم يعجبه فأرسل إليها بتحذير:
_ هتردي عليا ولا أرن فون أو ماسنجر وانتى حرة بقى وهعمل لك إزعاج ؟
حركت رأسها بذهول من جنونه وأجابته :
_ هو إنت علطول كدة هتفضل تستخدm أسلوب التهديد معايا ولا إيه ؟
أنا كدة هخاف منك خالص .
كان يدور حول نفسه بالكرسي الخاص به وكانت تلك حركته المفضلة التى يعشقها عنـ.ـد.ما يكون في حالة سلامه النفسي وأجابها :
_ ماهو انتى لو بتسمعى الكلام وشطورة هتلاقينى معاكى لين لكن انتى بتستخدmى معايا نظام التقل صنعة علشان تخلينى ملهوف عليكى ،
واسترسل كلمـ.ـا.ته بغرام عبر الفويس الصوتي:
_ ببقى نفسى أكلمك كل لحظة وتبقى قصادى كل وقت ، ببقى دايما ملهوف لكلامنا مع بعض، هو انتى مش بتبقى ملهوفة زيي ؟
أو لما تشوفى رناتى ولا رسايلى قلبك مش بيدق ولا بتحسى انك ملهوفة على الرد بسرعة ، اوصفي لى احساسك ياقلبى بحب أتكلم معاكى أووى وبحب أسمعك جدااا .
استمعت إلي رسالته الصوتية عبر سماعة الهاتف وكم كان صوته المبحوح وهي يحكايها بغرام جعلها تهيم به عشقاً في تلك اللحظة بالتحديد ، تركت كل الهراء الذى بداخلها الذي يؤنبها عن عشقها له واستمعت الي رسالته عدة مرات ، حقا لقد أحبته لا بل عشقته ،
ثم وجدت أصابع يديها تنقش تلك العبـ.ـارة وهى في سماء هيامها به :
_ لما بتكلمنى أو بنقعد مع بعض ببقى مش عايزة الوقت يعدى ولا يمر ، بحس انى عايزة أبقى منتبهة معاك أوووي ، ومتشكرة جداً لوجودك في حياتى يامالك ،
لم تصدق عيناه رسالتها ولم يصدق حدسه أن تلك الكلمـ.ـا.ت المنقوشة أمامه لتلك الريم التى عـ.ـذ.بته بذات نفسها ، أكل ذاك الشعور بالاشتياق داخلى لها جراء تلك الكلمـ.ـا.ت البسيطة ! فماذا عن اعترافها بعشقها لي كيف يكون مذاقه لقلبي وعينى !
يا الله كم أنتى ماهرة فى أن تجعلين جسدي يتمرد عليا ويريدك بلهفة ،
وسجل رسالته الأخرى بصوت مبحوح أثر دخوله عالمها الهائم:
_ بحبك ، لاا بعشقك ، ونفسى تقوليها لى بقى صريحة ، بجد هبقى ساعتها أسعد راجـ.ـل في العالم ياعمرى ، قوليها ياريم وأنا أوعدك إنك مش هتنـ.ـد.مى عليها طول عمرك.
لو كان أمامها لرأى الاحمرار يغزوا علامـ.ـا.ت وجهها كألوان الطيف ، وتلك المرة أيضاً استمرت في سماع اعترافه كثيراً ، ومن شـ.ـدة خجلها لم تقوى على الرد عليه ، ولكنه انتظر ردها وحينما تأخرت علم خجلها وكأنه يراها الآن أمامه ،
وظل يردد مع حاله وهو يعيد قراءة سطورها المعدودة ولكن كانت بالنسبة له ألاف الترنيمـ.ـا.ت لعشقه :
_ مختلفة أنتى ياامرأة غير كل نساء العالم أجمع ، في عيناكى شراسة تخبئ ورائها احتياج، وفي طلتك قوة تخبئ ورائها اشتياق ، وفي أحضانك عزة تخبئ ورائها سكن يؤمن الأوطان ، أريد أن أقتحم حصونك ولكن وقت احتياجك واشتياقك لكي أعبر أوطانك بكل سلام .
وأفاق من تفكيره في تلك الصغيرة على صوت الراديو فمالك يعشق الإذاعة بشـ.ـدة ولابد أن يشاركها يومه ، أفاق على كوكب الشرق تغنى أغنيته المفضلة والتى انتبه إليها بإنصات شـ.ـديد ولأول مرة منذ ولادته يشعر بمعانى تلك الكلمـ.ـا.ت وكأنها تنشـ.ـدها لأجله وكانت تلك الكلمـ.ـا.ت:
_كنت بشتاق لك وأنا وإنت هنا
بيني وبينك خطوتين، خطوتين، خطوتين
شوف بقينا ازاي أنا فين
يا حبيبي وانت فين، إنت فين، إنت فين
كنت بشتاق لك وأنا وإنت هنا
بيني وبينك خطوتين، خطوتين، خطوتين
شوف بقينا ازاي أنا فين
يا حبيبي وانت فين، إنت فين، إنت فين
والعمل إيه العمل ما تقول لي أعمل إيه
والأمل إنت الأمل تحرمني منك ليه
والعمل إيه العمل ما تقول لي أعمل إيه، إيه
والأمل إنت الأمل تحرمني منك ليه
عيون كانت بتحسدني على حبي
ودلوقتي بتبكي عليّ من غلبي
وفين إنت يا نور عيني يا روح قلبي فين
وفين إنت يا نور عيني يا روح قلبي فين
فين أشكي لك فين
عندي حاجات و كلام وحاجات
فين دmعك يا عين
بيريحني بكايا ساعات
بيريحني بكايا ساعات
بخاف عليك وبخاف تنساني
والشوق إليك على طول صحاني، صحاني، صحاني
غلبني الشوق وغلبني، غلبني، غلبني
وليل البعد دوبني، دوبني، دوبني
ومهما البعد حيرني
ومهما السهد سهرني
لا طول بعدك يغيرني
ولا الأيام بتبعدني بعيد، بعيد، عنك .
↚تجلس سما في غرفتها وهى تمسك هاتفها تشاهد تلك الفيديوهات الخاصة بها وما وصلت إليه من مشاهدات ،
فتلك المرة بالتحديد لم تنظر إلى نفسها بانبهار ولا بعيون لامعة بالفرحة ، بل كانت تنظر إلى نفسها باحتقار وكأنها كانت مغيبة حينها ،
قررت فتح التعليقات لفيديو لها يحتوي على أعلى نسبة مشاهدة ، جالت بأعينها ويديها تسحب الشاشة لأعلى وهى تقرأ تعليقاتهم مابين داعٍ لها بالهداية وما بين محتقراً لها وما بين من يسب والديها ، انجـ.ـر.حت بشـ.ـدة لما آوت إليه وما وصلت له من مستوى متدني ، ولكن ماجعلها تشهق بشـ.ـدة وهي تقرأ تعليقا ما، إذ كان محتويا على :
_ يانهار أبيض على ده جمال لوز اللوز ده انت فورتيكة ياصغنن وعايز تتاكل أكل ، مـ.ـا.تيجى ياقمر ياجميل وأنا أبسط لك مزاجك على الأخر وهخليك طاير في السما فووووق “💋💋💋” .
كان ذاك التعليق بذاك الشكل الذي جعلها تضع يديها على فمها تكتم شهقاتها العالية ، واستمرت في التقليب في التعليقات ورأت مثله كثيرا مما جعلها تلقى بالهاتف عرض الحائط حتى وقع متهشماً إلى قطع لاعدد لها ،
وصوت بكائها ارتفع حتى وصل لوالديها فى الخارج ، انخلع قلبهما عليها فتحركا إليها فى نفس السرعة ، أوقفها إيهاب مرددا :
_ خليكي انتى ياراندا سبيني أنا وهى لوحدنا .
نظرت إليه بذهول وأردفت :
_ إزاي ده لازم أشوفها وأطمن عليها وأعرف سبب عـ.ـيا.طها وحبستها دى ايه ؟
أمسكها من كتفيها يهدئها :
_ حبيبتي السبب واضح جداً ، أنا هشوفها وهتكلم معاها هى محتجانى فى التوقيت ده بالذات ، ممكن نهدى بقى يامامى وتروقى أعصابك ومتقلقيش ياحبيبى كله هيبقى بخير بإذن الله.
أطاعته ورجعت إلى مكانها مشغولة البال لكن قلبها مطمئن لوجود زوجها بجانبهما وجلست مع حالها تردد بإنهاك روح :
_ أحقا كنت مخطئة في كل تلك الأعوام الماضية وتصميمى على غربته !
أحقا ذاك الأمان فى وجوده معنا كنت محرومة منه أنا وأبنائي !
نعم ، تلك الحقيقة إن وجوده معنا لايكفى أموال العالم أجمع وتلك الحقيقة التى تعلمتها بجراح روحى ، ياليتنى كنت ذو بصيرة فى سنيني الماضية ماكنت صممت ولكن دفعت ثمن أخطائي.
أما عن إيهاب دق على غرفة ابـ.ـنته ثلاث مرات ولم تفتح ففتح الباب ودخل اليها وجدها فى حالة يرثى لها ، لقد دق قلبه و.جـ.ـعا على عزيزة عيناه ، دارت عيناه فى المكان وشاهد الهاتف محطماً ، هرول إليها مسرعاً وعلى الفور أخذها إلى أحضانه هاتفا بحـ.ـز.ن :
_ مالك ياحبيبة بابا ايه اللى مزعلك ومخليكى من ساعة مارجعنا وانتى دايما منطوية على نفسك وقافلة الباب وكل لما أكلمك تردى على قد السؤال وحالتك صعبة أوووي ،
لم يريد أن تعلم معرفته بما فعلت وفضل أن يحتويها ويجعلها تحكى لحالها كي يمدها بالثقة ، واسترسل بحنو وهى مازالت قابعة فى أحضانه:
_ أي حاجة فى الدنيا متستاهلش دmعة من عيونك ولا خـ.ـو.فك ولا حـ.ـز.نك ده ياقلب بابا .
نظرت إليه نظرات اندهاش وداخلها يتسائل إذا كان يدرى أم لا ولكنها أجهشت في البكاء المرير وهى تشـ.ـدد من احتضان أبيها ولم تتفوه ببـ.ـنت شفه ، مسد هو على خصلات شعرها بحنان بالغ وأردف مطمئناً لها :
_ ابكى ياقلبى وخرجى كل اللى في قلبك وأنا كتفى هيجفف دmـ.ـو.عك .
واستمرت في البكاء فى أحضان أبيها وهو يربت علي ظهرها تاركاً لها العنان كى تستريح ،
وبعد قليل هدأت نوبتها لما استشفته من حنان والدها ، حقا كم أحست فى أحضانه بالأمان والسلام ، أخرجها أبيها من أحضانه حينما استمع إلي هدوئها وتحدث وهو ينظر داخل عيناها بحنان:
_ ممكن بقى حبيب بابى يحكي له عن كل اللى مضايقه ومخلى عيونه الحلوين دول يعـ.ـيطوا بالشكل ده ؟
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وأردفت بنبرة خافتة:
_ كنت محتاجه لك من زمان أووى يابابا بس خلاص فات الأوان وأنا ضعت وضاعت معايا برائتى .
يا الله كم صعب ذاك الشعور على ذاك الأب ، يالهى إنه لمرار كمرارة العلقم في حلقه ، فصغيرته كبرت أعواماً من الهموم على أعوامها ، فنظر إليها وهو ينفطر داخله مردفا يطمئنها بحفاوة:
_ مين قال كدة ياقلب بابا ، أنا لسة شايف برائتك زي ماهى مهما كان تخيلك ، لسة شايفك سما البـ.ـنت الجميلة الرقيقة اللى كلها حيوية وحياء ، مهما كان اللى حصل وبيألمك ومفكراه حاجة كبيرة متخافيش تقوليها لبابا ياحبيبي وأنا هدعمك وهقف جمبك وهسندك ، مهما كنتى مفكرة إنك عملتى ذنب كبير فأنا هفكرك إن ربنا سبحانه وتعالى بيغفر الذنوب جميعاً ماعدا الشرك به ،
وتابع تهدئته لها برجاء:
_ احكى لى وخرجى كل اللى فى قلبك وأيا كان اللى هتحكيه هشاركك ألمك ومش هزعل منك ولا هغضب علشان أنا مكنتش جمبك ساعتها وعارف انه كان غـ.ـصـ.ـب عنك ، يالا احكى لى ياسمكة .
جالت بتفكيرها تشير عقلها أتقص لأبيها تلك القصص التي تؤرقها وتنزل من نظره ، أم تستمد منه العون والقوة وتنسى ما كان حتماً سيدmرها. وتبدأ من جديد ، أخذت ثوانى ليست بالكثيرة تراود عقلها الي أن وجدت لسانها ينطلق بحكواها المريرة ، قصت على أبيها مابدر منها منذ البداية للنهاية إلى أن قالت فى آخر حديثها:
_ كنت عاملة زي المسحوبة مش لاقية حد يوجهنى للصح ،كانت عاملة زي الشيطان يابابا في الوسوسة بتاعتها وسحبتنى وراها زي المسحورة وعملت ح